مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة) المجلد 4

اشارة

نام کتاب: مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة( ط- القدیمة) موضوع: فقه استدلالی نویسنده: عاملی، سید جواد بن محمد حسینی تاریخ وفات مؤلف: 1226 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 11 ناشر: دار إحیاء التراث العربی تاریخ نشر: ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: بیروت- لبنان محقق/ مصحح:( جلد 9) محمد باقر حسینی شهیدی ملاحظات: کتاب" مبلغ النظر فی حکم قاصد الأربعة من مسائل السفر" تألیف: علامه سید مهدی بحر العلوم در جلد 3 این کتاب از ص 501 إلی ص 543 چاپ شده است و ما آن را در برنامه به صورت کتابی مستقل آورده‌ایم

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

[کتاب المتاجر و فیه مقاصد]

اشارة

کتاب المتاجر و فیه مقاصد (1)

[المقصد الأول فی المقدمات و فیه فصلان]

اشارة

(الأول) فی المقدمات و فیه فصلان
______________________________
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ
الحمد للّه رب العالمین و صلی اللّٰه علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین المعصومین و رضی اللّٰه عن مشایخنا أجمعین و عن رواتنا المحسنین
کتاب المتاجر (و فیه مقاصد)
هذا أحد أقسام القسم الثانی من الفقه لأنهم قد قسموه إلی أقسام أربعة عبادات و عقود و إیقاعات و أحکام «و إن شئت قلت عبادات و عادات و معاملات و سیاسات» و الوجه فی الأول أن المبحوث عنه فیه إما أن یشترط فیه النیة أو لا «الأول» الأول «الثانی» إما أن یعتبر فیه إیجاب و قبول و هو الثانی أو الأول خاصة و هو الثالث أو لا یعتبر فیه شی‌ء منهما و هو الرابع «و فی الثانی» أن المقصود إما انتظام أحوال النشأة الأولی أو الأخری أو کلیهما فإن کان الثانی فهو الأول أو الأول فإما أن یتعلق الغرض ببقاء الشخص أو النوع و هو الثانی أو المصالح المالیة و هو الثالث أو الثالث فالرابع و المطلوب علی التقدیرین حفظ المقاصد الخمس التی بنیت علیها الشرائع و الأدیان و هی الدین و النفس و العقل و النسب و المال (فالدین) بالعبادات (و النفس) بشرع القصاص و الدیات (و العقل) بحظر ما یزیله من المسکرات (و النسب) بالمناکح و الموالید (و المال) بالمعاملات و المداینات و الکل بالسیاسیات کالحدود و التعزیرات و القضایا و الشهادات «فکل» ما کانت النیة شرطا فی صحته و کان مما یقع علی نحوین فهو عبادة و لا ینتقض فی طرده و لا عکسه بشی‌ء کما قیل کما ستعرف و هو أیضا کلما قصد منه انتظام النشأة الأخری و هی عبارة أخری و ذلک لأن العبادة لغة الطاعة و الخضوع له سبحانه و لغیره کما جاء فی کلام أهل اللغة و أشعار العرب و قد أطبق العلماء من الخاصة و العامة القائلون بالحقیقة الشرعیة أن العبادة حقیقة شرعیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 3
..........
______________________________
لکنهم اختلفوا فی المعنی المنقولة إلیه فالمعتزلة أنها هی الدین المعتبر و الدین المعتبر الإسلام و الإسلام الإیمان (و ظاهر) الحاجبی و العضدی و السعد و میرزاجان و آقا جمال و غیرهم أنها هی الدین أو الإسلام أو الأحکام و الذی یتحصل من کلام المفسرین فی غیر الفاتحة و الفقهاء و الأصولیین أنها حقیقة شرعیة فی طاعة العبد ربه من الوجه الذی یطاع منه فیشمل التوحید و الإیمان و الإسلام و الأحکام إلّا أن استعمالها فی الأحکام و الأفعال فی لسان الشارع و المتشرعة مما لا یقف علی حد کالعابدین و العابدات و مناسک العبادة و خیر العبادة و أفضل العبادة و العبادة صحیحة أو باطلة «و حقیقتها» العمل المقرون بالقربة و هی ما لا تقع و لا تصح إلا بالنیة کالصلاة و الزکاة و الصوم و الوقف و الأضحیة و العتق و الصدقة و نحو ذلک مما عد فی غیر أبواب العبادات لمناسبات و اصطلاحات لوحظت فی أنظارهم (و یخرج) عن العبادة الأذان و الإقامة و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و إن عدوهما فی باب العبادات لأن النیة لیست شرطا فی صحتها إذ مجرد فعله بدون نیة منج من العقاب و إنما هی شرط فی استحقاق الثواب کالکف عن المعاصی و فعل المباح و ترکه و قد حکی الإجماع الشهید فی قواعده علی أن فوات النیة فی العبادات یخل بصحتها و إطلاق الاسم ینصرف إلی هذا القسم و أما الذی یصیر عبادة بالنیة و هو غیر الأصلیة و هو کلما قصد به التقرب مما یتأتی بدونه فلا یصار إلیه إلا مع القرینة «و منه یعلم» حال ما قاله شیخنا العلامة المعتبر فی شرحه حیث فسر العبادات بأنها عبارة عما اشترط فی صحته النیة أو ما شرع للمصالح الأخرویة أو ما کان فیه رجحانیة شرعیة أصلیة أو عارضیة فإن التفسیر الثالث غیر جید من وجوه (منها) أنه شامل لکل واجب و مستحب و إن لم یتوقف علی نیة (و منها) أنه أدخل فیها ما یصیر عبادة بالنیة (إلی غیر ذلک) و هذا إنما هو فی الذی یقع علی نحوین من الأحکام و الأفعال و إلا فالنظر المعرف عباده کما نصوا علیه و لیست النیة شرطا فی صحته لعدم تحصیل المعرفة قبله و إرادة الطاعة عباده و لا تحتاج إلی نیة و إلا لتسلسل (و لا ینتقض أیضا تعریف المعاملات علی ما حررناه بشی‌ء من العبادات و خرط بعضها فی سلک البعض الآخر لاصطلاحات و مناسبات و تقریبات لا یدل علی خلاف شی‌ء مما ذکرناه «نعم» قد ینتقض تعریف المعاملات فی الوجه الأول بخروج بعض أفرادها کالبیع الضمنی و نحوه کما ستعرفه فی محله و إن فسرناها بما اشتملت علی رضی الطرفین لم یخرج عنه البیع المذکور و أما المعاطاة فی البیوع و الإجارات و نحوها فلیست من العقود قطعا لأنها إباحة محضة لا یشترط فیها شی‌ء من شروط البیع لا کما توهمه الشهید الثانی کما ستعرف فتدخل فی الأحکام لأن الغرض منها أی الأحکام إما بیان الإباحة کالصید و الأطعمة و الإرث و الأخذ بالشفعة و التصرف فی المعاطاة و أما بیان التحریم کموجبات الحدود و الجنایات و غصب الأموال و أما بیان الوجوب کنصب القاضی و نفوذ حکمه و وجوب إقامة الشهادة عند التعیین و وجوب الحکم علی القاضی عند الوضوح و أما بیان الاستحباب کالطعمة فی المیراث و آداب الأطعمة و الأشربة و أما بیان الکراهة کما فی کثیر من الأطعمة و آداب القاضی و قد علم من ذلک أن کثیرا منها مما یتوقف علی اللفظ لا کما قاله الأستاذ فی شرحه (و المتاجر) جمع متجر و هو إما مصدر میمی بمعنی التجارة و إما اسم للمکان أی محلها و هو الأعیان المکتسب بها «و أما» المتاجر بمعنی المال الذی لم یخمس کما طفحت به عباراتهم فی باب الخمس فغیر مراد قطعا و علی المعنیین الأولین تنطبق أکثر أقسام الباب إن أریدا معا من باب عموم الاشتراک أو غیره فتتعلق أکثر أقسام الباب بالقسمین من دون اعتبار الحیثیة ما عدا الأذان و الصلاة و نحوهما لأنها لیست أعیانا و لا تدخل فی المعاوضة لطلب الربح و لیست
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 4

[الفصل الأول فی أقسامها]

اشارة

(الأول) فی أقسامها و هی تنقسم بانقسام الأحکام الخمسة (1)
______________________________
من أقسام البیوع إلا أن یراد بالتجارة مطلق التکسب لأن لها إطلاقات ثلاثة (الأول) مطلق التکسب علی أی حال کان من الحالات و هذا یدخل فیه الصلح و الإجارات و غیرهما (و الثانی) المعاوضة لطلب الربح و قد طفحت به عباراتهم فی باب الزکاة و به صرح فی «مجمع البیان» و هذا غیر مراد هنا لوجهین (الأول) أن الظاهر منهم فی الباب ما هو أعمّ مما کان بقصد الاکتساب و الربح کما هو واضح (الثانی) أن تلک تشمل المملوک بعقد الصلح و لا یجوز إرادته هنا و إلا لزم خلط البابین لکنه أی المعنی الثانی هو الموافق لظاهر بعض آیات الکتاب و العرف و اللغة و کلام المفسرین و أخبار الباب الواردة فی مدح التجارة و الحث علیها و لا ریب أنها أظهر الأفراد و أوفق بموضوع الفن فقد یکون مرادا للمصنف فی أحد الاحتمالین و لکل من عبر بالتجارة و یخرج الصلح بنوع من العنایة لکن فیه زیادة عما ذکرنا أولا أنه یلزم أن تکون المقصودة بالذات عشر معشار غیر المقصود (الثالث) من إطلاقات التجارة البیع مطلقا و توابعه و ما یذکر فی المقدمات أو بعض المقامات فلیس مقصودا أولا و بالذات بل بالتبع و علی هذا تکون دائرة المقصود بالذات أوسع و هو أیضا موافق لموضوع الفقه فیکون موضوع الباب بعض موضوع الفن و هو أیضا موافق لظاهر بعض آیات الکتاب المجید و بعض أخبار الباب و کلام بعض أهل اللغة و علی ذلک جری الشیخ فی «المبسوط و الخلاف» و جماعة حیث عنونوا بالبیع و من لحظ کلام المفسرین ما عدا الزمخشری و کلام أصحاب آیات فقه القرآن و کلام الفقهاء و کلام أکثر أهل اللغة عرف أنهم لم یتعرضوا إلا للمعنی المصدری و لم یلتفتوا إلی معنی الحرفة أصلا «نعم» قد یراد فی مقامات أخر لمکان ظاهر اللفظ «فقول الأستاذ» أدام اللّٰه سبحانه حراسته إن التجارة ظاهرة فی غیر المراد و هو الصناعات الداخلة فی الملکات فلذلک ترک المصنف رحمه اللّٰه التعبیر بها فی المقام «کأنه لم یصادف محزه» مع أنه بعد ذلک اعترف بأن أظهر أفرادها المعاوضة لطلب الربح و أنه ظاهر العرف و اللغة «فتأمل» و قد اشتهر فی عصرنا الآن إطلاق التجارة علی بیع الأقمشة و نحوها و هذا حادث لا عبرة به
(قوله) (الأول فی أقسامها و هی تنقسم بانقسام الأحکام الخمسة)
هذا قد یرشد إلی أن مراده من المتاجر التجارات لا محالها و أما ذکر الأعیان فی سلک الأقسام فمن جهة الاکتساب بها و قد یراد بالضمیر المضاف إلیه ما یعم الفعل و المحل استخداما بحیث نجعل المرجع خاصا و لو عممناه فالضمیر علی ظاهره و الضمیر المنفصل یحتمل احتمالات أیضا و إن خدش بعضها و هذا التقسیم لیس من خصوصیات التجارة بل هو جار فی أکثر الأبواب و قد جعل فی «الشرائع» الأقسام ثلاثة محرما و مباحا و مکروها و اعتذر عنه فی «المسالک» بأن مورد القسمة هو العین و المنفعة قال و ظاهر أن الوجوب و الندب لا یرد علیهما من حیث إنهما عین خاصة و منفعة بل بسبب أمر عارض و هو فعل المکلف و قال و مورد القسمة فی الخمسة هو فعل المکلف (قلت) هذا لحظه الشهید فی اللمعة و علی ذلک جری شیخنا صاحب الریاض «و فیه نظر ظاهر» لأن المباح و المحرم و المکروه أیضا کذلک فإن العین بذاتها لا تکون محرمة و لا مکروهة و لا مباحة بل باعتبار ما یتعلق بها من فعل المکلف کما هو ظاهر جدا ثم إنه قد یخرج الاکتساب ببعض ما ذکروه کالأذان و نحوه مما لا یحرم و إنما تحرم أجرته فالتقسیم إلی الثلاثة «1» بناء علی جعل المقسم
______________________________
(1) هذا بیان لما بنوا علیه لأنهم قسموا التجارة بمعنی التکسب إلی الأقسام الخمسة و بمعنی ما یکتسب به إلی الثلاثة (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 5

[فمنها واجب]

(فمنها واجب) و هو ما یحتاج الإنسان إلیه لقوته و قوت عیاله و لا وجه له سوی المتجر (1)
______________________________
ما یکتسب به لا وجه له «إلا أن یقال» إن الوجوب و الندب قلیلان نادران أو إن الغرض من البیع جوازه و عدمه و صحته و عدمها و لا مدخل فی ذلک للوجوب و الندب فتدبر «و نعم» ما قال شیخنا أدام اللّٰه حراسته و هی صیغا أو نقلا أو انتقالا أو آثارا تنقسم بانقسام الأحکام الخمسة لا الثلاثة بترک الواجب و المندوب کما فی کلام بعض أو المباح و المکروه کما فی کلام آخر
(قوله) (فمنها واجب و هو ما یحتاج الإنسان إلیه لقوته و قوت عیاله و لا وجه له سوی المتجر)
الواجب من التجارة ما کان فی نفسه سائغا یحتاج إلیه الإنسان لضروری القوت و اللباس و ما جری هذا المجری و ما یجب لعیاله الواجبی النفقة علی حسب ما یجب شرعا و إن زاد علی قدر الضرورة و ما یدفع به حاجة المضطر مما یجب علی الکفایة و ما به یتحقق نظام النوع و ما کان لبعض الأمور الملتزمة إلی غیر ذلک من الواجبات الموقوفة علیه فإن کان له طریق إلی تحصیل ما یجب علیه من المئونة و قدر الضرورة لغیره أو لنفسه أو ما التزم به غیر التجارة فهی واجبة «1» تخییرا و إلا فعینی تعیینی و کذلک إذا انحصر فیه القیام بما یجب کفایة فعینی و إلا فکفائی فکان الواجب منها ینقسم إلی الأقسام الثلاثة (إذا عرفت هذا) فعد إلی عبارة الکتاب و لا ریب أن ضمیر منها راجع إلی أقسام التجارة فإما أن یراد بها المعنی الأخص أو جمیع أنواع الاکتساب و علی کل «2» منهما إما أن یراد بالمتجر المعنی الخاص أو العام فالأقسام أربعة. (الأول) أن یراد بهما المعنی الأخص فیصیر المعنی أن من المعاوضة لطلب الریح ما هو واجب عینا تعیینا و ذلک إذا احتاج إلیه لما ذکر و لا وجه له من الاکتسابات و غیرها کالمال و الاستعفاء و التخلص بطلاق و نحوه إلا المعاوضة لطلب الربح. و إن عممت الوجوب بحیث یشمل التخییری کان حق العبارة أن یقول «و لیس عنده ما یدفع به الحاجة» لأنه إذا لم یکن عنده ما یدفع به الحاجة و له وجوه فی تحصیله أحدها التجارة بالمعنی الأخص تکون التجارة واجبا مخیرا و هو أحد أقسام الواجب فلا یجوز إخراجه بقوله و لا وجه له سوی المتجر «و منه یعلم» حال ما إذا أرید الواجب الکفائی بالنسبة إلی بعض أقسام الواجب (الثانی) أن یراد بهما معا المعنی الأعم کما صرح بذلک فی «التذکرة و الدروس» فیصیر المعنی أن من الاکتساب المطلق ما یجب عینا تعیینا علی التخییر بین أفراده إذا احتاج إلیه و لا وجه له من مال أو استعفاء أو تخلص بطلاق و نحوه إلا المتجر أی الاکتساب المطلق و إن عممت الوجوب کان الأولی أن یقال و لیس عنده مال لأنه حینئذ یکون مخیرا بین وجوه الاکتساب و الاستعفاء و التخلص بطلاق و نحوه (الثالث) أن یراد بالأول المعنی الخاص و بالثانی المعنی العام فیکون الوجوب تخییرا و أما العکس و هو الرابع فلا یکاد یتم. هذا إذا أرید من المقسم المعنی المصدری «و قد» یراد منه الأعیان التی یحتاج إلیها أو الأعم منهما لکن إرادة الأعیان أو الأعم منها من المتجر لا یکاد یتم «فتأمل» (و مما ذکر) یعلم حال ما قاله فی «جامع المقاصد» و حال ما قاله الأستاذ دام ظله حیث قال فمنها واجب عینی تعیینی و هو کسب أو نفس ما یحتاج إلیه أو الأعم منهما فحال هذا القسم و الأقسام کحال المقسم من قیام الاحتمالات الثلاثة «إلی أن قال» و لا وجه له من مال أو استعفاء أو تخلص بطلاق و نحوه یدفع به الواجب عن نفسه سوی المتجر و لو عممت الوجوب استغنیت عن بعض القیود «انتهی فتأمل فیه
______________________________
(1) فهو واجب خ ل
(2) حال خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 6

[و مندوب]

(و مندوب) و هو ما یقصد به التوسعة علی العیال أو نفع المحاویج مع حصول قدر الحاجة بغیره (1)

[و مباح]

(و مباح) و هو ما یقصد به الزیادة فی المال لا غیر مع الغنی عنه (2)
______________________________
و فیما ذکرناه» و لعل المقصود من قوته و قوت عیاله فی عبارة الکتاب المثال و قد وقع الاقتصار علی ذلک فی التذکرة و الدروس (و الأقوی) کون الوجوب هنا أصلیا أی مقصودا فی ذاته و وجوده مصلحة لذاته لا تبعیا یکون الغرض مجرد حصوله لغیره فیکفی و إن کان علی وجه محرم و إن لم یطلبه الشارع کذلک کما یظهر من الأخبار کما اختاره الأستاذ دام ظله العالی و التمییز بین الأمرین أوضح من أن یحتاج إلی بیان (و قال فی الإرشاد) الواجب ما اضطر الإنسان إلیه فی المباح و لعله أراد ما اضطر إلیه شرعا کنفقته و نفقة من تجب علیه نفقته أو عقلا فیکون المراد ما یتوقف علیه حیاته و یکون مقصوده المثال أیضا و أن وجوب المتجر عینی إن انحصر فیه وجه التحصیل و إلا فتخییری (و أما) قوله فی المباح فلعله أشار به إلی أنه لا یجوز مع الاضطرار تحصیله إلا من المباح إن أمکن و إلا وجب من غیره کشراء المیّتة و السرقة و الغصب و الخیانة و به یندفع عنه اعتراض الکرکی فی حاشیته
(قوله) (و مندوب و هو ما یقصد به التوسعة علی العیال أو نفع المحاویج مع حصول قدر الحاجة بغیره)
لا دخل للقصد فی کون الشی‌ء فی نفسه مستحبا لأن الغرض من ذلک کونه مطلوبا للشارع علی جهة الاستحباب و إنما یؤثر القصد فی وقوع فعل المکلف مستحبا ثم إن التقیید به یقتضی أن من قصد التوسعة بتجارته و لیس عنده ما یمون به عیاله أن تکون تجارته مندوبة و لیس بشی‌ء و قد تراد المنشئیة فیندفع الإیراد. ثم إنه لا حاجة إلی تقیید النفع بکونه علی المحاویج لأن نفع الأغنیاء مستحب فالتجارة لأجله کذلک ثم إنه بعد حصول قدر الحاجة لا یعدون محاویج لأن ذلک قید فیه و لعله یرید الحاجة التی لا ینافیها الغنی فیکون المراد المحاویج الغیر المضطرین فاندفع الإیرادان (قال فی الدروس) و قد یستحب إذا قصد به المستحب و لو قال ما یحصل به المستحب کما فی الروضة لکان أسلم کما هو أشمل و لا ریب أن ذلک إذا لم یناف شیئا من الواجبات الدینیة أو الدنیاویة. و المندوب قد یکون معینا و قد یکون مخیرا إما غیر راجح أو راجحا فی نفسه أو بین أفراد الواجب المخیر کما إذا نذر
(قوله) (و مباح و هو ما یقصد به الزیادة فی المال لا غیر مع الغنی عنه)
المباح و هو ما من شأنه أن یقصد به الزیادة فی المال من غیر الجهات الراجحة و المرجوحة لا رجحان فیه أو فیه رجحان ما لا یصل به إلی الاستحباب الشرعی (و قال الأستاذ) حرسه اللّٰه و فی الأدلة ما یدل علی رجحانه فی ذاته شرعا و ساق جملة من الأخبار التی یستفاد منها ذلک «ثم قال» و فیما دل من عقل أو نقل علی رجحان العزم و الجزم و القدرة و التمکن من المقاصد و ذم العجز و الکسل و ظاهر الکتاب و الأخبار فی الأمر بالمشی و السعی فی طلب الرزق ما یفید الرجحانیة و یتضاعف الرجحان بتضاعف أسبابه و قوتها عقلا و نقلا و هو جید جدا لو لا ما فیه من خرق الإجماع المعلوم لأنه قد صرح بأن منها المباح فی «النهایة و المراسم و السرائر» و سائر ما تأخر عنها ما عدا الدروس و قد یتوهم منه القول بالاستحباب و الأخبار ظاهرة أو منزلة علی الجهات الواجبات أو المستحبات بل لو کانت صریحة و أعرض المعظم عنها لوجب تأویلها کما حرر فی فنه فکیف بإعراض الجمیع عن غیر الصریح و ما استنهضه من دلالة العقل لا یجدی و لا یدل فی المقام و إنما هی أمور اعتباریة لا تناط بها الأحکام الشرعیة معارضة بمثلها مما هو أقوی منها بل قالوا فی النکاح إن من أقسامه ما هو مباح مع أن الأخبار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 7

[و مکروه]

(و مکروه) و هو ما اشتمل علی وجه نهی الشارع عنه نهی تنزیه (1) کالصرف (2) و بیع الأکفان (3) و الطعام (4) و الرقیق (5) و اتخاذ الذبح و النحر صنعة (6) و الحیاکة و النساجة (7)
______________________________
و الاعتبار فیه أکثر و أظهر مما نحن فیه
(قوله) (و مکروه و هو ما اشتمل علی وجه نهی الشارع عنه نهی تنزیه)
إلا إذا وجب عینا أو کفایة أو تخییرا فإنه لا کراهة فیه کما تقتضیه قواعدهم فی الحسن و القبح و فرق بین ما وجب و عرضت له الکراهة و بین ما حرم أو کره ثم عرض له الوجوب خلافا للمحقق الطوسی و یعلم نهی الشارع عنه إما بالنقل کما فی أکثر ما ذکر أو بالعقل کما فی بعضه و معنی کراهیتها رجحان ترکها مطلقا و ذلک حیث یمکن غیرها أو یقوم بها غیره و یتخذها هو صنعة و کثیرا ما دق ذلک علی جماعة «و قال شیخنا» الأقوی أن کراهیة هذه الصنائع علی نحو کراهیة العبادة بمعنی رجحان العدول إلی غیرها لا ترکها مطلقا «و فیه نظر ظاهر» و لیعلم أن ما کان من هذه المکروهات متعلقا بالإعواض فلا کلام و ما کان متعلقا بالمعاوضة فهل تستلزم کراهیتها کراهیة الإعواض وجهان و الظاهر ذلک لما ورد فی بذل أجرة الحجام مع الشرط لعلف الحیوان
(قوله) (کالصرف)
إذا اتخذ عادة و صنعة لا ما إذا فعل ذلک اتفاقا بل قد یقال لبعض الأشخاص دون بعض أعنی من لا یتمکن من أداء الأمانة و یسری ذلک فی کل مکیل أو موزون إذا بیع بمثله لمکان العلة و فی غیر البیع إن وجد لأن المعاطاة لا یجری فیها الربا علی ما حررناه فیما یأتی و کذلک الصلح عند جم غفیر کما ستسمع «فتأمل»
(قوله) (و بیع الأکفان)
و جمیع ما یتعلق بالموتی من فرض أو نفل عملا بمنصوص العلة إذا اتخذ عادة کما یشیر إلیه قوله علیه السلام و لا تسلمه بیاع أکفان
(قوله) (و الطعام)
لعله أراد الحنطة لظهوره فیها و لقول الکاظم علیه السلام فی خبر إبراهیم بن عبد الحمید و لا حناطا و لقول الفیومی إذا أطلق أهل الحجاز لفظ الطعام عنوا به البر خاصة أو أراد ما یجری فیه الاحتکار کما أشار إلیه الصادق (ع) فی خبر إسحاق بن عمار «و لا تسلمه بیاع الطعام» فإنه لا یسلم من الاحتکار أو أراد مطلق الحبوب التی یقتات بها الناس کما ورد مثل ذلک فی تفسیر قوله جل شأنه. وَ طَعٰامُ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتٰابَ «الآیة» و لیس المراد مطلق المطعوم قطعا و إن فسرت به الآیة و ادعی الفیومی أنه المتعارف کما یقال طعام و شراب و لا یجری ذلک فیما یعم الانتفاع به فی غیر القوت
(قوله) (و الرقیق)
لقوله علیه السلام (و لا تسلمه نخاسا) فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال شر الناس من باع الناس فقول الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یعطی الکراهیة مطلقا سواء اتخذه عادة أم لا و قول الصادق (ع) یعطی العادة «فتأمل» إذ الجمع ممکن هین
(قوله قدس سره) (و اتخاذ الذبح و النحر صنعة)
معللا بأن الجزار تسلب منه الرحمة و لعل الصنعة قید فی الجمیع
(قوله) (و الحیاکة و النساجة)
فی الصحاح و القاموس و المصباح و المجمع «حاک الرجل ثوبه نسجه» و زید فی الأخیرین الحیاکة الصناعة و فی مجمع البحرین «نسج الثوب إذا حاکه» و فی البقیة الاقتصار علی نسج الثوب و أن النساجة الصناعة و فی المسالک عن الصحاح نسج الثوب و حاکه واحد و لعله أخذه منه من مادة حاک و الظاهر ممن اقتصر من الأصحاب علی أحدهما ترادفهما کما فی کتب أهل اللغة فتخصیص النساجة ببعض الأجناس کالرقیق و الحیاکة بغیره أو تخصیص الحیاکة بالقطن و الحریر و النساجة بالصوف أو جعل النساجة أعمّ من الحیاکة فمن الاحتمالات التی لا نص علیها «نعم» الظاهر اختصاصهما بالمغزول و نحوه فلا یکره عمل الخوص بل «روی» أنه من عمل الأنبیاء کما ذکر ذلک فی مجمع البحرین و غیره و أما الکراهیة فللأخبار حتی «روی» أن ولد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 8
و الحجامة مع الشرط (1)
______________________________
الحائک لا ینجب إلی سبعة بطون «و قال الصادق» علیه السلام لأبی إسماعیل الصیقل بعد أن قال أنا حائک (لا تکن حائکا و کن صیقلا) و لعل المراد اتخاذ ذلک صنعة کما هو المتبادر من الحائک و الحیاکة و علیه نص فی التذکرة و غیرها و قد سمعت کلام أهل اللغة و لذلک استغنی المصنف رحمه اللّٰه هنا و غیره عن التقیید بها و یمکن اختصاص الکراهیة بوقت الفعل فتزول الکراهیة و الرذالة بترک الفعل کما یشعر به قوله علیه السلام لا تکن حائکا بعد أن قال أنا حائک
(قوله) (و الحجامة مع الشرط)
کما فی «النهایة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و الکتاب» فی باب الإجارة و غیرها و نسبه صاحب إیضاح النافع إلی الأصحاب و أطلق فی «اللمعة» من دون تقیید بکونهما مع الشرط و بالتقیید یحصل الجمع بین أخبار المنع کصحیح الحلبی و خبری سماعه و رفاعة و أخبار الإباحة کما رواه المشایخ الثلاثة فی الصحیح فی بعض طرقه عن معاویة بن عمار قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن کسب الحجام فقال لا بأس به و أما الأخبار المقیدة فهو خبر أبی بصیر (لا بأس به إذا لم یشارط) و مثله خبر سماعة الآخر فجمع الأصحاب بینها بحمل المطلق علی المقید و یمکن الجمع بحمل أخبار الشرط علی شدة الکراهیة فتکون مکروهة علی الإطلاق کما سمعته عن اللمعة لکن الأول أرجح لمکان فتوی الأکثر و وضوح الشاهد علیه من الخبرین و علی الثانی یلزم إلغاء المنطوق و عدم الفرق عند المعظم فی حمل المطلق علی المقید بین الوجوب و الحرمة و الکراهیة کما قضی به التتبع التام «و تفاوت مراتب الکراهیة لا یجدی» إذ قد یوجد مثله فی الوجوب و الحرمة و ما جمع فیه بالکراهیة و شدتها کما فی المذی و نحوه یقتصر فیه علی محله «و هناک وجه آخر» و هو أنها إن اتخذت صنعة کرهت مطلقا لأنها رذیلة وضیعة و إن لم تتخذ صنعة کرهت مع الشرط لا بدونه و علیه تنزل الأخبار و کلام الأصحاب و یشهد علی ذلک ما فی «الصحاح و المصباح و القاموس و المجمع» أن الحرفة الحجامة و فی «القاموس» أن الحجام المصاص فلیتأمل. و قد یظهر من المقنعة عدم الکراهیة أصلا. هذا کله بالنسبة إلی الصنعة و إلا فقد قال فی «الخلاف» فی باب الأطعمة کسب الحجام مکروه للحر مباح للعبد من حر کسبه أو عبد و به قال الشافعی و أحمد علی ما حکاه السباحی و قال قوم من أصحاب الحدیث حرام علی الأحرار حلال للعبید (دلیلنا) إجماع الفرقة و أخبارهم فقد فصل فیه بین کسب الحر الحجام و العبد «و إن قلنا بالتلازم بین کراهیة الصنعة و الکسب کما هو الظاهر و لا سیما من أخبار المسألة ثبت التفصیل فی الصنعة أیضا و قد یکون أراد فی الخلاف معنی آخر (و قال الشهید) فی حواشیه نقل عن بعض الفضلاء أنه إنما یکره أکل کسب الحجام للحر لا للعبد و لعله نظر إلی ما روی أنه کان للصادق علیه السلام مولی حجام و لما روی عن أمیر المؤمنین علیه السلام «انتهی» فلیتأمل. و مرادهم بقولهم مع الشرط اشتراط الحجام الأجرة فلا یکره لو فعل و لم یشترطها و إن بذلت له و لا بأس بأکلها حینئذ و ترک الشرط من المحجوم مکروه کغیره من المستأجرین فیستحب له أن یشترط قبل الفعل لأنه أبعد عن النزاع و له أن یماکس لقول «الباقر علیه السلام» فی موثقة زرارة و لا بأس علیک أن تشارطه و تماکسه و إنما یکره له و لا بأس علیک و حمله الحاجم حینئذ علی فعل المکروه لا یمنع الرجحان فی حقه (و قال الأستاذ) لو شرط المحجوم و سکت الحاجم فلیس بمشترط و لو صرح بقبول الشرط دخل فی المشترط و مع طلب المحجوم من غیر شرط یرجع إلی أجرة المثل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 9
و القابلة معه (1) و أجرة الضراب (2) و کسب الصبیان (3) و غیر المتجنب للحرام و أجرة تعلیم القرآن (4) و تعشیر المصحف بالذهب (5)
______________________________
و عدم التعرض لعدد المحجمة و للجروح و قدر الدم لا یقتضی الجهالة «انتهی» فتأمل
(قوله) (و القابلة معه)
أی مع الشرط کما فی «الدروس و جامع المقاصد» و لعله لمکان حصول النقص و الرذالة مع الشرط (و قال فی التحریر) و لا بأس بأجرة القابلة و أطلق و ظاهره عدم الکراهیة مطلقا کما هو ظاهر «المقنعة و النهایة» حیث قالا فیهما و کسب القابلة حلال و نصا علی الکراهیة فی أشیاء کثیرة و لم ینصا فیه علیها و قد ترکه الأکثر
(قوله) (و أجرة الضراب)
سیأتی الکلام فیه فی الآداب
(قوله) (و کسب الصبیان)
کما فی الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس» و غیرها و قد أطلقوا کما سمعت و من المعلوم أن المراد إذا لم یعلم أنه من موضع حلال کما إذا کان ذا صنعة کما فی الخبر کما أنه إذا علم تحصیله أو بعضه من محرم وجب اجتنابه أو اجتناب ما علم به أو اشتبه منه فیکون محل الکراهیة المجهول أصله و الوجه فیها اجتراؤه علی ما لا یحل بجهله أو علمه بارتفاع القلم عنه و محلها أیضا تکسب الولی به أو أخذه منه لنفسه أو الصبی بعد رفع الحجر عنه کما فی الروضة و الریاض (قلت) و کذلک غیر الولی لما ذکر من الوجه فما فی «المسالک» من أنه یکره لولیه التصرف فیه علی الوجه السائغ غیر سدید لأنه یجب علی الولی أن یتصرف فیه کما یتصرف فی سائر أموال الصبی فیصرفه فی مأکله و کسوته إلا أن یؤول بما إذا نقله لنفسه ببیع أو غیره و حینئذ فالولی و غیره فی ذلک سواء فلا معنی لقصره علی الولی کما فی «الروضة و الریاض» و الأصحاب أطلقوا کما سمعت «ثم إنه یرد علیهما إیراد آخر» فی قولهما إن محله تکسب الولی به إلی آخر (و هو) أن الوجهین الأولین أعنی تکسب الولی به و أخذه منه کأنهما من واد واحد. و إن فرقنا بینهما ورد علیهما ما ورد علی المسالک و الوجه الثالث قیل. إنه یخالف القواعد المقررة و کذلک الحال فی الأمة کما صرح به جماعة و أفصح به الخبر و الوجه المذکور و کذلک من لا یجتنب المحارم کما فی «التحریر و نهایة الإحکام و الدروس و اللمعة» و یجب تقیید المحارم بالمتعلقة بالمال لا مطلقا و لا فرق بین کون الحلال کثیرا أو بالعکس. و لو بایعه لم یحکم بالفساد ما لم یعلم الحرام بعینه و لا یقبل قول المشتری علیه فی الحرمة لأن الید تقضی بالملک ظاهرا و بقدر کثرة الحرام تکثر الشبهة (و المراد) بالصبی من لم یبلغ الحلم و تتفاوت بتفاوت التهمة و استظهر الأستاذ دام ظله زوالها بعد الانتقال إلی ید آخر «فلیتأمل» و قال لو أخبر صاحب الید بحرمة ما فی یده قبل قوله و إن کان فاسقا (قلت) و کذا لو أخبر بحلیة ما فی یده علی ما سیأتی فی جوائز الظالم
(قوله) (و أجرة تعلیم القرآن)
سیأتی الکلام فیه بما لا مزید علیه عند شرح قوله و یجوز أخذ الأجرة علی کتابة القرآن
(قوله قدس سره) (و تعشیر المصحف بالذهب)
کما صرح به فی «التحریر» و غیره و فی «الحدائق» نسبته إلی الأصحاب و کتابته بالذهب أشد کراهیة کما فی «جامع المقاصد» للأخبار. و إلحاق الأجزاء و الأنصاف و الأحزاب و الجداول و نحوها بها غیر بعید کما قال الأستاذ و نحوه الکرکی و فی موثقة سماعة سألته عن رجل یعشر المصاحف بالذهب قال لا یصلح فقال إنها معیشتی فقال إنک إن ترکته للّه جعل اللّٰه لک مخرجا و فی خبر محمد الوراق قال عرضت کتابا فیه قرآن معشر بالذهب و کتب فی آخره سورة بالذهب فأریته إیاه فلم یعب منه شیئا إلا کتابة القرآن بالذهب فإنه قال لا یعجبنی أن یکتب القرآن إلا بالسواد کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 10
و الصیاغة (1) و القصابة (2) و رکوب البحر للتجارة (3) و خصاء الحیوان (4) و معاملة الظالمین (5) و السفلة (6)
______________________________
کتب أول مرة و فی هذا الخبر ما یدل علی حمل الخبر الأول علی الکراهیة و علی کراهة کتابته بغیر السواد
(قوله) (و الصیاغة)
لقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و أما الصائغ فإنه یعالج غبن أمتی قیل معناه لأنه یفسد علیهم الدینار و الدرهم و فی التهذیب زین بالزای أولا و المراد أنه یلهیهم بذلک عن الآخرة و روی بالراء المهملة أعنی رین أمتی أی الذنب أو الطبع و الختم
(قوله) (و القصابة)
لقوله علیه السلام إن القصاب یذبح حتی تذهب الرحمة من قلبه و قصبت الشاة قصبا من باب ضرب قطعتها عضوا عضوا و الفاعل قصاب و القصابة بالکسر الصناعة کما فی المصباح المنیر و هی أعمّ من الذبح و النحر
(قوله) (و رکوب البحر للتجارة)
کما فی «السرائر و التحریر و التذکرة و الدروس و حواشی الکتاب و جامع المقاصد» لروایة محمد بن مسلم عن (الباقر و الصادق علیهما السلام) أنهما کرها رکوب البحر للتجارة هذا مع ظن السلامة کما قیده به جماعة و کذلک الحال فی غیر التجارة من الأغراض الدنیویة و لا یخفی ما فی عده فی المقام من المسامحة و یحرم مع الخوف کما فی «التذکرة و التحریر» کما إذا کان وقت اضطرابه و تکاثر الأهویة المختلفة للاعتبار و الأخبار (قال الباقر علیه السلام) فی رکوب البحر للتجارة یغرر الرجل بدینه و سأل معلی ابن خنیس «الصادق» عن الرجل یسافر فیرکب البحر فقال إن أبی کان یقول إنه یضر بدینک. و کذا یحرم کل سفر فیه أمارة الخوف کما فی «النهایة و التحریر» و البحر هو الخرق الواسع للماء الذی یزید علی سعة النهر و الخرق الأرض الواسعة تنخرق فیها الریاح فدجلة بالنسبة إلی الساقیة أی النهر الصغیر بحر و بالنسبة إلی جدة و نحوها لیس ببحر «کذا فی مجمع البیان» فیتناولها الحکم کراهیة و تحریما و کذلک الفرات
(قوله) (و خصاء الحیوان)
بالمد و الکسر قال فی نهایة الإحکام منع علماؤنا من خصاء الحیوان و المروی الجواز علی کراهیة لأن له التصرف فی ملکه بما فیه صلاحه أما خصاء الآدمی فإنه یحرم و إن کان مملوکا صغیرا کان أو کبیرا (قلت) نسبة المنع بمعنی التحریم کما هو الظاهر إلی علمائنا کأنها لم تصادف محزها لأن القائل بالتحریم فی غیر الآدمی إنما هو القاضی و التقی فیما حکی و الذاهب إلی الکراهیة أبو علی و أبو عبد اللّٰه بن إدریس و المصنف فی جملة من کتبه و الشهید فی کتابیه و المحقق الثانی و کأن التحریم فی الآدمی محل وفاق و فی حکم الخصاء الجب و الوجاء کما فی جامع المقاصد و غیره و الوجاء بالمد و الکسر رض عروق الخصیتین أو رضهما و الجب قطع الذکر أو ما لا یبقی منه مقدار الحشفة کما فی جامع المقاصد و غیره
(قوله قدس سره) (و معاملة الظالمین)
إما لنفس ظلمهم أو للشبهة فی أموالهم لقوله تعالی وَ لٰا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا و لأنهم مظنة الحرام مع قوله «علیه السلام» دع ما یریبک إلی ما لا یریبک و الظالمون قسم ممن لا یجتنب المحارم لأنهم السلطان و جنوده و من یعتاد معاملتهم بالحرام و غیرهم و قد یکونان بمعنی واحد «فتأمل» و یأتی تمام الکلام
(قوله) (و السفلة)
بکسر السین و سکون الفاء أو فتحه مع کسر الفاء و هی بمعنی الأدنین أو قریب منه و عن بعض الأخبار التفسیر بالسماک و الحجام و قیل الذی یضرب بالطنبور و قیل من ادعی الأمانة و لیس لها بأهل و قد فسروا بالذین لم یبالوا بما قیل فیهم و لا بما قالوا فی غیرهم أو الذین یحاسبون علی الشی‌ء الدون أو من لا یسره الإحسان و لا تسوؤه الإساءة (و فی الفقیه) نسب التفاسیر الثلاثة الأخیرة إلی الأخبار فالعمل علی الجمیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 11
و الأدنین و المحارفین (1) و ذوی العاهات (2) و الأکراد و مجالستهم و مناکحتهم (3) و أهل الذمة (4)

[و محظور]

اشارة

(و محظور) و هو ما اشتمل علی وجه قبح (5) (و هو أقسام)

[الأول کل نجس لا یقبل التطهیر]

(الأول) کل نجس لا یقبل التطهیر (6)
______________________________
و ربما فسر الأدنون بمن لا مروءة له
(قوله) (و المحارفین)
المحارف بفتح الراء المحروم الذی إذا طلب لا یرزق أو یکون لا یسعی فی الکسب و هو خلاف قولک المبارک «و منه الحدیث» لا تشتر من محارف فإن صفقته لا برکة فیها و المحارف أیضا المنقوص من الحظ لا ینمو له مال کذا قال فی المجمع البحرین (و فی الکافی عن الصادق) المحروم المحارف الذی حرم کد یده فی الشراء و البیع «و عن الباقر علیه السلام» أنه الذی لا یبسط له فی الرزق (و فی الخبر) عامل من نشأ فی خیر و بورک له فی معیشته «و قال أمیر المؤمنین علیه السلام» شارکوا من أقبل علیه الرزق فإنه أجلب للرزق. و عن عمید الدین تکره معاملة الفقیر لأن المقصود من التجارة التکسب و الفقیر لا ینبغی أن یکسب علیه
(قوله قدس سره) (و ذوی العاهات)
لما روی أن من نقص خلقه نقص عقله (و عن الصادق) لا تعامل ذا عاهة فإنهم أظلم شی‌ء
(قوله) (و الأکراد و مجالستهم و مناکحتهم)
قیل إنهم فریق من الجن لما روی أنه لما زال ملک سلیمان أتی بعض الجن إلی جواریه فجامعوهن فحملن منهم فلما عاد إلیه الملک وجدهن قد حملن فقال أکردوهم فسموا بذلک (و قیل) هم أولاد لإمرئ القیس و قیل قوم من الجن کشف عنهم الغطاء فتأنسوا و قیل قبیل جدهم کرد بن عمرو مزیقیا بن عامر بن ماء السماء «قاله صاحب القاموس» و فی قلائد الجمان أن الکرد من بنی إیران بن آشور بن سام و إلی إیران هذا تنسب مملکة إیران التی کان بها ملوک الفرس قال المقری الشهابی ابن فضل اللّٰه فی کتاب التعریف یقال فی المسلمین الکرد و فی الکفار الکرج و حینئذ یکون الکرد و الکرج نسبا واحدا «انتهی» قال الأستاد المدار فی معرفتهم علی صدق الاسم عرفا (قلت) إن صح ما فی قلائد الجمان کانوا هم القاطنین فی لرستان و ما والاها
(قوله) (و أهل الذمة)
لأنهم ظالمون ضالون و البعد عنهم مطلوب و فی «جامع المقاصد» للنهی عن ذلک و لعله أراد الخبر لا تستعن بمجوسی «الخبر»
(قوله) (و محظور و هو ما اشتمل علی وجه قبح)
أی کسب اشتمل علی وجه قبح اهتدی إلیه العقل بنفسه أو بإرشاد الشرع و إن جعلت الموصول عبارة عن العین احتجت أن تقول إن القبح فی نفس العمل أو الاستعمال أو فی قصد بعض الجهات و الأحوال أو فی المعاملة علیه بالمال و غیر المال أو ما ترکب من المذکورات کما ذکره الأستاد دام ظله
(قوله) (و هو أقسام الأول کل نجس لا یقبل التطهیر)
المراد بالنجس ما کان بالأصل أو العارض لشموله للثانی حقیقة کما یعطیه کلام أهل اللغة أو بنحو من المجاز کما یعطیه کلام الأصحاب فی باب الطهارة و لیس بمعلوم کونه حقیقة شرعیة فی ذلک أی نجس العین حتی تنزل علیه الأخبار و لا فرق فی ذلک بین المائع و الجامد الذی لا یقبل التطهیر سواء کان مائعا و أصابته النجاسة ثم جمد أو أصابته النجاسة و هو جامد کما إذا اختلط الطحین بشی‌ء من نجس العین کالخرء المدقوق بحیث لا یمکن انفصاله عنه «إلا أن تقول» فی الأخیر إنه لیس بنجس و لا متنجس فالمدار علی التنجس و عدم قبول التطهیر کما أفصحت به عباراتهم و انعقدت علیه إجماعاتهم کما ستعرف و قد یلوح من الأستاد خلاف ذلک کما ستسمع (و أما) ما یقبل التطهیر ظاهرا کالفضة و القیر إذا تنجسا مائعین فغیر داخلین تحت المنع لأنه یحصل النفع المقصود منه باستعمال ظاهره کما ستسمع بیان ذلک کله و من اقتصر علی ذکر المائعات فلعله بناه علی الغالب مع قصد التمثیل و قد وقع التقیید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 12
..........
______________________________
بعدم قبوله التطهیر فی (المبسوط و الغنیة و التذکرة و نهایة الإحکام و الإرشاد و التحریر و المنتهی و الدروس و اللمعة و الروضة و غیرها) و أطلق فی «النهایة و السرائر و الشرائع و النافع» لکنه فی السرائر بعد ذلک قید کما أن المحقق فی المطاعم نبه علی التقیید و الحاصل أن القید لا بد منه و فی المبسوط أیضا جعل الحکم لنجس العین من الحیوان غیر الآدمی و من غیر الحیوان فیخرج الرق الکافر حینئذ لقبوله التطهیر بالإسلام و علیه تنزل العبارات الموافقة للمبسوط فی التقیید و قد یکون الرق الکافر خارجا بالأخبار و الإجماع لا بأن الإسلام مطهر له إذ قل من عده فی المطهرات فلعله عندهم کالاستحالة و جمیع النجاسات یقبل الطهارة بها فمرادهم بقبول الطهارة قبولها بغیر الاستحالة (و أما المرتد) عن فطره فالقول بجواز بیعه ضعیف جدا لعدم قبول توبته فلا یقبل التطهیر کما هو المعروف من مذهب الأصحاب و به صرح فی التحریر و الدروس فی باب بیع الحیوان و إن خالف فیه بعض من تأخر کالمحقق الثانی فی باب الرهن و بیع الحیوان و قد یظهر ذلک من رهن المبسوط و التحریر «و المولی الأردبیلی» جوز بیعه فی الدین و استشکل فی بیعه المصنف فی موضع من التذکرة و بیع الحیوان من الکتاب و ولده فی رهن الإیضاح و باب بیع الحیوان (و أنت خبیر) بأن المرتد بالسب یجب قتله فی الحال و لا ینظر و إن کان بغیره فالأخبار و الإجماع و الشهرات دلت علی عدم قبول توبته بعموم لغوی یتناول ما إذا کانت ظاهرا و باطنا و لم یعرف الخلاف إلا من الدروس حیث قال و فی قبول توبته باطنا وجه قوی و تبعه المحقق الثانی و الشهید الثانی و الأردبیلی کما أوضحنا ذلک فی باب الحدود و لعل من جوز بیعه بناه علی عدم قبول توبته فلا یرد به حینئذ إشکال (و أما عصیر العنب) فلا ریب فی عدم جواز بیعه إذا نش و غلی من قبل نفسه لأنه یصیر حینئذ خمرا و لا یطهر إلا بانقلابه خلا کما نص علیه الأکثر من المتقدمین و المصنف فی رهن التذکرة و المحقق فی رهن جامع المقاصد و قد نزلنا علیه کلام جماعة من المتأخرین کما بیناه فی رسالتنا المسماة بالعصرة فی العصیر بل لا فرق فی ذلک بین عصیر العنب و عصیری التمر و الزبیب إذا نشا و غلیا من قبل أنفسهما. و أما إذا غلی عصیر العنب بالنار و لم یذهب ثلثاه فلا ریب فی نجاسته کما بیناه فی غیر موضع بل ادعی علیه الإجماع. و الظاهر أیضا عدم جواز بیعه لأنه حینئذ خمر کما صرح به جماعة أو کالخمر إذا اعتد للتخلیل کما نص علیه المحقق الثانی و هو الظاهر من عبارة النهایة عند قوله و یکره الإسلاف فیه و یظهر منها و من أطعمة السرائر و غیرها فی مواضع تظهر علی الفقیه و هو الذی تقضی به قواعد الباب و یدل علیه إطلاق (قول الصادق) علیه السلام فی خبر أبی کهمس فیما رواه ثقة الإسلام و إن غلی فلا یحل بیعه و مفهوم قوله أیضا علیه السلام فیما رواه الکلینی أیضا عن أبی بصیر حیث سأله عن ثمن العصیر إذا بعته قبل أن یکون خمرا و هو حلال فلا بأس إذ مفهومه ثبوت البأس إذا لم یکن حلالا و هو حال الغلیان (و قوله أیضا علیه السلام) فی مرسل ابن الهیثم إذا تغیر عن حاله و غلی فلا خیر فیه حتی یذهب ثلثاه و من الخیر المنفی بیعه «فتأمل» إلا أن تقول کل من قال بأنه یطهر بالنقص قال بجواز بیعه و من البعید جدا أن یقال إنه یطهر بالاستحالة و حصولها بمقدار لحظة «فتأمل» إذ الاستبعاد محض اعتبار مخالف للأخبار منقوض بما إذا صار خلا فإنه یستحیل فی آن واحد من دون غلیان و لا نقص فالأصح عدم جواز بیعه لأن الظاهر طهره بالاستحالة لا بالنقص (و أما عصیر التمر) إذا غلا بالنار فإنه باق علی الحل و الطهارة و الظاهر أن عصیر الزبیب کذلک کما بیناه فی الرسالة (و أما الأصباغ المتنجسة) فقد قال المحقق الثانی فی حاشیته علی الإرشاد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 13
..........
______________________________
إن الظاهر جواز بیعها مع أنها لا تقبل التطهیر «1» عند الأکثر «و أجاب» بأنها تئول إلی حالة تقبل معها التطهیر (قال) و تلک الحالة بعد جفافها بل ذلک هو المقصود منها فیندفع السؤال «انتهی» فیکون الحال فیها کالحال فی القیر کما مر و کالحال فی العجین إذا تنجس فإنه و إن لم یقبل التطهیر حینئذ لکنه یقبله إذا صار خبزا و جفف حتی تذهب رطوبته «فالحظه و احفظه» فإنه نافع فیما قد ندعیه من عدم جواز الانتفاع بشی‌ء من النجاسات التی لا تقبل التطهیر إلا فیما خرج بالدلیل و ذلک لأنا نقول بأن الأصل «2» فیما نجس و لم یقبل التطهیر التحریم و عدم الانتفاع به فی شی‌ء أصلا کما أشار إلیه الشهید فی قواعده عند الکلام علی تعریف النجاسة و فخر الإسلام فی الإیضاح کما ستسمع و کأنه مأخوذ مما نبه علیه المصنف فی التذکرة و نهایة الإحکام من أن الأصل فیما حرم علی الإطلاق أن یکون نجسا و إلیه أشار الراوندی فی فقهه «3» و صاحب الغنیة و السرائر کما ستسمع و به صرح جمع منهم صاحب المسالک و قد أفصحت عباراتهم بعدم الانتفاع بالنجس (قال الشیخ فی النهایة) کل طعام و شراب حصل فیه شی‌ء من الأشربة المحظورة أو شی‌ء من المحظورات و النجاسات فإن شربه و عمله و التجارة فیه و التکسب و التصرف فیه حرام محظور و جمیع النجاسات محرم التصرف فیها و التکسب علی اختلاف أجناسها و أصرح من ذلک کلامه فی «أطعمة الکتاب» المذکور و مثله فی المقامین ما فی «السرائر» و نحوه ما فی «المقنعة و المراسم و المبسوط» و قالوا أیضا الأعیان النجسة و ما ینجس بمجاورتها و لا یمکن غسله و لا تطهیره بالماء لا ینتفع بها سوی الأدهان لفائدة الاستصباح بها تحت السماء و لا یجوز الانتفاع بها فی غیر الاستصباح تحت السماء و قد طفحت بذلک و نحوه عباراتهم کما ستسمع و أوضحها عبارة «المقنعة و النهایة و الخلاف و السرائر» فإن هذه العبارات الأربع صریحة لا تقبل التأویل حیث قیل فیها لا یجوز أکله أی الدهن النجس و لا الانتفاع به بغیر الاستصباح «کذا فی الخلاف» و ادعی بعد ذلک الإجماع و الأخبار و ظاهرة أنهما علی جمیع ما ذکر و هو ظهور لا یکاد ینکر و نحوه ما فی بقیة العبارات و لا قائل بالفرق بین الدهن و غیره «و قد تأمل» فی ذلک بعض المتأخرین کالمولی الأردبیلی و زعم أن الأصل جواز الانتفاع بها إلا ما خرج بالدلیل کالانتفاعات الموقوفة علی الطهارة أو ما دل الدلیل علی المنع منه مطلقا کالمیتة و هذا الأصل مقطوع بخبر تحف العقول و رسالة المحکم و المتشابه و إجماع شرح الإرشاد لفخر الإسلام و التنقیح و کذا إجماع الغنیة بل و إجماع الخلاف المذکور آنفا و أخباره و هی معتضدة بالشهرة المعلومة التی کادت تکون إجماعا ففی الخبر المشار إلیه أو شی‌ء من وجوه النجس فهذا کله حرام و محرم لأن ذلک کله منهی عن أکله و شربه و لبسه و ملکه و إمساکه و التقلب فیه فجمیع تقلبه فی ذلک حرام (و أما إجماع شرح الإرشاد و التنقیح) فقد قالا فی بیان حرمة بیع الأعیان النجسة إنما یحرم بیعها لأنها محرمة الانتفاع و کل محرم الانتفاع لا یصح بیعه أما الصغری فإجماعیة و القول بأن المراد حرمة الانتفاع بالبیع بعید. و أما الغنیة فإنه قد شرط فیها فی صحة البیع کون الشی‌ء مما ینتفع به منفعة مباحة و احترز بذلک عن المنافع المحرمة و جعل منها کل نجس لا یقبل التطهیر عدا ما أخرجه الدلیل من بیع الکلب المعلم للصید و الزیت النجس للاستصباح به تحت السماء ثم قال و هو
______________________________
(1) الطهارة خ ل
(2) الأصل هنا بمعنی القاعدة لأنه ادعی علیه الإجماع کما ستسمع (منه)
(3) و صاحب الغنیة کما ستسمع و به صرح جمع منهم صاحب المسالک و السرائر خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 14
..........
______________________________
إجماع الطائفة (قلت) و خرج سرجین ما لا یؤکل لحمه و عذرة الإنسان و خرء الکلاب عند الشیخ لنفی الخلاف فی المبسوط عن جواز الانتفاع بذلک فی الزروع و الکروم و أصول الشجر و قد استثنی الدم فی المبسوط أیضا و لعله أراد جواز الانتفاع به فی الصبغ و قد عرفت الحال فی الصبغ و ستعرف الحال فی الدم و لخبر المفضل الوارد فی الانتفاع بالزبل و العذرة فی الزرع و البقول و الخضر (و خرج) عنه شعر الخنزیر للأخبار المعمول بها عند جماعة و کذلک جلده لسقی الدواب و البهائم عند جماعة أیضا «و الحق» عدم الجواز فیهما کما ستسمع «1» و استدلال بعضهم کالمصنف فی المختلف بالأصل فی استعمال شعر الخنزیر و نحوه إنما هو علی سبیل التقریب أو بیان أنه لما وردت الأخبار بالجواز علمنا أنه لم ینقطع فیها بخصوصها (و خرج) عنه طلی الدواب به کما قاله الشهید فی حواشیه و اختاره المحقق الثانی فی تعلیق النافع و تعلیق الإرشاد و صاحب إیضاح النافع و صاحب المسالک فی الأطعمة لأنه لا بد و أن یتنجس فلا فرق فی ذلک بین أن ینجس بالطلی أو قبله و لعل الأولی الاقتصار علی ما بعده (و خرج) عنه اتخاذ الصابون منه «للخبر» أیضا کما قاله أیضا الشهید و اختاره أیضا المحقق الثانی فی تعلیقه و صاحب إیضاح النافع و صاحب المسالک فی الأطعمة و غیره و عن نوادر الراوندی جواز بیعه لمن یعمله صابونا و لعل الشهید أراد روایة دعائم الإسلام. فاندفع إشکال الأستاد فیما یبقی من رغوته بعد التنجیس فیغسل بها الثوب الآخر. و لعله لأن الصابون کالصبغ «فلیتأمل» سلمنا و ما کان لیکون لکنا قد نقول باستثناء هذا بخصوصه لا غیر لمکان الضرورة و السیرة (و بذلک یندفع) ما عساه یقال من أن الصابون لا یجوز بیعه إذا کان نجسا کما إذا صنعه النصرانی لأنه لا یقبل التطهیر و قبول ظاهره التطهیر لا یجدی لعدم حصول نفعه الغالب باستعمال ظاهره «و أما ما یستند إلیه» من استمرار طریقة الناس من البول علی الجرح فأوهن شی‌ء و أضعفه لأن تلک سیرة أجلاف العرب «و لعله لذلک قال علیه و آله الصلاة و السلام» ویل للأعقاب من النار لأنه کان یغلب علیهم تشقیق أعقابهم فکانوا یبولون علیها (و لیعلم) أن الخمر قسمان محترمة و هی التی اتخذت للتخلیل فإن إبقاءها لذلک جائز إجماعا و لأنه لو لا احترامها لأدی ذلک کله إلی تعذر اتخاذ الخل لأن العصیر لا ینقلب إلی الحموضة إلا بتوسط الشدة فلو لم تحترم و أریقت فی تلک الحال لتعذر اتخاذ الخل «و غیر المحترمة» ما اتخذت لغرض الخمریة کما نص علی ذلک کله فی رهن التذکرة و جامع المقاصد «فلا یرد» علی ما حررناه الانتفاع باتخاذ الخمر للتخلیل و هذا الذی اخترناه هو الذی کان یختاره الأستاد دام ظله لمکان الأدلة القاهرة مؤیدة بالمنع من التکسب به إذ فی ذلک کمال الإرشاد و إن لم یصلح للاستناد لکنه بعد ذلک عدل عنه لمکان السیرة القاطعة فی الصبغ و رغوة الصابون و البول علی الجراحة و طلی الأجرب و قد عرفت الجواب عن ذلک کله فلا یجوز دفع الدبس النجس للنحل و لا إلی غیر المکلف من الأناسین لنقص أو سهو أو جهل و لا غیر ذلک من وجوه الانتفاع و کذا غیر الدبس کالزیت لدهن الرواحی و السفن (و کذا التریاق) المختلط بلحوم الأفاعی و غیرهما إلا ما استثنی و قد نص علی تحریم الانتفاع بالتریاق المذکور فی نهایة الإحکام و لا فرق فی ذلک کله بین ما لا یدخل فی اسم الاستعمال و ما یدخل فیه سواء استلزم تلویثا أو مباشرة أم لا إذا لا نجد فی ذلک فرقا من نص أو فتوی ففیه بل و لا من اعتبار إلا أن یکون ضعیفا لا یعرج علیه نعم فی بعض الأخبار نوع إشارة إلی ذلک و هو (قول أبی الحسن علیه السلام) فی خبر للحسن ابن علی حین سأله عن قطع ألیات الغنم و هی حیة فیستصبح بها «أما علمت أنه یصیب
______________________________
(1) ستعرف خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 15
..........
______________________________
الید و الثوب و هو حرام» و الأستاد دام ظله فرق و هو أعرف و لعله استند إلی قول أبی الحسن علیه السلام أما علمت أنه یصیب الید و الثوب و هو حرام (إذا عرفت هذا) صح لنا أن ندعی أن المدار فی عدم جواز البیع علی تحریم المنافع الغالبة المقصودة کما سمعته عن فخر الإسلام و المقداد و ابن زهرة و غیرهم «و ینتج من ذلک» أن جمیع الأعیان النجسة التی لا تقبل التطهیر قد حرمت منافعها المقصودة غالبا «1» و أن ما لم یحرم من منافعها غیر ملحوظ فی نظر الشارع فهی کما لا نفع فیه إذ کل شی‌ء یفرض من المحرمات لا یخلو عن منفعة نادرة کإبقاء الخمر المتخذة للتخمیر فی یده للتخلیل و المیّتة لا کل جوارح الصید و العذرة للتسمید «و لا ینتقض ذلک» إلا بالإصباغ فإن الغالب المقصود من الصبغ المتنجس هو نفعه المقصود منه قبل التنجیس و لا یخرجه ذلک عن المقصودیة و قد عرفت الجواب عن ذلک بما حکیناه عن المحقق الثانی آنفا (فقد یحصل) أن النجس الغیر القابل للتطهیر داخل تحت محرم الانتفاع و لیس ذلک أغلبیا بل هو شامل لجمیع أقسام النجس المذکور إلا ما خرج بالدلیل کالکلاب فکل نجس کذلک یحرم الانتفاع به و لیس کل ما یحرم الانتفاع به نجس بل ما یحرم الانتفاع به لذاته مطلقا فیخرج المغصوب و آلات اللهو و نحو ذلک فیصح لهم أن یستدلوا علی المنع من التکسب بالنجس تارة بأنه نجس و تارة بعدم الانتفاع و تارة بهما و یصح لهم أن یشترطوا فی صحة البیع الطهارة و الانتفاع لکون الثانی أعمّ و هذه القاعدة أعنی ما حرمت منافعه حرم التکسب به قاعدة متینة مقطوع بها فی کلامهم لم أر لها رادا «و قد أطال فخر الإسلام» فی الإیضاح فی بیانها و أمر بالمحافظة علیها و نحوه ما فی شرحه علی الإرشاد و کذلک الفاضل المقداد غیر الذی نقلنا عنه آنفا و إلیها أشار المحقق الثانی فی «جامع المقاصد» و الشهید الثانی و جماعة بعضهم ذکر ذلک فی المقام و بعضهم فی مسألة ما لا ینتفع به کالمقداد و غیره «قال فی الإیضاح» أما ما فیه منفعة مقصودة فلا یخلو من ثلاثة أقسام (أحدها) أن تکون سائر منافعه محرمة (الثانی) أن تکون سائر منافعه محللة (الثالث) أن یکون بعضها محللا و بعضها محرما فإن کانت سائر منافعه محرمة صار کما لا منفعة فیه أصلا بمعنی عدم جواز بیعه و فی التنقیح الإجماع علیه «و قال فی الإیضاح» و إن کانت سائرها محللة جاز بیعه إجماعا و إن کانت منافعه مختلفة فهذا الموضع من المشکلات و مزال الأقدام (فنقول) قد تقدم أصلان جواز البیع عند تحلیل سائر المنافع و تحریمه عند تحریم جمیعها فإن کان جل المنافع و المقصود منها محرما حتی صار المحلل من المنافع کالمطرح فإن البیع ممنوع و واضح إلحاق هذا بأحد الأصلین لأن المطرح من المنافع کالعدم و إذا کان کالعدم صار کأن الجمیع محرم و إلیه أشار علیه السلام بقوله لعن اللّٰه الیهود حرمت علیهم الشحوم فباعوها و إن کان الأمر بالعکس کان الحکم بعکسه (ثم قال) و أشکل من هذا أن یکون «2» فیه منفعة محرمة مقصودة مراده و سائر منافعه سواها محلل فإن هذا ینبغی إلحاقه بالقسم الممنوع لأن کون هذه المنفعة المحرمة مقصودة یؤذن بأن لها حصة من الثمن لأن العقد اشتمل علیها و هو عقد واحد لا سبیل إلی تبعیضه و المعاوضة علی المحرم منه ممنوع فیمنع الکل (إلی آخر ما قال) «و یدل» علی حرمة التکسب بکل ما حرمت منافعه المقصودة (ما روی فی الخلاف و السرائر و الغنیة و الغوالی) علی ما حکی و التذکرة فی عدة مواضع و التنقیح (عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله) أنه قال إن اللّٰه إذا حرم شیئا حرم ثمنه و لیس المراد بتحریم الشی‌ء تحریم
______________________________
(1) الغالبة خ ل
(2) یشبه أن یکون أراد بهذا آلات اللهو فتأمل (کذا بخط المصنف قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 16
..........
______________________________
منفعة ما منه إذ ما من شی‌ء إلا و قد حرم فیه نفع ما و لا تحریم جمیع المنافع إذ ما من شی‌ء إلا و له نفع ما محلل بل المراد تحریم المنفعة الغالبة المقصودة منه المعد هو لها (و فی خبری محمد و أبی بصیر) عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه قال صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إن الذی حرم شربها حرم ثمنها و ما فیها من لفظ البیع و الثمن فمحمول علی المثال لمطلق الاکتساب (قال الأستاذ) مع أن فی بعض الأخبار تعمیما لذلک و لم نجده و الضعف منجبر بالشهرة هذا کله مضافا إلی الإجماعات فی بعض الأعیان کالخمر و نحوها فإنا نقطع بإلغاء الخصوصیة و لما کان المدار علی تحریم المنافع المقصودة الغالبة لحظنا النجاسات فوجدنا منها ما حرمت منافعها الغالبة کالخمر و المیّتة «1» و المائعات المشروبة المتنجسة و وجدنا منها ما لم تحرم منافعها الغالبة کالکلاب الأربعة و منها ما لا منفعة فیه إلا نادرا کالعذرة «2» و أما التسمید به فهو منفعة نادرة کما أشرنا إلیه آنفا و نص علیه فی نهایة الإحکام لأن التسمید فی الغالب إنما هو بالزبل و السرجین الغیر النجس و لا یصار إلی التسمید بالعذرة إلا عند فقده لعظم نفعه و عدم قذارته و العذرة قلیلة النفع بالنسبة إلیه شدیدة القذارة بل لا تسمید فی القری و المزارع إلا بزبل البقر و الحمیر و المعز و الغنم و الإبل و إنما یسمد بالعذرة فی المدن التی قل ما یوجد فیها ذلک (و بهذا یندفع ما عساه یقال) إن العذرة مما ینتفع بها نفعا غالبا مقصودا محللا فتکون مما تملک و توهب إلا أن یدل دلیل علی خلافه کما دل علی عدم جواز التکسب بها فکانت النجاسات بالنسبة إلی ذلک ثلاثة أقسام فالقسم الأول و الثالث لا یملک شی‌ء منهما و لا یترتب علیه أثر من هبة أو ضمان قیمة إجماعا معلوما فی الجمیع و منقولا فی البعض کالخمر و الخنزیر و لا فرق فی ذلک بین ما اشتمل منهما «3» علی فائدة مسوغة للاقتناء کالخمر للتخلیل و العذرة للتسمید أو لا لکن الاختصاص و حق المنع ثابت فی الأول أعنی ما اشتمل علی فائدة مسوغة للاقتناء لکنه لا یجوز نقله بصلح و لا جعل کما هو ظاهر الأصحاب لإطلاقهم المنع عن جمیع ضروب التکسب به الشاملة لذلک و لأن ما لا قیمة لعینه لا قیمة للحق الثابت فیه «فتأمل» بل فی التذکرة الإجماع علی صحة الوصیة بما هو خارج عن کونه مقصودا بالتملیک کفضلات الإنسان مثل شعره و ظفره و العذرات مع أنه یکفی فی صحة الوصیة ثبوت الاختصاص و حق المنع الملازم «4» لجواز الاقتناء مضافا إلی خبر التحف الناهی عن إمساکه و التقلب فیه (و بهذا) یظهر لک ما فی قول الأستاد دام ظله و یجوز إعطاء العوض علی رفع ید الاختصاص فیما یثبت فیه (و أما القسم الثانی) و هو النجس الذی لم تحرم منفعته الغالبة کالکلاب الثلاثة أو الأربعة علی القول بعدم جواز بیعها و الجرو القابل للتعلیم و المائعات التی فائدتها غیر الشرب و الأکل و إن کان القول بعدم جواز بیع کلب الصید نادرا جدا فقد یستند فی الملکیة إلی الأصل و فی المائعات إلی الاستصحاب أیضا لکن الذی یستفاد من خبر التحف الشامل بإطلاقه للمتنجس کما أشرنا إلیه آنفا من أن اختصاص النجس بنجس العین إنما هو اصطلاح من الأصحاب لا غیر عدم الفرق بین النجاسات العینیة و المائعات المتنجسة بقسمیها فی عدم الملکیة کما هو الظاهر من تتبع مساقط کلماتهم فی باب الهبة و الوصیة و الوقف و الغصب و الإقرار و غیرها کما لم یفرقوا بینهما فی عدم جواز البیع و أنواع التکسب «و یأتی تمام الکلام» فی الکلاب و لا یشکل الحال فی الأصباغ لما عرفته آنفا من أنها تئول إلی حالة تقبل معها التطهیر و هی
______________________________
(1) لأن الخمر له منفعة نادرة و هی التخلیل لکن لا یباع له و کذلک المیّتة للمضطر (کذا بخط المصنف)
(2) لأن العذرة لیس لها منافع مقصودة غالبا و بهذا فارق القسم الأول (کذا بخطه)
(3) أی فی حال البیع کذا (بخطه)
(4) اللازم خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 17
..........
______________________________
الغالبة المقصودة و إلا لم تکن مالا مملوکا و کأنه مخالف للضرورة «هذا» و قد أطبقوا علی أن حرمة البیع فی المقام تقضی بفساده و عدم ترتب الآثار علیه حتی من القائلین بعدم اقتضاء النهی فی المعاملة الفساد و ذلک إما لتحقق الإجماع عندهم هنا علی ذلک و إن منعوه فی غیره و إما لدلالة حرمة الثمن علی ذلک کما ستسمع (و تنقیح البحث فی المقام) أن یقال إن فساد المعاملة و إن لم یثبت بالملازمة العقلیة بین النهی و بینه لعدمها لکنا نقول الأصل فی المعاملات و العبادات الفساد لأن الأحکام الشرعیة کلها توقیفیة و منها الصحة و الأصل عدمها و هو «1» یکفی فی ثبوت الفساد لأن عدم الدلیل دلیل علی العدم و أما استدلال بعضهم بأصالة الصحة و أصالة الجواز فی المعاملات فالظاهر أن مرادهم بالأصل العموم أو جواز إعطائه ماله لغیره (و ما یقال) من أن الأصل فی العقود و معاملة المسلمین الصحة فالمراد أن ما عرف صحیحه من فاسده و لم یعلم أن ما حصل فی الخارج من أحدهما فیحمل علی الصحیح إذا صدر من المسلم «و حینئذ فنقول فی المقام و غیره» إن الأصل عدم حصول النقل و ترتب الأثر إلا ما دل علیه الشرع و الذی حرمه لا دلیل علی صحته فیبقی علی الأصل (و فیه أولا) أن هذا یتم فیما إذا کان المنهی عنه نفس المعاملة و کان دلیل الصحة لفظ ینافی التحریم کالحلیة و الإباحة و الوجوب و نحو ذلک کما فی أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فإذا وجد بیع مخصوص أو عقد کذلک حراما کان فاسدا لأنه لیس مما أحله اللّٰه تعالی و لا مما یجب الوفاء به لامتناع اجتماع الحرمة و الحل و الحرمة و الوجوب فیخصص عموم أحل و أوفوا فیخرج عما ثبت له مقتضی الصحة فیکون فاسدا من جهة رجوعه إلی الأصل لکن فی أکثر المعاملات عمومات أخر «کالبیعان بالخیار» «و إذا التقی الختانان وجب المهر» فیثبت و لو جامع فی حیض فینقطع الأصل بها و لا یمکن التمسک بأصالة تأخر هذه عن تلک لأن الأصل فی کل حادث التأخر (و عساک تقول) لما کان الأصل فی المعاملات الفساد ربما ترجح کون المقتضی مما یوجب الفساد إذ أقصاه تعارض الاحتمالین فیتساقطان و یرجع إلی الأصل (و فیه) أن لا تعارض بین الاحتمالین حتی نحتاج إلی الترجیح فنعمل الدلیلین کما هو مقتضی الأصل مع الإمکان و من الممکن أن یخصص النهی عموم أحل و یبقی مدلول قوله علیه السلام البیعان بالخیار علی حاله مستلزما للزوم بعد الافتراق و إن کان حراما و قل ما یوجد عقد خال عن مثل ذلک و بذلک یظهر لک حال ما اعتمده الأستاد قدس اللّٰه روحه فی الفوائد حیث ذهب إلی أن النهی فی المعاملة لا یقتضی الفساد و قال إن استدلال الفقهاء بالنهی علی الفساد إنما هو فیما إذا کان الدلیل منحصرا فیما دل علی الحل و الإباحة و الوجوب لا فی کل موضع (و عساک تقول) إن المعاملة قد تکون واجبة أو مستحبة فیکون النهی فیها مقتضیا للفساد کالعبادة (و فیه) أن منافاة الوجوب و الاستحباب للتحریم لا ینافی صحة المعاملة بمعنی ترتب الأثر فالتجارة بالنسبة إلی الوجوب و الاستحباب من العبادات تبطل من هذه الجهة بمعنی أنه یستحق العقاب و لا ثواب له و ذلک لا ینافی صحتها بمعنی ترتب الأثر و کذلک الحال فی الإباحة فإن منافاة التحریم لها لا ینافی ترتب الأثر علیها «فینبغی» أن نقول إن الفساد یثبت من النهی الظاهر فی الإرشاد فی باب المعاملات لأن الداعی إلی وضعها انتظام المعاش و هو إنما یتم ببیان الصحیح و الفاسد منها فبنهیه ینصرف الذهن بملاحظة حاله و عرفه إلی الفساد و إن کان لا یدل علیه عقلا و لا لغة و لا عرفا کما أن قوله البیع حلال یفهم منه بملاحظة عرفه التقریر و الإمضاء لما ثبت قبل الشرع و إن کان لا یدل علی الصحة عقلا و لا وضعا لأن المعاملة اسم للأعم «فتأمل»
______________________________
(1) و عدمها خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 18
سواء کانت نجاسته ذاتیة کالخمر و النبیذ و الفقاع (1)
______________________________
(أو نقول) إن الفساد مستفاد من الإجماع علی حمل النهی علیه مطلقا أو حیث یتوجه إلی حقیقة المعاملة حیث لا دلیل علی خلافه (و أما الاستدلال) علی الفساد فی المقام بحرمة الثمن فبیانه أن معنی حرمة الثمن حرمة أخذه و إمساکه و التصرف فیه و لیس ذلک إلا لعدم ملکیته و هو لا یجامع الصحة (و لا ینتقض ذلک) بتملک الذمی الخمر و الخنزیر و تصرفه فیهما مع حرمة ذلک علیه لأن کان مکلفا بفروع الشریعة لأنه لا یملکهما فی الواقع لکن الشریعة أقرتهم علی ما یرونه من صحة تملکهما فجری علیهما حکم الملک من عدم جواز الإتلاف و وجوب الرد و الضمان و نحو ذلک فکان حکما ثانویا (و عساک تقول) کما أن حرمة نفس المعاملة لا تقتضی عدم الملکیة کذلک حرمة الثمن و التصرف لا تقتضی عدمها «هذا الذی اشتری ما علم أنه غصب» لا یجوز له المطالبة بالثمن و إن کانت عینه باقیة کما هو المشهور بل قد ادعی علیه الإجماع کما ستسمع مع أنه باق علی ملکه. نعم إذا رده إلیه المدفوع إلیه تصرف فیه و یحرم علی المدعی التصرف فیما حلف علیه المنکر و إن کان ماله فی الواقع «فلا مانع» من أن یقول الشارع هنا یحرم علیه أخذ الثمن و إن أخذه ملکه و یحرم إعطاؤه للغریم و إن أعطاه إیاه برئت ذمته (لأنا نقول) نحن ما ادعینا أن حرمة الثمن تدل علی الفساد لغة أو عقلا و إنما استنهضنا ذلک من عرف الشرع و قواعده و المعلوم من قواعده أن تملک الثمن یستتبع أحکاما تکلیفیة لا ینفک عنها إلا بدلیل قاطع بل قد ندعی أن المستفاد من قواعد الشرع أیضا أن حرمة الثمن تدل علی عدم تملک المثمن (لقوله علیه السلام) إن اللّٰه إذا حرم شیئا حرم ثمنه فیفهم منه کما سلف آنفا أن ما أسقط منفعته أسقط قیمته و ما لا قیمة له من جهة إسقاط منفعته لا یملک فلا ینتقض بالحبة من الحنطة علی اختلاف الرأیین کما ستعرف و لا بالعین الموقوفة لأن الشارع ما حرم ثمنها و لا حرمها لإسقاط منفعتها بل لأمر آخر
(قوله قدس سره) (سواء کانت نجاسته ذاتیة کالخمر و النبیذ و الفقاع)
قال فی مجمع البحرین الخمر فیما اشتهر بینهم کل شراب مسکر و لا یختص بعصیر العنب «و قال فی القاموس» العموم أصح لأنها حرمت و ما فی المدینة خمر و ما کان شرابهم إلا التمر و البسر و یشهد له ما روی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (قال) قال رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم الخمر من خمسة. العصیر من الکرم. و النقیع من الزبیب و البتع من العسل و المرز من الشعیر و النبیذ من التمر (و فی الخبر الصحیح) عن أبی الحسن علیه السلام أن اللّٰه لم یحرم الخمر لاسمها و لکن حرمها لعاقبتها فما کان عاقبته الخمر فهو خمر و علی هذا فیکون عطف النبیذ و الفقاع علیه من قبیل عطف الخاص علی العام و یدل علی الحکم فیها «ما فی الخلاف و المنتهی» من الإجماع علی عدم جواز بیعها أی الخمر و فی نهایة الإحکام أیضا الإجماع علی عدم جواز بیعها و شرائها «و فی السرائر» أن کل شراب مسکر حکمه حکم الخمر علی السواء قلیلا کان أو کثیرا نیا کان أو مطبوخا و کذلک حکم الفقاع حکمه فإن شربه و عمله و التجارة فیه و التکسب به حرام محظور بلا اختلاف بین فقهاء أهل البیت فإن إجماعهم منعقد علی ذلک «انتهی» و قد دل کلامه علی حکم الفقاع و الخمر و فی التذکرة الإجماع علی عدم صحة بیعها أی الخمر مضافا إلی الإجماعات الأخر کالإجماع علی أنها لیست مملوکة و أنها نجسة کما فی الخلاف و غیره و الإجماعات علی أحکام النجاسات و خبر التحف و غیره (و یدل) علی الحکم فی النبیذ مضافا إلی ما تقدم ما فی الصحیح من أن ثمنه سحت «و فی الکفایة» و فی حکمها الأنبذة المسکرة بلا خلاف یعنی حکم الخمر (و أما الفقاع) ففی الانتصار و مطاعم الکتاب الإجماع علی أنه جار مجری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 19
و المیّتة (1)
______________________________
الخمر فی جمیع الأحکام و استثنی المصنف اعتقاد إباحته و إباحة بیعه (قال) فإنه لا یقتل معتقده أی کما یقتل معتقد ذلک فی الخمر لأنها لیست مثلها فی ضرورة الحرمة من الدین «و قد أسمعناک» کلام السرائر برمته (و فی نهایة الإحکام) أن الفقاع عند علمائنا کافة کالخمر فی جمیع الأحکام مضافا إلی ما فی الأخبار من أنه خمر مجهول و خمر استصغره الناس فإن التشبیه البلیغ یجری مجری عموم المنزلة إذا لم یکن هناک وجه ظاهر فی التشبیه
(قوله قدس سره) (و المیّتة)
من نجس العین و أجزائها مطلقا و من طاهر العین ذی النفس السائلة و أجزائها التی ماتت بموتها بمعنی ما تحله الحیاة منها دون ما لا تحله و دون میتة ما لا نفس له و ذکر المیّتة فی أقسام النجاسات أغنی عن القیدین (و یدل) علی عدم جواز بیعها إجماع التذکرة و المنتهی و کذا التنقیح (و فی رهن الخلاف) الإجماع علی عدم ملکیتها و ملکیة جلدها «و فی إجارته» الإجماع علی عدم صحة جعل جلدها أجرة «و فی خبری أبی بصیر و السکونی» أن ثمنها سحت و فی الصحیح إلی علی بن المغیرة أنه لا ینتفع بشی‌ء منها «و فی خبر فتح بن یزید الجرجانی» أنه لا ینتفع من المیّتة بإهاب و لا عصب «و فی خبر الکاهلی» أن ما قطع من ألیات الغنم میت لا ینتفع به و نحو ذلک خبر سماعة (و قال الأردبیلی) فی آیاته لعل دلیل عدم الانتفاع الإجماع أیضا و قد استدل علی تحریم الانتفاع بالمیتة (الطوسی) و البیضاوی و الراوندی فی أحد وجهیه و المرتضی فی ظاهر الانتصار و المصنف فی التذکرة و نهایة الإحکام و المنتهی و المختلف و ولده فی شرح الإرشاد و غیرهم بقوله تعالی حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ (قالوا) لأنه یستلزم إضافة التحریم إلی جمیع المنافع المتعلقة بها لأن التحریم لا یتعلق بالأعیان حقیقة فتعین المجاز و أقرب المجازات تحریم جمیع وجوه الاستمتاعات و الانتفاعات و حکاه فی کنز العرفان عن قوم و احتمله المولی الأردبیلی فی آیات أحکامه (و قد یرشد إلی ذلک) تخصیص اللحم بالذکر فی الخنزیر دون المیّتة و قد تجعل الشهرة قرینة علی ذلک. و الأصولیون و منهم المصنف فی النهایة و التهذیب اختاروا تعلق التحریم بالمنفعة الشائعة المتبادرة و هی الأکل و وافقهم جماعة علی ذلک من الفقهاء کصاحب التنقیح و غیره کما ستعرف و أیده المقدس الأردبیلی فی آیاته بذکر الأکل قبله و بعده لکن الشهرة تدفع ذلک کله لأنها حینئذ قرینة علی إرادة خلاف المتبادر (و لا مخالف) فی عدم جواز الانتفاع بالمیتة سوی الشیخ فی النهایة و المحقق فی الشرائع و النافع و تلمیذه کاشف الرموز و المصنف فی الإرشاد فجوزوا الاستقاء بجلودها لغیر الصلاة و الشرب و مال إلیه صاحب التنقیح «للأصل» و تبادر التناول من الآیة الشریفة (و فی السرائر) أنه مروی و لعله أشار إلی ما رواه الصدوق عن مولانا الصادق علیه السلام أنه سئل عن جلود المیّتة یجعل فیها اللبن و الماء و السمن ما تری فیه فقال لا بأس بأن تجعل فیها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن و تتوضأ و تشرب و لکن لا تصل فیها «1» و هو خبر مرفوض محمول علی التقیة و ربما حمل علی أن المراد لا بأس بجعلهما فیه و إن تنجسا به «فتأمل» و الصدوق فی المقنع جوز الاستقاء بجلد الخنزیر بأن یجعل دلوا لغیر الطهارة و قد وافقه المصنف علی ذلک فی مطاعم الکتاب (و حکی الشهید فی حواشیه علی الکتاب) أنه نقل عن المصنف فی حلقة الدروس أنه جوز الاستصباح بألیات الغنم المقطوعة تحت السماء «و صاحب الکفایة» استشکل فی حرمة التکسب بجلد المیّتة نظرا إلی خبر أبی القاسم الصیقل و ولده و هو طویل تضمن جواز التکسب به لکنه و الأصل «2» معارضان مدفوعان بالأخبار الأخر و الإجماعات التی قد سمعتها (و فی النهایة و الوسیلة و الجامع)
______________________________
(1) و هو خبر مرفوض محمول علی أن المراد لا بأس بجعلهما فیه و إن تنجسا به و الصدوق (إلی آخره) خ ل
(2) کالأصل خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 20
و الدم (1) و أبوال ما لا یؤکل لحمه و أرواثها (2)
______________________________
فیما حکی عنه إذا اختلط اللحم المذکی بالمیتة و لم یکن هناک طریق إلی تمییزه منها لم یحل أکل شی‌ء منه و بیع علی مستحل المیّتة «و قال ابن إدریس» إنه مخالف لأصول المذهب و هو کذلک قطعا و فی الخبر (عن أمیر المؤمنین علیه السلام) أنه یرمی بهما جمیعا «و قال القاضی» إن الأحوط ترک بیعه «و قال المحقق» ربما کان حسنا إذا قصد بیع المذکی «1» حسب. و وافقه المصنف فی مطاعم الکتاب و التحریر (قلت) ینبغی أن یقیده أیضا بما إذا کان قصد المشتری ذلک أیضا لیتوافق الإیجاب و القبول و لعله یغتفر هنا جهل المبیع إذ لا غرر فتأمل (و قال فی المختلف) الوجه ما قاله الشیخ لأن ذلک لیس بیعا بل استنقاذ لمال الکافر برضاه فکان سائغا «و حاصله» الحمل علی الإباحة من الطرفین فیندفع عنه اعتراض الشهیدین من أن من الکفار ما لا یحل ماله کالذمی و الأصل فی ذلک قول الصادق علیه السلام فی صحیحة الحلبی إذا اختلط الذکی و المیّتة باعه ممن یستحل المیّتة و أکل ثمنه (و نحوه) فی حسنته عنه علیه السلام و لم أجد أحدا من الأصحاب حملهما علی التقیة کما صنع الأستاد أدام اللّٰه حراسته و لیس هو مذهب أحد من العامة و أما حملهما علی التعجیز کما صنع أیضا دام ظله مستندا إلی أنه لا مستحل للمیتة بعد عهد موسی من جمیع الملیین (فمع بعده عن ظاهر الخبرین) یدفعه ما سمعت عن الشهیدین و نحوهما غیرهما و ما استند إلیه کأنه مخالف لنص القرآن من تحریم المنخنقة و الموقوذة و المتردیة و النطیحة و ما أکل السبع «و قد قیل فی تفسیره» إنهم فی الجاهلیة لا یحرمون المیّتة (قاله المقداد) و قال السدی فیما حکاه الراوندی إن أناسا من العرب کانوا یأکلون جمیع ذلک و لا یعدونه میتا إنما یعدون المیّت ما یموت من الوجع و علی کل حال فالخبران لمکان اعتبارهما و عمل جماعة بهما لا بد من تأویلهما و لیس هو إلا ما ذکره المحقق و المصنف رحمه اللّٰه من الوجهین و بالغ المقدس الأردبیلی و الفاضل الخراسانی فمالا إلی الإباحة و لم یوجبا الاجتناب «و من الأصحاب» من لا یوجب البیع و لا الاجتناب بل یعتبره بالطرح بالنار فإن انقبض فذکی و إن انبسط فمیت و الأکثر فرقوا بین المسألتین لأن ما نحن فیه من مسألة الاختلاط و العلم بوجود المیّتة و مسألة الاختبار بالنار إنما هی عند الاشتباه و احتمال کونه بأجمعه مذکی و لذلک ادعی علیه الإجماع فی الغنیة و لم یتأمل فیه أحد قبل المحقق فیما یظهر منه حیث قال قیل یطرح فی النار «إلخ» و تبعه المصنف رحمه اللّٰه فی الإرشاد و ولده و المقداد و الصیمری لکن هذا الفرق لا یجدی لمکان ظهور الدلیل فی تلازم علامتی الحل و الحرمة للمذکی و المیّتة من دون أن یکون لخصوص مورد السؤال فیه فی ذلک مدخلیة إلا أن الأصحاب أهملوا ذلک و لعله لمکان الأخبار فلیتأمل
(قوله قدس سره) (و الدم)
أی النجس قال فی نهایة الإحکام بیع الدم و شراؤه حرام إجماعا لنجاسته و عدم الانتفاع به و قد سمعت إجماعی شرح الإرشاد لولد المصنف رحمه اللّٰه و التنقیح و غیرهما و خبر التحف و قد ورد فیه بالخصوص النهی عن بیعه رواه الکلینی و الشیخ بإسنادهما عن أبی یحیی الواسطی و أما غیر النجس کما إذا کان من غیر ذی النفس فعدم جواز بیعه لدخوله فیما لا ینتفع به
(قوله) (و أبوال ما لا یؤکل لحمه و أرواثها)
کما هو صریح السرائر و الشرائع و النافع و المنتهی و التذکرة و الإرشاد و التحریر و شرح الإرشاد لولد المصنف
______________________________
(1) الذکی خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 21
..........
______________________________
و اللمعة و الدروس و المسالک و الروضة و غیرها ممن «1» تأخر و هو صریح المبسوط و الغنیة فی الأرواث و ظاهرهما أو صریحهما فی الأبوال بل هی أولی بالمنع و قد منع فی المقنعة و النهایة و المراسم من بیع العذرة و الأبوال کلها إلا بول الإبل (و قد فهم الأکثر) أن المراد بالعذرة ما هو أعمّ من عذرة الإنسان و غیره فیکونون قائلین بالمنع هنا بالأولی فیکون الحکم محل وفاق کما فی المسالک و هو الذی یفهم من المنتهی و ما فی الکفایة لا وجه له و الشیخ فی الإستبصار غیر مخالف کما ستعرف (و فی الخلاف و التذکرة) الإجماع علی عدم جواز بیع السرجین النجس (و فی نهایة الإحکام) الإجماع علی تحریم بیع العذرة و شرائها. هذا کله مضافا إلی ما سلف من الإجماعات و خبر التحف فلا معنی لما فی مجمع البرهان و الکفایة من التأمل فی المنع عن بیع عذرة غیر الإنسان مطلقا و لو کان غیر مأکول اللحم بل عذرته أیضا لو انتفع بها لنفی البأس عن جمیعها فی بعض الأخبار إذ أنت خبیر بأنها کالأصل مندفعة بالإجماع المعلوم و المنقول و معارضة بصریح الخبر ثمن العذرة من السحت لکن الذی صرح به بعض أهل اللغة أنها مختصة بفضلة الإنسان (و فی خبر سماعة) قال سأل أبا عبد اللّٰه رجل و أنا حاضر فقال إنی رجل أبیع العذرة فما تقول فقال حرام بیعها و قال لا بأس بثمن العذرة و قد حمل الشیخ فی الإستبصار الثانیة علی عذرة غیر الإنسان کما حملها علی ذلک فی خبر محمد ابن مضارب أو مصادف حیث نفی فیه البأس عن بیع العذرة و قد ظن لذلک أن فیه مخالف لأن ما عدا عذرة الإنسان شامل لعذرة ما لا یؤکل لحمه و لیس کذلک لاحتمال أن یرید به عذرة مأکول اللحم فإنه یجوز الاکتساب بها کما صرح به فی الخلاف و نفی عنه فیه الخلاف و هو ظاهر المبسوط أو صریحه لأنه جوز فیه بیع بول مأکول اللحم فیکون الروث أولی و تجویز بیع روثه أی مأکول اللحم و الاکتساب به قد حکی الأستاد عن المرتضی الإجماع علیه و لم أجده (نعم) هو خیرة «السرائر و التحریر و نهایة الإحکام و المختلف و الدروس و التنقیح و حواشی الکتاب للشهید و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و الروضة» و هو ظاهر «الشرائع و النافع و اللمعة» و احتمله فی التذکرة و نسب فی المسالک المنع من ذلک إلی جماعة و لعله أراد المفید و سلار و الشیخ فی النهایة حیث منعوا من بیع العذرة کما سمعت و المصنف فی الإرشاد حیث منع من بیع الأرواث و لعلهم استندوا فی ذلک إلی الاستخباث و عدم الانتفاع و لا دلیل علی ملازمة الأول للمنع کما ستسمع مضافا إلی ما نجده من الانتفاع العظیم بروث مأکول اللحم (و منه یظهر) وجه المنع فی الثانی «و خبر سماعة المتقدم» یرشد إلی المشهور و یدل علیه إذا جمعنا بین طرفیه و شاهد الجمع الإجماع الظاهر من الخلاف بل کاد یکون معلوما لما عرفت و لأن کل من جوز بیع أبوال ما یؤکل لحمه إذا کان فیه منفعة جوز ذلک فی أرواثها و المجوز بیع الأبوال المذکورة الشیخ فی المبسوط و کذا الخلاف علی ما حکی و لم أجده فیه. و ابن إدریس و المصنف رحمه اللّٰه فی المختلف و کاشف الرموز و الشهید فی الدروس و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المقداد فی التنقیح و الشهید الثانی فی المسالک و غیرهم و هو ظاهر الشرائع و النافع و اللمعة و هو المحکی عن القاضی و حکی عن المنتهی المیل إلیه و أنه حکی فیه جوازه عن المرتضی مدعیا علیه الإجماع حکی جمیع ذلک فی جامع المقاصد. و المخالف المفید فی المقنعة و تلمیذه فی المراسم و المصنف فی نهایة الإحکام و الإرشاد و هو ظاهر النهایة و إن عبارتها مشوشة و استثنوا أبوال الإبل کما ستسمع ما عدا المصنف فی نهایة الإحکام فإنه قال و کذا البول یعنی یحرم بیعه و إن
______________________________
(1) مما خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 22
..........
______________________________
کان طاهرا لاستخباثه کأبوال البقر و الإبل و إن انتفع به فی شربه للدواء لأنه لمنفعة جزئیة نادرة فلا یعتد بها «إلی آخر ما قال» و المصنف فی الکتاب فیما یأتی قریبا (قال) و الأقرب فی أبوال ما یؤکل لحمه التحریم للاستخباث إلا بول الإبل للاستشفاء و ظاهره بمعونة المقام أن المراد تحریم بیعها إلا ما استثنی و یکون الاستخباث دلیلا علی حرمة الشرب المقتضی لحرمة البیع و یکون قوله للاستشفاء دلیلا علی جواز البیع فیه أو یکون أنه إنما یجوز بیعه لغایة الاستشفاء أی إذا کان القصد من البیع و الشراء ذلک دون غیره کما تشعر بذلک عبارة التحریر و التذکرة و الکفایة «و فی النهایة» لا بول الإبل خاصة فإنه لا بأس بشربه و الاستشفاء به عند الضرورة «و مثلها» عبارة المقنعة و لیس فی المراسم و الشرائع و النافع و الإرشاد إلا استثناء بول الإبل «و فی السرائر» استثناؤه للضرورة و ستعرف حال شربه حیث قیده بعض و أطلق آخرون (هذا) و یحتمل أن یرید المصنف بقوله الأقرب التحریم تحریم الشرب إلا للاستشفاء کما اختار ذلک فی مطاعم الکتاب وفاقا للوسیلة و الشرائع و الإرشاد و التحریر و المختلف و الدروس حیث قید فیها بالاستشفاء و استندوا إلی الاستخباث و هو استناد ضعیف جدا کما فی کشف اللثام (و قد نقول) «1» إن احتمال الخباثة کاف فی وجوب التنزه عنه لأن التکلیف باجتنابه لیس تکلیفا مشروطا بالعلم بخباثته بل هو مطلق و من شأنه توقف الامتثال فیه علی ترک محتملاته کما هو الشأن فی اجتناب السموم فکلما احتمل السم وجب التنزه عنه مضافا إلی الأولویة المستفادة من تحریم الفرث و المثانة التی هی مجمع البول بناء علی بعدهما عن القطع بالخباثة بالنسبة إلی البول فتحریمهما مع ذلک یستلزم تحریم البول القریب من القطع بالخباثة بالنسبة إلیهما بطریق أولی «و قد یزید وجه الأولویة» بالنسبة إلی الفرث لظهور النصوص فی سهولة الروث من البغال و الخیل و الحمیر بالنسبة إلی أبوالها حتی ظن جمع طهارة الروث و نجاسة البول و الفرث فی معنی الروث فلیتأمل. و فی الانتصار و السرائر و النافع و کشف الرموز و بیع الشرائع علی ما لعله یلوح منه جواز شرب بول مأکول اللحم لغیر التداوی و هو المحکی عن ظاهر أبی علی و نسبه فی کشف الرموز إلی التهذیب و فی الانتصار الإجماع علیه (قال) بول کل ما یؤکل لحمه طاهر غیر نجس و کل من قال بطهارته جوز شربه و لا أحد یذهب إلی طهارته و المنع من شربه (و یؤیده الأصل و خبر الجعفری) أبوال الإبل خیر من ألبانها و یبقی الکلام فی الوجه الثانی فی کلام المصنف فی الباب إذ فی حال الضرورة تستوی الأبوال جمیعها و غیرها علی ما یختاره هو فلا مزیة لتخصیص أبوال الإبل بالذکر إلا أن یراد جوازها مطلقا و لو عند عدم الضرورة و أما علی الوجه الأول فقد یمکن أیضا إرادة الاستشفاء فی حال الضرورة خاصة و یکون الفارق جواز بیع بول الإبل لذلک دون غیره فلیتأمل و یأتی تمام الکلام (و علی کل حال) فالمانع من بیع أبوال ما یؤکل لحمه لا دلیل له إلا مفهوم آیات تعلیق التحلیل بالطیبات و منطوق ما دل علی تحریم الخبائث و حیث حرم حرم الاکتساب به «لقوله علیه السلام» إن اللّٰه إذا حرم شیئا حرم ثمنه «و قوله علیه السلام» لعن اللّٰه الیهود حرمت علیهم الشحوم فباعوها (و فیه) أن لیس المراد أن ما حرم منه جهة حرم بیعه من کل الوجوه و إلا لحرم بیع أکثر الأشیاء فالمراد بیعه بقصد تلک الجهة أو تکون «2» المحللة نادرة (و نعم ما قال) صاحب إیضاح النافع (قال) هذا القول عند التحقیق لا أصل له لأنه إن علل بالاستخباث فلیس بشی‌ء لأنه إنما یدل علی تحریم التناول و قد ینتفع بها لغیره کما هو المفروض. أو له مع الحاجة إلیه مع منع الاستخباث أیضا و لا یصح تعلیله بالنجاسة لأنها ظاهرة فالأصح
______________________________
(1) إلا أن تقول خ ل
(2) لکون خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 23
و الکلب و الخنزیر البریان (1) و أجزاؤهما (2)
______________________________
الجواز إذا تحققت فیه منفعة «انتهی» (قلت) إلا أن یقال إنها منفعة نادرة کما سمعته عن نهایة الإحکام فتأمل لکنه إنما یتم فی غیر أبوال الإبل فتأمل «هذا» و علی و القول بتحریم شرب بول ما یؤکل لحمه فهل المحرم هو الخبث الذاتی فیبقی حکمه بعد زواله بالمزج أو لا (وجهان) أوجههما الثانی و إلا لکان کثیر من الألبان حراما لکثرة وقوع بول الشاة أو البقرة فی اللبن عند الحلب (و أما المستثنی) أعنی بول الإبل فإنه یجوز بیعه إجماعا کما فی جامع المقاصد و إیضاح النافع و کأنهما لم یحتفلا بما فی نهایة الإحکام. و یجوز شربه للاستشفاء و شبهه إجماعا کما فی الانتصار و کما استظهره کاشف اللثام و یدل علیه خبر الجعفری و خبر سماعة و الأصحاب لم یذکروا من الأبوال التی دلت النصوص علی جواز شربها من مأکول اللحم إلا بول الإبل و فی خبری عمار و سماعة جواز شرب بول البقر و الغنم إذا کان محتاجا إلیه یتداوی به «و یأتی تمام الکلام» و لا فرق فیما لا یؤکل لحمه بین ما حرم بالأصل أو العارض
(قوله) (و الکلب و الخنزیر البریان)
کما قیده بذلک جماعة و قد بینا الحال فی باب الطهارة و المراد به هنا کلب الهراش «و فی التحریر» یحرم التکسب فیما عدا الکلاب الأربعة إجماعا منا «و فی الخلاف» الإجماع علی عدم جواز بیعه «و عن المنتهی» أنه حکاه علی عدم صحته و هما بمعنی (و قد یلوح ذلک) من الغنیة و فی التذکرة الکلب إذا کان عقورا حرم بیعه عند علمائنا و فی المبسوط لا یصح بیع الخنزیر و لا إجارته و لا الانتفاع به إجماعا هذا کله مضافا إلی ما سلف من الإجماعات و خبر التحف و غیره و یأتی تمام الکلام فی الکلاب
(قوله قدس سره) (و أجزاؤهما)
لعله أشار بذلک إلی خلاف المرتضی حیث یقول بطهارة ما لا تحله الحیاة من نجس العین أو إلی أن الأجزاء لا یجوز بیعها و إن جاز بیع الکلب ککلب الصید لکن هذا خاص بالکلب (و فی الشرائع) و الخنزیر و جمیع أجزائه و جلد الکلب و ما یکون منه. فقد عمم الحکم فی الخنزیر و جمیع أجزائه و خصصه بجلد الکلب و ما یکون منه أی من الکلب أو الجلد لیبین أن جملة الکلب یجوز بیعها علی وجه من الوجوه بخلاف أجزائه منفردة کجلده فإنه لا یجوز بیعها کالخنزیر (و قد سمعت) ما حکیناه عن المقنع و مطاعم الکتاب من جواز الاستقاء بجلد الخنزیر عند الکلام علی المیّتة و قد حرم المصنف فی مطاعم الکتاب استعمال شعر الخنزیر و ظاهره الإطلاق کالسرائر «و فیها» أن الأخبار به متواترة و قد اعترف جماعة بعدم الظفر بخبر واحد و ستعرف الحال «و مرادنا بالإطلاق» عدم الفرق بین استعماله فیما یشترط بالطهارة و ما لا یشترط بها و قوی فی المختلف جواز استعماله مطلقا یعنی سواء اضطر إلی استعماله أو لا و وافقه علی ذلک کاشف اللثام و استدل علیه فی المختلف بخبری برد الإسکاف و سلیمان الإسکاف و قیده فی النهایة و السرائر و غیرهما بما إذا اضطر إلی استعماله و فی کشف اللثام أنه إذا اضطر استعمل إجماعا و لعله یکفی فی الاضطرار عدم کمال العمل بدونه (هذا) و الأقوی عدم جواز استعماله مطلقا إلا عند الضرورة کما هو المشهور و قد سمعت أنه فی السرائر ادعی تواتر الأخبار فی ذلک و لیس ما یحکیه إلا کما یرویه و الشهرة تجبرها أو تعضدها و إنکار من أنکر الظفر بخبر واحد لا یعتبر بل فی أحد خبری برد الإسکاف فما له دسم فلا تعملوا به و فی الخبر الآخر فإن جمد فلا تعمل به و حیث ثبت المنع فی الجملة ثبت المنع مطلقا إلا عند الضرورة لعدم القائل بالفرق إذ کل من قال بالمنع قال به مطلقا إلا فی الضرورة و کل من قال بجوازه قال به مطلقا من دون استثناء إما بناء علی عدم النجاسة کما علیه المرتضی أو علی عدم الدلیل علی المنع کما علیه المصنف فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 24
(أو عرضیة) کالمائعات النجسة التی لا تقبل التطهیر (1) إلا الدهن النجس لفائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة (2)
______________________________
المختلف و القول بالمنع فیما إذا کان هناک دسم و الجواز عند عدمه لا قائل به «و الخبران» و إن کانا مطلقین إلا أنهما مقیدان بحالة الاختیار و قصورهما مجبور بالشهرة هذا کله مضافا إلی ما سلف «و یؤیده» ما استدل به جماعة من إطلاق تحریم الخنزیر الشامل لموضع النزاع و هذا و إن أمکن التأمل فیه بتبادر الأکل منه سیما مع تقیید المحرم منه فی الآیة الشریفة باللحم إلا أنه صالح للتأیید و قال الراوندی و لحم الخنزیر مخصوص ظاهره إلا أن المراد به العموم لأن کل ما کان من الخنزیر حرام «و قد تکون» الشهرة قرینة علی إرادة مطلق الانتفاعات مع کونه أقرب إلی الحقیقة
(قوله) (أو عرضیة کالمائعات النجسة التی لا تقبل التطهیر)
قد تقدم أن الحکم عام لکل نجس لا یقبل التطهیر مائعا کان أو جامدا و لا فرق فی عدم جواز بیعها إذا لم تقبل التطهیر بین صلاحیتها للانتفاع علی بعض الوجوه و عدمه و لا بین الإعلام بحالها و عدمه علی ما نص علیه الأصحاب و غیرهم کما فی المسالک و هذا یعضد ما ذکرناه آنفا عند شرح قوله کل نجس لا یقبل التطهیر (هذا) مضافا إلی ما حکی عن المنتهی من دعوی حرمة التکسب بها مع عدم قبولها التطهیر و لو حصل لها نفع و أعلم بالنجاسة «و نحوه ما فی الغنیة»
(قوله) (إلا الدهن النجس لفائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة)
کما فی التذکرة و تعلیق النافع و اقتصر فی بیع الشرائع و التحریر و الإرشاد و شرحه للفخر و اللمعة و مطاعم الکتاب علی تحت السماء من دون ذکر خاصة و فی مطاعم النافع و بیع نهایة الإحکام جاز بیعه للاستصباح به تحت السماء لا تحت الأظلة و فی الغنیة و إیضاح النافع الإجماع علی جواز بیعه للاستصباح به تحت السماء و فی الخلاف جاز بیعه لمن یستصبح به تحت السماء (دلیلنا) إجماع الفرقة و أخبارهم «و قال أبو حنیفة» یجوز بیعه مطلقا انتهی. و ظاهره أنه یشترط فی البیع قصد الاستصباح کما هو ظاهر جماعة کما ستسمع ذلک عن صاحب المسالک و هو الموافق للأصل و قد ادعی فی الخلاف أن هناک أخبارا بذلک و فی السرائر جاز بیعه لمن یستصبح به تحت السماء بهذا الشرط فإنه یصح بیعه بهذا التقیید لإجماعهم علی ذلک «و نحو ذلک» قال فی مطاعمها أی السرائر و هذا صریح فی الاشتراط و لا ریب أن اقتصاره فی النافع علی ذکر الاستصباح من دون تقییده بکونه تحت السماء لا موافق له علیه ممن تقدمه و خلاف أبی علی و الشیخ فی المبسوط فی مقام آخر کما ستعرف فیجب أن تنزل عبارة النافع علی التقیید کما صرح به فیه فی المطاعم کما سمعت و یبقی الکلام فی اشتراط قصد ذلک فی البیع إذ مقتضی الأصل و إطلاق قوله (علیه السلام) فی خبر معاویة بن وهب یبیعه و یبینه لمن اشتراه لیستصبح به. إنما دل علی لزوم الإعلام بالنجاسة و لم یدل علی اشتراط قصد الاستصباح فی البیع بل لو باعه ممن یقصد المنافع الأخر کان من القسم الثانی من المحظور و ستعرف الحال فیه «فما فی المسالک» من أنه إن باعه کذلک کان خروجا عن مورد النص محل تأمل (و قد لا نمنع) ظهور ذلک من الأخبار و الفتاوی بملاحظة أمر آخر و یرشد إلی ذلک ما فی الخلاف و السرائر و لعل فی إجماعیهما بلاغا لأن الأصل عدم جواز الانتفاع بالنجس فیقتصر علی المتیقن فلیتأمل جیدا (و قال الأستاد) لیس قصد الاستصباح شرطا مع وجوده و قابلیة الدهن له علی الوجه المألوف فلو لم یقصد الاستصباح أو قصد غیره من الوجوه السائغة فلا مانع هذا بالنسبة إلی البیع و قد صرح بعدم جواز استعماله فی غیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 25
..........
______________________________
الاستصباح فی المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف (قال فی الأخیر) جاز الاستصباح به و لا یجوز أکله و لا الانتفاع به لغیر الاستصباح ثم نقل خلاف أهل الخلاف (ثم قال) دلیلنا إجماع الفرقة و أخبارهم و ظاهره أن الإجماع و الأخبار علی الجمیع (و قال فی الریاض) الظاهر من العبارات و النصوص الواردة فی بیان الحاجة الاقتصار فی الاستثناء علی الاستصباح خاصة (قلت) و هو کذلک فی المقامین أی الانتفاع و التکسب به و لا قائل بالفرق بین الدهن و غیره و الاقتصار فی الأخبار علی النهی عن الأکل لکونه هو الغالب المقصود و المسئول عنه و إن أمکن تجشم التأویل کما یتجشمه المحقق الثانی فی جامع المقاصد (و الذی دعاه إلی ذلک) ما حکیناه فیما سلف عن الشهید من أن فی روایة جواز اتخاذ الصابون منه و الروایة أعرض الأصحاب إلا من قل عنها بل لم تثبت صحة الاعتماد علی الکتاب الذی ذکرت فیه (سلمنا) لکن ذلک إنما هو فی الانتفاع لا فی البیع (لکن یرد) أنه لا یجوز بناء علی ذلک بیع الصابون لأنه لا یقبل التطهیر إلا فی ظاهره الذی لا ینتفع به (و قد یجاب) بأنه کالصبغ بناء علی ما ذکره فی حاشیة الإرشاد «فلیتأمل» و قال الأستاد لا مانع من الانتفاع به فی الوجه الحلال کطلی الأجرب و جعله صابونا و نحوهما إلا الاستصباح تحت الظلال و ممن صرح بعدم جواز الاستصباح به تحت الظلال المفید فی المقنعة و الشیخ فی النهایة و الخلاف و سلار فی المراسم و القاضی فیما حکی عنه و ابن إدریس و المحقق فی مطاعم الشرائع و النافع و المصنف فی التذکرة و الإرشاد و نهایة الإحکام و مطاعم الکتاب و هو ظاهر الشهید فی الدروس و جماعة أو صریحهم حیث قالوا بجواز الاستصباح بما عرض له النجاسة تحت السماء خاصة لا لنجاسة دخانه و ظاهر کشف اللثام الإجماع علی ذلک (قال) بعد قول المصنف جاز الاستصباح به تحت السماء لا تحت الظلال. قطع به الأصحاب و فی السرائر نفی الخلاف عنه (قلت) ثم إنه بعد نفی الخلاف نسبه إلی الأصحاب و إلی الشیخ فی غیر المبسوط و فی غایة المراد نسبته إلی نص الأصحاب أیضا و قد حکیت علیه الشهرة فی عدة مواضع هذا کله مضافا إلی دعوی الشیخ فی الخلاف إجماع الفرقة و أخبارهم و لیس ما یحکیه إلا کما یرویه مضافا إلی ما رواه أیضا فی المبسوط عن أصحابنا (قال) و روی أصحابنا أنه یستصبح به تحت السماء دون السقف فهذه الروایات قد اعتضدت بالإجماعات و انجبرت بالشهرات مضافا إلی ما دل مما مر علی عدم الانتفاع بالنجاسات فتقید بذلک کله الإطلاقات (و لا یلتفت) إلی ما فی المختلف من جوازه تحت الظلال و إن وافقه جماعة کالشهید الثانی و الأردبیلی و الخراسانی و لا إلی نص الشیخ فی المبسوط علی الکراهیة و إن قواه فی الإیضاح و لا إلی إطلاق أبی علی لما سمعت من الأدلة القاهرة و ذلک تعبد محض کما نص علیه المعظم لا لنجاسة دخانه لأنه طاهر بالإجماع حکاه جماعة کابن إدریس و کذلک الشیخ و المقداد و لا یلتفت إلی ما فی المختلف من نفی البعد عن نجاسته لما یتصعد من أجزائه قبل إحالة النار لها (قال ذلک) انتصارا للشیخ مع أنه لم یقل بنجاسته و إنما قال إن ذلک مدلول الروایة ثم إنه اختار أنه طاهر و عدم نجاسة الدخان هو الموافق للقواعد لأن الذات إن کانت نجسة فلتعلیق نجاستها بأسمائها فإذا انتقلت إلی أسماء أخر طهرت و أما إذا تنجست فلأن النجاسة صفة تابعة للذات فإذا زالت زالت و لا استصحاب مع زوال الذات (و لو سلم) نجاسة الدخان فلا یصلح دلیلا علی حرمة الاستصباح إذ غایته أن یتنجس السقف و لا دلیل علی حرمته و قال الأردبیلی لیس ذلک تعبدا (قال) لأنا نری وجود الدخان فی الدماغ لو جلسنا عند السراج قریبا خصوصا فی بیت ضیق و لعل هذا هو سبب المنع تحت السقف لا التعبد إذ لا نص
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 26
..........
______________________________
بل مجرد الاجتهاد علی ما یظهر «انتهی کلامه فلیتأمل فیه جمیعه» و الذی یظهر لکل من أنعم النظر أنه لا فائدة یعتد بها فی الاستصباح به تحت السماء مکشوفا لها غیر محجوب عنها بحاجز مشبک أو غیره مرتفع أو غیره کثیف أو غیره فیعلم أن المراد الإرفاق بإباحته فی مثل المشاعل الکبار التی تتخذ فی الحروب و الأعراس و نحو ذلک مما یحتاج إلی دهن کثیر فکأنه قال یجوز عند الضرورات بمعنی شدة الحاجة إلی الدهن الکثیر فکأنه میتة جاز عند الضرورة. و اطرد الحکم و لم یقصره علی خصوص ذلک فلیتأمل «و فی مطاعم الکتاب و الشرائع» أنه إذا باعه الأدهان النجسة لفائدة الاستصباح تحت السماء یجب إعلام المشتری بنجاستها و وافقه علی ذلک صاحب إیضاح النافع و کاشف اللثام مع التقیید فی الأخیر بما إذا کان مسلما (و استدل علیه) بخبر معاویة ابن وهب «قلت» و النجاسة عیب خفی یحرم کتمانه (قال) فی السرائر إن کتمان العیوب مع العلم بها حرام و محظور بغیر خلاف (و التقیید بالمسلم) إشارة إلی أن الکافر الحربی لا یجب إعلامه کما نص علیه الشهید فی حواشیه (و فی الدروس) و شرح الإرشاد للفخر و التنقیح و الکفایة و کذا الإرشاد و مجمع البرهان یجوز بشرط إعلام المشتری و نحوه ما فی المسالک (و قد سمعت) قوله علیه السلام فی خبر ابن وهب یبیعه و یبینه لمن اشتراه لیستصبح به کما سمعت ما فی الخلاف و السرائر فإنه قد یلوح منهما ذلک (و قال الأستاد) لیس الإعلام شرطا فی صحة العقد و إن وجب الخیار مع الجهل «و فی التنقیح» تبعا للشهید فی حواشیه إذا باعه من دون إعلام صح البیع و فعل حراما و بذلک صرح المحقق الثانی (قال) فی المسالک بعد أن نقل ذلک. و یشکل الجواز بناء علی تعلیله بالاستصباح فإن مقتضاه الإعلام بالحال و البیع لتلک الغایة انتهی (قلت) و هو الذی یقتضیه الأصل إذ الأصل عدم الانتفاع فیقتصر فیه علی موضع الیقین «و کلامه هذا» یدل علی أنه فهم من تعلیل الأصحاب اشتراط صحة البیع بقصد الاستصباح کما هو صریح السرائر و ظاهر الخلاف أو صریحه کما عرفت و قد عرفت أنه قد یمکن استظهار ذلک من الأخبار (و یبقی الکلام) فی الملازمة بین الأمرین بأن تقول إن اشتراط قصد الاستصباح للمشتری و البائع أو أحدهما یقتضی اشتراط الإعلام بالنجاسة و لیست ثابتة عقلا کما أن الظاهر عدم ثبوتها عرفا «فلیتأمل» و قد سمعت ما فی الدروس و ما ذکرناه بعده کما سمعت الخبر و یمکن حمل الاشتراط فی کلام هؤلاء علی الاشتراط فی الجواز و عدم الحرمة و لزوم البیع لا فی الصحة فلیتأمل (و یرشد إلی ذلک) تصریحه فی مجمع البرهان بذلک و نسبة انعقاد البیع إلی ظاهرهم و یبقی الکلام فی وجوب الإعلام عند هؤلاء القائلین بصحة البیع بدون إعلام فالظاهر من أخبار الباب من حیث تضمنت التبیین و النهی عن الإمساک و الاقتناء و الأمر بالإهراق أنه لا یجوز المناولة و الإعطاء للانتفاع به سواء کان الدفع علی وجه الاکتساب و غیره و لو کان الدفع إلی غیر المکلف کالناقص أو الجاهل أو الساهی جائزا لم یبق فرق بینه و بین الطاهر إلا فی الموضع النادر و لم یتجه الأمر بإهراقه (و قال الأستاد) دام ظله و لو أخذه من غیر یده أو رآه فی یده لم یجب إعلامه للأصل و النصوص و یجب العمل بقول المعطی ثقة کان أو لا مالکا أو ولیا أو وکیلا لأن صاحب الید بأنواعها مصدق فی النجاسة و الطهارة الثابتة بالأصالة أو بالإزالة بل ربما یکتفی بعمل الوکیل بعد علمه فضلا عن الأصیل (و أما) إذا لم یکن هو المناول و المعطی فهل یجب علیه إعلام الجاهل بالحال أم لا و قد حکی أستادنا دام ظله تفصیلا جیدا جدا و هو أنه تارة یجب علیه و تارة لا یجب (الأول) ما یتعلق بحقوق الناس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 27
و لو کانت نجاسة الدهن ذاتیة کالألیة المقطوعة من المیّتة أو الحیة لم یجز الاستصباح به و لا تحت السماء (1)
______________________________
کإتلاف النفس المحترمة و التصرف فی الفروج و الأموال بغیر حق (قال) و ذلک لما علم من تتبع الأخبار من تعلق نظر الشارع بحفظ الأمور الثلاثة من کل أحد فمن رأی من یقتل مؤمنا معتقدا أنه کافر واجب القتل یجب علیه إعلامه بل إنقاذه من یده بأیّ وجه کان و کذا من وجد من یطأ امرأة یعتقد أنها زوجته أو یتصرف بمال یعتقد أنه ماله و لم یکن کذلک فإنه یجب علیه إعلامه إن علم أنه یترک بقوله صدقه أو لم یصدقه و إلا فلا (قلت) الأول قطعی و الأخیران مظنونان و البلوی عامة بهما و أما المناولة فلا ریب فی حرمتها فی الجمیع «قال و الثانی» ما لم یجب إن لم یکن هو المناول و هو ما یتعلق بحقوق اللّٰه فقط سواء کان قبیحا مطلقا کأکل المحرمات و الوضوء بالماء النجس أو معلقا علی العلم کالصلاة فی الثوب النجس فمن أکل النجس أو صلی فی الثوب النجس و هو جاهل لا یجب إعلامه للأصل و دلالة الأخبار علی ذلک (قال) و أما المناولة فحرام فی هذا القسم أیضا لما یستفاد من الشرع من إرادة ترک القبائح فالعمد إلیها و التسبیب لإیقاعها قبیح و إن لم یکن المباشر علی إشکال فیما إذا کان القبح معلقا علی العلم «کذا أفاد» أدام اللّٰه أیام حراسته آمین. و بذلک یجمع بین الأخبار و یندفع الإشکال عن صاحب الحدائق بل الأخبار ظاهرة فی ذلک (و لیعلم) أن ظاهر الأصحاب کما هو صریح جماعة کالشهید الثانی و غیره ثبوت الحکم للدهن مطلقا سمنا کان أو زیتا أو غیرهما کالشیرج و دهن الغار و البطم و نحو ذلک و إن لم یکن فی الأخبار تعرض لغیر الأولین «قال فی المصباح» المنیر الدهن بالضم ما یدهن به من زیت و غیره و قد صرح فی السرائر بدهن الشیرج و البزر و قد یستفاد من الأخبار الإرشاد إلی الاستصباح و الإسراج فیکون المناط صلاحیته للاستصباح (و فی بعض أخبار الخلاف) الودک و هی عامیة و هو دسم اللحم یعنی شحمه و لعله یثبت فی الشمع و الشحم بالأولویّة و لا سیما فی الشمع إذ النفع الغالب المقصود منه الاستصباح. بل فی کونه أظهر منافعه بلاغ فإذا جاز بیع السمن و الزیت النجسین مع تحریم النفع الغالب المقصود منهما و هو الأکل الذی علی حلیته یدور جواز البیع. فبالأولی أن یجوز فیهما مضافا إلی عدم التلویث للثوب و الید فیهما کالزیت و السمن
(قوله) (و لو کانت نجاسة الدهن ذاتیة کالألیة المقطوعة من المیّتة أو الحیة لم یجز الاستصباح به و لا تحت السماء)
کما نص علی ذلک فی موضعین من الشرائع و النافع و التذکرة و المسالک و فی مطاعم الکتاب و الإرشاد و الدروس و کشف اللثام و مکاسب نهایة الإحکام و اللمعة و الروضة و غیرها و هو قضیة کلام الباقین قطعا لوجهین (أحدهما) أن مفهوم اللقب معتبر إجماعا فی عبارات الفقهاء و به یثبت الوفاق و الخلاف (الثانی) ملاحظة السوق و القرائن فالإجماع معلوم و هو الظاهر من المسالک کما هو صریح مجمع البرهان و إن دغدغ فیه بعد ذلک (و قد نقل حکایته فی الریاض) و لعله عنی ما فی مجمع البرهان مضافا إلی العمومات الواردة فی النجاسة و المتنجسات الغیر القابلة لتأثیر المطهرات و العمومات الواردة فی المیتات من إجماعات منقولة أو روایات و خصوصا «1» ما دل علی المنع فی المیّتة انتفاعا و تکسبا و فی المقطوعة من الحی و هی میتة إجماعا و نصا و الثآلیل و البثورات خارجة لمکان الضرورة و عدم إمکان التحرز (فلم یبق
______________________________
(1) و خصوص خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 28
و یجوز بیع الماء النجس لقبوله الطهارة (1) و الأقرب فی أبوال ما یؤکل لحمه (2) التحریم للاستخباث إلا بول الإبل للاستشفاء و الأقرب جواز بیع کلب الصید و الماشیة و الزرع و الحائط (3)
______________________________
للمعارض) و إن صح سنده و کثر عدده صلاحیة المعارضة مع أن مقتضی ما حرر فی الأصول أنه إذا صحت الأخبار و کثرت فی مقابلة المشهور ضعفت إذا علم اطلاعهم علیها و ما حکی الشهید نقله عن المصنف فی الدروس من الجواز تحت السماء فلعله من احتمالات المشایخ التی تذکر فی مطاوی التدریس مع «1» أنه مخالف لفتاویه فی کتبه «و لا یلتفت» إلی تشکیکات المولی الأردبیلی فی المسألة و میله إلی الجواز کما مال إلیه أو قال به العلامة المجلسی و المولی الخراسانی بعد ما عرفت من الإجماعات المعلومة و المنقولة و الأخبار المعتضدة بها و فی جواز دفعه لکلابه أو طیوره و الوقود به وجهان
(قوله) (و یجوز بیع الماء النجس لقبوله الطهارة)
کما نص علیه فی المبسوط و غیره و لا أعلم فیه خلافا بل الإجماع ظاهر من حصرهم المنع فیما لا یقبل التطهیر مضافا إلی الأصل و ما دل علی صحة العقود علی العموم أو أنواع «2» خاصة منها کذلک و أما خبر التحف و نحوه فلم یجبره فی المقام جابر و الأمر فی ذلک ظاهر فحاله کحال الرق الکافر و العصیر قبل أن یعرض له التطهیر عند جماعة کما قد عرفت
(قوله) (و الأقرب فی أبوال ما یؤکل لحمه «إلی آخره»)
قد تقدم الکلام فی ذلک مفصلا
(قوله) (و الأقرب جواز بیع کلب الصید و الماشیة و الزرع و الحائط)
قد حکی الإجماع فی الخلاف و الغنیة و المنتهی و المختلف و الإیضاح و الدروس علی جواز بیع کلب الصید و نفی عنه الخلاف فی المسالک. و فی المهذب و المقتصر أنه قریب من الإجماع و فیه قول متروک «انتهی» و لا مخالف سوی الحسن العمانی علی ما حکی و فی المقنعة و موضع من النهایة التفصیل بین السلوقی و غیره فجوزه فیه دون غیره و فی موضع آخر من النهایة وافق. و حرم أبو علی بیع الکلب الأسود البهیم و إطلاقه لعله یشمل الصیود إن کان أسود لکنه صرح بجواز بیع کلب الصید و الزرع و الماشیة کما ستسمع (و المصنف فی نهایة الإحکام استشکل) و قد یؤذن قوله هنا الأقرب بالخلاف إلا أن یصرف إلی الجمیع «و الأخبار» باستثناء کلب الصید متضافرة فالحکم مما لا ریب فیه بعد الأخبار و الإجماعات و نص الأصحاب ما عدا من سمعت (و أما) جواز بیع الکلاب الثلاثة أعنی کلب الماشیة و الزرع و الحائط فهو خیرة أبی علی و المراسم علی ما فهم منهما جماعة کثیرون کما ستعرف و خیرة المبسوط علی ما فهمه منه المصنف فی المنتهی و غیره و لعلهم فهموه من کلامه فی الإجارة کما ستسمع و خیرة الخلاف علی ما فهمه منه ابن إدریس کما سنذکره و خیرة الوسیلة و السرائر و کشف الرموز و المختلف و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التبصرة و الإیضاح و شرح الإرشاد لولد المصنف و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب للشهید و کتاب مسائله المدونة فی جمیع أبواب الفقه و المقتصر و المهذب البارع فی ظاهره أو صریحه و التنقیح و إیضاح النافع و جامع المقاصد و غایة المرام و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و شرح الفقیه للمجلسی و قد یظهر ذلک من الکفایة فی أول المقصد لکنه بعد أوراق صرح بالمنع و استدل علیه فی التنقیح بالإجماع المرکب (قال) لأنه یجوز إجارتها إجماعا فیجوز بیعها لعدم الفارق هنا (قلت) و بالملازمة صرح جم غفیر و ناقشهم فی ذلک أبو العباس بالحر و أم الولد و الوقف (ثم قال) و یمکن أن یجاب عنه و هو
______________________________
(1) علی خ ل
(2) و أنواع خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 29
..........
______________________________
کذلک مع التخصیص بالمقام لأنه لا یشترط فی الإجماع المرکب الملازمة و یشهد لما فی التنقیح قوله فی المبسوط و الخلاف فی الکلاب. و ما یجوز بیعه منها تجوز إجارته لأن أحدا لا یفرق بینهما و ظاهره عدم الخلاف فی ثبوت الملازمة من الطرفین (و استدل علیه الشهید) فی حواشی الکتاب بالإجماع المرکب أیضا بوجه آخر (قال) لأن من قال بجواز بیع کلب الصید قال بالباقی لحصول المقتضی فکأنه استنباطی و لا ضیر فیه بعد القطع و هو الذی فهمه ابن إدریس فی السرائر و کاشف الرموز و جماعة و بنی علیه الحکم فی نهایة الإحکام و التذکرة (أما ابن إدریس) فإنه بعد أن جوز بیعها نسب الخلاف إلی الشیخ فی النهایة فی خصوص السلوقی. ثم قال إنه رجع عنه فی مسائل خلافه و لم یفهم الخلاف فی شی‌ء آخر و لیس فی الخلاف إلا جواز بیع کلب الصید إذا کانت معلمة و أنه لا یجوز بیع غیر المعلم علی حال و استدل بالإجماع و الأخبار و یحتمل أن یکون نظره فی السرائر إلی إجارة الخلاف کما ستسمع (و یرشد إلی ذلک أیضا) أن جما غفیرا نسبوا إلی أبی علی و سلار جواز بیع الأربعة مع أنهما إنما صرحا ببیع کلب الصید و الزرع و الماشیة و لم یذکرا الحائط و لعلهم أرادوا فیما نسبوه إلی أبی علی ما حکی عنه من أنه قال لا خیر فیما عدا الصیود و الحارس من الکلاب و نسبوا إلی إجارة المبسوط الوفاق و هو أیضا لم یذکره «1» فی إجارته إلا أنه یصح إجارة کلب الزرع و الماشیة کما یصح بیعها و نحوه ما فی إجارة الخلاف و لعله «2» نظر ابن إدریس إلی هذا و لهذا استدلوا علی الجواز فی الجمیع فیما استدلوا بما رواه فی المبسوط (قال) روی أن الماشیة و الحائط مثل ذلک یعنی الصیود و لم یذکر فیها کلب الزرع فکأن ذلک منهم بناء علی أن المناط منقح و المنقح له الإجماع لأنهم لم یفهموا الخلاف إلا ممن شذ بزعمهم حیث إنه لم یقطع بالتنقیح کالمحقق حیث منع فی الشرائع و تردد فی النافع و نحوه ابن عمه فی النزهة و أما المقنع و المقنعة و الخلاف و المبسوط و النهایة و الغنیة فلم یفهموا منهما المخالفة و إن نصوا علی أن ثمن الکلب الذی لیس بکلب صید سحت أو یقولون المنقح له العقل و قد أطالوا فی بیانه (و حاصله) جواز الانتفاع و هو حاصل فی الثلاثة أو یستدلون بالأولویّة العرفیة لأنه إذا جاز بیع کلب الصید و هو مما لا تمس إلیه الحاجة و أکثره لهو و أشر و بطر فکیف لا یجوز بیع کلب الماشیة التی لا یستقیم بقاؤها فی الشامات و الفرس إلا بالکلاب و کذلک الزرع و البستان کما هو مشاهد بالعیان و الأولویة العرفیة حجة (و علی هذا) فتکون أخبار الباب الدالة علی استثناء کلب الصید دالة علی غیره من الکلاب الثلاثة و القول بأن ذلک تعبد محض تعسف محض (سلمنا) أن الشیخ فی مکاسب المبسوط و الخلاف قائل بالمنع مع أن جماعة نسبوا إلیه التردد فی بیع المبسوط. و أنه فی إجارة الکتابین إنما جوز کأبی علی و سلار بیع کلب الزرع و الماشیة (لکنا) نقول کیف یعقل منهم ذلک مع أنه قد قیل إنه لا قائل بالفرق فإن کانوا استندوا إلی روایة المبسوط قلنا إنها إنما تضمنت کلب الماشیة و الحائط مع ضعفها (و إن کانوا استندوا) إلی ما روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم من اتخذ کلبا إلا کلب ماشیة أو زرع نقص من أجره کل یوم قیراط (قلنا) هی روایة عامیة قاصرة الدلالة و هم أجل من أن یستندوا إلیها أو یحکموا بما لا یعقل وجهه فالوجه ما فهمه منهم و من الأخبار وجوه الأصحاب کما نبهناک علیه (سلمنا) لکن الشهرة متحققة بدون هؤلاء إذ الحکم مصرح به فی أربعة و عشرین کتابا فقد کاد یکون إجماعیا مضافا إلی ما ادعی من الإجماعین المرکبین و تنقیح المناط و الأولویة و الملازمات الأخر و خبر المبسوط و فی الصحیح لا خیر فی الکلاب إلا کلب صید أو ماشیة «3» (و عن الغوالی) فی خبر طویل فجاء الوحی
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر یذکر بغیر هاء «مصححه»
(2) و لعل خ ل
(3) الصید و الماشیة خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 30
..........
______________________________
باقتناء الکلاب التی ینتفع بها فاستثنی کلاب الصید و الماشیة و الحرث و أذن فی اتخاذها و الشهرة تجبر الدلالة إذا انحصر الدلیل فیها علی قول أو فی غیرها علی آخر و الکل ممکن هنا و جبرها للسند معلوم مضافا إلی اعتضادها بما سمعت و یزید ذلک أن الأصحاب جوزوا هبتها و لم یعرف الخلاف إلا من بعض الشافعیة کما أشار إلیه فی هبة التذکرة و جامع المقاصد و کل ما یجوز هبته من الأعیان یجوز بیعه و کل ما یجوز بیعه تجوز هبته و فی ذلک کله بلاغ و مقنع فی الخروج عن أصل التحریم و العمومات فی المقام و غیره «علی أن أخبار الباب» قابلة للتنزیل علی کلب الهراش الذی یکثر وجوده فی الأسواق و المقاصب «1» و العقور الأهلی الذی یکون فی البیوت یعقر کل غریب لم یأنس به بل ربما عقر بعض أهل الدار لتوهمه أنه من غیرهم و هذا ضرره أکثر و هو کثیر جدا کما هو مشاهد عیانا و هو من المؤذیات فلا یکون الخارج أکثر من الداخل علی أنه «2» جائز واقع کما حرر فی محله (و أما الکلب الأهلی) الذی یتخذ لحفظ الدار أو الطنب أو السوق و لیس عقورا فالحال فیه کالکلاب الثلاثة یجوز بیعه وفاقا للفخر فی شرح الإرشاد و أبی العباس و المحقق الثانی و المولی القطیفی و الشهید الثانی و غیرهم و هو قضیة کلام الباقین بالتقریب الذی ذکرناه بل الجرو القابل للتعلیم کذلک کما فی نهایة الإحکام و المسالک لأنه قابل للتعلیم کالعبد الصغیر (و قد علم فی مطاوی البحث) من قد قیل أنه منع من بیع الثلاثة و قد عرفت أنهم یدعون أن الخلاف الصریح هو من المحقق فی الشرائع و ابن عمه فی النزهة و فی النافع تردد کظاهر المفاتیح «و لا تصغ» إلی خلاف بعض متأخری المتأخرین ممن لم یفرغ الوسع فی التتبع کصاحب الریاض و خاله الأستاد العلامة فیما حکی عنه و أستادنا دام ظله العالی أو کان ممن لا یحتفل بإجماع و لا شهرة و لا بالأخبار التی لیست فی الجوامع العظام کصاحب الکفایة و المولی التستری علی ما وجد فی بعض الحواشی «3» لکن العجیب ما حکی عن الأستاد الشریف مع سعة باعه و کثرة اطلاعه و لعله لم یوسع المسألة تتبعا لأن کان ذلک منه فی أوائل تحصیله هذا إن صح النقل عنه «و الذی جرأهم علی المخالفة» ما رأوه من ضعف أدلة المشهور کالاستدلال بالأصل و العمومات و بالدیات و ثبوت الغرامات و حرمة الإتلاف و بعض الملازمات التی لم یتحقق انعقاد الإجماع علیها (و یحکی) عن صاحب الوسائل الاقتصار علی کلب الماشیة و الحائط و لعله استند إلی روایة المبسوط لکنه خرق للإجماع (إذا تقرر ذلک) فلا یشترط فی الصیود أن یکون سلوقیا کما سمعته عن المقنعة و النهایة و لا أن لا یکون أسود بهیما کما لعله یلوح من إطلاق أبی علی کما حکی عنه للإطلاق فی النصوص و الفتاوی و الإجماعات و لا یشترط قصد صفة الصیدیة و لا غیرها من الصفات عند البیع و الاکتساب کما نبه علیه الأستاد و هو الذی یقتضیه الإطلاقات (و المراد) بالماشیة الإبل و الغنم و البقر و أکثر ما یستعمل فی الغنم کما نص علی ذلک أهل اللغة و المراد بالحائط هنا البستان کما نص علیه جماعة کثیرون منهم ابن إدریس فی دیات السرائر و أبو العباس و الکرکی و صاحب إیضاح النافع و هو قضیة کلامهم فی الباب و باب الدیات حیث یفرقون بین کلب الحائط و کلب الدار «نعم» احتمل کاشف اللثام شمول کلب الحائط لکلب الدار. و الحائط فی کلام ابن الأثیر و الفیروز بادی و الفیومی و غیرهم الجدار و البستان و اقتصر علی الأول فی الصحاح لکنه أشار إلی البستان بقوله حوط کرمه إذا بنی حوله حائطا (و المراد بالزرع) ما استنبت بالبذر و لو فی غیر حائط کما أن الحائط یکون بدون زرع و اجتماع الصفتین أو الصفات أدعی إلی جواز الاکتساب بدون ارتیاب و لو ضعف
______________________________
(1) و عند القصابین خ ل
(2) علی أن ذلک خ ل
(3) و ما یوجد فی بعض الحواشی عن المولی التستری خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 31
و إجارتها و اقتناؤها و إن هلکت الماشیة (1) و التربیة (2) و یحرم اقتناء الأعیان النجسة (3) إلا لفائدة کالکلب و السرجین لتربیة الزرع و الخمر للتخلیل و کذا یحرم اقتناء المؤذیات کالحیات و السباع (4)

[الثانی کلما یکون المقصود منه حراما]

(الثانی) کلما یکون المقصود منه حراما کآلات اللهو کالعود و آلات القمار کالشطرنج و الأربعة عشر و هیاکل العبادة کالصنم (5)
______________________________
الکلب عن النفع جاءه المنع
(قوله) (و إن هلکت الماشیة)
أو خرب الحائط أو باعه أو هلک الزرع فلا یزول الحکم للأصل و بقاء الاسم و لیس ذلک من قبیل المشتق کالصیود فیما إذا زال عنه وصف الصید لکبر أو عجز لعرض أو کسر لا یرجی زواله بل هو من قبیل ما إذا کان صیودا و عجز صاحبه عن الصید لکبر أو مرض لا یرجی زواله
(قوله) (و التربیة)
أی تربیة الکلب الصغیر و إن لم یکن له أحد هذه الأمور
(قوله) (و یحرم اقتناء الأعیان النجسة)
قد تقدم الکلام فی ذلک بما لا مزید علیه
(قوله) (و یحرم اقتناء المؤذیات کالحیات و السباع)
کما صرح بذلک جماعة لما دل علی عدم الانتفاع بالمحرمات و تحریم ما فیها من ضروب الفساد من أخبار و إجماع و ذلک مع قصد الإیذاء أو احتماله و لو بالآخرة و الحمد للّه و صلی اللّٰه علی خیر خلقه محمد و آله الطاهرین بسم اللّٰه الرحمن الرحیم الحمد للّه رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین المعصومین و رضی اللّٰه سبحانه عن علمائنا و مشایخنا أجمعین و عن رواتنا الراشدین و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه (قال آیة اللّٰه سبحانه) الإمام العلامة أعلی اللّٰه تعالی فی الجنان مقامه
(الثانی کلما یکون المقصود منه حراما کآلات اللهو کالعود و آلات القمار کالشطرنج و الأربعة عشر و هیاکل العبادة کالصنم)
فی المقنعة التنصیص علی حرمة عمل هذه الأشیاء و الاکتساب بها و التصرف فیها و هو الذی تعطیه عبارة السرائر حیث عدها من المحظور علی کل حال و فی المراسم و الشرائع و النافع و التذکرة فی موضعین منها و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و کفایة الطالبین و غیرها حرمة التکسب بها و فی المنتهی یحرم عمل الأصنام و غیرها من هیاکل العبادة المبتدعة و آلات اللهو کالعود و الزمر و آلات القمار کالنرد و الشطرنج و الأربعة عشر و غیرها من آلات اللعب بلا خلاف بین علمائنا فی ذلک فقد نفی الخلاف عن تحریم العمل و هو یستلزم تحریم الاکتساب «و فی الغنیة» الإجماع علی تحریم أجر عملها و ذکر فی مجمع البرهان تحریم ما یقصد منها و تحریم بیعها و التکسب بها ثم قال دلیل الکل الإجماع «و فی الحدائق» نفی الخلاف عن ذلک «و فی الریاض» الاستدلال علی حرمة التکسب بها بالإجماع المستفیض النقل فی کلام جماعة و لم أجد نقله إلا فیما عرفته بعد ملاحظة ما نرید عن أربعین کتابا و الأمر سهل إذ الإجماع معلوم و فی مستطرفات السرائر عن جامع البزنطی عن أبی بصیر (عن مولانا الصادق علیه السلام) قال بیع الشطرنج حرام و أکل ثمنه سحت و اتخاذها کفر و اللعب بها شرک و السلام علی اللاهی معصیة و کبیرة موبقة و الخائض یده فیها کالخائض یده فی لحم الخنزیر. و نحوه فیما دل علی کون الشطرنج بمنزلة لحم الخنزیر فتثبت أحکامه التی منها حرمة التکسب (المروی) فی الکافی المقلب لها کالمقلب لحم الخنزیر (و یبقی الکلام فی مقامات) الأول (هل یجوز الانتفاع بها فی غیر ما أعدت له). ظاهر المقنعة و السرائر العدم کما عرفت و هو الذی قد تعطیه القاعدة التی أسست فی الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 32
..........
______________________________
الإسلام و التنقیح و غیرها لأن کانت غالب منافعها محرمة علیها بنی جماعة کصاحب المسالک و غیره فی مطاوی کلامهم بحمل البیع فی کلامهم علی التمثیل فتدبر و یدل علی تحریم مطلق الانتفاع بها (قول الصادق علیه السلام) إنما حرم اللّٰه الصناعة التی هی حرام کلها التی یجی‌ء منها الفساد محضا نظیر البرابط و المزامیر و الشطرنج و کل ملهو به و الصلبان و الأصنام و ما أشبه ذلک (إلی أن قال) فحرام تعلیمه و العمل به و أخذ الأجرة علیه و جمیع التقلب فیه من جمیع وجوه الحرکات کلها و الضعف منجبر بشهرة العمل به فی مقام آخر و إن لم تستند شهرة العمل إلیه کما حرر فی فنه بل قد ندعی شهرة العمل به فیما نحن فیه و فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام أنه یحرم فعلها و إن کان لغیر اللهو لأنه یقصد به الحرام غالبا و هو الذی یعطیه إطلاق الخبر و الإجماع المستفاد من المنتهی إن لم یحمل علی الغالب و علی کل حال فالظاهر التحریم لما یظهر للفقیه من حال فحوی الشارع فلیتأمل (المقام الثانی) هل یملکه عامله و صاحبه أم لا.
ظاهر الأمر بکسرها و الخبر و القاعدة و الکتب المتقدم ذکرها کالمقنعة و ما کان نحوها و عدم ضمان المتلف لها قیمتها. عدم ملکها و أنها لا تعد مالا فی نظر الشارع کما أشار إلی الأخیر فی جامع المقاصد (و قال فی المهذب البارع) قد استقرینا الأعیان التی ینتفع بها و یجوز بیعها فوجدنا الشارع قدر فیها عند إتلافها علی مالکها قیمتها السوقیة «انتهی فتدبر» و کأن الأمر واضح فی الأصنام و الصلبان عامها و خاصها و لا قائل بالفرق و یأتی بیان حال الأوانی المحرمة لکنهم فی باب الغصب صرحوا بأن الرضاض بعد کسرها بحیث لا یمکن الانتفاع به فیها یکون مملوکا فإن حرقه أحد ضمن قیمته «فلیلحظ الجمع بین المقامین» کأن یقال تملک المادة و لا تملک الصورة و لا تضمن المادة لو توقف إتلاف الصورة علی إتلافها بل لا تضمن مطلقا و لا کذلک الرضاض بعد کسرها (و ما قاله صاحب المسالک) و اقتفاه فیه المولی الأردبیلی و الخراسانی و شیخنا صاحب الریاض و صاحب الحدائق من أنه إن أمکن الانتفاع بها فی غیر الوجه المحرم علی تلک الحالة منفعة مقصودة و اشتراها لتلک المنفعة احتمل جواز بیعها (مردود) بعد تسلیم ملکها و جواز حفظها و إبقائها و إلا لما وجب کسرها بما عرفت مما دل علی عدم جواز الانتفاع بها أصلا فضلا عن بیعها و الاکتساب بها مضافا إلی إطلاق الجمیع عدم جواز بیعها من دون تفصیل فیمکن دعوی تحصیل الإجماع مضافا إلی أن هذا الانتفاع نادر فلا یقدح فی ذلک کما اعترف به صاحب المسالک و قضت بها القاعدة التی بنی هو و غیره علیها لکن صاحب المسالک و المولی الأردبیلی رجحا بعد ذلک عدم الجواز (ثم إنه) لو جاز ذلک لصح بیع الخمر للتخلیل ممن یوثق به (سلمنا) أن الخمر مما قام الإجماع علی عدم جواز بیعها و أن ما نحن فیه لیس مثلها (لکنا نقول) یلزم منه جواز بیع الدبس النجس لیجعل ماء طاهرا و ینتفع به و کذلک القطران و العطر النجسان یباعان لیجعلا فی الماء الکثیر بحیث یصیران ماء صرفا فیطیب ریح الماء الآجن فتشرب منه المعزا فی الأول و الأناسین فی الثانی و لا أظن أحدا یقول بذلک فلیتأمل جیدا (و بذلک کله) یعلم حال ما فی التذکرة فی موضع منها من أنها إذا کان لمکسورها قیمة و باعها صحیحة لتکسر و کان المشتری ممن یوثق بدیانته. أنه یجوز بیعها علی الأقوی و تبعه علی ذلک المولی الخراسانی و صاحب الریاض و صاحب الحدائق بل فی الثانی نفی الریب عن ذلک و احتمل الوجهان فی جامع المقاصد و المسالک و أطلق الجمیع المنع بحیث یشمل ذلک فکانت هذه الآلات عندهم کالخمر لا تباع و هی آلة لذلک (و أما أوانی الذهب و الفضة) فعلی القول بحرمة عملها و اتخاذها للقنیة و التزیین تکون من قبیل ما نحن فیه و هذا القول هو المشهور کما فی مجمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 33
و بیع السلاح لأعداء الدین و إن کانوا مسلمین (1)
______________________________
البرهان و المدارک و الکفایة و به قال الشیخ المحقق فی المعتبر و الآبی و المصنف فی الکتاب و المنتهی و ولده و الکرکی و غیرهم و علیه تدل جملة من ظواهر الأخبار کما فی الحدائق و هو الذی یعطیه فهرست الوسائل و المخالف ابن إدریس و العلامة فی المختلف و استحسنه صاحب المدارک و مال إلیه شیخه المقدس الأردبیلی و لا یفرق بین المشاهد الشریفة و غیرها و دلیل التعظیم و میل قلوب الناس لا یصلح لتخصیص الدلیل لو کان موجودا (و أما استعمالها) فی غیر الأکل و الشرب فقد حکی الإجماع علی حرمته فی التذکرة و المدارک و ظاهر المنتهی و التحریر و فی کشف الرموز لا خلاف فیه «فلا یلتفت» إلی ما فی المسالک من احتمال تجویز ذلک (و مما ذکر) یعلم الحال فی الجاریة المغنیة و بیعها بأکثر مما یرغب فیها لو لا الغناء (و قال علیه السلام) المغنیة ملعونة و من آواها ملعون و من أکل کسبها ملعون إلی غیر ذلک من الأخبار المتضافرة و فیها إلا أن یمنعها منه. و لیعلم أنه یعلم من ذلک کله أن کل ما حرم عمله و العمل به حرم الاکتساب به و لا کذلک العکس عند جماعة لجواز اتخاذ شعر الخنزیر للخرز للأخبار الواردة فی ذلک و قد ادعی فی السرائر تواتر الأخبار علی خلاف ذلک و قد عرفت الحال فی ذلک عند الکلام علی أجزاء المیّتة (و قال فی جامع المقاصد) و هل الصورة المعمولة من هذا القبیل ألحقها به بعض العامة و لم أجد مثله فی کلام أصحابنا (قلت) إن أراد بالصورة صورة غیر ذی الروح فقد وردت أخبار کثیرة تتضمن جواز عمل صورة غیر ذی الروح و هو الظاهر من فتوی الأصحاب (و إن أراد) صورة ذی الروح فهی و إن حرم عملها لکن لا یحرم اقتناؤها إذ لیس المقصود منها محض التحریم و إلا لما کرهوا الصلاة فی ثوب أو خاتم فیه صورة حیوان بل کانوا حرموا حفظه و الصلاة فیه و لا فرق فی الظاهر هنا بین ذات الظل و غیرها لکن کلام جامع المقاصد فی غیر ذات الظل و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی باب الصلاة فی لباس المصلی و مکانه و نقلنا أخبارا کثیرة من البحار و غیره یفهم منها جواز اقتنائها (إذا عرفت هذا) فعد إلی عبارة الکتاب و تقدیرها (الثانی) من أقسام المحظور الاکتساب بکل ما یکون المقصود منه حراما عینا کان کآلات اللهو أو غیر عین کبیع السلاح و بیع العنب فما فی العبارة لیست عبارة عن الأعیان فقط فلا حاجة إلی ما تکلفه فی جامع المقاصد و یرشد إلی ما ذکرناه عبارة التحریر و غیرها
(قوله رحمه اللّٰه) (و بیع السلاح لأعداء الدین و إن کانوا مسلمین)
الذی تقتضی به أصول المذهب مع قطع النظر عن أخبار الباب و فتاوی الأصحاب تحریم کل ما یعان به علی الظلم و العدوان و لو مدة قلم مع العلم و القصد کاستحباب المعونة علی البر و التقوی و الجواز مع انتفاء العلم و القصد أو أحدهما و هو القصد «و المصنف» جعل بیع السلاح لأعداء الدین من القسم الذی یکون المقصود منه حراما و الظاهر بمعونة ما قبله و ما بعده إرادة المنشئیة فیکون التحریم مقصورا علی حال الحرب و عدم الصلح و الهدنة کما صرح بذلک فی السرائر و النافع و التحریر و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و المسالک و الروضة و الکفایة (و هو ظاهر الأخبار) کما فی الدروس و مجمع البرهان و حاشیة الإرشاد (و دلالتها علیه أقوی) کما فی المختلف (و أوضح) کما فی المهذب البارع و علی ذلک تنزل عبارة الشرائع و التذکرة و الإرشاد و غیرها مما شارک الکتاب فی العنوان و أوضحها عبارة الشرائع بل الظاهر من هذه العبارات و خبر هند التحریم حینئذ أی حال الحرب و إن لم یقصد المعونة ما عدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 34
..........
______________________________
السرائر و النافع فستسمع الحال فیهما بل فی الخبر المذکور أنه شرک (قال الصادق علیه السلام) فی الخبر المذکور فإذا کانت الحرب بیننا فلا تحملوا فمن حمل إلی عدونا سلاحا یستعینون به علینا فهو مشرک و لعله محمول علی قصد المعونة علی المسلمین کما لعله یظهر منه أو اعتقاد إباحتها أو علی المبالغة و قضیة کلام من ذکرنا التحریم بالأولویّة إذا قصد المساعدة حال الحرب. أما إذا قصد المساعدة لا فی حال المباینة فلا ریب فی التحریم عند هؤلاء و غیرهم (أما هؤلاء) فلأنهم إنما حرموه حال الحرب لإفضائه إلی المساعدة و إن لم تقصد فکیف إذا قصدت و إن لم یکن البیع حال الحرب و به صرح فی المسالک و الکفایة و غیرهما (و أما عند غیرهم) فللعمومات و أصول المذهب و من هنا یعرف الحال فی عبارة السرائر و النافع و الدروس و التنقیح فإنها لا تخلو من أشکال (قال فی السرائر) و حمل السلاح مساعدة و معونة لأعداء الدین و بیعه لهم إذا کانت الحرب قائمة. إلی آخره (و قال فی النافع) ما یقصد به المساعدة علی المحرم کبیع السلاح لأعداء الدین فی حال الحرب (و قضیة هاتین العبارتین) اختصاص التحریم بقصد الإعانة و کونها فی حال الحرب (و قال فی الدروس) و بیعه مساعدة لأعداء الدین سواء کانوا کفارا أو بغاة و مثلها عبارة التنقیح و قضیة هاتین العبارتین اختصاص التحریم بقصد الإعانة و عدمه مع عدمه و لو کانت الحرب قائمة و هذه العبارات مع مخالفتها لما عرفت مخالفة أیضا لإطلاق النصوص فی الباب (کقوله علیه السلام) فی حسنة أبی بکر أو صحیحته إذا کانت المباینة حرم علیکم أن تحملوا إلیهم السلاح و السروج (و قوله علیه السلام) فی خبر السراد لا تبعه فی فتنة «و لعل» النظر فی هذه الکتب الأربعة إلی ما یظهر من ذیل خبر هند السراج علی اختلاف أنظارهم فیه (هذا) و قضیة کلام المصنف علی ما نزلنا علیه عبارته و کلام من قلنا إنه موافق له أنه لا یحرم البیع وقت الهدنة إذا لم یقصد المساعدة و به صرح جماعة ممن وافقه (و یدل علیه قوله علیه السلام) فی خبر الحضرمی حیث سأله حکم السراج (فقال) ما تری فیمن یحمل إلی أهل الشام من السروج و أداتها «لا بأس» أنتم بمنزلة أصحاب رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم إنکم فی هدنة فإذا کانت المباینة «الحدیث» (و أما إذا علم) من أعداء الدین إرادة دفع الکفار فلا ریب فی الجواز کما صرح بذلک فی کشف الرموز و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة و غیرها بل لا أظن أن الشیخین و سلار و التقی یخالفون فی ذلک مع موافقته للأصل و الاعتبار و صریح الأخبار (کقول أبی جعفر علیه السلام) فی خبر هند السراج احمل إلیهم فإن اللّٰه یدفع بهم عدونا و عدوکم یعنی الروم و بعهم فإذا کانت الحرب «الحدیث» (و علیه) یحمل خبر أبی القاسم الصیقل أو علی حال الهدنة کما فی خبر الحضرمی (و أما) إذا حملت عبارة الکتاب علی أن المراد ما یقصد منه الحرام بمعنی أنه یفضی إلیه و لو بعد حین کما فهم ذلک منها و من عبارة الشرائع و الإرشاد لأنهما مثلها المحقق الثانی و الشهید الثانی فقیداهما بحال عدم الهدنة و قد فهم الإطلاق من الشرائع الآبی کما ستعرف (کانت) أی عبارة الکتاب و ما ضاهاها موافقة للمقنعة و النهایة و المراسم حیث أطلق فیها التحریم من دون تقیید بحال الحرب و لا بقصد المساعدة (قال فی المقنعة) بیع السلاح لأعداء الدین حرام و عمله لمعونتهم علی قتال المسلمین حرام و الجملة الثانیة منفصلة عن الأولی و نحوها عبارة النهایة و أظهر منها عبارة المراسم و التعبیر فی عنوان الإستبصار بالکراهة محمول علی التحریم و الإطلاق المذکور محکی عن التقی الحلبی و فی کشف الرموز القول بإطلاق التحریم للشیخین و سلار و أتباعهم و لم أجده فی الوسیلة و لا حکی عن القاضی و هو أدری و حکاه عن شیخه فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 35
..........
______________________________
الشرائع و اختاره فیکون خیرة التذکرة و الإرشاد لأنهما کالشرائع و الکتاب و خیرة اللمعة بل هی أوضح (و قال الشهید) فی حواشیه علی الکتاب المنقول إن بیع السلاح حرام مطلقا فی حال الحرب و الصلح و الهدنة لأن فیه تقویة الکافر علی المسلم فلا یجوز علی کل حال و لعله أراد لأهل الحرب و یرشد إلیه ما فی المهذب البارع و هو یقتفی أثره دائما (قال فیه) بیع السلاح لأهل الحرب لا یجوز إجماعا و أما أعداء الدین کأصحاب؟؟؟ ففیه الخلاف فقد قصر الخلاف علی أعداء الدین من المسلمین و هو خلاف ما علیه المتأخرون و خلاف ما فهموه من کلام المتقدمین کما یعرف ذلک من لحظ کلامهم عند ذکر الأقوال. و إن صح ما ذکره أبو العباس أمکن حمل إطلاق المقنعة و المراسم علیه بل فی المراسم أعداء اللّٰه و لعلها فی أهل الحرب أظهر و لا تقبله عبارة النهایة لأنه قال و بیع السلاح لسائر الکفار و أعداء الدین (و قد تحمل) عبارات المتقدمین علی قصد المساعدة کما هو ظاهر کشف الرموز أو صریحه و کما تشعر بذلک عبارة النافع و الدروس کما یظهر ذلک للفقیه الماهر (قال فی النافع) ما یقصد به المساعدة علی الحرام کبیع السلاح لأعداء الدین فی حال الحرب و قیل مطلقا و أشار بالقیل إلی قول المتقدمین و معناه أنهم قائلون بالحرمة علی قصد المساعدة لکن لم یقیدوه بحال الحرب کما هو واضح للمتروی (و قال فی الدروس) و بیعه مساعدة لأعداء الدین سواء کانوا کفارا أو بغاة و قیده ابن إدریس بحال الحرب فلو کان القدماء علی التحریم مطلقا قصد المساعدة أم لا لأشار إلی خلافهم و ما اقتصر علی ذکر الخلاف ابن إدریس فقط و یشیر «1» إلی ذلک استناد من أطلق کالکتاب إلی أنه إعانة لهم علی الظلم «فتأمل جیدا» و أول من فتح باب الوهم للمتأخرین العلامة فی المختلف فإنه لم ینقح المسألة و علی هذا تلتئم الکلمة و یرتفع الخلاف فی المسألة إلا فی أشیاء سهلة و إلا فما کان الشیخان و سلار و أبو الصلاح و المحقق فی الشرائع و کاشف الرموز و العلامة و الشهید فی اللمعة و غیرهم لیحرموا بیع السلاح علی أعداء الدین مع عقد الهدنة معهم عشر سنین لمکان ضعف فی المسلمین و مخالطتهم لأنها منتهی المدة حینئذ من دون قصد إعانة و مساعدة إن ذلک لبعید لا باعث علی ارتکابه مع إمکان التنزیل القریب و شهادة جملة من العبارات بأن هذا مرادهم مع ما فی ذلک من إعراضهم عن أصول مذهبهم و الإعراض عن قواعد الجمع بین الأخبار و إلا فقد استدلوا لهم علی ما نسب إلیهم من الإطلاق المشار إلیه (بما رواه فی الفقیه) من وصیة النبی صلّی اللّٰه علیه و آله و سلّم لعلی علیه السلام یا علی کفر باللّٰه العظیم من هذه الأمة عشرة أصناف (إلی أن قال) و بائع السلاح من أهل الحرب (و بما رواه) عبد اللّٰه ابن جعفر الحمیری فی قرب الإسناد فی الصحیح عن مولانا الکاظم علیه السلام قال سألته عن حمل المسلمین إلی المشرکین التجارة قال إذا لم یحملوا سلاحا فلا بأس و فیهما مع قصور سند الأول و ضعف دلالة الثانی لأعمیة البأس المفهوم منه من الحرمة. أنهما مطلقان یجب تقییدهما بالأخبار الأخر المقیدة و معارضان بإطلاق الجواز فی خبر أبی القاسم الصیقل (و مثل ذلک) ما استدل به الشیخ فی الإستبصار علی ذلک بخبر السراد عن رجل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (قال) قلت إنی أبیع السلاح (قال) لا تبعه فی فتنة (و لعله) بنی الاستدلال علی أن المراد بالفتنة ما یشمل المعاونة علی الظلم و إلا فقد نقل فی کشف الرموز عن ابن إدریس الاستدلال بهذا الخبر (و لعل) الاستدلال لهم بخبر هند السراج أولی (حیث) قال علیه السلام له احمل إلیهم فإن اللّٰه یدفع بها عدونا و عدوکم حیث دل علی الجواز عند القید فیحملون خبر الحضرمی
______________________________
(1) و یرشد خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 36
..........
______________________________
علی ما إذا استعملوها فی قتال الکفار لمکان القید فی هذا الخبر (و فیه) أن الأولی مطلقة و الثانیة لم یذکر فیها دفع العدو علی سبیل التقیید (سلمنا) لکنها لم تدل علی التحریم عند عدمه إلا بمفهوم ضعیف جدا و علی کل حال فهم أجل من أن یستدلوا بهذه الاستدلالات الواهیة (و معنی قوله علیه السلام) أنتم الیوم بمنزلة أصحاب رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أنکم باقون علی دینه بعد موته صلی اللّٰه علیه و آله کأصحابه الباقین علی صحبته و دینه بعد موته صلّی اللّٰه علیه و آله کما یشیر إلیه قوله إنکم فی هدنة أی سکون من الفتن بالصلح مع أعداء الدین و فی جامع المقاصد لا مانع من أن یراد بالمسلمین المسلمون حقیقة و الخوارج و الغلاة داخلون فی أعداء الدین «قلت» و قد وافقه علی ذلک جماعة (قال) و یدخل فی المسلمین قطاع الطریق و المحاربون و نحوهم لأنهم أعداء الدین باعتبار المخالفة و کونهم حربا و استحقاقهم القتل «قلت» و ممن نص علی تحریم بیعه علی قطاع الطریق الشهیدان فی الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و المقداد و المیسی و الخراسانی لاستلزامه الإعانة علی الإثم و عموم قوله علیه السلام فی کل فتنة (و قد استثنی) المصنف فیما یأتی من الکتاب و التحریر و التذکرة ما یکن من آلة السلاح کالدرع و البیضة و لباس الفرس المسمی بالتجفاف «1» وفاقا للشیخ فی النهایة و ابن إدریس فی ظاهره حیث ذکره عنه فی السرائر و أقره علیه و وافقهم علی ذلک الشهیدان و المحقق الثانی (و قیده) الشهید فی حواشیه بحال الصلح و الهدنة (و قال) إنه یحرم بیعها حال الحرب (و استشکل) فیه المولی الأردبیلی و الخراسانی و جزم بالتحریم شیخنا صاحب الریاض حجة الشیخ صحیحة محمد بن قیس أو حسنته (قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام) عن الفئتین تلتقیان من أهل الباطل أ نبیعهما السلاح (قال) بعهما ما یکنهما الدرع و الخفین و نحو هذا قال صاحب الریاض تبعا لمجمع البرهان و الحدائق إنه لیس مما نحن فیه لأنه فی الفئتین من أعداء الدین (قلت) لعل وجه الاستدلال به من حیث إنه أشعر بعدم جواز بیع ما لا یکن من السیف و الرمح و نحوهما مع مشارکته لما یکن فی المعاونة علی الإثم لأن کان قتالهما ظلما فلو لا وجود الفرق بینهما لما فرق. فلا فرق بین کون الفئتین من أعداء الدین أو إحداهما مضافا إلی الأصل و العمومات (و قد یقال) إن أدلة تحریم المعاونة علی الإثم تدفع ذلک مع ما فی خبر الحضرمی من تحریم حمل السروج إلیهم و هو ظاهر خبر هند و غیره بل قد یراد بالسلاح فی الأخبار و کلام الأصحاب مطلق ما یتخذ للحرب و لو أرید خصوص الحدید کان مثالا و ضرر حمل الدروع إلیهم أکثر من حمل السروج (و قد یحتمل) أن یراد بالسروج السیوف السریجیة تنسب إلی سریج و هو قین (أو نقول) الشهرة تجبر دلالة الخبر إذا انحصر الدلیل فیه کما کان یراه الأستاد الشریف قدس سره فیترجح بها هذا الخبر علی خبر الحضرمی و إن تشارکا فی الصحة أو الحسن فتأمل (و فی حکم) ما یکن تهیئة الدواب و أسباب السفر و السعی فی تقویتهم و لو بقلم أو شعر (و التحقیق) أن الحکم فی أصل المسألة لیس معلولا لمظنة ترتب الحرام إذ لا تصلح للعلیة بل لقیام الأدلة علی الخصوصیة و لا فرق فی جهة الحرام بین الأصلیة الوضعیة و المقارنة الغالبیة و بین المأخوذة فی النیة و لو مع ندرتها (تنبیه) لو باع السلاح حیث یحرم البیع هل یکون العقد صحیحا أم لا (اختار الأول) فی التنقیح و کأنه ظن أن النهی راجع إلی المعونة و إلا فالعوض من حیث هو صالح للنقل فالنهی راجع إلی أمر خارج کالبیع وقت النداء (و اختبر الثانی) فی الدروس و حاشیة الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و مجمع البرهان لأن الظاهر أن
______________________________
(1) التجفاف بالجیم و کسر التاء قال فی القاموس آلة للحرب یلبسه الفرس و الإنسان لیقیه فی الحرب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 37
و إجارة السفن و المساکن للمحرمات و بیع العنب لیعمل خمرا و الخشب لیعمل صنما (1) و یکره بیعه علی من یعمله من غیر شرط (2)
______________________________
الغرض من النهی هنا عدم التملک و عدم صلاحیة المبیع لکونه مبیعا لا مجرد الإثم فالنهی راجع إلی نفس المعاملة کبیع الغرر أو إلی أحد المتعاقدین و لیعلم أنه لو جهل بالحال حلت المعاملة لکنها تفسد لعدم صلاحیة المبیع لکونه مبیعا (و کذلک) ما إذا باع تقیة و زعم أن الموضوع حرام و الواقع خلافه (فوجهان) أقواهما الصحة و العصیان
(قوله) (و إجارة السفن و المساکن للمحرمات و بیع العنب لیعمل خمرا و الخشب لیعمل صنما)
مثل ذلک ما فی الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و التذکرة و الدروس و اللمعة (و ظاهرها) کما فهم منها جماعة أنه لا بد أن یکون البیع لأجل ذلک أی الغایة المحرمة و هو صریح جماعة و ظاهر آخرین فی باب الإجارة و نسبه فی إجارة مجمع البرهان إلی ظاهر الأصحاب سواء شرطها فی متن العقد أو حصل الاتفاق علیها (و حکی) عن المنتهی دعوی الإجماع علی ذلک (و قضیة ذلک) أنه یجوز مع فقد الشرط کما أشار إلیه المصنف هنا بقوله و یکره بیعهما علی من یعمله من غیر شرط و فی التحریر و التذکرة و المنتهی علی ما حکی عنه (قال فی التحریر) بعد أن ذکر نحو ما فی الکتاب و یجوز بیع ذلک علی من یعمله إذا لم یبعه لذلک علی کراهیة و قال فیه أیضا لو آجرها یعنی السفن و المساکن لمن یعمل ذلک لا بشرطه جاز (و نحو ذلک) عبارة الشرائع و النافع و اللمعة فقد تحصل أنه إذا باع لمن یعمل الصنم أو الخمر أو آجر لمن یتعاطی المحرمات فإما أن یشترط البیع لذلک لفظا أو نیة مع اتفاقهما علی ذلک أو لا یشترط (و علی الثانی) فإما أن یعلم أنه لا یعمل هذا العنب بخصوصه خمرا و لا یتعاطی المحرمات فی خصوص هذا البیت أو هذه الدابة أو یعلم ذلک أو یظن أو لا یعلم و لا یظن و دلیل التحریم فی الأول ظاهر لأنه إعانة علی الإثم و العدوان مضافا إلی إجماع المنتهی و إجماع إجارة الخلاف و الغنیة بل بدیهة العقل تحکم بقبحه و تحریمه کما أن دلیل الجواز فی الثانی ظاهر أیضا و إطلاق ابن إدریس أولویة الاجتناب یحمل علی غیر هذه الصورة قطعا (و أما الثالث) و هو ما إذا آجر لمن یعلم أنه یعمل أو یتعاطی بدون شرط فی متن العقد فإما أن یقصد بذلک الإعانة علی ذلک أو لا فإن قصد فلا ریب فی التحریم لأنه إعانة علی الإثم کبیع السلاح لأعداء الدین و یحمل إطلاق الأکثر و تصریح البعض علی غیر هذه الفروض قطعا. و أما إذا لم یقصد الإعانة فظاهر العبارات التی قد سمعتها بأسرها و عبارات باب الإجارة و إن تفاوتت فی الظهور عدم التحریم و هو صریح المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد و إجارة جامع المقاصد و الفاضل المیسی و المولی الخراسانی و هو ظاهر النهایة و السرائر فی خصوص الخشب لمن یعمله صنما أو صلیبا أو نحو ذلک و قد نسبا ذلک فی الکتابین المذکورین إلی روایة أصحابنا إلا أنه قال فی السرائر الأولی اجتنابه (و یبقی الکلام) فی معنی الشرط فی کلامهم فهل یراد به ما یعم العلیة صریحة أو منویة کما هو الظاهر من قولهم لیعمل صنما مع ما سیجی‌ء من قولهم فی الذمی المستأجر و لو آجره لذلک حرم. أو یقصر علی الشرطیة لأن العلیة من طرف المشتری معلومة إذ العلم إنما یتعلق بقصده غالبا فلو فسد العقد من جانبه فسد من الجانبین (حجة المشهور) صحیحة ابن أذینة أو حسنته (قال) کتبت إلی أبی عبد اللّٰه علیه السلام أسأله عن رجل له کرم أ یبیع العنب و التمر بمن یعلم أنه یجعله خمرا أو مسکرا (فقال) إنما باعه حلالا فی الإبان الذی یحل شربه أو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 38
..........
______________________________
أکله فلا بأس ببیعه و هذا الخبر صحیح صریح مشتمل علی تعلیل یؤذن بالتعدیة و لا قائل بالفرق بین العنب و الخشب و السفینة و الدابة إلا ما یظهر من النهایة کما ستعرف (و نحوه) أخبار مستفیضة فیها الصحیح و غیره (کقول الصادق علیه السلام) فی خبر أبی کهمس إنا نبیع تمرنا ممن نعلم أنه یصنعه خمرا و نحوه صحیحة الحلبی و خبره «1» و خبر یزید ابن خلیفة و صحیحة رفاعة و یدل علی الحکم فی السفینة و الدابة صحیحة ابن أذینة أو حسنته (قال) کتبت إلی أبی عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل یؤاجر «2» سفینته أو دابته ممن یحمل فیها أو علیها الخمر أو الخنازیر فقال لا بأس و یحمل خبر جابر أو صابر الذی تضمن حرمة أجرة البیت علی ما إذا شرط. و حمل خبر ابن أذینة علی صورة الحمل للتخلیل کما فی الوافی تبعا لمجمع البرهان ینافیه ذکر الخنازیر و إن أمکن التأویل علی بعد کاحتمال عدم العلم بحمله أو الجبر علیه و حمله علی أهل الذمة الذین لهم أن یفعلوا ذلک کما احتمله المقدس الأردبیلی ینافی حمله حمل الخمر للتخلیل (و أما حسنة ابن أذینة) أو صحیحته الأخری النافیة للبأس عن بیع الخشب لیعمل برابط و المانعة من البیع لیعمل صلبانا مع أن الأمرین من واد واحد فیحمل صدرها أیضا علی ما إذا لم یشترط و العجز علی ما إذا اشترط و الشاهد علی هذا الجمع اتفاق أخبار العصیر علی عدم المنع مع إجماع المنتهی علی التحریم مع الشرط مع «3» أنه جمع مستحب علی أنه لا شاهد علی الجمع بالجواز و الکراهة و جمع الوافی بین خبری الإجارة قد علمت أنه غیر واف (و من الغریب) ما احتمله المقدس الأردبیلی فی أخبار العنب من إمکان حملها علی توهم البائع أن المشتری یعمله خمرا أو یکون الضمیر راجعا إلی مطلق العصیر و التمر لا المبیع «4» و ما کنا نؤثر أن یقع مثله من مثله و الإمام علیه السلام یقول إنا نبیع تمرنا ممن نعلم أنه یصنعه خمرا (و قال فی الریاض) هذه النصوص و إن کثرت و اشتهرت و ظهرت دلالتها و ربما کان بعضها صریحا لکن فی مقاومتها للأصول و النصوص المعتضدة بالعقول إشکال و أراد بالأصول کما صرح به قبل ذلک قاعدة تحریم المعاونة علی الإثم و بالنصوص کما صرح به فیما سلف له خبر جابر الضعیف و مکاتبة ابن أذینة التی اشتملت علی الجواز و المنع و قد سمعتها و خبر عمرو بن حریث عن التوت «5» أبیعه یصنع للصلیب و الصنم قال لا و هو مشتمل علی أبان و عیسی القمی الذی لا نعرفه و کون الراوی عنهما السراد لا یجدی عند الأصحاب إلا من شذ ممن تأخر. هذا حال الأخبار التی استند إلیها (و أما الجواب عن الأصل) فهو ما قاله المحقق الثانی فی حاشیة الإرشاد بأنا نمنع کون ما نحن فیه معاونة علی العدوان و إنما هی مع بیعه لذلک و إلا لزم عدم جواز بیع شی‌ء مما یعلم عادة التوصل به إلی محرم فلو تم هذا الاستدلال منعنا أکثر معاملة الناس «انتهی» و هذا کلام متین جدا لأن السیرة قد استمرت علی المعاملة علی بیع المطاعم و المشارب للکفار فی شهر رمضان مع علمهم بأکلهم و علی بیعهم بساتین العنب و النخیل مع العلم العادی بجعل بعضه خمرا و علی معاملة الملوک فیما یعلمون صرفه فی تقویة الجند و العساکر المساعدین لهم علی الظلم و الباطل إلی غیر ذلک مما لا یحصی (علی أن العلم الیقینی) غیر ممکن الحصول إلا نادرا جدا و علی تقدیر حصوله لا یبعث علی التحریم فی غیر الدماء و الأعراض و إن وجب النهی عن المنکر مع شرائطه و القائلون بالتحریم مع العلم بدون الشرط و قصد الإعانة هم الشیخ فی ظاهر التهذیب کما حکی و المصنف فی المختلف و الشهید فی حواشیه علی الکتاب و الشهید الثانی فی المسالک و الروضة و قد یلوح ذلک من جامع المقاصد و هو خیرة الشیخ فی النهایة فی المساکن و الحمولات و خیرة مجمع البرهان و الریاض فی
______________________________
(1) و غیره خ ل
(2) الرجل یؤجر خ ل
(3) تم خ ل
(4) لا البیع خ ل
(5) التوز خ ل (و هو بالضم شجر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 39
و التوکیل فی بیع الخمر (1) و إن کان الوکیل ذمیا و لیس للمسلم منع الذمی المستأجر داره من بیع الخمر فیها سرا و لو آجره لذلک حرم و لو استأجر دابة لحمل الخمر جاز إن کان للتخلیل و الإراقة و إلا حرم و لا بأس ببیع ما یکن من آلة السلاح

[الثالث بیع ما لا ینتفع به]

(الثالث) بیع ما لا ینتفع به کالحشرات (2) کالفأرة و الحیات و الخنافس و العقارب
______________________________
باب الإجارة. و أقوی ما یحتج لهم به أنه إعانة کما سمعت و أنه إذا باعه ممن یعمله مع علمه بأنه إنما اشتراه لذلک فهو قاصد للمعونة فکان کالمشترط (و علی ذلک و نحوه) بنوا تحریم بیع السلاح لأعداء الدین فی حال الحرب مع تأییده بالأخبار التی استند إلیها صاحب الریاض و المولی الأردبیلی و أنت قد عرفت حال الجمیع و أما الاستناد إلی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فغیر جید لما «1» عرفت و لعله ممن لا یقدر علی المنع و علی ذلک قد تنزل أخبار بیع العنب و التمر (و یرشد إلی ذلک) أنها لم تختلف و ما ذاک إلا لمکان عدم القدرة عن الامتناع فیما یحتمل و شیوع استعمال الخمور فی عصر المنصور و غیره من العصور و أن من یمتنع عن بیعها لأولئک الخمارین إذا أرادوها یؤخذ بعنقه (و کیف کان) فالمشهور هو الأقوی للأصل المستفاد من العموم فی أجناس العقود و أنواعها و الأخبار الکثیرة و استمرار السیرة کما عرفت و قد عرفت حال العلم و الظن فی غیر الدماء و الأعراض و لا بد من مراجعة ما کتبناه فی باب الإجارة فی المسألة و الظن کالعلم کما فی الروضة و المسالک و مجمع البرهان «و فیه نظر واضح» و فی التنقیح لا بد فی التحریم من قصد المساعدة فلو لم یکن قصد کان مکروها و إن کان المشتری ممن یظن أنه یستعمله فی الحرام «انتهی» و کأن العالم بأنه یستعمله فی الحرام قاصد عنده فیکون قد فرق بین العلم و الظن فتأمل (و مما ذکر) یعرف حال بقیة الأقسام التی ذکرت فی أول الکلام و قد عرفت مذهب ابن إدریس حیث أشرنا إلیه آنفا من أنه قال لا بأس ببیع الخشب لمن یجعله صنما أو صلیبا أو شیئا من الملاهی (إلی أن قال) و الأولی عندی اجتنابه و من الغریب ما فی الدروس حیث قال و فی روایة ابن حریث المنع ممن یعمله و لیس فیها ذکر الغایة و اختاره ابن إدریس و الفاضل (و الغرابة من وجهین) (الأول) أنه قال لیس فی الروایة ذکر الغایة یعنی لیعمل و هی ظاهرة فی الغایة حیث قال أبیعه یصنع به مع أنه فی المختلف استدل أولا بحسنة ابن أذینة ثم استدل بخبر ابن حریث و قد عرفت أنه قاصر بحسب السند و الدلالة (و الثانی) أن خیرة المختلف حیث اشترط العلم تخالف خیرة السرائر کما عرفت (و لیعلم) أنه إذا باع حیث یحرم فعن ابن المتوج أن العقد صحیح حکاه عنه الشهید و حکی عن المصنف فی موضعین التصریح بالبطلان و لا فرق فی التحریم بین قصد جهة الحرام منفردة أو منضمة إلی جهة محللة و نیة الوکیل المتصرف مؤثرة فی المنع دون الوکیل علی مجرد إجراء الصیغة و لا بد من ملاحظة المسألة فی باب الإجارة
(قوله) (و التوکیل فی بیع الخمر)
أی من المسلم کما إذا صار عصیره خمرا فوکل ذمیا فی بیعه لعدم جواز ذلک الفعل منه فکذا الاستنابة فیه لأن ید الوکیل ید الموکل و من ثم لم یفترق الحال بکون الوکیل ذمیا أو حربیا و لیست عند التحقیق وکالة لأنه یشترط فی صحتها أمور ثلاثة (أحدها) کونه مملوکا له. له ولایة علیه و الغرض الرد علی بعض العامة کما أشار إلیه فی الغنیة و غیرها و مثل الخمر غیرها من المحرمات و النجاسات
(قوله) (الثالث بیع ما لا ینتفع به کالحشرات)
ما لا ینتفع به إما لخسته أو لقلته و کل منهما لا نفع فیه أصلا أو
______________________________
(1) کما خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 40
..........
______________________________
ینتفع به نادرا و قد أطلق فی الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و التذکرة و حواشی الکتاب للشهید و مجمع البرهان و المسالک و الکفایة تحریم بیع ما لا ینتفع به و قال فی المبسوط کل ما ینفصل من الآدمی من شعر و مخاط و لعاب و ظفر و غیره لا یجوز بیعه إجماعا لأنه لا ثمن له و لا منفعة فیه و فی موضع آخر من المبسوط فإن کان مما لا ینتفع به فلا یجوز بیعه بلا خلاف مثل الأسد و الذئب و سائر الحشرات و عد أشیاء کثیرة و فی الدروس ما لا نفع فیه مقصودا للعقلاء کالحشار و فضلات الإنسان و فی التنقیح ما لا نفع فیه بوجه من الوجوه کالخنافس و الدیدان (و قد ینزل) کلام من أطلق علی ما فی الدروس إذ کل شی‌ء فله نفع ما کما قال فی التذکرة و قال فیها أیضا لا اعتبار بما یورد فی خواص بعض الأشیاء من منافعها فإنها مع ذلک لا تعد مالا (و فی إیضاح النافع) جرت عادة الأصحاب بعنوان هذا الباب بعدم الانتفاع و ذکر أشیاء معینة علی سبیل المثل فإن کان ذلک لأن عدم النفع مفروض فلا نزاع و إن کان لأن ما مثل به مما لا یصح بیعه لأنه محکوم بعدم الانتفاع به فالمنع متوجه فی أشیاء کثیرة انتهی (قلت) الباب واسع و قد أدرجوا فیه أشیاء کثیرة و الذی ینبغی أن یکون ضابطا فی الباب و ینزل علیه کلامهم (أن یقال) إن من الأشیاء ما لا ینتفع به أصلا إما بالفرض أو فی ذلک الوقت و منها ما ینتفع بها نفعا نادرا تسقطه عقول أهل المعیشة و هذا یحرم بیعه سواء اشتری لذلک النفع النادر أو لا و إن لم یکن بحیث تسقطه العقول فإن لم یقصد ببیعه تلک المنفعة النادرة فهو محرم أیضا علی تأمل و إن قصد ببیعه تلک المنفعة فالظاهر الجواز و تحمل الإطلاقات و کلام التذکرة و إجماع المبسوط علی غیر هذا الفرض من الأقسام المذکورة. و مما لا ینتفع به ما نص الشارع علی تحریمه أو کانت منافعه کلها محرمة أو کان المحلل منها مما تستسقطه العقول بالنسبة إلی ما حرم منه و هذا الضابط لعله منطبق علی جمیع أقسام الباب ما ذکر منها و ما لم یذکر (و کیف کان) فالدلیل علی تحریم بیع ما لا نفع فیه إجماع المبسوط الصریح و الظاهر کما سمعت و مجمع البرهان و أنه إسراف و لا تجوز معاملة المسرف لشرط الرشد فلا یملک الثمن لعدم انعقاد البیع و هذا الدلیل لا یتناول ما إذا قصد ببیعه تلک المنفعة النادرة لمکان فعل الناس من غیر نکیر ببیع الأدویة و العقاقیر التی لا یحتاج إلیها الناس إلا نادرا و کذلک الدیدان و العلق للأمراض و مص الدم من وجه صاحب الکلف و لأن المعاملة إنما شرعت لقوام النظام و تسهیل أمر المعاش و ذلک یقتضی الصحة فی کل ما ینتفع به و لو نادرا إذا تعومل علیه لذلک و هذه إذا حیزت لمثل ذلک ملکت (و به یندفع ما قیل) إن البیع فرع الملک و مثل البیع فی الحکم غیره من المعاملات و هذه کلها یجوز الانتفاع بها فی جمیع الوجوه المحللة ما لم تدخل فی حکم المیّتة و لا ملازمة بینه و بین جواز الاکتساب و هذا کله منطبق علی ما لا ینتفع به لخسته أو قلته لکن الثانی یذکرونه فی شروط المعقود علیه و یعدون منها صلاحیة التملک و یفرعون علیه عدم صحة العقد علی حبة حنطة و ممن صرح بذلک المصنف فیما یأتی من الکتاب و نهایة الإحکام و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد (قالوا) و لا ینظر إلی ظهور الانتفاع به إذا ضم هذا القدر إلی أمثاله و إلی ما یفرض من وضع الحبة فی فم الفخ و لا یفرق بین زمان الرخص و الغلاء و لا یستلزم ذلک جواز أخذ الحبة و الحبتین من صبرة الغیر لأنه مال مملوک یقبل النقل بالهبة و نحوها و إنما نفوا تملکه بعقد معاوضة و لم ینفوا ملکیته مطلقا و اختلفوا فیما إذا تلف ففی الأخیرین أنه یضمن بالمثل و إن لم یتلف یجب رده و فی التذکرة لا یجب لها شی‌ء و یلزم علی هذا الاحتمال أن من أتلف لغیره حبات کثیرة لا یجب علیه شی‌ء و هذا شی‌ء ذکر استطرادا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 41
و السباع مما لا یصلح للصید کالأسد (1) و الذئب و الرخم و الحدأة و الغراب و بیضها
______________________________
و الفرض «1» أن کل ذلک لا ینافی ما ذکرنا (و لیعلم) أن السنجاب لیس من الحشار و لا من المسوخ و إن ساوی صغیره ابن عرس لأنه یصعد الشجر و یشم النسیم (و فی القاموس) الحشرات الهوام أو الدواب الصغار و فی حیاة الحیوان صغار دواب الأرض و صغار هوامها و قد ضبطه بأنه ما لا یحتاج إلی الماء و شم النسیم
(قوله) (و السباع مما لا یصلح للصید کالأسد إلخ)
المنع فی السباع کلها خیرة المراسم و ابن أبی عقیل و الاقتصاد حیث حکم بأنها نجسة الحکم (و النهایة) فی الجزء الأول منها غیر أنه استثنی الفهد و قد نسبه فی المهذب البارع إلی أکثر المتقدمین و حکاه عن الخلاف و سلار و لیس الأمر کذلک و فی المقنعة المنع إلا فی الصقر و الفهد و الهرة و نحوه ما فی الدروس و فی موضعین آخرین من النهایة جوز بیع السباع مطلقا (و هو خیرة) السرائر و الوسیلة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و المنتهی و المختلف و التحریر و شرح الإرشاد و الإیضاح و التنقیح و جامع المقاصد و إیضاح النافع و مجمع البرهان و حاشیة الإرشاد و الریاض و الحدائق و هو المنقول عن القاضی نقله فی المختلف و الإیضاح و الدروس (و هو خیرة) المبسوط غیر أنه استثنی الأسد و النمر و ذکر فی التذکرة ما فی الکتاب ثم استحسن الجواز و نفی الخلاف فی المبسوط عن تحریم بیع الأسد و الذئب و النسر و التکسب بها فکانت الأقوال فی السباع خمسة و فی النافع و الإرشاد فی السباع قولان فتأمل. و التأویل ممکن و الأمر هین و لم یرجح فی الإرشاد کأبی العباس فی المقتصر و المهذب البارع (و قال المصنف) فی ما یأتی من الکتاب و لو قیل بجواز بیع السباع «إلی آخره» و قد احتاط بقوله إن کانت «إلخ» لإمکان أن یکون فی السباع البحریة ما لا یقع علیه الذکاة و إن کان غیر معلوم الآن و نسب فی التذکرة إلی علمائنا جواز بیع الهرة و هو یؤذن بالإجماع (و لیعلم) أنه سیأتی أن المسوخ مما یقرب من ثلاثین صنفا فیدخل فیها بعض السباع و الأمر سهل کما ستعرف و لیعلم أیضا أن المفید و سلار و ابن حمزة و کذا الشیخ فی النهایة ذکروا فی الجنایات أن الذکاة لا تقع علی السباع (و یدل) علی جواز البیع فی الجمیع الأصل و العمومات لأن کانت أعیانا طاهرة ینتفع بها نفعا غالبا فلا سرف فیجوز بیعها علی کل مسلم مع العلم بقصده ذلک بل مع عدم العلم بالقصد لاحتمال ذلک و حمله علیه لمکان الغلبة بل یمکن مع العلم بعدم ذلک القصد کما فی بیع العنب لمن یجعله خمرا بل مع العلم بقصد المحرم عند من یجوز ذلک فی العنب (فإن ادعیت) کون هذا النفع نادرا (قلنا) الظاهر الجواز حین قصد النادر کما تقدم (و ما رواه ثقة الإسلام) فی الصحیح عن عیص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الفهود و سباع الطیر هل یلتمس التجارة فیها قال نعم و الصحیح الآخر لا بأس بثمن الهرة (و ما رواه الشیخ) عن أبی مخلد السراج حیث روی أنه سئل أبو عبد اللّٰه عن بیع جلود النمر فقال مدبوغة هی فقال السائل نعم (فقال علیه السلام) لیس فیه «2» بأس و الخبر المروی عن قرب الإسناد سأل علی ابن جعفر أخاه الکاظم علیه السلام عن جلود السباع و بیعها و رکوبها أ یصلح ذلک قال لا بأس ما لم یسجد علیها و نحوه أخبار سماعة الثلاثة و خبر المحاسن حیث دلت علی جواز اتخاذها و رکوبها و الانتفاع بها فکانت طاهرة قابلة للتذکیة فیجوز بیعها و شراؤها و هی معتضدة بالشهرة المتأخرة و الأصول و العمومات فتقدم علی إجماع المبسوط علی المنع فی الأسد و الذئب و النمر علی أنه قد یظهر من السرائر دعوی الإجماع
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر أنها الغرض بالغین (مصححه)
(2) به خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 42
و المسوخ (بریة) کالقرد و إن قصد به حفظ المتاع. و الدب (أو بحریة) کالجری و السلاحف و التمساح (1) و لو قیل بجواز بیع السباع لفائدة الانتفاع بذکاتها إن کانت مما تقع علیها الذکاة کان حسنا و یجوز بیع الفیل و الهر و ما یصلح للصید کالفهد
______________________________
علی الجواز فی الجمیع و ادعی أیضا فی مقام آخر الإجماع علی وقوع التذکیة علی الجمیع و قول الصادق علیه السلام لا یصلح أکل شی‌ء من السباع إنی لأکرهه و أقذره لیس دالا علی المنع فإن معنی أقذره فی المقام أعافه لا بمعنی أنجسه لأن کان القذر بمعنی النجس فتأمل (و أما الرخم) فهو جمع رخمة کقصب جمع قصبة طائر یأکل العذرة سمی بذلک لضعفه عن الاصطیاد یطلی بمرارته لسم الحیة و غیرها إلی غیر ذلک من المنافع الکثیرة التی ذکرت فی القاموس و غیره و الغرض بیان أن له منافع مقصودة للعقلاء و الحدأة کعنبة جمعه حدأ و حداء و أما الغراب فحیث عده من أقسام السباع فالمراد منه الأسود الکبیر الذی یأکل الجیف و یسکن الجبال و الأبقع لأنهما من سباع الطیر و قد حکی الإجماع علی تحریم أکلها فی صریح الخلاف فی الأبقع و ظاهره فی الأسود و ظاهر المبسوط فیهما و قد حکی عن صریح الأول و ظاهر الثانی الإجماع فی الجمیع فلا یلتفت إلی ما فی النهایة و التهذیبین و النافع (علی أنه) قد تحمل الکراهیة فی الثلاثة الأول علی التحریم فلا حاجة حینئذ إلی التقیید بما لا یؤکل لحمه و أما کونها من السباع فهو ظاهر السرائر و غیرها بل هو مما لا ریب فیه (و أما الزاغ) و هو غراب الزرع و الغداف و هو أصغر منه ففی تحریم أکلهما خلاف و الأقوی فی الجمیع التحریم کما فی المبسوط و الخلاف و المختلف و الإیضاح و الروضة و غیرها (لقول الکاظم علیه السلام) لأخیه فی الصحیح لا یحل شی‌ء من الغربان زاغ و لا غیره و للإجماعین المذکورین و خبر زرارة علی ضعفه متروک الظاهر إجماعا و علی هذا یصح إطلاق المصنف أیضا «فتأمل»
(قوله) (و المسوخ بریة کالقرد و إن قصد به حفظ المتاع و الدب أو بحریة کالجری و السلاحف و التمساح)
هی کما جاءت به الروایة کما فی مجمع البحرین القرد و الخنزیر و الکلب و الفیل و الذئب و الفأرة و الضب «1» و الأرنب و الطاوس و الدعموص «2» و الجری «3» و السرطان و السلحفاة و الوطواط «4» و النقعاء «5» و الثعلب و الدب و الیربوع «6» و القنفذ (قلت) ربما انتهت بعد الجمع بین الأخبار و کلام الأصحاب إلی ما یقرب من ثلاثین فیدخل فیها بعض السباع و لعله لم یثبت أنه من المسوخ إذ المراد من المسوخ ما علم أنه مسخ أو ظن ظنا معتبرا أو أن من المسوخ ما هو سبع و الأصحاب قد
______________________________
(1) الضب دابة تشبه الحرذون لا تشرب الماء و هی أنواع علی قدر الحرذون و أکبر منه و دون العنز و هو أعظمها
(2) الدعموص بالضم دویبة أو دودة سوداء تغوص فی الماء و تکون فی الغدران و الجمع دعامیص و دعامص
(3) الجری بالکسر سمک أسود طویل لیس له فلوس و یقال له الجریث بالثاء
(4) الوطواط الخفاش أو الخطاف
(5) النقعاء قال فی مجمع البحرین و فی الحدیث لا یجوز أکل شی‌ء من المسوخ و ذکر منها النقعاء بالنون و القاف و العین المهملة کما فی النسخ المتعددة و لعلها مصحفة و یقرب تصحیفها بالعنقاء و هو الطائر الغریب الذی یبیض فی الجبال و اللّٰه أعلم «انتهی» أقول لم أجدها فی شی‌ء من کتب اللغة کالصحاح و القاموس و النهایة و المغرب و المصباح و کأنه لذلک حملها فی المجمع علی التصحیف (مصححه)
(6) الیربوع دویبة نحو الفأرة لکن ذنبه و أذناه أطول منها و رجلاه أطول من یدیه عکس الزرافة و العامة تقول جربوع بالجیم کذا فی المصباح المنیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 43
..........
______________________________
عدوا الثعلب و الأرنب من السباع و قد عدا من المسوخ «فتأمل» و المراد بها صور الحیوانات التی حول الإنسان إلیها لأنها لا تبقی أکثر من ثلاثة أیام فلا تتوالد و للعلم بسبق جمیع أنواعها علی المسخ أو بعضها و عدم انقطاع موالیدها (و ما فی الفقیه) من ذکر النعامة فی المسوخ غیر موافق لشی‌ء من الأخبار و کلام الأصحاب و ربما ظهر علی الفقیه من کتاب الحج فی باب الصید اتفاقهم علی حلیتها حیث یضبطون صید البر بأنه الحیوان المحلل الممتنع بالأصالة و یقولون إن حرمة الأرنب و الثعلب و الضب و الیربوع و القنفذ و القمل «1» و الزنبور و العظایة «2» للأدلة المخصوصة و لیس تحریمها من عموم أدلة الصید و لا ریب أنهم مجمعون علی أن النعامة من الصید المحرم علی المحرم کبقرة الوحش و الظبی فلا ریب فی أنها لیست مسخا و المنع من بیع المسوخ خیرة المقنعة و النهایة و الخلاف و المبسوط و المراسم و الوسیلة و الغنیة و النافع و التذکرة و الإرشاد و التحریر و الدروس علی تأمل له فیه و جامع المقاصد فی أول کلامه و هو ظاهر جماعة کالقدیمین و کثیر من الشارحین و المحشین الذین لم یناقشوا أصحاب المتون کالآبی و الفخر و أبی العباس و المقداد و غیرهم و هو المنقول عن القاضی و فی الخلاف الإجماع علی أنه لا یجوز بیع شی‌ء من المسوخ و هو قد یظهر من الغنیة و فی الخلاف أیضا الإجماع علی أنه لا یجوز بیع القرد و فی المبسوط جعل المسوخ نجسة کالکلاب و ادعی الإجماع علی عدم جواز بیعها و إجارتها و الانتفاع بها و اقتنائها بحال (قال) إلا الکلب فإن فیه خلافا و لم ینقل خلافا فی المسوخ و لا فیما توالد منها و لا من أحدها و صرح فی صلاة المبسوط بنجاسة وبر الثعلب و أنه إذا کان رطبا نجس و فی أطعمة الخلاف إلا المسوخ کلها نجسة و فی المراسم و الوسیلة و الإصباح نجاسة لعابها (و عن أبی علی) القول بنجاسة سؤر المسوخ و یمکن تنزیل قول الشیخ بنجاستها علی ما ذکره فی الاقتصاد من أنها نجسة الحکم یعنی لا یجوز بیعها لکن ذلک لا یتم فی وبر الثعلب و اللعاب و أول من خالف ابن إدریس فی خصوص الفیلة و الذئبة فیجوز بیعهما فنسبته الخلاف إلیه فی الجمیع کما فی جامع المقاصد لم تصادف محلها کما یظهر ذلک لمن لحظ جمیع کلامه و جمع بین أطرافه (و نعم ما فهمه المصنف) منه فی المختلف و قد جوز هو فیه بیع الجمیع و عبارته کأنها صریحة فی ذلک لکن کلام جامع المقاصد یعطی أنه لیس بتلک الصراحة حیث قال یفهم من المختلف و مال إلی الجواز فی مجمع البرهان (و قال فی الریاض) إنه قوی جدا (و فی المسالک و الکفایة) إذا قلنا إنها تذکی جاز بیعها لمن یقصد بها الانتفاع أو اشتبه القصد و نحوه ما فی جامع المقاصد حیث قال ینبغی علی ذلک التقدیر و ظاهره التردد کالشهید فی الدروس حیث قال إذا قلنا إنها لا تذکی لا یجوز کما أشرنا إلیه آنفا (هذا کلام جمیع من خالف أو تردد) فنسبة الجواز إلی أکثر المتأخرین کما فی الریاض لم تصادف محزها و کیف ینسب إلی الأکثر و لم یتفق
______________________________
(1) القمل فی القاموس کسکر صغار الذر و الدباء الذی لا أجنحة له أو شی‌ء صغیر بجناح أحمر و الشی‌ء یشبه الحلم لا یأکل أکل الجراد خبیث الرائحة أو دواب صغار کالقردان (و فی الصحاح) القمل دویبة من جنس القردان إلا أنها أصغر منها یرکب البعیر عند الهزال و أما قملة الزرع فدویبة أخری تطیر کالجراد فی خلقة الحلم و جمعها قمل و فی مجمع البحرین القمل بالتشدید کبار القردان و قیل دواب أصغر من القمل
(2) فی القاموس العظایة دویبة کسام أبرص جمعه عظاء و فی الصحاح العظاء ممدود جمع عظاءة و هی دویبة أکبر من الوزغة و الواحدة عظاءة و عظایة أیضا و فی النهایة العظایا جمع عظایة دویبة معروفة و یقال للواحدة أیضا عظاة و جمعها عظاء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 44
..........
______________________________
اثنان منهم علی کلمة واحدة إلا فی التردد (ثم إن عبارة المختلف) لیست صریحة عند المحقق الثانی فلم یکن هناک مفت علی البت فی الجمیع فتدبر (و أما الفیل) فقد حکم فی الخلاف بجواز التمشط بالعاج منه و استعمال المداهن منه و ادعی علیه الإجماع و العاج عظم أنیاب الفیل و فی السرائر لا خلاف فی جواز استعمال عظم الفیل مداهن و أمشاطا و غیر ذلک و فی الشرائع و الإرشاد و التذکرة و شرح الإرشاد و الدروس و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک التصریح بجواز بیعه و شیخنا صاحب الریاض ظن أن العاج غیر عظام الفیل و هو منه عجیب حیث لم یرجع إلی کتب اللغة (حجة المتقدمین) علی تحریم بیع المسوخ الإجماعات المذکورة خرج منها الفیل بالإجماع و خبر عبد الحمید و خبر ابن یزید و بقی الباقی (و احتجوا) بما رواه الشیخان فی الکافی و التهذیب عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهی عن القرد أن یباع أو یشتری و لا قائل بالفصل إلا فی الفیل و الضعف منجبر بالشهرة معتضد بالإجماعات و لا داعی إلی حمله علی الکراهة و لا إلی تقییده بعدم الانتفاع أو بالمحرم منه کالإطافة به کما فی الریاض تبعا لمجمع البرهان فکان هذا القسم مما نص الشارع علی تحریمه و ألغی منفعته و إن کثرت أو قلت حفظ متاع کانت أو غیره مع أنه أی حفظ المتاع منفعة نادرة غیر موثوق بها فلا یلتفت إلی ما فی مجمع البرهان و الکفایة من أن الأقرب جواز بیعه لحفظ المتاع کما اختاره الشافعی نقله عنه فی المنتهی و هذا لا ینافی ما أصلناه فی أول المسألة لأنه مما نص الشارع علی تحریمه (و أما علی القول بنجاستها) فالأمر واضح و کلام شیخنا صاحب الریاض غیر جید فی المقام لا فی النقل و لا فی الموضوع و لا فی الدلیل لأنه أغفل الإجماعات أو لم یظفر بها و لا فی التأویل و لا فی الحکم کما قد أشرنا إلی ذلک کله هذا کلامهم فی المقام و لهم کلام آخر فی باب الذباحة (و هو أنهم اختلفوا) فی وقوع الذکاة علیها فمن ذهب إلی نجاستها کالشیخین و سلار قال بعدم وقوع الذکاة علیها و القائلون بطهارتها اختلفوا فذهب المرتضی و جماعة منهم المصنف و ولده و الشهید فی غایة المراد إلی وقوعها علیها و نسبه فی کشف اللثام إلی المشهور و فی غایة المراد إلی ظاهر الأصحاب و لعله بناه علی أن الأرنب و الثعلب منها فتأمل (و استندوا) فی ذلک إلی الأصل و ورود النص علی حل الأرنب و القنفذ و الوطواط مع أن المذهب حرمة الأکل فیکون فی جلدها و لعموم إلا ما ذکیتم (و زاد فی الإیضاح) بأنه إذا ثبت فی الأرنب ثبت فی غیره لعدم الفارق من الأمة بین المسوخ و غیرها و لا یخفی علیک ضعف هذه الأدلة إذ الأصل مقطوع بما عرفت من الأدلة علی عدم جواز بیعها سواء أرید به أصل الإباحة أو البراءة أو الطهارة أو الاستصحاب و معارض بأن الأصل فی المیّتة النجاسة إلی أن تعلم التذکیة و لا علم بها هنا و نمنع شمول إلا ما ذکیتم لها فإن الکلام فی وقوع التذکیة لأنها حکم شرعی منقول عن معناه اللغوی أعنی الحدة و النفاذ أو التمام (سلمنا) أنها لیست منقولة و أنها فری العروق المعینة فإن صدقت التذکیة خرجت عن المیّتة و إلا لم یجز الانتفاع و کون المحل قابلا مستعدا لا مدخل له فی المقام (لکنا نقول) المیّت و المیّتة فی اللغة ما خرجت روحه ثم الشرع فصل فحکم فی الإنسان بعدم الانتفاع بجلده و إن ذبح و فی مأکول اللحم بالانتفاع بجلده فی الصلاة و غیرها و لم یرد فی الشرع فی المسوخ أنه یجوز الانتفاع بجلدها لا فی الصلاة و لا فی غیرها فلا مخرج لها عن عموم النهی عن الانتفاع بالمیتة (و أما النصوص) التی استدلوا بها فهی خبر محمد و خبر حماد و هما شاذان نادران مخالفان لضرورة المذهب أحسن محاملهما التقیة و إلا فالطرح أولی بهما و استوضح ذلک فی السباع فإنه لم یرد فی الشرع إلا أنها إن ذبحت جاز الانتفاع بجلدها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 45
و بیع دود القز (1) و بیع النحل مع المشاهدة و إمکان التسلیم (2)
______________________________
فی غیر الصلاة فخرجت عن عموم النصوص الناهیة عن الانتفاع بالمیتة و لا یجوز لنا الانتفاع بها فی الصلاة إذ لا مخرج لها عن عموم النهی عن الصلاة فی جلد المیّتة و لا بعد فی أن یحل الذبح فیها انتفاعا دون انتفاع و لا تحکم فی الاقتصار علی مورد النص و الکف عن القیاس سواء سمینا ذبحها ذکاة أم لا سمیناها إذا ذبحت میتة أم لا (فإن قلت) لا یخلو المذبوح إما میتة أو لا (قلنا) میتة خرجت من النصوص الدالة علی النهی عن الانتفاع بها بالنصوص المخصصة و بذلک یتضح حال المسوخ (فلیلحظ هذا) فإنه دقیق نافع جدا فی الباب و به یندفع الإشکال عن القوم و ما فی الإیضاح من عدم القول بالفرق بین الأرنب و غیره فأوهن شی‌ء کیف و قد أطبقوا علی جواز استعمال جلود الأرانب و الثعالب حتی قیل بالجواز فی الصلاة و إنما اختلفوا فی احتیاجه إلی الدبغ و الأصحاب فیه علی قولین منقول علی کل منهما الشهرة و هذا مما یدل علی أنهما من السباع لأنهما یأکلان اللحم کما صرح بذلک کثیر من الأصحاب و ظهر من جملة من الأخبار (و أما القرد) فلا أقل من وقوع الخلاف فیه و إلا فالإجماع منقول علی حرمة بیعه کما عرفت فلا تقع علیه التذکیة فقد حصل الفرق بین الأرنب و غیره من المسوخ (هذا و ممن قال بطهارتها) و عدم وقوع الذکاة علیها کالحشار المحقق فی الباب المذکور و الشهید الثانی و جمیع من منع من بیعها لما عرفت من الأصل و غیره و لم ینسب فی الشرائع القول بوقوع الذکاة علیها إلا للمرتضی و لعل ذلک لأن الشیخین و سلار و ابن حمزة قائلون بنجاستها (هذا تمام الکلام) فی المقام الآخر و قد دعت الحاجة إلی تنقیحه لمکان التلازم بین وقوع الذکاة و صحة الاکتساب بها و من البعید جدا احتمال وقوع الذکاة علیها لینتفع بها و لا یجوز الاکتساب بها جمعا بین الأقوال فی المقامین (و تنقیح البحث) أن یقال إن المدار علی خصوص صفة النجاسة فی المنع من الاکتساب و علی صنعة الحرام و فعله و آلاته «و لیس للمسخیة و السبعیة» فی ذواتهما تأثیر فی المانعیة و إنما المدار علی النفع المعتبر و عدمه فما کان من المسوخ من نجس العین أو من الحشار أو من السباع جرت فیه أحکامها (و ما خرج عنها) و لا فائدة فیه امتنعت المعاوضة علیه و ما کان فیه فائدة کالفیل و الثعلب و الأرنب صحت المعاملة علیه لقیام الإجماع و دلالة الأخبار المتظافرة علی جواز الانتفاع بهذه الموقوف علی تذکیتها و لا ریب أن التذکیة موقوفة علی الطهارة علی أن کثیرا منها لا نفس له فقد ظهر وهن إجماع المبسوط علی نجاستها و کذا إجماعه و إجماع الخلاف علی عدم جواز بیعها و البیع للجلد و العظم غیر بیع الجلد و العظم فلا غرر
(قوله قدس سره) (و بیع دود القز)
یجوز بیع دود القز و إن لم یکن معه قز کما فی التحریر و الدروس و جامع المقاصد و غیرها لأنه حیوان طاهر ینتفع به فی المحلل و فی حواشی الشهید أنه یثبت فیه خیار الحیوان و یجوز أیضا بیع بزره کما فی الدروس و جامع المقاصد و علیه السیرة فی الأعصار و الأمصار لکنه قد یباع جزافا و الأکثر علی مراعاة الوزن فیجب اعتباره کما حررناه فی محله
(قوله رحمه اللّٰه) (و بیع النحل مع المشاهدة و إمکان التسلیم)
النحل إذا جاء إبان خروجه عن أمهاته یطیر و ینتشر ثم یقع علی بعض الأشجار مجتمعا بعضه علی بعض و مشاهدته فی إحدی الحالتین کافیة فی رفع الغرر کما هو معلوم عند أهله و یرتفع الغرر أیضا بمشاهدته فی کورته من الجانبین أو جانب واحد قبل أن یصنع العسل و الشمع و أما إمکان تسلیمه فیتحقق إذا وقع علی بعض الشجر أو طار قریبا من الأرض فإنه یرش علیه التراب فیقع علی الشجر کما شاهدنا ذلک کله (و قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 46
و یجوز بیع الماء و التراب و الحجارة و إن کثر وجودها (1) و یحرم بیع التریاق لاشتماله علی الخمر و لحوم الأفاعی (2) فلا یجوز شربه للتداوی إلا مع خوف التلف و أما السم من الحشائش و النبات فیجوز بیعه إن کان ممّا ینتفع به و إلا فلا (3)
______________________________
نص) علی جوازه مع الشرطین المذکورین فی عبارة الکتاب «1» فی التحریر و الدروس و الحواشی و جامع المقاصد (و لو بیعت) فی کوراتها ففی التحریر و الحواشی أنه لا یجوز بیعها و یجوز الصلح علیها و فی المنتهی و جامع المقاصد أنه یصح مع المشاهدة و یدخل ما فیها من العسل تبعا کاللبن فی ضرع الشاة إذا بیعت و أس الحائط مع بیعه
(قوله قدس سره) (و بیع الماء و التراب و الحجارة و إن کثر وجودها)
کما فی التحریر و التذکرة فی موضعین منها و جامع المقاصد و لو علی الشاطئ لأنها متمولات و علیه السیرة لکنه یکره بیع الماء کما فی التذکرة (و تنقیح البحث فی الماء) أنه إن کان یجری من نهر جاز بیعه علی الدوام و کذلک ماء العین التی تنبع علی الدوام و لا فرق فیه حینئذ بین کونه منفردا أو تابعا للأرض و أما إذا لم ینبع علی الدوام فالأشهر کما فی الکفایة منعه لکونه مجهولا و کونه یزید شیئا فشیئا فیختلط المبیع بغیره (و إن کان راکدا) ففی حواشی الشهید أنه یباع کیلا أو وزنا و لیس کذلک بل یباع جزافا لأنهم أجمعوا علی أنه لا یثبت فیه الربا لأنه غیر مکیل و لا موزون و العلم بما ظهر منه و تسلیمه کاف فی العلم و التسلیم لکنهم قالوا لا یباع سلفا إلا وزنا و یأتی فی باب الإجارة ما له نفع فی المقام (و أما التراب) فإن کان أرمنیا فإن جرت العادة بوزنه کما هو الظاهر فلا بد من الوزن و کذا الحال فی المغرة و تراب الروس فإن اختلفت أحوال البلدان فلکل بلد حکمه کما هو المشهور و ما سوی ذلک من التراب یکفی فیه المشاهدة و کذلک الحال فی الحطب و لا عبرة ببیعه وزنا فی بعض البلدان لأن الوزن غیر شرط فی صحته و قد أطلق الشیخ و القاضی تحریم بیع الطین المأکول و فی الخلاف الإجماع علیه (و الطین الأرمنی) یؤخذ للکسر و المبطون کما روی ذلک فی مکارم الأخلاق (و فی الخبر) أنه من طین قبر ذی القرنین و أن طین قبر الحسین علیه السلام خیر منه (و فی الإیضاح) نفی الخلاف عن جواز أکله لدفع الهلاک و للشافعی فی الحجارة وجهان الجواز لظهور المنفعة و المنع لأنه سفه و الحق التفصیل فما خلی منها عن النفع بالکلیة لم تصح المعاملة و إلا صحت
(قوله رحمه اللّٰه) (و یحرم التریاق لاشتماله علی الخمر و لحوم الأفاعی)
هو بکسر التاء و یقال الدریاق و هذا المرکب لا یعد مالا لأنه مرکب من أعیان نجسة علی القول بنجاسة میتة الأفعی لأنها ذات نفس سائلة إجماعا کما فی سلف المبسوط و إلا فمن نجس و محرم لا یقبل الذکاة لأنها من الحشار أو من نجس و متنجس لا یقبل التطهیر لامتزاجه بالخمر (و منه یعلم) حال ما فی جامع المقاصد من أنه من نجس و محرم و قال إن التریاق عند الأطباء قد یخلو من هذین الأمرین فیجوز بیعه قطعا بخلاف ما اشتمل علی أحدهما و إن أمکن الانتفاع به فی المحلل کالطلاء و الضماد و لکنه لو اضطر إلیه بحیث لا یمکن تحصیله إلا بعوض کان افتداء لا بیعا
(قوله رحمه اللّٰه) (و أما السم من الحشائش و النبات فیجوز بیعه إن کان مما ینتفع به و إلا فلا)
کما صرح بذلک فی التذکرة فی موضعین منها و التحریر و الدروس و جامع المقاصد لکن أطلق فی الدروس و لم یقیده بکونه من الحشاش و النبات و یحتمل علی بعد أن یکون
______________________________
(1) المصنف خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 47
و فی جواز بیع لبن الآدمیات نظر أقربه الجواز (1) و لو باعه دارا لا طریق إلیها و لا مجاز جاز مع علم المشتری و إلا تخیر (2)

[الرابع ما نص الشارع علی تحریمه]

(الرابع) ما نص الشارع علی تحریمه‌عینا کعمل الصور المجسمة (3)
______________________________
الوجه فی التقیید إخراج مثل الألماس «1» فإنه سم و یجوز بیعه و لا ینتفع بسمیته أصلا و لا کذلک السم من النبات فإنه لا یجوز بیعه إلا إذا أمکن التداوی بیسیره کالسقمونیا «فتأمل جیدا» و بذلک یندفع اعتراض جامع المقاصد و قد یکون أدخله فی النبات قال فی القاموس المعدن منبت الجوهر و إلا فالنبات أعمّ من الحشائش فتأمل
(قوله رحمه اللّٰه) (و فی جواز بیع لبن الآدمیات نظر أقربه الجواز)
کما هو خیرة المبسوط و الخلاف و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و موضع من التذکرة و منع منه فی موضع آخر منها و تردد فی التحریر من دون ترجیح «و وجه الجواز» أنه عین طاهرة علی الأصح ینتفع بها نفعا محللا مقصودا عقلا و شرعا «و وجه العدم» أنه من الفضلات کالبصاق فکان مستخبثا و الظاهر أن محل النزاع حال انفصاله و أما حال بقائه فی الثدی فالمنع من وجه آخر کالغرر و نحوه کما منعوا من بیع لبن المنحة و إن جوزوا إعارتها لأنه یغتفر فی الجائزة ما لا یغتفر فی اللازمة و قد جوزوا إجارة لبن الآدمیات و قالوا إن الرخصة جوزت تعلق الإجارة به و إن کان عینا کالصبغ فی الصباغة و هذا یعطی جواز بیعه إن حصلت شرائط البیع (و قد یقال) إنا لا نقول إن الإجارة تعلقت بالأعیان لأن الاستئجار علی الرضاع و اللبن فی حکم التابع و یجری ذلک فی جمیع الحیوانات المحللة کما ستسمع فی لبن الأتن و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی باب الإجارة بما لم یوجد فی کتاب. و یصح الصلح علیه مع بقائه فی الثدی لأنه لا یشترط فیه العلم. و الأجرة لو جعلت فی مقابلة العمل دون اللبن لم تمنع حرمته علی المکلف و لا نجاسته من جعلها لغیره و بذلک صح استئجار الیهودیة علی الإرضاع و لا یجوز بیع لبن الرجل و لا الخنثی و یجوز بیع لبن الأتن إجماعا کما فی الخلاف
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو باعه دارا لا طریق إلیها و لا مجاز جاز مع علم المشتری و إلا تخیر)
کما فی التذکرة و التحریر و الدروس لأنه لا یشترط الانتفاع فی الحال فعلا حتی یکون مما لا نفع فیه بل یکفی و لو کان فی المال قوة إذ یمکن تحصیله من الجیران بعاریة أو استئجار و لا ینتقض بالطیر فی الهواء و السمک فی الماء لأن الفساد فی ذلک عائد إلی انتفاء التسلیم فظهر الوجه فی ذکر المسألة فی المقام و أراد بقوله جاز. اللزوم. بقرینة قوله و إلا تخیر و لعل التعبیر بالجواز هنا و فی التذکرة و التحریر لأنه فی المقام مطمح النظر و محل البحث و اللزوم یلحظ تبعا و یرشد إلی ذلک أنه فی التحریر لم یشترط العلم و لم یذکر التخییر
(قوله) (الرابع ما نص الشارع علی تحریمه کعمل الصور المجسمة)
فی حاشیة الإرشاد و حاشیة المیسی و إیضاح النافع و الروض فی باب الصلاة و الروضة أن الصورة خاصة بالحیوان و أن التمثال یشمل الحیوان و الأشجار و الأکثر لم یفرقوا لکن ظاهر مقابلة الصورة بالنقش فی بعض الأخبار یعطی أن الصورة خاصة بذات الجسم و أن ما لم یکن جسما خارج عنها و قد فهم الأکثر من الصورة خصوص المجسمة (و قال فی البحار) کلام الأکثر أوفق بکلام أهل اللغة فإنهم فسروا الصورة و المثال و التمثال بما یعم و یشمل غیر الحیوان لکن ظاهر إطلاق أکثر الأخبار التخصیص ففی بعض الروایات مثال طیر أو غیر
______________________________
(1) لأن القلیل منه مضر قطعا و به سم معاویة مولانا الحسن علیه السلام (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 48
..........
______________________________
ذلک و فی بعضها صورة إنسان و فی بعضها تمثال جسد (ثم إنه ساق أخبارا أخر) تدل علی إطلاق المثال و الصورة علی ذی الروح (ثم قال) و قد وردت أخبار کثیرة تتضمن جواز عمل صورة غیر ذی الروح (ثم نقل) عن المطرزی اختصاص التمثال بصورة أولی الأرواح (و أنه قال) و أما تماثیل شجر فمجاز و قد یوافقه کلام الصدوق فی المقنع و فی کشف اللثام. المعروف فی اللغة ترادف التماثیل و التصاویر و الصور بمعنی التصاویر «انتهی» و بذلک یعرف الحال فی أخبار الباب و کلام الأصحاب و کیف کان فالظاهر أن للنقش صورا خمسة النقش المطلق من غیر تصویر صورة شی‌ء و هذا جائز إجماعا و تصویر الحیوان ذی الظل و غیر ذی الظل و غیر الحیوان ذی ظل و غیره و ستسمع الکلام فیها و قد عبر المصنف بالصورة المجسمة کما فی الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة (و قد فهم) من هذه العبارات فی الدروس و حواشی الکتاب و التنقیح و إیضاح النافع و حاشیة الإرشاد و الروضة و الکفایة أن المراد بالصور ذات الأرواح و بالمجسمة ذات الظل و هو الذی فهمه المصنف فی المختلف علی الظاهر و الشهید فی الدروس و المقداد و الفاضل القطیفی من قول الشیخین و سلار فی المقنعة و النهایة و المراسم حیث قالوا عمل التماثیل المجسمة مع زیادة الصور فی النهایة (لکن المحقق) الثانی فی جامع المقاصد و الشهید الثانی فی المسالک و الفاضل المیسی فهموا من عبارة الکتاب و الشرائع أن المراد بالصور ما یشمل ذات الأرواح و غیرها و احتمل فی الروضة من عبارة اللمعة حمل المجسمة علی الممثلة لا المثال و علی ما فهمه الأکثر من عبارة الشیخین و سلار و عبارة الکتاب و نحوها یکون التحریم مختصا بالصورة ذات الظل من الأرواح (و قد حکی) علی تحریم عمل تلک الإجماع فی جامع المقاصد و مجمع البرهان و الریاض و فی التنقیح و إیضاح النافع نسبته إلی الشیخین و سائر المتأخرین و فی الکفایة لا أعلم فیه مخالفا (قلت) الإجماع علی التحریم معلوم لأن القاضی و التقی و ابن إدریس و غیرهم یقولون بذلک و زیادة و یبقی الکلام فی الاختصاص بمعنی أنه لا یحرم غیره کما هو الظاهر من کلامهم لأن مفهوم اللقب فی عبارات الفقهاء حجة و به یثبت الوفاق و الخلاف (و یدل علی الحکم المذکور) بعد الإجماع ما رواه الصدوق (فی حدیث المناهی) عن مولانا الصادق علیه السلام (قال) نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن التصاویر (و قال) من صور صورة کلفه اللّٰه تعالی یوم القیامة أن ینفخ فیها «الحدیث» و نحوه ما رواه فی الخصال و ما روی عن ابن عباس عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم و فی خبر تحف العقول و رسالة المحکم و المتشابه و صنعة صنوف التصاویر ما لم یکن فیه مثال الروحانی فحلال تعلمه و تعلیمه و هذا یدل بالمفهوم کصحیح محمد ابن مسلم و الفقه الرضوی و هذه الأخبار تدل بإطلاقها علی تحریم تصویر ذوات الأرواح و إن لم تکن ذات ظل کما هو خیرة السرائر و حواشی الشهید و تعلیق النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و الکفایة و استحسنه صاحب إیضاح النافع و مال إلیه أو قال به فی المختلف و کذا المحقق الأردبیلی و به قال التقی و القاضی علی ما ستسمع (و إن حمل) الصفة علی الممثل دون المثال کان الکل قائلین به (و أما مرسل جعفر ابن بشیر و خبر أبی بصیر و نحوهما) مما دل علی الرخصة علی الجلوس علیها فضعیفة السند ضعیفة الدلالة لعدم ظهور التماثیل فیها فی تماثیل الحیوانات فتحمل علی تماثیل الشجر و نحوها (ثم) إنه لا ملازمة بین رخصة الجلوس و جواز الفعل فلا یتم الاستدلال بالصحیح الناطق بأنه لا بأس أن تکون التماثیل فی البیت إذا غیرت رءوسها و ترک ما سوی ذلک (و لک أن تقول) إن الأصل و مرسل ابن بشیر و خبر أبی بصیر مؤیدة بعمل الأکثر و الصحیح من الإطلاقات السالفة غیر ظاهر الدلالة علی المنع و الظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 49
..........
______________________________
قاصر السند (و فیه) أن أخبار المسألة کثیرة جدا بین صحیح ظاهر و غیره فهی متعاضدة لکن فی تعیین ذلک نظر لمکان الأصل و عمل الأکثر (و مما یدل) علی عدم الملازمة بین جواز الجلوس و جواز الفعل الأخبار الصحیحة و غیرها و هو المستفاد من کلام الأصحاب فی مکان المصلی و لباسه (قال) فی مجمع البرهان فی باب لباس المصلی المستفاد من الأخبار الصحیحة و أقوال الأصحاب عدم حرمة بقاء الصورة (قلت) و الأمر کما قال کما بینا الحال فی باب لباس المصلی و مکانه لکن قال فی المقام ما حاصله أن ذلک فی الصور الحیوانیة المنقوشة علی الحائط و البساط و السریر و نحوها دون الصور الظلیة فإن الظاهر حرمة إبقائها کإحداثها (قلت) فی قرب الإسناد عن علی ابن جعفر أنه سأل أخاه علیه السلام عن مسجد یکون فیه تصاویر و تماثیل یصلی فیه قال تکسر رءوس التماثیل و تلطخ رءوس التصاویر و فی خبر علی ابن جعفر و هو صحیح عن أخیه علیه السلام سأله عن الدار و الحجرة فیها التماثیل أ یصلی فیها قال لا تصل فیها و فیها شی‌ء یستقبلک إلا أن لا تجد بدا فتقطع رءوسها و إلا فلا تصل فیها و الکسر و القطع یعطیان التجسیم ظاهرا و النهی محمول علی الکراهیة إجماعا محکیا فی عدة مواضع و أوضح منها خبر المحاسن عن علی ابن جعفر عن أخیه علیه السلام سأله عن البیت فیه صورة سمکة أو طیر أو شبهها یعبث به أهل البیت فکانت الأخبار دالة علی جواز بقائها و إن کانت ظلیة للأصل السالم عن المعارض إلا ما فی خبر محمد ابن مروان و خبر أبی بصیر و خبر المحاسن إنا لا ندخل بیتا فیه کلب و لا تمثال جسد کما فی الأول و فی خبر المحاسن و لا جنب و لا تمثال یوطأ و من المعلوم أنه لا یحرم بقاء الجنب فی البیت کما لا یحرم إبقاء الکلب فکانت محمولة علی الکراهیة و فی خبر أبی بصیر لا ندخل بیتا فیه صورة و لا کلب و لا بیتا فیه تماثیل و هو قد یدل کخبر المحاسن و خبر ابن مروان علی حرمة الصورة الغیر الظلیة فتکون معارضة بالأخبار الصحیحة و المستفاد من کلام الأکثر (و قد یستفاد) من ذلک أنه لا یحرم النظر بدون شهوة إلی صورة النساء المنقوشات علی الجدران و نحوها و لا إلی صورة المرأة المخصوصة إذا قوبلت بالمرآة کما یرشد إلی ذلک خبر الخنثی فلیتأمل. لکن قد فهم المقدس الأردبیلی من التذکرة فی باب الودیعة أن مجرد النظر فی کتاب الغیر و النسخ منه تصرف و إن لم یفتحه و لم یضع یده علیه و أنه لیس کالجلوس تحت حائط الغیر و فرع علی ذلک أنه لا یجوز النظر إلی جاریة الغیر و الأجنبیة فی المرآة و الماء فلیلحظ ذلک (فقد تحصل) أنه یجوز اقتناء ذی الصورة و بیعه و الانتفاع به علی کراهیة إذ لیس هو مما صنع للحرام حتی یلزم إتلافه بل هو من الصنع الحرام فلیلحظ ذلک و لیتأمل فیه (و قال القاضی) فیما نقل عنه تحرم التماثیل المجسمة و غیر المجسمة (و قال أبو الصلاح) تحرم التماثیل فإن کان مرادهما بالتماثیل ذات الأرواح کما یعطیه خبرا علی ابن جعفر المتقدمان و قد سمعت نقل ذلک عن المطرزی قاطعا به و یناسبه الاشتقاق إذ المثول بمعنی القیام. کانا موافقین لابن إدریس و إن کان المراد بالتماثیل ما یشمل غیر ذات الأرواح کصورة الشمس و القمر و النبات و الشجر فلا تساعدهما الأدلة بل صریح الصحیحین أنه لا بأس بتماثیل الشجر و الشمس و القمر و نحوهما الأخبار الواردة فی تفسیر الآیة الشریفة یعملون له ما یشاء من محاریب و تماثیل (من أنها) ما هی تماثیل الرجال و النساء و لکنها تماثیل الشجر و شبهه إلی غیر ذلک من الأخبار الدالة علی خلاف ذلک مفهوما و سوقا مضافا إلی الأصل و الاعتبار إذ لا یخلو بساط و لا وسادة عن اشتماله علی ما یشبه شیئا و هذه الأخبار تدل بإطلاقها علی عدم الفرق بین الصور الظلیة و غیرها و کذلک الأصل فلا حجة علی تحریم عمل الظلیة منها کما قد یفهم أو یتوهم من عبارات الشیخین و سلار و المصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 50
و الغناء (1) و تعلیمه و استماعه و أجر المغنیة
______________________________
و المحقق و غیرهم کما أشرنا إلیه آنفا (و أما ما قد یستدل به) لما قد یظهر من إطلاق القاضی و التقی بالخبر الناهی عن تزویق البیوت قلت ما تزویق البیوت قال التصاویر و التماثیل و بقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم للأمیر علیه السلام لا تدع صورة إلا محوتها و لا کلبا إلا قتلته و الأخبار المستفیضة المعربة عن عدم نزول الملائکة بیتا تکون فیه تماثیل کما أشرنا إلیه (ففیه) أن الخبرین الأولین ضعیفان و کأن الأول یراد به النهی عن السرف و قد تضمن الثانی قتل جمیع الکلاب و لا قائل به و أما أخبار عدم نزول الملائکة فقد عرفت الحال فیها و أنها محمولة علی الکراهة أو تقید بذوات الأرواح ظلیة کانت أو غیرها علی اختلاف الرأیین و یبقی الکلام فی صورة الجنی و الملک إن أمکن تصویر ذلک و لعل الظاهر إلحاقها بصورة الإنسان و المدار فی صورة الإنسان علی صدق الاسم و تصویر البعض مع عدم صدقه لا مانع منه و لا یلحق بالحیوان صورة البیضة و العلقة و نحو ذلک مما هو منشأ الحیوان
(قوله) (و الغناء)
الغناء ککساء و قد اختلف فی معناه ففی الشرائع فی باب الشهادات و التحریر و الإرشاد و تعلیقه و الدروس فی شهاداته و جامع المقاصد أنه مد الصوت المشتمل علی الترجیع المطرب و فی المفاتیح أنه المشهور و ذکر له فی مجمع البحرین معنیین (أحدهما) ما یسمی فی العرف غناء و إن لم یطرب (و الثانی) ما ذکرناه فیه و لعله عول فی ذلک علی الروضة و المسالک و ستعرف الحال فی ذلک و علی المعنی المذکور أعنی المشهور ینزل ما فی القاموس حیث قال غناء ککساء من الصوت ما طرب به إذ التطریب فی الصوت مده و تحسینه کما فی الصحاح و غیره (و فی القاموس) التطریب الإطراب کالتطرب و التغنی (و فی المصباح المنیر) طرب فی صوته رجعه و مده فقد تحصل هنا أن المراد بالإطراب و التطریب غیر الطرب بمعنی الخفة لشدة حزن أو سرور کما توهمه صاحب مجمع البحرین و غیره من أصحابنا کما ستعرف فکأنه قال فی القاموس الغناء من الصوت ما مد و حسن و رجع فانطبق علی المشهور إذ الترجیع تقارب ضروب حرکات الصوت و النفس فکان الترجیع لازما للإطراب و التطریب (و من هنا صح للمصنف) أن یفسره فی شهادات الکتاب بترجیع الصوت و مده و فی الإرشاد و التحریر بذلک مع زیادة التطریب و الوجه فیه أن الترجیع قد یکون بلا مد قطعا و لیس غناء قطعا و قد یکون مع مد من غیر تحسین و تطریب و ترقیق بل مع جفاء و خشونة و غلظ فی الصوت و لیس هذا بغناء قطعا و قد یکون المد بلا ترجیع و هذا أیضا لیس بغناء فمن ذکر المد و الترجیع و التطریب فلا حاجة به إلی تضمین و لا تحمیل کما أن من ذکر التطریب و الإطراب کذلک لأنه لا یکون بدون مد و ترجیع و أن من ذکر المد و الترجیع فقد حمل أحدهما و ضمنه معنی التحسین و التطریب و الترقیق و أبقی الآخر علی معناه الأصلی کما أن من اقتصر علی أحدهما حمله و ضمنه ذلک و بذلک ینطبق علی المشهور ما نقله فی النهایة عن الشافعی من أنه تحسین الصوت و ترقیقه بالتقریب المشار إلیه و کذلک قوله فیها کل من رفع صوتا و والاه فصوته عند العرب غناء لأن المراد بالموالاة الترجیع و بذلک ینزل علی المشهور أیضا ما فی شهادات الکتاب و بعض کتب اللغة من أنه ترجیع الصوت و مده و ما فی السرائر و إیضاح النافع من أنه الصوت المطرب لأنه کما فی القاموس و قول من قال إنه مد الصوت و قول من قال من رفع صوتا فهو غناء و قوله فی المصباح المنیر أنه الصوت کما یظهر ذلک لدیک مما ذکرناه (و یرشد إلی ذلک) أن من تعرض لبیان معناه ما عدا صاحب الکفایة تبعا لمجمع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 51
..........
______________________________
البرهان لم یذکر له إلا معنیین المعنی المشهور و الإحالة إلی العرف کالفاضل المقداد و الشهید الثانی (بل قد نقول) إن المعنی المشهور لا یحکم العرف بسواه و یرشد إلی ذلک أن جماعة ممن عرفه کالمحقق فی شهادات الشرائع و المصنف فی الکتاب و التحریر و الإرشاد لم یذکروا له إلا المعنی المشهور و ما ذاک إلا لأنه هو الذی یحکم به العرف و إلا لکان الواجب علیهم الإحالة علی العرف کما تقتضیه قواعدهم لأنه لفظ ورد من الشرع تحریم معناه و لم یعلم له معنی شرعی فیحال علی العرف و لو کان له فی اللغة معنی یخالفه لأن العرف العام یقدم علیها فکیف یفسرونه بمعنی یخالف العرف إن ذلک لمستبعد منهم غایة البعد (و ما یقال) فی توجیه ذلک کما فی مجمع البرهان إن الذی علم تحریمه بالإجماع هو ما قید بالقیدین و بدونهما یبقی علی أصل الإباحة أوهن شی‌ء (و یرشد إلی ذلک) أنه فی الصحاح أحاله علی العرف و لم یتعرض لمعنی آخر فیه الصغانی فی کتابه الذی جعله تکملة للصحاح و منه أخذ صاحب القاموس ما زاده علی الصحاح (و أیضا) لو کان هناک مخالفة لأشار إلیها صاحب القاموس و غیره و أما ما فی مجمع البحرین فقد استظهرنا أنه تبع فیه الشهید الثانی و أنه و المولی الأردبیلی و الخراسانی توهموا أن المراد من الطرب المستفاد من التطریب و الإطراب فی التعریف الخفة لشدة سرور أو حزن فقالوا و ما یسمی فی العرف غناء و إن لم یطرب (و قال) المولی الأردبیلی أیضا الظاهر أنه یطلق علی مد الصوت من دون طرب (قلت) لأنه علی ما فهموه یصح تقسیمه إلی المطرب و غیره علی أن ما استظهره الأردبیلی لو بقی علی ظاهره لحرم الأذان و غیره مما هو نحوه (و الحاصل) أن الوهم الذی حصل لهؤلاء و نحوهم کالقطیفی إنما نشأ من عدم الرجوع إلی اللغة فی معنی الإطراب و التطریب المأخوذ هنا فی التعریف علی أن کلام القطیفی یمکن تأویله بوجه قریب و إلا فحاله حال هؤلاء (و أغرب من هذا) أن المقدس الأردبیلی فهم أن الطرب خاص بالسرور و قد نص فی القاموس و غیره علی أنه وهم و أنه قول العوام و أما الاختلاف الواقع فی کلام أهل اللغة فقد عرفت وجه الجمع فیه و الوجه فی الاختلاف ظاهرا أنه إذا تطابق العرف و اللغة قالوا إنه معروف أو أشاروا إلیه إشارة کقولهم مد الصوت رفع الصوت ترجیع الصوت فکان ذلک من الشواهد علی ما ذکرناه من التطابق و إلا فکیف یصح لصاحب المصباح أن لا یذکر فی تعریفه إلا أنه الصوت و لصاحب الصحاح أن یقتصر علی أنه من السماع و لابن الأثیر أن یقول کل من رفع «إلی آخره» إذ من خفض و والی کذلک إلی غیر ذلک (فإن قلت) قد حقق فی فنه أنه لا یجب علیهم إلا تمییز الصورة عما عداها سواء تطابق العرف و اللغة أم لا کما یقولون سعدانة نبت و إن زادوا ففضل لأن اللغوی إنما یعرف بالتعریف اللفظی (قلت) تعریفه بالصوت و السماع خال عن التمییز قطعا فلا مناص عن التوجیه بما ذکرناه (و لا یصح الاستدلال) علی مخالفة العرف للغة بأن النیاحة مباحة و هی غناء و لا فارق إلا العرف (لأنا نقول) المباح منها لیس إلا ما لا ترجیع فیه و لیس فی أخبارها ما یدل علی خلاف ذلک کما ستسمع و أما ما اشتمل علی المد و الترجیع فإنه حرام و لو کان علی الحسین علیه السلام کما ستعرف (أو نقول) إنها غناء خرج بالنص و الإجماع فتأمل فقد اتضح الحال و لم یبق بحمد اللّٰه بعد الیوم فی المسألة إشکال (إلا أن یدعی) أن العرف فی ذلک غیر محدود بحد و أن الغناء یصدق عرفا علی الخالی عن التحسین و الترقیق و علی الخالی عن المد و عن الترجیع فیکون قصدهم فی اختلاف تعبیرهم عنه أن المدار علی العرف علی اختلاف صدقه و بیان المعنی العام و هو أن الغنا من مقولات الأصوات کما هو ظاهر جماعة من الفقهاء و اللغویین أو من کیفیات الأصوات کما هو ظاهر کثیر منهم فیکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 52
و قد وردت رخصة فی إباحة أجرها فی العرس إذا لم تتکلم بالباطل و لم تلعب بالملاهی و لم تدخل الرجال علیها (1)
______________________________
الغرض بیان المعنی العام و أنه لیس داخلا فی جنس آخر کما یقولون سعدانة نبت أی لیس بحیوان مثلا (و یدعی أن لا فارق) بین الغناء و النیاحة إلا العرف و الذی یسهل الخطب فیما اشتبه أنه من الغناء أو من غیره أن الغنا اسم لما هو فی نفس الأمر کذلک لکن التکلیف بما هو فی نفس الأمر لا یصح إلا مع العلم به فغایة الأمر کفایة الظن الاجتهادی فی تعیینه فلو فرض انتفاء الظن کما لو حصل الشک فی بعض أفراد الصوت فیصیر من حیث إنه مجهول کذلک مجهول الحکم فیدخل فی شبهة نفس الحکم و الأصل فیها الإباحة و عدم وجوب الاجتناب (و أما حکمه) فلا خلاف کما فی مجمع البرهان فی تحریمه و تحریم الأجرة علیه و تعلمه و تعلیمه و استماعه سواء کان ذلک فی قرآن أو دعاء أو شعر أو غیرها حتی قام المحدث الکاشانی و الفاضل الخراسانی فنسجا علی منوال الغزالی و أمثاله من علماء العامة و خصا الحرام منه بما اشتمل علی محرم من خارج مثل اللعب بآلات اللهو و دخول الرجال و الکلام فی الباطل و استندا فی ذلک إلی أخبار تقرب من اثنی عشر خبرا و هی علی تقدیر تسلیم وضوح دلالتها مخالفة للکتاب المجید موافقة للعامة محمولة علی التقیة مع أنها معارضة بخمسة و عشرین خبرا بین صریحة الدلالة أو ظاهرة علی تحریم الغناء مطلقا من غیر تقیید و یعضدها الأخبار الدالة علی تحریم استماع الغناء و هی ثلاثة أخبار و الأخبار الدالة علی تحریم ثمن المغنیة و هی خمسة أخبار فلو کان الغناء حلالا بل مستحبا فی نحو القرآن و الأدعیة و المناجاة کما هو ظاهر کلامهما لما حکم بتحریم سماعه و تحریم ثمن المغنیة و أنه سحت و أن تعلیمها کفر (ثم) إن هذه الأخبار التی استندوا إلیها بین آمرة بقراءة القرآن بالحزن و آمرة بقراءته بالصوت الحسن و لیس شی‌ء من الأمرین بغناء و فی بعضها لم یعط أمتی أقل من ثلاثة الجمال و الصوت الحسن و الحفظ (و فی خبر عامی) تغنوا به فمن لم یتغن بالقرآن فلیس منا و هو مع ضعفه منزل علی معنی استغنوا به أو محمول علی التقیة و معارض بما عرفت و بقوله علیه السلام اقرءوا القرآن بألحان العرب و إیاکم و لحون أهل الفسوق فإنه سیجی‌ء قوم یرجعون القرآن ترجیع الغناء «الحدیث» و الأولی بأهل التحصیل أن لا یلتفتوا إلی رد مثل هذه الأباطیل إن هی إلا آراء باردة و مذاهب فاسدة مخالفة لمذهب کنا نعیب علی الصوفیة فما راعنا إلا و بعض الإمامیة قد استحسن تلک الترهات و أکب علی تلک الخرافات
(قوله) (و قد وردت رخصة فی إباحة أجرها فی العرس إذا لم تتکلم بالباطل و لم تلعب بالملاهی و لم تدخل الرجال علیها)
کما فی النهایة و النافع و التذکرة فیما وجدته فیها و التحریر و المختلف و حاشیة الإرشاد و إیضاح النافع و المسالک و الکفایة و نفی عنه البأس فی الروضة و هو الظاهر من الدروس و جامع المقاصد و کأنه مال إلیه أو قال به صاحب مجمع البرهان کما أنه مال إلیه فی التنقیح لکن النهایة و النافع قد خلیا عن اشتراط عدم اللعب بالملاهی و کذا المختلف و کأن الغرض ما لم یکن مستلزما لمحرم (و قد یقال) إن الوجه فی ترک القید المذکور أن اللعب بالملاهی لا یحرم الغناء الجائز و قد نسب القول المذکور إلی المفید جماعة و لم أجده فی المقنعة و لا فی کتاب أحکام النساء و ستسمع ما فی المقنعة (و یدل علیه) قول الصادق علیه السلام فی صحیحة أبی بصیر أجر المغنیة التی تزف العرائس لیس به بأس لیست بالتی تدخل علیها الرجال (و قوله علیه السلام) أیضا فی خبر أبی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 53
..........
______________________________
بصیر حین سأله عن کسب المغنیات. التی «1» یدخل علیها الرجال حرام و التی تدعی إلی الأعراس لیس به بأس (و قوله أیضا علیه السلام) المغنیة التی تزف العرائس لا بأس بکسبها و اختیر التحریم مطلقا فی السرائر و الإیضاح و التذکرة علی ما نقل عنها الشهیدان و القطیفی و لم أجده بعد التتبع و هو ظاهر المقنعة و المراسم و کل من حرم الغناء و لم یستثن فهو کالمصرح قائل بالتحریم و هو المحکی عن ظاهر الحلبی و فی الدروس أنه أحوط (و حجتهم علیه) تواتر الأخبار بالمنع کما فی الإیضاح مع ضعف أخبار المسألة عن المقاومة لها سندا و عددا و دلالة إذ غایتها نفی البأس عن أجرها لا نفیه عن غنائهن و لا عن أجره (سلمنا) أن الظاهر الثانی (لکنه) غیر ملازم لنفی الحرمة و أنه مباح فی العرس إلا أن تثبت الملازمة (و فیه) أن الملازمة ثابتة بالاستقراء الحاصل من تتبع الأخبار الدالة علی الملازمة بینهما فی کثیر من مسائل المکاسب لکنها قاصرة الدلالة من وجه آخر و هو أنها لیست وافیة بجمیع ما اشترطوه لکن هذا غیر ضار قطعا و السند منجبر بالشهرة «فتأمل» و العرس خاص بالتزویج کما فی کتب اللغة فلا یتعدی إلی الختان و نحوه و عن القاضی أنه کرهه و لعله أراد التحریم لأنه من القدماء و لسانهم فی الکراهیة معلوم و لم یستثن شی‌ء فی الشرائع و الإرشاد و اللمعة (و المراد) بعدم دخول الرجال علیها عدم سماع صوتها للقطع بالتحریم و إن لم یدخلوا و ذلک إذا کانوا أجانب (و یحتمل العموم) لإطلاق النص (و المراد بالملاهی) ما لا یجوز مثله فی العرس فالدف الذی لا صنج فیه و لا جلاجل یجوز لعبها به عند جماعة و الأقوی فی ذلک عندنا الحرمة لما سیأتی «و استثنی» المحقق فی باب الشهادات و المصنف فی الکتاب و الشهید فی الدروس و صاحب الکفایة فی المقام الحداء کدعاء لسیر الإبل و کأنه قال به المقدس الأردبیلی و فی الکفایة أنه هو المشهور «فتأمل» و قد اعترف جماعة بعدم الوقوف علی دلیل علیه (قلت) لعل دلیله بعد الأصل (ما روی) أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال لعبد اللّٰه ابن رواحة حرک بالنوق فاندفع یرتجز و کان عبد اللّٰه جید الحداء و کان مع الرجال و کان أنجشة مع النساء فلما سمعه تبعه فقال صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لأنجشه رویدک رفقا بالقواریر یعنی النساء «و له معنیان» و هو علی ضعفه محمول علی أنه لم یکن غناء لأن الظاهر أنه قسیم له مباین له لشهادة العرف بذلک (و علی القول) باستثنائه یقتصر فیه علی الإبل فلا یتعدی إلی البغال و الحمیر (و حکی فی جامع المقاصد) عن بعضهم استثناء مراثی الحسین علیه السلام و قد نفی عنه البعد فی الکفایة و هو متجه علی مذهبه فی الباب (و قال فی مجمع البرهان) لعل دلیل کل ما استثنی أنه ما ثبت الإجماع إلا فی غیرها و الأخبار لیست بصریحة صحیحة فی التحریم مطلقا و الأصل الجواز فما ثبت تحریمه حرمناه و الباقی یبقی (و فیه) أن الأخبار و فیها الصحیح و الإجماعات و الفتاوی علی تحریم الغناء بهذا اللفظ أعنی معرفا فیکون عاما (إلا أن تقول) إن عموم المفرد المعرف سواء کان من دلیل الحکمة أو من غیره لیس لغویا حتی یتناول النادر فیکون عمومه عموما عرفیا متناولا للشائع من أفراده و الحداء و مراثی الحسین علیه السلام لیسا من أفراده الشائعة (و لئن سلمنا) ذلک فی الحداء لا نسلمه فی مراثی الحسین علیه السلام (و إن قلنا) إن المرجع فی معرفة الغناء إلی العرف ارتفع الإشکال عن مراثی الحسین علیه السلام «فلیتأمل جیدا» (لکنا نقول) إن الأحکام تتعلق بالطبائع فیکون تحریمه لمکان تعلیق الحکم علی الماهیة فیستلزم العموم اللغوی إما لأنها علة أو لأن الحکم علیها یستلزم ثبوته لأفرادها و إن لم تدل علی العلیة فیکون تحریمه کتحریم الزنا و الربا و الخمر و بیع الغرر (و بهذا یندفع) الإشکال عن
______________________________
(1) مقول قول الإمام علیه السلام (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 54
و یحرم أجرة النائحة بالباطل و یجوز بالحق (1)
______________________________
قولهم المطلق ینصرف إلی الأفراد الشائعة و قولهم إنما یحتاج إلی الاجتهاد المطلق فی الأفراد الغیر البینة الفردیة للمطلق فإن الکلمة الأولی إنما تقال حیث یعلق الحکم علی المطلق من حیث الأفراد و یراد الإبراز فی الوجود کما فی قولنا بع بالنقد فإنه ینصرف إلی الشائع و لا کذلک قولنا بع بأیّ نقد کان و الکلمة الثانیة إنما تقال حیث یعلق الحکم علی المطلق من حیث الماهیة کتحریم بیع الغرر و تحریم الزنا و الربا فإنه هنا یحتاج إلی معرفة الأفراد الغیر البینة لأنها مرادة (هذا و إن قلنا) إن عموم المعرف لغوی یتناول الأفراد النادرة لکنه خلاف التحقیق و هذا شی‌ء جری به القلم ردا علی صاحب الکفایة فی ثانی الوجهین فی الجمع بین الأخبار فتعرض للمسألة الأصولیة و بنی علیها ما بنی و من المعلوم أنه لم یحررها فی أصوله و بذلک یعرف حال کلام المقدس الأردبیلی. ثم أید هذا القول فی مجمع البرهان بأن البکاء و التفجع علیه مطلوب و مرغوب و فیه ثواب عظیم و الغناء معین علی ذلک و إنه متعارف دائما فی بلاد المسلمین فی زمن المشایخ إلی زماننا هذا من غیر نکیر و أیده بجواز النیاحة بالغناء و أخذ الأجرة علیها إذ الظاهر أنها لا تکون إلا معه و بأن تحریم الغناء للطرب علی الظاهر و لیس فی المراثی طرب بل لیس إلا مطلق الحزن و قضیة هذا الأخیر مع مخالفته لنص أهل اللغة و المعرفین له جواز مطلق المراثی فهو کغیره مما أید به محل منع. إلا شهادته باستمرار الطریقة فی زمن المشایخ من غیر نکیر فإنها شهادة أوثق الناس و أعرفهم فهو نقل سیرة مستقیمة و إجماع مستمر (ثم إنا قد نقول) إن تحریم الغناء کتحریم الزنا أخباره متواترة و أدلته متکاثرة عبر عنه بقول الزور و لهو الحدیث فی القرآن و نطقت الروایات بأنه الباعث علی الفجور و الفسوق فکان تحریمه عقلیا لا یقبل تقییدا و لا تخصیصا و الأخبار الواردة فی ذلک «1» محمولة علی التقیة فلیلحظ ذلک. و أما الرقص و الهلاهل و الروید فی غیر حال الحرب و حض الرجال علی القتال فالحزم اجتنابه بل لعله یحرم فعله لأنه من اللهو أو الباطل و الحازم یجتنب الشبهات خصوصا عند اشتباه الموضوعات و یأتی عند الکلام علی القمار و ما یتعلق به بیان حال اللعب و اللهو
(قوله) (و یحرم أجر النائحة بالباطل و یجوز بالحق)
أما حرمة أجر النائحة بالباطل فهو خیرة المقنعة و النهایة و المراسم و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و المجمع و الکفایة و الریاض و عن المنتهی الإجماع علیه و علیه أو علی التقیة أو علی الکراهیة یحمل إطلاق الأخبار المانعة عن أجر النائحة و النیاحة و هو (ما رواه فی الکافی) عن عمرو الزعفرانی و ما رواه فی الفقیه فی حدیث المناهی و فیه أنه صلی اللّٰه علیه و سلم نهی عن النیاحة و الاستماع إلیها و ما رواه فی الخصال و فی معانی الأخبار و لعل الشیخ فی المبسوط و ابن حمزة أخذا بظاهر هذه الأخبار فحرماها مطلقا فیما حکی عنهما و ادعی فی المبسوط علی ذلک الإجماع و هو معارض بمثله موهون بمصیر الأکثر إلی خلافه کما یأتی (و المراد بالباطل) ذکر ما لا یجوز ذکره مثل الکذب و قد یلحق به أو یدخل فیه ما إذا سمع صوتها الأجانب کما نبه علی ذلک فی جامع المقاصد و الروضة و مجمع البرهان و قد یراد بالباطل الهجر کما فی الخبر و لا ینبغی له «2» أن تقول هجرا فإذا جاء اللیل فلا تؤذی الملائکة بالنوح (و الهجر) بالضم الإفحاش و الخنا کما فی الصحاح و أما جواز أخذ الأجر إذا ناحت بالحق فعن
______________________________
(1) بذلک خ ل
(2) کذا فی نسخة و الظاهر لها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 55
و القمار حرام و ما یؤخذ به حتی لعب الصبیان بالجوز و الخاتم (1)
______________________________
المنتهی الإجماع علیه و هو خیرة المقنع و المقنعة و النهایة و السرائر و النافع و التذکرة و شرح الإرشاد للفخر و حواشی الکتاب للشهید و جامع المقاصد و الروضة و مجمع البرهان و الریاض و الحدائق و هو المفهوم من عبارة من اقتصر علی ذکر تحریم أجرها إذا ناحت بالباطل و هم من عرفتهم و لعل الأولی التقیید بکونها علی أهل الدین کما فی المقنعة و النهایة لأنه ربما قد یتأمل فی جوازها علی المخالف و الکافر و إن قالت صدقا (و یدل علی المشهور) أخبار کثیرة مستفیضة قولا و فعلا و تقریرا «1» (قال الصادق علیه السلام) فی موثق یونس قال أبی علیه السلام یا جعفر أوقف لی من مالی کذا و کذا لنوادب یندبننی عشر سنین بمنی أیام منی و إن فی ذلک إظهارا لما خفی من علو شأنهم فی زمن زین العابدین علیه السلام و نقصا لظالمیهم و تشییدا لمعرفتهم و حبهم و أهل الموسم إنما یسمعون فی النیاحة اللغط و الضجة و لا یمیزون بین الأصوات و لیس ذلک بحرام قطعا و ما هو إلا کرؤیة المرأة متلفعة بالإزار الشامل (و قد یقال) إن فی ذلک دلالة علی عدم التحریم مع سماع الأجانب و لم یدل خبر من أخبار الباب علی جواز الترجیع فیها و الإطراب فلم تکن مستثناة من الغناء بل قد یقال إنها و إن اشتملت علی الترجیع و المد بحیث لم تخرج عن صفة النیاحة لم تحرم للعرف الفارق بینها و بین الغناء «و فیه تأمل» و ما فی موثقة سماعة من قوله سألته عن کسب المغنیة و النائحة فکرهه فمحمول علی عموم المجاز بالمعنی المتعارف و القول بالکراهیة مطلقا غیر بعید کما نص علیه فی التهذیب و غیره لمکان الموثقة المذکورة و غیرها أو تخص بما إذا شرطت لمکان خبر حنان بن سدیر حیث قال له قل لها لا تشارط کما نص علی ذلک فی التذکرة و غیرها و القائل بالإطلاق یقول بتأکدها مع الشرط کما فی التحریر و هو الموافق للقواعد الأصولیة إذ لا یجب فی المقام علی المذهب الصحیح حمل المطلق علی المقید لأن الکراهة مما تتزاید و تتأکد و لا کذلک الوجوب و التحریم و إن کان بعضه أعظم من بعض «فتأمل» و لا ینافی وصیة مولانا الباقر علیه السلام و فعل سیدة النساء علیها السلام و الفاطمیات یوم الطف و بعده للقطع بالفرق بینهم و بین غیرهم و یستفاد من الخبر الذی ذکرناه آنفا أن الکراهة تتأکد لیلا
(قوله) (و القمار حرام و ما یؤخذ به حتی لعب الصبیان بالجوز و الخاتم)
یرید أن عمل القمار حرام و هو اللعب بالآلات المعدة له علی اختلاف أنواعها من الشطرنج و النرد و غیر ذلک و التحریم مذهب الأصحاب کما فی شهادات المسالک و نحوه ما فی کشف اللثام (و قال فی المنتهی) القمار حرام بلا خلاف بین العلماء و کذا ما یؤخذ منه (إلی أن قال) فإن جمیع أنواع القمار حرام من اللعب بالنرد و الشطرنج و الأربعة عشر و اللعب بالخاتم حتی لعب الصبیان بالجوز علی ما تضمنته الأحادیث ذهب إلیه علماؤنا أجمع (و قال فی مجمع البرهان) بعد ذکر تحریم القمار و اللعب به حتی لعب الصبیان دلیل الکل الإجماع «انتهی» و الفتاوی قد طفحت بذلک فی الباب و باب الشهادات (قال فی التذکرة) القمار حرام و تعلمه و استعماله و أخذ الکسب به حتی لعب الصبیان بالجوز و الخاتم (و أما الأخبار) فإنها قد تزید علی خمسة عشر خبرا و کما تضمنت تحریم اللعب بذلک و الأکل منه تضمنت حرمة حضور المجالس التی یلعب فیها و النظر إلی
______________________________
(1) قد أقر أم سلمة حیث ناحت علی ابن عمها بحضرته صلی اللّٰه علیه و آله قالت شعرا «أنعی الولید بن الولید» «أبا الولید فتی العشیرة» و کانت سیدة النساء سلام اللّٰه علیها تقول یا أبتاه من ربه ما أدناه یا أبتاه إلی جبریل أنعاه «إلخ» (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 56
و الغش بما یخفی کمزج اللبن بالماء و تدلیس الماشطة و تزین الرجل بالحرام (1)
______________________________
ذلک و فیها الصحیح. و فی خبر مستطرفات السرائر أن السلام علی اللاهی بها معصیة و کبیرة موبقة و الخائض فیها کالخائض یده فی لحم الخنزیر لا صلاة له حتی یغسل یده کما یغسلها من لحم الخنزیر و الناظر إلیها کالناظر إلی فرج أمه «إلی أن قال» و من جلس علی اللعب بها فقد تبوأ مقعده من النار «الحدیث» و هو طویل و لا مانع من العمل بهذه الأخبار الموافقة للاعتبار إلا الأصل و عدم العامل بجمیع ما تضمنته ثم إنه لا ریب فی تحریم اللعب بذلک و إن لم یکن فیه رهان سواء کان قصد الحذق أو اللهو کما نص علی ذلک فی الکتاب و الدروس فی باب الشهادات و جامع المقاصد فی المقام عملا بإطلاق النصوص و الفتاوی و إن کان أصله أی القمار بالکسر الرهن علی اللعب بشی‌ء من هذه الأشیاء کما هو ظاهر القاموس و النهایة أو صریحهما و صریح مجمع البحرین و قال فی الأخیر و ربما أطلق علی اللعب بالخاتم و الجوز و ظاهر الصحاح و المصباح المنیر و کذلک التکملة و الذیل أنه قد یطلق علی اللعب بهذه الأشیاء مطلقا أی مع الرهن و دونه و به صرح فی جامع المقاصد و ما ترتب علی ذلک یجب رده علی المالک و لو فعله الصبیان فالمکلف برده الولی و لا یجوز له تمکینهم من أخذه و لا التصرف فیه (و تنقیح البحث) أن یقال إن ما اعتیدت به المقامرة و المغالبة حتی صار من الملاهی فحرام صنعه و نفعه حتی لعب الصبیان و ما لم یعتد کذلک بحیث لا یدخل فی الملاهی فحرام نفعه دون فعله کما هو الشأن فی اللعب و اللهو فإن تحریمهما إنما هو فی اللعب المعروف المعتاد و الملاهی التی کذلک دون ما کان خاصا غیر مشهور و لا معتاد کالمداعبات بالأبدان کما ربما یقع من بعض أهل الدیانات لأن الإطلاق إنما ینصرف إلی الفرد الشائع و اللهو و الآلة إنما ینصرف إلی ما شاع منهما فلیلحظ ذلک (و یمکن) أن تکون حتی فی عبارة المصنف عاطفة علی القمار حتی یصیر التقدیر و یحرم القمار و لعب الصبیان و یکون تعلق التحریم بلعبهم مصروفا إلی الولی «فتأمل»
(قوله) (و الغش بما یخفی کمزج اللبن بالماء و تدلیس الماشطة و تزین الرجل بالحرام)
کما صرح بذلک کله فی الشرائع و النافع و الإرشاد و التحریر و التذکرة و المنتهی علی ما حکی عنه و التحریر و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة و غیرها و هو خیرة المقنعة و النهایة تصریحا فی بعض و مفهوما فی بعض کما ستسمع لکن لم یقید فیهما کالسرائر الغش بما یخفی و لم یذکر فی المقنع و المراسم سوی تدلیس الماشطة و قد نص علیه أیضا فی السرائر و اختلفت هذه الکتب الثلاثة فی الإطلاق و التقیید کما ستعرف (و تنقیح البحث فی المسائل الثلاث) أن یقال قال فی المنتهی علی ما حکی عنه و حاشیة الإرشاد و الحدائق و کذا الریاض إنه لا خلاف فی تحریم الغش بما یخفی غیر أن فی الریاض لا خلاف ظاهرا (و یدل علیه) صحیحتا هشام ابن سالم و هشام ابن الحکم أو حسنتاهما و خبر السکونی و غیرها من الأخبار المستفیضة الصریحة الدلالة و احترز بالقید عن مقابله کمزج الحنطة بالتراب و التبن و جیدها بردیئها فإن ظاهر کلامهم ما عدا الشیخین و ابن إدریس جواز ذلک کما نص علی ذلک جماعة کالمحقق الثانی فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و الشهید الثانی فی کتابیه و الخراسانی و البحرانی و شیخنا صاحب الریاض و مال إلیه أو قال به مولانا الأردبیلی و قالوا ما عدا الخراسانی إنه مکروه و اقتصر هو علی الجواز من دون ذکر کراهیة و لعل دلیلهم الأصل و اختصاص أخبار الباب بحکم التبادر بمحل القید و أنه مشاهد للعیب عالم به فإنه اشتری غیر الجید بثمنه و لذلک وجب تنزیل عبارة الشیخین و ابن إدریس علی المشهور و یدل علی ذلک قول أحدهما علیهما السلام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 57
..........
______________________________
فی خبر محمد بن مسلم إذا رأیا جمیعا فلا بأس و قوله علیه السلام فی حسنة الحلبی لا یصلح أن یفعل ذلک یغش به المسلمین حتی یبینه و لعل دلیل الکراهیة توهم احتمال شمول النص له مع إمکان غفلة المشتری عنه سیما مع کثرة الجید إذا خلط بالردی‌ء و أما إذا غش بقصد إصلاح المال لا بقصد الغش لم یحرم (للأصل) و تبادر غیر هذه الصورة من أخبار الغش (و للصحیح) عن الرجل یشتری طعاما فیکون أحسن له أن یبله من غیر أن یلتمس منه زیادة فقال إن کان بیعا لا یصلحه إلا ذلک و لا ینفعه غیره من غیر أن یلتمس منه زیادة فلا بأس و إن کان إنما یغش به المسلمین فلا یصلح فتراه کیف اعتنی و فصل و أعاد (و من الغش الحرام) وضع الحریر فی البرودة لیکتسب ثقلا کما فی الروضة و یلحق بالغش فی الحکم ما إذا لم یکن الغش من فعله لکنه لم یظهره حین بیعه و نقله و الغش یکون بإدخال الأدنی فی الأعلی أو المراد بغیره أو إظهار الصفة الجیدة فیدخل فی التدلیس (و یبقی الکلام) فیما إذا باع حیث یکون قد غش و فعل حراما هل یصح البیع أم لا (جزم بالأول) فی حاشیة الإرشاد و المسالک و بالثانی فی مجمع البرهان و تردد فی جامع المقاصد و الکفایة و احتج فی المسالک بأن حکمه حکم ما لو ظهر فی المبیع عیب من غیر الجنس (و قال) ربما احتمل البطلان بناء علی أن المقصود بالبیع هو اللبن و الجاری علیه العقد هو المشوب فیکون کما لو باعه هذا الفرس فظهر حمارا و قال قد ذکروا فی هذا المثال أشکالا من حیث تغلیب الإشارة أو الاسم و الفرق بینه و بین ما نحن فیه واضح انتهی (قلت) المحتمل المحقق الثانی فی جامع المقاصد و کما أن الفرق المذکور ظاهر کذلک قد نقول إن الفرق ظاهر بین ما نحن فیه و بین ما ذکره هو فی توجیه الصحة من أن حکمه حکم ما لو ظهر فی المبیع عیب لأن ما نحن فیه مما استفاضت الأخبار کما عرفت بالنهی عن بیعه و الظاهر أنه من حیث عدم صلاحیته للبیع من حیث الغش فکان کبیع العذرة و نحوها و إن اختلف الوجه فی کل منها هذا من حیث الغش و هذا من حیث النجاسة و نحوها و لا کذلک ما فیه عیب فإن عموم أدلة صحة البیع ظاهرة فی تجویز بیع ما فیه عیب من غیر الجنس و صحته فیما عدا المعیب و بطلانه فیه مع جبره بالخیار للمشتری بین الفسخ و أخذ الباقی بحصته من الثمن إذا لم یکن البیع بالمجانس کمائة درهم بمائة درهم فإنه حینئذ قد یقال بالبطلان فی الجمیع لأن البیع حینئذ یکون قد وقع علی مائة بتسعة و تسعین درهما فیتوجه إلیه الربا لأن وجود الدرهم المعیب حینئذ کعدمه فلیتأمل فی جمیع ما ذکرنا و یجب تقیید عبارة المسالک بما أشرنا إلیه (هذا) کله إذا کان بعض المبیع معیبا (و أما إذا کان کله معیبا) فإنه یبطل فی الجمیع إجماعا کما إذا باعه هذا الذهب بفضة فوجد الذهب کله نحاسا أو باعه ثوبا کتانا فبان صوفا و هذا هو الذی أشار إلیه فی المسالک فی حجة محتمل البطلان و لذلک قال إن الفرق بین المقامین واضح لکن الأصحاب فی المقام المذکور أطبقوا علی عدم الالتفات إلی الإشارة و حکموا بالبطلان و قد نص علیه فی المبسوط و الخلاف و الوسیلة و السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و غیرها و وافقهم علی ذلک جم غفیر من العامة لأن ما وقع علیه العقد غیر مقصود و ما قصد لم یقع علیه العقد و لم یستشکلوا فی المقام أصلا (و لا تصغ) إلی ما فی التذکرة «1» و جامع المقاصد و المسالک فإنهم فی باب الصرف حکموا بالبطلان فی مثل ما إذا باعه ثوبا کتانا معینا فبان صوفا حکم بذلک الشهید فی الدروس و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و الشهید الثانی فی المسالک و غیرهم کما عرفت (بل قال فی المسالک) إنه واضح و إنما استشکلوا فیما لو نوی الاقتداء بزید فبان أنه عمرو
______________________________
(1) الذکری خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 58
..........
______________________________
قالوا فی صحة القدوة ترجیحا للإشارة و عدمها ترجیحا للاسم وجهان (و أول) من فتح باب الشک فی ذلک الشهید فی الذکری و تبعه بعض من تأخر و نحن رجحنا هناک الصحة إذا کانا عادلین عنده لوقوع التعیین بالإشارة و عدم ثبوت ضرر فیما اعتقده خطأ لأن المناط هو تعیینه بإشارته إذ دلیل وجوب التعیین فی النیة هو تحقق الامتثال العرفی و الظاهر کفایة هذا القدر من التعیین و لا کذلک الحال فی العقود إذ لا بد فیها من عدم تخلف القصد عما وقع علیه العقد فحال العقود کما إذا کان المشار غیر عادل عنده فإن القدوة باطلة إذا لم یعلم حتی خرج أو علم فی الأثناء بعد ترک القراءة حتی رکع فتأمل (و قول الشهید) و من وافقه (ففی) ترجیح الإشارة علی الاسم فتصح أو بالعکس فتبطل (نظر غیر جید) لأنهم لو بنوا علی کفایة أحد التعیینین صحت صلاته علی التقدیرین و لو بنوا علی لزوم التعیین التام فی التعیین لم تصح صلاته علی التقدیرین فتأمل. و إنما تبطل علی تقدیر ترجیح الاسم فی صورة عدم حضور عمرو علی ما هو مقتضی کلامهم إذ مقتضاه أنه لو کان عمرو حاضرا و قابلا لاقتدائه به تعین اقتداؤه به و کونه إماما له و صحت صلاته (و قد صححنا) صلاته «1» فیما إذا ردد بین کون إمامة زید العدل أو عمرو الذی هو کذلک و عین بإشارته هذا الحاضر منهما و قد أوضحنا المقام فی باب الصلاة. و هذا شی‌ء جری به القلم لأن کان قد تعرض له فی جامع المقاصد و المسالک و غیرهما فأردنا بیان الحال فی ذلک و أنهم خلطوا بین المسألتین (و قد ظهر) أن ما نحن فیه لیس من تعارض الاسم و الإشارة لأنه مع اختلاف الجنس و عدم انقلاب الحقیقة فظاهر أنه لیس منه کما إذا اتحد الجنس (نعم یتجه ذلک) مع اختلاف الجنس و انقلاب الحقیقة و یکون البیع حینئذ باطلا قطعا (و قد نقول) حینئذ إن بیع المغشوش الذی لم تنقلب حقیقته لا مانع من صحته و یثبت للجاهل خیار العیب أو الوصف أو التدلیس علی اختلاف أنواع الغش لعموم ما دل علی الخیارات الثلاثة و النهی فی جملة من أخبار الباب متوجه إلیه أی الغش لا إلی البیع المترتب علیه و قصد الحرام بلا شرط لا یفسد کما تقدم (إلا أن) فی الأخبار الصحیحة و غیرها ما یفید تعلق النهی بنفس البیع الظاهر فی الفساد فلیلحظ ذلک و لیتأمل فیه. (هذا تمام الکلام فی الغش و ما یتعلق به) (و أما تدلیس الماشطة) فعلی حرمته الإجماع فی مجمع البرهان (و فی الریاض) لا خلاف فیه و قد أطلق جماعة کثیرون کالکتاب (و فی المقنع) لا تصل شعر المرأة بشعر غیرها و أما شعر المعز فلا بأس بأن یوصل بشعر المرأة (و فی المقنعة و النهایة) و کسب المواشط حلال إذا لم یغششن و لم یدلسن فی عملهن فیصلن شعر النساء بشعر غیرهن من النساء «2» و یشمن الخدود و یستعملن ما لا یجوز فی شریعة الإسلام فإن وصلن شعورهن بشعر غیر النساء «3» لم یکن بذلک بأس انتهی فلیتأمل (و فی السرائر) و عمل المواشط بالتدلیس بأن یشمن الخدود و یحمرنها و ینقشن الأیدی و الأرجل و یصلن شعر النساء بشعر غیرهن و ما جری مجری ذلک و قد تبعه علی ذلک کله الشهید فی الدروس و المحقق الثانی فی حاشیته و من تأخر عنهما (فقد تحصل) أن الحرام هو إبراز حسنها و إخفاء قبحها لترغب فیها الخطاب أو تشتریها التجار للإجماع و الأخبار و لا فرق فی ذلک بین الحرة و الأمة التی یراد بیعها کما نص علی ذلک جماعة و الظاهر أن ذلک غیر مخصوص بالماشطة بل لو فعلت المرأة بنفسها ذلک فکذلک کما فی المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها لعموم المعتبرة الناهیة عن کل غش بل لو فعلت أولا لا للتدلیس ثم حصل فی ذلک الوقت زوج أو مشتر فإخفاؤه مثل فعله و لو فعلت المتزوجة أو المشتراة فلا تحریم لانتفاء التدلیس و الأصل و الخبر الذی رواه سعد
______________________________
(1) و صححوا خ ل
(2) الناس خ ل
(3) الناس خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 59
..........
______________________________
الإسکاف لا بأس علی المرأة بما تزینت لزوجها (قال) قلت له بلغنا أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم لعن الواصلة و الموصولة «1» قال لیس هناک إنما لعن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم الواصلة التی تزنی فی شبابها فلما کبرت قادت النساء إلی الرجال فتلک الواصلة و الموصولة (و فی آخر) عن قرب الإسناد تحف الشعر عن وجهها قال لا بأس بل یستحب کما قد یستفاد من کثیر من الأخبار (و نقل) فی المسالک و مجمع البرهان عن بعضهم أنه لا بد من استئذان الزوج فی ذلک و لعلهما أراد المحقق الثانی حیث قال و لو أذن الزوج فلیس تدلیسا و قد عرفت أن الأصل و الأخبار تدل علی الإباحة بدون الشرط المذکور مضافا إلی تکلیف الزوجة بإزالة المنفرات و إظهار المحاسن و قد یکون مراد المحقق المذکور ما إذا کان مثل الوشم و التوشیر «2» إذ الظاهر أنه لا بد من إذنه فی ذلک إذ قد یخاف من المرض فی الأول إذا کثر و علی الأسنان فی الثانی فتأمل (و قد نص) جماعة علی أنه لا بأس بکسبها مع عدم التدلیس و هو الظاهر من کلام الباقین (و قال) بعضهم کالصدوق فی المقنع و غیره إن الأفضل لها أن لا تشارط و تقبل ما تعطی و لعله لما رواه فی الفقیه مرسلا قال (قال علیه السلام) لا بأس بکسب الماشطة إذا لم تشارط و قبلت ما تعطی و لا تصل شعر المرأة بشعر غیرها و أما شعر المعزا فلا بأس بأن یوصل بشعر المرأة و یستفاد منه وجود البأس مع الأمرین فیحمل علی الکراهیة للأصل و قصور الروایة و أعمیة البأس من الحرمة لکن هذا متوجه «3» فی القید الأول و أما الثانی فقد صرح به أیضا فیما رواه (فی الکافی) بسنده عن محمد بن مسلم (و فی معانی الأخبار) بسنده عن علی بن غراب فقد اتفقت هذه الأخبار علی النهی عن وصل الشعر بشعر امرأة غیرها و ظاهر خبر سعد المتقدم أنه لا بأس بما تزینت به المرأة و إن کان بوصل شعرها بشعر غیرها و تضمن أن الواصلة و المستوصلة القائدة و المقودة «4» کما سمعته و حمل هذه علی قصد التدلیس عند إرادة التزویج کأنه بعید خصوصا فی المرسل و قد بینا جواز الصلاة فی شعر الغیر (و قد یحمل) علی ما إذا أخذ من میتة فإنه یحتمل أنه یجب دفنه أو علی ما إذا قصته بغیر إذن زوجها (و الذی یسهل الخطب) أن فی الخلاف و المنتهی الإجماع علی أنه یکره للمرأة أن تصل شعرها بشعر غیرها رجلا کان أو امرأة و أن صلاتها صحیحة و بذلک صرح فی المبسوط و غیره (و نقل) ابن إدریس أنه روی أن النبی صلی اللّٰه علیه و سلم لعن الواصلة و المستوصلة أی فی الشعر و الواشمة و المستوشمة و الواشرة و المستوشرة و فی المنتهی رواها و نسبها إلی الجمهور مع زیادة النامصة و المستنمصة (قال فی النهایة) النامصة التی تنتف الشعر من الوجه و أنت قد عرفت أن هذه الروایة قد رواها فی کتاب معانی الأخبار بسنده عن علی بن غراب عن جعفر بن محمد عن آبائه علیهم السلام (قال) لعن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم النامصة و المستنمصة «الحدیث» و قد تحمل علی ما إذا کان لریبة أو تدلیس أو غیر ذلک مما سلف أو بغیر إذن الزوج فی الوشم و الوشر فتأمل (و أما تزیین الرجل بالحرام) ففی المقنعة و النهایة ما یعطی أن المراد بالحرام الذهب و ما حرم من الحریر (قالا) فی الکتابین و معالجة الزینة للرجال بما حرمه اللّٰه علیهم حرام و به فسر فخر الإسلام و المقداد و المولی الأردبیلی عبارة النافع و الإرشاد و علی هذا فالحکم مما لا ریب فیه و ربما فسر الحرام بلبس السوار و الخلخال و الثیاب المختصة بالنساء فی العادات (و قد یلوح من المسالک) أن هذا هو المراد من عبارة الشرائع و غیرها حیث فسرها بذلک ثم قال و منه تزیینه
______________________________
(1) و المستوصلة خ ل
(2) وشرت المرأة أنیابها من باب وعد إذا حددتها و رققتها (مجمع)
(3) متجه خ ل
(4) و المقادة خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 60
و معونة الظالمین فی الظلم (1)
______________________________
بالذهب «إلی آخره» و فی الکفایة لا أعلم علیه حجة و کأن دلیله الإجماع و هو غیر ظاهر و نحوه ما فی مجمع البرهان مع زیادة عدم ظهور کونه غشا (قلت) دعوی الإجماع غیر مستنکرة مع أنه من لباس الشهرة المنهی عنه فی الأخبار المستفیضة (منها) الشهرة خیرها و شرها فی النار (و منها الصحیح) أن اللّٰه یبغض شهرة اللباس (و الخبر) من لبس ثوبا یشهره کساه اللّٰه یوم القیامة ثوبا من النار و فی آخر کفی بالمرء خسرانا أن یلبس ثوبا یشهره مضافا إلی النصوص المانعة عن تشبیه کل من الرجال و النساء بالنساء و الرجال (ففی الخبر) لعن اللّٰه تعالی المتشبهین من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال رواه فی الکافی بسنده عن جابر عن أبی جعفر علیه السلام (و فی العلل) عن عمر بن خالد عن زید بن علی عن آبائه علیهم السلام (إلا أن تقول) الظاهر من هذه التشبیه باعتبار التأنیث و التذکیر لا باعتبار اللبس و الزی کما یعطیه خبر العلل أن علیا علیه السلام رأی رجلا به تأنیث فی مسجد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فقال اخرج عن مسجد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم ثم قال علی علیه السلام سمعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یقول لعن اللّٰه المتشبهین من الرجال بالنساء «الحدیث» لکن فی غیره بلاغا علی تقدیر التسلیم و قصور السند منجبر بالشهرة و الاعتبار مع ما فیه من إذلال المؤمن نفسه المنهی عنه شرعا لکن ذلک قد لا یتأتی فی النساء إذا قصدن الزینة فتأمل (و لا فرق) بین فعله فی نفسه أو مباشرة الغیر له کما فی جامع المقاصد و غیره (قال فی المسالک) إلا أن المناسب فی المقام فعل الغیر بهما لیکتسب به أما فعلهما بأنفسهما فلا یعد تکسبا إلا علی تجوز بعید (و مما ذکر) یعلم انسحاب الحکم فی تزیین المرأة بلباس الرجل مع عدم القائل بالفرق کما نص علی ذلک فی جامع المقاصد و الروضة و المسالک و غیرها. و یحرم علی الرجال لبس الذهب و إن کان طلیا فی خاتم کما فی الکتاب فی الشهادات و غیره و فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام و التنقیح و لو جزءا لا یتجزی و یظهر من الکتاب فی باب الشهادات و غیره أن لبس الحریر کبیرة موبقة یفسق فاعله أصر أو لم یصر کما استظهر ذلک کاشف اللثام من الکتاب فی المحل المشار إلیه و باختلاف البلدان و الأحوال تختلف ملابس النساء و الرجال و الخنثی یجب علیها ترک الزینتین و تلبس ما جاز لهما معا
(قوله قدس سره) (و معونة الظالمین فی الظلم)
کما فی السرائر و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و الروضة و غیرها و لعله المراد من إطلاق النهایة حیث قال و معونة الظالمین و لا ریب أنه داخل فیما نهی عنه کما عبر به فی المقنعة و المراسم حیث قالا و معونة الظالمین علی ما نهی عنه و فی الحرام «1» و ما یحرم کما فی الشرائع و الکفایة و الإرشاد و فی قوله فی النافع و المعونة علی المظالم و لا تحرم معونة الظالمین فی غیر الظلم کما تعطیه عباراتهم و به صرح فی السرائر و جامع المقاصد و الروضة و الکفایة و غیرها و یفهم من تقییدهم بالظلم و الحرام و ما یحرم و ما نهی عنه أن الحکم جار فی مطلق العصاة الظلمة حتی الظالمین لأنفسهم بعصیانهم و إن لم یکونوا أصحاب حکم و رئاسة أو أنهم مرادون فی الظالمین فترجع المسألة إلی قولنا تحرم الإعانة فی المحرمات لکل أحد و علی کل حال (فالدلیل علی ذلک) العقل و النقل کتابا و سنة و إجماعا و یحتمل أن یراد من الظلم غیره لأنه المتبادر إلی الفهم لا مطلق العاصی و الفاسق فیکون حکم الأخیر متروکا فی کلامهم و إن جری فیه الدلیل المذکور «فتأمل» و إن أبقینا عبارة النهایة علی ظاهرها
______________________________
(1) یعنی و داخل فی الحرام (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 61
..........
______________________________
کان مراده بالظالمین؟؟؟ کما هو الموافق للاعتبار و یعطیه سوق الأخبار و عبارتها «1» متونها «2» لا مطلق الظالم و الفاسق و کانت أی عبارة النهایة موافقة لظواهر کثیر من الأخبار و صریح جملة وافیة «3» منها و فیها الصحیح و المعتبر کقول أبی جعفر علیه السلام فی صحیح أبی بصیر یا أبا محمد لا و مدة بقلم و قول أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی خبر ابن أبی یعفور «4» مثله و فی خبر یونس بن یعقوب لا تعنهم علی بناء مسجد و خبر صفوان بن مهران الجمال (إلی غیر ذلک) من الأخبار الصریحة فی حرمة إعانة الظالمین فی المباحات و الطاعات إلا أن ظاهر أکثر الأصحاب و صریح الباقین بغیر خلاف یعرف اختصاص التحریم بالإعانة فی المحرمات کما عرفت (فإعراض الأصحاب) عن هذه الأخبار علی ما هی علیه من الصراحة و التظافر بل التواتر لأن الصریح منها تسعة أخبار و الظاهرة منها متظافرة مع عدم المعارض سوی الأصل.
(إما) لاحتمال المباحات و الطاعات فیها ما عرض لها التحریم بغصب و نحوه کما هو الأغلب فی أحوالهم لکنه بعید عن حب البقاء المجامع للإعانة علی المباحات و الطاعات «أو» لأنهم حملوها علی ما إذا استلزمت الإعانة تکثیر سواد أو تعظیم شأن أو إیهام أنهم علی الحق و لا ریب فی حرمتها حینئذ کما یرشد إلیه قول الصادق علیه السلام فی خبر علی بن أبی حمزة لو لا أن بنی أمیة وجدوا من یکتب و یجبی لهم الفی‌ء و یقاتل عنهم و یشهد جماعتهم ما سلبونا حقنا و لو ترکهم الناس و ما فی أیدیهم لما وجدوا شیئا «5» إلا ما وقع فی أیدیهم و ما کان من الإعانة لا بقصدها و لا مستلزما لشی‌ء مما ذکرنا بل دعی إلیه الضیق و الشدة فلیس بحرام بل یکره لمشابهته الإعانة کما نص علیه بعض من تأخر «6» و نبه علیه خبر ابن أبی یعفور (قال) کنت عند أبی عبد اللّٰه علیه السلام فدخل علیه رجل من أصحابنا فقال له أصلحک اللّٰه إنه ربما أصاب الرجل منا الضیق و الشدة فیدعی إلی البناء یبنیه أو النهر یکریه أو المسناة یصلحها فما تقول فی ذلک (فقال) أبو عبد اللّٰه علیه السلام ما أحب أنی عقدت لهم عقدة أو وکیت لهم وکاء و إن لی ما بین لابتیها لا و لا مدة بقلم إن أعوان الظلمة یوم القیامة فی سرادق من نار حتی یحکم اللّٰه عز و جل بین العباد (فقوله علیه السلام) لا أحب ظاهر فی الکراهة (و أما ما ذکر) فی ذیل الخبر من التعلیل فیحتمل أن یکون المراد من ذکره بیان خوف الاندراج فی أفراد مصداقه و قد حمل الأخبار المذکورة جماعة علی الکراهیة و شدة المبالغة لکنهم مطالبون بالوجه فی ذلک (و الذی یقتضیه النظر فی الأخبار) ما ذکرناه من أن الإعانة إن کانت عن میل إلیهم لظلمهم أو بقصد السعی فی إعلاء شأنهم و حصول الاقتدار علی رعیتهم و تکثیر سوادهم حرمت و إن خلت عن هذه الأشیاء و نحوها حلت و إلا لکان ذلک باعثا علی أذیتنا و کیف یتم ذلک مع حث أئمتنا لنا علی مجاملتهم بل لم تقم لنا سوق و اشتد الأمر علینا مضافا إلی استمرار السیرة و بذلک یحصل الجمع بین الأخبار و الفتاوی بل یظهر من الأخبار إرادة من کان من الظلمة فی أیام صدورها (و مما ذکر یعلم) أنه لا یحرم إعانة سلاطین؟؟؟ فی الأمور المباحة و یجوز حب بقائهم لإیمانهم و دفع شرور أعدائهم فإنه فی الحقیقة محبة للإیمان و حفظه لا لذلک الشخص و فسقه و جوره بل کلما تأمله یکرهه بل لا یبعد جواز ذلک فی مخالف أو کافر فعل ذلک کما هو الشأن فی المؤلفة ثم إنه
______________________________
(1) أی النهایة (منه)
(2) أی الأخبار (منه)
(3) وافرة خ ل
(4) الموجود فی نسخة الأصل خبر ابن یعفور و الظاهر أن لفظة أبی ساقطة من قلمه الشریف (محسن)
(5) لما وجد شیئا (کذا فی نسخة الأصل)
(6) کالمولی الأردبیلی و غیره (منه قدس سره).
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 62
و حفظ کتب الضلال و نسخها لغیر النقض أو الحجة و نسخ التوراة و الإنجیل و تعلیمهما و أخذ الأجرة علیهما (1)
______________________________
لا ریب فی جواز إعانة سلاطین الجور للتقیة و الضرورة و من إعانتهم المحرمة التولیة عنهم اختیارا و الظاهر أنه لا خلاف فی ذلک کما سیأتی بیانه عند تعرض المصنف له
(قوله) (قدس اللّٰه تعالی روحه) (و حفظ کتب الضلال و نسخها لغیر النقض أو الحجة و نسخ التوراة و الإنجیل و تعلیمهما و أخذ الأجرة علیهما)
کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و التحریر و کذا الدروس و قد صرح فی السرائر فی موضع منها و الشرائع و النافع و الإرشاد و شرحه و اللمعة و التنقیح و إیضاح النافع و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها بحرمة حفظ کتب الضلال و نسخها لغیر النقض و قد نفی الخلاف عن ذلک فی التذکرة و المنتهی فیما حکی عنه (و قیده کثیرون) بما إذا کان من أهل النقض (و المصنف) رحمه اللّٰه جوز ذلک للحجة کما جوزه للنقض کما صنع جماعة و زاد آخرون التقیة و یفهم من ذلک أن الأصل فی ذلک المنع و لیس غرض من زاد أو نقص الحصر فیما استثناه لأنه لو کان الغرض الاطلاع علی الفرق الفاسدة أو تحصیل ملکة البحث أو نقل الفروع الزائدة فلا بأس (و نص جماعة) علی حرمة مطالعتها و آخرون علی درسها قراءة و مطالعة (و قال المحقق الثانی) و الفاضل المیسی و الشهید الثانی و المولی الأردبیلی و غیرهم المراد حفظها عن التلف أو علی الصدر و ما ذکر فی السرائر و ما بعدها هو ما تعطیه عبارة المقنعة و النهایة و موضع آخر من السرائر (قال فی المقنعة) و لا یحل کتابة کتب الکفر و تخلیدها الصحف إلا لإثبات الحجج فی فسادها و التکسب بحفظ کتب الضلال و کتبها حرام فقد اتفقت الفتاوی علی تحریم نسخها و حفظها إلا ما استثنی فکان الإجماع معلوما إذ لا مخالف و لا متردد مضافا إلی ما سمعت عن التذکرة و المنتهی و إذا حرما حرم التکسب بهما کما تعطیه القاعدة و أکثر العبارات لمکان ذکر ذلک فی المقام مع تصریح جماعة کثیرین بحرمته بل اقتصر فی المراسم علی ذکر تحریم الأجر علی کتب الکفر و لا مخالفة لأنک ستعرف الموضوع و قضیة قولهم یحرم حفظها أنه یجب إتلافها کما صرح بذلک المحقق الثانی و الشهید الثانی و القطیفی و غیرهم و قد یستدل علی أصل الحکم المذکور بمواضع من خبر تحف العقول (منها قوله علیه السلام فیه) و کل منهی عنه مما یتقرب به لغیر اللّٰه أو یقوی به الکفر إلا فی حال الضرورة و منها (قوله علیه السلام) و ذلک إنما حرم الصناعة التی هی حرام کلها التی یجی‌ء منها الفساد محضا و لا ریب أن نسخ کتب الکفر و الخوارج لغیر ما ذکر لا یجی‌ء منها إلا الفساد (و قوله علیه السلام) و ما یکون منه و فیه الفساد و لا یکون فیه شی‌ء من وجوه الصلاح فحرام تعلیمه و تعلمه و العمل به و أخذ الأجر علیه و جمیع التقلب من جمیع وجوه الحرکات کلها و من المعلوم أن حفظها و نسخها لغیر ما ذکر لا وجه فیه من الصلاح مضافا إلی أنها بدعة فیجب دفعها من باب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و یؤید ذلک أن فی ذلک نوع إعانة علی الإثم و قد یحصل منه میل إلیها فیعمل بها و قد ینبئ حفظها عن الرضا بها و الاعتقاد بما فیها فلا تصغ إلی ما برقشه بعض متأخری المتأخرین من الخرافات و أورده من الترهات (إذا عرفت هذا) فعد إلی معرفة کتب الضلال فالظاهر من الأصحاب ما کان کلها ضلالا و لا سیما المقنعة و النهایة و المراسم و به صرح صاحب إیضاح النافع و المولی الأردبیلی بل ظاهر الأول الإجماع علی ذلک کما ستسمع و هو الذی تقتضیه حقیقة اللفظ من دون تجوز و هو معقد الإجماع و مصب الفتاوی کالتوراة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 63
و هجاء المؤمنین (1)
______________________________
و الإنجیل فإنه قد نص المصنف فی التذکرة و المقداد و الکرکی و القطیفی علی أنهما محرفان و معلوم أنهما منسوخان و ککتب القدماء من الحکماء القائلین بقدم العالم و إیجاب الصانع و عدم المعاد و کتب عبدة الأصنام و منکری الصانع (و أما کتب البدع) فی هذه الملة فهی أصناف منها کتب الجبر و نفی الغرض المفردة التی لیس معها غیرها و الکتب المفردة فی خصوص؟؟؟ و کتب الخوارج أصولا و فروعا و الفتاوی المفردة لأحد؟؟؟ فهذه حالها حال ما تقدمها و أما ما اشتمل علی ذلک من کتبهم مع کونه مشحونا بما یوافق العدلیة ککتب المعتزلة و بعض کتب الأشاعرة و تفاسیرهم و أصول فقههم و الصحاح الست فلا حرمة فیها کما نص علی بعض ذلک صاحب إیضاح النافع و البعض الآخر المولی الأردبیلی قال فی إیضاح النافع فیما اشتمل علی الضلال و الحق أن إفراز الحق عن الضلال غیر مستحسن و لیس من عادة الأصحاب «انتهی» و هو کذلک و ظاهر جامع المقاصد و المسالک أن ما اشتمل علی ذلک یجب إتلاف موضع الضلال منه (قال) فی جامع المقاصد و یجوز إتلاف موضع الضلال دون غیره مع الملاحظة علی بقاء ما یعد مالا من الورق و الجلد إذا کان من أموال المسلمین أو المنتمی إلی الإسلام دون إتلاف الجمیع قطعا (و مثله ما فی المسالک) غیر أنه عبر بالوجوب فإن أبقی کلام المحقق الثانی علی ظاهره لم یکن مخالفا علی الظاهر لأن الذی یتحصل من الفتاوی و یشهد به الاعتبار و السیرة و الآثار أن المدار علی اختلاف الأغراض و المقاصد و ترتب المصالح و المفاسد فما وضع أو حفظ للاستدلال علی تقویة الضلال الإسلامی أو الإیمان أو الضلال المخالف للحکم الشرعی الثابت بالدلیل القطعی یجب إتلافه من غیر ضمان لقیمته لدخوله تحت الوضع للحرام إن وضعت له و تحت ما دل علی أن جمیع ما من شأنه الفساد یحرم التصرف فیه و قنیته و حفظه (و أما ما خلا عن الاحتجاج) کالأخبار و الفتاوی لغیر أصحابنا؟؟؟ حفظها و نسخها و لا یجب إتلافها و أما ما کان قد وضع للاستدلال علی معانی السنة و الکتاب ککتب أصول الجماعة فلا بأس بها (و لما کان الدلیل) الإجماع و بعض القواعد الثابتة وجب الاقتصار علی المتیقن و رجع الأمر بالآخرة إلی اختلاف المقاصد و الأغراض فلیلحظ ذلک جیدا (و مما ذکر علم) أن التوراة و الإنجیل من کتب الضلال فالمدار فیهما علی القصد و الغرض فإن خلا عن غرض حرم أیضا و کأن المصنف أراد التنبیه علی أنهما محرمان أو علی أن المنسوخ بعد النسخ یخرج عن کونه حقا و بهذا الجمع و التحریر یتضح الحال و لم یبق فی المسألة إشکال و کان الأستاذ الشریف قدس اللّٰه روحه و حشره مع آبائه الطاهرین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین منذ سبعة عشر سنة تقریبا یوم قراءتنا هذه المسألة عنده مستشکلا فی تحریر الموضوع و خرجنا من عنده و لم یستقر رأیه المبارک علی شی‌ء و من الضلال المحض الذی یجب إتلافه علی مذهب الشهید الثانی کلام صاحب الحدائق فی المسألة فی آخر عبارته حیث افتری علی أصحابنا و أساطین مذهبنا بأنهم اتبعوا؟؟؟ فی تدوین الأصول استحسانا و طول فی ذلک غایة التطویل و ملأ القرطاس من الأباطیل نسأل اللّٰه سبحانه أن یسامحنا جمیعا من عثرات الأقلام و مزلات الأقدام ثم إن له قبل ذلک من الکلام ما تمجه الأفهام لکن الأمر فی ذلک سهل «و لکن حدیثا ما حدیث القواعل»
(قوله) (و هجاء المؤمنین)
کما فی المقنعة و النهایة و المراسم و سائر ما تأخر عنهما مما تعرض فیه له و فی التذکرة لا خلاف فیه و فی المنتهی و کشف اللثام الإجماع علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 64
و الغیبة (1)
______________________________
للنصوص من الکتاب «1» و السنة لما فیه من إیذائهم و تأنیبهم و إذاعة أسرارهم و لأنه غیبة فی بعض أفراده سواء کان شعرا أو غیره کما فی الکتاب فی الشهادات و غیره (و قد یتوهم من عبارات بعضهم) حیث یفسرون الهجاء بذکر المعائب بالأشعار. اختصاص التحریم بالشعر و لا فرق فی المؤمن هنا بین الفاسق و غیره کما فی المسالک و الروضة إلا أن یدخل هجاء الفاسق فی مراتب النهی عن المنکر بحیث یتوقف ردعه علیه فیمکن جوازه إن فرض. و جوز الشهید فی حواشی الکتاب هجاء الفاسق المتظاهر (قال) و فی الحدیث محصوا ذنوبکم بغیبة الفاسقین (قلت) قد یفرق بینه و بین الغیبة لاقتضائه الدوام بحیث یشمل الأعقاب فالرخصة فیها لا تدل علی الرخصة فیه و یأتی تمام الکلام فی ذلک و ظاهر العبارة و غیرها جواز هجاء؟؟؟ کما صرح به فی المقنعة و النهایة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و کشف اللثام للأصل و ظواهر النصوص باعتبار المفهوم (و یأتی تمام الکلام فی الغیبة) و کما یحرم الهجاء یحرم استماعه کما ستسمع (و قد ورد) أنه صلی اللّٰه علیه و سلم أمر حسانا أن یهجو المشرکین قال فإن الهجو أشد علیهم من رشق النبل (و فی الصحاح) الهجاء خلاف المدح و هو عام للشعر و غیره غیر خاص بذکر المعائب التی هی فیه (و ظاهر القاموس و النهایة و المصباح) اختصاصه بالشعر من غیر قصر علی المعائب التی فیه أیضا و مما ذکر یعلم حال ما فی جامع المقاصد و غیره من أنه ذکر المعائب بالشعر «فتأمل» و لیعلم أنه لا تجوز المقاصة فیه و یجب علیه محوه کفایة و یجب علی الناس ردعه. و حرمة أخذ الأجرة علیه و ما یهدی به إلیه قد تقدم الدلیل علیه
(قوله) (و الغیبة)
لما کان حرمتها و حرمة التکسب بها من الضروریات خلت عن ذکرها جملة من العبارات فی الباب و باب الشهادات (قال فی جامع المقاصد) وحدها علی ما فی الأخبار أن یقول فی أخیه ما یکرهه لو سمعه مما فیه (قال) و فی حکم القول الإشارة بالید و غیرها من التحاکی لفعله أو قوله کمشیة الأعرج و قد تکون بالتعریض مثل قوله أنا لا أفعل کذا معرضا بمن یفعله (قال) و لو قال ذلک بحضوره فتحریمه أغلظ و إن کان ظاهرهم أنه لیس غیبة «انتهی» (قلت) قال فی القاموس غابه عابه و ذکره بما فیه من السوء و الغیبة فعلة منه تکون حسنة أو قبیحة (و فی المصباح المنیر) اغتابه إذا ذکره بما یکره من العیوب و هو حق و الاسم الغیبة فإن کان باطلا فهو الغیبة فی بهت و قد یظهر منهما شمولها للغیبة و الحضور و قد عد الشهید فی قواعده منها أن یشیر إلی نقص فی الغیر و إن کان حاضرا لکن صریح الصحاح و النهایة و مجمع البحرین اختصاصهما بالغیبة (قال فی الصحاح) أن یتکلم خلف إنسان مستور بما یغمه لو سمعه فإن کان صدقا یسمی غیبة و إن کان کذبا سمی بهتانا و مثله ما فی مجمع البحرین حرفا بحرف فقد أخذ فیهما الستر کما یعطیه جملة من الأخبار کما ستسمع (و قال فی النهایة الأثیریة) أن یذکر الإنسان فی غیبته بسوء إن کان فیه. فلم یأخذ فیه الستر فکلام أهل اللغة خاص بالذکر و الکلام إلا أن یریدوا بالذکر ما یشمل الإشارة و التحاکی للفعل و إلا فقد سمی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و سلم إشارة عائشة بیدها إلی قصر المرأة غیبة (و قد قسم الشهید) فی قواعده الغیبة إلی ظاهرة و خفیة و أخفی و عد من الثانی الإشارة و التعریض و من الثالث أن یذم نفسه بترک طرائق لینبه علی عورات غیره فینبغی تحدیدها بما
______________________________
(1) و الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفٰاحِشَةُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 65
..........
______________________________
یقصد به هتک عرض المؤمن أو التفکه به أو إضحاک الناس منه فما کان منها لغرض صحیح لا یحرم کما ستسمع (ثم إنه) لا ریب فی اختصاص تحریم الغیبة بمن یعتقد الحق کما فی مجمع البحرین و الریاض و هو ظاهر عبارات الأصحاب فی المقام و قد سمعت کلامهم فی الهجاء للأصل و ظواهر أخبار الباب إما من جهة المفهوم أو من جهة الأخوة و المخالف لیس مؤمنا و لا أخا له مضافا إلی الأخبار المتضافرة الواردة؟؟؟ و أنهم شر من النصاری و أنجس من الکلاب فإنها تدل علی الجواز صریحا أو فحوی کالنصوص المطلقة للکفر علیهم و هی کثیرة جدا فهی تدل من جهة الفحوی و من أن إطلاق الکفر علیهم إما لکفرهم حقیقة أو لاشتراکهم مع الکفار فی أحکامهم التی منها ما نحن فیه إلا أن یقوم إجماع علی الخلاف بل قد نقلت حکایة الإجماع فی الریاض علی أن ما نحن فیه منها و لم أجد الحاکی (و قال فی مجمع البرهان) الظاهر أن عموم أدلة تحریم الغیبة من الکتاب تشمل المؤمنین و غیرهم فإن قوله جل شأنه وَ لٰا یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً إما للمکلفین کلهم أو للمسلمین فقط لجواز غیبة الکافر و کذا الأخبار فإن أکثرها بلفظ الناس أو المسلم (إلی أن قال) و کما لا یجوز أخذ مال المخالف و قتله لا یجوز تناول عرضه ثم قال فی ظنی أن الشهید فی قواعده جوز غیبة؟؟؟ من جهة مذهبه و دینه لا غیر و کأنه مال إلی ذلک صاحب الکفایة (و فیه) أن صدر الآیة الشریفة یا أیها الذین آمنوا و المؤمن فی اصطلاحنا عبارة عن الفرقة الناجیة فکیف غفل عن أولها کما غفل عن آخرها حیث قال سبحانه أَ یُحِبُّ أَحَدُکُمْ أَنْ یَأْکُلَ لَحْمَ أَخِیهِ مَیْتاً إذ لا أخوة بین المؤمن و الکافر کما قدمنا فتأمل (و فی الخبر المذکور) فی معانی الأخبار و عیون الأخبار أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أشار إلی علی علیه السلام فقال ولی هذا ولی اللّٰه فواله و عدو هذا عدو اللّٰه فعاده ثم إن خطابات القرآن الشریف مختصة بالمشافهین و لا یتعدی إلی الغائبین إلا بدلیل و هو فی الغالب الإجماع و لا إجماع إلا علی الشرکة مع اتحاد الوصف و لا ریب فی تغایره فلا شرکة لهم معهم مع أن الأصحاب فی الباب کما عرفت بین مصرح بالجواز و ظاهر منه ذلک ثم إن الأخبار الواردة بلفظ المؤمن أربعة أخبار فیحمل علیها ما ورد بلفظ المسلم (قوله) (و کما لا یجوز أخذ ماله و قتله لا یجوز تناول عرضه) فیه أن تحریم الأولین لعله للإجماع إن کان فحمل العرض علیهما قیاس (ثم إنا قد نقول) بحلیتهما عند الأمن و عدم؟؟؟
جریا علی الأخبار الدالة علی؟؟؟ و الأخبار الدالة علی أخذ؟؟؟ و هی کثیرة و قد فسر؟؟؟ فی خبر مستطرفات السرائر من کتاب مسائل الرجال و خبر العلل و خبر المعلی بأنه من؟؟؟ الجبت و الطاغوت و من نصب؟؟؟ فنقول إن الناصب حیث ما أطلق فی الأخبار یراد به؟؟؟ غیر المستضعف و إیثار هذه العبارة فی أکثر الأخبار للدلالة علی بعض المخالفین للأئمة الأطهار سلام اللّٰه علیهم فتأمل (و لعله) علی ذلک بنی العلماء الراشدون کالمحقق الخاجه نصیر الدین و العلامة آیة اللّٰه فی العالمین یوم تشیع خدا بنده و المحقق الثانی فی سلطنة الشاه إسماعیل و لعل من ذلک حرب الشهید مع تلمیذه الشیخ محمد الیالوشی حیث عمل بالسحر فتأمل جیدا (و أما ما حکاه) عن الشهید فی قواعده فلعله أشار إلی قوله فیما استثناه أن یکون المقول فیه مستحقا لذلک لتظاهره بسببه کالکافر و الفاسق المتظاهر فیذکره بما هو فیه لا بغیره و هو کما تری لیس فیه تصریح بالمخالف و لعله أراد الفاسق من الفرقة فتأمل أو أشار إلی قوله الخامس ذکر المبتدعة و تصانیفهم الفاسدة و آرائهم المضلة و لیقتصر علی ذلک انتهی (و لعله أراد الأخباریة) و المائلین إلی التصوف منا فتأمل (هذا) و جمیع ما استثنی جوازه مما ذکره الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم (اثنا عشر موضعا). (الأول) أن یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 66
..........
______________________________
القول فیه مستحقا لذلک لتظاهره بسببه کالفاسق المتظاهر فیذکره بما فیه لا بغیره ذکر ذلک الشهید و غیره قال و منع بعض الناس من ذکر الفاسق و أوجب التعزیر بقذفه بذلک و قد روی الأصحاب تجویز ذلک. و لعله أشار إلی ما رواه فی المجالس عن هارون بن الجهم الثقة فی الصحیح علی ما قیل عن الصادق علیه السلام قال إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غیبة و خبر أبی البختری عن الصادق علیه السلام ثلاثة لیس لهم حرمة و عد منها الفاسق المعلن بالفسق و إلی ما رواه الشهید الثانی علی ما حکی قال (قال) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم من ألقی جلباب الحیاء عن وجهه فلا غیبة له و إلی صحیحة عبد اللّٰه بن أبی یعفور عن الصادق علیه السلام حیث قال (قال رسول اللّٰه) صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا غیبة لمن صلی فی بیته و رغب عن جماعتنا و من رغب عن جماعة المسلمین وجب علی المسلمین غیبته و سقطت بینهم عدالته و ظاهر الثلاثة الأول أنه لا یختص الجواز بالذنب الذی یتظاهر به لوقوع الغیبة و الحرمة نکرتین فی سیاق النفی. و ظاهر الخبر الرابع جواز الغیبة بمجرد ظهور الفسق و إن لم یکن متظاهرا به و لا قائل به (و قال فی مجمع البحرین) ظاهر جملة من الأخبار اختصاص التحریم بمن یعتقد الحق و یتصف بصفات مخصوصة کالستر و العفاف و کف البطن و الفرج و الید و اللسان و اجتناب الکبائر و نحو ذلک من الصفات المخصوصة المذکورة فی محالها التی إذا حصلت فی المکلف حرم علی المسلمین ما وراء ذلک من عثراته و عیوبه و یجب علیهم تزکیته و إظهار عدالته و قد أشار بذلک إلی خبر ابن «1» یعفور ثم أیده بما رواه فی الکافی (عن الصادق علیه السلام) قال من عامل الناس فلم یظلمهم و حدثهم فلم یکذبهم و وعدهم فلم یخلفهم کان ممن حرمت غیبته «الحدیث» ثم قال و ما ورد من تحریم الغیبة علی العموم کلها من طرق أهل؟؟؟ «انتهی» (قلت) هذا منه عجیب فإن الآیة الشریفة و مرسل ابن أبی عمیر و خبر عبد الرحمن بن سیابة و خبر داود بن سرحان و ما رواه فی الفقیه مرسلا عن الصادق علیه السلام و غیرها وردت فی تحریم الغیبة علی العموم فیقتصر فی تخصیصها بخبر المجالس و نحوه علی المتیقن و هو ما تجاهر به (أو نقول) إن هذه إنما خرجت بناء علی أن لذکر ما زاد عما تجاهر به تأثیرا فی ارتداعه عما هو علیه من الفسق و التظاهر به «فتأمل» (الثانی) شکایة المتظلم بصورة ظلمه عند من یرجو منه إزالة ظلمه و قد یستدل علیه بقوله جل شأنه لٰا یُحِبُّ اللّٰهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلّٰا مَنْ ظُلِمَ کما ورد فی تفسیرها (الثالث) الاستفتاء کما تقول ظلمنی أخی فکیف طریقی فی الخلاص و الأسلم کما فی الکفایة أن یقول ما قولک فی رجل ظلمه أخوه مثلا (الرابع) تحذیر المؤمن من الوقوع فی الخطر و نصح المستشیر (و لعل من ذلک) بیان أغلاط العلماء و طعن بعضهم علی بعض إلا أن هذا الموضع محل الخدیعة من الشیطان (الخامس) الجرح للشاهد و الراوی (السادس) أن یقصد بغیبته دفع الضرر عنه کقوله علیه السلام لعبد اللّٰه ابن زرارة اقرأ علی والدک منی السلام و قل إنما اغتبتک دفاعا منی عنک (السابع) أن یکون باسم یعرب عن غیبته کالأعرج و الأعمش و الأعور (الثامن) ما إذا علم اثنان أو ثلاثة معصیة من آخر فذکرها بعضهم للآخر لأنها لا تؤثر عند السامع شیئا و الأولی التنزه عنها و لأنه ربما نسیها (التاسع) إذا اطلع الذین یثبت التعزیر أو الحد علی فاحشة «2» جاز ذکرها عند الحاکم بصورة الشهادة فی غیبة الفاعل (العاشر) ذکر المبتدعة و تصانیفهم ذکره الشهید و کأنه داخل فی التحذیر و قد ذکره فی مطاوی نصح المستشیر (الحادی عشر) من ادعی نسبا لیس له (الثانی عشر) تفضیل بعض
______________________________
(1) کذا فی النسخ
(2) الظاهر أنه سقط من هذا المکان لفظ بشهادتهم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 67
و الکذب علیهم و النمیمة و سب المؤمنین و مدح من یستحق الذم و بالعکس و التشبیب بالمرأة المعروفة المؤمنة (1)
______________________________
العلماء علی بعض و بعض الصناع علی بعض و لیس من الغیبة ما إذا کان متعلقها غیر محصور فلو قال عن أهل بلدة غیر محصورة ما لو قاله فی شخص واحد مثلا یعد غیبة. لم یحسب غیبة قاله بعضهم و أما ما یخطر فی النفس من نقائص الغیر فلا یعد غیبة لأن اللّٰه سبحانه عفی عن حدیث النفس قاله الشهید (و کما تحرم الغیبة یحرم سماعها) و قد ترک ذکره الأصحاب لظهوره و إنما أشیر إلیه فی جامع المقاصد و الروضة فی مطاوی ما استثنی (و قد روی الصدوق) فی الفقیه عن مولانا الصادق علیه السلام عن آبائه عن أمیر المؤمنین علیه السلام (قال) نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن الغیبة و الاستماع إلیها إلی أن قال ألا و من تطوع علی أخیه فی غیبة سمعها فیه فی مجلس فردها عنه رد اللّٰه عنه ألف باب من الشر فی الدنیا و الآخرة فإن هو لم یردها و هو قادر علی ردها کان علیه کوزر من اغتابه سبعین مرة (و أما کفارتها) ففی الکافی و الفقیه عن حفص ابن عمر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سئل النبی صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم ما کفارة الاغتیاب قال تستغفر اللّٰه لمن اغتبته کلما ذکرته و ظاهره عدم الفرق بین کونه حیا أو میتا و یعضده أن أخباره و التحلل منه کما اختاره بعض ربما أثار فتنة أو أورث حقدا و بغضا و سوءا ظن
(قوله) (و الکذب علیهم و النمیمة و سب المؤمنین و مدح من یستحق الذم و بالعکس و التشبیب بالمرأة المعروفة المؤمنة)
قد ذکر ذلک کله فی التذکرة و قال بلا خلاف فی ذلک کله (قلت) أما تحریم الکذب علیهم فإن الکاذب ملعون و علی المؤمنین أشد و علی اللّٰه تعالی و الرسول صلّی اللّٰه علیه و آله و الأئمّة سلام اللّٰه علیهم أعظم و الکذب هو الإخبار عن الشی‌ء بخلاف ما هو فیه سواء فیه العمد و الخطأ إذ لا واسطة علی المشهور و المراد هنا تعمد الکذب. و التوریة و الهزل من غیر قرینة داخلان فی اسمه أو حکمه و قد یجری حکمه فی الإنشاء المنبئ عن الخبر کوعد غیر العازم و نحوه (و الکلام ثلاثة) صدق و کذب و إصلاح و الإصلاح لا یوصف بالکذب البحت و لیس مبغوضا و لذلک قال الصادق علیه السلام و اللّٰه ما سرقوا و لا کذب یوسف و اللّٰه ما فعل کبیرهم و لا کذب إبراهیم و ذلک أنهما أرادا الإصلاح و اللّٰه أحب الکذب فی الإصلاح و أبغضه فی غیره فقوله علیه السلام ما کذب یوسف أراد الکذب البحت الذی یلعن اللّٰه صاحبه و یبغضه علیه (و فی الخبر) ثلاثة یحسن فیهن الکذب المکیدة فی الحرب و عدتک زوجتک و الإصلاح بین الناس (و الحق) أنه کذب مغتفر لغیر الأنبیاء و الأئمّة علیهم السلام قطعا (و هل یغتفر لهم) قولان أو احتمالان أظهرهما العدم فیؤول ما ورد مما أشبه ذلک و قال فی جامع المقاصد و لو اقتضت المصلحة الکذب وجبت التوریة «فتأمل» لأن ظواهر الأدلة علی خلاف ذلک و لا بأس بالشعر المتضمن الکذب لأنه من صناعته و لأن کذبه لیس فی صورة الصدق و لا الغرض منه ترویجه فبان من الکذب المحرم من هذا الوجه (و فی شهادات الشرائع) یحرم من الشعر ما تضمن کذبا و لعله أراد ما لا یمکن حمله علی المبالغة «فتأمل» (و أما النمیمة) فهی نقل الحدیث من قوم إلی قوم علی وجه السعایة و الإفساد یقال نم الحدیث و ینمه من باب ضرب و قتل سعی به لیوقع فتنة أو وحشة (و فی کتاب الاحتجاج) فی حدیث الزندیق الذی سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام أن من أکبر السحر النمیمة یفرق بها بین المتحابین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 68
..........
______________________________
و تجلب العداوة بین المتصافیین «1» و تسفک بها الدماء و تهدم بها الدور و تکشف بها الستور و التمام أشد «2» من وطأ علی أرض بقدم «الحدیث» و قد یجب فعلها بین المشرکین لتفریق کلمتهم و کسر شوکتهم کما فعله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و لذلک خصت فی أحد الوجهین بالمؤمنین و بینها و بین الکذب عموم من وجه و کذا بینها و بین الغیبة (و أما السب) فهو الشتم و مثله السباب بالکسر و خفة الموجدة و فی الحدیث سباب المؤمن فسوق و قتاله کفر و الشتم السب بأن تصف الشی‌ء بما هو إزراء و نقص فیدخل فی السب کل ما یوجب الأذی کالقذف و الحقیر و الوضیع و الکلب و الکافر و المرتد و التعبیر بشی‌ء من بلاء اللّٰه کالأجذم و الأبرص و لو کان مستحقا للاستخفاف فلا حرمة إلا فیما لا یسوغ لقاؤه به و قد یراد به فی المقام خصوص مثل الوضیع و الحقیر و الناقص و إن ثبت بها التعزیر لتبادره عرفا و قد یراد خصوص ما ثبت به التعزیر دون الحد کالقذف لأنه من الکبائر فلا یناسب وضعه مع الکذب علی المؤمنین «فتأمل» و السب مع قصد الإنشاء یخالف الغیبة أو یعم الخبر و تعم الإنشاء و یختلفان فی بعض التعبیرات فیعم کل منهما الآخر من وجه. و سب غیر أهل الإیمان من شرائط الإیمان (و أما) مدح من یستحق الذم فالمراد به مدحه من الوجه الذی یستحق به الذم و کذا عکسه فلو مدح جائرا مؤمنا أو کافرا لحبه المؤمنین و حفظهم و منع المخالفین عن التسلط علیهم أو لکرمه و شجاعته و إحسانه إلیه فلا حظر کما لو ذم الجائر من جهة ظلمه و شربه الخمر فإن إعطاء الشخص الواحد حقه من المدح و الذم باعتبار مقتضاهما حسن إذا لم یترتب علیه فساد فیصح لنا أن نقول بالحرمة فیما إذا مدح من یستحق الذم من الوجه الحسن الذی لا یستحق به ذما و فهم السامع منه کونه ممدوحا لما فیه من إیهام الباطل (و قد یراد) بمن یستحق الذم من لیس أهلا للمدح أصلا و کذلک العکس کما یشعر به عبارة الدروس قال و الذم لغیر أهله و المدح فی غیر محله «فتأمل» و لعل بهذا یندفع التکرار عند صدق التأمل و إلا فهذا بطرفیه نوع من الکذب و بأحدهما نوع من الهجاء (إلا أن تقول) أعاده لکونه أغلظ و لما فی ذم من یستحق المدح من زیادة إیذائه «فتأمل» «3» (و أما التشبیب بالمرأة المعروفة المؤمنة) فقد قال أهل اللغة شبب الشاعر بفلانة تشبیبا قال فیها الغزل و التشبیب و عرض بحبها و الغزل محادثة النساء و النسیب التعریض بهوی المرأة و حبها و الوجه فی التحریم إیذاؤها و إغراء الفساق بها و قد ذکر للتحریم هنا شرطین کونها معروفة و کونها مؤمنة و فی باب الشهادات من الکتاب و الإرشاد شرط کونها معروفة و کونها محرمة کالشرائع فی الشهادات و مقتضی ذلک أمران (الأول) جواز التشبیب بزوجته و أمته غیر المزوجة و هو نص المبسوط و جامع المقاصد و حواشی الکتاب و الذی تعطیه عبارة الدروس لکن نص فی المبسوط علی الکراهیة و لعله لما فیه من مخالفة المروءة فترد شهادته لکنه نص فی المبسوط علی عدم ردها (الثانی) حرمة التشبیب بنساء أهل الخلاف و أهل الذمة و هو الذی تعطیه فحوی عبارة الدروس و به صرح فی جامع المقاصد لأن النظر إلی نساء أهل الذمة بریبة حرام فهذا أولی (و فیه) أن النظر إلی نساء أهل الحرب بریبة حرام مع أنه صرح بجواز
______________________________
(1) المتصادقین خ ل
(2) الظاهر أشر بدل أشد
(3) فقد تحصل أن الناس فی المقام علی ثلاثة أقسام سالم من المذام فهو ممدوح لا یذم و بالعکس العکس و من کان ذا جهتین فقد یمدح و یذم مع المحافظة علی الوجه السائغ شرعا و قد یذم الممدوح خوفا علیه أو علی الذام و کذلک الحال فی العکس لأمور أخر راجحة شرعا (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 69
و تعلم السحر و تعلیمه (1) و هو کلام یتکلم به أو یکتبه أو رقیة أو یعمل شیئا یؤثر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غیر مباشرة (2)
______________________________
التشبیب بهن إذا لم یستول علیهن و لعله لما فیه من إغراء الفساق بهن و لم یرجح الشهید فی حواشی الکتاب و ظاهر المصنف هنا و فی التحریر و التذکرة الجواز و هو الظاهر إذ لا حرمة لهن کما لا تحریم فی غیبتهن و هجاهن بما لا یشتمل علی فحش. و لا ملازمة بین تحریم النظر و المال و النفس و بین تحریم التشبیب (و دعوی القبح الذاتی لو سلم) لجری فی غیر المعروفات و مقتضی عبارة المصنف و الشرائع و صریح المبسوط و جامع المقاصد جواز التشبیب بالمرأة المبهمة غیر المعروفة لاحتمال أن تکون ممن تحل له و صاحب المفاتیح تأمل فی إطلاق حرمة التشبیب بالمعینة المحرمة (و أما التشبیب) بنساء أهل الحرب فقد صرح فی الدروس و جامع المقاصد بجواز التشبیب بهن و هو الظاهر هنا من الکتاب و التذکرة و التحریر و أما کلامه فی الشهادات و کلام المحقق فیبنی الحال فیه علی تحریم نساء أهل الحرب قبل استیلائنا علیهم و عدمه و الظاهر حینئذ التحریم کما صرح به فی محله و قد عرفت حقیقة الحال و أنه سائغ حلال (و المراد بالمعروفة) المعروفة عند القائل سواء عرفها السامع أو لا إذا علم أنه قصد معینة کما فی جامع المقاصد و حواشی الشهید و فی الثانی أنه علی التقدیرین یحرم الاستماع علی السامع (قلت) قد نقول إذا لم تکن معروفة عند السامع لا یحرم علیه الاستماع و لا یحرم علی القائل التشبیب کما هو الظاهر الموافق للاعتبار و للمتبادر من الإطلاق و لا یشترط أن تکون محرمة علی الأبد بل یکفی کونها محرمة فی الحال و متی انتفی أحد هذه الشروط عند مشترطها أو شک فی حصولها انتفی التحریم و أما التشبیب بالغلام فحرام علی کل حال کما فی الدروس و جامع المقاصد و المسالک و کشف اللثام لأنه محض فحش مشتمل علی إیذاء و إغراء و قال فی المفاتیح فی إطلاق هذا الحکم نظر
(قوله) (و تعلم السحر و تعلیمه)
تحریم السحر و تعلمه و تعلیمه و أخذ الأجر علیه إجماعی بین المسلمین کما فی مجمع البرهان و فی الکفایة لا خلاف فی حرمة عمله و التکسب به و فی الإیضاح و التنقیح بعد ذکر أقسامه أن کله حرام فی شریعة المسلمین و مستحله کافر و الأخبار بحرمته مستفیضة (منها) ما ورد فی حد الساحر و هی جملة وافرة و قد یتأمل فی دلالتها علی جمیع المطلوب لأنها فی العامل لا العالم و أما خبر العلاء و خبر عیسی بن شقفی فستسمع الحال فیهما و فی تنزیلهما علی الحل بالقرآن دون العقد أو غیر ذلک و الأمر أظهر من أن یستدل علیه و ظاهر الأدلة أن حرمته بحسب الذات لا بما یقارنه و یترتب علیه من الأحوال و الغایات (و ما یقال) إن علمه و تعلمه و تعلیمه من دون قصد العمل بل لتحصیل مرتبة الفضل و البعد عن الجهل أو لیحذر الناس أو لیتحذر من عامله فجائز متصف بالرجحان لمکان أصل الإباحة (فغیر صحیح) لأن أکثر أنواعه مشتمل علی کلمات الکفر و کذلک بعض أعماله فإن سلم فإنما یسلم فی بعض أفراده و الخوف منه یندفع بالعوذ المأثورة و الأصل مقطوع بالعمومات و یأتی الکلام فی عمله و تعلمه للحل أو الإبطال و أن الأقوی المنع و علی تقدیر تسلیمه فإنما یجوز فی البعض
(قوله) (قدس سره و هو کلام یتکلم به أو یکتبه أو رقیة أو یعمل شیئا یؤثر فی بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غیر مباشرة)
قد عرفه بعض أهل اللغة بما لطف مأخذه و دق و بعضهم بأنه صرف الشی‌ء عن وجهه و آخرون کابن فارس فی مجمله بأنه إخراج الباطل فی صورة الحق و بعضهم أنه الخدیعة حکاه ابن فارس و عرفه الفقهاء بثلاثة تعاریف (أحدها) ما ذکره المصنف هنا و قد عرف بذلک حرفا بحرف فی التحریر و التذکرة و إیضاح النافع و التنقیح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 70
..........
______________________________
و الکفایة و مجمع البحرین و کذا المنتهی مع زیادة عقد و المسالک مع زیادة أقسام و عزائم و لکنه ذکر بدل قوله أو یعمل شیئا قوله یحدث بسببها ضرر و مثله المفاتیح و زاد فی الدروس علی ما فی المسالک الدخنة و التصویر و النفث و تصفیة النفس و کل ذلک مندرج فی قول المصنف أو یعمل شیئا و قال الشهیدان و الکاشانی إن من السحر استخدام الجن و الملائکة و الاستنزال للشیاطین فی کشف الغائبات و علاج المصاب و استحضارهم و تلبسهم ببدن صبی أو امرأة و کشف الغائبات علی لسانه «انتهی» لکن قال فی المنتهی فأما الذی یقال من العزم علی المصروع و یزعم أنه یجمع الجن فیأمرها لتطیعه فهو عندی باطل لا حقیقة له و إنما هو من الخرافات و قال الشهید الثانی و الفاضل المیسی إن منه عقد الرجل عن زوجته بحیث لا یقدر علی وطئها و زاد المحقق الثانی إلقاء البغضاء بینهما و کأن الأردبیلی متأمل فیهما حیث نسبهما إلی القیل (الثانی) أنه عمل یستفاد منه ملکة نفسانیة یقتدر بها علی أفعال غریبة و أسباب خفیة و هذا حکاه صاحب التنقیح و صاحب إیضاح النافع (الثالث) ما ذکره فی الإیضاح و تبعه أیضا صاحب التنقیح و هو استحداث الخوارق إما بمجرد التأثیرات النفسانیة و هو السحر أو بالاستعانة بالفلکیات فقط و هو دعوة الکواکب أو علی تمزیج القوی السماویة بالقوی الأرضیة و هو الطلسمات أو علی سبیل الاستعانة بالأرواح الساذجة و هو العزائم (قال) و یدخل فیه الزیجیات قالا و الکل حرام فی شریعة الإسلام (و قال فی الإیضاح) أما ما کان علی سبیل الاستعانة بخواص الأجسام السفلیة فهو علم الخواص أو الاستعانة بالنسب الریاضیة و هو علم الحیل و جر الأثقال و هذان لیسا من السحر «انتهی» (إذا عرفت ذلک) فعد إلی عبارة الکتاب و ما کان مثلها فقولهم یؤثر فی بدن المسحور «إلخ» ظاهر فی أن استخدامات الجن و الملائکة و استنزال الشیاطین لیست من السحر و إن حرمت من وجه آخر لکونه کهانة کما ستعرف إذ لا تأثیر لهذه فی شی‌ء من البدن و العقل و القلب و لا تسحر العین و لا تورث استرهابا و لهذا ترک ذکرها الأکثر و ما ذکرها غیر الشهیدین. و من تأخر عنهما أو عن أحدهما اقتصر علی نسبة ذلک إلیهما أو إلی الشهید کالکرکی و الخراسانی و ما وافقهما غیر الکاشانی و بذلک یندفع عن العبارة و نحوها اعتراض المحقق الثانی حیث قال قوله یؤثر إن کان قیدا فی الجمیع خرج عن التعریف کثیر من أقسام السحر الذی لا یحدث شیئا فی بدن أو عقل و إن کان قیدا فی الأخیر أعنی قوله أو یعمل شیئا خرج عنه السحر بالعمل حیث لا یقدر علی وطئها و إلقاء البغضاء بینهما و نحو ذلک لأن المصنف یختار أن کل أقسامه لها تأثیر و لا أقل من إلقاء البغضاء أو عدم القدرة علی الوطی أو سحر العین و الاسترهاب فلیتأمل جیدا (فقد تحصل) أن کل من رتب أثرا أو ضررا علی السحر کان قائلا بأن الاستخدام و الاستنزال لیسا منه و أن ما عداهما من جمیع أقسام السحر ترتب علیها أثر فیمن عمل له إما ضرر أو تخییل علی العین و العقل کما قال سبحانه (سَحَرُوا أَعْیُنَ النّٰاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ الآیة) فقد ظهر من کلام المصنف و ما کان نحوه أن السحر ما من شأنه أن یؤثر و لو تخییلا علی العین و استرهابا سواء قلنا إنه فی ذاته تخییل أو حقیقی فلا ینافی ما سیأتی من اختلافهم من أنه تخییل أو حقیقی له تأثیر ناش عن حقیقته فلیتأمل جیدا (و یرشد إلی ذلک) ما ذکرنا أن الشهیدین إنما رتبا الضرر علی ما عدا الاستخدام و الاستنزال و قد عرفت من عبر بعین عبارة المصنف فالحظ العبارات (هذا أقصی ما یوجه به کلامهم) فلا وجه للاعتراض المذکور (ثم) إن الشهید الثانی فی المسالک صرح بأن الاستخدام من الکهانة و أنها غیر السحر قریبة منه و کذلک الشهید عد کلا منهما علی حده و خبر مستطرفات السرائر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 71
و الأقرب أنه لا حقیقة له و إنما هو تخییل (1)
______________________________
من کتاب المشیخة للحسن ابن محبوب ظاهر بأن الساحر غیر الکاهن (قال) فیه أبو عبد اللّٰه علیه السلام (قال) رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله من مشی إلی ساحر أو کاهن أو کذاب «الحدیث» کما ستسمع ذلک کله و ستعرف أیضا أن الکهانة غیر السحر عند الأصحاب ثم إنه سیظهر لما قلناه فائدة أخری فی دفع اعتراض جماعة علی المصنف فی أنه تخییل کما ستعرف نعم کان الأولی فی العبارة أن یقول أو عمل شی‌ء عطفا علی کلام أو رقیة و هذه مناقشة لفظیة
(قوله) (و الأقرب أنه لا حقیقة له و إنما هو تخییل)
کما هو خیرة الأکثر کما فی الدروس و المسالک و مذهب کثیر کما فی الروضة و قد یظهر من صاحب الخرائج و الجرائح أنه إجماعی بین المسلمین (قلت) لعله کذلک إذ هو صریح الرازی و البیضاوی و الآمدی «1» و مولانا الطبرسی و الشیخ و فخر الإسلام و هو ظاهر کلام ابن الأثیر و ابن فارس و الجوهری و الفیومی (و قال فی الدروس) قیل أکثره تخاییل و بعضه حقیقی فظاهره التردد کصریح الکرکی و القطیفی و إن کان الکرکی قد ذهب إلی أن له تأثیرا من جهة الوهم لا من جهة الحقیقة و اختار الشهید الثانی فی کتابیه أن له تأثیرا فی إحضار الجان و شبه ذلک لأنه أمر معلوم و استظهر المحقق الأردبیلی أن بعضه له تأثیر و صاحب مجمع البحرین أن تأثیره فی التفریق بین المرء و زوجه لا غیر (قلت) و ما فی المسالک إنما یرد علی من یقول إن الاستخدام من السحر لا من الکهانة (ثم یرد) علی المحقق الثانی أن التأثیر بالوهم إنما یتم لو سبق للمسحور علم بوقوعه و القائلون بالتأثیر یدعون أنهم یجدون أثره فی من لا یشعر به أصلا (و الحق) أن بعضه له تأثیر کما نطق به خبر الاحتجاج کما ستسمع و النزاع إنما هو فی غیر دعوة الکواکب فإن الکواکب لا تأثیر لها قطعا قاله فخر الإسلام (و هل محل النزاع) فیما عدا ذلک إنما هو فی کون المفعول المعدود سحرا مثل عمل الحیات و إظهار الطیران و نحو ذلک (أو) فی ترتب شی‌ء فی بدن الإنسان و عقله و التفریق بینه و بین زوجه (أو) فی الجمیع. ظاهر الأکثر أن النزاع فی الجمیع و قد یظهر من الإیضاح أن النزاع فی الثانی حیث جعل مأخذ القولین قوله تعالی فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمٰا مٰا یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِ و جعل مطمح نظر القولین ذلک و قد یظهر ذلک من تعرضهم لذلک فی باب الجنایات و لیس فی شی‌ء من ذلک دلالة علی التخصیص (ثم إنی) لا أری لهذا النزاع ثمرة فقهیة إذ لا شک فی عقابه و کفره و قتله إن کان مستحلا و إلزامه بالدیة إن قتل و بعوض ما یفوت سواء کان له حقیقة أم لا لأنه إما من باب العلة أو من باب القسم الثالث من أقسام السبب و هو تولید المباشرة تولیدا عرفیا لا حسیا و لا شرعیا و لا نسلم أن الفقهاء بنوا ثبوت القصاص علی أن للسحر حقیقة. إلا أن تقول إنه إذا قتل أحد السحرة فلا طریق لإثباته إلا بإقراره فمن قال إنه لا حقیقة له لم یوجب علیه بالإقرار شیئا و من قال له حقیقة أوجب علیه القود مع أن الأقوی الثبوت علی القولین عملا بإقراره و إلغاء المنافی علی القول به فإذا قال قتلته بسحر یقتل غالبا أو قال یقتل نادرا لکنی قصدت قتله قتل به و إن قال لم أقصد قتله بالنادر فعلیه الدیة و إن قال أخطأت من اسم غیره إلی اسمه کان خطأ إن صدقه العاقلة و إلا فالدیة فی ماله (هذا) و قد أطال فخر الإسلام فی الإیضاح فی الاستدلال لکل من القولین و لا أری شیئا مما استدل به مما یستند إلیه بل ذکر ما لم نکن نؤثر وقوع مثله من مثله و ذلک لأنه استدل علی کونه تخییلا بقوله جل شأنه وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلّٰا بِإِذْنِ اللّٰهِ قال بعد کلام طویل له فانحصر الإضرار به فی تقدیر إذنه تعالی و إذن اللّٰه فیه محال لاستحالة إذنه
______________________________
(1) و الواحدی خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 72
و علی کل تقدیر لو استحله قتل (1) و یجوز حل السحر بشی‌ء من القرآن أو الذکر أو الإقسام لا بشی‌ء منه (2)
______________________________
بالقبائح «إلی آخر ما قال» (و أنت خبیر) بأن لیس المراد بالإذن هنا الترخیص قطعا إذ لا وجه له فی المقام بل المراد منه العلم و الاطلاع و أنه لیس مغلوبا کما هو المتبادر إلی الفهم و القرینة عقلیة و مع ذلک لا یدل علی أنه لا حقیقة له و کذلک قوله جل شأنه (یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا تَسْعیٰ) لیس دالا علی أن أفراد السحر کلها تخییل مع أنها قد تدل علی ثبوت السحر و تخیل السعی لا علی تخییل حقیقة السحر (فتأمل) و کذلک استدلال القائلین بالتأثیر بأنه تعالی ذمهم علی تعلم ما یفرقون به فلو لم یکن له تأثیر لما استحقوا الذم و أنه سبحانه أسند التفریق إلیه (و فیه) أن الذم قد یکون من حیث الاعتقاد أو من حیث قبح الفعل لاشتماله علی وجه قبیح غیر ذلک و إسناد التأثیر إلیه إنما هو بحسب اعتقادهم و مثل ذلک ما استدل به فی الدروس علی أن بعضه حقیقی (من أنه) سبحانه وصفه بالعظمة فی سحرة فرعون إذ فیه أن ذلک لا یدل علی کونه حقیقة و لو کان کذلک لکانوا قد سحروا قلوبهم و أعینهم (نعم) قد یستدل بخبر عیسی ابن شقفی الساحر الذی تاب الذی رواه ثقة الإسلام و الصدوق و الحمیری حیث قال له أبو عبد اللّٰه حل و لا تعقد إذ فیه دلالة علی أن له حقیقة و التأویل ممکن (و علی تقدیر التسلیم) إنما یدل علی أن بعضه حقیقة و فی حدیث الزندیق الذی سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام المروی فی کتاب الاحتجاج قال فیقدر الساحر أن یجعل الإنسان بسحره فی صورة الکلب و الحمار أو غیر ذلک قال هو أعجز من ذلک و أضعف من أن یغیر خلق اللّٰه إن من أبطل ما رکبه اللّٰه تعالی و صوره فهو شریک للّه فی خلقه تعالی اللّٰه عن ذلک علوا کبیرا (و قال) لما سأله الزندیق فیما سأله فقال أخبرنی عن السحر ما أصله و کیف یقدر الساحر علی ما یوصف من عجائبه و ما یفعل (فقال علیه السلام) إن السحر علی وجوه شتی وجه منها بمنزلة الطب کما أن الأطباء وضعوا لکل داء دواء فکذلک علماء السحر احتالوا لکل صحة آفة و لکل عافیة عاهة و لکل معنی حیلة و نوع آخر منه خفة و سرعة و مخاریق و نوع منه ما یأخذ أولیاء الشیاطین منهم قال فمن أین علم الشیاطین قال من حیث عرف الأطباء الطب بعضه تجربة و بعضه علاج «الحدیث» و یأتی بعض منه له نفع تام فی المقام
(قوله) (و علی کل تقدیر لو استحله قتل)
کما طفحت به عبارات جماعة و وردت به روایات لکن أکثرها مطلق کقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فیما رواه الصدوق عن السکونی ساحر المسلمین یقتل و مثله ما فی الکافی و التهذیب عن زید الشحام و ما فی التهذیب عن عمر بن خالد إلی غیر ذلک کقوله علیه السلام الساحر کافر و الآیة الشریفة ظاهرة فی ذلک کقوله تعالی (وَ مٰا یُعَلِّمٰانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّٰی یَقُولٰا إِنَّمٰا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلٰا تَکْفُرْ) و لکن جماعة من الأصحاب حملوها علی من یستحل ذلک و لعله لقوله علیه السلام فی خبر السکونی الآخر و خبر أبی البختری حده القتل إلا أن یتوب لکنه حینئذ یساوی الصغائر و هو بعید و قد یراد بالاستحلال فی کلامهم فعله و عمله کما سیأتی فی الکهانة و هذا أوفق بالروایات و أکثر الفتاوی لأن جماعة خصصوا القتل بالعامل دون المتعلم لکن فی الخبر من تعلم شیئا من السحر کان آخر عهده بربه و حده القتل. فیحمل علی أنه عمل به إذ الغالب فی المتعلم أن یعمل فتأمل أو یکون ذلک منهم لأنه یجوز تعلمه للحل کما ستسمع
(قوله) (و یجوز حل السحر بشی‌ء من القرآن و الذکر و الإقسام لا بشی‌ء منه)
کما فی التذکرة و التحریر و الدروس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 73
و تعلم الکهانة حرام. و الکاهن هو الذی له رئی من الجن یأتیه بالأخبار و یقتل ما لم یتب (1)
______________________________
و الحواشی و المیسیة و المسالک و المفاتیح و علیه حمل الشهیدان خبر العلاء عن محمد ابن مسلم قال سألته عن المرأة یعمل لها السحر یحلونه عنها قال لا أری بذلک بأسا (و قد یحمل) علیه خبر عیسی و قد سمعته و خبر العلل و ستسمعه و قال الشهیدان و الفاضل المیسی و الکاشانی لو تعلمه لیتوقی به أو یدفع به المتنبی جاز و ربما وجب و کأنه مال إلیه الأردبیلی اقتصارا فیما خالف الأصل علی المتیقن بناء علی ضعف النصوص المثبتة للتحریم علی الإطلاق و لا جابر لها من إجماع أو غیره مع معارضتها بکثیر من النصوص المتضمنة لجواز تعلمه للتوقی و الحل به. منها حل و لا تعقد و منها المروی فی العلل توبة الساحر أن یحل و لا یعقد و منها المروی عن العیون فی قوله عز و جل وَ مٰا أُنْزِلَ عَلَی الْمَلَکَیْنِ بِبٰابِلَ هٰارُوتَ وَ مٰارُوتَ (قال) کان بعد نوح قد کثرت السحرة و المموهون فبعث اللّٰه ملکین إلی نبی ذلک الزمان بذکر ما یسحر به السحرة و ذکر ما یبطل به سحرهم و یرد کیدهم فتلقاه النبی عن الملکین و أداه إلی عباد اللّٰه فأمر اللّٰه تعالی أن یتقوا به السحر و أن یبطلوه و نهاهم عن أن یسحروا به «الحدیث» و الأقوی المنع کما هو خیرة المنتهی و التحریر و ظاهر الأکثر و مال إلیه المحقق الثانی (قال) بعد نقله عن الشهید احتمال وجوب تعلمه للاحتراز منه و الفرق بینه و بین المعجز. لیس ببعید «1» أن یلزم منه التکلم بمحرم أو فعل محرم إذ قد یعطی أنه لا ینفک عن ذلک إن کان بغیر قرآن و ذکر و تعویذ فتأمل جیدا (قلت) و أما ما استدلوا به فالأصل مقطوع بالأخبار المستفیضة المعمول بها فی باب الحدود المتعضدة بالإجماعات الشاملة معاقدها بإطلاقها لذلک و قد سمعتها (و روایات الحل) مخصوصة بغیر السحر کالقرآن و الذکر و التعویذ و خبر العیون علی ضعفه مخصوص بتلک الشریعة و شرع من قبلنا حجة ما لم یعلم نسخه و قد علمنا النسخ هنا بما عرفت و معارض بخبر الاحتجاج الذی ذکرنا بعضه آنفا (قال علیه السلام) إنهما یعنی الملکین موضع ابتلاء و موقف فتنة تسبیحهم الیوم لو فعل الإنسان کذا و کذا لکان کذا و لو یعالج بکذا و کذا لصار کذا فیتعلمون أصناف «2» سحر منهما ما یخرج عنهما فیقولان لهم إنما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما یضرکم و لا ینفعکم و قد یجمع بین الأخبار بتنزیل الأخبار المجیزة إذا کان للحل علی حال الاضطرار و ذلک لا یمنع کونه حراما بالذات لا باعتبار التأثیرات فلا یکون شی‌ء منه حلالا لا فی الحل و لا فی غیره فیکون کالمیتة لا تباح فی غیر الضرورة فلیلحظ ذلک (و لیعلم) أنه قد ورد فی بعض أخبارنا وفاقا لروایات العامة (عن عائشة) أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم سحره لبید ابن عاصم الیهودی و قد أنکره الشیخ فی الخلاف و المصنف فی المنتهی و جماعة و هو کذلک قطعا کما تقضی به أصول المذهب و الروایات شاذة ضعیفة محمولة علی التقیة مخالفة للأصول و القواعد و الاعتبار فلا یلتفت إلی ما احتمله فی البحار
(قوله) (و تعلم الکهانة حرام و الکاهن هو الذی له رئی من الجن یأتیه بالأخبار و یقتل ما لم یتب)
قال فی النهایة الکاهن من یتعاطی الخبر عن الکائنات فی مستقبل الزمان و قد کان فی العرب کهنة فمنهم من کان یزعم أن له تابعا من الجن یلقی إلیه الأخبار و منهم من کان یزعم أنه یعرف الأمور بمقدمات أسباب یستدل بها علی مواقعها من کلام من یسأله أو فعله أو حاله و هذا یخصونه باسم العراف و قال فی المصباح المنیر کهن یکهن من باب قتل کهانة بالفتح (ثم قال) و قیل کهن بالضم و الکهانة بالکسر الصناعة و قال فی القاموس
______________________________
(1) مقول القول
(2) فی نسخة تقدیم قوله أصناف سحر علی قوله فیتعلمون (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 74
و التنجیم حرام و کذا تعلیم النجوم مع اعتقاد تأثیرها بالاستقلال أو لها مدخل فیه (1)
______________________________
و حرفته الکهانة بالکسر (و قال فی الصحاح) کهن یکهن کهانة مثل کتب کتابة إذا تکهن و إذا أردت أنه صار کاهنا قلت کهن بالضم کهانة بالفتح کذا فی الصحاح و لکن نقل عنه ذلک فی مجمع البحرین و زاد و الکهانة بالکسر الصناعة و ظاهرها أنه من تتمة کلام الصحاح فینبغی ملاحظة نسخة أخری «1» لکنه نقل عن الصحاح فی جامع المقاصد ما وجدناه نحن فی الصحاح (و عن المغرب) أن الکهانة فی العرب قبل المبعث (یروی) أن الشیاطین کانت تسترق السمع فتلقیه إلی الکهنة و ما زاد فی مجمع البحرین علی نقل کلام النهایة و الصحاح و المغرب فالظاهر أنها بالکسر کما ضبطت أیضا فی عبارات الفقهاء کالمسالک و الروضة و المیسیة و مجمع البرهان و قوله فی جامع المقاصد الظاهر أنها بالکسر لمکان الصحاح. و الرئی قال فی النهایة یقال للتابع من الجن رئی بوزن کمی لأنه یتراءی لمتبوعه أو هو من الرأی من قولهم فلان رئی القوم إذا کان صاحب رأیهم و قد تکسر راؤه لاتباعها ما بعدها (و قال فی القاموس) رئی کغنی جنی یری فیجب و ما ذکره المصنف فی تعریف الکاهن هو الذی ذکره الأکثر لکن فی التحریر نسبه إلی القیل و قال فی التنقیح المشهور أن الکاهن هو الذی له رئی من الجن یأتیه بالأخبار بالمغیبات کما کان لعمر بن یحیی رئی من الجن و هو أول من بحر البحائر و سیب السوائب و غیر دین إسماعیل علی نبینا و آله و علیه السلام (و عند الحکماء) أن من النفوس ما تقوی علی الاطلاع علی ما سیکون من الأمور فإن کانت خیرة فاضلة فتلک نفوس الأنبیاء و الأولیاء و إن کانت شریة فهی نفوس الکهنة و فی إیضاح النافع تعلیمها و تعلمها و استعمالها حرام فی شرع الإسلام و ظاهره أنه إجماعی بین المسلمین و ظاهر مجمع البرهان أنه لا خلاف فی تحریم الأجرة و فی الکفایة لا أعرف خلافا بینهم فی تحریم الکهانة و فی الریاض أن الدلیل علیه الإجماع المصرح به فی کلام جماعة من الأصحاب و الموجود فی کتبهم ما ذکرنا و فی خبر مستطرفات السرائر من مشی إلی ساحر أو کاهن أو کذاب یصدقه بما یقول فقد کفر بما أنزل اللّٰه من کتاب و فی خبر الخصال من تکهن أو تکهن له فقد برئ من دین محمد صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و قد تضمنت أخبار أخر أن أجر الکاهن سحت و عد صاحب المفاتیح من المعاصی المنصوص علیها الإخبار عن الغائبات علی البت لغیر نبی أو وصی نبی سواء کان بالتنجیم أو الکهانة أو القیافة أو غیر ذلک ثم ذکر أخبارا دالة علی تحریم الکهانة و التنجیم ثم قال و إن کان الإخبار علی سبیل التفاؤل من دون جزم فالظاهر جوازه لأن أصل هذه العلوم حق و لکن الإحاطة بها لا یتیسر لکل أحد و الحکم بها لا یوافق المصلحة «انتهی کلامه» و هو بالنسبة إلی التنجیم مما قد یقال لمکان قول ابن طاوس لکن بالنسبة إلی غیره فقد عرفت الحال فیه و أنه لیس محل خلاف و لا احتمال (و أما أنه یقتل ما لم یتب) ففی مجمع البرهان لا خلاف فیه و کذا المستحل بل هو أولی و الحکم معلوم و إن کان المصرح به قلیلا
(قوله) (و التنجیم حرام و کذا تعلیم النجوم مع اعتقاد تأثیرها بالاستقلال أو لها مدخل فیه)
اختلف العلماء علی قدیم الدهر فی هذه المسألة اختلافا شدیدا و هی عامة البلوی فوجب تحریرها و تنقیحها (فنقول) ذهب السید علی ابن طاوس إلی أن التنجیم من العلوم المباحات و أن للنجوم علامات و دلالات علی الحادثات لکن یجوز للقادر الحکیم أن یغیرها بالبر و الصدقة و الدعاء و غیر ذلک من الأسباب و جوز تعلیم علم النجوم و تعلمه و النظر فیه و العمل به إذا لم یعتقد أنها مؤثرة و حمل أخبار النهی
______________________________
(1) لیست هذه الزیادة موجودة فی نسخة الصحاح التی عندنا (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 75
..........
______________________________
و الذم علی ما إذا اعتقد ذلک و أنکر علی علم الهدی تحریم ذلک ثم ذکر لتأیید هذا العلم أسماء جماعة من الشیعة کانوا عارفین به و الذی یعرف من کتب الرجال و کلام السید المذکور و کتاب أبی معشر الخراسانی صاحب کتاب المدخل و غیرهم أن من العلماء العالمین بالنجوم (عبد الرحمن بن سیابة) حیث قال للصادق علیه السلام و اللّٰه إنی لأشتهیها و أشتهی النظر إلیها و الناس یقولون لا یحل النظر إلیها فإن کانت تضر بدینی فلا حاجة لی فی شی‌ء یضر بدینی فقال له علیه السلام لا تضر بدینک «الحدیث» (و الحسن بن موسی النوبختی) الثقة الحسن الاعتقاد المبرز ذکره النجاشی و ذکر أن له کتاب رد علی أبی علی الجبائی فی رده علی المنجمین (و أحمد بن محمد بن خالد البرقی) فإن النجاشی و الشیخ قد عدا من کتبه کتاب النجوم (و محمد بن أبی عمیر) فقد روی الصدوق عنه أنه قال کنت أنظر فی النجوم و أعرفها و أعرف الطالع فیدخلنی من ذلک شی‌ء فذکرت ذلک لأبی الحسن موسی بن جعفر علیه السلام فقال إذا وقع فی نفسک شی‌ء فتصدق علی أول مسکین ثم امض فإن اللّٰه یدفع عنک لکن روی هذا الخبر البرقی فی المحاسن عن ابن أبی عمیر عن ابن أذینة عن سفیان بن عمر (و أبا خالد السجستانی) روی الکشی أنه لما مضی أبو الحسن علیه السلام وقف ثم نظر فی نجومه فزعم أنه قد مات فقطع علی موته (و حسن بن أحمد بن محمد العاصمی) الثقة قال ابن شهرآشوب من کتبه الکتب النجومیة (و الشیخ إبراهیم النوبختی) (و موسی بن الحسن بن عباس بن نوبخت) قال النجاشی کان حسن المعرفة بالنجوم (و الفضل بن أبی سهل بن نوبخت) کما فی عیون أخبار الرضا علیه السلام (و شیخنا محمد بن مسعود العیاشی) فإنه ذکر فی تصانیفه کتاب النجوم (و علی بن الحسین المسعودی) صاحب مروج الذهب الشیعی (و أبا القاسم بن نافع الشیعی) و إبراهیم الفزاری صاحب القصیدة فی النجوم و أحمد بن یوسف المصری کاتب آل طولون و محمد بن عبد اللّٰه بن عمر البازیار القمی تلمیذ أبی معشر الخراسانی صاحب کتاب المدخل الذی أشرنا إلیه آنفا و أبا الحسین ابن أبی الخصیب القمی و منهم أبو جعفر السقاء المنجم ذکره الشیخ فی الرجال و محمود بن الحسین السندی المعروف بکشاجم ذکر ابن شهرآشوب أنه کان شاعرا منجما متکلما و منهم أبو الحسین الصوفی صاحب عضد الدولة و قصته مشهورة (و قال ابن طاوس) و ممن أدرکته من علماء الشیعة العارفین بالنجوم أبو نصر بن علی القمی ثم ممن اشتهر بعلم النجوم و قیل إنه من الشیعة أحمد بن محمد بن السنجری و علی بن أحمد العمرانی و إسحاق بن یعقوب الکندی و قال وجدت فیما وقفت علیه أن علی بن الحسین بن بابویه کان ممن أخذ طالعه فی النجوم و أن میلاده بالسنبلة ثم عد الحسن بن سهل وزیر المأمون و قال إنه من المنسوبین إلی الإمامیة ثم عد بوران بنت الحسن بن سهل و ذکر لها قصة طویلة (و قد نقل) السید المشار إلیه و أبو معشر الخراسانی فی کتاب المدخل عن جماعة کثیرین من العامة العلم به و حکایته عن المحقق نصیر الدین مشهورة و قال فی الکفایة علم النجوم حرمه بعض الأصحاب و تدل علیه أخبار غیر تقیة السند و الأقرب الجواز إذا لم یعتقد منافیا للشرع لظاهر بعض الروایات المعتبرة و قد تبع بذلک المولی الأردبیلی و صاحب الوافی صب أخبار البداء علی قواعد المنجمین و الفلاسفة (قال فی الوافی) فإن قیل کیف یصح نسبة البداء إلی اللّٰه تعالی (إلی أن قال) فاعلم أن القوی المنطبعة الفلکیة لم تحط بتفاصیل ما سیقع من الأمور دفعة واحدة لعدم تناهی تلک الأمور بل إنما تنتقش فیها الحوادث شیئا فشیئا فإن ما یحدث فی عالم الکون و الفساد إنما هو من لوازم حرکات الأفلاک و نتائج برکاتها فهی تعلم أن کلما کان کذا کان کذا (إلی آخر ما برقشه) فقد أثبت لها الحیاة و العلم و قد سمعت فی مسألة الکهانة کلامه فی المفاتیح هذا جملة کلام من أباح تعلیم النجوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 76
..........
______________________________
(و قد شنع) علی کلامه فی الوافی صاحب عین الیقین و أما من أنکر أحکامها فهم جمهور المسلمین و المحققون من المتکلمین کما فی شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید (و حکی أیضا) أن الفلاسفة أبطلوه لأنه مبنی علی التجربة و حکی فی البحار الإنکار عن المعتزلة و ممن أنکر حکمها و ظاهره التحریم الشیخ المفید فی کتاب المقالات فإنه أنکر حیاتها و تمییزها و جعل أحکام المنجمین من قبیل التجربة و العادة و الشیخ محمد بن الحسین الکندی فإنه صنف کتابا فی تهجین أحکام النجوم و ذکر فیه تشنیعات کثیرة و ألزمهم بإلزامات قویة و کذلک أبو علی ابن سینا و شیخنا أبو الفتح محمد بن علی الکراجکی فی کتاب کنز الفرائد و کذلک الشیخ محمود سدید الدین الحمصی و غیرهم و الشیخ إبراهیم بن نوبخت فی کتاب الیاقوت فإنه شنع علیهم أیضا و قال إنه إبطال لقدم الصانع و اختیاره (و قال) المصنف فی شرحه اختلف قول المنجمین علی قسمین (أحدهما) قول من قال إنها حیة مختارة (و الثانی) قول من قال إنها موجبة و القولان باطلان «انتهی ما أردنا نقله» و نحو ذلک قوله رحمه اللّٰه فی جواب بن سنان حیث أنکر أحکام التنجیم و قال جری لنا وقائع غریبة عجیبة طابقت حکمه (و أما المصرحون) بالتحریم فمنهم علم الهدی فی الدرر و الغرر و جواب المسائل السلاریة فإنه أطال فی الکلام و التشنیع علیهم (قال) و ما فیهم أحد یذهب إلی أن اللّٰه تعالی أجری العادة بأن یفعل عند قرب بعضها من بعض أو بعده أفعالا من غیر أن یکون للکواکب أنفسها تأثیر فی ذلک قال و من ادعی هذا المذهب الآن منهم فهو قائل بخلاف ما ذهبت إلیه القدماء و متجمل بهذا المذهب عند أهل الإسلام ثم ألزمهم بإلزامات و شنع علیهم بتشنیعات (إلی أن قال) و کیف یشتبه علی مسلم بطلان أحکام التنجیم و قد أجمع المسلمون قدیما و حدیثا علی تکذیب المنجمین و الشهادة بفساد مذهبهم و بطلان أحکامهم و معلوم من دین الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و سلم ضرورة التکذیب بما یدعیه المنجمون و الإزراء علیهم و التعجیز لهم (و فی الروایات) عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم ما لا یحصی کثرة و کذا عن علماء أهل بیته علیه و علیهم السلام و خیار أصحابه فما زالوا یبرءون من مذهب المنجمین و یعدونه ضلالا و محالا و ما اشتهر هذه الشهرة فی دین الإسلام کیف یفتی بخلافه منتسب إلی الملة و مصل إلی القبلة و قال نحو ذلک فی کتاب تنزیه الأنبیاء علیهم السلام (و قال عبد الحمید) ابن أبی الحدید المعلوم ضرورة من الدین إبطال حکم النجوم و تحریم الاعتقاد بها و النهی و الزجر عن تصدیق المنجمین و هذا معنی قول أمیر المؤمنین علیه السلام فمن صدقک بهذا فقد کذب القرآن و استغنی عن الاستعانة باللّٰه «إلی آخر ما قال» و قال الشیخ الحر قد صرح علماؤنا بتحریم تعلم النجوم و العمل بها و بکفر من اعتقد تأثیرها أو مدخلیتها فی التأثیر و ذکروا أن بطلان ذلک من ضروریات الدین ثم إنه حکی التحریم عن المفید و جماعة و عد منهم المحقق فی المعتبر و الشهید الثانی فی المسالک و قال المصنف رحمه اللّٰه فی المنتهی التنجیم حرام و کذلک تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة و أن لها مدخلا فی التأثیر فی النفع و الضرر (و بالجملة) کل من یعتقد ربط الحرکات النفسانیة و الطبیعیة بالحرکات الفلکیة و الاتصالات الکوکبیة کافر و أخذ الأجرة علی ذلک حرام و أما من یتعلم النجوم فیعرف قدر سیر الکواکب و بعده و أحواله من التربیع و الکسف و غیرهما فإنه لا بأس به و نحوه ما فی التحریر و التذکرة و قال الشهید فی قواعده کل من اعتقد فی الکواکب أنها مدبرة لهذا العالم و موجدة له فلا ریب أنه کافر و إن اعتقد أنها تفعل الآثار المنسوبة إلیها و اللّٰه سبحانه هو المؤثر الأعظم کما یقوله أهل العدل فهو مخطئ إذ لا حیاة لهذه الکواکب ثابتة بدلیل عقلی و لا نقلی (إلی أن قال) و أما ما یقال من أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 77
..........
______________________________
استناد الأفعال إلیها کإسناد الإحراق إلی النار و غیرها من العادیات بمعنی أن اللّٰه سبحانه أجری عادته أنها إذا کانت علی شکل مخصوص أو وضع مخصوص یفعل ما ینسب إلیها و یکون ربط المسببات بها کربط مسببات الأدویة و الأغذیة بها مجازا باعتبار الربط العادی لا العمل الحقیقی فهذا لا یکفر معتقده و لکنه مخطئ و إن کان أقل خطاء من الأول لأن وقوع هذه الأشیاء لیس بلازم و لا أکثری (و قال فی الدروس) و یحرم اعتقاد تأثیر النجوم مستقلة أو بالشرکة و الإخبار عن الکائنات بسبها أما لو أخبر بجریان العادة أن اللّٰه تعالی یفعل کذا عند کذا لم یحرم و إن کره. علی أن العادة فیها لا تطرد إلا فیما قل (و أما علم النجوم) فقد حرمه بعض الأصحاب و لعله لما فیه من التعرض للمحظور من اعتقاد التأثیر أو لأن أحکامه تخمینیة (و أما علم) هیئة الأفلاک فلیس حراما لما فیه من الاطلاع علی حکم اللّٰه و عظم قدرته و قال المحقق الثانی فی جامع المقاصد الإخبار عن أحکام النجوم باعتبار الحرکات الفلکیة و الاتصالات الکوکبیة التی مرجعها إلی القیاس و التخمین (إلی أن قال) و قد ورد عن صاحب الشرع النهی عن تعلم النجوم بأبلغ وجوهه (إذا تقرر ذلک) فاعلم أن التنجیم مع اعتقاد أن للنجوم تأثیرا فی الموجودات السفلیة و لو علی جهة المدخلیة حرام و کذا تعلم النجوم علی هذا الوجه بل هذا الاعتقاد کفر فی نفسه نعوذ باللّٰه منه أما التنجیم لا علی هذا الوجه مع التحرز عن الکذب فإنه جائز فقد ثبت کراهیة التزویج و سفر الحج فی العقرب و ذلک من هذا القبیل نعم هو مکروه لأنه ینجر إلی الاعتقاد الفاسد و قد ورد النهی عنه مطلقا حسما للمادة (و قال الشیخ بهاء الملة و الدین) ما یدعیه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفلیة بالأجرام العلویة إن زعموا أن تلک الأجرام هی العلة المؤثرة فی تلک الحوادث بالاستقلال أو أنها شریکة فهذا لا یحل للمسلم اعتقاده و علم النجوم المبتنی علی هذا کفر العیاذ باللّٰه و علی ذلک حمل ما ورد فی الحدیث من التحذیر عن علم النجوم و النهی عن اعتقاد صحته (و إن قالوا) إن اتصالات تلک الأجرام و ما یعرض لها من الأوضاع علامات علی بعض حوادث هذا العالم مما یوجده اللّٰه سبحانه بقدرته و إرادته کما أن حرکات النبض و اختلاف أوضاعه علامات یستدل بها الطبیب علی ما یعرض للبدن من قرب الصحة و اشتداد المرض و نحوه و کما یستدل باختلاج بعض الأعضاء علی بعض الأحوال المستقبلة فهذا لا مانع و لا حرج فی اعتقاده (و ما روی) من صحة علم النجوم و جواز تعلمه محمول علی هذا المعنی (ثم قال) الأمور التی یحکم بها المنجمون من الحوادث الاستقبالیة أصول بعضها مأخوذة من أصحاب الوحی علیهم السلام و بعض الأصول یدعون فیه التجربة و بعضها مبتن علی أمور متشعبة لا تفی القوة البشریة بضبطها و الإحاطة بها کما یومی إلیه قول الصادق علیه السلام کثیره لا یدرک و قلیله لا ینتج فلذلک وجد الاختلاف فی کلامهم و تطرق الخطأ إلی بعض أحکامهم و من اتفق له الجری علی الأصول الصحیحة صح کلامه و صدقت أحکامه لا محالة کما نطق بذلک کلام الصادق علیه السلام و أشار إلیه روایة عبد الرحمن بن سیابة و لکن هذا أمر عزیز المنال لا یظفر به إلا القلیل و اللّٰه الهادی إلی سواء السبیل (و أما الأخبار) فمما یدل علی الإباحة و أن أحکامه صحیحة خبر یونس ابن عبد الرحمن أن النجوم علم من علوم الأنبیاء علیهم السلام و الخبر المنقول فی الدر المنثور و کتاب النجوم عن یوشع ابن نون و أن النجوم دلت علی ولادته صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و علی ولادة أبیه إبراهیم و أن العرب تظهر علی الفرس و خبر عبد الرحمن ابن سیابة حیث قال (علیه السلام) له لا تضر بدینک و خبر نصر الهندی أن أول من تکلم بالنجوم إدریس و ما دل علی أن ذا القرنین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 78
..........
______________________________
کان به ماهرا و خبر نزول المشتری إلی الأرض فی صورة رجل فعلم العجم فلم یستکملوا و علم رجلا من الهند فاستکمل و أنه بقی فی عقبه و لیس فیه دلالة علی أنه کان حیا قبل نزوله و خبر الخثعمی أن النجوم حق و خبر محمد و هارون ابن أبی سهل سألا الصادق علیه السلام هل یحل النظر إلیها فقال نعم و الخبر الذی تضمن أن مولانا الکاظم علیه السلام مدح علم النجوم بحضرة هارون و هو طویل و الخبر الذی تضمن إخبار المنجم لابن عباس بأنه یعمی و یموت ولده بعد عشرة أیام و أن المنجم یموت بعد سنة و الخبر الذی قال فیه علیه السلام إیاکم و التکذیب بالنجوم و الخبر الذی تضمن أن رجلا کتب لعلی ابن جعفر أن النجوم تقضی بأنه قرب موته فأمره بوجوه البر و خبر أهل البلقاء و حربهم و أنه لم یقتل منهم أحد لمکان المرأة المنجمة عندهم فأخر اللّٰه الشمس فقتل أکثرهم و خبر قسمة الأرض بین مولانا الصادق علیه السلام و شریکه إلی غیر ذلک من الأخبار (و أما الأخبار) الدالة علی الحرمة و الخطأ فیه فخبر زحل و أنه أسعد النجوم و أقربها إلی اللّٰه تعالی و أنه نجم أمیر المؤمنین و أنهم أخطئوا فی کونه نحسا و خبر الفقیه عن عبد الملک ابن أعین حیث قال له الصادق علیه السلام أحرق کتبک و قوله علیه السلام فی نهج البلاغة المنجم کالکاهن و الکاهن کالساحر و الساحر کافر «1» و قوله علیه السلام فیه أیضا من صدقک کذب القرآن إلخ و خبر الخصال أن المنجم ملعون و خبر الاحتجاج و النهج إیاکم و تعلم النجوم و خبر الاحتجاج عن هشام ابن الحکم أنه علم قلت منافعه و کثرت مضراته و أن المنجم یضاد اللّٰه تعالی فی علمه و نحوه خبر الخصال و خبر الخصال الآخر و خبر دعاء الاستخارة فإنه دعاء یتضمن التهجین علی المنجمین و الخبر الذی نهی فیه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن تعلم النجوم و الخبر الذی تضمن بطلان النجوم و الحجة علیهم و أخبار عجز الناس عنه و الخبر الذی تضمن أن أصل علم النجوم حق و لکن لا یعلمه إلا من یعلم موالید الخلق إلی غیر ذلک من الأخبار (و الذی) ینبغی أن یقال فی المقام بعد ملاحظة الأخبار و الأقوال (أن هنا مقامین أحدهما) تعلم علم النجوم و تعلیمه (و الثانی) اعتقاد تأثیر النجوم و الأول یقع علی نحوین لأنه إما أن یکون مع اعتقاد التأثیر أو لا معه و الأول داخل فی المقام الثانی و الثانی یحتمل الحرمة کما نقله الشهید فی الدروس عن بعض الأصحاب لأنه قد ینجر إلی اعتقاد التأثیر أو لأن أحکامه تخمینیة و عملا بإطلاقات الأخبار و حملا لأخبار الإباحة علی التقیة و یحتمل الکراهیة کما علیه الأکثر کما عرفت بل لم أجد مصرحا بحرمته فتحمل أخبار التحریم علی اعتقاد التأثیر و نحوه (و أما الکراهیة) فلمکان إطلاقات الأخبار و لأنه قد ینجر إلی الحرام کالصرف (و أما اعتقاد تأثیر النجوم) و تعلمه مع اعتقاد ذلک و العمل به فیقع علی وجوه لأن القائل بالتأثیر (إما أن یقول) بأنه مؤثر بالاستقلال أو بالشرکة بمعنی أنها حیة و لها حظ فی التأثیر (أو یقول) إنها مؤثرة بکیفیاتها و خاصتها کالإضاءة و الحرارة و التبرید و لا حیاة لها (أو یقول) إنها مؤثرة أیضا بحرکاتها و أوضاعها مع عدم الحیاة أیضا کما تؤثر بکیفیاتها (أو یقول) إن إسناد التأثیر إلیها مجاز و إنما هی دلالات و أمارات جعلها اللّٰه سبحانه دالة علی حدوث الحوادث فی عالم الکون و الفساد و لیس لها تأثیر أصلا من جهة حرکاتها و أوضاعها (أما الأول) و هو اعتقاد تأثیرها بالاستقلال أو الشرکة فکفر کما نص علیه الأصحاب و دلت علیه الأخبار و الإجماعات بل القول بکونها علة فاعلیة بالإرادة و الاختیار و إن توقف تأثیرها علی شرائط کفر کما نص علیه المجلسی لأنه من المعلوم أن لا حیاة لها (و فی شرح نهج البلاغة) لابن أبی
______________________________
(1) کالکافر خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 79
..........
______________________________
الحدید أن الإجماع من المسلمین حاصل علی أن الکواکب لیست بحیة و من هنا یظهر لک ما فی کلام صاحب الوافی حیث أثبت لها الحیاة لکن قد سمعت ما فی قواعد الشهید من أن من اعتقد أنها تفعل و المؤثر الأعظم هو اللّٰه سبحانه فهو مخطئ إذ لا حیاة لهذه الکواکب ثابتة بدلیل عقلی أو نقلی (و أما الثانی) و هو أنها مؤثرة بالکیفیة لا غیر کحرارة الشمس فهو ضروری و نحوه تبرید القمر و إضاءة سائر الکواکب و کلما یترتب علی الکیفیة من نبات الأرض و خروج ورق الشجر و نضج الثمر و المد و الزجر و نحو ذلک و لا تلازم کما ظنه محمد ابن الحسن المعروف بالخازن صاحب کتاب زیج الصفائح و لا یصح قول أبی البرکات کما نقل عنه «1» ابن أبی الحدید لکن الکلام فی أنها مؤثرات أو معدات لتأثیر الرب سبحانه أو أنه تعالی شأنه أجری العادة بخلق الحرارة أو الضوء عقیب محاذاة الشمس مثلا الظاهر الأخیر کما یخلق السرور عند رؤیة الوجه الحسن (و أما الثالث) و هو کونها مؤثرة بحرکاتها و أوضاعها و مقارناتها و اتصالاتها فی خلق الحوادث علی أحد الوجوه الثلاثة کتأثیرها بکیفیاتها فالقول به جرأة علی اللّٰه سبحانه و ظاهر الآیات و الأخبار خلافه و لا ینتهی إلی حد الکفر بل هو فسق کما قد تعطیه عبارة قواعد الشهید و القیاس علی التأثیر بالکیفیات باطل و الاستناد فی صحة ذلک إلی التجربة أوهن شی‌ء لأن خطأهم کثیر جدا ثم إنک قد سمعت کلام علم الهدی من أنه لم یقل أحد منهم بذلک و ما قاله الشهید فی الدروس و البهائی یحمل علی القسم الرابع و لا یحمل علی هذا القسم بشی‌ء من وجوهه الثلاثة (و یرشد إلی ذلک) تصریح الشهید بالخطإ و الحرمة فی قواعده فیما نحن فیه و تشبیهه له بالأغذیة و النار و تشبیه البهائی ذلک بالنبض و الاختلاج و فرق واضح بین التشبیهین «2» و الکراجکی خلط بین الأمرین و لم یفرق بین التشبیهین (و أما الرابع) و هو أنها دلالات و أمارات و لا تأثیر لها أصلا و لو بإجراء العادة فلا حظر فیه و هو الذی دل علیه کثیر من الأخبار لکن إن قلنا إنها تفید العلم کان ذلک مخصوصا بمحمد و أهل بیته صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و بعض الأنبیاء علیهم السلام لأن الطریق إلی العلم بعدم ما یبطل دلالتها و الإحاطة بجمیع شرائطها و دفع موانعها مختصة بهم صلی اللّٰه علیهم (و إن ادعوا) أنها تفید الظن فی جمیع أحکامها فدونه خرط القتاد أیضا لأن وقوع مدلولاتها مشروط بشرائط و رفع موانع و المنجمون لا یعرفون تلک الشرائط و الموانع و إن عرفوا بعضها فغیر معلوم بخصوصه کما یعطیه خبر الدهقان الذی اسمه سرسفیل و غیره کخبر عبد الرحمن بن سیابة و هاشم و الخفاف حیث قال إن أصل الحساب حق لکن لا یعلم ذلک إلا من علم موالید الخلق إلی غیر ذلک من الأخبار فتعلمها و تعلیمها للعمل بها بناء علی کونها أمارات و دلالات بالمعنی الذی نحن فیه فی استخراج التقاویم و الإخبار بالمغیبات و أخذ الطوالع و الحکم بها علی الأعمار و الأحوال حرام علی الظاهر إذا اعتقد صدقها لما عرفت من أنها لا یحیط بشرائطها و موانعها غیر المعصوم علیه السلام (نعم) إن أخبر بأن العادة أن اللّٰه سبحانه یفعل کذا عند کذا لم یحرم کما قاله الشهید فی قواعده (و الحاصل) إن حصل ظنا بحسب العادة بترتب ضرر أو نفع فلا مانع منه و ما دل علی الجواز من الأخبار فعلی ضعفه یحمل علیه و إلا فعلی التقیة لشیوع العمل بها فی زمن الخلفاء و فی بعض الأخبار إیماء إلی ذلک و قد تحمل أخبار النهی علی الکراهیة أو علی ما إذا
______________________________
(1) عنهما خ ل
(2) لأن الأغذیة لها تأثیر و النبض و الاختلاج لا تأثیر لهما و إنما هما علامات فلیتأمل فإنهم قد خبطوا و لم یفرقوا (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 80
و الشعبذة حرام و هی الحرکات السریعة جدا بحیث یخفی علی الحس الفرق بین الشی‌ء و شبهه لسرعة انتقاله من الشی‌ء إلی شبهه (1) و القیافة حرام (2)
______________________________
اعتقد التأثیر فتکون أخبار الجواز باقیة علی حالها مباحة کما صرح به الشهید و البهائی (و أما تعلمها و تعلیمها) بناء علی ما اخترناه للعمل بها لا للاستخراج و الإخبار و الحکم بها بل لمعرفة الساعات المحمودة و النحسة و الکسوف و الخسوف فالظاهر الجواز کما صرح به المصنف فی کتبه و المحقق الثانی و یرشد إلیه رعایة العقرب و المحاق لکنه علی کراهیة و علی بعض ما ذکرنا یحمل عمل الرواة و تعلمهم و تعلیمهم (إذا عرفت هذا فاعلم) أن من أقوی ما یستدل به القائلون بالتأثیر إصابتهم فی الکسوف و وقته و مقداره و الأهلة فأی فرق بین إخبارهم بحصول التأثیر فی هذا الجسم و بین حصول تأثیرها فی أجسامنا و نحوها (و جوابه واضح) علی ما قلناه من أنها دلالات و أمارات تفید الظن فی بعض أحکامها (و قد أجاب) عنه السید و الکراجکی بأن الکسوفات و اقترانات الکواکب و انفصالها من باب الحساب و تسییر الکواکب و له أصول صحیحة و قواعد سدیدة و لیس کذلک ما یدعونه من تأثیرات الکواکب فی الخیر و الشر و النفع و الضر و لو لم یکن فی الفرق إلا الإصابة الدائمة المتصلة فی الکسوفات و ما یجری مجراها فلا یکاد یبین فیها خطأ البتة و إن الخطأ الدائم المعهود إنما هو فی الأحکام الباقیة حتی أن الصواب فیها عزیز و ما یتفق فیها من الإصابة قد یتفق من المخمن أکثر منه فحمل أحد الأمرین علی الآخر بهت و قلة دین «انتهی کلام السید قدس سره» و کأنه اعتراف منه بأن بعض علم النجوم حق و بعضه باطل لأن أبا معشر صاحب کتاب المدخل و هو أستاذ الکل فی هذا الفن قال إن علم النجوم علی نوعین علم الکل و علم أحکام و جعل علم الکل علم کیفیة الأفلاک و کمیتها و عد من هذا القسم أشیاء کثیرة منها حرکات الأفلاک و أیها أسرع و أیها أعلی و معرفة کسوف الکواکب بعضها لبعض و کسوف النیرین إلی آخر ما قال «فلیتأمل جیدا» هذا ما یتعلق بالمقام من طریق الأخبار و الفتاوی و لکل من المنکرین و المثبتین حجج کثیرة من طریق الاعتبار لا یحتمل المقام ذکرها لکن قد ذکر علم الهدی و ابن أبی الحدید و جماعة أنه مما أفحم به المنجمون و لم یتحصل منهم جواب ما إذا قیل لهم خذوا و احکموا هل یؤخذ هذا الشی‌ء أو یترک فإن حکموا بالأخذ أو الترک خولفوا و قد ألزمهم الصادق علیه السلام بما إذا التقی العسکران و فی هذا حاسب و فی هذا حاسب فیحسب هذا لصاحبه بالظفر و یحسب هذا لصاحبه بالظفر ثم یهزم أحدهما الآخر فأین کانت النجوم
(قوله) (قدس سره و الشعبذة حرام و هی الحرکات السریعة جدا بحیث یخفی علی الحس الفرق بین الشی‌ء و شبهه)
کذا فسرها جماعة من الأصحاب و قال فی القاموس الشعبذة الشعوذة خفة فی الید و أخذ کالسحر یری الشی‌ء بغیر ما علیه فی رأی العین و فی مجمع البحرین أنها الحرکة الخفیفة و لم یتعرض لها فی النهایة و الصحاح و المصباح و المجمل لابن فارس و الذیل و التکملة للصغانی و قد نص علی حرمتها فی النهایة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس و اللمعة و سائر ما تأخر و عن المنتهی أنه لا خلاف فیه فلا وجه للتأمل فیه بعد الإجماع المنقول بل المعلوم إذ لم نجد مخالفا مع قربها من السحر و قد ألحقها به الشهید فی الدروس
(قوله) (و القیافة حرام)
أطلق حرمة القیافة کما أطلق فی النهایة و السرائر و النافع و سائر ما تأخر عنها ما عدا الدروس و غیره کما ستسمع و ظاهر التذکرة و التنقیح الإجماع علیه حیث قالا حرام عندنا و هو منقول عن صریح المنتهی و فی الکفایة لا أعرف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 81
..........
______________________________
خلافا بینهم فی تحریم القیافة و فی الحدائق نسبته إلی الأصحاب (قلت) و هو الموافق لأصول المذهب و الاعتبار لأنه یلزم منها إلحاق شخص بآخر الموجب لترتب الأحکام الکثیرة بمجرد ظن لا دلیل علیه شرعا بل الدلیل علی خلافه و ذلک مما تأباه أصول المذهب و محاسن الشریعة بل یحکم أهل العقول بطیش عقل الملحق به أو أنه أحمق (و قال فی مجمع البحرین) و فی الحدیث لا آخذ بقول قائف و هذا الخبر لم أجده فی الهدایة للحر و لا فی النهایة الأثیریة و لو کان من طرقنا أو طرق العامة ما شذ عن هذین الکتابین و استدل علیه فی الهدایة بأخبار النهی عن إتیان العراف (ثم إنی) رجعت إلی فهرست الوسائل فلم یزد فیه عما فی الهدایة و فی خبر الخصال ما أحب أن تأتیهم و ما رواه بعض من أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فرح بقول القائف لما وافقه فعلی ضعفه و أنه من ذلک الفج و لم تتوفر فیه المزایا العامة حیث لم یعمل به أصحابنا و لم ینقل عن علی علیه السلام یحتمل أنه من حیث ظهور صدقه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لا من جهة القائف (و قد روی فی الکافی) عن زکریا ابن یحیی المصری أو الصیرفی المجهول قال سمعت علی ابن جعفر یحدث الحسن بن الحسین بن علی بن الحسین علیه السلام قال لقد نصر اللّٰه أبا الحسن علیه السلام فقال الحسن أی و اللّٰه جعلت فداک لقد بغی علیه إخوته فقال علی بن جعفر أی و اللّٰه و نحن عمومته بغینا علیه فقال له الحسن جعلت فداک کیف صنعتم فإنی لم أحضرکم قال فقال له إخوته و نحن أیضا ما کان فینا إمام قط حائل اللون فقال لهم الرضا علیه السلام هو ابنی قالوا فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قد قضی بالقافة فبیننا و بینک القافة فقال ابعثوا أنتم إلیهم و أما أنا فلا و لا تعلموهم لم دعوتموهم فلما جاءوا قعدنا فی البستان فاصطفت عمومته و إخوته و أخذوا الرضا و ألبسوه جبة من صوف و قلنسوة و وضعوا علی عنقه مسحاة و قالوا له ادخل البستان کأنک تعمل فیه ثم جاءوا بأبی جعفر علیه السلام فقالوا ألحقوا هذا الغلام بأبیه فقالوا لیس له هاهنا أب و لکن هذا عم أبیه و هذا عمه و هذه عمته و إن یکن له هاهنا أب فهو صاحب البستان فإن قدمیه و قدمیه واحدة فلما رجع أبو الحسن علیه السلام قالوا هذا أبوه قال علی بن جعفر فقمت فمصصت ریق أبی جعفر علیه السلام و قلت أشهد أنک إمامی «الحدیث» نقلناه بطوله تبرکا به و لأنه قد یستدل به علی الجواز حیث إنه أجابهم و لم ینکر علیهم رجوع رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم إلی القافة (و أما قوله علیه السلام) و أمّا أنا فلا فلعله لرفع التهمة عن نفسه إذ کان هو الداعی لهم و ضعفه غیر ضائر لأن علیه حقیقة و مسحة (و الجواب) عن ذلک کله أنه علیه السلام مکره علی ذلک کما یظهر ذلک لمن اطلع علی أحوال إخوته معه علیه السلام و قد فعلوا ما فعلوا مما نسأل اللّٰه سبحانه بمحمد و آله أن یعفو عنهم و لا سیما العباس أو أنه علیه السلام یعلم أنهم هنا ما یقولون إلا حقا و فیه مع ذلک رفع الشبهة عنهم و لو أنکر علیهم رجوعه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم إلی القافة لکذبه العباس مع ما سمعه من العامة من الرجوع و قال له ما علی مسحاتک من طین کما قال له ذلک قبل ذلک و لهذا وقفوا و استمر فی أعقابهم مدة حتی إبراهیم و الظاهر أن أحمد لم یقف و لعل إبراهیم رجع و لا یدل علی الجواز قوله علیه السلام فی خبر الخصال إن القیافة فضلة من النبوة ذهب فی الناس حتی بعث النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و لعله من هنا قال صاحب المفاتیح إن أصلها حق فلیلحظ «و لیتأمل» و قید تحریم القیافة فی الدروس بما إذا ترتب علیها محرم و زید فی المیسیة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة ما إذا جزم بها و کذا المفاتیح (و قد یقال) إنها إذا لم یترتب علیها حرام لا فائدة فیها (قلنا) فائدتها الاطمئنان فإنه إذا لحق به الولد شرعا و وافقت القافة زاد اطمئنانه «فتأمل» و الأحوط ترکها مطلقا وقوفا علی إطلاق الفتاوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 82
و یحرم بیع المصحف بل یباع الجلد و الورق (1)
______________________________
و الإجماع و الخبر کما قد سمعت (إذا عرفت) هذا فاعلم أن فی الصحاح و القاموس و المصباح المنیر أن القائف هو الذی یعرف الآثار و لم یذکروا النسب نعم زید فی النهایة و مجمع البحرین و یعرف شبه الرجل بأخیه و أبیه و فی جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و غیرها أنها إلحاق الناس بعضهم ببعض فقد زادوا و نقصوا عما فی کتب اللغة «فتأمل» و قد حکم فی الدروس و التنقیح و جامع المقاصد بتحریمها فی قفو الآثار إذا رتب علیها حرام و لم أجده لغیرهم و هو موافق للاعتبار و الإطلاق إلا أن یحمل علی ما فهمه الأکثر من قصره علی الإلحاق (و قاف یقوف) من باب قال یقول فیقال قفت و یقال قفوت و قد استحب الشهید و المحقق الثانی النظر فی علم الهیئة و لا یخلو من قوة إذا لم یعتقد فیه ما یخالف الآیات و الأخبار کتطابق الأفلاک و لم یجزم فیه بما لا برهان علیه فیکون داخلا فی القول بلا علم و جوزا الرمل إذا لم یقطع بالمطابقة کما إذا جعله فالا لأنه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم کان یحب الفال و یکره الطیرة و حرماه إذا اعتقد المطابقة و الطیرة کخیرة مصدران لتطیر و تخیر و لا ثالث لهما و قد تسکنان (و قد روی) عن الصادق علیه السلام أن الطیرة علی ما تجعلها إن هونتها تهونت و إن شددتها تشددت و إن لم تجعلها شیئا لم تکن شیئا و حرم الشهید و المقداد السیمیا و هی إحداث خیالات لا وجود لها فی الحس للتأثیر فی شی‌ء آخر و الکیمیاء إذا کانت زغلا و أما صنعتها علی وجه سلب الأجساد خواصها و إفادتها خاصیة أخری فقال الشهید إن ذلک مما لا یعلم صحته و قال المقداد إنه غیر مستبعد وقوعه و جوازه عقلا و شرعا
(قوله قدس سره) (و یحرم بیع المصحف بل یباع الجلد و الورق)
کما فی النهایة و السرائر و التحریر و التذکرة و نهایة الأحکام و الدروس و جامع المقاصد و استدل علیه فی نهایة الأحکام بمنع الصحابة منه و عدم العلم بالمخالف و المراد خط المصحف کما صرح به فی الدروس للکتاب و الأخبار الکثیرة (کقول الصادق علیه السلام) فیما رواه فی الکافی عن عبد الرحمن بن سلیمان أن المصاحف لن تشتری فإذا اشتریت فقل إنما أشتری منک الورق و ما فیه من الأدم و حلیته و ما فیه من عمل یدک بکذا و کذا (و قوله علیه السلام) فی موثقة سماعة لا تشتر کتاب اللّٰه و لکن اشتر الحدید و الورق و الجلود و الدفتین و نحوه خبر عثمان بن عیسی و خبر عبد اللّٰه بن سلیمان و خبر عنبسة الوراق لکن فی خبر سماعة الآخر لا تبیعوا المصاحف فإن بیعها حرام إلی أن قال اشتر منه الدفتین و الحدید و الغلاف و إیاک أن تشتری الورق و فیه القرآن مکتوبا فیکون حراما علیک و علی من باعه و لعل المراد لا تقصد الورق بالشراء مع شراء القرآن معه بل اقصد شراء الورق فقط و هو کما تری تکلیف ما لا یطاق أو المراد لا تقصده باللفظ تعبدا و لم یبین لنا الأصحاب الحال فی هذا العقد لکن أخبار الباب أخبار متضافرة معتضدة بظواهر الکتاب عند بعض الأصحاب منجبرة بالعمل حتی ممن لا یعمل بأخبار الآحاد فلا مانع من العمل بها إلا ما أشرنا إلیه مضافا إلی مخالفة القواعد أو الواقع و إلا یلزم علی هذا أن یکون الخط لیس مبیعا و لا جزءا من المبیع فلو ظهر فیه غلط لم یستحق الأرش و لیس له الفسخ و لا کذلک غیر القرآن من الکتب فإن الخط جزء من المبیع و یلزم أن لا یملک بالبیع فلو محاه ماح لم یضمنه (إلا أن تقول) ملکه الأول بکتابته و الثانی بإعراض الأول و استیلائه أو تقول بالتملیک التبعی فیترتب الضمان لمشتریه علی متلفه بل قد یقال بالتملیک الأصلی و النهی إنما هو عن الصوری للاحترام (و فیه ما لا یخفی) و قد یتخیل أنه حینئذ یجوز بیعه للکافر لأنه ما باعه إلا الجلد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 83
و لو اشتراه الکافر فالأقرب البطلان (1) و یجوز أخذ الأجرة علی کتابة القرآن (2)
______________________________
و الورق و لیس بصحیح لاستلزامه دخول الخط تبعا علی أن هذه الأخبار معارضة بالخبرین أحدهما موثق و الآخر صحیح قال فیهما أبو عبد اللّٰه علیه السلام أشتریه أحب إلی من أن أبیعه فتأمل بل قد یقال إن کل من لم یذکر تحریم بیعه فهو مخالف و ذلک لأنهم یذکرون شرط البیع و المبیع و المتعاقدین و یشترطون إسلام المشتری فی المصحف و العبد المسلم و قضیة کلامهم فی ذلک المقام جواز شراء المصحف و بیعه علی أی وجه کان للمسلم فلیتأمل (و الأولی أن یقال) إنه لا یباع نفس المرسوم من القرآن و علیه تحمل أخبار النهی و یباع الجلد و الورق و الحدید و الغلاف و علیه یحمل الموثق و الصحیح. و الظاهر الفساد لو وقع البیع علی الوجه المنهی عنه بظاهر الأدلة فلو باع الرسم منضما إلی الورق و نحوه کان باطلا فی الجمیع و إن قام احتمال الصحة فیما یصح و لا ریب أن أبعاض المصحف کالمصحف عندهم فلا یفرق فیها بین المجتمع و المتفرق و فی إطلاق کلامهم ما یعطی أنه یطلق علی البعض و الکل و هو الموافق لکلام أهل اللغة (قال الجوهری) و الصحیفة الکتابة و المصحف (قال الفراء) قد استثقلت العرب الضمة فی حروف فکسروها و أصلها الضم و من ذلک مصحف و مخدع و مطرف و مغزل و محبس لأنه مأخوذ فی المعنی من أصحف أی جمعت فیه الصحف انتهی (و قد قال) «1» إن المصحف جمع صحیفة و الصحیفة قطعة من جلد أو قرطاس کتب فیها فیکون المصحف ما جمع فیه ثلاث أوراق أو اثنان فتصح الاستخارة بالقرآن الذی سقط منه شی‌ء إلا أن تقول إنه صار علما «فتأمل» و علی کل حال ففی القاموس أنه مثلث المیم و فی المصباح المنیر و مجمع البحرین أن الضم أشهر و نقل الصغانی عن تغلب أن الفتح لغة صحیحة فصیحة و قد سمعت ما فی المصباح و ما دخل من الآیات فی بعض الکتب لا یجری هذا المجری و کذلک فی باقی الکتب السماویة و کتب الحدیث
(قوله) (و لو اشتراه الکافر فالأقرب البطلان)
کما فی التحریر و التذکرة و الإرشاد و نهایة الأحکام فی أول کلامه و الإیضاح و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و کأنه مال إلیه فی مجمع البرهان ذکر ذلک بعضهم فی المقام و بعضهم فی باب البیع و ذکر بعضهم أن أبعاض المصحف کالمصحف و فی التذکرة أن فی کتب الحدیث «2» النبویة وجهین و استشکل فی نهایة الأحکام فیها و فی کتب اللغة و جوز ولده فی شرح الإرشاد بیع الأحادیث النبویة علی الکافر و عن المحقق الثانی أنهما فی حکم المصحف و وجه أقربیة البطلان انتفاء الصلاحیة فی أحد الأرکان لأن ما لا یتم غرض الشارع فی تحریمه إلا بإبطاله وجب القول ببطلانه مطلقا سواء قلنا بدلالة النهی علی الفساد فی المعاملات أم لا و لم أجد القائل بصحة البیع و إجباره علی بیعه نعم قد قیل ذلک فی العبد المسلم «فتأمل» و لعل الفرق أن القرآن أعظم حرمة و قد نسری الحکم إلی الکتب المحترمة و قد نسریه إلی أهل؟؟؟ فیما یستهینون به إلا أنا نقول هنا إنه لا یجوز تسلیمه إلیهم و یباع علیهم قهرا فیفرق بهذا بینهم
(قوله) (و یجوز أخذ الأجرة علی کتابة القرآن)
کما فی المراسم و التحریر و التذکرة و نهایة الأحکام و إجارة الکتاب و التذکرة و جامع المقاصد و فی الأخیرین نسبة ذلک إلی أکثر علمائنا و فی التذکرة أنه مروی عن جابر و قد أطلق ذلک فیها من دون ذکر کراهیة و لا شرط و فی النهایة و النافع أنه مکروه مع الشرط و فی
______________________________
(1) قالوا خ ل
(2) الأحادیث خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 84
..........
______________________________
السرائر الإجماع علی أنه مع الشرط مکروه و بدونه حلال طلق (و فی الخبر) أن أم عبد اللّٰه بنت الحسن أرادت أن تکتب مصحفا فاشترت ورقا من عندها و دعت رجلا فکتب لها علی غیر شرط و أعطته حین فرغ خمسین دینارا و أن المصاحف لم تبع إلا حدیثا و لیس بصریح فی التقیید و فی الخبر ما تری إن أعطی علی کتابته أجرا قال لا بأس و الظاهر أن الکراهیة مع الشرط لا تخص المشترط بل من الجانبین و المدار علی ما یسمی کتابة قرآن فلا کراهة فی آیات التعوذ و نحوها و قد یقال إن الکراهیة تجری فی إصلاحه و تصحیفه فلیتأمل (و قد اختلفوا فی أخذ الأجرة علی تعلیم القرآن) فالمشهور أنه مکروه و ظاهر المقنعة أنه مکروه مطلقا شرط أو لم یشترط حیث قال و التنزه عنه أفضل و بالکراهیة صرح فی کشف الرموز و المنتهی و التحریر و التذکرة و المختلف و الکتاب فیما سلف و الدروس و التنقیح بل صرح الآبی و الشهید بأشدیة الکراهیة مع الشرط و هو قضیة بقیة ما ذکر لمکان الأولویة و احتمال التحریم منتف لتصریحهم بنفیه و فی النهایة و النافع و إجارة جامع المقاصد کما حکی عن القاضی بأنها تکره مع الشرط و قضیته أن لا کراهة بدونه کما هو صریح السرائر و إیضاح النافع حیث أثبتاها مع الشرط و نفیاها بدونه و فی الأول الإجماع علی النفی و الإثبات و فی الإستبصار أنها حرام مع الشرط و بدونه مکروهة و وافقه المصنف فی إجارة التذکرة فی موضع منها و فی موضعین آخرین صرح بالکراهیة و حمل کلام الشیخ علی ما إذا تعین واحد لمباشرة هذه الأعمال و أطلق التقی تحریم الأجر علی تلقین القرآن و تعلیم المعارف و الشرائع و کیفیة العبادات و الفتیا و ظاهر الإرشاد عدم الکراهیة أصلا حیث نفی البأس عن ذلک و هو ظاهر إجارة الکتاب و فی کشف الرموز لا خلاف فی جواز أجر تعلیم غیر القرآن و کأنه لم یبال بخلاف التقی و قال لا خلاف فی حله إذا وقع علی سبیل الهدیة (و تنقیح البحث أن یقال) ما المراد من القرآن فی کلام الأصحاب القائلین بالجواز و الأخبار. أ کله أم ما عدا ما وجب منه عینا أو کفایة ظاهر الأکثر الأول إلا أن یقید بما ستسمع و ظاهر کشف الرموز و إیضاح النافع الثانی حیث استثنیا ما یحتاج إلیه فی الصلاة و فی إجارة الکتاب یجوز الإجارة علیه إلا مع الوجوب و صریح الدروس و إجارة جامع المقاصد أن المراد من القرآن الذی تجوز الإجارة علیه هو ما زاد علی الواجب منه عینا أو کفایة و هو ظاهر المجلسی حیث حمل أخبار النهی علی ما عدا الحمد و السورة و تعلیم آیات الأحکام و إلی ذلک أشیر فی اللمعة و الروضة حیث قیل فیهما و تحرم الأجرة علی الواجب من التکلیف سواء وجب عینا کالفاتحة و السورة و أحکام العبادات أو کفایة کالتفقه فی الدین و ما یتوقف علیه من المقدمات علما و عملا و تعلیم المکلفین صیغ العقود و نحو ذلک «انتهی» (و فی التحریر) لو تعین للتعلیم وجب علیه لوجوب حفظه لئلا تنقطع المعجزة و نحوه ما فی التنقیح کما ستسمع و ذلک موافق لظاهر الأکثر و کأنهما نزلا علیه کلامهم کما ستسمع توجیهه و مخالف لما سمعته عن الدروس و ما وافقه (و فی الریاض) أن الجواز علی القول به مطلقا أو فی الجملة مقید بما إذا لم یکن أحد الأمرین واجبا و لو کفایة و إلا فینتفی رأسا و یثبت التحریم إجماعا فتوی و دلیلا «انتهی» و هو موافق لما فی الدروس و العبارة سقیمة (و أنت خبیر) بأن تعلیم القرآن لمن وجب علیه التعلم عینا أو کفایة واجب کفائی قطعا لکن وجوبه کذلک إما أن یکون لغیره أعنی حفظ العجز أو غیره حتی یکون کصناعة الحیاکة و غیرها من الصناعات التی وجبت توصلا أو لذاته کتغسیل الموتی و تکفینهم و دفنهم و الصلاة علیهم و هذا هو الظاهر لأنه متعلق أولا و بالذات بالأدیان کالفقاهة و إقامة الحجج
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 85
..........
______________________________
العلمیة فإن کان الأول جاز أخذ الأجرة علیه إلا أن ینحصر فیه فیجب عینا فتحرم و یرتزق حینئذ من بیت المال و قد یدعی أنه مراد الأکثر إلا علی تنزیل یأتی و صریح التحریر و التنقیح کما عرفت بل فی التنقیح أن المعلم للقرآن إذا کان معلما لشی‌ء من الأحکام الواجبة عینا فأما مع تعیین التعلیم علیه بأن لا یوجد غیره ممن یقوم بذلک فهذا لا یجوز له أخذ الأجرة علی ذلک التعلیم لأنه مؤد لغرضه و إن لم یکن جاز لکن علی کراهیة «انتهی» فتراه کیف اقتصر علی تعلیمه الواجب عینا فإن أراد التخصیص کان غیر صحیح إلا علی ما یأتی و منه یعلم حال ما فی کشف الرموز و إیضاح النافع فالحظ کلامهما (لکن فیه) أن الواجب التوصلی یجوز أخذ الأجرة علیه و إن انحصر و تعین فی فرد علی قول (و إن کان الثانی) أی الوجوب لذاته کما هو الظاهر من الشهیدین و من وافقهما أشکل الأمر جدا لأنه من المعلوم أن المشهور أنه لا یسقط وجوب الکفائی بشروع البعض فیه فإن الداخل فی الصلاة علی المیّت بعد شروع البعض فیها ینوی الوجوب (إلا أن تقول) کما فی جامع المقاصد إنه متی کان فی القطر من هو قائم بالواجب الکفائی جاز أخذ الأجرة حینئذ و ذلک لا ینافی أنه بعد الشروع ینوی الوجوب «فتأمل» و من المعلوم أن الواجب من تعلم القرآن علی قسمین عینی و کفائی (و العینی علی قسمین) منه ما هو واجب علی الأعیان عینا و هو فاتحة الکتاب و منه ما هو واجب علی الأعیان تخییرا و هو سورة تامة تصح بها الصلاة علی المشهور و ما یدل علی التوحید (و الکفائی علی أربعة أقسام) إذ منه ما هو واجب عینا و هو ما یتعلق بالاجتهاد فی الأحکام الشرعیة و منه واجب علی الکفایة تخییرا و هو ما إذا اتفقت آیتان فی الدلالة علی حکم شرعی و قد یجب کله علی الکفایة علی عدد کثیر لا یجزی أقل منه حفظا لتواتر المعجز و هو القسم الثالث و قد یجب کله علی الکفایة علی کل أحد بعد حفظ المعجز کی لا یقل ذلک العدد و هذا قائم فی کل عصر فلا یجوز أخذ الأجرة علیه أصلا و لا یجدی شروع بعض المعلمین لما عرفت إلا علی ما فی جامع المقاصد (أو یقال) إن هذا و القسم الثالث منفیان بعد شیوع الإسلام و انتشاره بل الأول و الثانی کذلک فکان الواجب الکفائی فیه بأسره منتفیا کما یرشد إلیه قوله علیه السلام کذبوا أعداء اللّٰه «الحدیث» لأنه و للّه الحمد قد قام أکثر الناس بذلک کله فی الأعصار و الأمصار فلم یبق إلا الواجب العینی بقسمیه و لا ریب بناء علی القول بوجوب التعلیم کفایة لذاته. فی تحریم أخذ الأجرة علیه بقسمیه و حینئذ یمکن تنزیل إطلاق الأکثر علی ما عدا ذلک و هو غیر واجب علی أحد لقیام الناس به لأن ما عدا ذلک هو الذی قلنا إنه واجب کفائی و إنه الآن منتف و یصح أیضا تنزیل عبارة کشف الرموز و إیضاح النافع علی ذلک و یکون کلام الدروس و ما وافقه منزلا علی ما إذا عرض وجوب أحد أقسام الواجب الکفائی أو کلها و العیاذ باللّٰه و کأن التقی لم یثبت عنده انتفاء أقسام الواجب الکفائی لقیام احتمال ذلک فی کل قطر لطاعون و نحوه فتأمل (و یبقی الکلام) فی کلامی التحریر و التنقیح و لا أراهما ینطبقان إلا علی القول بانتفاء وجوب التعلیم علی أحد سواء علم ما وجب عینا علی المتعلم أو کفایة لأن الناس قائمون بالتعلیم فی الأعصار و الأمصار للواجب العینی و أما الکفائی فکذلک إذا کان موجودا بعد انتشار الإسلام و قد عرفت أن الظاهر انتفاؤه فإذا کان کذلک جاز أخذ الأجرة علی جمیع ذلک نعم إذا انحصر و العیاذ باللّٰه التعلیم فی شخص واحد حرم علیه أخذ الأجرة سواء علم ما وجب علی المکلف عینا أو کفایة و علی ذلک ینزل کلام الأکثر و هو وجه آخر فی توجیه کلامهم و لیعلم أن بعضهم لا یقسم الواجب الکفائی إلی ما وجب لذاته و ما وجب لغیره (و أن الأول) لا یجوز أخذ الأجرة علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 86
..........
______________________________
(و الثانی) یجوز بل المدار عندهم «1» فی عدم جواز أخذها علی کونه واجبا و حیث یسقط وجوبه إما بشروع الغیر فیه أو ظن القیام به یجوز أخذها کما سیأتی قریبا و یجری مثل ذلک فی کتابة القرآن فی بعض الوجوه (و علی کل حال) فحجة المشهور علی الجواز بعد الأصل و الإجماع المنجبر بالشهرة و الإجماع علی جواز جعله مهرا (ما رواه) المشایخ الثلاثة عن الفضل ابن أبی قرة قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام إن هؤلاء یقولون إن کسب المعلم سحت فقال کذبوا أعداء اللّٰه إنما أرادوا أن لا یعلموا القرآن و لو أن المعلم أعطاه رجل دیة ولده لکان للمعلم مباح (و قد یستدل علیه) بمفهوم خبر جراح و مرسل الفقیه و الضعف منجبر و معتضد بما عرفت و استندوا فی إثبات الکراهیة إلی الشبهة الناشئة من أخبار النهی و فتوی الشیخ و التقی و استند التقی فی التحریم مع الشرط إلی إطلاق المنع فی أخبار النهی أو لأنه واجب کفائی عنده و الشیخ استند إلی الجمع بینها و بین ما دل علی الجواز مطلقا و جعل الشاهد علی الجمع خبر جراح (قال) نهی أبو عبد اللّٰه عن أجر القاری الذی لا یقرأ إلا بأجرة مشروطة و مثله مرسل الفقیه. ثم حمل خبر قتیبة الأعشی علی الکراهیة (و أنت خبیر) بأن الخبرین مختصان بالقاری دون المعلم فحکمه علی المطلقات من الجانبین مشکل مع أنهما معارضان بخبر الأعشی الذی حمله هو علی الکراهیة مع احتمال حمل أخبار المنع علی التقیة کما یعطیه خبر ابن قرة «2» مع أنه موافق للاعتبار فإنا لا نجد أحدا ینصب نفسه لتعلیم القرآن و یترک تحصیل الرزق فلا کراهیة أصلا أو نقول بها مطلقا شرط أو لم یشترط کما علیه الأکثر لإطلاق النهی فی الأخبار السالمة عن معارضة ما یصلح لتقییدها بصورة الاشتراط (و من الغریب) أن العلامة فی المنتهی حین نقل جمع الشیخ قال و نحن نتوقف فی ذلک مع أنه حکم بالجواز أولا کما نقلناه عنه و لعله أراد أنا نتوقف عن مثل هذا الجمع و قد تضمن خبر الأعشی النهی عن أجرة القراءة للقرآن و لو مع عدم الشرط و لم أر به عاملا عملا بالعمومات الدالة علی جواز الإجارة و لا سیما فی مثل الصلاة و الصوم بل صرح فی الدروس بأنه لو استأجره لقراءة ما یهدی إلی میت أو حی لم یحرم و إن کان ترکها أفضل و لو صرفه إلیه بغیر شرط فلا کراهیة (قلت) و هو ظاهر خبر جراح الذی سمعته و فی خبر حسان المعلم قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن التعلیم قال لا تأخذ علی التعلیم أجرا قلت الشعر و الرسائل و ما أشبه ذلک أشارط علیه (قال نعم) بعد أن یکون الصبیان عندک سواء فی التعلیم لا تفضل بعضهم علی بعض و قد تضمن جواز أخذ الأجرة علی سائر العلوم و ینبغی أن یستثنی منها ما وجب عینا أو کفایة و فی التحریر و لا بأس بأخذ الأجرة علی تعلیم الحکم و الآداب أما ما یجب تعلیمه علی الکفایة کالفقه فإنه یحرم أخذ الأجرة علی تعلیمه مع تعیینه و قد سمعت ما فی الدروس و نحوه و ما حکی عن أبی الصلاح ثم إنه ینبغی حمل التسویة و عدم التفضیل فی الخبر علی الاستحباب کما قاله الشیخ فی النهایة و المصنف فی التحریر و المجلسی فی حاشیة الإستبصار قال فی التحریر هذا إذا استأجر لتعلیم الجمیع علی الإطلاق سواء تفاوتت أجرتهم أو اتفقت و مراده بالإطلاق ما إذا لم یستأجر لکل واحد علی عمل مخصوص کما یدل علیه کلامه الآخر کما ستسمع (قلت) بل ینبغی أن یقید بما إذا استؤجر علی تعلیمهم و قد تساوت الأجرة و بما إذا کان لغیر اللّٰه تعالی أما لو کان بعضهم أفهم أو کان أبواه مؤمنین فلا إلا أن تقول الظاهر من الخبر عدم التفضیل لا للدنیا و لا للآخرة أما لو زادت الأجرة فربما کان التفضیل واجبا لکنه لو سعی لمن أخذ منه أکثر بقدر أجره و ما شرط علیه و سعی لمن
______________________________
(1) عنده خ ل
(2) الظاهر ابن أبی قرة (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 87
و تحرم السرقة و الخیانة (1) و بیعهما و لو وجد عنده سرقة ضمنها إلا أن یقیم البینة بشرائها فیرجع علی بائعها مع جهله (2)
______________________________
لم یأخذ منه أجرا أو أخذ أقل بمقدار ما یسعی لمن أخذ منه أکثر کان أحسن و أفضل و لو وقعت الإجارة علی تعلیم مخصوص لهذا و تعلیم مخصوص لآخر فلا بأس أیضا بالتفضیل بحسب ما وقع علیه العقد کما فی التحریر و ینبغی أن یساوی بینهم فی الأخذ علیهم کما فی النهایة
(قوله قدس سره) (و تحرم السرقة و الخیانة)
بالنص و الإجماع کما فی التذکرة و قال و کذا بیعهما و قال فی التحریر و کذا أخذ ثمنهما و لا تحریم مع الجهل بکونها سرقة و قال فیه و لو اشتبهت السرقة بغیرها جاز الشراء ما لم یعلم العین المسروقة قلت لعله أراد إذا اشتبهت فی غیر محصور
(قوله) (و لو وجد عنده سرقة ضمنها إلا أن یقیم البینة بشرائها فیرجع علی بائعها مع جهله)
کما صرح بذلک فی التذکرة و التحریر و نهایة الأحکام و الأصل فی ذلک ما قاله الشیخ فی النهایة من وجد عنده سرقة کان ضامنا لها إلا أن یأتی علی شرائها ببینة (و قال فی السرائر) بعد حکایة ذلک عنه هو ضامن سواء أتی علی شرائها ببینة أم لم یأت بغیر خلاف و مقصود شیخنا أنه ضامن (و هل یرجع) علی من اشتراها منه بالغرامة أم لا فإن کان اشتراها مع العلم بأنها سرقة أو قال له البائع هذه سرقة و اشتراها کذلک فإذا غرم لا یرجع علی من باعها بالغرامة لأنه ما غره و لأنه أعطاه ماله بغیر عوض فأما إن لم یعلمه و لا علم أنها سرقة و باعه إیاها علی أنها ملکه فمتی غرم رجع علیه بما غرمه لأنه غره «انتهی» و معنی قوله إنه ضامن سواء أتی ببینة أم لا أن للمالک أن یطالبه فمعنی الضمان أنه تصح مطالبته (و قال فی المختلف) یحتمل قول الشیخ وجها آخر و هو أن یأتی ببینة أنه اشتراها من مالکها فتسقط المطالبة عنه و کأن نظر المصنف فی کتبه المذکورة هنا لمکان حکمه بالرجوع علی البائع مع الجهل إلی ما قاله ابن إدریس لا إلی ما احتمله فی المختلف فکأنه قال هنا ضمنها و صح للمالک مطالبته و لا یرجع علی أحد بشی‌ء لو ادعی أنه اشتراها منه إلا أن یقیم البینة بالشراء و الجهل فیرجع هنا «1» بقیمتها کما ستسمع و قد یکون نظره فی کتبه إلی ما سنحکیه عن المحقق الثانی فی باب الرهن و فی الدروس من وجد عنده سرقة أو غصب فأقام بینة بالشراء اندفع عنه قرار الضمان إن کان جاهلا و تخیر مالکها فی الرجوع علی من شاء مع تلفها و لعل معناه أنه إذا رجع علیه بالقیمة رجع علی البائع إذا أقام البینة کما قاله الشیخ و جماعة مع زیادة تخییر المالک (و قال المحقق الثانی) إن کان المراد ضمان قیمتها إذا تلفت و کانت قیمیة فکذلک و لیس له الرجوع بها لأن التلف فی یده و هو مضمون و إن کان المراد رجوعه بالثمن مع بقاء العین فإنه یرجع سواء کان عالما أو جاهلا و مع تلفها یرجع بعوضها إن لم یکن عالما بالحال و أراد بالعین عین الثمن (و فی کلامه نظر) من وجهین (الأول) أنه قد تضمن أن العین المغصوبة إذا تلفت فی ید المشتری فأخذ المالک منه قیمتها فلا رجوع له بها علی البائع الغاصب أو السارق و قد وافقه علی ذلک المحقق فی غصب الشرائع و المصنف فی مواضع من کتبه و هو خیرة الشیخ فی المبسوط و قد استدل علی ذلک هنا بأن التلف فی یده (و قد یستدل) علیه بأن الشراء عقد ضمان و قد شرع فیه علی أن تکون العین من ضمانه و إن کان الشراء صحیحا (و فیه) أنه إن کان المراد من کونه عقد ضمان أنه إذا تلف المبیع عنده تلف من ماله
______________________________
(1) حینئذ خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 88
..........
______________________________
و یستقر علیه الثمن فهذا صحیح لکن لم یکن شارعا فیه علی أن یضمن القیمة و معلوم أنه لو لم یکن المبیع مغصوبا لم یلزمه شی‌ء بالتلف فکان الغاصب مغرا موقعا له فی خطر الضمان فلیرجع علیه فلا یصح الاستناد إلی أن التلف فی یده و لا إلی أنه عقد ضمان (و إن استند) إلی صدق الاستیلاء بغیر حق و إلی قوله علیه السلام علی الید ما أخذت حتی تؤدی کما استند المحقق المذکور إلی ذلک فی موضع آخر (ففیه) أنا نمنع صدق الاستیلاء بغیر حق علی ما نحن فیه و علی ما إذا أودعه أو أعاره أو رهنه أو وهبه أو وکله أو قدم له الطعام فأکله و قال له إنه مالی و هو جاهل بذلک کله لأنه لا یصدق علیه أنه غاصب و لا سارق (سلمنا) ذلک حتی فی ید الأمانة لکنا نمنع کلیة الکبری و الخبر المذکور المثبت لها لم یثبت (سلمنا) لکن یجب أن یکون المکره کذلک (سلمنا) أنه خرج بالإجماع لکن ینبغی أن یکون حکمه حکم الغاصب فی جمیع الأحکام فیکون علیه الإثم و نحوه و لا تقولون به (سلمنا) أنه من خطاب التکلیف و ما نحن فیه من خطاب الوضع فالجهل لا یقدح فی الضمان لکن الغرور عذر واضح فیرجع علی من غره لعموم ما دل علی ذلک مضافا إلی الخبر الوارد فی المقام (قال الصادق علیه السلام) فی الرجل توجد عنده سرقة هو غارم إذا لم یأت علی بائعها بشهود و إلیه استند فی النهایة و یؤید ما قلناه کلامهم فیما نحن فیه فی المقام و قول المصنف فی باب الغصب و مهما أتلف الآخذ فقرار الضمان علیه إلا مع الغرور و قوله فی التذکرة إن المتهب لا یستقر علیه الضمان و قوله إذا کان الغاصب قال کل فإنه ملکی و طعامی استقر الضمان علیه (و قالوا) فی ید الأمانة فی باب العاریة أن الضمان علی الغاصب من دون خلاف إلا من التذکرة و قال أیضا فی باب الغصب من الکتاب و للمالک الرجوع علی من شاء مع تلف العین و یستقر الضمان علی المشتری و مع الجهل علی الغاصب و مثله قال فی الفرع الثانی عشر من باب الرهن و ظاهر المحقق الثانی فی الباب المذکور بل صریحه أن الغاصب یضمن المثل «1» و ما زاد علی القیمة و ما قابل الثمن من القیمة لأن المشتری مغرور (ثم إنه أی المحقق الثانی) رجع عما قاله هنا فی باب الغصب و باب المضاربة و باب الوکالة و العاریة و البیع الفضولی و باب الإجارة فقوی أنه یرجع و کذلک قواه فخر الإسلام فی شرح الإرشاد و الشهیدان فی اللمعة و الروضة و غصب المسالک و کذلک الدروس فیما إذا غصب بیتا فأسکنه فیه و جزم به فی الإیضاح فی باب العاریة لکنه أی فخر الإسلام فی الإیضاح استشکل فی المسألة فی بیع الفضولی من الکتاب کوالده و صاحب الکفایة. و المصنف فی باب الشروط من الکتاب و المحقق الثانی ذهبا إلی أنه لا یرجع و هو خیرة التذکرة فی باب البیع الفاسد و تظهر ثمرة النزاع فیما إذا باعه السارق أو الغاصب العین بخمسین و تلفت فی یده و هی تساوی خمسین فرجع المالک علی الغاصب بخمسین فإن کان الغاصب قد قبضها دفعها للمالک و لا یدفع للمشتری شیئا و إن کانت تساوی عند البیع و العقد مائة فأخذ منه المالک مائة رجع الغاصب علی المشتری بخمسین هذا عند من یقول إنه لا یرجع بالقیمة أی لا بما قابل الثمن و لا بما زاد عنه و القائل بأنه یرجع بالقیمة فإنما یرید أنه یرجع بما زاد عنه کما «2» إذا کانت عند البیع تساوی مائة فاشتراها بخمسین و أخذ المالک منه مائة فإنه یرجع علی الغاصب بمائة لا بمائة و خمسین لأنه لو رجع بالخمسین الزائدة علی المائة یکون قد جمع بین العوض و المعوض بل یرجع بالثمن و هو خمسون و بالزیادة فی المثال و هو خمسون أیضا و هو معنی قولهم أما ما قابل الثمن من القیمة فلا یرجع به و من هنا یعلم ما إذا کان عوض العین بقدر الثمن فإنه إنما یرجع بالثمن. و بالجملة
______________________________
(1) الثمن خ ل
(2) و کما خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 89
..........
______________________________
فالکلمة متفقة علی أنه یرجع بالثمن لکن القائل بأنه لا یرجع بالقیمة یقول إنه یسقط الثمن فی مقابلة القیمة حیث تساویه و یرد الغاصب ما بقی منه علی المشتری حیث تنقص القیمة عنه و یرجع الغاصب علیه بما زاد حیث تزید عنه فکل من قال إنه یرجع بما زاد یکون قائلا بأنه یرجع بالقیمة بل قد عرفت أن لا مصداق لعنوانه إلا ذلک إلا ما حکیناه عن المحقق الثانی فی باب الرهن و کل من قال لا یرجع بما زاد یکون قائلا بأنه لا یرجع بالقیمة هذا کله إذا کانت الزیادة علی الثمن موجودة حال البیع (أما) لو تجددت بعده فحکمها حکم الثمن «1» علی الظاهر فیرجع بها کغیره مما حصل له فی مقابلته نفع علی الأقوی لغروره و دخوله علی أن یکون ذلک له بغیر عوض أما ما أنفقه علیها و نحوه مما لم یحصل له فی مقابلته عوض فیرجع به قطعا و لا فرق فی جهله بکونه مالکا أو مأذونا بین أن یدعی البائع ملکه أو الإذن فیه أو یسکت و لم یکن المشتری عالما بالحال و قد تشعر بخلافه عبارة التذکرة فی بعض المقامات و بذلک تصح العبارة و یندفع الاعتراض عنها و عن کلام الجماعة و الذی یلحظ جامع المقاصد قبل التتبع یظن أن ما اعترض به إجماعی فلا أقل من أن یشیر إلی الاختلاف (هذا کله) فیما إذا لم یکن قد قبضها بالبیع الفاسد أما إذا قبضها به و هی غصب و هو جاهل به فإنها تکون مضمونة علیه فلا یرجع علی الغاصب بما زاد إذ لیس حینئذ للغرور مدخل و لا کذلک لو کان البیع صحیحا لو لا الغصب فإن التغریر قائم فیرجع علیه بما زاد کما بیناه و قد نبه المصنف علی ذلک فی باب الشروط فی آخر البیع و فی باب الغصب و تمام الکلام فی الفرع السادس من فروع شرط البیع (الثانی) أن کلامه قد تضمن أن المشتری یرجع بالثمن مع بقائه و إن کان عالما بالسرقة أو الغصب و قد یوهم کلامه أنه مما لا خلاف فیه مع أنه قال فی التذکرة إنه لو کان عالما لا یرجع بما اغترم و لا بالثمن مع علم الغصب مطلقا عند علمائنا و ظاهره دعوی الإجماع مع التلف و بدونه و قد نسب هو أی المحقق الثانی إلیها دعوی الإجماع صریحا فی موضعین (الأول) فی باب الفضولی (و الثانی) فی باب الغصب و الشهید الثانی فی الثانی (و فی) نهایة الأحکام أطلق علماؤنا و فی المختلف و الإیضاح قال علماؤنا لیس للمشتری الرجوع علی الغاصب و أطلقوا و فی تخلیص التلخیص أطلق الأصحاب کافة بل قال فی جامع المقاصد یمتنع استرداد عین الثمن عند الأصحاب و إن بقیت و نسبه فی موضع آخر إلی ظاهر الأصحاب و نسبه فی الإیضاح أیضا تارة إلی قول الأصحاب و أخری إلی نصهم و التتبع فی کلام الشیخ و من تأخر عنه یشهد بذلک و المخالف المصنف فی المختلف و فیما یأتی من الکتاب و نهایة الأحکام و ولده فی الإیضاح و شرح الإرشاد و الشهیدان و المحقق الثانی فی الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و صاحب الکفایة فإنهم قالوا إنه یرجع مع وجود العین و کأن المحقق فی الشرائع و المصنف فی کتاب الغصب مترددان و قد أشبعنا الکلام فی ذلک فی باب الفضولی و استوفینا الأدلة و الأقوال بما لا مزید علیه و قد کتبنا ذلک قبل هذا لأمر اقتضاه المقام فلیلحظ فلم یکن کلامه «2» فی المقامین فی محله إلا أن یکون خطاء القوم علی مذهبه فی المقام الأول و خطاء الشیخ فی عدم التقیید بالجهل فی المقام الثانی علی مذهبه أیضا نعم الواقع فی محله من کلامه هو ما یعطیه مفهوم عبارته من عدم الرجوع مع التلف و العلم فإنه إجماعی و إنما نقل هو خلافا عن المحقق فی بعض فوائده و نفی عنه البعد فی اللمعة و الروضة
______________________________
(1) الثمرة خ ل
(2) أی المحقق الثانی «منه»
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 90
و لو اشتری به جاریة أو ضیعة فإن کان بالعین بطل البیع و إلا حل له وطء الجاریة (1) و لو حج به مع وجوب الحج بدونه برئت ذمته إلا فی الهدی إذا ابتاعه بالعین المغصوبة أما إذا اشتراه فی الذمة جاز (2) و لو طاف و سعی فی الثوب المغصوب أو علی الدابة المغصوبة بطلا (3)
______________________________
(قوله قدس سره) (و لو اشتری به جاریة أو ضیعة فإن کان بالعین بطل البیع و إلا حل له وطء الجاریة)
أی و إن دفع الثمن من السرقة لکن قد ینافیه إطلاقهم علی کلمة واحدة أنه إذا اتجر بمال الطفل لنفسه و کان ولیا غیر ملی أو بالعکس إن الربح للیتیم و هو ظاهر خبر ربعی و منصور الصیقل و لم یعرف التقیید إلا من الشهید فی البیان و الدروس بأن الربح إنما یکون للیتیم إذا اشتری بعین ماله لا فی الذمة و تبعه علی ذلک المحقق الثانی و الشهید الثانی و شیخه الفاضل المیسی و بعض من تأخر و قد أوضحنا الحال فی باب الزکاة (و الذی یفهم من کلامهم) فی ذلک المقام و غیره و یستفاد من الأخبار أنه إن کان من نیته و قصده دفع الثمن من السرقة أو مال الیتیم فهو کما إذا اشتری بعین المال نعم إذا اشتری فی الذمة لا بقصد الدفع من ذلک بل بقصد الدفع من غیره أو کان مترددا بأن یدفع منه أو من غیره ثم دفع منه کان الشراء صحیحا «فتأمل» و خبر السکونی مشترک الإلزام و الأمر فیه هین و التأویل ممکن (روی) عن الصادق علیه السلام عن الباقر علیه السلام عن آبائه علیهم السلام أن رجلا سرق ألف درهم و اشتری بها جاریة أو أصدقها امرأة فإن الزوجة علیه (له خ ل) حلال و علیه تبعة المال مع أنه لیس فیه أن الجاریة له حلال و أما المهر فالأمر فیه سهل لأنه لا یبطل بفساده العقد و علی کل حال لم تبرأ ذمته بل یجب علیه دفع العوض المملوک للبائع و یبقی الکلام فیما استمرت علیه طریقة الناس یشتری بمال غیره المرسل معه إلی مکان آخر لنفسه محافظة علی حفظه أو لغیر ذلک و بمال نفسه لغیره و لعله یتوقف فی الأول علی الإذن أو الإجازة و فی الثانی علی الوکالة «فلیتأمل»
(قوله قدس سره) (و لو حج به مع وجوب الحج بدونه برئت ذمته إلا فی الهدی إذا ابتاعه بالعین المغصوبة أما إذا ابتاعه فی الذمة جاز)
و نحو ذلک ما فی نهایة الأحکام و التذکرة و التحریر و قید بوجوب الحج بدونه لأنه لا یجب الحج به و لو کان مائة ألف لأنه لیس مالکا له (و مثله) ما لو حج به ندبا مطلقا فإن حجه صحیح و الهدی نسک و عبادة و النهی فی العبادة یقتضی الفساد (فإن قیل) فعلی هذا کیف یصح حجه و الأمر برد المال إلی أهله یقتضی النهی عن ضده الخاص و یمکن حمله علی ما إذا لم یتمکن من الرد أو کان جاهلا أو علی أن الأمر بالشی‌ء لا یقتضی النهی عن ضده الخاص و لعل مثل الهدی ثوبا الإحرام و من هنا یعلم حال من حج و فی ماله خمس أو زکاة أو دین فی ذمته و لم یؤد مع القدرة و العلم و أجرة الرد علیه
(قوله قدس سره) (و لو طاف أو سعی فی الثوب المغصوب أو علی الدابة المغصوبة بطلا)
لأن ستر العورة شرط فی الطواف لأنه صلاة و لقوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لا یحج بعد العام عریان و به صرح فی الخلاف و الغمة و الإصباح. و المغصوب غیر ساتر شرعا و کأن السعی عندهم کالطواف و أما لبس ثوبی الإحرام فظاهر الأصحاب عدم کونه شرطا فی صحته کما ذکره الشهید و به صرح جماعة من المتأخرین و قد یکون السعی عندهم کالإحرام و لم أجد فیه نصا منهم إلا المحقق الثانی فإنه جعل مثل الطواف و قد یدل علیه الخبر النبوی المشار إلیه لکن فی جملة أخبار لا یطوف بدل لا یحج
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 91
و التطفیف حرام فی الکیل و الوزن (1) و یحرم الرشا فی الحکم و إن حکم علی باذله بحق أو باطل (2)
______________________________
(قوله) (و التطفیف حرام فی الکیل و الوزن)
بالنص و الإجماع کما فی التذکرة و یدل علیه العقل و النقل بل لا یحتاج إلی دلیل کما فی آیات أحکام الأردبیلی و کذلک الإخسار فی العد و الذرع کما فی فقه الراوندی و استدل علیه بقوله سبحانه (أَوْفُوا الْکَیْلَ وَ لٰا تَکُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِینَ) و الطفیف القلیل وزنا و معنی و منه قیل لتطفیف المکیال و المیزان تطفیف کما فی المصباح المنیر و زاد فی القاموس الغیر التام قال و طف المکوک جمامه و فی کنز العرفان هو البخس فی الکیل و الوزن و الأصح ما فی فقه الراوندی التطفیف التنقیص علی وجه الخیانة فی الکیل و الوزن و لا یطلق علی من طفف شیئا یسیرا إلی أن یصیر إلی حال یتفاحش ثم قال و من الناس من قال لا یطلق حتی یطفف أقل ما یجب فیه القطع فی السرقة
(قوله قدس سره) (و یحرم الرشا فی الحکم و إن حکم علی باذله بحق أو باطل)
بإجماع المسلمین کما فی جامع المقاصد و قضاء الروضة و حاشیة الإرشاد و هی سحت بلا خلاف کما فی المنتهی و فی النصوص أنها سحت و فی عدة منها أنها الکفر باللّٰه العظیم و فیها الصحیح و الموثق و غیرهما و هی تدل بإطلاقها علی ما ذکروه من عدم الفرق بین أن یکون الحکم للراشی أو علیه و لا ریب أنه یأثم الدافع لها أیضا لقوله صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم لعن اللّٰه الراشی و المرتشی إلا إذا کان الحق موقوفا علیه منحصرا فیه فإنه یجوز الإعطاء لا الأخذ و هو ظاهر عقلا و شرعا کما فی مجمع البرهان قال و یمکن الاستدلال علیه بالصحیح عن الرجل یرشو الرجل علی أن یتحول من منزله فیسکنه قال لا بأس (قلت) لکن لیس له أن یأخذ المال بالحکم بل علی وجه المقاصة و قیل إذا کان یحکم بالحق و إن لم یرتش جاز الدفع و إلا فلا و هو ضعیف نادر یدفعه إطلاق النصوص و الفتاوی و منع أبو الصلاح من التوصل بحکم المخالف للحق إلی الحق قال فإن کان أحدهما مخالفا جاز (قال فی المختلف) و هو فی موضع المنع لأن للإنسان أن یأخذ حقه کیف أمکن (قلت) فی کلام القولین نظر لعموم الأخبار المانعة عن الترافع إلیهم نعم إن لم یمکن الوصول إلا بذلک جاز و لعلهما بنیا الحکم علی هذا القید و قیل یحرم علی الحاکم قبول الهدیة إذا کان للمهدی خصومة فی المآل لأنه یدعو إلی المیل و کذا إذا کان ممن لم یعهد منه الهدیة قبل تولی القضاء للخبر هدایا العمال غلول و فی روایة سحت و الخبر الذی تضمن أنه استعمل علی الصدقات رجلا فقال هذا لکم و هذا أهدی إلی «الخبر» و أما إن کانت له عادة فلا بأس بأخذها إلا أن یهدیه إلیه للحکم فیحرم قال فی المبسوط (فإن قیل) أ لیس قد قال صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لو دعیت إلی کراع لأجبت و لو أهدی إلی کراع لقبلت (قلنا) الفصل بینه و بین أمته أنه معصوم عن تغیر حکمه بهدیة و هذا معدوم فی غیره (و قد یضعف) القولان بالأصل و قصور سند الأخبار المذکورة و ضعف الوجوه الاعتباریة مع عدم تسمیة مثله رشوة (فالتحقیق) أنه إن کان هناک مظنة تعلق لها بالحکومة حرمت لأنها تعود بالآخرة إلی الرشوة و إن کان الغرض التودد أو التوصل إلی حاجة أخری من علم أو عمل فهی هدیة (و الرشا) بالضم و الکسر جمع رشوة مثلثة الجعل کما فی القاموس و فی النهایة الراشی الذی یعینه علی الباطل و المرتشی الآخذ و الرائش الذی یسعی بینهما و فی مجمع البحرین قلما تستعمل الرشوة إلا فیما یتوصل به إلی إبطال حق أو تمشیة باطل و فی المصباح المنیر ما یعطیه الشخص للحاکم و غیره لیحکم أو یحمله علی ما یرید (قلت) هی عند الأصحاب ما یعطی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 92

[الخامس ما یجب علی الإنسان فعله]

(الخامس) ما یجب علی الإنسان فعله یحرم الأجر علیه کتغسیل الموتی و تکفینهم و دفنهم (1)
______________________________
للحکم حقا و باطلا و أصل مأخذها یدل علی سبب أو تسبب لشی‌ء برفق و ستسمع قریبا عند الکلام علی الأجر للقضاء الفرق بین الرشوة و الجعل و الأجر و الرزق محررا بما لا مزید علیه
(قوله) (الخامس ما یجب علی الإنسان فعله تحرم الأجرة علیه کتغسیل الموتی و تکفینهم و دفنهم)
و حملهم إلی المغتسل و إلی القبر و حفر قبورهم و الصلاة علیهم لأنه فرض کفایة أوجبه اللّٰه علی أهل الإسلام کما فی المقنعة و النهایة و به صرح أیضا فی السرائر و ما تأخر عنها و لم یعرف الخلاف إلا من علم الهدی فیما یحکی عنه و فی المسالک أنه المشهور و علیه الفتوی و فی مجمع البرهان کأن دلیله الإجماع و فی الریاض أن علیه الإجماع فی کلام جماعة و هو الحجة «انتهی» و کأن الاستدلال علیه فی الریاض بمنافاته الإخلاص فی العمل غیر متجه لأن تضاعف الوجوب یؤکد الإخلاص کما ستسمع علی أنه لا یتم فیما لیس عبادة مع أنه ینافیه حکمه بعدم المنافاة فی المندوب کما سیأتی و التأویل ممکن (و حکی) عن علم الهدی جواز الأجرة علی مثل التکفین و الدفن لأنه واجب علی الولی و لا یجوز لغیره إلا بإذنه قال فی المسالک و هو ممنوع فإن الواجب الکفائی لا یختص به و إنما فائدة الولایة توقف الفعل علی إذنه فیبطل منه ما وقع بغیره مما یتوقف علی النیة (و أنت خبیر) بأن السید لا یرید من عدم الوجوب إلا عدم جواز الفعل فإذا لم یکن جائزا لم یکن واجبا بدیهة فیمکن أخذ الأجر (إلا أن تقول) إنه إذا أذن وجب فلا أجر للأخبار الواردة بأنه یغسل المیّت أولی الناس أو من یأمره لأن المأمور من المولی مأمور بالتغسیل فی الأخبار المذکورة کالولی أو تقول إن التوقف علی إذن الولی لا ینافی الوجوب علی الغیر فی أول الأمر کما هو الشأن فی الوصی بالنسبة إلی الناظر و لیس واجبا مرتبا کما یظهر من کلام السید بمعنی أنه یجب أولا علی الولی ثم بعد الإذن یجب علی المأذون فعلی کلامه لو استأجر علیه أجنبی أجنبیا قبل الإذن و الوجوب علیهما جاز و هو خلاف مسألتنا فکان بناء علی هذا موافقا فی أن الواجب الکفائی تحرم الأجرة علیه مخالفا فی الخصوصیة أعنی التکفین و نحوه فتأمل جیدا (و یبقی الکلام فی مقام آخر) و هو أن أکثر الصناعات واجبة کفایة علی ما صرحوا به فیلزم عدم جواز الأجر علی الطبابة و الحیاکة و التجارة و غیرها و قد قال فی جامع المقاصد إن کل ما کان من الواجبات الکفائیة إنما یجوز الاستئجار علیه عند عدم وجوبه بحال فإن وجب لم یجز کائنا ما کان و قال إنه متی کان فی القطر من هو قائم بالواجب الکفائی جاز أخذ الأجرة علیه حینئذ فأکثر الصناعات الواجبة کفایة قد وجد فی کل قطر من یقوم بها فیجوز أخذ الأجرة علیها (و الجواب) ما أشرنا إلیه آنفا فی تعلیم القراءة من أن ما وجب کفایة لذاته یحرم أخذ الأجرة علیه و هو کل ما تعلق أولا و بالذات بالأدیان کالفقاهة و إقامة الحجج العلمیة و دفع الشبهات و حل المشکلات و الأمر بالمعروف و التغسیل و التکفین لأنه راجع إلی الدین أو الأبدان کالطبابة و التمریض و إطعام الجائعین و ستر العراة و إغاثة المستغیثین فی النائبات علی ذوی الیسار و إنقاذ الغرقی (بل قد أجاز) الشارع ترک الواجب العینی کالجمعة للتمریض و إن سد غیره من أقاربه مسده فما ظنک بالطبابة و الذی یجوز أخذ الأجرة علیه من الواجب الکفائی هو ما یتعلق أولا و بالذات بالأموال و إن رجع بالآخرة إلی الأول و ذلک کالحیاکة و الصیاغة و التجارة و نحو ذلک بل الصیاغة لیست واجبة کفایة کما ستعرف من تعریفه (و بعبارة) أخری کل ما کان الغرض الأهم منه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 93
..........
______________________________
الآخرة إما بجلب نفع فیها أو دفع ضرر لا یجوز أخذ الأجرة علیه و لا ینتقض بالجهاد لما ستعرف و کلما کان الغرض الأهم منه الدنیا سواء کان بجلب النفع أو دفع الضرر فإنه یجوز أخذ الأجرة علیه و إن کان قد یرجع بالآخرة إلی المهمات الدینیة باعتبار کونه وسیلة إلیها (بل قد نقول) إن الصناعات المهمة لیست من الواجب الکفائی و إنما جاءت تبعا لأنها ترجع بالآخرة إلیه کما ینبئ عن ذلک تعریفهم له بأنه کل مهم دینی یتعلق غرض الشارع بحصوله حتما و لا یقصد عین من یتولاه و هذا التعریف قد طفحت به عباراتهم ذکروه فی باب الجهاد فالحظ الکتاب فی باب الجهاد و حواشیه و المسالک و غیر ذلک (و هذا التحریر) لا ینتقض بشی‌ء إلا الجهاد و قد خرج بالإجماع منا (حکاه الشهید) کما خرج بالإجماع عن فرض العین اللبأ من الأم فإنه یجوز أخذ الأجرة علیه قطعا مع أنه واجب علیها عینا لقولهم بأن الولد لا یعیش بدونه و إن کان قد بینا فی محله أن الواقع خلافه لکنهم قالوا ذلک کله و الطعام للمضطر إذا کان له مال فإنه یطعمه و یأخذ العوض (و الغرض) بیان جواز أخذ العوض علی الواجب العینی و قد نقرر ذلک بوجه آخر (و هو أن نقول) إن الأقسام ثلاثة (واجب) مطلق بمعنی أن وجوبه غیر مشروط فیه العوض (و واجب) مشروط فی وجوبه کونه بعوض (و مشکوک فیه) بمعنی أنا نشک فی أن وجوبه مطلق أو مشروط کالقضاء بین الناس و تحمل الشهادة و نحو ذلک کما سیأتی (فالأول) لا تجوز المعاوضة علیه و هو ما یتعلق بسیاسة الدین (و الثانی) لا ریب فی جواز أخذ المعاوضة علیه و هو ما تعلق بنظام الدنیا (و المشکوک فیه) یلحق عند الأصحاب بالمطلق و یظهر من کلام السید أنه ملحق بالمشروط و لا یفرق فی الواجب المطلق بین ما وجب أصالة أو بالعارض لعدم إمکان ترتب أحکام الإجارة علیه لعدم إمکان الإبراء و الإقالة و التأجیل و عدم قدرة الأجیر علی التسلیم و لا تسلط للمستأجر علی الأجیر فی إیجاد و لا عدم ثم إن المملوک و المستحق لا یملک مرة أخری و لا یستحق ثانیا و هذا کله واضح فی الواجب العینی أصلیا أو عارضیا و أما وجه ذلک فی الکفائی فلعدم نفع للمستأجر فیما یملکه غیره لأنه یصیر بمنزلة أن یقول له أستأجرک لتملک منفعتک المملوکة لک أو لغیرک لأنه بفعله یتعین فلا یدخل فی ملک آخر فلا یدخل تحت عموم المعاملات و أما ما کان من الواجب الکفائی واجبا مشروطا فلا فرق فیه بین وجوبه العینی کما إذا انحصر أو الکفائی کما إذا لم ینحصر فی جواز أخذ الأجرة علیه لأنه لیس بواجب قبل حصول الشرط فلا مانع من صحة الإجارة علیه قبل الشرط و لو کانت الإجارة هی الشرط فی وجوبه فکلما وجب مما یتعلق بنظام الدنیا لا یجب إلا بشرط العوض بإجارة أو جعالة أو نحوها کما هو الشأن فیما أشرنا إلیه من بذل الطعام للمضطر فإنه یستحق فیه العوض سواء تعین أو بقی علی الکفایة لأن وجوبه مشروط بخلاف ما وجب أصالة کالنفقات أو بالعارض کالمنذورات هذا کله فی الواجب و أما الحرام فقد تقدم فیه الکلام و یأتی بیان الحال فی بقیة الأقسام قریبا (و بهذا یندفع) الإشکال عن الأردبیلی و قد أعیا علیه دفعه حتی التجأ فی دفعه إلی أن ذلک خاص بالعبادات الواجبة فأشکل الأمر علیه بالدفن و نحوه (قلت) و هذا هو الذی اعتمده الفخر فی إجارة الإیضاح قال إن الوجوب إن کان عینیا امتنع أخذ الأجرة علی الواجب تعلیما کان أو غیره و إن کان کفائیا و أرید منه (به خ ل) الفعل علی وجه القربة کصلاة الجنازة لم یجز أخذ الأجرة علیه و إن کان کفائیا و لم یرد علی وجه القربة جاز و قال إن الدفن و نحوه خرج بالنص من الشارع و رده الکرکی فی جامع المقاصد بأنه مخالف لنص الأصحاب و التجأ أیضا فی مجمع البرهان إلی أن الواجب إذا لم یمکن الإتیان به إلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 94
نعم لو أخذ الأجرة علی المستحب منها فالأقرب جوازه (1)
______________________________
علی الوجه الذی یجب مثل أن لا یحصل الستر إلا بأن یحوک له الحائک و لا یرتفع المرض إلا بعلاج الطبیب لا یجوز أخذ الأجرة علیه و کالتغسیل الذی لا یمکن الخروج عن العهدة إلا بالغسل الذی ما أخذ أجرته (و فیه) أنه خاص أیضا بالعبادات الواجبة التی لا یمکن أن تقع مقبولة إلا بالنیة و الإخلاص کالصلاة و الغسل و أما الدفن و الحمل و التکفین فلا و قال المولی الأردبیلی أیضا یمکن أن یقال بعضها خارج بنص أو إجماع فکل ما دل علیه أحدهما یخرج و یبقی الباقی تحت التحریم و هذا منه ترجیح لإطلاق التحریم فی الکفائی علی إطلاق جواز أخذ الأجرة فی الصناعات لأن الأصحاب أطلقوا جواز أخذ الأجرة علی الصناعات بل قالوا کل صنعة من الصناعات المباحات إذا أدی فیها الأمانة لا بأس کما فی النهایة و غیرها و أطلقوا فی مقامات عدیدة تحریم الأجر علی الواجب الکفائی و عرفوه بما عرفت و عدوا منه الصناعات المهمة (و علی هذا) «1» فیصح لنا أن نخصص إطلاق التحریم بما عدا الصناعات و نخصص الصناعات بما عدا الدینیة کالفقاهة و نحوها (إلا أن تقول) نحمل إطلاق کلامهم فی جواز الأجر علی الصناعات علی غیر المهمة کالصیاغة و نحوها مما لیس بواجب کفائی فتکون الصناعات لأن کانت واجبة کفائیة علی التحریم إلا ما قام علیه الدلیل و لعله إلیه نظر الأردبیلی فی الاحتمال الثالث و إن لم یلحظ مما ذکرناه (و فیه) أن حمل الإطلاق علی غیر المهمة کأنه بعید (و الحاصل) أن مجال المقال فی المقام واسع و أصحه ما حررناه (و لیعلم) أن المحقق الثانی أجاب عن الاستیجار للجهاد فی باب الإجارة بأنه إنما یجوز إذا علم أو ظن قیام من فیه کفایة أو کان المؤجر ممن لا یجب علیه أصلا و فی الجواب الأول نظر أشرنا إلیه فی باب تعلیم القرآن و لا یجب بذل الماء و الکفن و لا ثمنهما کما نص علی ذلک الشیخ و جماعة و یأتی ما له نفع فی ذلک
(قوله رحمه اللّٰه) (نعم لو أخذ الأجرة علی المستحب منها فالأقرب جوازه)
هذا هو المفهوم من المتقدمین حیث یقیدون التحریم بالواجب و به صرح فی السرائر و التذکرة فی موضعین و نهایة الإحکام و الإیضاح و الدروس و حاشیة الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها و فی الأخیر و الکفایة أنه المشهور لعموم أدلة جواز الأجرة علی مطلق الأعمال من غیر وجود مانع من إجماع أو منافاة للإخلاص و لأنه فعل سائغ کالصلاة و الحج و وجه عدم منافاته للإخلاص أنه بعد الإجارة یصیر واجبا کالنذر فیتحقق الثواب فی العمل لکونه لامتثال الأمر الذی وجب علیه بالأجرة کذا قال صاحب الریاض و قد سمعت ما قاله آنفا (قلت) منشأ توهم المنافاة أن المستحب کالواجب لا یجوز أخذ الأجرة علیه لعدم خلوص القربة (و فیه) أن المستحب الذی لا یجوز أخذ الأجرة علیه الذی هو کالواجب هو ما یستحب للإنسان أن یتعبد به لنفسه لأنه مؤد نفله عن نفسه کما أن فاعل الواجب مؤد فرضه عن نفسه أما العینی فظاهر و أما الکفائی فلأنه وجب علیه کما وجب علی غیره و کذا الحال فیما ندب کفایة کأذان الإعلام (أما) ما یستحب التبرع به للغیر فلا إشکال فی جواز الأجرة علیه و قد یستفاد من کلامهم فی المقام أنه یجوز أن یستأجر زید عمرا لصلاة اللیل عنه مثلا و نوافل الظهرین و نحو ذلک حیث یقولون لأنه فعل سائغ کالحج و الصلاة من دون تقیید بکونها عن میت کما وقع هذا الإطلاق فی جامع المقاصد و حیث یقولون کالحج و سائر العبادات
______________________________
(1) فحینئذ خ ل.
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 95
و تحرم الأجرة علی الأذان و علی القضاء و یجوز أخذ الرزق علیهما من بیت المال (1)
______________________________
کما وقع فی جملة من العبارات و هو الذی صرح به الشهید فی حواشی الکتاب فی باب الوکالة و هو قضیة قوله فی اللمعة حیث منع من الوکالة فی الصلاة الواجبة فی حال الحیاة و هو یعطی جوازها فی المندوبة (قال فی الروضة) و احترز بالواجبة عن المندوبة فتصح الاستنابة فیها فی الجملة کصلاة الطواف المندوب و صلاة الزیارة و فی جواز الاستنابة فی مطلق النوافل وجه «انتهی» لکن المحقق الثانی فی جامع المقاصد فی باب الإجارة حکی إجماع الأصحاب علی أنه یشترط فی صحة النیابة فی الصلاة و الصیام الموت و حکی فی الإیضاح عن ابن البراج أنه أطلق القول بالتحریم فیما نحن فیه و استدل له بعموم النهی عن أخذ أجر التغسیل و هو یشمل الواجب و المندوب و تبعه علی ذلک صاحب جامع المقاصد و المسالک و لم نقف علی نهی فی الباب و لا ذکره أحد غیرهم من الأصحاب و لعلهم أرادوا أنه عبادة فیشملها النهی عن أخذ الأجرة فی العبادات و یشهد له «1» عدم جواز الأجرة علی بعض المندوبات کالأذان ثم إن حکایة جامع المقاصد و المسالک عن القاضی غیر صحیحة حیث قالا و خلافا لابن البراج و الموجود من کلامه فی المختلف إنما هو الإطلاق کما حکی فی الإیضاح (قال فی المختلف) قال ابن البراج فی أقسام المحرمات و الأذان و الإقامة لا یؤخذ الأجر علیهما و کذا الصلاة بالناس و تغسیل الموتی و تکفینهم و حملهم و الصلاة علیهم و دفنهم ثم قال فی المختلف و الأقرب تحریم الأجر أما الفعل النفل فلا هذا کلامه و هو ظاهر فی الواجب (و کیف کان فقد تحصل) أن المستحبات و المکروهات و المباحات لا مانع فیها من أخذ الأجرة علیها من جهة ذاتها نعم قد یمنع من ذلک مانع خارجی کعدم إمکان النیابة أو عدم النفع أو عدم تعلق الملک کما لو استأجره علی عمل لنفسه کخیاطة ثوب نفسه أو صلاة نافلته عن نفسه فإنه یبطل (و أما) لو استأجره علی عمل تقع فیه النیابة کحج أو زیارة أو فعل مستحب أو مکروه فلا مانع فلم یکن مانع ذاتی إلا فی المحرمات و الواجبات و لو لا دعوی الإجماع من جامع المقاصد لقلنا بجواز النیابة عن الحی فی جمیع المندوبات فالأصل فیها الجواز إلا ما خرج بالدلیل و عساک تقول الأصل فیها العدم إلا ما خرج بالدلیل لأنک تدعی عدم دخول النیابة فیها فی عمومات الاستیجار و النیابة فلیتأمل و یبقی الکلام فی النیابة عن نواب الأموات هل هی عنهم أو عن الأموات و لعل الظاهر الثانی
(قوله قدس سره) (و تحرم الأجرة علی الأذان و علی القضاء و یجوز أخذ الرزق علیهما من بیت المال)
أما تحریم أخذ الأجرة علی الأذان فقد حکی علیه الإجماع فی الخلاف و جامع المقاصد أیضا و لا خلاف فیه کما فی حاشیة الإرشاد و هو المشهور کما فی المختلف أیضا و کشف الالتباس و حاشیة المیسی و تجارة المسالک و مجمع البرهان و الکفایة و أشهر القولین کما فی الروضة و مذهب الأکثر کما فی الذکری و کشف اللثام و صلاة المسالک و قد نص جم علی أنه لا فرق فی الأجرة بین کونها من معین أو من أهل البلد أو من محلة أو من بیت المال بل فی حاشیة الإرشاد نفی الخلاف عن ذلک و عن القاضی أنه نص علی أنه لا یجوز له أخذ الأجرة علیه إلا من بیت المال (و قد) یظهر ذلک أو یلوح من المبسوط و الشرائع و المنتهی کما ستسمع (و فیه) أنه إن جاز أخذ الأجرة منه فأولی أن تجوز من غیره و إن لم تجز من غیره لم تجز منه و یمکن حمل کلامهم علی الرزق و لعله متعین و ذهب علم
______________________________
(1) أی للقاضی (منه رحمه اللّٰه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 96
..........
______________________________
الهدی فیما حکی عنه و الکاشانی إلی أن أخذ الأجرة علیه مکروه و فی الذکری و المدارک و البحار و تجارة مجمع البرهان أنه متجه و نقله فی البحار عن المعتبر (و لعله) فهمه من قوله و لا أقل من الکراهیة و فی الشرائع تعطی الأجرة من بیت المال إذا لم یوجد من یتطوع و فی المبسوط یعطی شیئا و قد فهم منه فی التحریر أن المراد بالشی‌ء الأجرة حیث قال و فی المبسوط یجوز أخذ الأجرة من بیت المال «انتهی» و فی المنتهی و التحریر أخذ الرزق علیه من بیت المال سائغ و فی الأجرة نظر لکنه فی تجارة التحریر حکم بتحریم الأجرة من دون تأمل و لم أجد من خالف أو تردد غیر هؤلاء لکن کلام المرتضی یحتمل إرادة التحریم لأنه من القدماء أو یکون أراد بالأجرة الرزق کما احتمل ذلک المصنف فی المختلف و ما فهمه من المبسوط فی التحریر بعید و قد حمل جماعة عبارة الشرائع علی الارتزاق و فی المدارک أنه لا مقتضی لذلک (قلت) المقتضی تصریحه فی تجارتها و تجارة النافع بتحریم أخذ الأجرة علیه و جواز الارتزاق من بیت المال مضافا إلی الإجماع و الأخبار المنجبرة بالشهرة علی أن فی العدة الإجماع علی العمل بروایة السکونی و النوفلی ممدوح کثیر الروایة. و البرقی ثقة علی الصحیح فالحدیث قوی معتبر و الأجر الوارد فی الخبر ظاهر فی الأجرة و الارتزاق لیس أجر أذانه بل هو من جهة فقره و استحقاقه (و لیس) الدلیل منحصرا فی خبر زید رضی اللّٰه عنه کما ظنه فی مجمع البرهان علی أنه لا مانع من الاستدلال به لاعتضاده بما عرفت. و اشتماله علی ما لیس بحجة لا یخرجه عن الحجیة و فی نهایة الإحکام و کشف الالتباس إذا استأجره افتقر إلی بیان المدة قالا و لا تدخل الإقامة فی الاستئجار للأذان و لا یجوز الاستئجار علی الإقامة إذ لا کلفة فیها بخلاف الأذان فإن فیه کلفة بمراعاة الوقت (قلت) هو غیر جید إذ لا یعتبر فی العمل المستأجر علیه اشتماله علی الکلفة و الأصل فی الاقتصار علی الأذان أن مورد الأخبار الأذان الإعلامی لأنه مندوب علی الکفایة لأن الأمر به لم یتعلق بشخص بعینه (و أما أذان) الصلاة و إقامتها فالخطاب بهما إنما توجه إلی المصلی نفسه و الاکتفاء بفعل غیره عنه یبتنی علی ما ذکرناه آنفا من جواز الاستئجار علی النوافل و نحوها و عدمه (نعم) لا کلام بالنسبة إلی الإمام فإنه یجوز أن یؤذن له و یقام لأنه إنما خوطب هو بهما لا غیره فحالهما حال القراءة غایة الأمر أنه ورد جواز فعل الغیر لهما رخصة لأن الناس مکلفون بالاقتداء بصلاته و هذا من جملة أفعالها فلو لم یتبرع غیره بهما کان مخاطبا بهما لکن علی ما قدمناه من أن کل ما یستحب التبرع به للغیر یجوز الاستئجار علیه. یجوز الاستئجار علیهما (و أخبار) الباب و الفتاوی لیس موردها ذلک و إنما موردها الأذان الإعلامی المستحب کفایة فلیتأمل (إلا أن تقول) إن فهم خصوص الإعلامی منها کأنه بعید فالقول بتحریم أخذ الأجرة علیه بقول مطلق لعله أوفق (و أما) أنه یجوز له أخذ الرزق من بیت المال فقد حکی علیه الإجماع فی المنتهی تارة و نسبه إلی الأصحاب أخری و فی البحار أیضا نسبه إلی الأصحاب و فی تجارة مجمع البرهان لا خلاف فیه و بذلک صرح فی الخلاف و السرائر و جامع الشرائع لابن سعید و الشرائع و النافع و الکتاب فی باب القضاء و غیرها و قید فی المبسوط و التذکرة و نهایة الإحکام و الذکری و غیرها بعدم التطوع و فی التذکرة الإجماع علی ذلک و هو مما لا خلاف فیه لأحد و هذا الرزق من مال المصالح «1» کما فی المبسوط و الخلاف و الموجز الحاوی و کشفه و جامع المقاصد و المسالک و غیرها لا من الأخماس و الصدقات کما نص علیه الشیخ.
______________________________
(1) کالخراج و المقاسمة (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 97
..........
______________________________
و غیره و فی حاشیة الإرشاد الظاهر أنه من سهم سبیل اللّٰه من الزکاة و فرق جماعة بین الأجرة و الرزق هنا بأن الأجرة تفتقر إلی تقدیر العمل و العوض و المدة و الصیغة و الرزق منوط بنظر الحاکم و هذا الفرق یشیر إلی أن کلما لم یشتمل علی القیود المذکورة لا یکون حراما و یکون ارتزاقا و لیس کذلک بل الظاهر من الأجرة ما یؤخذ من غیر المصالح أو منها علی فعل ذلک بحیث لو لم یکن ذلک لم یفعل فالمدار علی الشرط و القصد و لا فرق فی ذلک بین تعیین الأجرة و المدة و عدمه و لا فرق بین الصیغة المخصوصة و غیرها لأن ذلک هو المتبادر فی المقام «فلیتأمل جیدا» و فی الروضة و المسالک و لا یلحق بالأجرة أخذ ما أعد للمؤذنین من أوقاف مصالح المسجد و إن کان مقدرا و باعثا علی الأذان (نعم) لا یثاب فاعله إلا مع تمحض الإخلاص به کغیره من العبادات (و هل) یحرم أذان آخذ الأجرة قال به القاضی و قد سمعت عبارته برمتها آنفا و وجهه فی المختلف بأن إیقاعه علی هذا الوجه لیس بشرعی فیکون بدعة و فی المسالک هذا متجه لکن یشکل بأن النیة غیر معتبرة فیه و المحرم هو أخذ المال لا نفس الأذان فإنه عبادة أو شعار و فی الکفایة إن کان غرضه منحصرا فی الأجرة فالقول بالتحریم متجه و فی التذکرة و نهایة الإحکام و جامع المقاصد و المسالک و المدارک أنه لا یحرم الأذان ذکروا ذلک فی مسألة حکایة الأذان و ذکره فی التذکرة فی مبحث الجمعة و هو ظاهر کل من جوز حکایته «فتأمل» و فی نهایة الإحکام و الذکری و کشف الالتباس و جامع المقاصد و المسالک أنه إذا لم یتطوع به الأمین و وجد فاسق یتطوع رزق الأمین و نفی عنه البأس فی التذکرة و قال فیها لو احتاج البلد إلی أکثر من مؤذن واحد رزق ما یدفع «1» به الحاجة و فی نهایة الإحکام لو تعددت المساجد و لم یمکن جمع الناس فی واحد رزق عدد من المؤذنین یحصل بهم الکفایة و یتأدی الشعار و لو أمکن «2» احتمل الاقتصار علی رزق واحد نظرا لبیت المال و رزق الکل لئلا یتعطل المساجد (و روی فی الدعائم) عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال من السحت أجر المؤذن یعنی إذا استأجره القوم و قال لا بأس أن یجری علیه من بیت المال (و أما حرمة أخذ الأجرة علی القضاء) و جواز الارتزاق من بیت المال فقد اضطربت فیهما الکلمة فی نقل الأقوال و تحریر محل النزاع و توجیه الاستدلال کما ستعرف (و الذی) ینبغی أن یقال إن هنا أجرة و جعلا و رزقا و رشوة و القاضی إما أن یتعین علیه القضاء أو لا و علی التقدیرین إما أن یکون ذا کفایة أو لا و المراد من الأجرة ما یؤخذ من المتخاصمین أو غیرهما کأهل البلد أو المحلة و الجعل هو الأجرة لکنها من المتخاصمین أو أحدهما لا تعدوهما فیکون تابعا للشرط قبل الشروع فی سماع الدعوی فإن شرطه علیهما أو علی المحکوم علیه فالفرق بینه و بین الرشوة ظاهر و إن شرطه علی المحکوم له فالفرق أن الحکم لا یتعلق فیه بأحدهما بخصوصه بل من اتفق له الحکم منهما علی الوجه المعتبر یکون الجعل علیه و هذا لا تهمة فیه و لا ظهور غرض بخلاف الرشوة لأنها من شخص معین لیکون الحکم له إن کان محقا أو مبطلا و قد أخذ فیه أیضا کالأجرة أنه بحیث لو لم یکن لم یفعل (و المراد بالرزق) ما کان من بیت المال من المصالح منوطا بنظر الحاکم و صاحب الریاض جعل الرزق أعمّ من الأجر ذکر ذلک فی توجیه الخبر و هو وهم کما ستسمع (و قد علمت) أن الرشوة ما یعطیه لیحکم له بحق أو باطل فکانت غیر الثلاثة و إن عرفناها بما یشترط بإزائها الحکم بغیر الحق و الامتناع من الحکم بالحق کما ذکره بعضهم کانت شدیدة المخالفة للثلاثة و لا کلام لنا فیها لأنه قد مضی حکمها و من هنا یظهر لک ما فی المسالک و الریاض و غیرهما من
______________________________
(1) ما یندفع خ ل
(2) أی الجمع (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 98
..........
______________________________
الاستدلال علی تحریم الجعل بأنه رشوة مع أن صاحب الریاض فی باب القضاء حکم بأنهما غیران و صاحب مجمع البرهان استدل علی تحریم الأجرة بأخبار الرشوة و هو کما تری و ما ذکرناه هو الذی أفصحت به عباراتهم فی باب الصلاة و المکاسب و القضاء فتحمل فتاواهم و إجماعاتهم علی موضوعاتهم و لا علینا أن یتوهم متوهم أو یتسامح متسامح کما وقع الأول لبعض المتأخرین کما عرفت و الثانی للشیخ و شیخه و بعض من تأخر و علی کل حال فنحن نتکلم علی هذه الموضوعات بهذه المعانی و لیس فی الباب أعنی الأجرة و الجعل و الرزق خبر یدل علی موضوع و لا حکم سوی خبر عبد اللّٰه بن سنان رواه المحمدون الثلاثة فی الصحیح قال سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام عن قاض بین فریقین یأخذ من السلطان علی القضاء الرزق فقال ذلک السحت و هو محمول علی قضاة الجور أو علی أن المراد بالرزق الأجرة کما علیه الأصحاب کما ستعرف ذلک فی مطاوی کلماتهم حیث یستدلون بالنص و لا نص غیره و هو أولی من صرف السحت فیه إلی الکراهیة لتأید المجاز الأول بمؤیدات کثیرة منها ما دل علی حرمة الأجر علی الأذان المستحب فالمنع هنا أولی (إذا عرفت) هذا فنقول إذا تعین علیه القضاء بتعیین الإمام أو بفقد غیره أو بکونه أفضل و کان متمکنا ذا کفایة حرمت علیه الثلاثة الأجرة و الجعل و الرزق لأنه واجب عینی علیه فلا یستحق عوضا علیه و قد استدل فی جامع المقاصد علی حرمة الأجر علی القضاء بالنص و الإجماع قال و لا فرق بین أخذ الأجرة من المتحاکمین أو من السلطان عادلا کان أو جائرا أو أهل البلد سواء کان المأخوذ بالأجرة أو الجعالة أو الصلح و مثله قال فی حاشیة الإرشاد و تنطبق علی ذلک إطلاق عبارة الکتاب و غیرها بل هو أظهر أفرادها و هو صریح تفصیل المصنف فی المختلف و الإرشاد و حاشیته و إیضاح النافع و قضاء الکتاب و الشرائع (قالوا) إن تعین علیه و کان متمکنا لم یجز الأجر و إن لم یتعین أو کان محتاجا فالأقرب الکراهیة و للکرکی هنا مناقشة فی عبارة المختلف لیس محلها (و الغرض) شی‌ء آخر و هو إثبات حرمة الأجر علیه إذا کان متمکنا و تعین علیه القضاء و أنه لم یخالف فیه أحد (و أما قوله فی المقنعة) و لا بأس بالأجر علی الحکم و القضاء بین الناس و التبرع بذلک أفضل فیحمل الأجر فیه علی الرزق کما أشار إلیه تلمیذه العارف بکلامه قال فی النهایة و هی المقنعة و زیادة و لا بأس بأخذ الأجرة و الرزق علی الحکم و القضاء بین الناس من السلطان العادل فتراه کیف عطف الرزق علی الأجرة مفسرا له مشیرا إلی أن ذلک من السلطان إذ هو قید فیهما معا و قد بینا أن کل ما یؤخذ من السلطان فهو رزق منوط بنظره سواء عبر عنه بالأجرة مسامحة أو بالرزق و ما کان السلطان العادل جعلنی «1» اللّٰه تعالی فداه لیستعمل من یأخذ أجرة علی الواجب بمعنی إن لم تعطنی لم أقض «فتأمل» فمن المعلوم أن المراد بالأجر الرزق (سلمنا) لکنه یحتمل أن یحمل علی غیر ذی الکفایة أو علی من لم یتعین علیه مع احتیاجه علی کراهیة و قد یشهد علی هذا الحمل قول القاضی و هو لا زال «2» یقفو أثرهما و لهذا یعدونه من الأتباع قال و یکره الأجر علی القضاء و لا بأس بالرزق من قبل الإمام العادل «فتأمل» (و مما) یؤید ذلک بل یدل علیه أن الشیخ ادعی الإجماع علی تحریم الجعل فی الخلاف و المبسوط و هو أجرة قطعا غایته أنه من المتخاصمین و یؤید ما قلناه أیضا أنه لو کان الأمر کما نسبوه إلی هؤلاء المشایخ الأجلاء من مخالفة النص و الإجماع بل الضرورة لما سکت عنهم ابن إدریس و لقال ما عادته أن یقول فلا أقل من أن یقال أطلقوا کما صنع المحقق الثانی و المصنف فی المختلف حیث ذکر عباراتهم ثم فصل (و لعله) أراد أن إطلاقهم منزل علی هذا التفصیل
______________________________
(1) جعلنا خ ل
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 98
(2) لا یزال خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 99
..........
______________________________
و استوضح ذلک فی عبارة قضاء الشرائع کیف لم ینقل فیه خلافا و تعرض للخلاف فی غیره کما یظهر ذلک للمتروی الناقد البصیر فما فی الکفایة و الریاض و مکاسب المسالک من نسبة الخلاف علی البت لم یکن فی محله قطعا و لا سیما الریاض حیث صرح بالشیخین و القاضی نعم فی قضاء المسالک جعل النزاع فی أخذ الرزق من بیت المال إذا تعین علیه و لم یتعرض لحاجته و عدمها هذا حال الأجرة (و أما أخذ الجعل) مع تعین القضاء و کفایته و تمکنه فغیر جائز قولا واحدا کما فی قضاء کشف اللثام (و قد) جعل النزاع فیما إذا لم یتعین و کان محتاجا بل فی المبسوط عندنا لا یجوز أخذ الجعل بحال و ظاهره الإجماع کما هو صریح الخلاف فهذان الإجماعان قد اشتملا علی ما نرید و زیادة مضافا إلی أن الجعل أجرة غایته أنه من المتخاصمین کما أسمعناک غیر مرة (و أما الارتزاق) إذا تعین علیه و کان ذا کفایة فقد أطلق المصنف جواز الارتزاق له کما فی السرائر و التحریر و التذکرة و الدروس و غیرها و قد سمعت عبارة النهایة و المقنعة و القاضی و لعلنا ننزله علی ما إذا کان محتاجا کما فی الإرشاد و قضاء الشرائع و الکتاب و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و الروضة لکن فی الإرشاد و شرحه لولده و قضاء الدروس زیادة عدم التعیین و قضیة کلامهم أنه إذا تعین لا یرزق من بیت المال و إن کان محتاجا و هو مشکل جدا لجوازه لغیره ممن لا کفایة له فله أولی و لعلهما نظرا إلی أنه یؤدی بالقضاء واجبا و لا أجرة علی الواجب و هو حجتنا بعد الإجماعات علی المنع إذا کان ذا کفایة (و لعل) حجة من أطلق إن أبقیناه علی إطلاقه أن المجاهدین یرزقون و یؤجرون و هم قائمون بأهم الواجبات بل و یستأجرون و قد عرفت الجواب عن ذلک عند الکلام علی الواجب الکفائی و أنهم خرجوا بالإجماع و أما إذا لم یتعین و کان ذا کفایة فالأقرب منعه من الأجرة و الجعل و الرزق لأنه فی الأولین یؤدی واجبا کفائیا (و قد) حررنا القول فیه و لإجماع الخلاف و ظاهر المبسوط فی الجعل مضافا إلی ما دل علی حرمة الأجر فی الأذان المستحب کفایة و لم أجد مصرحا بالجواز فیهما أی الأجرة و الجعل إلا ما لعله یتوهم من عبارة الشیخین و القاضی و لعل من نسب ذلک إلی القیل أرادهم غیر محرر مرادهم (و أما الارتزاق) فقد قال جماعة بجوازه منهم المصنف فی قضاء الکتاب (و قد سمعت) کلام من أطلق جواز الارتزاق له مع التعیین و حجته فهنا أولی و قد یحمل کلام الشیخین و القاضی علی ذلک و الأقرب المنع لأنه یؤدی واجبا کفائیا و للتوفیر «1» علی سائر المصالح و حمله علی المجاهدین قیاس فلیتأمل (و من الغریب) ما فی الریاض قال و لا بأس فی صورة المنع من أخذ الأجرة بالرزق من بیت المال بلا خلاف انتهی (لأن) من صورة المنع عن أخذ الأجرة ما إذا کان ذا کفایة تعین أو لم یتعین و الخلاف فی الارتزاق حینئذ موجود کما عرفت و أما إذا کان غیر ذی کفایة فالأقرب تحریم الأجرة و الجعل لما ذکرنا من إجماع المبسوط و الخلاف و یرتزق من بیت المال لأنه من المصالح المهمة و هو معد لها مع أنه لم یتعین و هو الذی یعطیه إطلاق کلام التقی و عبارة السرائر و کلما کان نحوها فی الأجرة و عبارة الدروس و کلما کان نحوها فی الجعل و قد یکون الشیخان و القاضی مخالفین «2» لکنه بعید عن کلامهم لما بیناه و کأن الارتزاق له إجماعی إذ لم أجد خلافا و لا نقله (و قد) صرح جماعة بکراهیة الارتزاق حیث جوزوه له منهم ابن إدریس فی السرائر و المصنف فی قضاء القواعد و جماعة منهم الشیخ فی النهایة (قالوا) إن الأفضل له ترکه فقول شیخنا صاحب الریاض إنهم لم یقولوا بکراهیة الارتزاق غیر سدید علی أنک قد سمعت أن قضیة کلام الدروس و الإرشاد و شرحه أنه مع
______________________________
(1) و توفیرا خ ل
(2) مختلفین خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 100
و یجوز أخذ الأجرة علی عقد النکاح و الخطبة فی الإملاک (1) و تحرم الأجرة علی الإمامة (2)
______________________________
الحاجة و التعیین حرام (و ربما) قیل بجواز أخذ الجعل له و کأنه للعامة إذ لم نجده و لا عینه کاشف اللثام مع تعرض المصنف لهذا القول فی قضاء الکتاب (و احتج له) بأنه بعدم التعیین کالمباح و بأنه إذا تعدد القاضی و اشترکوا فی الضرورة فإن لم یجز لهم الأخذ لزم تعطیل الأحکام إن امتنعوا و اشتغلوا بالکسب لمعاشهم و إن اشتغلوا بالقضاء أو بعضهم لزم الضرر أو تکلیف ما لا یطاق و فیه أنه لو تم جاز الأخذ مع التعیین بطریق أولی (الأولی خ ل) إذ مع التعدد ربما أمکن الجمع بین القضاء و التکسب و لهذا أجازه الشافعی مطلقا و علی الجواز فهل یختص بصاحب الحق أو یشترکان فیه أو له التخصیص بأیهما شاء محقا کان أو مبطلا احتمالات لا أدری لها مدرکا سوی أن الجعل هل یتبع العمل أو النفع فعلی الثانی یتعین الأول و علی الأول یتخیر بین الأمرین و یحتمل أن یکون علی المدعی و یحتمل أن یکون تابعا للشرط و التعیین فإن شرطه علیهما أو علی أحدهما و التزما أو أحدهما به لزم و مع عدم سبق شرط لا یلزم أحدا منهما شی‌ء «فتأمل جیدا» و الظاهر أن المراد بالحاجة و عدم کونه ذا کفایة هی ما تعارف بحسب العادة لا الضرورة الشدیدة أو التی لا یعیش بدونها (و یلحق بالقضاء) مقدماته کسماع الشهادة و أدائها و التحلیف و التزکیة و الجرح و لا یلحق به علی الظاهر کتابة الحجة و ختمها بخاتم القاضی علی تأمل فی هذین لأنهما فی هذا الزمان قد صارا کأنهما جزء من القضاء و من مقدماته إذ لا ترتفع الخصومة إلا بهما و لو ترافعا عند قاض و تم الحکم و رجعا إلی آخر لإحکام الحکم و الدعوی فالأحوط عدم الجواز
(قوله قدس سره) (و یجوز أخذ الأجرة علی عقد النکاح و الخطبة فی الإملاک)
کما فی النهایة و السرائر و التذکرة و نهایة الإحکام و التحریر و الدروس و المسالک و غیرها و کذا الشرائع و النافع و الإرشاد و حاشیته و المیسیة و تعلیق النافع و غیرها فی عقد النکاح من دون ذکر الخطبة فی الإملاک لکن من المعلوم أنهم یقولون بجواز أخذها علیها کالخطبة بالکسر و فی الدروس و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و تعلیق النافع و المیسیة و المسالک و الکفایة أن المراد بعقد النکاح مباشرة الصیغة کما إذا کان وکیلا لأحد الزوجین أو لهما فیتولی الصیغة و یکون وکیلا بجعل. أما تعلیم الصیغة و إلقاؤها علی المتعاقدین فلا یجوز أخذ الأجرة علیه و حکاه فی حاشیة الإرشاد عن المنتهی و نسبه إلی الأصحاب و حکی علیه الإجماع فی جامع المقاصد لأنه من الواجبات الکفائیة و نسبه فی مجمع البرهان إلی القیل فکأنه متأمل فیه (قلت) ما قالوه جید جدا لکن لم لا یکون کتعلیم القرآن إذا لم یتعین أو کالقضاء کذلک و لا أقل من أن یفصلوا فیه ثم ما الوجه فی تخصیص عقد النکاح بالذکر فإن العقود جمیعا یجوز أخذه الأجرة علی الوکالة علیها (و قد یقال) إنه لما کان من وکید السنن و له شبه بالعبادة احتمل أن یمنع من أخذ الأجرة علی عقده کالأذان فبینوا أنه کسائر العقود فی الجواز و عدم المنع فتأمل (و یجوز) أخذ الأجرة علی تعلیم الدعوات و الأذکار و الأشعار و الرسائل و الکتابة (و الخطبة) بالضم ما اشتمل علی حمد اللّٰه سبحانه و الصلاة علی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و بالکسر طلب المرأة من ولیها و الإملاک بکسر الهمزة التزویج
(قوله رحمه اللّٰه) (و تحرم الأجرة علی الإمامة)
واجبة کانت أو مندوبة عینا أو کفایة و قد صرح بحرمة الأجرة علیها فی النهایة و السرائر و غیرهما لأنها من العبادات المطلوبة لنفس العامل و لأن أخذها علیها من المنفرات التی تزیل الاعتماد علیه و لا ریب أنه یرتزق من بیت المال إذا کان محتاجا و للعامة فی المسألة وجهان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 101
و الشهادة و أدائها (1)

[خاتمة تشتمل علی أحکام]

اشارة

(خاتمة) تشتمل علی أحکام

[الأول تلقی الرکبان مکروه علی رأی]

(الأول) تلقی الرکبان مکروه علی رأی (2)
______________________________
أصحهما المنع
(قوله رحمه اللّٰه) (و الشهادة و أدائها)
کما فی نهایة الإحکام و التذکرة و الدروس لأن الشهادة تحملا و إقامة من الواجبات إما العینیة أو الکفائیة (قلت) الأصحاب فی تحملها علی ثلاثة أقوال (الأول) الوجوب کفایة و هو خیرة الشیخ فی النهایة و المبسوط و المحقق و أبی علی و جماعة لتوقف کثیر من الأمور التی هی نظام العالم علیها (و قال الصادق علیه السلام) فی صحیح هشام بن سالم فی قوله تعالی (وَ لٰا یَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا) أنه قبل الشهادة و قوله عز ذکره (وَ مَنْ یَکْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) بعد الشهادة و ظاهر المفید و التقی و الدیلمی و القاضی و أبی المکارم الوجوب عینا إذا دعی إلیها (و قال ابن إدریس) لا تجب عینا و لا کفایة للأصل و ظهور الآیة فی الأداء فیجوز عنده أخذ الأجرة علی تحملها و أما الأداء فإنه واجب علی الکفایة إجماعا حکاه المصنف فی قضاء الکتاب (و لیعلم) أن إطلاق الأصحاب و الأخبار یقضی بعدم الفرق فی التحمل و الأداء بین کونه فی بلد الشاهد و غیره مما یحتاج إلی سفر طویل أو قصیر مع الإمکان هذا من حیث السعی أما المئونة المحتاج إلیها فی السفر من الرکوب و غیره فلا یجب علی الشاهد تحملها بل إن قام بها المشهود له و إلا سقط الوجوب کماء الغسل و ثمنه و ثمن الکفن فی تغسیل المیّت و تکفینه فلا یجب من مقدماته إلا السعی و العمل و ذلک لا یدل علی أن الواجب الکفائی مطلقا لیس مطلقا و إلا لوجبت مقدمته مطلقا بل یدلّ علی أن مقدمته تجب علی نحو وجوبه فلیتأمل (و لیعلم) أن وجوب الانتقال علی الشاهد من مکانه إنما هو إذا تعذر أو تعسر شاهد الفرع مع عدم المشقة و مع بذل المئونة کما عرفت و المدار فی المنع من أخذ الأجرة إنما هو علی صفة الوجوب دون مجرد صدق اسم الشهادة و یجوز الاحتیال بإیقاع الإجارة علی أعمال خارجة أو علی الوصول إلی مواضع خاصة کما یفعله بعض قضاة العجم لکنه فعل الأراذل
(قوله رحمه اللّٰه) (تلقی الرکبان مکروه علی رأی)
موافق للمقنعة و المراسم ذکر فیهما فی آخر الباب و النهایة و الوسیلة و الشرائع و النافع و التذکرة و المنتهی و المختلف و التحریر و الإرشاد و شرحه للفخر و إیضاحه (و الإیضاح خ ل) و اللمعة و التنقیح و المیسیة و الروضة و قیل به أو میل إلیه فی المسالک و مجمع البرهان و فی إیضاح النافع ما نصه و ادعی الشیخ الإجماع علی عدم تحریمه و هو کذلک بالنسبة إلی الشیخ لأن الخلاف إنما نشأ بعده و هذا الإجماع لم أجده و ستسمع ما وجدناه لکن یشهد له ما فی نهایة الإحکام من قوله تلقی الرکبان مکروه عند أکثر علمائنا و لیس حراما إجماعا و لا ینافی هذا الإجماع ما فی التذکرة من قوله تلقی الرکبان منهی عنه إجماعا و هل هو حرام أو مکروه الأقرب الثانی لأن العامة قد روت «إلخ» فلعل المراد بالإجماع الإجماع من العامة و الخاصة علی النهی بالمعنی الأعم فعندهم حرام و عند أکثرنا أو عندنا لیس حراما و المصنف فی المختلف حمل قول الشیخ فی المبسوط و الخلاف لا یجوز تلقی الجلب «إلخ» علی الکراهیة قال لأنه کثیرا ما یستعمل لفظة لا یجوز فی المکروه مع أنه صرح فی النهایة بالکراهیة انتهی فإن (فإذا خ ل) صح ذلک انطبق إجماع الخلاف علی ذلک و علیه ینزل قوله فی الغنیة نهی «إلخ» بل علمت أن لا مخالف قبل عصر الشیخ فقد یدعی إجماع المتقدمین إلا ما قد حکی عن ابن الجنید الذی لا یزال موافقا للعامة غالبا (و أما أخبار الباب) فهی خمسة أخبار خبر عروة و أخبار منهال القصاب الثلاثة و ما أرسله فی الفقیه عن رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله و سلم و هی محمولة علی التقیة لأن الصادق علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 102
و هو الخروج إلی الرکب القاصد إلی بلد للشراء منهم من غیر شعور منهم بسعر البلد (1)
______________________________
السلام أسند النهی عن ذلک إلی رسول اللّٰه صلّی اللّٰه علیه و آله فی أحد أخبار منها فیکون الآخران کذلک مرویین بالمعنی و الباقر علیه السلام فی خبر عروة قال (قال) رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لا یتلق أحدکم تجارة خارج المصر فإسناد ذلک إلی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فی أخبار الباب من أوضح الشواهد علی التقیة مع إطباق العامة علی التحریم یظهر ذلک عند التثبت و الرویة و إلا فما کان أساطین أصحابنا لیعرضوا عنها و قد رویت فی الجوامع العظام الثلاثة متفقة علی النهی عن ذلک و هو حقیقة عندهم فی التحریم مع عدم المعارض سوی الأصل الذی هو أضعف شی‌ء بالنسبة إلیها مع اعتبارها و قوتها و اشتهارها عند الخاصة و العامة. إن ذلک غیر معقول. و القاعدة الأصولیة قضت علیهم بالقول بالکراهیة و هی أن کلما علم صدوره للتقیة یجوز العمل به کراهیة و ندبا کالوضوء للمذی و نحو ذلک کما حرر فی محله (و أما القائلون) بالحرمة فهم التقی و القاضی علی ما نقل عنهما و ابن إدریس و المصنف فی المنتهی علی ما حکی عنه و المنقول من عبارته ما سمعت و ستسمع أیضا و الشهید فی الدروس فی آخر کلامه و المحقق الثانی فی حواشیه الثلاثة و قد حکاه فی الریاض عن ظاهر الدروس و کأنه لم یلحظ آخر کلامه فإنه صریح فی الحرمة و الأمر سهل (و قد) سمعت ما فی الغنیة و ما فی المبسوط و الخلاف من قوله فیهما لا یجوز و دعوی الإجماع فی الثانی للأخبار المذکورة و لو لا أن تکون فی أعلی درجات القوة و الشهرة حتی عند العامة ما عمل بها ابن إدریس الذی لا یعمل إلا بالقطعیات فی زعمه و إذا کانت فی هذه الدرجة فما بال المتقدمین أعرضوا عنها من جهة التحریم و هلا عملوا بها کمن تأخر عنهم و هی منهم خرجت بعد أن قلبوها ظهرا لبطن و یلزم القائلین بالتحریم بطلان البیع (قولک) النهی توجه إلی أمر خارج (غیر صحیح) لقوله علیه السلام لا تلق و لا تشتر ما یتلقی و لا تأکله فإن المتبادر من النهی عن الأکل رجوع النهی إلی نفس المعاملة أو جزئها و قد أجمعوا جمیعا علی أنه ینعقد کما ستسمع (و الغرض) أن الواجب علی الفقیه إمعان النظر فی مساقط الأخبار و تتبع الفتاوی و الإجماعات و تحسین الظن بالمتقدمین و ملاحظة الاعتبار و بعد ذلک یجری علی الأصول و إلا فکل أحد یظهر له بادئ بدء أن الحکم بالتحریم أظهر کما صنع بعض من تأخر عمن تأخر
(قوله قدس سره) (و هو الخروج إلی الرکب القاصد إلی بلد للشراء منهم من غیر شعور منهم بسعر البلد)
قد اشتمل هذا التعریف علی حدود کلها مستفادة من الأخبار منها تحقق مسمی الخروج من البلد فلو تلقی الرکب فی أول وصوله إلی البلد لم یثبت الحکم کما فی التحریر و الروضة فکأنهما ظنا أنه لا یندرج فی التلقی (و لعل) الأقرب اندراجه تحت النهی نعم لو تلقی فی أول السوق لم یکره لأنه صار فی محل البیع و الشراء کما فی نهایة الإحکام (و منه یعلم) حال ما إذا صار بعض الرکب فی البلد و قضیة تنکیر البلد فی کلام المصنف أنهم لو لم یکونوا قاصدین البلد بل فی قصدهما «1» غیرها کره الخروج إلیهم و هو الذی یعطیه قوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فی خبر عروة لا یتلق أحدکم تجارة خارجة عن المصر و نحوه قوله علیه السلام (لا تلق) فی الأخبار الأخر لکن المتبادر إلی الفهم منها بلد الخروج کما یعطیه تعریف البلد فی بعض العبارات الأخر و هو الموافق للاعتبار بل لا یصدق علی ذلک أنه تلق (و منها) کون الخروج بقصد ذلک فلو خرج لا لذلک
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر قصدهم (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 103
و ینعقد (1) و مع الغبن الفاحش یتخیر المغبون علی الفور علی رأی (2)
______________________________
لم یکره کما سینبه علیه المصنف من قوله و لا یکره لو وقع اتفاقا و لا إذا کان الخروج لغیر المعاملة لعدم صدق التلقی و قد نص علی ذلک جم غفیر و کذا لو تلقی و لم یعامل أو خرج قاصدا ثم ندم و عزم علی العدم ثم عامل «فلیتأمل» و کذا لو خرج لا للمعاملة لکن الباعة التمسوا منه الشراء مع علم منهم بسعر البلد و بدونه (و منها) إرادة الشراء منهم فلو باع علیهم المأکول و العلف لم یکره کما فی الروضة نعم لو باع علیهم غیر ذلک کره کما سینص علیه بقوله و لا فرق بین الشراء منهم و البیع علیهم و قد نص علی ذلک أیضا فی التحریر و التذکرة و الدروس و التنقیح و جامع المقاصد و غیرها و کأنهم فهموه من عموم قوله علیه السلام لا تلق و نهی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن التلقی لکن فی خبر عروة لا یتلق أحدکم تجارة فکان مقیدا فلعلهم فهموه من العلة أعنی قوله المسلمون یرزق اللّٰه بعضهم من بعض «فتأمل» (و لهذا) قال فی نهایة الإحکام و لو تلقی الرکبان و باع منهم ما یقصدون شراءه فی البلد احتمل مساواته التلقی فی الشراء لتفرده بالرفق الحاصل منهم و عدمه لأن النهی إنما ورد علی الشراء (قلت) و هو الظاهر من عبارات القدماء (و لعله) لذلک اقتصر جماعة علی ذکر أن الخیار للبائع کالشیخ فی المبسوط و الخلاف و ابن إدریس فی السرائر و المحقق فی الشرائع و المصنف فی الإرشاد و اعتذر عنهم فخر الإسلام فی شرح الإرشاد بأن المتلقی غالبا عارف بسعر البلد و هو اعتذار غیر نافع لأن الغرض ما إذا اشتروا و لم یعلموا لا ما إذا اشتری منهم متلق و کان مغبونا فإن ذلک حکم آخر لسنا بصدده لکن الکراهیة مما یتسامح بها لکن الإشکال یقوی عند القائل بالتحریم (و منها) عدم علمهم بسعر البلد کما فی التحریر و غیره و هو کثیر و هذا یمکن فهمه من العلة المشار إلیها و إن لم یصرح بها (به خ ل) فی الأخبار فیخرج منه ما إذا خرج بانیا علی أخبارهم بحقیقة الحال أو علی اشتراط الخیار لهم و الاعتبار بعلم من یعامله خاصة و قد یشترط علم المتلقی بالنهی لمکان العلة المذکورة و هل یدخل الصلح و غیره من العقود المملکة ظاهر العلة یقتضی ذلک کما هو خیرة جامع المقاصد و إلیه مال الأردبیلی (و منها) کون الخروج أربعة فراسخ کما ستسمع
(قوله قدس سره) (و ینعقد)
إجماعا کما فی ظاهر الخلاف أو صریحه و ظاهر المنتهی و علیه أکثر علماء الإسلام کما فی جامع المقاصد و کل من قال له الخیار قال بالانعقاد کما ستسمع و البیع صحیح علی التقدیرین خلافا لابن الجنید کما فی الدروس و نحوه ما فی إیضاح النافع (و الحاصل) أنی لم أجد إلا مصرحا بالصحة أو ساکتا و هو قلیل و لم أجد مخالفا إلا ما یحکی عن أبی علی (و لعله) لما أشرنا إلیه آنفا من تبادر رجوع النهی إلی المعاملة من قوله علیه السلام لا تشتر ما یتلقی و لا تأکله فالنهی فی الأخبار توجه إلی المعاملة و إلی التلقی الخارج عنها فما فی المسالک و غیرها من أن النهی عن أمر خارج عن حقیقة البیع غیر صحیح نعم صاحب السرائر قال ذلک لکنه استند فی أصل المسألة إلی الأخبار الناهیة عن التلقی فقط فصح له ذلک لأنها معروفة عند الفریقین فمن قال بالتحریم یلزمه الفساد مع أنه صرح بالصحة هنا کصاحب السرائر و غیره ممن وافقه علی القول بالتحریم (إلا أن تقول) لعله ممن یقول إن النهی فی المعاملة لا یقتضی الفساد (فنقول) إن أکثرهم ممن یقول بالاقتضاء و هم و إن اختلفوا فی المسألة فی أصولهم إلا أنهم فی الفقه متفقون علی الاقتضاء إلا ممن شذ کما یظهر للمتتبع إلا أن یستند إلی الإجماع علی الصحة
(قوله قدس سره) (و مع الغبن الفاحش یتخیر المغبون علی الفور علی رأی)
أما أنه یتخیر مع الغبن فهو صریح المبسوط و النافع و نهایة الإحکام و الإرشاد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 104
و لا فرق بین الشراء منهم و البیع علیهم و لا یکره لو وقع اتفاقا و لا إذا کان الخروج لغیر المعاملة
______________________________
و شرح فخر الإسلام و اللمعة مع الاقتصار علی ذکر البائع ما عدا النافع و اللمعة قال فی النافع و یثبت الخیار إن ثبت الغبن و فی المختلف الإجماع علی تخییر البائع مع الغبن و لا یفرق فی ذلک بین کون البائع أو الوکیل «1» و یأتی للمصنف فی باب الوکالة أنه إذا کان البائع وکیلا و کان هناک غبن یقع فضولیا صرح به فی الکتاب و الإرشاد و لا ثالث لهما و فی الخلاف و الغنیة و السرائر و الدروس الاقتصار علی أن الخیار للبائع من دون تقیید بغبن نعم فی الأخیرین التصریح بالفور بل فی الدروس أنه یتخیر الرکب وفاقا لابن إدریس و مع الغبن یقوی ثبوته (و فیه) شهادة علی ما فهمناه و قولهم موافق للاعتبار و لا سیما علی القول بالتحریم و قد یستفاد من فحوی الأخبار کقوله علیه السلام لا تشتر ما یتلقی و لا تأکل و إلا فلا مزیة للنهی تحریما أو کراهیة «فتأمل» و أما أنه یتخیر المغبون مع الرکب بائعا کان أو مشتریا من المتلقی مع الغبن الفاحش (فمما) لا ریب فیه فی الأول لما سمعت من الإجماع و لعله کذلک فی الثانی و إنما الکلام فیما إذا لم یکن غبن فهل یتخیر المشتری من الرکب کالبائع عند القائل به له من دون غبن أم لا الظاهر عندهم العدم بل ظاهرهم أن لا کراهة و لا تحریم هاهنا کما قد سمعت (و لیس) للتخییر ذکر فی المقنعة و النهایة و المراسم (و المراد) بالغبن الفاحش حصول التفاوت الذی لا یتسامح بمثله أهل العرف حین إیقاع الصیغة من دون ملاحظة قیمة البلد أو مع ملاحظتها حین إیقاع الصیغة أو حین دخوله و الأول أوفق بمذاق الأصحاب فی خیار الغبن و الأخیر أوفق بأخبار الباب و التفاوت کذلک قد یکون لعدم التعادل بحسب الذات أو الزمان أو المکان أو خصوص تلک المعاملة دون باقی المعاملات أو خصوص تلک السلعة فی حقه لا بالنسبة السوقیة دون غیرها من السلع إلی غیر ذلک من الجهات (و أما أنه علی الفور) فهو خیرة المبسوط و الوسیلة و السرائر و نهایة الإحکام و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة کل علی حسب ما اختار من کونه لهما أو للبائع فقط مع الغبن أو بدونه لکن فی الثلاثة الأول التقیید بما إذا أمکنه و فی الأولین أنه إذا أخر لغیر عذر بطل خیاره و لعل کل هؤلاء یقولون بذلک کما یقولون بمثل ذلک فی سائر الفوریات کالشفعة و نحوها (و لعلهم) یقولون بعذر الجاهل و المؤخر إلی الصبح و نحو ذلک مما قالوه فی الشفعة و لا دلیل لهم علی خیار الغبن الذی یذکرونه فی الخیارات بعد الإجماع إلا أخبار المسألة و أخبار أخر مرسلة و عموم لا ضرر و لا ضرار «2» (و حجتهم) فی المقام الاقتصار علی ما خالف الأصل علی موضع الیقین و مقدار الضرورة و احتج المحقق الثانی بأن العموم فی أفراد العقود یستتبع الأزمنة و إلا لم ینتفع بعمومه و قضیة کلامه أن الاستصحاب یمنع منه العموم فی الأزمان لأنه یصیر من قبیل إذا قال المولی لعبده صم کل یوم ثم قال له بعد ذلک أفطر یوم الجمعة مثلا فإنه لا یستصحب الإفطار بعد یوم الجمعة (فحاصله) أنا و إن قلنا إن العموم لا یعارض الاستصحاب إذ ما من استصحاب إلا و یعارض عموما فی الجملة لکن العموم فی الأزمان یجعله من قبیل الموقت فلا یجری فیه الاستصحاب و لما کان العموم فی لزوم أفراد العقود یستتبع الأزمنة صار کالعموم فی الأزمان فلیتأمل جیدا (بل نقول) إن الاستصحاب لا یحکم علی الدلیل و لا یعارضه و إنما یجری فیما إذا تعلق الحکم بالذوات «3» فیکون متعلق الاستصحاب غیر متعلق الدلیل
______________________________
(1) الظاهر أن صحیح العبارة هکذا «و لا یفرق بین کون البائع المالک أو الوکیل» (مصححه)
(2) إضرار خ ل
(3) بالذات خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 105
و حده أربعة فراسخ فإذا زاد لم یکن تلقیا (1)
______________________________
فلا یضعف عن الحجیة و لیس فی الأخبار ما یفید ثبوت الخیار علی الاستمرار فثبوته هنا کثبوت بعض الأشیاء فی مقام الضرورة للمحرم و الصائم (ثم إن) الخیار تابع للضرورة فإذا انتفی الضرر و هو المتبوع کیف یبقی التابع و هو الخیار فلیس حینئذ للاستصحاب معنی فیبطل القول بالتراخی لکنهم قالوا فی باب الإجارة فیما إذا انهدمت الدار فللمستأجر الخیار و إن بادر المالک إلی الإعادة فالأقرب بقاء الخیار و المسألة مفروضة فی کلامهم فیما إذا بقی الانتفاع فی الدار فی الجملة و ستسمع کلامهم فیما إذا دفع الغابن ما غبن به «فلیلحظ ذلک و لیتأمل فیه» و فی الشرائع و التحریر و الإیضاح أنه علی التراخی و قواه فی التنقیح و فی إیضاح النافع أنه أحوط و لم یذکر الفور فی الإرشاد و مجمع البرهان و شرح فخر الإسلام و کأنهم موافقون للشرائع (و حجتهم) أن ثبوت أصل الخیار إجماعی کما فی المسالک فیستصحب إلی أن یثبت المزیل و فی المسالک أنه وجیه و قد قوی الفوریة قبل ذلک کما سمعت (و فیه) أن کل استصحاب متعلق بالغیر جعل له الشارع مخرجا و المخرج عنه القاطع له فی المقام إما التصرف أو الرضا أو الحاکم فلو أن المغبون لم یتصرف فیه و لم یرض و لا حاکم لزم أن یبقی خیاره ما دامت الذات بل لو تلفت لأنه حینئذ یرجع إلی المثل أو القیمی (و من المعلوم) أن القائلین بالتراخی لا یقولون به فعلم أنه لا یجوز بالاستصحاب فی المقام و ما عساک «1» تقول ینتقض علیک ذلک بخیار العیب و التأخیر (لأنا نقول) یمکن إبداء الفرق و قد نسب صاحب الریاض القول بالتراخی إلی الشیخ و أنه قیده بثلاثة أیام کالتحریر و لم أجده له فی المبسوط و لا فی الخلاف بل صرح فی المبسوط فی آخر المسألة بالفوریة کما سمعت من دون تقیید بشی‌ء (و أما) النهایة فقد عرفت أنه لم یتعرض فیها للخیار أصلا و لم أجد فی التحریر ما حکاه بل صرح فیه بأنه لیس علی الفور و لعلهما ذکرا ذلک فی موضع آخر نعم قال فی الإیضاح الفور مذهب الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس و قیل ثلاثة أیام لأنه خیار تدلیس «انتهی» و لم ینسبه إلی الشیخ و لا إلی والده فی التحریر (و لعل) صاحب الریاض عول علی ما فی التنقیح و هو غیر صحیح لما وجدناه فی النسخ الصحیحة و حکاه عنه صاحب الإیضاح و غیره و الأمر سهل
(قوله رحمه اللّٰه) (و حده أربعة فراسخ فإذا زاد لم یکن تلقیا)
إجماعا کما فی الخلاف نقله علی هذه العبارة و هو ظاهر الغنیة حیث قال عندنا و المنتهی حیث قال حد علماؤنا التلقی بأربعة فراسخ فکرهوا التلقی إلی ذلک الحد فإن زاد کان تجارة و لم یکن جلبا و هو ظاهر العبارات کما فی مجمع البرهان (قلت) و هو صریح جملة وافرة منها و لم أجد مخالفا سوی صاحب الوسیلة قال إلی خارج البلد دون أربعة فراسخ و لعل نظره إلی أحد أخبار منهال (قال) قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام لا تلق فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن التلقی قلت و ما حد التلقی قال ما دون غدوة أو روحة قلت و کم الغدوة و الروحة قال أربعة فراسخ قال ابن أبی عمیر ما فوق ذلک فلیس بتلق (و فیه أولا) أنه معارض بالتحدید بالروحة فی خبر منهال الآخر المفسرة بالخبر الذی هو دلیل ابن حمزة الذی سمعته بالأربعة فراسخ و به عمل الأصحاب (و ثانیا) أن الحصول علی رأس الأربعة بلا زیادة و لا نقصان نادر و دون الروحة یصدق بجزء لا یتجزأ مع أنه غیر معتبر و قد یشعر کلامهم فی المقام بأن الأربعة مسافة (و قد) یظهر من
______________________________
(1) و عساک خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 106
و النجش حرام و هو الزیادة لزیادة من واطأه البائع و مع الغبن الفاحش یتخیر المغبون علی الفور علی رأی (1)
______________________________
ذلک إلحاق الأربعة بالزائد دون الناقص فمتی انتهی إلی الأربعة دخل فی الزائد کما هو صریح بعض و علیه ینزل کلام غیره و هو الأوفق بجمع الأخبار و لو کان له طریقان فسلک أقصرهما لزمته الکراهیة و لو قصد الحد فصادفه دونه لم یکن تلقیا أو قصد دونه فبلغه فقد فعل مکروها فی قطع الطریق و لم تکره المعاملة و مثله لو قصد رکبا مخصوصا فصادف غیره و جاهل المسافة متلق. و قاصد ما فوق المسافة عازما علی المعاملة فیما دون (فیه وجهان) و لا یبعد کونه متلقیا و مثله من تلقاهم لإظهار المحبة لیسامحوه فی المعاملة فی البلد و لا یبعد أنه غیر متلق و من أجری الصیغة و لم یقبض متلق علی الظاهر
(قوله رحمه اللّٰه) (و النجش حرام و هو الزیادة لزیادة من واطأه البائع و مع الغبن الفاحش یتخیر علی الفور علی رأی)
أما حرمة النجش فقد حکی علیها الإجماع فی جامع المقاصد و المنتهی فیما حکی عنه و فی المهذب البارع لا أعرف فیه خلافا بین الأصحاب و به صرح فی المبسوط و السرائر و التذکرة و المختلف و التحریر و الدروس و إیضاح النافع و المیسیة و غیرها للمروی فی المبسوط و معانی الأخبار و غیرهما (من قوله صلی اللّٰه علیه و آله) لا تناجشوا و لا تدابروا مضافا إلی أنه غش و خیانة و تدلیس و ظلم و إضرار و فی الشرائع و النافع و الإرشاد أنه مکروه و کذلک کشف الرموز علی الظاهر منه و التنقیح و لم یتعرض فی الخلاف لحرمة و لا کراهیة و ما زاد فی الغنیة عن قوله نهی و ظاهره التحریم و قد تصرف الکراهیة فی کلامهم إلی التکسب بالنجش و البیع معه أو إلی القدر المزاد لمکان النجش و بذلک یصح نفی الخلاف من أبی العباس (و أما) مدعی الإجماع فلا علیه مع قطعه بالحکم الواقعی (و أما قوله) و هو الزیادة لزیادة من واطأه البائع فمثله عبارة الشرائع و المختلف (و یحتمل) أن یراد بالزیادة الأولی فی کلامهم القدر المزاد و إلا فالزیادة من المغرور لیست مکروهة و لا حراما و قد یکون المراد التعریف بالغایة فیکون عبارة عن الزیادة الأولی التی هی سبب للثانیة فتأمل و عبارة الشرائع قابلة للتأویل بغیر ذلک لأنه قال أن یزید لزیادة من واطأه البائع بأن یکون فاعل یزید الموصول أعنی من «فتأمل» و الأولی فی تعریفه کما ذکره جماعة أنه الزیادة فی السلعة ممن لا یرید شراءها لیحض غیره علیه و إن لم یکن بمواطاة البائع (و أما قوله) مع الغبن الفاحش یتخیر علی الفور علی رأی فقضیته أن البیع صحیح و قد نفی عنه الخلاف فی الخلاف و به صرح فی المبسوط و الغنیة و سائر ما تأخر و أبطله أبو علی إن کان بمواطاة البائع و فی المبسوط و الخلاف و کشف الرموز و إیضاح النافع أن لا خیار للمشتری و لا ریب أنهم یقولون به مع الغبن الفاحش سواء کان نجش أم لا فلا خلاف قطعا بینهم و بین المصنف فی کتبه حیث أثبته مع الغبن الفاحش لأن کلامه عائد إلی ما قاله الشیخ و لذلک لم یتعرض لذکر الخیار جماعة کالمحقق فی کتابیه و غیره. فجعل المسألة خلافیة فی ذلک کما فی الریاض و المسالک و غیرهما مما لا وجه له (و إنما) الخلاف مع القاضی حیث أثبت الخیار مع الغبن و غیره و الظاهر جریان النجش فی سائر المعاوضات تنقیحا للمناط و تعویلا علی ما فی المصباح المنیر و قد یلوح ذلک من عبارة القاموس فیدخل تحت الخبر و فیما لو قال أعطیت بهذه السلعة کذا فصدقه المشتری و اشتری ثم تبین له خلاف ذلک و یبقی الکلام فیما إذا واطأه علی ترک الزیادة لیشتری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 107

[الثانی یحرم الاحتکار علی رأی]

الثانی یحرم الاحتکار علی رأی (1) و هو حبس الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن و الملح (2)
______________________________
بالثمن القلیل مثلها فلیتأمل فی ذلک و الظاهر أنه من النجش أیضا و نحوه و مواطاة المشتری فی دفع الزائد إلیه و الذهاب عنه لیمتنع من بیعه حتی ینقضی السوق فیشتریه بأبخس ثمن إلی غیر ذلک من أسباب الخدائع و الحیل
(قوله رحمه اللّٰه) (و یحرم الاحتکار علی رأی)
الاحتکار حبس الطعام لانتظار الغلاء کما فی الصحاح و المصباح و مجمع البحرین و کذا النهایة و لم یذکر الطعام فی القاموس و فی جامع المقاصد الإجماع علی أن الاحتکار إنما یتحقق إذا استبقاها للزیادة و فی نهایة الإحکام الإجماع أن لا احتکار فی غیر الأقوات فقد عرفت معنی الاحتکار و محله و الاحتکار منهی عنه إجماعا کما فی نهایة الإحکام و مراده ما هو أعمّ من المکروه بقرینة ما بعده و قد حکم المصنف بأنه حرام وفاقا للمقنع و الفقیه فی ظاهره و الهدایة للصدوق علی ما نسب إلیها و الإستبصار و السرائر و التحریر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و هو قوی کما فی التنقیح و المیسیة و هو المنقول عن القاضی و الحلبی فی أحد قولیه و المنتهی للأخبار الدالة علی الحرمة منها الجالب مرزوق و المحتکر ملعون و نحوه فی لعنه غیره و خبر المحاسن (المجالس خ ل) ثم باعه فتصدق بثمنه لم یکن کفارة لما صنع و خبر قرب الإسناد کان ینهی عن الحکرة و ما فی نهج البلاغة إلی مالک الأشتر و خبر ورام عن النبی عن جبرئیل علیه السلام أن وادیا فی جهنم لثلاثة المحتکرین و المدمنی الخمر و القوادین مضافا إلی استلزامه الضرر علی المسلمین و إلی إجباره علی البیع «فتأمل جیدا» و قد ینزل کلام المحرمین علی الاحتکار المؤدی إلی الاضطرار و لا یکون المراد بالتعذر فی کلامهم ما یعم التعسر کما ستسمع (و القول) بالکراهیة خیرة المقنعة و النهایة و المبسوط و المراسم و الشرائع و النافع و الإرشاد و المختلف و إیضاح النافع و هو المنقول عن التقی فی القول الآخر للأصل بمعنیه و بمعنی القاعدة أعنی قاعدة تسلیط الناس علی أموالهم و قصور الروایات سندا و دلالة مع اختلافها فی تعداد ما یجری فیه الاحتکار فقد عد فی بعض أربعة و بعض خمسة و فی بعض ستة و أما الصحیح الذی فیه إیاک أن تحتکر فالمنع للمخاطب به و هو حکیم ابن حزام و الخاطی فی بقیة الأخبار لا یستلزم التحریم مع إشعار بعض الصحاح بالجواز علی کراهیة قال إن کان الطعام کثیرا یسع الناس فلا بأس و إن کان قلیلا لا یسع الناس فإنه یکره أن یحتکر و یترک الناس لیس لهم طعام حیث عدل عن قوله لا یجوز إلی قوله یکره ففیه دلالة علی أن الکراهة بالمعنی المتعارف الآن
(قوله رحمه اللّٰه) (و هو حبس الحنطة و الشعیر و التمر و الزبیب و السمن و الملح)
أما ما عدا الملح فإجماعی کما فی کشف الرموز و ظاهر السرائر حیث قال عند أصحابنا و مجمع البرهان حیث قال لا خلاف و قد نص علی ذلک فی النهایة و المبسوط و السرائر و ما تأخر عنها للموثق و خبر قرب الإسناد (و أما الملح) فقد نص علیه فی المبسوط و الوسیلة و التذکرة و نهایة الإحکام و لعله لما قد یستفاد من العلة و لأن حاجة الناس إلیه أشد مع توقف أغلب المآکل علیه و لذلک جعله اللّٰه سبحانه موجودا فی کل مکان بأرخص قیمة کالماء و لا بأس بذلک إن قلنا بالکراهیة و إلا فالأصل متین مع عدم کونه ضروریا و فی الریاض أن العلامة فی القواعد قوی دخوله فکأنه سهی قلمه الشریف إذ هو قاطع به کالحنطة و زید فی المقنع و الخصال و الدروس و اللمعة و الروضة الزیت و فی إیضاح النافع علیه الفتوی و استحسنه فی المسالک و فی التحریر فیه روایة حسنة و فی جامع المقاصد لا بأس بها (قلت) فیه خبر الخصال و الموثق فی الفقیه مضافا إلی مفهوم الصحیح أو الحسن عن الزیت إن کان عند غیرک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 108
بشرطین الاستبقاء للزیادة و تعذر غیره (1) فلو استبقاها لحاجة أو وجد غیره لم یمنع (2)
______________________________
فلا بأس بإمساکه فتأمل لکن ظاهر کل من ترکه أن لا احتکار فیه و أظهر من ذلک عبارة النهایة و السرائر أن لا حکرة فیما عدا هذه الأجناس و حکی مثل ذلک عن القاضی و فی المقنعة و المراسم الاقتصار علی ذکر الأطعمة و عن أبی الصلاح الاقتصار علی الغلات و لو لا ما فی النهایة و السرائر و غیرهما من نفی الحکرة فیما عدا الخمسة لأمکن تنزیل النص و الفتوی علی المثال لا علی التقیید فتعم الکراهیة غیر ما ذکر و تخص بعض الأفراد فلا احتکار فی الزیت علی هذا إلا فی الشامات خاصة
(قوله رحمه اللّٰه) (بشرطین الاستبقاء و تعذر غیره)
کما یستفاد من المقنعة و المراسم و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و غیرها فبعض صریح و بعض کالصریح بل الاستبقاء مأخوذ فی مفهوم الاحتکار فیکون تسمیته شرطا مجازا و قد یکون الثانی کذلک و زاد فی جامع المقاصد الاحتیاج إلی شرائها و هو واضح و زاد فی نهایة الإحکام أن یکون قد اشتراه فلو جلب أو ادخر من غلته فلا بأس و هو المحکی عن ظاهر المنتهی (و قد) مال إلیه فی جامع المقاصد أو قال به (للصحیح) الحکرة أن یشتری طعاما لیس فی المصر غیره و مثله خبر المحاسن (المجالس خ ل) الذی أشرنا إلی بعضه أیما رجل اشتری طعاما «الخبر» و یحتملان أن یکونا وردا مورد الغالب فالتعمیم أجود وفاقا لإطلاق الأکثر و تصریح البعض کما ستسمع و التفاتا إلی مفهوم التعلیل فی الصحیح المذکور و الصحیح الآخر یکره أن یحتکر و یترک الناس لیس لهم طعام و من ذلک یظهر وجه التقیید بالشرطین الذین ذکرهما المصنف و کذا ما شرط فی جامع المقاصد و یدل علیه خبر سالم الحناط حیث قال له علیه السلام أ یبیعه أحد غیرک قلت ما أبیع أنا من ألف ألف جزء جزءا قال لا بأس «الحدیث» و زاد فی نهایة الإحکام أیضا أن یکون قوتا فلا احتکار فی الإدام کالعسل و لا علف البهائم و زاد أن یضیق علی الناس بشرائه قال و لا یحصل ذلک إلا بأمرین أن یکون فی مثل الحرمین الشریفین (أما) البلاد الواسعة الکثیرة المرافق و الجلب کبغداد و مصر فقل أن یفرض ذلک فإن فرض کان منهیا عنه و أن یکون فی حال الضیق بأن یدخل إلی البلد قافلة فیبادر أصحاب الیسار فیشترونها و یضیقون علی الناس أما إذا اشتراه فی حال الرخص بحیث لا یضیق علی أحد فلا بأس فإن تجدد الضیق وجب البذل «انتهی» و حاصله أن یضیق علی الناس بشرائه و لو لم یکن بفعله ضیق أو کان ببقائه لا بابتدائه لم یکن احتکارا و قد عرفت أن الأکثر بین معرف له بحبس الخمسة أو الستة أو السبعة للبیع و انتظار الغلاء و التعریف بالحبس المذکور وقع فی النهایة و السرائر و النافع و التذکرة و التحریر و کشف الرموز و الدروس و التنقیح و الروضة و کذا الشرائع و فی المقنعة احتباس الأطعمة مع حاجة الناس إلیها و نحوه المراسم إلی غیر ذلک و قد یکون فی نهایة الإحکام استند إلی قول الصادق علیه السلام کان رجل من قریش یقال له حکیم ابن حزام کان إذا دخل الطعام المدینة اشتراه کله فمر علیه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم «الحدیث» و قد یمکن تحصیله من الأخبار الأخر بنوع من الاعتبار بناء علی اشتراط الشراء «فلیتأمل» و قد یراد أن لا یکون له مانع من بیعه وقت الرخاء فینتظر الغلاء و أن لا یکون ینتظر زیادة الأجر
(قوله قدس سره) (و لو استبقاها لحاجة أو وجد غیره لم یمنع)
کما هو صریح جماعة و مفهوم کلام آخرین و لا ریب فی جواز الاستبقاء من دون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 109
(و قیل) أن یستبقیها ثلاثة أیام فی الغلاء و أربعین فی الرخص (1) و یجبر علی البیع (2) لا التسعیر علی رأی (3)

[الثالث لو دفع إلیه مالا لیفرقه فی قبیل و کان منهم]

(الثالث) لو دفع إلیه مالا لیفرقه فی قبیل و کان منهم فإن عین اقتصر علیه و إن خالف ضمن و إن أطلق فالأقرب تحریم أخذه منه (4)
______________________________
کراهیة إن کان لقوته أو لوفاء دینه و محل الإشکال إن أرید الإطلاق کقصد زرعه لمکان الإطلاقات من النص و بعض الفتاوی و إشعار التعلیل المتقدم فی النص فالمنع محتمل لکن فی التحریر و نهایة الإحکام و التنقیح أن لا منع و به یشعر إجماع جامع المقاصد الذی نقلنا حکایته فی صدر المسألة بل کل عبارة قید فیها الحبس للبیع أو انتظار الغلاء تکون موافقة للقائل بعدم المنع «فتأمل» و لو وجد غیره باذلا ترتفع به الحاجة فلا منع للأصل و ظواهر الأخبار
(قوله قدس سره) (و قیل أن یستبقیها ثلاثة أیام فی الغلاء و أربعین فی الرخص)
هذا قول الشیخ فی النهایة و القاضی فیما حکی و ابن حمزة فی الوسیلة و کأن الشهید فی الدروس و حواشیه علی الکتاب حاول الجمع بین ما فی المقنعة و غیرها من أن حده و غایته احتیاج الناس إلیه و بین قول الشیخ و من وافقه علی العددین حیث قال و الأظهر تحریمه مع حاجة الناس إلیه و مظنتها الزیادة علی ثلاثة أیام فی الغلاء و أربعین فی الرخص للروایة و نحو ذلک ما فی إیضاح النافع من أنه یؤدی إلی الغلاء غالبا ثم قال إنه غیر بعید من الصواب و الروایة التی أشیر إلیها فی الدروس روایة السکونی و مثلها فی الأربعین روایة مجالس الشیخ و الظاهر أنهم یعتبرون الشرطین المذکورین أیضا فی کلام المصنف و جماعة (و الجماعة خ ل)
(قوله قدس سره) (و یجبر علی البیع)
إجماعا کما فی المهذب البارع و لا کلام فیه کما فی إیضاح النافع و لا نعلم فیه خلافا کما فی التنقیح و هو کذلک إذ هو صریح المقنعة و النهایة و کل ما تأخر عنهما مما تعرض له فیه و قد یستدل بذلک علی التحریم و لیس کذلک للاتفاق علیه و الاختلاف فی التحریم. و الجبر قد یکون علی المستحب کزیارة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم «فتأمل»
(قوله قدس سره) (لا التسعیر علی رأی)
إجماعا و أخبارا متواترة کما فی السرائر و بلا خلاف کما فی (عن خ ل) المبسوط و عندنا کما فی التذکرة مع أن فی السرائر و التذکرة نقل الخلاف و التأویل ممکن للأصل و عموم السلطنة و خصوص خبر الحسین بن عبید اللّٰه بن حمزة الصریح بذلک و فی المقنعة و المراسم أنه یسعر علیه بما یراه الحاکم و فی الوسیلة و المختلف و الإیضاح و الدروس و اللمعة و المقتصر و التنقیح أنه یسعر علیه إن أجحف فی الثمن لما فیه من الإضرار المنفی و کأنه قال به أو مال إلیه الکرکی (و قد یقال) إنه مع الإجحاف یؤمر بالنزول عنه و هو و إن کان فی معنی التسعیر إلا أنه لا ینحصر فی قدر خاص کما فی المیسیة و الروضة و المسالک و لعله لأنه لا یسمی تسعیرا ترک ذکره الأکثر و لا یجوز التسعیر فی الرخص مع عدم الحاجة قطعا کما فی الروضة و هل یختص الإجبار و التسعیر أو الأمر بالنزول بالإمام أو نائبه أم یجوز لعدول المسلمین الظاهر الثانی عند عدم التمکن من الوصول إلی الحاکم
(قوله قدس سره) (و لو دفع إلیه مالا لیفرقه فی قبیل و کان منهم فإن عین اقتصر علیه و إن خالف ضمن و إن أطلق فالأقرب تحریم أخذه منه)
أما أنه یجب علیه الاقتصار عند التعیین فقد صرح به الشیخ فی النهایة و أکثر من تأخر عنه و فی الریاض الإجماع علیه و أما أنه إن خالف یضمن فهو مقتضی القواعد و به صرح فی التحریر و لا یرجع علی القابض لو تلف فی یده مع جهله بل لو رجع المالک علیه رجع هو علی الدافع حیث کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 110
..........
______________________________
غارا له (و أما) أنه یحرم علیه أخذه منه إن أطلق فهو خیرة وکالة المبسوط و زکاة السرائر و مکاسب النافع و کشف الرموز و المختلف و التذکرة و جامع المقاصد و إیضاح النافع و وصایا الکتاب و جامع المقاصد و وکالة المبسوط و التحریر و جامع المقاصد فی آخر کلامه و فی النهایة و السرائر فی باب المکاسب و الشرائع و التحریر و الإرشاد و المسالک و الکفایة و المنتهی فیما حکی عنه أنه یجوز له أخذه منه إن أطلق من دون أن یزید علی غیره و فی المسالک هکذا شرطه کل من یسوغ له الأخذ و إلیه مال المولی الأردبیلی و نسب عدم جواز أخذه الزیادة إلی ظاهر المجوزین و قیل إنه أی القول بالجواز ظاهر الکلینی و فی الدروس نسبته إلی الأکثر (و فی) الحدائق أنه المشهور «فتأمل» (و اقتصر) علی نقل القولین فی نهایة الإحکام و الدروس و التنقیح و المهذب البارع و المقتصر و نقل فی المهذب البارع أن منهم من فصل فجوز له الأخذ إن کانت الصیغة (ضعه فیهم) أو ما أدی معناه و منعه إن کان بلفظ ادفعه (و یدفعه) أنه فی المختلف عنون المسألة فی الوضع مضافا إلی اشتراک الجمیع عرفا و نقل فی التنقیح عن بعض الفضلاء أنه إن قال هو للفقراء جاز و إن قال أعطه للفقراء فإن علم فقره لم یجز إذ لو أراده لخصه و إن لم یعلم جاز و هو کما تری «1» (حجة القائل) بالتحریم الأصل بمعنی الاستصحاب و الظاهر بمعنیین (أحدهما) أن الظاهر کون الدافع و المدفوع إلیه غیرین (و الثانی) أن ظاهر الأمر بالدفع إلی الغیر مؤیدا بما قالوه فیمن وکلته أن یزوجها لشخص لا بعینه فزوجها من نفسه و من وکله فی شراء شی‌ء فإنه لا یعطیه من عنده و إن کان ما عنده أحسن و الکل کما تری لأن الأصل یقطع بعد الأدلة بدخوله تحت عموم اللفظ و الأصل عدم التخصیص لعدم المخصص و کونه مخاطبا و دافعا لا یصلح لأن یکون مخصصا و لهذا یدخل مع القرینة کما یدخل صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فی عموم (یا أیها الذین آمنوا) و ما شبه به لیس بجید جدا کما حرر فی محله فإنا نجوز أن یبیعه من عنده و أن یزوجها من نفسه (و أقوی) ما یستدل علیه بمضمرة عبد الرحمن ابن الحجاج قال سألته عن رجل أعطاه رجل مالا لیقسمه فی محاویج أو فی مساکین و هو محتاج أ یأخذ منه لنفسه و لا یعلمه قال لا یأخذ شیئا حتی یأذن له صاحبه (و قد) وسمها جماعة بالصحة و کأنهم لم یلتفتوا إلی الإضمار و فی التحریر رواها مسندة إلی الصادق علیه السلام لکن یمکن حملها علی الکراهیة جمعا بین الأخبار کما سیجی‌ء أو الزیادة علی غیره أو علی ما إذا علم إرادة عدم دخوله بقرینة أو إرادة جماعة معینین (علی أنا) قد نقول بموجبها کما ستسمع ثم إنها مضمرة و ما فی التحریر لم نجده فی غیره و عبد الرحمن رمی بالکیسانیة (و قیل) فیه إنه ثقیل علی الفؤاد و مثل هذا یقال فی مقام التعارض و إن کان الظاهر عندنا توثیقه و جلالة قدره و أن المضمر حجة مضافا إلی أنه روی الجواز أیضا (و حجة القائل بالجواز) مضافا إلی ما سمعت أنه وکیل فهو بمنزلة الموکل فکما یجوز له إعطاؤه یجوز له الأخذ لأن المفروض أنه من أصناف المصرف و هو کما تری و العمدة فی ذلک الأخبار الکثیرة مثل حسنة حسین بن عثمان فقد قال فیها الکاظم علیه السلام یأخذ منه لنفسه مثل ما یعطی غیره و قوله أیضا علیه السلام فی صحیحة عبد الرحمن ابن الحجاج لا بأس أن یأخذ لنفسه کما یعطی غیره قال و لا یجوز له أن یأخذ إذا أمره أن یضعها فی مواضع مسماة إلا بإذنه و لیس فیها إلا محمد بن عیسی عن یونس و هما مقبولان و روایة سعید بن یسار و هی صحیحة واردة فی الزکاة و صحیحة عبد الرحمن الأخری لکن لیس فی هاتین أن یأخذ لنفسه کما یعطی (و هذه) الأخبار لا یجری فیها إلا تأویل واحد بأن یحمل الجواز فیها علی الإذن علی أنه قد لا یجری فی صحیحة ابن الحجاج لقوله بعده و لا یجوز
______________________________
(1) إذ لعله احترمه و أجله عن ذلک (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 111
..........
______________________________
له «إلخ» فإنه یدل علی أن الذی ما أمره أن یضعه فی مواضع مسماة یجوز له أن یأخذ منه من دون التصریح بالإذن (فهذا) التأویل الواحد لا یجری هنا و خبر المنع قد سمعت الوجوه الکثیرة فی تأویله فهذه أخبار کثیرة لا یجری التأویل الواحد فی جمیعها (و هناک) خبر واحد یجری فیه وجوه من التأویل (ثم إنا قد نقول) یمکن الجمع بالإطلاق و التقیید لأن صحیحة عبد الرحمن المجوزة التی کنا فیها دلت علی جواز الأخذ مع عدم المنع و عدم التعیین و أنه لا یجوز له مع المنع و التعیین إلا بالإذن الصریح و أن الإذن الصریح لا یحتاج إلیه إلا مع التعیین فالروایة المانعة من الأخذ مطلقا إلا بالإذن تحمل علی ما إذا کان المحاویج و المساکین معینین و أنها لا تأبی عنه أو تحمل الإذن علی الأعم من الصریح بمعنی «1» أن لا یأتی بما یدل علی الإذن ضمنا أو صریحا قولا أو فعلا و قوله أعط و فرق فی الفقراء یفهم منه إعطاء نفسه لأنه فقیر و لأنه إعطاء و تفریق و یکون الآمر ما أتی بعبارة شاملة له فتأمل و هذا ما وعدنا به من القول بموجبها. و هب أن الثانی موضع تأمل ففی الأول بلاغ مضافا إلی الوجوه الأخر التی منها أنا نقول إن خبرنا هذا و خبر حسین بن عثمان قد دلا علی عدم الجواز إذا أخذ زائدا عما أعطی ما لم یصرح بالإذن و خبرکم دل علی المنع مطلقا ما لم یأذن صریحا فیقید بهذین الخبرین مضافا إلی وحدة الراوی علی أنا قد نحمله علی التقیة لأن کان عبد الرحمن کثیر المخالطة للعامة عارفا بمذاهبهم و کان الإمام علیه السلام یسأله عن قضاة الکوفة کابن شبرمة و ابن أبی لیلی کما یظهر ذلک من خبر قائد الوالی حیث مات و أوصی بعتق ممالیکه (فلعل ذلک) کان مذهبا لهم أو لأحدهم (و علی کل حال) فالأحوط الترک و کیف کان فالذی یقضی به الاعتبار أن لیس الغرض من أخبار الباب فی بیان الشمول و عدمه أن ذلک ثابت من الشارع فیجب تنزیل هذه الألفاظ علی الشمول و الدخول مثلا و لو لم یفهم من اللفظ کما ورد مثل ذلک فی بعض ألفاظ الوصایا بل المراد بها بیان المعنی العرفی و اللغوی و بقی الکلام فی أن مدلول الروایتین أنه لا یجوز له أن یأخذ أزید من غیره کما عرفت و ظاهر المسالک أنه إجماع من المجوزین و کذلک مجمع البرهان و قد سمعت کلامیهما فی صدر المسألة و ظاهر هذا الشرط أنه لا یجوز له تفضیل بعضهم علی بعض لأنه من جملتهم و ذلک قد یکون مخالفا للضرورة و لا سیما فی غیر المحصورین فی مثل الزکاة و الصدقات المندوبات (و قد یقال) إن الروایتین غیر صریحتین فی ذلک لاحتمال أن یراد بهما التشبیه فی نفس الإعطاء یعنی کما یعطی غیره لفقره یأخذ هو لنفسه لذلک لا فی القدر و المقدار (أو نقول) لو دلا علی عدم أخذ الزائد فإنما المتیقن منه المنع من الزائد علی الجمیع لا علی البعض و هو قریب أیضا لو لا فهم المجوزین منهما خلاف ذلک و قد لا یکونون مستندین إلیهما بل لعدم توهم التدلیس «2» و الخیانة أو إلی أن ذلک معلوم بحسب العرف و العادة فتأمل (و قد یحتمل) تنزیلهما علی المعین المحصور فی مثل الوصیة کما صنع بعضهم بناء علی أن الأصل فی الشرکة التسویة و هذا «3» بعید جدا عن سوق الخبرین (و أما ما یظهر) من دعوی الإجماع من المجوزین ففیه أن کلام الحاکی له غیر صریح فیه کما فی الریاض فقال إن جماعة خالفوا و جوزوا المفاضلة علی الإطلاق و أنت قد سمعت عبارة المسالک برمتها و کذا مجمع البرهان و لا ثالث لهما (نعم) حکاه فی الکفایة عن المسالک و لم نجد من جوز ذلک أو تأمل فیه قبل صاحب المسالک و المقدس الأردبیلی نعم قال فی التحریر و إن لم یعین تخیر فی إعطاء من شاء من المحاویج کیف شاء و إلی هذا استند الأردبیلی
______________________________
(1) بمعنی إلا أن یأتی خ ل
(2) التدنیس خ ل
(3) و هو خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 112
و یجوز أن یدفع إلی عیاله إن کانوا منهم (1)

[الرابع یجوز أکل ما ینثر فی الأعراس]

(الرابع) یجوز أکل ما ینثر فی الأعراس مع علم الإباحة إما لفظا أو بشاهد الحال و یکره انتهابه فإن لم یعلم قصد الإباحة حرم (2)
______________________________
(و فیه) أنه قال بعده بلا فاصلة و یجوز له أن یأخذ هو مع حاجته بقدر ما یعطی غیره و لا یفضل نفسه بشی‌ء «انتهی» و هذا یدل علی عدم الملازمة التی ذکرها فی المسالک و أشرنا إلیها آنفا و یشهد علی ذلک الصحیح الآتی فی إعطاء عیاله لأن منعه عن أخذ الزائد لا یدل علی عدم جواز التفضیل فی غیره نعم قد یتأمل فی التفضیل فیما إذا کان المعین محصورا و کان ممن یملک قبل القبض کما إذا وصی لعشرة بمائة فإنا نوجب التساوی هنا و علیه بنی الأصحاب فی مواریث الأعمام و الأخوال و أولادهم إذا کانوا لأم و فی باب الوصیة و باب القضاء (و قالوا) الأصل فی الشرکة التسویة و لا کذلک إذا لم یملکوه إلا بالقبض فإنه یجوز التفضیل و لعله مما لا ریب فیه فغیر المحصور أولی و لیس فی کلامهم هنا ما یدفع شیئا من ذلک لما عرفته من منع الملازمة فنقف مع الأصحاب علی ظواهر الأخبار و لا حاجة بنا إلی تجشم تأویلها و إنکار ما لعله یظهر من المجوزین من الإجماع بعد أن کفینا الملازمة المذکورة لأن کانت علی الظاهر مخالفة للضرورة فی غیر المحصور فی مثل الزکاة و الصدقات المندوبة هذا و لا فرق فی الدافع بین المالک و الولی و الوکیل کما أنه لا فرق فی المال بین أن یکون هدیة أو صدقة واجبة أو مندوبة أو خمسا حقا للصاحب جعلنی اللّٰه تعالی فداه أو للسادة إن کان مجتهدا و لا فرق فی القبیل بین أن یعبر عنه بالاسم أو الوصف
(قوله رحمه اللّٰه) (و یجوز أن یدفع إلی عیاله إن کانوا منهم)
هذا مما قطع به الأصحاب للأصل و الصحیح الصریح بذلک و لیس فیه عدم التفضیل و قال فی نهایة الإحکام یجوز قطعا و هو فی معنی الإجماع و فی مجمع البرهان لا کلام فیه و فی جامع المقاصد و المسالک و الکفایة یجوز علی القولین و هو أیضا قریب من معنی الإجماع و فی الحدائق و الریاض لا خلاف فیه و لا یشترط عدم التفاضل لا فی الزکاة و لا فی غیرها عملا بإطلاق النص و الفتوی و الأصل إلا أن یعلم من حاله أو من العادة العدم و لا کلام فیه حینئذ کما إذا أوصی لعیاله فی محصورین لکنه خلاف الفرض هذا و فی التذکرة و نهایة الإحکام إن کان الدفع إلی قوم معینین لا یشترط عدالة المأمور و فی نهایة الإحکام و لا ضمان فی الدفع قطعا و إن کانوا غیر معینین فإن کان عدلا فلا ضمان أیضا لأن له ولایة التعیین و إلا ضمن علی إشکال و لیعلم أن جماعة فرضوا المسألة فی الوصی و الوکیل
(قوله قدس سره) (یجوز أکل ما ینثر فی الأعراس مع علم الإباحة إما لفظا أو بشاهد الحال و یکره انتهابه و إن لم یعلم قصد الإباحة حرم)
کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و نحو ذلک ما فی النهایة و النافع و جواز الأکل مع العلم بالإباحة من دون کراهیة مما لا ریب فیه و لا خلاف (و قال) أمیر المؤمنین علیه السلام لا بأس بنثر الجوز و السکر و أما کراهیة الانتهاب فلقول مولانا الکاظم علیه السلام یکره أکل ما انتهب فإن حملناها علی المعنی المتعارف کان الوجه فیها تضمن الانتهاب مهانة النفس و مخالفة المروءة و إن حملناها علی الحرمة خصصناها بما إذا ظن من المالک کراهیة الانتهاب فیحرم و أما الحرمة بدون العلم بقصد الإباحة فللعمل بأصل الحرمة فی مال الغیر «و للخبر» الإملاک یکون و العرس فینثر علی القوم فقال حرام و لکن کلما أعطوک منه فخذ و لکن لو اعتید أخذه و استقر العرف علی ذلک جاز کما فی جامع المقاصد (قلت) لعل هذا من شواهد الحال التی تفید العلم و لا فرق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 113

[الخامس الولایة من قبل العادل مستحبة]

الخامس الولایة من قبل العادل مستحبة و قد تجب إن ألزم (1) أو افتقر فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر إلیها (2) و تحرم من قبل الجائر إلا مع التمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر (3)
______________________________
بین الأعراس و غیرها من الولائم کالختان و العقیقة و غیرهما (ثم) إنه لا یملکه الآخذ بل یجوز له التصرف فیه فیجوز للمالک الرجوع ما لم یتلفه الآخذ و لا ضمان علیه لو نقص أو تلف و من الإتلاف تملیکه الغیر أو المعاوضة علیه و الإعواض للآخذ لا للمالک و قد یحتمل أنها له و من الإتلاف لوکه مع استیلاء رطوبة الریق علیه
(قوله رحمه اللّٰه) (الولایة من قبل العادل مستحبة و قد تجب إن ألزم)
کما قد صرح بالأمرین فی (النهایة و السرائر و التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و الدروس) و غیرها و لعل الاستحباب مراد من الجواز فی عبارة (الشرائع و النافع) و نحوها لأنها مستحبة فی نفسها لعدم الموجب أو من جهة طلبها أو خصوصیتها و إن وجبت کفایة و فی (الریاض) نفی الخلاف عن الجواز و المراد من الولایة فی المقام ما کانت کالقضاء و السیاسة و تدبیر نظام أو نحوها و لیس المراد منها ما کانت علی الغائبین و المجانین و الأیتام
(قوله رحمه اللّٰه) (أو افتقر فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر إلیها)
کما أشار إلیه فی (التذکرة و نهایة الإحکام) و فی (الدروس) تجب مع الإلزام أو عدم وجود غیره و کأنه أشمل من عبارات المصنف عنده و هو الذی أراده المحقق الثانی بقوله معترضا علی المصنف إنه إذا کان أعلم من فی القطر وجب إعلامه بنفسه لوجوب ذلک علی الکفایة و انحصاره فیه و أنت خبیر بعد التروی بأن عبارة المصنف شاملة لذلک
(قوله رحمه اللّٰه) (و تحرم من قبل الجائر إلی قوله أو مع الإکراه)
الولایة من قبل الجائر تقع علی ثلاثة أقسام کما یقتضیه الجمع بین أخبار الباب مع قطع النظر عن کلام الأصحاب (الأول) أن یدخل فی أعمالهم لحب الدنیا و لذة الرئاسة و هذا هو الذی دلت علیه أخبار المنع علی أبلغ وجه و لا یفرق فی هذا بین الفقیه و غیره (الثانی) أن یکون کذلک و لکن یمزجه بفعل الطاعات و قضاء حوائج المؤمنین و هذا هو الذی أشیر إلیه فی الأخبار القائلة ذا بذا و واحدة بواحدة و هو أقلهم حظا و نحو ذلک و هذا الحظ إنما یکون إذا أخلص فیه و لم یجعل قضاء حوائج الإخوان سببا لتوجه الناس إلیه و ذکره فی المجالس فإن ذلک یبطل الأجر قطعا و هذا جار فی أصحاب الصدقات و من تجری علی أیدیهم الخیرات فالأولی لغیر أصحاب الملکات أن یوصل إلیه ذلک من دون أن یعلم أنه الموصل و الاستناد إلی إرادة إدخال السرور علیه خدیعة من الشیطان عند أصحاب الأنظار الثاقبة لأن السرور یحصل بوصول المال إلیه و اللّٰه سبحانه یغرس المحبة فی قلبه له و إن لم یعلم به و المجازی هو العالم بکل شی‌ء (الثالث) أن لا قصد له إلا محض فعل الخیر إما لیقوم بما لزمه من إقامة الأحکام التی نصب لها من الإمام کأن یکون فقیها أو لیتمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر لأنهما واجبان علیه إذا لم یکن فقیها و لا غرض له غیر ذلک من مال أو جاه له أو لولده أو أقاربه (و قد یکون) المراد من أخبار هذا القسم أنه یفعل ذلک کله مع الاضطرار إلی الدخول فی عملهم تقیة و علی أحد هذین الوجهین یحمل دخول علی ابن یقطین و محمد ابن إسماعیل ابن بزیع و النجاشی و کذلک علم الهدی و الخواجه نصیر الدین و آیة اللّٰه سبحانه و المحقق الثانی و البهائی و المجلسی و نحوهم کل بحسب حاله و أما الأصحاب فقد أطبقوا علی عدم جواز الدخول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 114
أو مع الإکراه بالخوف علی النفس أو المال أو الأهل و بعض المؤمنین فیجوز حینئذ اعتماد ما یأمره إلا القتل و الظلم و لو خاف ضررا یسیرا بترک الولایة کره له الولایة حینئذ (1)
______________________________
فی أعمالهم إلا مع التمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و قسمة الصدقات و الأخماس علی مستحقها و صلة الإخوان و عدم ارتکابه فی مثل ذلک إثما علما أو ظنا و قد نفی الخلاف عن ذلک کله فی (المنتهی) علی ما حکی عنه (و قیل إنه قال) و إلا لا تجوز بلا خلاف و فی (فقه الراوندی) أن تقلد الأمر من قبل الجائر جائز إذا تمکن معه من إیصال الحق لمستحقه بالإجماع المتردد و السنة الصحیحة و قوله تعالی اجْعَلْنِی عَلیٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ لأن ما أسنده اللّٰه تعالی إلی أولیائه حجة أو نقول إن شرع من قبلنا مطلقا حجة ما لم یعلم نسخه و بمثل ذلک صرح فی (النهایة و السرائر) و غیرهما و المصنف و إن اقتصر علی ذکر الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و لم یذکر التخلص من المآثم علما أو ظنا لکنه مراد قطعا (و لیعلم) أن بعضهم شرط العلم بذلک کالمصنف فی (التحریر) و حکاه فی جامع المقاصد عن المنتهی و اختاره و قد سمعت ما حکی عنه و قضیة کلام الإرشاد الاکتفاء فی الجواز بالظن کصریح (النهایة و السرائر) و کذا (التحریر) فی أثناء کلام له بعد ما نقلناه عنه و قد أطلقوا جوازها أو استحبابها (حینئذ) و المعبر بالجواز بعض کالمصنف فی (التذکرة و التحریر) و عبر بالاستحباب فی (النهایة و الشرائع و النافع و نهایة الإحکام) و أجمل فی (الدروس) و فی (السرائر) عبر بالوجوب و هو قضیة القواعد لوجوب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فتجب مقدمته و ما فی (الکفایة) و غیرها من أن ذلک یتوقف علی کون وجوبهما مطلقا غیر مشروط بالقدرة فیجب علیه تحصیلها من باب المقدمة و لیس بثابت (فالجواب) عنه أن لیس هناک إلا قدرة واحدة و هی القدرة الذاتیة التی أناط الشارع بها التکالیف و هی حاصلة و التقیة کانت مانعة فوجوب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر مطلق بالنسبة إلی القدرة المذکورة و غایة الأمر عدم المؤاخذة مع وجود المانع و هو غیر ملازم لاشتراط التکلیف بانتفائها فهو من قبیل من اشتغلت ذمته بحقوق الناس و هو غیر متمکن من دفعها إلیهم لوجود مانع یمنعه فإن هذا المانع لا یوجب سقوط الحقوق عن ذمته و لیس من قبیل الاستطاعة و ملک النصاب فی الحج و الزکاة (فلیتأمل جیدا) لأنه قد یخدشه ذهاب الأکثر إلی خلافه کما عرفت بل لعل المخالف ابن إدریس لا غیر و قد یعتذر عنه بأنه یصیر فی صورة النائب عن الظالم فتجی‌ء مفسدة الإغراء لکنه جار علی القول بالاستحباب أو الجواز أیضا إلا أن تقول قد یتوصل إلی دفع الإغراء بأحد الوجوه علی حسب رعایة المصلحة فتقدم مصلحة الأمر بالمعروف علیه (فتأمل) و علی کل حال فالأخبار الدالة علی رضی الأئمّة علیهم السلام لبعض الولایة محمولة علی المتمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و الأخبار المانعة تحمل علی غیره و هو الذی صرح الأصحاب بحرمتها له (و یبقی الکلام فی القسم الثانی) الذی أشرنا إلیه آنفا فهل یدخل فی القسم الأول أو الثانی من القسمین الذین ذکرهما الأصحاب
(قوله رحمه اللّٰه) (أو مع الإکراه بالخوف علی النفس أو المال أو الأهل و بعض المؤمنین فیجوز حینئذ اعتماد ما یأمره إلا القتل و الظلم و لو خاف ضررا یسیرا بترک الولایة کره له الولایة حینئذ)
ضابط الإکراه الخوف علی ما ذکر علی وجه لا ینبغی تحمله عادة بحسب حال المکره فی الرفعة و الضعة بالنسبة إلی الإهانة کما فی (المسالک) و غیره و لا یشترط فی الإکراه الإلجاء إلیه بحیث لا یقدر علی خلافه کما صرح به الأصحاب علی ما قیل و قد ذکر الخوف علی المال فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 115
..........
______________________________
(النهایة و السرائر و الشرائع و التذکرة و نهایة الإحکام) و غیرها و فی (التحریر) ما له أجمع و لم یذکر فی (النافع) إلا الخوف من دون ذکر مال و لا غیره و فی (الدروس) یجوز تحمله فی المال و ستسمع کلامهم فی الجواز للضرر الیسیر و قد لا یکون (فی الدروس) مخالفا إذ قد ننزل کلام الأصحاب علیه (و فی الصحیح) علی ما قیل التقیة فی کل شی‌ء یضطر إلیه ابن آدم فقد أحله اللّٰه تعالی و فی صحیح آخر علی ما قیل التقیة فی ضرورة و صاحبها أعلم بها حین تنزل علیه مضافا إلی خصوص الصحیح أیضا عن القیام للولاة (قال) فقال أبو جعفر علیه السلام التقیة من دینی و دین آبائی و لا إیمان لمن لا تقیة له (فتأمل) «1» و المصنف جعل الإکراه شرطا لجواز قبول الولایة إذا لم یتمکن من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و لم یتخلص من المآثم ثم رتب علیه جواز امتثاله ما یأمره به إلا القتل و هو کلام لا غبار علیه یوافق کلامهم فی المقام و باب الأمر بالمعروف (نعم عبارة الشرائع) کأنها لا تخلو من حزازة (قال) إذا أکرهه الجائر علی الولایة جاز له الدخول و العمل بما یأمره مع عدم القدرة علی التفصی منه إلا فی الدماء المحرمة فقد ذکر أمرین الدخول و العمل بما یأمر و شرطهما بشرطین الإکراه و عدم التفصی فإن جعلنا المشروط متحدا مرکبا من الأمرین حسن قید الإکراه و لا یحسن قید عدم التفصی فإن العمل بما یأمره من الأمور المحرمة مشروط بالإکراه خاصة و لا یشترط فیه الإلجاء و عدم التفصی کما صرحوا به و إن جعلنا المشروط متعددا کما إذا جعلنا الإکراه شرطا للولایة و عدم التفصی شرطا للعمل (ورد علی الثانی) ما ذکرنا (و علی الأول) أن الولایة إذا أخذت منفکة عن الأمر فجواز قبولها لا یتوقف علی الإکراه مطلقا بل قد یجوز و قد یستحب و قد یجب کما عرفت (و الجواب) عن ذلک کله أن غرضه بیان أن الإکراه علی قسمین قسم لا یبلغ ترکه إلی الخوف علی النفس و المال و العرض و قسم یبلغ ذلک کما صرح بذلک کله فی (النهایة و السرائر) و غیرهما قال فی (النهایة) فإن ألزمه یعنی الجائر الولایة إلزاما لا یبلغ ترکه إلی الخوف علی النفس و سلب الأموال غیر أنه یلحقه بعض الضرر فالأولی أن یتحمل و لا یتعرض لعمل السلطان و إن خاف من الامتناع من ذلک علی النفس أو علی المال جاز أن یتولی الأمر و یجتهد (إلی) أن (قال) و یتقی فی جمیع الأحکام و الأمور ما لم یبلغ إلی سفک الدماء و نحوه ما فی (السرائر) من دون تفاوت و المحقق أوجز ذلک بما سمعت فالمراد بعدم التفصی تحقق أصل الإکراه الذی یخاف من الامتناع معه علی النفس و المال و ذلک لا یمنع من قولهم فی باب الأمر بالمعروف أنه إذا أکره علی الفعل جاز له الامتثال و إن لم یکن والیا و لا ریب أن مراد الجمیع بما یأمره الأمر بالمحرم و إن أطلقوا فلا معنی للمناقشة فی ذلک و أما جواز اعتماده بما یأمره و لو کان محرما فهو إجماعی کما فی الریاض و یجب علیه علی احتمال قوی تقدیم الأهون فالأهون و قد تلحظ المماثلة و المخالفة فیما یتعلق به و ببعض المؤمنین من التفاوت فی المراتب الجلیلة و فیما دلیله قطعی أو ظنی و بین الابتداء و العروض لکن الأصحاب أطلقوا فلیلحظ ذلک و لا تعجبنی لفظة الاعتماد کما یظهر ذلک من کتب اللغة (و أما) استثناء القتل و الظلم فلا خلاف فیه کما فی (السرائر) (قال) لأنه لا خلاف فی أن لا تقیة فی قتل النفوس و فی الریاض الإجماع علیه و قد ادعاه جماعة فی باب القصاص و لا فرق بین المباشرة و التسبیب کالإفتاء و المصنف رحمه اللّٰه استثنی القتل کما فی (النافع و التذکرة و نهایة الإحکام) (و قال) فی (النهایة و السرائر) قتل النفوس و سفک الدماء المحرمة
______________________________
(1) و المراد بالخوف علی بعض المؤمنین خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 116

[السادس جوائز الظالم إن علمت غصبا حرمت]

السادس جوائز الظالم إن علمت غصبا حرمت (1)
______________________________
و الترادف محتمل و فی (الشرائع و التحریر و الدروس) استثناء الدماء لا غیر و فی الصحیح إنما جعلت التقیة لتحقن بها الدماء فإذا بلغت الدم فلا تقیة (و نحوه الموثق) و ظاهر الإطلاق یشمل الجرح کما حکاه فی المسالک عن الشیخ فی الکلام کذا وجدنا فی نسختین إلا أن یقال إن المتبادر من الإطلاق إنما هو الفرد الأکمل و هو القتل مضافا إلی العمومات المجوزة لفعل المحرمات بسبب التقیة فیقتصر فی تخصیصها علی المتیقن مع أنا قد نقطع بجواز الجرح الذی لم یبلغ إزهاق النفس إذا کان الخوف علی النفس بترکه کما قطعوا بجواز قطع الید و الجرح فی باب القصاص المتوعد علی ترکه بالقتل بل قد نقول بذلک إذا کان الخوف علی العرض و أما المال فمحل إشکال و الأحوط الترک و لا یفرق فی القتل بین الصحیح و المریض و من کان فی السوق و النزع و قد یفرق بین مستحق القتل بزنا أو لواط أو غیره و یضعف فی مستحق القصاص و قد أطلقوا من دون تقیید بمسلم و لا مؤمن و لعله منزل علی الثانی لکن فی النافع التقیید بالمسلم و لعلنا ننزله علی المؤمن و به صرح فی قصاص کشف اللثام لأن؟؟؟ لا یوازن دم مؤمن بل لیس شی‌ء یوازی دم المؤمن کما یستفاد من النصوص و کذلک العرض بل و کذلک المال من دون إشکال لما حررناه فی باب الغیبة و أما أنه تکره له الولایة إذا خاف ضررا یسیرا بترکها فهو صریح الشرائع و التذکرة و نهایة الإحکام و قضیة کلام النهایة و السرائر و التحریر و الدروس حیث قیل الأولی و الأفضل و یستحب و لا یخفی أن مرادهم أن ذلک مع عدم تمکنه من الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و عدم أمنه من الدخول فی المحرم بل مع علمه بذلک و هو مشکل خصوصا إذا أمره بضرر الناس لو لا أن الظاهر إطباقهم علی ذلک
(قوله رحمه اللّٰه) (جوائز الظالم إن علمت غصبا حرمت)
بلا خلاف فی ذلک و به نطقت عباراتهم لکن فی الشرائع و النافع و نهایة الإحکام و الدروس و الکفایة إن علمت حراما بعینها فالتقیید بالعین فیه إشارة إلی جواز أخذها و إن کان فی ماله مظالم کما هو مقتضی حال الظالم و أنه لا یکون حکمه حکم المال المختلط بالحرام فی وجوب اجتناب الجمیع للنص علی ذلک کما قال ذلک کله فی المسالک و أوضح من ذلک عبارة السرائر (قال) إذا کان یعلم أن فیه شیئا مغصوبا إلا أنه غیر متمیز العین بل هو مخلوط فی غیره من أمواله أو غلاته التی یأخذها علی جهة الخراج فلا بأس بشرائه منه و قبول صلته لأنها صارت بمنزلة المستهلکة لأنه غیر قادر علی ردها و نحوها عبارة النهایة و إن کانت قد توهم قبل التأمل خلاف ذلک و ینفتح من ذلک باب واسع فی خصوص الجائر إلا أن یقال إنه مخالف لأصول المذهب و قواعده من عقل و نقل کتاب و سنة و إجماع إلا أن یحمل ما ذکروه من النص و الفتوی علی ما إذا دفع إلیک بیده من دکان أو کیس أو صندوق فیه غصب أو أشار لک إلی معین بین أمواله فیه غصب و الحال أنک لا تعلم أن المدفوع و المشار إلیه غصب فإن الظاهر أن ذلک حلال و إن کان فی محصور حملا لفعل المسلم علی الصحة و ذلک یقضی أنه ما ناولک إلا الحلال فلیلحظ ذلک (و لیتأمل فیه) ثم إن إطلاق النصوص و الفتاوی أنه یجوز التناول مع عدم العلم بالحرمة مطلقا سواء علم أن للجائر مالا حلالا أم لا و لیس فی الأخبار ما ینافی ذلک إلا الخبر المروی عن الاحتجاج للطبرسی و کتاب الغیبة للشیخ (و فیهما) بعد أن سئل الصاحب جعلنی اللّٰه فداه عن أکل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 117
..........
______________________________
أموال من لا یتورع عن المحارم إن کان لهذا الرجل مال أو معاش غیر ما فی یده فکل طعامه و اقبل بره و إلا فلا و فیه قصور عن المعادلة لأخبار الباب من وجوه فلیطرح أو یؤول بما یعطیه صدره من أن الرجل من وکلاء الوقف مستحلا لما فی یده لا یتورع عن أخذ ماله هکذا فی السؤال فکأنه قال لیس له مال إلا مال الوقف و جمیع ما یصرفه منه و فی الحدائق أنه علی خلاف ما علیه ظاهر اتفاق کلمة الأصحاب فإنهم یکتفون فی هذا الباب بالحلیة بمجرد مجهولیة الحال و إن لم یعلم أن له مالا حلالا و هو ظاهر أخبار الباب و إنما یستثنون معلومیة کونه حراما انتهی (قلت) قد اتفقت کلمة الأصحاب علی أنه إن لم یعلم حرمتها فهی حلال صرح بذلک فی النهایة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و نهایة الإحکام و غیرها و فی الریاض أنه لا خلاف فیه و فی جواز المعاملة معه و إن علم أن فی ماله مظالم للأصل و الصحاح المستفیضة (منها قوله علیه السلام) لا بأس به حتی تعرف الحرام بعینه لکن نص جماعة کثیرون علی أنه مکروه و آخرون علی أن الأفضل التورع عنه کما فی النهایة و أکثر ما تأخر عنها و فی الکفایة نسبة الکراهیة إلی المشهور و فی الحدائق لا خلاف فی حل جوائز السلطان و جمیع الظلمة علی کراهیة ما لم یخبر بأن ذلک من ماله فإنه لا کراهیة (قلت) قد صرح بما استثناه من الکراهیة المولی الأردبیلی و زاد إخبار وکیله و تبعهما صاحب الریاض و نفی عنه الخلاف حیث استدل للکراهیة بعدم قبول أبی الحسن موسی علیه السلام جوائز الرشید و تعلیل قبوله علیه السلام منه فی خبر آخر بقوله لو لا أنی أری من أزوجه من عزاب آل أبی طالب لئلا ینقطع نسله ما قبلتها (ثم قال) و ربما نافاهما قبول الحسنین علیهما السلام جوائز؟؟؟
(ثم قال) و یمکن الجمع بحمل القبول (إما) علی الوجه الذی علل به فی أحدهما (أو) علی أن المراد منه الإرشاد و دفع توهم الحرمة (أو) علی کونه بعد العلم بخلوصها عن الحرام و لا ریب فی انتفاء الکراهیة (حینئذ) و لا خلاف فیه و (فی انتفائها) بإخبار المخبر بذلک أو إخراج الخمس لکونه مطهرا للمال المختلط بالحرام قطعا فلأن یطهر المختلط به ظنا أو احتمالا (أولی ثم أولی) (و فی الموثق) عن عمل السلطان یخرج فیه الرجل قال لا إلا أن لا یقدر فإن فعل فصار فی یده شی‌ء فلیبعث بخمسه إلی أهل البیت علیهم السلام (انتهی) کلامه دام ظله نقلناه بتمامه لارتباطه و جودة محصوله لکن قد علمت أن ما نفی عنه الخلاف لم یصرح به إلا الأردبیلی (و أما) انتفاؤها بإخراج الخمس فقد صرح به الأردبیلی و المصنف فی (المنتهی) و استحب له فی (النهایة و السرائر) إخراج خمسها و التصدق ببعضها و مواساة الإخوان فی الباقی و لیس فی ذلک دلالة علی انتفاء الکراهیة بإخراج الخمس و إلا لانتفت أیضا بالصدقة و المواساة و لعله کذلک بل بعض العبارات کما ستسمع قد توهم وجوب الخمس و ذلک أیضا لا یدل علی انتفاء الکراهیة (و أما) موثقة عمار التی استدل بها (فإن) موردها إنما هو الدخول فی أعمالهم و حصول شی‌ء له من ذلک (و الفرق بینه و بین الجوائز ظاهر) (ثم) إن الأخبار فی جواز الدخول مختلفة و هنا متفقة علی حلها کما هو مقتضی القاعدة المتفق علیها نصا و فتوی کل شی‌ء فیه حلال و حرام فهو لک حلال و مورد أخبار الخمس بالنسبة إلی هذا الفرد إنما هو المال المعلوم دخول الحرام فیه مع عدم معلومیته بعینه و عدم معلومیة صاحبه و (الاستناد) إلی الأولویة (یدفعها) الاتفاق علی الحلیة فی المقام نصا و فتوی مع الاعتضاد بالقاعدة التی أشرنا إلیها و لا کذلک ما علم فیه الحرام (فلیتأمل) ذلک (لکن) أدلة السنن مما یتسامح بها (هذا) و (یستفاد من فعل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 118
و تعاد علی المالک إن قبضها فإن جهله تصدق بها عنه و لا تجوز إعادتها إلی الظالم اختیارا (1)
______________________________
مولانا الکاظم علیه السلام) حیث ترک تارة و أخذ أخری مستندا إلی تزویج عزاب آل أبی طالب (أنه) لو حصل مرجحات أخر أقوی غلبت علی الکراهیة کما إذا کان الغرض تحصیل العلم و إعانة الفقراء و الأرحام المضطرین إلی غیر ذلک و فی (السرائر) أنه ینبغی أن یخرج الخمس من کل ما یحصل له و الصدقة ببعضها و أن یساوی (یواسی خ ل) إخوانه فی البعض الذی یبقی من ذلک و نحوه ما فی (النهایة) قال و یجتهد أن یخرج من جمیع ما یحصل له من جهتهم الخمس و یضعه فی أربابه و الباقی یواسی به إخوانه و یصلهم ببعضه و ینتفع هو بالبعض بل قد یفهم من الکتابین الوجوب و لذلک (قال فی الدروس) بعد نقل ذلک عن ابن إدریس و الظاهر أنه أراد الاستحباب فی الصدقة فقصر الاستحباب علی الصدقة فکان الخمس علی الوجوب أو أنه أطلق علیه لفظ الصدقة و لو لا احتمالها ذلک ما قال ذلک مع أنه فی السرائر قال ینبغی و فی النهایة قال یجتهد فهی أولی بالاحتمال ثم (قال فی الدروس) و ترک أخذ ذلک من الظالم أفضل مع الاختیار و لا یعارضه أخذ الحسنین علیهما السلام جوائز؟؟؟ لأن ذلک من حقوقهم بالأصالة (انتهی) و قد علمت الحال فی ذلک مما ذکرناه من فعل الکاظم علیه السلام (و مما نص فیه أیضا) علی استحباب الصدقة ببعضه التحریر و نهایة الإحکام و فی (مجمع البرهان) نسبته إلی کلام الأصحاب و دلالة الروایات (و قد یقال) کما یکره للآخذ یکره لغیره من إخوانه إذ العلة جاریة فی ذلک و هی ما ذکره فی (المنتهی) من احتمال أن یکون مما أخذه ظلما و الخبر الذی تضمن تزویج عزاب آل أبی طالب قد عرفت ما استفدناه منه (فلیتأمل)
(قوله رحمه اللّٰه) (و تعاد علی المالک إن قبضها فإن جهله تصدق بها عنه و لا تجوز إعادتها إلی الظالم)
أما وجوب إعادتها علی المالک فواضح و به صرح الأصحاب (و قال) جماعة أو وارثه لأنه یصیر بعد موته مالکا و تعاد بعینها أو بمثلها فی المثلی و قیمتها فی القیمی و علی الآخذ الأجرة و أما أنه إن جهله تصدق بها فقد رواه أصحابنا کما فی (السرائر) و احتاط هو بحفظها و الوصیة بها (و قال) و قد روی أنها کاللقطة و هو بعید من الصواب (و قال فی التحریر) إنه لیس ببعید من الصواب و فی (التذکرة) خیره بین التصدق بها و بین حفظها أمانة فی یده أو دفعها إلی الحاکم و هذا التخییر کاحتیاط (السرائر) کأنه خلاف الاحتیاط (و قال المحقق الثانی و الشهید الثانی) لو اشتبه فی محصورین وجب التخلص و لو بالصلح و لا ریب عندهم فی أنه یضمن إذا لم یرض المالک بالصدقة (و لذا) لم ینص علیه إلا القلیل کما أنه لا ریب فی أنه إنما یتصدق بها بعد الیأس من الوصول إلیه أو إلی وارثه بعد موته و لذا ترکه الأکثر أیضا و الصدقة إلی أهل الحق و لو کان المالک من غیر أهل الحق ذمیا کان أو مخالفا و أما عدم جواز إعادتها علی الظالم اختیارا فهو صریح المصنف فی کتبه الأخر و المحقق و الشهیدین و هو الذی تعطیه عبارة (النهایة و السرائر) مع أنه مما لا ریب فیها أیضا بل لا یجوز دفعها إلی غیر الظالم أیضا فلو أخذت منه قهرا أو تلفت فی یده هل یضمنها حینئذ أم لا قیل نعم کما فی جامع المقاصد لعموم قوله علیه السلام علی الید ما أخذت و ربما فصل بین القبض بعد العلم بکونها مغصوبة فالضمان و بین القبض قبله فالعدم إن لم یقصر فی الإیصال إلی من یجوز الإیصال إلیه لأن الید فی الأول عادیة و فی الثانی ید أمانة و المحقق الثانی تأمل فی الضمان و عدمه علی تقدیر الوجه الثانی (قلت) إذا أجبر علی الأخذ لا یضمن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 119
و الذی یأخذه الظالم «1» من الغلات باسم المقاسمة (1) و من الأموال باسم الخراج عن حق الأرض و من الأنعام باسم الزکاة یجوز شراؤه و اتهابه و لا یجب إعادته علی أصحابه و إن عرفوا

[السابع إذا امتزج الحلال بالحرام]

(السابع) إذا امتزج الحلال بالحرام و لا یتمیز یصالح أربابه (2)
______________________________
علم أو جهل (فرع) کثیرا ما تمس الحاجة إلیه و هو أنه قد استمرت طریقة الناس علی التناول من ترکات حکام الجور للحج و الزیارة عنهم و إنفاذ وصایاهم و قسمة ترکاتهم من دون التفات إلی ما علموا به من اشتغال ذممهم بأموال الناس غصبا و نهبا و غیلة فضلا عن الخراج و المقاسمة فإنهما بالنسبة إلیهم أیضا حرام قطعا و إنما یلتفتون إلی ما کان من سبیل القروض و الدیون و لم أجد فی ذلک نصا بعد فضل التتبع إلا ما فی (النهایة و التحریر) (قال إذا غصب الظالم شیئا ثم تمکن المظلوم من أخذه أو أخذ عوضه کان ترکه أفضل (و زاد فی النهایة) و أکثر ثوابا و فی السرائر بعد أن جوز الأخذ (قال) و روی أن ترکه أفضل (و هو کما تری) مع أن الأکثر صرحوا بأنه لو أودعه جاز له أن یأخذ علی کراهیة و فی مجمع البرهان أن أکثر حوائج الإخوان فی هذا الزمان إلی الحکام إما تبرعا أو أجرة حج و نحوه و إن خلا ذلک عن التحریم فقلیلا ما یسلم من الشبهة (قلت) قد یفهم جواز التصرف فیما ذکر من إطلاق مفهوم قولهم جوائز الظالم حرام إن علمت بعینها و قد یستفاد ذلک من إطلاق النصوص مفهوما أو منطوقا و الحال فی ذلک کالحال فی الخراج و المقاسمة حیث حرموا علینا الغل و السرقة و أوجبوا علینا أداء ما شرطوا و هنا نقول حرموا علینا المطالبة بما غصبونا و منعونا عن اجتناب ترکاتهم و ندبونا و استحبوا لنا ترک أخذ ما قدرنا علیه من أموالنا من دون مطالبة استبقاء علی نفوسنا و حقنا لدمائنا و توسعة علینا و إحسانا إلینا لأنا الیوم فی دار هدنة و اطرد ذلک فی المآلف و المخالف کما فی الخراج و ما أوجف علیه بخیل و رکاب فإن الثانی للإمام علیه السلام لکن حرم علینا أن نسرق منهم أو نبقی درهما واحدا من ثمن الجاریة (و علی ذلک) استقامت الطریقة و استمرت السیرة و فی ذلک وحده بلاغ (و أما) الودیعة فلأنها مما تخفی و أقصی ما ینسب فاعلها إلی الخیانة لا إلی التجاهر بأن سیاستهم جور و تأدیبهم ظلم و بأنهم فی ذلک کله ظالمون و جائرون و نحو ذلک (فلیتأمل) و أوهن شی‌ء احتمال أن یکون ذلک لعدم العلم باشتغال ذمتهم (نعم) لو أوصی بها الظالم خرجت من (عن خ ل) الثلث لأنها من الدیون و إن لم یلحقها حکمها و ما کان منها باقیا یجب رده
(قوله رحمه اللّٰه) (و الذی یأخذه الظالم من الغلات باسم المقاسمة)
هذا قد استوفینا الکلام فیه بما لا مزید علیه فی الفصل الثالث من فصول المقصد الثانی فی البیع عند الکلام علی بیع الأرض الخراجیة و استوفینا الکلام فی المقاسمة فی باب الزکاة
(قوله رحمه اللّٰه) (إذا امتزج الحلال بالحرام و لا یتمیز یصالح أربابه)
وجوبا مع العلم بهم و عدم معرفة المقدار بما یرضون ما لم یطلبوا زائدا عما یحصل به یقین البراءة مع احتمال الاکتفاء بدفع ما یتیقن انتفاؤه عنه کما احتمله صاحب المدارک و الخراسانی و شیخنا صاحب الریاض و مثاله أن یقول ما یقرب من عشر المال مثلا لیس لی یقینا لکنی أظن أن له خمسه فیکتفی بالعشر و لا یحتاج إلی رفع الظن فإن أبوا عن الصلح (فقد قال فی خمس التذکرة) یدفع إلیهم الخمس لأن هذا القدر جعله اللّٰه تعالی مطهرا للمال (و قد تأمل فیه صاحب المدارک و الکفایة) (قلت) ینبغی أن یقید کلامه فی (التذکرة) بصورة الجهل المحض بقدره و إلا فما یغلب علی ظنه إن علم
______________________________
(1) الجائر خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 120
فإن جهلهم أخرج خمسه إن جهل المقدار و حل الباقی (1)
______________________________
زیادته أو نقصانه کما حکاه عنها فی المسالک و إن لم نجده فی موضعین منها و لو کان هناک حاکم رفع أمره إلیه کما ذکره بعضهم (قلت) إخراج الخمس کأنه لا وجه له و إعطاء جمیع المحتمل لتحصیل یقین البراءة إجحاف و الاقتصار علی المتیقن کما فی المدارک إجحاف من الجانب الآخر کذلک فالواجب أن یصالحوا بما یرضون به مع عدم الإجحاف فإن طلبوا زائدا صولحوا صلحا قهریا (فلیلحظ ذلک و لیتأمل فیه) و ممن صرح بالصلح فی المسألة المصنف فی نهایة الإحکام و الشهیدان و المقداد و غیرهم و الظاهر أنه مثال و أنه یصح غیره إذ الغرض تحصیل رضاه کما یصح فی غیره کما إذا عرف المقدار و التمییز «و المتمیز خ ل» و الظاهر أن الحکم جار فی الغصب و سائر الحقوق أعیانا و ذمما «فتأمل» و قد ذکر الأکثر فی المقام أربع صور الأولی ما ذکره المصنف الثانیة ما سیذکره و هی ما یکون قدر الحرام و مستحقه مجهولین و ستسمع الکلام فیها إن شاء اللّٰه تعالی الثالثة أن یکونا معلومین و الحکم فیها ظاهر الرابعة أن یعلم القدر دون المالک مع عدم التمییز و الأصح وجوب التصدق به مع الیأس من المالک سواء کان بقدر الخمس أو أزید منه أو أنقص کما صرح بذلک جماعة و أطلق آخرون و هم کثیرون و فی السرائر نسبه إلی الروایة و اختار هو دفعه إلی إمام المسلمین إن کان ظاهرا و إلا حفظه قلیلا کان أو کثیرا و احتمل فی نهایة الإحکام أیضا حفظه و فیه من المشقة ما لا یخفی و أوجب المصنف فی موضع من التذکرة فیما إذا کان زائدا علی الخمس إخراجه أی الخمس ثم التصدق بالزائد هذا کله إذا لم یتمیز و أما إذا کان معینا ممتازا مع جهل المالک احتمل التصدق به أیضا کما هو الظاهر و احتمل حفظه و وجه التصدق به فی کل موضع یتصدق به إن منعه من التصرف فی ماله حرج و أکل مال الغیر منهی عنه و التصدق به نوع إیصال إلی المالک و یؤیده حکم اللقطة و لو ظهر مالکه و لم یرض ففی الضمان قولان أحوطهما الأول کما علیه جماعة و قوی فی المدارک عدم الضمان لأنه مأمور بذلک شرعا (و لیعلم) أن الظن إذا تعلق بالقدر حکمه حکم العلم کما فی السرائر و حواشی الکتاب للشهید و لعلهما لا یقولان بذلک إذا تعلق بالمالک کما أنا لعلنا نقول إن الظن هنا جهل فتأمل (و قد) یمکن تقسیم المسألة إلی تسعة أقسام لأنه إما أن یعلم قدره یقینا أو ظنا أو لا یکون شی‌ء منهما أصلا و کذلک الحال فی المالک و ربما تزید القسمة عن ذلک (فتأمل) و لا إشکال فی شی‌ء من ذلک بعد ما عرفت و ستعرف إلا فیما إذا ظن المالک و لعله لا إشکال فیه أیضا و لا فرق بین ما کان من کسب أو میراث کما صرح به الشیخ و ابن حمزة و ابن إدریس و المصنف و الشهید و غیرهم ذکروا ذلک فی مسألة الخمس الآتیة و الظاهر أنه لا فرق فی ذلک بین جمیع الصور و زاد فی الکفایة الصلة و الهدیة
(قوله رحمه اللّٰه) (فإن جهلهم أخرج خمسه و حل الباقی)
یرید أنه إذا امتزج الحلال بالحرام و لم یتمیز و لم یعرف صاحبه و لا مقداره فإنه یجب إخراج خمسه و یحل الباقی کما فی النهایة و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة فی موضعین و التحریر و نهایة الإحکام و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و حواشی الکتاب و اللمعة و الدروس و کفایة الطالبین و جامع المقاصد فی موضعین منها و حاشیة الإرشاد و التنقیح و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و الهدایة للحر و غیرها و ظاهر الغنیة و صریحها الإجماع علیه و هو الحجة و لم یذکره القدیمان و کم من حکم ترکاه و لا المفید فی المقنعة و تلمیذه فی المراسم و قد ترک فیهما أیضا بعض ما وجب فیه الخمس عند
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 121
..........
______________________________
المشهور بل المجمع علیه کأرض الذمی إذا اشتراها من المسلم فإنه حکی الإجماع علی وجوب الخمس فیها فی الغنیة و ظاهر المنتهی مع أن المفید و تلمیذه ترکاه أیضا و تأمل فیما نحن فیه المولی الأردبیلی و صاحب المدارک و الخراسانی و الکاشانی و حکی التردد عن البیان کما لعله یلوح من الدروس و إن کان أولا جزم بالخمس و (وجه) ترددهم ترک المفید و القدیمین له (قلت) و سلار (و قصور) أخبار الباب من حیث السند و الدلالة و کأنهم لم یظفروا بالخبر المروی فی الخصال و قد قیل إنه صحیح و لم یحضرنی سنده لأعرف حاله (قال علیه السلام) فیما یخرج من المعادن و البحر و الغنیمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم یعرف صاحبه و الکنوز الخمس و هو صریح الدلالة معتضد بالإجماع و الشهرة العظیمة التی کادت تکون إجماعا بل هی محکیة عن المنتهی و موافقة للاعتبار و الأخبار الأخر منها الموثق عن عمل السلطان یخرج فیه الرجل قال لا إلا أن لا یقدر (إلی أن قال) فإن فعل فصار فی یده شی‌ء فلیبعث خمسه إلی أهل البیت علیهم السلام و القوی تصدق بخمس مالک فإن اللّٰه تعالی رضی من الأشیاء بالخمس و سائر المال لک حلال و نحوه الخبر مبدلا فیه لفظ تصدق بإخراج الخمس و صدره أن أمیر المؤمنین علیه السلام أتاه رجل فقال یا أمیر المؤمنین إنی أصبت مالا لا أعرف حلاله من حرامه فقال علیه السلام أخرج الخمس و أرسل ائتنی بخمسه فأتاه بخمسه فقال هو لک حلال إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه و قصور السند منجبر بما عرفت و کذلک الدلالة تجبرها الشهرة إن لم ینحصر دلیل المشهور فیها لأن أخبارهم یکشف بعضها عن بعض و الخمس حقیقة شرعیة فی المعنی المعروف الذی یصرف إلی الذریة فلا ینافیه لفظ التصدق فی القوی لشیوع استعماله فی التخمیس کما ورد فی خبر صحیح مضافا إلی التعلیل فی الموثق إذ لا خمس رضی به اللّٰه إلا و مصرفه الذریة و یشهد علی ذلک المرسل الذی أمره فیه بالإیتاء به حتی وصل إلیه ثم رده علیه و ذلک یرشد إلی أنه له علیه السلام فلم یبق بعد الیوم إشکال علی القوم و لا بد لصاحب الریاض من القول بالحقیقة الشرعیة هنا إلا أن یتجشم دعوی وجود القرینة و یبقی الکلام فیما إذا علم أنه أزید من الخمس و لکن لم یعرف قدره فجماعة علی أنه یخرج خمسه و یتصدق بما یغلب علی ظنه أنه مع الخمس قدر الحرام فصاعد أو جماعة علی أن الجمیع صدقة و آخرون علی أنه خمس و هو الذی یعطیه إطلاق الأدلة و کثیر من العبارات بل یحتمل الاکتفاء بالخمس فقط عملا بظاهر الأدلة (و قد یقال) إنه یصالح الحاکم و یتصدق بما صالح علیه و أما إذا علم أنه أنقص من الخمس لکن لم یعلم مقداره (فالمصنف فی نهایة الإحکام و الشهید الثانی و سبطه) أنه یقتصر علی ما یتیقن به البراءة صدقة علی إشکال فی نهایة الإحکام و احتمل فی المسالک و المدارک الاکتفاء بغلبة الظن و ربما قیل بکونه خمسا نظرا إلی عموم الأدلة إلا أن تقول إن قولهم و دلیلهم إنما هو فیما یخرج منه الخمس (فتأمل) بل قد نقول بالخمس مع العلم بالمقدار و عدم التمیز عملا بإطلاق الصحیح و غیره و لو أنهم ظفروا بالصحیح لعملوا به فی جمیع ذلک مضافا إلی إطلاق النهایة و الوسیلة و کثیر مما تأخر عنهما لکن الأکثر ممن تأخر اقتصر علی ما إذا جهل المقدار و لم یتمیز و لعله لعدم ظفرهم بالصحیح و قد صرح جماعة منهم المصنف فی جملة من کتبه و ولده و المحقق الثانی و الشهیدان و غیرهم بأن مصرف هذا الخمس مصرف بقیة الأخماس کما نبهناک علی ذلک من الروایات و فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام نسبته إلی ظاهر کلام الأصحاب (بل لو تأملنا) کما تأملوا فصرفه إلی الذریة أحوط کما صرح به جماعة بناء علی الأصح من اختصاص الصدقة المحرمة علیهم بالزکاة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 122

[الثامن لا یحل للأجیر الخاص العمل لغیر من استأجره إلا بإذنه]

(الثامن) لا یحل للأجیر الخاص العمل لغیر من استأجره إلا بإذنه و یجوز للمطلق (1)
______________________________
المفروضة و لم یفرقوا فیه بین ما کان من کسبه أو من میراث کما قد عرفت من أنه صرح به الشیخ و ابن حمزة و ابن إدریس و المصنف و الشهید و المولی الأردبیلی و زاد صاحب الکفایة الهدیة و الصلة و حیث یخمس ثم یظهر المالک و لم یرض ففی الضمان قولان أحوطهما الأول کما قاله جماعة و فی المدارک عدم الضمان قوی و لعلنا نفصل فإن کان الدافع الحاکم فلا ضمان و إلا ضمن و لا فرق فی ذلک بین ما أخذ من الجائز و غیره و إذا کان الحرام معلوم الجهة ککونه خمسا أو زکاة کان معلوم الأرباب و لو لم یکن الخلیط الحلال قدر خمس و کان مما یجب فیه الخمس فإنه لا یکفی هذا الإخراج کما فی جامع المقاصد و الروضة و المسالک و هو المحکی عن السید عمید الدین و تأمل فی ذلک صاحب الدروس و اکتفی فی حواشیه علی الکتاب بذلک الإخراج و لو امتزج باللقطة أو الوقف العام صولح الحاکم و عرف فی الأول و جعل وقفا فی الثانی و یحتمل فی الأول سقوط التعریف و الاکتفاء بالخمس من الوقف العام المجهول الجهة
(قوله رحمه اللّٰه) (لا یحل للأجیر الخاص العمل لغیر من استأجره إلا بإذنه و یجوز للمطلق)
هذه المسألة قد أسبغنا فیها الکلام فی باب الإجارة بما لم یوجد فی کتاب و لنشر إلیها هنا إشارة إجمالیة (فنقول أما أنه لا یحل للأجیر الخاص العمل لغیر من استأجره إلا بإذنه فقد صرح به فی النهایة و ما تأخر عنها مما تعرض له فیه ما عدا الوسیلة و الغنیة فقد أشیر فیهما إلی ذلک (قال) فی الغنیة بعد أن ذکر أن المشترک یضمن ما نصه أو مفردا (مفرد خ ل) و هو المستأجر للعمل مدة معلومة لأنه یختص عمله فیها بمن استأجره بدلیل الإجماع و هو و إن کان موجبا للضمان إلا أن ما نحن فیه مشمول له علی الظاهر لکنه فی النهایة لم یسمه باسم و فی مجمع البرهان أن القول بأن الأجیر الخاص لا یجوز له العمل لغیر من استأجره کأنه مما لا خلاف فیه و فی الریاض الإجماع علیه تارة و نفی الخلاف عنه أخری و وجهه أنه یجب علیه العمل للمستأجر فلا یجوز صرفه لغیره و مرجعه إلی أن الأمر بالشی‌ء یقتضی النهی عن ضده الخاص و اتفاق الکلمة هنا علی عدم الجواز قد ینبئ عن صحة القاعدة و ستسمع تحقیق الحال و قد یستدل علیه بموثقة إسحاق بن عمار (قال) سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن الرجل یستأجر الرجل بأجر معلوم فیبعثه فی صنعته «1» فیعطیه رجل آخر دراهم و یقول اشتر بها کذا و کذا و ما ربحت بینی و بینک فقال إذا أذن له الذی استأجره فلیس به بأس فإنها قد تدل بمفهومها علی البأس بدون الإذن مع حمل الأجیر علی کونه خاصا (و فیه) أن نفی البأس أعمّ من الحرمة کما أن الأجیر فیه أعمّ من الخاص (و تنقیح البحث أن یقال) إن المراد بالخاص ما استأجر للعمل بنفسه مدة معینة حقیقة کأن یستأجره لیبنی له مثلا بنفسه شهرا معینا أو حکما کما إذا استأجره لعمل معین مع تعیین أول زمانه (فقد تحصل) أنه العامل بنفسه مدة معینة سواء کان تعیین «2» المنفعة بالزمان کالمثال الأول أو بالعمل و تشخیص الزمان بتعیین أوله کالمثال الثانی (ثم) إذا عین العامل و الزمان فإن اتحدت المنفعة فلا بحث و إن تعددت فإن استوعب الجمیع فلا بحث أیضا و إن عین واحدة اقتصر علیها فی ذلک الزمان المعین و هذا الأجیر «3» بأقسامه الثلاثة لا یصح أن یکون أجیرا خاصا کذلک أی بأقسامه الثلاثة لا لمن استأجره أولا
______________________________
(1) ضیعته خ ل
(2) تعین خ ل
(3) الأخیر خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 123
..........
______________________________
و لا لغیره لأنه فی الأول یستلزم المحال و فی الثانی لا یقدر علی التسلیم لأن منافعه مملوکة للغیر و یدل علی ذلک بعد ذلک الإجماع و الأخبار الواردة فی موارد خاصة و المناط المنقح یقضی بعمومها و تعدیتها و یعلم من ذلک أنه لا یحل له أن یعمل لنفسه و لا لغیره عبادة و لا غیرها فی القسمین الأولین (أما الأول فظاهر) إذ المفروض أن لا منفعة له غیر ما استؤجر علیها (و أما الثانی) فلأن جمیع منافعه مملوکة فلا یتوجه الأمر بالعبادة حینئذ و أما غیر العبادة فلا یصح أیضا لأنه تصرف فی منفعة الغیر و ماله و فی جوارحه التی تعلق بها حق الغیر تعلق الرهانة مضافا إلی قاعدة النهی عن الضد و الأخبار فی بعض الموارد و هی عامة بتنقیح المناط (و أما القسم الثالث) فلیس له أن یفعل المنافی فحسب لجمیع ما ذکر (و أما المطلق) فهو الذی یستأجر لعمل مجرد عن المباشرة مع تعیین المدة کتحصیل الخیاطة یوما أو مجرد عن المدة مع تعیین المباشرة کأن یخیط له ثوبا بنفسه من غیر تعرض إلی وقت أو مجرد عنهما کخیاطة ثوب مجرد عن تعیین الزمان و سمی مطلقا لعدم انحصار منفعته فی شخص معین علی طول الزمان و مدة الحیاة و إلا فمع تعیین المباشرة تنحصر فی شخص معین و هذا یجوز له العمل لغیره بأقسامه لأن المستأجر لم یملک منفعته بل له علیه ذلک العمل إذا طلبه لأنا لا نقول بالفور و لا المباشرة فی الإجارات المطلقة من عبادات أو غیرها إلا أن یکون هناک قرینة دلت علی کونه فی زمان خاص کما قیل فی الحج فیصیر أجیرا خاصا و دعوی فهم الفوریة و المباشرة عند الإطلاق فی خصوص العبادات أو مطلقا فی محل المنع و القیاس علی أوامر الشرع فی العبادات لا وجه له للفرق الظاهر لأن الظاهر من حال من أراد العبودیة إرادة المباشرة و لا کذلک من کان غرضه مجرد إیجاد الفعل و فراغ ذمة المنوب عنه و قد ذکر الشهید فی حواشیه علی الکتاب فی باب الإجارة أن الإطلاق فی کل تلک الإجارات یقتضی التعجیل و أنه یجب المبادرة إلی ذلک الفعل فإن کان مجردا عن المدة خاصة فبنفسه و إلا یکن مجردا عن المدة خاصة تخیر بینه و بین غیره (و حینئذ فیقع) التنافی بینه و بین عمل آخر فی صورة المباشرة و فرع علیه عدم صحة الإجارة الثانیة فی صورة التجرد عن المدة مع تعیین المباشرة کما صنع الأجیر الخاص و استشهد علیه بما ذکر فی الحج من عدم صحة الإجارة الثانیة مع اتحاد زمان الإیقاع نصا أو حکما کما لو أطلق فیهما أو عین فی أحدهما بالسنة الأولی و أطلق فی الأخری (و قال) فی المسالک و یتفرع علی ذلک وجوب مبادرة أجیر الصلاة إلی القضاء بحسب الإمکان و عدم جواز إجارة نفسه ثانیا قبل الإتمام و فیه أن هذا التعجیل إن کان مستفادا من الأمر فی قوله (جل شأنه) أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فالأمر لیس للفور (سلمنا) لکنه لا یتم علی قول من یقول إن الأمر بالشی‌ء لا یقتضی النهی عن ضده الخاص (و لو سلم له لکنه لا یتم علی رأی من یقول إن النهی فی غیر العبادة لا یدل علی الفساد (انتهی) ما قاله فی المسالک (قلت) و إن کان مستفادا من الإجماع فلم نجده و إنما هو علی قول للشهید وافقه علیه ابن فهد علی جاری عادته فی رسالة أرسلها إلی بعض الأطراف و الأستاد الشریف قدس اللّٰه تعالی روحه کان یظن أنه ادعی فیها الإجماع و استقامة السیرة فأفتی بذلک مدة أیام ثم أمرنی بمراجعة الرسالة فلحظتها فإذا هی لیس فیها شی‌ء من ذلک فرقیت ذلک إلی خدمته و أن لا موافق للشهید إلا ابن فهد و أن الإجماع إنما هو علی الحلول و المراد به عدم التأجیل بمعنی أن له المطالبة فی الحال و جواز الفعل لا أنه علی التعجیل بمعنی أنه تجب المبادرة فی الوکالة و الحوالة و الرهن و الإجارة لکن (قد یقال) إن إطلاق البیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 124

[التاسع لو مر بثمرة النخل و الفواکه لا قصدا]

(التاسع) لو مر بثمرة النخل و الفواکه لا قصدا قیل جاز الأکل دون الأخذ (1) و لا یجوز مع الإفساد إجماعا و لا أخذ شی‌ء منها و لو أذن المالک مطلقا جاز
______________________________
یقتضی کون الثمن حالا و یجب دفع المثمن فلتکن الإجارة کذلک (قلنا هذا معنی الحلول و لهذا شرع خیار التأخیر هناک و هو مختص بالبائع و البیع لأن کان البیع یقع نسیئة و سلما فالعدول عنهما قضی بخیار التأخیر و القیاس علی الحج قیاس مع الفارق لمکان القرینة کما عرفت آنفا ثم إنه من المعلوم أن الاستیجار علی الصلاة و الصوم لم یبن علی المضایقة لقیام القرینة القاطعة علی إرادة التوسعة لمکان الشواغل المعلومة للمستأجر و لا علی المساهلة التی تفضی إلی الإهمال و التضییع فلا فرق بین أن یعین له وقتا غیر ما عین للأول أو یطلق (و تمام) الکلام و تنقیحه فی باب الإجارة فإنا قد أسبغناه و استوفیناه و بینا أن کلام الشهید لم یبن علی مسألة الاقتضاء فلا بد من الرجوع إلیه هذا تنقیح البحث فی المسألة و أطرافها و لا تصغ إلی المقالات و الاحتمالات (و إنما ذکرت هذه المسألة) هنا لأن اکتساب الأجیر الخاص من جملة الاکتسابات المحرمة فعلی هذا لو عمل بدون الإذن تبرعا و کان العمل مما له أجرة فی العادة تخیر المستأجر مع عدم فسخ عقده بین مطالبة من شاء منهما بأجرة المثل و إلا فلا شی‌ء له و فی معناه عمله لنفسه و إن کان بأجرة کأن یکون أجیرا خاصا فیما ماثل العمل الأول أو یکون دخل أحدهما فی الآخر مع عدم فسخ المستأجر عقده أیضا تخیر فی فسخ العقد الطاری و إجازته فإن فسخ رجع إلی أجرة المثل عن المدة الفائتة لا أجرة ذلک العمل و یتخیر فی الرجوع بها علی الأجیر لأنه المباشر أو المستأجر لأنه المستوفی و إن أجازه ثبت له المسمی (فإن) کان قبل قبض الأجیر له فالمطالب به المستأجر و (إن) کان بعد القبض و الأجرة معینة فالمطالب بها من هی فی یده و (إن) کانت مطلقة فإ (ن) أجاز القبض فالمطالب بها الأجیر و إلا المستأجر و المستأجر یرجع علی الأجیر بما قبض مع جهله أو علمه مع بقاء العین أو عدمه علی اختلاف الرأیین و (أما) إذا اختار فسخ عقد نفسه لفوات المنافع التی وقع علیها العقد أو بعضها و کان ذلک قبل أن یعمل له الأجیر شیئا فلا شی‌ء علیه و (إن) کان بعده تبعضت الإجارة و لزمه من المسمی بالنسبة و حینئذ ففی صحة الإجارة و الجعالة الثانیة وجهان یلتفتان إلی من باع ملک غیره ثم ملکه و أجاز فإن قلنا بصحتها فلا بحث و إلا عدل إلی أجرة المثل لکن هذا لا یتم علی مذهب المعظم من أن الأجیر إذا سلم نفسه أو عبده ثم منع فإنه لا خیار للمستأجر و قد بینا ذلک و أوضحناه فی باب الإجارة و قد خفی علی صاحب المسالک و صاحب الریاض (و مما ذکرناه) یعلم الحال فی عبارة (جامع المقاصد فی المقام)
(قوله رحمه اللّٰه) (لو مر بثمرة النخل و الفواکه لا قصدا قیل جاز الأکل دون الأخذ)
قد اختلفت أقوال الأصحاب فی المسألة أشد اختلاف حتی أن الفقیه الواحد فی الکتاب الواحد له فیها مذهبان أو ثلاثة لأنها تذکر فی المقام و فی بیع الثمار و باب الأطعمة و (قد) اختلف النقل أیضا للأقوال و الشهرات و الإجماعات و المعلوم بعد التتبع ما نذکره فنقول جواز الأکل من ثمر النخل و الفواکه مع شروط تأتی علی اختلافهم فیها خیرة الصدوق فی (المقنع) و أبیه علی ما حکی عنه و الشیخ فی (الخلاف و النهایة) و ابن إدریس فی (السرائر و المصنف فی التذکرة) و صاحب (کشف الرموز) و هو المحکی عن القاضی و قد حکی علی ذلک الإجماع فی الخلاف و السرائر) فی موضعین منها أحدهما کعبارة الخلاف قال إذا مر بحائط غیره و بثمرته جاز له أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 125
..........
______________________________
یأکل منها و لا یأخذ منها شیئا یحمله معه بإجماع الفرقة و أخبارهم و فی موضع آخر من السرائر ادعی الإجماع و تواتر الأخبار و لم یشترطا إلا عدم الأخذ و أما عدم الإفساد فمعلوم بالإجماع و العقل و أما عدم القصد فمن ظاهر المرور و ستسمع تمام الکلام فی ذلک و قد یظهر من ثمار المسالک دعوی الإجماع هنا حیث نسب الخلاف إلی الندرة و قد قصر هؤلاء الحکم علی الفواکه أعنی ثمرة النخل و غیره دون الزرع و الخضر لکن المحکی عن الشیخ فی المبسوط و أبی الصلاح تعمیم الحکم للزرع و الخضر کما هو صریح الإستبصار و الشرائع فی باب الثمار و نهایة الإحکام و اللمعة و المهذب البارع و المقتصر و إیضاح النافع و الکفایة و غیرها و حکاه فی کشف اللثام عن التذکرة و قد سمعت ما وجدنا فیها و فی الکفایة أنه المشهور و فی أطعمة المسالک نسبه إلی الأکثر و أن الشیخ فی الخلاف ادعی الإجماع علیه فلیتأمل فی ذلک و نسب أصل الجواز فی الروضة إلی الأکثر و قال فی المهذب البارع أولا إن أکثر الأصحاب علی ذلک سوی العلامة فی المختلف ثم (قال) إن أکثر الأصحاب لم یفرقوا بین النخل و غیره ثم (قال) إن المصنف یعنی المحقق تردد فی غیر النخل و منع العلامة من الجمیع و باقی الأصحاب علی الإباحة فی الکل و قال فی المقتصر لم یفرق الأصحاب بین النخل و غیره من الشجر و غیره من المباطخ و الزرع ثم ذکر تردد المحقق و منع العلامة و (قال) إن جمهور الأصحاب علی الإباحة فی الکل و فی کشف اللثام نسبة ذلک إلی الأکثر و (ینبغی) التأمل و الجمع و خص الجواز فی الحائریات و النافع و التحریر بثمر النخل و فی إیضاح النافع أنه المشهور روایة و فتوی و المحقق فی النافع فی باب الثمار تردد فی الزرع و الخضر و فی باب الأطعمة منه تردد فیهما و فی الثمار و فی أطعمة الشرائع عبارته قابلة لأن یکون قد تردد فی الجمیع کما فی التلخیص و موضع من المختلف و التحریر أو یکون قد تردد فی الخضر و الزرع خاصة کالتذکرة و التحریر فی موضع منه و کشف الرموز مع تقریب المنع فی التذکرة و کشف الرموز و فی أطعمة الکتاب قال روی إلی آخره و أما عدم جواز الأکل فی الجمیع فقد حکی عن علم الهدی فی المسائل الصیداویة و المنقول من عبارتها أنه قال الأحوط و الأولی أن لا یأکل (فتأمل) و هو خیرة المصنف فی المختلف و الإرشاد و ولده فی الإیضاح و ابن أخته السید عمید الدین فیما حکی عنه و الفاضل المقداد و المحقق الثانی فی حواشیه الثلاثة و الفاضل المیسی و کأنه مال إلیه فی الروضة و هو مذهب جمیع الفقهاء من العامة علی ما حکاه فی الخلاف و قال أبو علی لیناد صاحب البستان و یستأذنه فإن أجابه و إلا أکل و حلت عند الضرورة و إن أمکنه رد القیمة کان أحوط (حجة القائلین) بالجواز فی الجمیع بعد الإجماعات المنعقدة علی البعض و ما لعله یظهر من أبی العباس من الإجماع علی عدم الفرق الأخبار المستفیضة المعتضدة بما عرفت و بالشهرة الجابرة لقصور سند بعضها و بدعوی الحلی تواترها (فمنها) مرسل ابن أبی عمیر الملحق بالصحیح عن الرجل یمر بالنخل و السنبل و الثمرة أ فیجوز له أن یأکل منها من غیر إذن صاحبها فی ضرورة أو من غیر ضرورة قال لا بأس و مرسل یونس عن الرجل یمر بالبستان و قد حیط علیه هل یجوز أن یأکل من ثمره و لیس یحمله علی الأکل من ثمره إلا الشهوة له و له ما یغنیه عن الأکل من ثمره و هل یأکل من جوع قل لا بأس أن یأکل و لا یحمل و لا یفسد و خبر عبد اللّٰه بن سنان لا بأس بالرجل یمر علی الثمرة و یأکل منها و لا یفسد و مرسل الفقیه لا بأس أن یأکل من ثماره «1» و لا یحمل منه شیئا و خبر محمد بن مروان أمر بالثمرة فأکل منها قال کل و لا تحمل قلت إن التجار قد اشتروها و نقدوا أموالهم قال اشتروا ما لیس لهم و خبر علی بن جعفر الوارد فی حل الأکل أیضا و خبر کمال الدین عن محمد بن جعفر الأسدی الوارد فی حل الأکل و حرمة الحمل و خبر الاحتجاج و خبر
______________________________
(1) من ثمارها و لا یحمل منها شیئا (خ ل) یعنی البساتین (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 126
..........
______________________________
مستطرفات السرائر من کتاب مسائل الرجال و مکاتباتهم و مرسلة یونس الدالة علی ما کان یفعله مولانا الصادق علیه السلام فی عین زیاد و مما ذکر یعلم الدلیل علی مختار المقنع و ما وافقه و مختار الحائریات و ما وافقها و احتج المانعون بأنه تصرف فی مال الغیر بغیر إذنه (و بما رواه) الشیخ فی الصحیح عن علی بن یقطین (قال) سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل یمر بالثمرة من الزرع و النخل و الکرم و الشجر و المباطخ و غیر ذلک من الثمر أ یحل له أن یتناول منه شیئا و یأکل من غیر إذن من صاحبه و کیف حاله إن نهاه صاحب الثمرة و أمره القیم و لیس له و کم الحد الذی یسعه أن یتناول منه (قال) لا یحل أن یأخذ منه شیئا (و عن) مروان بن عبید عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (قال) قلت له الرجل یمر علی قراح الزرع یأخذ منه السنبل (قال) لا (قلت) أی شی‌ء السنبلة (قال) لو کان کل من یمر به یأخذ منه سنبلة کان لا یبقی شی‌ء (و هذا الخبر) لا یدخل فی هذا المضمار فإن موضوع المسألة هو الأکل من الثمار فی مکانه من غیر أن یحمله و الظاهر منه إرادة حمله لا إرادة أکله فی مکانه (فتأمل) و بما روی فی کتاب قرب الإسناد لا یأکل أحد إلا من ضرورة و لا یفسد إذا کان علیها بناء محاط (حائط خ ل) (و وجه) الاستدلال بالخبر الأول إذ هو أقعدها أن یأخذ وقع فی تقدیر مصدر منکر فی سیاق النفی أو النهی فیعم الأکل و الأخذ و الحمل و التخصیص یحتاج إلی دلیل و حمله علی الحمل یستلزم أن یکون أخص من السؤال فإنه وقع عن التناول و هو أعمّ من الحمل و الأکل و الأخص لیس بجواب تام و أنت خبیر بأن التناول فی الخبر یراد منه الأکل بقرینة قوله و یأکل ثم إن الحمل علی الحمل لا ینافی السؤال عن الأکل و لنا أن نحمله علی ما إذا فقد الشرائط کما ستعرف أو علی الکراهیة أو علی التقیة فإن المنع مذهب جمیع الفقهاء کما أسمعناکه آنفا (و یشهد) علی ذلک کون الراوی له علی بن یقطین و منه یعلم حال الخبرین الأخیرین علی أن فی آخر الأخیر ما یظهر منه موافقة المشهور و أوهن شی‌ء حمل أخبار الجواز علی ما إذا شهدت القرینة بالإذن و أوهن منه حملها علی حال الضرورة و هو یقول فی المرسل من غیر ضرورة و أوهن منه الحمل علی الأکل من بیوت من تضمنته الآیة و أوهن منه الحمل علی الذوق و هو یقول و لیس یحمله علی الأکل إلا الشهوة و الأکل غیر الذوق و الشهوة لا تناسبه (و کیف) کان فالمسألة عند التحقیق مشکلة جدا و القول بالحرمة قوی و إن بنیت علی الظاهر فالقول بالحل هو الظاهر ثم إن اشتراط عدم القصد مما لا ریب فیه و إن ترک التصریح به جماعة من القدماء فهو مستفاد من تعبیرهم بالمرور و مقطوع به من کلام غیرهم و من النصوص المبیحة لأنها مقصورة علی المرور و من الأصل و لا معارض له (و أما) نفی البأس عنه فی خبر عبد اللّٰه بن سنان فمصروف إلی الأکل المعطوف علیه فکأنه قال لا بأس بالأکل بعد المرور اتفاقا سلمنا لکنه ضعیف و لا جابر له فی خصوص ذلک من شهرة أو غیرها و المراد بعدم القصد أن یکون المرور اتفاقیا بأن یکون الطریق قریبة منها بحیث یصدق علیه المرور عرفا لا أن یکون طریقه علی نفس الشجرة کذا قاله جماعة و فی مجمع البرهان أنه لیس ببعید اعتبار القرب فإن العرف غیر معلوم و الاحتیاط حسن و أما اشتراط عدم الإفساد فقد عرفت أنه معلوم من إجماع الکتاب و نهایة الإحکام و العقل لکن إثباته من الأصل و الأخبار کأنه صعب جدا لانقطاع الأصل بإطلاق الرخصة و لیس فی الأخبار إلا النهی عنه و غایته الحرمة و هی أعمّ من الشرط إلا أن تقول بالتلازم بینهما و هو کذلک إن فسرناه بأن یأکل کثیرا بحیث یؤثر فیه أثرا واضحا و یصدق معه مسمی الإفساد عرفا و یختلف ذلک بکثرة الثمرة و المارة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 127

[العاشر یحل ثمن الکفن]

(العاشر) یحل ثمن الکفن و ماء المیّت و أجرة البذرقة (1)

[الحادی عشر یحرم علی الرجل]

(الحادی عشر) یحرم علی الرجل أن یأخذ من مال ولده البالغ شیئا إلا بإذنه إلا مع الضرورة المخوف معها التلف مع غنائه أو إنفاق ولده علیه (2)
______________________________
و قلتهما و حینئذ فهل یحرم الجمیع أو ما تحقق فیه مسمی الإفساد أو یعتبر القصد بادئ بدء الظاهر حرمة الجمیع مع القصد و إن لم یبلغ حد الإفساد و مع عدم القصد یقف الجواز عند خوفه أی الإفساد و لا کذلک لو فسر بکسر الغصن و هدم الحائط و نحو ذلک و إن کان فی حد ذاته حراما إن کان عمدا و هل یضمن إن کان خطأ فیه احتمالان و الظاهر الضمان لکن الأکثر فسروه بهما معا و لعل الظاهر عدم الفرق فی الإفساد بین کونه فی الشجر و الثمر و الجدران و السواقی (و بذلک) یمکن الاستدلال علی التحریم لأن المار لا یعلم قدر الثمرة ابتداء حتی یعرف الفساد فربما أکل من شجرة أو ثمرة صاع هی بقیة ألف صاع من حیث لا یعلم و لیعلم أیضا أنه لا فرق فی حصول الإفساد بین کونه من واحد أو جماعة فلو أکلت المارة حتی قرب الإفساد حرم علی الأخیر و إذا علم ترتب الفساد علی الجمیع اقترعوا علی التناول فیتناول من أخرجته القرعة و کذلک الحال فی اشتراط عدم الأخذ فإن إثباته من الأصل و الأخبار مشکل لما ذکرنا لکن الأکثر جعلوه حکما و لعلهم أرادوا الشرطیة کما هو صریح جماعة فیکون مشمولا لإجماع الخلاف و السرائر و زاد بعضهم عدم علم الکراهیة أو ظنها لکن ینافیه خبر محمد بن مروان الذی تضمن شراء التجار مضافا إلی الإطلاق فی الفتاوی و النصوص الأخر إلا أن تقول إن ذلک هو المتبادر (فتأمل) و زاد بعض آخر کونه علی الشجر لا مقطوعا و کأنه لأنه المتبادر و إن کانت الأخبار مطلقة کالفتاوی و فی مجمع البرهان ینبغی أن یکون فیما لا سور علیه و لا باب و یؤیده عدم جواز دخول البیت إلا مع الإذن (فتأمل) ثم احتمل جواز الأکل بعد الدخول و الاحتیاط ظاهر لا یخفی و لو أذن المالک جاز إجماعا کما فی نهایة الإحکام
(قوله) (یحل ثمن الکفن و ماء تغسیل المیّت و أجرة البذرقة)
هذا قد تقدم الکلام فیه و أنه یحل ثمن الکفن واجبه و مندوبه إذ لا یجب بذله للمیت و کذلک ماء غسل المیّت و سدره و کافوره و البذرقة بالذال المعجمة الخفارة و البذرق الخفیر الذی یکون مع القافلة یمنعها من العدو و یحرسها و هی مولدة قاله فی المغرب و لعل المراد بها هنا أجرة المشیعین له إلی قبره إذا زادوا علی ما یتوقف علیهم من نقله الواجب و هو بعید
(قوله رحمه اللّٰه) (یحرم علی الرجل أن یأخذ من مال ولده البالغ شیئا إلا بإذنه إلا مع الضرورة المخوف معها التلف مع غنائه أو إنفاق ولده علیه)
عدم جواز أخذ الوالد شیئا من مال ولده البالغ مع الغناء عنه أو الإنفاق علیه بغیر إذنه محل وفاق کما عن المنتهی و قال المجلسی إنه المشهور و به صرح فی الإستبصار و النهایة و السرائر و المختلف و هو قضیة کلام الدروس و غیره و بجمیع ما فی الکتاب صرح فی التذکرة و التحریر و کذا نهایة الإحکام و قال فی التحریر مع الضرورة التی یخاف معها التلف یأخذ ما یمسک به رمقه هذا کله فی غیر الحج الواجب و وطء الجاریة و ستسمع الکلام فیهما و قال الصدوق فی المقنع و أبوه فی الرسالة علی ما حکی و لا بأس للرجل أن یأکل أو یأخذ من مال ولده بغیر إذنه و لیس للولد أن یأخذ من مال والده إلا بإذنه و ما علیه المشهور هو الموافق للقواعد الشرعیة من الأصول و الآیات و الروایات الدالة علی تحریم التصرف فی مال الغیر بغیر إذنه مضافا إلی خصوص ما رواه فی الکافی عن علی بن جعفر عن أبی إبراهیم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 128
و لو کان صغیرا أو مجنونا فالولایة له فله الاقتراض مع العسر و الیسر (1)
______________________________
علیه السلام قال سألته عن الرجل یأکل من مال ولده قال لا إلا أن یضطر إلیه فیأکل منه بالمعروف و زاد الحمیری فی روایته أو یستقرض منه حتی یعطیه إذا أیسر و المراد بما یضطر إلیه القوت الواجب علی الولد کما أشیر إلیه فی موثقة سعید بن یسار و ما رواه الشیخ فی الصحیح عن ابن سنان و الظاهر أنه عبد اللّٰه قال سألته ما ذا یحل للوالد من مال ولده قال أما إذا أنفق علیه ولده بأحسن النفقة فلیس له أن یأخذ من ماله شیئا إلی غیر ذلک من الأخبار کخبر الثمالی و خبر الحسین بن أبی العلاء و هناک أخبار أخر کثیرة دلت علی ما قاله الصدوقان و الأصحاب أجمعوا علی طرحها کما فی الحدائق و تأولوها بالحمل علی کون أخذ الوالد للنفقة و فیه أنها تنبو عن ذلک إذ لا فرق حینئذ بین الوالد و الولد مع أن الروایات المذکورة دلت علی الفرق و أنه إنما یباح الأخذ للوالد خاصة دون الولد و کذلک فرق فی الأخبار المذکورة بین الأب و الأم حیث منعت الأم من الأخذ مع أنها واجبة النفقة کالأب و احتمل آخرون حمل ما تضمن جواز أخذ الأب من مال الولد علی فقد ما وجب من النفقة مع الحاجة أو علی الأخذ علی وجه القرض أو علی الاستحباب بالنسبة إلی الولد و ما تضمن منع الولد محمول علی عدم الحاجة أو علی الأخذ لغیر النفقة الواجبة و کذا ما تضمن منع الأم لجواز وجود الزوج فتجب نفقتها علیه و الأولی حملها علی التقیة و إن کثرت کما یرشد إلی ذلک خبر الثمالی عن أبی جعفر علیه السلام (قال) قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله لرجل أنت و مالک لأبیک ثم (قال) أبو جعفر و ما أحب له أن یأخذ من مال ابنه إلا ما یحتاج إلیه مما لا بد منه إن اللّٰه عز و جل لٰا یُحِبُّ الْفَسٰادَ حیث إنه علیه السلام بعد أن نقل الخبر النبوی أضرب عنه صفحا تنبیها علی عدم صحته و إلا فکیف ینقله و هو صحیح عنده ثم یخالفه و یسمی ذلک فسادا و خبر الحسین بن علوان فإن رجاله من العامة و الزیدیة و قد اشتمل علی المبالغة التامة فی ذلک حیث إنه جوز عتق أبیه لمملوکه المضر به عتقه من دون إذنه لأنه سهم من کنانته إلی أن (قال) یتناول والدک من مالک و بدنک و لیس لک أن تتناول من ماله و بدنه شیئا و أکثر أخبار الجواز تدور علی هذا الخبر و قد فسر الصادق علیه السلام فیما رواه ثقة الإسلام و الفقیه عن الحسین بن أبی العلاء الخبر النبوی أنت و مالک لأبیک بأنه إنما جاء بأبیه إلی النبی صلی اللّٰه علیه و آله (فقال) یا رسول اللّٰه هذا أبی و قد ظلمنی میراثی من أمی فأخبره الأب بأنه أنفقه علیه و علی نفسه (فقال) صلی اللّٰه علیه و آله أنت و مالک لأبیک و لم یکن عند الرجل شی‌ء أ فکان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یحبس الأب للابن و أما صدر الخبر فصریح فی قول المشهور و قد رواه فی کتاب معانی الأخبار فی الحسن فقد التأمت کلمات الأصحاب مع أخبار الباب و زال عنها الشک و الارتیاب بلطف اللّٰه سبحانه و تعالی و برکة محمد ص
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو کان صغیرا أو مجنونا فالولایة له فله الاقتراض مع العسر و الیسر)
هذا مما لا أجد فیه مخالفا إلا ابن إدریس فإن کلامه یعطی أن لیس له أن یستقرض إلا بإذنه (و قال) إنه ما ورد عند أصحابنا إلا أن للوالد أن یشتری من مال ابنه الصغیر من نفسه بالقیمة العدل و لم یرد أن له أن یستقرض المال و إذا کان للولد جاریة جاز للوالد أن یأخذها و یطأها بعد أن یقومها علی نفسه قیمة و یضمن قیمتها فی ذمته و أنت خبیر بأن هذا نوع اقتراض و الفرق بأن البیع بالنسیئة مغایر للقرض غیر واف بالمطلوب (قال) الشیخ فی النهایة إذا کان للولد مال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 129
و یجوز أن یشتری من مال ولده الصغیر لنفسه بثمن المثل فیکون موجبا قابلا (1) و أن یقوم جاریته علیه و یطأها حینئذ (2)
______________________________
و لم یکن لوالده جاز أن یأخذ منه ما یحج به حجة الإسلام فأما حجة التطوع فلا یجوز له أن یأخذ نفقتها من ماله إلا بإذنه و تبعه ابن البراج فیما حکی لکنه (قال فی الإستبصار أنه إذا کان قد وجب علیه حجة الإسلام کان له أن یأخذ بالقرض علی نفسه من مال ولده ما یحج به فأما من لم یجب علیه فلا یلزمه أن یأخذ من مال ولده و یحج به و هو محمول علی ما إذا کان الولد صغیرا کما حمل فی نهایة الإحکام ما ورد من أنه یحج من مال ابنه علی ما إذا کان صغیرا و أنت خبیر بأن الوارد فی ذلک موثقة سعید بن یسار و هی مقیدة فی السؤال بما إذا کان صغیرا (قال قلت) لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أ یحج الرجل من مال ابنه و هو صغیر (قال) نعم الحدیث و کلام الشیخ فی النهایة و القاضی ینزلان علی ذلک و حسنة محمد بن مسلم الدالة علی جواز أخذ الأب من دون قرض و علی عدم جواز أخذ الأم إلا قرضا حالها حال الأخبار السالفة من الحمل علی التقیة أو غیر ذلک و لعل المراد بالجنون ما إذا کان متصلا بالحجر الواقع فی صغره علی أحد القولین فی المسألة و لعل الجد أیضا کالأب فی ذلک کله
(قوله رحمه اللّٰه) (و یجوز أن یشتری من مال ولده الصغیر لنفسه و یکون قابلا موجبا)
هذا مما لا خلاف فیه و فی جامع المقاصد الظاهر أن الحکم اتفاقی و الشیخ إنما منع فی غیر الأب و الجد کما یأتی بیانه بما لا مزید علیه و قد صرح فی النهایة و الإستبصار بجواز اتحاد القابل و الموجب و أخبار الجاریة فی المقام تدل علی ذلک کما ستسمع و الجد کالأب علی الظاهر و یجوز أن یبیع کل منهما أیضا علیه کل ذلک مع الغبطة
(قوله رحمه اللّٰه) (و أن یقوم جاریته علیه و یطأها حینئذ)
یعنی إذا کان صغیرا کما قید بذلک فی الإستبصار و السرائر و نهایة الإحکام و استجوده فی التحریر قال فی السرائر هذا هو الصحیح المجمع علیه فأما إذا کان الولد بالغا کبیرا فلا یجوز له أن یأخذ شیئا من أموالهم إلا قرضا علی نفسه انتهی و ذیل خبر ابن سنان صریح فی ذلک قال فإن کان لرجل ولد صغار و لهم جاریة فأحب أن یفتضها فلیقومها علی نفسه الحدیث و أطلق الشیخ فی النهایة و لعله استند إلی خبر محمد بن مسلم حیث قال فیه علیه السلام له أن یقع علی جاریة ابنه إن لم یکن الابن وقع علیها و هذا لا یجری فی الصغیر (فتأمل) و إلی قوله علیه السلام فی موثقة إسحاق بن عمار إذا کان للرجل جاریة فأبوه أملک بها أن یقع علیها ما لم یمسها الابن (فتأمل) و حکی فی الدروس عن الصدوق أنه (قال) یجوز للأب مباشرة جاریة الابن ما لم یکن مسها (قال) و یحمل علی فعل ذلک بطریق شرعی و لیعلم أن أکثر العبارات کالأخبار خلت عن ذکر الشراء و إنما تضمنت التقویم و ضمان القیمة إلا عبارة الشهید فی الدروس فإنه صرح فیها بالتقویم و الشراء قال و لا یجوز مباشرتها قبل ذلک و نحوه قال الکرکی فی نکاح جامع المقاصد لکن الشهید (قال) فی حواشیه علی الکتاب إنها تنتقل إلیه بنفس التقویم کأن یقول قومت جاریة ولدی بکذا و لا یفتقر إلی إیجاب و قبول انتهی و ینبغی الإعلان کما تضمنته الأخبار و کیف کان فالأقوی مراعاة المصلحة و الغبطة للطفل و لا یکفی عدم الفساد کما بیناه فی کتاب الرهن إلا أن تقول إنه یکفی ذلک فی خصوص المقام لمکان الأخبار و فیه نظر ظاهر و الفرق بین الأب و غیره لم نجده فی کلام الفقهاء إلا المصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 130
و للأب المعسر التناول من مال ولده الموسر قدر مئونته (1) و یحرم علی الولد أن یأخذ من مال والده شیئا إلا بإذنه (2) و یحرم علی الأم أن تأخذ من مال ولدها شیئا (3) و بالعکس (4) إلا مع الإذن و لیس لها أن نقترض من مال ولدها الصغیر و یحرم علی الزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغیر إذنه شیئا و إن قل و یجوز لها أن تأخذ المأدوم و تتصدق به (5)
______________________________
فی حجر التذکرة فإنه جوز له أن یشتری منه نسیئة و لا یرهن عنده
(قوله رحمه اللّٰه) (و للأب المعسر التناول من مال ولده الموسر قدر مئونته)
لنفسه خاصة إذا منعه الولد کما فی التذکرة لکن لا بد من إذنه فإن تعذر فالحاکم فإن تعذر استقل الأخذ و لا کذلک الحال فی الصغیر و إلی ذلک أشار فی النهایة بقوله فإن احتاج أخذ من ماله قدر ما یحتاج إلیه من غیر إسراف علی طریق القصد و لو قیل بجوازه مستقلا مطلقا کان قویا «1» جدا
(قوله رحمه اللّٰه) (یحرم علی الولد أن یأخذ من مال والده شیئا إلا بإذنه)
قلیلا کان أو کثیرا مختارا کان أو مضطرا فإن اضطر ضرورة یخاف معها علی تلف نفسه أخذ من ماله ما یمسک به رمقه کما یتناول من المیّتة و الدم إذا کان الوالد ینفق علیه أو کان الولد غنیا کما صرح بذلک فی النهایة و السرائر و التذکرة و نهایة الإحکام لأصالة عصمة مال الغیر و لعموم قوله تعالی وَ لٰا تَأْکُلُوا أَمْوٰالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبٰاطِلِ و لأن الأب ربما کره ذلک فیکون مرتکبا للعقوق و هو من أعظم الکبائر مضافا إلی أخبار الباب الناصة علی أنه لا یأخذ من مال والده شیئا و هی مستفیضة و لو لم ینفق علیه مع وجوب النفقة جبره الحاکم فإن فقد أخذ الواجب و إن کره الأب
(قوله رحمه اللّٰه) (و یحرم علی الأم أن تأخذ من مال ولدها شیئا)
إذا کان الولد ینفق علیها أو کانت غنیة لا علی سبیل القرض و لا غیره کما فی السرائر و نهایة الإحکام و التذکرة و الدروس و جوز فی النهایة التناول لها علی سبیل الفرض و تبعه القاضی و هو المنقول عن علی بن بابویه و توقف فی التحریر لأن بقول الشیخ روایة حسنة و هو ظاهر المختلف حیث نقل القولین من دون ترجیح و أراد بالروایة الحسنة حسنة محمد بن مسلم بإبراهیم قال علیه السلام فأما الأم فلا تأکل منه إلا قرضا علی نفسها و مثلها ما رواه فی الکافی عن عبد اللّٰه بن یعفور ما أحب أن تأخذ منه شیئا إلا قرضا علی نفسها و مثله من دون تفاوت خبر علی بن جعفر فی کتابه و فی الدروس احتمل حمل ذلک علی ما إذا کانت وصیة و لیت شعری ما المانع من العمل بهذه الأخبار التی عمل بها أربعة من القدماء و لعل الأصل ینقطع بها لکن ذلک متجه علی أصل ابن إدریس و أما لو کانت معسرة و لم ینفق الولد علیها و تعذر الحاکم فلها أن تتناول من ماله قدر نفقتها الواجبة علیه خاصة
(قوله رحمه اللّٰه) (و بالعکس)
یعنی لا یجوز له أن یأخذ من مال أمه شیئا إذا کان غنیا أو معسرا مع وجود أبیه أو أب أبیه فصاعدا و کذلک إن کانوا معدومین أو معسرین و الأم تنفق علیهم نعم لو لم تنفق علیه حینئذ و تعذر الحاکم کان له أن یتناول من مالها قدر نفقته الواجبة له علیها خاصة
(قوله رحمه اللّٰه) (و یحرم علی الزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغیر إذنه شیئا و إن قل و یجوز لها أن تأخذ المأدوم و تتصدق به)
إجماعا فی الجمیع کما عن المنتهی و بذلک صرح فی النهایة و السرائر و التذکرة
______________________________
(1) قریبا خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 131
ما لم تجحف إلا أن یمنعها فیحرم (1) و لیس للبنت و لا للأخت و لا للأمة تناول المأدوم إلا مع الإذن (2) و یحرم علی الزوج أن یأخذ من مال زوجته شیئا إلا بإذنها و لو دفعت إلیه مالا لینتفع به کره له أن یشتری به جاریة لیطأها إلا مع الإذن (3)
______________________________
و التحریر و نهایة الإحکام و الدروس و غیرها و فی الدروس رواه أصحابنا یعنی التصدق بالمأدوم و قید المأدوم بالیسیر فی المنتهی و التحریر (و یدل) علی الحکم المذکور موثقة ابن بکیر المرویة فی الکافی و التهذیب (قال) سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عما یحل للمرأة أن تتصدق به من مال زوجها بغیر إذنه قال المأدوم و علیه ینزل إطلاق خبر علی بن جعفر و ما رواه فی الفقیه فی حدیث وصیة النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عملا بالقاعدة المعلومة من حمل المطلق علی المقید فلا یلتفت إلی ما لعله یظهر من الوسائل و غیرها و المأدوم قال فی الدروس إنه ما یؤتدم به کالملح و اللحم و زاد الکرکی الخل و الدهن قال و لیس ببعید دخول الفاکهة فی المأدوم و فی حواشی الکتاب و الدروس فی الخبز و الفاکهة نظر و فی الصحاح و القاموس إدام ککتاب ما یؤتدم به و زید فی المصباح المنیر مائعا کان أو جامدا و نحوه ما فی مجمع البحرین و عن بعض الأخبار من طرق العامة دخول الرطب
(قوله رحمه اللّٰه) (ما لم تجحف إلا أن یمنعها فیحرم)
قد قید بعدم الإجحاف فی النهایة و غیرها و هو المراد بقولهم ما لم یؤد إلی الإضرار کما فی السرائر و غیرها و یختلف الإجحاف باختلاف الحال و مفهوم قول المصنف إلا أن یمنعها فیحرم أنه لو لم یمنعها صریحا لا یحرم و لو علمت کراهیته من قرائن الأحوال و إلی ذلک یرشد قوله فی التحریر إلا أن یمنعها لفظا و کذلک ما فی السرائر و نهایة الإحکام و الدروس من التعبیر بالنهی (فتأمل) لکنه قال فی حجر التحریر أو تعلم کراهیته و هو حسن و قال الکرکی لو ظهرت أمارات الکراهیة فلیس ببعید القول بالتحریم و لا فرق فی الزوجة منعا و جوازا بین الدائمة و غیرها و لعل الاقتصار علی الدائمة التی إلیها أمر البیت و المطلقة رجعیا لیس حکمها هنا حکم الزوجة
(قوله رحمه اللّٰه) (و لیس للبنت و لا للأخت و لا للأم و لا للأمة تناول المأدوم إلا مع الإذن)
و إن کانت إحداهن متصرفة فی المنزل لعدم النص علی غیر الزوجة کما أنه لیس للزوجة التصرف فی غیر المأدوم و الحال فی الغلام کالأمة
(قوله رحمه اللّٰه) (و یحرم علی الزوج أن یأخذ من مال زوجته شیئا إلا بإذنها و لو دفعت إلیه مالا لینتفع به کره له أن یشتری به جاریة لیطأها إلا مع الإذن)
أما أنه یحرم علی الزوج أن یأخذ من مال زوجته إلا بإذنها فمما لا ریب فیه و لذا ترکه الأکثر و به صرح فی التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس و إذا أباحته أو وهبته اقتصر علی ما تعلق به ذلک و قد یدل علیه موثقة سعید بن یسار الطویلة و أما أنها إذا دفعت إلیه مالا لینتفع به فإنه یکره له أن یشتری به جاریة لیطأها إلا مع الإذن فقد صرح به فی النهایة و التذکرة و التحریر و کذلک الدروس إلا أنه قال و لو ملکته مالا کره له التسری و یحتمل کراهیة جعله صداقا لضرة إلا بإذنها (انتهی) و لعله أوفق بالقواعد من تعبیر الجماعة کما ستعرف و فی السرائر قد روی أنه یکره له أن یشتری إلخ (قلت) الوارد فی المقام صحیحة هشام عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل تدفع إلیه امرأته المال فتقول اعمل به و اصنع ما شئت أ له أن یشتری الجاریة یطأها قال لا لیس له ذلک و مثله خبر الحسین بن المنذر دفعت إلی امرأتی مالا إلی أن قال فی جوابه أبو عبد اللّٰه علیه السلام لا أرادت أن تقر عینک و تسخن عینها و دفع المال یحتمل أن یکون علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 132

[الفصل الثانی فی الآداب]

(الفصل الثانی) فی الآداب یستحب لطالب التجارة أن یتفقه فیها أولا (1) و الإقالة للمستقیل (2)
______________________________
سبیل الإقراض أو القراض و احتمال البضاعة بعید بل قد یحتمل أن یکون علی سبیل الإعانة له لا قرضا و لا قراضا کما هو المتعارف بین الأزواج فإن کان علی سبیل القرض توجه القول بالکراهیة و صرفنا النهی فی الخبرین عن ظاهره لأنه قد ملک المال فأقصی ما هناک الکراهیة و لعله لحظ ذلک فی (الدروس) و إن کان أحد الثلاثة الباقیة فالکراهیة محل إشکال لاتفاقهم علی تحریم تصرف الزوج فی مال زوجته إلا بإذنها و من المقطوع به بالنظر إلی قرائن الأحوال عدم الإذن فی هذا التصرف الخاص و حینئذ یبقی النهی علی حاله (فلیتأمل)
(الفصل الثانی فی الآداب) (قوله) (یستحب لطالب التجارة أن یتفقه فیها أولا)
کما صرح بذلک فی المقنعة و النهایة و أکثر ما تأخر عنهما و الأخبار به متظافرة بل قد یجب کما فی إیضاح النافع و لا یشترط معرفة الإحکام بالاستدلال کما یقتضیه ظاهر الأمر بالتفقه بل یکفی التقلید لأن المراد به معرفتها علی وجه یصح و لو عمل علی العادة فی غیر موضع الشک لاعتقاد شرعیته مطمئنا بذلک لم یکن علیه شی‌ء عبادة کانت أو معاملة و لو ظهر له الخلاف أتی بما لزمه و فی موضع الشک یجوز له الشروع فی المعاملة و لا کذلک العبادة نعم إذا شرع فیها و عرض له استمر و بنی علی ما ترجح فی ظنه ثم یسأل بعد ذلک و إذا تمکن من السؤال تعین تقدیمه علی العمل بالأفراد المحتملة فی العبادات نعم إذا تعذر السؤال تعین العمل بالأفراد المحتملة احتیاطا و فیما عدا العبادات ففی الاحتیاط غنیة و المراد بالتجارة ما یعم المکاسب کالزراعة و نحوها و کما وردت الأخبار بالأمر بطلب العلم و وجوب التفقه فی الدین و أنه فریضة علی کل مسلم کما فی الکافی و غیره استفاضت الأخبار بطلب الرزق و وجوبه و ذم تارکه و لعن من ألقی کله علی الناس و ورد الترغیب فیه و أن العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال فلا بد من الجمع بین الأخبار فیمکن أن یقال بوجوب طلب الرزق علی غیر طالب العلم المشتغل بالإفادة و الاستفادة کما استمرت علیه طریقة العلماء الأعلام و به صرح الشهید الثانی فی منیة المرید فی آداب المفید و المستفید (قال فی جملة شرائط تحصیل العلم أن یتوکل علی اللّٰه سبحانه و یفوض أمره إلیه و لا یعتمد علی الأسباب فیوکل إلیها و تکون وبالا علیه و لا علی أحد من خلق اللّٰه تعالی بل یلقی مقالید أمره إلی اللّٰه فی مراده و رزقه و غیرهما تظهر له من نفحات قدسه و لحظات أنسه ما یقوم بأوده و یحصل مطلوبه و یصلح به مراده و قد أطال فی بیان ذلک و لعله أراد ما عدا الواجب العینی من طلب الرزق لأن فی ترکه حینئذ إلقاء للنفس و العیال فی التهلکة و المعلوم من سیرة الشارع تقدیم مراعاة الأبدان علی الأدیان و لهذا أوجب الإفطار علی المریض و إن أطاقه و أباح المیّتة لمن اضطر إلیها و شرب الخمر لإساغة اللقمة إلی غیر ذلک مما لا یحصی أما لو حصل له رزق من وجه صدقة أو زکاة یمونه و عیاله بقدر سد الخلة وجب تقدیم الواجب عینا من العلم قطعا و الحاصل أن العلم منه ما هو واجب عینا و کفایة و ما هو مستحب و کذلک طلب الرزق ینقسم إلی الواجب و المستحب و المکروه و الحرام و لا یخفی علیک الحال فی ذلک بعد أن سمعت ما مر و من أعظم العلوم الواجبات تطهیر القلب من الملکات الردیات کالریا وجب الدنیا و الحسد و العجب و الکبر و نحوها إذ هو الأصل الأصیل للعلوم الرسمیة و قد اندرست الآن مراسمه العلیة و انطمست آثاره بالکلیة إلا بقایا فی بعض الزوایا
(قوله رحمه اللّٰه) (و الإقالة للمستقیل)
إذا کان مؤمنا مشتریا کان أو بائعا و الاستحباب فیه مؤکد للأخبار و الفتاوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 133
و إعطاء الراجح و أخذ الناقص (1) و التسویة (2)
______________________________
و موافقة الاعتبار و لیس فی أکثر العبارات التقیید بالندامة کجملة من الأخبار و قیدها بها جماعة حملا للمطلق علی المقید فی الأخبار الأخر و القاعدة تقتضی الحمل علی تأکد الاستحباب و لعل الفائدة تظهر فیما إذا کان له خیار فإذا قلنا باعتبار الندامة فلا فائدة فی الإقالة فی زمن الخیار لأنه إذا کان له فسخ بسبب آخر فلا ندامة و إن لم نقل باعتبارها فقد یکون مطلوبه منها تحصیل الثواب بها فلا ینافی إمکان فسخه بسبب آخر و هو من أتم الفوائد (فتأمل) و لا ریب أن إقالة مطلق النادم مستحبة و إن لم یکن مستقیلا للاعتبار و الأخبار کقوله صلی اللّٰه علیه و آله من أقال مسلما نادما أقاله اللّٰه عترته یوم القیامة
(قوله رحمه اللّٰه) (و إعطاء الراجح و أخذ الناقص)
نقصانا و رجحانا لا یؤدی إلی الجهالة و دلیل استحبابهما الاعتبار الواضح (و أما الأخبار) فمستفیضة بإعطاء الراجح مضافا إلی قوله جل شأنه وَ أَوْفُوا الْکَیْلَ إِذٰا کِلْتُمْ (و أما) استحباب أخذ الناقص فقد یشعر به بعض الأخبار (ففی) الخبر من أخذ المیزان بیده فنوی أن یأخذ لنفسه وافیا لم یأخذ إلا راجحا و من أعطی فنوی أن یعطی سوالم لم یعط إلا ناقصا (فتأمل) و قد تشعر به آیة المطففین و یبقی الکلام فی المراد من هذه العبارة إذ قد وقعت هذه و نحوها کقبض الناقص فی جملة من کتبهم و ظاهر ذلک أن المراد أنه إذا أعطی ناقصا یقبله و حینئذ یتجه التقیید بما لا یؤدی إلی الجهالة و یحتمل أن یکون المراد أنه إذا تولی الوزن أو الکیل لنفسه أخذ ناقصا و إذا تولاه لغیره عن نفسه أعطاه راجحا کما هو ظاهر النهایة و فقه الراوندی و السرائر (قال) فی النهایة و ینبغی لمن یأخذ شیئا بالوزن ألا یأخذ إلا ناقصا و إذا أعطاه لا یعطیه إلا راجحا و مثلها من غیر تفاوت عبارة السرائر و فی فقه الراوندی بعد أن ذکر قوله جل شأنه وَ أَوْفُوا الْکَیْلَ إِذٰا کِلْتُمْ و أنه کان علیه السلام یقول یا وزان زن و أرجح فلهذا أمرنا أن لا نأخذ إلا ناقصا و لا نعطی إلا راجحا (انتهی) و حینئذ ینبغی ملاحظة الآیة و الأخبار و دلالتهما علی أی الشقین أکثر لیتأمل فی ذلک و لا فرق فی ذلک بین الکیل و الوزن إذ بکل منهما أخبار و به صرح بعض الأصحاب و لو تشاحا قیل یقدم من فی یده المیزان و قد یفهم ترجیح جانب البائع من خبر السکونی حیث أمر فیه أمیر المؤمنین علیه السلام القصاب بالزیادة و لم یأمر الجاریة بأخذ النقیصة إلا أن تقول إنما کان ذلک لأن کان بیده المیزان أو تقول إنها کانت أمة إذ الجاریة هی الفتیة من النساء و إذا کان المیزان بید غیرهما فالظاهر القرعة و قد (یقال) یقدم الآخذ بعد الصفقة کان المیزان فی یده أم لا و المعطی قبلها کذلک و لعل القرعة أولی مطلقا و من لا یحسن الکیل و الوزن یکره له ذلک کما (قاله) الأصحاب کما قاله جماعة «1»
(قوله رحمه اللّٰه) (و التسویة)
کما صرح به فی (النهایة و السرائر) و ما تأخر عنهما (و یدل) علیه خبر عامر بن جذاعة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه (قال) فی رجل عنده (الحدیث) و فی بعض عباراته بعض الغموض مضافا إلی الاعتبار و أن من فوض إلیه قد جعله وکیلا له فی المساعرة فلا تنبغی الزیادة علیه و معناه أن یساوی بین المبتاعین کما صرح به الأکثر و زاد فی المنتهی علی ما حکی البائعین و الظاهر أن ذلک بالنسبة إلی الغلاء فقط ثم إنه لو کان سبب التفاوت الإیمان أو التقوی أو العلم أو الفقر أو نحو ذلک مما یحسنه العقل فلا استحباب فی التسویة لکن یکره للآخذ
______________________________
(1) کذا فی نسختین و یحتمل کونه نسخة بدلا عن قوله کما قاله الأصحاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 134
و ترک الریح للموعود بالإحسان (1) و للمؤمن إلا الیسیر مع الحاجة (2)
______________________________
قبول ذلک و یحکی عن السلف أنهم کانوا یوکلون فی الشراء من لا یعرف هربا من ذلک و فی السرائر إذا کانوا عالمین بالأسعار و بما یباع فلا بأس بأن یبیع کل واحد بغیر سعر الذی باعه للآخر مع علمه
(قوله رحمه اللّٰه) (و ترک الربح للموعود بالإحسان)
کما صرح به الأصحاب و أفصح عنه (به خ ل) مرسل علی بن عبد الرحیم إذا قال الرجل للرجل هلم أحسن بیعک حرم علیه الربح و هو مبالغة فی الکراهة ثم إن أقل الإحسان ترک الربح و بیع التولیة و خلف الوعد غیر مستحسن
(قوله رحمه اللّٰه) (و للمؤمن إلا الیسیر مع الحاجة)
کما صرح به الأصحاب و فی النهایة و السرائر و الشرائع إلا فی حال الضرورة و لعلها بمعنی الحاجة و یحتمل أن یکون مرادهم بهما قوت یوم له و لعیاله کما یستفاد من اللمعة و الروضة و المسالک و حینئذ یوزعه علی المؤمنین المعاملین جمیعا فی ذلک الیوم مع انضباطهم و إلا ترک الربح علی المعاملین بعد تحصیل قوت یومه کل ذلک مع شرائهم لغیر التجارة مع حاجة البائع و کون الشراء لیس بأکثر من مائة درهم أما لو کان بأکثر منها ربح علیه أیضا قوت یومه مع الحاجة و بدونها و أما إذا کان للتجارة فلا بأس مع الرفق هذا هو المستفاد من عبارة الدروس (قال) و الربح علی المؤمن إلا أن یشتری بأکثر من مائة درهم فیربح علیه قوت الیوم أو اشتری للتجارة فیرفق به أو للضرورة إن جعلنا قوله أو للضرورة عطفا علی قوله أن یشتری حتی یوافق کلام الأصحاب و یأتی الکلام فی الخبر و عبارة اللمعة کعبارة المصنف و غیره ممن تقدم علیه مع زیادة فیأخذ منهم نفقة یومه موزعة علی المعاملین و فی المسالک ما یخالف الدروس و اللمعة (قال) فی المسالک إلا مع الضرورة فیربح قوت یومه موزعا علی المعاملین المؤمنین هذا إذا اشتری منه للقوت و کان بمائة درهم فصاعدا و هذه القیود إنما نشأت من الشهیدین نظرا إلی ما رواه فی الکافی عن الحسن بن صالح و أبی شبل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (قال ربح المؤمن علی المؤمن حرام إلا أن یشتری بأکثر من مائة درهم فاربح قوت یومک أو یشتریه للتجارة فاربحوا علیهم و ارفقوا بهم و هو کما تری لا یوافق کلام أحد من الأصحاب و أغرب شی‌ء ما فی المسالک و الروضة و الریاض من التقیید بما إذا اشتری للقوت و أنت خبیر بأن القوت ما یؤکل لیمسک الرمق کما فی المصباح المنیر و قاله ابن فارس و الأزهری و نحوه ما فی القاموس من أنه المسکة من الرزق و هو المعروف فی العرف و عدم شرائه للتجارة أعمّ مما کان للقوت أو للکسوة أو الهدیة إلی غیر ذلک و ما الذی جاء بالضرورة فی عبارة المسالک مع التقیید بکون الشراء بمائة أو أکثر و الخبر لم یتضمن ذلک لأنه لا یکره مع الضرورة و إن اشتری بأقل من ذلک للقوت أو لغیره نعم التوزیع قد یستفاد من الخبر لأنه لا بد منه إذا اشتری منه اثنان أو ثلاثة و قد (یقال) إنه موافق لعبارة الدروس إذ الضرورة مما لا بد من استثنائها عقلا و لا کذلک هی فی عبارة المسالک فلیلحظ ذلک فإنه دقیق و لا أری من تنبه له و لیس مستند الشهیدین فی الباب غیر الخبر المذکور (نعم) هناک خبران أحدهما صریح فی أنه إنما یحرم و یکون ربا إذا ظهر الحق و قام قائمنا أهل البیت علیه السلام و أما الیوم فلا بأس أن تربح علیه و الآخر دال علی الربح و عدم الربا و تکذیب الناس فیما یقولون من أن الربح علی المضطر حرام (و هناک إشکال) آخر یرد علی الجمیع إذا فسرنا الحاجة و الضرورة فی کلامهم بقوت الیوم لأن الذی استمرت علیه الطریقة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 135
و التسامح فی البیع و الشراء و القضاء و الاقتضاء (1) و الدعاء عند دخول السوق (2) و سؤال اللّٰه جل شأنه أن یبارک له فیما یشتریه و یخیر له فیما یبیعه (3)
______________________________
فی الأعصار و الأمصار أن التجار یبیعون و یربحون أزید من قوت الیوم و ما امتنع أحد منهم من الربح علی المؤمن لأنه مکروه و أین إذا ما دل علی استحباب الربح و التوسعة علی العیال و الاستعانة بالدنیا علی الدین إلی غیر ذلک و کیف صار أوثق أصحابنا محمد بن أبی عمیر رب خمسمائة ألف و کذلک إسحاق بن عمار الصیرفی الثقة و من البعید جدا أنهما لم یربحا علی مؤمن قط إلا الیسیر مع الحاجة نعم إن فسرنا الحاجة و الضرورة فی کلامهم بالمتعارفة عرفا کل بحسبه أمکن ذلک إلا أنه حینئذ لا دلیل علی هذا الاستثناء لا من العقل و لا من الخبر و إن أمکن تجشم ذلک منهما أو من أحدهما و لعله لذلک قصره فی المسالک علی ما إذا اشتری للقوت (فلیتأمل) فی ذلک کله لأنا لم نجد لهم دلیلا واضحا لکن فی اتفاق الکلمة بلاغا (و قال) الباقر علیه السلام فی خبر میسر حیث قال له إن عامة من یأتینی إخوانی فحد لی من معاملتهم ما لا أجوزه إلی غیره إن ولیت أخاک فحسن و إلا فبع بیع البصیر المداق و هو کلام مجمل تحته معانی کثیرة قد تعرض لها جماعة
(قوله رحمه اللّٰه) (و التسامح فی البیع و الشراء و القضاء و الاقتضاء)
کما فی التحریر و الدروس و حواشی الکتاب و الروضة و نحوه ما فی السرائر و فی خبر حماد بن عثمان عن الصادق علیه السلام أنه دخل رجل علیه فشکی إلیه أخاه فدخل ذلک الرجل فقال له الصادق علیه السلام ما لأخیک یشکوک قال لأنی قد استقضیت حقی منه فقال علیه السلام کأنک إذا استقضیت لم تسؤه أما سمعت قوله تعالی یَخٰافُونَ سُوءَ الْحِسٰابِ ما خافوا الجور بل الاستقصاء فی الحساب (و فی الحدیث) رواه الشهید سمح البیع سمح الشراء سمح القضاء و نحوه روی الراوندی فی فقهه (و روی) فی الفقیه عن إسماعیل بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال أوحی اللّٰه إلی بعض أنبیائه للکریم فکارم و للسمح فسامح و عند الشکس فالتو (و قال) قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم السماح وجه من الرباح و فی الروضة أن المسامحة فی آلات الطاعة موجبه للبرکة و الزیادة و روی فی التقاضی من الغریم أطل الجلوس و الزم السکوت
(قوله رحمه اللّٰه) (و الدعاء عند دخول السوق)
أما الدعاء عند الدخول فالأخبار به کثیرة کقول الباقر علیه السلام لسدیر ما من رجل مؤمن یروح و یغدو إلی مجلسه و سوقه فیقول حین یضع رجلیه فی السوق اللّٰهمّ إنی أسألک من خیرها و خیر أهلها و أعوذ بک من شرها و شر أهلها إلا وکل اللّٰه عز و جل به من یحفظه و یحفظ علیه حتی یرجع إلی منزله إلی أن قال فإذا جلس مجلسه قال حین یجلس أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شریک له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله اللّٰهمّ إنی أسألک من فضلک حلالا طیبا و أعوذ بک أن أظلم أو أظلم و أعوذ بک من صفقة خاسرة و یمین کاذبة فإذا قال ذلک قال له الملک الموکل به أبشر فما فی سوقک الیوم أحد أوفر منک حظا الحدیث و نحوه صحیحة معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال إذا دخلت سوقک فقل اللّٰهمّ إنی أسألک من خیرها و خیر أهلها الحدیث و نحوه خبر الفقیه عن عاصم بن حمید
(قوله رحمه اللّٰه) و سؤال اللّٰه عز و جل شأنه أن یبارک له فیما یشتریه و یخیر له فیما یبیعه)
الأخبار التی تضمنت سؤال الرزق و الخیر و الفضل و حسن العاقبة و عظم البرکة و الاستخارة و الاستشارة فیما یشتریه ظاهرة فی أن ذلک بعد الشراء أو عند إرادته
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 136
و التکبیر و الشهادتان عند الشراء (1) و یکره الدخول أولا إلی السوق (2) و مدح البائع و ذم المشتری (3)
______________________________
کما هو ظاهر عبارة النهایة و السرائر و التحریر و الدروس ثم إنه لیس فی الأخبار المذکورة ما یدل علی الخیرة فیما یبیعه ثم إن الاستخارة و الاستشارة إنما وردتا بعد شراء الجاریة (فتأمل) و ظاهر العبارة أن ذلک عند دخول السوق و بعده و لیس فی أخباره و قد سمعت بعضها ما تضمن سؤال البرکة فیما یشتریه و لا الخیرة فیما یبیعه فلیتأمل
(قوله رحمه اللّٰه) (و التکبیر و الشهادتان عند الشراء)
کما فی النافع و التذکرة و الإرشاد و الدروس مع زیادة ثلاثا بعد التکبیر فی الأخیر و ظاهر النهایة و السرائر و الشرائع و التحریر أن التکبیر و الشهادتین بعد الشراء حیث قیل فیها إذا اشتری و فی النهایة لمن اشتری و هو صریح فی البعدیة و فی التحریر زیادة ثلاثا بعد التکبیر و فی اللمعة یکبر المشتری ثلاثا و یشهد الشهادتین بعد الشراء (و أما) أخبار المسألة (ففی) صحیحة حریز أو حسنته إذا اشتریت شیئا من متاع أو غیره فکبر ثم قل اللّٰهمّ إنی أشتریه (اشتریته خ ل) ألتمس فیه من فضلک فصل علی محمد و آل محمد و اجعل لی فیه فضلا اللّٰهمّ إنی اشتریته ألتمس فیه من رزقک فاجعل لی فیه رزقا ثم أعد کل واحدة ثلاث مرات (و روی) الصدوق فی الفقیه عن أحدهما علیهما السلام إذا اشتریت متاعا فکبر اللّٰه ثلاثا (ثم قل) الحدیث و ظاهرهما أن التکبیر بعد الشراء لا عند إرادته و لیس فی الباب غیرهما مشتملا علی التکبیر و خبر معاویة بن عمار إذا أردت أن تشتری شیئا فقل یا حی یا قیوم (إلخ) فهذا قد تضمن الدعاء عند إرادة الشراء و لیس فیه تکبیر أصلا و أما الشهادتان فدلیل استحبابهما الیمن و البرکة بهما و لم أجد فیهما نصا و قد اعترف بذلک جماعة نعم ورد النص بهما حین جلوسه فی السوق کما سمعت و فی حواشی الشهید إذا قال المشتری اشتریت کبر البائع و تشهد و کذا المشتری أیضا و قیل هما من المشتری و قیل الشهادتان من البائع و التکبیر من المشتری
(قوله رحمه اللّٰه) (و یکره الدخول أولا إلی السوق)
کما فی النهایة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و الدروس و غیرها للخبر شر بقاع الأرض الأسواق و هی میدان إبلیس فلا یزال أول داخل و آخر خارج (و قال) صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لجبرئیل أی البقاع أبغض إلی اللّٰه قال الأسواق و أبغض أهلها إلیه أولهم دخولا إلیها و آخرهم خروجا منها و نحوه الخبر المروی عن المجالس و یستفاد منهما کراهیة الخروج منه أخیرا کما ذکره بعض من تأخر و لا فرق فی ذلک بین التاجر و غیره و لا بین أهل السوق عادة و غیرهم عملا بإطلاق النص و الفتوی و الظاهر أن مرادهم بالدخول أولا المسارعة قبل غیره فلو أراد الکل ترک المکروه فلعله یکفی فی رفعه (رفعها خ ل) أن یدخلوا فی الوقت الذی لا یقال إن الداخل إلیه مسارع و لعله إذا سبق بعض هؤلاء فلا کراهیة (فلیتأمل)
(قوله رحمه اللّٰه) (و مدح البائع و ذم المشتری)
کما فی النهایة و فقه الراوندی علی الظاهر (ظاهر منه خ ل) و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الدروس و غیرها للأخبار الکثیرة منها من باع و اشتری فلیحظ خمس خصال و إلا فلا یشتر و لا یبع الربا و الحلف و کتمان الغیب و الحمد إذا باع و الذم إذا اشتری و احتمل فی السرائر کون البائع فی العبارات بمعنی البیع کما فی قوله جل شأنه لٰا عٰاصِمَ الْیَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّٰهِ و احتمل أن یکون المشتری علی البناء للمفعول و کل ذلک مع الصدق و أما الکذب فلا شک فی تحریمه و لو ذم سلعة نفسه بما لا یشتمل علی الکذب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 137
و کتمان العیب (1) و الیمین علی البیع (2) و السوم ما بین طلوع الفجر و الشمس (3) و تزیین المتاع (4) و البیع فی الظلمة (5) و التعرض للکیل و الوزن مع عدم المعرفة (6)
______________________________
فلا بأس و الحکم یتعدی إلی کل آخذ و معط بوجه من وجوه المعاوضات
(قوله رحمه اللّٰه) (و کتمان العیب)
کما فی الکتب المتقدمة جمیعها للخبر المتقدم و غیره و المراد به العیب الظاهر کما فی الدروس و أما إذا کان خفیا فیحرم و فی السرائر بعد أن ذکر کراهیته قال و أما کتمان العیب مع العلم به فهو محظور بلا خلاف و کأنه أراد مع الخفاء و أطلق فی الکفایة تحریم کتمان العیب
(قوله رحمه اللّٰه) (و الیمین علی البیع)
کما فی النهایة و فقه الراوندی و السرائر و غیرها و أطلق فی النافع و الکفایة کراهیة الیمین من دون تقیید بالبیع و قید فی اللمعة و ظاهر الإرشاد علی البیع و الشراء و موضع الأدب الحلف صادقا و أما الکاذب فقد قال فی الروضة فعلیه لعنة اللّٰه
(قوله رحمه اللّٰه) (و السوم ما بین طلوع الفجر و الشمس)
کما صرح به الأصحاب و وردت به الأخبار لأنها من ساعات الجنة تقسم فیها أرزاق شیعة آل محمد علیه السلام و التعقیب فیها أبلغ فی طلب الرزق من الضرب فی الأرض و من علم أن اللّٰه سبحانه کلف بالطلب لسر فیه لا لأن الرزق یکون به بل هو الرزاق کیف یشاء و لم یلتبس علیه اتفاق الحصول بالسعی و عدمه بعدمه عرف أسرار الآداب المذکورة فی الشریعة و قصد اتباع طاعة اللّٰه فی الطلب و أجمل و کان أعظم الناس راحة و المراد بالسوم الاشتغال بالتجارة فی ذلک الوقت و المقاولة فی البیع و الشراء
(قوله رحمه اللّٰه) (و تزیین المتاع)
کما فی النهایة و أکثر ما تأخر عنها (قال) فی النهایة بأن یری خیره و یکتم ردیئه بل ینبغی أن یخلط جیده بردیئه (و قال) فی السرائر لا یجوز أن یزین متاعه بأن یری خیره و یکتم ردیئه بل ینبغی أن یخلط جیده بردیئه و یکون کله ظاهرا هذا إذا کان الردی مما یری و یظهر بالخلط فأما إذا کان لا یری و لا یظهر بالخط فیحرم علیه فعله و بیعه فلعله أراد بقوله لا یجوز لا ینبغی و إلا تناقض کلامه و الظاهر أنه غیر مخالف لأن الکلمة متفقة علی أنه یحرم إذا کان الردی مما لا یظهر للحس و علی ذلک نبه فی التحریر و الدروس و غیرهما هذا مع عدم غایة أخری للزینة أما تزیینه لغایة أخری کما لو کانت مطلوبة عادة فلا بأس
(قوله رحمه اللّٰه) (و البیع فی الظلمة)
أی المواضع المظلمة (قال) فی النهایة و یجتنب بیع الثیاب فی المواضع المظلمة التی یستر فیها العیوب فکأنه قد خصه بالثیاب و لعله علی سبیل التمثیل و قد أطلق الباقون و إن اختلفت عباراتهم فی التعبیر عنه فبعضهم عبر بالبیع فی موضع یخفی فیه العیب و بعض یستتر فیه العیب إلی غیر ذلک و دلیله بعد اتفاق الکلمة احتمال ستر عیبه فبیعه فیها مشعر بالتدلیس و المدح و یدل علیه حسنة هشام بن الحکم قال کنت أبیع السابری فی الظلال «1» فمر بی أبو الحسن موسی علیه السلام فقال لی یا هشام إن البیع فی الظلال «2» غش و الغش لا یحل فکأن الأصحاب حملوها علی المبالغة لأن للمشتری أن یأتی بالسلعة إلی الضوء و یراها و یقلبها ثم إنا لم نعثر علی قائل بالحرمة و إن نقله صاحب الکفایة نعم لو کان ذلک مع القصد و التعمد لم یبعد القول بالحرمة
(قوله قدس سره) (و التعرض للکیل و الوزن مع عدم المعرفة)
قد تقدم الکلام فیه و نقل الشهید الثانی فیه قولا بالتحریم للنهی و لم نجد القائل
______________________________
(1) الظلام خ ل
(2) الظلام خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 138
و الاستحطاط بعد العقد (1) و الزیادة وقت النداء (2) و الدخول فی سوم المؤمن (3)
______________________________
و لا النهی نعم فی المرسل هذا لا ینبغی له أن یکیل و هو مع إرساله و اختصاصه بالکیل غیر ظاهر فی التحریم بل یعطی الکراهیة کما علیه الجماعة
(قوله رحمه اللّٰه) (و الاستحطاط بعد العقد)
کما فی النهایة و الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و الکفایة و غیرها لأنه قد صار ملکا للبائع فیدخل تحت قوله جل شأنه وَ لٰا تَبْخَسُوا النّٰاسَ أَشْیٰاءَهُمْ و قد روی الاستحطاط عن الصادق علیه السلام قولا و فعلا کما روی عنه ترکه قولا و فعلا فلا بد من أن یحمل النهی فی الأخبار علی الکراهیة و التحریم فی خبر الشحام علی شدتها و إن فسر فیه نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله بالتحریم مضافا إلی الأصل و العمومات و الشهرة التی کادت تکون أو کانت إجماعا مع موافقة الاعتبار لأنه لا مانع من أن یحط من ماله للمشتری إذا سأله بعض الثمن أو کله بل هو ضروری فلا یلتفت إلی جمع الکاشانی و البحرانی بحمل أخبار الجواز علی الهبة و إبقاء الخبرین علی ظاهرهما من التحریم مع أنه یمکن أن یکون المراد بالتحریم ما إذا أبقی بعضا و دفع إلیه بعضا لا بعنوان الاستحطاط کما یفعله کثیر من أهل السوق و هو حرام و زید الشحام کان قد باع الصادق علیه السلام جاریة و ساومه ثم قال جعلت فداک فعلت لأنظر المساومة تنبغی أو لا تنبغی و قد حططت عنک عشرة دنانیر فکأنه رأی علیه السلام فی قبولها نوع دناءة و مذلة بعد المساومة و ذلک إن لم یکن حراما بالنسبة إلی عظم شأنه فلا أقل من أن یکون مکروها (فتأمل) و لا فرق بین کونه قبل التفرق أو بعده کما فی التحریر و تتأکد بعد الخیار کما فی الدروس
(قوله رحمه اللّٰه) (و الزیادة وقت النداء)
علیها من الدلال بل یصبر حتی یسکت ثم یزید إذا شاء إذا لم یرض البائع بالعطیة لما رواه الصادق علیه السلام عن أمیر المؤمنین علیه السلام أنه کان یقول إذا نادی المنادی فلیس لک أن تزید و إنما یحرم الزیادة النداء و یحلها السکوت و زاد الصدوق فیما رواه بعد قوله تزید و إذا سکت فلک أن تزید و قد حملوه علی الکراهیة لعدم الصحة و عدم ظهور القائل بالتحریم أصلا بل ابن إدریس نفی الکراهیة أصلا و قد صرح بها المحقق فی کتابیه و المصنف فی أربعة من کتبه و الشهیدان و غیرهم و هو ظاهر الشیخ فی النهایة أو صریحه حیث خرط المسألة فی سلک الآداب و کلام من قال منهم إذا سکت المنادی زاد محمول علی ما إذا سکت المنادی و لم یرض البائع بالعطیة کما أشرنا إلیه آنفا و بذلک یندفع الاعتراض الثانی لابن إدریس علی النهایة (قال فی النهایة) إذا نادی المنادی علی المتاع فلا یزید فی المتاع فإذا سکت المنادی زاد حینئذ إن شاء (و قال فی المبسوط) و أما السوم علی سوم أخیه فهو حرام هذا إذا لم یکن المبیع فی المزایدة فإذا کان کذلک فلا تحرم المزایدة (و قال فی السرائر) هذا هو الصحیح دون ما ذکره فی النهایة لأن ذلک علی ظاهره غیر مستقیم لأن المزایدة فی حال النداء غیر محرمة و لا مکروهة و أما الزیادة المنهی عنها فهی عند الانتهاء و سکون نفس کل واحد من البیعین علی البیع
(قوله رحمه اللّٰه) (و الدخول فی سوم المؤمن)
حاصل ما فی الصحاح أن من معانی السوم المبایعة و حاصل ما فی القاموس أنه المغالاة و الزیادة و الارتفاع فی الثمن و هو الذی حکاه فی السرائر عن موضعین من التبیان للشیخ و ارتضاه و تبعه علی ذلک المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و فی النهایة المساومة المجاذبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 139
..........
______________________________
بین البائع و المشتری علی السلعة و فصل ثمنها و المنهی عنه أن یتساوم المتبایعان و یتقارب الانعقاد فیجی‌ء رجل آخر فیزید علی ما استقر علیه الأمر بین المتبایعین و رضیا به و هو الذی طفحت به عبارات الأصحاب فی بیان معناه من جانب المشتری و قالوا فیه فی جانب البائع أن یبذل للمشتری متاعا غیر ما اتفق هو و البائع علیه و فی المصباح المنیر سام البائع السلعة من باب قال عرضها للبیع و سامها المشتری و استامها طلب بیعها و منه لا یسوم أحدکم علی سوم أخیه أی لا یشتری و یجوز حمله علی البائع فیکون النهی عاما فی البائع و المشتری و صاحب مجمع البحرین نقل کلام النهایة و المصباح و أنت خبیر بأنه یمکن تحقق الدخول فی السوم من دون زیادة و القید (فالقید خ ل) محمول علی الغالب کما أنه قد یتحقق و إن لم یتراضیا کما إذا کان السوم خاصا به فلعل الضابط فی الدخول أن یرجی عزم أحد المبتاعین أو المتعاوضین أو غیرهم علی الفعل فیجی‌ء الآخر فیدخل فی السوم و یرغب فی خلاف ما یرجی (فلیتأمل فی ذلک) و یأتی تمام الکلام و هو لا یختص بالبیع بل یجری فی سائر المعاوضات و العقود و لو کانت جائزة حتی فی العاریة و القرض فیقول أعرنیها و أنا لها ضامن فیقدمه أو أقرضنی و أبذل لک رهنا بل فی الاتهاب و التدریس کأن یکون قد رضی المدرس بأن یقرأ هذا المؤمن فیجی‌ء الآخر فیعرض نفسه فی البین فیحصل الدرس له کما نص علی ذلک الفاضل المقداد و المولی القطیفی فی إیضاح النافع و المقدس الأردبیلی و کیف کان فکراهیة الدخول فی سوم المؤمن هو المشهور کما فی غایة المرام للصیمری و هو خیرة الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و المختلف و نهایة الإحکام و اللمعة و الروضة و إیضاح النافع و مجمع البرهان و الکفایة و غیرها و قد یظهر من کشف الرموز و الدروس و التنقیح و المیسیة و المسالک التوقف حیث لم یرجحوا شیئا و التحریم خیرة المبسوط و فقه الراوندی و السرائر و جامع المقاصد و تعلیق النافع و تعلیق الإرشاد و هو ظاهر الغنیة حیث قال و نهی (إلخ) و إطلاقهم کما هو صریح تعریف السوم لجماعة کما عرفت أنه لا فرق فی ذلک بین البیع و الشراء (و حجة الفریقین) الخبر المتناقل فی کتب الفروع و اللغة أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال لا یسوم الرجل علی سوم أخیه و هو خبر معناه النهی و هو مروی من طرقنا رواه الصدوق فی آخر الفقیه بإسناده عن شعیب بن واقد عن الحسین بن زید عن الصادق علیه السلام قال و نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أن یدخل الرجل فی سوم أخیه المسلم و قد قدمنا أن المخالف لیس أخا للمؤالف و لذا قیده الأصحاب بالمؤمن فالقائل بالکراهیة یقول إن الخبر الخاصی قد اشتمل مع ضعفه علی جملة من النواهی التی یراد منها الکراهیة بإجماع الطائفة فلا یقوی علی إثبات التحریم و قطع الأصل المعتضد بالشهرة المنقولة فی غایة المرام و المعلوم فیثبت به و بالخبر العامی الکراهیة تسامحا فی أدلتها (و القائل بالحرمة) یقول إن هذا النهی مشهور بین الخاصة و العامة فیجب العمل به علی ظاهره و استدل علیه الراوندی بأن اللّٰه تعالی عاتب داود فقال إِنَّ هٰذٰا أَخِی لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً الآیة (قلت) استدلاله بالآیة مبنی علی ما رواه الخاصة فی سبب ذلک لا علی ما افتراه (و قد) یؤید القول بالتحریم أن فی ذلک کسرا لقلب المؤمن و منعا له عن الخیر مع ما دل علی مراعاة حقوقه (و فیه) أنا قد لا نسلم أن هذا المقدار من الکسر حرام نعم إن قصد ذلک و تعمد إضراره قلنا بالحرمة (و حینئذ) یصح لنا أن نقول إن الخبر و کلام القائل بالحرمة منزلان علی ذلک و أخبار الحقوق منزلة علی المبالغة و الاستحباب و لهذا ما قالوا بوجوب التسویة فی الأموال و الجوع و الشبع و غیر ذلک للأصل و علی القولین فالعقد صحیح کما صرح به فی الغنیة و التحریر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 140
و أن یتوکل حاضر لباد (1)
______________________________
و التنقیح لأنه نهی عن الخارج و فی المسالک إنما یحرم أو یکره بعد تراضیهما أو قربه فلو ظهر منه ما یدل علی عدم الرضا و طلب الزیادة أو جهل حاله لم یکره و لم یحرم اتفاقا و مثله فی نقل الاتفاق ما فی مجمع البرهان و عن المنتهی أنه إذا ظهر منه ما یدل علی عدم الرضا لم تحرم الزیادة و لا نعلم فیه خلافا و فی نهایة الإحکام الإجماع علی ذلک ثم قال و لا یکره ثم استدل بالإجماع علی التزاید قال إذا لم یوجد منه ما یدل علی الرضا و لا عدمه فلا یکره السوم و نحوه ما فی اللمعة و غایة المرام و الروضة (و استند) فی نهایة الإحکام فی ذلک إلی قصة فاطمة بنت قیس حیث خطبها معاویة (قلت) لو لم یکن کذلک لکان طلب الاثنین متاعا حراما أو مکروها فیلزم تعطیل المعاملات و هذا لا ینافی ما ذکرناه فی صدر المسألة فتدبر لکنه فی نهایة الإحکام جزم بالکراهیة عند التصریح بالرضا و استشکل فیها عند ظهور ما یدل علی الرضا من دون تصریح و عند الشهیدین و المحقق الثانی فی حاشیته و کذلک المحقق الأردبیلی أمارات الرضا کالرضا و قد سمعت قول الشهید الثانی أو قربه و دعواه الإجماع علی ذلک و فی اللمعة لو کان السوم بین اثنین لم یجعل نفسه بدلا من أحدهما لصدق الدخول فی السوم و لا فرق فی الاثنین بین أن یکون قد دخل أحدهما علی النهی أم لا و فی المسالک لو طلب الداخل من الطالب الترک لم یحرم و فی الکراهیة وجه و فی اللمعة فیها نظر (قلت) من مساواته له فی المعنی حیث أراد أن یحرمه و من عدم صدق الدخول فی السوم و لا کراهیة فی ترک الملتمس منه کما فی اللمعة لأنه قضاء حاجة لأخیه و احتمل فی الروضة الکراهیة لإعانته علی فعل المکروه (و فیه) نظر من وجهین الأول أن المکروه طلب الترک و قد حصل من دون توقف علی إعانة الملتمس الثانی أنا لا نقول بالکلیة و إنما هی فی المحرم (فتأمل) و لا کراهیة فیما یکون فی الدلالة لأنها موضوعة عرفا لطلب الزیادة ما دام للدلال یطلبها فإذا حصل الاتفاق تعلقت الکراهیة لأنه لا یکون فی الدلالة و إن کان بید الدلال کما تقدم بیان ذلک آنفا
(قوله رحمه اللّٰه) (و أن یتوکل حاضر لباد)
کما فی النهایة و الشرائع و النافع و التذکرة و نهایة الإحکام و المختلف و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و الدروس و اللمعة و إیضاح النافع و غایة المرام (المراد خ ل) و المیسیة و الروضة و الکفایة و فی غایة المرام أنه المشهور لکن بعضهم عبر بیتوکل و بعض بیبیع و لعل المعنی واحد و الغرض بیان اتفاقهم علی القول بالکراهیة و (قال فی الخلاف لا یجوز أن یتوکل حاضر لباد سواء کان فی الناس حاجة إلی ما معهم أو لم یکن و وافقه علی ذلک المحقق الثانی فی حواشیه الثلاث و لعله ظاهر الغنیة حیث قال و نهی (إلخ) و حرمه فی المبسوط إذا کان ما معهم مما یضطر إلیه و حکی ذلک عن القاضی (قال) فی المبسوط و لا یجوز أن یبیع حاضر لباد و معناه أن یکون سمسارا له بل یترکه أن یتولی بنفسه لیرزق اللّٰه بعضهم من بعض فإن خالف أثم و کان البیع صحیحا هذا إذا کان ما معهم یحتاج أهل الحضر إلیه و فی فقده إضرار لهم و (قال) فی السرائر بعد أن نقله هو الصحیح الذی لا خلاف فیه عند الخاصة و العامة و قال فی الوسیلة السمسار أن یبیع متاع البدوی فی الحضر و لیس له أن یبیع لباد فی البدو فقد حرمه للبادی فی البدو و فی السرائر بعد أن نقل کلام المبسوط و ذکر ما سمعته و ذکر أشیاء عن بعض المتفقهة لا فائدة فیها کما (قال) فی المختلف نقل عن بعض أصحابنا کلاما طویلا حاصله إنما یحرم إذا حکم علیه الحاضر فباع بدون رأیه أو أکرهه علی البیع بغلبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 141
..........
______________________________
الرأی و فی الدروس نسب إلیه القول بالکراهیة مع التقیید بما ذکر فهؤلاء القائلون بالحرمة لم یتفق ثلاثة منهم علی رأی واحد (فتأمل) و اقتصر فی کشف الرموز و التحریر و المهذب البارع و المقتصر و التنقیح و المسالک علی ذکر القولین من دون ترجیح و لم یذکره المفید و سلار و المراد بالبادی فی کلامه الغریب الجالب للبلد و إن کان قرویا کما صرح بذلک جم غفیر بل قد یقال إن البلدی إذا قدم من خارج کذلک نظرا إلی العلة المؤمی إلیها (و اختلفوا) فی تفسیر هذه الکلمة أعنی قولهم لا یبیع حاضر لباد لا یتوکل حاضر لباد و قد فسرت فی المبسوط کما عرفت و جملة مما تأخر عنه بأن یکون سمسارا له (و هو) معنی قول جماعة آخرین أن یقول له أنا أبیعه لک بأغلی مما تبیعه به أو یعرفه السعر و یقول له أنا أبیع لک و أکون سمسارا کما فی المسالک و مجمع البرهان و غیرهما و فی الغنیة بأن یکون سمسارا له و یتربص بما معه حتی یغالی فی ثمنه و فی نهایة الإحکام بأن یحمل البدوی أو القروی متاعه إلی بلد و یرید بیعه بسعر الیوم لیرجع إلی موضعه و لا یلزمه مئونة الإقامة فیأتیه البلدی و یقول له ضع متاعک عندی و ارجع لأبیعه لک علی التدریج بأغلی من هذا السعر و نحوه ما فی التذکرة (و قال فی نهایة الإحکام و قیل) إنه یخرج الحضری إلی البدوی و قد جلب السلعة فیعرفه السعر و یقول أنا أبیع لک و قد فسره بذلک فی تعلیق الإرشاد (و قال فی التحریر) و قد عنون بالنهی عن بیع الحاضر للبادی معناه النهی عن أن یکون سمسارا له یعرفه السعر و لعله أراد بکونه سمسارا أن یبیع له بقرینة قوله بعده بل ینبغی أن یتولی البدوی البیع لنفسه و قد یکون غرضه علی بعد أن إعلامه بالثمن یدخل تحت التعلیل فی الخبر فیکره أو یحرم کما ستسمع کما نص علی ذلک صاحب إیضاح النافع و قد أشرنا آنفا إلی تفسیر ابن إدریس ناقلا له عن بعض علمائنا و حاصله أن یکون سمسارا للبادی و یبیع له بنفسه محتکما علیه فی البیع بالکره أو بالرأی الذی یغلب به علیه لیریه أن ذلک نظر له أو یکون البادی یولیه عرض سلعته فیبیعها من دون رأیه لا ما کان سمسارا فیه ثم یبیعه بوکالته أو یدفعه فیبیعه بنفسه (و أما) أخبار الباب فمنها ما رواه فی الکافی عن عروة بن عبد اللّٰه عن أبی جعفر علیه السلام قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا یتلق أحدکم تجارة خارجا و لا یبیع حاضر لباد و المسلمون یرزق اللّٰه بعضهم من بعض و نحوه الخبر المروی عن مجالس الشیخ غیر أن فیه دعوا الناس یرزق بعضهم من بعض و عن یونس بن یعقوب فی تفسیر قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا یبیعن حاضر لباد أن الفواکه و جمیع أصناف الغلات إذا حملت من القری فلا یجوز أن یبیع أهل السوق لهم من الناس ینبغی أن یبیعه حاملوه من القری و السواد و ظاهره الاختصاص بالنوعین لا کلما یجلب کما هو ظاهر الأصحاب و الذی هون الخطب أن الظاهر من الخبر أن التفسیر لیونس أو أنه یحمل علی الغالب و منه مضافا إلی التعلیل یظهر الوجه فی تعمیم البادی للقروی (و کیف کان) فظاهر الأخبار التحریم مضافا إلی نفی الخلاف فی السرائر الذی هو فی المقام أبلغ من الإجماع إلا أن الأصل و العمومات و ضعف السند دعی الأکثر إلی القول بالکراهیة (و فیه) أن الخبر مشهور عند الخاصة و العامة و قد أفتی به من لا یعمل إلا بالقطعیات و ادعی علیه الإجماع إلا أن تقول الإجماع مصروف إلی التفسیر کما قد یعطیه سوق العبارة (ثم) إن الشهید فهم منه الکراهیة کما سمعت و قد نقول بالحرمة فیما إذا قصد عدم حصول النفع للمشتری و ننزل علی هذه الصورة أخبار الباب و کلام من حرم و إلا فإنا نجد العقل یقطع بحسن البیع و الوکالة للبادی أو القروی إذا کان فقیرا صالحا جاهلا بالسعر مع کون المشتری لمتاعه غنیا ذا ثروة أو ملکا و قصد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 142
و نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عن بیع حبل الحبلة و هو البیع بثمن مؤجل إلی نتاج نتاج الناقة (1)
______________________________
الحضری نفعه و إعانته و سد خلته و لعلنا نقول بجریان الکراهیة أو التحریم فی غیر البیع عملا بمنصوص العلة کما إذا جاء البدوی لیؤاجر أباعرة للحج أو الغریب لیتصدق علی أهل هذه البلدة و نحو ذلک (ثم إن) المصنف و بعض من تأخر عنه ذکروا للتحریم و الکراهیة شروطا (أحدها) أن یکون الحاضر عالما بورود النهی قال فی التذکرة و نهایة الإحکام إن هذا الشرط یعم جمیع المناهی و وافقهم علی ذلک صاحب المسالک و غیره و معناه أنه یکون معذورا علی تقدیر جهله لا أنه یکون أسوأ لتقصیره فی العلم کما قالوه فیما لا یعذر فیه الجاهل فلم یکن شرطا عاما فی جمیع المناهی و لعلهم أرادوا مناهی الباب «فتأمل» و هذا الشرط فی محله لأن الخطاب تحریما أو کراهیة إنما یتوجه إلی العالم (الثانی) أن یکون الغریب جاهلا بسعر البلد و هذا أیضا فی محله لأن التعلیل فی الأخبار إنما یترتب علی الجهل بسعر البلد إلا «1» أن تقول إن معرفة السعر لا تغنی غالبا فإن الحذق فی البیع أمر آخر وراء ذلک (الثالث) أن یکون یرید البیع ذکره فی التذکرة و التحریر و الشهید فی حواشیه (الرابع) أن یرید بیعه فی الحال ذکره فی التذکرة و الحواشی المذکورة أیضا (الخامس) أن یکون الناس فی حاجة إلی المتاع أما ما لا یحتاج إلیه إلا نادرا فلا ذکره فی نهایة الإحکام و غیرها و فیه أن الدلیل عام (السادس) أن یکون سعر ذلک المتاع ظاهرا معلوما فلو لم یکن ظاهرا إما لکبر البلد أو لعموم وجوده و رخصه فلا تحریم و لا کراهیة لعدم فوت الربح ذکره فی نهایة الإحکام (و فیه) أن الدلیل عام مع أنه قد یظهر الربح و لو کان نادرا أو یحصل الشراء رخیصا من البادی و إن لم یبعه حتی یربح (السابع) أن یعرض الحضری ذلک علی البدوی و یدعوه إلیه فإن عرض البدوی ذلک علی الحضری فلا کراهیة و لا تحریم ذکره فی المنتهی و التحریر و التذکرة و الحواشی و تعلیق الإرشاد و الروضة و غیرها و فیه أیضا أن الدلیل عام إلا أن تقول إنه داخل تحت قضاء حاجة المؤمن و لعلنا نقول إن الدلیل فی المقام أخرجه إلا أن تقول یلزم من ذلک أن لا یجوز السمسرة فی الأمتعة المجلوبة من بلد إلی بلد و فی التذکرة و نهایة الإحکام أنه لو استرشده له إرشاده و فی التحریر لو أشار من غیر أن یباشر البیع فالوجه الکراهیة و فی مجمع البرهان لو حصل من الحضری مجرد المساعدة فیما یبیعه البدوی فلا کراهیة لأنه لیس بائعا و فی التحریر و المنتهی علی ما حکی عنه و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة أنه لا بأس بشراء البلدی للبادی للأصل و اختصاص النصوص بالبیع و یضعفان بعموم التعلیل ذروا الناس یرزق اللّٰه بعضهم من بعض قال فی إیضاح النافع الوجه عموم کراهیة الوکالة للبیع و الابتیاع و السمسرة له و إعلامه بالثمن لظاهر التعلیل و لا فرق بین أن یکون فی البادیة أو الحضر (انتهی) و فی المبسوط و الغنیة و التذکرة و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و غیرها أن البیع صحیح علی القولین
(قوله قدس سره) (و نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن بیع حبل الحبلة و هو البیع بثمن مؤجل إلی نتاج نتاج الناقة)
کما فی التحریر و هو أحد المعنیین المذکورین فی نهایة الإحکام و الدروس و حواشی الکتاب و نهایة ابن الأثیر قال فی النهایة إنه نهی عن حبل الحبلة الحبل
______________________________
(1) فی نسخة من قوله إلا أن تقول إلی قوله وراء ذلک حاشیة مصححه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 143
و عن المجر و هو بیع ما فی الأرحام (1) و عن بیع عسیب الفحل و هو نطفته (2)
______________________________
بالتحریک مصدر سمی به المحمول کما سمی بالحمل و إنما دخلت علیه التاء للإشعار بمعنی الأنوثة فیه فالحبل الأول یراد به ما فی بطون النوق من الحمل و الثانی حبل الذی فی بطون النوق و إنما نهی عنه لمعنیین أحدهما أنه غرر و بیع شی‌ء لم یخلق بعد و هو أن یبیع ما سوف یحمله الجنین الذی فی بطن الناقة علی تقدیر أن یکون أنثی فهو بیع نتاج و قیل أراد بحبل الحبلة أن یبیعه بثمن مؤجل ینتج فیه الحمل الذی فی بطن الناقة فهو أجل مجهول و لا یصح (انتهی) و المعنی الأول المذکور فی النهایة نسبه فی نهایة الإحکام إلی أبی عبیدة و أهل اللغة «انتهی» و هو کذلک لأنه الموجود فی الصحاح و القاموس و المصباح المنیر فی تفسیر الخبر و زاد فی القاموس بیع ما فی بطن الناقة
(قوله قدس سره) (و عن المجر و هو بیع ما فی الأرحام)
قال ابن الأثیر إنه نهی عن المجر أی عن بیع المجر و یجوز أن یکون سمی بیع المجر مجرا اتساعا و کان من بیاعات الجاهلیة یقال أمجرت إمجارا أو ماجرت مماجرة و لما فی البطن مجرا إلا إذا أثقلت الحامل فالمجر اسم للحمل الذی فی بطن الناقة و نقل عن القتیبی أنه قال المجر بفتح الجیم قال و قد أخذ علیه أن (لأن خ ل) المجر داء فی الشاة إلی آخر ما قال و فی الصحاح المجر أن یباع الشی‌ء بما فی بطن هذه الناقة و نحوه ما فی مجمع البحرین و فی القاموس المجر ما فی بطون الحوامل من الإبل و الغنم و أن یشتری ما فی بطونها و أن یشتری البعیر بما فی بطن الناقة و اقتصر فی المصباح المنیر علی الأخیرین و فی حواشی الکتاب و جامع المقاصد أن المجر أعمّ من عسب الفحل و الملاقح کما ستسمع
(قوله قدس سره) (و عن بیع عسیب الفحل و هو نطفته)
کما فی التحریر و فی نهایة ابن الأثیر أنه صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن عسب الفحل مائه فرسا کان أو بعیرا أو غیرهما و عسبه أیضا ضرابه و لم ینه عن واحد منهما و إنما أراد النهی عن الکراء الذی یؤخذ علیه فإن إعارة الفحل مندوب إلیها و قد جاء فی الحدیث و من حقها إطراق فحلها و وجه الحدیث أنه نهی عن کری عسب الفحل فحذف المضاف (و قیل) یقال لکراء الفحل عسب و عسب فحله أعسبه أکراه و عسبت الرجل إذا أعطیته کراء ضراب فحله فلا یحتاج إلی حذف مضاف (قلت) و ستسمع ما رواه الشیخ فی المبسوط و فی الصحاح العسیب الکراء الذی یؤخذ علی ضراب الفحل و نهی عن عسب الفحل و عسب الفحل أیضا ضرابه و قیل ماؤه و نحوه ما فی القاموس مع زیادة نسله و فی المصباح المنیر نهی عن عسب الفحل و هو علی حذف مضاف و الأصل عن کراء عسب الفحل لأن ثمرته المقصودة غیر معلومة فإنه قد یلقح و قد لا یلقح فهو غرر و نحوه ما فی مجمع البحرین و نحوه ما نقل عن الفائق و الجمهرة فقد اتفقت علی خلاف ما فی الکتاب من وجهین (الأول) أنهم فهموا البیع و هم فهموا الأجرة و الکراء إما توسعا أو حقیقة (و لعلهم) أرادوا الثمن و القیمة فیرجع إلی البیع و الوجه فی عدول المصنف عن ذلک إلی البیع لأن «1» استیجار الفحل للضراب لیس محرما عند علمائنا قاله فی التذکرة و نهایة الإحکام و فی غصب السرائر و الشرائع أن أجرة ضراب الفحل لیست محرمة عندنا و فی الأول أنه مذهب أهل البیت علیهم السلام و أن ما قاله فی المبسوط من أنه لا أجرة له لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهی عن کسب الفحل فهو حکایة مذهب المخالفین فلا یتوهم متوهم أنه اعتقاده
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر أن بدون لام الجر (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 144
و عن بیع الملاقیح و هو ما فی بطون الأمهات (1) و المضامین و هو ما فی أصلاب الفحول (2) و عن الملامسة و هو أن یبیعه غیر مشاهد علی أنه متی لمسه صح البیع (3) و عن المنابذة و هو أن یقول إن نبذته إلی فقد اشتریته بکذا (4) و عن بیع الحصاة و هو أن یقول ارم هذه الحصاة فعلی أی ثوب وقعت فهو لک بکذا (5)
______________________________
«انتهی» (و تمام الکلام) فی ذلک مستوفی فی باب الغصب و کذلک باب الإجارة و القصد من الضراب و إن کان هو الماء إلا أنه جوز للضرورة فلیوقع العقد علی العمل و یقدره بالمرة و المرتین و نحو ذلک قلت و لیست نجسة ما لم تظهر إلی خارج الفرجین علی الظاهر «فتأمل» و حکی المصنف فی التذکرة عن بعض العامة التقدیر بالمدة و رده بأن تطبیق الفعل علی المدة غیر مقدور قلت إذا اکتراه لماشیة کثیرة فإن إجارته حینئذ تقدر بالمدة و ذکر فی التذکرة فی المقام کراهیة أجرة الضراب لأنه فی معنی بیع عسیب الفحل (فتأمل) و فی نهایة الإحکام عبر بالنهی عن ثمن عسیب الفحل (ثم قال) المراد من الثمن الأجرة (ثم قال) و قیل عسب الفحل (و الثانی) أنه ذکر فی الکتاب علی وزن فعیل و هم ذکروه علی فلس و فی حواشی الشهید و جامع المقاصد أن الفرق بینه و بین الملاقح أن المراد منها النطفة بعد استقرارها فی الرحم و العسیب قبل استقرارها و المجر أعمّ من کل منهما انتهی فلیتأمل
(قوله رحمه اللّٰه) (و عن بیع الملاقیح و هو ما فی بطون الأمهات)
هذا أحد معانی الملاقیح لأنه یصدق علی الأمهات و علی ما فی بطونها قال فی القاموس الملاقیح الأمهات و ما فی بطونها و فی الصحاح و المصباح أن الملاقیح ما فی البطون و ظاهرهما أنه لا یصدق علی الأمهات و أن الملاقح من دون یاء جمع ملقحة للأمهات و مثلهما ما فی النهایة (قال الملاقیح جمع ملقوح جنین الناقة و ولدها ملقوح به إلا أنهم استعملوه بحذف الجار و مثله ما فی مجمع البحرین
(قوله رحمه اللّٰه) (و المضامین و هو ما فی أصلاب الفحول)
کما نص علیه ابن الأثیر و الجوهری و الفیروزآبادی و حکی فی النهایة عن بعض أنه فسر المضامین و الملاقیح بالعکس
(قوله رحمه اللّٰه) (و عن الملامسة و هو أن یبیعه غیر مشاهد علی أنه متی لمسه صح البیع)
کما فی التحریر و هذه العبارة یحتمل أن یکون أراد أن یقوم لمسه مقام نظره و أن یکون المراد متی لمسه صح البیع و وجب و سقط الخیار و نقل ابن الأثیر له معنیین آخرین أحدهما أن یقول إذا لمست ثوبی أو لمست ثوبک فقد وجب البیع فیکون نفس اللمس بیعا فیفارق الاحتمال الثانی و الثانی أن یجعل اللمس باللیل قاطعا للخیار
(قوله رحمه اللّٰه) (و عن المنابذة و هو أن یقول إن نبذته إلی فقد اشتریته بکذا)
کأنه جعل نفس النبذ بیعا و یحتمل أن یکون أراد أن النبذ موجب للبیع و مسقط للخیار و زاد ابن الأثیر قولا بأن المراد إذا نبذت إلیک الحصاة فقد وجب البیع (انتهی) و لا یدخل شی‌ء من الملامسة و المنابذة فی المعاطاة کما قاله فی نهایة الإحکام فی بعض أقسامهما و هو ما إذا جعل اللمس و النبذ بیعا کما ستسمع ما حررناه فی باب المعاطاة
(قوله رحمه اللّٰه) (و عن بیع الحصاة و هو أن یقول ارم هذه الحصاة فعلی أی ثوب وقعت فهو لک بکذا)
و زاد فی نهایة الإحکام إلی أی موضع بلغت من الأرض یکون مبیعا منک و جعل منه أن یقول بعتک هذا بکذا علی أنک بالخیار إلی أن أرمی هذه الحصاة و أن یجعل نفس الرمی بیعا فیقول البائع إذا رمیت هذه الحصاة فهذا الثوب مبیع منک بعشرة و ذکر ابن الأثیر الأول و الأخیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 145
و قال صلی اللّٰه علیه و آله لا یبع بعضکم علی بعض و معناه أن لا یقول الرجل للمشتری أنا أبیعک مثل هذه السلعة بأقل من الثمن أو خیرا منها بالثمن أو أقل و کذا لا ینبغی أن یقول للبائع فی مدة خیاره أنا أزیدک فی الثمن (1) و بیع التلجئة باطل و هو المواطاة علی الاعتراف بالبیع من غیر بیع خوفا من ظالم (2)

[المقصد الثانی فی البیع و فیه فصول]

اشارة

(المقصد الثانی) فی البیع و أرکانه ثلاثة الصیغة و المتعاقدان و العوضان و فیه فصول

[الفصل الأول الصیغة]

الأول الصیغة البیع انتقال عین مملوکة من شخص إلی غیره بعوض مقدر علی وجه التراضی (3) فلا ینعقد علی المنافع و لا علی ما لا یصح تملکه و لا مع خلوه عن العوض و لا مع جهالته و لا مع الإکراه
______________________________
(قوله رحمه اللّٰه) (و قال صلی اللّٰه علیه و آله لا یبع بعضکم علی بعض و معناه أن لا یقول الرجل للمشتری أنا أبیعک مثل هذه السلعة بأقل من الثمن أو خیرا منها بالثمن أو أقل و کذا لا ینبغی أن یقول للبائع فی مدة خیاره أنا أزیدک فی الثمن)
کذا رواه فی التذکرة و ذکر المعنیین و حکم بالکراهة فیهما و قد یلوح منه فی الثانی أعنی الشراء علی شراء غیره دعوی الإجماع علی الکراهیة و رواه فی المبسوط لا یبیعن أحدکم علی بیع أخیه و ذکر المعنیین (قال) إنهما حرام و إن أحدا من المسلمین لم یفرق بینهما و نحوه فی ذلک کله ما حکی عن المنتهی و ابن الأثیر روی الحدیث کما فی المبسوط و حکی المعنی الثانی فی تفسیره عن أبی عبید و عینه صاحب المصباح المنیر (قال) فی الحدیث لا یخطب الرجل علی خطبة أخیه و لا یبع علی بیع أخیه أی لا یشتری لأن النهی إنما هو فی هذا الحدیث علی المشتری و أیده بالحدیث الآخر لا یبتاع الرجل علی بیع أخیه و بالآخر یحرم سوم الرجل علی سوم أخیه فإن أراد الفرق فقد عرفت أن أحدا من المسلمین لم یفرق و إن أراد بیان المعنی الظاهر من الخبر فلا بأس
(قوله رحمه اللّٰه) (و بیع التلجئة باطل و هو المواطاة علی الاعتراف بالبیع من غیر بیع خوفا من ظالم)
أو لغیر ذلک و هو باطل عندنا کما فی التذکرة (قال) و به قال أحمد و أبو یوسف و محمد لأن الأصل بقاء الملک علی صاحبه و لم یوجد ما یخرجه عن أصالته و لأنهما لم یقصدا البیع و قال أبو حنیفة و الشافعی هو صحیح و نقل الشهید عن العامة أنه عندهم الإشهاد علی البیع من غیر بیع و الحمد للّه کما هو أهله و صلی اللّٰه علی خیر خلقه محمد و آله الطاهرین المعصومین (بسم اللّٰه الرحمن الرحیم و لا حول و لا قوة إلا باللّٰه العلی العظیم) الحمد للّه رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین و رضی اللّٰه عن مشایخنا و علمائنا أجمعین و عن رواتنا الراشدین (قال) الإمام العلامة أعلی اللّٰه مقامه
(المقصد الثانی) (فی البیع و أرکانه ثلاثة الصیغة و المتعاقدان و العوضان فهنا فصول الأول الصیغة البیع انتقال عین مملوکة من شخص إلی غیره بعوض مقدر علی وجه التراضی)
قد اختلفت کلماتهم فی حد البیع ففی المبسوط و السرائر و التذکرة و نهایة الإحکام و التلخیص و التحریر ما فی الکتاب و فی الدلالة و المختلف أنه العقد علی الانتقال المذکور و قد ادعی فی المختلف أنه المتبادر من البیع عند الإطلاق و عن الکافی أنه عقد یقتضی استحقاق التصرف فی البیع و الثمن و تسلیمهما و نحوه ما فی النافع و الدروس و التنقیح من أنه الإیجاب و القبول علی اختلافها فی القیود زیادة و نقصانا استقرب المحقق الثانی أنه نقل الملک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 146
..........
______________________________
من مالک إلی غیره بصیغة مخصوصة و هو ظاهر الشرائع و اللمعة حیث عرفا فیهما عقد البیع بما دل علی نقل الملک فیکون نقلا لا انتقالا و لا عقدا و قال الأستاد الشریف أدام اللّٰه سبحانه حراسته فیما کتبه فی المقام الذی لم یسمح بمثله الزمان إنه هو الأوجه لأن المفهوم من البیع عرفا هو النقل فیکون حقیقة فیه و دعوی تبادر العقد منه ممنوعة و إطلاق العقد علی البیع و غیره من المعاوضات مسامحة و المراد بالعقود المنقسمة إلیها فی مقابل الإیقاعات ما توقف علی العقد دون العقد نفسه و لأن البیع فعل فلا یکون انتقالا لأنه انفعال و هو فعل لازم مطوع للنقل فلا یصح تعریف البیع المتعدی به و لا عقدا لأن المراد به الصیغة المشتملة علی الإیجاب و القبول و هی لفظ من مقولة الکیف فلا یصدق علی البیع الذی هو فعل لأن المقولات عشرة متباینة فی الصدق و لأن الانتقال أثر البیع و غایته المسببة عنه و العقد سبب مؤد إلیه و السبب غیر المسبب فیمتنع تعریف أحدهما بالآخر بالقول علیه و إن جاز أخذه قیدا للمقول و لأن النقل هو الموافق لتصاریف البیع و ما یشتق منه من الأفعال و الصفات بخلاف غیره إذ لا یراد ببعت مثلا معنی الانتقال و هو ظاهر و لا العقد و إلا لکان إیجابا و قبولا معا و هو معلوم البطلان و کذا البائع فإنه لیس بمعنی المنتقل و لا بمعنی الموجب القابل و المطرد فی الجمیع هو النقل فیکون البیع موضوعا له إجراء له علی الأصل من لزوم التوافق مع الإمکان و قد تخلف ذلک فی النکاح لثبوت وضعه للعقد و امتناع الموافقة فی أنکحت و نحوه فوجب صرفه إلی معنی آخر کتملیک الانتفاع و التسلیط علی الوطء و غیرهما مما یناسب العقد (هذا) کلامه بعباراته و قد نثر قلمه الشریف من غرر التحقیق و فرائد التدقیق فی هذا الباب ما لم یأت به أحد من الأصحاب فأحببت أن أحلی بها هذا الکتاب بنقل ذلک بعباراته و إن کان کل ما فی هذا الکتاب من برکاته (قال) أدام اللّٰه حراسته و قد یرد الانتقال و العقد إلی النقل إما بتقدیر مصحح فی الکلام أو بإطلاق اسم المسبب أو السبب علی الآخر أو بحمل الانتقال و العقد علی البیع مبالغة کما فی زید عدل و إنما هی إقبال و إدبار (و یرد) بأن ذلک کله مجاز لا یرتکب فی الحدود إلا أن یتکل علی الظهور و یکتفی بمثله فی الحد کغیره و هو قریب و إن کان خلاف ما أطلقوه من المنع و یختص المجاز العقلی بالامتناع لأنه فرع وجود النسبة و لا نسبة بین الحد و المحدود لا بالإسناد و لا بالتقیید و الأولی بناء الحدود المختلفة للبیع علی إطلاقاته المختلفة فإنه یطلق علی معناه المصدری الحقیقی و هو النقل و علی الأثر المترتب علیه و هو الانتقال و علی السبب الناقل و هو العقد فلا اختلاف بین الأقوال فی المعنی و لا تجوز فی شی‌ء من الحدود و إنما التجوز فی البیع المحدود بالانتقال و العقد و لیس ذلک مجازا فی الحد لأن الحد هو المعرف دون المعرف و أولی منه فی توجیه الانتقال جعله حد المصدر الفعل المجهول فیوافق تحدید المعلوم بالنقل و یسلم من التجوز فی الحد و فی المحدود (قلت) هذا کله مبنی علی أن المراد بالبیع فعل البائع فقط و أما إذا أرید به المعاملة القائمة بالبائع و المشتری معا و هو المعنی الحاصل بالعقد الجامع لمعنیی البیع و الشراء کان تعریفه بالعقد و ما فی معناه أولی و أسد و المراد بالبیع فی قولهم کتاب البیع و عقد البیع و أقسام البیع إنما هو هذا المعنی کما سیأتی و کما هو الشأن فی الإجارة و الوکالة و الرهن و غیرها فیصح تبادر العقد منه و یکون تعریفه به صحیحا لأنهم یعرفون ما هم مصطلحون علیه فی کلامهم لا فعل البائع فقط و هذا مما لا غبار علیه (و ینبه) علیه أنا ما وجدنا أحدا حدده (حده خ ل) صریحا بالنقل سوی المحقق الثانی فإنه قربه و قد سمعت ما حکیناه عن ظاهر الشرائع و اللمعة (فلیتأمل) جیدا هذا و المراد بالعقد مطلق الإیجاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 147
..........
______________________________
و القبول الصالحین للنقل لا خصوص المستجمع لشرائط الصحة و بالنقل و الانتقال ما یعم الصورة و لو مجازا لا المتحقق منهما خاصة لأن البیع لغة و عرفا یعم الصحیح و الفاسد و هو کذلک شرعا لأصالة عدم النقل و صحة التقسیم إلیهما فی الشرع و الاتفاق علی اتحاد معنی البیع و انتفاء الحقیقة الشرعیة فیه فلا یتوهم اختصاصه بالصحیح کألفاظ العبادات لکن الفاسد خارج عن الخطابات الدالة علی الصحة للتضاد بین الصحة و الفساد و خروجه بالمصارف لا ینافی الوضع للأعم و فائدة العموم دخول المشتبه فیها و الحکم بصحته لوجود المقتضی و هو صدق اسم البیع مع عدم العلم بالمانع الذی هو الفساد و أما غیر الخطابات الدالة علی الصحة مما لا یقتضی الصحة کقوله تعالی وَ ذَرُوا الْبَیْعَ و قوله صلی اللّٰه علیه و آله لا یبیع أحدکم علی بیع أخیه فالفائدة فیه ظاهرة لدخول الفاسد المعلوم فساده فضلا عن المشتبه و المناسب لعموم البیع الاقتصار فی تعریفه علی ما هو داخل فی الحقیقة من القیود و ترک ما هو شرط للصحة کتقدیر العوض و نحوه فالتعرض له کما فی أکثر الحدود لیس علی ما ینبغی و لا دلالة فی ذکره علی إرادة الصحیح فإن المتروک من شرائط الصحة أکثر من المذکور فتتبع و لو کان المراد تعریف الصحیح لوجب استقصاء الجمیع و تمام الکلام فی باب الرهن و المعاطاة خارجة عن التعریف بالعقد قطعا دون النقل و الانتقال لاشتمالها علی الصورة المقصود بها النقل ظاهرا و إن لم تفد نقلا علی القول بأنها إباحة محضة و أما علی القول بأنها بیع لازم أو جائز فلا ریب فی دخولها لأنها ناقلة للملک حقیقة علی هذا التقدیر و قد أخرجها المحقق الکرکی بأخذه الصیغة فی الحد مبالغا فی کونها بیعا صحیحا (و تنزیله) عبارات الأصحاب علیه و هو غریب (و المراد) بالعین هنا ما قابل المنفعة إما لأنه الظاهر منها فی إطلاق المتشرعة فتحمل علیه فی کلامهم أو لأن أظهر معانی العین فی اللغة ما قابل المعنی و لیس فی المعنی المقابل لها مما یقبل النقل إلا المنفعة فکانت هی المقابلة للعین فتخرج الإجارة الموضوعة لنقل المنافع و تعم الشخصیة و الکلیة المستقرة فی الذمة کالدین و المضمونة کالمسلم فیه و الموصوف المبیع حالا و معنی ملکیتها صلاحیتها للملک سواء کانت مملوکة بالفعل للبائع أو غیره أو غیر مملوکة لأحد وقت البیع کما فی کثیر من صور السلف فإن المبیع لا وجود له حال البیع فضلا عن أن یکون مملوکا فی تلک الحال و علی تقدیر وجوده فملکه بالفعل کملک الکلی الحال إنما هو بملک بعض أفراده و الفرد المملوک منها بالفعل للبائع أو غیره غیر مقصود بالنقل فلا یتحقق به نقل ملک العین بمعنی تحویله من مالک إلی غیره و إن صح به توصیفها بالملک بالفعل تبعا له فإن هذا الوصف بمجرده لا دخل له فی صدق البیع و لا فی صحته و إلا لکان ملک شخص لفرد من العین فی بلاد الشرق مصحح البیع آخر لها فی الغرب (و لذا اقتصر) الأصحاب فی الشرائط علی اشتراط الصلاحیة و احترزوا بالملک هنا عما لا یملک کالحر و الخمر و نحوهما و ما یوهم الفعلیة من الأخبار ضعیف السند قاصر الدلالة معارض بما هو أصح و أوضح و النقل و الانتقال فی کلامهم محمولان علی مطلق التملیک الحاصل بتحویل ملک العین إلی المشتری أو ضمانها له فی الذمة و حمل الملک علی ما یعم ملک الملک بمعنی القدرة علی التملیک و إن لم یکن عن حق ثابت کالشفعة مع أنه خلاف الظاهر من معناه لا یصحح النقل و الانتقال بمعناهما الظاهر فإن الملک بهذا المعنی لم ینقل عن البائع و لم یتجدد للمشتری بل هو حاصل لهما قبل البیع و بعده و لا تأثیر للبیع فیه أصلا و فی بعض نسخ الوسیلة زیادة ما فی حکم الملک لإدخال غیر الملک و ملک الغیر و لا حاجة إلیه فإن الملکیة بمعنی الصلاحیة تعم الجمیع و الأحسن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 148
..........
______________________________
تبدیل النقل فی التعریف بالتملیک تحرزا عن المجاز فی الحد و ترک توصیف العین بالملک فإنه إن أرید به قبولها للملک شرعا فهو شرط شرعی خارج عن ماهیة البیع و إلا فقید مستغنی عنه بالتملیک و ما فی معناه و العوض مطلق المقابل فیدخل فیه الشخصی و الکلی و کذا العین و المنفعة فإن البیع کالإجارة و الصلح یقع بکل منهما (و لا فرق) بینهما من هذه الجهة و إنما الفرق فی المعوض فیختص البیع بالعین و الإجارة بالمنفعة و یقع الصلح علیهما کما یقع بهما (و اعتبر) بعض المتأخرین عینیة العوضین فی البیع و هو وهم نشأ من قولهم البیع لنقل الأعیان و لیس المراد به العموم بل خصوص المعوض کقولهم فی الإجارة إنها لنقل المنافع و یخرج بالعوض انتقال العین مجانا کما فی الإرث و الهبة المطلقة و بعض أقسام الصلح بل مطلق الصلح و الهبة و إن اشتملا علی العوض فإنه غیر ملتزم و إنما یتفق اتفاقا (و القیود) المأخوذة فی الحدود یقصد بها الالتزام بمقتضی التحدید و إن لم یصرح به و العینیة و العوض من المقومات المخرجة لغیر البیع لا البیع الفاسد و کذا التراضی لتبادره من البیع و صحة السلب بدونه و فائدته الاحتراز عن الفسخ و الأخذ بالشفعة فإن انتقال العین بالعوض حاصل فیهما لکن علی القهر لا التراضی و عن بیع المکره و الهازل و من لا قصد له أو لا یعتد بقصده کالمجنون و غیر الممیز و إن أطلق البیع علیها فإنه مجاز کإطلاقه علی بیع المنفعة و البیع مجانا و لا نقض بما یصح من بیع المکره لأن الرضا حاصل فیه من الولی و أما بیعه حیث یجبر بعد الإکراه علیه فالرضا حاصل منه نفسه و لا بالتقایل لعدم اختصاصه بالبیع فلا یلزم فیه کون المنقول عینا و منه یعلم صلاحیة العین لإخراج الفسخ و الإرث و الصلح لعدم اختصاصها بالأعیان (و بالتقیید) بالتراضی فائدة أخری و هی أن النقل و الانتقال إنما یکون بیعا بوقوعه فی معاملة بین البائع و المشتری متقومة بهما فلا بد من التراضی الدال علی صدوره عنهما و إنما یجب اعتباره ممن لم یؤخذ فیه العقد و ما فی معناه جذما و لا فصلا کتعریف الشیخ و من وافقه و لذا ترکه المحقق اکتفاء بالإیجاب و القبول و المحقق الکرکی اکتفاء بالصیغة و الجمع بینهما کما فی الوسیلة و الدروس تأکیدا لما تضمنه العقد من الرضا و لیس بلازم (و أما کمال) المتعاقدین و معلومیة العوض أو العوضین فالوجه إسقاطهما من الحد لخروج بیع المجنون و غیر الممیز بالتراضی أو العقد فإنهما لا یعقلان إلا من عاقل ممیز و دخول بیع الممیز و بیع المجهول و البیع به فی مطلق البیع کسائر البیوع الفاسدة بفقد شرائط الصحة و إخراج هذه من بینهما تحکم مفسد للحد لعدم انطباقه حینئذ علی الصحیح و لا الأعم و اکتفی الحلبی فیما مر من تعریفه عن القیود کلها باقتضاء استحقاق التصرف و التسلیم فی المبیع و الثمن و هو تعریف جید علی القول بأن البیع عقد و أخذ المبیع فی حد البیع ففیه دور و مثله تعریف الکرکی فإن المراد بالصیغة المخصوصة فیه صیغة البیع و إلا لانتقض بغیره (و یمکن دفعه) بأن الموقوف معرفة البیع بالرسم أو الوجه الأتم و الموقوف علیه معرفته بالوجه الظاهر المعلوم لکل أحد فلا دور (و الأخصر) الأسد فی تعریف البیع أنه إنشاء تملیک العین بعوض علی وجه التراضی فإنه مع سلامته عن صحة الدور و المجاز خال عن القیود المستدرکة و الخارجة عن الحقیقة و البیع کما یطلق علی فعل البائع و هو إنشاء التملیک المذکور فقد یطلق علی فعل المشتری و هو إنشاء التملیک لما ملکه البائع و المعنیان حقیقیان فإنه کالشراء من الأضداد کما سیأتی بیانه و یطلق إطلاقا شائعا و یراد به المعاملة القائمة بالبائع و المشتری معا و هی المعنی الحاصل بالعقد الجامع لمعنیی البیع و الشراء و استعماله فی المعاملة و حملها علیها و تقسیمها إلیه و إلی غیره ظاهر معروف و فی المصباح المنیر الأصل فی البیع مناولة مال بمال و هذا هو المناسب فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 149
و لا بد من الصیغة الدالة علی الرضا الباطنی (1)
______________________________
قوله تعالی «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا» و فی قوله تعالی «رِجٰالٌ لٰا تُلْهِیهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَیْعٌ» و قوله عز شأنه وَ ذَرُوا الْبَیْعَ و قولهم کتاب البیع و أقسام البیع و أحکام البیع و لوصف البیع بالصحة و الفساد و اللزوم و الجواز و اقترانه بالمعاملات کالإجارة و الصلح (و یعرف) البیع بهذا المعنی بأنه معاملة موضوعة لتملیک عین بعوض و تملکها به و وجه القیود و الاکتفاء بها ظاهر مما سبق
(قوله قدس سره) (و لا بد من الصیغة الدالة علی الرضا الباطنی)
بمقتضی الوضع کما فی جامع المقاصد فیدخل المشترک بقسمیه مع القرینة و یخرج المجاز قریبا کان أو بعیدا و هو الذی طفحت به عباراتهم حیث قالوا فی أبواب متفرقة کالسلم و النکاح و غیرهما إن العقود اللازمة لا تثبت بالمجازات فیأخذون هذه القضیة مسلمة فی مطاوی الاحتجاج فلا ینعقد بشی‌ء من المجازات کالهبة و الصلح و الإجارة و الکتابة و الخلع قولا واحدا و کذا لا ینعقد بشی‌ء من الکنایات کالتسلیم و التصریف و الدفع و الإعطاء و الأخذ و نحو ذلک (و عد فی التذکرة و نهایة الإحکام) من الکنایات نحو جعلته لک (و فیه) أن اللام محتملة للملک و الاختصاص (و عد) منها فیهما أدخلته فی ملک مع أنه بمعنی ملکتک فیحتمل جوازه مع تقییده بما یفهم البیع علی (إشکال) ستسمعه إن شاء اللّٰه تعالی (و قد) اضطربت کلماتهم فی مواضع (ففی الروضة) أن ملکت مستعمل شرعا فی الهبة بحیث لا یتبادر عند الإطلاق غیرها و نحوه ما فی جامع المقاصد فیکون مجازا فی غیرها مع ذهاب الأکثر إلی انعقاد البیع به إیجابا و قبولا و قد سمعت ما نقلناه أولا عن جامع المقاصد (و الحق) أن ملکت مشترک معنوی عند الفقهاء و أهل اللغة کما یظهر ذلک من تتبع کتب الفریقین و استعماله فی البیع لیس مجازا کما یظهر ذلک لمن أمعن النظر (و قد) ذهب المصنف و المحقق و الشهیدان و المحقق الثانی إلی انعقاد البیع بلفظ السلم مع أنه مجاز فی مطلق البیع و قد نسبه فی المسالک إلی الأکثر و ذهب الأکثر إلی منع کون متعت من صیغ النکاح لأنه حقیقة فی المنقطع شرعا فیکون مجازا فی الدائم حذرا من الاشتراک (و قد) انتهض المحقق الثانی فی جامع المقاصد فی باب السلم و النکاح إلی الجمع بین کلماتهم بما حاصله فی المقامین أن المجازات الأجنبیة البعیدة المحتاجة إلی تکلفات شدیدة و قرائن کثیرة لا تثبت به العقود اللازمة و لا کذلک المجازات القریبة و هذا یوافق کلامهم فی باب الإجارة و وجه قول الأکثر فی النکاح بأنه عبادة و ألفاظها متلقاة من الشارع (و الذی) اعتمده (احتمله خ ل) الأستاد الشریف دام ظله أنه (لا فرق) فی المجازات بین قریبها و بعیدها فی عدم انعقاد العقود اللازمة بها وقوفا مع هذه القاعدة المسلمة عندهم إلا أن یقوم إجماع فیتبع و تحقیق الحال فی باب السلم (و اعلم) أن اشتراط؟؟؟ الدلالة بالوضع هو الذی یعبرون عنه بالصراحة و المتبادر من الوضع الوضع اللغوی و قضیة ذلک أمران صحتها و لزومها باللغوی و إن جهله المتعاقدان بالکلیة إذا دلا علی إفادته ذلک و عدم صحتها بما کان متعارفا عند المتعاقدین فی بلدهما أو قطرهما کأن یتعارف عند أولئک أن لفظ دفعت مثلا دال علی البیع بحیث یکون عرفا خاصا لا یفهم منه غیره عندهم (و قد یقال) إنا لا نسلم أن قضیة ذلک عدم صحتها بهذا لأنه قد تقرر فی محله أن اختصاص اللفظ باللغة إنما هو لعدم وضعه لمعناه فی غیرها مع وضعه له فی تلک اللغة فی الجملة و إن لم یکن الواضع جمیع أهل تلک اللغة و المفروض أن أهل هذا القطر من العرب فیکون عربیا صحیحا و لو کان المعتبر فی الانتساب إلی اللغة وضع الجمیع لزم أن تکون الحقیقة الشرعیة غیر عربیة و سائر المنقولات الاصطلاحیة فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 150
و هی الإیجاب کقوله بعت و شریت و ملکت (1)
______________________________
کل لغة خارجة عنها فإن واضعها هو البعض قطعا فکان اصطلاح هذا القطر داخلا تحت الوضع اللغوی و کذا العرفی العام فإنه أولی و إن أرادوا بالوضع الوضع الشرعی و ما کان لیکون خرج العربی الصمیم الصحیح و أما أن قضیة ذلک صحتها باللغوی و إن جهلها المتعاقدان فلا مانع منه إلا هجره فی زمنهما و هو لیس بمانع کما هو الشأن فی الأعجمی إذا ألقیت علیه الصیغة و ترجمت له و لا مانع من أن یقول الشارع قد نقلت الألفاظ التی وضعت مادتها فی اللغة للدلالة علی النقل مثلا لإنشاء البیع مثلا و إن جهلها المتعاقدان هذا إن قلنا بأن هذه الألفاظ لم تستعملها العرب فی الإنشاء و أن الشارع نقلها إلیه کما هو ظاهر بعضهم کما ستسمع و إن قلنا إنها أو أکثرها مستعملة فی الإنشاء عندهم کما هو الظاهر کما ستسمع صح الفرض المذکور بأدنی تغییر کأن یقال إن الشارع قال قد جعلت الألفاظ المستعملة فی إنشاء العقود فی اللغة مصححة للعقد للبیع موجبة للملک فیکون قد أعطانا ضابطا و قانونا فی سائر العقود و لما کان ذلک بجعل الشارع و وضعه و تقریره صح للقائل أن یقول إنها منقولات شرعیة بهذا المعنی و علی هذا صح لنا أن نقول لا یشترط فی هذه الألفاظ أن تکون معروفة فی زمن الشارع فلو قبل المشتری بلفظ بعت و لم تکن معروفة فی زمنه بل کانت مهجورة صح بها القبول بعد ثبوتها فی اللغة فیکون حکم زماننا و زمانه واحدا و علی هذا ینسد باب الاعتذار عن الروضة حیث إن ظاهرها کما ستعرف أنه لا یصح القبول بلفظ بعت لأن أقصی ما یتعذر عنه أن یدعی أنها لیست معروفة فی زمن الشارع کأخواتها و إذا کان حال الزمانین واحدا انسد الباب و انقطع الجواب إلا أن یدعی أنها حقائق شرعیة و لم یتحقق ذلک فیها فتأمل
(قوله رحمه اللّٰه) (و هی الإیجاب کقوله بعت و شریت و ملکت)
قد ذکرت هذه الصیغ الثلاثة فی نهایة الإحکام و التذکرة و الدروس و التنقیح و صیغ العقود و الروضة و هو المستفاد من جامع المقاصد فی المقام و تعریف البیع و هو ظاهر تعلیق الإرشاد حیث نقله عن التذکرة معتمدا علیه و قد اضطرب کلامه فی الکتاب المذکور حیث نقل فیه عن التذکرة و التحریر و الکتاب ما لم نجده بعد فضل التتبع و مراجعة ثلاث نسخ من التعلیق المذکور و عبارة الکتاب کادت تکون صریحة فی عدم انحصار الإیجاب فی الثلاث و به صرح الشهید فی حواشی الکتاب فجوز البیع بکل لفظ دل علیه فقال مثل قارضتک و سلمت إلیک و ما أشبه ذلک و قد نقل صاحب کشف الرموز عن شیخه المحقق أن عقد البیع لا یلزم لفظا مخصوصا و اختاره هو و مثل الکتاب التحریر حیث قال فیه الإیجاب اللفظ الدال علی النقل مثل بعتک و ملکتک أو ما یقوم مقامهما و نحوه التبصرة و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و اللمعة و الروضة و المفاتیح و هو ظاهر جامع المقاصد حیث لم یتعقب المصنف بشی‌ء کما استدرک علیه فی القبول فظاهره الرضا به (و قد یدعی) أنه ظاهر الأکثر کالشیخ و أبی یعلی و أبی القاسم القاضی و أبی جعفر محمد بن علی الطوسی و أبی المکارم حمزة الحلبی و غیرهم حیث اقتصروا علی الإیجاب و القبول مطلقین من دون تنصیص علی لفظ مخصوص فیهما و قضیة ذلک أنه یصح بغیر الثلاثة إذا کان نصا دالا بالوضع کنقلت و أمضیت لمشارکته ما ذکر فی الصراحة و بغیر ما ذکروه فی القبول من السبع کما ستسمع بل (قد یقال) إنه یصح الإیجاب باشتریت کما هو موجود فی بعض نسخ التذکرة و المنقول عنها فی نسختین من تعلیق الإرشاد و فی القاموس شراه یشریه إذا ملکه بالبیع و باعه کاشتری فیهما ضد و فیه أیضا کل من ترک شیئا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 151
..........
______________________________
و تمسک بغیره فقد اشتراه (قلت) و البائع تارک للمتاع متمسک بالثمن عکس المشتری و صریح کلامه الأول أن اشتری کباع و ظاهر التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس و التنقیح و صیغ العقود و تعلیق الإرشاد الحصر فی الصیغ الثلاث و ظاهر الجامع الحصر فی بعت و شریت فیحتمل أن یکون المدار عندهم علی ثبوت ذلک فی اللغة و تعارفه علی ألسنة الفقهاء کما رفضوا سلمتک فی السلم مع صحته لغة و صراحته فیه لرفض الأصحاب له صرح بذلک فی التذکرة و التحریر و المسالک و غیرها (و فی المسالک) أیضا أن کلامهم مختلف فی تحقیق ألفاظ البیع فیحتمل القول باختصاصه بما ثبت شرعا من الألفاظ (و قد) قال مثل ذلک فی رضیت بدل قبلت المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و یحتمل أن ینزل کلام هؤلاء علی إرادة التمثیل فتجتمع الکلمة إذ لم یثبت من الأدلة اختصاص البیع بلفظ مخصوص و لم یعلم من الأصحاب اشتراط ذلک کما اشترطوا الصراحة و غیرها کما یأتی و لو توقف النقل علی لفظ مخصوص لزم الاقتصار علی بعت فی الإیجاب و قبلت و اشتریت فی القبول و لم یجز غیر ذلک لعدم ثبوته من نص و لا إجماع فینعقد البیع بجمیع ما شارک الثلاث فی الصراحة بمعنی الدلالة بالوضع فی جمیع أنواع البیع و کذلک الحال فی جانب القبول حرفا بحرف (و عساک تقول) إن هذه منقولات شرعیة کما صرح به المصنف فی أصوله و الفاضل العمیدی و غیرهما فیقتصر علی ما ثبت نقله (قلت) هذه الدعوی یشهد الوجدان و الاعتبار بخلافها لأنا لم نجدها وردت فی خبر من الأخبار و الشرط فی الحقیقة الشرعیة ورودها فی لسان الشارع و دعوی تواترها فلا یحتاج إلی ورودها قد أنکرها جماعة و لو کانت متواترة لما اختلف اثنان و لا تعلقوا فی الاستدلال علی الماضویة و العربیة بغیر التواتر علی أن العلامة لم یشر إلی ذلک فی فروعه و کل من صریحه أو ظاهره عدم الحصر قائل بعدمها و من ظاهره الحصر نطالبه بتواتر ما حصر فیه علی أنا لم نجد فقیها ذکر أنها منقولة شرعا فی الفروع سوی الشهید الثانی فی المسالک ثم إنه من المعلوم أن شرط الحقیقة الشرعیة هجر المعنی المنقول عنه و عدم استعمالها فی المنقول إلیه فی اللغة کما أنه من المعلوم عدم هجر الأخبار فی کلام الشارع إلا أن تقول إنه حین العقد لا یستعمل فی الأخبار و من المعلوم استعمالها فی لغة العرب فی الإنشاء کما ستسمعه عن الرافعی و هو الذی یقضی به التتبع و الاعتبار (و یمکن) أن یکون مراد من سماها منقولات شرعیة أن الشارع لما جعل الألفاظ الصریحة الدلالة فی اللغة موجبة للملک و اللزوم و نحو ذلک صح لهم نسبتها إلی الشارع فکأنه قال کل لفظ دل فی اللغة وضعا علی إنشاء النقل مثلا فهو مملک موجب للزوم و کذلک الحال فی جانب القبول و سائر العقود و هذا جعل شرعی یصحح نسبتها إلی الشارع کما أشرنا إلیه فی معنی الصراحة و یمکن الجمع بتنزیل کلام من ظاهره التمثیل علی ما لا یتجاوز الثلاث مما یمکن فیه ذلک و ما لا یمکن فیه ذلک کعبارة الکتاب و ظاهر جامع المقاصد ینزل علی ما یشمل إیجاب السلم و التولیة و التشریک و نحو ذلک و من ظاهره الحصر فیما دون الثلاث کالجامع ینزل علی أنه لم یثبت عنده ما زاد و کل ذلک جار فی جانب القبول کما ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی و قد اتفقت هذه الکتب المصرح فیها بالثلاث علی ذکر ملکت مشددا و فی جامع المقاصد فی تعریف البیع ما یشعر بالإجماع علی صحة الإیجاب فی البیع فلیلحظ ذلک فإنه کاد یکون مؤذنا بذلک فلا یصغی إلی ما فی المسالک من نسبته باقی باب السلم إلی بعض الأصحاب مشعرا بندرته و تمریضه و لعله عنی صاحب الجامع علی أنه قد قطع (حکم خ ل) به فی الروضة و لعله لحظ أن الإیجاب به من دون تقییده بالبیع کأن یقول ملکتک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 152
و القبول و هو اشتریت أو تملکت أو قبلت (1)
______________________________
بالبیع غیر صریح فی البیع لاحتماله غیره و لا یدفع ذلک ذکر العین و العوض لأن تملیکها به قد یکون بالهبة فلا یکون صریحا فی البیع إلا إذا قیده البائع به کما ذکرنا لکن ظاهر الأکثر تحقق الإیجاب به من دون تقیید فلینزل علی ذلک أو علی ما إذا دلت القرائن علی إرادة البیع (فتأمل) و قال المحقق الثانی إن المفهوم من بعت و ملکت معنی واحد استنادا إلی صحة الإیجاب بالتملیک (و فیه) أن البیع فرد من أفراد التملیک فکان مغایرا له و معنی بعت ملکت بالبیع لا ملکت و ذکر العین و العوض بعد البیع فی حد البیع إن اقتضی التجرید فغایته التجرید منهما فلا یلزم اتحاده بمطلق التملیک (فلیتأمل) و بعت و شریت فی الإیجاب یتعدی إلی مفعولین و فی صیغ العقود أن الإیجاب بعتک أو شریتک أو ملکتک و بعت فی القبول یتعدی إلی واحد کشریت فلو قال البائع شریتک العین تعین للإیجاب من وجهین و لو قال شریتها فمن وجه واحد و کذا القبول لو قال المشتری بعتها أو بعت
(قوله قدس سره) (و القبول و هو اشتریت أو تملکت أو قبلت)
ظاهره الحصر فی الثلاث و قد تعقبه فی جامع المقاصد بأن الأولی أن تقول کاشتریت (إلی آخره) لأن الابتیاع و نحوه قبول قطعا و قد تشعر هذه العبارة کما تقضی به عبارته الأخری الناطقة بأن لفظ البیع و الشراء موضوعان علی سبیل الاشتراک لکل من المعنیین و بالانضمام یتمیز المراد بوقوعه بلفظ بعت کما هو صریح تمهید القواعد و صریح الجامع قال فیه و القبول قبلت أو شریت أو بعت و شبهها و فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام أن بعت فی لغة العرب بمعنی ملکت غیری و تقول العرب بعت بمعنی اشتریت و یسمی کل واحد من المبتاعین (المتبایعین خ ل) بائعا و بیعا (و قال) بعض الفقهاء البیع مأخوذ من مد الباع قال ابن الخشاب و هو غلط لأن البیع من ذوات الیاء و الباع من ذوات الواو یقال بعت الشی‌ء أبوعه بوعا و فی التذکرة و نهایة الإحکام و القبول من المشتری قبلت أو بعت أو اشتریت أو تملکت و مثله ما هو موجود فی بعض نسخ الدروس و التنقیح و قضیة ذلک ففی ملکت مخففا و بعت و شریت و فی نسختین من الدروس و نسخة أخری من التنقیح و القبول ابتعت و اشتریت و شریت و تملکته و قبلته و ظاهر ذلک نفی بعت و ملکت غیر أنه فی التنقیح (قال) فیقول المشتری ابتعت إلی آخره فکانت عبارة الدروس أظهر فی الحصر و فی تعلیق الإرشاد عین ما فی التذکرة نقلا عنها ثم إنه صرح بوقوع بعت فی القبول لکن ظاهره النقل عن التذکرة فکلامه فیه غیر منقح لکن فی بعض الحواشی نقلا عنه ذکر ابتعت مکان بعت فیصح النقل فی الجملة و ظاهر الغنیة الحصر فی قبلت و اشتریت کما أن ظاهر التبصرة الحصر فی اشتریت و من المعلوم أن قبلت قبول قطعا فلا بد من التنزیل علی التمثیل و التعمیم حتی یشمل نحو رضیت و أمضیت لمشارکته ما ذکره فی الصراحة و دخوله فی ظاهر الأدلة (و إطلاق) الأکثر کما تقدم فی الإیجاب (بل قد) یقال إن رضیت فی القبول أظهر من ملکت و شریت و أقرب إلی مفهوم قبلت فلعل الظاهر الصحة بالکل و قد وقع فی قبول مولانا الجواد علیه السلام قبلت و رضیت و إن أبیت فلیحمل علی خصوص البیع و جمیع ما ذکرناه فی الإیجاب من الجمع و التنزیل جار هنا و فی صیغ العقود و المسالک و مجمع البرهان عین ما نقلناه عن الدروس أخیرا مع ظهور عدم الحصر بل کاد یکون ذلک من الثلاثة تصریحا و لا سیما الأول کما هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 153
..........
______________________________
الشأن فی الجامع و قد سمعت عبارته و التحریر و الإرشاد و اللمعة و الروضة و المفاتیح و لفظ ملکت مخففا فی القبول لم یوجد إلا فی صریح الروضة و ظاهر اللمعة و هذه عبارتهما (و یشترط وقوعهما بلفظ الماضی) العربی (کبعت) من البائع (و اشتریت) من المشتری (و شریت) منهما لأنه مشترک بین البیع و الشراء (و ملکت) بالتشدید من البائع و التخفیف من المشتری و تملکت (انتهی) کلامهما و ظاهر الروضة أن البیع لا یجری فی القبول مع ثبوت إطلاقه علی الشراء و وضعه له بنص الصحاح و المصباح و القاموس و غیرها فالفرق بینهما ضعیف و قد سمعت ما نقلناه عنه فی تمهید القواعد و قد استند فی صحة وقوع شریت منهما إلی الاشتراک و هو مشترک بینه و بین البیع کقرینة التعیین التی لا تحتمل الخلاف و قد تقدم عند شرح قول المصنف و لا بد من الصیغة (إلخ) ما یوضح الحال مع کمال نفعه فی المقام و الشراء فی البیع کثیر لم یرد فی الکتاب المجید إلا فی البیع و قد ورد فی أربع آیات لا غیر کلها بمعنی البیع فکان فی الإیجاب أولی منه فی القبول و البیع فی الشراء أیضا کثیر و کذا البائع و البیع فی المشتری و بعت فی اشتریت بنص أهل اللغة و الفقهاء و قد سمعت ما فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام و قد ورد فی الأخبار و الأشعار و منه قوله علیه السلام البیعان بالخیار (و لیس) ذلک من باب التغلیب لأنه لا یصار إلیه إلا بعد العلم بانتفاء الاشتراک فاحتمال الاشتراک کاف فی رفع احتمال التغلیب کما قرر فی محله «فلیتأمل» فیه (و لیس) من باب الحقیقة و المجاز لعدم العلاقة و علاقة الضدیة قد أهملها الأکثر و إنما صار إلیها من صار إلیها حذرا من الواسطة بین الحقیقة و المجاز لأن قوله جل شأنه وَ جَزٰاءُ سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ مِثْلُهٰا لیس حقیقة و لا مجازا فمن نفی الواسطة أثبت علاقة الضدیة و الأکثرون علی ثبوت الواسطة و من نفاها و لم یعتبر الضدیة جعله من باب المشاکلة فتعین أن یکون من باب الاشتراک فیکون المقام من باب عموم الاشتراک بأن یکون المراد المسمیان بالبیعین (و منه) قوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا یبیع أحدکم علی بیع أخیه علی المشهور فیه بین الفقهاء و أصحاب الحدیث و منه قولهم ما بیعت هذه الثیاب حتی بیعت (و لیعلم) أنه لا یضر الاشتراک و إلا لامتنع الإیجاب بالبیع و لا ظهورهما فی أشهر معنییهما لوضوح القرینة المعینة لغیره و هی وقوع البیع من المشتری و الشراء من البائع و الظاهر من الأصحاب أن ألفاظ القبول أصول کالإیجاب و فی نهایة الإحکام و کذا المسالک أن الأصل فیها قبلت و غیره بدل لا قبول لأن القبول علی الحقیقة ما لا یمکن الابتداء به و الابتداء بنحو اشتریت و ابتعت ممکن فلا یکون قبولا بخلاف قبلت و لعلهما حملا القبول علی معناه اللغوی فإن القبول فی الاصطلاح تستوی فیه الألفاظ و لا أثر للخلاف هنا للاتفاق علی صحة القبول بغیر لفظه و للکلام فی تقدیمه علی الإیجاب محل آخر (فرع) لو وکل اثنین فی بیع موصوف و ابتیاعه بثمن واحد فقال أحدهما للآخر بعت أو شریت فقال الآخر بعت أو شریت فإن أوجبنا تقدیم الإیجاب بأیّ لفظ کان صح بیعا حملا للعقد علی الصحیح و لا سیما إذا قال الأول بعت و الثانی شریت حملا للصیغتین علی ظاهرهما لأن الظاهر من بعت الإیجاب و من شریت القبول و إن لم نوجب تقدیم الإیجاب و لا قال الأول بعت و الثانی شریت بل قالا بعت أو شریت أو قال الأول شریت و الثانی بعت احتمل صحته فی الجمیع نظرا إلی الغالب من تقدیم الإیجاب و إن لم یجب و مراعاة لجانب اللفظ فی إحدی الصیغتین فی الصورتین الأولیین فیکون الإیجاب فی الجمیع متقدما و تحتمل الصحة مراعاة لجانب اللفظ فی الصیغتین فی الأخیرة فیکون القبول فیهما متقدما و یحتمل البطلان فیها لتعارض الأمارتین لأنه إذا قال الأول شریت فصدوره أولا یقضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 154
و لا تکفی المعاطاة (1)
______________________________
بأنه إیجاب جریا علی الغالب من؟؟؟ تقدیمه و لفظه یقتضی بأنه قبول جریا علی المتعارف من لفظ شریت و صدور بعت ثانیا من الثانی یقضی بأنه قبول جریا علی الغالب من تأخیره و لفظه یقضی بأنه إیجاب کما هو الظاهر فقد تعارض فی کل من الصیغتین أمارتان و لا کذلک غیر الصورة الأخیرة کما إذا قال الأول شریت و الثانی شریت أو قالا بعت فإن فی إحدی الصیغتین أمارتین متعارضتین و فی الصیغة الأخری الأمارتان متوافقتان لکن التعارض فی الصیغة الأولی فیما إذا قالا شریت و التوافق فی الثانیة و عکسه ما إذا قالا بعت (و لیعلم) أن من قید الإیجاب بکونه من البائع و القبول بکونه من المشتری فلعله بناه علی الغالب و من ترک القید فلعله لحظ إحدی صیغتی السلم فإن الإیجاب فیها من المشتری
(قوله قدس سره) (و لا تکفی المعاطاة)
کما فی الشرائع و التذکرة و الدروس و اللمعة و ظاهر الجمیع لأن کانت العبارة واحدة أنها «1» لا تکفی فی المقصود بالبیع و هو نقل الملک کما هو صریح الخلاف و السرائر و المختلف و حواشی الشهید علی الکتاب و قواعده و التنقیح و هو ظاهر الإرشاد (حیث قال) و لا ینعقد بدون الإیجاب و القبول و هو ظاهر کل ما اشترط فیه الإیجاب و القبول کالخلاف و المراسم و الوسیلة و النافع و المهذب البارع و غیرها و ظاهر قواعد الشهید الإجماع علی أنها لا تفید الملک و إنما تفید الإباحة فلا تکون عند هؤلاء جمیعا بیعا حقیقة و إنما هی إباحة کما هو صریح الخلاف و المبسوط و الجواهر و الغنیة و السرائر و جامع؟؟؟
الشرائع و المیسیة و الروضة و المسالک فی أثناء الکلام له فی الکتابین (قال) لإطباقهم علی أنها لیست بیعا حال وقوعها و فی الغنیة أیضا الإجماع علیه (قال) إنها لیست ببیع و إنما هی إباحة للتصرف یدل علیه الإجماع المشار إلیه و أیضا فما اعتبرناه مجمع علی صحة العقد به و لیس علی صحته بما عداه دلیل (و لما ذکرناه) نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن بیع الملامسة و المنابذة و ثمن بیع الحصاة علی التأویل الآخر و معنی ذلک أن یجعل اللمس للشی‌ء و النبذ له و إلقاء الحصاة بیعا موجبا و فی المیسیة أن المشهور بین الأصحاب أنها لیست بیعا محضا و لکنها تفید فائدته فی إباحة التصرف و نسب ذلک فی مجمع البرهان إلی المشهور و فی المسالک) و الروضة عند شرح عبارتی الشرائع و اللمعة و قد عرفت المراد منهما أنه المشهور بل کاد یکون إجماعا و مثله ما فی المفاتیح و فی موضع آخر من المسالک قال عند نقل کلام المفید ما أحسنه و أمتن دلیله إن لم یقم إجماع علی خلافه (و فی التذکرة) أن الأشهر عندنا أنه لا بد من الصیغة فلا تکفی المعاطاة (و فی المختلف) أنه مذهب الأکثر (و فی المفاتیح) أن المشهور أنها تفید إباحة تصرف (و فی تعلیق الإرشاد) أن الأظهر بین عامة المتأخرین من الأصحاب أن المعاطاة تفید إباحة کل من العوضین لآخذه و لکل منهما الرجوع فیه ما دامت العین باقیة فإذا تلفت لزم المبیع «2» حینئذ ثم إنه جعل مقتضی ذلک أنها تفید ملکا متزلزلا (ثم) أخذ یستدل علیه بما ستسمعه (و فی الکفایة) أن المشهور أنها تفید إباحة تصرف کل منهما لا أنها بیع فاسد و فیها أیضا أن المشهور عدم تحقق اللزوم بدون اللفظ المعتبر و فی الریاض أنها تفید الإباحة کما هو المشهور بین الطائفة بل کافتهم لرجوع القائل بعدمها و حرمة التصرف فی المعاطاة عنه إلی الإباحة کما حکاه عنه جماعة (قلت) هذه الشهرات الأخیرة لیست نصا فی أنها لا تفید ملکا و إنما نقلت علی الإباحة الأعم من کونها محضة و بالملک لکن الشهرة معلومة بل الإجماع علی أنها لا تفید ملکا
______________________________
(1) خبر المبتدأ (منه)
(2) کذا فی نسختین و الظاهر البیع (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 155
..........
______________________________
کما ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی و فی نهایة الإحکام المعاطاة لیست بیعا و الأقرب أن حکمها حکم المقبوض بسائر العقود الفاسدة و لو کان الثمن الذی قبضه البائع مثل القیمة فهو مستحق ظفر بمثل حقه و المالک راض فله تملکه (و یحتمل) العدم فقد انفرد هذا الکتاب من بین کتب الأصحاب باحتمال کونها بیعا فاسدا و قد نقل عنه جماعة أنه رجع عنه و الوجدان شاهد لهم إذ القواعد و المختلف متأخران عن نهایة الإحکام قطعا و فی جامع المقاصد لا یقول أحد من الأصحاب إنها بیع فاسد سوی المصنف فی النهایة و قد رجع عنه فی کتبه المتأخرة (و أطرف) شی‌ء ما فی المفاتیح من نسبة ذلک إلی العلامة و جماعة (و لعله) أخذه مما یأتی فی عبارة جامع المقاصد فقد اتفقت هذه الکتب جمیعها ما عدا الأخیر فإنه محل تأمل علی أنها لا تفید ملکا و أنها لیست بیعا و إنما تفید إباحة محضة علی اختلافها فی الظهور و الصراحة و فی التحریر الأقوی أن المعاطاة غیر لازمة و لکل منهما فسخ المعاوضة ما دامت العین باقیة و مقتضی تجویز الفسخ ثبوت الملک فی الجملة و کذا تسمیتها معاوضة (و فیه تأمل) ستسمعه و فی جامع المقاصد أن المعروف بین الأصحاب أنها بیع و إن لم تکن کالعقد فی اللزوم خلافا لظاهر عبارة المفید (إلی أن قال) إنها بیع بالاتفاق حتی من القائلین بفسادها لأنهم یقولون إنها بیع فاسد و ما یوجد من جمع من متأخری الأصحاب من أنها تفید إباحة و تلزم بذهاب أحد العینین یریدون به عدم اللزوم فی أول الأمر و بالذهاب یتحقق اللزوم (و لا یخفی) علیک أن ظاهر کلامه الأخیر أن جماعة قائلون بأنها بیع فاسد و قد قال أولا إنه لم یقل به أحد علی أنه فی نهایة الإحکام صرح بأنها لیست بیعا و قد سمعت عبارتها فکیف یدعی علیه أنه یقول إنها بیع فاسد و التأویل- ممکن و الأمر سهل (لکن) یرد علیه أن الذی استمرت علیه الطریقة فی المعاطاة أن یکتب التاجر إلی الآخر أرسل إلی کذا و کذا من الأمتعة مع جهل بالثمن و المثمن (فلو کانت) بیعا متزلزلا لوجب معرفة الثمن و المثمن و الأجل و مثل ذلک صنع فی تعلیق الإرشاد فنزل عبارة الأصحاب علی أنها تفید ملکا متزلزلا و جعله مقتضاها (قال) و إلا لما لزمت بالتلف (و أیضا) فلو لا ذلک لم تحصل الإباحة إذ المقصود للمتعاطیین إباحة مترتبة علی ملک الرقبة کسائر البیوع فإن حصل مقصودهما ثبت ما قلناه و إلا وجب أن لا تحصل إباحة بالکلیة بل یتعین الحکم بفساد ذلک إذ المقصود غیر واقع فلو وقع غیره لوقع بغیر قصد و هو باطل (و علیه) یتفرع النماء و جواز وطء الجاریة بالمعاطاة و من منع ذلک فقد أغرب (و مما یرشد) إلی ما قلناه مضافا إلی ما تقدم عبارات القوم فإن بعضها کالصریح فیما قلناه (ثم) ساق عبارة التحریر إذ لیس عنده سواها (و أنت تعلم) أنه یجوز أن یکون تجویزه الفسخ فی التحریر نظرا إلی إباحة التصرف و کذا تسمیتها معاوضة «فتأمل» هذا حال عبارة التحریر علی أنها عبارة واحدة من شخص واحد فی بعض کتبه (و أما قوله) و إلا لما لزمت بالتلف إلخ فمنقوض بقوله فی القرض من کتاب صیغ العقود أنه لا یکفی الدفع علی وجه القرض من غیر لفظ فی حصول الملک نعم یکون ذلک فی القرض کالمعاطاة فی البیع فیثمر إباحة التصرف فإذا أتلف العین وجب العوض و الذی ینساق إلیه النظر أن المعاطاة فی البیع تثمر ملکا متزلزلا و یستقر بذهاب أحد العینین أو بعضها (و مقتضی) هذا أن النماء الحاصل فی البیع قبل تلف شی‌ء من العینین یجب أن یکون للمشتری بخلاف الدفع للقرض فإنه لا یثمر إلا محض الإذن فی التصرف و إباحة الإتلاف فیجب أن یکون نماء العین للمقرض لبقائها علی الملک (انتهی) و وجه النقض أنه لا ریب أن المقصود فی صورة القرض أیضا إباحة مترتبة علی ملک الرقبة بالقرض فإن حصل المقصود ثبت أن الدفع علی وجه القرض من غیر لفظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 156
..........
______________________________
أیضا قد أفاد الملک و إلا لوجب أن لا یحصل إباحة بل یتعین الحکم بفساد ذلک لما ذکر (و ما أشکل) علیه و علی غیره ممن تأخر علی القول بالإباحة المحضة من أنها إن لم تقتض الملک فما الذی أوجب حصوله بعد ذهاب الأخری و من جواز الوطء و العتق و البیع مع أنه لا وطء إلا فی ملک أو تحلیل و لا عتق و لا بیع إلا فی ملک (فیمکن الجواب) عن الأول عند القائل به و لم یشترط تلف العینین معا بما قرره من ذهب إلی الملک المتزلزل و اللزوم بالتلف من أن التراد ممتنع لمکان تلف إحداهما فیتحقق الملک لتراضیهما علی جعل الباقی عوضا عن التالف و لأن من بیده المال مستحق قد ظفر بمثل حقه بإذن مستحقه فیملکه و إن کان مغایرا له فی الجنس و الوصف لتراضیهما علی ذلک (و عن الثانی) فبأنه إذا أذن و أباح له جمیع التصرفات فقد أباح و حلل له الوطء فیکفی فی جواز التصرف إذن المالک فیه کغیره من المأذونات و لیس التصرف تابعا للملک و لا متوقفا علیه (و الحاصل) أن الإذن سبب تام فی جواز التصرف و ناقص فی إفادة الملک و بالتصرف یحصل تمام سبب الملک (ثم) إن کان التصرف غیر ناقل فالأمر واضح و إن کان ناقلا أفاد الملک الضمنی قبل التصرف بمدة یسیرة أو مقارنا له کما فی القرض الخالی عن الصیغة فإن جماعة قالوا بأن التصرف یکون مملکا فیصح أن یعتق و یبیع لنفسه (بل قال) المولی الأردبیلی الظاهر أنه لا نزاع فی المعاطاة فی القرض فیباح بها التصرف و الإتلاف و علیه العوض و یحصل الثواب و لا یحصل الملک إلا بعد التصرف «انتهی» و أما البیع فی غیر الملک للغیر فأکثر من أن یحصی فیکون العتق و البیع مقارنین للملک و السبق إنما هو بالذات لا بالزمان أو یکونان متأخرین عنه بالزمان عرفا کما قالوا فی مثل أعتق عبدک عنی و فیما إذا اشتری أباه «فلیتأمل» فی ذلک (و عن) الشیخ المفید فیما یظهر منه کما فی الدروس و المسالک و فیما یتوهم من کلامه کما فی المختلف الاکتفاء فی تحقق البیع بما دل علی الرضا به من المتعاقدین إذا عرفاه و تقابضا و ستسمع عبارته برمتها کما حکاها عنه فی المختلف و وجدناها فی المقنعة (و نقل) الآبی فی کشف الرموز عن المفید و الشیخ أنه لا بد فی البیع عندهما من لفظ مخصوص کما ستسمعه إن شاء اللّٰه (و بهذا یبعد) ما فهموه من عبارة المفید فلا تغفل و الرجل قریب العهد عارف بالأقوال من تلامذة المحقق و القول المذکور نقله فی المسالک عن بعض مشایخه المعاصرین و هو السید حسن بن السید جعفر لکنه قال إنه یشترط فی الدال کونه لفظا و هو خیرة الحدائق (و فی الکفایة) أن قول المفید غیر بعید و هو خیرة مجمع البرهان و المفاتیح و نقله فی الحدائق عن الشیخ سلیمان البحرانی (و أنت) خبیر بأنا لم نقف علی مخالف و ما نسب إلی المفید فقد صرح فی المختلف بأن کلامه غیر صریح و لا ظاهر فیه بل یتوهم ذلک منه فکیف یعد مثل ذلک خلافا و هؤلاء الذین تأخروا قد سبقهم الإجماع (و أما) المستفاد من إطلاق الکتاب و السنة من الدلالة علی الانتقال و اللزوم فمختص بالعقود و لیس التراضی مع التقابض منها قطعا لغة و عرفا و الشک کاف جزما و نمنع تسمیة ذلک بیعا حقیقة إجماعا کما فی الغنیة و الروضة و المسالک و قد سمعت المصرح بذلک و غایة العرف استعماله فیه (و لا ریب) فی أنه مسامحة (من مسامحاته خ ل) و إلا فأهل العرف مطبقون علی عدم المسامحة فی البیوع (الأمور؟؟؟ خ ل) الخطیرة فلا یدخل تحت ما دل علی حل البیع و دعوی أن ذلک من جهة الشرع مؤیدة لنا و علی تقدیر تسلیم ما فی جامع المقاصد من أن المعاطاة بیع عند کافة الأصحاب و ما کان لیکون فأقصاه ثبوت الحلیة و الملکیة فی الجملة و هو غیر اللزوم الذی یدعونه (و ما ذکروه) من باقی أدلتهم التی رقوها إلی أربعة عشر دلیلا فإنما غایتها کباقی الأدلة ثبوت إباحة التصرف و لیس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 157
..........
______________________________
فیها علی اللزوم دلالة و لا إشارة فیما أفهم (و یستفاد) من أخبار معتبرة عدم الاکتفاء بمجرد القصد و الإشارة و أنه لا بد من اللفظ کقوله علیه السلام إنما یحرم و یحلل الکلام و هی و إن اقتضت عدم جواز التصرف لکنها معارضة بالسیرة المستمرة و الإجماع المعلوم و المنقول فی الغنیة و جامع المقاصد و غیرهما فلتحمل علی اللزوم و علی ما بعد الرجوع و هی و إن لم تکن دالة علی اشتراط الألفاظ المخصوصة لکنها لیس فیها دلالة علی الاکتفاء بذلک من دونها فهی مجملة لا یمکن الاستناد إلیها نفیا و لا إثباتا فی الألفاظ المخصوصة بکیفیاتها المقررة و القائلون بأنها بیع لکن لا بد فیها من اللفظ کالسید حسن و من وافقه من أهل البحرین یقولون إنها لو خلت عن اللفظ إنما تفید جواز التصرف لا النقل کما حکاه صاحب الحدائق عنهم و اختاره (و حینئذ فیقال) له کیف تقول إنه یلزم المشهور أما فساد هذه المعاملة أو کونها بیعا حقیقیا و قد لزمک مثله فیما إذا خلت عن اللفظ علی أن للمشهور مندوحة عن ذلک (و لیعلم) أنه لا إشکال و لا خلاف عندهم فی أنه لو تلفت العین من الجانبین صار لازما و إنما الکلام فی تلف إحداهما (ففی) الدروس و حواشی الکتاب للشهید و التنقیح و جامع المقاصد و صیغ العقود و تعلیق الإرشاد و المیسیة و الروضة أنه کاف فی اللزوم موجب لملک العین الأخری لمن هی فی یده و هو ظاهر اللمعة (و فی تعلیق الإرشاد) أنه الأظهر بین عامة المتأخرین (و فی جامع المقاصد) نسبته إلی جمع (و فی الکفایة) قالوا إذا ذهبت لزمت (و فیه نظر) «انتهی» و احتمل فی المسالک العدم نظرا إلی بقاء الملک لمالکه و عموم الناس مسلطون علی أموالهم ثم حکم بأن اللزوم أقوی (و فی السرائر) إن لم یبق أحدهما بحاله کما کان أولا فلا خیار لأحدهما «فتأمل» (و فی) تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة أن فی معنی التلف نقلهما عن الملک بوجه لازم و تغیرهما إلی حالة أخری کالحنطة تطحن مع احتمال العدم فی الأخیرین (فی الأخیر) (و فی) الأولین أن امتزاجها بغیرهما بحیث لا تتمیز فی معنی التلف (و فصل فی المسالک فقال) إن کان بالأجود فکالتلف و إن کان بالمساوی و الأردی احتمل کونه کذلک لامتناع التراد علی الوجه الأول و اختاره جماعة (قلت) لعله فهمه من إطلاقهم ثم احتمل العدم فی الجمیع لأصالة البقاء انتهی «فلیتأمل» و ألحق فی المیسیة بالتلف تغیر صفتها کخیاطة الثوب و صبغه و قصره (و استشکل فی ذلک فی المسالک و الروضة و قال) من تعرض لهذه الفروع إن لبس الثوب لا أثر له (و فی المسالک) أن النقل إن کان جائزا کالبیع فی زمن الخیار فکاللازم علی الظاهر و استظهر أیضا أن الهبة قبل القبض غیر مؤثرة مع احتماله لصدق التصرف (قال) و أطلق جماعة أنها تملک بالتصرف (و فی) جامع المقاصد و صیغ العقود و تعلیق الإرشاد الاکتفاء بتلف بعض العین فی اللزوم لامتناع التراد فی الباقی لأنه یوجب تبعیض الصفقة و للضرر و کأنه مال إلیه فی الروضة و تأمل فیه فی المسالک لأن تبعض الصفقة لا یوجب بطلان أصل المعاوضة بل غایته جواز فسخ الآخر فیرجع إلی المثل أو القیمة (و أما الضرر) فمستند إلی تقصیرهما فی التحفظ بإیجاب البیع ثم احتمل أن یلزم من العین الأخری فی مقابل التالف و یبقی الباقی علی أصل الإباحة «انتهی کلامه فلیتأمل فیه» و لا سیما الأخیر و علی تقدیر الرجوع یأخذها بغیر أجرة و لو کانت قد نمت فإن کان باقیا رجع به و إن کان تالفا فلا لتسلیطه علی التصرف بغیر عوض کما فی المسالک و الروضة لکن فی الروضة أنه إن کان باقیا ففیه وجهان (قلت) وجه عدم الرجوع إنما یتحقق مع تلف العین لأنه یتحقق اللزوم بعد تلفها و النماء تابع لها فی اللزوم و عدمه و هو ملحظ وجیه (و فی الدروس و حواشی الکتاب و تعلیق الإرشاد) أنه لا یشترط قبض العوضین بل یکفی قبض أحدهما فلو دفع إلیه سلعة بثمن یوافقه علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 158
..........
______________________________
من غیر عقد فهلکت عند القابض لزمه الثمن المسمی و تأمل فیه فی المسالک و الروضة لعدم صدق اسم المعاطاة لأنها مفاعلة تتوقف علی العطاء من الطرفین «انتهی» (و فیه) أن هذه التسمیة لم ترد فی نص حتی یحافظ علی معناها و إنما وردت فی کلامهم فلا وجه لترتیب الصحة علی الإعطاء من الجانبین (اللّٰهمّ) إلا أن یدعی انعقاد الإجماع علی هذا اللفظ و فیه بعد و فی تعلیق الإرشاد أن من المعاطاة الإجارة و نحوها بخلاف النکاح و الطلاق و نحوهما فلا تقع أصلا و فی جامع المقاصد أن فی کلام بعضهم ما یقتضی اعتبار المعاطاة فی الإجارة و کذا فی الهبة و ذلک أنه إذا أمره بعمل علی عوض معین عمله و استحق الأجرة و لو کانت هذه إجارة فاسدة لم یجز له العمل و لم یستحق أجرة مع علمه بالفساد و ظاهرهم الجواز بذلک و کذا لو وهب بغیر عقد فإن ظاهرهم جواز الإتلاف و لو کانت هبة فاسدة لم یجز بل منع من مطلق التصرف و هو ملحظ وجیه (انتهی) و فی المسالک) بعد نقل ذلک کله أنه لا بأس به إلا أن فی مثال الهبة نظرا من حیث أن الهبة لا تختص بلفظ و جواز التصرف فی المثال المذکور موقوف علی وجود لفظ یدل علیها فیکون کافیا فی الإیجاب إلا أن یعتبر القبول القولی مع ذلک و لا یحصل فی المثال فیتجه ما قاله (قلت) ظاهره فی صیغ العقود اعتباره و فی الدروس یشبه أن یکون من المعاطاة اقتضاء الدین العرض عن النقد أو عن عرض آخر فإن ساعره فذاک و إلا فله سعر یوم القبض و لا یحتاج إلی عقد و لیس لهما الرجوع بعد التراضی و فی حواشی الکتاب لا یجوز لأحدهما أن یخرجها فی زکاة أو خمس أو ثمن الهدی قبل التلف یرید تلف العین الأخری و (قال) و یجوز أن یکون الثمن و المثمن مجهولین لأنها لیست عقدا و کذا جهالة الأجل (و قال) لو اشتری أمة بالمعاطاة لم یجز له نکاحها قبل تلف الثمن فإن وطئ کان بشبهة انتهی (فلیتأمل) فیه و تجویزه الجهالة فی الثمن و المثمن و الأجل مما یقضی بأنه لا یشترط فیها جمیع الشروط المعتبرة فی صحة البیوع سوی الصیغة (و قد یدعی) أن ظاهرهم ذلک لأن الظاهر منهم أنها معاوضة برأسها لکن فی المسالک التصریح باشتراط ذلک (و قد یدعی) أنه ظاهر الأکثر لکن الظهور فی محله التأمل لأن کثیرا من العبارات محتمل للأمرین و بعضها کادت تکون ظاهرة فی الاشتراط ظهورا فی الجملة فلتلحظ العبارات فإن الأمر کما قلناه و إنما المتیقن اشتراطه فیها عندهم هو رضاء کل من المتعاقدین و لو کانوا مطبقین علی اعتبار جمیع الشرائط ما صح للشهید و هو أعلم بمرادهم تجویز الجهالة فیما عرفت (فلیتأمل) جیدا و بذلک ینحل ما ألزم به المشهور المولی الأردبیلی من لزوم کونها بیعا فاسدا (فلیتأمل) (و دعوی) أنها مستثناة من بین البیوع بأن ترک الشرائط لا یوجب البطلان لاستمرار الطریقة علیها فی الصدر الأول إلی الآن بعیدة جدا (فلیتأمل) و هل تصیر بیعا علی تقدیر لزومها بأحد الوجوه أو معاوضة برأسها (ففی) حواشی الکتاب أنها معاوضة برأسها إما لازمة و إما جائزة فقد جعلها أولا و آخرا معاوضة علی حده و هو الظاهر من کلامهم (و قد) سمعت ما فی جامع المقاصد من أنها بیع و فی المسالک و الروضة علی تقدیر لزومها فیه وجهان من حصرهم المعاوضات و لیست إحداها و من اتفاقهم علی أنها لیست بیعا مع الألفاظ الدالة علی التراضی فکیف تصیر بیعا مع التلف (ثم قال) فی المسالک و تظهر الفائدة فی ترتب الأحکام المختصة بالبیع علیها کخیار الحیوان لو کان التالف الثمن أو بعضه و علی تقدیر ثبوته فهل الثلاثة من حین المعاطاة أم من حین التلف کل محتمل (و یشکل الأول) بقولهم إنها لیست بیعا و الثانی بأن التصرف لیس معاوضة إلا أن تجعل المعاطاة جزء السبب و التلف تمامه و الأقوی عدم ثبوت خیار الحیوان هنا بناء علی أنها لیست لازمة أما خیار العیب و الغبن فیثبتان علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 159
..........
______________________________
التقدیرین کما أن خیار المجلس منتف (انتهی) و هل یشترط فی المعاطاة عند المشهور جمیع الشرائط المعتبرة فی صحة البیع ما عدا الصیغة أم لا یشترط فتفید الإباحة و لو خلت عن اللفظ بالکلیة لو کان و لکن کان الثمن أو المثمن مجهولا أو الأجل إلی غیر ذلک مما لا یعلم إلغاء الشارع له بالکلیة احتمالان أو قولان (و قضیة) کلام الشهید فی حواشیه عدم الاشتراط لأنه جوز الجهالة فی الثمن و المثمن و الأجل و إطباق السلف و الخلف علی تناول ما فی ید الصبی فیما کان فیه بمنزلة الآلة لمن له الأهلیة کبیعه للخبز و نحوه قاض بعدم الاشتراط إذ لیس ذلک إلا معاطاة و کذا إطباقهم علی اشتراط التقابض فی الصرف قبل التفرق إلا أن یکون معاطاة فإنهم صرحوا حینئذ بعدم الشرط و عدم اعتبار اللفظ فیها بالکلیة علی الظاهر هو الظاهر منهم حیث یعدون المفید مخالفا و ینقلون عنه أنه لا یشترط اللفظ و ناهیک بقوله فی المفاتیح و قد یحصل بالید أخذا و تسلیما مع القرائن وفاقا لشیخنا المفید (و قوله فی مجمع البرهان) یکفی کل ما یدل علی قصد النقل مع الإقباض و حصول العلم بالرضا کما هو مذهب المفید و یظهر منهم ذلک حیث یجعلونها معاوضة برأسها و فی صیغ العقود بعد أن اشترط الشرائط فی الصیغة (قال) فلو أوقع البیع بغیر ما قلنا و علم التراضی منهما کان معاطاة (و فی الروضة) لا تکفی الإشارة مع القدرة نعم تفید المعاطاة مع الإفهام الصریح و فی التذکرة لا تکفی الکتابة و لا الإشارة لإمکان العبث و هو یدل علی أنه لو علم القصد یصح و کذا قوله فیها فی الکنایات لأنه لم یدر بما خوطب إذ قضیته أنه لو دری لصح و أکثر العبارات إنما نطقت بأنها لا تکفی المعاطاة و فسروها بإعطاء کل من الشخصین المتاع علی جهة المعاوضة و هذه لیست بظاهرة فی أحد الطرفین بل قد یدعی أنها فی عدم الاشتراط أظهر لمکان الإطلاق و نسبتهم بعد ذلک الخلاف إلی المفید و عبارة المبسوط کادت تکون ظاهرة أو هی ظاهرة فی عدم الاشتراط (قال) بعد أن اشترط فی البیع تقدیم الإیجاب إذا ثبت ذلک فکلما جری بین الناس إنما هی استباحات و تراض دون أن یکون ذلک بیعا منعقدا مثل أن یعطی درهما للخباز فیعطیه الخبز أو قطعة للبقلی فیناوله البقل و ما أشبه ذلک و لو أن کل واحد منهما یرجع فیما أعطاه کان له ذلک لأنه لیس بعقد صحیح هو بیع (و مثله قال فی المبسوط) من دون تفاوت فتراه لم یتعرض لذکر لفظ أصلا و قریب منه ما فی الغنیة إلا أنه قال فیها فیقول للخباز أعطنی إلی آخره و کذا ما فی السرائر و قد سمعت بقیة العبارات و ستسمع عبارة المفید التی فهموا منها أنه لا یشترط لفظ و قد یقال أیضا إن قولهم لا تکفی المعاطاة و لا الکتابة و لا الإشارة أن الکتابة و الإشارة تفیدان إباحة کالمعاطاة کما نقلناه عن الروضة و قضیة عبارة الغنیة و قد أسمعناکها أنه لو لم یجعل اللمس و النبذ بیعا موجبا لصح معاطاة فلیتأمل فیه جیدا (و قولهم) لا ینعقد بدون العقد و إن حصلت أمارة الرضا و لا ینعقد بالکتابة و الإشارة قضیته أنها من واد واحد و کذا الحال فی قولهم لا ینعقد بالإشارة إلا مع العجز إلی غیر ذلک من الإشارات و الأمارات الدالة علی عدم اشتراط شی‌ء فیها أصلا ما عدا العلم بالرضا و قصد النقل بأیّ نوع اتفق مع الإقباض فی الکل أو البعض فحیث یقصد النقل بالمعاطاة الجامعة لما ذکرنا یصح بالکتابة و الإشارة و الکنایة و تقدیم القبول بلفظ الطلب کأن یقول بعنی و غیر ذلک و غیرهما و حیث یقصده أی النقل بالعقد الصحیح اللازم بمعنی أنه بدونه لا یکون راضیا بالتصرف لا یصح حینئذ مع اختلال شی‌ء من الشرائط فلا یفید ملکا و لا إباحة بل یکون بیعا فاسدا و یرشد إلی ذلک قول أبی الصلاح إذا کان البیع فاسدا مما یصح التصرف فیه للتراضی و هلکت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 160
..........
______________________________
العین فی ید أحدهما فلا رجوع (و قال) فی الدروس بعد نقله و لعله أراد المعاطاة و العلامة فی المختلف لم یتعقبه إلا بأنه یصح الرجوع و یکون لمن تلفت سلعته القیمة «فلیتأمل» و قولهم المقبوض بالبیع الفاسد لم یملک و یضمن لا ینافی ذلک کما ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی و بهذا ینحل ما ألزم به المشهور من وافق المفید من متأخری المتأخرین من لزوم کونها بیعا فاسدا بناء علی أنهم یشترطون فیها جمیع الشرائط ما عدا الصیغة و قد عولوا فی ذلک علی ما ذکره فی المسالک لأنه صرح باشتراط جمیع ذلک و لم أجد من وافقه علی ذلک ممن تقدم علیه و قد یشعر به ذکرهم المعاطاة بعد اشتراط الإیجاب و القبول و بیانهم وقوع المعاطاة فی الإجارة و الهبة و هو إشعار کان لا یکون إشعارا و سیأتی عند شرح قوله و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک ما یتضح به حقیقة الحال و أن القول بأنه یشترط فیها جمیع شرائط البیع نادر ضعیف ثم إن عبارة المفید التی فهموا منها عدم اشتراط لفظ هی هذه علی ما فی المختلف البیع ینعقد علی تراض بین الاثنین فیما یملکان التبایع له إذا عرفاه جمیعا و تراضیا بالبیع و تقابضا و افترقا بالأبدان «انتهی» و هذه العبارة موجودة فی المقنعة و أن کثیرا من عباراتهم مثلها فی ظهور عدم اشتراط اللفظ بل ربما کانت عباراتهم أظهر منها فی ذلک و قد اکتفی بعضهم بالإشارة فی إیجاب الوکالة حیث یقول وکلتنی فی کذا فیقول نعم و یشیر بما یدل علی التصدیق و اکتفی بعضهم أیضا بالکتابة فی إیجابها و بالقبول الفعلی فی قبولها فإذا أوجب بالإشارة و قبل بالفعل لا تکون عقدا قطعا و جوزوا التصرف فی مال القرض بدون العقد و الحال فی الهدایا و إباحة الطعام غیر خفی علی أحد و جوزوا الضریبة و هو أن یعطی الإنسان النعم و البقر بالضریبة مدة من الزمان بشی‌ء من الدراهم و الدنانیر و قالوا إنها نوع معاوضة و صححوا القبالة أیضا و هو أن یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه من الثمرة بخرص معلوم و من قال بأن الإجازة فی عقد الفضولی ناقلة من حینها قال بأنها بیع أو یلزمه ذلک (و فی موضع من المبسوط) التصریح بأنها بیع و ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی ما نحکیه عن کشف الرموز (و فی التنقیح) أن من قال بأن الإجازة جزء الملک یلزمه وقوع البیع بالکنایة و الغرض رفع استبعاد کون المعاطاة تفید إباحة فی التصرف و أنها معاوضة برأسها (و أما) بیع الحصاة فقد فسروه بثلاثة تفاسیر حکاها الرافعی (أحدها) ما سمعته فی الغنیة و وجه بطلانها جعل النبذ و اللمس بیعا و عقدا موجبا للانتقال و اللزوم کما أشار إلیه فی الغنیة (الثانی) أن یقول بعتک ثوبا من هذه الأثواب و ارم بهذه الحصاة فعلی أیها وقعت فهو مبیع و وجه بطلانه جهل المبیع (الثالث) أن یقول بعتک هذا علی أنک بالخیار إلی أن أرمی بهذه الحصاة و بطلانه لإبهام مدة الخیار فقد کان معنی النهی عن هذه البیوع لا تعقدوا بالنبذ و لا باللمس کما کان أهل الجاهلیة یفعلون (و مما ذکرنا) یظهر المراد فی کلام الأستاذ الشریف دام ظله العالی فی المصابیح (حیث قال) لا ینعقد البیع بالإشارة و لا الکتابة و لا الصفقة و لا بمثل الملامسة و المنابذة و الحصاة و إن قرنت بما لا یقتضی تعلیقا و لا جهالة فلا یفید شی‌ء منها ملکا و لا إباحة بالأصل و الإجماع و قصور الأفعال عن المقاصد الباطنیة کالتملیک و التملک و الإنشاء و الرضا و قصد البیع و غایتها الظن و لا یغنی لعموم المنع منه فی الکتاب و السنة و للاتفاق علی توقف الأسباب الشرعیة علی العلم أو الظن المعتبر شرعا فلا یکفی مطلق الظن و لأن المعاملات شرعت لنظام أمر المعاش المطلوب لذاته و لتوقف أمر المعاد علیه و هی مثار الاختلاف و منشأ التنازع و التراجع فوجب ضبطها بالأمر الظاهر الکاشف عن المعانی المقصودة بها من العقد و الحل و الربط و الفک و إلا لکان نقضا للغرض الداعی إلی وضع المعاملة و إثباتها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 161
و لا الاستیجاب و الإیجاب و هو أن یقول المشتری بعنی فیقول البائع بعتک من غیر أن یرد المشتری (1)
______________________________
فی الشریعة و القیم بذلک البیان المعبر عما فی ضمیر الإنسان و یردون غیره مما لا یبلغ کنه المراد أو لا یتیسر لأکثر الأفراد «انتهی» کلامه دامت أیامه (و أنت) إن أحطت خبرا بما تقدم لدیک عرفت المراد من هذا الکلام و ما فیه و ما اشتمل علیه من التقریب إلی الأفهام «فتأمل» جیدا و فی کشف الرموز أن من قال بصحة عقد الفضولی یلزمه أن یقول إن عقد البیع لا یلزم لفظا مخصوصا أعنی بعت بل کل ما یدل علی الانتقال فهو عقد فلو التزم هذا القول تکون إجازة المالک عنده بمثابة عقد ثانی ثم نقل عن شیخه المحقق أن لیس للبیع عنده لفظ مخصوص و اختاره هو و نقل عن الشیخین أنهما یلتزمان ذلک و قضیة کلامه أنه یصح بالکنایة و الکتابة کما أشار إلیه فی التنقیح «فلیتأمل» جیدا
(قوله قدس سره) (و لا الاستیجاب و الإیجاب و هو أن یقول المشتری بعنی فیقول البائع بعتک من غیر أن یرد المشتری)
کما فی المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و الشرائع و التحریر و التذکرة و نهایة الإحکام و التلخیص و المختلف و الدروس و صیغ العقود و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و فی الأخیر ظاهرهم أن هذا الحکم اتفاقی و الإجماع ظاهر الغنیة أو صریحها و فی المسالک أنه المشهور و الحکم ظاهر کل من اشترط الإیجاب و القبول و الماضویة فیهما «فتأمل» و فی التذکرة لو قال المشتری بعد ذلک شریت أو قبلت صح إجماعا و فی السرائر إذا قال بعنیه أو تبیعنی أو بعنی أو اشتریت منک فقال صاحبه بعتک لم یصح حتی یقول المشتری بعد قول البائع اشتریت و کذا إذا قال البائع تشتری أو أبیعک أو اشتر منی لم یصح حتی یأتی البائع بلفظ الإخبار و الإیجاب و نحوه ما فی نهایة الإحکام و قال فیما لو قال البائع اشتر منی کذا فقال المشتری اشتریت یظهر أن هذا أولی بالعدم لأن قول المشتری بعنی موضوع للطلب و یصیر من جهة الطلب مبتدأ و القبول مجیبا و قول البائع اشتر منی لم یوضع للبدء و لا للإیجاب و لا بد من بدء أو إیجاب انتهی «فتأمل» و فی التذکرة لو تقدم بلفظ الاستفهام فیقول أ تبیعنی لم یصح إجماعا لأنه لیس بقبول و لا استدعاء و قال أیضا لو قال أبیعک أو قال اشتر لم یقع إجماعا و فی المختلف عن الکامل أنه صحح ما إذا قال المشتری بعنی هذا بکذا فقال البائع بعتک من غیر أن یرد المشتری و فیه أیضا عن المهذب أنه صحح ما لو قال المشتری تبیعنی بکذا فقال البائع بعتک فقد جوزه بالأمر و المضارع و نفی عنه البأس فی مجمع البرهان نظرا إلی أنه عقد فیشمله عموم ما دل علی لزوم الوفاء بالعقود (و فیه) بعد تسلیم کون مثل ذلک عقدا أنا نشک فی دخوله تحت عموم قوله سبحانه أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و إن کان للعموم لغة بناء علی عدم حملها علیه من حیث خروج أکثر العقود «1» منها إجماعا فیکون الإجماع قرینة علی کون العقود التی أمرنا بالوفاء بها هی کل ما کان متداولا فی زمن الخطاب لا مطلقا و کون ما نحن فیه من تلک غیر معلوم فلم یصل إلینا ما یدل علیه أصلا فلزم الرجوع إلی الأصل و قد یقال إن تخصیص العموم بما ذکرت یستلزم الإجمال فی العموم فلا یتمسک به فی شی‌ء مما عدا محل الوفاق
______________________________
(1) لأنه لو کان المراد أوفوا بکل عقد عقدتم بأیّ نحو اخترعتم لزم أن لا یکون المعاملات علی النهج المقرر فی الصفة من البیع و الصلح و الإجارة و غیرها مما هو مضبوط و إن قلت خرج ما خرج و بقی الباقی قلنا الباقی أقل قلیل بل بمنزلة العدم (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 162
و لا بد من صیغة الماضی فلو قال اشتر أو ابتع أو أبیعک لم ینعقد و إن قبل (1)
______________________________
و هو مخالف لطریقتهم بلا خلاف لأنهم لا یزالون یستندون إلیه فی محل النزاع و الوفاق فالجمع بین الإجماعین أن نحمل العقود علی أجناسها المتداولة المعهودة فی ذلک الزمان المضبوطة فی کتب الفقهاء فی هذا الزمان کالبیع و الإجارة و نحو ذلک مما علمت ماهیته و شک فی صحته لشرط و نحوه لا خصوص أشخاص کل عقد عقد متداول فیه مع کیفیاتها المخصوصة و شروطها لما عرفت من المحذور (فعلی) هذا نقول بالجواز فی کل عقد لم ینعقد علی عدم الانعقاد به الإجماع أو یقوم علیه دلیل غیره و فیما عدا ذلک نحکم بالصحة و عدم اشتراط شی‌ء أما الصحة فللأمر بوجوب الوفاء و إلا لما أمر (و أما) عدم الشرط فللعموم و الإطلاق (و لکن) یشکل الاستدلال بها علی العقود الجائزة لعدم وجوب الوفاء بها إلا أن یقال فإنه یجب الوفاء بمقتضاها فی موضع یثبت المقتضی و لا یمکن الاستدلال بها علی صحة العقد الذی لا یمکن الوفاء به و لا یستدل علی صحة عقود الصبیان «فتأمل» «1» و ما (نحن فیه) علی تقدیر کونه عقدا مما قام الإجماع علی عدم الانعقاد به (و مما) ذکر یعلم الحال فی اعتبار العربیة و الماضویة و تقدیم الإیجاب علی القبول إذ قضیة الأصل وجوب الإتیان بکل ما اختلف فی اعتباره من عربیة و ماضویة و غیرهما فی سائر العقود و قضیة ما ذکرناه من لزوم الإجمال و غیره هو الجواز بالجمیع ما لم یقم الإجماع علی عدمه (و قد) یفهم من الشرائع و التذکرة و تعلیق الإرشاد و غیرها أن ما نحن فیه لیس عقدا (حیث قال) فی الأول لأن ذلک أشبه بالاستدعاء و فی الثانی لاحتمال أن یکون غرضه استبانة رغبة البائع و فی الثالث لانتفاء القبول فلا یکون العقد لازما «فلیتأمل»
(قوله قدس سره) (و لا بد من صیغة الماضی فلو قال اشتر أو ابتع أو أبیعک لم ینعقد و إن قبل)
اشتراط الماضویة فی الإیجاب و القبول خیرة الوسیلة و الشرائع و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و المختلف و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و التنقیح و صیغ العقود و تعلیق الإرشاد و الروضة و المسالک (و قد) سمعت ما فی السرائر و نهایة الإحکام کما سمعت إجماع التذکرة و عبارة جامع المقاصد کعبارة الکتاب لیست نصه فی اشتراطها فیهما لکن لا ریب فی أنهما یشترطانها فیهما و الاشتراط المذکور هو المشهور کما فی مجمع البرهان و المفاتیح و نسبه فی المختلف إلی الشیخ و ابن حمزة و نقل الخلاف عن القاضی فی الکامل و المهذب و لم أجد فی الخلاف و المبسوط و الغنیة تصریحا بذلک لکنه قد یفهم ذلک مما مضی من کلام الشیخ و أبی المکارم فی المسألة السابقة و قد ورد فی بیع الآبق و اللبن الإیجاب بلفظ المضارع (قال علیه السلام) تقول أشتری منکم جاریتکم فلانة و هذا المتاع بکذا و کذا درهما و نحوه ما ورد فی اللبن «فتأمل» و فی حواشی الشهید قال عمید الدین یشترط فی سائر العقود و النذور و العهد و الیمین وقوعها باللفظ العربی و فی جامع المقاصد یشترط وقوع القبول علی الفور عادة من غیر أن یتخلل بینهما کلام و وقوعها بالعربیة مراعیا فیها أحکام الإعراب و البناء و کذا کل عقد لازم لأن الناقل هو الألفاظ المخصوصة و معلوم أن العقود الواقعة فی زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و الأئمّة علیهم السلام إنما کانت بالعربیة و نحوه ما فی صیغ
______________________________
(1) لیس المراد من الأمر وجوب نفس العقود و لا وجوب الالتزام بها أبدا لجواز الفسخ فی اللازمة بل المراد من الإیفاء الجری علی حکمها و العمل بمقتضاها و لا ینافی وجوب الإیفاء کون بعض العقود جائزا (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 163
و لا تکفی الإشارة إلا مع العجز (1)
______________________________
العقود (و قد یقال) إن ما کان فی زمانهم علیهم السلام إنما کان من حیث إن محاوراتهم و محادثاتهم کانت علی ذلک فی عقد کان أو غیر عقد فهو من قبیل الجبلة التی طبعت علیها ألفاظهم و ألسنتهم فاشتراط ذلک یحتاج إلی دلیل «فتأمل» و الحاصل أنه إن کان الإجماع منعقدا علی اشتراط الماضویة کان الإجماع قرینة علی عدم تسمیة الخالی عنها عقدا فی زمانهم علیهم السلام و إلا فالشهرة معلومة و منقولة فیحصل لنا بسببها الشک فی کونه عقدا فی ذلک الزمان و الشک کاف فی المقام و کون ذلک عقدا الآن لا یجری کما هو الشأن فی المکیل و الموزون «فتأمل جیدا» و یأتی الکلام فی اشتراط العربیة
(قوله قدس سره) (و لا تکفی الإشارة إلا مع العجز)
کما فی التذکرة و هو معنی قوله فی الشرائع یقوم مقام اللفظ الإشارة مع العذر و قوله فی الإرشاد و لو تعذر النطق کفت الإشارة و قوله فی التحریر لا تکفی الکتابة و لا الإشارة مع القدرة و تجزی الأخرس و شبهه الإشارة و قولهما فی اللمعة و الروضة تکفی الإشارة مع العجز عن النطق لخرس و غیره و لا تکفی مع القدرة و فی نهایة الإحکام یصح بیع الأخرس و شراؤه مع انضمام القرینة فقد اعتبر انضمام قرینة تدل علی رضاه و نحوه ما فی الدروس و المسالک من تقیید الإشارة بالمفهمة و نحوه ما فی صیغ العقود حیث قال تکفی إشارة الأخرس الدالة علی إرادة صیغ العقود و الإیقاعات و یترتب علیها أثرها و ذلک مراد الجمیع و إلا فلا فائدة فی الإشارة من دون إفهام و فی کشف اللثام فی کتاب النکاح لو عجز أشار بما یدل علی القصد و هو مما قطع به الأصحاب و لم نجد نصا من الأصحاب فیمن عجز لإکراه «انتهی» و عدم کفایتها اختیارا هو مراد کل من اشترط الإیجاب و القبول (و أما الکتابة) فکالإشارة کما فی التحریر و غیره و فی نهایة الإحکام لا تنعقد بالکتابة سواء کان المشتری حاضرا أو غائبا نعم لو عجز عن النطق و کتبا أو أحدهما و انضم إلیه قرینة إشارة دالة علی الرضا صح و نحوه قوله فی الدروس و لا الکتابة حاضرا کان أو غائبا و تکفی لو تعذر النطق مع الأمارة و فی التذکرة لا تکفی الکتابة لإمکان العبث (و قد طفحت) عباراتهم بأن العاجز عن النطق لمرض و شبهه کالأخرس و صریح جماعة کما هو ظاهر آخرین أن ذلک فی الإیجاب و القبول و هو مما لا ریب فیه و فی الروضة أنه لو أشار مع القدرة أفادت معاطاة مع الإفهام الصریح (و قد) تقدم الکلام فی ذلک بما لا مزید علیه فی مبحث المعاطاة (و لا یجب) التوکیل و لا تحریک اللسان بقدر ما یمکن و لا الإشارة بالإصبع لأن المدار فی العقود علی تحصیل الرضا و لا کذلک القراءة فی الصلاة فیکتفی هنا بما یدل علی الرضا و یجوز بغیر العربیة للعاجز عنها و لو بالتعلم بلا مشقة و لا فوت غرض مقصود للأصل فی الجمیع و الإجماع إن کان إنما انعقد علی المختار القادر و لا نص بالأمر بالعربیة و لو کان اللفظ واجبا مطلقا لوجب علی الأخرس الإتیان بالمقدور کتحریک اللسان و الإشارة بالإصبع کما قیل مثله فی الصلاة و لم یشر أحد إلی شی‌ء من ذلک «فتأمل» و قد نص المحقق الثانی علی عدم التوکیل فی العاجز عن العربیة (قال) یجوز لمن لا یعلم الإیقاع بمقدوره و لا یجب التوکیل للأصل نعم یجب التعلم إن أمکن من غیر مشقة عرفا (و قال) الشهید فی حواشیه قال فخر الدین إذا لحن الموجب أو القابل فی العقود فإن قال بعتک بفتح الباء أو زوجتک أو غیر ذلک فإنه یصح إذا لم یکن عارفا أو کان عارفا و قصد الإیجاب و لو قال جوزتک فی النکاح لم یصح فإن لم یتمکن من التعلیم و لا أن یوکل و عین بهذا اللفظ صح و کذا فی القبول و فی الطلاق لو عقد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 164
و فی اشتراط تقدیم الإیجاب نظر (1)
______________________________
القاف کافا فإنه لسان ورد فی اللغة فیصح و إن أمکنه النطق بغیره انتهی «فتأمل» و لم ینص أحد علی وجوب التوکیل فی الأخرس و لا احتاط به (و قد) استدل فی تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد علی اعتبار العربیة و مراعاة الإعراب بالتأسی و زاد فی الأول بأن إیقاع العقد بلفظ غیر الماضی غیر صحیح مع أنه عربی اتفاقا فغیر العربی بطریق أولی (و فیه) أنه یمکن أن یکون العربی الغیر الماضی أبعد بالنسبة إلی مقصود البیع من غیر العربی فیکون غیر العربی صحیحا و العربی الغیر الماضی فاسدا بل قد نقول إذا لم یکن قادرا علی الماضی یجوز بغیر العربیة و لا یجوز بغیر الماضی «فتأمل جیدا» (و قد) علمت حال الاستدلال بالتأسی من أن ذلک طبیعة لهم و جبلة «فلیتأمل» و الحاصل أن الذی قطع به الأصحاب کما فی کشف اللثام أنه یجوز بغیر العربیة للعاجز عنها و لو بالتعلم بلا مشقة و لا فوت غرض مقصود و کذا عن التوکیل علی قول و الأصل یدفع هذا القول و الفهم من فحوی الاجتزاء بإشارة الأخرس و عدم النص بالأمر بالعربیة مع رفع الحرج و المشقة و المصرح باشتراط العربیة فی المقام الشهید فی الروضة و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و صیغ العقود و زاد فیها مراعاة الإعراب و البناء و فی الثلاثة أیضا و نهایة الإحکام و الدروس مراعاة فوریة القبول عرفا (و قد) سمعت ما فی حواشی الشهید و فی صیغ النکاح الإجماع علی عدم الصحة بغیر العربیة مع القدرة حکاه الشیخ فی المبسوط و المصنف فی التذکرة و خالف ابن حمزة فاستحبها لأنه من الألفاظ الصریحة المرادفة للعربیة و الکبری ممنوعة و الصیغة إنما تعتبر فی البیع المستقبل أما البیع الضمنی فلا تعتبر فیه الصیغة المذکورة و یکفی فیها الإیجاب و القبول کما فی التذکرة و نهایة الإحکام
(قوله قدس سره) (و فی اشتراط تقدیم الإیجاب نظر)
کما فی الإرشاد و قال فی المختلف و الأشهر اشتراطه و نسبه فیه کولده فی شرح الإرشاد إلی الشیخ فی المبسوط و الموجود فیه و إن تقدم القبول فقال بعنیه بألف فقال بعتک صح (و الأقوی عندی) أنه لا یصح حتی یقول المشتری بعد ذلک اشتریت (انتهی) و لو لم یسمه قبولا متقدما لأمکن أن نقول إن حکمه بعدم الصحة لمکان الاستیجاب و الاستدعاء کما تقدم لأن محل النزاع ما إذا قال المشتری اشتریت أو نحوه فیقول البائع بعت لکن التسمیة المذکورة و تفرقته فی المقام بین البیع و النکاح جوزتا للمصنف نسبة ذلک إلیه و إلا فتلک العبارة بعینها موجودة فی الغنیة لکنها خالیة عن القرینتین فلذلک لم ینسب ذلک إلیها (قال) فی الغنیة و اعتبرنا حصول الإیجاب من البائع و القبول من المشتری تحرزا من القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتری و هو أن یقول بعنیه بألف فیقول بعتک فإنه لا ینعقد حتی یقول المشتری بعد ذلک اشتریت أو قبلت «انتهی» فلم یکن مصرحا بشی‌ء لکن ظاهره العدم علی تأمل فیه و الاشتراط خیرة الخلاف أیضا و الوسیلة و السرائر و هو ظاهر شرح الإرشاد لفخر الإسلام و فی التذکرة و الإیضاح و التنقیح أنه الأقوی و فی جامع المقاصد و صیغ العقود أنه الأصح و فی تعلیق الإرشاد أنه الأظهر (و قد) نسب فی غایة المراد و المسالک إلی الخلاف دعوی الإجماع و هو وهم قطعا لأنی تتبعت کتاب البیع فیه مسألة مسألة و غیره حتی النکاح فلم أجده ادعی ذلک و إنما عبارته فی المقام توهم ذلک للمستعجل و هی قوله دلیلنا أن ما اعتبرناه مجمع علی ثبوت العقد به و ما ادعوه لا دلالة علی صحته إلا أن یرید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 165
..........
______________________________
أنه استدل بأنه مجمع علیه (و قد احتجوا) علی ذلک بأن الأصل عدم العقد و الأصل بقاء الملک و أن القبول إضافة فلا یصح تقدمها علی أحد المضافین و أن القبول فرع الإیجاب و إلحاقه بالنکاح قیاس لمکان الحیاء فی النکاح و أن لفظ بعتک معوض و مورد اشتریت عوض و العوض فرع المعوض طبعا فینبغی تقدیمه وضعا (و فیه) أنه لا ریب أنه عقد کما اعترفوا به فی النکاح و صرح به جماعة فی المقام فدخل تحت عموم قوله عز و جل أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قد قدمنا وجه الاستدلال بالآیة بما لا مزید علیه فانقطع الأصلان و العوضیة من الأمور الإضافیة المتعاکسة فلا مزیة لأحدهما بالاختصاص کذا أجاب الشهید عن هذا فی حواشی الکتاب و الإضافة و الفرعیة غیر ظاهرتین فی غیر قبلت و إلا لما صح ذلک فی النکاح لأن ظاهرهم أن التبعیة عقلیة فلا اعتبار حینئذ للحیاء نعم هما ظاهرتان فی لفظ قبلت و لا نزاع فیه کما صرح به جماعة و لهذا لو أتی البائع بلفظ قبلت و نحوه لم ینعقد لا للتقدیم بل لعدم صحة هذا اللفظ و إنما النزاع کما فی المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و هو الذی نبه علیه فی نهایة الإحکام و کشف اللثام فی باب النکاح فیما إذا أتی المشتری بلفظ ابتعت أو اشتریت و نحو ذلک بحیث یشتمل علی جمیع ما یعتبر فی صحة العقد فی صورة تقدیم الإیجاب فحینئذ یمکن أن یقال إنه یصیر المشتری موجبا و البائع قابلا کما فی مجمع البرهان أو یقال إن تبعیة القبول للإیجاب إنما هی علی سبیل الفرض و التنزیل لا تبعیة اللفظ اللفظ حتی یمتنع التقدیم عقلا و لا القصد القصد (فإنه) ربما انعکس الأمر و إنما هی بأن یجعل القابل نفسه متناولا ما یلقی إلیه من الموجب و الموجب مناولا کما یقول السائل منشئا أنا راض بما تعطینی و قابل لما تمنحنی فهو متناول قابل قدم إنشاءه أو أخره (و هذا) قد ذکره الأستاذ دام ظله منذ سنین فکان الأقرب عدم الاشتراط کما هو ظاهر الغنیة و غیرها مما لم یتعرض فیه لهذا الشرط علی تأمل فی ذلک و هو المنقول عن القاضی و فی الشرائع أنه أشبه و فی نهایة الإحکام و المیسیة و المسالک أنه الأقوی و هو خیرة الشهید فی حواشیه و فی التحریر و الدروس و الکفایة أنه الأقرب و فی اللمعة و الروضة أنه لا یشترط تقدیم الإیجاب و إن کان تقدیمه أحسن و فی مجمع البرهان أنه الأظهر و فی غایة المراد أن کلام الشیخ یشعر بأنه لو قدم القبول فأتبعه البائع بالإیجاب ثم أعاد المشتری القبول أنه یصح قال فإن أراد به مع ذکر الثمن فی طلب العقد فمسلم و إلا فممنوع إذ ذکره فی القبول المقدم لا أثر له «انتهی فتأمل فیه» (و اشترط) جماعة منهم المصنف فی نهایة الأحکام و الشهید و المقداد و المحقق الثانی أن لا یتأخر القبول بحیث لا یعد جوابا (قالوا) و لا یضر تخلل آن أو تنفس أو سعال (قلت) هو مما لا ریب فیه و اشترط فی التذکرة و نهایة الإحکام أن یکون الإیجاب و القبول منجزین (قال) فلو علقه علی شرط لم یصح و لو علقه علی مشیئة المشتری بأن قال بعتک هذا بألف إن شئت فقال اشتریت لم ینعقد أیضا کما لو قال إن دخلت الدار (و احتمل) فی هذا فی نهایة الأحکام الصحة لأن هذه صفة یقتضیها إطلاق العقد فإنه لو لم یشأ لم یشتر (و قال فی التذکرة) إنه أظهر وجهی الشافعیة و رده و قال فی نهایة الإحکام الحق الأول لأنه حالة الإیجاب غیر عالم بحاله یعنی أنه جاهل بثبوت المشیئة حالة العقد و بقائها مدته (و فی تمهید القواعد) دعوی الإجماع علی عدم صحة العقود علی الشرط و قد تلوح هذه الدعوی من کشف اللثام و علل فی التمهید و قواعد الشهید بأن الانتقال مشروط بالرضا و لا رضا إلا مع الجزم و لا جزم مع التعلیق لأنه معرضة عدم الحصول قالا و لو قدر علم حصوله کالمعلق علی الوصف الذی یعلم حصوله عادة کطلوع الشمس لأن الاعتبار بجنس الشرط دون أنواعه و أفراده اعتبار بالمعنی العام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 166
و لا بد من التطابق بین الإیجاب و القبول (1) فلو قال بعتک هذین بألف فقال قبلت أحدهما بخمسمائة (2) أو قال بعتکما هذا بألف فقال أحدهما قبلت نصفه بنصف الثمن لم یقع (3)
______________________________
دون خصوصیات الأفراد کما فی نظائره من القواعد الکلیة المعللة بأمور حکمیة تتخلف فی بعض مواردها الجزئیة (ثم قال) الشهید فی قواعده فإن قلت فعلی هذا یبطل قوله فی صورة إنکار التوکیل إن کان لی فقد بعته منک (قلت) هذا تعلیق علی واقع لا علی متوقع الحصول فهو علة للوقوع أو مصاحب له لا معلق علیه الوقوع و کذا القول لو کان فی صورة إنکار وکالة التزویج أو إنکار التزویج و تدعیه الزوجة فإنه یصح أن یقول إن کانت زوجتی فهی طالق (انتهی) فعلی ما ذکره من المصاحبة یصح ما إذا قال بعتک إن کان زید موجودا حاضرا و هو موجود حاضر (و لعل) الأولی أن یقال إن التعلیق إنما یصح إذا کان مقارنا مقوما مکملا و المقارنة وحدها غیر کافیة و الأصل فی المسألة الإجماع و إلا فالتعلیل علیل هذه الوصیة تقبله و کذا الظهار یقبله علی قول جماعة مع أنه إنشاء کالطلاق الذی لا یقبله إجماعا و هذه الأوامر کلها تقبل التعلیق و المهم تأصیل الأصل فیمکن أن یقال إن العقود و الإیقاعات ألفاظ متلقاة و الأصل عدم قبولها التعلیق إلا ما خرج بالدلیل کالظهار إن قلنا به و الوصیة و العتق علی احتمال (و فیه ما فیه) و یمکن أن یقال الأصل فیها قبول الشرط و التعلیق لکونه عقدا إلا ما خرج بالدلیل کالبیع و الصلح و الإجارة و الرهن (فلیتأمل جیدا) و یشترط فی البیع أن لا یکون موقتا لأنه لا یقبل التوقیت کما تقبله الإجارة فإنه یصح أن یؤجرهم بعد سنة و لا یصح أن یبیعه کذلک
(قوله قدس سره) (و لا بد من التطابق بین الإیجاب و القبول)
أی علی الوجه المخصوص الذی تدل علیه باقی الإحکام لا مطلق التطابق للاتفاق علی أنه لو قال بعتک فقال اشتریت صح للتطابق و کذا قال فی جامع المقاصد (و قد نبه) علی ذلک فی نهایة الإحکام (و قال) جماعة لو قال زوجتک فقال قبلت النکاح صح للتطابق فی المعنی (و إنما) اعتبروا التطابق لتحقق التراضی المقصود بالذات من العبارات و مع عدمه لا یعلم توافق القصدین إذ الظاهر خلافه (و الثانی) منهما تقریر للأول بجمیع ما یعتبر فیه فلو انتفت المطابقة لم یعد قبولا لإیجاب و لا إیجابا لقبول (فتأمل) و المصرح باشتراط التطابق جم غفیر کما ستعرف
(قوله قدس سره) فلو قال بعتک هذین بألف فقال قبلت أحدهما بخمس مائة)
أی لم یصح کما فی المبسوط و الدروس و جامع المقاصد و احتمل فی الأخیر الصحة لأنه فی قوة عقدین و من ثم افترقا فی الشفعة لو اختصت بأحدهما (ثم قال) و لیس بشی‌ء لأن ذلک حق ثابت فی البیع بالأصالة و رضاهما محمول علیه بخلاف ما هنا لأن رضا البائع إنما وقع علی المجموع بالمجموع و فی الدروس و أولی بالبطلان ما لو قال بعتکما العبدین بألف فقبل أحدهما بخمسمائة «انتهی» و فی المبسوط أنه لم یجز إجماعا و الوجه فی ذلک أن الإیجاب لم یقع للقابل إلا عن نصف العبد لمکان الإشاعة (و قال) فی المبسوط فلو قال قبلت نصف أحد العبدین بحصة من الثمن لم یصح إجماعا لأن حصته مجهولة «انتهی» (و منه) یعلم حال ما إذا قال قبلت نصفهما بنصف الثمن (و قال فی المبسوط) إذا قال بعتک هذین العبدین بألف فقال قبلت نصف هذین العبدین بخمسمائة لم یصح
(قوله قدس سره) (أو قال بعتکما هذا بألف فقال أحدهما قبلت نصفه بنصف الثمن لم یقع)
کما فی المبسوط و الخلاف و نهایة الإحکام و التلخیص و هو المنقول عن القاضی و استشکل فیه فی التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 167
و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک و ضمن (1)
______________________________
ثم إنه قرب الصحة و ثبوت الخیار للبائع و فی المختلف أنها الأقوی (أما) الصحة فلأن البائع إنما قصد تملیک کل واحد منهما نصف المبیع و قد أتی باللفظ الدال علیه وضعا فیجب الحکم بالصحة کما لو قال بعتکما هذا العبد بألف نصفه منک بخمسمائة و نصفه من هذا بخمسمائة فإنه یجوز عندهما یرید الشیخ و القاضی و لا فرق بینهما (و أما) ثبوت الخیار فلأن البائع قصد تملیک کل واحد بشرط تملیک الآخر فإذا فقد الشرط وجب له الخیار انتهی (و أنت خبیر) بأنهم إنما اعتبروا التطابق لتحقق التراضی إذ مع عدمه لا یعلم توافق القصدین و قد اعترف بأن البائع قصد تملیک کل واحد بشرط تملیک الآخر و قد فقد الشرط فلم یعلم الرضا مع فقده فلم ینعقد و دعواه علی الشیخ و القاضی أنهما یجیزان ما مثل به حیث یقبل أحدهما و یمتنع الآخر کما هو الموافق لمحل الفرض فکأنها لم تصادف محزها لأن الشیخ فی المبسوط ذکر للمسألة فروعا کثیرة و لم یذکر ذلک بل قضیة کلامه عدم جوازه لما قلناه (و إن) أراد بالمثال حیث یقبلان خرج عما نحن فیه (فلیتأمل) و لنذکر بقیة فروع المبسوط (قال) و إن قال واحد لرجلین بعتکما هذین العبدین بألف درهم هذا العبد منک و هذا العبد من الآخر فقبله أحدهما بخمسمائة لم یصح لأنه قبله بثمن لم یوجب له لأن الألف مقسومة علی قدر القیمتین لا علی عددهما و هو إجماع (و قال أیضا) و إن قال لرجل بعتک هذین العبدین بألف درهم فقال قبلت البیع صح و إن جهل ما یقابل کل واحد من العبدین من الألف لأن ذلک صفقة و الثمن فی الجملة معلوم و إذا باعهما من رجلین کان ذلک صفقتین فیجب أن یکون الثمن معلوما فی کل واحد منهما و إذا قال بعتکما هذین العبدین هذا العبد منک بخمسمائة و هذا الآخر منک بخمسمائة صح لأنه قد حصل ثمن کل واحد معلوما و نظره فی المختلف إلی هذا الفرع و کلام الشیخ فیه فی مقام آخر مع فرض قبولهما کما هو الظاهر لمن تأمل «فلیتأمل» و قال فی نهایة الإحکام لو قال بعتک هذا بألف فقال قبلت نصفه بخمسمائة و نصفه بخمسمائة احتمل الصحة لأنه تصریح بمقتضی الإطلاق و لا مخالفة و ترتبه علی أن تفصیل الثمن هل هو من موجبات تعدد الصفقة و البائع هنا أوجب بیعة واحدة و القابل قبل بیعین لم یوجبهما البائع ففیه مخالفه (ثم قال) و لو قال بعتک بألف فقال اشتریت بألف و خمسمائة احتمل عدم الانعقاد لأن کلا منهما لم یخاطب صاحبه و ثبوته لوجود الصیغة و الظاهر أن فی النسخة فی المقام سقطا لأن الکلام غیر ملتئم فلا بد من ملاحظة نسخة أخری
(قوله قدس سره) (و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک و ضمن)
هذان الحکمان مما قد طفحت به عباراتهم و فی غصب المسالک الاتفاق علی أنه یضمن و فی غصب جامع المقاصد لا إشکال فی أنه مضمون و فی غصب الکفایة أنه مقطوع به فی کلام الأصحاب «لکنه» بعد ذلک قال فی تعلیله نظر «و قد» نقل الإجماع فی عدة مواضع علی عدم الملک و عدم جواز التصرف و نفوذه «قال فی التذکرة» البیع الفاسد لا یفید ملکیة المشتری للمعقود علیه سواء فسد من أصله أو باقتران شرط فاسد أو بسبب آخر و لو قبضه لم یملکه بالقبض و لو تصرف فیه لم ینفذ تصرفه فیه عند علمائنا أجمع «و فی» کشف الحق ذهبت الإمامیة أن الشراء الفاسد لا یملک بالقبض و لا ینفذ عتقه و لا یصح شی‌ء من تصرفه «ثم» نسب الخلاف إلی أبی حنیفة و فی جامع المقاصد لا ریب أنه مضمون علیه کالصحیح و إذا علم بالفساد لم یجز له التصرف عندنا لأنه فرع الملک و لم یحصل و کذا کل عقد یضمن بصحیحه یضمن بفاسده
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 168
..........
______________________________
(و قال) فی المختلف إذا اشتری جاریة بیعا فاسدا فوطئها فإنه لا یملک و وجب علیه ردها و علیه إن کانت بکرا عشر قیمتها و نصف العشر إن کانت ثیبا ثم استدل علی ذلک بإجماع الفرقة و أخبارهم (و قد) صرح فیه فی عدة مواضع کالمبسوط فی الباب و باب الغصب بأن المقبوض بالعقد الفاسد لا یملک و لا یصح شی‌ء من تصرفه فیه و فی السرائر أن البیع الفاسد عند المحصلین یجری مجری الغصب و الضمان (و فی المسالک) لا إشکال فی الضمان إذا کان جاهلا بالفساد لأنه قدم علی أن یکون مضمونا علیه فیحکم علیه به و إن تلف بغیر تفریط و موضوع المسألة ما إذا علم عدم الرضا إلا بزعم صحة المعاملة أو اشتبه الحال و فی الظن فی الرضا بدونه (بدونها خ ل) إشکال فإذا انتفت الصحة انتفت الإذن لترتبها علی زعم الصحة فکان التصرف حینئذ تصرفا بغیر إذن و أکل مال بالباطل لانحصار وجه الحل فی کون المعاملة بیعا أو تجارة عن تراض أو هبة أو نحوها من وجوه الرضا بأکل المال من غیر عوض و الأولان قد انتفیا بمقتضی الفرض و کذا البواقی للقطع من جهة زعمهما صحة المعاملة بعدم الرضا بالتصرف مع عدم بذل شی‌ء فی المقابل فالرضا المتقدم کالعدم فإن تراضیا بالعوضین بعد العلم بالفساد و استمر رضاهما فلا کلام فی صحة التصرف و رجعت إلی المعاطاة کما إذا علم الرضا من أول الأمر بإباحتهما التصرف بأیّ نوع اتفق سواء صحت المعاملة أو فسدت فإن ذلک لیس من البیع الفاسد فی شی‌ء کما بینا ذلک فی مبحث المعاطاة و أقمنا علیه الشواهد و البراهین التی ترد بالمتأمل علی الیقین و یزید هنا ما یظهر من تعلیلاتهم و تشهد به مطاوی کلماتهم (قال فی التذکرة) فیما إذا کان المبیع بالبیع الفاسد جاریة فوطئها عالما بالفساد أنه یجب علیه (المهر) ثم استشعر اعتراضا فقال کیف یجب المهر مع أن السید أذن فی الوطء و معلوم أن السید لو أذن فی وطء جاریته لم یجب (المهر) و أجاب بمنع حصول الإذن من السید لأنه إنما ملکه الجاریة و التملیک إذا کان صحیحا تضمن إباحة الوطی و إذا کان فاسدا لم یتجه فلم یسقط بذلک ضمانه (انتهی) و قضیته أن الإذن إنما کان بشرط الملک المترتب علی صحة العقد و معناه ما قلنا من أن البناء علی العلم بعدم الإذن إلا بزعم صحة العقد (فلیتأمل) إلی غیر ذلک مما سنشیر إلیه (و الحاصل) أنه حیث یکون منشأ الفساد و عدم العقل أو البلوغ أو الرشد أو الاختیار أو القصد أو عدم الملک علی بعض الوجوه فلا ریب أنه لا یفید إباحة و لا یکون من المعاطاة فی شی‌ء لعدم المال أو عدم التسلط علیه أو عدم إرادة التسلیط و أما حیث یکون المنشأ عدم تحقق شرائط الصیغة أو عدم المعلومیة فی المبیع کما إذا بیع المکیل أو الموزون أو المعدود جزافا أو بیعت العین من دون مشاهدة أو وصف رافع للجهالة أو من دون اختبار الطعم أو الریح فیما یراد منه ذلک أو بیعت المجهولة من دون ضمیمة یصح البیع معها أو عدم المعلومیة فی الثمن کعدم تقدیره کأن یناط بحکم أحدهما أو عدم تعیینه أو تعیین جنسه أو وصفه و نحو ذلک و حصل القبض و علم أن الرضا من الطرفین غیر مبنی علی زعم صحة المعاملة فإنه یکون معاطاة مفیدا لإباحة التصرف کما یظهر منهم فی مطاوی هذه الشروط و غیرها و القول بأنه یشترط فیها جمیع شرائط البیع إلا الصیغة ضعیف نادر کما عرفته فی محله فکان العقد الفاسد الذی یستلزم الضمان و عدم جواز التصرف ما عدم أحد الأمور الستة أو علم فیه أو ظن عدم الرضا إلا بزعم صحة المعاملة أو اشتبه الحال و الوجه فی الأول ظاهر کما عرفته (و الوجه فی الثانی) عدم الإذن کما أوضحناه آنفا و فیه مقنع و بلاغ مضافا إلی ما حکی من الإجماع (و قد استدلوا علیه) بالخبر المشهور (و هو قوله) علیه السلام علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 169
..........
______________________________
الید ما أخذت حتی تؤدی و القاعدة المشهورة و هی کل عقد یضمن بصحیحه یضمن بفاسده و ما لا یضمن بصحیحه لا یضمن بفاسده (إذا تقرر هذا) فإن کانا جاهلین بالفساد فلا إشکال فی ضمان کل منهما ما صار إلیه لأنه إنما وقع الرضا علی زعم الصحة کما أنه لا إشکال فی إباحة التصرف و عدم الضمان إذا کانا عالمین بالفساد و کان من نیتهما المعاطاة (و أما) إذا علم أحدهما و جهل الآخر فلا ریب فی ضمان غیر الجاهل مال الجاهل و إطلاق المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف و السرائر و الشرائع و سائر ما تأخر عنها منزل علی ذلک و إن کانت قضیة الإطلاق الضمان مطلقا کما قواه فی المسالک (فلیتأمل) فی ذلک (و قد قوی) فی مجمع البرهان فی صورة الجهل عدم الضمان (ثم قال) و مع علم الآخر أقوی (و أنت) قد عرفت الحال و یرجع به و بزوائده متصلة کالسمن و منفصلة کالولد و بمنافعه المستوفاة و غیرها کما فی المبسوط و غیره و المخالف ابن حمزة (قال فی التنقیح) و أما منافعه فهی مضمونة مع التفویت خلافا لابن حمزة محتجا بأن الخراج بالضمان و نقض بالغاصب مع ضمانه قطعا (و أما) مع الفوات فوجهان من أصالة البراءة و من أنها منافع عین مضمونة فیضمن و تمام الکلام فی باب الغصب و یجب علی البائع أن یرد علی المشتری ما زاد بفعله إذا کان القابض جاهلا بالفساد کما هو خیرة المقنعة و النهایة بل هو الأشهر و هو خیرة الکتاب فیما یأتی و المحقق فی الشرائع و النافع و التذکرة و کشف الرموز و المختلف و جامع المقاصد و غیرها و قوله فی التحریر و فی السرائر أن الزیادة إن کانت عین مال کان للمشتری أخذها و إن کانت فعلا سواء کانت صبغا أو صنعة لم یکن له الرجوع علی البائع بشی‌ء (و فیه) أن المشتری مغرور فیرجع علی الغار و قد ذکروا ذلک فیما إذا باع بحکم أحدهما أو أجنبی فیکون شریکا بقدرها حیث لا یمکن ردها کما إذا کانت صبغا أو تعلیم صنعة فتقوم العین بلا زیادة مرة و معها أخری فیشارکه القابض بمقدار التفاوت فتکون الزیادة مختصة بالقابض إذا لم یکن للهیئة الاجتماعیة مدخلیة (و یحتمل) أن ینسب قیمة العین الزائدة و أجرة عمله إلی قیمة العین الخالیة و یکون القابض شریکا للمالک بتلک النسبة فی قیمة المجموع فالزیادة بینهما بنسبة رأس مالیهما أی رأس مال المالک و مال القابض و أجرة عمله هذا إذا کانت زائدة علی قیمة العین و عین القابض و أجرة عمله منفردین بأن یکون للاجتماع مدخل فی زیادة القیمة و یحتمل کون هذه الزیادة أعنی الزیادة الحاصلة فی العین بسبب الصیغ مثلا للمالک لأن المفروض زیادتها علی قیمة الصبغ و أجرة الصباغة فتکون للمالک للأصل «فتأمل» (و تمام الکلام) فی أطراف المسألة فی باب الغصب مستوفی أکمل استیفاء و لو نقصت العین فعلیه أرشها و إن تلفت فالقیمة یوم التلف علی قول قوی جدا لأنه مکلف برد العین ما دامت باقیة و لم ینتقل إلی القیمة إلا بعد التلف فالمعتبر زمانه و قیل یوم القبض لأنه یوم الضمان (و فیه) أنه قد یکون ذلک الیوم خالیا عن الزیادة المتصلة و المنفصلة فلا یلزم ضمانها إلا أن تقول إن المراد بالضمان یوم القبض ضمان العین مع ضمان الزیادة و الأرش و إن کانا بعد یوم القبض و لعله متفق علیه إلا أن یستلزم عدم التفاوت بین یوم القبض و یوم التلف إلا بالنظر إلی التفاوت السوقی و لا ریب فی اعتباره و القول بعدم الاعتبار به فإنما هو مع رد العین و إلا فهو فی غایة البعد کالقول بعدم اعتبار الزیادة و النقصان بعد یوم القبض علی تقدیر الضمان یومه و قیل أعلی القیم و القائل به الشیخ فی المبسوط و استحسنه بعضهم إن کان التفاوت بسبب نقص فی العین أو زیادة (و یمکن) أن یرید الشیخ أن ذلک مع علمه بأنه یجب علیه ردها و طلبه لها و منعه عنها (و سیأتی) عند
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 170

[الفصل الثانی المتعاقدان]

(الفصل الثانی) المتعاقدان و یشترط فیهما البلوغ و العقل و الاختیار و القصد (1) فلا عبرة بقصد الصبی و إن بلغ عشرا و لا المجنون سواء أذن لهما الولی أو لا و لا المغمی علیه و لا المکره و لا السکران و الغافل و النائم و الهازل سواء رضی کل منهم بما فعله بعد زوال عذره أو لا إلا المکره فإن عقده ینفذ لو رضی بعد الاختیار
______________________________
مباحث البیع الفضولی عند شرح قوله و لو فسخ رجع علی المشتری بالعین إلخ تمام الکلام فی المسألة (و أما المثلی) فالواجب مثله و مع تعذره یمکن وجوب القیمة و حینئذ فهل تعتبر قیمته وقت تعذره أو وقت أخذه وجهان و هذا حدیث إجمالی و تمام الکلام سیأتی عند تعرض المصنف له إن شاء اللّٰه تعالی بمنه و لطفه و برکة خیر خلقه صلوات اللّٰه علیهم أجمعین
(قوله) (الفصل الثانی) (المتعاقدان و یشترط فیهما البلوغ و العقل و الاختیار و القصد)
هذه الشروط شروط فی عقد البیع و المعاطاة لاشتراک الدلیل کما عرفت و ستعرف و إن کانت عباراتهم فی المقام خالیة عن اشتراطها فی المعاطاة و اشتراط البلوغ هو قضیة ما فی المبسوط و الخلاف أو صریحهما حیث (قال) فیهما لا یصح بیع الصبی و لا شراؤه أذن له الولی أم لم یأذن (و کذا قال فی المختلف) و قضیة ما فی الوسیلة (حیث قال) یشترط کونهما یعنی المتعاقدین نافذی التصرف فی مالهما و ما فی الغنیة حیث قال لا ینعقد بیع من لیس بکامل العقل و لا شراؤه و إن أجازه الولی بدلیل الإجماع (و یحتج) علیهم بما رووه من رفع القلم عن ثلاثة (الحدیث) و قضیة ما فی المراسم حیث ذکر فی الشرط العام أن یکون المبیع ملک البائع أو ملک موکله أو یکون أبا المالک أو یکون هو صغیرا فإنه یبیع علیه بلا رد «انتهی» و صریح الشرائع و النافع و التذکرة و نهایة الإحکام و التحریر و الإرشاد و شرحه لولد المصنف و الدروس و اللمعة و المیسیة و المسالک و الروضة و غیرها (و قد) نسب إلی الشیخ تارة و إلی بعض الأصحاب أخری جواز بیعه إذا بلغ عشر سنین و کان عاقلا (قال فی المسالک) المراد بالعقل هنا الرشد فغیر الرشید لا یصح بیعه و إن کان عاقلا اتفاقا و هذا القول قد اختاره فی مجمع البرهان و استشکل فیه صاحب الکفایة و الموجود فی بیع المبسوط بعد ما نقلناه عنه آنفا بلا فاصلة ما نصه (و روی) أنه إذا بلغ عشر سنین و کان رشیدا کان جائز التصرف «انتهی» و ظاهر إطلاق جماعة کما هو صریح آخرین أنه لا فرق فی الصبی بین أن یأذن له الولی أو لا و لا بین أن یکون ممیزا أو لا و أنه لا فرق بین الیسیر و الکثیر (و جوزه فی المفاتیح) فی الیسیر و فیه ما فیه کما یأتی و قد سمعت ما فی الغنیة من دعوی الإجماع (و قال فی التذکرة) الصغیر محجور علیه بالنص و الإجماع سواء کان ممیزا أو لا فی جمیع التصرفات إلا ما استثنی کعبادته و إسلامه و إحرامه و تدبیره و وصیته و إیصال الهدیة و إذنه فی الدخول علی خلاف فی ذلک «انتهی» و منع فی مجمع البرهان الإجماع و استند فی ذلک إلی قوله فی التذکرة هل یصح بیع الممیز و شراؤه بإذن الولی الوجه عندی أنه لا یصح و لا ینفذ قال و هذا یشعر بوجود الخلاف فی الجواز و الصحة و اعتمد فی الجواز علی الاعتداد بالمستثنیات إذ لو لم یعتد بکلامه ما صح الاستثناء و علی جواز عقده حال الاختبار فإن ظاهر الآیة کون الاختبار قبل البلوغ (ثم قال) إن ظاهر عموم الآیات و الأخبار و الأصل هو الجواز مع التمییز التام (هذا) حاصل کلامه علی طوله (و فیه) أن الإجماع منقول و معلوم فلا یلتفت إلی الخلاف النادر أو الموهوم الذی استشعره من عبارة التذکرة (و قیاسه) علی المستثنیات (فیه) أنا نمنع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 171
..........
______________________________
القیاس أولا و المقیس علیه ثانیا إلا ما قام الدلیل المعتمد به علیه فیکون مع الفارق (و أما) الاختبار فیمکن أن یفوض إلیه الولی المساومة و المماکسة و تدبیر البیع فإذا انتهی الأمر إلی اللفظ أتی به الولی کما فی التذکرة و نهایة الإحکام و کما صرحوا به فی باب الحجر علی أن فی خبر أبی الجارود الذی رواه علی بن إبراهیم فی تفسیره دلالة ظاهرة علی أن الاختبار إنما هو بالبلوغ و عدمه فإذا علم بلوغه بأحد الأسباب دفع إلیه ماله إن أنس منه الرشد و إلا فلا و ستسمع الخبر إن شاء اللّٰه تعالی و الأصل معارض بمثله مقطوع بالأخبار المستفیضة الصریحة بالمنع عن بیعه و شرائه و أمره إلی أوان بلوغه (ففی) خبر حمران أن أبا جعفر علیه السلام قال الغلام لا یجوز أمره فی البیع و الشراء و لا یخرج عن الیتم حتی یبلغ خمس عشرة سنة الحدیث و هو طویل (و قد) رواه فی مستطرفات السرائر نقلا عن کتاب المشیخة للحسن بن محبوب إلا أنه رواه عن حمزة بن حمران (و روی فی الخصال) عن عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق علیه السلام (قال) سئل أبی و أنا حاضر عن الیتیم متی یجوز أمره قال حتی یبلغ أشده قال و ما أشده قال احتلامه (الحدیث) و قد تضمن ذکر الیتیمة أیضا إلی غیر ذلک من الأخبار کخبر العیاشی و خبر أبی الجارود و الضعف منجبر بالشهرة و حملها علی ما إذا استقل بالبیع من دون إذن الولی لا حاجة إلیه علی بعده و کونها أخص من المدعی غیر ضائر لعدم القائل بالفرق هذا إن تم دعوی اختصاصها بما له بناء علی التبادر و إلا فهی عامة أو مطلقة و المراد بجواز أمره تصرفه بالبیع و الشراء و نحوهما فالقول بأنه لا منافاة بین صحة عقده و بین عدم دفع المال إلیه کما یظهر من مجمع البرهان لا وجه له فإن الخبر المذکور قد دل علی عدم جواز أمره یعنی تصرفه بجمیع أنواع التصرفات و العقد الواقع منه إن کان صحیحا موجبا لنقل الملک فهو التصرف الذی دل الخبر علی المنع منه و إلا فهو لغو (و أما) حدیث عمومات الکتاب و الأخبار الآمرة بالوفاء بالعقود (ففیه) أنها إما أن تصرف إلیه أو إلی معاملیه و الأول باطل لأنه لیس محلها و لا من أهلها و الثانی کذلک لأنه یستلزم حیث یعقد من دون ولی أما جواز التصرف فی مال الیتیم المتفق علی المنع منه أو الضرر الکثیر إن أمر بالصبر إلی أوان بلوغه و إجازته علی أنه قد لا یجیز و إذا ثبت فی هذه الصورة المنع ثبت فی غیرها لعدم القائل بالفرق (و لعل) من نقل عنه الخلاف یحکم باللزوم من حین صدور العقد و لا یأمر بالصبر (و فیه ما مر) مضافا إلی ما أشرنا إلیه فیما مضی من عدم بقائها علی عمومها أو اختصاصها بالعقود المتداولة زمن النزول إن قلنا بأن الإیجاب وحده أو القبول کذلک یسمی عقدا و قد سمعت (و ستسمع) ما ینبغی أن یحمل علیه هذا العموم و دخول مثل هذا العقد فیها غیر معلوم فیدفع بالأصل علی أنه لعلمه بعدم تکلیفه و عدم عقابه قد لا یقصد النقل و لا یغنی غنی حینئذ رشده و تمییزه و إذن الولی و العلم بحاله مع هذا الاحتمال کاد یکون متعسرا أو متعذرا «فلیتأمل» نعم قد نقول بجواز بیعه أو تصرفه فیما کان فیه بمنزلة الآلة لمن له الأهلیة لتداوله فی الأعصار و الأمصار حتی کاد یکون إجماعیا من المسلمین قاطبة (و لعل الأولی) تخصیصه بما هو المعتاد فی أمثال هذه الأزمنة فإنه هو الذی یمکن دعوی اتفاق المسلمین علیه و هل هو معاطاة کما هو الظاهر أو إباحة أخری غیر المعاطاة احتمالان (و قد) تقدم لنا ما یرجح الأول و خبر أبی الجارود الذی أشرنا إلیه و هو من أدلة المسألة هو ما رواه علی بن إبراهیم فی تفسیره عن أبی الجارود عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث (قال) فیه قوله عز و جل وَ ابْتَلُوا الْیَتٰامیٰ الآیة (قال) و من کان فی یده مال بعض الیتامی فلا یجوز له أن یعطیه حتی یبلغ النکاح و یحتلم فإذا احتلم وجب علیه الحدود و إقامة الفرائض (إلی أن قال)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 172
..........
______________________________
و إذا آنس منه الرشد دفع إلیه المال و أشهد علیه فإن کانوا لا یعلمون أنه قد بلغ فلیمتحن إبطه أو نبت عانته فإذا کان ذلک فقد بلغ فیدفع إلیه ماله إذا کان رشیدا (الحدیث) و هو کما تری صریح فی أنه محجور علیه حتی یبلغ و ظاهره أن المراد بالاختبار فی الآیة الشریفة الاختبار بالبلوغ و عدمه (فروع) ذکرها فی التذکرة و نهایة الإحکام (قال) لو اشتری الصبی و قبض أو استقرض و أتلف فلا ضمان علیه فی الحال و لا بعد البلوغ لأن التضییع من الدافع و علی الولی استرداد الثمن و لا یبرأ البائع بالرد إلی الصبی (و قال) کما لا تصح تصرفاته اللفظیة کذا لا یصح قبضه و لا یفید حصول الملک فی الهبة و إن اتهب له الولی و لا لغیره و إن أمره الموهوب منه بالقبض و لو قال مستحق الدین للمدیون سلم حقی إلی هذا الصبی فسلم حقه لم یبرأ عن الدین و بقی المقبوض علی ملکه و لا ضمان علی الصبی لأن المالک ضیعه حیث سلمه إلیه و بقی الدین لأنه فی الذمة و لا یتعین إلا بقبض صحیح کما لو قال له ارم حقی فی البحر فرمی قدر حقه بخلاف ما لو قال للمستودع سلم مالی إلی الصبی أو ألقه فی البحر لأنه امتثل المأمور فی حقه المعین و لو کانت الودیعة للصبی فسلمها إلیه ضمن و إن کان بإذن الولی إذ لیس له تضییعها بإذن الولی (و قال) لو عرض الصبی دینارا علی الناقد لینقده أو متاعا علی مقوم لیقومه فأخذه لم یجز رده علی الصبی بل علی ولیه إن کان فلو أمره ولی الصبی بالدفع إلیه فدفعه إلیه برئ من ضمانه إن کان المال للولی و إن کان للصبی فلا کما لو أمره بإلقاء مال الصبی فی البحر فإنه یلزمه ضمانه و لو تبایع الصبیان و تقابضا و أتلف کل واحد منهما ما قبضه فإن جری بإذن الولیین فالضمان علیهما و إلا فلا ضمان علیهما بل علی الصبیین و یأتی فی باب الحجر تمام الکلام و لو فتح الصبی الباب و أذن فی الدخول علی أهل الدار أو أوصل الهدیة إلی إنسان عن إذن المهدی فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فیه «انتهی» و اشتراط العقل یدل علیه بعد العقل إجماع الغنیة قال لا ینعقد بیع من لیس بکامل العقل و لا شراؤه و إن أجازه الولی بالإجماع و یحتج علیهم بما رووه من رفع القلم عن ثلاثة الحدیث «انتهی فلیتأمل» (و فی مجمع البرهان) نقل حکایته و فی الریاض لا یصح بیع المجنون و لو أدواریا إذا کان حال جنونه و لا السکران و لا الصبی و لا السفیه و لا المکره بغیر حق و لا الغافل و لا النائم و لا الهازل بلا خلاف أجده إلا فی الصبی خاصة «انتهی» و قد صرح باشتراطه المحقق و المصنف و الشهیدان و المحقق الثانی فی کتبهم و غیرهم و من ترکه فلبداهته قالوا و لو کان له حال إفاقة فباع و اشتری فیها صح و إلا فلا (و قال فی التذکرة) و لو ادعی الجنون حال العقد قدم قوله و کذا الصبی و لو ادعی إیقاعه حال الصبا کما سیأتی بیان ذلک کله مفصلا فی آخر باب البیع و لو لم یعرف له حال جنون قدم قول مدعی الصحة (و فیها أیضا و فی نهایة الإحکام) لا عبرة بعبارة المجنون فی العقد إیجابا و لا قبولا لنفسه و لغیره سواء أذن له الولی أم لا و کذا المغمی علیه و السکران و النائم سواء رضی کل منهم بما فعله بعد زوال عذره أولا لارتفاع العقل الذی هو مناط صحة التصرفات و نحوه ما فی الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و الروضة و المسالک و المیسیة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و حواشی الکتاب و اللمعة و جامع المقاصد و ذلک کله مما لا ریب فیه عندهم (قال فی الکفایة) قالوا لو رضی کل منهم بما فعل بعد زوال عذره لم یصح عدا المکره و کلامه هذا یشمل الصبی أیضا کما یشمله صریحا کلام جمیع من نقلنا عنه ما عدا مجمع البرهان (و فی الحدائق) أن ظاهرهم الاتفاق علی عدم صحة عقد ما عدا المکره إذا رضوا به بعد زوال العذر «انتهی» و ستسمع کلامهم فی الهازل و الغافل و اشتراط الاختیار و عدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 173
..........
______________________________
صحة بیع المکره قد نفی عنه الخلاف فی الغنیة و الریاض و استظهر ذلک أعنی عدم الخلاف فی مجمع البرهان و ادعی علیه الإجماع فی التذکرة و الحدائق و ذلک فی غیر المکره بحق و أما فیه ففی الغنیة أن صحة بیعه معه مما لا خلاف فیه و علی ذلک نص جماعة کثیرون و فی التذکرة و نهایة الإحکام أن فی معنی الإکراه بیع التلجئة و قد ینطبق علیه إجماع التذکرة (و فیها أیضا) الإجماع علی اشتراط القصد و قد نص علیه الأکثر و ظاهرهم عدم الخلاف فیه و فی التذکرة لو باع الهازل لم ینعقد عندنا لأنه غیر قاصد و قد سمعت ما فی الریاض و فاقد القصد ما کان کالهازل و الغافل و النائم کما فی نهایة الإحکام و المشهور أن المکره لو باع ثم رضی بعد زوال عذره انعقد بیعه و فی الریاض و الحدائق أن ظاهرهم الاتفاق علی ذلک و هو ظاهر الکفایة حیث قال قالوا (فتأمل) و قد یلوح ذلک من جامع المقاصد حیث قال إن کانت المسألة إجماعیة فلا بحث و إلا فللنظر فیه مجال و قد نص علی ذلک فی الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و نهایة الإحکام و حواشی الشهید و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و المفاتیح و ظاهر المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و قد سمعت کلامه فی الأخیر التوقف أو المیل إلی عدم الصحة کما هو خیرة مجمع البرهان و فی الکفایة أن فیه إشکالا و فی ظاهر طلاق الخلاف التصریح بعدم صحة عقده و الإجماع علیه قال طلاق المکره و عتقه و سائر العقود التی یکره علیها لا تقع إجماعا منا و به قال شریک و قال ح «1» و أصحابه طلاق المکره و عتاقه واقع و کذلک کل عقد یلحقه فسخ فأما ما لا یلحقه فسخ مثل البیع و الصلح و الإجارة فإنه إذا أکره ینعقد عقدا موقوفا فإن أجازها و إلا بطلت «انتهی» فلیتأمل فی کلامه بل قد یقال إن الإجماع مقدوح بمصیر الأکثر إلی خلافه فی البیع کما عرفت و فی النکاح بل فی الطلاق کما هو رأی بعض و ظاهرهم الاتفاق کما فی الحدائق علی عدم صحة عقد ما عدا المکره لو رضوا به بعد زوال العذر و قد نص علی ذلک فی الغافل و الهازل و النائم فی نهایة الإحکام و التذکرة و الکتاب و زاد فی التذکرة الناسی و قد یفهم ذلک من بقیة العبارات کما فهمه صاحب الروضة و غیره من عبارة اللمعة و غیرها و فی الریاض قد اتفقوا علی المنع فی الهازل و العابث (و وجه) فهمه من بقیة العبارات أنهم یشترطون القصد و غیره ثم إنهم یقتصرون علی استثناء المکره فحسب و قضیة ذلک أن غیره لیس کذلک و من المعلوم أن الهازل و العابث غیره «فتأمل جیدا» و قد سمعت ما فی الحدائق کما سمعت أیضا من نص علی ذلک فی فاقد العقل و فی المسالک قد حکموا بفساد عقد الهازل و لم یذکروا لزومه لو لحقه الرضا فکان اللازم إما إلحاقه بالمکره أو إبداء الفرق بکونه غیر قاصد للفظ (و فیه تأمل) و الظاهر منه تردده فی المسالک و الروضة و قضیة کلام الروضة أن الشهید قد نص علی أن فاقد القصد کالغافل لا یعتد بإجازته اللاحقة و لم أجد له نصا علی ذلک أی الغافل لا فی الدروس و لا غایة المراد و لا اللمعة و لا حواشیه علی الکتاب و ما یعطی ذلک من عبارة الروضة هی قوله و ألحق المصنف بذلک یعنی الغافل و الهازل و النائم بقرینة ما قبله و ما بعده المکره علی وجه یرتفع قصده أصلا فلا یؤثر فیه الرضا المتعقب کالغافل و السکران و هو حسن مع تحقق الإکراه بهذا المعنی فإن الظاهر من معناه حمل المکره للمکره علی الفعل خوفا علی نفسه أو ما فی حکمها مع حضور عقله و تمییزه «انتهی» و محل الشاهد قد عرفته و هذا قد نقله عن الدروس کما هو موجود فیها المحقق الثانی فی جامع المقاصد و قال ما حاصله لیس لهذا محصل لأن الإکراه الذی یرتفع به القصد لا یتحقق فی اللسان
______________________________
(1) (ح) کذا فی نسختین و الظاهر أنه رمز لأبی حنیفة (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 174
..........
______________________________
فإنه غیر مقدور للمکره «انتهی» و قد بقی الکلام فی بیان الوجه فی صحة عقد المکره الذی تعقبه الرضا علی القول به و الفرق بینه و بین الهازل إن تم و أما الفرق بینه و بین فاقد العقل أو مسلوب الاعتبار بعبارته کالصبی فواضح کما تسمعه (فنقول) احتج فی جامع المقاصد علی بطلان عقد المکره الراضی به بعده بعدم القصد أصلا و رأسا مع عدم الرضا لأن الظاهر من کون العقود بالقصود اعتبار القصد المقارن لها دون المتأخر و زاد علیه فی مجمع البرهان أنه لا فرق بینه و بین غیره کالطفل و نحوه و أن فرقهم بعید جدا مضافا إلی الأصل و الاستصحاب و عدم الأکل بالباطل و نحن نقول إن مقتضی الأصول عدم الصحة کما قالا أعنی أصل عدم النقل و استصحاب عدم الصحة و إن الأصل عدم تأثیر إجازته بعد زوال المانع و الأصل بمعنی الراجح مقارنة القصد للعقد و کذا قیاسه علی الفضولی لا یجدی لمخالفته أیضا للأصول و النص و الفتوی الدالان علی جوازه مختصتان بغیر محل الفرض فلم یشملا ما نحن فیه (فلم یکونا شاملین لما نحن فیه خ ل) و کذا الفرق بینه و بین الصبی و نحوه مما هو مسلوب العبارة لاشتراک العقدین فی المقتضی و المانع و إن اختلف وجه الأخیر لاشتراکهما فی عدم اعتبار العقد بنفسه (و أما المقتضی) و هو عموم لزوم الوفاء بالعقود فوجه الاشتراک فیه أن هذا العموم إن شمل العقد الغیر المعتبر شمل عقد الصبی أیضا و إن خص بالمعتبر منه فی نظر الشارع لم یشمل عقد المکره علی أن هذا الفرق إن تم جری فی الهازل و العابث من غیر ریب مع اتفاقهم علی المنع فیهما کما قیل (هذا) أقصی ما یمکن الاحتجاج به للمنع (و الجواب) أنا لا نسلم عدم القصد لأن القصد قصدان کما صرحوا به فی عدة مواضع قصد اللفظ و قصد مدلوله و الأول مقصود قطعا و المدلول تابع و الهازل غیر قاصد المدلول لمکان الهزل فاتضح الفرق و لم یبق إلا الرضا و یأتی الکلام فیه و الأصول بحذافیرها منقطعة بعموم الأمر بالوفاء بالعقود بالتقریب الذی تقدم ذکره عند شرح قول المصنف و لا الإیجاب و لا الاستیجاب و هو أن اللام فی العقود إشارة إلی الجنس المتداول فی ذلک الزمان المضبوط فی الفقه کالبیع و الإجارة لا خصوص أفراد کل عقد عقد مع تداوله و کیفیته المخصوصة لأن ذلک یستلزم الإجمال فی العموم مع قیام الإجماع و استمرار الطریقة علی الاستدلال به کما أن إبقاءه علی حاله یستلزم أن یکون الباقی فی جنب الخارج کالعدم فالجمع بین الأمرین یقتضی المصیر إلی ما قلناه فیدخل هذا العقد فی جنس تلک العقود و یکون فردا من أفرادها و إن جهل اشتراکه معها فی الخصوصیات و ذلک لا یمنع من دخوله فی العموم فیجب الوفاء به حتی مع الإکراه لکنه لما انعقد الإجماع علی مانعیته لم یحکم به معه فإذا زال وجب الحکم به للعموم بل قد استظهرنا فی باب الوقف صحة وقف المکره إذا تعقبه الرضا حتی علی القول باشتراط القربة إذ لا مانع إلا ما قد یتخیل من أن قصدها فیما بعد غیر مؤثر و استظهرنا تأثیره کرضاه و قد انعقد الإجماع علی أن ما أمر بالوفاء به إنما هو العبارات الصادرة عمن یکون لها أهلا دون العبارات المسلوبة الاعتبار بالکلیة کعبارات الصبی فکان المانع عن عدم دخول عقده فیه لازما لذاته غیر منفک عنه فلا یتصور فیه زوال المانع أبدا و لا کذلک المکره فإن المانع عن دخول عقده فیه أمر خارج عن ذات العقد ممکن الزوال فإذا زال دخل فی العموم و لو لا ما قدمناه و ما یأتی فی کلام الشهید لقلنا إن الهازل و العابث و الناسی کذلک فإن کان هناک إجماع علی عدم اعتبار رضاهم بعد زوال ذلک فذاک و إلا فالحکم فیهم کالمکره من دون تفاوت و أنت قد عرفت أن المصرح بذلک إنما هو المصنف لا غیر فی ثلاثة من کتبه فی الهازل (و أما الناسی)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 175
و لا یشترط إسلامهما نعم یشترط إسلام المشتری إذا اشتری مسلما إلا أباه و من ینعتق علیه أو إذا اشتری مصحفا (1)
______________________________
فلم یذکره إلا فی التذکرة علی أن التصریح بذلک فی التذکرة لیس بتلک المکانة من الصراحة و ما یعطیه کلام الباقین فیهم من عدم اعتبار الرضا فلیس أیضا بمکانة من الاقتضاء فلیمعن النظر فی عباراتهم و اعتباراتهم و قد لحظناها جمع و لم یبق فی القوس منزع و فی کلام الشهید فی حواشیه ما عساه یلوح منه ما له نفع فی المقام (قال و اعلم) أن هنا سؤالا هو أن المکره إن قصد لم یفتقر إلی الرضا و إن لم یقصد لم یکف الرضا إذ هو کالغافل (و الجواب) أن المعتبر قصد اللفظ لا معناه و الغافل لم یقصد أصلا فافترقا «انتهی» و أنت خبیر بأن الهازل و الناسی قاصدان إلی اللفظ دون معناه فلیسا کالغافل و النائم و السکران الغیر الممیز قطعا و لا سیما الهازل فإن الأمر فیه یکاد یکون أوضح من المکره «فلیتأمل» إلا أن یقال إن الهازل قصد بلفظه التهکم و الهزل فقد أراد بلفظه غیر ما وضع له و لا کذلک المکره و إرادة رفع الضرب عنه لم تکن من اللفظ و إنما هی من صدوره (فلیتأمل جیدا) و لم یبق إلا عدم مقارنة القصد للعقد و أصل عدم الاشتراط ینفیه عدم الدلیل علیه و ینبه علیه عقد الفضولی و استصحاب عدم الصحة یدفعه العموم المقتضی للصحة بالتقریب الذی مر (و أما) السفیه فالظاهر أنه عندهم کالصبی مسلوب العبارة کما تنبئ عنه عباراتهم فی کتاب الحجر و بهذا ظهر أن القول المشهور خال عن القصور و الاعتبار له موافق فلا وجه لما فی الحدائق من الکلام الغیر اللائق
(قوله قدس سره) (و لا یشترط إسلامهما نعم یشترط إسلام المشتری إذا اشتری مسلما إلا أباه و من ینعتق علیه أو إذا اشتری مصحفا)
اشتراط إسلام المشتری إذا اشتری مسلما و بطلان شراء الکافر له خیرة الخلاف و المبسوط و الغنیة و الشرائع و التذکرة و نهایة الإحکام و المختلف و التحریر و الإرشاد و شرحه لولده و الدروس و المیسیة و الروضة و المسالک و الکفایة و المفاتیح و هو ظاهر مجمع البرهان أو صریحه و ظاهر الإیضاح و جامع المقاصد و حواشی الشهید و غیرها و فی الغنیة الإجماع علیه و فی التذکرة أنه مذهب الأکثر و فی مجمع البرهان أنه المشهور و فی المبسوط أن فیه خلافا و فی المختلف قیل إنه یجوز و یجبر علی بیعه من مسلم و نحوه ما فی الشرائع و التذکرة و فی الأخیر نسبته إلی أبی حنیفة و احتمله فی نهایة الإحکام (قال) کما لو ورثه و مثله لو وهب له فقبل أو أوصی له به (و حجتهم) علیه بعد الإجماع معلوما و منقولا الآیة الشریفة و هی قوله تعالی شأنه فَاللّٰهُ یَحْکُمُ بَیْنَکُمْ یَوْمَ الْقِیٰامَةِ وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْکٰافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا قالوا و دخوله فی ملکه أعظم السبیل (و احتج علیه فی التذکرة) بأنه لا یجوز استدامة فلا یجوز ابتداء فکأنه لا خلاف فی الاستدامة و لقد أغرب صاحب الحدائق (حیث قال) إن أرید بالسبیل هنا ما یدعونه من سلطنة الکافر علی المسلم بالملک له و الدخول تحت أمره لانتقض فی ذلک بما أوجبه اللّٰه تعالی علی أئمة العدل من الانقیاد إلی أئمة الجور و بما أوقعوه بالأنبیاء و الأئمّة صلوات اللّٰه و سلامه علیهم من القتل فضلا عن غیره (و بما) ورد فی تفسیر الآیة الکریمة حین قیل له إن الحسین علیه السلام لم یقتل و إنما شبه لهم محتجا بهذه الآیة إلخ؟؟؟ هو أن معناها لن یجعل اللّٰه لکافر علی مؤمن حجة و لقد أخبر اللّٰه تعالی عن کفار قتلوا نبیین بغیر حق و مع قتلهم إیاهم لم یجعل لهم علی أنبیائه سبیلا من طریق الحجة (قال) نعم یمکن أن یستدل علی ذلک بمفهوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 176
..........
______________________________
روایة حماد عن الصادق علیه السلام أن أمیر المؤمنین علیه السلام أتی بعبد أسلم فقال اذهبوا فبیعوه علی المسلمین و ادفعوا ثمنه إلی صاحبه و لا تقروه عنده (انتهی حاصل کلامه) و ما کنا نؤثر أن یصدر ذلک منه لأنا إذا قلنا بأن السبیل هو الحجة اتجه الاستدلال بالآیة لأن الملک حجة لأنه تسبب عما جعله اللّٰه سبحانه حجة و هو البیع و أما قتل الأئمّة و الأنبیاء صلوات اللّٰه علیهم فلم یکن بحجة من اللّٰه عز و جل کالبیع و نحوه و إنما هو ظلم و عدوان فیکون المراد ما جعل اللّٰه سبحانه لکافر علی مؤمن حجة فی الدنیا و الآخرة (و أما) إیجاب اللّٰه سبحانه علی الأولیاء الانقیاد لأئمة الجور و حکامه فإنما نشأ من خوف قتلهم من غیر حجة فلم یکن الإیجاب بحجة (و قیل) فی معنی الآیة لن یجعل اللّٰه للیهود علی المؤمنین نصرا و لا ظهورا (و قیل) فی الآخرة و قال فی المسالک یمکن أن یراد بالمسلم من حکم بإسلامه ظاهرا لأن ذلک هو المتبادر فتدخل فرق المسلمین المحکوم بکفرهم کالخوارج؟؟؟
و یمکن أن یراد به المسلم حقیقة لأن المحکوم بکفره غیر داخل فی دلیل المنع و هذا هو الأولی (و اعترضه فی الحدائق) بأنه إن أراد بالتبادر التبادر فی عرف الناس فمسلم و لا یجدی نفعا و إن أراد فی الأخبار فممنوع أشد المنع لتواتر الأخبار بأن الإسلام بنی علی خمسة أعظمها الولایة و بما استفاض فی الفرق بین الإسلام و الإیمان و بأن الإسلام یحقن به الدم و المال و تجری علیه المناکح و المواریث و الطهارة و لا ریب أنه من المتفق علیه عدم إجراء شی‌ء من هذه الأحکام علی؟؟؟ الخوارج و الأخبار مستفیضة بکفر هؤلاء فکیف یکونون متبادرین من هذا اللفظ و الحال کما عرفت و إطلاق اسم الإسلام علیهم إنما وقع فی کلام الأصحاب مع تصریحهم «1» بمنتحلی الإسلام بمعنی أنه لفظی محض (قلت) إنما أراد فی المسالک التبادر فی عرف نزول الآیة الشریفة فإن الإسلام کان أولا هو مجرد إظهار کلمة الشهادة و الإیمان هو الإقرار و الاعتقاد و العمل و فی عرف الأئمّة علیهم السلام أخذ فیه الولایة و الاتفاق الذی ادعاه فی محل التأمل (فلیتأمل جیدا) فی أهل الجمل و صفین و غیرهم ممن کان مظهرا لعداوتهم علیهم السلام کأهل الشام و الکوفة و لیلحظ ما ذکرناه فی کتاب الطهارة عند نجاسة؟؟؟ هذا و قالوا فی حکم العبد المسلم المصحف و أبعاضه کما فی المفاتیح و المصرح بذلک فی (المصحف و أبعاضه کما فی المفاتیح و المصرح بذلک فی) المصحف المصنف فی التذکرة و نهایة الإحکام فی أول کلامه فیها و الإرشاد و ولده فی شرحه و الشهیدان فی الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و المحقق الثانی و کأنه مال إلیه فی مجمع البرهان و فی التذکرة فی کتب الحدیث النبویة وجهان و نحوه ما فی نهایة الإحکام حیث احتمل البطلان قطعا فی المصحف ثم احتمل الفرق بینه و بین العبد فیجبر علی بیعه ثم استشکل فی کتب الحدیث و الفقه بناء علی عدم ذلک فی المصحف و جوز فخر الإسلام فی شرح الإرشاد بیع الأحادیث النبویة علی الکافر و عن المحقق الکرکی أن کتب الحدیث و الفقه فی حکم المصحف و فی المسالک و الروضة التصریح بأن أبعاض المصحف کالمصحف و فی المبسوط و الخلاف أنه لو وکل المسلم الکافر فی شراء عبد مسلم لم یصح و لا یجوز أن یکون وکیلا و جوزه فی التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام قال فیها إن الممنوع إنما هو العکس و هو ما إذا وکل الکافر المسلم فی شراء عبد مسلم لم یصح شراؤه و لا یجوز أن یکون وکیلا و قد صرح الشهیدان بأنه إنما یمنع من دخول العبد المسلم فی ملک الکافر اختیارا أما غیره کالإرث و إسلام عبد الکافر فإنه یجبر علی بیعه بثمن المثل علی الفور إن وجد راغب و إلا حیل بینه و بینه إلی أن یوجد الراغب و نفقته علیه و کسبه له و هو قضیة کلام جماعة فی الأول بل فی جامع
______________________________
(1) (تعبیرهم خ ل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 177
..........
______________________________
المقاصد الإجماع علیه و صریح کثیرین فی الثانی أعنی إسلام عبد الکافر کما ستسمعه فی کلام المصنف إن شاء اللّٰه تعالی و فی خبر حماد ما یشیر إلی ذلک و قضیته ما فی التذکرة کما أشرنا إلیه آنفا أنه لا خلاف فی الاستدامة فلو ملکه بالإرث یحکم علیه بالبیع و بذلک احتج من جوز شراء الکافر العبد المسلم قال إنه یملکه بالإرث و یبقی علیه لو أسلم فی یده و الفرق واضح إذا الإرث و الاستدامة أقوی من الابتداء لثبوت الملک بهما للمحرم فی الصید مع منعه من ابتدائه و لا یلزم من ثبوت الأدون (الأدنی خ ل) مع أنا نقطع الاستدامة بمنعه منها و إجباره علی إزالتها (و قد احتج لهم فی المختلف) بأن للکافر أهلیة التملک و العبد المسلم یصح تملکه و قد وجد العقد فیثبت صحة البیع و السبیل ینتفی بإجباره علی بیعه کما لو أسلم الکافر تحت ید الکافر (و أجاب بأنه) لا یکفی المقتضی مع وجود المانع و المانع هنا موجود و هو إثبات السبیل (و فیه) أن الخصم قد نفی وجود المانع بإجباره علی بیعه فالأولی التعرض إلی أن الإجبار لا ینفی السبیل (فتأمل) و أما لو اشتری الکافر أباه المسلم أو من ینعتق علیه ففی المبسوط أنه لا یصح البیع و لا ینعتق لأنه لا یملکه و هو قضیة کلامه فی الخلاف فی مسألة ما إذا قال له أعتق عبدک عن کفارتی و فی بعض نسخ المختلف نسبة ذلک إلی ابن حمزة و فی بعضها إلی ابن البراج و لعل هذه هی الصحیحة فقد نقله غیره عن ابن البراج و لم ینقل ذلک عن ابن حمزة و لا وجدته فی الوسیلة و به قال بعض العامة مستندا إلی أن ما منع من شرائه لم؟؟؟ یبح له شراءه و إن زال ملکه کالصید للمحرم و الفرق أن المحرم لو ملکه لثبت علیه بخلاف المتنازع فیه (و فی) المقنعة و النهایة و السرائر و الشرائع و التذکرة و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و المختلف و نهایة الإحکام و اللمعة و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و المیسیة و المفاتیح و غیرها أنه یملک من ینعتق علیه فإذا اشتراه انعتق علیه فی الحال و قد نقله فی المختلف عن والده و فی السرائر أنه مجمع علیه و فی الحدائق أنه مشهور و فی التحریر أن فی البطلان إشکالا و فی النهایة أنه لا فرق فی ذلک بین کونهن أو کونهم من رضاع أو نسب و فی المقنعة و السرائر إنما هو إذا کن أو کانوا من النسب دون الرضاع (و قال) جماعة منهم المصنف فی جملة من کتبه إن فی حکمه کل شراء یتعقب العتق و مثله فی التذکرة بما إذا اعترف الکافر بحریة عبد مسلم ثم اشتراه و فی جامع المقاصد بما إذا اعترف الکافر بأن عبد زید حر ثم اشتراه و أطلق فی المسالک فمثله بما إذا أقر بحریة عبد غیره ثم اشتراه فإنه یعتق علیه بمجرد الشراء و مثله فی نهایة الإحکام بما لو قال الکافر لمسلم أعتق عبدک المسلم عنی بعوض أو بغیر عوض فأجابه إلیه و بما لو أقر بحریة عبد مسلم ثم اشتراه قال فالأولی من هاتین أولی بالصحة من الأخری لأن الملک فیها ضمنی و العتق فی الثانیة و إن حکم به فهو ظاهر غیر محقق و لم یفرق فی التذکرة و المسالک بین الصورتین علی تقدیر جواز الضمنی و استوجه فی التحریر عدم الصحة فی المثال الأول أعنی ما لو قال کافر لمسلم أعتق عبدک عنی عن کفارتی و فی المبسوط و الخلاف إذا (قال) کافر لمسلم أعتق عبدک عن کفارتی فأعتقه صح إن کان العبد کافرا و إن کان مسلما لم یصح لأنه لا یملک مسلما و فی نهایة الإحکام أنه لو اشتری عبدا مسلما بشرط العتق فهو کما لو اشتراه مطلقا لأن العتق لا یحصل عقیب الشراء ثم احتمل مساواته لشراء القریب و قد ألحق فی الدروس و الروضة بالقریب ما إذا شرط علیه یعنی علی الکافر عتقه (فما فی المبسوط) من أنه إذا شرط علیه عتقه فإن أعتقه فقد وفی بالشرط و إن لم یعتقه قیل فیه شیئان أحدهما یجبر علیه لأن عتقه استحق بالشرط و الثانی أنه لا یجبر علیه لکن یجعل البائع بالخیار فلیس مما نحن فیه إذ کلام الشیخ فیما إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 178
و هل یصح له استئجار المسلم أو ارتهانه الأقرب المنع (1)
______________________________
کان المشروط علیه مسلما و الکلام یأتی فیه فی محله بعون اللّٰه سبحانه و لطفه (و الوجه) فی ملک الأب و نحوه و انعتاقه أن المراد بالسبیل المنفی ما یترتب علی الملک المستقر للسلطنة إما للرقیة أو المنفعة و استحقاق الانتفاع و نحو ذلک لا مطلق ما یترتب علی الملک فی الجملة و إلا لامتنع إرث الکافر للعبد المسلم من کافر آخر و الثانی باطل اتفاقا فیتعین المعنی الأول (و ما عساه یقال) إنه لو ملکه زمانا یمکن أن یقال إنه تسلط علیه فی زمان الملکیة (فجوابه) کتحریک الید للمفتاح بأن العتق مقارن للملک و السبق إنما هو بالذات أی ذات الملک سبقت ذات العتق و لا سبق فی الزمان (فلیتأمل) أو یقال إن الزمان عرفی بمعنی أنه عند تمام الصیغة ملکه و فی حواشی الشهید علی الکتاب أن السبیل المنفی بالآیة الشریفة قد فسر بثلاثة تفاسیر بمجرد الملک و بالملک القار و بقابلیته فعلی الأول یمتنع شراء من ینعتق علیه و علی الثانی و الثالث یصح و مشروط العتق یبطل علی الأول و الثانی و یصح علی الثالث انتهی (فلیتأمل) و علی کل حال هل ینعتق بعد العقد أو بعد لزوم البیع کما إذا شرط البائع الخیار و أما إذا کان الخیار للمشتری فاحتمالان أقربهما اللزوم و لو وجد فیه عیبا و فی التذکرة أنه لا یثبت له خیار المجلس لأنه وطن نفسه علی العتق و تمام الکلام یأتی فی محله بعون اللّٰه سبحانه و لطفه (و یبقی الکلام) فی المخالف إذا اشتری جاریة مؤمنة أو عبدا صغیرا محکوما بإیمانه و نحو ذلک ممن یمکن حمله له علی مذهبه فهل یصح هذا البیع احتمالان و الأصح عدم الصحة کما صرح به الشهید علی ما هو فی بالی و العلة المنصوصة فی عدم تزویج المؤمنة من المخالف تدل علی ذلک إلی غیر ذلک مما یمکن أن یستدل به علی ذلک
(قوله رحمه اللّٰه) (و هل یصح له استئجار المسلم أو ارتهانه الأقرب المنع)
؟؟؟ مقتضی العبارة فی الاستئجار المنع مطلقا سواء کانت فی الذمة أو علی عین کما هو خیرة الإیضاح و الدروس و هو قضیة إطلاق عبارة إجارة الکتاب و جامع المقاصد و فی حواشی الکتاب للشهید و جامع المقاصد و المسالک و الروضة أنها إن کانت علی عمل فی الذمة یجوز لانتفاء السبیل و إن کانت علی العین لم یجز و قد اتفق کلامه فی التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام فیما إذا کانت علی عمل فی الذمة فجوزه فیها و استشکل فی التحریر فیما إذا کانت علی عین و ظاهره فی التذکرة الجواز فی ذلک و قربه فی نهایة الإحکام ثم احتمل البطلان (و قال) فیها و فی التذکرة و علی احتمال الصحة فهل یؤمر بإجارته من مسلم (قال) فی التذکرة فیه وجهان و قرب العدم فی نهایة الإحکام و فی الخلاف نفی الخلاف و ظاهره بین المسلمین عن صحة استیجار الکافر المسلم علی عمل موصوف فی الذمة و ظاهره الإجماع منا علی ما إذا کان علی عین (قال) إذا استأجر کافر مسلما لعمل فی الذمة صح بلا خلاف و إذا استأجره مدة من الزمان شهرا أو سنة لیعمل عملا صح أیضا عندنا (و یؤیده) ما ورد فی الأخبار من أن أمیر المؤمنین علیه السلام کان یؤجر نفسه الشریفة من الیهود لیسقی لهم النخل کل دلو بتمرة و کفاک ما ورد من الأخبار فی قصة نزول سورة هل أتی الدالة علی غزل فاطمة علیها السلام الصوف للیهود بأصواع من الشعیر و حمله ذلک علی ما إذا کانت فی الذمة کما فی جامع المقاصد فی الخبر الأول بعید جدا إلا أن یحمل ذلک علی المعاطاة لأنه لا لزوم و ظاهر العبارات أنه لا فرق فی المسلم بین الحر و العبد لمکان الإطلاق کما هو صریح التذکرة و نهایة الإحکام فیما إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 179
و الأقرب جواز الإیداع له و الإعارة عنده (1)
______________________________
کانت علی عین و فی الدروس بعد أن منع إجارة العبد المسلم للکافر مطلقا (قال) و جوزها الفاضل و الظاهر أنه أراد إجارة الحر المسلم و یلوح منه الفرق بین إجارة الحر و العبد (فلیتأمل و قد یقال) إن الإجارة و إن کانت علی عین لا مانع منها فی الحر لأن کانت باختیاره فلم یکن له علیه سبیل بخلاف إجارة العبد المسلم للکافر فإنها کبیعه فإن العبد لا اختیار له فما فی الدروس هو الموافق للاعتبار (و یمکن) تنزیل الفتاوی علیه فیحصل الجمع بین کلامهم (و منه) یعلم الحال فی ارتهانه و إعارته (و قد) یستغرب ما فی الإیضاح من اختیاره المنع مطلقا بعد أن قال إنه لم ینقل عن الأمة فرق بین الدین و العمل (فلیتأمل و أما الارتهان) فظاهر العبارة أیضا المنع منه مطلقا کما هو خیرة الإیضاح و التذکرة فی کتاب الرهن و المختلف فیه و ظاهر نهایة الإحکام الجواز مطلقا و فی التذکرة فیه وجهان للشافعی و فی الکتاب فی کتاب الرهن و الدروس و الإیضاح فیه و جامع المقاصد و المسالک أنه یجوز إذا لم یکن تحت ید الکافر کما إذا وضعاه عند مسلم لأن استحقاق أخذ العین لا یعد سبیلا و هو خیرة المبسوط (و قال) الشهید فی حواشیه المراد بالارتهان المصاحب للدوام و القبض (قلت) و هو أحد وجهی الشافعی و لم یرجح شیئا فی التحریر و الحکم فی المصحف الشریف کالحکم فی المسلم عندهم من المنع مطلقا و الجواز کذلک و التفصیل صرحوا بذلک فی باب الرهن و قد منع المصنف فی إجارة الکتاب و المحقق الثانی من إجارته للکافر للنظر فیه و هو الحق إلا أن یشترط علیه أن یکون فی ید المسلم (و أما کتب الحدیث هنا و الفقه) فبعضهم ألحقها بالمصحف الشریف و بعضهم لم یتعرض لها و فی التحریر قرب الکراهیة و لم یرجح شیئا فی المصحف الشریف و عن ابن الجنید أنه قال لا أختار أن یرهن الکافر مصحفا و لا ما یجب علی المسلم تعظیمه و لا صغیرا من الأطفال
(قوله رحمه اللّٰه) (و الأقرب جواز الإیداع له و الإعارة عنده)
قال الشهید فی حواشیه قیل المراد بالإعارة أن یعیر المسلم عبده الذمی و یوضع علی ید مسلم و؟؟؟ الهافی عنده تعود إلی الکافر و قیل إلی المسلم و لا یدل علیه السیاق و فیه جمع بینه و بین ما ذکره فی العاریة من منع عاریته «انتهی» (و قال) فی جامع المقاصد لا یخفی ما فی عود ضمیر عنده إلی المسلم حتی یصیر المعنی إعارة المسلم للکافر عند المسلم من التعسف و ارتکاب حذف لا یدل علیه دلیل و اختلاف مرجع الضمیر و مع ذلک فالسبیل موجود لاستحقاقه الانتفاع بالمسلم علی ذلک التقدیر (و أیضا) فالجمع لا یحصل لأن ما فی العاریة ظاهره المنع مطلقا و لو أنه حمل العبارة علی إعارة المسلم عند الکافر فیکون مرجع الضمیرین هو الکافر و یکون دلیل إرادة کون العاریة للمسلم العدول من له إلی عنده لکان أولی مما تکلفه نظرا إلی حصول الجمع و اتفاق مرجع الضمیر و السلامة من کثرة الحذف و المحافظة علی النکتة فی تغییر له إلی عنده لأن مرجع هذا فی الحقیقة إلی الودیعة عند الکافر (قلت) یبعد هذا الوجه أنه لم یفهمه أحد من العبارة حتی ولده الذی هو أعرف بمراد أبیه و فی بعض حواشی الشهید أنه احترز بقوله عنده من الإعارة له أی للعبد الکافر فإنه جائز قطعا و معناه أنه لو قال له لاحتمل معنیین عاریة العبد المسلم للکافر و الآخر العاریة للعبد الکافر و لو للکافر فیکون ضمیر له للکافر الذی هو العبد المعار فلما قال عنده تعین المعنی الأول و امتنع الثانی و إنما احترز عنه لأنه مقطوع بجوازه و لا یجوز نظمه فی حیز الأقرب (و فیه) ما لا یخفی (و قال فی جامع المقاصد) لا یبعد أن یکون فی عدوله إلی عنده لطیفة و هی الإشارة إلی وجه عدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 180
و لو أسلم عبد الذمی طولب ببیعه أو عتقه و یملک الثمن و الکسب المتجدد قبل بیعه و عتقه (1) فلو باعه من مسلم بثوب ثمّ وجد فی الثمن عیبا جاز له رد الثمن (2) و هل یسترد العبد أو القیمة فیه نظر ینشأ من کون الاسترداد تملیکا للمؤمن اختیارا (3) «متن»
______________________________
الجواز لأن استحقاق الانتفاع هو الاستخدام سبیل ظاهر و لمنافاته لما یفهم من قوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم الإسلام یعلو و لا یعلی علیه أما الإیداع فلا لأنه محض استیمان فهو فی الحقیقة خادم «انتهی» و فی نهایة الإحکام و التذکرة تجوز إعارته و إیداعه إذ لیس ملک رقبة و لا منفعة و لا حق لازم و نحو ذلک ما فی الإیضاح و فی حواشی الشهید الإعارة و الإیداع أقوی منعا یعنی من الارتهان «فلیتأمل» و فی عاریة الکتاب تحرم إعارة العبد المسلم من الکافر و فی المسالک فی إیداعه له وجهان أجودهما الصحة و فی إعارته له قولان أجودهما المنع و فی جامع المقاصد لو کان المسلم جاریة أو صبیا فالذی ینبغی عدم جواز إیداعه إیاه بالاستقلال إذ لا یؤمن علیه
(قوله قدس سره) (و لو أسلم عبد الذمی طولب ببیعه أو عتقه و یملک الثمن و الکسب المتجدد قبل بیعه و عتقه)
إذا أسلم عبد الکافر لم یقر فی یده سواء فی ذلک الذکر و الأنثی بخلاف ما لو أسلمت الزوجة تحت الکافر لأن ملک النکاح لا یقبل النقل فیعتبر البطلان و ملک الیمین یقبله فیؤمر بإزالة ملکه کیفما اتفق ببیع أو عتق أو هبة أو غیرها و قضیة کلامهم کما هو صریح نهایة الإحکام و جامع المقاصد أنه لا یحکم بزوال ملکه عنه و فی الإیضاح أنه یزول ملک السید عنه و یبقی له حق استیفاء ثمنه فی رقبته لا بمعنی أنه یملکه لأن الملک سبیل و هو منفی بعموم الآیة فالبیع بالنسبة إلی الکافر استنقاذ و إلی المشتری کالبیع و فی حواشی الشهید أنه یباع و لا یثبت له خیار المجلس و لا الشرط و فی الدروس أنه تجری فیه أحکام العقد من الخیار و الرد بالعیب فیه أو فی ثمنه المعین فیقهر علی بیعه ثانیا و فی جامع المقاصد أن ما نبه علیه فی الدروس من ثبوت أحکام الخیار اللاحق للعقد بأنواعه هو الوجه و هو المستفاد من حکم المصنف و غیره بجواز رد ثمنه إذا وجد الکافر فیه عیبا فعلی هذا لو کان البیع معاطاة فهی علی حکمها و لو أخرجه عن ملکه بالهبة جرت فیها أحکامها نعم لا یبعد أن یقال للحاکم إلزامه بإسقاط خیار المجلس أو مطالبته بسبب ناقل یمنع الرجوع إذا لم یلزم منه تخسیر مال إذا عرف هذا فلو امتنع من بیعه باعه علیه الحاکم قهرا فلو لم یوجد راغب حیل بینهما بمسلم حتی یوجد الراغب و نفقته علیه و کسبه له إلی حین خروجه عن ملکه کما فی نهایة الإحکام و الدروس و نحوه ما فی التذکرة و جامع المقاصد
(قوله قدس سره) (فلو باعه من مسلم بثوب ثم وجد فی الثمن عیبا جاز له رد الثمن)
کما فی التذکرة و نهایة الإحکام و جامع المقاصد لأن إلزامه بالرضا بالعیب تخسیر هذا إذا کان الثمن معینا أما لو کان فی الذمة فإنه یدفع بدله
(قوله قدس سره) (و هل یسترد العبد أو القیمة فیه نظر ینشأ من کون الاسترداد تملیکا للمؤمن اختیارا)
قد أشار إلی هذا الوجه فی التذکرة و نهایة الإحکام و فی جامع المقاصد لیس هذا الوجه بشی‌ء لأن الثمن المعین إذا رده انفسخ العقد فیعود العبد إلی الکافر لامتناع بقاء ملک بغیر مالک و امتناع کون الثمن و المبیع ملکا للمشتری و فی الإیضاح أن الأقوی أنه یزول ملکه عنه بإسلامه کما قد سمعت جمیع کلامه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 181
و من کون الرد بالعیب موضوعا علی القهر کالإرث (1) فعلی الأول تسترد القیمة کالهالک و علی الثانی یجبره الحاکم علی بیعه ثانیا و کذا البحث لو وجد المشتری به عیبا (2) و بأیّ وجه أزال الملک من البیع و العتق و الهبة حصل الغرض و لا یکفی الرهن و الإجارة (3) و التزویج و لا الکتابة المشروطة أما المطلقة فالأقرب إلحاقها بالبیع (4) لقطع السلطنة عنه و لا یکفی الحیلولة و لو أسلمت أم ولده لم یجبر علی العتق لأنه تخسیر و فی البیع نظر فإن منعناه استکسبت بعد الحیلولة فی ید الغیر (5)
______________________________
(قوله قدس سره) (و من کون الرد بالعیب موضوعا علی القهر کالإرث)
کأنه اعتمد علی هذا الوجه فی التذکرة و فی جامع المقاصد أنه أصح فیجبره الحاکم علی بیعه ثانیا و هو خیرة الدروس (و قال فی نهایة الإحکام) بعد أن علل استرجاع العبد بأن له الاختیار فی الرد و أن عود العوض إلیه قهری کالإرث یشکل بأن الملک القهری هو الذی لا یتعلق سببه بالاختیار و الاختیاری هو الذی یتعلق سببه به أما الملک بعد تمام السبب فهو قوی أبدا و معلوم بأن عود الملک بهذا السبب اختیاری
(قوله قدس سره) (و کذا البحث لو وجد المشتری به عیبا)
یعنی أنه یحتمل المنع فإنه کما لا یجوز للکافر تملک المسلم لا یجوز للمسلم تملیک المسلم إیاه و یحتمل الجواز إذ لا اختیار للکافر هنا و اقتصر فی التذکرة علی نسبة الوجهین للشافعی و لو تقایلا فالوجهان لأن الإقالة فسخ و ینبغی تقیید الهبة باللازمة فی قول المصنف و بأیّ وجه زال الملک من البیع و العتق و الهبة حصل الغرض
(قوله قدس سره) (و لا یکفی الرهن و لا الإجارة)
ربما یقال إنه قد حکم فی الإجارة بالمنع مستندا إلی ثبوت السبیل و قد حکم هنا بأن الإجارة لا تزیل السبیل و الجواب واضح إذ لا تلازم بینهما فإنه لا مانع من أن یثبت للمستأجر سبیل و یبقی للمؤجر أیضا سبیل فبإجارتها و إن استفاد المستأجر سبیلا إلا أنه لم ینف بقاء سبیل الملک
(قوله قدس سره) (أما المطلقة فالأقرب إلحاقها بالبیع)
قد رجع عن هذا فی باب الکتابة و استقرب المنع و هو خیرة الإیضاح و جامع المقاصد لبقاء الرق و ثبوت الحجر علی المکاتب فی تصرفاته و لأنه لو مات قبل أداء المال أخذ مولاه جمیع ماله و حکمنا بأنه مات رقا نعم لو تعقبها الإعتاق بغیر فاصلة لم یبعد صحتها لأنه أعود علی العبد من بیعه و ما قربه هنا قربه أیضا فی التذکرة و احتمله فی نهایة الإحکام بل احتمل ذلک فی المشروطة فإذا قلنا بعدم الاکتفاء بها احتمل فسادها و یباع العبد و یحتمل الصحة (ثم) إن جوزنا بیع المکاتب بیع مکاتبا و إلا فسخت الکتابة و بیع
(قوله قدس سره) (و لو أسلمت أم ولده لم یجبر علی العتق لأنه تخسیر و فی البیع نظر فإن منعناه استکسبت فی ید الغیر)
أما أنه لا یجبر علی العتق فهو خیرة المبسوط و نهایة الإحکام و التذکرة و ظاهر المبسوط الإجماع علیه و قضیة کلام المصنف أنه لو أعتقها یصح عتقه و هو یخالف (بخلاف خ ل) ما أفتی به فی باب العتق من أنه لا یصح عتق الکافر (و قال الشهید) إنه مذهب أکثر أصحابنا إلا الشیخ فی بعض أقواله (و یمکن) أن یحمل قوله هنا علی أن العتق یبنی علی القهر کالبیع (و وجه النظر) فی البیع تعارض مقتضی البیع و سبب تحریمه کما فی الإیضاح و کأنه أراد تعارض عموم بیع مملوک الکافر إذا أسلم للنص
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 182
و هل یباع الطفل بإسلام أبیه الحر أو العبد لغیر مالکه إشکال و إسلام الجد أقوی إشکالا (1)
______________________________
الوارد بذلک و منع إخراج أمهات الأولاد عن الملک أو تعارض عموم نفی السبیل و عموم منع بیع أم الولد و احتمل فی نهایة الإحکام بیعها و أن یجال بینها و بین المالک و ینفق علیها و تتکسب له فی ید الغیر و استحسن الأخیر فی التذکرة و قال فی المختلف إنها تستسعی جمعا بین عموم النهی عن بیع أمهات الأولاد و بقاء السبیل و قال فی الإیضاح الأقوی عندی وجوب دفع القیمة من الزکاة أو من بیت المال و مع عدمها یجب عتقها و نقل عنه فی هامش الإیضاح أنه قال و لا یشترط القربة فی عتق الکافر عبده و فی جامع المقاصد أن الأصح أنه إن أمکن دفع عوضها من الزکاة أو بیت المال و إلا بیعت ترجیحا لجانب نفی السبیل علی المسلم و یبعد استکسابها لما فیه من السبیل المنفی و لإمکان أن لا یفی کسبها فتبقی السلطنة و لو قلنا به فنفقتها من الکافر لا من کسبها انتهی (قلت) قد ذهب الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس فی السرائر و الشهیدان إلی أنها تباع من أول الأمر قال فی المبسوط إذا کان لذمی أم ولد منه و أسلمت فإنها لا تعتق علیه و تباع علیه عندنا فظاهره الإجماع و عدم التقیید بما قید به فی الإیضاح و جامع المقاصد و فی المختلف أن الذی اختاره فی المبسوط هو الذی تقتضیه أصول مذهبنا (ثم قال) و الوجه عندی أنها تستسعی إلی آخر ما نقلناه عنه آنفا (و یؤید) ما فی المبسوط أن السبیل معلوم و العتق موهوم (فإن قلت) دوام السبیل لیس بمعلوم فاستویا (قلت) مجرد السبیل کاف و لئن سلم إرادة الدوام فهو مظنون بالاستصحاب و المظنون أقوی من الموهوم «فلیتأمل» (و قال الشیخ فی الخلاف) إنها لا تقر فی یده و لا یمکن من وطئها و استخدامها و تکون عند امرأة مسلمة و یؤمر بالإنفاق علیها ما دام ولدها باقیا فإذا مات ولدها قومت علیه و أعطی ثمنها و إن مات هو قومت علی ولدها و أعطی ثمنها (و استدل) بإجماع الفرقة علی أن المملوک إذا أسلم فی ید کافر قوم علیه و هذه قد ولدت فلا یمکن تقویمها ما دام ولدها باقیا فأخرنا تقویمها إلی بعد موت واحد منهما «انتهی» و قال فی المختلف قوله فی الخلاف مذهب بعض أهل الخلاف اختاره
(قوله قدس سره) (و هل یباع الطفل بإسلام أبیه الحر أو العبد لغیر مالکه إشکال و إسلام الجد أقوی إشکالا)
أما الإشکال فی تبعیته للأب فمن عموم تبعیة الأب فی الإسلام و من انقطاع ولایة الأب عن الطفل المملوک و کون التبعیة علی خلاف الأصل و الأصح کما فی جامع المقاصد أنه یباع لعموم نفی السبیل و ثبوت أحکام الإسلام و لهذا یأمره الولی بالعبادات للسبع أو العشر و فی حواشی الشهیدان المنقول أنه یباع بإسلام أبیه مطلقا و بإسلام الجد إن کان الأب باقیا علی الکفر و احتمل فی الإیضاح الإجبار علی البیع لأن الولد صار مسلما لقوله علیه السلام کل مولود بولد علی الفطرة و إنما أبواه یهودانه و ینصرانه و یمجسانه حصر سبب کفر الولد فی کفر أبویه لأن إنما تفید الحصر فهذا الولد إنما یکون تابعا لأبویه فی الإسلام و الکفر أولا و أیا ما کان ثبت المطلوب لانتفاء السبب فی الأول و انتفاء السببیة فی الثانی و بقاء الملک سبیل قطعا و هو منفی بالآیة فیجبر علی البیع (ثم) احتمل العدم لأن الألفاظ إنما تحمل علی الحقیقة عند الإطلاق و النص إنما ورد علی بیع عبد الکافر إذا أسلم و التابع فی الإسلام لیس مسلما بل إنما تجری علیه أحکام المسلمین و المسلم حقیقة إنما هو المباشر للإسلام (لقوله تعالی) (- إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذٰا کٰانُوا مَعَهُ عَلیٰ أَمْرٍ جٰامِعٍ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 183
و لیس للملوک أن یبیع أو یشتری إلا بإذن مولاه فإن وکله غیره فی شراء نفسه من مولاه صح علی رأی (1)
______________________________
الآیة-) و هو إنما یصدق فی المباشر و إنما للحصر و لأصالة بقاء الملک «انتهی» و قد علمت الوجه فی الإجبار علی البیع و الجار فی قوله لغیر مالکه إن علق بقوله یباع کان الجار و المجرور و المضاف إلیه ضائعا مستغن عنه و إن علق علی أنه حال من العبد أو صفة له فهم أنه إذا کان العبد لمالک الولد لا یکون الحکم کذلک (و لیس) بجید کذا فی جامع المقاصد (و أما) قوة الإشکال فی الجد فلأن الأب لقربه ربما کانت تبعیّته أرجح من الجد لبعده فإذا ثبت الإشکال فیه فهنا أقوی و فی جامع المقاصد نفی البعد عن تبعة له لعموم تبعیة أشرف الطرفین و لأن الإسلام مبنی علی التغلیب (قال) و لا فرق بین أن یکون الأب موجودا کافرا أو میتا و قد سمعت ما فی حواشی الشهید من أنه یباع بإسلام الجد إن کان الأب باقیا علی الکفر (قال) فلو مات الأب أو الجد و لم یخلف وارثا إلا هذا الطفل اشتری من ماله لیرثه و المصنف فی باب اللقطة ذهب إلی أن الولد یتبع جده فی الإسلام و إن کان أبوه کافرا و فی الإیضاح و أما کون الإشکال فی إسلام الجد أقوی فلوجود الإشکال فی تبعیته حال حریتهما «1» فی الإسلام فمع افتراقهما فی الملک یکون أقوی إشکالا (قلت) هذا الکلام لیس بواضح فتأمله (قال) و لاستلزام القول بعدم إجباره مع إسلام الأب القول بعدم إجباره فی إسلام الجد لأن تبعیته للجد أضعف و مع القول بإجباره مع إسلام الأب ففی إجباره مع إسلام الجد مع وجود الأب إشکال لأن فی تبعیته للجد مع وجود الأب إشکالا و من حیث إنه أشرف الطرفین أعنی طرف الأبوة و من حیث استلزام ترجیح المجاز علی الحقیقة مع انتفاء القرینة و لاستلزامه استعمال اللفظ المطلق الخالی عن القرینة فی مجموع الحقیقة و المجاز
(قوله قدس سره) (فإن وکله غیره فی شراء نفسه من مولاه صح علی رأی)
قال فی المختلف فی باب الوکالة قال الشیخ فی المبسوط إذا وکل رجل عبدا فی شراء نفسه من سیده (قیل) فیه وجهان (أحدهما) یصح کما لو وکله فی شراء عبد آخر بإذن سیده (و الثانی) لا یصح لأن ید العبد کید السید و إیجابه و قبوله بإذنه بمنزلة إیجاب سیده و قبوله فإذا کان کذلک و أوجب له سیده و قبله هو صار کان السید هو الموجب القابل للبیع و ذلک لا یصح فکذلک هنا (قال) و الأول أقوی (و قال) ابن البراج الأقوی عندی أنه لا یصح إلا أن یأذن له سیده فی ذلک فإن لم یأذن له فیه لم یصح و الحق ما قواه الشیخ لأن بیع مولاه رضا منه بالتوکیل (انتهی) ما فی المختلف و قد نقل ذلک فی الإیضاح (و قال فی الدروس) لو اشتری نفسه لغیره صح و إن لم یتقدم إذن السید و کذا لو باع نفسه بإذن السید و فی وکالة الکتاب و یصح أن یکون الوکیل فاسقا فی إیجاب النکاح أو کافرا أو عبدا بإذن مولاه و إن کان فی شراء نفسه من مولاه و نحوه ما فی الشرائع و الإرشاد و جامع المقاصد و فی حواشی الشهید أنه المنقول و هذا منهم بناء علی ما أشار إلیه فی المختلف من أن خطابه له بالبیع و إیقاع العقد معه کاف فی الإذن و لا یحتاج إلی الإذن سابقا (و قد یقال) علیه إنه ینبغی ثبوت الوکالة قبل إیقاع العقد إلا أن یناقش فی القبلیة و یقال بأنه تکفی المعیة بحیث لا یقع جزءا من العقد قبل الوکالة علی أنه قد یدعی سبق الإذن حینئذ لأن خطابه معه بأن یبیعه من موکله یدل علی تجویز
______________________________
(1) الضمیر راجع للأب و الجد (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 184
و یشترط کون البائع مالکا أو ولیا عنه کالأب و الجد له أو الحاکم و أمینه و الوصی أو وکیلا (1) فبیع الفضولی موقوف علی الإجازة علی رأی (2)
______________________________
الوکالة و العلم به سابقا و الرضا به إلا أن یقال لا بد من التصریح حتی یعلم العبد الذی هو وکیل و ذلک غیر معلوم (فلیتأمل) (و قال) فیه قیل إن قوله من مولاه لغو (قلنا) بل فیه فائدة و هی التنبیه علی أن إیجابه معه یستلزم الإذن بخلاف أمر غیر المولی کالوکیل الحاضر و أمین الحاکم و نحوه ما فی جامع المقاصد (و فیه أیضا) أن تفریع هذا الحکم علی منع المملوک من البیع و الشراء بدون إذن مولاه غیر ظاهر فإن المتفرع علیه عدم الصحة لو وکله بدون الإذن لا ما ذکره و کأنه فرعه علیه باعتبار ما دل علیه الاستثناء أعنی جوازه بالإذن فإنه إذا وکله علی الوجه المذکور و باعه المولی نفسه کان ذلک جاریا مجری الإذن فیصح لکن قوله علی رأی لا یناسب من جهة الإذن و عدمه انتهی (قلت) لعله أشار إلی خلاف القاضی فإنه علی ما سمعت عنه بناه علی عدم الإذن (فلیتأمل) و لعله أراد فی جامع المقاصد أنه یناسب من جهة أن السید یصیر کالقابل الموجب کما فی أحد وجهی المبسوط (فتأمل)
(قوله رحمه اللّٰه) (و یشترط کون البائع مالکا أو ولیا عنه کالأب و الجد و الحاکم و أمینه و الوصی أو وکیلا)
اشتراط کون البائع أحد هذه السبعة مما طفحت به عبارات الأصحاب کالشیخ و الطوسی و أبی المکارم و الحلی و من تأخر عنهم إلا من شذ و الأشهر الأظهر بین الطائفة کما فی الریاض مع زیادة العدول من المؤمنین مع فقد هؤلاء حسبة فإنه إحسان محض مع دعاء الضرورة إلیه فی بعض الأحیان و فیه أخبار معتبرة فخلاف الحلی کما حکی غیر معتبر و زاد جماعة المقاص و به صرح فی الدروس فی المقام و فی مجمع البرهان لا خلاف و لا نزاع فی جواز البیع و الشراء و سائر التصرفات للأطفال و المجانین المتصل جنونهم و سفههم بالبلوغ من الأب و الجد للأب کالأم و من وصی أحدهما مع عدمهما ثم من الحاکم أو الذی یعینه لهم و کذا لمن حصل له جنون أو سفه بعد البلوغ فإن أمره أیضا إلی الحاکم إذ قد انقطعت ولایتهم بالبلوغ و الرشد و لا دلیل علی العود فهم کالمعدوم فیکون للحاکم کما فی غیرهما (فتأمل) (انتهی) و الظاهر أنه إنما تأمل فی الأخیر و قد صرح به الجم الغفیر فی المقام و الحجر و أما عدم الولایة لجد الأم فهو الأشهر الأقوی و الوصی مقدم علی الحاکم و أمینه بلا إشکال عندهم و فی الریاض بعد ذکر السبعة قال لا خلاف فی ثبوت الولایة لهؤلاء بل الظاهر الإجماع علیه و هو الحجة کالأخبار المعتبرة و فی تعلیق الإرشاد هل تکون ولایة الجد هنا أقوی حتی لو باعا معا یقدم بیع الجد لا أعلم تصریحا بذلک لکن کلامهم فی باب الأنکحة یقتضیه و تمام الکلام مستوفی فی باب الحجر (و اعلم) أن هذه الشرائط المتقدمة ما عدا الملکیة و الکراهة شرائط الصحة بلا خلاف فی ذلک و فی المختلف شرط لزوم البیع الملک أو ما یقوم مقامه بالإجماع و قد تقدم الکلام فی المکره
(قوله قدس سره) (فبیع الفضولی موقوف علی علی الإجازة علی رأی)
کان التفریع غیر جید و قد أشار إلی ذلک فی جامع المقاصد و قد وقع عین ذلک للمحقق فی الشرائع و النافع و غیره و الأمر فیه سهل و القول بصحته و توقفه علی الإجازة قول الأکثر کما فی المسالک و المفاتیح و هو المشهور کما فی مجمع البرهان و الکفایة بل کاد یکون إجماعا کما فی الحدائق و أشهر القولین کما فی الروضة و إیضاح النافع و الأشهر بین المتأخرین بل مطلقا کما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 185
..........
______________________________
الریاض و قد نسبه فی الخلاف إلی قوم من أصحابنا و ظاهر التذکرة فی موضع منها الإجماع علیه حیث قال إنه جائز عندنا لکن یکون موقوفا علی الإجازة و قد تظهر دعوی الإجماع من جامع المقاصد فی باب الوکالة و هو المنقول عن الکاتب أبی علی و خیرة المقنعة و النهایة و الوسیلة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و کتب المصنف مما تعرض له فیه و حواشی الشهید و مسائله و الدروس و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و الروضة و المسالک و غیرها کحواشی الروضة و غیرها و کأنه قال به فی المفاتیح و هو صریح وکالة الإیضاح و ظاهر وکالة المبسوط أو صریحه و قد یظهر ذلک هناک من الخلاف و لم یرجح شیئا فخر الإسلام فی شرح الإرشاد و لا أبو العباس فی المقتصر لأن عادته فیه الترجیح بخلاف المهذب و لا صاحب تخلیص التلخیص و سیأتی فیما إذا باع ما یملک و ما لا یملک ما له نفع تام فی المقام و ظاهر التذکرة هناک الإجماع (و قال فی المبسوط) من باع ما لا یملک کان البیع باطلا «انتهی» و هذه لیست بتلک المکانة من الظهور لأنه یمکن تأویلها بما ستسمع و نحوها ما فی المراسم حیث شرط أن یکون ملک البائع أو ملک موکله و فی کشف الرموز أنه یلوح من التقی و سلار و قد نسبه جماعة إلی ابن إدریس و الموجود فی السرائر إذا باع الإنسان ملکا لغیره و المالک حاضر فسکت و لم یطالب و لا أنکر ذلک لم یکن فی ذلک دلالة علی إجازته البیع و وکالته و لا دلیل علی أنه لیس المبیع ملکا له و کذا إن صالح علیه مصالح و هو ساکت لم یمض الصلح علیه و کان له المطالبة به و انتزاعه «انتهی» و هو کما تری (ثم) إنی عثرت علی ما نقلوه عنه مصرحا به فی السرائر و عبارتا الخلاف و الغنیة صریحتان فی البطلان و دعوی الإجماع علیه (قال) فی الخلاف إذا باع إنسان ملک غیره بغیر إذنه کان البیع باطلا و به قال الشافعی (و قال) أبو حنیفة ینعقد البیع و یقف علی إجازة صاحبه و به قال قوم من أصحابنا (دلیلنا) إجماع الفرقة و من خالف لا یعتد بقوله و لأنه لا خلاف أنه ممنوع من التصرف فی ملک غیره و البیع تصرف و نحوه فی الصراحة ما فی الغنیة و البطلان خیرة الإیضاح و الحدائق و ظاهر مجمع البرهان و قد یظهر ذلک من الوسائل و نقله فی التنقیح عن شیخه السعید و الظاهر أنه أراد فخر المحققین و لعله أراد الشهید لمکان قوله السعید و قد عرفت کلامه فی کتبه و حواشیه و مسائله فلعله کان ذلک مذهبا له ثم عدل عنه و قد نقل ذلک عن الأمیر محمد باقر الداماد فی جمیع العقود کفخر المحققین و المحل الذی یلوح منه البطلان من عبارة أبی الصلاح لعله قوله بعد تعریف البیع بأنه عقد یقتضی استحقاق التصرف فی المبیع و تفتقر صحته إلی شروط ثمانیة صحة الولایة فی المبیعین (إلی أن قال) و اعتبرنا صحة الولایة لتأثیر حصولها بثبوت الملک أو الإذن و صحة الرأی فی صحة العقد و عدم ذلک فی فساده (ثم قال) فی موضع آخر و من ابتاع غصبا یعلمه کذلک فعلیه رده إلی المالک و لا درک له علی الغاصب و إن لم یعلمه فللمالک انتزاعه منه و یرجع بالدرک علی من باع (انتهی فتأمل) فیه جیدا فإنی لم أجد فیه ظهورا یعتد به حتی ینقل عنه (احتج المانعون) بالأصل و الإجماع و أنه تصرف فی ملک الغیر و أنه غیر قادر علی التسلیم و أخبار عامیة هی بین ناهیة عن بیع ما لیس عنده و نافیة للبیع عما لا یملک فکان هذا البیع فاقدا للشرط و السبب (أما السبب) فلأن جواز التصرف فی العقود معلول للملک و هو سبب و علة له (و أما الشرط) فلعدم القدرة علی التسلیم (و استدل) صاحب الحدائق علی المنع بعدة أخبار ادعی أنها صریحة الدلالة علی ذلک (و فی الجمیع نظر) أما الأصل فمقطوع بما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 186
..........
______________________________
ستسمعه و أما الإجماع فیوهنه عدم وجود القائل به غیر مدعیه و من شذ ممن تأخر عن الشیخ مع مخالفة الشیخ له فی النهایة و نسبة الخلاف فی الخلاف إلی قوم من أصحابنا و قد عرفت من ذهب إلی الصحة ممن تقدم علی الشیخ فینبغی تأویله إن أمکن أو طرحه (و أما) دعوی التصرف فممنوعة لأن البیع بمجرده مع کون المال عند صاحبه و أن أمره موکول إلیه إن شاء أجاز و إن شاء لم یجز لا یسمی تصرفا فعلی هذا یکون بیع الغاصب تصرفا لأنه لم یجعل الأمر إلی رب المال و کذا کل صیغة یقصد بها النقل علی سبیل البت و لهذا یعدون البیع و لو کان فاسدا فی زمن الخیار تصرفا و لو نذر أن لا یتصرف فی هذا المال ثم باعه (قلنا) إنه خالف النذر و کلامهم فی باب الرهن أنه لا یجوز للراهن التصرف فی الرهن ببیع أو وقف إلی آخره قد یعطی أن مجرد البیع مع کون المال عند المرتهن تصرف و هو یشهد بما قلناه (فتأمل) و ربما أجیب بأن التصرف الممنوع هو ما إذا کان بغیر إذن و الإذن هنا موجودة و هی الإجازة القائمة مقامه فلا فرق بین الإذن قبل البیع و بعده (و قد یورد) علی ظاهره أن التصرف قبل الإذن غصبی و بعدها شرعی و لو کانا من سنخ واحد لما ترتب علی الأول ضمان و لا إثم و لجاز التصرف فی مال الغیر بأنواع التصرفات بناء علی الإذن المتأخرة فإن أذن المالک و إلا أغرم له أجرة ذلک أو قیمته فتکون تلک التصرفات شرعیة و هو باطل بالضرورة (و فیه) نظر ظاهر إلا أن یقول إن عقد الفضولی حرام کما یعطیه ما ستسمعه عن التذکرة و ما نقله الحسن بن أبی طالب ابن أبی المجد الیوسفی الآبی عن شیخه و القدرة علی التسلیم حاصلة (ممکنة خ ل) إذا أجاز المالک لأنه هو المخاطب بالإیفاء و التسلیم و هو قادر علی ذلک و لیس الفضولی إلا کالوکیل علی إیقاع الصیغة لا یترقب منه إیفاء و لا تسلیم (و أما) الأخبار العامیة علی ضعفها فغیر واضحة الدلالة (أما الأول) فلاحتماله المنع عن بیع غیر المقدور علی تسلیمه کبیع الطیر فی الهواء و الآبق و ربما قیل بانتقاضه یبیع الوکیل و قد حمله فی التذکرة علی ما إذا باع عن نفسه و یمضی فیشتریه عن مالکه لأنه علیه السلام ذکره جوابا لحکیم بن حزام حین سأله عن أن یبیع الشی‌ء و یمضی فیشتریه و یسلمه و قال إن هذا البیع غیر جائز و لا نعلم فیه خلافا للنهی المذکور و للغرر لأن صاحبها قد لا یبیعها (و فیه) أن هذا جار فیما نحن فیه علی أن فی أخبارنا ما یعارض هذا الخبر معربا عن کون المنع مذهبا للعامة ففی الصحیح کما قیل عمن باع ما لیس عنده قال لا بأس (قلت) إن من عندنا یفسده (قال) و لم (قلت) باع ما لیس عنده قال ما یقول فی السلف قد باع صاحبه ما لیس عنده «فتأمل» و أما الثانی فقد وقع فی أخبارنا ما یوافقه کتوقیع أبی الحسن العسکری علیه السلام فی صحیحة الصفار حیث سأله بما مضمونه عن رجل باع قریة و إنما له بعض هذه القریة فهل یصلح للمشتری ذلک فوقع علیه السلام لا یجوز بیع ما لیس یملک و قد وجب الشراء من البائع علی ما یملک (و قول أبی الحسن الأول علیه السلام) فی صحیحة محمد بن القسم بن فضیل عن رجل اشتری من امرأة من آل فلان بعض قطائعهم و کتب علیه کتابا بأنها قد قبضت المال و لم تقبضه أ یعطیها أم یمنعها قل (قال خ ل) له یمنعها أشد المنع فإنها باعت ما لا تملکه (و قول أبی جعفر علیه السلام) فی صحیح محمد بن مسلم قال فیه سأله رجل من أهل النیل عن أرض شراها بفم النیل و أهل الأرض یقولون هی أرضهم و أهل الأستان یقولون هی أرضنا لا تشترها إلا برضا أهلها و کموثقة سماعة الناهیة عن شراء الخیانة و السرقة إذا عرف أنه کذلک (و نحوها) خبر أبی بصیر و خراج المدائنی و الحسین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 187
..........
______________________________
ابن زید و خبر قرب الإسناد و ما رواه فی الاحتجاج مما خرج من الناحیة المقدسة فی توقیعات محمد بن عبد اللّٰه الحمیری فی السؤال عن ضیعة السلطان فیها حصة مغصوبة فهل یجوز شراؤها من السلطان أم لا فأجاب علیه السلام لا یجوز ابتیاعها إلا من مالکها (و الجواب) عن خصوص الخبر العامی باحتمال أن یراد بما لا یملک ما لا یصح تملکه و احتمال ما ذکره فی التذکرة فی الأول و احتمال رجوع النفی إلی اللزوم لمکان التعرض و إن کان نفی الصحة أقرب إلی الحقیقة (و قد یقال) فی ترجیحه علی نفی الصحة بلزوم بطلان بیع الوکیل و الوصی و الولی (و فیه) أنه یمکن أن یقال إن المراد بالمملوک ما هو أعمّ من مملوک العین أو التصرف و هو مستعمل فی کلامهم کثیرا و هذه الاحتمالات یبعد احتمالها فی أخبارنا الموافقة له فالجواب عنها و عنه أیضا بحملها علی ما إذا کان البیع لنفسه لا للمالک کما صنع شیخنا فی الریاض قال و لا کلام فیها حینئذ و صرح به جماعة من أصحابنا (و فیه) أنه علی هذا یلزم أن لا یکون بیع الغاصب من قبیل بیع الفضولی مع أن الأکثر کما فی الإیضاح علی أنه من أفراده و به صرح فی التذکرة و المختلف و نهایة الإحکام و الدروس و حواشی الشهید و التنقیح و جامع المقاصد و غیرها علی أن أدلة الفضولی تشمله کما ستسمع فالأقعد فی الجواب أن تحمل علی ما إذا علم المشتری بالغصبیة کما تضمنته سؤالاتها و الظاهر من السوق و المقام قصرها علیه مضافا إلی ما مر من أدلة الفضولی فیتعین هذا الحمل جمعا بین الأدلة و الفرق بین علم المشتری و جهله أن البیع إنما یتحقق مع الجهل بالغصبیة لیقع العقد شبیها بالصحیح و یقع فی ملک البائع فینتقل منه إلی المالک أما مع علمه فلا یقع العقد صحیحا بوجه فلا یستحق البائع الثمن حتی یستحقه المالک کذا وجد بخط المصنف علی نسخة بعض تلامذته نقله الشهید فی حواشیه (و قد یوجه أیضا) بأنه مع علم المشتری یکون مسلطا للبائع الغاصب علی الثمن و لهذا لو تلف لم یکن له الرجوع علیه و لو بقی ففیه الوجهان فلا یدخل فی ملک رب العین و تظهر الفائدة أیضا فی تتبع العقود فحینئذ إذا اشتری به البائع متاعا فقد اشتراه لنفسه فأتلفه عند الدفع إلی البائع فیتحقق ملکه للمبیع فلا یتصور نفوذ الإجازة هنا لصیرورته ملکا (و تمام الکلام) عند تعرض المصنف لمسألة ما ذا تتبع العقود (فإن قلت) من جعل بیع الغاصب من أقسام الفضولی لا یفرق بین صورة الجهل و عدمها و عموم أدلة الفضولی تشمل القسمین (قلت) قد فرق بینهما المصنف فی المختلف و ولده فی الإیضاح و الشهید فی حواشیه و قطب الدین علی ما نقل عنه و هو قضیة کلام الأصحاب حیث جوزوا للغاصب التصرف فی الثمن کما ستسمع ذلک کله (ثم) إن الأخبار حجة علی المخالف إلا أن یتأولها و یقول إنما تکون لها دلالة لو منعت عن الصحة بعد الإجازة من المالک و لیس فیها إشارة إلی ذلک بل ظاهرها عدم ذلک لعدم معرفة صاحبها بها و عدم إعلام المشتری العالم بالغصب له «فتأمل» و المصرح بعدم الفرق إنما هو الشهید فی الدروس و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و المصنف فی الکتاب و نهایة الإحکام مستشکل کما سنبین الحال فی ذلک علی أن الشهید فی حواشیه قصر الصحة علی صورة الجهل کما عرفت فینحصر الخلاف من المحقق الثانی و علی هذا یکون عقد الغاصب حراما و لا کذلک غیره من عقود الفضولی لکن قضیة جوابه فی التذکرة عن روایة حکیم بن حزام التی فیها لا تبع ما لیس عندک بأن النهی لا یدل علی الفساد أن عقد غیر الغاصب أیضا حرام و هو لا یحسن فی روایة البارقی و الحرمة فی غیر الغاصب أیضا قضیة ما اختاره صاحب کشف الرموز و نقله عن شیخه المحقق (قال فیه) البحث فی المسألة یبتنی علی اقتضاء النهی الفساد و عدمه فمن قال بالأول یلزمه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 188
..........
______________________________
القول بالبطلان إلا أن یقول إن عقد البیع لا یلزم فیه لفظ مخصوص بل کل ما یدل علی الانتقال فلو لم یلتزم هذا القول تکون إجازة المالک بمثابة عقد ثانی ثم نقل عن شیخه أن النهی فی المعاملة لا یقتضی الفساد و أن لیس للمبیع لفظ مخصوص و أن الشیخین یخالفان فی المسألتین و أنه هو موافق لشیخه فیهما و من العجیب احتفاله و غیره بهذین الخبرین العامیین الذین قد عرفت دلالتهما و قضیة کلامه فی الکتاب المذکور أن الإجازة بیع فکأنه قول ثالث کما ستسمع و یمکن أن یقال لا شی‌ء من عقد الفضولی بحرام حتی عقد الغاصب لأن الصیغة لیست تصرفا و المحرم علی الغاصب استیلاؤه لا لفظه بالصیغة (و قد یشهد علی ذلک) أنهم جوزوا بیع المحجور علیه لفلس بعض أعیان المال من دون إذن الغرماء إذا وفی غیره بمال الدیان و کذلک الراهن إذا باع الرهن الذی عند المرتهن من دون إذنه (فلیلحظ ذلک) و لیعلم أنه قد حقق فی فنه أن النهی فی المعاملة یقتضی الفساد إذا توجه النهی إلی نفس المعاملة کالنهی عن التحلیل فی النکاح و الکنایات فی الطلاق أو إلی جزئها أو إلی وصفها اللازم کالنهی عن بیع الملامسة و المنابذة (أما) إذا توجه إلی وصف مفارق منهی عنه فیها کالنهی عن الغش و نحوه فالظاهر الفساد أیضا (و أما) إذا توجه إلی أمر مقارن مفارق کزمان أو هیئة مخصوصة أو نحو ذلک من الأمور الخارجة فلا فساد و الأصحاب حیث یقولون یدل علی الفساد ینزل کلامهم علی ما عدا الأخیر و حیث یقولون لا یدل یحمل علی الأخیر (و ربما) جمع بوجه آخر ذکره الأستاذ قدس سره فی فوائده الحائریة و لم تثبت عندنا صحته (و ربما) قیل بعدم إمکان الجمع فلیلحظ ما نهی عنه فی المقام هل هو من الأخیر أو مما عداه عند من اختار الجمع بالوجه الأول (و أما أخبار الحدائق) التی ادعی وضوح دلالتها و تعجب من الأصحاب کیف لم یستدلوا بها فهی التی تقدم ذکرها و بیان حالها (حجة) القائلین بالصحة أن عقد الفضولی ثابت فی النکاح بالإجماع کما حکاه علم الهدی فی الحر و العبد و أبو عبد اللّٰه بن إدریس العجلی فی الحر خاصة و حکاه الشیخ فی الخلاف فی العبد خاصة و الأخبار المستفیضة المعتبرة و ثبوته فیه مع کمال احتیاطهم فیه کما یستفاد من کلماتهم و روایاتهم یقتضی ثبوته هنا بطریق أولی (و بمثل هذه الفحوی) استدل جماعة کثیرون فی مقامات کثیرة (و قیاس) الأولویة و إن لم یکن من دلالة اللفظ حجة عند الأکثر کما یستفاد ذلک من فروعهم من مقامات لا تحصی و هذا الدلیل یشمل بیع الغاصب لأن من جملة أدلة صحة عقد الفضولی فی النکاح الذی انعقد عنها إجماع السید و الشیخ علی الظاهر خبر نکاح العبد بدون إذن سیده و من المعلوم أن العبد إنما عقد لنفسه إلا أن تقول إنه مترقب للإذن و لا کذلک الغاصب و فیه نظر واضح علی أن من أدلته ما لا یترقب فیه إذن فراجع و تأمل و إنه عقد مشتمل علی إیجاب و قبول صدر من أهله فی محله لأنه قد صدر من بالغ عاقل مختار و من جمع هذه الصفات کان أهلا للإیقاعات و قد وقع علی عین یصح تملکها و ینتفع بها و تقبل النقل من مالک إلی آخر فیکون صحیحا و بالإجازة یصیر لازما لعموم الأمر بالوفاء بالعقد فکانت الآیة الکریمة دالة علی وجوب الوفاء بالمعاملة علی من وقعت علی ملکه مع رضاه بها سواء کان مباشرا للعقد أو لا لمکان استدلال العلماء بها قدیما و حدیثا من دون خلاف بینهم فی ذلک أصلا و استنادهم إلیها فی محل النزاع و الوفاق کما تقدم بیان ذلک فی بیع المکره و غیره فکانت عامة شاملة لما نحن فیه (و دعوی) اشتراط المباشرة فی خصوصها (تقیید) لها من دون دلیل کدعوی اشتراط مقارنة القصد للعقد فی المکره مع ثبوت عدم الاشتراط هنا فی الجملة إذ صحة المعاملة غیر منحصرة فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 189
..........
______________________________
صدورها عن المالک لمکان ثبوت الولایة لجماعة غیر المالک کالوکیل و نحوه و المأمور بالوفاء بالمعاملة فی الوکالة إنما هو المالک لمکان رضاه بوقوع العقد فی ملکه و ما نحن (فیه) من هذا القبیل و لا فرق بین تقدم الولایة کالوکالة و تأخرها کما هنا و هذا الدلیل یشمل أیضا بیع الغاصب (هذا) کله مضافا إلی خبر البارقی العامی المشهور المجبور ضعفه کقصور دلالته إن کان بالشهرة المعلومة و المنقولة المعتضدة بالأصول الدافعة للاحتمالات التی نوقش بها فی الدلالة و قد استوفینا الکلام فی الخبر فی باب الوکالة و أسبغناه و أشبعناه عند قوله و لو قال اشتر شاة بدینار فاشتری شاتین (و فی الخبر الصحیح) فی طریق الموثق فی آخر قضی علی علیه السلام فی ولیدة باعها ابن سیدها و أبوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاما ثم قدم سیدها الآخر فقال هذه ولیدتی باعها ابنی بغیر إذنی فقال خذ ولیدتک و ابنها فناشده المشتری فقال خذ ابنه یعنی ابن الذی باعک الولیدة حتی یرد ابنک قال أبوه أرسل ابنی قال لا و اللّٰه لا أرسل ابنک حتی ترسل ابنی فلما رأی ذلک سید الولیدة أجاز بیع ابنه و هو ظاهر الدلالة علی ما نحن فیه و لیس فیه إلا ما عساه یظهر منه من رد الأب بیع الابن أولا فلا تنفع الإجازة بعده عند القائل بصحة الفضولی (و یدفع) بأن أقصاه أنه ظاهر فی عدم الرضا و هو غیر صریح بل و لا ظاهر فی الرد لاحتمال کونه للتردد و هو غیر مستلزم له (فتأمل) جیدا و هذا الخبر قد یشهد علی صحة بیع الغاصب أیضا و ستسمع عن الشهید أن الرد لا یتحقق إلا بقوله فسخت و نحوه و أما نحو قوله لم أجز و لا أرضی فإن له الإجازة بعده و لیعلم أنه لا فرق فی ذلک بین البیع و الشراء کما صرح به جماعة منهم المصنف فی نهایة الإحکام و أشار إلیه فی التذکرة و الشهید فی مسائله المدونة و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و إن کانت المسألة مفروضة فی البیع کالروایة (و اعلم) أنه یجری فی سائر العقود لأنه إذا ثبت فی النکاح و البیع ثبت فی جمیع العقود إذ لا قائل باختصاص الحکم بهما کما فی الروضة ذکر ذلک فی کتاب النکاح (نعم) قیل باختصاصه بالنکاح و قیل ببطلانه فی النکاح و غیره و الإجازة کاشفة عن صحة العقد کما هو ظاهر جماعة و صریح الدروس و حواشی الکتاب و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و الریاض و فی الأخیر أنه الأشهر و فی مجمع البرهان أنه مذهب الأکثر و فی التنقیح لو کانت الإجازة ناقلة لزم وقوع البیع بالکنایة (و فیه نظر) یعلم وجهه مما یأتی من أن القائل بالنقل لا یقول إنها بیع و اختار صاحب مجمع البرهان أنها ناقلة و هو الظاهر من الفخر فی الإیضاح و قد نقله عنه الشهید فی حواشی الکتاب ثم إنی وجدته قد صرح به فی موضع آخر و إلیه مال صاحب کشف اللثام فی باب النکاح و لم یرجح شیئا المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و استشکل فیه المصنف فیما یأتی من الکتاب و کذا صاحب الکفایة و قد سمعت ما فی کشف الرموز عن شیخه فکأنه قول ثالث (احتج) الأولون بأن السبب الناقل للملک هو العقد المشروط بشرائط و کلها کانت حاصلة إلا رضا المالک فإذا حصل الشرط عمل السبب التام عمله لعموم الأمر بالوفاء بالعقود فلو توقف العقد علی أمر آخر لزم أن لا یکون الوفاء بالعقد خاصة بل هو مع الأمر الآخر (و فیه نظر) لأن الشرط ما یتوقف علیه تأثیر المؤثر و إن لم یکن جزء سبب (و الفرق) بینهما غیر واضح و ما ذکروه من أن العقد سبب تام بمقتضی الآیة فمع الإجازة مسلم و یتوقف تأثیره علیها من حینها کما هو قاعدة الشرط و مع عدمها ظاهر بطلانه (و قد اعترفوا) باشتراطها علی أنا قد نقول إن المفهوم من قوله عز و جل إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ و کذا الأخبار و الإجماع أن رضا صاحب المال جزء سبب فلا یصح العقد بدونه و أنه إذا لم یکن الرضا جزءا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 190
..........
______________________________
لزم العلم بالصحة بدون الرضا لأنه لا ریب فی أنه لیس هناک جزء آخر غیر الإیجاب و القبول کما أنه لیس هناک أیضا شرط آخر فإذا حصل جمیع ما یتوقف علیه فلو لم یکن الرضا جزءا لزم صحته بدونه ثم علی تقدیر عدم الرضا لا ریب فی فساد العقد و فساده إما لأنه عدم منه شی‌ء له دخل فی صحته أو لم یعدم منه شی‌ء أصلا أو عدم منه ما لا مدخلیة له أصلا و الثانی بقسمیه باطل قطعا لأنه یلزم أن نحکم بفساد العقد مع وجود جمیع ما یتوقف علیه و علی الأول لیس هو إلا الرضا فلا یکون العقد صحیحا قبله (و بتقریر آخر) إن لم یتوقف علی أمر آخر لزم القول بالصحة بالفعل قبل وجود الرضا و إن توقف علی أمر آخر إلی حین الرضا لزم عدم کونه کاشفا (و یمکن أن یجاب) بأن یقال إن العقد سبب تام مع الإجازة و إن تأخرت عنه فعلا فهو مراعی لا موقوف فإن حصلت کشفت عن تأثیره من حین وقوعه لتقدمه و تعلق مقتضاها به إذ المالک إنما رضی بانتقال ملکه عنه من وقت العقد فحینئذ هی شرط للعلم بالوقوع و التأثیر لا شرط للنقل فلذا قلنا إنها کاشفة و العقد مع عدم ظهورها موقوف لا نعلم سببیته و لا تأثیرها ظاهرا إذا تجرد عنها «فلیتأمل جیدا» و فی جامع المقاصد ما یشیر إلی هذا الجواب (و ربما) احتج علی الکشف بأنه لولاه لزم تأثیر المعدوم فی الموجود لأن العقد حال الإجازة عدم (و أجیب) بأن تأثیر الإجازة لیس فی العقد بل فی الأمر المترتب علیه و هو نقل الملک و هذا بعد تمام السبب یجب أن یکون موجودا لا معدوما علی أن علل الشرع معرفات الأحکام لا مؤثرات فلا یمتنع تعریفها للأحکام المترتبة علی الأمور العدمیة «انتهی» و أنت إذا تأملت عرفت تطبیق الجواب علی الاستدلال (و احتج) علی کونها جزءا أو شرطا بأنها إما شرط فی قبول المحل أو فی فعل الفاعل (و أجیب) بمنع الحصر إذ یجوز کونها علامة علی تمامیة العقد و اعتباره فی نظر الشارع مع عدم مطابقته للمدعی (و أقوی) ما یحتج به للقول بالکشف صحیح أبی عبیدة الوارد فی تزویج الصغیرین فإنه تضمن أنه إذا مات أحدهما بعد بلوغه و إجازته ثم بلغ الآخر و أجاز ورث منه و به أفتی الأصحاب و ذلک لا یتم إلا علی القول بالکشف قطعا و إلا فمن المعلوم أن موت أحد المتعاقدین قبل القبول یبطل العقد فلو کانت الإجازة سببا و ناقلة لما صح القول بالإرث منه بعد موته و کان ما فی التنقیح من الدلیل علی أنها کاشفة رد علی ما فی کشف الرموز فلیلحظ کلامهما و الثمرة ظاهرة فی النماء و غیره من المواضع (و قد) قالوا إن النماء المنفصل المتخلل بین العقد و الإجازة من المبیع للمشتری و نماء الثمن المعین للبائع إن جعلناها کاشفة و لو جعلناها ناقلة فهما للمالک المجیز (و فیه) خفاء (أما) نماء المبیع فظاهر (و أما الثمن) فلأنه انتقل عن المشتری من حین العقد بقبوله و تصرف المشتری فی ملکه لا یتوقف علی إجازة غیره منها إنه علی القول بالکشف لیس للمشتری الفسخ قبل الإجازة و هی ثمرة نافعة (و إنما تعرضنا لهذا) الفرع هنا و إن کان المصنف سیتعرض له لما یترتب علیه من الفروع الآتیة فإذا کان الإنسان علی بصیرة منه أولا کان أولی و لا یشترط فوریة الإجازة فله الإجازة ما لم یرد کما فی الدروس و التنقیح و الریاض و الحدائق و الرد أن یقول فسخت (و لو قال لم أجز) کان له الإجازة بعد ذلک کما صرح به الشهید فی حواشیه فی باب النکاح و یشهد له جملة من الأخبار و کلام الأصحاب و قد سمعت آنفا خبر الولیدة لکنهم فی باب الوکالة فیما إذا قال له وکلتنی فی شراء الجاریة بألفین فقال إنما وکلتک بألف و کان الشراء بعین مال الموکل فإنهم قالوا إنه یحلف الموکل و ینفسخ البیع مع أنه یصیر فضولیا لکنهم قالوا إن حلفه و عدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 191
و کذا الغاصب و إن کثرت تصرفاته فی الثمن بأن یبیع الغصب و یتصرف فی ثمنه مرة بعد أخری و للمالک تتبع العقود و رعایة مصلحته و مع علم المشتری إشکال (1)
______________________________
رضاه یدلان علی عدم الإجازة و هو یخالف ما قلناه
(قوله قدس سره) و کذا الغاصب و إن کثرت تصرفاته فی الثمن بأن یبیع الغصب و یتصرف فی ثمنه مرة بعد أخری و للمالک تتبع العقود و رعایة مصلحته و مع علم المشتری إشکال)
تقدم الکلام فی أن بیع الغاصب من أقسام بیع الفضولی و أنه فی الإیضاح نسبه إلی الأکثر و سمعت الدلیل علیه و تأویل ما یخالفه و أما أنه للمالک تتبع العقود و رعایة مصلحته فلا ریب فیه و قد نص علیه فی نهایة الإحکام و التذکرة و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها و فی الإیضاح و الدروس أنه إذا أجاز عقدا علی المبیع صح و ما بعده خاصة و فی الثمن ینعکس و قد اعترض علیهما المحقق الثانی و تبعه الشهید الثانی فی جامع المقاصد و المسالک و الروضة بأن ذلک غیر مستقیم و یحتاج إلی التنقیح فی ثلاثة مواضع (قال فی جامع المقاصد) فإن أجاز عقدا من العقود المترتبة علی المغصوب کما لو باع (بیع خ ل) بسیف ثم بدار ثم بغرس ثم بثوب باعتبار اختلاف الأیدی صح ذلک العقد و بطل ما قبله من العقود لأن صحته بإجازته تقتضی کون المبیع باقیا علی ملکه و بقاؤه علی ملکه ینافی صحة شی‌ء من العقود السابقة علی ذلک العقد إذ لو صح شی‌ء منها لخرج المبیع عن ملکه فلم تؤثر إجازته فیه و أما ما بعده من العقود فیبتنی علی أن الإجازة کاشفة أو ناقلة فإن قلنا بالأول صح ما بعده لتبین وقوع تصرفه فی ملکه و إن قلنا بالثانی یجی‌ء فیه ثلاثة أوجه (أحدها) البطلان لتعذر الإجازة لانحصارها فی المغصوب منه و قد خرج عن ملکه (الثانی) الصحة من غیر توقف علی إجازة المتصرف ببیعه (الثالث) توقفه علی إجازته و لو ترتبت العقود علی ثمن المغصوب کما لو بیع السیف بقوس ثم القوس بدابة ثم الدابة ببعیر ثم البعیر بدراهم فإن الحکم ینعکس لو أجاز واحدا منها فإن ما قبله یصح و یقف ما بعده علی الإجازة کالفضولی کما لو أجاز بیع الدابة بالبعیر فإن إجازته إنما یعتد بها شرعا أن لو کان مالکا للدابة و إنما یکون مالکا لها حینئذ أن لو ملک ما بذل (ما بذلت خ ل) فی مقابله و هو القوس و إنما یملک علی هذا التقدیر إذا ملک السیف و إنما یملکه أن لو صح بیع السیف فیجب الحکم بصحة ذلک حملا لکلام المسلم علی الوجه الذی یکون معتدا به شرعا (و اعلم) أن هذا إنما یستقیم إذا جرت العقود علی العوض الذی هو الثمن ثم علی ثمنه فلو جرت علی الثمن خاصة کما لو بیع السیف مرارا فأجاز واحدا منها فإن ذلک العقد یصح و یبطل ما قبله إلا العقد الذی قوبل فیه المغصوب بالسیف و فیما بعد ذلک العقد إلا وجه الثلاثة السابقة و بهذا یظهر أن إطلاق کلام الشارح و شیخنا الشهید فی الدروس أن فی سلسلة المثمن یصح العقد المجاز و ما بعده دون ما قبله و فی الثمن بالعکس غیر مستقیم و یحتاج إلی التنقیح فی مواضع (الأول) بیان حال ما بعده فی سلسلة المثمن بما ذکرنا (الثانی) وقوف ما بعد المجاز فی سلسلة الثمن علی الإجازة دون البطلان (الثالث) أن ذلک فی سلسلة مخصوصة کما بینا لا مطلقا «انتهی» کلامه فی جامع المقاصد لکن قوله فی الفرض الأخیر و فیما بعد ذلک العقد الأوجه الثلاثة کأن فیه سقطا تقدیره إن قلنا بأن الإجازة ناقلة و إن کانت کاشفة صحیح و ما بعده کالمثمن فکان هذا المثال علی القول بأن الإجازة کاشفة مخالفا لإطلاقهم من وجهین أحدهما عدم صحة جمیع ما سبق علی الإجازة و الآخر صحة ما بعدها مع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 192
..........
______________________________
أن المعاملة وقعت علی الثمن و هم قالوا بعکسها فیه (بعکسهما خ ل) و أما استشکال المصنف مع علم المشتری فبیانه یبتنی علی بیان حکم الغاصب إذا باع العین المغصوبة (فنقول) إذا باعها و أقبض العین و قبض الثمن فأخذ المالک المغصوب منه العین فإن کان المشتری جاهلا رجع بالثمن إجماعا و إن کان عالما فقد أجمع الأصحاب علی أنه لا یرجع علی الغاصب بالثمن إن کان تالفا و ظاهرهم الإجماع أیضا علی أنه لا یرجع أیضا مع بقاء العین و فی ظاهر التذکرة و ظاهر الإیضاح و غیره الإجماع علیه و هذا حدیث إجمالی و یأتی تمام الکلام إن شاء اللّٰه تعالی (إذا عرف هذا) فعد إلی إشکال المصنف و قد استشکل فی ذلک فی النهایة أیضا و عبارتها کعبارة الکتاب من دون تفاوت أصلا و فی التذکرة لو باع الفضولی أو اشتری مع جهل الأخیر فإشکال ینشأ من أن الآخر إنما قصد تملیک العاقد أما مع العلم فالأقوی ما تقدم و فی الغاصب مع علم المشتری أشکل «انتهی فتأمل» فی أشکل (الإشکال خ ل) و المنقول عن قطب الدین فی بیان إشکال الکتاب أنه فی التتبع و وجهه بأن المشتری مع العلم یکون مسلطا للبائع الغاصب علی الثمن و لهذا لو تلف لم یکن له الرجوع علیه و لو بقی ففیه الوجهان فلا ینفذ فیه إجازة الغیر بعد تلفه بفعل المسلط بدفعه ثمنا عن مبیع اشتراه و من أن الثمن عوض عن العین المملوکة و لم یمنع من نفوذ الملک فیه إلا عدم صدوره عن المالک فإذا أجاز جری مجری الصادر عنه «انتهی» (و قال) الشهید فی حواشیه یمکن أن یکون الإشکال فی صحة البیع مع الإجارة و فی التتبع قال لأنه مع علمه یکون مسلطا للبائع الغاصب علی الثمن فلا یدخل فی ملک رب العین فحینئذ إذا اشتری به البائع متاعا فقد اشتراه لنفسه و أتلفه عند الدفع إلی البائع فیتحقق ملکه للمبیع فلا یتصور نفوذ الإجازة هنا لصیرورته ملکان للبائع و إن أمکن إجازة البیع مع احتمال عدم نفوذها أیضا لأن ما دفعه إلی الغاصب کالمأذون له فی إتلافه فلا یکون ثمنا فلا تؤثر الإجازة فی جعله ثمنا فصار الإشکال فی صحة البیع مع الإجازة و فی التتبع (ثم قال) إنه یلزم من القول ببطلان البیع بطلان إجازة البیع فی المبیع لاستحالة کون البیع بلا ثمن فإذا قیل إن الإشکال فی صحة العقد کان صحیحا أیضا و جعل الإشکال فی جامع المقاصد فی صحة البیع و ذکر فی توجیهه نحو ما ذکره الشهید (ثم قال) و یمکن أن یکون ذلک معطوفا أو محذوفا دل علیه السیاق و تقدیر العبارة و کذا بیع الغاصب موقوف إذا کان المشتری جاهلا و مع علمه إشکال ینشأ مما ذکر و قد عرفت ما ذکر (و قال) فیکون الإشکال فی کونه موقوفا علی الإجازة و إن بعد هذا التقدیر و أیما الأمرین قدرت الإشکال فیه فمجیئه فی الآخر لازم له و یمکن أن یکون الإشکال فیهما (و فیه) من التکلف ما لا یخفی «انتهی» (و قال) فی الإیضاح إذا کان المشتری جاهلا فللمالک تتبع العقود و الإبطال و رعایة مصلحته و الربح فی سلسلتی الثمن و المثمن له و أما إذا کان المشتری عالما بالغصب فعلی قول الأصحاب أن المشتری إذا رجع علیه بالسلعة لا یرجع علی الغاصب بالثمن مع وجود عینه فیکون قد ملکه الغاصب مجانا لأنه بالتسلیم إلی الغاصب لیس للمشتری استعادته من الغاصب بنص الأصحاب فقبله لأن للمالک الإجازة و أخذ الثمن أولی أن لا یکون له و المالک قبل الإجازة لا یملک الثمن لأن الحق أن الإجازة شرط أو سبب فلو لم یکن الغاصب فیکون ملکا بغیر مالک و هو محال فیکون قد سبق ملک الغاصب للثمن علی سبب «1» ملک المالک له فإذا نقل «2» الثمن عن ملکه لم یکن
______________________________
(1) أی الإجازة (حاشیة)
(2) أی الغاصب (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 193
..........
______________________________
للمالک إبطاله و یکون ما یشری الغاصب بالثمن و ربحه له و لیس للمالک أخذه لأنه ملک الغاصب و علی القول بأن إجازة المالک کاشفة فإذا أجازه کان له (قلت) فی هذا تأمل لأنه إنما یتم إذا کان مترقبا للإجازة و إلا فلا (قال) و یحتمل أن یقال لمالک العین حق تعلق بالثمن فإن له إجازة البیع و أخذ الثمن و حقه مقدم علی حق الغاصب لأن الغاصب یؤخذ بأخس أحواله و أشقها علیه و المالک بأجود الأحوال له (ثم قال) و الأصح عندی أن مع وجود عین الثمن للمشتری العالم أخذه و مع التلف لیس له الرجوع به انتهی (قلت) قد تحصل أن هنا مقامین (الأول) هل للمشتری العالم بالغصب مطالبة الغاصب البائع بالثمن مطلقا سواء بقیت العین أم أتلفها أم لیس له مطلقا أم له مع بقائها خاصة الثانی هل بیع الغاصب مع علم المشتری بغصبیته صحیح فللمالک تتبع العقود و الإجازة أم لیس بصحیح و قد بنی المحقق الثانی صحة المقام الثانی علی المقام الأول و نحن نتکلم فی المقامین علی أنه قد مضی ما له نفع تام فی المقام الثانی (فنقول) فی المقام الأول (قال) فی التذکرة لو کان عالما لا یرجع بما اغترم و لا بالثمن مع علم الغصب مطلقا عند علمائنا و ظاهره دعوی الإجماع مع التلف و بدونه و نحوه ما فی نهایة الإحکام (حیث قال) و أطلق علماؤنا ذلک (و قال) فی المختلف و الإیضاح قال علماؤنا لیس للمشتری الرجوع علی الغاصب و أطلقوا القول فی ذلک و فی تخلیص التلخیص أطلق الأصحاب کافة و قد نسب عدم الرجوع مع بقاء العین فی الإیضاح أیضا فی مقام آخر تارة إلی قول الأصحاب و أخری إلی نصهم و فی موضع آخر إلی کثیر منهم ذکر ذلک فی الغصب و فی جامع المقاصد یمتنع استرداده العین عند الأصحاب و إن بقیت العین و فی موضع آخر من الکتاب المذکور نسبته إلی ظاهر الأصحاب و فی الروضة نسبته إلی ظاهر کلامهم و فی المسالک و الکفایة و الریاض نسبته إلی المشهور و فی موضع آخر من الروضة إلی الأکثر و التتبع فی کلام الشیخ و من تأخر عنه یشهد بذلک ما عدا المختلف و التذکرة و الکتاب فیما یأتی و نهایة الإحکام و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة فإن فیها اختیار الرجوع مع وجود العین و کأن المحقق فی الشرائع و المصنف فی کتاب الغصب مترددان کصاحب مجمع البرهان و کأنهم لم یتحققوا الإجماع و ظهوره لیس بإجماع و الشهرة و إن علمت لا تغنی غنی لکن فی المسالک و الروضة و الریاض أن العلامة ادعی الإجماع فی التذکرة علی عدم الرجوع مع التلف و العبارة الموجودة فی التذکرة هی ما قد سمعتها ظاهرة فی دعواه مع التلف و بدونه إلا أن یقال إنه لما اختار فی الکتاب المذکور العدم مع البقاء فهم منه أنه لم یتحقق الإجماع علی الإطلاق و إلا لما صح له مخالفته فیبقی الکلام فی ظهوره و القطع به و هذه الکلمة لا تفید إلا الظهور و لم أجد له فی البیع و الغصب عبارة غیرها و لعله مما زاغ عنه النظر أو أن فیما وجدوه من نسخ الکتاب المذکور قد وجد فیه أجمع بعد قوله علمائنا لکنه بالنسبة إلینا اتکال علی الهباء (فتأمل) و قد استدل فی التذکرة و المختلف و جامع المقاصد و الروضة و المسالک علی عدم الرجوع «1» بعدم الانتقال مع بقاء العین إلی الغاصب و زید فی المختلف و الإیضاح أنه لا عقد یوجب الانتقال لأن العقد الذی وقع کان باطلا و لما لم یکن صاحب جامع المقاصد ممن یقول ببطلان العقد اقتصر علی ما سمعت و زاد فی الأخیر (ین خ ل) أنه إنما دفعه عوضا عن شی‌ء لم یسلم له (و فیه) أنا لا نسلم عدم الانتقال لأنه من الجائز أن یکون قد ملکه الغاصب لإعراض المالک عنه أو یأسه منه کما ذکروه فی مال السفینة إذا
______________________________
(1) الظاهر علی الرجوع بإسقاط عدم (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 194
..........
______________________________
انکسرت فی البحر «فتأمل» سلمنا لکن من الجائز أن یکون عدم جواز الرجوع للمشتری عقوبة له حیث دفع ماله معاوضا به علی محرم فیکون الغاصب البائع مخاطبا برده فإن بذله أخذه المشتری و إن امتنع منه بقی للمشتری فی ذمته و إن لم یجز له مطالبته کما هو الشأن فیما لو حلف المنکر کاذبا علی عدم استحقاق المال فی ذمته لکن ذلک فرع قیام الدلیل إلا أن یدعی تحصیل الإجماع من المتقدمین و الشأن فی إثبات ذلک علی أنه قد یقال إن الظاهر فی نحو الرشوة و عوض الخمر و سائر المحرمات أن له أن یرجع إلی عوضه مع أنه دفعه فی محرم «فلیتأمل» إلا أن تقول إن ذلک مع الجهل کما ستسمع فیما إذا اشتری خمرا و خلا و یرد علی ما فی الروضة و المسالک من أنه إنما دفعه عوضا عن شی‌ء لم یسلم له أن ذلک لا یتأتی فی صورة عدم توقع الإجازة «فتأمل» و استدل أیضا فی الروضة؟؟؟ بأنه کیف یجتمع تحریم تصرف البائع فیه مع عدم رجوع المشتری به فی حال (و فیه) مضافا إلی عدم تأتیه فی صورة عدم توقع الإجازة کما مر أن الضمیر فی فیه إن کان راجعا إلی المثمن حتی یکون المراد لا یجتمع تحریم تصرف البائع فی المثمن مع عدم رجوع المشتری فی الثمن فممنوع لأنه أول المسألة (و من ثم) قالوا إن المشتری قد فوت ماله متعمدا لعلمه بتحریم تصرفه فیه و دفع ماله من غیر عوض و هو یجتمع مع جواز تصرف البائع فی الثمن عند القائلین بالإباحة و قد ذهبوا إلی أنه حینئذ لیس أکلا مال الغیر بالباطل و إن کان المراد أنه لا یجتمع تحریم تصرف البائع فی الثمن مع عدم جواز رجوع المشتری به و هو الذی أراده فی المسالک فمسلم لکن القائلین بالإباحة لا یقولون بهذا التحریم کیف و مدعاهم جوازه علی أن ذلک آت فی صورة التلف کما قرره فی الروضة «فلیتأمل» و قد أجمع الأصحاب علی أنه إذا تلف العوض لیس للمشتری مطالبته به کما فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام و جامع المقاصد و المسالک و نسبه إلی علمائنا فی المختلف و قد سمعت ما فی التذکرة و ما فی المسالک و الروضة و الریاض من نسبة دعوی الإجماع علی ذلک إلی التذکرة و لم یعرف الخلاف إلا من المحقق فی بعض تحقیقاته فی جواب مسائل سئل عنها فإن فی کلامه ما یقتضی الرجوع مطلقا کذا نقل عنه المحقق الثانی فکان کلامه لیس بتلک المکانة من الظهور أو الصراحة و فی اللمعة و الروضة أن قول المحقق غیر بعید إذا کان متوقعا للإجازة و احتمله فی المسالک و قال لو لا ادعاء العلامة الإجماع علیه فی التذکرة لکان فی غایة القوة و کذا قال فی الریاض و تردد صاحب الکفایة (و أما المقام الثانی) فقد عرفت أن الذاهب إلی صحة البیع مع علم المشتری بالغصبیة إنما هو الشهید فی الدروس و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و عرفت من استشکل فی البیع أو الإجازة لمکان التلازم کما مر و عرفت أن أخبار الباب الواردة من طرقنا ظاهرة الدلالة علی بطلانه مضافا إلی ما أیدناه به مما سمعته فی أحد وجهی الإشکال (و قد احتج) فی جامع المقاصد علی الصحة بأن الأصح عدم الفرق بین علمه بالغصب و عدمه لأن المعتمد أن للمشتری استعادة الثمن مع بقاء عینه لعدم خروجه عن ملکه إلی الغاصب لعدم المقتضی و تجویز تصرفه فیه عند الأصحاب لتسلیطه علیه لا ینافی کونه عوضا بمقتضی عقد البیع إذ لو وقع التصریح بمثل ذلک فی عوض العقد الفضولی لمن أوقعه فضولا لم یکن قادحا فی ثبوت الإجازة للمالک (و فیه أولا) أنه اجتهاد فی مقابلة النص و قد بناه علی ما عرفت حاله (و ثانیا) إما أن یکون قد أباح له التصرف فیه و سلطه علیه غیر مترقب لإجازة المالک بل و لا محتمل لها أو یکون متوقعا لها (فعلی الأول) کیف لا ینافی کونه عوضا و الفرق حینئذ بینه و بین الفضولی واضح لأنه فی الفضولی لم یبحه مطلقا بل دفعه متوقعا لکونه عوضا عن المبیع فیکون مضمونا علیه بخلاف ما نحن فیه فإنه سلطه علیه و أباحه له مع علمه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 195
و الأقرب اشتراط کون العقد له مجیز فی الحال (1)
______________________________
بعدم استحقاقه له (و علی الثانی) فعلی القول الأصح بأن الإجازة کاشفة تکون قد دلت حین حصولها علی انتقال الثمن إلی ملک المجیز بالعقد فکیف تؤثر فیه إباحة المشتری للغاصب بعد العقد تصریحا أو تسلیطا فتجویز تصرفه فیه عند الأصحاب إنما هو لکون العقد غیر صحیح کما هو واضح و لا کذلک الحال فی صورة الجهل علی أن المعاوضة فی صورة العلم بأن البائع غاصب لا یعتد بها لأن کانت غیر مقصودة و لا کذلک الحال فی بیع الفضولی إذا علم المشتری بالحال لأنه مترقب للإجازة متوقع لکون ما دفعه عوضا عن المبیع «فتأمل» و لما لم یحقق صاحب الحدائق کلام القوم فی المقام أطنب فی الکلام و قلب الأمور فظن أن المقام الأول مبنی علی المقام الثانی مع أن الأمر بالعکس و ذلک من ضعف التثبت و عدم التروی و قلة التدبر
(قوله قدس سره) (و الأقرب اشتراط کون العقد له مجیز فی الحال)
هذا شرط شرطه أبو حنیفة و قال الشهید و ابن المتوج علی ما نقل عنه و الفاضل المقداد و المحقق الثانی فی الشرح أنه لا یشترط و استشکل فی نهایة الإحکام و لم یرجح فی الإیضاح کتعلیق الإرشاد و إن جعلنا الإشکال الآتی فی کلام المصنف راجعا إلی اشتراط أن یکون للعقد مجیز فی الحال کما ستسمعه کان المصنف مترددا و یکون المعنی أنه أقرب علی إشکال «فلیتأمل» و قال الشهید فی حواشیه إن بعض الجمهور اعترض علی المصنف فی هذه المسألة بسقوطها علی مذهبه لأنه یعتقد وجود الإمام علیه السلام فی کل زمان و هو ولی من لا ولی له فأجاب بأنه أراد مجیزا فی الحال یمکن الاطلاع علی إجازته و تتعذر إجازة الإمام علیه السلام لاستتاره عن الناس و فی الإیضاح و جامع المقاصد أن هذا الفرع إنما یتأتی علی مذهب الأشاعرة و أما علی قولنا ففی صورة واحدة و هی بیع مال الطفل علی خلاف المصلحة (قلت) قد یشهد علی عدم الاشتراط ما ذکروه فی باب النکاح من أنه لو زوج الفضولی الصغیرین الذین لا ولی لهما صح و أدلة عقد الفضولی متناولة له بل قد لا نشترط المجیز بالکلیة فإنهم قالوا بأن المحجور علیه لفلس إذا باع بعض أعیان ماله المحجر (المحجور خ ل) علیه فیها أو وقف أو وهب أو عتق أنه کالفضولی فلا تباع هذه الأعیان التی باعها فی دین الغرماء بل تؤخر فإن وفی غیرها بمال الغرماء لزیادة قیمة أو لإبراء بعض الدیان نفذ بیعه و إلا فلا فکان وفاء المال کالإجازة و عدمه کالرد و قد حررنا المسألة فی باب الحجر فلا بد من مراجعتها (و وجه القرب) أنه مع عدم من له أهلیة الإجازة تکون صحة العقد ممتنعة فی الحال و إذا امتنع فی زمان ما امتنع دائما و لما فیه من الضرر علی المشتری لامتناع تصرفه فی العین لإمکان عدم الإجازة و لعدم تحقق المقتضی و فی الثمن لإمکان الإجازة فیکون قد خرج عن ملکه و هی کما تری لأنه لا یشترط اقتران الإجازة بالعقد بل یجوز تأخرها زمانا طویلا کما إذا کان بعیدا یمتنع الوصول إلیه إلا فی زمن طویل (و أما) إذا لم یکن مجیز فی الحال و لا فی المآل کما إذا کان یمتنع الوصول إلیه أبدا أو کان مجنونا لا یرجی زوال جنونه فإن العقد یکون باطلا کما نبهوا علیه (و لیعلم) أن بعضهم اشترط فی صحة عقد الفضولی عدم مسبوقیته بنهی المالک و هو ممنوع أولا و علی تقدیر تسلیمه مؤول و أن الشیخ قال إنه لو قبض الفضولی الثمن وقع عن المالک عند إجازته (و عن) المصنف إن اشترط إجازة قبض الثمن علی حیاله و استحسنه الشهید إن کان الثمن فی الذمة و فی التنقیح لو کان البیع بالعین الحاضرة فإجازة البیع إجازة القبض و یفهم من کلامهم فی باب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 196
فلو باع مال الطفل فبلغ و أجاز لم ینفذ علی إشکال و کذا لو باع مال غیره ثم ملکه و أجاز (1)
______________________________
النکاح فیما إذا عقد الفضولی علی الصغیرین و مات أحدهما بعد بلوغه و إجازته و من کلامهم فی تتبع بیوع المغصوب أنه لو باع رجل مال رجل لآخر فضولا ثم مات المشتری قبل بلوغ الخبر لصاحب المال فلما بلغه الخبر أجاز البیع کان لازما و یفهم ذلک من باب المضاربة و الوکالة حیث یموت صاحب المال و الموکل فلیراجع نعم یتجه البطلان فی بعض الصور لو قلنا إن الإجازة ناقلة «فلیتأمل»
(قوله قدس سره) (فلو باع مال الطفل فبلغ و أجاز لم ینفذ علی إشکال و کذا لو باع مال غیره ثم ملکه و أجاز)
جعل الشهید فی حواشیه الإشکال راجعا إلی عدم النفوذ فیکون منشأه مما ذکر فی وجه القرب و من أن الطفل إذا بلغ کان له أهلیة الإجازة بالفعل و قبله له ذلک بالقوة فالمجیز فی الجملة موجود و أورد علیه فی جامع المقاصد بأنه یلزم علی هذا أن تکون المسألة التی بعده عند المصنف مجزوما بعدم النفوذ فیها لانتفاء المجیز فعلا و قوة فیکون التشبیه فی عدم النفوذ لا فی الإشکال فی عدم النفوذ (قال) و هذا و إن کان خلاف المتبادر إلا أن به تندفع المنافاة عن العبارة لأن التردد ینافی الترجیح المستفاد من قوله الأقرب یرید أنه لو جعلنا الإشکال راجعا إلی الأقرب جاء التنافی فی العبارة و قد یقال إنا لا نسلم انتفاء المجیز قوة و فعلا فی المسألة الثانیة لأنه قبل أن یبیعه المالک کان له أهلیة الإجازة بالفعل إلی إفشاء الإیجاب فإذا أنشأ الإیجاب و نقله عنه به مع جهله بجریان الفضولی کان له و للمشتری الثانی أهلیة الإجازة بالقوة فإذا وجد القبول علی تقدیر صحة البیع صار له أهلیتها بالفعل «فلیتأمل» أو یقرر الإشکال بما قرره فی الکتاب المذکور (قال) إن حمل قوله و کذا لو باع مال غیره «إلخ» علی أن المراد و کذا الإشکال فی عدم النفوذ لو باع مال غیره فمنشؤه من أن العقد کان موقوفا علی الإجازة من المالک الذی وقع البیع حال کونه مالکا و قد تعذرت بانتقال الملک إلی مالک آخر فامتنع الحکم بالصحة و من أن الإجازة للعقد الفضولی من مالک العین و من یقوم مقامه فی ذلک فإن الوکیل المفوض تعتبر إجازته علی وفق المصلحة قطعا و من انتقل المبیع إلیه تصرفه أقوی و یحتمل أن یقال إن مجرد الانتقال إلی المتصرف فضولیا کاف فی صحة العقد لأن ذلک أبلغ من إجازة المالک و إن حمل علی أن المراد و کذا لا یفقد «إلخ» فوجهه أن الإجازة قد تعذرت و أنها علی القول بأنها کاشفة یلزم کون الملک لشخصین فی زمان واحد «انتهی» و الشهید فی حواشیه أیضا احتمل فی العبارة هذین الوجهین و فی الإیضاح احتمل أولا الصحة و البطلان فی المسألة المذکورة أعنی ما لو باع مال غیره ثم احتمل علی تقدیر الصحة توقفه علی الإجازة و عدمه (قال) أما الصحة فلأن إجازة المالک موجبة لصحة فعل المباشر فملکه أبلغ و لأن عقد الفضولی سبب عند وجود الشرط و قد تحقق و لزوال المانع (و أما البطلان) فلتضاد ملکی شخصین لشی‌ء واحد بعینه و قد تحقق أحد الضدین فینتفی الآخر و احتمل توقفه علی الإجازة علی تقدیر الصحة من حیث إن الرضا الأول لم یکن معتبرا لأنه لم یکن مالکا و من حیث تحقق شرط اعتباره (ثم) إنه حقق علی القول بصحة بیع الفضولی صحة البیع هنا من غیر توقف و لعله بناه علی ما اختار من أن الإجازة ناقلة و فی تعلیق الإرشاد فی الفرع المذکور هل یصح البیع بمعنی عدم اشتراط الإجازة فیه أم لا وجهان و عدم الاشتراط أبعد بل البطلان یتجه إذا قلنا إن الإجازة کاشفة لأن انتقال الملک إلی المشتری الأول إذا کان فی وقت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 197
و فی وقت الانتقال إشکال (1) و یترتب النماء و لو باع مال أبیه بظن الحیاة و أنه فضولی فبان میتا حینئذ و أن المبیع ملکه فلوجه الصحة (2)
______________________________
العقد استلزم بطلان البیع الثانی فینتفی الملک و صحة البیع الأول فرع له و هذا الأخیر أشار إلیه فی جامع المقاصد علی تقدیر کونها کاشفة (قال) لأنه یلزم من ثبوتها نفیها إلا أنه یشکل بعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و لم یقم دلیل یدل علی انفساخ الفضولی و لا قام دلیل علی انحصار الإجازة فی المالک للعین و من المعلوم أن لزوم الفضولی إنما یتوقف علی انضمام رضی المالک إلی صیغة العقد لیصیر العاقد کالصادر عن رضاه فیکون کعقد الوکیل و إذا کان تقدم العقد علی الرضا لا یقدح فتقدمه علی المالک لا یقدح لانتفاء المقتضی فیمکن أن یقال یکفی لصحة الإجازة ثبوت الملک فی ظاهر الحال فکأنه ناب مناب المالک فیها (و یرد علیه) أن الثمن الثانی إن ملکه المالک لم یجز أن یتخلف عنه ملک المشتری المتصرف فضولا و إن لم یملکه کانت المعاوضة فاسدة و لا سبیل إلی القول به (و قد أورد) قبل ذلک إشکالا و هو أن الإجازة إن کانت کاشفة لزم حصول البیع فی ملک المشتری من حین العقد فیکون السبب المقتضی لملک العاقد فضولا غیر صحیح لکونه واقعا علی ملک الغیر و إذا فسد فسدت الإجازة المترتبة علیه (ثم قال) و التحقیق أن یقال إن کان السبب الناقل للملک بعد العقد الفضولی مع «1» علم المالک بجریان الفضولی کان فسخا له فیبطل فلا یؤثر فیه الإجازة لامتناع الرضا بالفضولی مع صحة التصرف فیه الناقل عن الملک و إن کان بغیر علم نظر فی أنه هل یعد هذا التصرف مستلزما للفسخ أم لا و علی الثانی ینظر هل تعد الإجازة کاشفة أو معتبرة فی السبب المقتضی لنقل الملک فعلی استلزام الفسخ لا یصح و علی اعتبار الإجازة فی السبب بناء علی الثانی یمکن الصحة مع إجازته و علی کونها کاشفة یتجه البطلان لأنه یلزم من ثبوتها نفیها إلی آخر ما نقلناه عنه
(قوله قدس سره) (و فی وقت الانتقال إشکال)
قد تقدم الکلام فیه مستوفی لأمر اقتضاه المقام
(قوله قدس سره) (و لو باع مال أبیه لظن الحیاة و أنه فضولی فبان میتا حینئذ و أن المبیع ملکه فالوجه الصحة)
فی نهایة الإحکام أن الأقوی الصحة و فی موضع من التذکرة حکم بالصحة و فی هبة الکتاب جزم بالصحة و قد یلوح منه هناک أنها محل إجماع فلیرجع إلیه و فی الإیضاح و حواشی الشهید و جامع المقاصد أن المراد بالصحة اللزوم من غیر توقف علی أمر آخر و اختار فی الأخیر توقفه علی الإجازة و نقله الشهید عن ابن المتوج لأن نظر البائع فیما یتعلق به مغایر لما یتعلق بغیره و علله فی الإیضاح و جامع المقاصد بأنه لم یقصد إلی البیع الناقل للملک الآن بل هو مع إجازة المالک (قال) فی الإیضاح و لما اعتبر القصد فی أصل البیع ففی أحواله أولی (قلت) یرید بالأحوال اللزوم و عدمه (و قال) فی جامع المقاصد إلا أن یقال قصده إلی أصل البیع کاف و احتمل فی نهایة الإحکام و الإیضاح البطلان لأنه إنما قصد نقل الملک عن الأب لا عنه و لأنه و إن کان منجزا فی الصورة فهو فی المعنی معلق و التقدیر إن مات مورثی فقد بعتک و لأنه کالعابث عند مباشرة العقد لاعتقاده أن المبیع لغیره «انتهی فتأمل» و یأتی لهم اختلاف فی باب الغصب فیما إذا غصب عبده ثم أتی به إلیه و قال له هذا عبدی فأعتقه عنک فأعتقه فهل یقع العتق أم لا و قد استوفینا فیه الکلام هناک و فی جامع المقاصد (قیل) إن قوله
______________________________
(1) خبر کان (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 198
و لا یکفی فی الإجازة السکوت مع العلم و لا مع حضور العقد (1) و لو فسخ العقد رجع علی المشتری بالعین و یرجع المشتری علی البائع بما دفعه ثمنا و ما اغترمه من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء مع جهله أو ادعاء البائع إذن المالک (2)
______________________________
و إنه فضولی مستغن عنه (قلنا) بل أراد الإشعار بمنشإ الوجه الضعیف أعنی أن العقود تابعة للقصود و مثل هذا الفرض ما لو باع فضولیا ثم بان شراء وکیله إیاه
(قوله قدس سره) (و لا یکفی فی الإجازة السکوت مع العلم و لا مع حضور العقد)
قال فی التذکرة لو باع سلعة و صاحبها حاضر ساکت فحکمه حکم الغائب قاله علماؤنا و أکثر أهل العلم و عبارة التنقیح کعبارة الکتاب قال بل لا بد من لفظ یدل علیها لأنها کالبیع فی استقرار الملک و فی التحریر لو باع الفضولی و صاحب السلعة ساکت لم یلزمه البیع و إن کان حاضرا و فی نهایة الإحکام لا یکفی فی الإجازة و اللزوم حضور المالک ساکتا و فی الشرائع لا یکفی سکوته مع العلم و لا مع حضور البیع و فی الإرشاد لا یکفی الحضور ساکتا فیه و فسره فی مجمع البرهان بأن المراد لا یکفی الحضور ساکتا فی بیع ماله فضولیا بل لا بد من التصریح فإن السکوت مع الحضور لا یدل علی الرضا قال أو لا یکفی فی الرضا و الإجازة أو فی انعقاد البیع الفضولی «انتهی» «فتأمل» و أنت خبیر بأنه إن کان المدار علی الرضا فلو علم الرضا یقینا کفی لصحة البیع و التصرف و لا یحتاج إلی التصریح و کلامهم قد ینزل علی عدم العلم بالرضا (و الأصح) أنه لا بد من اللفظ کما هو صریح جماعة و ظاهر آخرین کما أن الرد لا بد فیه من اللفظ فلو قال لم أجز کان له أن یجیز و عبارة التنقیح تعطی بأن المدار علی اللفظ فلا ینعقد أو لا یلزم إلا مع اللفظ و إن علم الرضا و فی أخبار النکاح ما یدل علی أن العلم و الإقرار کاف کالخبر المروی بعدة طرق فیها الصحیح (و فیه) جاء رجل إلی أبی عبد اللّٰه علیه السلام فقال إنی کنت مملوکا لقوم و إنی تزوجت بامرأة حرة بغیر إذن مولای ثم أعتقونی بعد ذلک فأجدد نکاحی إیاها حین أعتقت فقال له أ کانوا علموا أنک تزوجت امرأة و أنت مملوک لهم فقال نعم و سکتوا عنی و لم یغیروا علی فقال سکوتهم عنک بعد علمهم إقرار منهم اثبت علی نکاحک الأول (و نحوه) (و مثله خ ل) غیره من الأخبار و قالوا أیضا إن البکر لو عقد علیها فضولا ثم أخبرت فسکتت صح عقدها «فتأمل» و قالوا أیضا لو زوجها الأخوان کان الأولی لها إجازة عقد الأکبر و بأیهما دخلت قبل الإجازة کان العقد له و التأمل فی الکل ممکن
(قوله قدس سره) (و لو فسخ رجع علی المشتری بالعین و یرجع المشتری علی البائع بما دفعه ثمنا و ما اغترمه من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء مع جهله أو ادعاء البائع إذن المالک)
إذا لم یجز المالک رجع فی عین ماله و نمائه مطلقا متصلا أو منفصلا و عوض منافعه المستوفاة و غیرها و قیمة التالف من ذلک أو مثله علی المشتری و قد طفحت بذلک عبارات الأصحاب و فی روایاتهم ما یدل علیه ففی روایة زرارة قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام رجل اشتری جاریة من سوق المسلمین فخرج بها إلی أرضه فولدت منه أولادا ثم أتاها من یزعم أنها له و أقام علی ذلک البینة قال یقبض ولده و یدفع إلیه الجاریة و یعوضه فی قیمة ما أصاب من لبنها و خدمتها و فی خبر آخر ستسمعه أنه یأخذ منه قیمة الولد (و فی خبر) زریق المروی فی المجالس قال نعم له أن یأخذ منک ما أخذت من الغلة من ثمن الثمار و کل ما کان مرسوما فی المعیشة یوم اشتریتها و الإطلاق منزل لمکان التبادر و الغلبة علی الجاهل و یرجع المشتری علی البائع بما دفعه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 199
..........
______________________________
ثمنا إجماعا کما فی المختلف و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و بما اغترمه من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء مما لم یحصل له فی مقابلته نفع إجماعا أیضا کما فی شرح الإرشاد و فی غصب الکفایة و الریاض نسبته إلی الأصحاب و أما ما حصل له فی مقابلته نفع ففی المبسوط فی موضع منه و الخلاف و ظاهر السرائر و صریح غصب کشف الرموز أنه لا یرجع به قال فی السرائر و یرجع المشتری بما غرمه من المنافع التی لم یحصل له فی مقابلتها نفع إلا أن یکون المشتری علم أنه مغصوب «انتهی» و فی المبسوط أیضا و الشرائع و النافع و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان أنه یرجع به و به صرح فی غصب الدروس أیضا و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و لعله الظاهر من غصب الشرائع و فی التنقیح أن علیه الفتوی و قد نسبه فی المختلف إلی بعض علمائنا و هو قضیة إطلاق الباقین و فی التذکرة و الإرشاد فیه قولان و نحوهما ما فی التحریر حیث قال علی قول و لا ترجیح فی غصب النافع و التبصرة و المهذب البارع و المسالک و الکفایة و عبارة نهایة الإحکام کعبارة الکتاب حرفا فحرفا لکنه قال فیها بعد ذلک سواء حصل فی مقابلته نفع کأجرة الدار و الدابة أو لا کقیمة الولد علی إشکال و قیل لا یرجع بما حصل فی مقابلته نفع لأنه مباشر للإتلاف فکان أضعف من التسبیب و یشکل بغروره (قلت) القولان یلتفتان إلی أنه لما حصل له نفع و حصل عنده عوضه کان سکن الدار و أکل الثمرة و شرب اللبن کان کأنه قد اشتری و استکری فلم یحصل علیه ضرر و هو أوفق بالأصل مع عدم معلومیة صلوح المعارض للمعارضة لعدم وضوح دلیل علی ترتب الضمان علی الغار بمجرد الغرور و إن لم یلحقه ضرر کما هو المفروض و لم یثبت انعقاد الإجماع علی هذه الکلیة بحیث یشمل ما نحن فیه و إلی أنه سلطه علیه البائع بأن یأکله مجانا و لا یعطی شیئا غیر ثمن المبیع و لعله لو علم أنه لیس له لم ینتفع به فلم یسکن بأجرة دارا و لم یشرب بقیمة درا فالظاهر الرجوع لحصول الضرر فکان الإجماع متناولا لذلک و لأنه بمنزلة ما لو قدم إلیه طعام الغیر فأکله جاهلا و تمام الکلام فی الغصب (و یدل) علی بعض هذه الأحکام خبر جمیل بن دراج عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یشتری الجاریة من السوق فیولدها ثم یجی‌ء مستحق الجاریة فقال یأخذ الجاریة المستحق و یدفع إلیه المبتاع قیمة الولد و یرجع علی من باعه بثمن الجاریة و قیمة الولد التی أخذت منه یرید القیمة التی أعطاها للمالک لفک ولده لأنه حر و نحوه قیمة النقص الحاصل بالهزال و بعد هذا کله زعم صاحب الحدائق أن لا رجوع للمشتری علی البائع بشی‌ء سوی الثمن و استند فی ذلک إلی أنه لم یذکر ذلک فی خبر زریق مع أنه فی مقام بیان و من لحظ الخبر ظهر له أنه علیه السلام إنما کان جوابه فیما سأله علی وفق سؤاله و لم تکن همة السائل إلا فی تخلیص نفسه و براءة ذمته من حق المالک و من المعلوم أنه لو لم یسأله ثانیا و ثالثا لاقتصر علی جوابه الأول أ تراک لو اقتصر علیه تقول لیس للمالک إلا رد المعیشة علیه کلا لا یقول ذلک أحد و محل الحاجة فی الخبر هذا فقال الرجل یعنی المشتری کیف أصنع فقال إن ترجع بمالک علی الورثة و ترد المعیشة إلی صاحبها و تخرج یدک عنها فقال فإذا فعلت ذلک له أن یطالبنی یغیر هذا قال نعم له أن یأخذ منک ما أخذت من الغلة إلی آخر ما نقلناه آنفا (ثم) أخذ یسأله عن حال ما إذا أحدث فیها غرسا أو بناء لیت شعری ما ذا یعرض لهذا الشیخ لا یزال مولعا بمخالفة الأصحاب مشنعا علیهم فی غیر حق إن کان المدار علی الأخبار فما بال خبر جمیل الظاهر الدلالة یعرض عنه و یتمسک بخبر زریق الذی قد عرفت المراد منه فإن عذرناه و ما کان یکون فی مخالفته
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 200
..........
______________________________
لهم فیما لیس بموافق لطریقته فما کنا لنعذره فی مثل هذا (و قد) تعرض الأصحاب فی المقام لضمان العین إذا تلفت و کانت قیمیة فینبغی أن نشیر إلی ذلک إشارة إجمالیة و إلا فمحل ذلک بابه (فنقول) قال فی المختلف فی المقام (قال) علماؤنا إن الغاصب یضمن ذا القیمة بأعلی القیم و فی باب الغصب (قال) إنه الأشهر (قلت) و هو خیرة المبسوط و الخلاف و الوسیلة و الغنیة و السرائر و اللمعة و استحسنه فی غصب الشرائع و نسبه فی المسالک إلی النهایة (قال) و فی صحیحة أبی ولاد فیمن اکتری البغل و تجاوز محل الشرط ما یدل علی وجوب أعلی القیم بین الوقتین و ستسمع الحال فی الخبر المذکور و فی النهایة و المبسوط أیضا یضمنه بقیمته یوم غصبه و هو خیرة المراسم و المقنعة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و نسبه فی الشرائع إلی الأکثر فی باب الغصب و فی المختلف و التذکرة و الکتاب فیما یأتی فی آخر البیع و الدروس و التنقیح و جامع المقاصد «1» یوم الإتلاف و قد حکی ذلک عن القاضی و فی الریاض أنه الأشهر الأقرب و قد نسبه فی الدروس إلی الأکثر و لم یذکر الاعتبار بیوم الغصب الذی جعله فی الشرائع مذهب الأکثر کما أن المصنف فیما یأتی من الکتاب فیما إذا باع بحکم أحدهما لم یذکر الاعتبار بیوم التلف و کذا فی التحریر فی المسألة المذکورة و لم یرجح فیها فی الکتابین شیئا من القولین أعنی القول بأعلی القیم و القول باعتبار یوم الغصب و الظاهر أن مرادهم بیوم التلف حین التلف کما نبه علیه فی عاریة جامع المقاصد و فی جامع المقاصد و الروضة و المسالک و الکفایة إن کان التفاوت بسبب الزیادة العینیة أو الوصفیة فبأعلی القیم و إن کان بسبب السوق فبقیمته یوم إتلافه فهذا منهما اختیار للقول الثالث و لم یرجح الشهید الثانی فی باب الغصب فی الکتابین شیئا لکنه فیهما تارة مال إلی القول بوقت التلف و أخری إلی القول بأعلی القیم و نقل الشهید عن المحقق فی أحد قولیه أنه یضمن الأعلی من حین الغصب إلی حین الرد أی رد القیمة فیکون معتبرا لزیادة القیمة و نقصانها بعد یوم التلف و هو مبنی علی أن الواجب فی القیمی مثله و إنما ینتقل إلی القیمة حین دفعها لتعذر المثل و تردد فیه فی الشرائع و فی المختلف و جامع المقاصد لیس الخلاف فی ناقص القیمة لنقص العین أو تعیبها بل لنقص القیمة السوقیة «انتهی» و فی المسالک نحو ذلک قال محل الخلاف ما إذا کان اختلاف القیمة مستندا إلی قیمة السوق مع بقاء العین بحالها أما إذا استند نقص القیمة إلی نقص العین ثم تلفت فالأعلی مضمون اتفاقا و مثله قال فی الروضة (قلت) و قالوا لا اعتبار بتفاوت السوق و أنه لا عوض له و الجمع ممکن بأن یراد أنه ما دامت العین باقیة لا یحکم علیه بضمان القیمة السوقیة إذا نقصت حین الرد (و یمکن) أن یقال کما أن العین إذا نقصت یجب ردها مع عوض ما نقص کذلک القیمة ینبغی أن یضم إلیها قیمة ما نقص من العین فیأخذ قیمة العین و قیمة ما نقص منها فلو کان حین الغصب سمینا یسوی عشرین مثلا و یسوی حین التلف ثلاثین مع ضعفه بحیث لو کان سمینا لسوی أربعین فعلی القول بأعلی القیم و کذا حین التلف یجب حینئذ أربعون فالقول بوقت التلف مع ملاحظة ضم ما نقص من قیمة العین لیس بذلک البعید «فلیتأمل» و فی خبر أبی ولاد الذی قال فیه أ رأیت لو عطب البغل أو نفق أ لیس کان یلزمنی قال نعم قیمة البغل یوم خالفته ما یدل علی القول الثانی إن کان الظرف المذکور صلة للقیمة فیصیر المعنی قیمته یوم المخالفة لازمة لک و إن کان ظرفا؟؟؟ للزوم صار المعنی تلزمک القیمة فی ذلک الیوم لکن یکون قدر القیمة غیر معلوم
______________________________
(1) فی نسخة قوله و التنقیح و جامع المقاصد بعد قوله و قد نسبه فی الدروس و الظاهر أنها غلط و إلا لقال بعدها و لم یذکروا (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 201
و إن لم یکن کذلک لم یرجع بما اغترم و لا بالثمن مع علم الغصب (1) إلا أن یکون الثمن باقیا فالأقوی الرجوع به و لا یبطل رجوع المشتری الجاهل بادعاء الملکیة للبائع لأنه بنی علی الظاهر (2) و لو تلفت العین فی ید المشتری کان للمالک الرجوع علی من شاء منهما بالقیمة إن لم یجز البیع فإن رجع علی المشتری الجاهل ففی رجوعه (3) علی البائع بالزیادة علی الثمن إشکال
______________________________
فیحتاج فی تعیینه إلی دلیل آخر (فلیتأمل) جیدا و قد یلوح من ذیله ما یخالف الوجه الأول و یوافق القول الأول أعنی أعلی القیم (فتأمل) و علی کل حال فالقول بالضمان وقت التلف أولی و أقوی و تمام الکلام فی باب الغصب فإنا قد استوفیناه فیه و لو زادت القیمة عن الثمن المدفوع إلی البائع فهل یرجع بهذه الزیادة أم لا استشکل المصنف فیه و ولده فی الإیضاح و صاحب الکفایة و قوی فخر الإسلام فی شرح الإرشاد و الشهیدان و المحقق الثانی أنه یرجع لأنه غره و قال المصنف فیما سیأتی من الکتاب إنه لا یرجع و قال فی غصب الکتاب و یغرم قیمة العین إذا تلفت و لا یرجع (و قال) فی جامع المقاصد إنه إنما یستقیم فی ما قابل الثمن فلو زادت قیمة العین فالأصح رجوعه بالزائد و قد تقدم فی القسم الرابع من أقسام المحظور من المکاسب بیان الحال فی ذلک کما تقدم لنا عند شرح قوله و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک و ضمن ما له نفع تام فی المقام و قد وجدناهم یذکرون هذه الأقوال فی المقبوض بالعقد الفاسد و فی بعض صوره و هو ما إذا باع بحکم أحدهما أو أجنبی و فی المغصوب و فی البیع الفضولی إذا لم یجز المالک و لا یفرقون بین هذه المواضع کما هو الواقع لتحقق الغصب فی الجمیع و ثبوت الضمان نعم قد یذکرون فی مطاوی استدلالهم فی مبحث الغصب کتکلیف الغاصب بأشق الأحوال ما یشعر بامتیازه عن غیره لکنهم لا یعولون علیه و لا یستندون إلیه و إنما یأخذه القائل بأعلی القیم مؤیدا و یرده علیه من لا یقول به بأنه لا دلیل علیه فی المقام و لا سیما إذا ندم و تاب هذا الشیخ ذهب إلی ما ذهب إلیه فی الغصب و البیع و هذا المحقق فی کتابیه قال فی المقبوض بالعقد الفاسد إنه یضمن یوم قبضه و فی المغصوب یوم غصبه و نقل الخلاف فیهما علی السواء و کذلک المصنف و الشهیدان و غیرهم فکانت المباحث الثلاثة عندهم من سنخ واحد
(قوله قدس سره) (و إن لم یکن کذلک لم یرجع بما اغترم و لا بالثمن مع علم الغصب إلخ)
قد تقدم الکلام فی هذه المسائل مستوفی
(قوله قدس سره) (و لا یبطل رجوع المشتری الجاهل بادعاء الملکیة لأنه یبنی علی الظاهر)
یرید أن المشتری الجاهل إذا ادعی أن هذا المال مال زید و قد باعنیه ثم ثبت أنه مال الغیر لم یمنع قوله ذلک من الرجوع علی زید لأنه بنی فی ذلک علی الظاهر و إن کان ظاهر قوله ینافی استحقاق الرجوع و قد احتمل فی التذکرة و نهایة الإحکام عدم الرجوع لاعترافه بالظلم فلا یرجع علی غیر ظالمه
(قوله قدس سره) (فإن رجع علی المشتری ففی رجوعه إلخ)
قد تقدم الکلام فی ذلک أیضا و استیفاء الکلام فی المقام فی القسم الرابع من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 202
و لو باع ملکه و ملک غیره صفقة صح فیما یملک و وقف الآخر علی إجازة المالک فإن أجاز نفذ البیع و قسط الثمن علیهما بنسبة المالین بأن یقوما جمیعا ثم یقوم أحدهما هذا إذا کان من ذوات القیم (1)
______________________________
أقسام المحظور من المکاسب
(قوله قدس سره) (و لو باع ملکه و ملک غیره صفقة صح فیما یملک و وقف الآخر علی إجازة المالک فإن أجاز نفذ البیع و قسط الثمن علیهما بنسبة المالین بأن یقوما جمیعا ثم یقوم أحدهما هذا إذا کان من ذوات القیم)
أما صحته فیما یملک فقد نص علیه فی النهایة و المبسوط و ما تأخر عنهما و فی الغنیة الإجماع علیه و فی الریاض أن ظاهرهم الإجماع (و أما) وقوف الآخر علی إجازة المالک فقد نص علیه فی النهایة و الوسیلة و الشرائع و النافع و کتب المصنف و الشهیدین و المحقق الثانی و غیرها و فی التذکرة نسبته إلی علمائنا (و أما) أنه إن أجاز المالک صح فیها و إلا بطل فی مال الغیر خاصة فهو المشهور کما فی مجمع البرهان و فی التذکرة نسبته إلی علمائنا و فی المبسوط و السرائر و الغنیة أنه إذا باع ملکه و ملک غیره صح فی ملکه و بطل فی ملک الغیر أجاز أو لم یجز بناء منهم علی عدم صحة عقد الفضولی کما تقدم و هو قضیة کلام الخلاف (و احتمل) فی مجمع البرهان علی تقدیر صحة الفضولی إن لم یجز المالک بطلان البیع رأسا (فإن لم یجز المالک بطل البیع رأسا خ ل) لأنه إنما حصل التراضی و العقد علی المجموع و حصوله فی الکل لا یستلزم حصوله فی الجزء و خبر الصفار یسقط هذا الاعتبار (قال فیه) علیه السلام و قد وجب الشراء علی البائع علی ما یملک مضافا إلی أن البائع مأمور بالوفاء بالعقد فی ماله و العقد صحیح فی نفسه لکنه غیر لازم کالفضولی و عدم إجازة المالک بعد ذلک لا ترفع ذلک أی الأمر المستقر قبل ظهوره و أن العقد بمنزلة عقود متعددة و لهذا لو خرج بعض ماله مستحقا لا یبطل إلا فیه (و هذا) الاحتمال أعنی بطلان البیع من رأس قول الشافعی قال لأن اللفظة الواحدة لا یتأتی تبعیضها فإما أن یغلب الصحیح علی الفاسد أو بالعکس و الثانی أولی لأن تصحیح العقد فی الفاسد ممتنع و إبطاله فی الصحیح غیر ممتنع و لأنه لو باع درهما بدرهمین أو تزوج بأختین حکم بالفساد و أن الثمن المسمی یتوزع علیهما و لا یدری حصة کل واحد منهما عند العقد فیکون الثمن مجهولا و صار کما یقال بعتک عبدی هذا بما یقابله من الألف إذا وزعت علیه و علی عبد فلان فإنه لا یصح (و الجواب) أن إجماعنا منعقد و أخبارنا ناطقة بالصحة و اللفظة الواحدة کثیرا ما تتبعض کما إذا قال جاء زید و عمر صادقا فی أحدهما کاذبا فی الآخر و نحوه ما إذا شهد عدل و فاسق واحد الدرهمین کإحدی الأختین لیس بأولی بالفساد من الآخر و لهذا أفسدنا العقد فیهما و لا کذلک صورة النزاع کما هو ظاهر و الثمن لیس مجهولا لأنه جعل الجمیع فی مقابلة الجمیع فسقوط بعضه لا یجعله مجهولا کأرش العیب و کما إذا خرج بعض ماله مستحقا (و قد تحصل) من هذا أنه لا مانع من أن یکون هذا العقد الواحد قبل الإجازة لازما موقوفا فلا إیراد علی عبارة المصنف بوجه و مراده و غیره بالصحة اللزوم لوجود شرطه و هو کونه ملکا (و لیعلم) أنه لا بد من التقسیط عند الجمیع لأن القائل بالبطلان فیما لا یملک لا بد له من التقسیط و کذا القائل بتوقفه علی الإجازة علی تقدیر حصولها و عدمه (و قد اختلفت) عباراتهم فی تقسیط الثمن إذا کان من ذوات القیم ففی المبسوط و کذا الوسیلة یأخذه بما یتقسط علیه من الثمن یعنی یأخذ المملوک بقسطه و نحوه ما فی التذکرة و التحریر و الدروس حیث قیل فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 203
..........
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 203
______________________________
الأولین یأخذه بقسطه من الثمن و فی الأخیر یقسط الثمن علیهما و فی السرائر یمسک ما یصح فیه البیع بما یخصه من الثمن الذی یتقسط علیه کما إذا کان ثمنهما ثلاثة دنانیر و قیل إن قیمة المملوک قیراط و قیمة غیره قیراطان فیرجع المشتری بثلثی الثمن (انتهی) ما أردنا نقله من کلامه «فلیتأمل» فیه (و عبارة) نهایة الإحکام و اللمعة کعبارة الکتاب و فی جامع المقاصد أن فی عبارة الکتاب حذفا تقدیره ثم یقوم أحدهما و تنسب قیمته إلی مجموع القیمتین و یؤخذ له بتلک النسبة من مجموع الثمن و فی الإرشاد و یقسط المسمی علی القیمتین و قال فی تعلیقه و طریق تقسیط المسمی علی القیمتین أن یقوم المبیعان معا ثم یقوم أحدهما علی انفراده و تنسب قیمته إلی مجموع القیمتین (قلت) لعل الأولی أن یقول إلی قیمة المجموع (قال) و ینظر تلک النسبة فیؤخذ بها من الثمن و إنما وجب التقسیط کذلک دون التقسیط علی العینین لإمکان تفاوتهما فیتعذر التقسیط من دون اعتبار و إنما وجب تقویمهما ثم تقویم أحدهما لجواز أن یکون الثمن أزید من القیمة أو أنقص منها فلو اعتبرت قیمة واحدة بقی الفاضل من الثمن بإزاء الباقی و هو أقل من القیمة بکثیر فی صورة الزیادة و بالعکس فی صورة النقصان و نحوه ما فی جامع المقاصد (حیث قال) إنما لم یقسط علی العینین لإمکان زیادة الثمن علی القیمتین أو نقصانه عنهما و عدم مساواة کل من القیمتین للأخری و إنما اعتبر تقویمها ثم تقویم أحدهما لتعرف نسبة قیمة کل منهما إلی مجموع القیمتین فیعرف ثمن کل منهما من مجموع الثمن «انتهی» فتأمل فی الفرق بین عبارتیه و کأن عبارة جامع المقاصد أسد و المراد واضح و فی کشف الرموز بعد أن بین التقسیط (قال) و إنما قلنا یقومان مرة أخری لأنه لو بنی علی التقویم الأول ربما قوم العبد بمثل ذلک التقویم أو أزید فیلزم أن لا یسقط فی مقابلة الحر مثلا شی‌ء أو یبقی للبائع علی المشتری شی‌ء بتقدیر أن تکون قیمة العبد أزید و لیعلم أن التقویم الثانی فی کشف الرموز غیره فی تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد «فتأمل» (و مثل) ما فی کشف الرموز ما فی التنقیح و فی الشرائع یقسط الثمن بأن یقوما جمیعا ثم یقوم أحدهما منفردا و یرجع علی البائع بحصته من الثمن و فی المسالک و المیسیة أن مراده أنه یقوم أحدهما منفردا ثم ینسب إلی المجموع و یؤخذ من الثمن بتلک النسبة لا أن یقسط الثمن بقدر ما یقوم به کما قد یشعر به إطلاق العبارة لأن القیمة المذکورة قد نستوعب مجموع الثمن أو تزید علیه و فی النافع یقومان ثم یقوم أحدهما و یسقط من الثمن فی مقابلة الفاسد (و قال) الفاضل القطیفی فی إیضاحه علیه کذا أطلق الأصحاب و صورته ظاهرة و هی ما إذا ابتاعهما مثلا بأربعین فإنهما یقومان جمیعا بخمسین ثم یقوم کل واحد علی انفراده فکان أحدهما بثلاثین و الآخر بعشرین فیعلم أن ذا العشرین ثمنه خمسان من أربعین و أن ذا الثلاثین ثمنه ثلاثة أخماس من أربعین (ثم قال) و فیه نظر و فی الکفایة أن کلامهم فی کیفیة التقسیط لا یخلو من تأمل ثم إنه استوجه ما ستسمعه إن شاء اللّٰه تعالی (و نحن نقول) إنا قد أسمعناک کلامهم برمته فی التقسیط و کیفیته (و حاصله) المستفاد من مجموع عباراتهم أنه لا یمکن تقسیط الثمن الذی بیعا به علی العینین لأنهما لیستا متماثلتین فربما حصل التفاوت فیتعذر التقسیط من دون اعتبار فرجعوا إلی الاعتبار فلو قدم المملوک علی الانفراد و أخذ من الثمن بقدر ما قوم به فربما زادت قیمته علی الثمن جمیعه فیبقی للبائع علی المشتری شی‌ء فلزم أن یقوما أولا جمیعا ثم یقوم أحدهما لتعرف نسبة قیمة کل واحد منهما إلی قیمة المجموع فیعرف ثمن کل منهما من مجموع الثمن هذا کله إذا لم یکن لاجتماعهما مدخل فی زیادة قیمة کل واحد منهما (أما لو) استلزم ذلک کمصراعی باب فسیأتی حکمه إن شاء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 204
..........
______________________________
اللّٰه تعالی (لکن) قد یقال إنا إذا قومناهما جمیعا ثم قومنا کل واحد منهما بانفراده یجوز أن تزید قیمتها حال التفریق عن قیمة مجموعهما و أن تنقص عنها فحینئذ إن اعتبرنا قیمتها المتفرقة فلا فائدة فی تقویمهما جمیعا و إن لم نعتبرها فلا فائدة فی تقویمهما متفرقین و إن قوم أحدهما خاصة بعد تقویمهما جمیعا فالنظر فیه أظهر لجواز أن لا یبقی للآخر ما یساویه أو تکون قیمته منفردا أنقص من الباقی و لم یبق إلا احتمال أن یقوم کل واحد منفردا و یجعل ذلک قیمتهما و یؤخذ من الثمن بالنسبة «فلیتأمل» و قد یقال إن کلامهم مبنی علی الغالب من عدم زیادة قیمتهما حال الانفراد أو نقصانها عنها حال الاجتماع إذا لم یکن للاجتماع و لا للانفراد مدخل فی زیادة و لا نقیصة أصلا کما هو المفروض (فتأمل) جیدا و علی کل حال لم نجد وجها ظاهرا فی تقویمهما مجتمعین کما یجد ذلک من أجاد التأمل (ثم) إنه لا بد و أن یکون للاجتماع مدخل کما یشهد به قولهم إن له الخیار لتبعض الصفقة أو لعیب الشرکة (فتأمل) و سیأتی ما ینفع فی تحقیق المقام (و أما) إذا کان لاجتماعهما مدخل فی زیادة القیمة کمصراعی باب و زوجی خف کل واحد لمالک ففی جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و الریاض و الحدائق أنهما لا یقومان مجتمعین إذ لا یستحق مالک کل واحد حصته إلا منفردة فلا یستحق ما یزید باجتماعهما و قالوا إن طریق تقویمهما علی هذا أن یقوم کل منهما منفردا و تنسب قیمة أحدهما إلی مجموع القیمتین و یؤخذ من الثمن بتلک النسبة فإذا کان قیمتهما مجتمعین اثنی عشر و منفردین تسعة و الثمن ستة و قیمة أحدهما ثلاثة أخذنا له من الثمن بقدر قیمته إلی التسعة و هو ثلث الستة اثنان و لا یؤخذ بقدر نسبته إلی الاثنی عشر و هو ربع الستة واحد و نصف و لو قوم کل واحد منهما منفردا بعشرة یؤخذ نصف الثمن لأنه نسبة أحدهما إلی المجموع و استشکل بعضهم فی ذلک مع جهل المشتری بالحال و بذل الثمن فی مقابلة المجموع من حیث إنه مجموع قال فالأخذ بالنسبة إلی مجموع قیمتهما منفردین ظلم علی المشتری (و قد یقال) إن هذا منقوض بالظلم علی البائع لو أخذ بالنسبة إلی مجموع قیمتهما مجتمعین مع عدم تقصیره و إتلافه شیئا علی المشتری و إنما أراد له شیئا لم یسلم له و إلحاقه بالغاصب حینئذ فی ضمان الصفة لیس فی محله و یأتی تحقیق المقام (و قال فی الکفایة) إنه إذا لم تکن قیمة المجموع زائدة علی مجموع قیمتی الجزءین إنه یقوم واحد منهما مثل المملوک و یقوم المجموع و یراعی النسبة و یرجع المشتری من الثمن بتلک النسبة و یأخذ البائع الباقی و إن کانت قیمة المجموع زائدة یقوم المملوک و یقوم المجموع و تراعی النسبة بین القیمتین و یأخذ البائع من الثمن بتلک النسبة و یرجع المشتری بالباقی أو یقوم کل واحد منهما و یقوم المجموع و تراعی النسبة بین مجموع قیمتی الجزءین و قیمة المجموع و یجعل من الثمن قدرا بتلک النسبة بإزاء مجموع القیمتین و الباقی بإزاء الهیئة الترکیبیة و یأخذ البائع من الثمن بنسبة قیمة مملوکه إلی مجموع القیمتین و یرجع المشتری علی البائع بالباقی (و قال) فی الإیضاح لو أجاز من له الإجازة یقوم کل واحد منهما و یقوم المجموع و یأخذ کل منهما من الثمن بمراعاة النسبة علی ما قاله بعض الأصحاب (و الصواب) أن یقوم کل واحد منهما و یقوم المجموع و ینظر إلی مجموع القیمتین و یراعی النسبة إلی قیمة المجموع و یجعل قدرا من الثمن علی نسبة مجموع القیمتین إلی قیمة المجموع بإزاء جزئی المبیع و یجعل قدرا من الثمن بقدر نسبة الباقی من قیمة المجموع بإزاء الهیئة الترکیبیة ثم یأخذ البائع من القدر الذی بإزاء القیمتین علی نسبة قیمة مملوکه إلی مجموع القیمتین و یأخذ المجیز منه علی نسبة قیمة ماله إلی المجموع و ینصف ما بإزاء الهیئة من الثمن بینهما (و نحن نقول) یمکن الجری بهذا المثال علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 205
..........
______________________________
مقتضی إطلاق الأصحاب و لا ظلم علی البائع و لا المشتری و ذلک لأن صاحب المصراع الآخر إما أن یرضی ببقائهما مجتمعین کما کانا حتی لا ینقص ماله بالتفریق أو لا یرضی و علی الثانی یجری علی إطلاقهم من دون إشکال (بیان ذلک) أن هناک شیئین (أحدهما) حقیقة المصراعین (و ثانیهما) المنفعة القائمة بالهیئة الاجتماعیة التی بسببها زادت القیمة فإذا فرضنا أنه اشتراهما باثنی عشر و قوما مجتمعین بثمانیة و قوم کل واحد منهما منفردا باثنین فمجموع قیمتهما حینئذ أربعة و قد علم من ذلک أن نصف الثمانیة بإزاء أصل المصراعین و النصف الآخر بإزاء اجتماعهما و کذلک الاثنی عشر التی فرضناها ثمنا یکون نصفها بإزاء الاجتماع و نصفها الآخر بإزاء المصراعین فإذا اختار مالک المصراع الآخر اجتماعهما و أجاز اتجه ما قاله المحقق الثانی و الشهید الثانی و من وافقهما فینسب الاثنان إلی الأربعة و هما نصفها و یؤخذ بتلک النسبة من الاثنی عشر فیکون ستة فثلاثة بإزاء المصراع و ثلاثة بإزاء الفائدة القائمة بالاجتماع و أما إذا لم یجز المالک و اختار التفریق فإنا نجری فیه علی إطلاق الأصحاب فننسب الاثنین إلی الثمانیة التی هی قیمتهما مجتمعین و هما ربعها و تأخذ من الثمن أعنی الاثنی عشر بتلک النسبة فیختص المبیع بربع الثمن و هو ثلاثة و لا یؤخذ بإزاء الآخر و لا بإزاء الاجتماع شی‌ء أصلا سواء کان اجتماعهما فائدة أم لا و قد تحصل أیضا أنه لیس فی هاتین الصورتین ضرر أصلا لا علی البائع و لا المشتری نعم فی صورة التفریق التی جرینا بها علی إطلاق الأصحاب تفوت ثلاثة بإزاء الاجتماع من البائع لأن المالک اختار أفراد ماله و قد کان له ذلک قبل البیع و البائع قادم علی ذلک و یکون البائع فی هذه الصورة قد أخذ من المشتری درهما زائدا لأنه أخذ ثلاثة دراهم من الاثنی عشر قیمة مصراعه و قد فرضنا أن قیمته الواقعیة منفردا اثنان لکنه لم یدخل بذلک الضرر علی المشتری لأن المشتری هو الذی أدخل الضرر علی نفسه فی المجموع حیث اشتراهما بأزید من القیمة لأنه اشتری ما یسوی ثمانیة مجتمعا باثنی عشر فقد زاد أربعة فکانت مأخوذة فی البعض أیضا بالنسبة و استعلم ذلک فیما لو فرضنا أن البیع لم یقع إلا بثمانیة فإنه لم یکن علی المشتری إلا اثنان فی صورة التفریق و فی صورة الاجتماع إلا أربعة کما هو الواقع و لو لم یقع البیع إلا بأربعة لم یکن علیه إلا واحد فی التفریق و إلا اثنان فی الاجتماع و ذلک لإقدام البائع علی تنصیف القیمة علیه و ما قال صاحب الریاض و غیره أن المشتری ما رضی إلا بالمجموع فإنه ینجبر بالخیار فلا ظلم أصلا و ظاهر المحقق الثانی و الفاضل المیسی و الشهید الثانی و غیرهم حیث أخذوا علی الأصحاب فی هذا المثال عدم الفرق بین بقائهما مجتمعین أو متفرقین حیث قالوا لم یقوما مجتمعین إذ لا یستحق مالک کل واحد ماله إلا منفردا و أطلقوا (و یرد) علیهم فی صورة التفریق أن لزوم الستة علی المشتری حینئذ ضرر علیه فإنه اشتری کذلک جاهلا بالاستحقاق و نظره مصمم إلی الهیئة الاجتماعیة و فائدتها إلا أن یقال إن المنفعة القائمة بالهیئة الاجتماعیة غیر مشترکة أو غیر قابلة للبیع إذ کل مالک یستحق ماله منفردا فکأنه اشتری ما کانت قیمته أربعة باثنی عشر و أما فوت المنفعة فیمکن انجباره بالخیار للجهل (فتأمل) جیدا و استشکل فی المسالک و الروضة فیما لو کانا لمالک واحد فأجاز فی أحدهما دون الآخر قال فی المسالک ففی تقدیرهما مجتمعین کالغاصب أو منفردین کما لو کانا لمالکین نظر و قال فی الروضة إنه یمکن فیه ما أطلقوه مع احتمال ما قیدناه «انتهی» و لو حکم التفصیل السابق فیقید بما قیده هو مع بقاء الاجتماع و یترک القید حال التفریق لکان أولی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 206
و إن کان من ذوات الأمثال قسط علی الأجزاء سواء اتحدت العین أو تکثرت (1) و لو فسخ تخیر المشتری فی فسخ المملوک و الإمضاء فیرجع من الثمن بقسط غیره (2)
______________________________
و لا یخفی أن تقویمهما مجتمعین یوجب الضرر علی المجیز (فتأمل) جیدا
(قوله رحمه اللّٰه) (و إن کان من ذوات الأمثال قسط علی الأجزاء سواء اتحدت العین أو تکثرت)
التقسیط علی الأجزاء فی ذوات الأمثال قد نص علیه فی المبسوط و التذکرة و نهایة الإحکام و جامع المقاصد لعدم الاحتیاج إلی اعتبار القیمة لثبوت التساوی فی المثلی و لا فرق فی ذلک بین أن تتحد العین أو تتکثر فی کل من القیمی و المثلی کما نص علیه فی الکتاب و نهایة الإحکام لکنه علی إطلاقه غیر مستقیم و الصور ست کما فی حواشی الشهید (قال الأول) أن تتحد العین و هو من ذوات القیم و لیس لأجزائها قسط من الثمن (الثانی) أن تتحد العین و هو من ذوات الأمثال کهذا الصاع (الثالث) أن تتکثر من ذوات الأمثال کهذا الصاع و ذلک الصاع و التقسیط فی هذه الثلاث علی الأجزاء فلم یتم الإطلاق بالنسبة إلی القیمی «فتأمل» (الرابع) أن تتحد العین و لأجزائها قسط کالبیت و البستان بعضه للبائع و باقیه للأجنبی (الخامس) أن تتکثر العین من مختلف الأجزاء کالعبدین (السادس) أن تتکثر العین من مختلف الأجزاء و متفقها و التقسیط فی هذه الثلاث علی القیم و جعل الأقسام فی جامع المقاصد أربعة الاتحاد فی القیمی کالعبد و التکثر فیه کالعبد مع الجاریة و الاتحاد و التکثر فی المثلی کالقفیز و القفیزین من البر (ثم قال) إنه علی إطلاقه غیر مستقیم بل یجب أن یقید بما إذا تساوت الأوصاف التی لها مدخل فی زیادة القیمة و نقصانها أما إذا تفاوتت کجید الحنطة مع ردیئها أو مع الشعیر مثلا فإن المرجع إلی القیمة و إلا لزم استواء الحنطة و الشعیر فی الثمن و هو معلوم البطلان فإن متساوی الأجزاء إنما قسط الثمن علی أجزائه لتساویها فی القیمة لعدم الاختلاف بینها المؤثر فی اختلاف القیمة و الموضع المذکور بخلاف ذلک انتهی «فتأمل» و قد یقال إن قولهم متساوی الأجزاء یقسط الثمن علی أجزائه لتساویهما إن أرادوا التساوی بالکلیة فمشکل إذ ما من مثلی إلا و أجزاؤه مختلفة فی القیمة فی الجملة إلا ما شذ و إن أرادوا التساوی فی الجملة فهو موجود فی القیمی کالثوب و الأرض فإنهما قیمیان و قیمة أجزائهما متساویة فی الجملة قطعا بل قد قیل بتساوی أجزاء الثوب بالکلیة و إن أرادوا التساوی فی مقدار خاص فهو حوالة علی المجهول و منه یعلم حال تفسیرهم المثلی بما تساوت قیمة أجزائه و غیر المثلی ما لا تتساوی أجزاؤه بل لا یکاد یتم للمثلی تعریف أصلا من تعاریف الخاصة و لا العامة و قد عرفه الفریقان بتعاریف کثیرة و لم نجد منها ما سلم عن الإیراد مع أنه قد بنیت علیه الأحکام الکثیرة فیمکن أن یحال إلی العرف کما صرحوا به فی مسألة لا یستوی حیث قالوا المراد بالمساواة بحسب التعارف لا من کل وجه و لا من جمیع الوجوه و تمام الکلام یأتی قریبا إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله قدس سره) (و لو فسخ تخیر المشتری فی فسخ المملوک و الإمضاء فیرجع من الثمن بقسط غیره)
کما فی المبسوط و الغنیة لکنّهما لم یرتبا ذلک علی الفسخ لما قد أسمعناکه من مذهبهما و قد نسب الحکم المذکور فی التذکرة إلی علمائنا لمکان تبعض الصفقة لأن کان عیبا إذ المفروض أن المشتری جاهل بالحال و احتمل فی مجمع البرهان ثبوت الخیار للبائع أیضا إذا ادعی الجهل أو ظن أن المالک یقبل بذلک أو ادعی فیه الإذن و نحو ذلک و احتمل البطلان من رأس لأنه إنما وقع العقد و التراضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 207
و لو باع مالک النصف النصف انصرف إلی نصیبه و یحتمل الإشاعة فیقف فی نصف نصیبه الآخر علی الإجازة (1) أما الإقرار فیبنی (فینزل خ ل) علی الإشاعة قطعا (2)
______________________________
علی المجموع و قد بطل و لم یحصل التراضی علی البعض و حصوله فی الکل لا یستلزم حصوله فی الجزء و لأن البائع إنما رضی علی الوجه الخاص فکیف نلزمه بغیره (قلت) أما الاحتمال الأول فقد أشار إلیه فی المبسوط (قال) و متی اختار الرد فلا کلام و إن اختار أن یمسک بکل الثمن فلا خیار للبائع و إن اختار إمساکه بما یخصه من الثمن (فالأولی) أن نقول لا خیار له أیضا و إن قلنا له الخیار کان قویا و نفاه صاحب الغنیة (قال) و لا خیار للبائع علی المشتری فی ذلک لأن البیع قد ثبت من جهته فمن جوز الخیار فعلیه الدلیل (قلت) لعل ذلک فیما إذا لم یدع البائع الجهل أو الإذن أو نحو ذلک «فتأمل» و أما الاحتمال الثانی للمولی الأردبیلی فقد تقدم بطلانه بالأخبار و الإجماع و الاعتبار عند شرح قوله و لو باع ملکه و ملک غیره صفقة و قد ذکره فی جامع المقاصد فی المقام بعنوان السؤال و أجاب عنه بما یرجع إلی ما ذکرناه هناک
(قوله قدس سره) (و لو باع مالک النصف النصف انصرف إلی نصیبه و یحتمل الإشاعة فیقف فی نصف الآخر علی الإجازة)
هذان الاحتمالان ذکرا فی نهایة الإحکام و الإیضاح و جامع المقاصد فی موضعین منه أی الأخیر فی البیع و الوصایا مع حکمه فیهما بأن الاحتمال الأول هو الأصح و فی باب الصلح جزم بالأول و فی المسالک فی باب الصلح نسبته إلی الأصحاب (و قد) أخذ مسلما فی غصب جامع المقاصد و المسالک و وجهاه بأن اللفظ من حیث هو هو و إن تساوت نسبته إلی النصیبین إلا أنه من خارج قد ترجح انصرافه إلی النصف المملوک للبائع نظرا إلی أن إطلاق المبیع إنما یحمل علی المتعارف فی الاستعمال و المتبادر إلی الفهم و هو البیع الذی ترتب علیه الانتقال لفعل المتعاقدین و معناه أن البائع إنما یبیع مال نفسه و لا یبیع مال غیره إلا فضولیا أو وکالة و هما بعیدان فیصرف إلی المتبادر المتعارف و وجهه فی الإیضاح بأن الأصل فی البیع اللزوم و لهذا یحکم به عند الإطلاق و عدم العلم بالموانع و إنما یتخلف لعارض مثل الخیار و لم یوجد و لأنه لو قال بعتک غانما و هو اسم مشترک بین عبده و عبد غیره حمل علی عبده إجماعا فکذا فی المتواطی هذا و فی باب الوصایا أنه لو أوصی بنصف المشترک صح فی نصیبه و أنه لو أوصی بالمشترک صح فی نصیبه أیضا بخلاف البیع فإنه لو باع الجمیع وقف ملک الغیر علی الإجازة و الفرق تأثیر الإجازة فی بیع الفضولی دون الوصیة و الشهید فی الدروس احتمل تأثیر الإجازة فی الوصیة (فتأمل) و وجه احتمال الإشاعة أن البیع صالح لملکه و ملک غیره و لهذا یقبل التقیید بکل منهما و لفظ النصف إذا أطلق یحمل علی الإشاعة و لم یجعل الشارع صحة التصرف قرینة فی المجازات و المشترکات کما لو قال أعطوه حمارا و لا حمار له و إنما له عبد بلید فإنه لا یصرف إلیه و المراد بالإشاعة الإشاعة بالنسبة إلی النصیبین لا الإشاعة للأجزاء فی الأجزاء لأن ذلک ثابت علی کل من التقدیرین
(قوله قدس سره) (و أما الإقرار فینزل علی الإشاعة قطعا)
» کما فی نهایة الإحکام و الإیضاح و فی المسالک فی باب الصلح أن ذلک قاعدة و ظاهره أنها مجمع علیها (و قال) فی کتاب العتق من التحریر إن الأقرب لو قال بعت نصفه أو أقر بنصفه التخصیص بنصیبه فیهما (و قال) فی المیراث إذا أقر بمشارک فی المیراث و لم یثبت نسبه به لزم المقر أن یدفع إلیه ما فضل فی یده عن میراثه و لا یجب أن یقاسم و نحوه قال فی الإقرار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 208
فلو قال نصف الدار لک أو قال مع ذلک و النصف الآخر لی و لشریکی و کذبه الشریک فللمقر له ثلثا ما فی یده (1) و لو قال و النصف الآخر لی أو الدار بینی و بینک نصفان أخذ نصف ما فی یده
______________________________
و فی «1» جامع المقاصد فی باب الإقرار نسب إلی الأصحاب أن المقر إنما یدفع ما فضل فی یده عن میراثه و أفتی به لمکان فتوی الأصحاب و أنه لا ینزل علی الإشاعة و هذه الإشاعة غیر ما نحن فیه من الإشاعة لأن الإشاعة المنفیة «2» هی الإشاعة للأجزاء فی الأجزاء فلو أقرت بولد للزوج لا یجب علیها أن تدفع له سبعة أثمان کل شی‌ء فی یدها بل تدفع له ما زاد علی ثمن ما فی یدها و المراد بالإشاعة هنا و فی باب الإقرار أیضا الإشاعة بالنسبة إلی النصیبین کما هو ظاهر و تحریر المقام و الوقوف علی حقیقته فی باب الصلح فلا بد من مراجعته أو مراجعة باب الإقرار فإن المسألة مستوفاة فیه (و قد) سهت أقلام أقوام منهم المحقق الثانی (و وجه) القطع بالتنزیل علی الإشاعة أن الإقرار کالشهادة بأنه ملک الغیر و هو قد یکون فی ماله و قد یکون فی غیر ماله کما فی صلح مجمع البرهان و أن الإقرار إخبار عن ملک الغیر لشی‌ء فلا یجب أن یکون منصرفا إلی ما فی الید لإمکان وقوع هذا الإخبار علی ما فی ید الغیر (کذا قال فی جامع المقاصد) و نحوه ما فی نهایة الإحکام و الإیضاح (و قال) فی الأول إن لفظ الإقرار صالح لکل من النصیبین و لا ترجیح بأمر خارجی کما فی المسألة المتقدمة (ثم) استشعر اعتراضا (فقال) لا یقال الإقرار حقیقة إنما یکون علی ما فی الید و أما علی ما فی ید الغیر فإنما هو شهادة و لا یعد إقرارا لأنا نقول الإقرار إخبار و لم یثبت تخصیصه بما فی الید لإمکان وقوع هذا الإخبار علی ما فی ید الغیر و الأصل عدم کونه شهادة و لو سلمنا فهذا إنما هو فی لفظ الإقرار کما لو قال أقررت (أما) إذا قال لفلان کذا الفلانی فإنه إخبار إن شئت سمیته إقرارا و إن شئت شهادة و إن شئت وزعته لو تعلق بمختلفین فی الید و عدمها انتهی (قلت) کأنهم متفقون علی اشتراط کون المقر به تحت یده و تصرفه فیه تصرفا ملکیا و أخرجوا بذلک إقرار المستعیر بملکیة المعار و الإقرار بحریة عبد الغیر و الإقرار بکون عبد زید ملکا لعمرو قالوا فإنه لا یحکم بثبوت الملکیة فی العبد للمقر له به بمجرد الإقرار بل یکون دعوی أو شهادة و لا یلغو الإقرار من کل وجه بل لو حصل المقر به فی یده بملکیة ظاهرا انتزع و حیث یقر بحریته لا یجوز له الأکل من کسبه بغیر إذنه إن کان صادقا و إن أذن له المولی و یمنعه الحاکم من ذلک (فلیتأمل جیدا)
(قوله قدس سره) (فلو قال نصف الدار لک أو قال مع ذلک و النصف الآخر لی و لشریکی و کذبه الشریک فللمقر له ثلثا ما فی یده)
لأنه لما أقر له بنصف کان متعلق الإقرار أمرا کلیا فی یده و ید شریکه فکأنه قال له لک نصف هذه الاثنی عشر التی فی یدی و ید شریکی و لی ربعها و لشریکی ربعها لأن المسألة من اثنی عشر لأنها أقل عدد یخرج منه ثلث الربع صحیحا و لا بد فی المسألة کما ستسمع من تقدیر ذلک و لما کذبه شریکه کان تکذیبه نافذا فی الربع الذی هو نصف ما فی یده و هو ثلاثة فصار هذا الربع تالفا و لا یمکن أن نقول بتلف النصف لأنه أمر کلی و یمتنع تلفه إذ التلف إنما یتحقق فی نفس الأمر للأمر المشخص المتعین و لا ریب فی أنه إذا تلف بعض العین المشترکة إنما یتلف من الشریکین علی نسبة استحقاقهما
______________________________
(1) فی نسختین بغیر الواو و الظاهر سقوطها من قلم الناسخ (مصححه)
(2) فی باب الإقرار (خ)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 209
و لو ضم إلی المملوک حرا أو خمرا أو خنزیرا صح فی المملوک و بطل فی الباقی و یقسط الثمن علی المملوک و علی الحر لو کان مملوکا و علی قیمة الخمر عند مستحلیه (1)
______________________________
و لا شرکة بین الثالث المقر له و الشریک المکذب لمکان تکذیبه و رده للإقرار فانحصرت الشرکة بین المقر و المقر له فکان الربع التالف منهما علی نسبة استحقاقهما و لا شبهة فی أن الثالث المقر له یستحق النصف بإقرار المقر و أن المقر یستحق الربع فکان هنا ثلاثة أرباع و النصف ثلثا المجموع أعنی الثلاثة أرباع و الذی تلف علیهما ربع هو ثلاثة من ستة من اثنی عشر فیتلف علی المقر واحد من الثلاثة و علی المقر له اثنان منها و الباقی فی أیدیهما إنما هو الستة التی کانت فی ید المقر فیأخذ المقر له منها أربعة و لو لا إنکار الشریک کان له ستة فقد تلف علیه الاثنان اللذان هما ثلثا ربع الشریک و یأخذ المقر من الستة اثنین و لو لا إنکار شریکه کان له ثلاثة فقد تلف علیه واحد و هو ثلث ربع الشریک لأنک قد علمت أن الثالث لو لا إنکار الشریک کان له ثلثا ما فی ید المقر و ثلثا ربع الشریک و للمقر ثلث ما فی یده و ثلث ربع الشریک (و إن شئت قلت) کان نصف ما فی یدیهما فلما رد الشریک تلف علیهما ربعه فردا إلی ما فی ید المقر فأخذ الثالث ثلثیه و المقر ثلثه (و عساک) تقول إن مقتضی الإشاعة التنزیل علی ما فی ید کل واحد منهما فیکون للثالث بمقتضی الإقرار ربع فی ید کل من الشریکین کما لو صرح فقال لک نصف ما فی یدی و نصف ما فی ید شریکی فکیف تغیر الحکم لأنا نقول لما حصل تکذیب الشریک تحقق تلف الربع فوجب کونه بینهما کما بیناه و بمقتضی ذلک صار الحکم کذلک کما عرفت و الحکم فی المقام مبنی علی أن الإنکار بمنزلة التلف من غیر فرق بین ما إذا اتحد سبب الملک کالمیراث أو تغایر (و قد) فرق المصنف و الجماعة بینهما من غیر خلاف فی باب الصلح فلا بد من مراجعة الباب المذکور لتقف فی المقام علی فوائد جلیلة و مما ذکر یعلم حال ما لو قال نصف الدار لک و النصف الآخر لی أو الدار بینی و بینک نصفان و کذبه الآخر فإن الثالث إنما یأخذ نصف ما فی ید المقر لأن التالف علیهما نصف فیوزع علی استحقاقهما (و مقتضی قوله) أو قال مع ذلک إلخ أنه لا تفاوت بین الصورتین فی الحکم المذکور و هو کذلک (و ظاهر قوله) فللمقر له ثلثا ما فی یده أن ذلک یتفرع علی الإشاعة و لیس کذلک بل المتفرع علیها تنزیل الإقرار علی ما فی یدیهما لکن لما کان تکذیب الآخر إذا انضم إلی الإقرار المنزل علی الإشاعة اقتضی أن یکون للثالث الثلثان صح له أن یفرع ذلک علی الإشاعة لأن کان لها مدخل فی ذلک کما أشار إلی ذلک کله فی جامع المقاصد
(قوله قدس سره) (و لو ضم إلی المملوک حرا أو خمرا أو خنزیرا صح فی المملوک و بطل فی الباقی و یقسط الثمن علی المملوک و علی الحر لو کان عبدا أو علی «1» قیمة الخمر عند مستحلیه)
کما فی التذکرة و نهایة الإحکام و الإرشاد و الدروس و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان و غیرها (و قد) نص علی صحته فی المملوک و بطلانه فی غیره فی المبسوط و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر (و قد قید) ذلک بجهل المشتری فی حواشی الشهید و کذا فی کشف الرموز و التنقیح (و قد یظهر) ذلک من الباقین أو یلوح منهم ما عدا المصنف فی التذکرة (و ستسمع کلامه و عبارة الإرشاد محتملة للأمرین و لعلها فیما نحن فیه أظهر (قال) الشهید فی حواشیه هو مقید بجهل المشتری بعین المبیع أو حکمه
______________________________
(1) مملوکا و علی خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 210
..........
______________________________
و إلا لکان البذل بإزاء المملوک ضرورة أن القصد إلی الممتنع کلا قصد انتهی (و منه) یعلم ما فی جامع المقاصد حیث قال یلزم القائلین فی مشتری المغصوب العالم بالغصب بعدم الرجوع فی الثمن عدم الرجوع هنا و هو مدخول إلا أن یقال ذلک خرج بالإجماع و إطلاق المصنف التقسیط یقتضی الفرق بینه و بین ما هناک و فی بعض الحواشی المنسوبة إلی شیخنا الشهید طرد الحکم هنا و هو بعید (انتهی) و قد اقتفی أثره فی ذلک صاحب المسالک (فقال) فی المسألة إشکال من وجهین (أحدهما) أن المشتری إذا کان جاهلا توجه ذلک أما إذا کان عالما بفساد البیع فیما لا یملک أشکل صحة البیع مع جهله بما یوجبه التقسیط لإفضائه إلی الجهل بثمن المبیع حال البیع لأنه فی قوة بعتک العبد بما یخصه من الألف إذا وزعت علیه و علی شی‌ء آخر و هو باطل (و قد نبه) علی ذلک العلامة فی التذکرة (قلت) قال فی التذکرة بعد أن قال و لو کان عالما صح البیع و لا خیار له ثم نقل عن الشافعی القطع بالبطلان فیما إذا کان المشتری عالما لإفضائه إلی الجهل بثمن المبیع ما نصه و لیس عندی بعیدا من الصواب البطلان فیما إذا علم المشتری حریة الآخر أو کونه مما لا ینتقل إلیه (و قال فی المسالک الوجه الثانی) أن التوزیع إنما یتم أیضا قبل إقباض المشتری الثمن أو بعده مع جهله بالفساد و أما مع علمه فیشکل التقسیط لیرجع بقسطه لتسلیطه البائع علیه و إباحته له فیکون کما لو دفع إلی بائع مال غیره کالغاصب (و قد تقدم) أن الأصحاب لا یجیزون الرجوع بالثمن إما مطلقا أو مع تلفه فینبغی هنا مثله إلا أن یقال ذاک خرج بالإجماع و إلا فالدلیل قائم علی خلافه فیقتصر فیه علی مورده و هو حسن إن تم (قلت قد عرفت) أنه تام لا غبار علیه و مثل ذلک قال فی الروضة و قال فیها أیضا و یمکن جریان الإشکال فی البائع مع علمه بذلک و لا بعد فی بطلانه من طرف أحدهما دون الآخر و هو کلام جید وجیه و معنی قوله و علی قیمته عند مستحلیه أنه یرجع فیها إلی قیمته عند مستحلیه لا بمعنی قبول قولهم فی القیمة لاشتراط عدالة المقوم بل و یمکن فرضه فی تقویم عدلین قد أسلما عن کفر یبیح ذلک أو مطلعین علی قیمته عندهم و یمکن الاکتفاء بمن نثق به منهم علی تقدیر العجز و حصول العلم أو الظن القریب و فی المسالک لو قیل بقبول أخبار جماعة منهم کثیرة یؤمن اجتماعهم علی الکذب و یحصل بقولهم الظن الغالب المقارب للعلم أمکن و به جزم فی الروضة و تبعه صاحب الریاض (و أما) تقویم الحر فإنه یقوم لو کان عبدا بالوصف الذی هو علیه من کبر و صغر و بیاض و سواد و غیرها و فی حواشی الشهید المدونة ما نصه (قال عمید الدین) یقوم الخمر عند مستحلیه بانفراده و تقوم الشاة عند عدول المسلمین و یتأتی فی الأول بأن یسلم ذمی أو یکون مطلعا علی قیمته عندهم (و قد حکی عنه فی جامع المقاصد) أنه قال فی حواشیه إن التقویم فی الحر و العبد بین (و فی الباقیین) تفصیل و هو أنه إن تساوت قیمة الخل المنضم إلی الخمر و الشاة المنضمة إلی الخنزیر عند الملتین قوما معا عند أهل الذمة و إن کان الخل أرفع قیمة عند المسلمین فالظاهر التقویم منفردین لاشتمال الاجتماع علی غبن البائع أو امتناع التقویم لأنه إن کان عند أهل الذمة لزم الأول و إن کان عند المسلمین فالثانی (و قال فی جامع المقاصد) لیس لهذا الکلام کثیر محصل لأن الأصل فی التقویم اعتباره عند المسلمین لأن الحکم إنما هو لأهل الإسلام فما دام یمکن ذلک وجب المصیر و لا یعدل عنه إلا عند التعذر و هو فیما یملک ممکن فتعین اعتباره و لا اعتبار بالتساوی و عدمه أما ما لا یملک فلا بد من الرجوع فی تقویمه إلی من یری له قیمة من غیر المسلمین للضرورة فیقتصر علی محلها و لا ریب أنه لا یقبل قول الکافر فی التقویم لاشتراط العدالة فیه بل یرجع فی ذلک إلی قول العدل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 211
و لو باع جملة الثمرة و فیها عشر الصدقة صح فیما یخصه دون حصة الفقراء إلا مع الضمان (1) و لو باع أربعین شاة و فیها الزکاة مع عدم الضمان لم یصح فی نصیبه إذ ثمن حصته مجهول علی إشکال (2)
______________________________
کالذی أسلم عن کفر أو المسلم المجاور للکافر و قول المصنف عند مستحلیه لا ینافی ذلک لأنه ضرب القیمة لا التقویم «انتهی فتأمل» فی کلامه و هو قوله أما ما لا یملک إلخ و یمکن التأویل بوجهین فتدبر و طریق التقسیط علی المملوک و غیره قد تقدم مثله
(قوله قدس سره) (و لو باع جملة الثمرة و فیها عشر الصدقة صح فیما یخصه دون حصة الفقراء إلا مع الضمان)
حکی عنه الشهید الصحة و إن لم یضمن للزوم الضمان للبیع (و قال فی التذکرة) لو باع جمیع الثمرة و فیها عشر الصدقة ففی صحة البیع فی قدر الزکاة إشکال ینشأ من أنه بالخیار بین إخراج العین و إخراج القیمة فإذا باعه کان قد اختار القیمة و من أنه باع مال غیره و الضمان بعد التضمین و فی زکاة الکتاب (قال) فلو باع قبل الأداء صح فیتبع الساعی المال إن لم یؤد المالک فیفسخ البیع فیه یعنی فی حق الفقراء و یتخیر المشتری فی الباقی و لو أدی المالک من غیره فلا خیار و نحوه ما فی زکاة التحریر و حاصل کلامه فی الکتابین أنه یکون مراعی فإن أدی من غیره صح الجمیع ضمن أم لم یضمن و إلا بطل فی نصیب الفقراء فیتخیر المشتری مع جهله و نحو ذلک ما فی الدروس (حیث قال فیه) و لو باع النصاب کان نصیب المستحق مراعی بالإخراج لتعلق الزکاة بالعین (و قال فی زکاة التذکرة) بعد أن نقل الأقوال فی تعلق الزکاة بالمال فإذا باع النصاب بعد الحول و قبل الإخراج فالبیع فی قدر الزکاة یبنی علی الأقوال فمن أوجبها فی الذمة جوز البیع و من جعل المال مرهونا فالأقوی الصحة و إن قیل بالشرکة فالأقوی الصحة أیضا و هو أضعف قولی الشافعی و أصحهما عنده المنع (ثم قال) و الوجه صحة البیع مطلقا و یتبع الساعی المال إن لم یؤد المالک فیفسخ البیع فیه إلخ و نحوه أو قریب منه ما فی نهایة الإحکام (و قال فی موضع آخر من التذکرة) الأقرب عندی جواز تصرف المالک فی النصاب الذی وجبت فیه الزکاة بالبیع و الهبة و أنواع التصرفات و تعلق الزکاة لیس بمانع (إلی أن قال) فإن أخرج الزکاة من غیره و إلا کلف إخراجها و إن لم یکن متمکنا فالأقرب فسخ البیع فی قدر الزکاة (إلی آخر ما قال) و أبطل فی المبسوط البیع فی حصة الفقراء إلا بإذنهم أو إذن الإمام و إطلاقه یقضی بعدم الفرق بین أن یکون قد ضمن المالک أو لم یضمن و لعله بناه علی ما یذهب إلیه من عدم صحة عقد الفضولی و المراد بالضمان فی قول المصنف إلا مع الضمان العزم علی الأداء من غیرها و لا یشترط لفظ مخصوص کما فی جامع المقاصد (قال) و لا بد من علم المشتری به لو کان عالما بالزکاة
(قوله قدس سره) (و لو باع أربعین شاة و فیها الزکاة مع عدم الضمان لم یصح فی نصیبه إذ ثمن حصته مجهول علی إشکال)
إطلاق کلامهم المنقول آنفا یقضی بصحته فی نصیبه و هو الذی قربه فی التذکرة فی بحث تبعض الصفقة و هو مبنی علی ما هو الصحیح من أن الشاة الواجبة فی الأربعین لیست واحدة لا بعینها لأنه یکون الثمن حینئذ مجهولا لأنه یقسط علی الأجزاء و هی مختلفة لأنها قیمیة و الواحدة لا بعینها قیمتها مجهولة لا تتعین قیمتها إلا بعد تعیینها (و أما) ما استدل علیه بالاکتفاء بشاة من غیر اعتبار الجمیع و أنه لو لم یبق إلا واحدة تعین أخذها من دون اعتبار القیمة و هو أحد وجهی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 212
و لو باع اثنان عبدین غیر مشترکین صفقة قسط الثمن علی القیمتین اتفقتا أو اختلفتا (1)
______________________________
الإشکال (و الجواب) عنه أن الشارع اکتفی بمسمی الشاة تسهیلا علی المکلف بالواجب فالواجب مقدار شائع فی النصاب لتعلق کل جزء من الشاة بواحدة من النصاب و لهذا یجب التقسیط علی المراض و الصحاح و إذا تلف شی‌ء من النصاب بغیر تفریط سقط بالحساب و لأن محل الوجوب إما کل واحدة بعینها أو لا بعینها و الأولان باطلان قطعا و کذا الثالث لأن المعین و هو الوجوب لا یحل فی المبهم لأنه غیر موجود فی الخارج فتعین أن یکون کل واحدة محلا لوجوب جزء منها فیکون للفقیر فی کل واحدة ربع عشرها فیکون ثمن حصة المالک معلوما و لو إجمالا (و فی حواشی الشهید) لو قال المصنف و فیها حق مالی معلوم للّه لکان أشمل (و فی جامع المقاصد) أنه إذا باع أزید من أربعین و لم یبلغ النصاب الثانی فالبطلان لیس إلا لعدم تعیین النصاب لأن الزائد عفو (و قد فرع) علی المسألة حکم الخمس (فقال) ظاهر الأصحاب أنه لو اشتری مال من لا یخمس لم یجب علیه الخمس لعدم کذا وجدنا فی عدة نسخ و الظاهر أن المضاف إلیه ساقط من قلمه المبارک المیمون تقدیره لعدم تعلقه بالعین کما نص علیه الشهید فی حواشیه فی باب الخمس (قال) لا ریب فی تعلق الخمس فی المکاسب بالذمة و هل له تعلق بالعین کالدین بالنسبة إلی الرهن یحتمل ذلک و قد نقلنا تمام کلامه فی ذلک فی باب الزکاة عند الکلام علی تعلقها بالعین و قال إن ما یشتری من مال من لا یخمس استحلالا للخمس أو اعتقادا لتحریمه فإنه یباح التصرف فیه و إن کان بعضه للإمام و غیره و جعل ذلک أحد التفاسیر للمتاجر التی أبیحت لنا و ینبغی أن یستثنی من ذلک ما لو اشتری مال أهل الخلاف الذین یخالفون فی محل الزکاة أو قدرها مع احتمال إطلاق الحکم
(قوله قدس سره) (و لو باع اثنان عبدین غیر مشترکین صفقة بسط الثمن علی القیمتین اتفقتا أو اختلفتا)
قال فی التذکرة لو باع زید عبده و عمرو عبده صفقة بثمن واحد فإنه یصح عندنا و یوزع الثمن علی القیمتین و للشافعیة فی صحة العقد قولان (و کذا) لو باع من رجل عبدین له هذا من أحدهما و هذا من الآخر بثمن واحد «انتهی» و فی جامع المقاصد حکم الشیخ بالبطلان فی المختلفین للجهل بالنسبة و هو ضعیف (قلت) قد حکم فی الخلاف ببطلان العقد مطلقا کما یقتضیه إطلاقه و قال فی المبسوط إذا کانا مختلفی القیمة بطل و إن تساویا صح (و فیه) أن الثمن فی مقابلة المجموع و التقسیط الحکمی لا یقتضی التقسیط لفظا و الجهالة إنما تتطرق بالاعتبار الثانی دون الأول و یرشد إلیه أنه لو کان عبد واحد و لأحدهما فیه حصة و الباقی للآخر و لم تعلم حصة کل واحد منهما فباعاه صفقة واحدة صح البیع و إن اختلف عوض کل واحدة من الحصتین باعتبار اختلافهما و کونهما فی حکم العقد کما فی الخلاف لا یقتضی کونهما عقدین حقیقة و لهذا لو فسخ فی أحدهما لم یکن له ذلک إلا برد الآخر و ذلک یدل علی اتحاد الصفقة و قد ذکر القولین فی الشرائع فی باب الشرکة من دون ترجیح (و قال فی المبسوط) أیضا و إن قال لرجل بعتک هذین العبدین بألف صح البیع و إن جهل ما یقابل کل واحد من العبدین من الألف لأن ذلک صفقة واحدة و الثمن فی الجملة معلوم و إذا باعهما من رجلین کان ذلک صفقتین و یجب أن یکون الثمن معلوما فی کل واحد منهما «انتهی» فإن کان مراده کما هو الظاهر أنه باعهما من رجلین صفقة بألف لم یصح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 213
و للأب و الجد له ولایة التصرف ما دام الولد غیر رشید فإن بلغ رشیدا زالت ولایتهما عنه (1) و لهما أن یتولیا طرفی العقد (2) و الحاکم و أمینه إنما یلیان المحجور علیه لصغر أو جنون أو فلس أو سفه أو الغائب (3) و الوصی إنما ینفذ تصرفه بعد الموت مع صغر الموصی علیه أو جنونه (4)
______________________________
لأنه ینحل إلی صفقتین کان مما یستشهد به علی ما نحن فیه (فلیتأمل جیدا)
(قوله قدس سره) (و للأب و الجد له ولایة التصرف ما دام الولد غیر رشید فإن بلغ رشیدا زالت ولایتهما عنه)
قد تقدم الکلام فی ولایة الأب و الجد له عند قوله و یشترط کون البائع مالکا أو ولیا عنه کالأب و الجد له (و قال الشهید) فی حواشیه جعل الولایة ممتدة بزمان فقد الرشد و هو صحیح طردا و أما عکسه فمنقوض بالرشد قبل البلوغ و لکنه أوضحه فیما بعد (ثم قال) و لو قال غیر کامل انعکس و أجاب فی جامع المقاصد أن ذلک مدلول علیه بالمفهوم المخالف و هو مفهوم الزمان علی ما ذکره بعض الأصولیین (انتهی) یرید أنه غیر معمول به عندهم (فلیتأمل) و قال قیل علیه إن قوله فإن بلغ إلخ لا یصح تفریعه علی ما سبق لأنه أعمّ من البلوغ و عدمه (و أجاب) بأنه لا یمتنع تفریع الشی‌ء علی الشی‌ء باعتبار ما کما فی قوله تعالی وَ لٰا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّٰی یَطْهُرْنَ فَإِذٰا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ (قلت) إذا قلنا بأن تفعل هنا بمعنی فعل کالمتکبر فی أسمائه تعالی و قولهم تطعمت الطعام بمعنی طعمته حتی توافق الآیة الکریمة ما روی عن الصادقین و الکاظم علیهم السلام و تتوافق قراءة التخفیف و التشدید لم یتم الاستشهاد بها (فلیتأمل)
(قوله قدس سره) (و لهما أن یتولیا طرفی العقد)
کأن الحکم إجماعی لأن الشیخ فی الخلاف و المبسوط إنما خالف فی غیر الأب و الجد و یظهر من المسالک أن هناک خلافا (حیث قال) علی الأصح و نحوه ما فی الکفایة و الموجود فی المبسوط و الخلاف أن جملة من یبیع مال غیره ستة أنفس الأب و الجد و وصیهما و الحاکم و أمین الحاکم و الوکیل و لا یصح لأحد منهم أن یبیع المال الذی فی یده من نفسه إلا اثنین الأب و الجد و لا یصح لغیرهما إذ لا دلالة علی ذلک و بیعهما یصح لإجماع الفرقة علی أنه یجوز للأب أن یقوم جاریة ابنه الصغیر علی نفسه و یطأها بعد ذلک فتراه قد ادعی الإجماع فی الکتابین علی ذلک و فی مجمع البرهان أن الظاهر من کلامهم عدم الخلاف فی ذلک بل ادعی الإجماع فی المنتهی و نقل عن ابن إدریس و الظاهر أنه ظفر بذلک فی المنتهی فی غیر هذا المقام لأنه لم یصل إلی البیع علی الظاهر و إنما وجدنا منه جملة من المکاسب فالخلاف إنما هو فی الوکیل و الوصی کما سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی و الغرض بیان أن هذا مما لا خلاف فیه
(قوله قدس سره) (و الحاکم و أمینه إنما یلیان المحجور علیه لصغر أو جنون أو فلس أو سفه أو الغائب)
هذا قد تقدم الکلام فیه أیضا عند الکلام علی ولایة الأب و الجد له و إنما یلیان المحجور علیه لصغر عند عدم الأب و الجد له و کذا المجنون الذی اتصل جنونه بحجر الصغر بخلاف ما إذا بلغ و رشد ثم جن فإنهما یلیانه و إن وجد أبوه أو جده و کذا الشرط فی السفه و الفلس إلا أن یتجددا بعد البلوغ و الرشد کما تقدم بیان ذلک کله و فی حواشی الشهید أن الصغیر المفلس أمره إلی الأب لأن قید الفلس یلغی (انتهی فتأمل) و فی جامع المقاصد لا ریب فی أن عبارة الکتاب هنا غیر حسنة لأنه لم یستوعب بیان من یلیه الأب و الجد له
(قوله قدس سره) (و الوصی إنما ینفذ تصرفه بعد الموت مع صغر الموصی علیه أو جنونه)
قد تقدم الکلام فیه أیضا و الشرط فی ولایته علی المجنون و السفیه أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 214
و له أن یقترض مع الملاءة و أن یقوم علی نفسه (1) و الوکیل یمضی تصرفه ما دام الموکل حیا جائر التصرف فلو مات أو جن أو أغمی علیه زالت الولایة (2) و له أن یتولی طرفی العقد مع الإعلام علی رأی (3) و کذا الوصی یتولاهما
______________________________
لا یکونا قد تجددا بعد البلوغ و الرشد
(قوله قدس سره) (و له أن یقترض مع الملاءة و أن یقوم علی نفسه)
هذا تقدم الکلام فیه فی باب الزکاة و فی بیان الملاءة و بینا أن الأب و الجد مستثنیان من ذلک و اشترط الشهید و المحقق الثانی فی الاقتراض و التقویم یعنی إیقاع العقد الموجب للملک الإشهاد و الرهن و أطلق فی نهایة الإحکام کالکتاب و التذکرة فی باب الحجر و فی خبر أبی الربیع عن الصادق علیه السلام أن علی بن الحسین علیه السلام کان یستقرض من أموال أیتام کانوا فی حجره نعم شرط فی التذکرة الرهن فإن تعذر فالکفیل فیما إذا أقرض الأجنبی
(قوله قدس سره) (و الوکیل یمضی تصرفه ما دام الموکل حیا جائز التصرف فلو مات أو جن أو أغمی علیه زالت الولایة)
و کذا الوکیل لو مات أو جن أو أغمی علیه زالت الوکالة و ذلک لأن بطلانها بموت الوکیل ظاهر و أما بموت الموکل فلأن تصرفه یکون بعد الموت و إن لم یعلم بموته و البطلان هو الأصل و إنما خرجت مسألة العزل بالنص مضافا إلی الاعتبار لأن الموکل فیه إن کان مالا فقد انتقل إلی الورثة فالمعتبر حینئذ إذنهم و إن کان عقدا أو نحوه لم یکن بعد الموت قابلا له و کذلک الاعتبار جار فی الوکیل لمکان اختصاصه بالإذن دون وارثه مضافا إلی إجماعهم علی ذلک فیهما علی الظاهر و هو المنقول عن صریح الغنیة و لم أجده (و فی المرسل) ما حاصله فی السؤال أن رجلا أرسل رجلا یخطب علیه امرأة و هو غائب فأنکحوا الغائب و فرضوا الصداق ثم جاء خبره بعد أنه توفی بعد ما سیق الصداق فقال إن کان أملک بعد ما توفی فلیس لها صداق و لا میراث و إن کان أملک قبل أن یتوفی فلها نصف الصداق و هی وارثة و علیها العدة و الخبر لم ننقله عن نسخة صحیحة فلذلک نقلناه بمعناه فی السؤال و أما بطلانها بالجنون و الإغماء من کل واحد منهما فهو موضع وفاق کما فی المسالک و قال و لأنه من أحکام العقود الجائزة (قلت) و لأنهما لو حصلا فی الوکیل منع عن التصرف لنفسه فما ظنک بتصرفه لغیره و لو حصلا فی الموکل منعناه عن استقلاله فی التصرف بنفسه فکیف لا یمنعان تصرف من هو فی حکمه «فتأمل» (و قال فی المسالک) لا فرق عندنا بین طول زمان الإغماء و قصره و لا بین الجنون المطبق و الأدوار و کذا لا فرق بین أن یعلم الموکل بعروض المبطل و عدمه و قد نقل عن التذکرة الإجماع علی ذلک (قال فی المسالک) و یجی‌ء علی احتمال جواز تصرفه مع رده و مع بطلان الوکالة بتعلیقها علی شرط جواز تصرفه هنا بعد زوال المانع بالإذن العام (و فیه نظر) لقوة احتمال عدم الجواز هنا استصحابا له إلی بعد زوال المانع و لا کذلک هناک لعدم وجود مثل ذلک فی ذلک لکن قالوا إن من وکل محلا فصار محرما لم یحتج إلی تجدید الوکالة بعد تحلّله من الإحرام «فتأمل» جیدا
(قوله قدس سره) (و له أن یتولی طرفی العقد مع الإعلام علی رأی)
الخلاف هنا یقع فی مقامین (أحدهما) هل یدخل الوکیل فی الإطلاق فی الإذن فیصح أن یبیع لنفسه من دون إذن صریح و لا قرینة أم لا (و الثانی) أنه مع إذنه له هل یصح العقد أم لا للزوم کونه موجبا قابلا مع التهمة و عدم المماکسة و لأن شرط اللزوم التفرق و هو لا یحصل بین الشی‌ء و نفسه و قد نسب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 215
..........
______________________________
هذا القول أعنی عدم صحة العقد مع الإذن لما ذکر إلی الشیخ فی النهایة و المبسوط و الخلاف و قالوا إنه تبعه علی ذلک ابن إدریس و حکی (و حکوا خ ل) ذلک عن أبی علی و هو کذلک فی النسبة إلی النهایة و السرائر فی البیع کما یأتی فی آخر الباب عند قوله و لا یتولاهما الواحد و کذلک فی النسبة إلی وکالة المختلف و المبسوط حیث أطلق فیهما أنه لیس للوکیل و الوصی و أمین الحاکم أن یبیع المال الذی فی یده لنفسه و الموجود فی المبسوط فی آخر کلامه أنه لو أذن له فی ذلک صح کما حکی ذلک عنه فی المختلف و الإیضاح و قال فی آخر کلامه فی وکالة المبسوط إنه الصحیح و مثل ذلک ذکر فی النهایة فی آداب التجارة و قد نسب هذا القول فی غایة المراد إلی کثیر من أصحابنا «فتأمل فیه» و قد عرفت فیما مضی أنه لا مانع من الاتحاد لأن الشیخ و غیره جوزوا بیع الأب و الجد لنفسه علی ولده و بالعکس و هو یدل علی بطلان المماکسة إلا أن تقول إن الشفقة الطبیعیة علی الولد تمنعهما من التسامح معه (ثم نقول) إن الإنسان قد یتسامح بماله و یلاحظ جانب الموکل فمتی علم إذنه و رضاه جاز (و أما التفرق) فقد أجاب عنه فی الخلاف بوجهین (أحدهما) أن البیع یلزم من غیر تفرق (و هو أن) یقول بعد العقد أجزت هذا البیع و أمضیته (و الثانی) أنه یقوم من مقامه فیکون ذلک بمنزلة افتراق المتبایعین و قد یقال علی الثانی إن المتبایعین لو قاما من موضعهما مصطحبین لم یبطل خیارهما (و قد یقال) فی تأیید هذا القول إن الأصل عدم الانتقال و عدم الإباحة و قد علم ذلک فی المتعدد بالإجماع و نحوه و ذلک غیر واضح فی غیر المتعدد فیبقی علی أصل المنع (و یدفع) بأنه عقد قطعا فیدخل تحت عموم قوله عز و جل أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و أَحَلَّ الهُٰع الْبَیْعَ و قد صدر من أهله فی محله مع شرائطه و الأصل عدم شرط آخر و عدم مانعیة الاتحاد و أنه تجارة عن تراض و قد جاز فی الأب و الجد و الأخبار الدالة علی أنه لیس للوکیل أن یشتری لنفسه محمولة علی عدم الإذن الصریح علی أنک ستسمع الحال فی دلالتها و سندها مضافا إلی ما یظهر من إطباق المتأخرین علی خلاف هذا القول فظاهر التذکرة فی موضعین منها الإجماع علی أنه إذا أذن له جاز له و هو ظاهرها أیضا فی باب الوکالة حیث قال عندنا و فی التحریر أنه المروی و الظاهر إطباق المتأخرین علیه کالمحقق و المصنف و ولده و الشهید و الکرکی و الشهید الثانی و غیرهم کما ستسمعه فی المقام الأول و هو لازم لأبی الصلاح کما ستعرف و فی مجمع البرهان أنه المشهور و به صرح فی وکالة الکتاب و الإرشاد و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و فی التذکرة أن بیعه علی ولده الصغیر جائز عندنا و هو یؤذن بدعوی الإجماع (قلت) و من منع ألحق بالوکیل عبده المأذون و ولده الصغیر کما نقل عن أبی علی فی الأول و عن الشیخ فیه و فی الثانی و فی وکالة الإیضاح أن جواز بیعه علی ولده الصغیر هو المشهور و الأصح (قال) و للشیخ فی المبسوط و الکیدری قول بأنه لیس له ذلک (و قال) فی التذکرة أیضا من منع من شراء الوکیل لنفسه منع منه لولده الصغیر و لمن یلی علیه بوصیة و عبده المأذون فی حکم نفسه لکنه فی وکالة الکتاب منع من بیعه لنفسه إلا مع الإذن و أجازه علی ولده الصغیر (و قد یفرق) بین بیعه لنفسه و بیعه لوکیله أو عبده لأن بعض أدلة المنع فی النفس لا تجری فی الوکیل و العبد «فتأمل» و فی مجمع البرهان الظاهر أنه لا خلاف عندنا فی جواز البیع علی الولد الکبیر و الزوجة کما فی غیرهما و الإذن إما صریحة أو تکون هناک قرینة دالة علی الرضا کأن یقول مرادی البیع و حصول الثمن «و أما المقام الأول» فقضیة کلام المصنف فی المقام أنه لا یدخل فی الإطلاق فلا یصح بیعه لنفسه من دون إذن و إعلام و هو صریحه فی وکالة الکتاب و وکالة المبسوط و الإرشاد و کذا الخلاف و فی وکالة التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 216
و إنما یصح بیع من له الولایة مع المصلحة للمولی علیه (1)
______________________________
أنه المشهور و فی وکالة الروضة أنه أولی و خیرة الشرائع و الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و قد یظهر ذلک من وکالة الإیضاح و فی مجمع البرهان و کذا الکفایة نسبته إلی ظاهر أکثر المتأخرین ما عدا المصنف فی المختلف و التذکرة فإنه أجازه من دون إعلام (قلت) و کذا نهایة الإحکام و التلخیص و الکتاب فی لواحق الرهن و الإیضاح فی المقام و حواشی الشهید و المختلف فی موضع آخر منه و وکالة اللمعة فإنهم قد جوزوه فی الکتب المذکورة من دون إعلام و هو المنقول عن أبی الصلاح فی المختلف و غیره و عن ظاهره فی غایة المراد و حکوا عنه أنه کرهه من دونه و لقد تتبعت البابین فی الکافی فلم أجد للکراهیة ذکرا إذ لیس فیه ما یستفاد منه ذلک إلا قوله و إذا أراد الموکل عزل الوکیل أو تخصیص الوکالة فلیشهد علی ذلک و یعلمه به إن أمکن إعلامه و هی بالظهور أشبه و أنت إذا لحظت جمیع کلامه رأیته غیر متناسق الأطراف و استشکل فی التحریر فی المقام و الکفایة و لم یرجح فی التحریر شیئا فی باب الوکالة کغایة المراد و المفاتیح و صرح فی التذکرة بأنه متردد (حجة الأولین) أن الأصل عدم جواز التصرف فی مال شخص ببیع و نحوه إلا بإذنه و المفروض عدم العلم به و الظاهر أنه لا نزاع فیه فکان النزاع فی أنه هل یفهم الإذن و الرضا من مجرد قوله بع مالی من دون انضمام شی‌ء فالدلیل علی عدم الفهم حینئذ الأصل و عدم ظهور الدلالة لأن المتبادر من قوله بع البیع علی الغیر عرفا و عادة (و یؤیده) بعد الأصل أعنی عدم الجواز بعض الروایات الواردة فی المنع من الشراء لعدم الفرق و عدم القائل به کقول أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی روایة هشام بن الحکم إذا قال لک الرجل اشتر لی فلا تعطه من عندک و إن کان الذی عندک خیرا و قوله علیه السلام فی روایة إسحاق لا یقربن هذا و لا یدنس نفسه إلی أن قال و إن کان عنده خیرا مما یجد له فی السوق فلا یعطیه من عنده (و حجة الآخرین) الأصل أیضا بتقریب أنه بعد أن أذن له جاز البیع لأصل الجواز لأنه تفهم الوکالة و الإذن من قوله بع لأنه یصدق علی بیعه من نفسه أنه بیع لغة و العرف المدعی و التبادر کذلک ممنوع لأن الأصل عدم النقل و التخصیص و التبادر «فتأمل» (و قد یستشهد) لذلک بما ورد فیما إذا وکله فی تقسیم مال علی قبیل هو منهم من أنه یجوز له الأخذ و إن کان فیه خلاف و ما ورد فی جواز أن یحج الوصی بنفسه للموصی و قد یفرق بین البیع و الشراء و هذا الشهید جزم بعدم جواز الشراء فی غایة المراد و جوز البیع فی حواشی الکتاب و ظاهره التردد فیه فی غایة المراد علی أن الروایتین لیستا صریحتین فی المنع عن الشراء بل عن الإعطاء مطلقا و هو أعمّ مع احتمال إرادة أن الأولی و الأحسن ذلک أو أن ذلک مع ظن التهمة کما یلوح من الروایة الثانیة أو یظهر منها أو یکون المنع مع فهم المنع أو یکون عن التدنیس علی أن فی سند الأولی داود بن رزین (زریق خ ل) أو داود بن زربی و فی سند الثانیة علی بن الحسن و الولید بن منذر و إسحاق و قد حققنا الحال فی هؤلاء فیما کتبناه فی الرجال و لیعلم أن اشتراط الإعلام إنما هو فی تولیة العقد لنفسه فلو کان وکیلا لآخر فی الشراء أیضا فإنه یصح نظرا إلی جواز تولی الطرفین فی غیره و عبارة الکتاب کعبارة الشرائع وقعت مطلقة و یأتی تمام الکلام فی باب الوکالة مسبغا محررا و ینبغی مراجعة ما ذکرناه فی أواخر باب البیع عند قوله و لا یتولاهما الواحد
(قوله رحمه اللّٰه) (و إنما یصح بیع من له الولایة مع المصلحة للمولی علیه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 217
و لو اتّفق عقد الوکیلین علی الجمیع و التفریق فی الزمان بطلا (1) و لو سبق أحدهما صح خاصة و یحتمل التنصیف فی الأول فیتخیران
______________________________
هذا الحکم إجماعی علی الظاهر و قد نسبه المصنف إلی الأصحاب فیما حکی عنه کما ستسمع و أقره علی ذلک القطب و الشهید و فی مجمع البرهان الظاهر أنه لا نزاع و لا خلاف فی جواز البیع و الشراء و سائر التصرفات للأطفال و المجانین و السفهاء المتصل جنونهم و سفههم إلی البلوغ من الأب و الجد له و من وصی أحدهما مع عدمهما ثم من الحاکم و من یعینه لهم و کذا لمن حصل له جنون أو سفه بعد البلوغ فإن أمره إلی الحاکم «انتهی» (و قال فی التذکرة) الضابط فی تصرف المتولی لأموال الیتامی و المجانین اعتبار الغبطة و کون التصرف علی وجه النظر و المصلحة و قد تعرض المصلحة فی البیع بدون ثمن المثل فی بعض جزئیات الصور (التصرف خ ل) «انتهی» و إذا باع بدون المصلحة یقع فضولیا و فی حواشی الشهید قال قطب الدین نقلا عن المصنف إنه لو باع الولی بدون ثمن المثل لم لا ینزل منزلة الإتلاف بالقرض لأنا قائلون بجواز اقتراض ماله و هو یستلزم جواز إتلافه قال و توقف یعنی المصنف زاعما أنه لا یقدر علی مخالفة الأصحاب و قد نقل ذلک فی جامع المقاصد و قال إنه لیس بشی‌ء فإن الاقتراض ناقل للملک و إتلاف الإنسان مال نفسه لیس کإتلافه مال الطفل قبل صیرورته مملوکا و أیضا فإن الإتلاف إذا جاز علی وجه مخصوص لم یثبت جوازه مطلقا کما هو ظاهر فإن ثبوت جوازه فی فرد لا یستلزم جوازه فی فرد آخر و لو صح ذلک لم یکن الحکم مقصورا علی الأسباب الثابتة شرعا
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو اتفق عقد الوکیلین علی الجمع و التفریق فی الزمان بطلا)
کما هو خیرة نهایة الإحکام و الإیضاح و جامع المقاصد و هو الذی نقله الشهید فی حواشیه عن الشیخ و ابن المتوج و اختاره هو و کذلک الحال لو أوصی إلی اثنین علی الجمع و التفریق فعقدا علی اثنین فی زمان واحد أو باع الحاکم و أمینه کذلک أو الأب و الجد و کذلک الحال لو اشتبه السبق و الاقتران أو حصل السبق و اشتبه من الأصل و أما لو علم السابق ثم اشتبه فیحتمل أنه کذلک و یحتمل الصبر إلی أن یتذکرا أو یتبین الحال و تحتمل الإقالة منهما و هو أحوط و احتمال القرعة فی تعین السابق قوی جدا لأنه أمر مشکل و لو کان للبائع خیار مجلس أو حیوان أو شرط فسخ به فی الجمیع (و وجه البطلان) کما فی الإیضاح تضادهما و استحالة اجتماع الضدین و الترجیح من غیر مرجح فلا یقدم أحدهما علی الآخر و لاقتضاء کل منهما انعزال الآخر فیقتضی کل منهما زوال سببیة الآخر فیبطل تأثیره «انتهی» و احتمال التنصیف الذی ذکره المصنف أخیرا ضعیف جدا و لذلک لم یذکر فی نهایة الإحکام و حواشی الشهید و نص علی ضعفه فی جامع المقاصد لعدم المقتضی له و نسبة کل من العقدین إلی مجموع البیع متساویة و وجهه أن تقدیم أحدهما فی الکل ممتنع و إبطال ثبوت أحد المتنافیین بوجود الآخر یستلزم وجوده فلو بطلا لوجدا و أثرا و هو محل لاستلزامه اجتماع الضدین فوجه الجمع التنصیف کالتداعی و إنما ثبت لهما الخیار حینئذ لتبعیض الصفقة و الجار الأول فی عبارة الکتاب متعلق بالوکیلین و لا یجوز تعلقه باتفق نعم الجار الثانی صلة اتفق و التقدیر لو اتفق عقد البیع الصادر من الوکیلین الذین وکلهما علی الجمع و التفریق أی تصرف کل منهما مع الآخر و بدونه مأذون فیه زمانا بأن کان زمان أحد العقدین بعینه هو زمان الآخر بطلا هذا و أما إذا علم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 218
و لو باعا علی شخص و وکیله أو علی وکیلیه دفعة فإن اتفق الثمن جنسا و قدرا صح (1) و إلا فالأقرب البطلان (2) و لو اختلف الخیار فالأقرب مساواته لاختلاف الثمن (3) إلا أن یجعلاه مشترکا بینهما
______________________________
سبق أحد العقدین صح السابق دون اللاحق کما أشار إلیه المصنف بقوله خاصة (و حکی فی جامع) المقاصد عن الحواشی المنسوبة إلی الشهید أن هذا حیث یکون وکیلا عن الموکل الأول فلو کان وکیلا عن المشتری الأول و لم یشترط القصد عن الموکل صح الثانی أیضا «انتهی» و بیانه أن زیدا وکل بکرا و خالدا فی بیع عبده و کان خالد وکیلا مطلقا عن عمرو فباع بکر عبد زید من عمرو أو وکیله ثم باعه خالد من بشر و لم یقصد معینا لأنا لم نشترطه فی الصحة فإن العقدین یقعان صحیحین و هما لشخص واحد «و لیعلم» أن السبق إنما یتحقق بالسبق فی القبول بتمامه فالسبق بالإیجاب کلا سبق و کذلک السبق ببعض القبول إذا سبقه الآخر بتمامه لأن انتقال الملک إنما یکون بعد تمام العقد
(قوله قدس سره) (و لو باعا علی شخص و وکیله أو علی وکیلیه دفعة فإن اتفق الثمن جنسا و قدرا صح)
کما فی نهایة الإحکام و الإیضاح و جامع المقاصد لاقتضائهما شیئا واحدا فلا تضاد فی الأثرین و لا امتناع فی اجتماع السببین لأن الأسباب الشرعیة من باب العلامات (قال فی الإیضاح) و لو قلنا بأنه هنا سبب مؤثر حقیقة کمقالة جمهور المعتزلة فالمؤثر الکلی لا کل واحد و لا الشخص الواحد
(قوله رحمه اللّٰه) (و إلا فالأقرب البطلان)
کما فی الکتب الثلاثة المتقدمة لکن فی الأول الجزم به و فی الأخیرین أنه الأصح لامتناع الجمع بین العقدین و لا ترجیح فیبطلان و احتمل فی الإیضاح و جامع المقاصد التنصیف الذی مر فی المسألة السابقة بطریق أولی و لعل المراد بالاختلاف فی الجنس ما یشمل الاختلاف فی الصفة و قضیة الکتاب و نهایة الإحکام و جامع المقاصد أنه لا فرق فی ذلک بین الاختلاف فی الجنس و القدر سواء اتفقا فی مصلحة الموکل أو کان أحدهما أصلح و خالف صاحب الإیضاح فی المقامین فقال إن الأصح البطلان إذا اختلفا فی الجنس و اتفقا فی المصلحة أما إذا کان أحدهما أصلح فهو أولی فی الجمیع (و قال) فیما إذا اختلف الثمنان فی القدر إنه لو کان أحدهما أصلح قدم کالاختلاف فی الجنس و یزید هذا أن أحدهما لو باعه بالأکثر ثمنا قدم لأنه لا یجوز له مع بذل الأکثر بیعه بالأقلّ نعم لو نص الموکل علی تجویز بیعه لکل منهما بالأقلّ مع بذل الأکثر و ساوی الأقل القیمة اقتصر علی تقدیم الأصلح و أنت خبیر بأن أحد الوکیلین إذا کان قد بذل جهده فی مراعاة المصلحة و باع صح بیعه و إن کان بیع الوکیل الآخر أصلح فکیف یقدم علیه (فلیتأمل) نعم إنما یتجه ذلک حیث یبیع بدون مصلحة کما إذا باع بأجل خال عن فائدة أو بأنقص مع وجود باذل أزید أو عین الثمن فی مال فیه شبهة أو نحو ذلک ثم إن البیع بالأکثر ثمنا فرد من أفراد المصلحة و لیس أمرا زائدا علیها و إن لم یکن فیه مصلحة أو کانت المصلحة فیه أقل من البیع بالأقلّ فقضیة اشتراط المصلحة و الأصلحیة بطلانه فکیف یقدم علی الآخر و الحاصل أن کلامه فی الإیضاح لا یخلو من نظر «فلیتأمل»
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو اختلف الخیار فالأقرب مساواته لاختلاف الثمن)
کما قطع به فی نهایة الإحکام و قواه فی الإیضاح و وجه ذلک أن الخیار نوع ارتفاق فإن کان للبائع فهو بمنزلة الزیادة و إن کان للمشتری کان بمنزلة النقیصة و وجه عدم المساواة و هو غیر الأقرب أنه لا یعد مالا فلا یختلف فیه العوضان (و فصل فی الإیضاح) تفصیلا لم أفهمه إما لقصوری عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 219

[الفصل الثالث العوضان]

اشارة

(الفصل الثالث العوضان) و شرط المعقود علیه الطهارة فعلا أو قوة (1) و صلاحیته للتملک فلا یقع العقد علی حبة حنطة لقلته (2)
______________________________
الوصول إلی حقیقة حاله أو لفساد ذلک التفصیل و اختلاله (قال) لو اختلف الخیار فإن کان الخیار الأزید مشترکا بینهما أو مختصا بالموکل صح البیع لعدم التضاد و إن اختص الأزید بمن شرطه (قال المصنف) فالأقوی مساواته لاختلاف الثمن لتضاد الأثرین و تنافی اللازمین فیتنافی المؤثران و الملزومان و لأن الخیار له مدخل فی الثمن و یحتمل عدم مساواته لاختلاف الثمن فیظهر القول بالصحة فیحتمل ثبوت الخیار للأزید لاقتضاء العقد إیاه و العقد الآخر لا ینافیه فإن عدم الزائد المقتضی له عدم اشتراطه فی عقد صحیح یقتضیه و کذا عدم الخیار و هو منتف هنا لثبوت العقد المقتضی للأزید فمقتضی العقد الآخر عدم اقتضائه للزائد (للزیادة خ ل) لا نفی الزائد (الزیادة خ ل) و یحتمل ثبوت الأقل لأن له إلزام العقد الناقل للملک عن الموکل لأنه التقدیر «1» و قد ألزمه و الأقوی عندی مساواته لاختلاف الثمن «انتهی فلیتأمل فیه جیدا» فإن فیه مواضع للنظر و یظهر ذلک بملاحظة ما تسمعه فی شرح قوله إلا أن یجعلاه مشترکا بینهما فإن فیه وجوها و ظاهر العبارة أن ضمیر التثنیة فی قوله یجعلاه و بینهما راجع إلی الوکیلین و المعنی أن اختلاف الخیار مساو لاختلاف الثمن فی جمیع الأحوال إلا فی حال جعل الوکیلین الخیار مشترکا بینهما فیختص بما إذا باعا و اختلف الخیار و جعل کل واحد منهما الخیار له و للوکیل الآخر و احتمل فی جامع المقاصد عود الضمیر فی یجعلاه إلی کل من البائع و المشتری بنفسهما و بوکیلیهما فیتناول جمیع الصور فی کل من العقدین و هو جید من حیث المعنی لکن فیه تکلفا و احتمل عوده إلی کل من الوکیلین فی العقدین و عود ضمیر بینهما إلی البائع و المشتری (و فیه) أنه لا یتناول ما إذا باعا علی شخص و وکیله و احتمل رجوع ضمیر یجعلاه إلی المتعاقدین فی کل من العقدین (و فیه) أن فی رجوع ضمیر بینهما حینئذ إلی البائع و المشتری لا یخلو من مسامحة و قد أفرغ هذه العبارة بعینها فی نهایة الإحکام و فی جامع المقاصد أن الأصح هنا البطلان أیضا فإن اختلاف الخیار بمنزلة اختلاف الثمن و اشتراکه لا یخرجه عن الاختلاف المذکور الموجب لتنافی العقدین و بطلانهما (الفصل الثالث العوضان)
(قوله قدس سره) (و شرط المعقود علیه الطهارة فعلا أو قوة)
المعقود علیه یتناول الثمن و المثمن و نقض علیه الشهید فی حواشیه بالکلب و الدهن المتنجس فإنهما غیر طاهرین فعلا و لا قوة و أجیب بسبق حکمهما فی أول الباب فاعتمد علی ما سبق (قلت) هذا الجواب لا یمکن جریانه فی عبارة التذکرة لأنه أتی بهذه العبارة ثم بعد ذلک ذکر حکم الکلب و الدهن و نحو التذکرة نهایة الإحکام و یمکن إدخال العصیر العنبی بعد الحکم بنجاسته لأنه قابل للطهارة قوة و لا کذلک الخمرة المحرمة لأن تخلیلها غیر مقدور و فی جامع المقاصد و لا یرد علیه العصیر العنبی فإنه لا یصح بیعه بعد الحکم بنجاسته علی الظاهر لأنه عین نجاسة قد أسقط الشارع منفعته و إن کان یؤول إلی الطهارة کالخمر إذا اعتد للتخلیل «انتهی فلیتأمل جیدا»
(قوله قدس سره) (و صلاحیته للتملک فلا یصح العقد علی حبة حنطة لقلته)
یرید أنه یشترط فی المبیع کونه مما جرت العادة بتملکه بعقد معاوضة لینتفع به منفعة معتبرة فی نظر العقل سائغة فی نظر
______________________________
(1) أی التقدیر أنه وکیل فی ذلک (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 220
..........
______________________________
الشارع فإن ما لا منفعة فیه لا یعد مالا و کان أخذ المال فی مقابلته حراما قریبا من أکل المال بالباطل و لخلو الشی‌ء عن المنفعة سببان القلة و الخسة فالقلة کالحبة و الحبتین من الحنطة و الزبیبة الواحدة لأن ذلک لا یعد مالا و لا یبذل فی مقابلته المال و لا ینظر إلی ظهور الانتفاع به إذا ضم هذا القدر إلی أمثاله و إلی ما یفرض من وضع الحبة فی فم الفخ و لا فرق بین زمان الرخص و الغلاء و لا یستلزم ذلک جواز أخذ الحبة و الحبتین من صبرة الغیر لأنا إنما نفینا تملکه بعقد معاوضة و لم ننف ملکیته مطلقا بل هو مال مملوک یقبل النقل بالهبة و نحوها و إذا تلف ضمنه بمثله علی الأصح کما ستعلم (و أما) ما لا منفعة فیه لخسته فکالحشار و قد تقدم فی أول الباب «1» و قد وافق الکتاب فی عدم صحة العقد علی الحبة من الحنطة و الإرشاد و التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس و جامع المقاصد (و اختلفت) فیما إذا تلفت ففی الأخیرین أنها تضمن بالمثل لو تلفت و یردها إن بقیت و فی التذکرة لا یجب لها شی‌ء إذا تلفت و احتمل الأمرین فی نهایة الإحکام لکونها من ذوات الأمثال فتضمن بالمثل و لأنها لا مالیة لها و یلزم علی هذا الاحتمال أن من أتلف لغیره حبات کثیرة منفردات لا یجب علیه شی‌ء و کذا یلزم فیمن أتلف مدا من حنطة لعدة ملاک لکل واحد حبة أن لا یترتب علیه شی‌ء لانتفاء المقتضی بالنسبة إلی کل واحد و بما قررناه فی بیان عبارة الکتاب یندفع عنها ما أورده علیها فی جامع المقاصد کما ستسمعه و بعد هذا کله (لنا فی أصل الحکم نظر) لأنه قد ینتفع بها فی الجملة و ذلک کاف کما یعطیه إطلاق المبسوط و غیره و مجرد کون المعاملة علیها غیر متعارفة لا یوجب المنع نعم تشترط أن لا یکون المال المبذول فی مقابلتها زائدا علیها بحیث یکون سفها و تبذیرا کما هو الشأن فی سائر المعاملات نعم ما لا نفع فیه أصلا لا یصح العقد علیه لمکان السرف و التبذیر و أما ما له نفع فی الجملة کالحبة فإن لها نفعا فی الفخ و فی الانضمام کما عرفت فلم یظهر لنا عدم جواز المعاملة علیها و علی أمثالها کالزبیبة فإن نفعها ظاهر و إطلاق الأکثر شامل له و المتعرض للمنع من عرفت «فلیتأمل» هذا و فی جامع المقاصد المتبادر من صلاحیة التملک کونه بحیث یمکن تملکه فیندرج فیه مباحات الأصل فإنها صالحة للتملک و لا یصح بیعها قبل الحیازة لکن قوله فلا یقع العقد علی حبة حنطة یدل علی أنه یرید أن ما لا یتملک لقلته لا یقع العقد علیه فیکون ذکر الصلاحیة مستدرکا و مع ذلک یرد علیه أن مثل الحبة و الحبتین من الحنطة و غیرها لا تدخل فی الملک و لبس بشی‌ء فإنها تدخل فی الملک و تقبل النقل بالهبة و نحوها (قلت) لو قلنا إن مراده صلاحیته للتملک بعقد معاوضة کما أشرنا إلیه اندفع ما أورده علیه (و وجه عدم) الصلاحیة للتملک کذلک إما لعدم عدها مالا عادة و إما لأنها غیر متقومة و إن عدت مالا لاستدعاء المعاوضة کون المعقود علیه مالا و متقوما کما أشرنا إلیه آنفا و لا ریب أن هذه إن عدت مالا لا تعد متقومة فی العادة و لیس المراد أنها لا تملک أصلا لأنه خلاف الإجماع لأنه لا یجوز أخذها غصبا إجماعا نقله هو فی جامع المقاصد و منع الملازمة بإمکان نفی الملک و بقاء الأولویة فحرمة الغصب لمکانها لا للملکیة مما لا یعول علیه بل الإجماع علی الملکیة مما لا ریب
______________________________
(1) قوله و قد وافق الکتاب إلی قوله و الإرشاد کذا فی نسختین و الظاهر أنها غلط و یکون تصحیحها إما (توافق) بالتاء أو إسقاط الواو من قوله (و الإرشاد) کما لا یخفی (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 221
و المغایرة للمتعاقدین فلو باعه نفسه فالأقرب البطلان و إن کان الثمن مؤجلا بخلاف الکتابة (1) و الانتفاع به فلا یصح علی ما أسقط الشرع منفعته کآلات الملاهی و لا علی ما لا منفعة له کرطوبات الإنسان و شعره و ظفره عدا اللبن
______________________________
فیه «فلیتأمل جیدا»
(قوله قدس سره) (و المغایرة للمتعاقدین فلو باعه نفسه فالأقرب البطلان و إن کان الثمن مؤجلا بخلاف الکتابة)
لو باعه نفسه فالأکثر علی أنه باطل کما فی الإیضاح و بعدم جواز بیعه له بثمن مؤجل صرح فی الشرائع و نهایة الإحکام و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و الإیضاح و حواشی الشهید و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الدروس حیث استبعد جواز بیع العبد من نفسه و هو المنقول عن القطب و إذا منعوا من بیعه بثمن مؤجل منعوا منه بالحال بالأولی کما هو واضح لکن المصنف فی باب الکتابة من الکتاب جعل فی صحة بیعه بالثمن المؤجل نظرا (و قال الشیخ فی المبسوط) لو اشتری العبد نفسه من مولاه لم یثبت له علیه الولاء عندنا و قد حکی الشهید و غیره صحة بیعه من نفسه عن الشیخ (قال) الشهید (قال) الشیخ فی المبسوط بصحة بیعه من نفسه بثمن مؤجل محتجا بأصالة الجواز و بأنه عقد وقع من أهله فی محله و أنه یکون الولاء للإمام علیه السلام و رده الشهید بأن الأصل یعدل عنه مع قیام الدلیل علی خلافه و یمنع کون المحل قابلا لأن تملک العبد یتوقف علی حریته و حریته موقوفة علی تملکه فیدور و هو باطل و نحوه ما فی الإیضاح و جامع المقاصد فی رد هذا القول من لزوم الدور و قد نسبه فی الإیضاح إلی جماعة غیر محققین (و قد یحتج) للشیخ بأن التملک المتوقف علی الحریة إنما هو التملک الحقیقی و لا ملک هنا فی الحقیقة بل إزالة له فکان اشتراط المغایرة خاصا لا عاما لأنها إنما تشترط أیضا فی الملک الحقیقی «فتأمل» و صرح فی السرائر أن الکتابة بیع العبد من نفسه و حکی ذلک فی المختلف و غیره عن التقی و قضیة ذلک أنهما یجوزان بیعه من نفسه بثمن مؤجل «فلیتأمل» (و إنما خص) المصنف التفریع ببیع نفسه فیکون مبیعا و لم یفرع جعل نفسه ثمنا لأن المنع فی هذه المسألة قطعی إجماعی کما فی الإیضاح و لامتناع تصور ذلک لأنه مملوک لغیره فلا یمکن تصرفه بغیر إذنه و قد حاول المصنف بقوله و إن کان الثمن مؤجلا دفع توهم من توهم جوازه فی هذه الحالة و هم جماعة کما فی الإیضاح (قال) إنهم ظنوا أنه إنما لم یصح لعدم ملک العبد الثمن فالتجأ جماعة منهم إلی صحته مع کون الثمن مؤجلا لأنه لا یستحق إلا بعد حریته و هی ثابتة بالعقد فلا استحالة فیه (قال) و أبطل المصنف هذا القول بأن العلة هی لزوم الدور فلا مدخل للأجل فیه و بأن المؤجل یستحق بالحلول المطالبة لکن یملک حال البیع و تملیکه موقوف علی ملکه و ملکه موقوف علی حریته فالدور لازم و فی جامع المقاصد هذا التعلیل یعنی عدم ملک العبد الثمن لیس بشی‌ء لأن عدم ملک الثمن لا دخل له فی صحة البیع و فساده و إلا لمنع بیع الفقیر الذی لا شی‌ء له أصلا بل عدم صلاحیة الملک هو المانع و هو موجود فی الحالین (و إنما أراد) دفع توهم من قد تخیل جوازه مع التأجیل نظرا إلی عدم لزوم أداء الثمن لأن المانع هو امتناع لزوم الأداء لا عدم الأداء انتهی (و قوله) بخلاف الکتابة إشارة إلی أن الکتابة لیست بیعا و إن شارکته فی بعض أحواله بل عتق علی وجه مخصوص کما نص علیه الشیخ و جمیع من تأخر عنه و المخالف إنما هو العجلی و التقی کما عرفت و ثبوت جوازه شرعا بالنص لا یقتضی جواز البیع و قال فی الإیضاح المعاوضة بالکتابة هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 222
و القدرة علی التسلیم فلا یصح بیع الطیر فی الهواء إذا لم تقض العادة بعوده (1) و لا السمک فی الماء إلا أن یکون محصورا
______________________________
وجه الاحتمال
(قوله قدس سره) (و القدرة علی التسلیم فلا یصح بیع الطیر فی الهواء إذا لم تقض العادة بعوده)
القدرة علی التسلیم شرط إجماعا کما فی التذکرة و تعلیق الإرشاد و ظاهر الغنیة أو صریحها و لا خلاف فیه کما فی الریاض و فی المبسوط و التذکرة الإجماع علی عدم جواز بیع الطیر فی الهواء و فی الغنیة نفی الخلاف عنه و عن عدم جواز بیع السمک فی الماء و قضیة ما فی الکتاب أنه إذا قضت العادة بعوده جاز بیعه و صح کما صرح بذلک فی الشرائع و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و فی التذکرة أنه أقوی و احتمل الصحة و عدمها فی نهایة الإحکام بسبب انتفاء القدرة فی الحال علی التسلیم و أن عوده غیر موثوق به إذ لیس له عقل باعث و فی المسالک أنه قول موجه و فی مجمع البرهان أنه لا یخلو من بعد «قلت» دلیل الصحة عموم ما دل علی الوفاء بالعقود و أن العادة بمنزلة المتحقق کالعبد المنفذ فی الحوائج و الدابة المرسلة و فی المبسوط بعد أن منع من بیعه فی الهواء قال و أما الطیور الطیارة التی فی البروج تأوی إلیها ینظر فإن کان البرج مفتوحا لم یجز بیعها و إن کان مسدودا لا طریق لها إلی الطیران جاز بیعها سواء کان البرج واسعا أو ضیقا «و قد قیل» إن کان واسعا لا یجوز لأنه یحتاج إلی کلفة فی أخذه و کذلک بیع السمک فی الماء علی هذا التفصیل انتهی «و قضیة کلامه» أنه إنما یجوز بیعه إذا کان فی البرج و کان الباب مسدودا و لا طریق له إلی الطیران و مثل ذلک قال صاحب الوسیلة «فلیتأمل» و فی التذکرة إذا کان الباب مغلقا صح إجماعا انتهی «و لیعلم» أنه فی کل موضع یصح بیعه یصح جعله ثمنا و أما السموک ففی المبسوط لا یجوز بیع السمک فی الماء إجماعا و قد سمعت ما فی الغنیة و فی التحریر و الروضة الإجماع علی عدم جواز بیع السمک من دون ضمیمة إذا لم یکن مشاهدا محصورا ذکرا ذلک فی موضع آخر و فی التذکرة لا یجوز بیع السمک فی الماء و هو قول أکثر العلماء کالإمامیة و الشافعی و أبی حنیفة و مالک و أحمد و الحسن و النخعی و أبو یوسف و أبو ثور و لا نعلم لهم مخالفا و إنما یصح بشروط ثلاثة کونه مملوکا و کون الماء رقیقا لا یمنع المشاهدة و إمکان صیده «انتهی» و وافقه علی تلک الشروط الشهید فی حواشیه و المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی و استحسنه الشهید الثانی و نقل الشهید فی حواشیه عن ابن المتوج أنه زاد شرطا رابعا و هو أن یکون مما یباع صنفه عددا و فی مجمع البرهان أن المحصور المشاهد منه الظاهر أنه لا خلاف فی جواز بیعه ذکر ذلک فی مقام آخر و نحوه قال صاحب الحدائق و فی الشرائع و الإرشاد یجوز بیع السموک المشاهدة فی المیاه المحصورة «و هذا یشتمل علی» الشروط الثلاثة لأنه إذا کان الماء محصورا أمکن صیده غالبا و فی الخلاف إذا کان الماء قلیلا صافیا یشاهد السمک فیه و یمکن تناوله من غیر مئونة فالبیع جائز بلا خلاف و فی الدروس لو کان یمکن اصطیاده بعد مدة جاز و لم یذکر شیئا آخر و فی التذکرة و نهایة الإحکام إذا کان فی برکة کبیرة و احتیج فی أخذه إلی تعب شدید فالأقوی الصحة و أنه إذا کان الماء کدرا بطل البیع و مثل ذلک قال فی الخلاف و فیه أیضا إذا کان الماء کثیرا صافیا و السمک مشاهد إلا أنه لا یمکن أخذه فعندنا أنه لا یصح بیعه إلا أن ینضم إلیه شی‌ء و إذا انضم إلیه شی‌ء آخر صح إجماعا و فی الغنیة دعوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 223
و لا الآبق منفردا إلا علی من هو فی یده (1)
______________________________
الإجماع علی جوازه مع الضمیمة و هو خیرة النهایة و منع من ذلک و لو مع الضمیمة فی السرائر کما سیأتی الکلام فی ذلک بلطف اللّٰه و منه و قد سمعت ما فی المبسوط آنفا و الدلیل علی جوازه مع الشروط الثلاثة عموم أدلة الوفاء بالعقود و لا غرر و لا سفه «إذا عرفت هذا» فعد إلی عبارة الکتاب فقوله إلا أن یکون محصورا یحتمل أن یکون المراد إلا أن یکون الماء محصورا و قضیته أنه إذا حصل هذا الشرط صح البیع سواء شوهد السمک أم لا أمکن صیده أم لا کأن یکون فی برکة کبیرة محصورة کدرة و یحتمل أن یکون المراد إلا أن یکون السمک محصورا أی معدودا فیعطی أنه یصح حینئذ بیعه و إن لم یشاهد بل و إن لم یمکن صیده «فلیتأمل جیدا» و فی جامع المقاصد إن أراد بالمحصور ما یصاد بسهولة فهذا غیر شرط لصحة بیع السمک الکثیر فی البرکة الکبیرة بالشروط و إن کان فی صیده مشقة کما صرح به فی التذکرة و یمکن أن یرید بالمحصور ما یکون فی مکان یمکن ضبطه بالمشاهدة لیخرج عنه ما کان فی نحو الأجمة و النهر الممتد الذی لا ینضبط ما فیه بالمشاهدة انتهی (فتأمل)
(قوله قدس سره) (و لا الآبق منفردا إلا علی من هو فی یده)
لا یصح بیع الآبق منفردا إجماعا کما فی الخلاف و الغنیة و الریاض و بلا خلاف کما فی کشف الرموز و فی التذکرة أنه المشهور عند علمائنا و إن عرفا مکانه قال و قال بعض علمائنا بالجواز (قلت) قد تتبعت کتب الأصحاب من المقنع إلی النافع فلم أجد أحدا قال بذلک ممن تقدم علیه و لا نقله ناقل و کأنه مجهول عنده أیضا حیث لم یسمه فتأمل و کذا من تأخر عن المصنف ممن تعرض له قد نص علی عدم الجواز ما عدا المولی القطیفی المعاصر للمحقق الثانی فی إیضاح النافع و ستسمع کلامه فیه و دلیله بعد الإجماع معلوما و منقولا أنه سفه و بیع غرر و إنما یمتنع بیعه مع تعذر تسلیمه فلو أمکن صح بیعه و إن سمی آبقا و جوز السید المرتضی رحمه اللّٰه بیعه علی من یقدر علیه و ظاهر الانتصار أنه مما انفردت به الإمامیة و هو خیرة المختلف و التذکرة و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان و الریاض و هو المنقول عن أبی علی و هو الذی یظهر من نهایة الإحکام فی مسألة بیع المغصوب أو هو صریحها و فی کشف الرموز و الدروس و التنقیح أنه حسن و فی جامع المقاصد أن قول السید جید و قواه فی المسالک و صاحب الکفایة و إلیه مال فی المهذب البارع و ظاهر التحریر التوقف و دلیله عموم الأدلة و انتفاء المانع من الإجماع للخلاف و الغرر و السفاهة مضافا إلی موافقة العقل و الاعتبار و ما یظهر من دعوی الإجماع من الانتصار و فی شمول إطلاق النص لمحل الفرض نظر ظاهر بل فی النص ما یدل علی أن المشتری مع الضمیمة غیر قادر علی التسلم (هذا و لو عجز) عن تحصیله لضعف عرض له أو لقوة عرضت للآبق احتمل ثبوت الخیار لأن المشتری لا یلزمه کلفة الانتزاع فله فسخ البیع (فلیتأمل جیدا) و فی المقنعة و المراسم و الخلاف و الوسیلة أنه لا یصح بیعه إلا أن ینضم إلیه غیره و نقل نحو ذلک عن التقی و القاضی و قد نسب جماعة إلیهم الخلاف لمکان هذا الإطلاق و لیس بتلک المکان من الظهور و إلا لأمکن نسبة الخلاف أیضا إلی کل من اقتصر علی قوله و لا یصح بیع الآبق منفردا و القیود معتبرة فی عباراتهم إلا أن یکون نظرهم إلی غیر ذلک کما یظهر ذلک علی الممارس و نظرهم علی تقدیر الخلاف إلی إطلاق النص و قد عرفت الحال فیه و إلی کون الشرط التسلیم و هو غیر موجود (و فیه) أن الغایة القصوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 224
و العلم فلا یصح بیع المجهول و لا الشراء به و لا تکفی المشاهدة فی المکیل و الموزون و المعدود سواء کان عوضا أو ثمنا بل لا بد من اعتباره بأحدهما (1)
______________________________
من التسلیم حصوله بید المشتری بغیر مانع و هی موجودة و الموجب للضمیمة إنما هو العجز عن تحصیله و هو مفقود و عن أبی علی أنه إن ضمنه البائع للمشتری صح بیعه و اختاره فی المختلف و اقتصر فی التحریر علی نسبته إلیه و کان الشهید فی حواشیه مال إلیه و فی إیضاح النافع للفاضل القطیفی أن القدرة علی التسلیم من مصالح المشتری فقط إلا أنها شرط فی أصل صحة البیع (فلو) قدر علی التسلم صح البیع و إن لم یکن البائع قادرا علیه بل لو رضی بالابتیاع مع علمه بعدم تمکن البائع من التسلیم جاز و ینتقل إلیه و لا یرجع علی البائع بعدم القدرة إذا کان المبیع علی ذلک مع العلم فیصح بیع المغصوب و نحوه نعم إذا لم یکن المبیع من شأنه أن یقبض عرفا لم تصح المعاوضة علیه بالبیع لأنه فی معنی أکل مال بالباطل (و ربما احتمل) إمکان المصالحة علیه و من هنا تعلم أن قوله یعنی المحقق فی النافع لو باع الآبق منفردا لم یصح إنما هو مع عدم رضا المشتری أو عدم علمه أو کونه بحیث لا یتمکن منه عرفا و لو أراد غیر ذلک فهو غیر مسلم (انتهی کلامه فتأمل فیه) و یأتی بلطف اللّٰه و توفیقه و رحمته الواسعة الکلام فی بیعه مع الضمیمة عند تعرض المصنف له
(قوله قدس سره) (و العلم فلا یصح بیع المجهول و لا الشراء به و لا تکفی المشاهدة فی المکیل و الموزون و المعدود سواء کان عوضا أو ثمنا بل لا بد من اعتباره بأحدهما)
أجمع علماؤنا علی أن العلم شرط فی العوضین کما فی التذکرة و فی الغنیة اشترطنا أن یکون المعقود علیه معلوما لأن العقد علی المجهول باطل بلا خلاف انتهی (قلت) یجب أن یکون المبیع معلوما لیعرف ما ملک بإزاء ما بذل و معلوم أنه لا یشترط العلم بالمبیع من کل وجه بل یجب العلم بثلاثة أشیاء عین المبیع و قدره و وصفه (و صفته خ ل) و المراد بالعلم العلم العادی الذی ینتفی معه الغرر کما سیأتی بیانه و برهانه (و فی الخلاف) ما یباع کیلا لا یصح بیعه جزافا و إن شوهدا إجماعا و فی (التذکرة) ذهب علماؤنا إلی أنه لا یصح بیع المکیل و الموزون جزافا و حکم المعدود حکم المکیل و الموزون و فی المسالک و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح أنه المشهور و زاد (فی المسالک) أن علیه الفتوی (و فی موضع من المختلف) أنه الأشهر و فی موضع آخر منه لا خلاف بیننا أن الثمن إذا کان مجهولا بطل البیع إلا من ابن الجنید (و فی موضع من التذکرة) بیع الصبرة باطل إذا جهلاها وقت العقد أو أحدهما سواء شاهداها أم لا و سواء کالاها بعد ذلک أم لا ذهب إلیه علماؤنا أجمع إلا ابن الجنید (و فی موضع آخر من التذکرة) لا فرق بین الثمن و المثمن فی الجزاف فی الفساد عندنا (و فی بیع المبسوط) إذا قال بعتک هذه الصبرة بعشرة دراهم صح البیع لأن الصبرة مشاهدة و مشاهدة المبیع تغنی عن معرفة مقداره و قد روی أن ما یباع کیلا لا یباع جزافا و هو الأقوی عندی (و قد فهم منه فی المختلف أنه متردد (و فی إجازة المبسوط) إذا باع شیئا بثمن جزافا جاز إذا کان معلوما مشاهدا و إن لم یعلم وزنه و کذا مال السلم (و فی موضع من المختلف) فی ثمن السلم إذا کان مما یکال أو یوزن لا بد منهما و اختاره الشیخ فی المبسوط و هو الأشهر و فی الناصریة حیث ذکر المسألة أن معرفة مقدار رأس المال شرط فی صحة السلم ما أعرف لأصحابنا إلی الآن نصا فی هذه المسألة إلا أنه یقوی فی نفسی أن رأس المال إذا کان مضبوطا بالمعاینة لم یفتقر إلی ذکر صفاته و مبلغ وزنه و عدده و هو المعول علیه عند الشافعی و فی الخلاف فی باب السلم لا یکفی النظر إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 225
..........
______________________________
رأس المال إلا بعد العلم بمقداره سواء کان مکیلا أو موزونا أو مذروعا و لا یجوز جزافا و فی الدروس لا تکفی المشاهدة فی الموزون خلافا للمبسوط و إن کان مال سلم خلافا للمرتضی و لا قوله بسعر؟؟؟
ما بعت مع جهالة المشتری خلافا لابن الجنید حیث جوزه و جعل للمشتری الخیار و جوز ابن الجنید بیع الصبرة جزافا (و مما) صرح فیه بعدم کفایة المشاهدة فی المکیل و الموزون و المعدود النهایة و الدلالة و السرائر و ما تأخر عنها و أول من فتح باب الشک فی ذلک فیما أجد ممن تأخر المولی الأردبیلی و تبعه الفاضل الخراسانی و المحدث البحرانی (قال فی مجمع البرهان) اعتبارهما فیهما کما هو المشهور بینهم ما رأیت له دلیلا صالحا و أول ما رأیته حسنة الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (أنه قال) فی رجل اشتری من رجل طعاما عدلا بکیل معلوم ثم إن صاحبه قال للمشتری ابتع منی هذا العدل الآخر بغیر کیل فإن فیه مثل ما فی الآخر الذی ابتعت فقال لا یصلح إلا أن یکیل (و قال) ما کان من طعام سمیت فیه کیلا فإنه لا یصلح مجازفة هذا مما یکره من بیع الطعام (ثم قال) فی السند شی‌ء لمکان إبراهیم ثم ذکر ما لا فائدة فی ذکره ثم ناقش فی المتن بأنه یدل بظاهره علی عدم الاعتبار بخبر البائع و هو خلاف المشهور بینهم و فی الدلالة علی المطلوب تأمل للإجمال و الاختصاص بالطعام (ثم قال) و یؤید الجواز الأصل و عموم أدلة العقود (و قال فی الکفایة) الحکم علی وجه العموم مع أدلة الجواز لا یخلو من إشکال (و أما صاحب الحدائق) فقد أطال الکلام فی غیر فائدة و تکلم بغیر ما ینبغی للعلماء أن یتکلموا به (و نحن نقول) إن محل الشاهد من الخبر قد رواه ثقة الإسلام بطریق فیه إبراهیم بن هاشم و رواه الشیخ بثلاثة طرق (أحدهما) الحسین عن صفوان عن ابن مسکان عن الحلبی (و ثانیها) عن الحسین عن محمد بن أبی عمیر عن حماد بن عثمان عن الحلبی (و ثالثها) عن ابن مسکان عن الحلبی و رواه الصدوق فی ثلاثة مواضع عن الحلبی تارة و طریقاه إلیه لیس فیهما من یتأمل فیه (و عن) ابن مسکان عنه أخری هذا حال؟؟؟ السند مع أنه معتضد بالإجماع و الشهرة فیتأمل فی مثل هذا السند کلا لا یتأمل فیه أحد و نفی الصلاح الدال علی الفساد بمعونة فهم الأصحاب و مساعدة اللغة و العرف مع قرینة السؤال مما لا تنکر دلالته علی المطلوب و فی الخبر لا یصلح للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصر (و فی آخر) لا یحل للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصر فقد أتی بقوله علیه السلام لا یحل مکان قوله علیه السلام لا یصلح فکان فی الخبرین دلالة علی المراد من وجهین (ثانیهما) أن النفی فیهما لمکان الجهالة و الأول ما أشرنا إلیه مع المنع عن البیع بصاع البیت لأنه کان نادرا غیر مشهور کصاع السوق (و لم یبق) فی الخبر إلا ما دل علیه بظاهره من عدم الاعتبار بإخبار البائع و سیأتی تأویله علی أن ذلک لا یخرجه عن الحجیة (و فی الموثق) عن شراء طعام (الطعام خ ل) مما یکال أو یوزن هل یصلح شراؤه بغیر کیل و لا وزن فقال إما أن تأتی رجلا فی طعام قد کیل أو وزن فتشتری منه مرابحة فلا بأس إن أنت اشتریته و لم تکله أو تزنه إذا کان المشتری الأول قد أخذه بکیل أو وزن و دلالته علی المطلوب بالمفهوم الذی حجیته فی غایة الظهور إلی غیر ذلک من الأخبار کخبر الجص و غیره فهل یبقی أصل أو عموم بعد ذلک یعرج علیه و قد ألحقوا بالمکیل و الموزون المعدود (لعدم) القائل بالفرق أصلا کما فی المسالک و غیره علی أنه ثابت بالقاعدة المتقدمة مع إمکان الاستدلال علیه بمعونة التقریر الذی فی الصحیح المروی فی الکافی و التهذیب و الفقیه عن الحلبی و غیره عن الجوز لا نستطیع أن نعده فیکال بمکیال ثم یعد ما فیه ثم یکال ما بقی علی حساب ذلک العدد فقال لا بأس به (و أما خبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 226
و لا یبقی الاعتبار بمکیال جهول و لو تعذر کیله أو وزنه أو عده اعتبر وعاء واحد و أخذ الباقی بالحساب (1)
______________________________
البصری) عن الرجل یشتری بیعا فیه کیل أو وزن بغیره (یعیره خ ل) (یغیره خ ل) ثم یأخذ علی نحو ما فیه فقال لا بأس فإن رویناه بالمثناة التحتانیة و العین المهملة من التعییر کان کخبر الحلبی علی أنه ضعیف فی التهذیب مرسل فی الکافی فأین یقع من تلک الأخبار «فتأمل» و لیس الإجماع منحصرا فی إجماع التذکرة کما ظنوا بل الإجماع کما سمعت منقول و معلوم هذا و قول المصنف فلا یصح بیع المجهول و لا الشراء به کان الأولی به بمناسبة اشتراط العلم أن یجعل کلا من الأمرین أعنی البیع له و الشراء معا سواء و الأمر سهل
(قوله قدس سره) (و لا یکفی الاعتبار بمکیال مجهول)
کقصعة حاضرة و إن تراضیا بها و لا الوزن کالاعتماد علی صخرة معینة و إن عرفا قدرها تخمینا أو کالاه أو وزناه بعد ذلک و لا العد المجهول بأن عولا علی ملاء الید أو آلة یجهل ما تشتمل علیه کما صرح بذلک کثیر من المتأخرین للغرر المنهی عنه فی ذلک کله و نسبه فی مجمع البرهان إلی المشهور (و یدل علیه) حسنة الحلبی عن الصادق علیه السلام لا یصلح للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصر رواه ثقة الإسلام و الصدوق و قد تقدم نقله (و ما أرسل فی الکافی و التهذیب عن أبان عن محمد الحلبی) لا یحل للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصر (الحدیث) و السند منجبر لأن العمل بهما مشتهر بل لا بد من البیع بالکیل المشهور و الصنجة المشهورة لاحتمال أن یتلف غیر المشهور و یقع الخلاف بینهما فلا مرجع حینئذ بخلاف المشهور و فی مجمع البرهان ناقش فی ذلک و حمل الحسنة علی البیع بغیر صاع البلد بسعر صاع البلد (ثم قال) إن عموم أدلة جواز العقود و الوفاء بها تدل علی الجواز و الأصل و العمومات و حصول التراضی الذی هو العمدة فی الدلیل دلیل قوی فالإثبات مشکل (و فیه) أن إطلاق قوله علیه السلام لا یصلح و لا یحل یشمل ما إذا کان بسعر صاع المصر مع وقوع الکیل بغیره و التراضی بغیر صاع المصر و تقدیر القیمة و السعر علی ذلک المکیال المجهول و تخصیصها یحتاج إلی دلیل فکانت ظاهرة الدلالة منجبرة السند مؤیدة بالاعتبار معتضدة بالقاعدة مؤیدة بالاحتیاط مخصصة للعموم قاطعة للأصل علی أنه معارض بأن الأصل بقاء الملک لمالکه (و أما التراضی) الذی جعله العمدة ففیه أنه لو صلح بمجرده لجری فی الصرف و الربا و نحوهما و سقط ما اشترط فیهما علی أنه إنما یفید الإباحة و المدعی هو البیع الناقل و لا قائل بالفرق بین المکیل و الموزون و المعدود کما فی المسالک و المفاتیح و الریاض فیثبت الحکم فی الجمیع
(قوله قدس سره) (و لو تعذر کیله أو وزنه أو عده اعتبر وعاء واحد و أخذ الباقی بالحساب)
قال فی النهایة و السرائر إذا کان ما یباع وزنا یتعذر وزنه جاز أن یکال ثم یعین مکیال و یؤخذ الباقی بحسابه و کذلک ما یباع بالعد إن تعذر عده وزن منه مکیال و عد و أخذ الباقی علی حسابه فقد عبر فیهما بالتعذر کالشرائع و الإرشاد فی المعدود و النافع فیه و فی الموزون و فی المسالک نسبة التعبیر بالتعذر إلی کثیر من العبارات و فی الدروس التعبیر بالتعسر فی المعدود و فی اللمعة فیه بالمشقة و فی المسالک أنه أجود و فی الروضة أنه أولی و فی الکفایة أنه غیر بعید لأن الوارد فی الروایة عدم الاستطاعة و لعل المراد المشقة العرفیة و قد تبع فی ذلک المولی الأردبیلی حیث قال لعل المراد المشقة المتعارفة التی لا یتحمل مثلها عادة کما اعتبرت فی أمثالها فدلیل الحکم المشقة انتهی (قلت) هذا مما لا ریب فیه کما یرهن علیه علم الهدی فی قوله عز و جل مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَیْهِ سَبِیلًا و استند فی ذلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 227
..........
______________________________
إلی قولهم لا أستطیع النظر إلی فلان إذا کنت تکره النظر إلیه (إلی آخر) ما ذکر و قضیة ما فی الوسیلة جوازه مطلقا قال کل ما یباع کیلا أو وزنا أو عدا لا یجوز بیعه جزافا فإن أراد ذلک کال بعض المکیل و وزن بعض الموزون و عد بعض المعدود و باع مع الباقی من جنسه (انتهی فلیتأمل) و بالجواز مطلقا قال فی المفاتیح و مال إلیه فی المسالک و الروضة و سیأتی عن جماعة موافقة هؤلاء لزوال الغرر و حصول العلم و اغتفار التفاوت الیسیر کما فی اختلاف المکاییل و الموازین و تجویزهم إندار ما یحتمل الزیادة و النقیصة للظروف من الموزونات و جواز بیعها مع الظروف من غیر وضع بناء علی أن معرفة الجملة کافیة و کذا تجویزهم بلا خلاف الجمع بین شیئین مختلفین فی عقد واحد بثمن واحد کبیع و إجارة أو نکاح و إن کان عوض کل منهما بخصوصه غیر معلوم حال العقد و التقیید بالتعذر أو المشقة فی الصحیح إنما هو فی کلام الراوی و لم یظهر من الجواب اعتباره و لم یقید بشی‌ء من ذلک خبر عبد الملک بن عمر (عبد اللّٰه بن عمرو خ ل) الذی قال فیه اشتری مائة راویة زیتا فاعترض واحدة أو اثنتین فاتزنهما ثم أخذ سائرهما علی قدر ذلک فقال لا بأس و لا قائل بالفرق و نحوه خبر عبد الرحمن البصری المتقدم ذکره فی المسألة السابقة بناء علی روایة یعیره بالیاء المثناة من تحت هذا أقصی ما یستدل به لهم (و فی الجمیع نظر) لأنا لا نسلم زوال الغرر و حصول العلم لأنا علی شک فی ذلک کما یأتی بیانه و اغتفار التفاوت هنا غیر معلوم و القیاس علی الغیر حرام و الاستقراء إن تمسک به لتصحیحه غیر معلوم و التقیید فی کلام الراوی هو العمدة فی إثبات العد للمعدود بمعونة التقریر فیکون الحکم المذکور منافیا للصحیح فلا بد لهم من تأویله و تنزیله علی وجه حسن و أنی لهم بذلک و الخبران ظاهران فی المشقة و العسر و لا سیما الأول لأن کانت الروایا مائة علی أنهما قاصران بحسب السند معارضان بإطلاق النصوص المعتبرة للکیل أو الوزن و لا سیما خبر الجص الذی قال فیه عن رجل یشتری الجص و یکیل بعضه و یأخذ البقیة بغیر کیل فقال علیه السلام إما أن یأخذ کله بتصدیقه و إما أن یکیله کله و مثله الصحیح الذی هو عمدة الأدلة فی اعتبار الکیل أعنی صحیح الحلبی الذی قال فیه ثم إن صاحبه قال للمشتری ابتع منی هذا العدل الآخر بغیر کیل الحدیث (و هذان و إن) شملا صورة التعذر أو التعسر إلا أن قضیة الجمع بینهما و بین ما مر التخصیص بغیرهما و بیان الشک فی حصول العلم و زوال الغرر أن المعتبر فی الکیل و الوزن العلم بالمکیل و الموزون بحیث یرتفع الغرر المنهی عنه أو جریان العادة بأن مثل هذا یکفی فیه الظن (النظر خ ل) کما جرت فی بیع الثمرة علی الشجرة فإنه بالخرص و التخمین و المشاهدة و إذا اقتطفت لا بد من الوزن و ما ذاک إلا لمکان العادة فیهما فالمدار علی العلم أو الظن الحاصل من العادة و لا سبیل إلی منع هذا الظن (لأنک إما) أن تمنع ذلک علی الشارع فی إجراء شرعه علی العادة أو علی أهل العادة فی عاداتهم و کلاهما لا سبیل إلیه فالظن الحاصل من المشاهدة کما فی الصبرة غیر معتبر لأنه لم تجر العادة ببیع الصبرة بالمشاهدة و کذا کل ظن حاصل من غیر العادة إلا أن یقوم دلیل علی اعتباره کما قام فی أخبار البائع بأن وزنه کذا و کیله کذا فهذا الظن الحاصل من هذه الانتقالات إن کانت العادة جاریة بهذا الانتقال اتجه کلام المجوزین مطلقا مع قطع النظر عن المعارض و إن کانت الأخری کان من الظن الغیر المعتبر فلا بد من التعذر أو التعسر کما اشترط الأصحاب و المتصور من صور الانتقال بحسب العقل تسع صور لأنه إما أن یعدل عن الکیل لاستعلام الکیل إلی الکیل أو الوزن أو العد و هکذا فی الموزون و المعدود فتلک تسع أربع منها غیر متحققة و هی بیع المعدود بالعد و الموزون بالوزن و الموزون بالعد و المکیل بالعد لأن الأولین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 228
..........
______________________________
لیس فیهما انتقال علی الظاهر علی تأمل فی الثانیة و الثالثة و الرابعة غیر متحققتین و علی تقدیر تحققهما لا یمیل أحد إلیهما لأن کان العد أصعب من الکیل و الوزن و بقیة الصور فی محل التأمل و لا قطع بجریان العادة بالانتقال فیها للاستعلام من دون تعذر أو مشقة (فلیتأمل) و یأتی تحقیق الحال (ثم) إن المستفاد من أخبار الباب و حدیث الغرر تأصیل أصل و هو عدم جواز بیع المکیل و الموزون و المعدود إلا بالکیل و الوزن و العد مع الإمکان و الشهید فی الدروس قال و لو أسلم فی الکیل وزنا و بالعکس فالوجه الصحة لروایة وهب عن الصادق علیه السلام (قال) لا بأس بالسلف ما یوزن فیما یکال و ما یکال فیما یوزن (و فیه) أن الظاهر من معنی الروایة إنما هو أنه لا بأس بسلف المکیل فی الموزون و بالعکس یعنی أن یکون أحدهما ثمنا و الآخر مثمنا لا ما ذکره من کیل الموزون و وزن المکیل و یشیر إلی ذلک أن الشیخ ذکر الروایة فی باب إسلاف السمن بالزیت و لیس فی الوافی فی الباب غیر هذه الروایة و یمکن أن یکون وزنا فی عبارة الدروس بمعنی الموزون فیوافق ظاهر الروایة لکنه یخالف ظاهر کلامه و فی اللمعة و الروضة جواز بیع المعدود وزنا و احتملا جواز بیع الموزون کیلا و بالعکس للانضباط و روایة وهب ثم احتملا قصر الحکم علی صورة العکس و هو بیع المکیل بالوزن لأن کان أضبط منهما و أصلا للکیل (و فیه) أنه إن أرید أن الوزن فی الموزون أضبط من الکیل فی المکیل فمسلم و لا یجدیه نفعا و إن أراد أن الوزن فی المکیل أضبط من المکیل فیه فمحل نظر إذ الغرر موجود (و أما) کون الوزن أصلا فعلی تقدیر تسلیمه فإنما هو بالنسبة إلی زمان تقدیر الوزن بأن یقال إنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إنما قدر الوزن أولا ثم فرع علیه المکیل و أما بعد جریان العادة بکیل هذا و وزن ذاک فلا ینفع کونه أصلا فی رفع الغرر (فتأمل) و فی المبسوط یجوز بیع المکیل بالوزن و لا یجوز بیع الموزون بالکیل لأنه غرر و جزاف و ظاهر الشرائع جواز بیع المکیل بالوزن و استوجهه صاحب المسالک و فی سلم الکتاب فی جواز تقدیر المکیل بالوزن و بالعکس نظر (و قد) وجه النظر فی الإیضاح بحصول التقدیر و انتفاء الغرر بکل منهما و الوزن أصل الکیل و بأن کل واحد منهما أصل و یتفاوت بأحدهما مع تقدیره بالآخر و مثله ما فی حواشی الشهید و جامع المقاصد و الإجماع منقول و معلوم علی جواز بیع الحنطة و الشعیر وزنا مع الإجماع علی کونهما مکیلین فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و لعل هذا مخصص لما سیأتی من دعوی الإجماع علی أن المدار علی ما عهد فی زمان الشارع کما فی المبسوط و فی السرائر أما ما یباع وزنا فلا یجوز بیعه کیلا سواء بیع بجنسه أو بغیر جنسه بغیر خلاف (و قال أیضا) و کل ما یباع کیلا فلا یجوز بیع الجنس منه بعضا ببعض وزنا لأنا أخذ علینا التساوی فی ما یباع کیلا فی الکیل فإذا بیع بالوزن ربما رد إلی الکیل فیزید أحدهما علی الآخر فیؤدی إلی الربا فإن بیع بغیر جنسه جاز بیعه (انتهی) فتأمل فی هذا الأخیر ثم إن الموجود فی کلام الأصحاب اعتبار الکیل و الوزن فیما بیع بهما فی زمن الشارع و حکم الباقی فی البلدان ما هو المتعارف فیها فما کان مکیلا فی بلد أو موزونا یباع کذلک و إلا فلا و ظاهر مجمع البرهان نسبته إلی الأصحاب کما هو صریح الحدائق و فی الریاض أنه المحکی عن الأصحاب و إثباته من النص مشکل إلا أن الأمر فیه هین بناء علی عدم معلومیة مثله فی زمانه لنا إلا فی نحو الطعام و الزیت و الجص و أمثالها و هی الآن کذلک و أن غیر الکیل بالوزن فی بعضها أو العکس فی آخر و لا بأس بالأول فی المشهور لا ضبطیة الوزن من الکیل و یحتاط فی الثانی و إن ألحقه بالأول جماعة للخبر و أراد خبر وهب الذی استند إلیه فی الدروس هذا کلامه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 229
..........
______________________________
(فتأمل فیه) و قد تأمل فی ذلک المولی الأردبیلی (قال) بعد نقل ذلک عنهم و فیه تأمل لاحتمال إرادة الکیل و الوزن المتعارف عرفا عاما أو فی أکثر البلدان أو فی الجملة مطلقا أو بالنسبة إلی کل بلد بلد کما قیل فی المأکول و الملبوس فی السجدة من الأمر الوارد بهما و الظاهر هو الأخیر «انتهی» و قوله من الأمر الوارد بهما بیان لقوله لاحتمال إرادة إلخ (قلت) المستفاد من قواعدهم حمل الألفاظ الواردة فی الأخبار علی عرفهم فما علم حاله فی عرفهم جری الحکم بذلک علیه و ما لم یعلم یرجع فیه إلی العرف العام کما بین فی الأصول و لعل فی قوله علیه السلام و ما کان من طعام سمیت فیه کیلا فإنه لا یصلح مجازفة إشعارا بأن المرجع فی کونه مکیلا إلی تسمیته بذلک عرفا (فتأمل) و ینبغی أن یعلم أن الحقیقة العرفیة یعتبر منها ما کان فی حمل إطلاق لفظ الشارع علیها فلو تغیرت فی عصر بعد استقرارها فیما قبله فالمعتبر هو السابق و لا أثر للتغییر الطاری للاستصحاب و الظاهر قوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم حکمی علی الواحد حکمی علی الجماعة (و أما فی الأقاریر و الأیمان و نحوها) فالظاهر الحوالة علی عرف ذلک العصر حملا له علی ما یفهمه الموقع (إذا عرفت هذا) فقد قال فی المبسوط إذا کانت عادة الحجاز علی عهده صلی اللّٰه علیه و آله فی شی‌ء الکیل لم یجز إلا کیلا فی سائر البلاد و ما کانت فیه وزنا لم یجز فیه إلا وزنا فی سائر البلاد و المکیال مکیال أهل المدینة و المیزان میزان أهل مکة (هذا کله بلا خلاف) فإن کان مما لا تعرف عادته فیه فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم حمل علی عادة البلد الذی فیه ذلک الشی‌ء فما عرف بالکیل لا یباع إلا کیلا و ما کان العرف فیه الوزن لا یباع إلا وزنا و ذلک کله خیرة التذکرة و نهایة الإحکام و الکتاب و المختلف و حواشی الشهید و المسالک و غیرها و هو المنقول عن القاضی (قالوا) لأن ما انتفی فیه عرفه یحکم فیه بالعرف و لا ریب أن کل بلد له عرف خاص فیصرف إطلاق الخطاب إلیه و قضیة ذلک أنه لو اختلف البلدان فلکل بلد حکم نفسه کما نص علی ذلک فی الشرائع و الکتاب و التذکرة و نهایة الإحکام و المسالک و غیرها و فی المقنعة إذا کان الشی‌ء یباع بمصر من الأمصار کیلا أو وزنا و یباع فی مصر آخر جزافا فحکمه حکم المکیل و الموزون و إن اختلف کان الحکم فیه حکم الأغلب و الأعم و قضیته أنه لا یعطی کل بلد حکم نفسه بل یحکم فیه الأغلب و هو خیرة السرائر و قواه فی الإیضاح و فی النهایة و المراسم رجح جانب الکیل أو الوزن علی الجزاف غلب أم لم یغلب (قال فی النهایة) إذا کان الشی‌ء یباع فی بلد جزافا و فی بلد آخر کیلا أو وزنا فحکمه حکم المکیل أو الموزون فی تحریم التفاضل «انتهی» هذا و ما عرف أنه کان مقدرا فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله بأحدهما و جهل اعتباره احتمل فیه التخییر و تعین الوزن لأنه أضبط و هو خیرة التذکرة (و احتمل) فی نهایة الإحکام الکیل لأنه أغلب فی المطعومات فی عصره صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و لو عرف أنه یکال مرة و یوزن أخری فالوجه التخییر بینهما و یحتمل الرجوع إلی عادة أکثر البلاد کما فی نهایة الإحکام أیضا و فیها أیضا لو أخذت الناس خلاف ما عهد فی زمانه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لم یعتد به بل بالمعهود (قلت) ذلک قضیة کلامهم و ظاهرهم الإجماع علیه کما هو ظاهر المبسوط کما سمعت و المراد بما فی عهده ما ثبت علمه به أو تقریره و یحتمل ما کان عادة فی زمانه مطلقا و لو لا ما یظهر من دعوی الإجماع لأمکن القول بالحوالة إلی العرف مطلقا کما حکی عن أبی حنیفة لأنه العادة فی الأحکام الشرعیة کالقبض و الحرز و المأکول و الملبوس الذی لا یجوز السجود علیه فی الصلاة لکن الإجماع واجب الاتباع فالمدار علی ما عهد فی زمانه و لا تغفل عن إجماع المسالک و تأمل (و قد قطع)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 230
و یکفی المشاهدة فی الأرض و الثوب و إن لم یذرعا (1)
______________________________
جماعة و ادعی الإجماع بل إجماع الأمة فی التذکرة أن أربعة کانت مکیلة فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و هی الحنطة و الشعیر و التمر و الملح و استثنی فی التذکرة و نهایة الإحکام ما یتجافی منه فی المکیال کالقطع الکبار من الملح فیباع وزنا لذلک و احتمل فی الأخیر سحقه و الظاهر أن الوزن أیضا ثابت بالإجماع فی الذهب و الفضة کما هو ظاهر التذکرة فی باب الربا و قد طال بنا الکلام لأمر اقتضاه المقام
(قوله قدس سره) (و تکفی فی المشاهدة الأرض و الثوب و إن لم یذرعا)
إجماعا کما فی التذکرة (قال) لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة صح کالثوب و الدار و الغنم بالإجماع (قال) الشهید فی حواشیه لأن الثلاثة أجزاؤها مختلفة و الأقوی الجواز إذا لم یکن کثیرا بحیث یمکن استعلامه من بعض الوجوه لا ما یکون کثیرا یعسر الاطلاع علیه (انتهی) و فی المبسوط و السرائر بیع الثوب المشاهد صحیح بلا خلاف و فی المفاتیح تکفی المشاهدة فی الأرض و الثوب للأصل و الإجماع إلا من المبسوط و الخلاف و الحلبی و هو شاذ (قلت) لم ینقل الخلاف عن الحلبی غیره و هذا أبو المکارم جوز بیع الثوب بالمشاهدة و فی الغالب أنه لا یخالف التقی و نعم ما صنع فی الدروس حیث نقل الخلاف عن ظاهر الخلاف و أما المبسوط فقد جوز فیه أیضا فی فصل بیع الصبرة بیع الأرض و الثوب إذا نشر من دون تعرض لذرع نعم فیه و فی الخلاف فی باب السلم فیهما أن رأس المال إذا کان معینا فی حال العقد و نظر إلیه فإنه لا یکفی إلا بعد أن یذکر مقداره سواء کان مکیلا أو موزونا أو مذروعا و لا یجوز جزافا هذه عبارة الخلاف و نحوها من دون تفاوت عبارة المبسوط و فی المختلف بعد نقل ذلک عنهما و نقل عن علم الهدی أنه لم یوجب ذلک (قال) عندی فیه نظر و احتاط بالمسح فیهما فی الشرائع و فی المسالک أن هذا الاحتیاط لیس علی وجهه (قلت) لعدم المقتضی لاعتباره هنا و لم ینقل ذلک عن عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و العادة جاریة بذلک فی الأعصار و الأمصار یباع الثوب مخیطا و غیر مخیط و الأرض من دون ذرع (نعم لو جرت) العادة بذلک فی عهده لم یجز بیعهما بغیره إلا أن یخرج بدلیل هذا إن قلنا إن الذرع مشروط فی المذروع کالکیل و الوزن و العد و حینئذ فیکون المجوز لذلک فیما نحن فیه العادة و الإجماع مع عدم نقله عن عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم (و إن قلنا) إن الذرع غیر مشروط فی المذروع کما یشهد به إضافة الأرض فإنها قد تکون مذروعة أیضا مع أنهم تسالموا علی جواز بیعها مشاهدة و موصوفة من غیر خلاف أصلا فلا إشکال و لا حاجة بنا إلی تخصیص الثوب بالمخیط علی کل حال و علی کل حال تسقط مناقشة المولی الأردبیلی (حیث قال) و یمکن المناقشة فی الثوب فإن الکرباس منه مذروع بقرینة قوله کالذراع من الثوب و لأنه المتعارف (انتهی) و دعوی التعارف فی محل المنع و قد یحمل ما فی ظاهر الخلاف علی ما إذا لم یکن المطلوب من الثوب أوصافه التی تتفاوت القیمة بتفاوتها بل یکون المطلوب من المعاملة علیه فی العادة إنما هو ذرعه لأنه یشکل فی هذه الصورة الاکتفاء بالمشاهدة لتحقق الغرر و المجازفة حینئذ (فتأمل) و المراد بمشاهدة الثوب مشاهدته منشورا فلو کان مطویا لم یکف إلا علی وجه یوجب معرفته کما لو کان غیر متفاوت و لا منقوش نقشا یختلف أو یخفی فی مطاویه کما صرح بذلک جماعة و أشار إلیه آخرون
(قوله قدس (2)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 231
و لو عرف أحدهما الکیل أو الوزن و أخبر الآخر صح فإن نقص أو زاد تخیر المغبون (1) و لو کان المراد الطعم أو الریح افتقر إلی معرفته بالذوق أو الشم (2) و یجوز شراؤه من دونهما بالوصف فإن طابق صح و إلا تخیر (3)
______________________________
سره) (و لو عرف أحدهما الکیل أو الوزن و أخبر الآخر صح فإن نقص أو زاد تخیر المغبون)
قال فی التذکرة لو أخبره البائع بکیله ثم باعه بذلک الکیل صح عندنا (و قال) لو کان طعاما و آخر ینظر إلیه فهل لمن شاهد الکیل شراؤه بغیر کیل أما عندنا فنعم و هو أحد روایتی أحمد و فی الریاض لا خلاف فی جواز الاعتماد فی الکیل و الوزن علی إخبار البائع (قلت) و الأخبار بذلک مستفیضة فی الکیل و وقع فی بعضها السؤال عن ذلک فی الوزن و الکیل (و أجاب علیه السلام) بنفی البأس؟؟؟ إذا کاله البائع و أخبر به المشتری و لعله علیه السلام لم یذکر الوزن لأن کانا من سنخ واحد (و قد) ورد فی بعضها أنه قال له علیه السلام یجوز أن أبیعه کما اشتریته فقال أما أنت فلا تبعه حتی تکیله و إطلاق العبارة کاد یشمل خمس صور (الأولی) أن یعرف البائع الکیل و یجهله المشتری فیخبره به البائع (الثانیة) أن یعرف المشتری وزن الثمن و یجهله البائع فیخبره به المشتری (الثالثة) أن یعرف المشتری کیل المبیع و یجهله البائع کأن یکون قد کیل و هو غائب فیخبر المشتری البائع بکیله (الرابعة) أن یجهل المشتری وزن الثمن فیخبره البائع بذلک (الخامسة) أن یجهل البائع کیل المبیع و یعرفه المشتری و یجهل المشتری وزن الثمن و یعرفه البائع و إذا صحت الصورة الأولی بالنص و الإجماع فالثالثة و أحد شقی الخامسة کذلک لمکان الأولویة و تنقیح المناط فإن منعت الأولویة فلا سبیل علی الظاهر إلی منع الثانی و الحاصل أنه إن نقح المناط کأن یدعی أنه لا فرق بین البائع و المشتری لأن کانا متحدین ذاتا مختلفین اعتبارا فالقول بالجواز متجه فی الجمیع کما هو الظاهر و الظاهر أنه لا یشترط فی المخبر أن یکون عدلا عملا بإطلاق النص بل المدار علی السکون إلیه و تخیر المغبون لأن کان الخیار خیار غبن و قضیته أن التفاوت الیسیر غیر معتبر و ما عساه یتوهم من أنه خیار شرط بأن یدعی بأن العقد وقع علی أن المبیع مشروط بأن یکون کذا و کذا قدره فلیس بشی‌ء لأنه إن کان کذلک کان له الفسخ بالتفاوت الیسیر المتسامح به عرفا و لیس کذلک «فلیتأمل»
(قوله قدس سره) (و لو کان المراد الطعم أو الریح افتقر إلی معرفته بالذوق أو الشم)
عبر بالافتقار کما فی الإرشاد و غیره و فی جملة من العبارات أنه لا بد من معرفته بالذوق أو الشم مع أنهم جوزوا بیعه بدون الاختبار المذکور کما یأتی و یبعد وجوبه مع انعقاد البیع بدونه فلا بد من التأویل فیحتمل أن یراد أن ذلک علی طریق الأولویة و الاستحباب کما أشیر إلیه فی الروضة و مجمع البرهان و غیرهما أو أن ذلک مفتقر إلیه و لا بد منه فی لزوم البیع کما أشیر إلیه فی المهذب البارع و غیره و لا بد من تقییده بما إذا لم یفسد بالاختبار المذکور کما فی المقنعة و النهایة و الدلالة و النافع و غیرها و الحکم مما لا خلاف فیه و إن اختلفوا فی وجهه فالمشهور أنه علی الأولویة أو للزوم البیع و الشیخان و أتباعهما أنه شرط فی الصحة کما یأتی بیانه إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله قدس سره) (و یجوز شراؤه من دونهما بالوصف فإن طابق صح و إلا تخیر)
جواز بیعه و شرائه بالوصف مما لا خلاف فیه و فی الغنیة الإجماع علیه مضافا إلی الأصل و اندفاع الغرریة کما یندفع برؤیة ما یدل بعضه علی باقیه غالبا کظاهر الصبرة و ینجبر النقص بعد تحققه بالخیار و لا فرق فی جواز البیع بالوصف بین حضور العین و غیبتها کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 232
و الأقرب صحة بیعه من غیر اختبار و لا وصف بناء علی الأصل من السلامة (1) فإن خرج معیبا فله الأرش إن تصرف و إلا الأرش و الرد و الأعمی و المبصر سواء
______________________________
نبه علیه فی المختلف و قد خالف صاحب السرائر فاحتمل تخصیص الوصف بالغیبة و فیه أنه إذا جاز الوصف مع الغیبة فمع الحضور أولی لزیادة العلم بالعین مع الحضور علی العلم بها مع الغیبة
(قوله قدس سره) (و الأقرب صحة بیعه من غیر اختبار و لا وصف بناء علی الأصل من السلامة)
هذا خیرة الفاضلین و المتأخرین کما فی التنقیح و هو المشهور کما فی جامع المقاصد و علیه الأکثر أو عامة من تأخر کما فی الریاض و به صرح فی الشرائع و النافع و کشف الرموز و کتب المصنف و الإیضاح و الدروس و اللمعة و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و الریاض و هو الظاهر من بقیة الشروح و الحواشی و فی المقنعة کل شی‌ء من المطعومات و المشمومات یمکن الإنسان اختباره من غیر إفساد له کالأدهان المستخبرة بالشم و صنوف الطیب و الحلوات المذوقة فإنه لا یصح بیعه بغیر اختبار له فإن ابتیع بغیر اختبار کان البیع باطلا و المتبایعان بالخیار و مثله عبارة النهایة حرفا بحرف غیر أنه (قال) لا یجوز مکان قوله لا یصح و زاد بعد قوله و المتبایعان فیه بالخیار فإن تراضیا بذلک لم یکن به بأس (و فی المراسم) فأما ما یختبر بالذوق و الشم (فعلی ضربین أحدهما) لا یفسده الاختبار (و الآخر) یفسده فما لا یفسده إذا بیع من غیر اختبار لم ینعقد البیع إلا بعد اختباره و فی الوسیلة کل ما أمکن اختباره من غیر إفساد لم یصح بیعه من غیر اختبار (و عن الکافی) أن من شرط صحة بیع الحاضر اختبار ما صح اختباره بشم أو ذوق أو مشاهدة و عن القاضی أنه لا یجوز بیعه إلا بعد أن یختبر فإن بیع شی‌ء منه من غیر الاختبار له کان المشتری مخیرا فی رده علی البائع و صاحب الإیضاح قصر الخلاف علی سلار و أبی الصلاح و قضیة ما ذکره المحقق الثانی و الشهید الثانی من أن محل النزاع ما إذا کان المبیع مشاهدا أن لا یکون أبو الصلاح مخالفا لمکان ذکره المشاهدة و قضیة ما فی المختلف فی رده علی ابن إدریس أن لا یکون الشیخان و القاضی مخالفین (لأنه قال) قال ابن إدریس قد روی أنه لا یجوز بیعه من غیر اختبار فإن بیع من غیر اختبار له کان البیع غیر صحیح و المتبایعان فیه بالخیار فإن تراضیا بذلک لم یکن به بأس قال یعنی ابن إدریس و هذه الروایة یمکن العمل بها علی بعض الوجوه و هو أن البائع لم یصفه فإذا لم یصفه یکون البیع غیر صحیح لأنه ما یعرف بمشاهدته طعمه فلا بد من وصفه فأما إذا وصفه فالبیع صحیح (و یعتبر فیه) ما اعتبرناه فی بیع خیار الرؤیة لأنه لا یمکن معرفته إلا بالطعم فإن وجد طعمه أو ریحه کما وصف البائع فلا خیار له و إن وجد بخلاف وصف بائعه کان بالخیار (و لا دلیل) علی بطلان هذا العقد (ثم قال) یعنی فی السرائر (و یمکن) أن یقال إن بیع العین المشاهدة المرئیة لا یجوز أن یکون موصوفا لأنه غیر غائب فیباع بیع خیار الرؤیة بالوصف فإذن لا بد من شمه و ذوقه لأنه حاضر مشاهد غیر غائب فیحتاج إلی الوصف (فهذا وجه قوی) «انتهی» ما فی السرائر و تعقبه فی المختلف بأن البیع صحیح سواء وصفه البائع أو لا لکن إن کان صحیحا لزم البیع و إن خرج معیبا کان للمشتری الخیار بین الرد و الأرش کما فی غیره من المبیعات لأنه مشاهد فجاز بیعه و إن لم یختبر و ما حمله علیه لیس بجید (بل الأولی أن یقال) معنی کونه غیر صحیح کونه غیر لازم لأنه قد یؤدی إلی الفساد بأن یظهر علی خلاف الصحة فیفسخه المشتری و یؤیده جعل الخیار للمشتری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 233
..........
______________________________
و لو کان باطلا فی أصله لم یکن للمشتری خیار بل کان باقیا علی ملک البائع «انتهی» (و قوله) و ما حمله یعنی به ما حمل ابن إدریس الخبر علیه لیس بجید (و أنت خبیر) بأنه لیس فی الباب من الأخبار إلا ما رواه الشیخ عن محمد بن الفیض (قال) سألت أبا عبد اللّٰه عن رجل اشتری ما یذاق یذوقه قبل أن یشتری (قال) نعم فلیذقه و لا یذوقن ما لا یشتری و روی البرقی فی المحاسن عن محمد بن الفیض مثله و نعم ما قال صاحب کشف الرموز قد اعتبرت کتب الأخبار فما ظفرت بهذه الروایة إلا بما رواه الشیخ فی باب الزیادات مرفوعا إلی محمد بن الفیض (قال) سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام و ساق الحدیث لکنه غیر مرفوع (لأنه قال فی التهذیب) محمد بن أحمد عن أبی جعفر عن داود بن إسحاق الحذاء عن محمد بن الفیض (و طریق الشیخ) إلی محمد بن أحمد معروف لأنه «1» ابن یحیی بن عمران الأشعری و أبو جعفر هو ابن أحمد بن محمد بن عیسی و داود بن إسحاق هو أبو سلیمان الحذاء للصدوق إلیه طریق «2» و عده بعضهم ممدوحا (و أما) محمد بن الفیض بن المختار فهو من أصحاب الصادق علیه السلام و الظاهر اتحاده مع محمد بن الفیض التمیمی و هذا للصدوق إلیه طریق (و یروی عنه) ابن أبی عمیر فی الصحیح و قد حسنه المجلسی فلیس الحدیث مرفوعا قطعا لکنه لیس فیه دلالة علی محل النزاع (و هو هل) یبطل البیع بدون الذوق أم لا کما فی کشف الرموز و قال فی التنقیح الأمر بالذوق لا یقتضی اشتراطه لجواز أن یکون علی سبیل الإرشاد إلی مصلحته و احتیاطه فی شرائه و لیعلم أنه ذکر محل النزاع فی المسألة فی کشف الرموز و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و التنقیح و المهذب البارع و المقتصر و غیرها من دون تعرض لمشاهدة المبیع و لا لکونه هو محل النزاع و کذلک الفتاوی طفحت بذلک من دون تعرض لذلک سوی ما فی السرائر و الکافی و المختلف (و قد عرفت) الحال فی کلام الکافی و فی جامع المقاصد ربما فهم من عبارة الکتاب أنه لا یشترط مشاهدته أیضا (قلت) و کذا غیرها من العبارات و قال فی جامع المقاصد أیضا و الظاهر أنه لا بد من المشاهدة لئلا یلزم الضرر و عبارات الأصحاب لیس فیها أزید من بیعه بغیر اختبار و لا وصف و فی بعضها من غیر اختبار فقط و هو لا یدل علی عدم اعتبار المشاهدة (قلت) مفهوم اللقب معتبر فی عبارات الأصحاب و به یثبت الوفاق و الخلاف فذکر الشی‌ء فی عباراتهم یقضی بنفی ما عداه (اللّٰهمّ) إلا أن یکون اعتبار المشاهدة أمرا معلوما و أنه بدونها یکون من بیع المجهول کما أشار إلیه بقوله إنه مستفاد من عدم جواز بیع المجهول (ثم قال) و الحق أن المسألة فی المشاهد دون غیره فمن ثم یضعف الغرر بدون الشم و الذوق (و قد تبعه) علی ذلک صاحب المسالک و جعله محل النزاع و قضیته أنه لو اشتری من دون المشاهدة أو الوصف لم یجز و لم یصح البیع بلا خلاف (و فیه نظر ظاهر) لأنه یلزم عدم صحة شراء الأعمی ما یشم و ما یذاق إلا بالوصف مع إطباق هؤلاء علی جوازه و صحته کما ستعلم و خلاف سلار فی شی‌ء آخر کما یأتی (و یلزمهم) عدم جواز بیع المسک فی فأره فإنه غیر مشاهد مع إطباق الجمیع علی جوازه کما سیأتی (و هذا مما) یرد علی الشیخین و الأتباع إلا أن یقولوا إنه خرج بالدلیل و ما المانع من الجواز بدون المشاهدة بناء علی الأصل و الغالب من مقتضی طبعه و عدم تعیبه فإنه بمقتضی ذلک یعلم کون العسل و الدبس و اللبن علی وصف من القوام لا یتفاوت فیه الحال غالبا تفاوتا لا یجوز بیعه إلا نادرا و لیست المعرفة التامة بشرط و لیس
______________________________
(1) یعنی محمد بن أحمد (مصححه)
(2) طریقة الحسین بن عبد اللّٰه الغضائری عن أحمد العطار عن أبیه محمد عن محمد بن أحمد بن یحیی إلخ (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 234
و لو أدی اختباره إلی الإفساد کالبطیخ و الجوز جاز بیعه بشرط الصحة (1) فإن کسره المشتری فخرج معیبا فله الأرش خاصة إن کان لمکسوره قیمة و الثمن بأجمعه إن لم یکن کالبیض الفاسد
______________________________
المراد بالغرر مطلق الجهالة و إلا لما جاز البیع بالوصف و لا باختبار وجهه الأعلی لعدم الاستقصاء و احتمال مخالفة الظاهر الباطن و قید المشاهدة لیعلم غلظه و رقته و لونه فترتفع الجهالة بالکلیة و تحصل المعرفة التامة أو ما هو قریب منها و لیس فیما عندنا من نسخ التحریر إلا قوله لا بد من اختبار ذی الطعم أو الرائحة بالذوق أو الشم و یجوز علی الوصف فإن وجد کما وصف و إلا تخیر المشتری (و لو بیع) بشرط السلامة من غیر اختبار و لا وصف (فالأقرب) جوازه فإن خرج معیبا تخیر بین الأرش و الرد و لو تصرف سقط الرد و لعل مراده بشرط السلامة البناء علی أصل السلامة فیکون موافقا للکتاب و عبارات الأصحاب (و فیه تأمل) یظهر وجهه فی المسألة الآتیة و علی کل حال فالمسألة لا تخلو من شوب الإشکال من عدم الغرر و عدم تمامیة الاستدلال بالخبر و استمرار الطریقة فی الأعصار علی عدم الاختبار و ما رواه فی السرائر لا عین له و لا أثر (و لعله) استفاده من کلام الشیخین لأن کان کلامهما فی الکتابین متون الأخبار (و یؤید) ذلک أنه نقله بعین کلام الشیخین (و الظاهر) أنهما استفادا ذلک من الخبر المذکور و أفتیا بمضمونه و الظاهر أنهما و من وافقهما حتی ابن إدریس مخالفون للمشهور و إن أعطت خلاف ذلک عبارة المختلف ما عدا الحلبی إن قلنا إن المشاهدة شرط عند المشهور و إلا کان مخالفا أیضا و من أن قدماء الأصحاب و رؤساءهم و أساطینهم أفتوا بمضمون هذا الخبر المعتبر القوی السند و ما کان فیه من ضعف فی دلالة أو سند فنجبر بعلمهم به و إن ثبتت روایة السرائر کانت الدلالة واضحة و لم یقطع بإجماع المتأخرین لأنهم یعبرون بالأقرب و شبهه (و الأشبه خ ل) و الأولی و الأظهر (و الظاهر خ ل) کما وقع ذلک فی الشرائع و النافع و کتب المصنف و الدروس و جامع المقاصد و غیرها و لا سیما الشرائع فإنه تردد أولا فیها (ثم قال) إنه أولی و هؤلاء رؤساء المتأخرین و هم غیر قاطعین (نعم فی الإیضاح) أنه الحق و هو لا یغنی و الطریقة التی استنهضتها طریقة أعوام لا طریقة علماء أعلام (فلیتأمل) فی ذلک جیدا و بعد ذلک کله فقول المتأخرین أظهر دلیلا و أوضح سبیلا (و إن قلت) إن الشیخین و القاضی غیر مخالفین سهل الخطب و هان الأمر (و قول المصنف) و الأعمی و المبصر سواء قصد به الرد علی سلار حیث خیره بین الرد و الأرش و إن تصرف (و أطبق) الشیخان و من تأخر عنهما علی خلافه و قد وصفه جماعة بالشذوذ و الندرة (قال سلار فی المراسم) بعد ما نقلناه عنه آنفا و ما یفسده کالبیض و البطیخ و القثاء و ما شاکل ذلک فصح شراؤه بشرط الصحة فإن خرج غیر صحیح فله أرشه لا رده إلا أن یشتریه أعمی فإنه یکون له أرشه أو رده (و قد نص فی المقنعة و النهایة) فی خصوص هذه المسألة أن لیس للأعمی إلا أرشه و أن الأفضل له أن یوکل فهم متفقون علی خلاف سلار و لکن کل فی مقام (فتأمل) و لا تشتبه علیک الحال
(قوله قدس سره) (و لو أدی اختباره إلی الإفساد کالبطیخ و الجوز جاز بیعه بشرط الصحة)
إجماعا کما فی المقتصر و الظاهر اتفاقهم علی الجواز فی الجملة و إن اختلفوا فی إطلاقه و تقییده فالأکثر کما فی المهذب البارع و المقتصر علی أن ابتیاعه جائز مطلقا (و فی الریاض) أنه الأشهر و هو صریح المبسوط و السرائر و التحریر و المختلف و المقتصر و جامع المقاصد و غیرها (و ظاهر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 235
..........
______________________________
الشرائع و النافع و غیرهما و فی المقنعة و المراسم أن بیعه جائز بشرط الصحة (و فی الوسیلة) جاز بیعه علی الصحة و البراءة من العیوب (و فی النهایة) بأن ابتیاعه جائز علی شرط الصحة و البراءة من العیوب و هو المنقول عن الکافی (هذا) هو الموجود فی النسخ الصحیحة التی عندنا من هذه الکتب فلا یلتفت إلی ما نقل عنها غیر ذلک کما فی المختلف و المهذب البارع و غیرهما (نعم) فی المقنعة بعد ذلک و لا بأس بابتیاع الأعمی بشرط الصحة أو البراءة من العیوب و فی نسخة أخری و البراءة بالواو لا بأو و فی النهایة فی الأعمی بشرط الصحة علی البراءة من العیوب و فی السرائر فی أصل المسألة فابتیاعه جائز مطلقا أو بشرط الصحة أو البراءة من العیوب و عن القاضی أنه قال لا یجوز بیعه إلا بشرط الصحة أو التبری عن العیوب فإن باع بخلاف ذلک لم یکن البیع صحیحا (قال فی المختلف) هذه العبارة توهم اشتراط أحد القیدین فی العقد و لیس بجید (و الظاهر) أنه إنما صار إلی هذا لإیهام عبارة الشیخین حیث قالا إنه جائز بشرط الصحة أو علی شرط الصحة و مقصودهما أن البیع بشرط الصحة جائز لا أن جوازه مشروط بالصحة أو البراءة (قلت) فعلی هذا یرتفع الخلاف إلا من القاضی لأن التأویل (العمل خ ل) المذکور جار فی عبارة الوسیلة و المراسم و الکافی إذا عرف هذا فإذا ابتاعه مطلقا أو بشرط الصحة و خرج معیبا کله و لم یکن لمکسوره قیمة کالبیض فإنه یرجع بالثمن أجمع کما فی السرائر و الشرائع و النافع و الإرشاد و الکتاب و نهایة الإحکام و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان و غیرها و هذه و إن أطلق فی بعضها و قید فی البعض الآخر باشتراط الصحة فالمآل واحد کما نبه علی ذلک فی جامع المقاصد لأن الإطلاق یرجع إلی اشتراط الصحة لأنه إنما اشتراه بناء علی أصله و هو الصحة کما مر و هذا أبلغ فی الجواز من غیر اختبار لمکان الضرورة و الحرج و فی الکفایة رجوعه بالثمن أجمع متجه مع شرط الصحة و بدونه محل تأمل و هذا یشمل ما إذا أطلق أو باعه بشرط البراءة من العیوب فیکون متأملا فی المقامین «فتأمل» و هل یکون هذا العقد مفسوخا و باطلا من أصله أو یطرأ علیه الفسخ من حین الاختبار «ظاهر الجماعة (جماعة خ ل) الأول» کما فی الدروس و هو صریح المبسوط و السرائر و التذکرة و الإرشاد و الروضة و المسالک و مجمع البرهان «و الثانی خیرة الدروس و جعل الأول احتمالا مع نسبته له إلی ظاهر الجماعة کما سمعت و فی اللمعة فیه نظر و جعل الفائدة فی الدروس و اللمعة فی مئونة نقله عن الموضع الذی اشتراه فیه إلی موضع اختباره فعلی الأول علی البائع و علی الثانی علی المشتری لوقوعه فی ملکه و فی جامع المقاصد أن الذی یقتضیه النظر أنه لیس له رجوع علی البائع بها لانتفاء المقتضی و تبعه علی ذلک الشهید الثانی قال لأنه نقله بغیر أمره فلا یتجه الرجوع علیه بها و کون المشتری هنا کجاهل استحقاق المبیع حیث یرجع بما غرم إنما یتجه مع الغرور و هو منفی هنا لاشتراکهما فی الجهل (قلت) المستند فی النقل هو بیعه و لا یشترط فی تغریره علمه کما لو باع ملک الغیر باعتقاد أنه له ففائدة الخلاف واضحة (و أما) إذا باعه بشرط البراءة من العیوب فیما لا قیمة لمکسوره «ففی الدروس» أنه إذا تبرأ البائع من العیب فیما لا قیمة لمکسوره أنه یصح عند الشیخ و أتباعه و معناه أنه لیس له الرجوع و إن ظهر کله معیبا ثم إنه استشکل فیه و فی المسالک أن شرط البائع البراءة من العیوب صح و لا خیار لو ظهر معیبا کذا أطلقه الجماعة «انتهی» و قد استشکل فیه أیضا کالدروس و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و غیرها قالوا هو مشکل فیما لو خرج کله معیبا و لم یکن لمکسوره قیمة لمنافاته لمقتضی العقد إذ لا شی‌ء فی مقابلة الثمن فیکون أکل مال بالباطل (قلت) ما نسبه الشهیدان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 236
..........
______________________________
و غیرهما إلی الشیخ و الأتباع کأنهما فهماه من التقیید بشرط البراءة من العیوب کما فهم ذلک من القید المذکور المحقق الثانی (و أنت خبیر) بأن عبارة النهایة و المبسوط و السرائر وردت بالابتیاع حیث قیل فیها فابتیاعه جائز إلخ فیکون المعنی أن شراء المشتری بشرط الصحة و البراءة من عیوبه جائز فیکون اشتراط المشتری البراءة من العیوب کاشتراط الصحة و إلا فما کان للبائع أن یشترط البراءة من عیوب ما لا منفعة فیه أصلا حتی لو أتلفه متلف لا یضمنه و عبارة الوسیلة منزلة علی عبارة النهایة و المبسوط و السرائر قال فی المبسوط و لو اشتری ما تحته کامن مثل الجوز و اللوز و ما أشبه ذلک من البیض بالبراءة من العیوب صح و إن اشتری مطلقا و خرج معیبا کان له رده و (أو خ ل) المطالبة فتراه کیف جعل شرط البراءة للمشتری کما هو ظاهر و إلا فالاحتمالان متساویان و ما کان لیکون تساویهما سلمنا لکن احتمالنا أرجح من مخالفة القواعد بل إجماع المسلمین و لعله یظهر من التذکرة حیث حکم بالبطلان فیما لا قیمة له لو کسر ثم علله بما علله و قال بعض الشافعیة وافقونا علی التعلیل و البعض الآخر وافقونا فی الحکم و خالفونا فی التعلیل علی أن الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس فی السرائر صرحا ببطلان البیع و غیرهم من المتأخرین بل کل من عبر بجواز بیعه بشرط الصحة ظاهره أنه لا یصح أن یشترط البائع البراءة کما فهمه المحقق الثانی (و أما عبارة) النهایة فننقلها برمتها لتعلم الحال فیها قال فی النهایة فابتیاعه جائز علی شرط الصحة أو البراءة من العیوب فإن وجد فیه فاسدا کان للمبتاع ما بین قیمته صحیحا و معیبا و إن شاء رد الجمیع و استرجع الثمن و لیس له رد المعیب دون ما سواه فتراه کیف جوز له الأرش و رد الجمیع و هو محمول کما فی المختلف علی ما إذا لم یتصرف فسقط اعتراض السرائر علیه بأنه کیف یجوز له رد الجمیع مع التصرف و فی الوسیلة جاز بیعه علی الصحة و البراءة فإن خرج معیبا کان البائع بالخیار بین أخذ الأرش و الرد فإن خرج البعض معیبا کان مخیرا بین رد الجمیع و الأرش فإن أفسد الجمیع لم یکن له غیر الأرش انتهی (فتأمل فیه جیدا) و الغرض من نقله أنه لم یرتب علی البراءة من العیب شیئا زائدا علی اشتراط الصحة و أنه یمکن تنزیلها علی عبارة النهایة بأن یکون الشرطان من المشتری (و قد) اشترکت النهایة و الوسیلة فی عدم التعرض لما لا یکون لمکسوره قیمة أصلا (نعم) فی المبسوط و السرائر تعرضا لذلک فقالا بعبارة واحدة (و أما) إذا لم یکن لفاسده و مکسوره قیمة بعد کسره مثل بیض الدجاج (إذا کان فاسدا فإن کان هکذا (فالبیع) باطل لأنه لا یجوز بیع ما لا قیمة له و علی هذا لا یجوز بیع الحشار و متی أتلفه متلف فلا ضمان علیه لأنه لا قیمة له «انتهی کلامهما» فتراهما لما تعرضا لما لا قیمة لمکسوره کیف حکما ببطلان البیع و لو تعرض له فی النهایة و الوسیلة لحکما فیه بالبطلان کما حکم به فی المبسوط و السرائر و قد عرفت أنهما فی المبسوط و السرائر ممن جوز بیع ذلک مطلقا أو بشرط الصحة أو البراءة من العیوب و قد فرع علی الأولین فی السرائر و لم یفرع علی الأخیر شیئا فکأنهما عنده من سنخ واحد قال فإن اشتراه مطلقا أو بشرط الصحة ثم کسره المبتاع فإن وجد فیه فاسدا کان للمبتاع ما بین قیمته صحیحا و معیبا و لیس له رد الجمیع و استرجاع الثمن فیما قد تصرف فیه و لا له رد المعیب دون ما سواه و له رد الجمیع إذا لم یتصرف فی الجمیع (إلی أن قال) و أما إذا لم یکن لفاسده و مکسوره قیمة (إلی آخر) ما نقلناه عنه آنفا فکان اشتراط البراءة من العیب عنده کاشتراط الصحة هذا کلام الشیخ و أتباعه فأین وجدوا ما نقلوا عنه من کلامهم و وقع فی المقنعة و النهایة و الوسیلة و غیرها أن الأعمی کالبصیر لو ابتاع شیئا علی البراءة من العیوب لم یکن له أرش و لا رد و هذا مقام آخر غیر ما نحن فیه (فلیتأمل جیدا) و قد علم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 237
و یجوز بیع المسک فی فأره و إن لم یفتق و فتقه أحوط (1)
______________________________
مما ذکرنا حکم ما إذا کسره المشتری و خرج معیبا و کان لمکسوره قیمة و هو أن له الأرش لا الرد إجماعا کما فی السرائر و غیرها کما سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی لمکان التصرف و کیفیة أخذ الأرش هو أن یقوم ما بین قیمته صحیحا و قشره صحیح و بین کونه فاسدا و قشره صحیح فما ثبت یرجع بمقداره من الثمن و لا یقوم مکسورا لأن الکسر نقص حدث فی ید المشتری فلا یرجع بجنایته و حدثه علی غیره هذا و فی جامع المقاصد لعل مراد المصنف بقوله جاز بیعه بشرط الصحة عدم جواز اشتراط البراءة من العیوب و لو کان الإطلاق منزلا علی الصحة (قلت) هذا الاحتمال جار فی کل ما کان مثل عبارة الکتاب و فی عبارة التحریر أیضا لأن قال فیها جاز ابتیاعه مطلقا و بشرط الصحة فلیتأمل جیدا
(قوله قدس سره) (و یجوز بیع المسک فی فأره و إن لم یفتق و فتقه أحوط)
جواز بیع المسک فی فأره من دون فتق قد نص علیه فی المبسوط و الشرائع و النافع و التذکرة و الإرشاد و نهایة الإحکام و التحریر و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب للشهید و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و مجمع البرهان و الریاض و فی المفاتیح قالوه و فی الحدائق أنه المشهور بینهم من غیر خلاف یعرف و فی مجمع البرهان لعله لإجماع أو نص فهم ذلک من التذکرة و یأتی أن لیس فی التذکرة دعوی إجماع و لا نص و فی الریاض أنه یجوز بیعه بشرط العلم بمقداره و نحوه مما تعتبر معرفته فی معاملته و تتفاوت قیمته بتفاوته بلا خلاف بل فی بعض العبارات الإجماع علیه و هو الحجة (قلت) هذه العبارة التی ادعی فیها الإجماع لم نجدها و لیته دلنا علیها و لعله أراد ما فی مجمع البرهان أو ما فی الحدائق و الموجود فی التذکرة المسک طاهر یجوز بیعه فی الجملة و به قال عامة الفقهاء (و حکی) عن بعض الناس المنع من بیعه لأنه نجس لقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم ما أبین من حی فهو میت و قد قیل إنه دم و هو خطاء لأنه لا دلالة فی الخبر لأن الغزال یلقیه کما یلقی الولد و یلقی الطیر البیض و الدم المحرم هو المسفوح فإن الکبد حلال و هو دم (و قد روی) جواز بیعه عن الصادق علیه السلام (إذا ثبت هذا) فقد جوز الشیخ بیع المسک فی فأره و إن لم یفتق قال و فتقه أحوط و به قال بعض الشافعیة و أکثر أصحاب الشافعی علی المنع و أصحاب أحمد (و الوجه) الصحة لأن صفة المسک معلومة فیشتریه بشرط الصحة کالمذوق قبل ذوقه (انتهی) و لیس فی کلامه کما تری من دعوی إجماع و لا نص فیما نحن فیه (و الدلیل) علیه بعد الأصل و عموم الأدلة و عدم مانع ظاهر یصلح للمنع و عدم وجوب الاستقصاء مع عدم تفویت شی‌ء لمکان الخیار (مضافا) إلی أنه قد یعلمه أهل الخبرة و إلی ما یظهر من انعقاد الإجماع علیه جریان العادة فی مثل هذا بعدم المشاهدة و الاختبار و أن الحال فیه کالحال فیما یؤدی اختباره إلی فساده فیکون فردا من أفراده و ذلک لو أن کل سائم یختبرها بإدخال الخیط فیها لفسدت و جفت رطوبتها أو قل ریحها و إن کان عدم تحقق الإفساد یقع فی الغالب نادرا فلا یقدح فی الغالب و لا یلتفت إلی ما فی الحدائق و المفاتیح و الاحتیاط بفتقه قد ذکر فی المبسوط و الشرائع و التحریر و غیرها و خلت عنه جملة من العبارات (و الوجه فیه) ارتفاع الجهالة بالکلیة و لعله یقید بما إذا لم یستلزم الإفساد کما عرفت و لعله لذلک خلت عنه جملة من العبارات (فلیتأمل) و فتقه بأن یدخل فیه خیط ثم یخرج و یشم علی ما ذکره الجماعة کما فی المسالک و عبارة الدروس هکذا یجوز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 238
و لا یجوز بیع المباحات بالأصل قبل الحیازة کالکلأ و الماء و السمک و الوحش (1) و لا بیع الأرض الخراجیة إلا تبعا لآثار التصرف (2)
______________________________
شراء المسک فی فأره و إن لم یفتق بإدخال خیط فیه و فتقه أحوط (و قد) احتمل فیها فی جامع مقاصد أمرین أحدهما أنه مع عدم فتقه یجوز البیع معه بإدخال خیط فیه فیکون ذلک قائما مقام اختباره و یکون بإدخال متعلقا بیجوز و الثانی أن فتقه یتحقق بإدخال خیط فیه و لا یحتاج إلی شقه و لما لم یکن للأول وجه تعین الحمل علی الثانی (و فی نهایة) الإحکام و حواشی الشهید و الدروس و الروضة و غیرها أنه إن وجده صحیحا لزم و إلا تخیر و هو قضیة کلام من لم یذکر ذلک «و فی» الأول لو کان رأس الفأرة مفتوحا و شاهد أعلاه صح البیع أیضا «و یلزم» لو کان أسفله کأعلاه و إلا تخیر «و فیه أیضا» و فی التذکرة لا یجوز بیع الدر فی الصدف للجهالة مع تفاوتها کبرا و صغرا و صفاء و کدورة «و فی» جامع المقاصد المسموع من فأره بهاء غیر منقوطة و هو الظاهر من عبارات الأصحاب و الذی صرح به اللغویون فأرة المسک بتاء مهموزة کالفأرة فی غیره و هو الصواب «قلت» المذکور فی عبارات الأصحاب جمع لا مفرد فیکون الفأر بالهمزة جمع فأرة و کذا فأرة البیوت «و هو الموافق» لنص أهل اللغة و فی مجمع البحرین أنه یهمز و لا یهمز و فی نهایة ابن الأثیر قد تترک همزته تخفیفا
(قوله قدس سره) (و لا یجوز بیع المباحات بالأصل قبل الحیازة کالکلأ و الماء و السمک و الوحش)
هذا فرع علی الملک لا علی صلاحیة التملک من دون تأویل لأن هذه الأشیاء صالحة للتملک بالحیازة و ظاهر نظمه مع الأرض الخراجیة أنها مملوکة مشترکة بین المسلمین کأرض الخراج و الظاهر أنها لیست کذلک (قال فی التذکرة) الملک فلا یصح بیع المباحات و لا ما یشترک فیه المسلمون قبل حیازته مثل الکلأ و الماء و الحطب إجماعا و إن کانت فی ملکه فالوجه أنها له فیصح بیعها انتهی (ثم قال) و لا یصح بیع السمک قبل اصطیاده و لا الوحش قبل الاستیلاء علیه (انتهی) فعلی هذا فقول الأصحاب و لا یجوز (یصح خ ل) بیع ما یشترک فیه المسلمون کالکلأ و الماء قبل حیازته مقیدا بما إذا کان فی مباح لتوقف تملکها علی الحیازة أما لو کانت فی ملکه (فالوجه) أنها له تبعا للملک فیصح بیعها و یحرم علی غیره أخذها بغیر إذنه و لعل فی قولهم قبل الحیازة غنی عن هذا القید «فتأمل» و التقیید بالأصل کأنه تأکید أو لإخراج ما هو مباح بالعارض کما إذا أعرض عنه المالک فإنه قد قیل إنه لا یخرج عن ملکه فی جمیع صوره قالوا نعم لو علم الإعراض یقینا فهو یفید إباحة بحیازته لا ملکا و قیل إن الآخذ یملکه إذا نوی التملک و قیل لا یزول الملک بالإعراض إلا فی الشی‌ء الیسیر کاللقمة و فی التالف کمتاع البحر و فی الذی یملک بغایة إذا حصلت کحطب المسافر «و قد حققنا» الحال فی المسألة فی کتاب القضاء و أسبغنا الکلام فیما کتبناه هناک و قسمنا الإعراض إلی ما یکون باختیار کترک بعیره لکلالة أو بغیر اختبار کأخذ الظالم لماله و وقوعه فی البحر و نحوه و قلنا إنه فی الأول و الأخیر یملکه الآخذ له إذا کان المالک یائسا منه (و أما فی الثانی) فلا و هل یملک هذا الکلأ و الماء بمجرد الحیازة أو لا بد فیه معها من نیة التملک قولان (فعلی الأول) لا تصح فیه الاستنابة و لا تتصور علی وجه یفید ملکیة الموکل و الثانی أقوی و قد دلت علیه الأخبار کما یأتی فی اللقطة فیجوز التوکیل فیه و یملک الموکل مع نیة الوکیل الملک للموکل
(قوله قدس سره) (و لا بیع الأرض الخراجیة إلا تبعا لآثار التصرف)
الأرضون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 239
..........
______________________________
علی أربعة أضرب «أرض» أسلم أهلها علیها «و أرض» صولحوا علیها «و أرض» الأنفال «و أرض» فتحت عنوة کما فی (المقنعة و النهایة و المبسوط و المراسم و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر) و غیرها ذکروا الضروب الأربعة و ذکروا أحکامها و کثیر منهم عین أشخاصها (و نحن) نجری علی هذا المنوال علی سبیل الإجمال لأن محل التفصیل باب الجهاد فنقول (الضرب الأول) أرض أسلم علیها أهلها طوعا فهذه ملک لأهلها یصح لهم التصرف فیها بسائر أنواع التصرفات إذا عمروها و قاموا بعمارتها و هی أرض المدینة و الطائف و الیمن و بعض الدیلم کما نص علیه جماعة «1» (الضرب الثانی) الأرض التی صولح أهلها علیها و هذا علی ضربین (أحدهما) أن یکونوا صولحوا علی أن الأرض لهم و علیهم طسقها و هی تسمی أرض الجزیة یلزمهم ما یصالحهم الإمام علیها و یصح بیعها و التصرف فیها بجمیع أنواعه فإذا أسلموا کان حکمهم حکم من أسلم علیها أهلها طوعا (و الثانی) أن یکونوا قد صولحوا علی أن الأرض للمسلمین و لهم السکنی و علی رقابهم الجزیة و هذه حکمها حکم الأرض المفتوحة عنوة و هذه کبعض أرض خیبر (الضرب الثالث) أرض الأنفال و هی (أقسام) الأرض التی انجلا أهلها عنها أو کانت مواتا فأحییت أو کانت آجاما و غیرها مما لا یزرع فاستحدثت مزارع (و کل) أرض لم یوجف علیها بخیل و لا رکاب (و رءوس) الجبال (و بطون) الأودیة فهذه کلها للإمام خاصة لیس لأحد معه فیها نصیب (و یجوز) للشیعة حال الغیبة التصرف فیها و لینو المتصرف فیها و لیوطن نفسه أنه یؤدی طسقها إذا طلبه الإمام منه (الضرب الرابع) الأرض التی فتحت عنوة و هذه للمسلمین قاطبة بإجماع علمائنا قاطبة و قد نقل الإجماع علی ذلک فی الخلاف و التذکرة و المنتهی کسواد العراق و بلاد خراسان و الشام و مکة المشرفة علی ما عده المؤرخون کما فی المسالک (قلت) و قد عد ذلک من ذلک جماعة من فقهائنا و زادوا هوازن «2» و وافقنا علی ذلک جمهور العامة کما ستعرف (و قد) اختلفوا فی مکة زادها اللّٰه تعالی شرفا و کونها مفتوحة عنوة هو الظاهر من المذهب کما قاله الشیخ فی المبسوط و جماعة و فی الخلاف الإجماع علی ذلک (و عن) بعض کتب التواریخ المعتمدة أن الحیرة من أرض العراق و هی بلدة قرب الکوفة و أخری قرب عانة فتحت صلحا و أن نیشابور من بلاد خراسان فتح صلحا و قیل عنوة و بلخ منها و هراة و قوشیح و التوابع فتح صلحا و بعض عنوة (و أما) بلاد الشام و نواحیه فحکی أن حلب و حماة و طرابلس فتح صلحا و أن دمشق فتح بالدخول من بعض غفلة بعد أن کانوا طلبوا الصلح من غیره و أن أهل أصفهان عقدوا أمانا و أن آذربایجان فتح صلحا و أن أهل طبرستان صالحوا أهل الإسلام و الری فتح عنوة (بل) قیل إن أکثر بلاد الإسلام فتحت عنوة و یثبت کونها مفتوحة عنوة بنقل من یوثق بنقله و اشتهاره بین المؤرخین و قد جعل بعضهم من الأدلة ضرب الخراج من الحاکم و إن کان جائرا و أخذ المقاسمة من ارتفاعها عملا بأن الأصل فی تصرفات المسلمین الصحة إذ الظاهر أن أخذ الخراج من ذلک البلد إذا کان مستمرا فی الأعصار لم یکن شیئا حادثا من بعض سلاطین الجور بل کان شیئا مستمرا من الصدر الأول من غیر نکیر إذ لو کان حادثا لنقل فی کتب التواریخ و الأخبار و فی نقل من نقل عمن نقل من علمائنا و غیرهم بلاغ کما عرفت
______________________________
(1) و الدیلم قوم من مشرکی العجم و الظاهر أن بلادهم طبرستان کما نقل تعیین ذلک عن الأستاذ الشریف أدام اللّٰه سبحانه حراسته ثم إنه حصل لنا القطع بذلک من عدة مواضع (منه)
(2) قبیلة من قیس و أرضهم قریبة من الطائف (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 240
..........
______________________________
و ستعرف و فی المبسوط أن هذه الأرض لا یصح التصرف فیها ببیع و لا شراء و لا هبة و لا معاوضة و لا تملیک و لا إجارة و لا إرث و لا یصح أن تبنی دورا و منازل و مساجد و سقایات و لا غیر ذلک من أنواع التصرف و متی فعل شی‌ء (شیئا خ ل) من ذلک کان التصرف باطلا و فی موضعین آخرین منه ذکر نحو ذلک و مثل ذلک ما فی النهایة و الغنیة و الشرائع فی موضعین منها و النافع و التذکرة فی موضع منها و الکتاب فی الجهاد و الإرشاد و موضع (و موضعین خ ل) من التحریر و المنتهی و هو ظاهر المراسم و الوسیلة و فی موضع آخر من التذکرة و التحریر أنه یجوز بیعها تبعا لآثار التصرف و نحوه ما فی السرائر فی موضع منها و المختلف و المنتهی و حواشی الکتاب و اللمعة و الروضة و قواه فی موضع من المسالک و فی آخر منه نسبته إلی جمع من المتأخرین و أن العمل علیه و فی موضع آخر من السرائر عند نقله کلام الشیخ إنما نبیع و نقف تصرفنا فیها و تحجیرنا و بناءنا فأما نفس الأرض فلا یجوز فیها ذلک (قال فی المختلف) بعد نقل ذلک عنه هذا یشعر جواز البناء و التصرف فیها (قلت) و یشعر بأن الأرض لیست جزءا من المبیع و ما فی السرائر هنا موافق لما فی الإستبصار و التهذیب حیث جوز فیهما بیع ما له من التصرف دون رقبة الأرض و حمل الحق فی خبر أبی بردة علی ذلک أعنی ما له من التصرف و لعل الخبر دلیل المشهور بین المتأخرین و ستسمعه و فی حواشی الشهید أنها إذا بیعت تبعا للآثار یجوز أن تکون مجهولة (و الأولی) أنها جزء من المبیع فلا بد من العلم بها أیضا و قضیة ما فی الدروس أنه یصح بیعها منفردة فی زمن الغیبة و نحوه ما فی جامع المقاصد (قال فی الدروس) و لا یجوز التصرف فی المفتوحة عنوة إلا بإذن الإمام علیه السلام سواء کان بالوقف أو بالبیع و غیرهما (نعم) فی حال الغیبة ینفذ ذلک و أطلق فی المبسوط أن التصرف فیها لا ینفذ و قال ابن إدریس إنما یباع و یوقف تحجیرنا و بناؤنا و تصرفنا لا نفس الأرض «انتهی» ما فی الدروس و فیه تأمل لأنها لیست ملکا له و البیع و الوقف موقوفان علی الملک بل قد قیل إنه فی حال الحضور یبعد حصول الإذن بذلک منه علیه السلام إلا أن تقضی المصلحة العامة بذلک کأن یحصل الاحتیاج إلی ثمنها أو یجعل قطعة منها مسجدا و علی کل حال فقول الدروس لیس بذلک البعید إذ قد تکون المصلحة فی ذلک مع غیبته علیه السلام أو عدم انبساط یده و قد یئول ذلک إلی التصرف فی ماله من الغرس و البناء و یأتی تنقیح الکلام إن شاء اللّٰه تعالی و فی موضع آخر من السرائر نقلا عن الشیخ أنه إذا حجر أرضا ثم باعها لم یصح بیعها و فی الناس من قال إنه یصح و هو شاذ و أما عندنا فلا یصح بیعه لأنه لا یملک رقبة الأرض بالإحیاء و إنما یملک التصرف بشرط أن یؤدی إلی الإمام ما یلزمه علیها و کأن قوله و أما عندنا من کلام ابن إدریس لا من الشیخ لأن النسخة التی حضرتنی من السرائر غیر نقیة من الغلط و فی موضع آخر من الدروس لا یجوز بیعه المفتوحة عنوة و لا بیع ما بها من بناء و شجر وقت الفتح (نعم) لو جدد فیها شی‌ء من ذلک جاز بیعه و ربما قیل ببیعها تبعا لآثاره و روی أبو بریدة جواز بیع أرض الخراج من صاحب الید و الخراج علی المشتری و فی روایة إسماعیل بن الفضل إیماء إلیه انتهی (قلت) قد عرفت و ستعرف الحال فی خبر أبی بردة و لیس هو أبا بریدة (و أما) روایة إسماعیل بن الفضل الهاشمی فمنزلة علی أنها «1» اشتری منه آثاره کما ستسمع (و فی) موضع آخر من السرائر فأما من قال لا یجوز بیع رباع مکة و لا إجارتها فصحیح إن أراد نفس الأرض لأن مکة أخذت عنوة بالسیف فهی لجمیع المسلمین لا تباع و لا توقف و لا تستأجر فأما التصرف و التحجیر
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر أنه (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 241
..........
______________________________
و الآثار فیجوز بیع ذلک و إجارته کما یجوز بیع سواد العراق المفتوحة عنوة «انتهی» و قد نزل صاحب المسالک عبارة الشرائع فی باب الجهاد (حیث قال) لا یجوز بیعها و لا هبتها و لا وقفها علی أن المراد لا یصح ذلک فی رقبة الأرض مستقلة أما فعل ذلک بها تبعا لآثار المتصرف من بناء و غرس و زرع و نحوها فجائز علی الأقوی (قال) فإذا باعها بائع مع شی‌ء من هذه الآثار دخلت فی البیع علی سبیل التبع و کذا الوقف و غیره و تستمر کذلک ما دام شی‌ء من الآثار باقیا فإذا ذهبت أجمع انقطع حق المشتری و الموقوف علیه و غیرهما عنها هکذا ذکره جمع و علیه العمل «انتهی» و هذا التنزیل ممکن فی کثیر من العبارات لکن بعض عبارات المبسوط لا یمکن ذلک فیها (فلیتأمل) و قد نزل المحقق الثانی عبارة القواعد فی عدم التصرف علی حال الحضور و فی المفاتیح لو کان للمتصرف فیها بناء أو غرس أو زرع جاز بیعه لأنه مملوک و کونه فی أرض الغیر لا یمنع من التصرف فی ملکه و نسبه إلی أصحابنا (ثم قال) و قیل یجوز بیعها تبعا للآثار المذکورة لا منفردة «انتهی» و سواد العراق کما ذکره الأصحاب و غیرهم من العامة فی أبواب شتی کباب الزکاة و الجهاد و الخمس و البیع و الرهن هو ما بین عبادان و الموصل طولا إلی ساحل البحر و قیده بعضهم بکونه من شرقی دجلة (قال) و أما الغربی الذی یلیه البصرة فإنه إسلامی مثل شط عثمان بن أبی العاص فإن أرضه کانت مواتا فأحیاها عثمان بن أبی العاص و ما بین طریق القادسیة المتصل بعذیب من أرض العرب و منقطع جبال حلوان عرضا و سمیت سوادا لأن الجیش لما خرجوا من البادیة رأوا هذه الأرض و التفاف أشجارها فسموها سوادا لذلک و أما خراسان فمن أقصاها إلی کرمان و خوزستان و همدان و قزوین و ما حوالیها و لم یذکروا تحدید الشام و کتب التواریخ کافلة بذلک و أما الموات منها وقت الفتح فهو للإمام خاصة و لا یجوز لأحد إحیاؤه إلا بإذنه إن کان ظاهرا و حال الغیبة یملکها المتصرف من غیر إذن کما صرح بذلک جماعة کثیرون و فی التذکرة فإذا ظهر القائم علیه السلام أدام اللّٰه حراسته و جعلنی اللّٰه تعالی فداه فلیوطن نفسه علی أن یأخذ منه و ظاهر إطلاق بعض العبارات عدم الفرق فی المفتوحة عنوة بین العامر وقت الفتح و البائر و الذی صرح به الأکثر الاختصاص بالعامر (فتأمل) نعم إن دلت القرائن أن هذه الموات کانت معمورا من القدیم (الفتح خ ل) مضروبا علیه الخراج و المقاسمة فهو ملحق بالمعمور وقت الفتح ککثیر من أرض العراق و حیث إنه لا أولویة لأحد علیه فمن أحیاه کان أحق به و علیه الخراج و المقاسمة (و تنقیح) البحث فی معرفة ما اشتبه حاله و لم یدر هل فتح عنوة أو صلحا و معرفة المشتبه بین الموات و العامر أن یقال إن البلد المشتبه إما أن یکون فتح عنوة أو صلحا علی أن الأرض للمسلمین أو لأهلها و علی الأولین یکون علیه الخراج و علی الثانی لا خراج علیها فإما أن یجری علیها حکم الأولین أو الثانی من دون علم و لا ظن و هو تحکم و ترجیح بلا مرجح فلا بد من أحدهما و حیث انتفی العلم تعین العمل بالظن و هو قد یحصل من التواریخ و من استمرار أخذ السلاطین الخراج منه و أخذ المسلمین من السلاطین کما بیناه آنفا فإن الظاهر جریان أفعال المسلمین علی الصحة و المشروعیة ما لم یعلم خلاف ذلک کما هو معروف من الأخبار و بین العلماء و القول بأن الحجة فی حمل فعل المسلم علی الصحة إنما هو النهی عن اتباع الظن فی نسبة فعل الغیر إلی الفساد مع عدم سرایة فعله إلی غیره و عدم معرفة فساده و صحته إلا من إخباره و ما فی معناه و أما إذا کان أخذه الخراج کتسلطه و ضربه حراما فلا ففیه أن أخذ الخراج و أخذ المسلمین منه قد قدمنا أنه لم یکن حادثا و أن ذلک کان فی الصدر الأول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 242
..........
______________________________
و هم مسلمون و هذا فعلهم و لا نعرف فساده و صحته إلا منهم مضافا إلی حصول الظن بذلک بالاشتهار بین المؤرخین و غیرهم و لا کذلک الضرب و التسلط و القول بعدم حصول الظن فی المقام إما لقلة المخبرین أو لاختلافهم أو لتسامحهم فی أمثال ذلک خصوصا ممن لم یألف النظر و لم یعرف وجوه الخطأ مکابرة محضة لأن جماعة من المؤرخین قد اشتهروا بصحة النقل و الاعتماد علیه کالطبری و الواقدی و المسعودی و البلاذری و ابن الأثیر و المدائنی و صاحب المغازی و غیرهم علی أن فی نقل بعض علمائنا بلاغا لأن ذلک من الموضوعات التی یکتفی فیها بالظنون الضعیفة کما هو مسلم عند الکل (مضافا) إلی أنا ما سمعنا و لا وجدنا أن أهل العراق و أهل الشام ادعوا أن هذه الأرض المضروب علیها الخراج ملک لهم بل وجدناهم لا یدعون ذلک أصلا (اللّٰهمّ) إلا أن یکون أحدهم أحیا أرضا مواتا أو تصرف فی أرض الخراج ببناء أو غرس فکیف یحکم بکونها ملکا لهم من دون أن یعلموا ذلک أو یدعوه و کذلک الحال فی معرفة کون الأرض عامرة وقت الفتح أو مواتا فإنه یعول فیه علی الأمارات عند تعذر العلم (هذا) و لا بد فی المفتوحة عنوة من أن یکون فتحها بإذن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أو الإمام علیه السلام و أن تکون معمورة حین الفتح و الحکمان مشهوران بل کادا یکونان محل إجماع کما فی مجمع البرهان و یعرف الثانی کما قدمنا الإشارة إلیه بنقل من یوثق بنقله و اشتهاره بین المؤرخین إن کان کما قلنا فی الفتح عنوة و بضرب الخراج من الحاکم و إن کان جائرا و أخذ المقاسمة من ارتفاعها عملا بأن الأصل فی تصرفات المسلمین الصحة «فتأمل» و بالقرائن المفیدة للظن المتآخم للعلم کتقادم عهد البلد و اشتهار تقدمها علی الفتح و کون الأرض مما تقضی القرائن المذکورة بکونها مستعملة فی ذلک الوقت لقربها من البلد و عدم المانع من استعمالها عادة و نحو ذلک مما لا یضبطه إلا الأمارات المفیدة للعلم أو ما یقاربه (بل قد) یقال بکفایة مطلق الظن و الظاهر أن أکثر السواد أو کله کان معمورا وقت الفتح و لأجل ذلک سمیت أرض السواد کما سمعت آنفا (و أما) الأول فقضیة کلام أصحابنا حیث یعبرون بالفتح عنوة و یدعونه فی أکثر الأراضی و لا سیما فی أرض السواد و یحکمون علیها بالأحکام المترتبة علی الفتح بإذن الإمام أن ذلک بإذن منه علیه السلام و إلا فلا فائدة فی ذکر ذلک و ترتیب هذه الأحکام «فلیتأمل» علی أن فی الروایات الصحیحة ما یدل علی أن أرض العراق أرض خراجیة لجمیع المسلمین من وجد و من سیوجد إلی یوم القیمة و قضیة ذلک أن فتحها کان بإذن الإمام علیه السلام کما نقل من أن عمر استأذن أمیر المؤمنین علیه السلام فی فتح العراق و من أن الحسن علیه السلام (الحسین خ ل) کان فی الجیش الذی فتح السواد بل قد قیل إن عمر کان لا یصدر فی تدبیر الحروب إلا عن رأی أمیر المؤمنین علیه السلام و فی قبول سلمان تولیة المدائن و عمار إمارة العساکر أکبر شاهد علی ذلک فلا یعرج بعد ذلک علی ما قیل من عدم تحقق المفتوحة عنوة و إن علم لا تعلم المعمورة فی ذلک الزمان و إن علمت لم یعلم کون الفتح بإذنهم علیهم السلام (و قد نقول) بعدم الاحتیاج إلی إذن المعصوم علی الخصوص بل یکفی الإذن المستفادة من مطاوی الآثار و علی ذلک استمرت الناس (السیرة خ ل) (و من الأخبار) صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام (قال) سألته عن سیرة الإمام فی الأرض التی فتحت عنوة بعد رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله (فقال) إن أمیر المؤمنین علیه السلام قد سار فی أهل العراق سیرة فهم إمام لسائر الأرضین الحدیث (و منها) صحیحة الحلبی (قال) سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام عن السواد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 243
..........
______________________________
ما منزلته فقال هو لجمیع المسلمین لمن هو الیوم و لمن یدخل فی الإسلام بعد الیوم و لمن لم یخلق بعد فقلنا الشراء من الدهاقین فقال لا یصلح إلا أن یشتری منهم علی أن یصیرها للمسلمین فإن شاء ولی الأمر أن یأخذها أخذها (و فی خبر) أبی الربیع لا تشتروا من أرض السواد شیئا إلا من کانت له ذمة فإنما هی فی‌ء للمسلمین إلی غیر ذلک من الأخبار الکثیرة و کونها فیئا للمسلمین قاطبة یمنع من احتمال کونها للإمام علیه السلام کما احتمله فی المبسوط (قال) و علی الروایة التی رواها أصحابنا أن کل عسکر أو فرقة غزت بغیر إذن الإمام علیه السلام فغنمت تکون الغنیمة للإمام علیه السلام خاصة تکون هذه الأرضون و غیرها مما فتحت بعد الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إلا ما فتح أیام أمیر المؤمنین علیه السلام إن صح شی‌ء من ذلک للإمام خاصة» انتهی و هذا مشعر بتردده و قد تقدم له قبل ذلک تنصیص علی أن سواد العراق مفتوح عنوة و رتب علیه أحکام المفتوح بإذن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و مثله صنع فی المنتهی فإنه بعد حکایة الأرض و تحدیدها و ترتیب الأحکام علیها نقل ذلک عن المبسوط ساکنا علیه فکأنه متردد فیه أیضا (و أما العامة) فالمشهور بینهم أن سواد العراق فتح عنوة (و عن) بعض الشافعیة أنه فتح صلحا و هو محکی عن أبی حنیفة لکن المنقول عنه فی باب الرهن أنه فتح عنوة أو صلحا و قال بعضهم اشتبه علی الأمر و لا أدری فتح عنوة أو صلحا و فی مجمع البرهان أن دون العلم بالمفتوح عنوة خرط القتاد فکیف یباح الخراج الآن لأحد من المسلمین من السادة و الطلبة و غیرهم مع أن مصرفه المصالح العامة فکیف یجوز للواحد منا الشی‌ء الکثیر منه مع وجود المصالح و الأحوج و المساوی «انتهی» (و أنت) قد عرفت الحال فی هذا الموضوع الذی لا یشترط فیه أکثر مما ذکرناه فی تحقیقه و بیانه (و دلالة) الأخبار علیه علی أن من لحظ کلامهم فی رهن الأرض الخراجیة قطع بأن العامة و الخاصة قائلون بأن أرض العراق فتحت عنوة و لو التفتنا إلی کل شک لم یثبت لنا حکم سلمنا أن هذه الأراضی للإمام علیه السلام لکنهم قد أباحوه لشیعتهم (کما یدل) علیه صحیحة عمر بن یزید و غیرها (و أما الخراج) فیأتی بعون اللّٰه سبحانه تحقیقه و بیانه (و حیث) انتهی الکلام فی نقل الأقوال و بیان الأقسام (فنقول) الظاهر جواز التصرف فی أرض الخراج بالبنأ و الغرس و المساجد و جواز بیعها تبعا للآثار بل الظاهر جوازه فی رقبتها کما فی ظاهر الدروس و جامع المقاصد أو صریحهما لأن کان ذلک التصرف متداولا بین المسلمین فی زمن الحضور و الغیبة عند الخاصة و العامة فی الأراضی المشهورة بأنها مفتوحة عنوة فی جمیع الأعصار و الأمصار إلی عصرنا هذا من دون إنکار أحد لذلک و إجراء أحکام المساجد علی ما جعل مسجد أو أحکام الملکیة؟؟؟
؟؟؟ فیما کان کذلک مضافا إلی الأخبار المتضافرة بجواز بیعها کخبر الهاشمی المروی فی الکافی و التهذیب فی موضعین و قد أشار إلیه فی الدروس و خبر حریز و خبر محمد بن مسلم الوارد فی أرض النیل و خبر محمد بن شریح و خبر أبی بردة علی ما فهمه منه فی الدروس و قد نقل المصنف فی التذکرة فی باب الرهن عن بعض العامة کابن شریح و غیره أنه قال إن أرض العراق یبیعها الناس من لدن عمر إلی الآن و لم ینکر ذلک منکر و لو لم یجز ذلک لأدی إلی حصول الشک فی إباحة أکثر الأشیاء و تعطیل کثیر من الأحکام بل أدی إلی المنع من بناء المساجد فی هذه الأعصار فیما یتملکه من الأراضی مطلقا بل أدی إلی الحرج العظیم بل کاد یکون الجواز من ضروریات الدین لأنه لو عرض ذلک علی العوام لأنکروه أشد الإنکار و من لحظ کلام الأصحاب فی باب الرهن قطع بأنهم جمیعا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 244
..........
______________________________
مطبقون علی جواز التصرف فیها بالبناء و الغرس حیث یجوزون جمیعا رهن البناء و الغرس فی الأرض الخراجیة و من لحظ کلامهم فی بیع الأراضی و الأشجار و الزروع التی فیها وحدها أو معها ظهر علیه ذلک و حمل ما کان یتصرفون فیه منها فی الأعصار السابقة علی أن الإمام باعه لمصلحة المسلمین أو کان مواتا حین الفتح أو أن ذلک کان فی خمسها تعویل علی الهباء و اتکال علی المنی (و ستسمع) کلامهم فی بیع بیوت مکة مع أنها عندهم فتحت عنوة (و یبقی) الکلام فی الأخبار الدالة علی المنع من شرائها و کلام الأصحاب المصرحین بالمنع من التصرف فیها مطلقا و الذین یظهر منهم ذلک (و تنزیل) ذلک علی زمن الحضور یأباه ما استنهضناه من استمرار الطریقة علی التصرف فی الحضور و الغیبة لکن فی المسالک أنه لیس لأحد التصرف فیها بالتعمیر و غیره حال حضوره إلا بإذنه و نقل الاتفاق علی ذلک و یمکن حمل هذا الإجماع و کلام المبسوط الذی نقلنا عنه أولا و ما ضاهاه علی أنه لا یجوز لأحد أن یتصرف فیها بشی‌ء قبل أن یسلمها إلیه الإمام لیزرع فیها أو یغرس أو یبنی مشروطا علیه خراجها و هذا مما لا ریب فیه لأنها إذا فتحها الإمام علیه السلام کان أمرها إلیه فلیس لأحد أن یبادر فیغرس أو یزرع أو یبنی فیها أو یبیع بزعم أنه له فیها حصة قبل أن یستأذنه علی قطعة منها مثلا و یسلمها إلیه فإذا سلمها إلیه بشرط خراجها صار الأمر إلی المتصرف إن شاء بنی و إن شاء غرس لأن کانت مخرجه علیه فله بعد ذلک أن یبیعها و یقفها و یتصرف بما شاء من دون إذن من الإمام علیه السلام و کذلک الحال فی زمن الغیبة بالنسبة إلی القائم مقامه و لم یقل أحد بجواز التصرف فیها کیف اتفق لکل أحد و لیست کالأنفال التی یجوز التصرف فیها لکل أحد من شیعتهم لأن ذلک حقهم علیهم السلام فلهم الإذن فیه مطلقا فإذا تصرف فیها المتصرف بإذن الإمام أو القائم مقامه فقیها کان أو جائرا ملکها تبعا لآثاره و استقر الخراج فی ذمته فإذا باعها و شرط الخراج علی المشتری و کان له ذمة و عهد و کفالة و ضمنه صح (کما) یرشد إلیه خبر أبی الربیع الشامی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام لا تشتروا من أرض السواد شیئا إلا من کانت له ذمة فإنما هی فی‌ء للمسلمین (و خبر) محمد بن شریح (قال) سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن شراء الأرض من أرض الخراج فکرهه و قال إنما أرض الخراج للمسلمین فقالوا له فإنه یشتریها الرجل و علیه خراجها فقال لا بأس إلا أن تستحی من عیب ذلک (و نحو ذلک) خبر أبی بردة و ستسمعه و خبر عمر بن حنظلة (و مضمر) (و خبر خ ل) محمد بن مسلم قال فیه لا بأس أن یشتریها فیکون (فإذا کان خ ل) ذلک بمنزلتهم یؤدی فیها کما یؤدون فیها و قوله علیه السلام إذا کان ذلک یحتمل وجهین (أحدهما) أن یکون المراد إذا کان الشراء و البیع (و الثانی) أن یکون المراد به ظهور القائم کما فهمه صاحب الوافی من خبر زرارة و محمد و عمار عن أبی جعفر و أبی عبد اللّٰه علیهما السلام أنهم سألوهما عن شراء أرض الدهاقین من أرض الجزیة فقال إنه إذا کان ذلک انتزعت منک أو تؤدی عنها ما علیها من الخراج (قال) عمار ثم أقبل علی فقال اشترها فإن لک من الحق بها ما هو أکثر من ذلک (و هذه) هی الأخبار التی تضمنت المنع من شرائها و لیست مطلقة فی ذلک (و إنما کان) فیها ذلک لمکان الخراج فکان معناها لا تشترها فإنها لیست لک خالصة لأن علیها الخراج فإن کنت تقدم علی الوفاء به و لا تستحی منه إذا طلبه منک الجائر مثلا فاشترها و إن کنت تشتریها من الدهاقین (الدهقان خ ل) من دون أن یأخذ منک خراجا فإنک تؤدی خراجها عند ظهور صاحب الأمر فوطن نفسک علی ذلک إن طلبه منک (و الحاصل) أنه لا بد من خراجها إما حالا أو مؤجلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 245
..........
______________________________
لکن المؤجل قد یسقط عنک لمکان حقک و بهذا التحریر تلتئم کلمة الأصحاب جمیعا و یحصل الجمع بین الأخبار و یطرد الحکم فی الغیبة و الحضور و یصح التصرف علی هذا الوجه فی رقبتها تبعا لآثارها (و التنزیل) علی عدم جواز ذلک فی رقبة الأرض مستقلة أما تبعا للآثار فیجوز فإذا ذهبت الآثار رجعت إلی ما کانت علیه وجه وجیه لکنه غیر موافق لجمیع العبارات و ینافیه استقامة الطریقة علی اتخاذ المساجد فیها إلا أن یقال إن ذلک خرج بالإجماع و نحوه لأن کان المسجد مصلحة عامة لجمیع المسلمین کما ستسمع و علی کل حال لا بد لهم من أن یقولوا بملک الرقبة حتی یصح الوقف (فلیتأمل) جیدا و علی ما قلناه من جواز البیع و غیره بغیر إذن الإمام بعد الإذن الأولی یجوز ذلک من دون إذن الحاکم فی ذلک فقیها کان أو جائرا لکن الإذن الأولی التی ترتب علیها التصرف لا بد منها و لا شک أن الأولی ذلک فی التصرف أیضا إن أمکن و هذا غیر ما فی المسالک (فلیتأمل) جیدا و عساک تقول إن هذا المتصرف من دون الإذن الأولی له فیها حصة فیصح تصرفه فی حصته و بیعه و أقصاه أنه باع ما یملک و ما لا یملک لأنا نقول إنه لیس عالما بحصته و لا قادرا علی تسلیمها و کذا فی حصة المسلمین إلی یوم الدین لعدم استقلال أحد بذلک لأن أمرها بیده علیه السلام (علی أنا) نقول إن معنی کونها للمسلمین أنها معدة لمصالحهم العامة مثل بناء القناطر و المساجد و نفقة الرؤساء و القضاة و الکتاب و الغزاة بل قد یظهر أنه لا یجوز صرف حاصلها فی نفقة فقیر واحد بخصوصه إلا أن یجعل من المصالح کإیواء الأیتام و تزویج الأرامل علی أنا نقول لو کان مستأجرا أو مزارعا لا یجوز له أن یکتم شیئا من أجرتها أو حاصلها بزعم أن له حقا فیها کما ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی و لم تبطل الإجارة فی بعضها لأنه مالک لأنه فی الحقیقة لیس بمالک بل هی أرض جعلها اللّٰه سبحانه کالوقف علی مصالح المسلمین المستأجر و غیره (فلیتأمل) (و أما) خبر أبی بردة بن رجا قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام کیف تری فی شراء أرض الخراج قال و من یبیع ذلک و هی أرض المسلمین قال قلت یبیعها الذی هی فی یده قال و یصنع بخراج المسلمین ما ذا ثم قال لا بأس أن یشتری حقه منها و یحول حق المسلمین علیه و لعله یکون أقوی و أملی بخراجهم منه فقد أسمعناک أنه حمل الحق علی ما له من التصرف دون رقبة الأرض و أبو بردة هو هانئ بن نیار و روایة صفوان عنه فی المقام تشعر بالاعتماد علیه (و أما) ما اشتهر فی الأفواه من أن الحسین صلوات اللّٰه و سلامه علیه و علی آبائه و أخیه و أبنائه الطاهرین اشتری أربعة أمیال من کل جهة مما یلی قبره الشریف ثم تصدق به علی أهله و شرط علیهم ضیافة الزوار و إباحة لجمیع موالیه فلم نقف علیه فی شی‌ء من کتب الأخبار و لا فی التواریخ و لا مزار البحار و لا فی کلام أحد من علمائنا الأبرار و لو کان موجودا لذکره غواص بحار الأنوار علی أن فی الخبر منافاة تمنع من خرطه فی سلک الروایات التی تصلح لتأسیس الأحکام حیث إنه تضمن أنه علیه السلام تصدق به بعد الشراء و إباحة لجمیع موالیه و شیعته و لا ریب فی منافاة الصدقة علی قوم مخصوصین للإباحة لکافة موالیه و شیعته من وجد و من سیوجد (إلا أن) تقول إنه تصدق بالثمن فیبقی الکلام فی الأرض و علی کل حال فلیس فیه منافاة لشی‌ء مما ذکرناه من توجیه الأخبار و تنزیل کلام الأصحاب (فقد تحصل) أن النظر فی أرض الخراج للإمام علیه السلام مع ظهوره و مع غیبته إلی الحاکم الشرعی إن کان متمکنا و إلا فقضیة کلام الأصحاب توقف جواز التصرف علی إذن الجائر لأنهم حکموا کما ستسمع بأن الخراج و المقاسمة منوطة برأیه و هما کالعوض من التصرف و إذا کان العوض منوطا برأیه فالمعوض کذلک و أما من کانت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 246
..........
______________________________
یده علی شی‌ء منها بسبب شرعی کالشراء و الإرث و البناء و الغرس و نحو ذلک فإنه یملکها و یجب علیه خراجها و مقاسمتها و لا یجوز جحدهما و لا منعهما و لا التصرف فیهما إلا بإذنه باتفاق الأصحاب کما ستعرف و کل أرض خراجیة یدعی أحد ملکها و لا یعلم فساده تقر فی یده لجواز صدقه و حملا لتصرفه علی الصحة فإن الأرض المذکورة یمکن تملکها بوجوه و إن لم یکن فیها آثار کما نصوا علی ذلک فی المقام و باب إحیاء الموات و علیه خراجها و من الغریب ما قد قیل من أنه إذا لم یجز جحدهما و لا منعهما و لا التصرف فیهما إلا بإذن الجائر کان ذلک إعانة للظالم و معاونة علی الإثم و لم یکن علی الجابی و العامل و أمثالهما من عمال الجور إثم و لا وزر لأن جمعهم و أخذهم إنما هو لما یحرم علی المأخوذ منه منعه (و أنت) خبیر بأنه إنما وجب علیه دفعه و حرم منعه لمکان الجائر و أتباعه حفظا لنفسه و ماله و إخوانه و عرضه و هذا أمر واضح لا ینبغی أن یکون من مباحث العلماء و لیعلم أن الملک للأرض لا یمنع الخراج فیصح أن یملکها و یکون علیه خراج البساتین و الدور و کالأرض التی کانت محیاة حین الفتح ثم ماتت ثم أحییت بنیة الملک فإنها تملک و علیها الخراج و أنه یجوز أخذ الخراج علی الدور التی کانت یوم الفتح و کذا ما بنی بعد الفتح لأنه لا فرق بینها و بین البساتین إلا أن تقول إنه استمرت السیرة علی عدم أخذ الخراج من الدور ما کان منها قبل الفتح و بعده فهی کالمقابر و المساجد (و لیعلم) أنه لو مات السلطان الجائر و وقع اختلاف بعده و لم یقم سلطان بعده إلی مدة فإنه یجب علی أصحاب الأرض الخراجیة و البساتین دفع الخراج إلی المجتهد إن لم یکن علیه خوف و لا تقیة فإن کان کان له أن یأذن لمن هی فی یده بصرفها و لنستطرد الکلام حیث اقتضاه المقام فیما یأخذه الجائر باسم الخراج و المقاسمة و الزکاة ففی النهایة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الکتاب و نهایة الإحکام و الدروس و اللمعة و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و الروضة و المسالک و الکفایة و المفاتیح و غیرها أنه یجوز شراء ذلک من الظالم الجائر و إن علم المالک لکن عبارة النهایة و النافع و غیرهما شاملة لزکاة الأنعام و غیرها کما ذکر و هو صریح السرائر و المسالک و بقیة العبارات مقتصر فیها علی زکاة الأنعام و فی المقنع لا بأس بشراء الطعام من السلطان و فی التنقیح أن الدلیل علی جواز شراء الثلاثة من الجائر مع کونه غیر مستحق النص الوارد عنهم علیهم السلام و الإجماع و إن لم نعلم مستنده و یمکن أن یکون مستنده أن ذلک حق الأئمّة علیهم السلام و قد أذنوا لشیعتهم فی شراء ذلک فیکون تصرف الجائر کتصرف الفضولی إذا انضم إلیه إذن المالک «انتهی» و فی التذکرة أنه حق اللّٰه أخذه غیر مستحقة فبرئت الذمة منه (و استدل) علیه بخبر أبی عبیدة و عبد الرحمن بن الحجاج و ستسمعهما إن شاء اللّٰه تعالی و فی إیضاح النافع یجوز ابتیاعه منه کما یجوز ابتیاع عوض الخمر و الخنزیر من أهل الذمة و فی جامع المقاصد أن علیه إجماع فقهاء الإمامیة و الأخبار المتواترة عن الأئمّة الهداة علیهم السلام و القول بتحریمه یستلزم الضرر و الحرج العظیم و فی تعلیق الإرشاد نقل حکایة الإجماع تارة و تارة نسبته إلی الأصحاب و أخری إلی الشیخ و عامة المتأخرین و فی المسالک أذن أئمتنا علیهم السلام فی تناوله و أطبق علیه علماؤنا و لا نعلم فیه مخالفا و إن کان ظالما فی أخذه و لاستلزام ترکه و القول بتحریمه الضرر و الحرج العظیم علی هذه الطائفة و قد نقلت حکایة الإجماع عن رسالة المحقق الثانی فی الخراج و فی المفاتیح و الریاض أنه لا خلاف فیه و فی الأخیر أن الإجماع علیه قد استفاضت حکایته فی کلام جماعة و فی جامع المقاصد لا فرق بین قبض الجائر لها و إحالته بها إجماعا (و قال أیضا) لا یعتبر رضا المالک قطعا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 247
..........
______________________________
و عن السید عمید الدین فی شرح النافع أنه قال إنما یحل ذلک بعد قبض السلطان أو نائبه و لهذا قال المصنف یأخذه (قلت) الأخذ فی کلام جماعة یراد به ما فهمه الأکثر من شموله للقبض و الهبة و الإحالة و غیرها کما هو الشأن فی الشراء حیث یقولون جاز شراؤه فإن المراد أنه یجوز المعاملة و المعاوضة علیه و نقل عنه أیضا الشهید فی حواشیه أنه لا یجوز شراء ما عدا المقاسمة و أنه قال لا یجوز الضمان من الجائر (و قال) الشهیدان و الفاضل المقداد و الکرکی و غیرهم کما یجوز البیع یجوز غیره من المعاوضات و فی الحدائق نفی الخلاف عن ذلک و لا یقدح فی ذلک تظلم المالک ما لم یتحقق الظلم بالزیادة عن المعتاد أخذه من عامة الناس فی ذلک الزمان و یحرم علی المالک المنع و السرقة و قال ملا فیض المراد أنه لا یحل المنع و السرقة ممن اشتراها من الجائر و أما الجائر فیجوز ذلک بالنسبة إلیه انتهی (فلیتأمل) جیدا و اعتبر بعضهم فی ذلک اتفاق السلطان و العمال علی القدر و هو بعید الوجه و الوقوع و کان هذا البعض هو السید عمید الدین حیث نقل عنه أنه یصح بشرط أن یأخذ الجائر بقدر ما یأخذ سلطان الحق لا أزید إلا مع رضا المالک و إن زاد و لم یرض المالک حرم الجمیع (و قال) بعضهم کالشهید الثانی لو أقطع الجائر أرضا مما یقسم أو یخرج أو عاوض علیها فهو تسلیط منه علیها فیجوز للمقطع و المعاوض أخذها من المالک و الزارع و قد بینا الحال فی الزکاة بما لا مزید علیه (و فی) المسالک قد ذکر الأصحاب أنه لا یجوز لأحد جحد المقاسمة و الخراج و لا منعهما و لا التصرف فیهما إلا بإذن الجائز بل قد ادعی بعضهم الاتفاق علیه انتهی (و نسب) المولی الأردبیلی إلی ظاهر أکثر العبارات حلیة ذلک لکل أحد سواء کان إعطاؤه من المصالح (المقاسم خ ل) أم لا قلیلا کان أم کثیرا إذا کان ذلک بإذن الجائر مخالفا کان أو موافقا قبض ذلک أم لا و سواء کان الخراج أو المقاسمة قلیلا کان أو کثیرا بشرط عدم التجاوز عن العادة التی تقتضی کونهما أجرة و أنه لا یجوز شی‌ء من ذلک بدون إذنه و أنه یجب الدفع إلیه و إلی من یأمره و لا یجوز کتمان شی‌ء منهما و لا السرقة بوجه من الوجوه «انتهی» فقد نسب ذلک إلی ظاهر أکثر العبارات (قلت) و هو صریح الباقی «فتأمل» (و هل) الحکم مختص بالجائر المخالف للحق نظرا إلی معتقده من استحقاقه ذلک عندهم أو شامل له و للمؤمن قضیة کلام الأصحاب حیث أطلقوا الحکم کالنص عدم الفرق و نشأ فی المتأخرین احتمالان (قال فی المسالک) یحتمل الجواز مطلقا نظرا إلی إطلاق النص و الفتوی و من أصالة المنع إلا ما أخرجه الدلیل و تناوله للمخالف متحقق و المسئول عنه للأئمة علیهم السلام إنما کان مخالفا للحق فیبقی الباقی و إن وجد مطلق فالقرائن دالة علی إرادة المخالف منه التفاتا إلی الواقع أو الغالب «انتهی فلیتأمل» و جعل صاحب الریاض التقیید بالمخالف هو الأصح (و أنت خبیر) بأن اعتقاد الجائر إباحته بالنسبة إلیه غیر مؤثرة فی جواز الأخذ منه لأن الجهل لیس بعذر و لو کان مؤثرا لکان تأثیره فی تسویغه بالنسبة إلیه أولی و لا أحد من الأصحاب یقول بحله له علی أنک قد عرفت أن الظاهر أن الغرض من تحلیله رفع الحرج عن الشیعة و توصلهم إلی حقوقهم فی بیت المال کما یشیر إلیه روایتا عبد اللّٰه بن سنان عن أبیه و الحضرمی فلتلحظا و قضیة کلام الفاضل القطیفی فی إیضاح النافع أن التقیید بالمخالف مما لا بد منه حیث مثل بمن تقدم و من بعده ممن اقتفی ثم (قال) و لا إشکال فی هذا إذا کان الدافع یعتقد إمامته لإباحة ما یصل إلیه منه فلو کان غیر معتقد (ففیه) إشکال من إطلاق النص و الفتوی (و من) کونه فی یده غیر مباح فلا یجوز تصرفه فیه خصوصا الزکاة (فتأمل) ذلک (انتهی) و قضیة کلامه أن الآخذ و المأخوذ منه إذا کانا مخالفین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 248
..........
______________________________
فلا إشکال و لا نزاع کما أنه لا إشکال فی عدم الجواز إذا کانا مؤمنین (و أما) إذا کان أحدهما مؤمنا و الآخر مخالفا (ففیه) الإشکال و کأنه عنده یقل إذا کان المأخوذ منه مخالفا و الآخذ مؤمنا لأنه یعتقد وجوب دفعها إلی الحاکم «فلیتأمل» و لیعلم أن الذی یقتضیه الاعتبار و یستفاد من کلام بعض الأصحاب أنه لا بد فی أن یکون سلطانا مستطیلا مستقلا قائما فی منصب إمام الحق صاحب ولایات و جمعات و أعیاد و کتاب و غزاة و قضاة و عمال و الحاصل أن یکون متصدیا لمنصب الإمامة الحقة و حینئذ لا یفرق بین المؤالف و المخالف (فلیتأمل) و علی ذلک لو تغلب متغلب علی بعض البلدان و لم یکن متصدیا لذلک المنصب و المکان و إنما تغلب علی والیه بالعصیان لم تجر فیما یأخذه تلک الأحکام و لو تولی المؤمن عملا و ولایة علی بعض البلدان للمتصدی لمنصب الإمامة جرت فیه تلک الأحکام کالنجاشی و الحسین بن عبد اللّٰه النیسابوری و ابن أبی سمال و غیرهم کما یدل علیه بعض الأخبار (و من الأخبار) الدالة علی أصل المسألة التی أشار إلیها جملة من الأصحاب (و منها) یستفاد فروعها ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ عن الحذاء عن أبی جعفر علیه السلام قال سألته عن الرجل منا یشتری من السلطان من إبل الصدقة و غنمها و هو یعلم أنهم یأخذون منهم أکثر من الحق الذی یجب علیهم (قال) فقال ما الإبل و الغنم إلا مثل الحنطة و الشعیر و غیر ذلک لا بأس به حتی یعرف الحرام بعینه قیل له فما تری فی مصدق یجیئنا فیأخذ صدقات أنعامنا فنقول بعناها فیبیعناها فما تری فی شرائها منه فقال إن کان قد أخذها و عزلها فلا بأس فقیل له فما تری فی الحنطة و الشعیر یجیئنا القاسم فیقسم لنا حظنا و یأخذ حظه فیعزله بکیل فما تری فی شراء ذلک الطعام منه فقال إن کان قبضه بکیل و أنتم حضور ذلک فلا بأس بشرائه منه بغیر کیل (و قد) ناقش مولانا المقدس الأردبیلی فیه من وجوه (الأول) فی السند قال یحتمل عدم صحته لاحتمال أن یکون أبو عبیدة غیر الحذاء المشهور (الثانی) أنها لا تدل علی شراء الخراج و المقاسمة إذ غایتها الدلالة علی حکم الزکاة خاصة فلا یمکن أن یقاس علیه غیره و علی تقدیره أیضا لا یمکن أن یقاس جواز قبول هبتها و سائر التصرفات فیها مطلقا کما هو المدعی إذ قد یکون مخصوصا بالشراء بعد القبض لسبب ما نعرفه کسائر الأحکام الشرعیة (الثالث) أنها لا تدل علی إباحة الزکاة أیضا للإجمال فی الجواب عن إباحتها بقوله لا بأس به حتی تعرف الحرام بعینه إذ هو محتمل لأن یراد منه الکنایة عن عدم إباحتها بناء علی معلومیة حرمتها بالإجماع و یکون المنشأ فی الإجمال التقیة «الرابع» أنه یحتمل أن یکون المصدق من قبل العدل (الخامس) أنه یحتمل أن یکون الشراء للاستنقاذ لا المعاملة الحقیقیة لأن کان متعلقها صدقات المشترین خاصة (و الجواب عن الأول أنه لم یذکر علماء الرجال هذه الکنیة إلا لزیادة الثقة المشهور نعم ذکر صاحب النقد مجیئها لسلیمان بن نصر و هو مجهول غیر معروف و لا مذکور و الإطلاق إنما ینصرف إلی المشهور المعروف (و عن الثانی) بأن السؤال الثالث ظاهر فی مال المقاسمة لمکان لفظ القاسم و مقابلته بلفظ المصدق مع مضی حکم الحنطة و الشعیر إذا أخذ (أخذت خ ل) زکاة فی صدر الخبر و فی ذلک ظهور فی المراد و لا قائل بالفصل فتم المطلوب (و عن الثالث) أنه لا إجمال بعد تعلق السؤال بإبل الصدقة و قد صدر الجواب مطابقا له مشتملا علی ضمیر عائد إلی السؤال عنه (و قوله فی السؤال) إنهم یأخذون أکثر من الحق الذی یجب علیهم یأبی عن حمل الإجمال لو کان علی التقیة و نفی البأس عند عدم العلم بالحرام بعینه بعد أن تضمن السؤال الأخذ أکثر من الحق یرجع إلی أن المراد شراء الصدقة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 249
..........
______________________________
حلال إذا لم تعلم فیما اشتریته الزیادة المحرمة التی ذکرتها فی سؤالک (و عن الرابع) بأنا ما کنا نؤثر وقوع مثله من مثله لأنه کان عدولا عن الظاهر کمال الظهور إلی المحتمل المستور و کذلک الحال فی الخامس و یزید أنه إن تم فلا یتم فی السؤال الأول لأن کان کالصریح أو صریحا فی کون المبیع من غیر المشتری (و منها) حسنة أبی بکر محمد بن عبد اللّٰه الحضرمی قال دخلت علی أبی عبد اللّٰه علیه السلام و عنده إسماعیل ابنه فقال ما یمنع ابن أبی سمال «1» أن یخرج شباب الشیعة فیکفونه ما یکفیه الناس و یعطیهم ما یعطی الناس قال ثم قال لی لم ترکت عطاک قال قلت مخافة علی دینی قال ما منع بن أبی سمال أن یبعث إلیک بعطائک أما علم أن لک فی بیت المال نصیبا (و قال) المحقق الثانی فیما نقل عنه هذا نص فی الباب لأنه علیه السلام بین أن لا خوف للسائل علی دینه إذ لم یأخذ إلا حقه من بیت المال و قد ثبت فی الأصول تعدی الحکم بتعدی العلة المنصوصة (و اعترضه) المولی الأردبیلی بأن غایة دلالتها هو ما ذکره و لیس ذلک من الدلالة علی المطلوب فی شی‌ء إذ قد یکون من بیت مال یجوز أخذه و إعطاؤه للمستحقین مثل أن یکون منذورا أو وصیة لهم بأن یعطیه ابن أبی سمال (و لا یقاس) علیه الخراج الذی أخذه الظالم باسم الخراج ظلما و أما صدرها فلیس فیه دلالة أصلا إلا علی عدم إعطاء ابن أبی سمال المستحقین من الشیعة عند إعطائه لغیرهم أین هذا من الدلالة علی جواز المقاسمة (و نحن نقول) هذا الخبر علی حسنه و احتمال صحته واضح الدلالة لأنه علیه السلام جوز للحضرمی أخذ العطاء من بیت المال المعد غالبا للخراج و المقاسمة لأن کان للزکوات أرباب مخصوصون یعطون قبل الإحراز فاحتمالها فیه ضعیف (فتأمل) و أوهن شی‌ء و أبعده ما احتمله المولی المذکور (و قد) جوز علیه السلام فی صدره لشباب الشیعة أخذ ما یعطی الحاکم الناس المعینین له و لا ریب أن من أغلب ما یعطونه الخراج و المقاسمة (و ما رواه) الشیخ فی التهذیب عن ابن عیسی عن علی بن النعمان عن معاویة بن وهب قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أشتری من العامل الشی‌ء و أنا أعلم أنه یظلم قال اشتره منه و قد رواه الشیخ أیضا بطریق آخر مرسل و روی مثله بطریق مضمر و روی فی الکافی و التهذیب (کا) محمد عن (یب) أحمد عن الحسن بن علی عن أبان عن إسحاق بن عمار قال سألته عن الرجل یشتری من العامل و هو یظلم قال یشتری منه ما لم یعلم أنه ظلم فیه أحدا (و لیس المراد) من الظلم مطلقه کیف لا و العامل لا ینفک عنه فالمراد منه الظلم الزائد علی المتعارف و ترک الاستفصال فی هذه الأخبار عما یشتری منه یفید العموم لجمیع أفراد السؤال بحیث یشمل ما نحن فیه و لا ینافیه القید للإجماع علی اشتراطه فیه (و من ذلک یعرف) الحال فی إطلاق الأخبار بجواز الشراء من الظلمة من دون استفصال و تقیید (کمرسل) محمد بن أبی حمزة رواه الشیخ عن الحسین عن ابن أبی عمیر عن محمد بن أبی حمزة عن رجل قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أشتری الطعام فیجیئنی من یتظلم فیقول ظلمونی فقال اشتره (و نحوه) الخبر الآخر و لم یرد أنهم ظلمونی فی هذا الطعام بل أخبره بأنهم من أهل الظلم لئلا یشتری منهم و إنما أجاز شراءه لعدم علمه بأنهم ظلموا فیه أحدا و إن قلنا إن المراد ظلمونی فی هذا الطعام وجب أن یقید بعدم زیادته عن المتعارف و یکون نسبته إلیهم من حیث عدم استحقاقهم لمثله فتأمل (فعلی) هذا یکونان ظاهرین فیما ذکره الأصحاب من جواز الأخذ من المالک و لو تظلم أو أظهر عدم الرضا (و منها) صحیحة جمیل بن صالح قال أرادوا بیع تمر عین أبی زیاد فأردت أن أشتریه ثم قلت حتی أستأذن أبا عبد اللّٰه علیه السلام فأمرت مصادفا
______________________________
(1) الموجود فی مواضع شمال بالشین المعجمة (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 250
..........
______________________________
فسأله فقال له قل له یشتریه فإن لم یشتره اشتراه غیره (و ظاهر) کلام جمیل إنه قاطع بقول أبی عبد اللّٰه علیه السلام لجمیل قل له یشتره لقرائن دلته علی ذلک (و إلا) لکان الأولی أن یقول فأخبرنی مصادف بذلک أو نحو ذلک من العبارات فلا یضر ضعف مصادف و الظاهر أن هذا التمر مقاسمة أو زکاة (و قال فی الوافی) أبو زیاد کان من عمال السلطان و قوله علیه السلام فإن لم یشتره اشتراه غیره (لعله) إشارة إلی بعض وجوه الحل فیکون المعنی أنک إن لم تشتره اشتراه غیرک ممن یعتقد حلیته و أنت تخالطه و تأکل مما یأکل ففی التحرز عنه حرج و عسر أو یکون المعنی أن اجتنابک عنه لا یرده عن ظلمه فإن غیرک یشتریه و الإعانة فی مثل هذا الأمر العام المتأتی من کل أحد لیس بإعانة حقیقة أو لیس بضائر و علی کل حال فدلالته علی المطلوب ظاهرة (و منها) ما رواه الشیخ فی الصحیح إلی عبد اللّٰه بن سنان عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام إن لی أرض خراج و قد ضقت بها أ فأدعها الحدیث فقوله لی أرض خراج یحتمل أن یکون قد أعطی أرضا من أرض الخراج لیأخذ خراجها من مزارعیه و یؤیده الأخبار الدالة علی أن النزول علی أرض الخراج ثلاثة أیام (و منها) صحیحة البجلی هو عبد الرحمن بن الحجاج قال قال لی أبو الحسن علیه السلام ما لک لا تدخل مع علی فی شراء الطعام إنی أظنک ضیقا قال قلت نعم فإن شئت وسعت علی قال اشتره (قال فی الوافی) کان علی یشتری الطعام من مال السلطان و لعله کان أرخص من غیره و لعل الضیق عبارة عن ضیق الصدر و شدة التحرز و یحتمل أن یراد ضیق الید (و منها) موثقة سماعة التی یقول فیها إلا أن یکون شیئا تشتریه من العمال إذ لو لا حل أخذ الخراج منهم لم یکن للمستثنی مصداق (هذا کله) مضافا إلی ما یؤیده من الأخبار المستفیضة المبیحة علی الإطلاق أو العموم جوائز الظلمة و فیها الصحیح و الأخبار المعتبرة المستفیضة الدالة علی جواز قبالة الخراج و الجزیة و یستفاد من بعض هذه أن حلیة خراج النخل و الشجر أمر مسلم عندهم و إنما سأل السائل من جهة أنه لا یدری أ یکون من ذلک شی‌ء أم لا فالحظ خبر إسماعیل بن المفضل الهاشمی المروی فی الفقیه و غیره (و الحاصل) أن الأخبار تعطی بظاهرها بل بصریحها أن حکم تصرف الجائر فی هذه الأراضی حکم تصرف الإمام العادل و حینئذ تثبت جمیع الفروع التی ذکرها الأصحاب من غیر خلاف إلا ما شذ کعدم الفرق بین الشراء و غیره من سائر المعاملات و بین قبض الجائر أو وکیله لها و عدمه و إن نقل الخلاف هنا عن بعض کما سمعت (فعلی) هذا لو وهبها و أحاله بها و قبل الثلاثة أو وکله فی قبضها أو باعها و هی فی ید المالک أو فی ذمته جاز التناول لما ذکرنا مضافا إلی استلزام عدم الإباحة (إباحة الخراج خ ل) الحرج و العسر علی الشیعة فکان العقل و النقل من السنة و الإجماع دالین علی الإباحة و الجواز فلا یعرج علی قول من یدعی دلالة العقل و النقل و الأصل علی العدم و اللّٰه سبحانه أعلم (و لیعلم) أن الخراج ما یضرب علی الأرض کالأجرة لها و فی معناه المقاسمة غیر أن المقاسمة تکون جزءا من حاصل الزرع و الخراج مقدار من النقد یضرب علیها و قد یسمی کلاهما بالقبالة و الطسق (و الطسق) الوظیفة من خراج الأرض فارسی معرب فلا یضر إطلاق الخراج علی المقاسمة کما فی بعض الروایات و العبارات لأن المقصود ظاهر لأنه یراد من الخراج و المقاسمة و الطسق و القبالة واحد و هو ما یؤخذ من الأرض المذکورة بمنزلة الأجرة (و أما) الزکاة فقد تقدم الکلام فیها فی بابها مستوفی و فی جامع المقاصد أن ظاهر الأخبار و العبارات جواز أخذها لکل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 251
و الأقرب جواز بیع بیوت مکة (1)
______________________________
أحد و إن کان غنیا و لم یستبعد المولی الأردبیلی فی المقام جواز شرائها (قال) و أما جواز شراء ما أخذه الجائر باسم الزکاة فظاهر الأخبار ذلک (و هذا) هو المفهوم من کلام الأکثر و هو غیر بعید عن الروایة لکنه لا یخلو أیضا عن إشکال لما مر إلا أن یکون مجمعا علیه بحیث لا یمکن البحث فیه هذا کلامه (ثم) إنه أخذ یحاول حالة ذمة المالک أ تبرأ من الزکاة أم لا (ثم) ذکر جملة من أخبار المسألة (ثم إنه) فهم منها عدم جواز إعطائها مهما أمکن (ثم) تأمل فی قوله فی المسالک بوجوب دفعها إلی الجائر أعمّ من أن یکون علی وجه الزکاة أو المضی معهم فی أحکامهم (ثم قال) قد علم عدم جواز أخذ الزکاة بل عدم جواز الشراء أیضا و یحمل ما دل علیه علی التقیة أو الضرورة و نحن قد أسبغنا الکلام فی المسألة فی محله (و لیعلم) أنه لا ریب عند الأصحاب فی حرمة ذلک کله علی؟؟؟
و نائبه مطلقا فلو صنع الجائر أو نائبه طعاما من الخراج مثلا و بذله لضیفه و نحوه کان ذلک الطعام الذی فی ذلک الإناء حراما علی الجائر حلالا لغیره ممن بذله له أما الضامن منه و المستأجر و المتقبل لا علی طریق العمل للسلطان و الولایة منه بل علی طریق التعیش و التکسب و المزارعة و لو لم یتول ذلک بنفسه فإنه حلال له خراج ذلک و مقاسمته کما تدل علیه أخبار باب إجارة الأرضین و قبالتها و المزارعة (و لیعلم) أنه مع عدم وجود الجائر مدة یجب دفع الخراج إلی حاکم الشرع کما قدمناه آنفا و أن من صار فی یده شی‌ء من الخراج أو أقطعه الجائر أرضا و کان مصلحة للمسلمین کالقاضی و الغازی و المشتغل فی طلب العلم لتحصیل الاجتهاد جاز له الاستبداد به من دون کراهیة و أما من سوی ذلک فالأولی له مشارکة بعض إخوانه و إن کان مجتهدا مستغنیا عنه وجب علیه صرفه فی مصالح المسلمین علی الظاهر و یصح له الاستبداد به عند المعظم علی الظاهر
(قوله قدس سره) (و الأقرب جواز بیع بیوت مکة)
قال فی الإیضاح اختلف الفقهاء فی جواز بیع بیوت مکة فقال کثیر منهم لا یجوز انتهی (و فی) الخلاف الإجماع علی أنه لا یجوز بیعها و لا إجارتها و بذلک أفتی فی المبسوط و فی الشرائع و التذکرة فی بیع بیوت مکة تردد (و المروی) المنع و التردد ظاهر الدروس و حواشی الکتاب و الإیضاح (و قال) الشیخ فی باب الحج لا ینبغی لأحد أن یمنع الحاج شیئا من دور مکة و منازلها و هذا یشعر بالکراهیة (و عن) القاضی أنه قال لیس لأحد أن یمنع الحاج من دور مکة و منازلها و هذا یشعر بالتحریم و قال ابن إدریس لا ینبغی أن یمنع الحاج خصوصا شیئا من دور مکة و منازلها للإجماع علی ذلک (فأما) الاستشهاد بالآیة فضعیف بل إجماع أصحابنا منعقد و أخبارهم متواترة فإن لم تکن متواترة فمتلقاة بالقبول فالإجماع هو الدلیل القاطع علی ذلک (و أما) الآیة الکریمة فالضمیر فیها راجع إلی المسجد دون مکة جمیعها (فأما) من قال لا یجوز بیع رباع مکة و لا إجارتها فصحیح إن أراد نفس الأرض لأن مکة أخذت عنوة بالسیف و هی لجمیع المسلمین لا تباع و لا توقف و لا تستأجر فأما التصرف و التحجیر و الآثار فیجوز بیع ذلک و إجارته کما یجوز بیع سواد العراق و المفتتحة عنوة فیحمل ما ورد فی ذلک علی نفس الأرض دون التصرف (انتهی) و لا بد من تقیید الآثار بکونها من غیر الحرم کما سمعت آنفا و ستسمع و فی المسالک أن جواز البیع هو المشهور و فی الحدائق کأنه المشهور و القائلون بعدم الجواز اختلفوا فی العلة علی قولین کما فی الإیضاح و حواشی الشهید (الأول) أنها مسجد و اختاره الشیخ للآیة الشریفة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 252
..........
______________________________
و أجیب بأنه مجاز للمجاورة (الثانی) أنها فتحت عنوة و فی جامع المقاصد أن جواز البیع بناء علی أنها فتحت صلحا أو غیره فیکون بیعها تبعا لآثار التصرف و یکون الخلاف مع الشیخ القائل بأن جمیعها مسجد و هو ضعیف و فی اللمعة أن الأقرب عدم جواز بیع رباع مکة زادها اللّٰه شرفا لنقل الشیخ فی الخلاف الإجماع إن قلنا إنها فتحت عنوة و اعترضه فی الروضة بأن فی تقیید المنع بالقول بفتحها عنوة مع تعلیله بنقل الإجماع المقبول بخبر الواحد منافرة لأن الإجماع إن ثبت لم یتوقف علی أمر آخر و إن لم یثبت افتقر إلی التعلیل بالفتح عنوة و غیره (و أنت خبیر) بأنه لعله أشار إلی مدرک الإجماع و أنه خلاف ما ذکره الشیخ لأنه فی الخلاف جعل مدرکه أنها مسجد فالشهید أراد أن یبین أن ذلک لا یصلح مدرکا للإجماع و أن مدرکه فتحها عنوة إن ثبت و إلا فهو حجة علی کل حال (فلیتأمل) و فی الروضة ربما علل المنع بالروایة عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و بکونها فی حکم المسجد لآیة الإسراء مع أنه کان من بیت أم هانئ و لکن الخبر لم یثبت و حقیقة المسجدیة منتفیة و مجاز الشرف و المجاورة و الحرمة ممکن و الإجماع غیر متحقق فالجواز متجه (انتهی) و فی المبسوط أن ظاهر المذهب أن مکة فتحت عنوة بالسیف ثم آمنهم بعد ذلک و إنما لم یقسم الأرضین و الدور لأنها لجمیع المسلمین و من النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم علی رجال من المشرکین فأطلقهم و عندنا أن للإمام أن یفعل ذلک و کذلک أموالهم من علیهم بها لما رآه من المصلحة انتهی (فتأمل فیه) و روی أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال لأهل مکة ما ترونی صانعا بکم قالوا أخ کریم و ابن أخ کریم فقال أقول کما قال أخی یوسف لا تثریب علیکم الیوم أنتم الطلقاء و فی آخر أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم دخلها عنوة و کانوا أسری فی یده فأعتقهم و قال اذهبوا فأنتم الطلقاء (و فی الحدیث) أیضا أن الطلقاء من قریش و العتقاء من ثقیف قال ابن الأثیر کأنه میز قریشا بهذا الاسم حیث هو أحسن من العتقاء قال و الطلقاء هم الذین خلی عنهم یوم فتح مکة و أطلقهم و لم یسترقهم واحدهم طلیق و هو الأسیر إذا أطلق سبیله (انتهی) و تنقیح البحث أن یقال إن الظاهر المعروف بین أصحابنا أنها زادها اللّٰه شرفا فتحت عنوة فلا یجوز التصرف لأحد من المسلمین فی رباعها و بنائها الموجود حین الفتح من دون إذن و لا فیما بنی فیها بآلة من تراب الحرم و أحجاره لأن کان الجمیع للمسلمین قاطبة و الذی یستفاد من أخبار الطرفین و الفتاوی و الإجماعات أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أقرها فی أیدی أهلها و شرط علیهم أن لا یمنعوا الحاج فلا یصح لهم و لا لغیرهم بیعها و لو بنی فیها بعد ذلک بآلة محمولة من غیر أرض الحرم جاز بیعها تبعا للتصرف کما قررناه آنفا بل یکفی الاحتمال فی ذلک حملا لفعل المسلم حیث یبیع علی الصحة فإجماع الخلاف و فتاوی المنع تنزلان علی الأول و الاستناد إلی المسجدیة کأنه علی سبیل التأیید و التقریب و إلا فهو أبعد بعید و فتاوی الجواز علی الثانی و من تردد فلعله لأنه لم یثبت عنده الفتح و لا الصلح لقیام الاحتمالین عنده من دون ترجیح أو ثبت عنده الفتح لکنه تردد من جهة الأخبار التی نقلها أصحابنا فی کتب الفقه و إن کانت عامیة الدالة علی أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أعتقهم و تصدق علیهم بأموالهم مع اعتضاده ببیع جماعة من الصحابة منازلهم من دون إنکار و بیع عقیل رباع أبی طالب و لم ینازعه أمیر المؤمنین علیه السلام مع أنه وارث عندنا و لو کانت غیر مملوکة لما أثر بیع عقیل شیئا و فی الوجهین الأخیرین تأمل لأن هؤلاء الجماعة الذین باعوا إن کانوا من المهاجرین الأولین لم یتجه الاستدلال و کذلک الحال فی بیع عقیل إن کان قبل الفتح «فلیتأمل» و من الأخبار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 253
و لو حفر بئرا فی أرض مملوکة أو مباحة ملک ماءها بالوصول إلیه و کذا لو حفر نهرا فجری الماء المباح فیه فإنه للحافر خاصة (1) و کذا لو حفر فظهر معدن فی أرض مباحة أو مملوکة
______________________________
المتواترة أو المتلقاة بالقبول و الإجماع المنعقد علی أنه لا یمنع الحاج من دورها و منازلها کما ادعی ذلک کله فی السرائر مضافا إلی إجماع الخلاف و لعل الروایات التی أشیر إلیها فی الشرائع و التذکرة هی التی أشار إلیها ابن إدریس لا روایة عبد اللّٰه بن عمرو بن العاص التی ذکرها فی المختلف کما توهمه جماعة (و علی کل حال) فالظاهر جواز البیع إذا بنی بآلة محمولة من غیر الحرم کما عرفت مما تقدم و الخلاف فی غیر مواضع النسک (أما) بقاع المناسک کبقاع السعی و الرمی و غیرهما فحکمها حکم المساجد کما فی التذکرة و ظاهره أنه مما لا خلاف فیه بین المسلمین و هو کذلک و قال فی التذکرة بعد أن استشکل فی البیع أن الوجه جواز إجارتها «فلیتأمل فی ذلک» و لیعلم أن الموجود فی أکثر عبارات الأصحاب التعبیر ببیوت مکة شرفها اللّٰه تعالی و فی بعضها بالرباع و هی الدور و المنازل کما هو مشهور بین اللغویین و بذلک فسرها ابن الأثیر و الجوهری (قال) فی الصحاح الربع الدار بعینها حیث کانت و هو المنقول عن الفارابی و نقله أبو عبید عن الأصمعی و عن العین أن الربع المنزل و الوطن
(قوله قدس سره) (و لو حفر بئرا فی أرض مملوکة له أو مباحة ملک ماءها بالوصول إلیه و کذا لو حفر نهرا فجری الماء المباح فیه فإنه للحافر خاصة)
أما ملکه لماء البئر المحفورة فی المملوکة أو المباحة بوصوله إلیها إذا نوی الملک فی الثانیة فهو مذهبنا کما فی السرائر و التذکرة و مذهب الأصحاب کما فی المسالک و الکفایة و هو الأصح عند الشیخ و الأصحاب کما فی جامع المقاصد و هو المشهور کما فی المفاتیح و هو الصحیح کما فی المبسوط و هو خیرة المهذب و الوسیلة و جامع الشرائع و الشرائع و الکتاب فیما یأتی فی محله و التحریر و التذکرة و المختلف و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها ذکروا ذلک فی الباب و باب إحیاء الموات و قال فی المبسوط إن الماء الذی یحصل فی هذین البئرین هل یملک أم لا قیل فیه وجهان (أحدهما) أنه یملکه و هو الصحیح (و الثانی) أنه لا یملکه لأنه لو ملکه لم یستبح بالإجارة (ثم قال) و من قال إنه غیر مملوک لم یجز أن یبیع منه و من قال إنه مملوک جوز أن یبیع منه شیئا و هو فی البئر إذا شاهده المشتری کیلا أو وزنا و لا یجوز أن یبیع جمیع ما فی البئر لأنه ینبع و یزید إلی أن قال و کل موضع قلنا إنه یملک البئر فإنه أحق بمائها بقدر حاجته لشربه و شرب ماشیته و سقی زرعه فإذا فضل بعد ذلک شی‌ء وجب بذله بلا عوض لمن احتاج إلیه لشربه و شرب ماشیته إلی أن قال و أما لسقی زرعه فلا یجب علیه لکنه یستحب إلی أن قال و إنما قلنا ذلک لما رواه ابن عباس أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال الناس شرکاء فی ثلاث النار و الماء و الکلأ و روی جابر أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهی عن بیع فضل الماء فإذا ثبت أنه یلزمه البذل فإنه لا یلزمه بذل آلته من البکرة و الدلو و الحبل و غیر ذلک لأن ذلک یبلی و یفارق الماء لأنه ینبع فأما الذی حازه و جمعه فی حبه أو جرته أو کوزه أو برکته أو مصنعه أو بئره أو غیر ذلک فإنه لا یجب علیه بذل شی‌ء منه و إن کان فاضلا عن حاجته بلا خلاف و مثله ما فی الخلاف مع زیادة الاحتجاج بخبر أبی هریرة عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 254
..........
______________________________
أنه قال من منع فضل الماء لیمنع به الکلأ منعه اللّٰه فضل رحمته و المراد أن الماشیة إنما ترعی بقرب الماء فإذا منع من الماء فقد منع من الکلأ و حازه لنفسه و فی المختلف بعد أن نقل ذلک عن الخلاف و المبسوط حکاه عن أبی علی و حکی الخلاف عن القاضی (و قال فی الغنیة) إذا کانت البئر فی البادیة فعلیه بذل الفاضل لغیره لنفسه و ماشیته فجعل ذلک فی بئر البادیة و هذه الأخبار کلها عامیة و هی مع ذلک أعمّ من المدعی إذ مدلولها لا یقول به أحد من المسلمین فکانت واردة علی الماء المباح الذی لم یعرض له وجه مملک کمیاه الأنهار العامة و العیون الخارجة فی الموات و السابقة علی إحیاء الأرض الموات و میاه الغیوث و الآبار المباحة علی أن الشیخ فی المبسوط قد حکم بأن ماء البئر مملوک و له أن یبیعه بالکیل أو الوزن کما سمعت و معنی قوله فی المبسوط لم یملکه لأنه لو ملکه لم یستبح بالإجارة أن معنی من استأجر دارا کان له الانتفاع بماء بئرها و لو کان مملوکا للمالک لم یکن له التصرف فیه إلا بإذن المالک و الملازمة ممنوعة لأنه مأذون فیه بمقتضی العادة و لأنه لا ضرر فیه علی مالکه لأنه یستخلف فی الحال بالنبع کذا قیل (و الحق) أنه یدخل فی إجارة الدار تبعا و لیعلم أنه لا فرق فی ذلک بین البئر و العین کما فی التذکرة و غیرها و هذا فرع علی صحة الملک (فإن قلت) الأرض المملوکة ماؤها مملوک (قلت) الظاهر فی ملک الأرض إنما هو ملک وجهه الظاهر و لو کان قعر بئر لأنه ظاهر (و أما) الباطن فالظاهر أنه له فیه الأولویة بمعنی أن له أن یمنع غیره من الحفر تحت أرضه و کذلک له المنع من البناء فوقه و لو کان فوق ألف ذراع و یملک الأسفل إذا کشفه و الأعلی إذا بناه و الماء الذی تحت الأرض له فیه الأولویة فإذا کشفه ملکه (فتأمل) و أما ملکه لماء النهر المذکور فهو المشهور بین الأصحاب و خصوصا المتأخرین کما فی المسالک و الکفایة و المشهور کما فی المفاتیح و هو خیرة الغنیة و الکتاب فیما یأتی فی بابه و الإیضاح و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و نفی عنه البعد فی التذکرة و کأنه فی الشرائع متردد (و قال) فی المبسوط و أما الذی فی نهر مملوک فهو أن یحفر جماعة فی الموات نهرا صغیرا لیحیوا علی مائه أرضا فإذا بدءوا بالحفر فقد تحجروا (حجروا) خ ل (حجر خ ل) إلی أن یصل الحفر إلی النهر الکبیر الذی یأخذون منه الماء فإذا وصلوا إلیه ملکوه إلی أن قال فالماء إذا جری فیه لم یملکوه کما إذا جری الفیض إلی ملک رجل و اجتمع فیه لکن یکون أهل النهر أولی به لأن یدهم علیه و النهر ملک لهم و قال فی التذکرة بعد أن نسب هذا القول إلی الشیخ إنه قول العامة و لا یبعد عندی أن صاحب النهر یملک ذلک الماء لأنه حینئذ اتخذه الحافر له لتحصیل شی‌ء مباح فملکه کالشبکة (قلت) و الشأن فیه کالشأن فی الماء الخارج بحفر البئر و العین لاشتراکهما فی المقتضی و هو الإخراج و الکلفة علیه کإخراج المعدن و عن أبی علی أن حافر النهر إنما یملک ماءه إذا عمل له ما یصلح لسده و فتحه من المباح و کأنه جعل الحیازة سبب الملک و إنما یتحقق بذلک و الموجود فیما نقل عنه أنه قال إنهم إذا لم یعملوا ذلک کان فی ذلک دلیل علی تسبیلهم إیاه و إخراج مکان النهر عن ملکهم (و فیه نظر) لأصالة بقاء الملک و لا تنافی بین فعلهم و ملکهم و إن کان دلیلا علی تسبیل الماء فلیس دلیلا علی تسبیل الأرض (فلیتأمل جیدا) و قد نص جماعة من القائلین بالملک فی البئر و العین و النهر علی أنه یجوز الشرب و الوضوء و الغسل و تطهیر الثوب من ذلک عملا بشاهد الحال إلا مع النهی و حال المعدن الباطن کحال الماء فی الأرض المملوکة أو المباحة و هذا حدیث إجمالی و محل التفصیل باب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 255
و یشترط فی الملک التمامیة فلا یصح بیع الوقف إلا أن یؤدی بقاؤه إلی خرابه لخلف بین أربابه و یکون البیع أعود (1)
______________________________
إحیاء الموات فإنا قد استوفینا فیه الکلام بحمد اللّٰه سبحانه
(قوله قدس سره) (یشترط فی الملک التمامیة فلا یصح بیع الوقف إلا أن یؤدی بقاؤه إلی خرابه لخلف أربابه و یکون البیع أعود)
عبارات الأصحاب هنا مشکلة کما فی (غایة المراد) و فی (المسالک) قد اضطربت فتوی الأصحاب فی هذه المسألة اضطرابا عظیما حتی من الرجل الواحد فی الکتاب الواحد و نحن ننقل کلامهم و ننبه علی مواضع توافقت فیها کلماتهم (فنقول) قد جوز بیع الوقف إذا خرب فی (المقنعة و الإنتصار و الخلاف) علی الظاهر منه (و المراسم و الکتاب و التذکرة و التحریر و المختلف و الإرشاد و مجمع البرهان و تعلیق الإرشاد) (و قال فی جامع المقاصد) إنه قوی متین جدا (و فی الإنتصار) الإجماع علیه و هذه عبارة المراسم التی فهمنا منها ما نسبناه إلیها فإن تغیر الحال فی الوقف حتی لا ینتفع به علی أی وجه کان أو یلحق الموقوف علیهم حاجة شدیدة جاز بیعه و صرف ثمنه فیما هو أنفع له و قد قید الخراب فی المقنعة بما إذا لم یوجد له عامر و فی الإنتصار بما إذا لم یجد نفعا (و هذا) ینطبق علیه إجماع الغنیة کما ستسمعه و فی الخلاف بما إذا لم یرج عوده و فی الکتاب بما إذا خرج عن الانتفاع به و فی المختلف و التذکرة بعدم التمکن من عمارته و جمع بین الأمرین الأخیرین فی التحریر و لعل الجمیع یرجع إلی معنی واحد و لعل مراد من قیده بما إذا خرج عن الانتفاع به کما فی الکتاب و نحوه کما فی الإنتصار ما إذا لم یمکن الانتفاع به فی الجهة المقصودة مطلقا کحصیر یبلی و جذع ینکسر و جوز ذلک فی الإیضاح فی حصر المسجد و جذوعه (و لعل) هذا مما لا ریب فی جواز بیعه (فتأمل) جیدا و فی المبسوط إذا انقطعت نخلة من أرض الوقف أو انکسرت جاز بیعها لأرباب الوقف لأنه تعذر الانتفاع بها علی الوجه الذی شرطه و هو أخذ ثمرتها (و قیل) لا یجوز و الأول أقوی (انتهی) و هذا الذی فرضه لعله عندهم هو المعنی بالخراب فیکون موافقا فیما نحن فیه (فتأمل) و قد جوز بیعه عند خوف الخراب فی (المبسوط و النهایة و فقه الراوندی و المهذب و الغنیة و الوسیلة و الواسطة) علی ما نقل عنها (و الجامع) علی ما نقل عنه (و کشف الرموز و الدروس و المقتصر) و نقله فی کشف الرموز عن المحقق (و فی) الغنیة الإجماع علیه و قیده بما إذا صار لا یجدی نفعا و ظاهر المبسوط و فقه الراوندی أیضا فی باب الوقف الإجماع حیث قالا معا و إنما یملک بیعه علی وجه عندنا و هو إذا خیف علی الوقف الخراب أو کان بأربابه حاجة شدیدة أو لا یقدرون علی القیام به فحینئذ یجوز لهم بیعه (و مع) عدم ذلک لا یجوز و عند المخالفین لا یجوز بیعه علی وجه و زید فی فقه القرآن أو یخاف وقوع خلاف بینهم یؤدی إلی فساد و عبر فی النهایة و المهذب بخوف هلاکه و فساده و الظاهر أنه بمعنی خوف خرابه (و لهذا) نظمناه فی هذا السلک (و فی) المقتصر زیادة إذا تعطل قال إذا خشی خرابه و تعطل (و أنت خبیر) بأن من جوزه عند خوف الخراب جوزه بالأولی عند تحققه فکان هؤلاء موافقین للأولین و یتوافق إجماع الإنتصار و إجماع الغنیة و جوز بیعه عند خوف خرابه لخلف بین أربابه فی موضع من الشرائع و الکتاب و التحریر فی باب الوقف و کذا الإرشاد (قال) لا یجوز بیع الوقف إلا أن یقع بین الموقوف علیهم خلف یخشی به الخراب (و هذه) الکتب توافق الکتب المتقدمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 256
..........
______________________________
فی قدر مشترک و هو خوف الخراب و جوز بیعه إذا أدی بقاؤه إلی خرابه فی التحریر و قیده فی التلخیص (المختلف خ ل) کالکتاب بکونه لخلف بین أربابه و فی اللمعة إذا أدی بقاؤه إلی خرابه لخلف بین أربابه فالمشهور الجواز و هذا یرجع إلی ما سبقه إن لم یکن عینه لأن المراد أنه یجوز بیعه إذا خیف أن یؤدی بقاؤه إلی خرابه لخلف بین أربابه و زید فی التهذیب «1» و الإستبصار و فی الشرائع و الکتاب کما سمعت عبارة الکتاب کون البیع أعود و نحو ذلک ما فی موضع من المفاتیح و فی التنقیح إذا آل إلی الخراب لأجل الاختلاف بحیث لا ینتفع به أصلا جاز بیعه و قضیة ما فی الشرائع و الکتاب حیث استشکلا فیما إذا لم یقع خلف و لا خشی خراب بل کان البیع أعود ثم اختار المنع أنه یجوز بیعه عند أحدهما أیاما کان أی الخلف و خوف الخراب و هو صریح المبسوط حیث جوزه إذا وقع خلف بین أربابه و فی الإرشاد أنه لا یجوز بیعه إلا أن یخرب أو یؤدی إلی الخلف بین أربابه و ظاهر الأردبیلی الموافقة علیه و قد تردد فی النافع فیما إذا وقع خلف مؤد إلی فساده و فی المسالک و الروضة و المفاتیح و الکفایة إذا وقع خلف شدید جاز بیعه (قال) فی الروضة و قد علله علیه السلام بأنه ربما جاء فیه تلف الأموال و النفوس و ظاهره أن خوف الأداء إلیهما أو إلی أحدهما لیس بشرط کما فهمه المشهور بل هو مظنة لذلک و فی النهایة و فقه الراوندی کما سمعت و المهذب و التحریر و المختلف و التذکرة و جامع المقاصد و الدروس و غایة المراد تجویزه مع خوف فتنة و خلف بین أربابه یحصل باعتبارها فساد (و نحوه) ما فی إیضاح النافع حیث جوز بیعه إذا اختلف أربابه اختلافا یخاف معه القتال و نهب الأموال و لم یندفع إلا بالبیع قال فلو أمکن زواله و لو بحاکم الجور لم یجز و لا اعتبار بخشیة الخراب و عدمه و مثله کلامه فی تعلیقه علی الشرائع و هذا قد یوافق بعض ما قبله أیضا و فی جامع الشرائع کما نقل عنه و تعلیق الإرشاد یجوز بیعه إذا کان فساد تحتاج فیه الأنفس (و الحاصل) أن الجمع بین کثیر من کلامهم ممکن هین (و یرشد) إلی ذلک ما فی اللمعة حیث نسب جواز بیعه إذا أدی بقاؤه إلی خرابه لخلف بین أربابه إلی المشهور (و أنت) قد علمت أن المصرح بذلک قبله اثنان أو ثلاثة فلو لم یکن فهم من کلامهم ما نبهنا علیه لما صح له القول بأنه المشهور و ینبه علیه أیضا ما قاله فی کشف الرموز (قال) قال الثلاثة و سلار یجوز بیعه إذا کان ذلک أنفع للموقوف علیهم و أصلح «فتأمل» (و أوضح) منه ما فی التنقیح حیث قال قال الثلاثة یجوز بیعه إذا آل إلی الخراب و زاد المفید و المرتضی و سلار و ابن حمزة إذا کان لهم حاجة ضروریة و ینبه علی ذلک ما قاله فی المختلف و هو قوله سوغ الشیخان بیع الوقف إذا خیف وقوع فتنة بین أربابه أو خراب أو تعذرت عمارته فقد نسب ذلک إلی الشیخین و قد علمت ما فی المقنعة و المبسوط و النهایة و الخلاف فالحظ العبارات الأربع و مما ینبه علی ذلک أیضا ما قاله فی التذکرة فإنه بعد أن نقل عبارة المبسوط و الخلاف و المقنعة و الإنتصار و نسب مثل ذلک إلی سلار و ابن حمزة (ثم نقل) کلام القاضی و التقی و تفصیلهما قال فقد اتفق هؤلاء العلماء علی جواز بیعه فی الجملة (و فی غایة المراد) بعد أن نقل العبارات قال هذه عبارات معظم المجوزین (و فی) حواشی الشهید نسب جواز بیع غیر المؤبد إلی المعظم کما ستسمعه
______________________________
(1) عبارة التهذیب و الإستبصار أن کونه وقفا یؤدی إلی ضرر و وقوع اختلاف و هرج و مرج و خراب ثم استدل بخبر جعفر بن حنان الذی تضمن أن البیع إذا کان خیرا لهم باعوا فما نسبناه إلیهما فی محله (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 257
..........
______________________________
إن شاء اللّٰه تعالی و فی جامع المقاصد و المسالک جوزه فی الجملة الأکثر (و فی تعلیق الإرشاد) أن أکثر الأصحاب لا یعتبر خرابه فی جواز البیع و من راجع کتب الاستدلال التی تعرض فیها لنقل الأقوال ظهر علیه ما ادعیناه من غیر إشکال و إن شئت فالحظ کلام أبی العباس فی کتبه و کلام غیره فی نقلهم کلام علمائنا (و ما فی ریاض المسائل) حیث قال فی شرح عبارة النافع إلا أن یقع خلف یؤدی إلی فساده ما نصه فیجوز بیعه حینئذ عند الشیخین و غیرهما (بل فی الغنیة) علی الجواز الإجماع و کذا فی کلام المرتضی إلا أنهما عبرا عن السبب الموجب بغیر ما فی العبارة و مع ذلک قد اختلفا بأنفسهما «انتهی» فتراه کیف نسب ما تردد فیه فی النافع إلی الشیخین و غیرهما و قد عرفت أنه لم ینص أحد صریحا علی ما فی النافع لکنه مراد لهم و یفهم من فحوی کلامهم و ستعرف أنه لا مخالفة بین السیدین (و لیعلم) أن هذا الذی نقلناه من کلام الأصحاب إنما کان بعد فضل تأمل و تردد و مراجعة للأصول القدیمة العتیقة الصحیحة و مراجعة المنقول عنها أیضا و معاودة النظر کرة بعد أولی فی البیوع و الوقوف فکلما تجده فی غیر هذا المنقول من أصل أو منقول عنه «فتأمل فیه» و راجعه فی البابین فإن وافق ما نقلناه و إلا فهو وهم فی النقل أو غلط فی الأصل و لو کان خوف الخراب غیر؟؟؟ غیرة فی المعنی أو الحکم أو المراد مما یمکن اتحاده معه لما صح للسید أبی المکارم أن یدعی الإجماع و لم یتقدمه مصرح بذلک سوی الشیخ و ابن حمزة و کذلک الحال فی إجماع الإنتصار «فلیتأمل جیدا» (و الغرض) أن دعوی من ادعی أن الشهرة لم تتحقق علی الجواز لم تصادف محزها و فی الإرشاد فیما شرط بیع الوقف عند حصول ضرر به کالخراج و المؤن من قبل الظالم و شراء غیره بثمنه أن الوجه الجواز و فی وقف الکتاب فی صحة الشرط إشکال (و فی) المقنعة و الإنتصار و المراسم و النهایة و المبسوط و فقه القرآن و الوسیلة و الواسطة علی ما نقل عنها و الغنیة و جامع الشرائع و تعلیق الإرشاد أنه إذا کان بالموقوف علیهم حاجة ضروریة جاز بیعه و فی الغنیة الإجماع علیه کالإنتصار و فی النهایة و الجامع زیادة کون البیع أعود و فی المبسوط و فقه الراوندی و فی الوسیلة تقیید الحاجة بکونها شدیدة لا یمکن القیام معها به و ظاهر الأولین الإجماع علیه کما سمعت آنفا و نفی عن هذا القول البعد فی جامع المقاصد و فی مجمع البرهان أنه یدل علیه الأخبار و الاعتبار (ثم إنه) بعد ذلک تأمل فیه و قد استجود هذا القول فی غایة المراد لأنه استجود العمل بالروایة الدالة علیه و فی الدروس عول علی ما رجحه فی غایة المراد فیکون مستجودا له فیه أیضا و قد ظن بعض الناس أن عبارتی الإنتصار مختلفتان و کأنه لم یلحظ آخر کلامه فی الإنتصار (قال) الوقف متی حصل له من الخراب بحیث لا یجدی نفعا جاز لمن هو وقف علیه بیعه و الانتفاع بثمنه و إن أرباب الوقف متی دعتهم ضرورة شدیدة إلی ثمنه جاز لهم بیعه ثم ادعی الإجماع (و قال) فی آخر المسألة إن إجماع الطائفة تقدم ابن الجنید و تأخر عنه (و قال) إذا صار الوقف بحیث لا یجدی نفعا أو دعت أربابه ضرورة إلی ثمنه لشدة فقرهم فالأحوط ما ذکرناه و فی الغنیة یجوز عندنا بیع الوقف للموقوف علیه إذا صار بحیث لا یجدی نفعا و خیف خرابه أو کان بأربابه حاجة شدیدة و دعتهم الضرورة إلی بیعه بدلیل إجماع الطائفة فکان إجماعا الإنتصار و الغنیة محکیین علی جوازه بأحد الأمرین و یکون المراد بخوف الخراب فی عبارة الغنیة خوف الذهاب بالکلیة «فتأمل جیدا» و جوز بیعه فی المقنعة إذا أحدثوا ما یمنع الشرع من معونتهم و ظاهر المراسم موافقته فی ذلک و جوز فی المقنعة بیعه أیضا إذا کان غیر مجد نفعا و رده فی السرائر و قد سمعت ما فی الإنتصار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 258
..........
______________________________
و الغنیة و جوز فی المقنعة أیضا ما إذا کان بیعه أعود و فی الشرائع و کشف الرموز و الکتاب و غیرها اختیار المنع فی ذلک (و فی) المهذب البارع أن باقی الأصحاب علی خلاف المفید فی هذا الفرع (و فی) الإیضاح أن علیه أکثر العلماء (و قال) الصدوق فیما نقل عنه یجوز بیع الوقف علی قوم دون عقبهم و إن وقف علیهم و علی أولادهم ما تناسلوا و من بعد علی فقراء المسلمین إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من علیها لم یجز بیعه أبدا (و قال) القاضی فی المهذب إنه لا یجوز بیع المؤبد (و أما المنقطع) فیجوز بیعه بقیود النهایة و هذه عبارته و عبارة النهایة لا یباع إلا عند خوف هلاکه أو فساده أو کان بالموقوف علیهم حاجة ضروریة یکون معها بیعه أصلح أو یخاف خلف یؤدی إلی فساده بینهم و جوز فی الکافی بیعه فیما إذا وقفه علی أقاربه أو غیرهم و یجعل إلیهم بیع الرقبة عند الحاجة أو عند خرابها دون حالتی الغناء و عمارتها فما نسبوه إلیه من موافقة القاضی غیر صحیح «فتأمل» قال فی غایة المراد و تجویز بیع المنقطع أشد إشکالا من الکل و عن أبی علی أنه أطلق المنع کما سمعته عن الإنتصار و هو خیرة السرائر و الإیضاح و شرح الإرشاد و قد نسب إلی السرائر الإجماع علی المنع مطلقا (و الأصح) ما نسبه إلیها فی غایة المراد من دعواه علی تحریم المؤبد حیث نفی الخلاف عن ذلک و نفیه الخلاف ظاهر فی دعوی الإجماع إلا أن یدعی أنه فی المقام نص فی الإجماع و الموجود فی السرائر أن الذی یقتضیه مذهبنا أنه بعد وقفه و تقبیضه لا یجوز الرجوع فیه و لا تغییره و لا بیعه سواء کان بیعه؟؟؟ أرد علیهم أم لا و سواء خرب الوقف و لا یوجد من یراعیه بعمارة من سلطان و غیره أو یحصل بحیث لا یجدی نفعا لأنا قد اتفقنا جمیعا علی أنه وقف و أنه لا یجوز حله و لا تغییره فمن ادعی غیر ذلک فقد ادعی حکما شرعیا یحتاج فی إثباته إلی دلیل شرعی لأنه إجماع منا علی ذلک لأن بعض أصحابنا یذهبون إلیه و الباقون یمنعون منه فقد حصل الإجماع المنعقد علی کونه وقفا لم یجمعوا علی خروجه من الوقف بحال من الأحوال و لا یرجع عن مثل هذا الإجماع و الأصل إلی آحاد لا توجب علما و لا عملا (هذا کلامه) و لم یستدل علی خصوص ما نحن فیه بالإجماع و کیف یصح له ذلک و هو یری المفید و السیدین و الشیخ و سلار و الطوسی و غیرهم یجوزون ذلک و لو فی بعض الأحوال و یدعی بعضهم علیه الإجماع (ثم) إنه فی السرائر استند إلی أن الشیخ فی الخلاف ما ادعی الإجماع ثم إنه قال هذا الخلاف فی غیر المؤبد (قال) و أما إذا کان الشی‌ء وقفا علی قوم و من بعدهم إلی غیرهم و کان الواقف قد اشترط رجوعه إلی غیر ذلک إلی أن یرث اللّٰه الأرض و من علیها لم یجز بیعه علی وجه بغیر خلاف بین أصحابنا «انتهی» (فلیتأمل فیه) و فی حواشی الشهید أن الصدوق و المعظم علی جواز بیع غیر المؤبد (قلت) کلام المقنعة و الإنتصار و النهایة و المبسوط و الخلاف و المراسم و الوسیلة و الغنیة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و الکتاب و الإرشاد و التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و غایة المراد و اللمعة و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح عام شامل للمؤبد و غیره نعم بعض هذه الکتب صریح فی المؤبد و هی جملة وافرة منها و کل من ذکر الأقوال و ذکر قول الصدوق و التقی و القاضی مع الأقوال کالمهذب البارع و غیره فقد استظهر أن غیر هؤلاء کلامهم فی المؤبد بل کلام المانع من البیع کصاحب الإیضاح و شرح الإرشاد ظاهر أو صریح فی ذلک و قد نسب الشهد فی حواشیه إلی التحریر أنه قال إن کان علی قوم معینین جاز بیعه و إلا فلا و لم أجد ذلک فی بیع التحریر و لا وقفه بعد الوقوف علی کلامه فی الموضعین نعم أفتی فی الوقف أولا بما نقلناه تم نقل عن ابن إدریس دعوی الإجماع علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 259
..........
______________________________
المنع فی المؤبد ساکتا علیه و فی التنقیح فی الوقف فی صورة الحبس لا یجوز للمحبوس علیهم البیع لأنه لیس ملکا لهم إلا أن یتفقوا مع الحابس أو وارثه علی البیع و فی جامع المقاصد أنا إذا حکمنا بصحة الوقف المنقطع الآخر و أنه بعد انقراض الموقوف علیهم یکون فی وجوه البر فهو بمنزلة المؤبد فمتی جاز فی المنقطع جاز فی غیره «انتهی» و لیعلم أیضا أن صریح کلام المفید و علم الهدی و الشیخ فی النهایة و أبی یعلی أن الثمن حیث یباع الوقف ینتفع به الموقوف علیهم و إجماع الإنتصار مدعی علیه صریحا و کذا إجماع الغنیة حیث ادعاه علی جواز بیعه عند الضرورة و الحاجة الشدیدة و هو ظاهر المبسوط و غیره من الکتب المتقدمة جمیعها ما عدا التذکرة و المختلف و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و المفاتیح فإن فی التذکرة و المختلف أنه إن أمکن شراء شی‌ء بالثمن یکون وقفا علی أربابه کان أولی فإن اتفق مثل الوقف کان أولی و إلا جاز شراء مهما أمکن مما یصح وقفه و إلا یکن صرف الثمن إلی البائعین یعملون به ما شاءوا و نحو ذلک ما فی المفاتیح (قال فی المختلف) إن فیه جمعا بین التوصل إلی غرض الواقف من نفع الموقوف علیه علی الدوام و بین النص الدال علی عدم تجویز مخالفة الواقف حیث شرط التأیید إذا لم یمکن تأبیده بحسب الشخص و أمکن بحسب النوع وجب و فی التنقیح إذا أمکن شراء غیره یکون وقفا وجب و إذا أمکن شراء مثله یکون أولی فقد حکم فی الأول بالوجوب دون الثانی و فی جامع المقاصد حکم بالوجوب فی المقامین و نحوه حواشی الشهید و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و فی المقتصر یصرف ثمنه فی ملک یستعمله أرباب الوقف و مهما أمکن المماثلة کان أولی و فی مجمع البرهان إذا أمکن شراء شی‌ء آخر خال عن المفسدة یمکن وجوبه لحفظ مقصود الواقف مهما أمکن (و فی إیضاح النافع) لا یجب ابتیاع غیره یکون وقفا نعم هو أحوط إن زال الاختلاف معه و فی الکفایة لا أعلم علی ذلک حجة و النص غیر دال علیه (قلت) بل الخبر دال علی دفع ذلک إلیهم و الوجه فیما ذکره هؤلاء هو التوصل إلی ما یکون أقرب إلی غرض الواقف بحسب الإمکان صیانة لحق الواقف فیه و ما فی البطون عن التضییع و قد سمعت ما فی المختلف قالوا و یتولی ذلک أی البیع و الشراء الناظر الشرعی و إلا الموقوف علیهم إن انحصروا و إلا فالناظر العام (و قال بعضهم) لا بد من إیقاع الصیغة حتی یصیر وقفا هذا (و أنت خبیر) بأن هذا الحکم غیر مطرد علی جمیع الأقوال بالجواز و إنما یتم علی بعض الأقوال و ذلک لأن من المجوزین من جعل السبب شدة احتیاج الموقوف علیهم لعدم وفاء الغلة بذلک و مقتضی ذلک إنما هو أکل ثمنه و التصرف فیه و هو ظاهر و منهم من جعل السبب خوف خرابه لخلف بین أربابه و علی هذا لا معنی للشراء لجریان ذلک فیه أیضا لأنه کما یخاف علی الأول من ذلک یخاف علی الثانی نعم یتم ذلک بناء علی من یجعل علة الجواز خرابه بالفعل و عدم الانتفاع به بالکلیة (فلیتأمل) فی ذلک جیدا (هذا تمام الکلام فی الأقوال و ما یتعلق) بها (و لنذکر ما یمکن الاحتجاج به لتلک الأقوال علی سبیل الإجمال (فحجة القائل (القائلین خ ل) بالجواز) عتد خرابه و تعطله بحیث لا یرجی عوده عادة و عدم بقاء النفع أصلا أنه إحسان محض و عدم بیعه حینئذ کاد یلحق بالعبث مضافا إلی إجماعی الإنتصار و الغنیة و قد قالوا فی الهدی إذا عطب أنه یذبح فی الحال و إن اختص بموضع معین و فیما إذا وقف علی بقعة فبطلت أصلا أنه یصرف فی وجوه البر و قد یستأنس له بخبر جعفر بن حیان (قال) سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل وقف غلة له علی قرابته من أبیه و قرابته من أمه و ساق الکلام إلی أن قال (قلت) فللورثة من قرابة المیّت أن یبیعوا الأرض إن احتاجوا أو لم یکفهم ما یخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا کلهم و کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 260
..........
______________________________
البیع خیرا لهم باعوا و محل الاستیناس قوله علیه السلام و کان البیع خیرا لهم (و نحوه) ما رواه الطبرسی فی الاحتجاج عن محمد بن عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری عن صاحب الزمان جعلنی اللّٰه فداه من کل سوء و صلی اللّٰه علیه و علی آبائه الطاهرین أنه کتب إلیه روی عن الصادق علیه السلام خبر مأثور إذا کان الوقف علی قوم بأعیانهم و أعقابهم فاجتمع أهل الوقف علی بیعه و کان ذلک أصلح لهم أن یبیعوه فهل یجوز أن یشتری من بعضهم إن لم یجتمعوا کلهم علی البیع أم لا یجوز إلا أن یجتمعوا کلهم علی ذلک و عن الوقف الذی لا یجوز بیعه فأجاب علیه السلام إذا کان الوقف علی إمام المسلمین فلا یجوز بیعه و إذا کان علی قوم من المسلمین فلیبع کل قوم ما یقدرون علی بیعه مجتمعین أو متفرقین إن شاء اللّٰه تعالی (و الخبر الأول) مما یستدل به للقائلین بجواز البیع إذا کان بالموقوف علیهم حاجة و ضرورة و ما کان من ضعف فمنجبر بعمل القدماء مضافا إلی إجماعی الغنیة و الإنتصار (و قد) استدل المصنف به للقائلین بجواز البیع فی غیر المؤبد (قال فی التذکرة و المختلف) إن مفهومه عدم التأبید (و أنت خبیر) بأنه لا دلالة فیه علی أن الوقف علی قرابة الأب و الأم فقط بل حکایة حال محتملة (و قد) ترک الاستفصال و ذلک دلیل العموم (و قد یستدل) للقائل بالجواز فی غیر المؤبد بصدر صحیح علی بن مهزیار کما تسمعه (و فیه) أنه لا دلالة فیه علی ذلک إذ الوقف مشروط بالقبول إذا کان علی غیر جهة عامة و لم ینقل أن الإمام علیه السلام قبل الوقف و إنما قبل الجعل و أمره ببیعه (و حجة) القائل بجواز بیعه إذا حصل خلف بین أربابه بحیث یخشی منه فتنة عظیمة و فساد مع بقائه صحیح علی بن مهزیار قال کتبت إلی أبی جعفر علیه السلام أن فلانا ابتاع ضیعة فوقفها و جعل لک فی الوقف الخمس و یسألک عن رأیک فی بیع حصتک من الأرض أو یقومها علی نفسه بما اشتراها أو یدعها موقوفة فکتب علیه السلام أعلم فلانا أنی آمره ببیع حقی من الضیعة و إیصال ثمن ذلک إلی و أن ذلک رأیی إن شاء اللّٰه تعالی أو یقومها علی نفسه إن کان ذلک أوفق له و کتبت إلیه أن الرجل ذکر أن بین من وقف هذه الضیعة علیهم اختلافا شدیدا و أنه لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بینهم بعده فإن کان تری أن یبیع هذا الوقف و یدفع إلی کل إنسان منهم ما کان وقف له من ذلک أمرته فکتب علیه السلام (و اعلم) أن رأیی له إن کان قد علم الاختلاف ما بین أصحاب الوقف أن بیع الوقف أمثل فإنه ربما جاء فی الاختلاف ما فیه تلف الأموال و النفوس و هذا الخبر ظاهر الدلالة مشهور بین الطائفة قد فهموا منه الجواز کل واحد علی حسب ما أدی إلیه فهمه فکان ما قیل فیه من قصور دلالته علی المطلوب غیر مسموع لأن کان قد اعتضد بفهم الطائفة و الإجماعات و الشهرات و خبر ابن حیان و غیره فقها مما تقیم أوده و تشد عضده و إنکار ذلک مکابرة و المکاتبة حینئذ غیر ضائرة فقد قوی علی تخصیص العمومات و قطع الأصل و أول من تأمل فی دلالته فیما أجد الأردبیلی و تبعه علی ذلک المحدث البحرانی و کأنه مال إلی ذلک شیخنا صاحب الریاض قال العلامة المجلسی و یخطر بالبال إمکان حمل هذا الخبر علی ما إذا لم یقبضهم الضیعة الموقوفة علیهم و لم یدفع إلیهم و حاصل السؤال أن الواقف یعلم أنه إذا دفعها إلیهم یحصل منهم الاختلاف و یشتد لحصول الاختلاف قبل الدفع بینهم فی تلک الضیعة أو فی أمر آخر أ یدعها موقوفة و یدفعها إلیهم أو یرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد و یدفع إلیهم ثمنها أیهما أفضل فکتب علیه السلام البیع أفضل لمکان الاختلاف المؤدی إلی تلف النفوس و الأموال (فظهر) أن هذا الخبر لیس بصریح فی جواز بیع الوقف کما فهمه القوم و اضطروا إلی العمل به مع مخالفتهم لأصولهم و القرینة أن أول الخبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 261
..........
______________________________
أیضا محمول علیه کما عرفت و إن لم ندع ظهوریة هذا الاحتمال أو مساواته للآخر فلیس ببعید بحیث تأبی عنه الفطرة السلیمة فی مقام التأویل (انتهی) و أفرط صاحب الحدائق فقال بعد نقل ذلک عنه لا معنی للخبر غیر ما ذکروه فإنه هو الذی ینطبق علیه سیاقه قال و یؤیده زیادة علی ما ذکره أن البیع فی الخبر إنما وقع من الواقف و هو ظاهر فی بقاء الوقف فی یده و المدعی فی کلام الأصحاب أن البیع من الموقوف علیهم لحصول الاختلاف فی الوقف و الخبر لا صراحة فیه بحصول الاختلاف فیه (انتهی (و أنت خبیر) بأن الخبر غیر صریح فی عدم القبض بل و لا ظاهر فیه و ترک الاستفصال فی الجواب عن حصول القبض و عدمه قاض بعدم الفرق (بل) ظاهر التعلیل المذکور اختصاص الحکم فی الجواب بالأول و إلا لکان الأنسب التعلیل بعدم القبض و لیس فی الصدر دلالة علی العکس لأن علمه علیه السلام بعدم القبض فی حقه لا یستلزم علمه بعدمه فی حقهم علی أنک قد سمعت ما قلناه آنفا من أن شرط الوقف علی الخاص القبول و الإمام علیه السلام ما قبل الوقف و إنما قبل الجعل (ثم) إن جعل شی‌ء له علیه السلام أعمّ من وقفه علیه و عدمه و قول السائل أو یدعها موقوفة و إن نافاه إلا أنه یمکن إرادة المعنی اللغوی منه و هو بقاؤها متروکة علی حالها و هذا مولانا العلامة المجلسی راعی الإنصاف حیث أطلق علی ما ذکره لفظ الاحتمال و لم ینکر الظهور بالکلیة و کیف ینکر و هو بمکانة منه و کون البیع من الواقف فی الخبر فلعله لمکان نظارته کأن یکون شرط ذلک کما یرشد إلیه قوله و لیس یأمن أن یتفاقم ذلک بعده یعنی بعد موته أو أن ذلک لمکان تسلطه علیهم لأن کان محسنا إلیهم علی أنه سائل عن ذلک فما صدر منه کان عن رخصة (فتأمل) و قوله إن الخبر لا صراحة فیه بحصول الاختلاف فیه قلت اختلاف الأقوال إنما نشأت بحسب اختلاف الأفهام من الخبر بملاحظة منطوقه و فحواه و تعلیله و ملاحظة السؤال إلی غیر ذلک من الأحوال و الذی ندعی فهمه منه جواز البیع إذا خیف الفساد بالاختلاف و إنکاره مکابرة (ثم) إنا نقول إن فی قوله علیه السلام ربما جاء إلخ إیماء إلی أداء الاختلاف إلی خراب الوقف کأن یکون عرضة لذلک کما نبه علیه الشهیدان و أما الأقوال الأخر فلیس لها مستند یعول علیه و یستند إلیه إلا القول بجواز بیعه عند شدة الحاجة و ضرورة أصحابه إلیه لمکان تکثر الفتاوی و الإجماع المصرح به فی الإنتصار و الغنیة و الظاهر من المبسوط و فقه القرآن (و حجة القائلین) بالمنع علی الإطلاق الأصل و عمومات الأدلة المانعة کقول أبی محمد الحسن علیه السلام فی مکاتبة الصفار الوقوف تکون علی حسب ما یقفها (ما یوقفها خ ل) أهلها و ما جاء فی خبر ربعی و عجلان من أنه لا یباع و لا یوهب و لا یورث حتی یرثه الذی یرث السماوات و الأرض و قول أبی الحسن علیه السلام فی خبر علی ابن راشد لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک و ادفعها إلی من أوقفت علیه (قال) قلت لا أعرف لها ربا قال تصدق بغلتها إلی غیر ذلک و إن الوقف کالعتق مضافا إلی ضعف الأدلة المجوزة عن المعارضة لها (فأولها) بأن المقصود من الوقف استیفاء المنفعة من نفس العین الموقوفة و دعوی اختصاصه بحال الاختبار دون الضرورة فیجوز فیها مصادرة (و ثانیها) بضعف خبر جعفر بن حیان مع اشتماله علی اشتراط رضا الموقوف علیهم (و أما صحیح ابن مهزیار) فیکون قاصر الدلالة فی صدره و عجزه و أنت قد عرفت الحال فی خبر ابن مهزیار و أنه صالح لتخصیص العمومات و فی المختلف و التذکرة أنا نقول بمضمون خبر ابن راشد لأن المسوغ هو الخراب أو وقوع الفتنة بین الأرباب و الشرطان مفقودان منه لأن التقدیر فیه حصول غلة و عدم المعرفة بأربابها فقد فقدا فیه فلهذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 262
و لا بیع أم الولد ما دام ولدها حیا (1) إلا فی ثمن رقبتها مع إعسار المولی عنه (2) و فی اشتراط موت المولی نظر
______________________________
نهاه علیه السلام عن الشراء و الفرق بین العتق و الوقف ظاهر فإن العتق إخراج عن الملک بالکلیة للّه سبحانه و تعالی و الوقف تملیک الموقوف علیه لطلب النفع
(قوله قدس سره) (و لا بیع أم الولد ما دام ولدها حیا)
عدم جواز بیع أم الولد مع وجوده و إیفاء ثمنها أو القدرة علیه مما لا خلاف فیه بین المسلمین کما فی مجمع البرهان و الحدائق و فی الغنیة الإجماع علیه و هو ظاهر المبسوط و لم نجد الخلاف إلا من الشیخ میثم البحرانی ذکره فی شرح نهج البلاغة علی ما هو ببالی و یتحقق الاستیلاد بعلوقها به فی ملکه و إن لم تلجه الروح و التقیید بحیاة ولدها وقع فی کثیر من عبارات الأصحاب و هو مبنی علی الغالب أو التجوز لأنه قبل ولوج الروح لا یوصف بالحیاة (و قد) ألحق جماعة بالبیع سائر ما یخرجها عن الملک لظهور الاشتراک فی العلة و لأنه لو جوز غیره لانتفی فائدة منعه و هی بقاؤها علی الملک لتعتق إذ تخرج عن الملک بوجه آخر مثل الصلح و الهبة و غیرهما و لا خلاف عندنا أنه یجوز بیعها بعد موت ولدها کما فی مجمع البرهان و الإجماع ظاهر الروضة
(قوله قدس سره) (إلا فی ثمن رقبتها مع إعسار المولی عنه)
و وفاته و کونه دینا فإن جواز بیعها حینئذ موضع وفاق کما فی الروضة و لا خلاف فیه کما فی نهایة المرام لصاحب المدارک و الکفایة و الریاض و فی موضع من النهایة تقوم علی ولدها و یترک إلی أن یبلغ فإذا بلغ أجبر علی ثمنها فإن مات قبل البلوغ بیعت فی ثمنها و قضی بها الدین و تبعه ابن حمزة فیما إذا کان علیه دین فی غیر ثمنها (احتج الشیخ) بما رواه وهب بن حفص فی الموثق و رد صاحب السرائر الدعوی و الدلیل (و فی الوسیلة) إن مات سیدها و لم یکن له مال سواها و کان ثمنها فی ذمة سیدها عادت بولدها رقا «انتهی» (و هو) شاذ نادر و قضیة ما نقله فی السرائر عن علم الهدی أنه مخالف أیضا (قال) و قال السید المرتضی لا یجوز بیعها ما دام الولد باقیا لا فی الثمن و لا فی غیره و هو یقضی بإطلاقه عدم الفرق بین حیاة المولی و موته «فتأمل» و قد تأمل المولی الأردبیلی فی المسألة و لیس فی محله قطعا (و أما جواز) بیعها بالشروط المذکورة مع حیاة مولاها فقد نص علیه فی الوسیلة و الغنیة و السرائر و المختلف و الإیضاح و الدروس و اللمعة و حواشی الشهید و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و هو المنقول عن أبی علی و نسبه الشهید فی حواشیه إلی الشیخین و ستسمع أنه ظاهرهما و ظاهر الغنیة أو صریحها الإجماع علیه و قد أطلق جماعة فقالوا تباع مع وجود الولد فی ثمن رقبتها مع إعسار مولاها و قضیة کلامهم الجواز مع حیاة المولی (و عبارة المقنعة و النهایة هی هذه) و لا یجوز بیعهن و لهن أولاد أحیاء إلا أن یفلس السید و یکون أثمانهن دینا فیبعن فی قضاء الدین و إن کان أولادهن أحیاء «انتهی» و هو أی القول بالجواز مع حیاة المولی مذهب الأکثر کما فی نهایة المرام لصاحب المدارک و الکفایة و المشهور کما فی المفاتیح و الأشهر کما فی الریاض (قلت) لم یعرف الخلاف إلا من المرتضی و قد تردد المحقق و المصنف هنا و فی التحریر و التذکرة و کأنه مال إلی المنع فی مجمع البرهان (و قال) صاحب المدارک فی نهایته و صاحب الکفایة إن القول بالمنع نادر لکنه لا یخلو من قوة و قال فی الأول استدل علیه جدی بروایة عمر بن یزید (قال) فإنها شاملة لموت المولی و عدمه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 263
..........
______________________________
(و یشکل) بأن قوله فیها و لم یدع من المال ما یؤدی عنه ظاهر فی أن البیع بعد موت المولی و لا یتم الاستدلال بها علی الجواز مطلقا «انتهی» و ستعرف الحال و فی مجمع البرهان فی جواز بیعها مع حیاة المولی تأمل و ما عرفت وجه تعلیل هذا الفرد بقوله فی شرح الشرائع لإطلاق النص و ما رأیت نصا «انتهی» قلت کأنه لم یقف إلا علی روایة أبی بصیر التی ساقها و هی مجملة و لم یقف علی روایتی عمر بن یزید کما أن صاحب المدارک لم یقف إلا علی صحیحة عمر بن یزید و لا ریب أنها ظاهرة فیما ذکره لکن روایته الأخری ظاهرة فیما ذکره الأصحاب و إلیها أشار جده و المحقق الثانی و هی روایته عن أبی الحسن علیه السلام قال سألته عن أم الولد تباع فی الدین قال نعم فی ثمن رقبتها و هی بإطلاقها شاملة لصورة النزاع و قد یکون ظفر بها صاحب المدارک إلا أنه لعدم صحتها لم یلتفت إلیها علی أنه یمکن أن یوجه الصحیح بمنع انحصار وجه البیع و الأداء عنه فی الموت إذ غایته الدلالة علی عدم مباشرته لهما و السبب فیه أعمّ منه فلعله لغیبة أو لممانعة فیتولاه حاکم الشرع و ربما یؤید العموم بسؤال الراوی عما سوی الثمن من الدیون و لم یسأل عنه فی حال حیاة السید و أنه هل تباع فیها کحال الموت أم لا و هو مشعر بفهمه العموم من الکلام بحیث یشمل حال الموت و الحیاة فتأمل و الخبر (قال قلت) للصادق علیه السلام کما فی الکافی و قلت لأبی إبراهیم علیه السلام کما فی الفقیه أسألک فقال سل فقلت باع أمیر المؤمنین علیه السلام أمهات الأولاد قال فی فکاک رقابهن قلت و کیف ذاک قال أیما رجل اشتری جاریة فأولدها ثم لم یرد ثمنها و لم یدع من المال ما یؤدی عنه أخذ ولدها منها و بیعت فأدی ثمنها (قلت) فیبعن فیما سوی ذلک من دین قال لا و قد نقل صاحب الکفایة و غیره حکایة اشتراط موت مولاها فی بیعها فی ثمن رقبتها عن ابن حمزة و الموجود فی الوسیلة ما نقلناه و فی الوسیلة أیضا أنه لو قصرت الترکة عن الدیون بیعت فیها و إن لم یکن شی‌ء من الدیون ثمنا لها و قد یدعی أن الصدوق فی الفقیه ممن یذهب إلی أن أم الولد کغیرها ممن ولد له إلا أن یعتقها ابنها بناء علی بقائه علی ما ذکره فی صدر کتابه لأنه روی ما دل بظاهره علی مثل ذلک و هو مذهب غریب و لم ینسبه أحد إلیه و قد زاد الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم مواضع آخر جوزوا بیع أم الولد فیها و قد ذکرت کلها فی اللمعة و الروضة (و فی کثیر منها نظر) ینشأ من أنها بالعلوق فی ملکه إذ لم یتعلق برقبتها حق غیره تنعتق عتقا متزلزلا و یکشف توریث ولدها عنه و عدمه مطلقا عن عدمه أم تنعتق فی الحال و إنما دخلت فی نصیب ولدها توفیرا علی الوراث أم لا تنعتق أصلا و عدم جواز بیعها إنما کان لاحتمال انعتاقها من نصیب ولدها فیمکن أن یکون مستندهم فی ذلک أن الاستصحاب و أدلة العقل و النقل دلت علی جواز التصرف فی الأملاک مطلقا فیجوز مطلقا التصرف إلا ما خرج بدلیل و ما ثبت الدلیل و هو الإجماع هنا إلا فی منع البیع مع بقاء الولد و عدم إعسار المولی بثمنها فیجوز بمجرد موت الولد مطلقا لعدم الإجماع و فی ثمن رقبتها کذلک لذلک و کذلک غیرهما من الصور (فتأمل) و قد یقال إن هذه تشبثت بالحریة بسبب الولد فقد صار ذلک مانعا من التصرف فیها بتلک الوجوه التی ذکروها و مقدما علیها فکان الأصل عدم الجواز و لیس تعبدیا محضا بل معلل بعلة یدور علیها الحکم حیثما دارت و فی صحیحة عمر بن یزید أنها لا تباع فیما سوی تلک الصورة المتفق علیها من الدین و کذا مفهوم قوله علیه السلام فی خبر زرارة حدها حد الأمة إذا لم یکن لها ولد فإن مفهومها أنها إذا کان لها ولد لیست علی حد الأمة التی یباح التصرف فیها بتلک الأنواع و نحوها و حمل الحد علی حد الخیانة بعید و إن کان الصدوق قد ذکر الخبر فی باب الحدود
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 264
و لا بیع الرهن بدون إذن المرتهن (1)
______________________________
لأنک قد عرفت ما یظهر منه من مخالفة الأصحاب فلعله بناه علی ذلک «فتأمل» و لو مات ولد الأمة و له ولد فهل یصدق علیها بذلک أنها أم ولد أم لا قیل بالأول لأنه ولد و قیل بالثانی لعموم ما دل علی أن أم الولد إذا مات ولدها ترجع إلی محض الرق فإنه یتناول موضع النزاع و قیل إن کان ولد ولدها وارثا بأن لا یکون للمولی ولد لصلبه کان حکمه حکم الولد و إلا فلا و قد اختاره صاحب المدارک فی نهایة المرام و هذه المسألة ذکرت فی البیوع و النکاح و العتق و المواریث و غیرها
(قوله قدس سره) (و لا بیع الرهن بدون إذن المرتهن)
هذا تفریع علی اشتراط تمامیة الملک فکان المراد بقرینة قوله فلا یصح بیع الوقف أنه لا یصح بیع الرهن بدون إذن المرتهن و بذلک عبر جماعة و عبر آخرون بعدم الجواز و جماعة آخرون عبروا بأنه لیس له بیع الرهن و لیس لأحدهما التصرف و لعل من عبر بعدم الصحة و نحوها أراد عدم اللزوم لتصریحهم بأنه لو أجازه المرتهن و أمضاه صح و کان جائزا لکن فی المقنعة و المبسوط و الخلاف و المراسم و الغنیة و السرائر أنه لو باع کان البیع باطلا و هذا بالنسبة إلی ما عدا المقنعة متجه لأنهم أبطلوا الفضولی فیلزمهم الإبطال هنا (قال فی التذکرة) من أبطل الفضولی لزمه الإبطال هنا «انتهی» و ظاهر الغنیة أو صریحها دعوی الإجماع علی ذلک و فی النهایة و متی باع الراهن أو وهبه أو آجره من غیر علم المرتهن کان ذلک باطلا فإن أمضی المرتهن ما فعله الراهن کان ذلک جائزا ماضیا فقد عبر بالبطلان أولا ثم حکم بأنه إن أمضاه المرتهن مضی و نفذ فلم یکن البطلان عنده علی حقیقته و قد علمت فیما مضی أنه فی النهایة جوز بیع الفضولی و فی إیضاح النافع للمولی القطیفی الظاهر وقوف هذا العقد و إن قلنا ببطلان عقد الفضولی (قلت) لعله لأنه بیع فی ملک و علی هذا یمکن التأویل فی عبارة المبسوط و الخلاف و المراسم و الغنیة لکنی لم أجد أحدا أشار إلی ما ذکره الفاضل المذکور (و فی الفرق إشکال) و مما وافق النهایة فی توقفه علی إذن المرتهن و إجازته الوسیلة و غیرها مما تأخر عنها و هو کثیر و فی المختلف الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف فی الرهن إجماعا و فی المفاتیح لیس لأحدهما التصرف إلا بإذن الآخر إجماعا یعنی الراهن و المرتهن و فی مجمع البرهان عدم جواز تصرف المرتهن مما لا خلاف فیه علی الظاهر و أما عدم جواز تصرف الراهن فیما یخرجه عن الرهن فظاهر «انتهی» و فی الریاض لیس للراهن التصرف فی الرهن ببیع أو وقف أو نحوهما مما یوجب إزالة الملک و لا بإجارة و لا سکنی و لا غیرهما مما یوجب نقصه بلا خلاف فیهما و أما غیرهما مما لا یوجب الأمرین فکذلک علی الأشهر الأقوی (انتهی) و استشکل فی مجمع البرهان فی حصول الإثم بمجرد قوله بعت و قد حققنا ذلک فی بیع الفضولی و قلنا إن قوله بعت إن قصد به النقل علی سبیل البت و إن الأمر لیس موکولا إلی صاحب المال أو من له الإذن إن شاء أجاز و إن شاء لم یجز کان تصرفا ممنوعا منه موجبا للإثم و إلا فلا و بینا الحال هناک و أزلنا الإشکال و الظاهر عدم القول بالفضولی فی العتق لقولهم علیهم السلام لا عتق إلا فی ملک و یمکن الجواز و التأویل کما فی قولهم لا بیع إلا فی ما تملک هذا و فی التذکرة لو باع و لم یعلم المرتهن ففک لزم البیع و من أبطل الفضولی لزمه الإبطال هنا و فی مجمع البرهان الظاهر أنه یجوز بیعه لقضاء دین المرتهن و إن لم یرض المرتهن (و لیعلم) أن بعضهم أطلق کالمحقق فی الشرائع حیث قال و لا بیع الرهن بدون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 265
و یجوز بیع الجانی و إن کان عمدا و عتقه و لا یسقط حق المجنی علیه عن رقبته فی العمد (1)
______________________________
الإذن فکان کلامه شاملا للراهن و المرتهن و المصنف خصص کما سمعت و لعل التخصیص لأن کان التفریع علی عدم تمامیة الملک و المرتهن غیر مالک فلا یحسن تفریع عدم صحة بیعه علی عدم التمامیة إلا أن یقال إنه یصدق عدم التمامیة عند عدم الملکیة فتأمل (تذنیب) هل یجوز للراهن التصرف فی الرهن بما لا یوجب إزالة الملک و لا نقصه ظاهر إطلاقات الإجماعات السالفة المحکیة علی أن الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف فی الرهن عدم الجواز و قد نسب معقد هذه الإجماعات إلی الروایة فی التذکرة و حکی ذلک عن غیرها و هو قضیة إجماع المبسوط و الخلاف المحکی نقله علی أنه لا یجوز وطی الأمة المرهونة و ظاهر إجماع المبسوط کصریح إجماع الخلاف أنه لا فرق فیها بین الیائسة و الصغیرة و بین غیرهما و الشهرة علی أصل المسألة محکیة بل قیل إنها کادت تکون إجماعا لعدم العلم بالخلاف حتی من المصنف فی التذکرة لأن ظاهر عبارته عدم الخلاف بیننا لأنه نسب الخلاف إلی الشافعی فقط ثم إنه أید مذهبه بعبارة لیست صریحة و لا ظاهرة فی الفتوی و قال فی المبسوط بعد حکایة الإجماع المتقدم و أما استخدام العبد المرهون و رکوب الدابة المرهونة و سکنی الدار المرهونة فإن ذلک کله غیر جائز عندنا و یجوز عند المخالفین و کلامه هذا ظاهر فی الإجماع أیضا و احتمل المصنف فی التذکرة الجواز و تبعه جماعة من متأخری المتأخرین مستندین إلی الأصل و عموم الخبر بإثبات التسلط لأرباب الأموال علیها و خصوص الصحیحین الواردین فی تجویز وطی الأمة المرهونة لکن الإجماعات التی قد سمعتها و الشهرة المعلومة مع الروایة المنقولة قاطعة للأصل مخصصة للعموم مقدمة علی الصحیحین لأن کانا شاذین و من خالف من متأخری المتأخرین فدأبهم المناقشة فی مثل ذلک و عدم المبالات بالإجماعات و فی النافع أن فی جواز وطی الأمة المرهونة روایة مهجورة و نحوه ما فی الدروس (و یظهر) منهما دعوی الإجماع و یمکن حمل الصحیحین علی التقیة و لعل الوجه فی المنع من التصرفات بالکلیة علی ما ذکره (ظ) بعض الأصحاب قصد تحریک الراهن إلی الأداء إذ لو جاز له الانتفاع و لو فی الجملة انتفت الفائدة فی الرهانة إذ قد یکتفی ببعض المنافع عن بعض و من هنا یعرف حال ما ذهب إلیه جماعة کأبی العباس و الصیمری و الشهید الثانی من جواز التصرف بما یعود به النفع إلی المرتهن کمداواة المریض و رعی الحیوان و تأبیر النخل و خفض الجاریة و ختن العبد إن لم یؤد إلی النقص إلا أن یقال بحصول الإذن بذلک بالفحوی لکنه حینئذ یخرج عما نحن فیه إذ الکلام فی التصرف الذی لم یتحقق فیه إذن أصلا لا نصا و لا فحوی و تمام الکلام فی محله و إنما ذکرنا هذا استطرادا حیث اقتضاه المقام
(قوله قدس سره) (و یجوز بیع الجانی و إن کان عمدا و عتقه و لا یسقط حق المجنی علیه عن رقبته فی العمد)
قال فی التذکرة إن الأقوی بین علمائنا صحة بیع الجانی سواء کانت جنایته عمدا أو خطأ أوجبت القصاص أولا علی النفس أو دونها و قد یلوح من ذلک دعوی الإجماع و قد صرح بصحة بیعه فی صورة الخطأ فی المبسوط و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه و کأنه لا خلاف فیه و فی الدروس ألحق به شبه الخطأ قالوا لأنه حق غیر مستقر فی الجانی لأن للمالک أداؤه من غیره و لأنه تعلق به من غیر اختیار المالک هنا فلم یمنع البیع کالزکاة و أما فی صورة العمد فقد أبطله فی المبسوط و الخلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 266
و یکون فی الخطأ التزاما للفداء فیضمن المولی حینئذ أقل الأمرین من قیمته و أرش الجنایة علی رأی (1) ثم للمجنی علیه خیار الفسخ إن عجز عن أخذ الفداء ما لم یجز البیع أولا
______________________________
و الجواهر لتخیر المجنی علیه بین استرقاقه و قتله و تردد فیه المحقق فی الشرائع و اختیرت صحته فی نهایة الإحکام و التحریر و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و قد سمعت ما فی التذکرة و هو ظاهر جماعة من المحشین و الشارحین و فی الحدائق أنه المشهور قالوا و البیع حینئذ یکون موقوفا علی رضا المجنی علیه أو ولیه إذ لا یقصر عن بیع الفضولی فإن أجاز المجنی علیه البیع و رضی بفدائه بمال و فکه المولی لزم البیع و إن قتله أو استرقه بطل و مثلوه بالمریض من حیث إنه حی ترجی سلامته و یخشی تلفه و أما عدم سقوط حق المجنی علیه عن رقبة العبد فی العمد فلأن الخیار له لا للسید فإن اختار هو أو ورثته الاسترقاق بطل العقد إن استغرقت الجنایة رقبته و إلا فبقدرها و إن اختار القصاص کان له ذلک لتقدم حقه علی حق المشتری و یتخیر أی المشتری قبل استقرار حاله مع جهله لمکان العیب المعرض للفوات و لو کانت الجنایة فی غیر النفس و استوفی فباقیه مبیع و للمشتری الخیار مع جهله للتبعیض مضافا إلی العیب سابقا و تمام الکلام بما لا مزید علیه فی خیار العیب لأن المصنف تعرض لهذا الفرع هناک أیضا و أما عتقه ففی باب الکفارات من الکتاب منع من صحته فی العمد و جوزه فی الخطأ إن نهض مولاه بالفداء و إلا فلا و قرب فی باب العتق منه صحته فی الخطأ إن أدی المولی أو ضمنه مع رضاه و إلا فلا (و قال) فی باب القصاص من الکتاب لو أعتقه مولاه بعد قتل الحر عمدا ففی الصحة إشکال نعم لا یبطل حق الولی من القود و لو وهبه أو باعه وقف علی إجازته و لو کان خطأ صح العتق إن کان مولی الجانی ملیا و إلا فالأقرب المنع و مع صحته یضمن الأرش أو الأقل علی الخلاف و فی نهایة الإحکام إن کان المولی موسرا صح عتقه إن کانت الجنایة خطأ و قوی عدم النفوذ إن کان معسرا ثم احتمل نفوذه حینئذ و فی جامع المقاصد لعل ما اختاره هنا أظهر جمعا بین الحقین فإن حق المجنی علیه لا یسقط فی العتق و لا فی البیع فعلی هذا یقع العتق مراعی فإن استرقه تبین بطلانه و إن رضی علی مال تبین الصحة و الضمیر فی قوله و إن کان عمدا یعود إلی الجانی أی و إن کان الجانی قد جنی عمدا أو إلی الفعل الذی هو الجنایة علی حد قوله و لا أرض أبقل إبقالها
(قوله قدس سره) (و یکون فی الخطأ التزاما للفداء فیضمن المولی حینئذ أقل الأمرین من قیمته و أرش الجنایة علی رأی)
أما کون بیعه فی الخطأ التزاما للفداء فقد صرح به فی التذکرة و نهایة الإحکام و اللمعة و الروضة و المسالک و فی المبسوط أنه الذی ینبغی لأن الخیار للسید فإذا باعه فقد اختار الفداء فتعین علیه و لا خیار للمشتری لعدم الضرر إذ الرجوع علی غیره و قد قیدوه بما إذا کان المولی موسرا و احتمل فی نهایة الإحکام عدم التزام السید بالفداء و قواه فی موضع من التحریر لأن أکثر ما فیه أنه التزم بالفداء فلا یلزمه الفداء کما لو قال الراهن أنا أقضی الدین من غیر الرهن فحینئذ یبقی الخیار للمجنی علیه و هذا نقله فی التذکرة عن بعض الشافعیة و الفرق بینه و بین ما ضربوه مثالا أنه أزال ملکه عن الجانی فلزمه الفداء کما لو قتله بخلاف الرهن و احتمل أیضا فی نهایة الإحکام وقوعه موقوفا فإن فداه مولاه نفذ و إلا فلا و هو الذی أفتی به فی موضع آخر من التحریر و احتمل فی نهایة الإحکام بطلانه لتعلق حق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 267

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لو باع الآبق منضما إلی غیره]

(الأول) لو باع الآبق منضما إلی غیره و لم یظفر به لم یکن له رجوع علی البائع بشی‌ء و کان الثمن فی مقابلة المنضم (1)
______________________________
المجنی علیه به فمنع من صحة بیعه کحق المرتهن (و فیه) أن الراهن منع نفسه من التصرف باختیاره و هنا لم یعقد عقدا و لم یحجر علی نفسه هذا و لو کان المولی معسرا لم یسقط حق المجنی علیه من العین لأن المولی إنما یملک نقل حقه عن رقبته بفدائه أو ما یقوم مقامه و من المعلوم أن ذلک لا یحصل من ذمة المعسر فیبقی الحق بحاله مقدما علی حق المشتری و للمشتری الخیار إن لم یعلم ببقاء الحق فی رقبته فإن فسخ رجع بالثمن و إن لم یفسخ و کانت الجنایة مستوعبة لرقبته فأخذ بها رجع المشتری بالثمن أیضا و إن کانت غیر مستوعبة رجع بقدر أرشه و لو کان عالما بعیبه راضیا بتعلق الحق لم یرجع بشی‌ء لأنه اشتری معیبا عالما بعیبه فإن اختار المشتری فداه فله ذلک و البیع بحاله لأنه یقوم مقام البائع فی الخیرة بین تسلیمه و فدائه و حکمه فی الرجوع فیما فداه به علی البائع حکم القضاء عنه کما أشیر إلی ذلک کله فی نهایة الإحکام و کذا التذکرة و غیرها (و أما) أنه یضمن أقل الأمرین من قیمته و أرش الجنایة فهو مذهب أکثر علمائنا کما فی التذکرة و هو خیرة المبسوط و نهایة الإحکام و الإیضاح و اللمعة و الدروس و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و غیرها لأن الأرش لو زاد عن القیمة لم یجب سواها إذ لا یجنی الجانی علی أکثر من نفسه (و قال الشیخ فی الخلاف) إنه یتعین علیه الفداء بأرش الجنایة إذا اختار الفداء و هو المنقول عن أبی علی حکاه عنه فی الإیضاح فی باب خیار العیب و فی موضعین آخرین من الخلاف الإجماع علیه ذکر ذلک فی أم الولد و قد نسبه الشهید إلی النهایة و إلی ابن إدریس و کثیر من الأصحاب و قال إنه نص علیه أبو منصور الطبرسی و إنه قال فی المبسوط إنه الأظهر فی روایات أصحابنا (و قال فی المبسوط) بعد أن اختار ما ذکرناه و قد روی أنه یلزمه جمیع الأرش أو یسلم العبد و کأنه فی موضع من التحریر متردد و تمام الکلام مستوعبا لأطراف المسألة مستوفی فی باب خیار العیب و باب الدیات
(قوله قدس سره) (لو باع الآبق منضما إلی غیره و لم یظفر به لم یکن له رجوع علی البائع بشی‌ء و کان الثمن فی مقابلة المنضم)
یصح بیع الآبق منضما إلی شی‌ء آخر إجماعا کما فی الإنتصار و کشف الرموز و التنقیح و مجمع البرهان فی آخر کلامه و منضما إلی سلعة أخری کما فی الخلاف و الغنیة (و قال فی الخلاف) و قال الفقهاء بأسرهم لا یجوز و قد وقع تقیید الضمیمة بکونها مما یصح بیعها منفردة فی جملة وافرة من العبارات و خلت عنه أکثرها و فی نهایة الإحکام سواء قلت الضمیمة أم کثرت و أما أنه إذا لم یظفر به لم یکن له رجوع علی البائع و کان الثمن فی مقابلة المنضم فلا خلاف فیه من أحد کما فی الریاض و هو کذلک و معناه کما فی المسالک أنه لا یوزع الثمن علیها و علی الآبق و یرجع بحصته منه بل ینزل الآبق بالنسبة إلی الثمن منزلة المعدوم (و لیس) المراد أن الآبق یخرج عن کونه مبیعا لینحصر الثمن فی الضمیمة إذا تعذر کما یقتضیه ظاهر العبارات لأن الآبق جزء من المثمن و البیع قد وقع علیهما و القدرة علی تسلیمه لیست شرطا فی صحة البیع و مقتضی البیع توزیع الثمن علی جمیع المثمن فلما تخیل من ذلک رجوع المشتری بشی‌ء عند تعذر قبضه نبهوا علیه بقولهم إن الثمن فی مقابلة الضمیمة (و المراد) أنه مستحق بأسره بإزاء ما وقع من الضمیمة و قد صرح جماعة من متأخری المتأخرین بأنه جزء من المثمن و هو قضیة کلام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 268
..........
______________________________
علم الهدی فی الإنتصار حیث شبه هذا البیع ببیع الثمرة الموجود بعضها و المترقب وجود باقیها و ببیع طلع النخلة الذی لم یؤبر (قال) فإنه لا خلاف فی أنه داخل فی المبیع معها و إن کان معدوما فی الحال فکیف یدعی أن بیع معدوم و موجود لا یجوز (انتهی) و هو قضیة قولهم إنه یصح له عتقه عن الکفارة و غیرها مما یترتب علی الملک و فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام الآبق ما دام آبقا لیس له جزء من العوض و نحوه ما فی التنقیح أنه ما دام آبقا لیس مبیعا فی الحقیقة و لا جزء مبیع لکنه مشروط الملکیة (أما) أنه لیس مبیعا بانفراده فظاهر (و أما) أنه لیس جزء مبیع فلأنه لیس له جزء من الثمن و نحوه ما فی إیضاح النافع حیث قال ظاهر ما یحضرنی من أقوال أصحابنا جواز البیع مع الضمیمة أنها جزء (إلی أن قال) و ینقدح فی نفسی أن المبیع هو الضمیمة و الآبق کالشرط المعلق علی إمکان قبضه و حینئذ یتم المعنی و ما یتفرع علیه من عدم نقص شی‌ء بعدم تسلیم الآبق و عدم الخیار و عدم نقص شی‌ء بظهور عیب فیه و غیر ذلک و فی جامع المقاصد عند شرح قوله فی الکتاب و کان الثمن فی مقابلة المنضم هکذا عبارات الأصحاب و عبارة الروایة (و یشکل) بأن البیع إنما وقع علیهما معا فکیف یکون الثمن فی مقابلة أحدهما خاصة فلعل مراده کون الثمن فی مقابلة الضمیمة باعتبار ما حصل للمشتری و ثبتت علیه یده لا باعتبار الملک و تظهر الفائدة لو أعتقه و یبعد القول بعدم دخوله فی الملک مع صحة جریان المعاوضة علیه إذ مقتضی الصحة ترتب الأثر و الفساد فیه الرجوع بحصته من الثمن و القول بدخوله فی الملک متین و الروایة و عبارات الأصحاب منزلة علی ضرب من المجاز (لکن) تشکل المسألة بما لو کانت الضمیمة من غیر مالک الآبق فإن استحقاق صاحب الضمیمة جمیع الثمن معلوم البطلان لما قلناه من أنه خلاف مقتضی المعاوضة و استحقاقه البعض یقتضی البطلان فی الآبق و هو خلاف إطلاق النصوص و یندفع بعدم الصحة فی هذه الصورة من رأس لأن الضمیمة إنما هی لتملک الثمن کله و فی الصورة المذکورة یمتنع ذلک فتمتنع الصحة (و نحو ذلک قال فی المسالک) هذا و اشترط فی الروضة و الریاض فی بیعه ما یشترط فی غیره من کونه معلوما موجودا عند العقد (قالا) فلو ظهر تلفه حین البیع أو استحقاقه لغیر البائع أو کونه مخالفا للوصف بطل البیع فیما یقابله من الثمن فی الأولین و تخیر المشتری فی الثالث و فی حواشی الشهید لو ظهر موت الضال أو الآبق قبل البیع فإن البیع لا یبطل قاله ابن المتوج و الأولی أن یکون للمشتری فسخ البیع و إجازته و فی التنقیح لا ینفرد للآبق حکم إلا إذا غصبه غاصب أو جنی علیه جان فإن الأرش أو القیمة للمشتری فلو لم یتمکن المشتری من أخذ الجنایة لم ینقص من الثمن شی‌ء و لو تمکن المشتری من استیفاء ذلک صار جزءا من المبیع (و کذا) إذا جاءه العبد و تمکن منه و لو کان فیه عیب لم یعلم به المشتری لم یکن له به أرش و لا رد و إذا ردت الضمیمة بعیب أو خیار تبعها الآبق و لا ینفرد له حکم انتهی (فتأمل) و فی نهایة الإحکام لو تلف قبل القبض کان الذی نقده فیما اشتراه معه علی إشکال ینشأ من أن کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه و من عدم وجوب الإقباض هنا فلا یدخل تحت ضمان البائع و فی اللمعة و التنقیح و الروضة أنه یجوز جعل الآبق ثمنا و إن کان فی مقابله آبق آخر مع الضمیمة إلی کل منهما و أنه لا یکفی فی الضمیمة فی الثمن و المثمن ضم آبق آخر إلیه و أنه لو تعددت العبید کفت ضمیمة واحدة ثمنا کانت أو مثمنا (و قال فی الروضة) لا یعتبر کونها متمولة إذا وزعت علی کل واحد لأن ذلک یصیر بمنزلة ضمائم مع أن الوحدة کافیة و فی التنقیح لو ظهر فی الضمیمة عیب فالمقسط لأجل الأرش کل الثمن علی هذه الضمیمة و لا اعتبار بالآبق (و الأصل) فی أصل المسألة بعد الإجماعات
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 269
أما الضال فیمکن حمله علیه (علی الآبق خ ل) لثبوت المقتضی و هو تعذر التسلیم و العدم لوجود المقتضی لصحة البیع و هو العقد فعلی الأول یفتقر إلی الضمیمة و لو تعذر تسلیمه کان الثمن فی مقابلة الضمیمة و علی الثانی لا یفتقر و یکون فی ضمان البائع إلی أن یسلمه إلا مع الإسقاط (1)
______________________________
و قد أسمعناکها معتبرة رفاعة النخاس أو صحیحته کما عبر بذلک جماعة (قال) سألت أبا الحسن یعنی موسی ابن جعفر علیه السلام قلت له أ یصلح لی أن أشتری من القوم الجاریة الآبقة و أعطیهم الثمن و أطلبها أنا فقال لا یصلح شراؤها إلا أن تشتری معها منهم ثوبا أو متاعا فتقول لهم أشتری منکم جاریتکم فلانة و هذا المتاع بکذا و کذا درهما فإن ذلک جائز (و موثقة سماعة) عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل قد یشتری العبد و هو آبق عن أهله قال لا یصح إلا أن یشتری معه شیئا و یقول أشتری منک هذا الشی‌ء و عبدک بکذا و کذا فإن لم یقدر علی العبد کان الذی نقده فیما اشتری معه منه (و روی الصدوق) بإسناده عن سماعة مثله و الکلینی عن محمد بن یحیی عن أحمد بن محمد مثله و فی الروایة الأولی إشارة إلی کون الضمیمة شیئا له قیمة کالثوب و المتاع و نحو ذلک و ینبغی أن یحمل علیها إطلاق الشی‌ء فی الروایة الثانیة و الأخبار ظاهرة أو صریحة فی العلم بالإباق فلو جهل إباقه جاز الفسخ إن کان البیع صحیحا دفعا للضرر و لا تنافیه الأخبار کما علمت و قد تقدم لنا فی عدم جواز بیع الآبق منفردا ماله نفع فی المقام
(قوله قدس سره) (أما الضال فیمکن حمله علیه لثبوت المقتضی و هو تعذر التسلیم و العدم لوجود المقتضی لصحة البیع و هو العقد فعلی الأول یفتقر إلی الضمیمة و لو تعذر تسلیمه کان الثمن فی مقابلة الضمیمة و علی الثانی لا یفتقر و یکون فی ضمان البائع إلی أن یسلمه إلا مع الإسقاط)
و مثل ذلک قال فی التذکرة و المراد بحمله علی الآبق کما فی جامع المقاصد حمله علیه فی اعتبار الضمیمة و لیس المراد بالحمل علیه القیاس فی لحوق حکمه بل مساواته له فی الحکم بالدلیل الذی ذکره (و قال فی نهایة الإحکام) أما الضال و الجمل الشارد و الفرس الغائر و شبههما کالآبق فی بطلان البیع لتعذر التسلیم و هل یصح مع الضمیمة کالآبق إشکال فإن قلنا به فإن تعذر تسلیمه احتمل کون الثمن فی مقابلة الضمیمة و التقسیط و فی التحریر الجمل الشارد و الطائر قبل صیده و السمک فی الأجمة لو ضم إلی هذه (إلیها خ ل) غیرها صح بیعه (بیعها خ ل) و فی تعلیق الإرشاد هل یلحق بالآبق الضال فیصح بیعه بالضمیمة حملا علی الآبق أم یجوز مطلقا نظرا إلی صورة البیع و أصالة عدم الاشتراط وجهان ذکرهما المصنف فی التذکرة و القواعد و یمکن ثالث و هو عدم الجواز مطلقا لأن القدرة علی التسلیم شرط إجماعا و هی منتفیة و فی جامع المقاصد بعد أن ذکر هذا الاحتمال الثالث (قال) لم أجد به تصریحا فیمکن أن یقال اشتراط القدرة علی التسلیم فی الجملة لا مطلقا و إلا لامتنع مجی‌ء احتمال الصحة هنا مطلقا أو مع الضمیمة للإجماع علی اشتراط هذا الشرط (فإن قلت) یلزم جواز بیع ما یتعذر تسلیم بعضه (قلنا) لا لأن المراد بقولنا فی الجملة ما لا ینافی مسألة الآبق و الضال حذرا من مخالفة الإجماع لا مطلقا و ضعف الاحتمال الثانی فی عبارة الکتاب بأن اشتراط القدرة علی التسلیم فی الجملة إجماعی (فکیف) یحتج بوجود المقتضی للصحة و فی حواشی الشهید أن الضال حکمه حکم الآبق فی الضمیمة (و قد سمعت) ما نقله عن ابن المتوج (و قال فی مجمع البرهان) الظاهر جواز بیع الضالة من البعیر و الغنم و غیرهما و لا تقاس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 270

[الثانی لو باع المغصوب و تعذر تسلیمه]

(الثانی) لو باع المغصوب و تعذر تسلیمه لم یصح و لو قدر المشتری علی انتزاعه دون البائع فالأقرب الجواز فإن عجز تخیر و کذا لو اشتری ما یتعذر تسلیمه إلا بعد مدة و لم یعلم المشتری کان (فإن خ ل) له الخیار و لو باع بالعجز عن تسلیمه شرعا کالمرهون لم یصح إلا مع إجازة المرتهن (1)
______________________________
علی الآبق بل یجوز بیعها من غیر انضمام للأصل و عموم أدلة العقود و لحصول الرضا مع عدم معلومیة دخوله تحت الغرر لعدم ظهوره لاحتمال أن یلقاه و إلا یرجع بثمنه لعدم حصول التسلیم فیبطل العقد و بهذا یخرج عن السفه ثم احتمل بطلان العقد رأسا للغرر ثم أمر بالتأمل و فی اللمعة و الروضة أما الضال و المجحود من غیر إباق فیصح البیع و یراعی بإمکان التسلیم فإن أمکن فی وقت قریب لا یفوت به شی‌ء من المنافع یعتد به أو رضی المشتری بالصبر إلی أن یسلم لزم و إن تعذر فسخ المشتری إن شاء و إن شاء التزم و بقی علی ملکه ینتفع به بالعتق و نحوه و احتمل فی الروضة و الریاض قویا البطلان لفقد شرط الصحة و هو إمکان التسلیم و فیهما و المسالک و المفاتیح أنه لا یلحق بالآبق غیره مما فی معناه کالبعیر الشارد و الفرس الغائر فلا یصح بیعه عندهم علی الأقوی (و فی الریاض قال) إنه أشهر و احتمل فی المسالک الصحة مراعاة بالتسلیم و منع فی الروضة من صحة بیع المملوک المتعذر تسلیمه بغیر الإباق استنادا إلی الاقتصار فی مخالفة الأصل علی المنصوص و تبعه علی ذلک صاحب الریاض فلا یجوز بیعه عندهما منفردا و لا منضما إلا أن تکون الضمیمة مقصودة بالذات کما صرح بذلک فی الریاض و معنی قول المصنف إلا مع الإسقاط إسقاط الضمان المذکور فإنه یسقط لأنه حقه
(قوله قدس سره) (لو باع المغصوب و تعذر تسلیمه لم یصح و لو قدر المشتری علی انتزاعه دون البائع فالأقرب الجواز فإن عجز تخیر و کذا لو اشتری ما یتعذر تسلیمه إلا بعد مدة و لم یعلم المشتری کان (فإن خ ل) له الخیار و لو باع ما یعجز عن تسلیمه شرعا کالمرهون لم یصح إلا مع إجازة المرتهن)
لا ریب فی عدم صحة بیع المغصوب مع تعذر تسلیمه و تسلمه من المشتری و جهل المشتری و أما إذا کان البائع ممن یقدر علی استرداده و تسلیمه فإن البیع یصح إجماعا کما فی التذکرة کالودیعة (و کذا) لو قدر المشتری علی انتزاعه دون البائع کما فی التذکرة و نهایة الإحکام و المختلف و الإیضاح و جامع المقاصد لوجود المقتضی و هو العقد و حصول المطلوب و هو تسلیم المشتری المبیع فیکون الشرط إمکان تسلیم البائع أو تسلم المشتری المبیع عادة فی الجملة (و لو لا) هذا لامتنع القول بذلک لأنه یلزم مخالفة الإجماع و هو المنقول عن ابن المتوج نقله عنه الشهید فی حواشی الکتاب و الظاهر منه ارتضاؤه و یأتی بیان الحال فیما إذا عجز و تقدم لنا فی بیع الآبق منفردا ما له نفع فی المقام (و قال الشیخ فی المبسوط) و إذا باع المالک الغصب لم یصح لأن یده لیست علیه و فیه أنه أراد أن ذلک لعدم القدرة علی تسلیمه قلنا لا یلزم من الغصب عدم القدرة (ثم) لو سلمنا ذلک و فرضنا إمکان القبض من المشتری أو باع علی الغاصب صح فإطلاق البطلان کأنه لم یصادف محزه و فی جامع المقاصد أنه ضعیف فإن تجدد للمشتری العجز تخیر کما فی الکتاب و جامع المقاصد لأنه قبل القبض فی ضمان البائع و العجز جدد له خیارا و فی التذکرة لا خیار له لسقوطه حال البیع فلا یتجدد بعده لعدم موجبه و احتمل ثبوته فی نهایة الإحکام و ظاهر عبارة الکتاب أن المشتری عالم بکون البائع غیر قادر علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 271
و لو باع ما یعجز عن تسلیمه شرعا کالمرهون (1) لم یصح إلا مع إجازة المرتهن

[الثالث لو باع شاة من قطیع]

(الثالث) لو باع شاة من قطیع أو عبدا من عبید و لم یعین بطل (2) فلو قال بعتک صاعا من هذه الصیعان مما تتماثل أجزاؤه صح و لو فرق الصیعان و قال بعتک أحدها لم یصح (3)
______________________________
التسلیم و ظاهر التذکرة خلاف ذلک (قال) و لو باعه ممن یقدر علی انتزاعه من یده فالأقوی عندی الصحة و الأضعف البطلان و علی الأول إن علم المشتری حال البیع فلا خیار له و لو ظهر له عجز فکذلک و إن جهل فله الخیار إذ لیس علیه تحمل کلفة الانتزاع و معناه أنه مع جهله له الخیار و إن کان قادرا (و قال أیضا) و لو علم الغصب و عجز البائع فاشتری کذلک فالوجه الصحة و لا خیار له سواء قدر علی انتزاعه أم لا و قد نقل ذلک کله عن ابن المتوج (و أما) إذا اشتری ما یتعذر تسلیمه إلا بعد مدة فالأقرب الجواز کما فی التحریر و المسالک و المفاتیح و الکفایة فإن لم یعلم المشتری کان له الخیار و إلا فلا لکن عبارة التحریر لیست نصة فی ذلک (قال) و یتخیر المشتری و لعله أراد إذا لم یعلم و فی الشرائع لو باع ما یتعذر تسلیمه إلا بعد مدة فیه تردد و لو قیل بالجواز مع ثبوت الخیار للمشتری کان قویا و التردد ینشأ من العجز الحالی و إمکان التسلیم فی الجملة غایته مع نقص وصف و هو فوات المنفعة قبل الإمکان
(قوله قدس سره) (و لو باع ما یعجز عن تسلیمه شرعا کالمرهون)
قال فی جامع المقاصد الوجه فی إعادة هذه المسألة و قد تقدمت أنه لم یبین وقوفه علی الإجازة هناک و بین هنا و احتمل أن یکون الوجه فی ذلک اختلاف العناوین فإن الأول داخل تحت عدم تمامیة الملک و الثانی تحت عنوان عدم القدرة علی التسلیم (فلیتأمل)
(قوله قدس سره) (و لو باع شاة من قطیع أو عبدا من عبید و لم یعین بطل)
علی الأشهر کما فی التذکرة و به صرح فی نهایة الإحکام و الدروس و اللمعة و الروضة و الکفایة و قد تؤذن عبارة الأخیر بالإجماع حیث قال عندهم و قضیة کلامهم کما هو صریح بعضهم أنه یبطل و إن علم عدد ما اشتمل علیه من الشیاه و تساوت أثمانها لجهالة المبیع لأنه واحد منها غیر معین و لما کان غیر متماثل لم تنفع إرادة الأمر الکلی لأن الکلیة وحدها لا تجدی بدون التماثل و المشاهدة لا ترفع الغرر فی المقام و یأتی فی باب بیع الحیوان عند شرح قوله لو اشتری عبدا من عبدین لم یصح تمام الکلام مسبغا
(قوله قدس سره) (و لو قال بعتک صاعا من هذه الصیعان مما تتماثل أجزاؤه صح و لو فرق الصیعان و قال بعتک أحدها لم یصح)
وجه الصحة فی الأول أن المبیع أمر کلی غیر متشخص و لا متمیز بنفسه و یتقوم بکل واحد من صیعان الصبرة فلا تفاوت فیه فجاز بیعه و شراؤه لأن العادة تحکم فی مثله بالمعلومیة و عدم التفاوت و وجه البطلان فی الثانیة أن المبیع فیها واحد غیر معین من الصیعان المتمیزة المتشخصة فیکون بیعه مشتملا علی الغرر (فإن قلت) هنا صاع کلی صادق علی کل واحد (قلت) الفرق واضح فإنه حال التفریق لکل واحد مشخصات معینة مشخصة له فإذا باع أحدها باعه الشخص المنتشر فهو بحسب العبارة یشبه الأمر الکلی و بحسب الواقع جزئی غیر متعین و لا معلوم فصار کبیع أحد العبید و إحدی الشیاه و لا کذلک الحال فی الأولی فإن المبیع کلی طبیعی أعنی الماهیة المقیدة بالوحدة کما أوضح ذلک فی الإیضاح و جامع المقاصد و قد تعرض لذلک فی الإیضاح فی مسألة الصبرة کما سیأتی إن شاء اللّٰه (قال فی جامع المقاصد) و یوجد مثله ما لو قسم الأرباع و باع ربعا منها من غیر تعیین و لو باع ربعا قبل القسمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 272
و کذا یبطل لو قال بعتک هذه العبید إلا واحدا و لم یعین أو بعتک عبدا علی أن تختار من شئت منهم (1) و لو باع ذراعا من أرض أو ثوب یعلمان ذرعهما صح إن قصد الإشاعة و إن قصدا معینا بطل (2)
______________________________
صح و نزل علی واحد مشاع منها لأنه حینئذ أمر کلی (و قال أیضا) لو فرضنا أنه قال عند تفریق الصیعان بعتک صاعا من هذه شائعا فی جملتها لحکمنا بالصحة (و قد تحصل) أنه لو قصد الأمر الکلی صح مع تفرقة الصیعان و عدمها و أنه لو قصد صاعا منفردا متشخصا بطل للجهالة و عدم المعلومیة فی مثله و هی و إن کانت حاصلة فی الجملة لمکان التماثل إلا أن تمام المعلومیة فی مثل قصد الفرد إنما یکون بالتعیین و لا تکفی إرادة الفرد وحده فحکم المصنف فی المسألة الأولی بالصحة و فی الثانیة بالبطلان إنما هو لتبادر الأمر الکلی فی الأولی و تبادر الفرد فی الثانیة لمکان تفریق الصیعان و قد قطع بالبطلان عند تفریق الصیعان فی نهایة الإحکام حیث قال بطل قطعا و مثله قال فی الإیضاح و قد یظهر من التذکرة أنه مما لا ریب فیه عندنا و عند العامة (و یأتی) فی بیع الصبرة ما یوضح المقام و إن کان غنیا عن البیان
(قوله قدس سره) (و کذا یبطل لو قال بعتک هذه العبید إلا واحدا و لم یعین أو بعتک عبدا علی أن تختار من شئت منهم)
أما البطلان فی الأولی إذا لم یعین حال العقد فقد نص علیه فی التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس و جامع المقاصد لأن المستثنی کالمبیع یجب أن یکون معلوما لأن تجهیله یقتضی تجهیل المستثنی منه و هذا العبد المستثنی إن کان أمرا کلیا لم یخرج بذلک عن الجهالة لأن الکلیة فی مثله لا تکفی و إنما تکفی مع التماثل و إن کان فردا غیر معین فأجدر بالبطلان و لا فرق فی ذلک بین أن تتفق القیم أم لا و إن کان العبد معینا حال العقد صح إجماعا و من هنا یعلم الحال فیما إذا قال بعتک هذه الصیعان إلا صاعا فإنه لو قصد أن المستثنی أمر کلی جاز لمکان التماثل و کذا الحال فیما لو قال بعتک الصبرة إلا صاعا واحدا نعم یعتبر العلم بالصبرة و عدد الأصواع و کذلک الحال فی المنفصل المعلوم إذا جهلت نسبته إلی المستثنی منه کما لو باع بعشرة إلا ثوبا و عینه فإنه لم یصح و کذا لو باعه بثوب إلا درهما مع جهله النسبة لما ذکرناه نعم لو باع جملة الشی‌ء و باع جزءا مشاعا کنصف و ثلث و نحو ذلک جاز إجماعا (و أما) البطلان فی المسألة الثانیة فیعلم حاله مما ذکر و قد نص علیه فی التذکرة و نهایة الإحکام و لا فرق بین أن یقدر زمان الاختیار أم لا و لیعلم أنه یجب فی المستثنی إمکان انفراده للبائع فلو باع أمة و استثنی وطأها مدة لم یصح
(قوله قدس سره) (و لو باع ذراعا من أرض أو ثوب یعلمان ذرعهما صح إن قصد الإشاعة و إن قصدا معینا بطل)
أما الصحة فیما إذا قصد الإشاعة فکأنها مما لا خلاف فیه کما ستعرف لأن الذراع حینئذ کالجزء المعلوم النسبة و لذلک اشترطوا علمهما بقدر الذرعان و بإرادة الإشاعة فإذا باعه ذراعا من جملة معلومة کأن کانت عشرة أذرع فکأنه باعه عشرها (و أما) البطلان فیما إذا قصد معینا فقد نص علیه فی الشرائع و التذکرة و نهایة الإحکام و الإرشاد و المختلف و الدروس و المسالک و الکفایة و غیرها (و قد یقال) إن ظاهر الکفایة و الحدائق أنه إجماعی حیث قال فی الأول عندهم و فی الثانی قالوا و فی مجمع البرهان نسبته إلی أکثر العبارات لأنه کما لو قال بعتک شاة من قطیع لأن المسألة مفروضة فی مختلف الأجزاء و فی المبسوط و الخلاف إذا قال الدار مائة ذراع بعتک عشرة أذرع منها صح و تبعه علی ذلک ابن إدریس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 273
..........
______________________________
و القاضی فیما نقل لأنه عشر الدار (و قال فی المختلف) إن التحقیق أنه إن قصد الإشاعة صح و إلا کان باطلا لأنه یکون مجهولا إذ الذراع إشارة إلی بقعة معینة فإذا لم یعینها بطل و قد تأمل المولی الأردبیلی فی المسألة و تبعه صاحب الحدائق (قال) فی مجمع البرهان لم یقم دلیل علی اعتبار هذا المقدار من العلم فإنهما إذا تراضیا علی ذراع من هذا الکرباس من أی رأس أراده المشتری أو من أی جانب کان من الأرض فما المانع من صحة هذا العقد بعد العلم بذلک مع أن الغالب هو التساوی بمعنی عدم تفاوت الأجزاء تفاوتا مستلزما لتفاوت فی القیمة «انتهی» (و فیه بعد) ما عرفت منع التساوی فی الجمیع بل کثیرا ما تتفاوت أجزاء الثوب و الأرض کما هو مفروض المسألة و تساویهما «1» فی بعض لا یلحقهما بالمتماثل «فتأمل» (و قال) الأستاد الشریف دام ظله فی أثناء تقریره منذ عشر سنین لیس المرجع فی المتماثل و الاختلاف الذی یترتب علیه الحکم إلی العرف العام و لا إلی اللغة لأنهما یحکمان علی المختلفین بالتماثل کما یقولون زید مثل عمرو و هذا الثوب مثل هذا الثوب فتعین أن المرجع فی هذا المتماثل و الاختلاف إلی الفقهاء و إلی ما اصطلحوا علیه و مناقشة بعض المتأخرین للفقهاء فی جعلهم الثوب من المختلف لا وجه لها لأنها ترجع إلی أن یقال لم اصطلحتم علی هذا و صاحب الاصطلاح لا یناقش فی اصطلاحه أو إلی أن یقال لهم لم اجتمعتم علی عدم جواز بیع المختلف إلا مع الإشاعة و العلم بقدر المبیع منه انتهی (فلیتأمل) و قد یمکن التعلق لبعض المتأخرین فی جعل الثوب و الأرض من المتماثل بصحیحة برید العجلی حیث إنها تضمنت جواز بیع الأطنان مع عدم التنزیل علی الإشاعة فدلت صحة البیع علی أنها متماثلة و لو لا ذلک لما صح البیع إلا بقصد الإشاعة و لیس تماثل الأطنان بأقرب من تماثل أجزاء الأرض و الثوب (فلیتأمل) و قد تحصل من کلامهم فی المسألة و ما قبلها و ما یأتی أنه إذا أراد الجزئی المعین بطل سواء کان المبیع منه متماثل الأجزاء کصاع من صبرة أو مختلفها و أنه إذا قصد الإشاعة صح فیهما بشرط أن یکون المبیع منه معلوم القدر و العدد و أما عند إرادة الکلی فإن کان متماثل الأجزاء صح و إن کان مختلفها لم یصح (هذا) و فی نهایة الإحکام أنهما إذا لم یعلما الذرع و بیع مشاعا بطل البیع لتفاوت أجزائها غالبا فی البقعة و القیمة (و قال فی التذکرة) إذا لم یعلما الذرع و باعه غیر معین کأن یبیعه ذراعا منها أو عشرة من غیر تعیین بطل إجماعا و بقی الکلام فیما إذا علما ذرعانها و لم یقصدا الإشاعة و لا المعین بل أطلقا فالأقوی البطلان لاحتمال انصرافه إلی کل منهما فلم یعلم انصرافه إلی الإشاعة أو إلی البقعة المجهولة فتضاعفت الجهالة فیه (و یحتمل) الصحة صرفا للعقد إلی الصحة و لأصالة عدم التعیین (فلیتأمل) و لو اختلفا فقال المشتری أردت الإشاعة فالعقد صحیح و قال البائع بل أردت معینا فیحتمل تصدیق البائع لأنه أعرف بقصده و دلالة لفظه التابعة لإرادته و لأصالة بقاء ملکه و یحتمل تصدیق المشتری عملا بأصالة الصحة و أصالة عدم التعیین (و یحتمل) البطلان (فلیتأمل) و هنا فرع آخر و هو ما إذا عین الذراع فی جهة کما لو قال من هذا الطرف إلی حیث ینتهی (ففی المبسوط و الخلاف) أنه یصح لانتفاء الغرر لأنه باعه جزءا معلوما من موضع معین مشاهد و وافقه علی ذلک العجلی و القاضی علی ما نقل و صاحب المسالک و المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی و فی الحدائق أنه أشهر و اختار فی المختلف البطلان لأن الذرع مختلف و الموضع الذی ینتهی إلیه الذرع لا یعلم حال العقد فکان
______________________________
(1) أی الأرض و الثوب (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 274
و یجوز ابتیاع جزء معلوم النسبة مشاعا من معلوم تساوت أجزاؤه أو اختلفت کنصف هذه الدار و هذه الصبرة مع علمها قدرا (1) و یصح بیع الصاع من الصبرة و إن کانت مجهولة الصیعان إذا علم وجود المبیع فیها و هل ینزل علی الإشاعة فیه نظر فإن جعلنا المبیع صاعا من الجملة غیر مشاع بقی المبیع ما بقی صاع و علی تقدیر الإشاعة یتلف من المبیع بالنسبة (2)
______________________________
مجهولا فکان باطلا و استشکل فی نهایة الإحکام و التذکرة لما ذکرنا فی حجتی القولین
(قوله قدس سره) (و یجوز ابتیاع جزء معلوم النسبة مشاعا من معلوم تساوت أجزاؤه أو اختلفت کنصف هذه الدار و هذه الصبرة مع علمها قدرا)
یرید أنه یجوز ابتیاع جزء معلوم النسبة کالنصف و الثلث مثلا من معلوم بما یعتبر فیه من کیل أو وزن أو عد أو مشاهدة تساوت أجزاؤه أو اختلفت و لم أجد فی ذلک مخالفا و فی الریاض الإجماع علیه و فی مجمع البرهان أن دلیله ظاهر (قلت) هو أدلة عموم البیع بشرائطه المعتبرة فیه و فی جامع المقاصد هذا إنما یکون (یمکن خ ل) قبل تقسیم الأجزاء و تمییزها ثم یبیع جزءا منها إلا أن یقصد الإشاعة فی المجموع لأنه حینئذ کبیع الجزء من أشیاء متعددة و لا فرق فی اشتراط العلم بالجملة بین متساوی الأجزاء و مختلفها و إلا لم یکن الجزء معلوما (انتهی) و مختلف الأجزاء ما لا یساوی جزؤه کله فی الحد و الاسم کالثوب و العبد و متفقها ما ساوی جزؤه کله فی ذلک کالسمن و الزیت و قد تقدم لنا عند شرح قوله و إن کان من ذوات الأمثال قسط علی الأجزاء کلام نافع فی بیان متساوی الأجزاء و متفقها فلیراجع
(قوله قدس سره) (و یصح بیع الصاع من الصبرة و إن کانت مجهولة الصیعان إذا علم وجود المبیع فیها و هل ینزل علی الإشاعة فیه نظر فإن جعلنا المبیع صاعا من الجملة غیر مشاع بقی المبیع ما بقی صاع و علی تقدیر الإشاعة یتلف من المبیع بالنسبة)
إذا باع صاعا من صبرة متساویة الأجزاء و هی مجهولة الصیعان صح البیع إذا علم وجود المبیع فیها إجماعا کما هو صریح حواشی الشهید و ظاهر التذکرة (حیث قال) عندنا و عند الجمهور إلا داود لأن المبیع أمر کلی و الأجزاء متساویة فلا غرر و لا جهالة بجهل صیعانها بخلاف ما لو باع النصف لأنه مع الجهالة لا یعلم قدره فیلزم الغرر و ظاهر الدروس و اللمعة الصحة و إن لم یعلم اشتمال الصبرة علی القدر المبیع (قال فی اللمعة) فإن نقصت تخیر بین الأخذ للموجود منها بحصته من الثمن و بین الفسخ لتبعض الصفقة و استحسن فی الروضة ما فی الکتاب و التذکرة و حواشی الشهید و غیرها من اعتبار العلم باشتمالها علی المبیع (و قال) لو قیل بالاکتفاء بالظن الغالب باشتمالها علیه کان متجها و ظاهر عبارة المبسوط الصحة و إن لم یعلم اشتمال الصبرة علی المبیع حیث قال بعتک عشرة أقفزة من هذه الصبرة بکذا صح لکنه فی الخلاف أتی بهذه العبارة و نسب الخلاف إلی داود و قد حکی فی التذکرة عن داود المنع مع العلم باشتمالها علیه فیکون الشیخ ممن یعتبر العلم کما حکی عنه فی الإیضاح (قال) إن الشیخ ذهب إلی الصحة فیما إذا کانت الصبرة مجهولة و علم دخول المبیع فیها و کانت متساویة (و قال) یبقی المبیع ما بقی صاع (انتهی) و قد یکون أراد هنا بیان أنه هل ینزل علی الإشاعة أولا (و ربما قیل) إن الفرق بین هذه المسألة و المسألتین السابقتین أعنی قوله لو بعتک صاعا من هذه الصیعان (و قوله) و لو فرق الصیعان أنه فرضهما فی صورة العلم بالصیعان (و هذه المسألة) مفروضة مع الجهل و أن الصیعان فی الأولیین متفرقة و هنا مجتمعة (فإن قلت) صریح قوله هناک و لو فرق الصیعان یدل علی أن قوله و لو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 275
..........
______________________________
قال بعتک صاعا من هذه الصیعان مبنی علی فرض الاجتماع (قلت) ظاهر قوله هذه الصیعان التفرقة مضافا إلی قوله هنا و یصح بیع الصاع من الصبرة فإنه قد یعطی التفرقة هناک (فلیتأمل جیدا) و فی الأول بلاغ و قد بینا الحال هناک (و قد) احتمل المصنف التنزیل علی الإشاعة و أن المبیع ذلک المقدار علی تقدیر الجهل بالصیعان کما هو ظاهر الدروس و صریح جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة و الریاض و الحدائق و ظاهر التذکرة و کذا نهایة الإحکام و الإیضاح أن الاحتمالین إنما یجریان فی صورة العلم (و هو) الذی کان یختاره الأستاذ الشریف أدام اللّٰه حراسته منذ عشر سنین (قال فی التذکرة) لو باع صاعا من هذه الصبرة و هما یعلمان العدد صح و هل ینزل علی الإشاعة بحیث لو تلف بعض الصبرة تلف بقسطه من المبیع أو لا بل المبیع صاع من الجملة غیر مشاع لعدم اختلاف المقصود باختلاف أعیان الصاع فیبقی المبیع ما بقی صاع (فیه احتمالان) أظهرهما عند الشافعیة الأول و لو لم یعلما العدد فإن نزلناه علی الإشاعة فالأقرب البطلان و إن قلنا أن المبیع صاع غیر مشاع جاز و نحوه ما فی نهایة الإحکام (و أنت خبیر) بأن التنزیل علی الإشاعة متوجه علی التقدیرین کما صرح به من عرفت (أما) علی تقدیر العلم فظاهر (و أما) علی تقدیر الجهل فلأنه إنما یشترط علم النسبة إذا کان مقدرا بالجنسیة المشاعة صریحا أما إذا کان مقدرا بالجزئی المعین الذی تلزمه الإشاعة بسبب من خارج فلا و هنا کذلک کما لو انهالت حنطة علی الصاع المعین قبل القبض (هذا) و الأجود فی المسألة علی التقدیرین عدم الإشاعة و أن المبیع ذلک المقدار کما هو خیرة الدروس و حواشی الکتاب للشهید و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة و هو المنقول فی الإیضاح عن الشیخ کما سمعته آنفا لأنه هو السابق إلی الفهم و علیه دلت الروایة و هی روایة برید بن معاویة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی رجل اشتری من رجل عشرة آلاف طن فی أنبار بعضه علی بعض من أجمة واحدة و الأنبار فیه ثلاثون ألف طن فقال البائع قد بعتک من هذا القصب عشرة آلاف طن فقال المشتری قد قبلت و اشتریت و رضیت فأعطاه من ثمنه ألف درهم و وکل المشتری من یقبضه فأصبحوا و قد وقع فی القصب نار فاحترق منه عشرون ألف طن و بقی عشرة آلاف طن فقال العشرة آلاف طن التی بقیت هی للمشتری و العشرون التی احترقت من مال البائع و الروایة صحیحة أو حسنة إلا أن فی صحة هذا البیع إشکالا من حیث جهالة عین المبیع فیه و قد صرحوا فیما إذا باع شاة غیر معلومة من قطیع ببطلان البیع و إن علم عدد ما اشتمل علیه من الشیاه و تساوت أثمانها (فلیتأمل) و قد تقدم لنا عند شرح قوله و لو باع ذراعا من أرض أو ثوب «إلخ» ما له نفع فی المقام (و أما التنزیل) علی الإشاعة فلم أجد من صرح به و إنما ذکر الاحتمالین فی التذکرة و نهایة الإحکام مع العلم من دون ترجیح نعم فی الإیضاح قال فی صورة العلم و قیل بالأول یعنی التنزیل علی الإشاعة لأنه لو لم یکن مشاعا لکان المبیع غیر معین فلا یکون معلوم العین و هو الغرر الذی یدل علی فساد البیع و لأن ترجیح أحدهما بعینه بوقوع البیع علیه ترجیح من غیر مرجح و لا بعینه هو المبهم و إبهام المبیع یبطل «انتهی» و لم یرجح أحد الوجهین (و اعلم) أن الشهید فی حواشی الکتاب و الشهید الثانی فی الروضة قالا إن أقسام بیع الصبرة عشرة لأنها إما أن تکون معلومة المقدار أو مجهولته فإن کانت معلومته صح بیعها أجمع و بیع نصفها أو ربعها و بالجملة جزء منها معلوم مشاع و بیع مقدار کقفیز تشتمل علیه و بیعها کل قفیز بکذا لا بیع کل قفیز منها بکذا و المجهولة کلها باطلة إلا الثالث و هو قوله بعتک قفیزا منها و هی مشتملة علیه (و قد عرفت) الحال فی الثالث (و أما الخامس) و هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 276
..........
______________________________
بیع کل قفیز منها بکذا فباطل علی التقدیرین و به صرح فی المبسوط فنسبة الخلاف إلیه لم تصادف محزها (قال فی المبسوط) لو قال بعتک من هذه الصبرة کل قفیز بدرهم فإنه لا یصح لأن من للتبعیض و البعض المبیع مجهول فلم یصح و کلامه شامل لصورتی العلم و الجهل نعم ظاهر التذکرة قصر الحکم علی صورة الجهل قال لو (قال) بعتک من هذه الصبرة کل قفیز بدرهم و لم یعلما أو أحدهما القدر بطل عندنا لأن من للتبعیض و البعض المبیع مجهول «انتهی» و الوجه البطلان مطلقا لعدم العلم بقدر المبیع و الثمن لأن مرجع هذا العقد إلی تخیر المشتری فی أخذ ما شاء منها فإن أخذ قفیزین لزمه درهمان و هکذا و لا ینفع حینئذ کون الصبرة معلومة (و أما الرابع) و هو بیعها کل قفیز بدرهم کأن یقول بعتکها کل قفیز بدرهم فإنه یصح مع العلم لأنها معلومة القدر و قد باعها کل قفیز بدرهم فالمبیع هنا مجموعها و فی المبسوط و الخلاف لو قال بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم صح البیع (قال فی الخلاف) لأنه لا مانع منه و الأصل جوازه و إطلاق کلامه یقضی بالصحة و لو مع الجهل و قد نفی عنه البعد فی الکفایة و قد نص فی التذکرة و الدروس و غیرهما علی البطلان فی صورة الجهل لعدم تعیین العوضین (و فیه) أن المبیع معلوم بالمشاهدة و الثمن معلوم لأنه مما یمکن أن یعرف و هو أن تکال الصبرة و یقسط الثمن علی قدر قفزانها فیعلم مبلغه و له نظائر ذکر جملة منها فی التذکرة و قضیة کلامه فیها أنه إذا کان المبیع معلوما بالقوة القریبة یصح بیعه و إن کان مجهولا بالفعل و إن استشکل فیه المحقق الثانی کما سیأتی فیما لو باع من اثنین صفقة قطعة أرض علی الاختلاف بأن ورث من أبیه حصة و من أمه حصة أقل أو أکثر و جعل لکل واحد منهما أحد النصیبین و للآخر الباقی «فلیتأمل جیدا» و احتمل فی المختلف الصحة فی القفیز الواحد لا الجمیع لجهالة الثمن و قد حکاه فیه عن أبی حنیفة (و فیه تأمل ظاهر) و مما ذکر یعلم الحال فیما إذا قال بعتکها کل قفیز منها بدرهم فإن ظاهرهم البطلان مطلقا و قد ذکر فی المبسوط فی الصبرة أقساما عشرة بعضها غیر ما ذکر و نحوه ما فی التذکرة (قال فی المبسوط) السابعة أن یقول بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم علی أن أزیدک قفیزا فإن أراد بالزیادة الهبة صح و لا مانع منه و إن أراد أن یزید مع المبیع لا یجوز لأن الصبرة إذا لم تکن معلومة المقدار فإذا قسم الزائد علی القفزان کان کل قفیز و شی‌ء بدرهم و ذلک مجهول (الثامنة) أن یقول بعتک هذه الصبرة و هی عشرة أقفزة کل قفیز بدرهم علی أن أزیدک فیه قفیزا فإن لم یعین القفیز المزید لم یجز لأنه غیر مشاهد و إن عین جاز لأنه یصیر کأنه باعه کل قفیز و عشر قفیز بدرهم و ذلک معلوم (التاسعة) أن یقول بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم علی أن أنقصک قفیزا لم یصح لأن معنی هذا أنی آخذ منها قفیزا و أحسب علیک ثمنه فیکون کل قفیز بدرهم و شی‌ء و هو مجهول لأن الصبرة مجهولة القفزان (العاشرة) أن یقول بعتک هذه الصبرة و هی عشرة أقفزة کل قفیز بدرهم علی أن أنقصک قفیزا فإنه یجوز و یکون کل قفیز بدرهم و تسع و ذلک معلوم (و قال فی المسألة السادسة) إذا قال بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم علی أن أزیدک أو أنقصک قفیزا و الخیار لی فی الزیادة و النقصان فإنه لا یجوز لأن المبیع مجهول لا یدری أ یزیده أم ینقصه (انتهی) و قد ذکر مثل ذلک فی التذکرة هذا و إنما یصح بیع الصبرة إذا تساوت أجزاؤها فإن اختلفت کصبرة ممتزجة من جید و ردی‌ء لم یصح إلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 277

[الرابع إبهام السلوک کإبهام البیع]

(الرابع) إبهام السلوک کإبهام البیع فلو باع أرضا محفوفة بملکه و شرط الممر من جهة معینة صح البیع و إن أبهم بطل (1) و إن قال بعتکها بحقوقها صح فیثبت السلوک للمشتری من جمیع الجوانب (2) و إن کانت إلی شارع أو ملک المشتری علی إشکال (3)
______________________________
للمشاهد للجمیع و لو باعه نصفها أو ثلثها فکذلک
(قوله قدس سره) (إبهام السلوک کإبهام البیع فلو باع أرضا محفوفة بملکه و شرط الممر من جهة معینة صح البیع و إذا أبهم بطل)
کما فی التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس (أما الصحة) مع التعیین فواضحة و قد ادعی علیها الإجماع فی التذکرة (و أما البطلان) مع الإبهام فلاختلاف الأغراض باختلاف الجهات فربما أدی الأمر إلی المنازعة و الجهالة فی الحقوق کلها کالجهالة فی المعقود علیه کما هو ظاهر
(قوله قدس سره) (و إن قال بعتکها بحقوقها صح فیثبت للمشتری السلوک من جمیع الجوانب)
قد یظهر من التذکرة الإجماع علیه و به جزم فی نهایة الإحکام و أفتی به فی الدروس مع احتمال البطلان و لا بد من تقییده بما إذا کانت محفوفة بملک البائع کما ستعرف و الوجه فی ذلک أن إطلاق العقد ینزل علی ما یتوقف الانتفاع علیه و هو ثبوت الممر و الجهات کلها متساویة فی ذلک باعتبار انتفاء ما یدل علی استحقاقه من جهة بخصوصها فیثبت من الجمیع لبطلان الترجیح من غیر مرجح (قال فی جامع المقاصد) فإن قیل لم لم یستحق المرور من جهة مخصوصة إما بأن یجعل التعیین إلیه أو إلی البائع لاندفاع الضرورة بذلک (قلنا) لأنه لما باعه بحقوقها استحق المشتری المرور من الجوانب التی کان البائع یستحق المرور منها (و لقائل أن یقول) إن البیع بحقوقها یقتضی دخول ما کان حقا لها أی حقا لمالکها باعتبارها أما ما کان حقا لمالکها باعتبار ملکه لما حولها فلا یعد من حقوقها عادة فلا یندرج فی حقوقها نعم لو تقدم إحیاؤها علی إحیاء ما حولها کان المرور إلیها من جمیع الجوانب معدودا من حقوقها بخلاف ما کان إحیاء ما بقربها سابقا علی إحیائها فإنه لا أحقیة (و یمکن الجواب) بأن إحیاءها و إن تأخر عما حولها لکن استحقاق المرور باعتبارها ثابت فی هذه الحالة أیضا لأن الممر إلیها من ضروریات الانتفاع بها و هو ثابت للمالک من جمیع الجوانب کما لا یخفی و لا نعنی بالمرور إلیها من جمیع الجوانب إلا هذا المعنی (هذا) و لو أطلق ففی التذکرة و نهایة الإحکام أن فیه وجهین ثبوت السلوک من جمیع الجهات و عدمه لسکوته عنه و استظهر فی التذکرة و جامع المقاصد ثبوته من جمیع الجهات لأن مطلق البیع یقتضی حق الممر لتوقف الانتفاع علیه و الجهات کلها متساویة فی ذلک فأشبه ما لو قال بعتکها بحقوقها (و وجه البطلان) عدم الانتفاع بها فی الحال (و هذا مبنی علی) عدم اقتضاء مطلق البیع حق الممر (و فیه) علی تقدیر تسلیمه أنه یمکنه التوصل إلی الانتفاع بتحصیل ممر بالعادیة أو الشراء فأشبه ما لو نفی الممر (قال فی التذکرة) و لو شرط نفی الممر فالوجه الصحة لإمکان الانتفاع بالإیجاب و توقع تحصیل المسلک و یحتمل البطلان لعدم الانتفاع به فی الحال و فی الدروس إن أطلق دخل الطریق فإن اتحد صح و إلا بطل و إن فقد تخیر انتهی فتدبر (و قال فیه أیضا) لو باعه بیتا من دار بحقوقها فله السلوک من جمیع جوانب الدار و یحتمل البطلان و فی التذکرة أنه لو باعه دارا و استثنی لنفسه بیتا فله الممر و إن نفی الممر فإن أمکن اتخاذ ممر صح و إلا فالأقرب الصحة و للشافعیة وجهان
(قوله) (و إن کانت إلی شارع أو ملک المشتری علی إشکال)
هذا متصل بما قبله و معناه أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 278

[الخامس لو باع بحکم أحدهما أو ثالث من غیر تعیین قدر الثمن]

لو باع بحکم أحدهما أو ثالث من غیر تعیین قدر الثمن أو وصفه بطل (1)
______________________________
إذا قال بعتکها بحقوقها و کانت إلی شارع أو ملک المشتری هل یثبت للبائع السلوک من جمیع الجهات أم لیس له إلا الاستطراق من الشارع أو من ملکه و قد استشکل المصنف هنا فی ذلک من ثبوت استحقاق البائع المرور إلیها من جمیع الجوانب فی الصورتین المذکورتین إلا ملک المشتری فیکون ذلک حقا لها فیندرج فی البیع و من أن المقتضی لکونه حقا لها توقف الانتفاع علی المرور و هو فی الصورتین یتحقق فی الشارع و ملک المشتری و لا دلیل یدل علی اندراج السلوک من الجوانب فی البیع فیقتصر فیه علی الیقین لأنه علی خلاف الأصل و فی التذکرة و نهایة الإحکام أنه لو قال بحقوقها کان له الاستطراق فی ملک البائع سواء کانت ملاصقة للشارع أو لملک المشتری نعم لو أطلق البیع و کانت ملاصقة لأحدهما فلیس للمشتری الاستطراق فی ملک البائع لأن العادة فی مثلها الدخول من الشارع فیتنزل الأمر علیها و کذلک الحال فیما إذا کانت ملاصقة لملک المشتری و ظاهر الدروس احتمال الأمرین کالکتاب و لم یرجح فی الإیضاح صریحا أحد الوجهین فیما إذا کانت إلی شارع و قد یلوح منه المیل إلی ما فی التذکرة و أما إذا کانت إلی ملک المشتری فظاهرة أو صریحة ثبوته له من جمیع الجهات و ظاهر جامع المقاصد أو صریحه المیل إلی عدم ثبوت ذلک له فی المسألتین (و الذی ینبغی ذکر صور المسألة و هی کثیرة) و نحن نذکر جملة وافرة منها بها یتحرر البحث فی المقام (الصورة الأولی) أن تکون محفوفة بملک المشتری فلا بحث (الثانیة أن تکون محفوفة بملک البائع و الإشکال فی دخول الجمیع لعموم لفظ حقوق إذ هو جمع مضاف و فی الاجتزاء بالبعض اقتصارا علی القدر الضروری فحینئذ یجب التعیین و یبطل بعدمه لتوقف الانتفاع علیه و هو مجهول (الثالثة) أن تکون محفوفة بالمباح فلا بحث أیضا (الرابعة) أن تکون محفوفة بملک الناس و الحکم فیه الخیار مع عدم العلم لا غیر (الخامسة) أن تکون محفوفة بملکهما فالإشکال فی دخول ما یختص بالبائع لعموم اللفظ و عدمه لزوال الضرر (السادسة) أن تکون محفوفة بشارع و ملک البائع فالإشکال فی دخوله و تعیینه (السابعة) أن تکون محفوفة بملک البائع و أجنبی و لها طریق واحد فلا إشکال فی دخوله و تعیینه (الثامنة) الصورة بحالها و الطریق متعدد فالإشکال کما تقدم فی دخول الجمیع و البطلان مع عدم التعیین (التاسعة) أن تکون محفوفة بملک المشتری و أجنبی فلا بحث (العاشرة) أن تکون محفوفة بملکها أو بملک أجنبی و فیه الإشکال (الحادیة عشرة) أن تکون محفوفة بملک المشتری و الشارع و لا إشکال فیه (الثانیة عشرة) أن تکون محفوفة بملکها و الشارع و فیه البحث السابق
(قوله قدس سره) (لو باع بحکم أحدهما أو ثالث من غیر تعیین قدر الثمن أو وصفه بطل)
اتفاقا کما فی الروضة و حاشیة السید حسین المشهور بخلیفة سلطان علی الفقیه و فی التذکرة لو باعه بحکم المشتری و لم یعین بطل البیع إجماعا و فی السرائر بعد أن نقل کلام النهایة و ستسمعه (قال) و الأولی أن یقال البیع باطل لأن کل مبیع لم یذکر فیه الثمن یکون باطلا بلا خلاف بین المسلمین و فی المختلف بعد نقل کلام الشیخ و المفید و أبی الصلاح و القاضی (قال) لنا علی بطلان البیع مع الجهالة الإجماع علیه و فی مجمع البرهان أنه لو باع بحکم أحدهما بطل البیع و الإجماع منقول علی اشتراط العلم فی التذکرة مع عدم ظهور خلافه و فی التنقیح أن علیه الفتوی و فی الریاض لو اشتراه بحکم أحدهما أو أجنبی فالبیع باطل إجماعا کما فی المختلف و التذکرة و الروضة (انتهی) و قد سمعت ما فی التذکرة و المختلف فتأمل (و الوجه فی البطلان) بعد الإجماع المنقول بل المعلوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 279
فیضمن المشتری العین لو قبضها بالمثل أو القیمة یوم القبض أو أعلی القیم من حین القبض إلی حین التلف علی الخلاف (1) و علیه أرش النقص و الأجرة إن کان ذا أجرة لا تفاوت السعر و له الزیادة إن کانت من فعله علیه أو صفة و إلا فللبائع و إن کانت منفصلة
______________________________
الغرر و الجهالة المنهی عنهما بالإجماع و الروایة المتفق علیها بین العلماء کافة فلا یقاومها شی‌ء من النصوص و إن کان صحیحا صریحا (فحسنة رفاعة) أو صحیحته الدالة علی جواز تحکیم المشتری و لزوم الحکم علیه بالقیمة السوقیة فما زاد مع أنها غیر صریحة فی صحة المعاملة محتملة للتأویل بغیر البعید فی مقام الجمع بین الأدلة و قد رماها جماعة بالشذوذ و الندرة (و أما المخالفون) علی الظاهر فعن أبی علی أنه لو قال بسعر ما بعت مع جهالة المشتری صح و یکون للمشتری الخیار انتهی (فتأمل) و فی المقنعة من ابتاع متاعا أو غیره من المبیعات بحکمه فی الثمن و لم یسم شیئا کان البیع باطلا و إن قبض المبیع فإن هلک الشی‌ء فی ید المبتاع کان علیه قیمته یوم ابتاعه إلا أن یحکم علی نفسه بأکثر منها فیلزمه ما حکم به دون القیمة و إن کانت عین الشی‌ء قائمة لم تهلک کان لصاحبه انتزاعه منه و کان علیه أن یرد علی المبتاع قیمة الزیادة بحدثه فیه فإن ابتاعه بحکم البائع فی ثمنه فحکم بأقل من قیمته کان له ذلک دون ما سواه و إن حکم بأکثر من قیمته لم یکن له ذلک إلا أن یتبرع بذلک علیه المبتاع و مثل ذلک قال فی النهایة من دون تفاوت أصلا فی المطلوب و إن تفاوتت العبارة تفاوتا یسیرا و نقل فی المختلف عن التقی و القاضی أنهما قالا مثل ذلک (فلیتأمل) فإن کلام الشیخین قابل للتأویل و نقل الشهید فی حواشیه عن القطب أنه قال إن کان الحاکم المشتری فتلف فعلیه ما حکم به إن زاد عن القیمة و إن کان الحاکم البائع و حکم بأنقص عن القیمة لزم مع حکمهم ببطلان البیع کذا نقل (فلیتأمل) فی هذا فإنه یعطی أنهم متفقون علی بطلان البیع و إنما یلزم کل منهما بحکمه إذا تلف فتدبر (و قال) إنه قال لو کان المشتری جاهلا فالظاهر رجوعه و کذا إذا علم فیما بعد و لم یمکن الرد إلیه و لا إلی وکیله أو استیذان الحاکم و أنه قبل العلم لا یفتقر إلی نیة الرجوع و أما بعده فلا بد من النیة (و هل یفتقر) إلی الإشهاد خلاف «انتهی» ما وجدناه فی الحواشی و کان النسخة غیر نقیة من الغلط و فی مجمع البرهان أن تأویل خبر رفاعة مشکل و کذا رده فیمکن أن یکون حکما فی قضیة و لا یتعدی و صاحب الحدائق عین بها العمل و خصص بها أخبار الغرر و رد بها الإجماع و لیس ذلک منه بعجیب (و الخبر) هو ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ و الصدوق عن العدة عن سهل و أحمد جمیعا عن النهایة و التهذیب الحسن بن محبوب عن رفاعة (قال) سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام فقلت ساومت رجلا بجاریة له فباعنیها بحکمی فقبضتها منه علی ذلک ثم بعثت إلیه بألف درهم فقلت له هذه الألف الدراهم حکمی علیک فأبی أن یقبضها و قد کنت مسستها قبل أن أبعث إلیه بالألف الدراهم فقال أری أن تقوم الجاریة بقیمة عادلة فإن کان قیمتها أکثر مما بعثت إلیه کان علیک أن ترد علیه ما نقص من القیمة و إن کان قیمتها أقل مما بعثت إلیه فهو له (الحدیث) فالروایة بحسب السند معتبرة صحیحة فی الکافی و کذا الفقیه و التهذیب بملاحظة فهرست الشیخ فإنه یعلم منه أن جمیع ما نقله عنه من الروایات و المصنفات فهو صحیح لکن فی الخلاصة ما أخذه من مصنفاته فصحیح و إلا فحسن و یمکن تأویلها بأن یکون حاصل الجواب أنها تقوم بثمن المثل إن أراد شراءها و یشتری به مجددا إن کان ثمن المثل أکثر مما دفع و إلا وقع ندبا و استحبابا بناء علی أنه أعطاه سابقا
(قوله قدس سره) (فیضمن المشتری العین لو قبضها بالمثل أو القیمة یوم القبض أو أعلی القیم من حین القبض إلی حین التلف علی الخلاف)
قد استوفینا الکلام فی القیمة و ضمانها فی مباحث البیع الفضولی عند شرح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 280

[السادس تکفی المشاهدة عن الوصف]

تکفی المشاهدة عن الوصف و إن تقدمت بمدة لا تتغیر عادة (1) و لو احتمل التغیر صح للاستصحاب فإن ثبت التغیر یخیر المشتری
______________________________
قوله و لو فسخ رجع علی المشتری بالعین و یرجع المشتری علی البائع بما دفعه انتهی (فراجعه) تجد الکلام فی ذلک مسبغا مشبعا و تقدم لنا قبل ذلک فی ذلک شطر صالح نافع عند شرح قوله و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک و ضمن و بینا هناک أن له الزیادة إن کانت من فعله و نقلنا خلاف ابن إدریس و تفصیله فلیراجع (و وجه ضمان المشتری العین کما فی جامع المقاصد) أنه إنما قبضها بناء علی أن الثمن فی مقابلها للبائع و قد فات بفساد البیع فیجب ردها حذرا من أن یفوت علی البائع کل من العوض و المعوض و لأنه رضی بأن تکون له و تلفها منه فی مقابل الثمن و قد فات ذلک بفساد البیع فیکون تلفها منه بقیمتها (و قد یقال) إنه إنما دخل علی أن تلفها منه بالثمن لا بالقیمة فیجب أن یکون اللازم الثمن زاد علی القیمة أو لا (و یجاب) بأن ذلک کان لاعتقاد صحة البیع فعند فساده یجب رد العین فمع فواتها یرجع إلی قیمتها أو مثلها (ثم قال فی جامع المقاصد) و اعلم أن الواجب فی المثل المثلی بکل حال لأنه أقرب إلی العین من القیمة باعتبار المشاکلة (و یشکل) لو کان المثلی فی موضع التسلیم کثیر القیمة و فی موضع دفع العوض قلیلها جدا کالماء فی المفازة و علی شاطئ الفرات فإن المتجه هنا الانتقال إلی القیمة و إلا لزم الضرر العظیم (قلت) و لعل مثله ما إذا اختلف الزمان کزمان الغلاء و الرخص و إن اتحد الموضع (فلیتأمل) و قد تعرض المصنف لهذا الفرع فی باب الغصب (فلیلحظ) و لو تعذر المثل فی المثلی صیر إلی القیمة وقت تعذره و قد تقدم لنا عند مباحث البیع الفضولی عند شرح قوله و إن کان من ذوات الأمثال قسط بیان المثلی و القیمی و ما یرد علیه من الإشکال و قد فهم صاحب جامع المقاصد أن المراد بالأجرة فی العبارة أجرة الرد إن کان للرد مئونة لظاهر قوله علیه السلام علی الید ما أخذت حتی تؤدی و یتأتی ذلک فی طرف المشتری لو کان لرد الثمن مئونة
(قوله رحمه اللّٰه) (تکفی المشاهدة عن الوصف و إن تقدمت بمدة لا تتغیر عادة)
نبه بذلک علی خلاف الأنماطی من الشافعیة و أحمد فی إحدی الروایتین عنه حیث اشترطا مقارنة الرؤیة للمبیع فلو تقدمت بطل عندهما (و قال فی التذکرة) ذهب علماؤنا و عامة أهل العلم إلی أنه یصح بیع الغائب إذا کان قد شاهداه و لا یتطرق إلیه التغییر غالبا کالأرض و الأوانی و الحدید أو کان مما لا یتغیر فی المدة المتخللة بین الرؤیة و العقد و نحو ذلک قال فی المسالک بل فیه التصریح بالإجماع و قد نص علی ذلک فی المبسوط و الخلاف و ما تأخر عنهما مما تعرض له فیه و نقضوا قول الأنماطی و من وافقه بما لو شاهدا دارا و وقفا فی بیت فیها و تبایعا أو أرضا و وقفا فی طرفها فإن البیع صحیح إجماعا مع عدم المشاهدة للکل فی الحال و الشرط إنما هو العلم و هو ثابت حال العقد و أما إذا احتمل التغییر و عدمه أو کان حیوانا ففی المبسوط و الخلاف أنه یصح بیعه أیضا لأن الأصل السلامة و فی نهایة الإحکام أنه الأصح و فی التذکرة أنه أقرب و فی الکتاب صح للاستصحاب و نحوه ما فی الروضة (لا یقال) کیف یعتمد علی الاستصحاب و غایة ما یفید الظن و الشرط فی الصحة المعلومیة (لأنا نقول) إن العلم المشترط فی الصحة قد تقدم أنه فی کل شی‌ء بحسبه ففیما یعتبر فیه الیقین لا بد منه و فیما جرت فیه العادة بالعلم العادی فالمرجع فیه إلی العادة و هی حاکمة بأن الظن المستفاد من الاستصحاب علم و إلا لما صحت مکاتبة الغائب و مراسلته و لو کان المبیع مما یتغیر فی مثل تلک المدة غالبا لم یصح البیع کما فی المبسوط و التذکرة و نهایة الإحکام و الروضة و غیرها لتحقق الجهالة المترتبة علی تغیره (إذا عرفت هذا) فلو رأی ما لا یتغیر عادة أو ما یحتمل التغییر و عدمه و الحال أنه علی ما رآه لم یتغیّر لزم البیع قولا واحدا کما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 281
و القول قوله لو ادعاه علی إشکال (1)
______________________________
التذکرة و إن کان قد تغیر تغیرا لا یتسامح بمثله عادة تخیر المشتری کما فی المبسوط و الخلاف و التذکرة و نهایة الإحکام و الدروس و اللمعة و الروضة و غیرها بل لا أجد فیه مخالفا نعم احتمل فی نهایة الإحکام البطلان ثم قوی الصحة لبناء العقد علی ظن غالب (ثم قال) و لا نعنی بالتغیر التعیب فإن خیار العیب لا یختص بهذه الصورة و لکن الرؤیة بمثابة الشرط فی الصفات الکائنة عند الرؤیة فکل ما فات منها فهو بمثابة ما لو تبین الخلف فی الشرط و مثل ذلک قال فی المسالک و حاصله أن المراد بالتغیر الموجب للتخییر هنا ما اختلف بسببه الثمن اختلافا لا یتسامح بمثله غالبا و یوجب اختلاف الرغبات و صاحب الحدائق توقف و تخیر لما لم یکن فی المسألة خبر
(قوله قدس سره) (و القول قوله لو ادعاه علی إشکال)
أی القول قول المشتری لو ادعی التغییر و قد استشکل فی ذلک هنا کما فی الشرائع و التحریر و نهایة الإحکام و حکم بتقدیم قول المشتری فی التذکرة کما فی المبسوط و الإیضاح و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک لأن البائع یدعی علمه بهذه الصفة و هو ینکره و لأن الأصل عدم وصول حقه إلیه فیکون فی معنی المنکر و إن کان بصورة المدعی و وجه تقدیم قول البائع تحقق الاطلاع القدیم المجوز للبیع و أصالة عدم التغیر و لزوم العقد و أنه لو ترک ترک و أن المشتری یدعی خلاف الأصل و خلاف الظاهر «فلیتأمل جیدا» و لعل الأول أقوی لأن حقوق بنی آدم الواجبة مبنیة علی الاحتیاط التام و القطع و الجزم فیحلف علی أن المبیع لیس بالصفة التی اشترطها علیه و ربما قیل (احتمل) التفصیل خ ل) بالتفصیل فاحتمل فی نهایة الإحکام تقدیم قول البائع مع عدم غیبته و قول المشتری معه و استحسن الشهید فی حواشیه التفصیل بطول المدة و قصرها (و لو) انعکس الفرض بأن ادعی البائع تغیره فی جانب الزیادة و أنکر المشتری احتمل تقدیم المشتری لأصالة عدم التغییر و لزوم البیع و الظاهر تقدیم قول البائع لعین ما ذکره فی المشتری و فی تقدیم قول المشتری فیهما جمع بین متنافیین مدعی و دلیلا لأنه إنما یقدم قول المشتری مع کونه مغبونا اعتمادا علی عدم وصول حقه إلیه و بقاء الثمن فی ملکه و إذا فرض أنه عاین فهذا الوجه یقتضی تقدیم قول البائع و إن اعتمد هنا علی أصالة عدم التغییر (و صحة العقد خ ل) و لزوم العقد ینبغی فی صورة کونه مغبونا عدم القول بتقدیم قوله (فإن قلت) إطلاق کلامهم بتقدیم قول المشتری یقضی بتقدیم قوله فی صورة العکس (قلت) المفروض فی کلامهم إنما هو القسم الأول فحسب فصح لهم القول بتقدیم قول المشتری (نعم) یرد ذلک علی عبارة اللمعة حیث قال یتخیر المغبون منهما أی البائع إن ظهر زائدا و المشتری إن ظهر ناقصا (ثم قال) و لو اختلفا فی التغییر قدم قول المشتری بیمینه فقد حکم بتخیر المغبون الصالح لکل منهما و عطف علیه حکمه بتقدیم قول المشتری من غیر فرق بین أن یکون هو الغابن أم المغبون و بین القسم الأول و بین هذا الإطلاق تنافر فوقع التنافی بین أحد الدلیلین و الدعوی (فتأمل) و لو اتفقا علی تغییره لکن اختلفا فی تقدمه علی البیع و تأخره و لا قرینة تشهد بصدق أحدهما فالوجهان أعنی أصالة عدم وصول الحق و أصالة عدم التغییر و کذا لو وجداه تالفا و کان مما یکفی فی قبضه التخلیة و اختلفا فی تقدیم التلف علی البیع و تأخره أو لم یختلفا فإنه یتعارض أصلان أصل عدم تقدم العقد و أصل عدم تقدم التلف فنحکم بالاقتران بمعنی أن العقد قارن التلف فیقدم قول المشتری أو نقول بأنهما یتساوقان و یتساقطان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 282
و لا یصح بیع السمک فی الآجام و إن ضم إلیه القصب و کذا اللبن فی الضرع مع المحلوب (1) (منه)
______________________________
فیرجع إلی أصل بقاء ملک المشتری علی الثمن و العقد الناقل قد شک فی تأثیره لتعارض الأصلین (فتأمل)
(قوله) (و لا یصح بیع السمک فی الآجام و إن ضم إلیه القصب و کذا اللبن فی الضرع مع المحلوب)
اختار فی المسألتین عدم الصحة کما هو فی السرائر و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التلخیص و اللمعة و التنقیح و هو ظاهر نهایة الإحکام فی السمک و صریحها فی اللبن و قواه فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و فی عبارة التلخیص نوع خفاء و هو المشهور کما فی الروضة و الحدائق و فی التذکرة فی مسألة اللبن أن الأشهر عندنا البطلان و فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد أنه المشهور فی المسألة المذکورة (و فی النهایة و الوسیلة) أن البیع صحیح فی المسألتین مع الضمیمتین و هو المنقول عن أبی علی و القاضی و مال إلیه المولی الأردبیلی و صاحب الکفایة و الکاشانی و کذا الشهید فی غایة المراد علی ما لعله یظهر منه (و قال) فی حواشیه علی الکتاب یجوز بیع اللبن مدة معینة مع وزن المحلوب فکان موافقا للشیخ (لأنه قال فی النهایة) فمن أراد بیع ذلک حلب من الغنم شیئا من اللبن و اشتراه مع ما بقی فی (من خ ل) ضرعه فی الحال أو فی مدة معینة من الزمان و إن جعل معه عرضا آخر کان أحوط (انتهی) و فی الخلاف الإجماع علی صحة بیع السمک فی الأجمة إذا باع معه ما فیها من القصب أو یصطاد شیئا منه و یبیعه مع ما بقی فیه و فی الغنیة الإجماع علی الصحة فیما إذا باع معه القصب و فی المبسوط رواه أصحابنا (و قال المتأخرون) کما فی المسالک و مجمع البرهان و المفاتیح بالتفصیل و فی الحدائق أنه المشهور بین المتأخرین و هو خیرة المختلف و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و تخلیص التلخیص و المقتصر و المسالک و استحسنه فی الروضة و مال إلیه أو قال به فی المهذب البارع و فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و هو حسن إلا أن فیه إعراضا عن الأخبار (و لیتأمل) فی نسبته إلی المتأخرین فکأنها لم تصادق محزها (و التفصیل) هو أنه إذا کان المقصود بالبیع الضمیمة المعلومة و جعل ما عداها تابعا صح البیع کما هو الشأن فی أسفل الدار و وسط الحائط و إن انعکس أو کانا مقصودین لم یصح و لم یصرح فی الدروس بشی‌ء و کأنه ممن یمیل إلی قول الشیخ و هذا التفصیل سیأتی فی کلام المصنف قریبا و نبین الحال فیه و محل النزاع إنما هو السمک المملوک المقدور علی قبضه غیر المعلوم العدد و لا المشاهد مع الضمیمة المعلومة لأن غیر المملوک و لا المقدور لا یجوز بیعه اتفاقا و المحصور و المشاهد یجوز بیعه إجماعا و إطلاق العبارات یحمل علی عدم الحصر و المشاهدة کما هو الغالب و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی أول الفصل الثالث عند شرح قوله و لا السمک فی الماء إلا أن یکون محصورا و أما اللبن فی الضرع فلا یصح بیعه منفردا إجماعا کما فی التذکرة و غیرها (و الحاصل) من التتبع أن المشهور بین المتقدمین هو الصحة فی المقامین و لا سیما فی مسألة السمک و إنما حدث الخلاف من ابن إدریس فلعل الأقوی ما علیه المتقدمون (و الحجة) علیه بعد إجماعی الخلاف و الغنیة فی السمک و عموم الأدلة فی السمک و اللبن مع العلم فی الجملة و عدم اشتراط المعرفة التامة مع تأید ذلک ببیع الآبق مع الضمیمة الأخبار المتعاضدة المعتضدة بعمل الشیخ و من وافقه و لا أقل من أن یستفاد من الإجماعین شهرة تقیم أودها و تشد عضدها و قد نعتت فی غایة المراد بأنها مشتهرة و لم ینعقد إجماع من المتأخرین لأنهم ما بین مانع و مفصل و غیر جازم ساکت أو مستحسن کالشهید فی الدروس و المحقق الثانی و الشهید الثانی (و قد سمعت) أن الشهید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 283
..........
______________________________
فی حواشیه موافق للشیخ و أنه یظهر منه ذلک فی غایة المراد (فلیتأمل) علی أن فی التفصیل إعراضا عن الأخبار کما سمعته عن المحقق الثانی إذ غایة ما تدل علیه هو أنه عند عدم حصول ذلک المجهول یصیر الثمن فی مقابلة الضمیمة المعلومة و أما کونها هی المقصودة بالبیع فلا بل ربما أشعر ظاهرها أن المقصود إنما هو ذلک المبیع المضموم إلیه و إنما جعلت هذه الضمیمة من قبل الحیل الشرعیة لئلا یلزم أخذ الثمن بلا عوض هذا بالنسبة إلی الأخبار (ثم) إن هذا التفصیل هل هو خاص بهذه المسألة أم لا بد منه فی کل موضع ضم فیه المجهول إلی المعلوم کما فی بیع الثمرة إذا أرید بیعها بعد ظهورها و بیع الآبق و نحو ذلک فإن أرید الأول فهو تحکم و إن أرید الثانی فغیر مسلم لأن عبارات الأصحاب کادت تکون ظاهرة فی خلافه لکنهم فی بیع الحمل مع أمه أجمعوا علی الجواز (و سیتضح الحال فی هذا التفصیل) و أما القاعدة فغیر متحققه لأن الظاهر عدم الفرق فإن ما جزؤه مجهول مطلقا فهو مجهول کما أنهم فی القدرة علی التسلیم لا یجوزون البیع إذا کان بعض المبیع مقدورا و بعضه غیر مقدور و لو کان المقدور مقصودا بالذات و یرشد إلی ذلک قوله فی التذکرة کما لا یجوز بیع الحمل منفردا لا یجوز منضما إلی غیره بأن تقول بعتک هذه الجاریة و حملها لأن جزء المبیع إذا کان مجهولا کان المبیع مجهولا نعم یجوز انضمامه تبعا لا مستقلا و فی الأخیر تأمل إلا أن یرید جعله شرطا خارجا عن المبیع و قد صرح بأنه یجوز جعله شرطا (فتأمل) و الحاصل أنه إن کان بیع المجهول ممنوعا فهو کذلک و إلا فلا و لهذا ما فرقوا فی ضمیمة الآبق (فلیتأمل جیدا) فالمنع فیما نحن فیه لمکان الغرر علی تقدیر تسلیمه مشترک لکنا نخرجه بالدلیل کما فی مسألة الآبق ثم إنا نمنع الغرر فقد فسر بیع الغرر بأنه مثل بیع السمک فی الماء و الطیر فی الهواء کما فی الصحاح و فی نهایة ابن الأثیر هو ما کان له ظاهر یعرفه المشتری و باطن مجهول (و قال الأزهری) بیع الغرر ما کان علی غیر عهدة و لا ثقة فقد ظهر أنه إن کان هناک غرر فهو ما ذهبنا إلیه و ما ذهبتم إلیه و إلا فلا إذ لا فرق (و کون) المقصود بالتبع مما یتسامح فیه لا یجدی لأن المدار علی نفی الغرر فیما وقع علیه البیع و قد وقع علیهما و کونه فی المقام مما یتسامح فیه کل أحد ممنوع و لا کذلک أسفل الدار و وسط الحائط فإنه مما یتسامح به جمیع العقلاء و قد استمرت علیه العادة إما أنه لا یمکن العلم به إلا بعد خرابه و هو مناف لمقاصد العقلاء أو لغیر ذلک و لا کذلک السمک فإن المفروض القدرة علی قبضه کما حرر فی محل النزاع (فلیتأمل) علی أنا نقول إن الوسط و الأسفل مقصودان بالذات فیصلح شاهدا للخصم (فلیتأمل جیدا) هذا کله مضافا إلی ما یأتی فی الضابط فی آخر المسألة و أما الأخبار المتعاضدة فهو خبر البزنطی عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام إذا کان أجمة لیس فیها قصب أخرج شی‌ء من السمک فیباع و ما فی الأجمة و ظاهر الخبر أنه لو کان فیها قصب فإنه لا یحتاج إلی ضمیمة أخری زائدة علی القصب و سمک الأجمة قال فی غایة المراد (و هذه) و إن کان فی طریقها سهل بن زیاد فاعتضادها و اشتهارها مرجح علی أنه قد ظهر أثر الانضمام فی الآبق قطعا و فی اللبن مع المتخلف فی روایة سماعة و فی الحمل مضافا إلی الصوف فی روایة إبراهیم الکرخی و روایة معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال لا بأس أن تشتری الآجام إن کان فیها قصب و قد ضعفها فی المختلف بالحسن ابن سماعة (قلت) قد وثقه النجاشی ثم قال و نقول بموجبها و نحمل البیع فیها علی القصب المشاهد (قلت) الظاهر أنه أراد به سمک الآجام إذ لیس السؤال عن نفس الآجام فلا بد فیه من إضمار إما السمک أو القصب للاتفاق علی أن غیرهما غیر مراد لا جائز أن یضمر القصب و إلا لم یکن فی التقیید به فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 284
و کذا الجلد و الصوف علی ظهر الغنم و إن ضم إلیهما غیره و کذا ما فی بطونها و کذا لو ضمهما و یجوز بیع الصوف علی الظهر منفردا (1) علی رأی
______________________________
الجواب معنی و سیاق أخبار الباب یدل علی أن المراد بالأجمة السمک کما فی روایة البزنطی و قد سمعتها و روایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی شراء الأجمة لیس فیها قصب إنما هی ماء قال یصید کفا من سمک فیقول أشتری منک هذا السمک و ما فی الأجمة بکذا و کذا فقد أرید فیها من الأجمة السمک أیضا و روایة سماعة فی اللبن التی یقول فیها سألته عن اللبن یشتری و هو فی الضرع قال لا إلا أن یحلب لک سکرجة فتقول أشتری منک هذا اللبن الذی فی السکرجة و ما بقی فی ضروعها بثمن مسمی فإن لم یکن فی الضرع شی‌ء کان ما فی السکرجة أی کان المبیع ما فی السکرجة و روایة عیص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل له غنم یبیع ألبانها بغیر کیل قال نعم حتی ینقطع أو شی‌ء منها (قال فی الوافی) أی یشترط أن تنقطع الألبان من الثدی أی تحلب إما کلها أو بعضها و أما إذا کان کلها فی الثدی و لم یحلب منها بعد لا یجوز بیعها (و روایة إبراهیم الکرخی) (قال) قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام ما تقول فی رجل اشتری من رجل أصواف مائة نعجة و ما فی بطونها من حمل بکذا و کذا درهما فقال لا بأس إن لم یکن فی بطونها حمل کان رأس ماله فی الصوف (هذا) و فی الدروس لو قیل بجواز الصلح علی اللبن کان حسنا فیلزم و علیه تحمل الروایة و فی المسالک لو صالحه علی ما فی الضرع و علی ما سیوجد مدة معلومة صح و فی تعلیق الإرشاد لو قاطعه علی اللبن مدة معلومة بعوض لم یکن بیعا حقیقیا بل نوع معاوضة و مراضاة غیر لازمة بل سائغة وفاقا لاختباره فی المختلف (و منع) منه ابن إدریس و فی حسنة الحلبی و صحیحة عبد اللّٰه بن سنان ما یشهد للجواز و قد یکون المقاطعة علی اللبن مدة معلومة من باب الاستیجار لأنهم قد قالوا کل عین تصح إعارتها تصح إجارتها و قد قالوا فی باب العاریة یجوز استعارة الشاة و غیرها للحلب و له الرجوع فی اللبن مع وجوده عنده و هذه الکلیة قد طفحت بها عباراتهم و قد نقل علیها الإجماع فی الغنیة و السرائر إذ لیست الإجارة عرفا و لغة إلا ما کانت عبارة عما کانت العاریة فیه حقیقة مع العوض و اللزوم لکن المحقق الثانی فی باب الإجارة قال هذا أکثری إذ الشاة تصح إعارتها للحلب و لا تصح إجارتها و تبعه علی ذلک صاحب المسالک و بذلک صرح فی باب الإجارة بل حکینا علیه الإجماع و لعله لأن إعارة الشاة لیست عاریة بالذات بل بالعرض للضرورة و تمام الکلام فی باب العاریة
(قوله قدس سره) (و کذا الجلد و الصوف علی ظهر الغنم و إن ضم إلیهما غیره و کذا ما فی بطونها و کذا لو ضمهما و یجوز بیع الصوف علی الظهر منفردا)
علی رأی اختیر فی النهایة و الدلالة جواز (صحة خ ل) بیع الصوف علی ظهر الغنم مع الضمیمة و هو المنقول عن القاضی و الحلبی عملا بروایة الکرخی المتقدمة فإنها تدل علی جواز بیع الأصواف و نحوها من الأوبار و الأشعار منضمة إلی ما فی البطون و منفردة و قد قضی العجب من ذلک صاحب التنقیح حیث إن هؤلاء ذهبوا إلی عدم جواز بیع الصوف منفردا لأنه مجهول کما ستسمع و لا ریب أن الحمل مجهول أیضا فضم المجهول إلی المجهول لا یصیرهما معلومین و لا أحدهما بل یزید فی الجهالة و الروایة لا تجعل الأصواف معلومة مع الضمیمة و لا دلت علی معلومیتها معه فکیف یقال بالجواز هنا و المنع عنه منفردا نعم لو کانوا قائلین بالمعلومیة حال الانفراد صح لهم ذلک کما فی اللبن و السمک مع الضمیمة إما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 285
..........
______________________________
أصالة أو تبعا علی اختلاف الرأیین کما تقدم و المشهور کما فی الحدائق أنه لا یجوز بیع الأصواف و الأشعار علی الأنعام و إن انضم إلیها غیرها و قضیة عبارة الشرائع أنه لا یصح بیع الجلود و الصوف و الشعر جمیعا و لا بیع کل منهما علی الظهر منفردا و لا منضما إلی غیره و لا أحدهما منضما إلی الآخر و قریب من ذلک عبارة النافع و فی المسالک أن الأقوی جواز بیع ما عدا الجلد منضما مع مشاهدته و إن جهل وزنه إذا کان ما علی الظهر مقصودا بالذات و قد بناه علی معلومیة الصوف و عدم اشتراط وزنه ما دام علی الظهر کالثمرة علی الشجرة کما یأتی و ظاهر عبارة المسالک و غیرها عدم جواز بیع الجلد علی ظهر الحیوان مطلقا و کأنه اتفاقی بینهم کما ظن کما احتمل ذلک فی مجمع البرهان و الحدائق و لعل الشیخ و من وافقه فی الصوف یصححه فی الجلد مع الضمیمة و مشاهدة الحیوان الذی علیه الجلد لأن المشاهدة مشترکة بین الجلد و ما علیه من الشعر و الصوف إلا أن یکون مجمعا علیه (و أما) بیع الصوف منفردا مع المشاهدة ففی الخلاف الإجماع علی منعه و فی التذکرة أنه الأشهر و به صرح فی المبسوط و النهایة و الدلالة و الغنیة و کشف الرموز و سلم السرائر و قد سمعت ما فی الشرائع و النافع و هو المنقول عن القاضی و الحلبی و الصحة فیه «1» منفردا مع المشاهدة خیرة المفید و السرائر فی غیر السلم و التلف و التذکرة و الإرشاد و التحریر و الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و حواشی الشهید و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الریاض و غیرها و استحسنه المحقق فی نکت النهایة فیما نقل عنه لأنه کالثمرة علی الشجرة و قضیة کلامهم أنه یجوز بیعه منضما إلی مجهول علی اختلاف الرأیین من التفصیل السابق و عدمه و لم یرجح فی نهایة الإحکام و غایة المراد شی‌ء من القولین و فی الدروس و اللمعة أن الأقرب جواز بیع الصوف و الوبر و الشعر علی ظهور الأنعام منفردا إذا أرید جزه فی الحال أو شرط بقاؤه إلی أوان جزه و فی جامع المقاصد بعد نقل ذلک قال لا ریب أنه أحوط و اعترض فی الروضة علی اللمعة بأنه لا ینبغی اعتبار اشتراط جزه لأن ذلک لا مدخل له فی الصحة بل غایته مع تأخیره أن یمتزج بمال البائع و هو لا یقتضی بطلان البیع کما لو امتزجت لقطة الخضر بغیرها فیرجع إلی الصلح و هو حسن و یجی‌ء علی قاعدة التفصیل أنه لو شرط تأخیره مدة معلومة و تبعیة المتجدد أنه یصح إذا کان المقصود بالذات هو الموجود و إلا فلا (لا یقال) علی کلام الشهید أن اشتراط بقائه إلی أوان جزه یقضی بأنه بیع إلی أجل مجهول (لأنا نقول) لیس هذا بیعا إلی أجل و إنما هو بیع حال إلا أن الأجل عوض فی حال کمال البیع فاکتفی فیه بالحوالة علی العرف فهو کما لو باع الثمرة و شرط بقاءها إلی أوان قطعها و سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی و لعل حجة القائل بالمنع بعد إجماع الخلاف أنه متصل بالحیوان کأعضائه فلا یجوز بیعه منفردا و أن مطلق اللفظ یتناول جمیع ما علی ظهر الجلد و لا یمکن استیعابه إلا بإیلام الحیوان و إن شرط الجز فالعادة فی المقدار المجزوز مختلفة و بیع المجهول لا یجوز (و حجة الجواز) روایة الکرخی فقد استدل بها علیه فی المختلف و جامع المقاصد و مجمع البرهان فکانت صالحة للاستدلال بها علیه مع الضمیمة من دون اعتبار التبعیة مع تأیدها بعموم الأدلة و الأخبار الأخر مع عدم تحقق المانع «فلیتأمل» و أن الصوف لیس کالأعضاء التی لا یمکن تسلیمها مع سلامة الحیوان (هذا) و قد أجمع الأصحاب کما فی التذکرة علی أنه لو باع الحمل مع أمه جاز سواء کان من الآدمی و غیره و لعل غرضه أن ذلک فیما إذا کانت الأم هی المقصودة بالبیع لأنه قال بعد هذا لو قال بعتک هذه الدابة و حملها لم
______________________________
(1) (فی ذلک کذلک خ ل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 286
و کل مجهول مقصود بالبیع لا یصح بیعه و إن انضم إلی معلوم و یجوز مع الانضمام إلی معلوم إذا کان تابعا (1)
______________________________
یصح عندنا لما تقدم من أن الحمل لا یصلح لأن یکون مبیعا و لا جزءا منه و اختلفوا فیما إذا ضمه إلی غیر أمه فجوزه الشیخ فی النهایة و القاضی و ابن حمزة علی ما نقل عنهما فإنی لم أجده صرح بذلک فی الوسیلة و إن کادت تکون ظاهرة فی ذلک و فی التذکرة و التحریر و المختلف أنه یصح إن کان الحمل تابعا و إلا فلا و کأنه مال إلیه فی تعلیق الإرشاد و منع منه ابن إدریس و فی الدروس لو ضمه إلی الأم صح و إلی غیرها یبطل عند ابن إدریس و جوزه الشیخ «انتهی» (إذا عرفت هذا) فعد إلی عبارة الکتاب ففی بعض النسخ النعم بدل الغنم و هو أولی و ضمیر النعم فی قوله و إن ضم إلیهما غیره راجع إلی الصوف و الجلد و الضمیر المفرد راجع إلی مجموع هذین لیدل علی أن المراد بیعهما معا حتی لا ینافی ما یأتی من جواز بیع الصوف علی الظهور فإن الجهالة من جهة الجلد فإنه غیر مرئی و لا موصوف (و قوله) و کذا ما فی بطونها معناه لا یجوز بیع ما فی بطونها و إن ضم إلیه غیره و لا یخفی ما فیه من التکرار باعتبار اندراجه فی ضمیمة ما قبله و باعتبار سبق منع بیع المجهول و قوله و کذا لو ضمهما أی ضم النوعین معا بأن باع کلا منهما مع الآخر کان ضم ما فی البطون إلی ما علی الظهور من الجلد و الصوف «فلیتأمل» فی ذلک فإن العبارة لا تخلو عن تکرار ما و هی عبارة الشرائع بعینها (قال فی الشرائع) و کذا الجلود و الأصواف و الأوبار و الشعر علی الأنعام و لو ضم إلیه غیره و کذا ما فی بطونها و کذا إذا ضمها (و قال فی المسالک) فی تفسیر قوله و کذا الجلود إلی قوله غیره أی لا یصح بیع جمیع ذلک و لا کل واحد منها منفردا و لا مع ضم شی‌ء آخر إلیه (و قال) فی تفسیر قوله و کذا ما فی بطونها إلی آخره الضمیر المثنی یعود إلی النوعین السابقین و هما ما فی بطونها و ما علی ظهورها و المراد أنه لا یصح بیع کل واحد منهما منفردا و لا منضما إلی غیره و لا أحدهما منضما إلی الآخر «انتهی» و الأمر فی ذلک سهل
(قوله) (و کل مجهول مقصود بالبیع لا یصح بیعه و إن انضم إلی معلوم و یجوز مع الانضمام إلی معلوم إذا کان تابعا)
إن کان مراده بالتابع أنه غیر مقصود بالذات فهو الصحیح الموافق للقواعد و قد نسب «1» إلی المتأخرین جماعة کما تقدم فی مسألة بیع السمک فی الآجام و إن کان المراد بالتابع التابع حسا و إن کان مقصودا فلیس بشی‌ء کما ستعرف و لعل الظاهر الأول لأن الغالب فی التابع الحسی أن لا یکون مقصودا (قال فی جامع المقاصد) قد صرح بهذا الضابط فی المختلف فی مسائل و مثال ما إذا کان المجهول تابعا الحمل مع أمه و إطلاق العبارة یشمل ما إذا شرط حمل دابة مع بیع دابة أخری إلا أن یقال التبعیة إنما تتحقق مع الأم لأنه حینئذ بمنزلة بعض أجزائها و مثله زخرفة جدار البیت و قیل إنه قد یستفاد من الضابط أنه لا بد من کون المعلوم مقصود التصحیح ضم المجهول التابع فیشترط ذلک فی ضمیمة الآبق و فی ضمیمة الثمرة إذا أرید بیعها بعد ظهورها إن شرطنا أحد الأمور التی تأتی و نحو ذلک و فی استفادة ذلک من عبادات الأصحاب خفاء لأنها مطلقة (قلت) هذا الضابط بالمعنی الذی ذکرناه و اعتمدناه و هو أن المراد بالتابع غیر المقصود بالذات سواء کان تابعا أو غیر تابع أصلا لکنه أتی به تبعا و لیس مقصودا بالذات و ذکره غیر مخل بالتبعیة کما أفصحت موثقة سماعة فی بیع الثمار و علیه تنزل
______________________________
(1) کذا فی نسختین و لعل الأصح نسبه (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 287

[السابع رؤیة بعض المبیع کافیة]

(السابع) رؤیة بعض المبیع کافیة إن دلت علی الباقی لکونه من جنسه کظاهر صبرة الحنطة (1) ثم إن وجد الباطن بخلافه تخیر فی الفسخ و لا یکفی رؤیة ظاهر صبرة الحنطة «1» و رأس سلة العنب و الفاکهة
______________________________
الإطلاقات و هو مطرد فی جمیع المقامات إلا ما خرج بالدلیل کما عرفت فیما سلف و قد یوجد فی بعض الکلام أن الضابط أن المجهول إن جعل جزءا من المبیع لا یصح و إن شرط صح و لیس بشی‌ء لأن العبارة لا أثر لها إذ المشروط محسوب من جملة المبیع و لأنه إن باع الحمل مع أمه صح بیعه إجماعا و لا یتوقف علی بیعها و اشتراطه و فی کلام المصنف ضابط آخر ذکره فی الفرع الثامن فی أحکام العقود عرض فیه بالشیخ فی المبسوط و لعله أراده هنا و هو أن کل تابع لا تضر جهالته و إن کان مقصودا فلو باع الأرض مع البذر الکامن فیها صح و إن کان مجهولا و مقصودا بالذات لأنه بالنسبة إلی الأرض من توابعها و هذا أیضا لیس بشی‌ء و لا یصح أن یستشهد له بباطن السقف و أس الحائط لأنا نقول إنهما لیسا مقصودین بالأصل و الذات و إن قصد الأمران بطل کما لو کان البذر فی المثال مقصودا فإن البیع یبطل فیه و فی الأرض کما سیأتی بیان ذلک فی أحکام العقود و بیع الثمار (لا یقال) بناء علی الضابط الذی اخترت أن هذا عقدا فیجب الوفاء به و لا إجماع علی خلافه (لأنا نقول) إن الإجماع معلوم من القاعدة (و لیعلم) أن هذا الضابط لیس مختصا بالمجهول بل کل ما لا یصح بیعه منفردا لا یصح بیعه منضما إلی ما یصح بیعه إذا کانا مقصودین و لو بالاشتراط و إنما یخرج منه ما یخرج للدلیل کالآبق (فعلی هذا) لا ریب فی أنه لا یجوز أن یقول له بعتک داری هذه و منفعة تلک بمائة درهم لأنه لا یصح بیع المنفعة و کذا لا یجوز؟؟؟ أن یقول بعتک داری بشرط أن أسکنک داری الأخری سنة بمائة درهم لأن الشرط مبیع فکأنه قد باعه منفعة داره الأخری و کذلک لا یجوز علی مذهب یعض المتأخرین من أنه یشترط فی الثمن أن یکون عینا أن یبیعه داره بمائة درهم بشرط أن یسکنه داره لأن المنفعة تکون ثمنا حینئذ و لا أن یبیعه داره بشرط أن یکتب له القرآن بمائة درهم لأن العمل یکون ثمنا حینئذ لکن الأصحاب علی جواز أن یکون منفعة و کذلک فی غیر البیع کالإجارة فلا یصح آجرتک داری و شرطت لک دخول ماء بئری لأن الإجارة لا تتناول الأعیان و لا یملک الأعیان بعقدها فلا یصح أیضا استیجار الکحال و شرط الکحل علیه و هکذا (و قد جوز) ذلک جماعة فی باب الإجارة لأنه شرط لا جزء و قد عرفت أنه لیس بشی‌ء نعم قد تملک بعض الأعیان فی عقد الإجارة لدلیل من إجماع أو عسر أو جرح کاللبن فی الاستیجار للرضاعة و الصبغ و بعد ذلک کله فقد طفحت عبارات جماعة کثیرین بأنه یصح فی البیع اشتراط أن یبیعه أو یشتری منه أو یزوجه و بالجملة اشتراط عقد فی عقد فهو إجماعی عند الکل إلا ما شذ کما تقدم فی باب الربا و لعل ذلک منهم لأن الغالب جعل ذلک ثمنا و إذا جاء علی غیر الغالب کأن یقول بعتک بشرط أن أبیعک کتابی فلعلهم یمنعونه و لعله هو الظاهر أو یقولون إنه لا یرجع إلی العوضین و إنما یرجع إلی مصلحة المتعاقدین (فتأمل)
(قوله قدس سره) (رؤیة بعض المبیع کافیة إن دلت علی الباقی لکونه من جنسه کظاهر صبرة الحنطة إلخ)
بشرط رؤیة ما هو مقصود بالبیع کداخل الثوب فلو باعه ثوبا مطویا کان کبیع الغائب یبطل إن لم یوصف وصفا یرفع الجهالة إلا أن یکون مما یستدل برؤیة بعضه علی الباقی
______________________________
(1) البطیخ خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 288
و لو أراه أنموذجا و قال بعتک من هذا النوع کذا بطل لأنه لم یعین مالا و لا وصف و لو قال بعتک الحنطة التی فی البیت و هذا الأنموذج منها صح إن أدخل الأنموذج لرؤیة البعض و إن لم یدخل علی إشکال ینشأ من کون المبیع غیر مرئی و لا موصوف إذ لا یمکن الرجوع إلیه عند الإشکال بأن یفقده (1)
______________________________
کظاهر صبرة الحنطة و الشعیر فإنه یصح البیع لأن الغالب عدم تفاوت أجزائها و تعرف جملتها برؤیة ظاهرها فلا خیار له إذا رأی باطنها إلا إذا خالف الظاهر فإنه یصح البیع و یثبت الخیار (أما الأول) فلاندفاع الغرر بالدلالة السابقة (و أما الثانی) فلتدارک الفائت و کذلک الحال فی سائر الحبوب و الخل و السمن و العسل و سائر المائعات و لا تکفی رؤیة ظاهر صبرة البطیخ و الرمان و السفرجل لأنها تباع فی العادة عددا و تختلف أفرادها کثیرا و کذلک لا تکفی رؤیة رأس سلة العنب و الخوخ و التین لکثرة اختلاف أجزائها و هل یکتفی برؤیة ظاهر عدل القطن و الصوف احتمالان و قد قرب فی نهایة الإحکام الاکتفاء بذلک و لو کان الشی‌ء مما لا یستدل برؤیة بعضه علی الباقی فإن کان المرئی صونا للباقی کقشر الرمان و الجوز و البیض کفی رؤیته و إن کان المقصود مستورا لأن إصلاحه فی إبقائه فإن خرج سلیما لزم البیع و إلا فالأرش إن کان لمکسوره قیمة و إلا فالثمن جمیعه و إن لم یکن المرئی صونا للباقی لم یصح بیعه إلا مع المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة کما صرح بذلک فی نهایة الإحکام و کذا التذکرة و الحاصل أن الرؤیة من جملة طرق العلم فتعتبر رؤیة الجمیع عرفا فی مثل الثوب و نحوه و تکفی رؤیة الظاهر حیث تکون دلیلا علی الباطن أو فیما لا یمکن فیه رؤیة الباطن کالعبد و الشاة و الجوهر و الحائط و وسط السقف و نحو ذلک و الظاهر أن الظاهر فی مثل ذلک لم یجعل دلیلا علی الباطن فلعل رؤیة الظاهر فیه علة لجواز بیع الباطن لا دلیلا أو اغتفرت عدم رؤیة الباطن مسامحة لجری العادة فیه برؤیة الظاهر أو لکون المقصود بالبیع إنما هو الظاهر و المجهول تابع أو لانضمامه إلی المعلوم کما تقدم بیان ذلک لکن ذلک إنما یتم فی مثل الحائط و سقف البیت و نحو ذلک لا فی مثل الرمان و الجوز و البیض و نحو ذلک فیتجه فی مثل ذلک التوجیه الأول (فتأمل) هذا و فی الدروس یکفی رؤیة البعض فیما یدل علی الباقی و ینبغی إدخاله فی العقد فیبطل بدونه علی الأقرب و لعله یشیر إلی ما یأتی فیما إذا رآه أنموذجا من الحنطة التی فی البیت مثلا (و لیعلم) أن اللام صلة دلت فی عبارة الکتاب و الجار و المجرور فی حیز إن أی إن أفادت رؤیته الدلالة علی الباقی لسبب کونه مجانسا له فلا یرد أن سلة العنب تکفی رؤیة بعضها فإنه من جنس الباقی لأن رؤیته لا یستفاد منها الدلالة علی الباقی لسبب کونه من جنسه للتفاوت فی أجزاء العنب تفاوتا تختلف به الأغراض
(قوله قدس سره) (و لو أراه أنموذجا و قال بعتک من هذا النوع کذا بطل لأنه لم یعین مالا و لا وصف و لو قال بعتک الحنطة التی فی البیت و هذا الأنموذج منها صح إن أدخل الأنموذج لرؤیة البعض و إن لم یدخل علی إشکال ینشأ من کون المبیع غیر مرئی و لا موصوف إذ لا یمکن الرجوع إلیه عند الإشکال بأن یفقد)
أما البطلان فی الأول فقد علله هنا و فی نهایة الإحکام و التذکرة بأنه لم یعین مالا و لا راعی شروط السلم و لا یقوم ذلک مقام الوصف فی السلم لأن اللفظ و الوصف یمکن الرجوع إلیه عند الإشکال (ثم إنه) قرب فی نهایة الإحکام الصحة و استند إلی أن المشاهدة أبلغ فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 289
..........
______________________________
العلم من الوصف و ذکر صاحب الإیضاح فی وجه الصحة مثل ما فی النهایة (قلت) الرؤیة لا تقتضی العلم بالأوصاف لإمکان الغفلة عنها بل عدم العلم بها أصلا و ذلک لأن الرائی للشی‌ء لا یصفه إلا إذا رآه بقصد الوصف غالبا (و یرشد إلی ذلک) أنه لو قیل لک صف لنا فلانا أعدت النظر إلیه مرة ثانیة سلمنا لکن الشأن فی کثیر من الناس أنه لو رأی لم یقدر علی الوصف إما لغفلته عن الأوصاف أو لعدم علمه بها و من الظاهر أنه لیس المقصود من إراءة الأنموذج البیع للرؤیة لأن الشرط فی صحة مثله للرؤیة أن یکون المرئی بعضا من المبیع و هنا لیس بعضه قطعا فکان المراد هنا الوصف و قد علمت أن الرؤیة لا تقتضی العلم بالأوصاف بخلاف ما لو ضبطت باللفظ فإنها تصیر متعینة یرجع إلیها عند النزاع فیقول له قلت لی صفته کذا و کذا فقد تحصل أن الصفة بانفرادها طریق من طرق العلم یرتفع بها الغرر و الجهالة و النزاع و الرؤیة أیضا طریق من طرق العلم یرتفع بها الغرر و لا یرتفع بها النزاع (و عساک) تقول کیف صح بیع الصبرة المرئی بعضها إذ البعض الآخر لم یوصف و الرؤیة لا تقتضی العلم بالوصف (لأنا نقول) الذی یدل بعضه علی باقیه إذا رئی کان کالمرئی کله (فإن قلت) هل تصحیح بیع الصبرة برؤیة ظاهرها لرفع الجهالة أو لرفع النزاع أو لهما فإن کان للأول لزم صحة البیع للرؤیة الرافعة للجهالة فی الأنموذج المذکور و إن کان للأول و الثانی فلا نسلم ارتفاع النزاع لأن له أن یقول قد تغیر باطن الصبرة و لیس هناک لفظ یرجعان إلیه (قلت) النزاع یرتفع برؤیة ظاهر الصبرة فإنه یقول له رأیت و اشتریت بل لو ذهب ظاهر الصبرة صح له أن یقول رأیت و اشتریت لأنه لما رأی الظاهر فکأنه قد رأی الکل و لا کذلک لو کان الأنموذج منفصلا خارجا عن المبیع لیس من شخصه فإنه لیس له أن یقول له رأیت و اشتریت و لیس له أن یقول اشتریت موصوفا لأن المبیع حینئذ غیر مرئی فهو غیر موصوف و رؤیة الأنموذج لا تقوم مقام الوصف لما قلناه و مثله ما إذا کان من جنس المبیع داخلا فیه أو کان من شخصه غیر داخل فی البیع (و أما) إذا کان الأنموذج من شخص المبیع داخلا فی المبیع فإنه یصح لرؤیة بعض المبیع و له أن یقول له رأیت و اشتریت (فلیتأمل) و قد یرد علیه إمکان تلف الأنموذج فلا یکون هنا ما یرجع إلیه عند الإشکال و هذا هو الذی أشار إلیه المصنف هناک و فی التذکرة و نهایة الإحکام بقوله و لو قال بعتک الحنطة التی فی البیت و هذا الأنموذج منها؟؟؟ و استشکل فیها فیما إذا لم یدخله فی المبیع و قد تحصل أن هنا ثلاثة مسائل (إحداها) إدخال الأنموذج فی المبیع مع کونه من شخص المبیع (و الثانیة) عدم إدخاله إلا أنه لیس من شخص المبیع بل من جنسه و هذا هو الذی حکم المصنف ببطلانه (و الثالثة) عدم إدخاله إلا أنه من شخص المبیع أی جزء من الذی أراد بیعه و هذا محل الإشکال و بقی ما إذا کان الأنموذج من جنس المبیع داخلا فیه و هذا لم یتعرض له المصنف و قد عرفت الحال فیه و المحقق الثانی قال ما الفرق بین قوله بعتک من هذا النوع کذا و بین أن یبیعه الحنطة التی فی البیت برؤیة الأنموذج إذا لم یدخله حتی جزم فی الأول بالبطلان و توقف فی الثانی فیجب ملاحظة الفرق فکأنه غیر ظاهر (قلت) الظاهر البطلان فی الموضعین وفاقا للدروس و قد سمعت عبارته فی المسألة السالفة هذا و الأنموذج قد وقع بهذه الصورة فی کتب الخاصة و العامة (و قال فی القاموس) نموذج بفتح النون مثال الشی‌ء معرب و الأنموذج لحن (و قال الصغانی) فی تکملة الصحاح النموذج مثال الشی‌ء الذی یعمل علیه و هو تعریب نموذة (و قال) الصواب نموذج لأنه لا تغییر فیه بزیادة و فی المصباح المنیر الأنموذج بضم الهمزة ما یدل علی صفة الشی‌ء و هو معرب و فی لغة نموذج بفتح النون و الذال المعجمة مفتوحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 290

[الثامن لو باع عینا غیر مشاهدة]

(الثامن) لو باع عینا غیر مشاهدة افتقر إلی ذکر الجنس و الوصف فلو قال بعتک ما فی کمی لم یصح ما لم یذکر الجنس أو الوصف الرافع للجهالة اتحد الوصف أو تعدد و لا یفتقر معهما إلی الرؤیة من المتعاقدین فلو وصف للبائع أو للمشتری أو لهما صح البیع (1)
______________________________
مطلقا ثم إنه نقل ما نقلناه عن الصغانی
(قوله) (لو باع عینا غیر مشاهدة افتقر إلی ذکر الجنس و الوصف فلو قال بعتک ما فی کمی لم یصح ما لم یذکر الجنس أو الوصف الرافع للجهالة اتحد الوصف أو تعدد و لا یفتقر معهما إلی الرؤیة من المتعاقدین فلو وصف للبائع أو للمشتری أو لهما صح البیع)
شرط صحة بیع العین الشخصیة الغائبة وصفها بما یرفع الجهالة عند علمائنا أجمع کما فی التذکرة و ظاهر الغنیة أو صریحها الإجماع علیه أیضا و الوصف الرافع للجهالة کما صرح به هو أن یذکر جمیع الصفات التی یختلف الثمن باختلافها و تتطرق الجهالة بترک بعضها (و قد یظهر من التذکرة) الإجماع علی أنه یشترط أن یصفه وصفا یکفی فی السلم حیث قال عندنا و قد قال فی مبحث السلم منها فی فصل ذکر أوصاف الحیوان أنه لا یشترط وصف کل عضو علی حاله بأوصافه المقصودة و إن تفاوت به الغرض و القیمة لإفضائه إلی عزة الوجود انتهی (فلیتأمل جیدا) إذ المفروض أن المبیع هنا عین شخصیة و فی جامع المقاصد و غیره یعتبر فی الوصف ما یکون رافعا للجهالة فیراعی التعرض لأوصاف السلم و فی مجمع البرهان قالوا لا بد فی الوصف من ذکر الأوصاف التی یتفاوت بها الثمن کما فی السلم (فلیتأمل) و قد طفحت عباراتهم بافتقار هذا النوع أعنی بیع العین الشخصیة الغائبة إلی ذکر الجنس و الوصف و إجماع الغنیة ناطق بذلک و قضیته أن أحدهما لا یغنی عن الآخر کما هو صریح المبسوط و فقه الراوندی حیث قالا فمتی لم یذکرهما أو واحدا منهما لم یصح البیع و مثله عبارة السرائر و هو کذلک بالنسبة إلی الجنس فقط إذ الوصف الرافع للجهالة لا بد فیه من ذکر الجنس (فلیتأمل) و لعله لذلک اقتصر بعضهم علی ذکر الوصف کالمصنف فی التذکرة فی المقام (و قال فی مقام آخر) یجب ذکر جنس المبیع أو مشاهدته عند علمائنا أجمع (ثم قال) و لا یکفی ذکر الجنس بل لا بد من ذکر النوع و لا یکفی ذکرهما عندی بل لا بد من ذکر الصفات الرافعة للجهالة (و قال فی مقام آخر) لا یکفی ذکر الجنس و لا النوع ما لم یمیزه بکل وصف تتطرق الجهالة بترکه و تتفاوت القیمة بذکره (و قال فی مقام آخر) شرط صحة بیع العین الشخصیة الغائبة وصفها بما یرفع الجهالة عند علمائنا أجمع و یجب فیه ذکر اللفظ الدال علی الجنس فیقول بعتک عبدی أو حنطتی (و قال أبو حنیفة) لا یشترط ذکره بل لو باعه ما فی کمه من غیر ذکر جنسه صح (و یجب) فیه ذکر اللفظ الدال علی التمییز و ذلک بذکر جمیع الصفات التی تختلف الأثمان باختلافها و تتطرق الجهالة بترک بعضها و لا یکفی ذکر الجنس عن الوصف خلافا للشافعی فی أحد قولیه (انتهی) و الظاهر أن مراده بقوله (و یجب فیه إلخ) وجوب ذلک فی الوصف فکان الغرض من ذکر الجنس معه الرد علی من خالف فی اشتراطه أو فی کفایته عنه کالحنفی و الشافعی أو یراد بالوصف ما لا یشتمل علی ذکر الجنس (فلیتأمل) کما أن من اقتصر علی ذکر الجنس لعله أراد مع الصفات الرافعة للجهالة و یکون غرضه رفع الجهالة (فلیتأمل) إذا تقرر ذلک فکل ما یمکن ضبط أوصافه صح بیعه به و ما لا یمکن فیه ذلک أصلا کالخبز و اللحم و اللئالی و الجواهر لا یصح بیعه بذلک و فی جامع المقاصد أنه یصح بیع اللئالی الکبار إذا ضبط جمیع أوصافها و بالجملة الشأن فیه کالشأن فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 291
فإن خرج علی الوصف لزم و إلا تخیر من لم یشاهده ففی طرف الزیادة یتخیر البائع و فی طرق النقصان المشتری (1)
______________________________
السلم فی أنه لا بد من ذکر الأوصاف التی یتفاوت بها الثمن و إمکان ضبطها لا أن کل ما یصح فیه السلم یصح بیعه هنا و ما لا یصح لا یصح فإنه یتخلف عنه فی مواضع منها العقارات فإنه لا یجوز السلم فیها لافتقار ضبطها إلی التعیین فی موضع بعینه فیکون حینئذ بیع عین موصوفة و لا یکون سلما و یفارقه أیضا أن الاستقصاء فی ذکر الأوصاف المخرج إلی عزة الوجود و عسر التحصیل مبطل للسلم دون ما نحن فیه کما سلفت الإشارة إلیه (فلیتأمل) و کان قوله ما لم یذکر الجنس و الوصف أراد به التنبیه علی أن بیع ما فی کمی لا یفید جنسا و لا وصفا و إلا فهو تکرار لا حاجة إلیه (إذا عرفت) ذلک فلا یفتقر مع ذکر الجنس و الوصف إلی الرؤیة من المتعاقدین کما صرح به المصنف و غیره و جوزه جماعة من العامة مع عدم الرؤیة و الوصف للآیة الکریمة و لأنه عقد معاوضة فلا یفتقر صحته إلی رؤیة المعقود علیه کالنکاح و الآیة مخصوصة بالنهی عن الغرر علی تقدیر تسلیم العموم المذکور و النکاح لا یقصد فیه المعاوضة و لا یفسد بفساد العوض و لا بترک ذکره و لا یدخله شی‌ء من الخیارات و فی اشتراط لزومه بذلک مشقة علی المخدرات و إضرار بهن (فلیتأمل) و الغرض من قولهم لا یفتقر معهما إلی الرؤیة دفع توهم أن الجنس و الوصف إنما یصار إلیهما مع عدم إمکان الرؤیة أو تعسرها فدفعوه بأن الوصف و الجنس طریق کما أن الرؤیة طریق و لیسا بدلا عنها حتی یفتقر إلیها مع إمکانها فلو وصف لهما أو لأحدهما و قد رآه الآخر صح البیع إجماعا منا و من العامة کما عرفت و لو قال لهما أو لأحدهما لکان أخصر و یصح شراء الأعمی بالوصف لأنه یعرف الصفات و الألوان و یتخیل الفرق بینهما بالسماع فیوکل غیره بالرؤیة فیفسخ أو یجیز (و للشافعی تفصیل) و هو إن کان قد عمی بعد سن التمییز صح لأنه یعتمد الأوصاف و هو یمیز بین الألوان و یعرف الأوصاف ثم یوکل من یقبض عنه علی الوجه المشروط و إن کان أکمه أعمی قبل بلوغ السن بالتمییز فوجهان
(قوله رحمه اللّٰه) (فإن خرج علی الوصف لزم و إلا تخیر من لم یشاهده ففی طرف الزیادة یتخیر البائع و فی طرف النقصان المشتری)
أما لزومه إذا خرج علی الوصف فقد صرح به فی المقنعة و المبسوط و الخلاف و فقه الراوندی و الدلالة و المراسم و الغنیة و السرائر و غیرهم و فی الغنیة و التذکرة الإجماع علیه و قد ذکر ذلک فی النهایة فی خصوص العقار و الضیاع و الأعدال المحزومة (و أما) أن المشتری یتخیر إذا خرج علی خلاف الوصف فقد نص علیه فی النهایة فی العقار و المبسوط و الخلاف و المراسم و الدلالة و السرائر و الشرائع و النافع و الإرشاد و غیرها و قضیة إطلاقهم ثبوته له و لو ظهر فوق الصفة و لکن قد نص فی التذکرة و التحریر و المختلف أنه لو ظهر فوق الصفة فلا خیار و هو قضیة کلام جماعة کما ستعرف و بذلک صرحوا فی باب السلم و یظهر من إیضاح النافع أنه یتخیر لجواز تعلق غرضه بتلک الصفة و قد نص المصنف هنا و فی التذکرة و التبصرة و التحریر و نهایة الإحکام و ابن سعید فی جامع الشرائع و الشهیدان و المحقق الثانی و المولی الأردبیلی و الفاضل القطیفی و غیرهم علی أنه فی طرف الزیادة یتخیر البائع و فی طرف النقصان بتخیر المشتری و هو صریح الوسیلة فی الأعدال المحزومة و قضیة کلام الغنیة و فقه الراوندی (و فقه القرآن للراوندی خ ل) و فی الریاض أنه لا خلاف فیه و فی الکفایة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 292
..........
______________________________
کأنه لا خلاف فیه و فی الحدائق أنه محل وفاق و فی مجمع البرهان أنه ظاهر و لا خلاف فیه عندنا و لعل مستنده بعده صحیحة جمیل بن دراج و ساقها و قد کان ناقش فی ثبوت هذا الخیار للمشتری فیما سبق له کما ستسمعه (و قد) تضمن کلامهم هذا ثبوت الخیار للبائع (و یمکن) استفادته من خبر جمیل بأن یکون التفتیش من البائع و إن بعد و أنه لا خیار للمشتری إذا وجد العین فوق الصفة کما أنه إذا کان دون الصفة فلا خیار للبائع کما نص علیه فی نهایة الإحکام (و یدل) علی هذا الخیار بعد ما عرفت من الإجماع و صحیح جمیل خبر الضرار (ضرار خ ل) أیضا و ثبوت الخیار فی المبیع المعیب و هذا مثله و روایة زید الشحام فیها إشارة إلی ذلک فی المشتری و فی المبسوط و الخلاف و النهایة و فقه الراوندی و المراسم و الدلالة و جامع الشرائع و الشرائع و النافع و غیرها أنه یتخیر بین الفسخ و الإمضاء و فی السرائر أنه یجوز له رده و فسخ العقد أو أخذه و أخذ الأرش و لا یجبر علی واحد من الأمرین و لعله أراد ما إذا کان الفائت هنا؟؟؟ کأن یکون وجده أعور أو مقطوع الید لا ما إذا کان صفة کما هو المراد بخیار الرؤیة لکن قد أفصحت بعض کلماتهم بأنه فی الحقیقة خیار عیب کما ستسمعه فی البحث فی أنه علی الفور أو التراخی و فی التحریر لو وجدها دون الصفة تخیر و لیس له المطالبة بالعوض و لو اختار الإمساک لم یکن له المطالبة بالأرش و فی التذکرة أنه إذا اختار إمضاء العقد قبل الرؤیة لم یلزم لتعلق الخیار بالرؤیة و لو تبایعا بشرط عدم الخیار لم یصح الشرط و فی غایة المرام و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد أنه یبطل الشرط و العقد (و قد یرشد) إلی بطلان الشرط أنهم ذکروا فی باب الخیارات کخیار المجلس و خیار الحیوان و خیار العیب أنه یسقط باشتراط سقوطه فی العقد و لم یذکروا ذلک فی خیار الرؤیة و کذا خیار الغبن ما عدا صاحب المفاتیح فإنه قال فیهما إنهما یسقطان باشتراط سقوطهما و لم أجد له موافقا سوی المحقق الثانی فإنه فی جامع المقاصد تردد أولا فی سقوط خیار الغبن باشتراط سقوطه (ثم قال) إن الأظهر سقوطه (فتدبر) و تمام الکلام فی محله و استشکل فی الأمرین فی التحریر و فی نهایة الإحکام لو اشتراه بشرط انتفاء الخیار فالأقرب الجواز و لا خیار (قلت) لعل الظاهر بطلان العقد لأن الوصف قائم مقام الرؤیة فإذا شرط عدم الاعتداد به کان المبیع غیر مرئی و لا موصوف و یلزم من ذلک الغرر المنهی عنه المبطل للبیع (و فیه) أن البیع قد صح أولا بالصفة و الخیار حق له قد أسقطه و ذلک لا یستلزم إلغاءها سلمنا لکنه لا یصیره مجهولا «فلیتأمل جیدا» و من المعلوم أنهم یجوزون إسقاط خیار المجلس و الحیوان و خیار التأخیر إذا أنقضت الثلاثة و یصح أیضا إسقاط الخیار الثابت له بعد الثلاثة فی الثلاثة فکان کما نحن فیه و الصیمری قال لا یسقط خیار العیب و لا خیار الغبن بإسقاطهما و فی نهایة الإحکام أیضا لو أخبره بکونه علی خلاف الوصف کان له الفسخ قبل الرؤیة لأن حق الفسخ ثابت له و لو ظهر کذبه بعد الفسخ احتمل أن یکون له استرجاعه و عدمه (قلت) لعل العدم أوفق بالأصول (ثم قال) و هل له الإجازة الأقرب ذلک لأنها ثابتة له عند الرؤیة مغبوطا کان أو مغبونا فلا معنی لاشتراط الرؤیة و یحتمل المنع لأن قوله أجزت مع الجهل بمنزلة قوله فی الابتداء اشتریت و الإجازة رضی بالعقد و التزام له و هو یستدعی العلم بالمعقود علیه و هو جاهل بحاله «انتهی» (و أنت) قد عرفت التحقیق هذا و قد خالف المفید فی المقنعة فی موضعین (قال) فی باب البیع المضمون إن قبضه و وجده علی الصفة التی ابتاعه علیها کان البیع ماضیا و إن کان بخلاف الصفة کان مردودا (و قال) فی باب بیع الأعدال المحزومة لا یجوز بیع المتاع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 293
و لو اختار صاحب الخیار اللزوم لم یکن للآخر فسخه و لو زاد و نقص باعتبارین تخیرا معا سواء بیع بثمن المثل أو لا (1) و لو رأی بعض الضیعة و وصف له الباقی تخیر فیها کلها لو خرجت علی الخلاف (2)
______________________________
فی أعدال محزومة و جرب مشدودة إلا أن یکون له (لها خ ل) برنامج «1» یوقف منه علی صفة المتاع فی ألوانه و أقداره و جودته فإن کان ذلک کذلک وقع البیع علیه فمتی خرج المتاع موافقا للصفات کان البیع ماضیا و إن خرج مخالفا کان باطلا و مثله قال فی المراسم فی خصوص الأعدال المحزومة و کذلک الشیخ فی النهایة قال فی الأعدال المحزومة کان البیع مردودا و قد یکونوا أرادوا أنه غیر لازم و قد نص فی الدلالة و السرائر فی خصوص الأعدال المحزومة علی عدم البطلان و ثبوت الخیار (و قال فی مجمع البرهان) لی فی أمثال هذا الخیار تأمل لأن العقد إنما وقع علی الموصوف بوصف خاص و الفرض عدم وجوده فی هذا المتاع فلم یقع علیه العقد فکیف یصح الخیار فیه فمقتضی القاعدة بطلان هذا البیع لا الخیار (انتهی) (و قد یقال) إن الوصف قد یکون مبیعا مشخصا للمبیع کأن یبیعه ثوبه الأسود فلو أعطاه ثوبه الأبیض لم یصح و لیس له إلا الأسود فإن أمکن و إلا بطل (و الثانی) أن یؤخذ رافعا للجهالة دافعا للغرر کأن یبیعه الحنطة الدقیقة الحمراء فإن وجدها علی غیر تلک الصفة لم یبطل البیع و إنما یثبت له الخیار أو یقال سلمنا أن القعد وقع علی الموصوف بالوصف الخاص لکن لما فات الوصف صار کتبعیض الصفقة فثبت الخیار (فتأمل) أو یقال إن الموصوف جزئی معین قد وقع العقد علیه إلا أنه وقع غلط فی الوصف کأن یقول بعتک هذا الشی‌ء و هو أسود و کان أبیض فحصل له الخیار لذلک فإن له أن یرضی بماله من غیر الوصف فیسقط حقه و أن لا یرضی (و فیه تأمل) ینشأ من تقدیم الوصف علی التعیین فی النیة و القصد و عدمه و قد قدم الوصف علی الإشارة فی مثل أن یقول هذا الأسود و لم یکن کذلک فکیف فی غیره (فلیتأمل جیدا) (هذا) و لا بد فی ثبوت هذا الخیار من الإشارة إلی معین مع ذکر الوصف الرافع للجهالة فلو انتفت الإشارة کان المبیع کلیا لا یوجب الخیار لو لم یطابق المدفوع بل علیه إبداله
(قوله قدس سره) (و لو اختار صاحب الخیار اللزوم لم یکن للآخر فسخه و لو زاد و نقص باعتبارین تخیرا معا سواء بیع بثمن المثل أو لا)
الحکمان ظاهران و یقدم الفاسخ منهما فی الحکم الثانی و مثاله ما إذا سمن و ذهبت عینه أو باعه عشرة أذرع فی عرض ذراعین فظهر خمسة عشر فی عرض ذراع
(قوله قدس سره) (و لو رأی بعض الضیعة و وصف له الباقی تخیر فیها کلها لو خرجب علی الخلاف)
(أما تخیره) فیما خرج مخالفا فظاهر (و أما) فیما رآه فلتبعض الصفقة (و یمکن) الاستدلال علیه بصحیحة جمیل التی تقدمت الإشارة إلیها إن جعل المشار إلیه بذلک تمام الضیعة لا خصوص القطعة الغیر المرئیة و لا ینافی لو عکست الإشارة فإن غایتها إثبات الخیار فی تلک القطعة و هو لا یدل علی الاقتصار علی فسخها خاصة فلا یجوز له الفسخ بالبعض بلا خلاف کما فی الریاض بل قال بل ربما احتمل الإجماع (انتهی) و حینئذ فهل له خیاران أو خیار واحد احتمالان و تظهر الفائدة فیما لو أسقط خیار الرؤیة فإنه یسقط خیار تبعض الصفقة أما لو أسقط خیار تبعض الصفقة و رضی البائع لم یسقط خیار
______________________________
(1) البرنامج الورقة الجامعة للحساب معرب برنامه (قاموس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 294
و خیار الرؤیة علی الفور (1)

[التاسع یجوز الإندار للظروف ما یحتمل الزیادة و النقیصة]

(التاسع) یجوز الإندار للظروف ما یحتمل الزیادة و النقیصة لا ما یزید إلا بالتراضی (2)
______________________________
الرؤیة فیما خرج مخالفا (فلیتأمل جیدا)
(قوله قدس سره) (و خیار الرؤیة علی الفور)
کما فی المبسوط و الوسیلة و الغنیة و التذکرة و التحریر و الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و المفاتیح و غیرها و فی الریاض أنه الأشهر و فی الحدائق أنه ظاهر کلام الأصحاب و احتمل فی نهایة الإحکام امتداده بامتداد مجلس الرؤیة لأنه خیار ثبت بمقتضی العقد من غیر شرط فیتقید بالمجلس کخیار المجلس و هذا ذهب إلیه بعض العامة و استجوده «1» صاحب الریاض أنه علی التراخی لإطلاق النص و الاستصحاب إلا إذا استلزم الضرر فیلزم بالاختیار (و حجة) القائلین بالفوریة أن ثبوت الخیار علی خلاف الأصل الدال علی لزوم العقد فیقتصر فیه علی أقل ما یندفع به الضرر المثبت لأصل هذا الخیار و أنه فی الحقیقة خیار عیب و قد نفی فی الغنیة الخلاف عن کونه علی الفور (و ربما قیل) إن الاستصحاب إنما یدفع عموم غیر الأزمان أعنی الأفراد (و أما العموم) فی الأزمان فلا یجری معه الاستصحاب و ما نحن فیه من ذلک القبیل فإن عموم لزوم البیع و عدم الخیار إنما هو فی الأزمان و الخیار إنما ثبت علی الفور و ما بعد ذلک لا یمکن إثباته بالاستصحاب (و فیه) أن ذلک جار فی خیار العیب مع أن الظاهر من المتأخرین کافة نفی الفوریة عن هذا الخیار من غیر خلاف یعرف کما صرح به جماعة علی ما نقل بل ربما احتمل بعضهم الإجماع علیه و ما فی الغنیة یوهنه مصیر کافة المتأخرین إلی خلافه (و الأولی) أن یقال إن خیار الرؤیة ثبت بخبر الإضرار و الإجماع فیقتصر فیه علی المتیقن (و أما خیار العیب) و غیره من الخیارات الثابتة بالنصوص فیستصحب بقاؤها و لا بد من ملاحظة ما ذکرناه فی تلقی الرکبان فإنا قد بسطنا الکلام فیه فی أحوال هذه الخیارات و مثل ذلک ما ذکرناه فی خیار الغبن و التأخیر و علی القول بالفوریة فیما نحن فیه یسقط بالتأخیر إذا علم به و لو جهله فالظاهر بقاؤه بخلاف ما لو جهل الفوریة إذ لا عذر له حینئذ لکنهم فی باب الشفعة قالوا یعذر جاهل الفوریة
(قوله قدس سره) (یجوز الإندار للظروف ما یحتمل الزیادة و النقیصة لا ما یزید إلا بالتراضی)
قال فخر الإسلام نص الأصحاب علی أنه یجوز الإندار للظروف بما یحتمل الزیادة و النقیصة فقد استثنی من المبیع أمر مجهول و استثناء المجهول یبطل البیع إلا فی هذه الصورة فإنه لا یبطل إجماعا «انتهی» و ظاهره دعوی الإجماع و قد قید الإندار المذکور بما کان معتادا فی النهایة و الوسیلة و النافع و نهایة الإحکام و اللمعة و الدروس و الروضة و هو ظاهر السرائر حیث نسبه فیها إلی الروایة و فیها أی السرائر و فی النهایة و نهایة الإحکام و الدلالة تقییده أیضا بکونه مما یزید تارة و ینقص أخری (قال) لا بأس أن یندر لظروف السمن و الزیت و غیرهما شی‌ء معلوم إذا کان معتادا من التجار و یکون مما یزید تارة و ینقص أخری (قلت) یحتمل أن یکون الوجه فی ذلک أنه یحصل الظن حینئذ بمعرفة المقدار فیشبه عد المکیل و وزنه لأنه إذا کان المسقط قدرا معلوما کرطل مثلا و کان ذلک مقدار الظرف تخمینا بحیث یکون محتملا للزیادة و النقیصة و یکون تفاوته یسیرا یتسامح بمثله عادة حصل الظن بمعرفة المقدار فعلی هذا لم یکن المستثنی من المبیع أمرا مجهولا
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر استجود أو و الذی استجوده إلخ (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 295
..........
______________________________
حتی یکون الحکم فی المسألة خارجا عن القواعد (فلیتأمل جیدا) و زید فی النهایة أنه إذا کان مما یزید و لا ینقص لم یجز ذلک علی حال و هو ما رواه الشیخان فی الکافی و التهذیب عن حنان و هذا القید أعنی کونه مما یزید و ینقص و إن خلا عنه النافع و الدروس و اللمعة إلا أنه لعله مراد فیها کما یشیر إلیه نفی؟؟؟ الإندار عن الزائد فی النافع و عنه و عن الناقص فی الدروس إلا برضاهما لکن فی الروضة؟؟؟ و نعم ما قال یجوز الإندار بحسب العادة سواء کان ما جرت به العادة زائدا عن وزن الظروف قطعا أم ناقصا و لو لم تطرد العادة لم یجز إسقاط ما یزید إلا بالتراضی و قد حمل علی ذلک عبارة اللمعة و لم یبین حال الناقص و المحتمل للزیادة و النقیصة إذا لم تطرد العادة (فتأمل) و قد خلا الخبر عن التقیید بالعادة کالکتاب و الشرائع و الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و المفاتیح و الکفایة فقالوا فیها یجوز الإندار للظروف ما یحتمل الزیادة و النقیصة (و قضیتها) أن هذا الحکم خارج عن الأصل و اتفقت ما عدا الإرشاد علی أنه لا یجوز إندار الزائد إلا بالتراضی و زاد المحقق الثانی و الشهید الثانی أنه لا یندر للناقص أیضا إلا بالتراضی و قد اقتفینا بذلک أثر الشهید فی الدروس و قد سمعت کلامه فیه و اقتصر فی الریاض فی تفسیر عبارة النافع علی ما نقله عن بعض الأفاضل من أن المراد أنه یجوز بیع الموزون بأن یوزن مع ظرفه ثم یسقط من المجموع مقدار الظرف تخمینا بحیث یحتمل کونه مقدار الظرف لا أنقص و لا أزید بل و إن تفاوت لا یکون إلا بشی‌ء یتساهل بمثله عادة ثم یدفع ثمن الباقی مع الظرف إلی البائع (قلت) هذا الفاضل هو مولانا الأردبیلی فإن هذه هی عبارة مجمع البرهان حرفا فحرفا هذا کلامهم فی أصل المسألة و هو غیر ملتئم و الجمع یحتاج إلی تعسف و تکلف شدید (فلیتأمل جیدا) و ظاهر إطلاق الظروف کما هو فی کلام جماعة عدم اختصاص ذلک بظروف السمن و الزیت کما تشعر به بعض العبارات کالنافع بل یشمل ظروف العسل و الدبس و غیرهما کالناسیة و الجوالیق کما هو صریح جماعة حیث قالوا ظروف السمن و الزیت و غیرهما و یبقی الکلام فیما إذا ضم غیر الظروف کما یأتی و ظاهر کل من قید إندار الزائد بالتراضی و کذلک من ألحق به الناقص أن ذلک الإندار قهری أعنی إندار ما کان معتادا أو کان محتملا للزیادة و النقیصة مع الاعتیاد و عدمه علی اختلاف الآراء (نعم) فی الکفایة لو کان ذلک بالتراضی لکان أحوط و الأصل فی ذلک الموثق أنا نشتری الزیت فی أزقاقه و یحسب لنا فیه نقصان لمکان الأزقاق فقال علیه السلام إن کان یزید و ینقص فلا بأس و إن کان یزید و لا ینقص فلا تقربه (و قد) فهم الأصحاب کافة أن معنی یزید و ینقص أنه یحتملهما و حملوا قوله علیه السلام إن کان یزید و لا ینقص علی یقین (تعین خ ل) الزیادة و ظاهره نفی البأس علی الإطلاق حصلت المراضاة أم لا من حیث اختصاص النهی عن الإندار للزائد (للزیادة خ ل) بالصورة الثانیة لکون الجواز فی الأولی مقطوعا به بین الأصحاب لأن الناس مسلطون علی أموالهم فکان نفی البأس عن الإندار إنما هو فی الصورة الثانیة التی وقع فیها النهی عن الإندار فی الشق الثانی أو مطلقا لأن الإندار حق للمشتری لأنه قد اشتری مثلا مائة من من السمن فی هذه الظروف فالواجب دفع قیمة المائة المذکورة و له إسقاط ما یقابل الظروف من هذا الوزن المذکور فمتی کانت الظروف فیها ما یزید و ینقص حمل زیادتها علی نقیصتها و هذا تنزیل آخر للخبر غیر ما نزلنا علیه کلام الشیخ و من وافقه (فلیتأمل) و فی بعض الأخبار القاصرة بحسب السند اشتراط التراضی فی الشق الأول أیضا و یستفاد من الخبر المعمول به و کلمات الأصحاب جواز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 296
و یجوز ضم الظرف فی البیع من غیر إندار (1)

[العاشر لو باعه بدینار غیر درهم نسیئة]

(العاشر) لو باعه بدینار غیر درهم نسیئة مما یتعامل به وقت الأجل أو نقدا مع جهله بالنسیئة أو بما یتجدد من النقد بطل و لو قدر الدرهم من الدینار صح (2)
______________________________
الإندار للناقص من دون توقف علی التراضی و لعله لکون الإندار حقا للمشتری کما قدمنا کما هو ظاهر جماعة و صریح آخرین من متأخری المتأخرین فله إسقاط ما یضر به و لیس للبائع منعه فما ذکره الشهیدان و المحقق الثانی من کونه کالزائد فی التوقف علی المراضاة مشکل نعم یتم لو کان الإندار بید البائع أو مشترکا بینهما أما لو کان بید المشتری کما عرفت فلا یتجه و هل یجری الحکم فی غیر الظرف و المظروف کما لو ضم إلی الموزون حدیدا ثم أندر للحدید و نحو ذلک فإن فیه إشکالا و عدم الصحة أقرب فکان الحکم فی المسألة خارجا عن القاعدة و غرض بعض الأصحاب فیما ذکروه تقریبه منها أو إدراجه فیها (فلیتأمل) و لا مانع من أن یکون الشارع تفضل بمنه و إحسانه فجوز هذا البیع و إن کان الوزن فیه غیر معلوم بیقین لأن کان کثیر التداول فناسب فیه التسامح لأن کانت الشریعة سهلة سمحاء غراء و فی الروضة لا فرق بین إسقاطه بغیر ثمن أصلا أو بثمن مغایر للمظروف
(قوله رحمه اللّٰه) (و یجوز ضم الظرف فی البیع من غیر إندار)
کما فی الشرائع و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح بمعنی أنه یجعل مجموع الظرف و المظروف مبیعا واحدا بوزن واحد لحصول معرفة الجملة الرافعة للجهالة و لا یقدح الجهل بمقدار کل منهما منفردا و لا کون الظرف غیر موزون لأن المبیع هو الجملة لا کل فرد بخصوصه فیحصل العلم بالمجموع و لا یحتاج إلی العلم بکل جزء من المرکب بعد العلم بالکل کما فی سائر ما یباع منضما (هذا أقصی) ما یمکن أن یوجه به هذا الحکم لأن کان غیر منصوص و یلزم منه کون قیمة الظرف قیمة المظروف و الغالب التفاوت بل ربما کان فاحشا فیلزم الضرر بالمشتری فالواجب تقییده برضاه کما قیدوا به فی صورة زیادة الظرف یقینا (فلیتأمل) و لعله لذلک قیل إنه لا یصح حتی یعلم مقدار کل منهما لأنهما فی قوة مبیعین و قد ضعفوه و لم أظفر بالقائل و لکن قال فی التذکرة لو باع الدهن بظرفه و قد شاهده أو وصف له وصفا یرفع الجهالة صح إذا عرف المقدار عندنا فظاهره الإجماع و لو کان الحکم فی المسألة جاریا علی الأصل لصح فیما إذا ضم موزونین مختلفین بالسعر کما لو باعه الذهب و النحاس و الحدید و المسک و الرصاص و فی صحة ذلک إشکال و کذا لو ضم مع الموزون غیر موزون مما یباع بالمشاهدة فباعه مع الموزون بالوزن فإن اتفق الوزن و المشاهدة صح و لو نقص بالوزن عن المشاهدة و زاد فاحتمال الصحة بعید و لو ضم موزونین مختلفین بالجنس متفقین بالسعر فاحتمال الصحة علی ما قالوه فیما نحن فیه أقرب (فلیتأمل) جیدا (و قال فی التذکرة) لو باع السمن مع الظرف کل رطل بدرهم و عرفا قدر المجموع صح و إن جهلا تفصیله و منع منه بعض الشافعیة و بعض الحنابلة لأن وزن الظرف یزید و ینقص و لم یعلم کم بدرهم و الباقون جوزوه کما اخترناه لصحة بیع کل منهما منفردا فصح مجتمعا و لا یضر اختلاف القیمة کما لو اشتری ثوبا مختلفا أو أرضا مختلفة کل ذراع بدرهم فإن القیمة مختلفة و یکون ثمن کل ذراع درهما و یأتی له فی آخر الفصل الثالث فی الشرط التعرض لهذا الفرع و تمام الکلام هناک
(قوله قدس سره) (و لو باعه بدینار غیر درهم نسیئة مما یتعامل به وقت الأجل أو نقدا مع جهله بالنسیئة أو بما یتجدد من النقد بطل و لو قدر الدرهم من الدینار صح)
هذا تفصیل ما أجمله الشیخ (قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 297
..........
______________________________
فی المبسوط) إذا اشتری ثوبا بمائة درهم إلا دینار أو بمائة دینار إلا درهما لم یصح لأن الثمن مجهول لأنه لا یدری کم حصة الدرهم من الدنانیر و لا حصة الدینار من الدراهم إلا بالتقویم و الرجوع إلی أهل الخبرة فإن استثنی من جنسه فباعه بمائة دینار إلا دینارا صح البیع لأن الثمن معلوم (انتهی) و نقل ذلک عنه فی السرائر و أقره علیه و بینه و نقل نحو ذلک عن القاضی (و قال فی النهایة) و لا یجوز أن یبیع متاعا بدینار غیر درهم لأنه مجهول و مثل ذلک قال فی النافع و نحو ذلک ما فی الشرائع و کشف الرموز و عن أبی علی أنه فصل فی الحال و المؤجل فجوزه فی الأول دون الثانی و مراد الشیخ و أتباعه و قد سمعت عبارة المبسوط أن ذلک مع جهالة النسبة فی الحلول و مراد أبی علی مع علمها فیه و مراده فی التأجیل استثناء الدرهم من الدینار فی وقت الأجل و المصنف حقق ذلک بما ذکره فی هذا الکتاب و غیره و کذلک الشهیدان و المحقق الثانی فی غایة المراد و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و قد رقی صور المسألة الشهید إلی سبع و المحقق الثانی إلی عشر و الفاضل المقداد إلی ثمان و اقتصر فی الدروس علی قوله لو باعه بدینار غیر درهم أو غیر قفیز حنطة صح مع علم النسبة لا بدونها (انتهی) و الضابط العلم بالنسبة و عدمه و لا فرق بین استثناء الدرهم من الدینار أو غیره منه أو غیره من غیره کالدینار من الدنانیر أو من الدراهم أو الدرهم من الدراهم إلی غیر ذلک سواء کان المبیع مما فیه ربا أم لا و الأصل فی ذلک الأخبار المستفیضة (فمنها) ما رواه فی الکافی عن حماد عن الصادق علیه السلام قال یکره أن یشتری السلعة بدینار غیر درهم لأنه لا یدری کم الدرهم من الدینار (و ما رواه) الشیخ عن السکونی عن جعفر عن أبیه علیه السلام فی الرجل یشتری السلعة بدینار غیر درهم إلی أجل قال فاسد فلعل الدینار یصیر بدرهم (و فی خبر آخر) أنه علیه السلام کره أن یشتری الرجل بدینار إلا درهما و إلا درهمین و لکن یجعل ذلک بدینار إلا ثلثا و إلا ربعا و إلا سدسا و فی آخر أنه علیه السلام کره أن یشتری الثوب بدینار غیر درهم لأنه لا یدری کم الدینار من الدرهم و قصور السند منجبر بالفتاوی کضعف دلالة الکراهة علی الحرمة مضافا إلی روایة السکونی الصریحة فی الفساد و لا یقدح اختصاصها کبعض هذه بالمنع نسیئة لإشعار التعلیل فیها و فی غیرها بالعموم و صور المسألة بحسب الضرب اثنتا عشرة یسقط منها صورتان لأنهما غیر ممکنتین عقلا و ذلک لأن الثمن إما حال أو مؤجل و علی التقدیرین فإما أن تکون النسبة معلومة أو مجهولة (و علی کل تقدیر فإما) أن یکون الاستثناء من النقد الحاضر وقت العقد أو من المتجدد أو من المتعامل به وقت الحلول فی المؤجل (فالصور اثنتا عشرة) سقط ما إذا کان الثمن حالا و النسبة معلومة و الاستثناء من المتعامل به وقت الحلول فی المؤجل و ما إذا کان الثمن حالا و النسبة مجهولة و الاستثناء من المتعامل به وقت الحلول فی المؤجل لأنهما غیر ممکنتین عقلا فالباقی عشر (الأولی) ما إذا کان الثمن حالا و النسبة معلومة و الاستثناء من النقد الحاضر فیصح (الثانیة) الصورة بحالها و النسبة مجهولة (الثالثة) الثمن حال و النسبة معلومة و الاستثناء من المتجدد (الرابعة) الصورة بحالها و النسبة مجهولة و فی هذه یبطل (الخامسة) الثمن مؤجل و النسبة معلومة و الاستثناء من النقد الحاضر فیصح (السادسة) الصورة بحالها و النسبة مجهولة (السابعة) الثمن مؤجل و النسبة معلومة و الاستثناء من المتجدد (الثامنة) الصورة بحالها و النسبة مجهولة و قد اقتصر الفاضل المقداد علی هذه الثمان و صحح السابعة و الثالثة و هما باطلتان کما عرفت (التاسعة) الثمن مؤجل و النسبة معلومة و الاستثناء من النقد المتعامل به وقت الحلول (العاشرة) الصورة بحالها و النسبة مجهولة و فی الخمس یبطل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 298
و لو باعه بعشرین درهما من صرف العشرین بالدینار بطل مع تعدد الصرف بالسعر المذکور أو جهله (1)
______________________________
البیع هذا و فی الإرشاد لو باعه بدینار غیر درهم نسیئة أو نقدا مع جهالة النسبة أو بما یتجدد من النقد بطل و اعترضه المحقق الثانی بأنه فی صورة النسیئة لا یجری علی إطلاقه بل لا بد من التقیید الثنیا «1» من النقد الحاصل وقت الحلول (و نحن نقول) إذا قلنا إن المراد من عبارة الإرشاد أنه لو قال بعتک هذا بدینار إلا درهما مع جهل النسبة بین الدینار و الدرهم سواء کان البیع نقدا أو نسیئة بطل لجهل الثمن بسبب الاستثناء المجهول و کذا یبطل للجهالة لو باع بما یتجدد من النقد کان صحیحا علی إطلاقه لکن یکون الفرض الأخیر خارجا عن مسألة الدینار و الدرهم (إذا عرفت هذا) فعد إلی عبارة الکتاب (فقوله) غیر درهم بنصب غیر لأنها استثناء لا صفة (و قال المحقق الثانی) و نسیئة إما حال من الدینار أو تمییز للنسبة فی باعه (و قوله) مما یتعامل إما أن یکون صفة للدرهم أو للدینار أو لهما معا (و قوله) أو نقدا معطوف علی نسیئة أی لو باعه بدینار غیر درهم نقدا أی حالا مع جهله بنسبة الدرهم إلی الدینار إما بجهله بهما أو بأحدهما المستلزم لجهله بالنسبة حیث علم کلا منهما علی انفراده (و قوله) أو بما یتجدد من النقد معطوف علی قوله مع جهله أی لو باع بدینار غیر درهم حالا بما یتجدد من النقد أی یحدث السلطان المعاملة به بین الناس من الدنانیر و الدراهم لکن علی هذا المعنی لا تحسن المقابلة لأن مقتضاها أن ما یتجدد من النقد هو الثمن و إنما هو الدینار إلا درهما و لو عطفه علی قوله بدینار غیر درهم لکانت المسألة خارجة عن مسألة الدینار و الدرهم (و قد یقال) لو جعلنا الباء بمعنی من صح عطفه علی قوله مع جهله و إتیان الباء بمعنی من کثیر و معنی قوله لو قدر الدرهم من الدینار صح أنه لو عین قدر الدرهم
(قوله) (و لو باعه بعشرین درهما من صرف العشرین بالدینار بطل مع تعدد الصرف بالسعر المذکور أو جهله)
هذا أیضا تفصیل لما أطلقه الشیخ فی المبسوط قال فیه إذا اشتری ثوبا بمائة درهم من صرف عشرین درهما بدینار لم یصح الشراء لأن الثمن غیر معین و لا موصوف بصفة یصیر بها معلوما و نحوه ما فی الشرائع و التذکرة حیث قالا لم یصح لجهالته إلا أنه قال فی الأخیر إن الأقوی أنه إذا کان واحدا متعینا للمتعاقدین صح البیع و انصرف الثمن إلیه (لروایة الحلبی) فی الحسن عن الصادق علیه السلام قال اشتری أبی أرضا و اشترط علی صاحبه أن یعطیه ورقا کل دینار بعشرة دراهم و فی الدروس لو باعه بدرهم من صرف عشرة بدینار صح مع علمهما و فی المختلف بعد نقل کلام المبسوط (قال) و فیه أنه مع وجود دراهم صرفها ذلک یصح (و قال فی التذکرة) أیضا لو کان نقد البلد صرف عشرین بدینار لم یصح لأن السعر یختلف و لا یختص ذلک بنقد البلد و کلاماه فی هذین الکتابین علی تدافعهما منظور فیهما (أما ما فی المختلف) فلأن وجود دراهم صرفها ذلک لا یصحح البیع کما لو کانت أصناف الفضة متعددة کالبیضاء و السوداء و الناعمة و الخشناء و کلها تصرف بالسعر المذکور فإنه یبطل لعدم التعیین و هو قضیة تعلیلهم المنع بالجهالة إذ قضیته ثبوتها و إن وجد فی المعاملة منها نوع صرفه ذلک و علم به کما هو صریح الکتاب (و أما) ما فی التذکرة فیشکل بأن المانع من الصحة إنما هو مجهولیة الدراهم و هی علی هذا التقدیر معلومة و الإطلاق ینزل علی نقد البلد و الغالب إن تعدد (فتأمل) و الصحیح ما فی الکتاب من
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر أنها «بالثنیا» (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 299
و لو باعه بنصف دینار لزمه شق دینار و لا یلزمه صحیح إلا مع إرادته عرفا (1)
______________________________
أنه مع التعدد کما بیناه یبطل و کذا مع اتحاد الصرف و جهل المشتری أو أحدهما به و من أنه لو اتحد و علماه صح کما هو مفهوم العبارة فالمدار فی الصحة علی العلم بالمستثنی و المستثنی منه و النسبة لو اختلف جنسهما
(قوله) (و لو باعه بنصف دینار لزمه شق دینار و لا یلزمه صحیح إلا مع إرادته عرفا)
المراد بشق الدینار نصف کامل مشاع لأن النصف حقیقة فی ذلک لغة و قد نص علی أنه یلزمه ذلک فی المبسوط و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها و فی الشرائع نسبته إلی القیل (قالوا) و لا یلزم المشتری نصف مضروب صحیح إلا أن یکون متعارفا بحیث ینصرف الإطلاق إلیه (و قول) المصنف و غیره إلا مع إرادته عرفا معناه أن جریانه فی العرف کذلک دلیل علی إرادته و قد ترک ذکر اشتراط البائع الصحیح فی بعض هذه العبارات لوضوحه (و قد نص) علیه فی جملة منها کعبارة الإرشاد و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة فقالوا إلا أن یشترط الصحیح کأن یصرح بإرادته فإنه یلزمه حینئذ أیضا و إن لم یکن الإطلاق محمولا علیه و کذا الحال فی نصف الدرهم و أجزائهما غیر النصف حیث کان الإطلاق منزلا علی الإشاعة إلا أن یدل العرف علی خلافه فلو اختلف العرف حمل الإطلاق علی الشق إذ لا معارض للغة لمکان عدم انضباط العرف و فی التذکرة أنه لو لم یغلب العرف وجب التعیین فإن إخلاءه مبطل للجهالة (و قد عرفت) أن الظاهر عدم البطلان و إذا لزمه شق دینار لا یلزمه قطعه قطعا لأن فیه تفویتا للغرض فإنه لا یجری فی المعاملة حینئذ بل یلزمه نصف دینار مشاعا کما یسلم نصف الدار و نصف الدابة فلو باعه شیئا آخر بنصف دینار آخر فإن حملناه علی الشق تخیر بین أن یعطیه شقی دینارین و یکون شریکا فیهما و بین أن یعطیه دینارا کاملا فیکون قد زاده خیرا و إن حملناه علی الصحیح لم یجب قبول الدینار الکامل و لو باعه الثوب الثانی بنصف دینار علی أن یعطیه الأول و الثانی صحیحا جاز و لزمه دفع صحیح عملا بالشرط السائغ شرعا سواء کان الثانی بعد لزوم الأول أو قبله کما إذا کان فی المجلس خلافا للمبسوط حیث قال فإن اشتری ثوبا آخر بنصف دینار و شرط فی الثانی أن یعطیه دینارا صحیحا عن الأول و الثانی نظر فإن کان الأول قد لزم و انقطع الخیار بینهما بطل الثانی و صح الأول لأنه لم یرض بأن یکون فی الثوب الثانی نصف دینار صحیح حتی یزیده فی ثمن الثوب الأول فیجعل المکسور من دینار صحیحا و هذه الزیادة لا تلحق بالأول لانبرامه و لأن الزیادة مجهولة و إذا لم تلحق بالأول و لم تثبت کان الثمن فی الثوب الثانی مجهولا فلم یصح و إن کان الأول لم یلزم و لم ینبرم و کان الخیار باقیا بینهما فسد الأول و الثانی لأن زیادة الصفة منفردة عن العین مجهولة و لا یصح إلحاقه بالثمن فلم تثبت و إذا لم تثبت هذه الزیادة فلم یرض بأن یکون نصف دینار ثمنا حتی تکون معه هذه الزیادة فی ثمن الثوب الآخر صار الثمن مجهولا فلم یصح (انتهی) (و فیه) أن انبرام الأول لا یمنع لحوق الزیادة فی ثمنه للشرط السائغ فی الثانی و الزیادة هنا کون النصف صحیحا و هو أمر معلوم فلم تکن مجهولة و هذا الوصف لا یصدق علیه أنه معلوم المقدار و لا مجهوله لأنه یستحیل علیه التقدیر فلم یصح له أن یقول إنه مجهول المقدار و أما مع عدم اللزوم فالبیعان صحیحان لوجود المقتضی و انتفاء المانع أما الأول فهو العقد و أما الثانی فالشرط المذکور لا یصلح للمانعیة لأن کان مطلوبا للعقلاء تناط به
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 300

[الحادی عشر لو باعه الصبرة کل قفیز بدینار]

(الحادی عشر) لو باعه الصبرة کل قفیز بدینار و علم قدرها صح و إلا بطل (1) الجمیع

[الثانی عشر یجوز استثناء الجزء المعلوم فی أحد العوضین]

(الثانی عشر) یجوز استثناء الجزء المعلوم فی أحد العوضین فیکون الآخر فی مقابلة الباقی فلو قال بعتک هذه السلعة بأربعة إلا ما یساوی واحدا بسعر الیوم قال الشیخ یبطل مطلقا للجهالة و الوجه ذلک إلا أن یعلما سعر الیوم و لو قال إلا ما یخص واحدا قال یصح فی ثلاثة أرباعها بجمیع الثمن و الأقرب عندی البطلان لثبوت الدور المفضی إلی الجهالة (2)
______________________________
الأغراض الصحیحة فکان مشروعا و معلوما کما بینا فصح اشتراطه و قد سبق الشیخ إلی ذلک الشافعی و لکنه أجمل و شیخنا بین و فصل
(قوله قدس سره) (لو باعه الصبرة کل قفیز بدینار و علما قدرها صح و إلا بطل)
تقدم الکلام فیه مستوفی عند شرح قوله و یصح بیع الصاع من الصبرة
(قوله قدس سره) (یجوز استثناء الجزء المعلوم فی أحد العوضین فیکون الآخر فی مقابلة الباقی فلو قال بعتک هذه السلعة بأربعة إلا ما یساوی واحدا بسعر الیوم (قال الشیخ) یبطل مطلقا للجهالة و الوجه ذلک إلا أن یعلما سعر الیوم و لو قال إلا ما یخص واحدا قال یصح فی ثلاثة أرباعها بجمیع الثمن و الأقرب عندی البطلان لثبوت الدور المفضی إلی الجهالة)
قال الشیخ فی المبسوط فی فصل بیع الثمار إذا قال بعتک هذه الثمرة بأربعة آلاف إلا ما یخص ألفا منها صح المبیع فی ثلاثة أرباعها لأن ما یخص ألفا منها ربعها و إن قال بعتک هذه الثمرة بأربعة آلاف إلا ما یساوی ألفا منها بسعر الیوم لم یجز لأن ما یساوی ألف درهم من الثمرة لا یدری قدره فیکون مجهولا و فی نهایة الإحکام بعد نقل مضمون کلام الشیخ قال کما قال هنا إن الوجه ذلک إلا أن یعلما سعر الیوم و لو قال إلا ما یخص ألفا فإن أراد ما یساوی ألفا عند التقویم بطل للجهالة و إن أراد ما یخص ألفا عند تقسیط جمیع الثمرة علی أربعة آلاف صح البیع فی ثلاثة أرباعها بجمیع الثمن و إن أراد ما یخص ألفا بعد الاستثناء دخله الدور حینئذ لتوقف معرفة قدر کل من المبیع و المستثنی علی الآخر (و قال فی التذکرة) إذا قال بعتک هذا القفیز من الطعام بأربعة دراهم إلا ما یخص واحدا منها فإن أراد ما یساوی واحدا فی الحال فإن عرفا المقدار صح و إلا فلا و إن أراد ما یساوی واحدا عند التقویم بطل لأنه مجهول و إن أراد ما یخصه إذا وزع القفیز علی المبلغ المذکور قبل الاستثناء صح و کان استثناء للربع فیصح البیع فی ثلاثة أرباعه بأربعة و إن أراد ما یخصه إذا وزع الباقی بعد الاستثناء دخلها الدور لأنا لا نعلم قدر المبیع إلا بعد معرفة المستثنی و بالعکس و فی الدروس لو استثنی جزءا من المبیع أو الثمن مجهولا بطل (و منه) أن یقول إلا ما یساوی واحدا بسعر الیوم و هما جاهلان به أو أحدهما و لو قال إلا ما یخص واحدا صح و نظر إلی ما تقرر علیه العقد فلو کان الثمن أربعة صح فی أربعة أخماسها به (و نحن نقول) إن استثناء الجزء المعلوم قد یکون من العوض فقط کقولک بعتک هذا الثوب بعشرة دراهم إلا درهما و من المعوض عنه کقولک بعتک الصبرة المعلومة إلا نصفها (و أما صور الجهالة) فکما لو استثنی من الثمن بعضا غیر معلوم کأن یقول بعشرة إلا شیئا أو جزءا أو نصیبا و لم یعین و لا یحمل علی الوصیة اقتصارا فیما خالف العرف علی مورد النص إلا أن یعلم إرادته ذلک و کذا فی جانب المثمن و لو قال بعتک هذا القفیز بأربعة إلا ما یساوی واحدا بسعر الیوم فقد أطلق الشیخ الحکم بالبطلان و هو غیر متجه و المصنف صححه إذا علما سعر الیوم و المراد بالیوم الوقت و لو أرید به تمام الیوم کان مجهولا لأن السعر فی الیوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 301
فإن علماه بالجبر و المقابلة أو غیرهما صح البیع فی أربعة أخماسها بجمیع الثمن (1)
______________________________
بتمامه غیر معلوم حال العقد فیصح حینئذ قول الشیخ فالمراد بالیوم ما یتبادر عرفا و هو وقت العقد و فی جامع المقاصد أن قول المصنف یحتاج إلی تنقیح فإنه لا بد فی الصحة من علمهما بحصة الواحد من سعر الیوم فإن العلم بالسعر بمجرده لا یقتضی العلم بحصته من جزء ذلک المقدار (قلت) هذا هو المراد فی کلام المصنف (و قال) أیضا و یشترط أیضا أن لا یکون الاستثناء مستغرقا فلو کانت السلعة کلها تساوی واحدا بسعر الیوم یبطل لاستغراق الاستثناء (قلت) هذا الأخیر نبه علیه الفخر فی الإیضاح و الشهید فی حواشیه و اعتذر عنه فی الإیضاح بأن البحث لیس فیه لأن الشیخ لم یتعرض له و لفظة مطلقا الواقعة فی العبارة إما أن تروی بکسر اللام فتکون من کلام المصنف و معناه أن الشیخ أطلق و لو لم یقل مطلقا (و یحتمل) أن تکون بفتح اللام فتکون من کلام الشیخ و هو لم یصرح بذلک «فلیتأمل» هذا و لو أراد ما یساوی واحدا عند التقویم فإنه یبطل کما إذا أراد عند حلول الأجل و إن أراد ما یخصه إذا وزع القفیز علی المبلغ المذکور قبل الاستثناء صح کما ذکره فی التذکرة و هو مبنی علی ما قبل لزوم البیع و استقراره و لا ریب أنه کذلک قبل الاستقرار لکن الکلام إنما هو بعد الاستقرار و حینئذ یرجع إلی الصورة الأخری و هو ما إذا أراد ما یخصه إذا وزع الباقی بعد الاستثناء فإنه یجی‌ء الدور و هو دور معیة لا دور توقف و إیضاح الدور أن ما یخص الواحد هو جزء مما استقر علیه البیع بعد الاستثناء تقتضیه قسمة ما استقر علیه البیع علی أربعة هنا فهو ربع ما استقر علیه البیع فلا نعرف المبیع و هو ما استقر علیه البیع إلا بعد معرفة قدر المستثنی و لا نعرف قدر المستثنی حتی نعرف المبیع و قد نص علی أنه دور معیة فی الإیضاح و حواشی الکتاب و جامع المقاصد لأن مقدار المبیع و مقدار المستثنی یعرفان معا و الفرق بین ما یساوی واحدا و ما یخص واحدا أن المساوی باعتبار القیمة السوقیة و السعر الواقع بین الناس لأن المتبادر من المساواة عند الإطلاق المساواة سوقا و عرفا و ما یخص الواحد باعتبار توزیع الثمن علی السلعة بحیث تقابل الأجزاء بالأجزاء فإن الاختصاص یتعین بما یقتضیه المقام بخلاف مساواة السلعة للثمن فإنه مع الإطلاق ینزل علی التفاوت و کأنه هو مراد الشهید فی حواشیه حیث قال إن ما یخص من هذا البیع (المبیع خ ل) و هو السلعة و ما یساوی من سعر الناس هذه عبارته (و ربما فرق) بأن المساوی یکون قد بیع بالقیمة السوقیة من غیر زیادة و أما الذی یخص فإنه بحسب تراضی البیعین سواء ساوی القیمة السوقیة أم لا و هذا قریب من الأول إن لم یکنه «فتأمل» (و أما) ما فی الدروس من صحته فی أربعة أخماسها فهو ما أشار إلیه المصنف من معرفته بطریق الجبر و المقابلة هذا و لا تعلم إرادة البائع و المشتری حیث بنینا أحکاما علی إرادتهما إلا بقولهما علی الظاهر
(قوله) (فإن علماه بالجبر و المقابلة أو غیرهما صح فی أربعة أخماسها بجمیع الثمن)
المراد بغیرهما الخطئان و الأربعة المتناسبة لا یقال هذا الحکم مختص بالمسألة الثانیة أعنی ما یخص واحدا و قد قال إن تحصیل العلم فیها دوری محال و الجبر و المقابلة لا یرفعان الاستحالة فکیف یقول و لو علماه لأنا نقول قد قدمنا أنه دور معیة یحصل معه الغرر و الجهالة و یمکن ارتفاعهما بحصول العلم بالمستثنی و المستثنی منه معا و قضیة ذلک أن العلم بالقوة القریبة کاف و إن کان مجهولا بالفعل حال العقد و هو مشکل للاشتراک فی الغرر و التقیید بالقوة القریبة لیخرج ما إذا کانا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 302
..........
______________________________
جاهلین بهذا الحساب أو أحدهما جاهلا فلو عقدا کذلک ثم ذهبا و تعلماه لم یصح و فی نهایة الإحکام و التذکرة ذکر أمثلة کثیرة صحح فیها البیع مع کون المبیع مجهولا فی الحال لأن کان معلوما بالقوة القریبة (منها) ما لو باع من اثنین صفقة قطعة أرض علی الاختلاف بأن ورث من أبیه حصة و من أمه حصة أقل أو أکثر و جعل لکل واحد منهما أحد النصیبین و الآخر الباقی (فقد قال) فی الکتابین إن البیع یصح و إن جهلا قدر نسبة النصیب إلی الجمیع و نسبة النصیب فی الثمن و جهل کل منهما قدر حصته من الثمن و یرجعان إلی ما یقتضیه الحساب إذ الثمن فی مقابلة الجملة فلا یضر جهالته بالإجزاء کما إذا جمع بین مالی شخصین صفقة فإنه یصح و إن لم یعلم فی الحال حصة کل منهما من الثمن و یرجعان إلی الحساب (و منها) ما لو باعه خمسة أرطال علی سعر المائة باثنی عشر درهما صح و إن جهلا فی الحال قدر الثمن لأنه مما یعلم بالحساب و لا یمکن تطرق الزیادة إلیه و لا النقصان فینتفی الغرر (و منها) ما لو قال بعتک نصیبی من میراث أبی من الدار فقد قال فی الکتابین إنه إذا عرف القدر صح و لو جهله بطل و لو عرف عدد الورثة و قدر الاستحقاق إجمالا فقد قال فیهما فالأقوی الصحة و یکون له ما یقتضیه الحساب (و منها) ما لو قال بعتک جزءا من مائة واحد عشر جزءا فإنه یصح و إن جهلا النسبة إلی غیر ذلک مما ذکره فی الکتابین و لنرجع إلی ما فی الکتاب من تحصیل العلم بهما لهما بالطرق الثلاثة أما الجبر فلا بد قبل بیان تحصیل العلم من معرفة معناه و معنی المقابلة و معنی المعادلة و بیان اصطلاحات فی المقام فالجبر عبارة عن تکمیل الناقص و عن الزیادة علی المقابل ففی مثالنا هذا السلعة إلا شیئا تعدل أربعة أشیاء فالجبر أن تکمل السلعة و تسقط الاستثناء فتصیر السلعة تامة و تزید مثل ذلک الشی‌ء الذی تممنا به السلعة علی معادلها الذی هو الأربعة أشیاء فتصیر الأربعة أشیاء أربعة و شیئا و السلعة تمامه و هذا العمل کله یسمی جبرا (و أما المقابلة) فهی إسقاط الأجناس المتجانسة فی الطرفین لتحصل المعادلة (و لنوضح ذلک فی عنوان المثال فنقول) مثلا شیئان و عشرة تعادل أربعین فتسقط العشرة من کل واحد من المتعادلین یبقی فی الأول شیئان و فی الثانی ثلاثون و هو معنی المقابلة فإذا حصلت المقالة حصلت المعادلة و هی إما بین جنس و جنس و هی (ثلاث مسائل) لأن الأجناس فی الجبر و المقابلة محصورة فی ثلاثة أشیاء و هی الشی‌ء و المال و العدد (فالمسألة الأولی) عدد یعدل شیئا (و الثانیة) أشیاء تعدل أموالا (الثالثة) أموال تعدل عددا و إما بین جنس و جنسین و هی ثلاثة أیضا (الأولی) عدد یعدل أشیاء و أموالا (الثانیة) أشیاء تعدل أموالا و أعدادا (الثالثة) أموال تعدل عددا و أشیاء و هذه الست هی الجبریات التی انتهت إلیها أفکار القدماء و إن کان الجمشیدی زاد نیفا و تسعین و بهذا قیل إنه إمام أهل الحساب (و هذا) حدیث إجمالی و العمل و التفصیل موکول إلی فنه (و أما بیان) الاصطلاحات التی یتوقف علیها الجبر و المقابلة فهو أن المجهول معرفته یسمی شیئا و إذا ضربنا الشی‌ء فی الشی‌ء یسمی الحاصل مالا و إذا ضربناه فی المال سمیناه کعبا و إذا ضربناه فی الکعب سمیناه مال المال و إذا ضربناه فی مال المال سمیناه مال الکعب و فی مال الکعب سمیناه کعب الکعب و هکذا فتاسع المراتب کعب؟؟؟ کعب الکعب و الکل متناسبة صعودا و نزولا فنسبة مال المال إلی الکعب کنسبة الکعب إلی المال و المال إلی الشی‌ء و الشی‌ء إلی الواحد و الواحد إلی جزء الشی‌ء و جزء الشی‌ء إلی جزء المال و هکذا و هذا أیضا حدیث إجمالی فعد إلی المسألة و قل لو قال بعتک هذه السلعة إلا ما یخص واحدا بأربعة دراهم فالمستثنی ربع أم خمس أم غیرهما و المبیع فی کم صح فی أربعة أخماسها أم ثلاثة أرباعها (فالجواب)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 303
..........
______________________________
أن) طریق الجبر و المقابلة یقضی بأن المبیع أربعة أخماسها فیکون المستثنی خمسا و لنا فی استخراج ذلک طریقان کلاهما بالجبر و المقابلة (الأول) أنا نفرض المستثنی شیئا فیکون المبیع السلعة إلا شیئا و معادلها أربعة أشیاء أی المبیع منها أربعة أشیاء بأربعة دراهم فإذا جبرنا الناقص أعنی السلعة إلا شیئا بشی‌ء أعنی تممناها حتی صارت سلعة تامة غیر مستثنی منها شی‌ء وجب علینا أن نزید علی معادلها أعنی الأربعة أشیاء التی قلنا إنها تعادلها شیئا لتحصل المعادلة فتکون السلعة التامة معادلة لأربعة أشیاء و شی‌ء فالشی‌ء مع الأربعة أشیاء خمسة أشیاء و قد فرضنا أن ذلک معادل للسلعة التامة التی لم یستثن منها شی‌ء فتکون السلعة معادلة لخمسة أشیاء فتکون السلعة مرکبة من خمسة أشیاء و لا شک أن الشی‌ء خمس الخمسة أشیاء فیکون الشی‌ء خمس السلعة فالمستثنی خمسها (لأنا) نقول (قلنا خ ل) إن المستثنی شی‌ء (و قلنا) بعد العمل إن الشی‌ء خمس السلعة فیکون الشی‌ء المستثنی خمس السلعة (و قد فرضنا) أن کل شی‌ء من الأربعة یخص درهما فالمبیع أربعة أشیاء و إن شئت (قلت) أربعة أخماس بأربعة دراهم و المستثنی شی‌ء هو خمس فیتم المطلوب (و أما الطریق الثانی) فنقول المستثنی شی‌ء فالمبیع السلعة إلا شیئا کل ربع منها بدرهم و الربع التام المبیع بدرهم هو ربع المبیع «1» من السلعة لا ربع السلعة بتمامها لکن هذا الربع المبیع بدرهم إذا نسبناه إلی السلعة المستثنی منها شی‌ء یکون ربعها إلا ربع شی‌ء و ذلک یعدل شیئا کاملا فإذا جبرناه بربع شی‌ء کان ربعا تاما فنزید علی معادله و هو الشی‌ء الکامل ربع شی‌ء فیکون ربع السلعة معادلا لشی‌ء کامل و ربع شی‌ء فتکون السلعة بأجمعها معادلة لخمسة أشیاء فالشی‌ء المستثنی خمسها فالمبیع أربعة أخماسها و المستثنی خمسها (و یبقی الکلام) فی أن هذه المسألة من أی المسائل الست و الظاهر أنها من المسألة الأولی و هی عدد یعادل أشیاء فإن العدد إذا کان معادلا للأشیاء کانت الأشیاء معادلة للعدد فالسلعة شی‌ء تعدل أربعة أشیاء بأربعة دراهم و لما کانت الأشیاء المعادلة للسلعة مبیعة بأربعة دراهم کانت السلعة کأنها معادلة لأربعة دراهم فتنقسم الأربعة دراهم علی السلعة کما هو الشأن فی الأعداد المعادلة للأشیاء و أما معرفته بالأربعة المتناسبة و هی ما نسبة أولها إلی ثانیها کنسبة ثالثها إلی رابعها «2» و یلزمها مساواة مسطح الطرفین لمسطح الوسطین و ذلک کالأربعة بالنسبة إلی الثمانیة و الثلاثة بالنسبة إلی الستة فإن نسبة الأربعة إلی الثمانیة کنسبة الثلاثة إلی الستة فی أن کلا منهما نصف الآخر و الأربعة و الستة طرفان و الثمانیة و الثلاثة وسطان و الحاصل من ضرب الأربعة فی الستة یسمی مسطحا و هو أربعة و عشرون و الحاصل من ضرب الثلاثة فی الثمانیة أربعة و عشرون و یسمی مسطحا أیضا لأنه إذا ضرب علوا فی علو سمی بالمسطح فإذا جهل أحد الطرفین فأقسم مسطح الوسطین علی الطرف المعلوم و کذا إذا جهل أحد الوسطین فأقسم مسطح الطرفین علی الوسط المعلوم فالخارج هو المطلوب کما لو قیل خمسة أرطال بثلاثة دراهم رطلان بکم فالخمسة أرطال المسعر و الثلاثة السعر و الرطلان المثمن و المسئول عنه الثمن و نسبة المسعر إلی السعر کنسبة المثمن إلی الثمن فالمجهول هو الرابع أعنی الثمن فإذا أردت معرفته فاضرب الثلاثة فی الرطلین لأنهما وسطان فالحاصل
______________________________
(1) لا یخفی علیک الفرق بین الإضافة و التوصیف (منه)
(2) أو ما نسبة أولها إلی ثالثها کنسبة ثانیها إلی رابعها کالثمانیة و الستة و الأربعة و الثلاثة کمحمد و علی و فاطمة و الحسنین صلوات اللّٰه علیهم (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 304
..........
______________________________
ستة فأقسمها «1» علی الطرف المعلوم و هو خمسة یکون الحاصل واحدا و خمسا لأن الستة واحد و خمس و هو الطرف المجهول و هو ثمن الرطلین فکان ثمنهما واحدا و خمسا و هکذا لو کان المجهول أحد الوسطین فإنک تقسم مسطح الطرفین علی الوسط المعلوم فالخارج هو المطلوب (إذا عرفت هذا) فنقول إذا قال بعتک السلعة بأربعة دراهم إلا ما یخص واحدا فالمعلومات ثلاثة الوسطان الأربعة دراهم و الواحد المستثنی و الطرف و هو الدرهم الذی یخص المستثنی و المجهول و هو الطرف الآخر و هو السلعة فنضرب الأربعة فی الواحد المستثنی لأن کانا وسطین فالحاصل أربعة فنقسمها علی الطرف المعلوم و هو الدرهم فکانت أربعة أخماسه و هو الطرف المجهول فکانت السلعة عبارة عن أربعة أخماسها فالمبیع أربعة أخماس السلعة و المستثنی خمسها و وجه المناسبة بین هذه الأربعة أنه لما کان نسبة المستثنی إلی الدرهم الذی یخصه کنسبة المبیع إلی الأربعة دراهم التی تخصه باعتبار کونها ثمنا له لأن الاستثناء لما یخص درهما من السلعة إنما کان باعتبار مقابلة ما انعقد علیه البیع من المبیع للثمن المقتضی لمقابلة الأجزاء وجب أن یکون نسبة المستثنی إلی مجموع المستثنی و المبیع کنسبة الدرهم إلی مجموع الدرهم و ثمن المبیع و الدرهم خمس المجموع (و تحقیقه) أن أقلیدس قد برهن علی أن الأربعة إذا تناسبت کان نسبة الأول إلی الثالث کنسبة الثالث إلی الرابع و هو إبدال النسبة أی جعل النسبة للمقدم إلی المقدم کنسبة التالی إلی التالی و برهن أیضا علی أن المقادیر الأربعة إذا تناسبت مفصله تناسبت مرکبة فیکون نسبة مجموع المقدمین إلی المقدم کنسبة مجموع التالین إلی التالی فإذا عکست کان نسبة المقدم إلی المقدمین کنسبة التالی إلی التالین (و هو) محقق لما ذکرنا فیکون المستثنی خمس مجموع السلعة أو یقال لما کان نسبة المستثنی إلی الدرهم کنسبة المبیع إلی الثمن وجب أن یکون نسبة المستثنی إلی المبیع کنسبة الدرهم إلی الثمن و هو بقدر ربعه لأن أقلیدس قد برهن علی أن الأربعة إذا تناسبت کانت بعد الإبدال متناسبة کتناسبها قبله فیکون خمس المجموع فیکون المستثنی خمس السلعة و قد نقل ذلک کله فی جامع المقاصد و أما استخراجه بحساب الخطأین فلا بد قبل ذلک من معرفة مصطلح القوم فیهما و طریقة العمل و بیانه أن تفرض المجهول ما شئت و تسمیه المفروض الأول فتتصرف فیه بحسب السؤال فإن طابق فهو المطلوب و إن أخطأ بزیادة أو نقصان فهو الخطاء الأول ثم تفرض آخر و هو المفروض الثانی فإن أخطأ حصل الخطأ الثانی ثم اضرب المفروض الأول فی الخطاء الثانی و تسمیه المحفوظ الأول و المفروض الثانی فی الخطأ الأول و هو المحفوظ الثانی فإن کان الخطئان زائدین أو ناقصین فأقسم الفضل بین المحفوظین علی الفضل بین الخطائین و إن اختلفا فمجموع المحفوظین علی مجموع الخطائین لیخرج المجهول فلو قیل أی عدد زید علیه ثلثاه و درهم حصل عشرة فإن فرضته تسعة فالخطأ الأول ستة زائدة و إن فرضته ستة فالخطأ الثانی واحد زائد ثم اضرب المفروض الأول و هو تسعة فی الواحد الزائد فالحاصل تسعة و تسمی المحفوظ الأول ثم اضرب المفروض الثانی و هو ستة فی الخطأ الأول و هو ستة أیضا فالحاصل ستة و ثلاثون و هو المحفوظ الثانی فالفضل بین المحفوظین «2» سبعة و عشرون و الفضل بین الخطائین «3» خمسة؟؟؟ فإذا قسمنا السبعة و العشرین علی الخمسة کان خارج القسمة خمسة و خمسان و هو المطلوب لأن مجنسهما سبعة و عشرون خمسا فإذا زید علیه ثلثاه أعنی ثمانیة عشر خمسا
______________________________
(1) المراد بالقسمة النسبة (منه)
(2) أعنی تسعة و ستة و ثلاثین (منه)
(3) أعنی ستة و واحد (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 305
..........
______________________________
صار خمسة و أربعین خمسا و مرفوعه تسعة تامة فإذا زید علیه درهم صار عشرة و هو المطلوب (إذا عرفت هذا) فعد إلی مسألتنا فقل نفرض المستثنی ثلث السلعة تارة و ربعها أخری فلنطلب المخرج المشترک طلبا لتسهیل العمل بصیرورتهما صحاحا و ذلک اثنا عشر الثلث منها أربعة و قد فرضنا اختصاصها بدرهم فیکون بالثمن ستة عشر لأنه أربعة دراهم فإن ضممنا المستثنی إلیها بلغت عشرین و قد کانت اثنی عشر فالخطأ بثمانیة زائدة و الربع ثلاثة فیکون بأربعة اثنی عشر و هی مع المستثنی خمسة عشر فالخطأ بثلاثة زائدة فلنضرب المفروض الأول و هو أربعة فی الخطأ الثانی و هو ثلاثة تبلغ اثنی عشر و کذلک المفروض الثانی و هو ثلاثة فی الخطأ الأول و هو ثمانیة تبلغ أربعة و عشرین فالفضل بین حاصلی الضرب اثنا عشر یقسم علی الفضل بین الخطأین و هو خمسة لأنک إذا أسقطت الاثنی عشر و هی حاصل الضرب الأول من الأربعة و العشرین و هی حاصل الضرب الثانی یبقی اثنا عشر و کذا إذا أسقطت الثلاثة و هی الخطأ الثانی من الثمانیة و هی الخطأ الأول بقی خمسة فإذا قسمت الاثنی عشر علی خمسة یخرج اثنان و خمسان هی المستثنی من مجموع السلعة و هی الخمس من اثنی عشر و إن شئت رددت اثنی عشر إلی واحد لأنها فی الأصل شی‌ء واحد و إنما صار إلی اثنی عشر محاولة لجعل الکسور صحاحا ثم تنسبه إلی الفضل بین الخطأین یکون خمسا فیکون المستثنی خمس السلعة هذا بالخطأین الزائدین (و أما) بالناقصین فبأن تفرض المستثنی الثمن تارة و السدس أخری و المخرج المشترک لهما أربعة و عشرون فعلی تقدیر کون الثمن و هو ثلاثة منها یکون بأربعة دراهم اثنی عشر هی مع المستثنی خمسة عشر فیکون الخطأ بتسعة ناقصة و علی تقدیر کون السدس و هو أربعة یکون الخطأ بأربعة ناقصة فإذا ضربت المال الأول و هو ثلاثة فی الخطأ الثانی و هو أربعة تبلغ اثنی عشر و إذا ضربت المال الثانی و هو أربعة فی الخطأ الأول و هو تسعة تبلغ ستة و ثلاثین تأخذ الفضل بینهما و هو أربعة و عشرون فإما أن ترده إلی الواحد کما قلناه و تقسمه علی الفضل بین الخطأین و هو خمسة أی تنسبه إلیه لأن قسمة الأول علی الأکثر هی نسبته إلیه أو تقسم الفضل بین حاصلی الضرب أعنی أربعة و عشرین علی الفضل بین الخطأین و هو خمسة یخرج أربعة و أربعة أخماس هی خمس أربعة و عشرین التی فرض کونها السلعة فیکون المستثنی خمسها و لو کان أحد الخطأین زائدا و الآخر ناقصا کالثمن و الثلث فإن مخرجهما أربعة و عشرون فإن الخطأ (بالفرض) الأول تسعة ناقصة لأن مجموعه خمسة عشر (و بالفرض) الثانی ستة عشر زائدة لأن مجموعه أربعون فتجمعهما و تحفظهما للقسمة و کذا تعمل فی کل ما یختلف فیه الخطأ بأن الزیادة و النقصان فالفضل بین الخطائین خمسة ثم تضرب المال الأول و هو ثلاثة فی الخطإ الثانی و هو ستة عشر یکون ثمانیة و أربعین ثم المال الثانی و هو ثمانیة فی الخطإ الأول و هو تسعة یکون اثنین و سبعین تضیفهما إلی المرتفع الأول یکون مائة و عشرین تقسمها علی أربعة و عشرین «1» و هو المخرج المشترک لکل من الثمن و السدس یکون خمسة لأن المائة عشرون خمسة و العشرون أربع خمسات تقسمها إلی المحفوظ یکون الخمس کما ذکر ذلک کله فی جامع المقاصد (قلت) و لک أن تقسم الفضل بین حاصلی الضرب و هو أربعة و عشرون لأن الفضل بین الاثنین و السبعین و بین الثمانیة و الأربعین أربعة و عشرون علی الفضل بین الخطائین
______________________________
(1) و هو التفاوت بین المحفوظین (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 306
و لو باعه بعشرة و ثلث الثمن فهو خمسة عشر لأن الثمن شی‌ء یعدل عشرة و ثلث شی‌ء فالعشرة تعدل ثلثی الثمن (1) و لو قال و ربع الثمن فهو ثلاثة عشر و ثلث (2) و لو قال إلا ثلث الثمن فهو سبعة و نصف (3)
______________________________
أعنی خمسة لأن الفضل بین التسعة و الستة عشر خمسة و إنما لم یذکره الشارح لأنه غیر مطرد فیما إذا کان أحد الخطائین زائدا و الآخر ناقصا و استوضح ذلک فیما إذا قیل أی عدد إذا زید علیه ربعه و علی الحاصل ثلاثة أخماسه و نقص من المجتمع خمسة دراهم عاد إلی الأول فإنه لا یصح فیه إلا قسمة مجموع المحفوظین علی مجموع الخطأین و هذا العدد خمسة (و قال فی جامع المقاصد) و إن شئت قسمت مائة و عشرین علی خمسة و عشرین یخرج أربعة و أربعة أخماس تنسبها إلی المخرج المشترک یکون خمسة فذلک هو المستثنی (قلت) هذا باعتبار القسمة علی مجموع الخطائین کما هو القاعدة لأن مجموع التسعة و الستة عشر خمسة و عشرون
(قوله) (و لو قال بعتک بعشرة و ثلث الثمن فهو خمسة عشر لأن الثمن شی‌ء یعدل عشرة و ثلث شی‌ء فالعشرة تعدل ثلثی الثمن)
بیانه أن الثمن شی‌ء فی قوله و ثلث الثمن فالمبیع بعشرة و ثلث شی‌ء تعدل شیئا کاملا و بعد المعادلة و بعد إسقاط المشترک تکون العشرة معادلة لثلثی شی‌ء لأن ثلث الشی‌ء إذا زدنا علیه ثلثین صار شیئا کاملا و إذا زدنا علی مقابله و هو الشی‌ء الکامل ثلثین صار هناک شی‌ء کامل و ثلثان فصار المتکرر شیئا کاملا لأن مع العشرة شیئا کاملا و مع الثلثین شیئا کاملا فإذا أسقطنا هذا المتکرر بعمل المقابلة تکون العشرة معادلة لثلثی الثمن أو تقول ثلث الثمن شی‌ء فالمبیع بعشرة و شی‌ء تعدل ثلاثة أشیاء و بعد إسقاط المشترک تکون معادلة لشیئین و الشی‌ء خمسة و بالخطاءین نفرض ثلث الثمن ستة فیکون الثمن ثمانیة عشر و قد کان بضمیمته إلی العشرة ستة عشر فالخطاء باثنین زائدین ثم نفرضه سبعة فیکون الثمن أحدا و عشرین و قد کان بالإضافة إلی العشرة سبعة عشر فالخطاء بأربعة زائدة و مضروب المال الأول و هو ستة فی الخطاء الثانی و هو أربعة أربعة و عشرون و مضروب المال الثانی و هو سبعة فی الخطأ الأول و هو اثنان أربعة عشر فإذا أسقط أقل الخطائین من أکثرهما بقی اثنان و إذا أسقط أقل حاصل الضرب من أکثرهما بقی عشرة فإذا قسمت علی ما بقی من الخطائین خرج خمسة و هی ثلث الثمن المجهول فالثمن خمسة عشر
(قوله قدس سره) (و لو قال و ربع الثمن فهو ثلاثة عشر و ثلث)
لأنک تقول الثمن فالمبیع بعشرة و ربع شی‌ء تعدل شیئا کاملا و بعد إسقاط المشترک تکون العشرة معادلة لثلاثة أرباع شی‌ء فربع الثمن ثلاثة و ثلث أو تقول ربع الثمن شی‌ء فالثمن فی تقدیر أربعة أشیاء تعدل عشرة و شیئا فإذا أسقط المشترک تکون العشرة فی معادلة ثلاثة أشیاء و بالخطاءین نفرض الربع أربعة فیکون الثمن ستة عشر فالخطأ باثنین إذ الأربعة مع العشرة أربعة عشر ثم نفرضه خمسة فیکون الثمن عشرین فالخطأ بخمسة إذا أسقط أقلها من الأکثر بقی ثلاثة و مضروب المال الأول و هو أربعة فی الخطأ و هو خمسة و عشرون و مضروب المال الثانی و هو خمسة فی الخطاء الأول و هو اثنان عشرة إذا أسقط أقلهما من الأکثر بقی عشرة تقسم علی ما بقی من الخطائین و هو ثلاثة یکون ثلاثة و ثلثا و هو الربع المجهول
(قوله) (و لو قال إلا ثلث الثمن فهو سبعة و نصف)
لأنک تقول الثمن شی‌ء فالمبیع بعشرة إلا ثلث شی‌ء تعدل شیئا کاملا فبعد الجبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 307

( [المقصد الثالث فی أنواع المبیع و فیه فصول]

اشارة

المقصد الثالث فی أنواع المبیع و فیه فصول

[الفصل الأول فی الحیوان و فیه مطلبان]

اشارة

الأول) فی الحیوان و فیه مطلبان

[المطلب الأول الأناسی من أنواع الحیوان]

(الأول) الأناسی من أنواع الحیوان إنما یملکون بسبب الکفر الأصلی إذا سبوا (1)
______________________________
و المقابلة یکون شی‌ء و ثلث شی‌ء یعدل عشرة فالشی‌ء سبعة و نصف و ثلث السبعة و نصف اثنان و ثلث و سدس و إن شئت قلت ثلاثة أسداس و الثلاثة أسداس نصف فالحاصل سبعة و نصف و اثنان و نصف و تلک عشرة کاملة أو تقول المستثنی شی‌ء فالمبیع بعشرة إلا شیئا تعدل ثلاثة أشیاء لأن ثلث الثمن شی‌ء فبعد الجبر و المقابلة العشرة تعدل أربعة أشیاء فالشی‌ء اثنان و نصف أو تقول المستثنی شی‌ء و الثمن ثلاثة أشیاء فالعشرة تعدل أربعة أشیاء لأنها تعدل الثمن و ثلثه فالشی‌ء اثنان و نصف و هو المستثنی و بالخطاءین تفرض المستثنی ثلاثة إذا سقط من العشرة یبقی سبعة «1» هی الثمن و بذلک الفرض أی فرض المستثنی ثلاثة یکون الثمن تسعة فقد أخطأ باثنین ناقصین ثم نفرضه أربعة یبقی ستة أی الثمن و بمقتضی الفرض یکون الثمن اثنی عشر فقد أخطأ بستة ناقصة فتضرب المال الأول و هو ثلاثة فی الخطاء الثانی و هو ستة یکون ثمانیة عشر ثم المال الثانی و هو أربعة فی الخطاء الأول و هو اثنان یکون ثمانیة إذا أسقطت من المضروب الآخر بقی عشرة تقسمها علی ما بقی من الخطائین بعد الإسقاط و هو أربعة یکون اثنین و نصفا هی الثلث المستثنی فیکون الثمن ما ذکره کما ذکر ذلک فی جامع المقاصد
(المقصد الثالث فی أنواع المبیع) قال فی جامع المقاصد قد سبق الکلام علی ما یعتبر فی العوضین و هذا الکلام علی أمور مخصوصة من أنواع المبیع أعنی الحیوان و الثمار و النقدین لأن هذه یشترط فیها أمور زائدة علی ما تقدم مثل تحریم بیع الأم من دون الولد و اعتبار بدو الصلاح فی الثمرة و التقابض فی المجلس فی النقدین ثم إنه قال ربما فهم منه أنه یذکر جمیع أنواع المبیع هنا و لیس کذلک (و أجاب) بأنه لعله اعتمد فی البیان علی ما أتی به (ثم قال) إنه سیجی‌ء فی کلامه الکلام فی أنواع البیع باعتبار النقد و النسیئة و الإخبار برأس المال و مساواة الثمن العوض و کأنه یرید أن هناک أنواعا أخر أدرجها فی أنواع البیع و ربما اعترض علیه بأنه إن کان المراد بما لم یذکر هو أفراد کل نوع فلا وجه له و إن کان المراد أن هناک أنواعا أخر للمبیع باعتبار النقد و النسیئة و الإخبار برأس المال فغیر معلوم اندراج جمیع ذلک تحت أنواع المبیع إلا بتکلف انتهی (فلیتأمل فیه جیدا) و إن من أنواع المبیع العقارات و الجواهر و الأمتعة و غیر ذلک و لیست مذکورة فی هذا الفصل فلعله أراد ذلک (و لیعلم) أن السبب المملک الأصلی فی الحیوان و فی غیره مما یصح تملکه وضع الید و أما الاستنتاج و المعاوضة فطارئان علی وضع الید إذ أصل تملک المستنتج و المعاوض إنما هو وضع الید
(قوله) (الأناسی من أنواع الحیوان إنما یملکون بسبب الکفر الأصلی إذا سبوا)
الأناسی جمع إنسان قلبت النون یاء و لیس جمع إنسی و التقیید بالکفر الأصلی لیخرج المرتد عن فطرة و عن ملة فإنهما لا یملکان لأن شرط الملک تملکه قبل الإسلام و کلامه محتمل لأن یکون الکفر و السبی سببین فکل منهما جزء سبب فلا یستقل الکفر بالملکیة
______________________________
(1) حسب السؤال (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 308
ثم یسری الرق إلی ذریة المملوک و أعقابه و إن أسلموا ما لم ینعتقوا (1) و لو التقط الطفل من دار الحرب ملک و لا یملک من دار الإسلام و لا من دار الحرب إذا کان فیها مسلم (2)
______________________________
و قولهم ما فی دار الحرب فی‌ء معناه أنه قابل و مستعد لأن یکون ملکا و إنما یملک بالسبی و یحتمل أن یکون السبی شرطا و علیه نبه فی اللقطة قال قال علماؤنا إنه رق و الأقرب عندی الحکم بحریته لکن یتجدد علیه الرق بالاستیلاء و فی بعض العبارات التعبیر بالمحارب و المراد به أیضا الکافر الأصلی و أطلق علیه وصف الحرب بسبب خروجه عن طاعة اللّٰه جل اسمه و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و ثبوته علی الکفر و إن لم یقع منه الحرب بمعنی القتال و إلی هذا المعنی أشار سبحانه و تعالی بقوله (إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِینَ یُحٰارِبُونَ اللّٰهَ) الآیة و فی حواشی الشهید أن قوله سبیوا وجد بخط المصنف و لعل القلم أخطأ و صوابه سبوا مثل دعوا و نهوا و فی جامع المقاصد أن سبیوا بالیاء منقول عن خط المصنف و لعل الخطأ من الناقل (قلت) فی بعض النسخ سبوا بلا یاء جریا علی القاعدة کعبارة التذکرة و فی بعض نسخ الکتاب سبئوا بهمز قبل الواو فلعله إشارة إلی أن أصله مهموز و لیس فیما حضرنی من کتب اللغة ما یشیر إلی أن أصله مهموز
(قوله) (ثم یسری الرق إلی ذریة المملوک و أعقابه و إن أسلموا ما لم ینعتقوا)
بأحد الأسباب الموجبة للحریة و لا فرق فی ذلک بین الیهود و النصاری و المجوس عند الإخلال بشرائط الذمة و غیرهم و الأعقاب عطف تفسیر علی الذریة لأن الذریة قد تطلق علی النساء خاصة کما نقله ابن الأثیر و العقب الولد و ولد الولد و الذریة النسل کما نطقت بذلک کتب اللغة و فی بعض النسخ ما لم یعتقوا و ما ذکرناه هو الصحیح لیشمل ما ینعتق قهرا
(قوله) (و لو التقط الطفل من دار الحرب ملک و لا یملک من دار الإسلام و لا من دار الحرب إذا کان فیها مسلم)
کما أطلقه جماعة و قید بإمکان تولده منه عادة فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المفاتیح و کأنه معنی قول الشهیدین فی حواشی الکتاب و الروضة صالح للاستیلاد و مثله ما فی المسالک و مجمع البرهان من التقیید بإمکان انتسابه إلیه و کونه ولدا له و کلام جماعة یعطی أن احتمال کونه من مسلم یمنع من استرقاقه فلو احتمل بعیدا أنه من مسلم کما لو کان هناک تاجر أو مار طریق منع من استرقاقه (قال فی الریاض) قالوا و لو وجد فیها مسلم و لو واحد یمکن تولده منه و لو إمکانا ضعیفا ألحق به و لم یحکم بکفره و لا رقه (و قال فی الکفایة) و یملک اللقیط فی دار الحرب إذا علم انتفاؤه من مسلم (و قال فی المسالک) یملک اللقیط فی دار الحرب إذا لم یکن فیها مسلم یمکن انتسابه إلیه و لو کان أسیرا و إلا حکم بحریته لإطلاق الحکم بحریة اللقیط فی النصوص خرج ما علم انتفاؤه عن المسلم فبقی الباقی (و مثله قال فی مجمع البرهان) و استدل بجواز کون الولد منه کما استدل بذلک علی ذلک المصنف فی متاجر التذکرة و فی الحدائق نسب عین عبارة المسالک إلی الأصحاب (و قال فی لقطة المبسوط) فی دار الحرب إن وجد فیها لقیط فإن کان فیها أساری فإنه یحکم بإسلامه و إن لم یکن فیها أساری و یدخلهم التجار فهل یحکم بإسلامه فیه وجهان (و قال فی التذکرة) فی باب اللقطة فی تذنیب ذکره إنما نحکم بإسلام من وجد فی بلاد الکفر إذا کان فیها مسلم ساکن و لا اعتبار بالطرق و الاجتیاز (و قال) فی موضع آخر لو کان فیها مسلمون ساکنون کالتجار و غیرهم لم یحکم بکفره و نحو ذلک ما فی لقطة الشرائع و الکتاب و الإیضاح و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و المفاتیح و مثله ما فی الدروس حیث قال و لقیط دار الکفر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 309
فإن أقر بعد بلوغه بالرقیة حکم علیه بها ما لم یکن معروف النسب (1) و کذا کل من أقر بها بالغا رشیدا مجهولا و إن کان المقر له کافرا
______________________________
محکوم بکفره و رقه إلا أن یکون فیها مسلم و لو تاجرا إذا کان مقیما و کذا لو کان أسیرا أو محبوسا و لا یکفی المارة من المسلمین (قلت) المحبوس فی المطامیر یحتمل أن لا یکون له أثر کالطراق و المارین و کان الکلمة متفقة علی أن من التقط من بلد وجد فیها مسلم ساکن مستوطن و لو للتجارة و یمکن کون ذلک الولد منه فإنه حر و الشیخ فی المبسوط متوقف لا مخالف و هذا هو الموافق للاعتبار و علیه تنزل باقی العبارات لأن البناء علی الاحتمال البعید جدا و الاکتفاء بمجرد الطرق و الاجتیاز یجعل المسألة مجرد فرض و إلا أشکل الأمر غایة الإشکال و لا سیما علی الملتقط الأول و السابی الأول إذ الاحتمال البعید قائم لا یکاد ینکر و إن کان ما یؤخذ منه لا إشکال فیه لأن أفعال المسلمین مبنیة علی الصحة بل المولی الأردبیلی استشکل ما احتملنا اتفاق الکلمة علیه و استبعده إلا أن یکون هناک نص أو إجماع قال و إلا فالعقل یجد أن إلحاقه بالأکثر أولی و لهذا یحکمون بإسلام أهل البلد لإسلام الأکثر ثم أمر بالتأمل (و أما أخبار الباب) فیحمل إطلاق الحکم فیها بالحریة فی المنبوذ و اللقیط علی الأفراد المتکثرة الشائعة و هو ما کان فی بلاد الإسلام أو فی بلاد الحرب التی فیها مسلم مقیم أو مسلمون ساکنون و وجود اللقیط فی دار الحرب التی لیس فیها مسلم ساکن و لو تاجرا أو أسیرا نادر جدا فکأنه غیر داخل فی إطلاق الأخبار المذکورة «فلیتأمل جیدا» و لما کان الأصل فی بنی آدم الحریة کما نطقت به عباراتهم لا یلتفت إلی الأصل بمعنی الراجح کونه من غیر المسلم الساکن و أصل عدم کونه من المسلم معارض بمثله و قضیة ذلک الاکتفاء بمجرد وجود المسلم حین انعقاد نطفة الولد الملتقط و لما تحقق (کان نسخة) وجود المسلم حال انعقاد النطفة متعذرا جعلوا السکنی دلیلا علی ذلک فکان المدار علی السکنی الدالة علی تحقق وجود المسلم الذی یمکن أن یکون منه و أما المار فیمکن أن یقال فیه إن الأصل عدم کونه فی البلد حال انعقاد نطفة الولد «فلیتأمل» و المسلم فی کلامهم لبیان الجنس فیشمل المسلمة فلو کان اللقیط معروف الأب مجهول الأم و فی بلد الحرب امرأة أسلمت یمکن تولده منها کان حرا
(قوله) (فإن أقر بعد بلوغه بالرقیة حکم علیه بها ما لم یکن معروف النسب)
إذا أقر المأخوذ من دار الحرب و فیها مسلم أو من دار الإسلام بعد بلوغه و رشده بالرقیة حکم علیه بها ما لم یکن معروف النسب و قد طفحت عباراتهم بذلک فی الکتابین کتاب البیع و کتاب اللقطة و کان دلیله الإجماع کما فی مجمع البرهان و خالف فی ذلک العجلی فی السرائر فقال لا یقبل إقراره عند محصلی أصحابنا و هو الأصح لأن الشارع حکم علیه بالحریة و ضعفوه بأن حکم الشارع علیه بالحریة بناء علی الأصل و هو یدفع بالإقرار بعده و لا فرق بین اللقیط و غیره من المجهولین فلو جاء رجل و أقر بالعبودیة یقبل و قد کان اللازم علی مذهبه أنه لا یقبل لأنه کان محکوما علیه بالحریة فلا یقبل إقراره بالعبودیة و هذا کله غلط کما فی المختلف و اختلفت عباراتهم فی اعتبار الرشد ففی بیع التذکرة و جامع المقاصد و الروضة و لقطة الشرائع و النافع و المسالک التقیید به کما ذکرنا فی العنوان و أکثر العبارات خلا عن ذکره کالتذکرة و الکتاب فی باب اللقطة و الشرائع و الإرشاد و الدروس و غیرها و ظاهر الکفایة و المفاتیح التردد و اعتذر صاحب جامع المقاصد عن المصنف بأن ترک ذکره اعتمادا علی اشتراطه فیما بعد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 310
و لا یقبل رجوعه (1) و لو اشتری عبدا یباع فی الأسواق فادعی الحریة لم تقبل إلا بالبینة (2)
______________________________
و فی حسنة ابن سنان أو صحیحته الواردة فی المقام بخصوصه فیها دلالة علی عدم اشتراط الرشد فی المقر و أن العقل کاف إلا أن یدخل فی قوله علیه السلام و هو مدرک (و أقصی) ما یمکن أن یتمسک لمشترطیه أن السفیه لا یقبل إقراره فی المال فکذا فی النفس لأنه مال بل هو فیها أولی و أن الإقرار بالنفس قد یستتبع الإقرار بالمال فیرجع بالأخرة إلی الإقرار بالمال و قد علمت أنه لا یقبل إقراره فیه (و یرد علی الأول) أن السفیه ممنوع من الإقرار بماله و نفسه لیست ماله بل لغیره و أنه إن کان رقا فإقراره فی حق غیره و إن کان حرا فلا إقرار بشی‌ء و قیاس النفس (علی) بالمال لیس فی محله و الشارع أمضی إقراره فی القصاص و لم یمضه فی المال (و علی الثانی بأنه لیس) من الإقرار بالمال و إنما ثبت المال تبعا و ما ذا تقولون لو لم یکن له مال (فلیتأمل) و لا بد أن یستند فی إقراره إلی شی‌ء یقبل کأن یقول أخبرنی جماعة بأنی رق لفلان و حصل لی القطع بذلک (و مما ذکر) یعلم الحال فی قوله و کذا کل من أقر بها رشیدا و حیث حکم برقیته ففی بطلان تصرفاته السابقة علی الإقرار أوجه ثلاثة الأول البطلان لظهور وقوعها حال الرقیة الثانی الصحة لوقوعها حال الحکم بالحریة و الثالث الفرق بین ما لم یبق أثره کالبیع و الشراء و ما یبقی کالنکاح فیعید الأول و یفسد النکاح إن کان قبل الدخول و علیه نصف المهر و إن کان بعده فسد و علیه المهر فیستوفی مما فی یده و إلا یتبع به بعد العتق و لو کانت المقرة الزوجة اللقیطة لم یحکم بفساد النکاح لتعلقه بالغیر و یثبت للسید أقل الأمرین من المسمی و عقر الأمة فلیتأمل
(قوله) (و لا یقبل رجوعه)
کما فی الشرائع و التذکرة و جامع المقاصد و المسالک و مجمع البرهان و غیرها لاشتماله علی تکذیب إقراره و دفع ما ثبت علیه منه بغیر موجب بل قال فی التذکرة و لو أقام بینة لم یسمع لأنه بإقراره أولا قد کذبها و هو قضیة ما فی الشرائع و استشکل ذلک فی جامع المقاصد و المسالک فیما لو أظهر لإنکاره تأویلا محتملا کما لو قال إنی تولدت بعد إعتاق أحد الأبوین و ما کنت أعلم بذلک حین أقررت و قد علمته الآن بالبینة هذا و إن کذبه المقر له بالرقیة ففی بطلان إقراره حینئذ من حیث إن إقراره منحصر فی رقبة مخصوصة و قد انتفت بإنکار المالک أم یبقی علی الرقیة المجهولة قولان أولهما للشیخ فی المبسوط علی ما حکی و الثانی لا یخلوا من قوة فعلیه «1» لو عاد المقر له فصدقه تثبت رقیته لأن الرقیة المطلقة کالمال المجهول المالک یقبل إقرار مدعیه ثانیا و إن تقدم إنکاره و علی قول الشیخ لا یلتفت إلیه فلو ادعی لما کذبه المقر له الحریة ففی اعتبار رجوعه وجهان أحدهما العدم لنفوذ إقراره و رد المقر له إنما ینفی ملکه إیاه بالنسبة إلیه ظاهرا لا کونه رقا الثابت شرعا و لا سیما علی القول بأنه إذا رجع إلی التصدیق قبل منه و لأنه لما أقر بالرقیة منع من التصرفات التی تعتبر فیها الحریة فزوال ذلک یحتاج إلی دلیل و الثانی أنه یعتبر لأن إقراره قد سقط اعتباره برد المقر له فإذا انتفت وجب أن یکون حرا خصوصا علی قول الشیخ و إن کان قد ادعی الحریة ثم أقر بالرقیة ففی قبول إقراره أیضا قولان أشهرهما و أقواهما القبول و الثانی العدم لأنا حکمنا بحریته و ألزمناه أحکامها من الحج و الجهاد و غیرهما فلا ینقض ذلک برجوعه (و فیه) أن ذلک لو أثر لاقتضی عدم قبول إقرار من ظاهره الحریة من دون دعواها لوجوب ذلک علیه و حیث حکم برقیته جاءت فی تصرفاته الأوجه السابقة آنفا
(قوله قدس سره) (و لو اشتری عبدا یباع فی الأسواق فادعی الحریة لم تقبل إلا بالبینة)
بلا
______________________________
(1) أی علی الثانی «حاشیة»
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 311
..........
______________________________
خلاف کما فی الریاض و به صرح فی المقنعة و النافع و الدروس و غیرها (و قال فی الشرائع) و کذا لو اشتری عبدا فادعی الحریة لکن هذا تقبل دعواه مع البینة یرید أنه لا یلتفت إلی دعواه من دون بینة و نحو ذلک ما فی الإرشاد و غیره من أنه لا تقبل ادعاء الحریة من المشهور بالرقیة إلا بالبینة و کان المراد بالمشهور بالرقیة کونه رقا ظاهرا کأن یری یباع و یشتری من غیر إنکار و إلا فعدم القبول بمجرد الشهرة مشکل لأنها لیست بحجة شرعیة مع أن الأصل فی بنی آدم الحریة (و ستسمع) عن الکفایة کفایة ذلک (و قال فی التذکرة) العبد الذی یوجد فی الأسواق یباع و یشتری یجوز شراؤه و إن ادعی الحریة لم یقبل منه ذلک إلا بالبینة و کذا الجاریة فقد عمم الحکم للعبد و الجاریة و لا کذلک عبارتا الکتاب و الشرائع و لذلک اعترض فی المسالک قال إن مورد النص الجاریة و ستسمع تحقیق ذلک و فی الکفایة و لا تقبل ادعاء الحریة من مشهور بالرقیة إلا بالبینة لصحیحة عیص بن القاسم و کذا إن وجده یباع فی الأسواق لمعتبرة حمزة بن حمران المعتضدة بالشهرة و فی المفاتیح لو اشتراه فادعی الحریة لم تقبل دعواه إلا مع البینة لأن ظاهر الید و التصرف یقتضی الملک و للصحیح (و تنقیح البحث) أن یقال إن ثبوت الرقیة فیما نحن فیه إما بالإقرار أو بالبینة أو بالید المرتبة علیها الآثار کرؤیته یباع و یشتری أو بالید من دون ظهور أثر أو بشهرة رقیته ففی الأول لا تقبل دعواه الحریة أقام بینة أم لا إلا مع إظهار الشبهة الممکنة کما تقدم و فی الثانی و الثالث تقبل بها لا بدونها (و قد استدل) فی التذکرة و المسالک و غیرهما علی الحکم فی الثالث بخبر حمزة بن حمران (قال فی التذکرة) بعد ما نقلناه عنه آنفا ما نصه لأن ظاهر التصرف یقضی بالرقیة و لما رواه حمزة بن حمران فی الصحیح أنه سئل الصادق علیه السلام قال أدخل السوق و أرید أشتری جاریة فتقول إنی حرة فقال اشترها إلا أن یکون لها بینة (و فی الصحیح) عن عیص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن مملوک ادعی أنه حر و لم یأت ببینة علی ذلک أشتریه فقال نعم و مثل ذلک قال فی المسالک من دون تفاوت غیر أنه لم یذکر صحیح العیص و إنما ذکر خبر حمزة و وصفه بالصحة کما فی التذکرة ثم إنه أشار إلی قصور فی عبارة الشرائع بقوله و مثل العبد الجاریة بل هی مورد النص فکان التعمیم أولی (قلت) حمزة بن حمران لم یذکره أحد بالتوثیق نعم حدیثه عندنا یعد حسنا لمکان روایة الأجلاء عنه کصفوان و ابن أبی عمیر و ابن مسکان و کون روایته سدیدة مقبولة إلی غیر ذلک مما یشیر إلی حسنه و لیس خبره بتلک المکانة من الصراحة بل و لا الظهور فیما ذکروه و حمله علی من ثبتت رقیتها برؤیتها تباع و تشتری لعله بعید إلا أن یقال إن الشهرة جبرت الدلالة «فلیتأمل» (و أما صحیح العیص) فظاهره أن المراد بالمملوک فیه من ثبت أنه کذلک بحسب الظاهر من الشهرة فیکون دلیل الحکم الخامس کما فی الکفایة أو برؤیته یباع و یشتری فیکون دلیل الثالث أیضا کما فی التذکرة علی أنه یحتمل ثبوت ملکیته (مملوکیته خ ل) بالبینة فیکون دلیل الثانی بل بالإقرار حیث یمکن إظهار الشبهة فی إقراره الأول فیکون دلیل الأول و هو ظاهر فی العبد فیکون بناء علی الاحتمال الثانی مورد النص العبد و الجاریة فلا یتوجه اعتراض المسالک سلمنا و لکن الغالب فی الأحکام ذکر المذکر و یحال علیه المؤنث (و أما الحکم الرابع) فقد قال فی التذکرة أما لو وجده فی یده و ادعی رقیته و لم یشاهد شراءه له و لا بیعه إیاه فإن صدقه حکم علیه بمقتضی إقراره و إن کذبه لم تقبل دعواه الرقیة إلا بالبینة عملا بأصالة الحریة و إن سکت من غیر تصدیق و لا تکذیب فالوجه أن حکمه حکم التکذیب إذ قد یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 312
و یملک الرجل کل قریب و بعید سوی أحد عشر الأب و الأم و الجد و الجدة لهما و إن علوا و الولد ذکرا و أنثی و ولد الولد کذلک و إن نزلوا و الأخت و العمة و الخالة و إن علتا و بنت الأخ و بنت الأخت و إن نزلتا فمن ملک أحدهم عتق علیه و تملک المرأة کل أحد سوی الآباء و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا (1)
______________________________
السکوت لأمر غیر الرضا و إن کان صغیرا فإشکال أقربه أصالة الحریة فیه (و قال فی الدروس) أما مجرد الید علیه فغیر کاف فتقبل دعواه حریة الأصل لا عروض الحریة إلا ببینة و عن التحریر أنه استقرب فیما إذا سکت أو کان صغیرا العمل بظاهر الید و لم أجده فی التحریر و استجود ذلک صاحب المسالک و تأمل فیه صاحب الکفایة لقول أمیر المؤمنین علیه السلام فی صحیحة عبد اللّٰه بن سنان الناس کلهم أحرار إلا من أقر علی نفسه بالعبودیة و هو مدرک (قلت) و إلیه نظر فی التذکرة و وجه ما نقلوه عن التحریر أنه فی صورة السکوت متصرف و صاحب ید و یدعی ممکنا و لا منازع له و لا مکذب فالظاهر صدقه حتی یظهر المنازع کما إذا ادعی زوجیة امرأة و ملکیة أموال و أنه إذا کان السکوت یجری مجری التکذیب فلیکن البیع فی الأسواق مع السکوت کذلک و فی صورة الصغر أنه إذا حکم بحریته حرم شراؤه و استخدامه مع استقامة الطریقة علی شراء العبید الأطفال و استخدامهم (فلیتأمل) و مما ذکر فی التذکرة و غیرها یظهر حال الفاء فی عبارة الکتاب و الشرائع حیث قیل فیهما فادعی الحریة فإنها تقتضی أنه ادعی الحریة بعد الشراء لکنه فی جامع المقاصد اعترض ذلک قال ظاهر العبارة أنه ادعی الحریة بعد الشراء و لیس الحکم مخصوصا بذلک فإنه لو ادعی الحریة مع کونه یباع لم تثبت إلا بالحجة لأن ظاهر الید و السلطنة تقتضی الملک حتی یثبت ما ینافیه و کأنه أراد بکونه یباع أنه ینادی الدلال علیه بالبیع و أن ذلک فی حکم البیع و الشراء لکن تعلیله قد یعطی أنه ممن یمیل إلی ما نقل عن التحریر (فلیتأمل)
(قوله قدس سره) (و یملک الرجل کل قریب و بعید سوی أحد عشر الأب و الأم و الجد و الجدة لهما و إن علوا و الولد ذکرا و أنثی و ولد الولد کذلک و إن نزلوا و الأخت و العمة و الخالة و إن علتا و بنت الأخ و بنت الأخت و إن نزلتا فمن ملک أحدهم عتق علیه و تملک المرأة کل أحد سوی الآباء و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا)
ملک الرجل و المرأة لمن عدا ما ذکر من البعید موضع إجماع من المسلمین و من القریب إجماعی منا کما فی الخلاف و غیره علی کراهیة بلا خلاف کما فی الریاض متأکدة فیمن یرثه و هو أیضا مما لا أجد فیه خلافا و أما انعتاق هؤلاء بمجرد الملک من دون إحداث عتق علی الرجل و المرأة فی العمودین و علیه فی کل أنثی محرمة علیه فقد نص علیه فی المقنع و المقنعة و النهایة و ما تأخر عنها و عبارة المقنعة و إن خلت عن بعض ما ذکر لکنه مراد له علی الظاهر و فی الخلاف و المهذب البارع و مجمع البرهان و المفاتیح الإجماع علی ذلک و فی الحدائق و الریاض نفی الخلاف فیه و فی الروضة الإجماع علی الأحد عشر من النسب و لا فرق فی ذلک بین الملک القهری و الاختیاری و لا بین الکل و البعض فیقوم علیه باقیه إن کان مختارا و لا یثبت فیه خیار المجلس و الحیوان للبائع و لا المشتری (و الأقرب) أن له رده بالعیب کما یأتی بلطف اللّٰه سبحانه و فضله و إحسانه و برکة محمد و آله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم (و اختلفوا) فی الوقت الذی یقع فیه العتق هل یقع مع البیع بلا فصل فیقع العتق و الملک معا أو فی الآن الثانی بعد فرض ملکهم آنا قلیلا قولان نقلهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 313
..........
______________________________
فی المبسوط و قوی الثانی و هو ظاهر المنقول عن أبی علی بل ظاهر السرائر أیضا فی باب البیع بل کاد یکون صریحها قال و متی حصل واحدة من المحرمات اللاتی ذکرناها فی ملکه فإنهن ینعتقن فی الحال (و ستسمع) ما ذکره فیها فی باب العتق و هو خیرة المصنف و الشهیدین و المحقق الثانی و غیرهم و استظهره فی المسالک من عبارة الشرائع حیث قال و یثبت العتق حین یتحقق الملک لقوله علیه السلام لا عتق إلا فی ملک و لأن العقد لو اقتضی زوال الملک من البائع من غیر أن یثبت الملک للمشتری لما قوم علیه لو اشتری بعضه و لما تبعه أحکام البیع من وجوب الأرش و غیره و لأن عباراتهم قد طفحت بقولهم من ملک أحد هؤلاء عتق علیه (و لا وجه) لذلک إلا بذلک و أما قول جماعة کالمصنف فی الکتاب و غیره و یملک الرجل کل قریب و بعید سوی العمودین إلی آخره (فالمراد) أنه یملک ملکا مستقرا و لا یملک ملکا مستقرا کما فسر ذلک بذلک فی التحریر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و مجمع البرهان و الریاض و غیرها (و لقد) أحسن الشهید فی الدروس و اللمعة حیث اختار التعبیر بالاستقرار و أما الأخبار فهی و إن کان ظاهر جملة منها العتق بنفس الشراء إلا أن ظاهر البعض الآخر ترتب العتق علی الملک مثل قوله علیه السلام فی روایة أبی بصیر و أبی العباس و عبید إذا ملک الرجل والدیه أو أخته أو عمته الحدیث و قوله إذا ملکهن عتقن و قوله فی خبر ابن سنان فملکه فهو حر إلی غیر ذلک من الأخبار فیحمل مطلقها علی مقیدها و کذلک الحال فی عتق المأمور بعتقه و عتق السرایة فقد اختلفوا فی الأخیر فی حصته هل تنعتق بأداء القیمة أو بالإعتاق أو یکون مراعی (و قال) فی باب العتق من السرائر فیما نحن فیه هؤلاء ینعتقون بنفس الملک و قد قیل فی أنه متی یکون العتق (أقوال) الأصح من ذلک أنه مع تمام البیع معا لأن الإنسان لا یملک من ذکرناه و هو خیرة الغنیة حیث قال یقع مع البیع بلا فصل و قد فهم ذلک المصنف فی المختلف من عبارتی المقنعة و النهایة و ظاهر الحلبی و تبعه علی ذلک جماعة و عبارتا المقنعة و النهایة فی باب البیع لیستا بتلک المکانة من الظهور لأنهما قد صرحا بأن هؤلاء إذا ملکوا أعتقوا فی الحال و هذه العبارة قد وقعت فی کلام من اختار القول الأول کالمصنف فی التحریر و غیره و قد وقعت أیضا فی الوسیلة فهلا نسب إلیها موافقة ابن إدریس (قال) و إذا ملک مملوکا لم یخل من ستة وجوه إما ینعتق علیه فی الحال إلی آخره نعم عبارة النهایة فی باب العتق صریحة فی ذلک (قال) و من إذا ملک انعتق إما فی الحال أو فیما بعده من غیر أن یعتقه صاحبه (ثم قال) إن هؤلاء إذا ملکوا انعتقوا فی الحال (فلیتأمل) و عبارة المراسم ظاهرة فی ذلک حیث قال ینعتق علیه حین یشتریه (فلیتأمل) و ربما قیل إن العتق مقارن للملک و السبق إنما هو بالذات أی ذات الملک سبقت ذات العتق و لا سبق فی الزمان و هذا إن کان غیر قول ابن إدریس فلیکن القول الذی أشار إلیه بقوله أقوال و قرابة الشبهة بحکم الصحیح بخلاف قرابة الزنا کما فی الدروس و الروضة و فی إلحاق الخنثی بالرجل أو المرأة نظر من الشک فی الذکوریة التی هی سبب عتق غیر العمودین فیوجب الشک فی عتقهم و التمسک بأصالة بقاء الملک و من إمکانه فیرجح جانب العتق لبنائه علی التغلیب و قرب فی الدروس أنها کالمرأة و فی الروضة أنه لا یخلو من قوة و کذا الإشکال لو کان الخنثی مملوکا و لعل إلحاقه بالذکر لا یخلو من قوة و قد یفهم من إطلاق الرجل و المرأة أن الصبی و الصبیة لا یعتق علیهم ذلک لو ملکوه إلی أن یبلغوا و الأخبار المطلقة فی الرجل و المرأة کذلک و یعضده أصالة البراءة و إن کان خطاب الوضع غیر مقصور علی المکلف علی تأمل لنا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 314
و الرضاع کالنسب علی رأی (1)
______________________________
فی ذلک
(قوله قدس سره) (و الرضاع کالنسب علی رأی)
کما هو خیرة المقنع فی باب العتق و لم أجد فیه ما نسبوه إلیه فی باب البیع و الخلاف و النهایة و کتابی الأخبار و الوسیلة و کشف الرموز و التحریر و الإرشاد و التذکرة و الإیضاح و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و الحدائق و الریاض و هو المنقول عن القاضی و إجماع الخلاف منطبق علیه فإنه ادعی الإجماع علی ذلک بعد أن نسب الخلاف إلی جمیع الفقهاء و بعض أصحابنا و هو أشهر الروایتین کما فی النافع و عتق الشرائع و الأشهر کما فی بیع الشرائع و هو مذهب الشیخ و أتباعه و أکثر المتأخرین کما فی المسالک و مذهب الأکثر کما فی المفاتیح و فی المهذب البارع و المقتصر نسبته إلی الباقین بعد أن ذکر جماعة ممن خالف کما ستعرفهم (و حاصل) المنقول عن أبی علی أنه لا یملک من یحرم علیه من الرضاع تملک العبید فإن ملکهم لم یبعهم إلا عند الضرورة إلی أثمانهم و جعله آخر ما یباع فی الدین و فی المقنعة فی باب السراری و باب ابتیاع الحیوان أنه یملک أمه من الرضاع و أخته منه و ابنته و خالته و عمته لکن یحرم علیه وطؤهن (قلت) تحریم الوطی مما لا ریب فیه عندهم و فی التذکرة الإجماع علیه و إنما الخلاف فی الملک و فی المراسم و السرائر و ظاهر الغنیة مثل ما فی المقنعة و هو المنقول عن الحسن بن أبی عقیل و عن أبی الصلاح و فی السرائر نسبته إلی المحصلین من أصحابنا (و لیعلم أن الخلاف) فی ذلک جار فی الرجل و المرأة کما صرح به جماعة و أشار إلیه آخرون (و یدل) علی المشهور ما رواه الشیخ فی الصحیح عن أبی بصیر و أبی العباس و عبید کلهم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه لا یملک أمه من الرضاعة و لا أخته و لا عمته و لا خالته إذا ملکهن عتقهن قال ما یحرم من النسب فإنه یحرم من الرضاع (و قد) رواه الصدوق بأسانیده عن أبی بصیر و أبی العباس و عبید و طریقه إلی البقباق صحیح و إلی عبید لا بأس به و ما رواه الشیخ فی الصحیح عن الحلبی و ابن سنان (ظ) عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی امرأة أرضعت ابن جاریتها قال تعتقه و معناه أن إرضاعها یکون سببا لعتقه و ما رواه فی الکافی فی الصحیح عن عبید بن زرارة قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عما یملک الرجل من ذوی قرابته فقال لا یملک والدیه (إلی أن قال) و لا یملک أمه من الرضاعة و لا قائل بالفرق بین الأم من الرضاعة و غیرها و کأنه خرج مخرج التمثیل (و ما) رواه الشیخ عن عبد اللّٰه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن امرأة ترضع غلاما لها من مملوکة حتی تفطمه یحل لها بیعه قال لا حرم علیها ثمنه (قال) ثم قال أ لیس قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یحرم من الرضاعة ما یحرم من النسب أ لیس صار ابنها فذهبت أکتبه فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام لیس مثل هذا یکتب و کان ذلک لوضوحه أو للتقیة أو لقلته فلا ینسی و قد وصفت هذه الروایة فی عتق المسالک بالصحة و هو غیر صحیح لأن فی طریقها الحسن بن محمد بن سماعة و هو واقفی و طریق الشیخ إلیه غیر معلوم و الروایة الموسومة بالصحة فی التذکرة و المختلف و لعله أشار إلیها فی بیع المسالک ما رواه فی الکافی عن ابن سنان فی الصحیح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سئل و أنا حاضر عن امرأة أرضعت غلاما مملوکا لها من لبنها حتی فطمته هل لها أن تبیعه قال لا هو ابنها من الرضاعة حرم علیها بیعه و أکل ثمنه (ثم قال) أ لیس قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب إلی غیر ذلک من الأخبار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 315
و یکره تملک القریب غیر من ذکرنا (1) و یصح أن یملک کل من الزوجین صاحبه فیبطل النکاح و إن ملک البعض (2)
______________________________
کخبر علی بن جعفر و ما رواه الصدوق فی المقنع و خبر السکونی (و أما) ما یدل علی القول الثانی فهو ما رواه الشیخ عن عبد اللّٰه بن سنان عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال إذا اشتری الرجل أباه أو أخاه فهو حر إلا ما کان من قبل الرضاع (و ما) رواه عن الحلبی فی الصحیح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی بیع الأم من الرضاع قال لا بأس بذلک إذا احتاج و نحوه خبر آخر (و قد أجاب) الشیخ عن الخبرین الأولین بأنهما لا یعارضان الأخبار الأخر لأنها أکثر و أشد موافقة بعضها لبعض فلا یجوز ترک تلک و العمل بهذه علی أنه یمکن أن یکون الوجه فیه إذا کان الرضاع لم یبلغ الحد الذی یحرم (ثم) احتمل أن تکون إلا عاطفة کقوله تعالی لِئَلّٰا یَکُونَ لِلنّٰاسِ عَلَیْکُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِینَ ظَلَمُوا- لٰا یَخٰافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ إِلّٰا مَنْ ظَلَمَ و الأشبه أن تجعل إلا بمعنی سوی کما قالوه فی قوله تعالی إِلّٰا مٰا شٰاءَ رَبُّکَ أو بمعنی غیر کما فی قوله لَوْ کٰانَ فِیهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا و الأولی من ذلک الحمل علی التقیة لأنه مذهب جمیع فقهاء الجمهور کما أسمعناکه عن الخلاف
(قوله) (و یکره تملک القریب غیر من ذکرنا)
کما نص علی ذلک فی النهایة و الإستبصار و الشرائع و النافع و التذکرة و غیرها و کذا الدروس حیث عبر باستحباب عتقهم و قد سمعت آنفا ما نقلنا عن الریاض (للنصوص) المستفیضة الصحیحة الصریحة بملکهم و استرقاقهم (و فی موثقة سماعة) قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل یملک ذا رحم یحل له أن یبیعه أو یستعبده قال لا یصلح (لا یصح خ ل) له أن یبیعه و هو مولاه و أخوه و إن مات ورثه دون ولده و لیس له أن یبیعه و لا یستعبده (و نحوه الخبر) لا یملک الرجل أخاه من النسب و یملک ابن أخیه و قد حملت علی الکراهة جمعا مع قصورها سندا و إشعار الموثق بالکراهیة (و ما عساه) یتوهم من أن المراد بذی الرحم فیه من ینعتق علیه من المحارم (یدفعه) قوله فإن مات ورثه دون ولده علی أنه یحتمل وجوها أخر
(قوله) و یصح أن یملک کل من الزوجین صاحبه فیبطل النکاح و إن ملک البعض)
لا تمنع الزوجیة من الشراء فتبطل الزوجیة و یستقر الملک فإن کان المشتری الزوج استباحها بالملک و إن کانت الزوجة حرم علیها وطی مملوکها مطلقا سواء کان السبب عقدا أو ملکا و فی الروضة أن ذلک موضع وفاق و فی المسالک و مجمع البرهان الإجماع علی انفساخ الزوجیة و بقاء الملک و فی الکفایة نفی الخلاف عن ذلک و فی المفاتیح الإجماع علی أنه یملکها و تملکه و قد عللوا بطلان الزوجیة بالملک بأن التفصیل فی حل الوطی یقطع الاشتراک بین الأسباب و باستلزامه اجتماع علتین علی معلول واحد (و فیه) ما تری و قد نصوا علی أن ملک البعض کالکل لأن البضع لا یتبعض (قلت) إن کان المالک الزوج فالحکم واضح و إن کانت المالکة الزوجة فلا یجوز له نکاحها بعقد مستأنف أیضا لأن البضع لا یتبعض (و صحیحة) عبد اللّٰه بن سنان واردة فی خصوص ذلک (قال) سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول فی رجل زوج أم ولد له مملوکة ثم مات الرجل فورثه ابنه فصار له نصیب فی زوج أمه ثم مات الولد أ ترثه أمه قال نعم قلت فإذا ورثته کیف تصنع و هو زوجها فقال تفارقه و لیس له علیها سبیل و هو عبد (و من أخبار المسألة) خبر محمد بن قیس الذی رواه ثقة الإسلام فی الصحیح أو الحسن و الصدوق فی الصحیح و صحیح سعید بن یسار و موثق إسحاق بن عمار و قد حمل قول أمیر المؤمنین علیه السلام فی خبر محمد بن قیس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 316
و ما یؤخذ من دار الحرب بغیر إذن الإمام فهو للإمام خاصة لکن رخصوا لشیعتهم فی حال الغیبة التملک و الوطی و إن کانت الإمام أو بعضها و لا یجب إخراج حصة غیر الإمام منها و لا فرق بین أن یسبیهم المؤمن (المسلم خ ل) أو الکافر (1)
______________________________
لو فعلت لرجمناک علی التهدید و الشتم و الإیذاء
(قوله قدس سره) (و ما یؤخذ من دار الحرب بغیر إذن الإمام فهو للإمام خاصة لکن رخصوا لشیعتهم فی حال الغیبة التملک و الوطی و إن کانت للإمام أو بعضها و لا یجب إخراج حصة غیر الإمام منها و لا فرق بین أن یسبیهم المؤمن أو الکافر)
مراده أن ما یؤخذ بالقتال و هو المعبر عنه بغنیمة من غزا بغیر إذن الإمام کما یرشد إلی ذلک قوله فیما بعد و کل حربی قهر حربیا (إلی آخره) و هو الذی فهمه من العبارة صاحب جامع المقاصد و کون هذه الغنیمة للإمام خاصة هو المشهور کما فی جامع المقاصد و تعلیق النافع و الروضة و فی المنتهی ذهب إلیه الشیخان و السید المرتضی و أتباعهم و الروایة و الواردة فی ذلک مشهورة بین الأصحاب و عملهم علیها کما فی التنقیح و المهذب البارع و منجبرة بعمل الأصحاب کما فی المسالک و فی الروضة أیضا أنه لا قائل بخلافها و فی کشف الرموز ما وقفت لها علی مخالف و فی إیضاح النافع للقطیفی أن المسألة إجماعیة و الروایة منجبرة بالشهرة و فی الخلاف الإجماع علی أنه إذا غزت طائفة بغیر إذن الإمام فغنموا مالا فالإمام مخیر إن شاء ترک علیهم و إن شاء أخذ منهم و فی المبسوط قال الروایة التی رواها أصحابنا و فی السرائر لا بأس أن یشتری الإنسان ما یسبیه الظالمون إذ کانوا مستحقین للسبی و لا بأس بوطی من هذه صفتها و إن کانت حقا للإمام لم تصل إلیه لأن ذلک قد جعل شیعته منه فی حل و سعة لإجماع أصحابنا علی ذلک و المحقق نسب الحکم فی النافع إلی القیل و أفتی به فی الشرائع و فی الکفایة فی مسألة الخراج قال إن الروایة ضعیفة مرسلة لا تصلح لإناطة الحکم بها و قد أطال مولانا المقدس الأردبیلی فی بیان عدم حجیتها و عدم جواز العمل بها و قال إن فی السند الحسن بن أحمد بن بشار المجهول عن یعقوب المشترک و الجبر بالعمل غیر مسموع إلی غیر ذلک مما ذکره مما لا یصغی إلیه و لا یعرج علیه و نحو ذلک ما فی المدارک و قد استحسن فیه و فی المفاتیح ما قواه فی المنتهی من مساواة ما یغنم بغیر إذن الإمام لما یغنم بإذنه و إلی ذلک مال أو قال به فی المختلف و ستسمع عبارته فی آخر المسألة و الذی جرأهم علی ذلک ما فی المعتبر حیث قال معرضا بابن إدریس و بعض المتأخرین یستسلف صحة الدعوی مع إنکاره العمل بخبر الواحد فیحتج لقوله بدعوی الإجماع و ذلک مرتکب فاحش (إلی آخر) ما قال (و نحن نقول) إن المرسل المشار إلیه مؤید بعد الإجماع بروایة صحیحة مرویة فی الکافی فی کتاب الجهاد فی أول باب قسمة الغنیمة (و أما الحسن) الذی استند إلیه صاحب المدارک و المفاتیح فهو ما رواه الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل من أصحابنا یکون فی لوائهم فیکون معهم فیصیب غنیمة فقال یؤدی خمسنا و یطیب له (و فیه) أنه مع رفضهم له و عدم مقاومته للمرسل المعتضد بما عرفت یحتمل الحمل علی تحلیله علیه السلام لذلک الرجل بخصوصه حیث إنه من الشیعة و ظاهر الأکثر أنه لا فرق فی ذلک بین أن یکون القتال علی الدعوة إلی الإسلام أم لا بل هو صریح جماعة و إلیه أشار المصنف هنا و فی التذکرة بقوله و لا فرق بین أن یسبیهم المؤمن و الکافر کما ستعرف و قد یلوح (یظهر خ ل) من بعض العبارات قصره علی الأول فلیلحظ و لیتأمل (و قد) یؤیده الاعتبار لأن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 317
..........
______________________________
أخذ مال الکفار (الکافر خ ل) لیس مشروطا بإذن الإمام علیه السلام بل المشروط بذلک الجهاد فمن جاهد بغیر إذنه یکون لما أخذه هذا الحکم و لکن النص و الفتوی مطلقان و الخبر المشار إلیه روایة الوراق عن رجل سماه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال إذا غزا قوم بغیر إذن الإمام فغنموا کانت الغنیمة کلها للإمام (هذا و القول) بأن حکم ذلک حکم الغنیمة قول الشافعی نقله عنه الشیخ رحمه اللّٰه فی الخلاف و أما أنهم علیهم السلام رخصوا لشیعتهم فقد قال فی المنتهی قد أباح الأئمّة علیهم السلام لشیعتهم المناکح فی حالتی ظهور الإمام و غیبته و علیه علماؤنا أجمع لأنه مصلحة لا یتم التخلص من المآثم بدونها فوجب فی نظرهم علیهم السلام فعلها و الإذن فی استباحة ذلک من دون إخراج حقهم منه لا علی أن الواطی یطأ الحصة بالإباحة إذ قد ثبت أنه یجوز إخراج القیمة فی الخمس و کان الثابت قبل الإباحة فی الذمة إخراج خمس العین من الجاریة أو قیمته و بعد الإباحة ملکها الواطی ملکا تاما فاستباح وطأها بالملک التام (انتهی) و فی حواشی الشهید (أنه قد تقرر) عندنا أن جمیع ما یؤخذ من دار الحرب بغیر إذن الإمام سواء کان فی حضوره أو غیبته فإن جمیع ذلک له علیه السلام و قد أباحه لشیعته فی حال الغیبة انتهی و إباحة المناکح مما لم أجد فیها مخالفا عدا ما نقل عن أبی الصلاح فإنه قال لا یباح شی‌ء أصلا و المراد بالمناکح علی ما ذکره جماعة کثیرون الجواری التی تسبی من دار الحرب و فسرها بعضهم بثمن السراری و مهر الزوجة من الربح و ما ذکره فی المنتهی من عدم الفرق بین حالتی الحضور و الغیبة هو ظاهر أکثر الأدلة لکن أکثر العبارات التقیید بحال الغیبة کالنهایة و المبسوط و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و الإرشاد و الدروس و غیرها و خلا عنه المقنعة و التحریر و موضع آخر من السرائر و التذکرة و جملة من العبارات لکن فی التحریر و التذکرة التصریح کالمنتهی و قد سمعت کلام الشهید فی حواشیه و الجمع متجه بأن المراد بحال الغیبة عدم انبساط یده و إن کان ظاهرا معلوما کما جمع به فی إیضاح النافع و أشیر إلیه فی المهذب البارع و غیره و ما ذکره فی المنتهی من أن إباحتها تملیک لا تحلیل فهو المستفاد من ظواهر النصوص و به صرح فی الدروس و التنقیح و المهذب البارع و إیضاح النافع و غیرها و وجهه أن إباحتهم علیهم السلام إسقاط یستقر معه ملک العین و إن کان حقهم فی العین من حیث إنه أشبه ما فی الذمة فإذا أسقط استقر الملک و إلا فالتملیک یحتاج إلی إیجاب و قبول (فلیتأمل) (و قد یقال) إنه من باب الإعراض فکان بالنسبة إلینا فی حکم المباح الذی یملک بالحیازة إذا نوی علیه التملک (فلیتأمل) (و قال) فی جامع المقاصد إن أول عبارة الکتاب و آخرها غیر ملتئمین لأن أولها یقتضی کون الحکم فی غنیمة من غزا بغیر إذن الإمام کما یتبادر من قوله لکن فإنها لاستدراک ما فهم من کونها للإمام علیه السلام و هو عدم جواز التصرف فیها و آخرها یقتضی شمول الحکم لها و لغیرها لأنه قد أسلف أن جمیع المأخوذ بغیر إذنه علیه السلام له فکیف یستقیم قوله أو بعضها (و لعله) حاول بذلک التنبیه علی الحکم عند القائل بأن المأخوذ بغیر إذنه علیه السلام کالمأخوذ بإذنه (قلت) و علی ذلک نزل عبارة الشرائع فی المسالک (قال فی الشرائع) ثبت إباحة المناکح و المساکن و المتاجر فی حال الغیبة و إن کان ذلک بأجمعه للإمام أو بعضه و لا یجب إخراج حصة الموجودین منه (انتهی) و قال فی المسالک المراد بالمناکح السراری المغنومة من أهل الحرب فی حال الغیبة فإنه یباح لنا شراؤها و وطؤها و إن کانت بأجمعها للإمام علیه السلام علی ما مر أو بعضها علی القول الآخر و یرید بما مر القول المشهور (و قال فی المدارک) المراد بالمناکح الجواری التی تسبی من دار الحرب فإنه یجوز
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 318
..........
______________________________
شراؤها و وطؤها و إن کانت بأجمعها للإمام إذا کانت الغنیمة بغیر إذن أو بعضها مع الإذن انتهی (فلیتأمل) فیه و مثل عبارة الشرائع جملة من العبارات کما أن عبارة التذکرة کعبارة الکتاب فیه من دون تفاوت أصلا کما أن عبارة المنتهی فی باب الخمس کعبارة الکتاب فیه حیث جعل فی الکتابین مناط الإباحة ما له علیه السلام فیه حصة لا ما کان جمیعه له علیه السلام (و قد سمعت) عبارة المنتهی و مثل ذلک قال الشیخ فی النهایة قال و لا بأس أن یشتری الإنسان ما یسبیه الظالمون إذا کانوا مستحقین للسبی و لا بأس بوطی من هذه صفتها و إن کان فیه الخمس لمستحقه لم یصل إلیهم لأن ذلک قد جعلوه لشیعتهم إلخ ثم إنه فی جامع المقاصد احتمل فی عبارة الکتاب احتمالا آخر و هو أنه قد یتخیل شمول العبارة لما یشتری ممن لا یعتقد الخمس قال فإنه لا یجب إخراج خمسها کمن اشتری جاریة بمال غیر مخمس و هو لا یعتقد ذلک أو نمت عنده جاریة مخمسة أو قهر حربیا علی ابنته فإنها من الأرباح و فی حواشی الشهید فسر ما إذا کانت للإمام علیه السلام کلها بالذی تأخذه السریة بغیر إذن الإمام علیه السلام و ما إذا کان بعضها بالمسروق و المختلس و المقبوض بالسوم فی حال الحرب و المعادن علی القول بأن بعضها للإمام علیه السلام (و بما) یأخذه المقاتلة فی حال الحرب (و قال فی جامع المقاصد) فی شأن العبارة أیضا و لا یمکن أن یقال إن هذه الغنیمة و إن کانت کلها للإمام علیه السلام إلا أنه لا یمتنع أن یجب فیها الخمس کما احتمله فی المختلف لأن ذلک لا یصحح ما ذکره لأنها إن کانت کلها للإمام علیه السلام و إن وجب فیه الخمس لم یستقم أن یقال بعضها له و إن کان بعضها له لم یستقم أن یقال کلها له و التردید بین الأمرین یشعر بالتنافی هنا (قلت) أراد بما احتمله فی المختلف ما ذکره فیه فی المنازعة بین الشیخ و ابن إدریس فإنه فی السرائر نقل عبارة النهایة التی قد سمعتها آنفا (ثم قال) هذا لیس بواضح لأن هذا السبی جمیعه لإمام المسلمین فمن أین یجب فیه الخمس حسب (و فقه المسألة) أن کل سریة غزت بغیر إذن الإمام فما غنمت من أهل الحرب فهی فی‌ء لإمام المسلمین أجمع و المصنف فی المختلف نقل الکلامین و قال هذه المنازعة ضعیفة (أما أولا) فلأن إیجاب الخمس لمستحقه لا ینافی کون الجمیع للإمام و الشیخ لم یقل فیه الخمس حسب و لهذه الزیادة التی ذکرها ابن إدریس وقع فی الغلط علی الشیخ (و أما ثانیا) فللمنع من اختصاص الإمام علیه السلام بهذه الغنیمة (و أما ثالثا) فلأنا لو سلمنا لکن نمنع کون ما یسبیه الظالم غنیمة لجواز أخذه نهبا من غیر قتال و لا حرب أو سرقة انتهی (فتأمل) فیه هذا و قد صرح جماعة من أصحابنا بأن هذه الغنیمة لا تحل للمخالف (و به) نطقت أخبارنا و قال فی جامع المقاصد هذا فی الغنیمة المذکورة دون ما لو قهر مخالف حربیا علی ابنته مثلا فإنه یملکها إذ لیس هو بأسوإ حالا من الحربی و إن کان مخالفا (و قال) و لو اشتری جاریة من الغنیمة المذکورة بعد تملک الإمام لها ففی بقاء التحریم علیه تردد و هل یملک الإمام المغنومة من الغنیمة المذکورة بمجرد قوة الاستیلاء علیها کلام الأخبار و الأصحاب یقتضی ذلک و یحتمل توقفه علی بذل العوض لأن هذه ید ظاهرا فلا بد من بذل عوض فی مقابلها فیکون حینئذ استنقاذا (و أما) أنه لا یجب إخراج حصة غیر الإمام فلأنهم علیهم السلام رخصوا من دون أن یشترطوا إخراج الحصة المذکورة و کما یسوغ للإمام علیه السلام أن یحلل فی زمانه کذلک یسوغ له أن یحلل بعده و عن أبی علی أنه لا یصح التحلیل إلا لصاحب الحق فی زمانه إذ لا یسوغ له تحلیل ما یملک غیره و هو ضعیف جدا لأنهم علیهم السلام أباحوا و جعلوا الغایة قیام القائم عجل اللّٰه تعالی فرجه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 319
و کل حربی قهر حربیا فباعه صح و إن کان أخاه أو زوجته أو من ینعتق علیه کابنه و بنته و أبویه علی إشکال ینشأ من دوام القهر المبطل للعتق لو فرض و دوام القرابة الرافعة للملک بالقهر و التحقیق صرف الشراء إلی الاستنقاذ و ثبوت الملک للمشتری بالتسلیط ففی لحوق أحکام البیع حینئذ نظر (1)
______________________________
و رزقنا بمنه و برکته و رأفته و رحمته و جعلنا اللّٰه تعالی فداه من کل سوء فی أکثر الأحادیث و الإمام لا یحل إلا ما یعلم أن له الولایة فی إباحته و إلا لاقتصر علی زمانه و لم یقض فیه بالدوام و یؤیده خبر الکابلی و أما قول المصنف و لا فرق بین أن یسبیهم المسلم أو الکافر فقد احتمل فی جامع المقاصد رجوعه إلی أول الباب و هو قوله الأناسی من أنواع الحیوان إنما یملکون بالکفر الأصلی و لقد أبعد و احتمل رجوعه إلی قوله ما یؤخذ من دار الحرب فإنه لا فرق فی الحکم بین کون الآخذ و هو السابی مسلما کسلطان؟؟؟ المسلمین أو کافرا کسلطان کافر و نحوهما لأن الکافر من أهل التملک و المحل قابل للملکیة فلا مانع منها
(قوله) (و کل حربی قهر حربیا فباعه صح و إن کان أخاه أو زوجته أو من ینعتق علیه کابنه و بنته و أبویه علی إشکال ینشأ من دوام القهر المبطل للعتق لو فرض و دوام القرابة الرافعة للملک بالقهر و التحقیق صرف الشراء إلی الاستنقاذ و ثبوت الملک للمشتری بالتسلیط ففی لحوق أحکام البیع حینئذ نظر)
قد ذکر ذلک کله فی التذکرة حتی الإشکال و النظر و مثلهما فی جمیع ذلک الإرشاد إلا فی النظر فی لحوق أحکام البیع فإنه لم یتعرض له و قد نسب فی الإیضاح و شرح الإرشاد إلی الأصحاب إطلاق جواز البیع و لعل دلیلهم علی ذلک الخبر عن رجل یشتری من رجل من أهل الشرک ابنته فیتخذها قال لا بأس و حکم فی الدروس بجواز شراء قریب الکافر منه و إن کان ممن ینعتق علیه و أنه استنقاذ لا شراء من جانب المشتری و أنه لا یثبت فیه خیار المجلس و الحیوان و أن له رده بالعیب و أخذ الأرش فلیلحظ کلامه و یأتی بیان الحال فیه عن جامع المقاصد و فی الإیضاح بعد أن نسب إلی الأصحاب أنهم أطلقوا جواز البیع و أورد علیهم ما تسمعه حکم بعدم صحة البیع هنا لأن علة الملک و علة العتق قد تساوقتا أی تصاحبتا و تلازمتا و قال إن الحق أن البیع استنقاذ و اقتداء و معناه عوض عن ید شرعیة فی نفس الأمر کما نحن فیه أو ظاهرا کمن اشتری من إنسان آخر و عنده أنه معتق أو غیر شرعیة (و استشکل) فی لحوق أحکام البیع من الخیار و الأرش و غیر ذلک لأنه بالنسبة إلی المشتری کالبیع و إلا لزم ضرره و من انتفاء العلة و هی البیع و الفرق بین البیع و الاستنقاذ أن الثمن فی البیع عوض عن ملک و فی الاستنقاذ الفداء عوض عن ید و یقال للأول ثمن و للثانی فداء و فی جامع المقاصد أنه لا وجه لذکر الأخ بخصوصه أما الزوجة ففی ذکرها تنبیه علی سقوط حقوق الزوجیة بانفساخ النکاح بتملکها و قال إن مقتضی عبارة الکتاب تکافؤ الوجهین و أنه لا ترجیح لأحدهما علی الآخر قال و هو کذلک لأن القرابة المخصوصة تقتضی العتق و قهر الحربی یقتضی الملک و المقتضیان دائمان و نحوه ما فی الإیضاح من أن القرابة موجبة للعتق بعد الملک الحاصل ابتداء بالقهر فإن ابتداء الملک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 320
..........
______________________________
لا تنافیه القرابة فإنه یصح شراؤه اختیارا لکن القرابة توجب العتق بشرط الملک بعده «1» فالقرابة علة فاعلیة و الملک علة معدة لقبول المحل فالقهر موجب للملک و القرابة توجب العتق فی آن بعد آن الملک ثم فی الآن الثالث القهر موجود و استدامته کابتداء فتوجب الملک فی المحل ثم توجب القرابة العتق فی الآن الرابع و هکذا فلا یمکن تحقق البیع هنا لأن البیع یلحقه لغیره أی العقد و العتق لذاته و ما بالذات مقدم علی ما بالغیر و فی جامع المقاصد أن قول المصنف المبطل للعتق لو فرض مقتضاه أن العتق لا یقع لأنه حکم ببطلانه علی تقدیر فرض وقوعه و کأنه نظر إلی أن القهر دائم (و هو) أن کل آن یقتضی الملک فیمتنع حصول العتق حقیقة لوجود منافیه فلا یکون إلا بطریق الفرض (و قال) و لک أن تقول القهر إنما یقتضی ملک غیر المملوک أما المملوک فلا یعقل (یقع خ ل) ملکه فإن من اشتری حربیا لا یقال إنه ملکه بالقهر فإذا تحقق الملک لم یکن القهر مملکا فی ذلک الحال فیعمل المقتضی للعتق و هو القرابة المخصوصة حینئذ عمله لقبول المحل له حینئذ فیصیر حرا و حینئذ فیعود إلی الملک بالقهر المقتضی له و لا یعد هذا إبطالا للعتق لأن العتق إذا وقع صحیحا کیف یبطل و إنما هو ملک طار لسبب مستقل و أیضا فإن ملک القرابة إنما یمنع دوام الملک لا ابتداءه لإمکان ملک القریب و لو کان دوام القرابة یمنع ابتداء الملک لمنع دخول القریب فی الملک المقتضی لانعتاقه و یمکن أن یقال لما کان القهر دائما امتنع حصول العتق لأنه و إن لم یکن موجبا لحصول ملک آخر فهو مانع من الخروج عن الملک فإن تحقق امتناع الخروج عن الملک بملاحظته فما ذکره المصنف صحیح و إلا فلا (قلت) قد یقال إن المصنف لا یقول إن دوام القهر یوجب بطلان العتق و إنما یوجب تجدد العتق و لما کان القهر دائما و هو یقتضی الملک کان کالمنافی للعتق فأطلق علیه أنه مبطل مجازا و کذلک الشأن فی قوله إن دوام القرابة رافع للملک لأن دوام القرابة إنما یرفع دوام الملک لا ابتداءه و قال إن تحقیق المصنف جید لأن الوجهین لما تعارضا تکافئا فلم یمکن الحکم بأحدهما دون الآخر فلم یبق إلا أن یکون تملک المشتری بتسلطه علی الحربی الذی هو المبیع فیکون البیع الواقع ظاهرا استنقاذا فی نفس الأمر لا بیعا حقیقیا لأن الشرط و هو تحقق ملک البائع غیر معلوم و قال فی قول المصنف ففی لحوق أحکام البیع حینئذ نظر إن توجیه هذا النظر تفریعا علی أن الشراء استنقاذ غیر ظاهر لأنه إذا لم یکن هنا بیع کیف یلحق أحکامه و ما ذکره أحد الشارحین من التوجیه بوجود عقد البیع و أنه استنقاذ غیر جید لأنه إن کان استنقاذا لم یکن بیعا و کذا ما بین به ولد المصنف من أنه کالبیع و من انتفائه و هو ظاهر (و الذی یختلج) فی خاطری أن هذا النظر من جانب المشتری لا وجه له لأن انتقال الملک إلیه لیس بالعقد و ما بذله لا یعد ثمنا أما من جانب البائع فلا یبعد ذلک لأن ما بید الحربی إذا دخل بأمان محترم فلا یجوز انتزاعه بغیر السبب المبیح له شرعا فوجب أن یترتب علیه أحکامه فیکون له خیار المجلس و الرد بالعیب فی الثمن و نحو ذلک و هو الذی یظهر من عبارة الدروس فی کتاب العتق حیث قال یکون استنقاذا لا شراء من جانب المشتری لکن جوز له الرد بالعیب و أخذ الأرش و لعله نظر إلی أنه إنما بذل العوض عن الید بناء علی سلامته و فی اقتضاء ذلک المطالبة بالأرش تردد لأنه عوض الجزء الفائت من المبیع و لا مبیع هنا و جواز الرد مشکل أیضا بناء علی الاستنقاذ لأنه إذا ملکه بالقهر و التسلط لم یکن له إبطال ملکه بدون سبب شرعی و مثله ما فی تعلیق الإرشاد و المسالک (و فی) الأخیر
______________________________
(1) أی بعد الملک (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 321

[المطلب الثانی فی الأحکام]

(المطلب الثانی فی الأحکام) یجوز ابتیاع بعض الحیوان بشرطین الإشاعة و علم النسبة (1) فلو باعه یده أو رجله أو نصفه الذی فیه رأسه أو الآخر بط (2) ل
______________________________
أنه یمکن دفع الإشکال عن الدروس بأن قدوم الحربی علی البیع التزام بأحکامه التی من جملتها الرد بالعیب أو أخذ أرشه فرده علیه ینزل منزلة الإعراض عن المال و الثمن غایته أن یکون قد صار ملکا للحربی و التوصل إلی أخذه جائز بکل سبب و هذا منه بل أولی لأنه مقتضی حکم البیع ثم قال و هذا کله یتم إذا لم یکن مال الحربی معصوما بأن دخل إلی دار الإسلام بأمان فلا یجوز أخذ ماله بغیر سبب مبیح له شرعا و حینئذ یتجه صحة البیع و لزوم أحکامه التی من جملتها جواز رده معیبا و أخذ أرشه «انتهی» و فیه تأمل یرشد إلی ذلک ما فی مجمع البرهان من أنه قد یکون المملوک و من هو فی یده ممن ینعتق علیه مأمونا فیشکل حینئذ تملک المشتری له إلی أن قال مقتضی النظر عدم تملک الثمن علی هذا التقدیر و عدم تحقق بیع شرعی أصلا لا بالنسبة إلیه و لا بالنسبة إلی المشتری فتملکه أیضا للمبیع مشکل إلا أن یفرض فی دار یمکن التملک فیها بالتسلط «انتهی» (و أورد) علی ما فی جامع المقاصد أنه عقد واحد یبعد کونه بیعا حقیقیا بالنسبة إلی البائع و غیر حقیقی بالنسبة إلی المشتری لأن سبب عدم کونه حقیقیا بالنسبة إلیه هو عدم صلاحیة المبیع لتملک البائع له و هو موجب لعدم کونه حقیقیا بالنسبة إلیه أیضا و قال إلا أن یقال إنه یملک باعتقاده و فی مذهبه لا عندنا فیکون بیعا عنده فیکون له خیار المجلس و غیره و لا یکون للمشتری ذلک ثم إنه استظهر فی مجمع البرهان أن الحکم بکونه استنقاذا مبنی علی کون ما فی یده معتوقا علیه قال و إلا لکان البیع و الشراء حقیقیین (و فیه) أن الجماعة بنوا ذلک علی تکافؤ الوجهین و عدم الترجیح
(المطلب الثانی فی الأحکام) (قوله) (یجوز ابتیاع بعض الحیوان بشرطین الإشاعة و علم النسبة)
دلیله بعد الإجماع المعلوم و المحکی فی التذکرة و مجمع البرهان الأصل و العمومات مع عدم المانع و المعلوم النسبة کالنصف و الثلث و نحوهما
(قوله قدس سره) (فلو باعه یده أو رجله أو نصفه الذی فیه رأسه أو الآخر بطل)
یرید أنه لا یصح بیع الجزء المعین کیده أو رجله أو نصفه الذی فیه رأسه و هو المراد بقوله أو الآخر یعنی المقابل لما فیه الرأس (رأسه خ ل) کما ذکر ذلک فی التذکرة و غیرها و فی مجمع البرهان کأن دلیله الإجماع (و قد) یلوح ذلک من الحدائق (قلت) و یدل علیه بعد الإجماع عدم إمکان الانتفاع به و الجهالة فإن مقدار المبیع لا یعلم أین ینتهی و عدم القدرة علی التسلیم من جهة أن أجزاءه غیر متعینة فیرجع إلی الجهالة أو من جهة أنه غیر قادر علی تسلیمه لا للجهالة و عساک تقول إن تسلیم المشاع غیر مقدور فیجاب بأنه إذا باعه مشاعا فالإشاعة ملحوظة فی المبیع فتکون القدرة علی التسلیم بحسبها بخلاف ما إذا باعه معینا فإنه لا بد من القدرة علی التسلیم بحسب التعبیر فتکون القدرة علی التسلیم معتبرة فیها حال المبیع علی ما وقع علیه البیع کما أفاد فی جامع المقاصد و لعل عدم إمکان الانتفاع یرجع إلی عدم القدرة علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 322
و لو باعه شیئا منه أو جزءا أو نصیبا أو قسطا بطل و یصح لو باعه نصفه أو ثلثه و یحمل مطلقه علی الصحیح (1) و لو استثنی البائع الرأس و الجلد فالأقرب بطلان البیع و الصحة فی المذبوح (2)
______________________________
التسلیم (فلیتأمل)
(قوله) (و لو باعه شیئا منه أو جزءا أو نصیبا أو قسطا بطل و یصح لو باعه نصفه أو ثلثه و یحمل مطلقه علی الصحیح)
قال فی التذکرة لا یصح أن یبیع جزءا مشاعا غیر معلوم القدر مثل أن یبیعه جزءا منه أو نصیبا أو شیئا أو حظا أو قسطا أو سهما للجهالة انتهی (قلت و إرادة) العشر أو السبع من الجزء و الثمن من السهم و السدس من الشی‌ء خاصة بالوصیة و قد فهم مما مر أنه یصح لو باعه نصفه أو ثلثه مشاعا و کأنه أعاده لیرتب علیه ما بعده و لو حمل النصف و الثلث علی غیر المشاع لم یبق فرق بینه و بین قوله و یحمل مطلقه علی الصحیح إذ معناه أنه لو أطلق بیع النصف حمل علی النصف الواقع فی المشاع لأن الشائع الغالب بیعه مشاعا و لا یحمل علی النصف المعین و إن احتمله و یشهد علی أن المراد به المشاع تقییده بذلک فی التذکرة قال و یصح لو باعه نصفه أو ثلثه أو غیر ذلک من الأجزاء المشاعة المعلومة و یحمل مطلقه علی الصحة (الصحیح خ ل) کما لو باعه النصف فإنه یحمل علی الجزء المشاع لأصالة صحة العقد (انتهی) و قد علله بأصالة الصحة کما أشار إلی ذلک هنا بقوله علی الصحیح و معناه أن لفظ المسلم یجب أن یصان عن الهذر و لما کان للفظ صلاحیة الدلالة علی المشاع و هو إن لم یکن الأظهر کما هو الغالب فلا أقل من مساواته للآخر و القرینة إرادة النقل و صون الکلام عن الهذر
(قوله قدس سره) (و لو استثنی الرأس و الجلد فالأقرب بطلان البیع و الصحة فی المذبوح)
إذا باع حیوانا و استثنی رأسه أو جلده فهناک أقوال الأول أن البائع یکون شریکا مع المشتری فی کل الحیوان المبیع بقدر قیمة الرأس أو الجلد فتنسب قیمة الرأس مثلا إلی ثمن المشتری و یکون له بتلک النسبة من جمیع أجزاء الحیوان و یکون للمشتری الباقی فیکون مشترکا بینهما بالنسبة المعلومة و هو خیرة الشیخ و الأتباع کما فی کشف الرموز و التنقیح و فی الإیضاح نسبته إلی کثیر من الأصحاب و خیرة النهایة و المبسوط و الخلاف و التلخیص و الدروس و ستسمع عبارته و هو المنقول عن القاضی و نسبه المحقق فی کتابیه إلی الروایة مؤذنا بنوع توقف فیه و الروایة المشار إلیها ما رواه الشیخ عن السکونی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال اختصم إلی أمیر المؤمنین علیه السلام رجلان اشتری أحدهما بعیرا و استثنی البیع الرأس و الجلد ثم بدا للمشتری أن یبیعه فقال للمشتری هو شریکک فی البعیر علی قدر الرأس و الجلد و لعل المراد بلفظ المشتری الأول أو المشتری الثانی و نحوها ما رواه الصدوق فی العیون (و یؤیدهما) روایة الغنوی کما ستسمعها و علل أیضا بأن البائع قد قبض ما یساوی المبیع و بقی من القیمة ما یساوی المستثنی فیکون البائع شریکا بما یساوی المستثنی لأن أجزاء الثمن مقسطة علی أجزاء المبیع و یلغو التعیین فلو فرضنا أن الحیوان کملا قیمته عشرة و قیمة ما استثنی درهمان کان شریکا بالخمس (و رد) بضعف السند و عدم مقاومتها للقواعد الآتیة فی کلام الجماعة و مخالفتها للاعتبار فإن الشرکة بالنسبة التزام بغیر ما وقع علیه التراضی و متی حکمنا ببطلان الاستثناء لم یبق فی اللفظ ما یدل علی جزء متنازع أصلا فکان الطرح بها أولی و حمل فی مجمع البرهان خبر السکونی علی أنه کان المقصود الذبح ثم حصل العدول عن ذلک فیکون البیع صحیحا و یکون شریکا للمشتری بمقدار قیمة ما استثنی (و فیه) أن هذا الحمل لا یجری فی روایة العیون حیث صرح فیه بإرادة نحره و مع ذلک حکم علیه السلام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 323
..........
______________________________
بالتشریک فی الجمیع بنسبة قیمة ما استثناه و الشهید فی حواشیه قضی العجب من الشیخ قال فإنه عنده لو باع الحامل و استثنی حملها لم یجز لأنه کالجزء و قال إنه لو باع و استثنی الرأس أو الجلد جاز انتهی (قلت) قد یقال إنما ذهب الشیخ إلی ذلک لمکان الخبر هنا (الثانی) أن البیع و الشرط صحیحان و له عین المستثنی و لا یتشارکان و هو المنقول عن أبی علی و أبی الصلاح و خیرة المفید و المرتضی و أبی المکارم و صاحب الوسیلة و المراسم و السرائر و فی الإنتصار أنه مما انفردت به الإمامیة و أن إجماعها منعقد علیه (و احتج) علیه فیه بأنه عقد یقع علیه اسم البیع فیجب أن یدخل فی عموم قوله تعالی وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ (قال) و لیس یمکن أن یدعی أن فی ذلک جهالة فإن الأعضاء متمیزة منفردة من غیرها و نحوه ما فی السرائر و وافقهم صاحب إیضاح النافع قال فإن کان مذبوحا أو شرط الذبح و إلا لاقتضی ذلک الذبح لیصل إلی المشتری حقه (قلت) لعل هذا القول متحد مع القول المشهور بین المتأخرین کما ستسمعه لأن ظاهر عبارة المقنعة کون الشرط المذکور إنما هو فیما یراد ذبحه حیث قال فی آخر کلامه و یستثنی علیه جلدها أو رأسها بعد الذبح (و یمکن) حمل إطلاق کلام غیره علی ذلک أیضا و یرشد إلیه أنهم یفرضون المسألة فیما یذبح لا غیر و یؤیده أنه یبعد استثناء الرأس و الجلد فیما لا یراد ذبحه إذ لا ثمرة و أنهم قد صرحوا کما تقدم أنه لا یجوز بیع جزء معین من الحیوان کیده و رجله و نحوهما و الاستثناء فی معنی البیع و أنه ربما أفضی إلی الضرر و التنازع لأن المشتری قد یختار تبقیته و هو یؤدی إلی عدم انتفاع البائع بحقه و إن اختار البائع ذبحه لیتوصل إلی حقه کان فیه منع المشتری من التصرف بماله بما یختار و ربما کانت التبقیة أنفع له من الذبح فیؤدی إلی التنازع (الثالث القول) ببطلان البیع و الشرط و قد نقله الفخر فی الإیضاح و أبو العباس فی المهذب و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و غیرهم قال فی الأخیر (فی جامع المقاصد خ ل) إن القول بالبطلان مطلقا متجه فإن العمل بالروایتین ینافی مقتضی القرآن فإن المأمور به هو الوفاء بالعقد و هنا ممتنع فالعدول عما یقتضیه خروج عن الوفاء به و مصیر إلی البیع بغیر عقد و التزام بغیر ما وقع التراضی علیه و متی حکمنا ببطلان الاستثناء لم یبق فی اللفظ ما یدل علی استثناء جزء مشاع بوجه من الوجوه (الرابع) الصحة فی المذبوح و البطلان فی الحی کما فی الکتاب و التذکرة و هو الموافق للقواعد و ألحق بذلک فی المختلف و حواشی الشهید و المهذب البارع و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة و الکفایة و غیرها ما یراد ذبحه لعدم ورود دلیل المنع فی ذلک (و فیه) أن إرادة الذبح قد لا تجامعه فقد یحصل البداء فیؤدی إلی المحذور من الضرر و التنازع مضافا إلی عدم انحصار دلیل المنع فی ذلک بل منه الجهالة لتفاوت لحم الرأس قلة و کثرة بتفاوت الذبح و الجلد رقة و ثخانة إلا أن یقال بعدم عد مثل ذلک فی العرف جهالة و شراءه سفاهة و لعله کذلک فی الرأس ظاهرا (و حینئذ) فیقال ما ذا یکون حکمه إذا کان الغرض الذبح ثم بذله لحصول برء أو سمن و زیادة و لو ذبح یحصل الضرر و العقد انعقد عندهم صحیحا و لعلهم حینئذ یقولون بمقالة الشیخ و أتباعه کما یرشد إلی ذلک روایة الغنوی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی رجل شهد بعیرا مریضا و هو یباع فاشتراه بعشرة دراهم فجاء و اشترک فیه رجل آخر بدرهمین بالرأس و الجلد فقضی أن البعیر برأ فبلغ ثمانیة دنانیر فقال لصاحب الدرهمین خمس ما بلغ فإن قال أرید الرأس و الجلد فلیس له ذلک هذا الضرر و قد أعطی حقه إذا أعطی الخمس بل کلام المفید و أتباعه یرجع إلی ذلک فی مثل ذلک (فلیتأمل) و الشهید فی الدروس وافق المصنف فی المذبوحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 324
و لو اشترکا فی الشراء و اشترط أحدهما الرأس و الجلد لم یصح و کان له بقدر ماله (1) و لو قال له الربح بیننا و لا خسران علیک (بطل الشرط (2) نسخة) فالأقرب بطلان الشرط
______________________________
و خالفه فیما منعه فی غیر المذبوحة و قال فیه بمقالة الشیخ من أنه شریک بنسبة القیمة کما مر و قال فی مشروط الذبح إن ذبح فالشرط لازم و إلا تخیر بین الفسخ و الشرکة بالقیمة و نقل فی التنقیح عن بعض فضلاء المتأخرین أنه إن کان المستثنی الجلد فهو باطل لجهالته بتفاوت ثمنه بتفاوته فی الثخن و الرقة لکن لا یبطل البیع لأن جهالة المستثنی فی هذه الصورة لا تستلزم جهالة المبیع فیکون البائع شریکا بنسبة قیمة المستثنی کما دلت علیه الروایة و إن کان المستثنی هو الرأس وحده أو الرأس و القوائم فهو صحیح لأنه استثناء معلوم من معلوم و الضرر الذی ذکره العلامة معارض باستثناء الجزء المشاع فإنه جائز اتفاقا مع أن الضرر المدعی حاصل فیه (و أورد علیه) فی التنقیح بأن حکمه بجهالة المستثنی مستلزم لجهالة قیمته فکیف یکون البائع شریکا بقدرها و منع علیه المعارضة بالمشاع بحصول الفرق فإن له فی المعین المطالبة بحقه لتعیینه فیتضرر لو أجبر علی بقائه (و أما المشاع) فلیس له المطالبة به لعدم تعینه بل هو شائع فی کل جزء انتهی (فلیتأمل فیه) و ظاهر الإرشاد التردد حیث إنه لم یحکم بشی‌ء و نسب قول الشیخ إلی القیل و قال صاحب کشف الرموز عندی فی المسألة تردد منشؤه النظر إلی الأصل و الروایة مع فتوی الشیخین و کذلک صاحب التنقیح لم یرجح و ما زاد فی الإیضاح علی قوله إن قول الشیخ لیس بمعتمد و لم ندر مختاره هل هو قول المفید أو والده أو البطلان و کلام سلار یعطی جواز استثناء البعض کاللحم بالوزن و فی التذکرة لو استثنی اللحم بطل فی الحی و المذبوح و کذا لو استثنی عشرة أرطال من اللحم فیهما معا و نحوه ما فی جامع المقاصد و عن أبی علی أنه لا یجوز استثناء اللحم لأن مواضع اللحم تتفاضل و لقلة ما یختلط به من العظم و غیره و کثرته فإن حدد المکان بما لا یختلط بغیره جاز و قد استحسنه المصنف فی المختلف و أبو العباس فی المهذب و المحقق الثانی فی جامع المقاصد (و لیعلم) أنه لا فرق بین الرأس و الجلد و غیرهما من الأعضاء ظاهرة أو باطنة کما نص علیه جماعة منهم المصنف فی التذکرة
(قوله) (و لو اشترکا فی الشراء و شرط أحدهما الرأس و الجلد لم یصح و کان له بقدر ماله)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 324
وافق المصنف الشیخ هنا مع أن البطلان الذی أفتی به فی مسألة استثناء البائع آت هنا و کذلک المحقق فی النافع و کذلک الشرائع فرق بینهما فنسب الحکم إلی الروایة و جزم به هنا بل ابن إدریس وافق هنا أیضا و شدد النکیر علی الشیخ فی تلک و لعل الوجه فی ذلک انعقاد الإجماع کما احتمله فی جامع المقاصد حیث قال لا جواب للمصنف إلا بأحد أمرین إما بأن یکون الحکم فی مسألة الشریک مجمعا علیه فیعمل بالإجماع فی موضعه أو أن روایة هارون صحیحة بخلاف روایة السکونی و الذی یقتضیه النظر البطلان مطلقا إن لم یلزم فی ذلک مخالفة الإجماع و فی الریاض أنی لم أقف علی مخالف هنا عدا شیخنا الشهید الثانی و من تبعه من بعض أصحابنا و الأمر کما ذکر إلا أن الفاضل المیسی أیضا خالف و قد یلوح من الإرشاد التردد کما فی المسألة الأولی و الروایة هی التی أسمعناکها آنفا و هی من الحسان و قد عمل بها الشیخ و جماعة
(قوله) (و لو قال له الربح بیننا و لا خسران علیک بطل الشرط)
کما فی السرائر و ظاهر النافع و قواه الشهیدان فی حواشی الکتاب و المسالک و فی الأول أن هذا الشرط مخالف للکتاب و السنة و لأصول المذهب لأن الخسران علی رءوس الأموال بلا خلاف و فی الأخیر أیضا أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 325
و لو وطئها أحدهما بشبهة فلا حد و بدونها یسقط بقدر نصیبه خاصة فإن حملت قوم علیه حصة الشریک و انعقد الولد حرا و علی أبیه قیمة حصة الشریک منه یوم الولادة و لا تقوم بنفس الوطی علی رأی (1)
______________________________
مخالف للمذهب و فی الخلاف و الغنیة فإن اشترطا تفاضلا فی الربح أو الوضیعة مع التساوی فی رأس المال أو تساویا فی ذلک مع التفاضل فی رأس المال لم یلزم الشرط و فی الغنیة الإجماع علیه «فلیتأمل» و ذهب الشیخ و أتباعه إلی صحة الشرط عملا بخبر رفاعة و المتأخر أقدم علی منع الخبر کما فی کشف الرموز و یرید بالمتأخر ابن إدریس (قلت) هو خیرة السید فی الإنتصار مدعیا علیه الإجماع و أنه من متفردات الإمامیة و الشیخ فی النهایة و القاضی علی ما نقل عنه و المصنف فی المختلف و الآبی فی کشف الرموز و الشهید فی الدروس و الفاضل القطیفی فی إیضاح النافع و أبی العباس فی المقتصر و کأنه مال إلیه فی المهذب و فی الشرائع أن فیه ترددا و المروی الجواز و فی جامع المقاصد أن الأصح بطلان العقد و الشرط و کأنه مال إلیه فی التنقیح و فی الإیضاح أن کلام الشیخ لیس بجید و مستند الشیخ و من وافقه بعد إجماع الإنتصار صحیحة رفاعة (قال) سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن رجل شارک رجلا فی جاریة فقال إن ربحنا فیها فلک نصف الربح و إن کانت وضیعة فلیس علیک شی‌ء قال لا أری بهذا بأسا إذا طابت نفس صاحب الجاریة و قد رواها الکلینی و الشیخ و مما یدل علی ذلک ما رواه الشیخ عن أبی الربیع عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی رجل شارک رجلا فی جاریة فقال له إن ربحت فلک و إن وضعت فلیس علیک شی‌ء فقال لا بأس بذلک إذا کانت الجاریة للقائل و خبر إسحاق بن عمار ظاهر فی عدم الشرط فلا ینافی ما تقدم و ما فی التنقیح من أن صحیح رفاعة ظاهر فی الوعد غیر صحیح و مخالف لما فهمه منه العامل به و الراد له (و قوله فیه) أنه إن طرد الحکم فی غیر هذه الصورة فهو خلاف الإجماع و إلا کان الفرق محتاجا إلی دلیل (فیه) أنهم یقولون بتعدیة الحکم إلی غیر الجاریة من المبیعات کما نص علی ذلک فی الدروس و الإجماع إنما انعقد علی صورة عدم الشرط و القاعدة تخصص بذلک فإن الشروط فی جمیع العقود من هذا القبیل بمنزلة الاستثناء و قال فی المختلف ما حاصله إن الشیخ عول فی ذلک علی الکتاب و السنة و العقل (أما الکتاب) فهو قوله إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ و و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (و أما السنة) فقولهم علیهم السلام المؤمنون عند شروطهم و خبر رفاعة (و أما العقل) فلأن الأصل الجواز و تمام الکلام یأتی فی باب الشروط فی آخر کتاب البیع
(قوله) (و لو وطئها أحدهما لشبهة فلا حد و بدونها یسقط بقدر نصیبه خاصة فإن حملت قوم علیه حصة الشریک و انعقد الولد حرا و علی أبیه قیمة حصة الشریک منه یوم الولادة و لا تقوم بنفس الوطی علی رأی)
أما أنه لا حد علیه مع الشبهة کما لو توهم الحل لکل منهما لمکان ملکه بعضا منها فمما لا خلاف فیه و فی الریاض الإجماع علیه لقوله علیه السلام ادرءوا الحدود بالشبهات و بهما یقید إطلاق الأخبار المستفیضة فی المقام و أما أنه بدونها یحد بقدر نصیب الشرکاء فلعله لا خلاف فیه کما فی مجمع البرهان و لأنه لو لم یحد یلزم الفساد لأنه کالزنا بالنسبة إلی حصة الشریک و الخبر دال علی ذلک و أما أنه یسقط عنه منه بقدر نصیبه منها نصفا کان أو ربعا أو غیر ذلک فمما لم أجد فیه مخالفا مع دلالة الخبر علیه و یستثنی منه ما لو کان أحد الشرکاء ابنه فإنه لا حد علی الأب فی نصیب ابنه کما أنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 326
..........
______________________________
لا حد علیه لو کانت بأجمعها للولد ثم إنه مع التبعیض لو احتیج إلی تبعیض الجلدة الواحدة ففی مجمع البرهان أنه یحتمل اعتبار مقدار السوط و کیفیة الضرب (و اعترض) بأن فی صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی نصف الجلدة و ثلث الجلدة یؤخذ بنصف السوط و ثلثی السوط و یمکن أن یکون أراد ذلک فی مجمع البرهان و ظاهر النص و الفتوی أن الحد هنا إنما هو بالجلد و إن کان محصنا کما فی المسالک و فی مجمع البرهان أنه من المعلوم أن المراد بالحد الجلد لأن الرجم لا یقبل التبعیض و فی بعض الأخبار فیمن وقع علی مکاتبة أنها إن کانت أدت الربع جلد و إن کان محصنا رجم و إن لم تکن أدت شیئا فلیس علیه شی‌ء و هو غیر ملتفت إلیه معارض بإطلاق أخبار أخر من سنخه و فیها الصحیح فضلا عن أخبار ما نحن فیه (و لعل الوجه فیه) أن وجوب الرجم فی المحصن إنما هو فیما إذا کان زنی محصنا و هذا لیس کذلک من حیث تملکه لبعض الأمة و لذلک یلحق به الولد و إن کان عالما بالتحریم مع أن الزانی العالم لا یلحق به الولد (و الوجه فی ذلک) ما ذکره فخر الإسلام فی شرح الإرشاد من أن الشبهة فی إلحاق النسب أحد أمرین أحدهما الشبهة المسقطة للحد کما تقدم و الثانیة مسیس الملک لأن مسیس الملک یثبت لحوق النسب و صیرورتها أم ولد قال و هذا لا یشترط فیه جهالته بالتحریم بل لو علم التحریم لحق الولد و إلی ذلک أشار المحقق الثانی بقوله إن له فیها حقا فاعتباره یخرجه عن کونه زانیا و لا یتبعض النسب و لا حریة الولد و للروایة (قلت) و لذلک حکموا بحریة الولد حین انعقاده فی صورة العلم قالوا فهو حر فی الأصل و إن لم یدفع الأب حصص الشرکاء و قد نسب ذلک کله فی المهذب البارع إلی ظاهر الأصحاب (قلت) کأنه فهم ذلک من قولهم ینعقد الولد حرا فیکون مرادهم أن فکه بالقیمة لیس علی حد فک غیره بل هو محکوم بحریته من حین الانعقاد و إن لم یبذل قیمة (و قد یحتمل) أن ذلک من جهة السرایة فی مثله (و فیه) أنا قد نشترط فیها الاختیار و تظهر الفائدة کما فی المهذب البارع و المسالک و الحدائق فیما لو أوصی له حملا فإن الوصیة صحیحة و فیما لو سقط الولد لجنایة جان علیه فإنه یلزم الجانی دیة جنین حر و هی عشر قیمته و علی الأب للشرکاء دیة جنین أمة و هی عشر قیمتها إلا قدر نصیبه و احتمل فی المهذب أن لا شی‌ء علی الأب و ضعفه هو و أما أنها مع الحمل تقوم علیه حصص الشرکاء منها فالظاهر أنه لا خلاف فیه و فی المهذب البارع تقوم مع الحمل قطعا ثم نقل کلام الشیخ أنها تقوم بنفس الوطی و فی کشف الرموز أن الأصل عدم التقویم مطلقا خولف الأصل فی الحامل للإجماع و ترک فی غیرها علی الأصل و ظاهرهم أنه لا فرق بین کونه عالما أو جاهلا و هو ظاهر إطلاق روایة إسماعیل الجعفی و ظاهر الروایة و النهایة أنها تقوم علیه بنفس الوطی و الأکثرون کما فی المهذب البارع علی خلاف الشیخ و فی الریاض أن علیه الأکثر بل عامة من تأخر و قال أیضا إن الشهرة عظیمة کادت تکون إجماعا بل لعلها الآن إجماع فی الحقیقة (قلت) الأمر کما قال لأنی لم أجد للشیخ موافقا و الموجود فی السرائر و ما تأخر عنها أنها إنما تقوم علیه إذا حملت لأن الاستیلاد بمنزلة الإتلاف لتحریم بیعها و انعتاقها بموت سیدها فکان علیه غرامة الحصص و یدل علیه أیضا قول مولانا الباقر علیه السلام فی موثقة إسماعیل الجعفی أو حسنته و یغرم نصف القیمة إذا أحبل و قضیة مفهوم الشرط أنه لا یغرم ذلک إذا لم یحبل و روایته الأخری عنه علیه السلام فی جاریة بین رجلین وطئها أحدهما دون الآخر فأحبلها قال یضرب نصف الحد و یغرم نصف القیمة و فی التذکرة لا تقوم هذه الأمة علی الواطئ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 327
..........
______________________________
الشریک بدون الحمل خلافا لبعض علمائنا لعدم المقتضی و یحتمل التقویم بمجرد الوطی لإمکان العلوق منه و حفظا من اختلاف الأنساب و فی روایة ابن سنان قال سألت أبا عبد اللّٰه عن رجال اشترکوا فی أمة فائتمنوا بعضهم علی أن تکون الأمة عنده فوطئها قال یدرأ عنه من الحد بقدر ما له فیها من النقد و یضرب بقدر ما لیس له و تقوم الأمة علیه بقیمة و یلزمها فإن کانت القیمة أقل من الثمن الذی اشتریت به الجاریة ألزم ثمنها الأول و إن کان قیمتها فی ذلک الیوم الذی قومت بها أکثر من ثمنها ألزم ذلک الثمن و هو صاغر لأنه استفرشها (قلت) و إن أراد بعض الشرکاء شراءها دون الرجل قال ذلک له و لیس له أن یشتریها حتی تستبرأ و لیس علی غیره أن یشتریها إلا بالقیمة و الروایة غیر دالة علی وجوب التقویم بنفس الوطی لأنه یسوغ لغیره من الشرکاء شراؤها فلو وجب التقویم لم یجز ذلک انتهی (و قال) فی المختلف بعد أن ساق الروایة و کلام النهایة فی تحقیق ذکره أنها لا تقوم علیه بنفس الوطی بل مع الحمل و علیه تحمل الروایة و قول الشیخ أیضا (انتهی) و أنت خبیر بأن ما ذکره فی التذکرة من عدم دلالتها علی مطلوب الشیخ لمکان التدافع جار فیما ذکره فی المختلف مضافا إلی أنه لا إشعار فی الروایة و لا کلام الشیخ بذکر الحمل و قوله علیه السلام حتی یستبرئها کالصریح فی عدم حملها (فلیتأمّل) و عبارة النهایة مضمون الروایة و الحاصل أن اشتمال الروایة و کلام النهایة علی هذین الحکمین أعنی التقویم علی الواطئ مع الحمل و عدمه و جواز شراء بعض الشرکاء لها لا یخلو من تدافع «فلیتأمل جیدا» و فیما أرسل فی الکافی و التهذیب عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام دلالة علی أن التقویم بمجرد الوطی قال سئل عن رجل أصاب جاریة من الفی‌ء فوطئها قبل أن تقسم قال یقوم الجاریة و تدفع إلیه بالقیمة و یحط له منها ما یصیبه منها من الفی‌ء و یجلد الحد و یدرأ عنه من الحد بقدر ما کان له فیها فقلت کیف صارت الجاریة تدفع إلیه بالقیمة دون غیره قال لأنه وطئها و لا یؤمن أن یکون ثمة حبل لکن قد یستفاد منه أن الحبل سبب للتقویم علیه و هو غیر صالح لوجوبه باحتماله و لیس التقویم علی الفور بواجب فکان مقتضاه الصبر إلی تحقق الحبل (فإن) تحقق و إلا بقیت الشرکة فکأن الترجیح للمشهور لمکان الأصول و ظاهر الخبرین المعتضدین بالشهرة القریبة من الإجماع و لا حاجة بنا إلی صرفهما عن ظاهرهما بحمل الإحبال علی الوطی مجازا إن صح هذا المجاز حتی یکون من باب تسمیة السبب باسم المسبب لعدم التکافؤ لعدم الجابر للمعارض علی تقدیره (فلیتأمل إذا عرفت) هذا و هو أنه لا تقوم علیه و یلزمه ثمنها إلا مع الحمل فهل المعتبر عند اختلاف القیم قیمتها عند الوطی کما هو خیرة الدروس أو یوم التقویم أو الأکثر منهما کما استنسبه فی المسالک أقوال و احتمالات و اختیر فی المختلف و التنقیح أعلی القیم من حین الحمل إلی وقت التقویم و فی مجمع البرهان احتمل قیمتها حین الحمل کما هو ظاهر السرائر لأنه وقت الإتلاف بعد أن اختار أعلاها من حین الحمل إلی زمان الانتقال و هو عین ما فی المختلف و فی المهذب البارع فی فرع ذکره ما ذا یجب فی التقویم المشهور قیمتها العادلة و قال الشیخ أکثر الأمرین من القیمة وقت التقویم و من ثمنها الذی اشتریت به و مستنده روایة عبد اللّٰه بن سنان ثم قال فی فرع ثانی إن علیه قیمة الولد یوم سقط حیا علی تقدیر کونه عبدا و یسقط من قیمته ما قابل نصیبه و یضمن للشرکاء الباقی هذا إذا لم تکن قومت علیه حبلی و یکون علیه قیمتها یوم الوطی و مع تقویمها حبلی یکون علیه أعلی القیم من حین الإحبال إلی حین التقویم انتهی (فتأمل) و فی حواشی الشهید أنها تقوم من حین الوطی لأنه یوم الجنایة إن کانت بکرا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 328
..........
______________________________
و الحیلولة إن کانت ثیبا قال و قواه فی التحریر و فی إیضاح النافع الحق أنها تقوم مع الحمل بالقیمة العدل و یحتمل قویا أعلی القیم من حین الإحبال إلی حین التقویم لأنه کالغاصب المتلف و فی جامع المقاصد أن المعتبر فی التقویم قیمتها السوقیة و إن زادت عن الثمن و الروایة بلزوم الأکثر متأولة بالحمل علی ما إذا نقصت القیمة بالوطی (قلت) هذا التأویل ذکره فی التذکرة و کأنه لا خلاف فی أنها لا تدخل فی ملک الواطئ بمجرد الحمل بل لا بد من التقویم و دفع القیمة أو ضمانها و قد صرح بذلک جماعة و لم أجد لهم مخالفا قالوا فکسب الجاریة و حق الخدمة مشترک قبل ذلک و لعل الظاهر أن التقویم و البیع قهریان کما هو مقتضی قواعدهم و قد صرح؟؟؟ جماعة بالأول و الأخبار و إن کان ظاهرها الانتقال بمجرد التقویم لکنها قد تکون منزلة علی القواعد لکنه یشکل فیما لو وقع سقطا کما ستسمع و اعتبار الرضا فی عبارات جماعة حیث قالوا لا بد من التقویم و دفع القیمة أو ضمانها مع رضا الشریک کما فی المهذب البارع و المسالک و غیرهما لیس لصحة التقویم کما توهم صاحب الحدائق بل لضمان القیمة الثابتة بعده و المعتبر فی قیمة الولد قیمته یوم سقط حیا کما فی السرائر و الشرائع و النافع و الإرشاد و التذکرة و المختلف و الدروس و المهذب البارع و التنقیح و إیضاح النافع و المسالک و غیرها و قد صرح فی جملة من هذه و غیرها کمجمع البرهان و غیره بأن ذلک إذا لم تکن قومت علیه حاملا و إلا دخلت قیمته معها و یرشد إلی ذلک فحوی الأخبار الواردة فی وطی الشرکاء الأمة المشترکة مع تداعیهم الولد (و منها) الصحیح إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جاریة فی طهر واحد فولدت و ادعوه جمیعا أقرع بینهم فمن خرج کان الولد ولده و یرد قیمة الولد علی صاحب الجاریة و قال جماعة إنه لو وقع الولد سقطا استقر ملک الشرکاء للأم و کان دلیلهم الأصل و استصحاب بقاء الملک و هو لا ینافی قهریة التقویم فی الأم المستفاد من النصوص و کأنهم لا یشترطون فیها صیغة البیع لأن کان الإحبال کالإتلاف و لعله کذلک جریا علی ظاهر الأخبار و الفتاوی حیث یقتصر فیها علی ذکر التقویم فحسب (و فیه تأمل) و فی مجمع البرهان أنه ینبغی إیقاع صیغة البیع لینتقل إلیه الولد «فتأمل فیه» إذ الولد لا ریب أنه لا حاجة فیه إلی الصیغة لأنه انعقد حرا کما مر و یجب علی الأب مضافا إلی القیمتین أرش العقر بسبب الوطی بکرا کانت أم ثیبا و هو العشر أو نصفه مستثنی منهما قدر نصیبه کما نص علی ذلک جماعة و یشیر إلی ذلک إطلاق صحیحة أبی ولاد الحناط قال سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام عن جاریة بین رجلین أعتق أحدهما نصیبه منها فلما رأی ذلک شریکه وثب علی الجاریة فوقع علیها قال یجلد الذی وقع علیها خمسین جلدة و یطرح عنه خمسون جلدة و یکون نصفها حر و یطرح عنها من النصف الباقی و علی الذی لم یعتق و نکح عشر قیمتها إن کانت بکرا و إن کانت غیر بکر فنصف عشر قیمتها و تستسعی فی الباقی و نحوه خبر مالک بن أعین مضافا إلی النصوص الواردة فی أنهما «1» علی الواطئ للأمة المحلل له منها ما دون المواقعة و الواطئ للأمة المدلسة نفسها بالحرة فإنه تحصل المظنة القویة بملاحظة هذه الأخبار و إن خالفت مورد المسألة بلزوم أحد الأمرین فی وطی کل مملوکة منفردة أو مشترکة مطلقا حتی لو کانت هی الشریکة و ظاهر السرائر أو صریحها أنه مع عدم الحمل لا یجب علیه بالوطی شی‌ء إلا أن تکون بکرا فیجب علیه أرش البکارة و قد أیده بعضهم بخلو النصوص الواردة بتقویم الأمة فی المسألة عنه مع ورودها فی مقام بیان الحاجة (و فیه) أنها مقیدة بما قدمناه کما قیدناها بما دل علی
______________________________
(1) أی العشر و نصف العشر «حاشیة»
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 329
و یتخیر المشتری إذا تجدد العیب فی الحیوان بعد العقد و قبل القبض فی الفسخ و الإمساک مجانا و بالأرش علی رأی (1)
______________________________
قیمة الولد مع خلوها عنه أیضا و قد ألزمه بقیمته فی السرائر و فی المسالک یجب علی الأب العقر بسبب الوطی سواء کانت بکرا أو ثیبا و هو العشر أو نصفه مضافا إلی ذلک أرش البکارة مستثنی منه قدر نصیبه علی أصح القولین (و فیه) أن الأخبار التی استنهضناها فی المقام و غیرها کما یأتی بیانه فی باب الغصب خالیة عن إضافة أرش البکارة بل ظاهرها التداخل (و من أراد) تحقیق المسألة و إیضاحها فلیلحظ کلامنا فی باب الغصب و نبه بقوله علی أصح القولین علی خلاف ابن إدریس حیث لم یوجب شیئا مع الثیبوبة و لم یوجب مع البکارة إلا الأرش کما عرفت و فی المختلف علیه من المهر بقدر حصص الشرکاء إن کانت مکرهة أو جاهلة و إن کانت مطاوعة فکذلک علی الخلاف و إن کانت بکرا ألزم أرش البکارة و فی الدروس فی دخول أرش البکارة فی المهر نظر و جمع الفاضل بینهما و فی التنقیح أنه یلزمه المهر مع الإکراه و لا یدخل فیه أرش البکارة بل یلزمه الأمران و قواه فی جامع المقاصد فی باب الغصب تبعا للمصنف فی التذکرة لأن الوطی استیفاء لمنفعة البضع و إزالة البکارة جنایة فلا یدخل حکم أحدهما فی الأخری و فی مجمع البرهان فی أرش البکارة تأمل و الظاهر العدم لدخوله تحت عقر البکر و لهذا سکت الأکثر عنه و فی المهذب البارع إن کانت بکرا یجب علیه أرش البکارة و یسقط عنه قدر نصیبه و قال إن الحق وجوب المهر فی الثیب إن کانت جاهلة أو مکرهة و فی إیضاح النافع أما العقر فإن طاوعته فلا شی‌ء و إن کانت جاهلة أو مکرهة لزمه و یسقط حقه منه (انتهی) فلتلحظ هذه العبارة منطوقا و مفهوما من جهة أرش البکارة و الجهل و الإکراه و یأتی فی آخر هذا المطلب عند قوله و لو ظهر استحقاق الموطوءة ما له نفع تام فی المقام و یأتی فی باب العیب ذکر کثیر من هذه الفروع مستوفی فلا بد من مراجعته و سیتعرض المصنف فی باب الشروط و باب الغصب و باب الحدود لهذه الفروع و نحوها
(قوله رحمه اللّٰه) (و یتخیر المشتری إذا تجدد العیب فی الحیوان بعد العقد و قبل القبض فی الفسخ و الإمساک مجانا و بالأرش علی رأی)
أما الفسخ و الرد فموضع وفاق کما فی کشف الرموز و الروضة و لا خلاف فیه کما فی مجمع البرهان و الکفایة و الحدائق و أما الإمساک مجانا فلا نزاع فیه عندهم بل هو إجماع کما فی مجمع البرهان و أما الإمساک مع الأرش فهو خیرة النهایة و الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد فی موضع منه و التذکرة و المختلف و الإیضاح و الدروس و اللمعة و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان فی موضع منه و هو المنقول عن القاضی و التقی و هو ظاهر غایة المراد أو صریحها کما أنه قد یدعی أنه ظاهر الوسیلة و فی موضع من المسالک أنه المشهور لأنه عوض عن جزء فائت و إذا کانت الجملة مضمونة علی البائع قبل القبض فکذلک أجزاؤها و أوصافها لأن المقتضی للضمان فی الجمیع و هو عدم القبض موجود فی الصفات فیثبت الحکم (و فیه) أن المشبه به لا ضرر فیه علی البائع لأن التلف موجب لبطلان البیع الموجب للتسلط علی استرداد الثمن خاصة و لا کذلک ما نحن فیه فإن فیه ضررا علی البائع لعدم رضاه ببدل العین إلا فی مقابلة تمام الثمن فأخذ المبیع منه ببعضه من غیر رضا تجارة عن غیر تراض (و یؤیده) أن المال للمشتری فیکون العیب و التلف منه خرج التلف بدلیله و بقی الباقی و لا ینتقض بأخذ الأرش فی العیب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 330
..........
______________________________
السابق علی العقد بدعوی ورود دلیل المنع فیه أیضا لأنه مع علم البائع بالعیب فلا نقض إذ قد یکون الوجه فی أخذ الأرش المقابلة له بإقدامه علی الضرر و التضریر و أما مع الجهل فیدفع بالإجماع و فیه بلاغ مضافا إلی الاعتبار و النصوص إن تمت دلالتها علی ذلک لکن قد یدعی فی المقام الأولویة العرفیة و هی حجة (و ما فی المختلف) و الإیضاح و کذا التنقیح من أن إلزام المشتری بالرد أو الإمساک مجانا نوع ضرر علیه إذ الحاجة أقدمته علی المعاوضة و إلا لم توجد فإلزامه بجمیع الثمن ضرر عظیم لأنه دفعه فی مقابلة الجمیع بصفاته فلا یجب دفعه عن البعض (ففیه) أن حاجة المحتاج لا تؤثر أثرا فی مال آخر هؤلاء الفقراء محتاجون إلی أموال الأغنیاء (و فی غایة المراد) أن إلزام المشتری بالثمن فی مقابلة جمیع المبیع فی حال العیب ضرر (لا یقال) إنه یزول بالرد (لأنا نقول) حکم المعاوضة اقتضی ملک البیع و الرد إبطال لها و هو معنی الضرر (انتهی فتأمل) و قد یحتج لهم بإطلاق صحیحة عبد اللّٰه ابن سنان أو عمومها (قال) سألت أبا عبد اللّٰه عن الرجل یشتری الدابة أو العبد و یشترط إلی یوم أو یومین فیموت العبد أو الدابة أو یحدث فیه حدث علی من ضمان ذلک فقال علی البائع حتی ینقضی الشرط و یصیر المبیع له کذا فی التهذیب و فی الکافی لا ضمان علی المبتاع حتی ینقضی الشرط و یصیر المبیع له و هذا یشمل نقص الجزء و الصفة لمکان ترک الاستفصال و قد نفی ضمانه عن المبتاع فلزم البائع إذ لیس سواهما و الطعن فیه بأن بعض ما اشتمل علیه متروک الظاهر غیر ضائر علی أنا نحمل صیرورة المبیع علی استقراره و لزومه و قد نحمل مصیر المبیع إلیه علی إرادة قبضه و إن بعد و القول بأن الظاهر من الحدث ما کان من قبیل الموت خلاف الظاهر نعم هناک ضعف فی الدلالة إذ لیس فیه دلالة علی أن تعلق الضمان بالبائع مشروط بکونه قبل القبض بل هو دال علی تعلقه به قبل انقضاء زمان الخیار و قد ینقضی الخیار قبل القبض و قضیة المفهوم أیضا أن لیس علیه فی هذه الصورة ضمان و هذا یصححه الإجماع المرکب (فلیتأمل جیدا) (و یؤید هذا) القول إطباق العامة علی خلافه بل نفوا الأرش فی العیب السابق بعد القبض کما نقل ذلک عنهم فی المبسوط و غیره و فی الخلاف و المبسوط و السرائر و کشف الرموز أن لیس للمشتری إلا الرد و الإمساک و لیس له إجازة البیع مع الأرش فلا یجبر البائع علی بذل الأرش فإن تراضیا علی الأرش کان جائزا (و نقل) ذلک فی السرائر عن المقنعة و فی کشف الرموز عن شیخه المحقق فی نکت النهایة و فی الخلاف نفی الخلاف عن ذلک و قد نسب إلیه جماعة دعوی الإجماع علی ذلک و هی لم تصادف محزها و ما قاله بعض أصحابنا من أن مراده إجماع العامة فلیس بشی‌ء بل المراد نفی الخلاف من المسلمین کما یستفاد ذلک من سیاق عبارة الخلاف قال إذا حدث بالمبیع عیب فی ید البائع کان للمشتری الرد و الإمساک و لیس له إجازة البیع مع الأرش و لا یجبر البائع علی بذل الأرش بلا خلاف فإن تراضیا علی الأرش کان جائزا و به قال ابن شریح و ظاهر مذهب الشافعی أنه لا یجوز (دلیلنا) قوله علیه السلام الصلح جائز بین المسلمین إلا ما حرم حلالا و أحل حراما (انتهی) و من أعطی النظر حقه و ألف طریقته فی الخلاف لم یستبعد ذلک و إن استبعده بعض و یشیر إلی ذلک ما فی کشف الحق قال ذهبت الإمامیة إلی أنه إذا حدث عیب فی ید البائع کان للمشتری الرد و الإمساک فإن تصالحا علی دفع الأرش جاز و قال الشافعی لا یجوز انتهی (فتأمل) لکن نفی الخلاف لیس بإجماع علی أنه موهون بمصیر الأکثر إلی خلافه و بمخالفته له فی النهایة (فلیتأمل) و ما نقله فی السرائر عن المقنعة لم نجده فیها بعد مراجعة نسختین منها و اللّٰه أعلم بما نقل (و قد یظهر) من کشف الرموز أنه لم یجده أیضا فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 331
و لو تلف بعد قبضه فی الثلاثة فمن البائع إن لم یحدث المشتری فیه حدثا (1)
______________________________
المقنعة حیث اقتصر علی حکایة نقله عنها فی السرائر و فی إیضاح النافع أن الذی یقتضیه النظر السلیم ثبوت الخیار للمشتری بین الرد و الأرش لکن إن اختار الأرش فللبائع الخیار فی الفسخ و قال لم أسمع من قال بهذا من أصحابنا (قلت) فلم یکن ذلک مقتضی النظر السلیم لأن کان خرقا للإجماع المرکب و فی (المهذب البارع) أن المسألة مشکلة و لم یرجح شی‌ء من القولین فی موضع من الشرائع و الإرشاد و الکتاب فی باب القبض و باب الغصب (و من العجیب) ما وقع فی الإیضاح و المقتصر من الخلل فی النقل فنسب فیهما إلی النهایة مذهب الخلاف و المبسوط و إلیهما ما فیها و هو من سهو القلم الشریف (و لیعلم) أن الحکم غیر مختص بالحیوان کما هو ظاهر کثیر من العبارات و قد سمعت عبارتی الخلاف و کشف الحق و نص علی ذلک فی الکتاب فی باب العیب و القبض و اللمعة و الروضة و تمام الکلام فی باب العیب یستوفی قصور المقام (و قد فرعوا) علی الخلاف فی المسألة بعض مسائل الغصب فی باب الغصب و قد ذکرناها فی باب العیب «1»
(قوله) (و لو تلف بعد قبضه فی الثلاثة فمن البائع إن لم یحدث المشتری فیه حدثا)
کما صرح بذلک کله فی المقنعة و النهایة و المبسوط و المراسم و الوسیلة و الغنیة و السرائر و ما تأخر عنها و ظاهر الغنیة بل صریحها الإجماع علیه و لم أجد فیه خلافا و تدل علیه الأخبار الواردة فی خیاری الشرط و الحیوان و کونها أخص من المدعی یدفعه عدم القول بالفرق قطعا و هذا مبنی علی القاعدة المشهورة و هی أن التلف مدة الخیار ممن لا خیار له و فی المسألة کلام طویل الأذناب قد استوفیناه فی أحکام الخیار بما لم یوجد مثله فی کتاب (و تقسیم) ذلک أن المبیع إذا تلف فإما قبل القبض أو بعده ففی الأول من البائع و الثانی إما أن یکون تلفه فی مدة الخیار أو بعدها ففی الثانی یتلف من المشتری و فی الأول إما أن یکون الخیار للبائع فالتلف من المشتری و إما أن یکون للمشتری فالتلف من البائع و إما أن یکون لهما فالتلف من المشتری أیضا و کذا إذا کان لأجنبی علی الاجتماع أو الانفراد و الحکم فی المسألة الأولی و هو أنه إذا تلف قبل القبض یکون من مال البائع إجماعی کما فی السرائر و کشف الرموز و جامع المقاصد و الروضة و غیرها بل إجماع الغنیة ظاهر فیه (و فی الکفایة) لا أعرف فیه خلافا و هو ظاهر جماعة حیث عبروا عن ذلک بالقاعدة (و یدل علیه) خبر عقبة بن خالد «2» و ما روی عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه (قالوا) و یسقط الخیار لأیهما کان و معنی أنه یکون من مال بائعه أنه بالتلف ینفسخ البیع فیرجع إلی ملکه و الثمن إلی ملک المشتری و النماء الحاصل بعد العقد للمشتری و لیس للمشتری مطالبة البائع بالمثل أو القیمة لأنه لیس کغیره من المضمونات حتی یضمن بالمثل أو القیمة بل معنی ضمانه أنه بالتلف ینفسخ العقد و قد ناقشهم فی ذلک المولی الأردبیلی بعد اعترافه أنه لا نزاع بینهم فی ذلک و هذا حدیث إجمالی و التفصیل یأتی فی محله إن شاء اللّٰه تعالی فی المطلب الثانی فی أحکام الخیار مستوفی أکمل استیفاء بما لا مزید علیه و سنذکر فی بیع الثمار ما له نفع تام فی المقام (و الحکم فی المسألة الثانیة) و هو أنه إذا تلف بعد القبض و بعد زمان الخیار یکون من المشتری (فمما لا ریب فیه) و قد نقل علیه الإجماع مستفیضا و فی المبسوط لا کلام فیه و فی مجمع البرهان لا شک فیه (و أما کون) التلف من المشتری حیث یکون الخیار للبائع فللقاعدة المذکورة مع تأیدها بأخبار
______________________________
(1) الغصب خ ل
(2) أو علی بن عقبة (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 332
و لو تجدد فیه عیب من غیر جهة المشتری فإن کان فی الثلاثة تخیر کالأول و فی الأرش نظر (1)
______________________________
خیار الشرط و إطلاق إجماع الغنیة متناول له و قد صرح به فی السرائر و ما تأخر عنها إلا ما قل قالوا و کذا إذا کان الخیار لأجنبی (و أما المسألة الرابعة) فهی ما نحن فیه و أما کون التلف من المشتری فی الخیار المشترک فقد صرح به جماعة کثیرون منهم الشیخ فی المبسوط قد ذکرناهم فی باب الخیار و فی الریاض أنه لا یعرف فیه خلافا و هو کذلک بناء علی الأشهر الأظهر من حصول التملک بمجرد العقد و یشکل علی القول الآخر و الحال فی الثمن کالمبیع من دون تفاوت کما صرح به جماعة و هذا حدیث إجمالی و نشر الأقوال و بسط المقال یأتی فی محله بلطف اللّٰه تعالی فلا بد من الرجوع إلی ذلک
(قوله) (و لو تجدد فیه عیب من غیر جهة المشتری فإن کان فی الثلاثة تخیر کالأول و فی الأرش نظر)
المراد أنه یتخیر بین الرد و الإمساک فی زمن الخیار الأصلی أو المشترط بعد القبض و لا أعرف فیه خلافا بل نقل علیه الاتفاق بعض المحشین علی الروضة قال و مع الاتفاق فی جواز الرد اختلفوا فی هذا الرد هل هو بأصل الخیار أم بالعیب أیضا (انتهی) و تظهر دعوی الإجماع من عبارة الدروس حیث قال فله الرد ما دام الخیار و لو خرج الخیار ففی الرد خلاف بین ابن نما و تلمیذه المحقق فجوزه ابن نما لأنه من ضمان البائع و منعه المحقق لأن الرد لمکان الخیار و قد زال (انتهی) و هذه فائدة أخری غیر ما فی اللمعة کما ستسمع و ظاهره الإجماع حیث قصر الخلاف علی ما إذا خرج الخیار و مفهوم اللقب فی عبارات الفقهاء حجة و به یثبت الوفاق و الخلاف و الظاهر أن کل خیار یختص بالمشتری کذلک کما صرح به فی جامع المقاصد فی باب العیب قال و هل خیار الغبن و الرؤیة کذلک یبعد القول به خصوصا علی القول بأنهما علی الفور (قلت) و أما خیار العیب فحدوث عیب آخر بعده (بعد القبض خ ل) لا یمنع إذا لم یکن حیوانا و إن کان حیوانا لا یمنع إذا کان فی مدة الخیار کما سینبه علیه المصنف هنا و فی باب العیب و قوی فی التذکرة و الإیضاح و الدروس أن له الإمساک مع الأرش (و هو) المنقول عن الشیخ نجیب الدین بن نما و هو خیرة السرائر و التحریر و التذکرة و المیسیة ذکروه فی مقام آخر فی باب خیار العیب و هو أیضا خیرة جامع المقاصد و الروضة و الحال فیه من الخلاف و الدلیل کالأول (فلیتأمل) قال فی الدروس الخلاف فی أخذ الأرش فی العیب الحادث فی خیار المشتری کالخلاف فی الحادث قبل قبضه فیلزم الشیخ فی النهایة و القاضی و الحلبی جواز الأرش هنا کما قالوه ثمة و فیه قوة و نقل فی الإیضاح عن المفید أنه لیس له الأرش و لم أجده فی المقنعة و نقل القول بأن له الأرش و لم یعزه إلی أحد و قال إن تردد المصنف نشأ من اختلاف الأصحاب و فی الشرائع حکم بعدم الأرش و هذا الذی أشار إلیه الشهید فی اللمعة فقال لو حدث عیب من غیر جهة المشتری فی زمن الخیار فله الرد بأصل الخیار و الأقرب جواز الرد بالعیب (و تظهر الفائدة) لو أسقط الخیار الأصلی و المشترط (و قال) الفاضل نجم الدین فی الدرس لا یرد إلا بالخیار و هو ینافی حکمه فی الشرائع بأن الحدث فی الثلاثة من مال البائع مع حکمه بعدم الأرش فیه (انتهی) و معناه أن المحقق فی الشرائع رجح الرد بالعیب أیضا کما یستنبط من عبارتیه معا فی الشرائع فما نقل عنه فی الدرس من أنه قال لا یرد بالعیب بل بالخیار غیر معتمد لأنه ینافی ما فی کتابه فإن الحدث إذا کان من مال البائع کما فی الشرائع و حکم فیها بعدم الأرش تعین الرد علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 333
و لا یمنع من الرد بالعیب السابق (1)
______________________________
بسبب الحدث (و قد) سها قلم الشهید الثانی فی الروضة فشرح کلامه بما لم یرده و لم یرضه غیر أنه أوضح الفائدة الأخری التی أشار إلیها الشهید فی الدروس و حواشیه علی الکتاب و هی ثبوت الخیار بعد انقضاء الثلاثة علی قول ابن نما إذ لا یتقید خیار العیب بالثلاثة و إن اشترط حصوله فی الثلاثة فما قبلها و غایته ثبوته فیها بسببین و هو غیر قادح فإنها معرفات یمکن اجتماعها فی وقت واحد و علی مذهب المحقق یسقط الخیار بعد انقضاء الثلاثة (و تنقیح الکلام) فی حدوث العیب علی سبیل الإجمال أنه إذا حدث فی المبیع عیب قبل القبض فللمشتری الرد و الإمساک بالأرش أو دونه علی الخلاف کما مر قریبا و لا یلتفت إلی خیار المشتری أو البائع إن کان و إذا حدث فیه عیب بعد القبض فإن کان فی زمن الخیار المختص بالمشتری تخیر قطعا و لعله یتخیر أیضا فی المشترک بینه و بین البائع کما قد یعطیه إطلاق عبارة الکتاب و غیره (إلا أن) نقول الظاهر من هذا الإطلاق أن المراد أن الخیار للمشتری کما عبر بذلک جماعة منهم الشهید فی الدروس و المحقق الثانی و غیرهما فعلی هذا لا یفارق العیب التلف فإنه أی التلف فی الخیار المشترک من المشتری و هو الموافق للقواعد کما أوضحناه فی باب الخیار فالعیب کذلک و إن کان الخیار مختصا بالبائع أو مشترکا بینه و بین أجنبی فلا خیار للمشتری فی فسخ العقد و أخذ الثمن بل الخیار و الإمضاء إلی البائع حتی لو کان العیب بآفة سماویة و اختار البائع الإمضاء فالتلف من المشتری (نعم) لو کان العیب من قبل البائع و اختار «1» الإمضاء کان للمشتری علی البائع الأرش لا غیر و لیس له الفسخ و أخذ الثمن و أما لو کان العیب من أجنبی و للمشتری الخیار فهو بالخیار إن شاء أجاز و رجع علی الأجنبی بالأرش و إن شاء فسخ و رجع البائع علیه «2» بالأرش و إن کان الخیار للبائع و أمضی رجع المشتری علی الأجنبی بالأرش و عبارة الروضة هنا غیر جیدة حیث قال و لو کان من أجنبی فللمشتری علیه الأرش خاصة
(قوله) (و لا یمنع من الرد بالعیب السابق)
أی لا یمنع العیب المتجدد من غیر جهة المشتری من الرد بالعیب السابق و لا الأرش إذا کان فی الثلاثة إذا کان حیوانا و کذا کل خیار یختص بالمشتری لأنه مضمون علی البائع کما یستفاد ذلک قطعا من السرائر و الشرائع و التحریر و کذا المقنعة و هو صریح التذکرة و الدروس و الروضة و ما فی المبسوط و النهایة و الجواهر و الوسیلة و الغنیة و السرائر و سائر ما تأخر عنها من أن حدوث العیب عند المشتری مانع من الرد بالعیب السابق فمفروض فیما إذا کان المبیع غیر مضمون علی البائع کما إذا کان بعد الثلاثة فإنه حینئذ غیر مضمون مع تغیر المبیع فإن رده مشروط ببقائه علی ما کان فیثبت فی السابق الأرش خاصة من دون رد و قد حکی علیه الإجماع فخر الإسلام فی شرح الإرشاد و هو ظاهر الغنیة أو صریحها (و قد أوضحنا الحال فی المقام) فی باب أحکام العیب فلا بد من مراجعة الموضع المذکور لیطلع علی ما فی الخلاف و المبسوط و غیر ذلک من الأحکام و الفروع و ظاهر المقنعة أن حدوث العیب عند المشتری لا یمنع من الرد مطلقا فیحمل علی ما إذا کان مضمونا (فلیتأمل) قال فی المقنعة فإن لم یعلم بالعیب حتی حدث فیه عیب آخر کان له أرش العیب المتقدم دون الحادث إن اختار ذلک و إن اختار الرد کان له ذلک ما لم یحدث فیه هو حدثا قال فی الدروس بعد نقل ذلک عنه
______________________________
(1) یعنی البائع (منه)
(2) یعنی علی الأجنبی (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 334
و لو کان بعدها أو أحدث المشتری فیه حدثا منع من الرد بالعیب السابق (1) و الحمل حال البیع للبائع علی رأی إلا أن یشترطه المشتری فیثبت له معه فإن سقط قبل قبضه أو فی الثلاثة من غیر فعله قومت فی الحالین و أخذ من الثمن بنسبة التفاوت (2)
______________________________
بالمعنی یشکل ذلک إذا کان غیر مضمون علی البائع
(قوله) و لو کان بعدها أو أحدث المشتری فیه حدثا منع من الرد بالعیب السابق)
إجماعا کما فی المختلف و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و لا فرق عندهم فی إحداثه فیه الحدث بین ما لو کان قبل العلم بالعیب أو بعده خلافا للشیخ فی التصرف قبل العلم فلم یسقط به الخیار فی المبسوط و له خلافات أخر بیناها فی باب العیب و لا یمنع إحداثه فیه الحدث من الأرش إجماعا کما فی الغنیة و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و فی المفاتیح أن الصحاح به مستفیضة و فی الکفایة أن الأخبار به مختصة بالجاریة و لیس کذلک لأن مرسل جمیل (حمید خ ل) و خبر زرارة صریحان فی الأرش مع التصرف فی المبیع مطلقا (فلا بد) من مراجعة ما کتبناه فی باب العیب و خالف صاحب الوسیلة قال إذا علم بالعیب ثم تصرف فیه لم یکن له الرد و لا الأرش و المراد بالحدث ما یعد فی العرف تصرفا و حدثا غیر قاصد به الاستخبار و نحوه مما یدل علی عدم الالتزام بالعقد و إمضائه و تمام الکلام یأتی بعون الملک العلام و برکة أهل الذکر علیهم الصلاة و السلام فی مبحث الخیارات و العیوب
(قوله) (و الحمل حال البیع للبائع علی رأی إلا أن یشترطه المشتری فیثبت له معه فإن سقط قبل قبضه أو فی الثلاثة من غیر فعله قومت فی الحالین و أخذ من الثمن بنسبة التفاوت)
(أما کون) الحمل حال البیع للبائع فهو المشهور بین فقهائنا کما فی إیضاح النافع و المسالک و مجمع البرهان و الحدائق و الریاض و فی الدروس أن الأکثر علی خلاف الشیخ و فی السرائر أنه إذا باع جاریة أو دابة و استثنی حملها لنفسه جاز إذ لا خلاف بین أصحابنا أن الحمل بمجرد العقد من الحامل للبائع فکیف إذا اشترطه إلا أن یشترطه المشتری (و هذا مذهب) شیخنا فی نهایته و جمیع کتبه و ما ذکره شیخنا فی مبسوطه مذهب الشافعی و مذهبنا بغیر خلاف مخالف لمذهب الشافعی (انتهی) و هو أی کونه للبائع حینئذ خیرة المقنعة و النهایة و المراسم و الشرائع و النافع و التذکرة و کشف الرموز و الإرشاد و التحریر و المختلف و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و اللمعة و جامع المقاصد و المقتصر و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و هو المنقول عن القاضی فی الکامل و عن التقی و نقله فی الریاض عن ابن زهرة و لم أجده فی الغنیة و لا نقله غیره عنه (و أما أنه) یثبت للمشتری إذا اشترطه فقد صرح فیه فی جمیع هذه الکتب و فی التذکرة الإجماع علی أنه لو باع الحمل مع أمه جاز سواء کان من الآدمی أو غیره و قد تقدم لنا عند شرح قوله و کذا الجلد و الصوف علی ظهر الغنم ما له نفع تام و لم یرجح فی الدروس شیئا إذا أطلق (و قال فی المفاتیح فیه) قولان فکأنهما مترددان (و قال فی المبسوط) إذا باع بهیمة أو جاریة حاملا و استثنی حملها لنفسه لم یجز لأن الحمل یجری مجری عضو من أعضائها و قضیته أنه للمشتری و نقل عن القاضی أنه وافقه علی ذلک فی المهذب و جواهر الفقه و قد أبطل الشیخ البیع إذا کان الحمل جزءا فقد تضمن کلامه أنه لا یجوز إفرادها عنه و لا بیعه معها کأن یقول بعتکها و حملها بل یدخل و إن لم یذکره (فلیتأمل) و قد علمت فیما مر أنه جوز استثناء الرأس أو الجلد (و قال صاحب الوسیلة) فیها و الإناث من الآدمی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 335
..........
______________________________
و النعم إذا کانت حوامل و بیعت مطلقا کان الولد للمبتاع إلا إذا شرطه البائع و قال الشیخ أبو جعفر الطوسی یکون للبائع إلا إذا شرط المبتاع (انتهی) و کأنه أراد قول الشیخ فی النهایة و الذی یعطیه المنقول من کلام أبی علی أن الولد للمبتاع و أنه یجوز استثناؤه قال فیما نقل یجوز أن یستثنی الجنین فی بطن أمه من آدمی و حیوان (انتهی) فقد تحصل أن المذاهب ثلاثة الأول دخوله فی المبیع و لا یجوز استثناؤه و الثانی أنه یدخل و یجوز استثناؤه و الثالث أنه لا یدخل إلا أن یشترطه المشتری (احتج الأولون) بما أشار إلیه فی المبسوط بأن الحمل جزء من الحامل فیجری مجری عضو من أعضائها فیدخل و لا یصح استثناؤه کما لو استثنی جزءا معینا (و قد یحتج) لهما بما رواه الشیخ و الصدوق بطریقهما عن السکونی عن جعفر عن أبیه عن آبائه علیهم السلام فی رجل أعتق أمة و هی حبلی فاستثنی ما فی بطنها قال الأمة حرة و ما فی بطنها منها و هو ظاهر فی تبعیة الحمل للأم و أنه لا یصلح استثناؤه من حیث إنه منها و جزء من أجزائها کما ادعاه الشیخ و من تبعه و لهذا ذهب الشیخ و جماعة فی باب العتق إلی سرایة عتق الحامل إلی عتق الحمل للروایة المذکورة و إن کان المشهور خلافه (و أجیب عن الأول) بالمنع من کونه کالجزء و لهذا تصح الوصیة له و به و کذلک الإقرار و لا کذلک الجزء إذ لا یصح فیه شی‌ء من ذلک فلا یخرج بذلک عن الأصل و الاستصحاب المعتضد بما عرفت و الخبر علی قصور سنده و إعراض الأکثر عنه معارض بما هو أجود سندا منه و معمول به عند الأکثر فی بابه و هو موثق عثمان بن عیسی عن أبی الحسن علیه السلام (قال) سألته عن امرأة دبرت جاریة لها فولدت الجاریة جاریة نفیسة فلم تدر المرأة حال المولود هی مدبرة أو غیر مدبرة فقال متی کان الحمل بالمدبرة أ قبل ما دبرت أم بعد فقلت لست أدری و لکن أجبنی فیهما جمیعا فقال علیه السلام إن کان المرأة دبرت و بها حمل و لم تذکر ما فی بطنها فالجاریة مدبرة و الولد رق و إن کان إنما حدث الحمل بعد التدبیر فالولد مدبر فی تدبیر أمه لأن الحمل إنما حدث یعد التدبیر و هو واضح الدلالة و فی الحسن عن رجل دبر جاریة و هی حبلی فقال إن کان علم بحبل الجاریة فما فی بطنها بمنزلتها و إن کان لا یعلم فما فی بطنها رق فلیتأمل (و حجة القول الثانی) الأصل و منع المشابهة و علی المشهور فلا ریب فی جواز الدخول و یکون للمشتری بلا نزاع کما فی مجمع البرهان و لا یضر جهله لأنه منضم إلی معلوم بل فیه علم أیضا کما فی المجمع أیضا و قال فی التذکرة إن شرط دخول الحمل فی البیع بأن قال بعتک هذه الأمة و حملها لم یصح لأنه مجهول و إن شرط فقال بعتک هذه الأمة بکذا و الحمل دخل الحمل فی المبیع و کان مستحقا للمشتری انتهی و الظاهر أنه لا فرق بین الصورتین لأن الحمل بالنصب معطوف علی هذه الأمة و توسط الثمن لا مدخلیة له «فلیتأمل» (و فی) الحواشی المنسوبة إلی الشهید أن هناک ثلاث صور (الأولی) أن یکون الحمل موجودا و یشترط ملکه و العبارة عنه أن یقول بعتکها بشرط دخول حملها أو شرطت لک حملها (الثانیة) أن یکون الحمل غیر معلوم فیشترط وجوده و ملکیته و العبارة عنه أن یقول بعتکها بشرط حملها و دخوله فی المبیع (الثالثة) أن یکون مظنون الوجود و الغرض متعلق بإدخاله علی تقدیر وجوده لا بوجوده و العبارة بعتکها و شرطت لک تملک حملها إن کان قال ففی الأول الحکم ظاهر و فی الثانی لو ظهرت حائلا فللمشتری الفسخ و فی الأرش خلاف (و فی) الثالث الفسخ قطعا و لا أرش کذا وجدنا «فتأمل» (ثم قال) لو عدل عن هذه العبارات إلی بعتکها بحملها أو مع حملها أو و حملها ففی الصحة وجهان الصحة بناء علی أنه مقصود بالتبعیة و عدمها لأنه جعله جزءا واقعا علیه البیع و فی الروضة لا تمنع جهالته من جهة الذکورة و الأنوثة من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 336
و لو قال اشتر حیوانا بشرکتی أو بیننا صح البیع لهما و علی کل منهما نصف الثمن فإن أدی أحدهما الجمیع بإذن صاحبه فی الإنقاد عنه لزمه الغرم و إلا فلا و لو تلف فهو منهما و لیرجع علی الآمر بما نقد بإذنه (1)
______________________________
دخوله مع الشرط لأنه تابع سواء قال بعتکها و حملها أم قال و شرطت لک حملها و لو لم یکن معلوما أی کان مجهولا وجوده و أرید إدخاله فالعبارة الثانیة و نحوها لا غیر و لو لم یشترط و احتمل وجوده عند العقد و عدمه فهو للمشتری لأصالة عدم تقدمه و نحوه ما فی المسالک و کأنه نظر فی تعیین العبارة الثانیة إلی أن بیع ما لم یعلم وجوده غیر معقول بخلاف الشرط و فیه تأمل ظاهر (و لیعلم) أن قول المصنف و غیره إلا أن یشترطه المشتری لعل فیه إشارة إلی أن الحمل عندهم لیس مبیعا بل شرط تابع (و فیه) أن الحمل یزید به الثمن کثیرا و ینقص فکیف لا یکون مقصودا بالذات «فلیتأمل» (و قد تقدم) لنا عند شرح قوله و لا یصح بیع السمک فی الآجام و إن ضم إلیه القصب ما له نفع تام فی المقام و حیث یشترط الولد أو بیعهما معا فیسقط الولد قبل القبض أو فی الثلاثة من غیر فعله یرجع المشتری بحصة الولد من الثمن و طریق ذلک أن تقوم فی حالتیها و یؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت و فی الشرائع و التذکرة تقوم حاملا و حائلا و فی اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و غیرها أنها تقوم حاملا و مجهضا لا حائلا للاختلاف و مطابقة الأول الواقع و عبارة الکتاب یجب تنزیلها علی أن الحمل قد اشترط فی البیع لیدخل فی التقویم و إلا قومت هی خاصة حائلا أو مجهضا و الظاهر أنه لا خلاف فی أنه إذا باع البائض دخل البیض علی طریق التبع لأن من خالف فی الحمل وافق فیه کالشیخ فی المبسوط و غیره
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو قال اشتر حیوانا بشرکتی أو بیننا صح البیع لهما و علی کل منهما نصف الثمن فإن أدی أحدهما الجمیع بإذن صاحبه فی الإنقاد عنه لزمه الغرم و إلا فلا و لو تلف فهو منهما و یرجع علی الآمر بما نقد بإذنه)
قد ذکر ذلک کله فی الشرائع و التذکرة و الدروس و مجمع البرهان و کذلک الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و الکفایة و دلیل لزوم الآمر نصف الثمن أن الشراء للغیر لا یکون إلا بالثمن و الأمر توکیل بالشراء بالشرکة بینه و بین المأمور و الظاهر من الشرکة التساوی إلا أن تکون هناک قرینة تدل علی خلافه فلو أذن مع ذلک بأداء الثمن عنه أیضا فأدی رجع علیه بذلک بمجرد الإذن فیه و إن کان ذلک أعمّ لدلالة القرائن علیه و عدم حصول ما یقتضی التبرع و الإذن أما صریحه کقوله ادفع عنی الثمن أو فحوی بأن یوکله فی شرائه من مکان بعید لا یسلم فیه البائع بدون قبض الثمن عادة و نحو ذلک و ظاهر کلام ابن إدریس أن قضیة الأمر الإذن فی النقد و إلا لم تتحقق الشرکة و فی الدروس أن فی ذلک منعا ظاهرا (قلت) لعل نظر ابن إدریس إلی أن الإذن فی الشراء ما لا یسلم غالبا إلا بعد تسلیم الثمن مستلزم للإذن فی الأداء بحسب العرف و العادة علی أنا قد نقول إن ذلک إذن فی التسلم أیضا إذ لا بد من تسلم حقه و هو مما لا یمکن إلا بالکل (فلیتأمل) و روی الحلبی فی مشتری دابة و یقول الآخر أنقد عنی و الربح بیننا یشترکان إذا نقد (فلیتأمل) و لو تلف فی موضع ضمان المشتری فهو منهما فلا یرجع أحدهما علی الآخر فکانت ید المشتری ید أمانة و کذلک الآخر و لو أراد الشرکة بأقل اتبع فلو تنازعا فی القدر فإن کان فی الإرادة حلف الآمر و إن کان فی نیة الوکیل حلف الوکیل إن نقص
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 337
و العبد لا یملک مطلقا علی رأی (1)
______________________________
عما یدعیه الموکل و إن زعم الموکل أنه اشتری له الثلث فقال النصف احتمل ذلک لأنه أعرف و تقدیم الموکل لأن الوکیل مدع زیادة و الأصل عدمها و حکم غیر الحیوان حکمه فی هذا الباب
(قوله) (و العبد لا یملک مطلقا علی رأی)
هذا هو المشهور کما فی المفاتیح و الریاض و مذهب الأکثر کما فی التذکرة و فی نهج الحق أنه مذهب الإمامیة و فی زکاة الخلاف لا زکاة علیه لأنه لا یملک إجماعا و فی السرائر أن إجماع أصحابنا علی أن جمیع ما بید العبد فهو مال لسیده و فی موضع آخر منها و نهایة الإحکام أنه غیر مالک عندنا و فی المنتهی نسبته إلی أصحابنا و نحو ذلک عبارة المبسوط فی کتاب الکفارات و قد تشعر عبارة الإنتصار بذلک و هو خیرة المبسوط و الخلاف و الغنیة صرح به فی کتاب الزکاة قال لا یملک و إن ملکه مولاه و کتب المصنف و الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و اللمعة و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد فی باب ما یدخل فی المبیع و المیسیة و المسالک و الروضة و الریاض و غیرها و هو خیرة الخلاف أیضا حیث قال لو کان معه مائة درهم فباعه بمائة درهم لم یصح و إن باعه بمائة و درهم صح و هذا إنما یتم علی القول بأنه لا یملک عند بعضهم کما ستسمع (و أطلق) الصدوق و أبو علی علی ما نقل القول بأن العبد یملک و کلام الصدوق فی المقنع صریح أو کالصریح فی أنه یملک فاضل الضریبة و نحوه غیره و قد حمل کلامی الصدوق و أبی علی جماعة علی أنه یملک ملکا غیر مستقر و فی الدروس أن ظاهر الأکثر أنه یملک و نسبه فی المسالک و الروضة أیضا إلی الأکثر و سیأتی بیان المواضع التی ظهر لهما منها ذلک و فی النافع المملوک یملک فاضل الضریبة و قیل لا یملک شیئا و فی الشرائع العبد لا یملک و قیل یملک فاضل الضریبة و هو المروی و أرش الجنایة علی قول و لو قیل یملک مطلقا لکنه محجور علیه بالرق حتی یأذن المولی کان حسنا و قال فی النهایة العبد المملوک لا یملک شیئا من الأموال ما دام رقا فإن ملکه مولاه شیئا ملک التصرف فیه بجمیع ما یریده و کذلک إذا فرض علیه ضریبة یؤدیها إلیه و ما یفضل بعد ذلک یکون له جاز فإذا أدی إلی مولاه ضریبته کان له التصرف فیما بقی من المال و کذلک إذا أصیب العبد فی نفسه بما یستحق به الأرش کان له ذلک و حل له التصرف فیه و لیس له رقبة المال علی وجه من الوجوه فإن تزوج من هذا المال أو تسری کان ذلک جائزا و کذلک إن اشتری مملوکا فأعتقه کان العتق ماضیا «انتهی» و أنت خبیر بأن بین قوله إنه لیس له رقبة المال علی وجه و بین قوله بمضی العتق و صحته و لا عتق إلا فی ملک تناقضا ظاهرا «فلیتأمل جیدا» و قد نقل مثل ما فی النهایة عن القاضی (و قد) نسب بعضهم إلی النهایة أنه یملک فاضل الضریبة و جماعة نسب إلیه أیضا أنه یملک أروش الجنایات و ما ملکه مولاه و فی کشف الرموز أن القول بأنه یملک فاضل الضریبة و أروش الجنایات للشیخ فی النهایة و أتباعه (قلت) و نقل هذا فی المبسوط عن بعض أصحابنا و فی الدروس أن فی النهایة أنه یملک ما ملکه مولاه و فاضل الضریبة و أرش الجنایة بمعنی أن له التصرف و جواز تزویجه و تسریه و عتقه لا بمعنی ملک رقبة المال «انتهی» و لم یرجح فی الدروس شیئا کالمفاتیح و فی کشف الرموز قد جمع شیخنا یعنی المحقق بین القولین فقال لا یبعد أن یقال یملک و لکنه محجور من التصرف للرقبة و هذا مستحسن ثم قال فی کشف الرموز (و قال) صاحب الرائع (الشرائع خ ل) إن لفاضل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 338
..........
______________________________
الضریبة و أرش الجنایة اختصاصا بالعبد أشد من غیرهما من الأموال فنفی الملک و أثبت الاختصاص و ما أعرف أی شی‌ء عنی بالاختصاص «انتهی» و فی إیضاح النافع الذی یلیق بالجمع أن یقال ما ملکه مولاه ملکه و منه فاضل الضریبة و ما لا إذن له فیه من مولاه لا یملکه قال و عند التأمل هذا معنی قول المصنف فی الشرائع إنه یملک إلا أنه محجور علیه لو لا أنه یقتضی تملکه ما ملکه الغیر و الذی استقر علیه رأی الفاضل المقداد أنه یملک ملکا غیر تام و فی المهذب البارع أن فی المسألة ثلاثة أقوال الأول ملک المال لا مستقرا و هو ظاهر الصدوق و أبی علی الثانی أنه یملک التصرف خاصة و علیه الشیخ فی النهایة الثالث إباحة التصرف خاصة لا ملک التصرف و نحوه ما فی شرح الإرشاد للفخر و قالا إن الثالث لم یمنع منه أحد بل هو إجماعی و فی الأخیر بین المسلمین و فرق فی المهذب بین الثانی و الثالث من وجهین الأول أن ملک التصرف أقوی من إباحته فإن فی الإباحة لو ظهر له شاهد حال من المالک بکراهته لم یجز أن یتصرف الثانی أن فی ملک التصرف له أن یتصدق منه و یطعم غیره و لیس له ذلک فی الإباحة فلیلحظ کلامهما فی ملکیة التصرف و الفرق الثانی بین الثانی و الثالث فإن الأمرین غیر واضحین و فی الکفایة الوجه أنه یملک فاضل الضریبة و قد تقدم لنا فی باب الزکاة ما له نفع تام فی المقام (و نقلنا) هناک عن صاحب الوسیلة فی باب العتق أنه یملک و کذا عن الأردبیلی فلیراجع ذلک و الأقوی أنه لا یملک مطلقا (و الحجة) علیه بعد الإجماعات و فیها البلاغ (الأصل) السالم عما یصلح للمعارضة (و الآیات و الأخبار أما) الأصل فیقرر بأن الأصل عدم ملکیة شی‌ء لشی‌ء خرج الحر و بقی الباقی و أن الملکیة تتوقف غالبا علی أسباب اختیاریة و هی منتفیة فی العبد و الحیازات و الهبات تتوقف علی القابلیة و الذی لا یملک نفسه کیف یملک غیره و إذن السید لا تدل علی القابلیة و إنما المدار علی إذن الشارع فیرجع الأمر إلی الفحص عن إذن الشارع و ستعرف أن الأدلة متعارضة و أنها من هذا الجانب أقوی فکان الأصل محکما (و لا ریب) أن العبد مال و نماء المال لصاحبه و ما العبد إذا اکتسب إلا کالشجرة إذا أثمرت و الجاریة إذا حملت و ما ملکه إیاه مولاه لیس إلا کوضعه القلادة فی عنق الجاریة فالأصل عدم ملکیته و قابلیته کالدابة و غیرها من سائر المملوکات (و أما الآیات) فهی قوله تعالی ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوکاً لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ‌ءٍ فإن الظاهر أن قوله لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ‌ءٍ صفة کاشفة لأن قوله مَمْلُوکاً کذلک و لأن الظاهر أن عدم قدرته علی شی‌ء لکونه مملوکا (و یرشد) إلی ذلک استدلالهم علیهم السلام علی عدم قدرته علی النکاح و الطلاق بالآیة (و أما قوله) سبحانه عَبْداً فهو و إن کان نکرة لکن المراد به العموم لأن العلة صفة العبودیة و کلما ثبتت العلة ثبت المعلول و لأن الأمة بین قائلین فإن بعضهم قائل بأن کل عبد یمکن أن یملک أحد الثلاثة التی ذکرها الشیخ و بعضهم قائل بأنه لا یمکن أن یملک شیئا أصلا فالقول بأن عبدا یمکن أن یملک شیئا و عبدا لا یمکن أن یملک شیئا قول ثالث باطل إجماعا و شی‌ء فی قوله جل شأنه لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ‌ءٍ عام لأنه نکرة فی سیاق النفی قصد بذلک المبالغة فی نفی القدرة و إنما یتم بإفادة العموم فصار المعنی لا یقدر علی شی‌ء أصلا خرج ما خرج بدلیله کجواز تصرفه و بیعه و شرائه بإذن مولاه و بقی الباقی و هو الملکیة أذن المولی أم لم یأذن فسقط ما فی آیات أحکام مولانا الأردبیلی و مجمع برهانه من المناقشة فی الاستدلال بها حیث قال غایة دلالتها علی وجود عبد مملوک لا قدرة له علی شی‌ء و وجود عبد مملوک قادر علی شی‌ء ثم إنه منع من کون القید للبیان و کونه شاملا للتصرف فی الأموال (ثم قال) إن قوله جل شأنه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 339
..........
______________________________
وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ وَ الصّٰالِحِینَ مِنْ عِبٰادِکُمْ وَ إِمٰائِکُمْ إِنْ یَکُونُوا فُقَرٰاءَ یُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ یدل علی التملک (و أنت خبیر) بأن الغناء قد یکون بغیر الملک کالبذل و نحوه من رغد العیش و قوله جل شأنه ضَرَبَ لَکُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِکُمْ هَلْ لَکُمْ مِنْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ مِنْ شُرَکٰاءَ فِی مٰا رَزَقْنٰاکُمْ قد دل علی أن العبید لا شرکة لهم مع الموالی و لا مع الأحرار و ما ذاک إلا لعدم القدرة و القابلیة للملک فتأمل (و أما الأخبار) فالدال منها علی عدم الملکیة کثیر مستفیض مجبور بالشهرة المعلومة معتضد بالکتاب و الإجماعات المنقولة مؤیدة بالأصل و موافقة الاعتبار (و منها) الصحیح فی المملوک ما دام عبدا فإنه و ماله لأهله لا یجوز له تحریر و لا وصیة إلا أن یشاء سیده فإنه ظاهر أو صریح فی عدم جواز تصرفاته و إنه لا یملک أصلا فإن اللام فی قوله لأهله مفیدة للملک فصار المعنی أن العبد و ماله ملک لأهله (فإن قلت) إضافة المال إلی العبد ظاهرة فی ثبوتها له أیضا و حیث لم یجتمعا لا بد من التأویل فی أحدهما لیرجع إلی الآخر و أقرب وجوه التأویل فی المقام إرادة جواز التصرف و کما یصح أن یقال إن إضافة المال إلی العبد یراد بها جواز التصرف له إذ یکفی فیها أدنی ملابسة کذلک یصح أن یقال إن معنی کون ماله لأهله أنهم یجوز لهم التصرف (و حیث) لا مرجح وجب التوقف و به تخرج الروایة عن الحجیة (قلت) المرجح موجود لأنه لا ریب أن اللام بالإضافة إلی العبد یراد بها معناها الحقیقی و هو الملک أو الاختصاص فلو حمل علی المعنی المجازی بالنسبة إلی المال لزم استعمال اللفظ الواحد فی الاستعمال الواحد فی المعنی الحقیقی و المجازی و هو مرفوض عند المحققین فلا جرم کان التأویل فی الطرف المقابل و هکذا الحال فی کل خبر أضیف فیه المال إلی العبد فإنه یحمل علی صحة الإضافة لأدنی ملابسة و هو و إن بعد فی الجملة إلا أنه یتعین المصیر إلیه هنا بملاحظة ما ذکرنا مضافا إلی الصوارف الأخر (فإن قلت) هذا الصحیح معارض بالصحیح الآخر و هو قوله علیه السلام إذا أدی إلی سیده ما کان فرض علیه فما اکتسب بعد الفریضة فهو للملوک إلی أن قال قلت له للمملوک أن یتصدق بما اکتسب و یعتق بعد الفریضة التی کان یؤدیها إلی سیده قال نعم و أجیز ذلک قلت فإن أعتق مملوکا بما اکتسب سوی الفریضة لمن یکون ولاء العتق قال فقال یذهب فیوالی من أحب (الحدیث) فیقید إطلاق دلیلکم بغیر فاضل الضریبة لمکان هذا الخبر فإنه مقید و ذلک مطلق (قلت) الشرط فی حمل المطلق علی المقید التکافؤ و هو مفقود هنا لاعتضاد الأول بما عرفت فکان بمکانة من القوة فلا یمکن المصیر إلی الجمع المذکور کما لا یمکن الجمع بینهما بحمل التصرف فی الثانی علی ما إذا کان بإذن المولی فإنه فرع العمل به مع أنک قد عرفت المنع مطلقا مضافا إلی منافاة إطلاقه لما تسالم فیه الخصوم و أطبق علیه الأصحاب من ثبوت الحجر علیه فی تصرفاته بالکلیة حیث دل علی جواز عتقه و نحوه و الإجماع منعقد علی خلافه و قد ناول هذا الخبر جماعة بإرادة جواز التصرف و الإباحة و هو و إن کان ینافیه ظاهر سیاقه إلا أنه لا بأس به جمعا بین الأدلة (و منها) الأخبار الدالة علی أن مال العبد للبائع إلا مع الشرط فیکون للمشتری و هی ثلاثة أخبار و فیها الصحیح عن رجل باع مملوکا فوجد له مالا فقال المال للبائع إنما باع نفسه إلا أن یکون شرط علیه أن ما کان له من مال أو متاع فهو له و نحوه خبر الفقیه و خبر أمالی ولد الشیخ و هذان الحکمان مع شهرتهما بین الطائفة و دلالة الأخبار علیهما لا وجه لهما علی القول بأنه یملک لأن المال إنما هو لمالکه فلا وجه حینئذ لکونه للبائع إذا لم یشترطه المشتری و له إذا شرطه و أما علی المختار فالأمر واضح لا شبهة فیه لعدم دخول المال فی لفظ المبیع لغة و عرفا إلا مع الشرط أو جریان العادة بدخوله کثیاب بدنه و نحوها و من لحظ کلام الأصحاب فی هذه المسألة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 340
..........
______________________________
ظهر له أن أبا علی و غیره ممن نسب إلیه الخلاف غیر مخالف إلا أن المصنف فی المختلف قال لو فرضنا أن العبد یملک فإنه لا یملک ملکا تاما إذ لمولاه انتزاعه منه إجماعا و علی هذا یتجه الحکمان علی القولین «فلیتأمل» (و منها قول مولانا الصادق علیه السلام) فی صحیح طویل بعد قول الراوی له أ لیس قد أوصی للعبد بالثلث من المائة أن العبد لا وصیة له إن (إنما خ ل) ماله لموالیه (و منها الصحیح) فی مکاتب کانت تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصیة فقال أهل المیراث لا نجیز وصیتها إنه مکاتب لم یعتق و لا یرث فقضی أنه یرث بحساب ما أعتق منه و تجوز له الوصیة بحساب ما أعتق منه (الحدیث) و قد یفهم من تعلیل الورثة عدم الإجازة بأنه مملوک إن ذلک کان مشهورا فی تلک الأزمنة و بالجملة تتبع النصوص الواردة فی العتق و الوصیة للمملوک یکشف عن عدم الملکیة له و کذلک النصوص الدالة علی نفی التوارث للرقیة (و قد استدل بذلک فی المختلف فقال) لأنه لو ملک لدخل المال فی ملکه بالأسباب الموجبة للدخول من غیر اختیار کالمیراث و شبهه و التالی باطل فکذا المقدم و ما أنصفوه حیث ناقشوه بالقاتل حیث إنه یملک و لا یرث لأن وجه الحکمة فیه ظاهر و الفرق واضح و کلام الأصحاب فی المنع عن الوصیة لمملوک الغیر حیث یعللون بعدم المالکیة مؤید للمختار إلی غیر ذلک مما ینبه علیه أو یرشد إلیه کما قیل له لو ملک لما جاز أخذه منه قهرا و التالی باطل إجماعا و دلیل الملازمة الاستقراء و هو دلیل حسن (و ما قیل) من أنه لو ملک لجاز أن یملک عبدا و جاز أن یملک عبده مالا فجاز أن یشتری مولاه من سیده فیکون کل منهما عبدا سیدا و هو تناقض (و فیه) أنه لا یلزم من جواز تملکه مطلقا جواز تملکه مولاه کما هو الشأن فی الحر فإنه لا یملک أبویه (و مما یستدل) به علی تملک العبد تملکه البضع بالتحلیل مع أنهم یقولون إنه إما عقد منقطع أو تملیک منفعة و الأول یحتاج إلی عوض و هو فرع تملکه و الثانی تملک منفعة و أجاب فی التذکرة بأن ملکه النکاح للحاجة إلیه و الضرورة لأنه لا یستباح فی غیر ملک و قال و لأنه لما ملکه لم یملک السید إزالة یده عنه بخلاف المال فافترقا (انتهی فتأمل) و ما رواه إسحاق بن عمار قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام ما تقول فی رجل یهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أکثر فیقول أحللنی من ضربی إیاک و من کل ما کان منی إلیک و مما أخفتک و أرهبتک فیحلله و یجعله فی حل رغبة فیما أعطاه (ثم) إن المولی بعد أصاب الدراهم التی أعطاه فی موضع قد وضعها فیه العبد فأخذها المولی إحلال له فقال لا یحل له لأنه افتدی بها نفسه من العبد مخافة العقوبة و القصاص یوم القیامة قال فقلت له فعلی العبد أن یزکیها إذا حال علیها الحول فقال لا إلا أن یعمل له بها و لا یعطی من الزکاة شیئا و إسحاق بن عمار الظاهر أنه هنا ابن حیان الصیرفی الثقة بقرینة روایته عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام کما بین فی محله لکنه قد تضمن عدم جواز أخذ المولی ما وهبه له منه و هو مخالف للإجماع المنقول فی المختلف فی موضعین قال لو فرضنا أن العبد یملک فإنه لا یملک ملکا تاما إذ لمولاه انتزاعه منه إجماعا و قال إنه لو ملک لما جاز أخذه منه قهرا و التالی باطل إجماعا مضافا إلی احتمال حمله علی التقیة لأن الملکیة مذهب جماعة من العامة و قد یلوح ذلک من آخره حیث تضمن استحباب الزکاة فی مال التجارة کما هو مذهب العامة و إن اشتهر استحبابه عندنا فیه (فتأمل) (و أما خبر أبی جریر) قال سألت أبا الحسن علیه السلام عن رجل قال لمملوکه أنت حر و لی مالک قال لا یبدأ بالحریة قبل المال یقول لی مالک و أنت حر برضی المملوک و أبو جریر إن روی عن الکاظم علیه السلام أو الرضا علیه السلام فمشترک بین زکریا بن إدریس و زکریا بن عبد الصمد و محمد بن عبد اللّٰه صرح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 341
و لو کان بیده مال فهو للبائع و إن علم به و إن شرطه المشتری صح إن لم یکن ربویا أو کان و اختلفا أو تساویا و زاد الثمن (1)
______________________________
بالأخیر فی کتاب الروضة من الکافی و قد عد هذا الخیر بعض من الحسن و بعض من الصحیح فمعارض بالأخبار المعتبرة الدالة علی کون مال المعتق للمالک إذا کان جاهلا مطلقا و لو لم یستثن مع احتمال حمله علی التقیة (و أما الخبر المروی) أن علیا علیه السلام أعتق عبدا فقال له إن ملکک لی و قد ترکته لک فهو علی ضعفه و مخالفته للإجماع إن حملنا اللامین علی الحقیقة لإفادتهما التشریک و لا قائل به غیر واضح فی مخالفة المشهور لإجماله إن ارتکب المجاز فی أحد اللامین هذا و دعوی الشهیدین أن ملکیته ظاهر الأکثر لعلهما استفاداها من قولهم من اشتری عبدا و له مال ذکروا فی المقام و فی باب ما یندرج فی المبیع بل قال جماعة فی ذلک المقام بیع العبد لا یتناول ماله الذی ملکه مولاه و من قولهم إن له فاضل الضریبة و إنه یملک النکاح و إنه لیس علی ماله زکاة إلی غیر ذلک و الکل مؤول و قد تقدم لنا فی باب الزکاة ما له نفع فی المقام
(قوله) (و لو کان بیده مال فهو للبائع و إن علم به و إن شرطه المشتری صح إن لم یکن ربویا أو کان و اختلفا أو تساویا و زاد الثمن)
إذا باع العبد و له مال و لم یعلم به البائع سواء علم به المشتری أم لا فهو للبائع ما لم یشترطه المشتری إن صح الشرط و هذا مما لا أجد فیه خلافا و کذلک ما إذا علما به و شرطه المشتری فإنه یکون للمشتری بلا خلاف فیه أیضا (و إنما الخلاف فی مقامین الأول) ما إذا باعه مع علمه بأن له مالا فظاهر المقنعة و الخلاف و المبسوط و المراسم و السرائر و النافع و الإرشاد و اللمعة و الروضة و غیرها أنه للبائع حیث أطلقوا فقالوا إذا باعه و له مال فإن شرط أن یکون للمشتری صح و إن لم یشترط کان للبائع (و قد نقل) ذلک فی المختلف عن الشیخین و سلار و أبی الصلاح و الأولی أن ینسب إلی ظاهرهم لأن مثل هذه العبارة وقعت فی النهایة ثم خالفها إلی ما ستسمع و هو ظاهر الشرائع أو صریحها و صریح التحریر (فی موضعین نسخة) و المختلف و التذکرة فی موضعین منها و المسالک و صرح به أیضا فی الإرشاد و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد فی باب ما یدخل فی المبیع و غیرها و فی الشرائع أنه أشهر و فی الدروس نسبته إلی الأکثر و فی الکفایة أنه المشهور و قال فی النهایة إذا باع العبد و علم أن له مالا کان ماله لمن ابتاعه و إن لم یکن عالما بذلک کان المال له دون المبتاع و نقل عن القاضی مثل ذلک (و قال أبو علی) بذلک إذا علم به و سلمه مع العبد و فی المبسوط بعد أن ذکر ما نقلناه عنه قال و روی أنه إن علم أن له مالا کان للمشتری و إن لم یعلم کان للسید و قد یلوح من المختلف قصر الخلاف علی القاضی (فلیتأمل) و فی الفقیه جمع بین الأخبار کأنه لیس بالوجیه قال روی یحیی بن أبی العلاء عن أبی عبد اللّٰه عن أبیه علیه السلام قال من باع عبدا و کان للعبد مال فالمال للبائع إلا أن یشترط المبتاع أمر رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم بذلک و فی روایة جمیل بن دراج عن زرارة قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام الرجل یشتری المملوک لمن ماله فقال إن کان علم البائع أن له مالا فهو للمشتری و إن لم یکن علم فهو للبائع قال مصنف هذا الکتاب هذان الحدیثان متفقان و لیسا بمختلفین و ذلک أن من باع مملوکا و اشترط المشتری ماله فإن لم یعلم البائع به فالمال للمشتری و متی لم یشترط المشتری ماله و لم یعلم البائع أن له مالا فالمال للبائع و متی علم البائع أن له
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 342
..........
______________________________
مالا و لم یشتر به عند البیع فالمال للمشتری انتهی (فتأمل فیه جیدا) و هذا الخبر لا یقوی علی مقاومة الأخبار الأخر لکونها أکثر و اعتضادها الأصل و عمل الأکثر فلیئول بالحمل علی ما إذا اشترط کما فی المختلف و ما فی معنی ذلک من قضاء العادة بدخوله (و لعله أظهر) و ینطبق حینئذ مع الأخبار الأخر فی الدلالة علی عدم الملکیة و لا ینطبق علی القول بها إذ لا تأثیر للعلم و عدمه فی دخول ملک العبد من دون عقد فی ملک البائع أو المشتری و هذا التأویل یجری فی کلام الشیخ کما فی المختلف و قال فی المسالک هذه المسألة ذکرها من قال یملک العبد و من أحاله و نسبة المال إلی العبد علی الأول واضحة و علی الثانی یراد بها ما سلطه علیه المولی و أباحه له و نسبه إلیه من کسوة و فراش و غیرهما فإن الإضافة تصدق بأدنی ملابسة ثم قال إن الخلاف فی دخول المال المذکور علی القول بأنه لا یملک یتجه فرضه (أما) إذا قلنا بملکیة العبد فیشکل الحکم بکونه للبائع أو للمشتری فإن ملک مالک لا ینتقل عنه إلا برضاه و الحال أن العبد لا مدخل له فی هذا النقل و قد ذکر هذه المسألة من ملکه و من أحاله و لا یندفع الإشکال إلا إذا قلنا بأن المراد بملکیة العبد تسلطه علی الانتفاع ثم قال إن المصنف یعنی المحقق حکم بأن العبد یملک و إن کان محجورا علیه ثم حکم بأن ماله إذا بیع لمولاه و الحکم فیه أقوی إشکالا لأن مقتضی الملک علی هذا الوجه ملک الرقبة بطریق الحقیقة و إن حجر علیه فی الانتفاع به فلا یتم الحکم بکون ماله للبائع أو للمشتری بمجرد بیعه (اللّٰهمّ) إلا أن یحمل علی ظاهر النص الدال علی هذا الحکم فیرد حینئذ بأنه دال علی عدم ملک العبد لئلا یناقض الحکم المتفق علیه من عدم ملکیة شخص مال غیره إلا برضاه انتهی ما أردنا نقله من کلامه (و قد یقال) إن کل ذلک یندفع بما ذکره فی المختلف من الإجماع من القائلین بالملک و غیرهم علی أن لمولاه انتزاعه منه کما تقدمت الإشارة إلیه و من ذلک ینقدح علی القول بملک العبد أن ما علمه المولی (المالک خ ل) عنده و لم ینتزعه یکون للعبد و للمولی الثانی حکم الأولی و یزول منع الأول بالانتقال فینطبق علی القول بالملکیة إلا أن یقال إن بیعه فی حکم انتزاع ما فی یده (فلیتأمل) (المقام الثانی) قد حکم الأکثر بأنه حیث یشترط یراعی فیه شروط المبیع من کونه معلوما لهما أو ما فی حکمه و سلامته من الربا بأن یکون الثمن مخالفا لجنسه الربوی أو زائدا علیه و قبض مقابل الربوی فی المجلس و غیرها و علی هذا التفصیل ینزل إطلاق الخبر الذی هو دلیل من خالف قال قلت له الرجل یشتری المملوک و ماله قال لا بأس به (قلت) فیکون مال المملوک أکثر مما اشتراه قال لا بأس و إلی بعض هذه الشروط أشیر فی المبسوط و الخلاف قال متی باعه سیده و فی یده مال و شرط أن یکون للمبتاع صح البیع إذا کان المال معلوما و انتفی عنه الربا فإذا کان معه مائة درهم فباعه بمائة درهم لم یصح و إن باعه بمائة و درهم صح و نحو ذلک ما فی السرائر من أنه إذا کان ما مع العبد من جنس الثمن فإن کان مثله أو أکثر منه فالبیع غیر صحیح بلا خلاف و إن کان أقل فالبیع صحیح فأما إذا کان الثمن من غیر الجنس الذی مع العبد فالبیع صحیح (و نحو) ذلک ما نقل عن أبی علی و مثله ما فی الوسیلة من أنه إذا باعه مع المال صح إن کان الثمن أکثر مما معه إن کان من جنسه و إن کان من غیر جنس ما معه صح علی کل حال و إن لم یعرف مقدار ما معه و باع بجنسه لم یصح (قلت) لأن الجهل یستلزم جواز تطرق الربا ثم قال و إن باع بغیر جنسه صح (قلت) فیه إشکال من حیث إنه باع مجهولا إلا أن یقال إن المال تابع و جهالة التابع لا تمنع صحة البیع و ظاهر المقنعة و النهایة المخالفة فإن فیهما إذا شرط المبتاع ماله کان له دون البائع سواء کان معه أکثر من ثمنه أو أقل منه و نحوه ما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 343
و لو قال له العبد اشترنی و لک علی کذا لم یلزم علی رأی (1)
______________________________
المراسم من قوله ابتیاع العبید الذین لهم مال بأقل ما معهم جائز و المنقول عن التقی و القاضی الإطلاق قال إذا شرطه المبتاع کان له و کأنهم استندوا فی ذلک إلی الخبر المشار إلیه آنفا و هو منزل علی ما ذکرنا أو یطرح لمخالفته القواعد و الإجماع الظاهر من السرائر (و لیعلم) أن إطلاق الأکثر القول بأنه حیث یشترط مال العبد یراعی فیه شروط البیع یقتضی عدم الفرق فی ذلک بین کونه مالکا أو غیر مالک فیکونون قائلین باعتبار هذه الشروط علی تقدیر ملکه أیضا کما صرح به المحقق الثانی فی باب ما یندرج فی المبیع و هو الذی یستفاد من تحقیق حققه فی التذکرة بعد نقل کلام الشافعی و أتباعه فی الباب المذکور أعنی باب ما یندرج فی المبیع بل کلامه هناک کاد یکون نصا فی ذلک لکن المصنف فی الکتاب فی الباب المذکور جوز بناء علی القول بملکه أن یکون مجهولا و غائبا لأنه کالمندرج حینئذ فی المبیع تبعا فتغتفر فیه الجهالة و الربا کما فی الدار المموهة بالذهب إذا بیعت بالذهب و قد ینزل علی ذلک کلام النهایة و المقنعة و هو ضعیف جدا لأن ملک العبد ضعیف جدا لأنه ناقص متزلزل لا یخرج به المال عن کونه ملکا للبائع یقبل التصرفات فیکون جزءا من المبیع فیشترط فیه شروط البیع و تمام الکلام یأتی فی الباب المذکور عند شرح قوله السادس العبد (فرعان) لو ملک العبد جاریة جاز له وطؤها علی القولین لجواز الإباحة فلتملیک لا یقصر عنها و إن نفیناه لتضمنه إیاها ذکر ذلک فی التذکرة و لو اشتری عبدا له مال و قلنا بملکیة العبد و اشترطه المبتاع فانتزعه أی المبتاع من یده فأتلفه ثم وجد بالعبد عیبا لم یکن له الرد لأنه تکثر قیمته إذا کان له مال و بتلفه تنقص فلم یجز رده ناقصا و عن داود أنه یرد العبد وحده لأن ما انتزعه لم یدخل فی البیع و غلطه فی التذکرة لنقص القیمة
(قوله قدس سره) (و لو قال له العبد اشترنی و لک علی کذا لم یلزم علی رأی)
هذا خیرة السرائر و الشرائع و التذکرة و الإرشاد و المختلف و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و هو ظاهر التحریر و قال فی النهایة إذا قال مملوک إنسان لغیره اشترنی فإنک إذا اشتریتنی کان لک علی شی‌ء معلوم فاشتراه فإن کان للمملوک فی حال ما قال مال لزمه أن یعطیه ما شرط له و إن لم یکن له مال فی تلک الحال لم یکن علیه شی‌ء علی حال و نقل عن القاضی موافقته علی ذلک و فی التحریر هذا بناء علی قاعدته من أن العبد یملک فاضل الضریبة و أرش الجنایة و فی روایة الفضیل فإن کان ابن یسار فهی صحیحة فی التهذیب قال قال غلام سندی لأبی عبد اللّٰه علیه السلام إنی قلت لمولای یعنی بسبعمائة درهم و أنا أعطیک ثلاثمائة درهم فقال أبو عبد اللّٰه علیه السلام إن کان یوم شرطت لک مال فعلیک أن تعطیه و إن لم یکن لک یومئذ مال فلیس علیک شی‌ء (و یشکل) بأن الجعالة هنا للبائع فلا تصلح دلیلا للشیخ إلا أن یلحق به المشتری أو یقال کما احتمل ذلک فی مجمع البرهان إن معنی بعنی اشترنی لأن البیع قد یطلق علی الشراء و قد یستأنس لذلک بسؤاله و بوعده بالدفع فإنه لو کان ذلک مع البائع لکان له أن یأخذه و یراد بالمولی المولی بالفعل (فلیتأمل) سلمنا ذلک و أنه مالک لکنه محجور علیه فتتوقف جعالته علی إجازة مولاه قال فی الدروس الأقرب عدم اللزوم فی صورة الفرض لتحقق الحجر علیه من السید فلا یجوز جعله لأجنبی أما صورة الروایة فلا مانع منها علی القولین أما علی أنه یملک فظاهر و أما علی عدمه فظاهر (قلت) روی الشیخ فی التهذیب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 344
و لو دفع إلی مأذون مالا لیشتری رقبة و یعتقها و یحج عنه بالباقی فاشتری أباه و دفع إلیه الباقی للحج ثم ادعی کل من مولی الأب و المأذون و ورثة الدافع کون الثمن من ماله فالقول قول المأذون مع الیمین و عدم البینة و تحمل الروایة بالدفع إلی مولی الأب عبده کما کان علی إنکار البیع (1)
______________________________
فی الصحیح و الصدوق فی الفقیه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یبیع المملوک و یشترط علیه أن یجعل له شیئا قال یجوز ذلک و احتج فی الإیضاح للمشهور بأنه یلزم من إثبات المال نفیه لأن المجعول له لا یستحق المجعول إلا بالعمل فلا یستحق إلا بالشراء و الشراء یقتضی عدمه لأن المولی لا یستحق علی عبده شیئا و لتوقف الجعل علی ملک العبد له مع انتفائه عنه و لأنه إما أن یستحق فی ذمة العبد أو فی ماله الموجود و الأول باطل إجماعا و الثانی یملکه بالشرط اللازم بالعقد فلا یتصور استحقاقه بسبب جعل العبد و مثله قال فی شرح الإرشاد
(قوله) (لو دفع إلی مأذون مالا لیشتری رقبة و یعتقها و یحج عنه بالباقی فاشتری أباه و دفع إلیه الباقی للحج ثم ادعی کل من مولی الأب و المأذون و ورثة الدافع کون الثمن من ماله فالقول قول المأذون مع الیمین و عدم البینة و تحمل الروایة بالدفع إلی مولی الأب عبده کما کان علی إنکار البیع)
فی المسألة أقوال (الأول) رد المعتق علی موالیه و هو مضمون الروایة و خیرة النهایة و المنقول عن القاضی (الثانی) کون المعتق لمولی المأذون رقا و أن العتق باطل و هو خیرة السرائر و الشرائع و کشف الرموز و التذکرة و التلخیص و المختلف و الإرشاد و الإیضاح و اللمعة و الروضة و المسالک و نسبه فی الدروس إلی الحلیین لضعف السند و قوة الید لأن یده علی ما بید المأذون فیکون قوله مقدما علی من خرج عند عدم البینة (الثالث) إمضاء ما فعله المأذون و معناه الحکم بصحة البیع و العتق لأن الأصل أن ما یفعله المأذون یکون صحیحا و هو خیرة النافع و فی المهذب البارع أن هذا یتمشی إذا جعلنا حکم المأذون حکم الوکیل فیقبل إقراره بما فی یده و یمضی تصرفه فیه کما یمضی إقراره بالدین قال و هو أوجه الأقوال (قلت) و إلیه مال فی المختلف حیث احتمل حمل الخبر علی أن المأذون کالوکیل و فی الدروس هو قوی إذا أقر بذلک لأنه فی معنی الوکیل إلا أن فیه إطراحا للروایة المشهورة «انتهی» و أورد علیه جماعة أیضا منهم الیوسفی و المقداد و الکرکی بأن قول العبد لیس مقبولا مطلقا بل فیما یتعلق بالتجارة من کیل أو وزن أو وقوع عقد أو عدمه أما فی إخراج ما فی یده عن ملک سیده فلا و إقراره علیه غیر مقبول إلا مع تصدیقه و قید فی إیضاح النافع عبارته بما إذا کان إذنه عاما یقتضی جواز التصرف المذکور (الرابع) ما فی التنقیح من أن المولی إن سلم الإذن فی تولی مال الغیر فالقول قول المأذون و إن لم یسلم فالقول قوله و المال ماله (و الأصل) فی ذلک ما رواه الشیخ فی التهذیب فی کتاب العتق عن الحسین بن علی البزوفری عن أحمد بن إدریس عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزین عن ابن أشیم عن أبی جعفر علیه السلام و فی باب الوصیة عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزین عن ابن أشیم عن أبی جعفر علیه السلام (و فی) باب زیادات البیع عن الحسین بن سعید عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزین عن ابن أشیم عن أبی جعفر علیه السلام أیضا فی عبد مأذون له فی التجارة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 345
..........
______________________________
دفع إلیه رجل ألف درهم قال له اشتر منها نسمة فأعتقها عنی و حج عنی بالباقی ثم مات صاحب الألف درهم فانطلق العبد و اشتری أباه و أعتقه عن المیّت و دفع إلیه الباقی لیحج عن المیّت فحج عنه و بلغ ذلک موالی أبیه و موالیه و ورثة المیّت فاختصموا جمیعا فی الألف فقال موالی المعتق إنما اشتریت أباک بمالنا و قال الورثة إنما اشتریت أباک بمالنا و قال موالی العبد إنما اشتریت أباک بمالنا قال فقال أبو جعفر أما الحجة فقد مضت بما فیها لا ترد و أما المعتق فهو رد فی الرق لموالی أبیه و أی الفریقین بعد أقام البینة أن العبد اشتری أباه من أموالهم کان لهم رقا و فی الخبر فی المواضع الثلاثة اختلاف فی بعض الألفاظ مما لا یتغیر به المعنی و ابن أشیم هو موسی لا علی بن أحمد لأن علیا من أصحاب الرضا علیه السلام فما فی المسالک و الروضة من أنه علی غیر واضح قال و قد رده المتأخرون بضعف السند و مخالفة أصول المذهب (قلت) أما رده بضعف السند فقد لهج به المحقق فی الشرائع و تلمیذه الیوسفی و من تأخر عنهما قالوا إن ابن أشیم ضعیف و لم یلتفتوا إلی ما اشتهر بین متأخری المتأخرین من أن الخبر إذا صح إلی صاحب إجماع لا یلتفت إلی ما بعده (و قد صح) هذا الخبر فی طریقین من طرقه إلی الحسن ابن محبوب و لم أجد أحدا عرج علی ذلک و لا التفت إلیه فکان ما اشتهر لا أصل له و قد یستفاد من ذلک اعتماد فی الجملة علی صالح بن رزین حیث لم یستندوا فی الضعف إلیه أیضا «فلیتأمل» (و أما مخالفتها لأصول المذهب فمن وجوه منها) أن ظاهرها أنه مأذون فی التجارة فقط فکیف یکون وصیا من غیر إذن المولی (و منها) أن ظاهرها الحج بنفسه فکیف یستأجر الغیر و إن کان وکیلا فکیف یفعل ما فعل بالألف بعد موته (و منها) أنه بعد ما کان لمولی الأب شی‌ء فی ید المأذون و لا هو وکیل لهم (و منها) أنه لا یمکن شراء مال شخص بماله منه (و منها) أنه کیف یکون الحج صحیحا مع الحکم بأن العبد لمولی الأب و أن ذلک من غیر إذنه إلی غیر ذلک و الشیخ و من وافقه قالا برد العبد إلی مولاه عملا بمضمون الروایة و قد احتمل المصنف هنا و فی التذکرة و المختلف حملها علی أنه ینکر صحة البیع فالقول قوله و الشهید فی الدروس نزلها علی تصادم الدعاوی المتساویة و أصالة بقاء الملک و الظاهر أن مرجع الجمیع واحد و ابن إدریس و موافقوه حکموا بأن العبد لمولی المأذون مع یمینه لأنه فی ید المأذون و یده یده فیکون قوله مقدما علی من خرج و هو متجه إذا لم تکن ملکیة العبد معلومة بوجه أما إذا کانت معلومة کما یفهم من الروایة فلا و حمل مولی الأب الوارد فیها علی من ادعی أنه مولاه بعید علی أن المحقق خالف فی النافع کما عرفت و ما فی الدروس فإنه اعتذار عما استندوا إلیه من أن مولی الأب معترف بالبیع و مدع فساده و مدعی الصحة مقدم و هی مشترکة بین مولی المأذون و ورثة الدافع إلا أن مولی المأذون أقوی یدا فیقدم فاعتذر فی الدروس عن ذلک بأن المأذون بیده مال لمولی الأب و غیره فتتصادم الدعاوی المتکافئة فیرجع إلی أصالة بقاء الملک علی مالکه قال و لا یعارضه فتواهم بتقدیم دعوی الصحة علی الفساد لأنها مشترکة بین متقابلین متکافئین فیتساقطان و معناه أنهم یقولون جمیعا بالشراء لکن بعضهم یدعی فساده و بعضهم صحته و قد ثبت تقدیم من یدعی الصحة فلم عدلوا عنه و قالوا بتقدیم مدعی الفساد فدفعه بأن دعوی الصحة مشترکة بین مولی المأذون و ورثة الآمر و هما متقابلان متکافئان فیتساقطان (و أورد علیه) بعدم تکافؤ الدعاوی لأن مدعی الصحة مقدم و عدم تکافؤ الدعویین لخروج الآمر و ورثته عما فی ید المأذون التی هی بمنزلة ید سیده و الخارجة لا تکافؤ الداخلة فیقدم و قد اضطرب کلام الروضة فی المقام فلیلحظ (و الحق فی الجواب) بناء علی ما اختاره فی الدروس من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 346
فإن أقام أحدهما بینة حکم له و لو أقام کل من الثلاثة بینة فإن رجحنا بینة ذی الید فالحکم کالأول و إلا فالأقرب ترجیح بینة الدافع عملا بمقتضی صحة البیع مع احتمال تقدیم بینة مولی الأب لادعائه ما ینافی الأصل و هو الفساد (1)
______________________________
کون مولی الأب مالکا أن یقول إنما یقدم مدعی الصحة علی الفساد لو وقع التعارض بینهما فی الشراء من ثالث (و هنا) لیس کذلک لأن کلامه هنا یرجع إلی إنکاره کما قاله المصنف فیرجع إلی أصالة بقاء الملک علی مالکه إلا أنه فی الدروس قال و حملها علی إنکار مولی الأب البیع ینافی منطوقها و لعله أراد أن منطوقها وقوع العقد و ادعاؤه فساده أو أنه اشتری بماله أو أن مولی الأب لم ینکر البیع و إنما ادعی أنه اشتری بماله بمعنی أن العبد أخذ من ماله و دفعه إلی ولده لیشتریه منه فهو معترف بالبیع لا منکر (فتأمل) إذ منطوق الروایة ظاهر فی کونه مالکا للعبد و دعوی الشراء بماله تنجر إلی إنکاره البیع و الشراء و لیس من قبیل الإقرار بالمنافی و علی هذا لا ببعد تنزیل کلام الشیخ و القاضی علی دعوی مولی الأب فساد البیع کما احتمله المصنف فلا یکون مولی الأب خارجا فلا یضعف تقدیم مدعی الفساد کما قدمنا و مجامعة صحة الحج لعوده رقا غیر قادح إذ العقود یبنی علی الظاهر حیث أنکر مولاه البیع و یمکن وقوع الحج فی نفس الأمر لمقارنته لإذنه أو لغیرها (فتأمل) و ما أجیب عما أورد من أن ظاهرها الحج بنفسه فکیف یستأجر بأنه یمکن أن یکون یحج فی الروایة من أحج فغلط صرف لأنه لیس فی الخبر یحج بلفظ المضارع و لعله عول علی ما نقله الأصحاب بالمعنی کالروضة و غیرها و لا یقال إنه وکله فی فعل الحج فیکون شاملا لفعله بنفسه و بغیره لأن ظاهره الحج بنفسه قاله فی جامع المقاصد و قال إن قوله علیه السلام قد مضت الحجة بما فیها یؤذن بأن هناک شیئا و قال قبل ذلک یمکن أن یقال إن صحة الحج أعمّ من صحة الإجارة و کونه لم یؤمر بالرجوع بالثمن یحتمل أن یکون للتلف و إن لم یکن فی الخبر ذکر التلف لکنه مجمل
(قوله) (فإن أقام أحدهما بینة حکم له و لو أقام کل من الثلاثة بینة فإن رجحنا بینة ذی الید فالحکم کالأول و إلا فالأقرب ترجیح بینة الدافع عملا بمقتضی صحة البیع مع احتمال تقدیم بینة مولی الأب لادعائه ما ینافی الأصل و هو الفساد)
کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و اقتصر فی التنقیح علی نقل ذلک عن المصنف و ستسمع ما فی الروضة و المسالک و المراد بأحدهما فی المتن مولی المأذون أو ورثة البائع لأنهما مدعیان فإن أقام أحدهما بینة فالحکم له و لو أقام کل من الثلاثة بینة فالتعارض بین الداخل و الخارجین فترجح بیّنتهما علیه علی القول بتقدیم بینة الخارج و کذا إذا کانت بینة للداخل و أحد الخارجین فإنها ترجح بینة الخارج و إن لم یکن للداخل بینة بل کانت للخارجین خاصة فلا بد من الترجیح و وجه القرب فی ترجیح بینة الدافع ما أشار إلیه من أن بینة الدافع قد اعتضدت بمقتضی أصل الصحة فترجحت علی الأخری و هو الذی صححه فی جامع المقاصد و ضعف احتمال تقدیم بینة مولی الأب بأنه مدع و خارج بالإضافة إلی مولی المأذون کما أن الآخر مدع و خارج بالإضافة إلیه و لا یلزم من کون دعوی أحدهما توافق الأصل و دعوی الآخر تخالفه أن یکون أحدهما بالإضافة إلی الآخر مدعیا و خارجا فترجح بینته و تقدیم بینة مدعی الفساد إنما یکون حیث لا یقطع بکون الآخر مدعیا فأما إذا قطع به فلا بد من الترجیح و هو ثابت فی جانب مدعی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 347
و لو اشتری کل من المأذونین صاحبه فالعقد للسابق (1) فإن اتفقا بطل إلا مع الإجازة (2) و لو کانا وکیلین صحا معا
______________________________
الصحة و نحوه ما فی المسالک و الروضة و أنت إذا تذکرت ما ذکرناه آنفا عرفت قوة احتمال تقدیم مولی الأب لأصالة یده السابقة و إنکاره
(قوله) (و لو اشتری کل من المأذونین صاحبه فالعقد للسابق)
أی فی عقده بأن یتم قبوله قبل أن یتمه الآخر و إن شرع فیه الآخر قبله و الحکم مما لا خلاف فیه و قد صرح به الشیخ فی النهایة و من تأخر عنه و وجهه واضح لأن کان کل منهما عقدا صادرا من أهله فی محله و الآخر محکوم ببطلانه إن اشتراه لنفسه و قلنا بملکه لامتناع أن یملک العبد سیده و إن اشتراه لمولاه و أحلنا الملک أو کان شراؤه لسیده قلنا بملکه أم لا فإما أن یکون وکیلا أو مأذونا فإن کان الثانی فالعقد اللاحق صحیح أیضا بمعنی أنه یکون فضولیا لبطلان إذنه بالبیع فیتوقف علی إجازة من اشتری له کما صرح بذلک کله جماعة و لو کان وکیلا له (و قلنا) بعدم الانعزال ببیع مولاه له صح الثانی أیضا من دون توقف علی إجازة و الفرق بین الإذن و الوکالة کما فی حواشی الشهید و المیسیة و المسالک و الروضة و غیرها أن الإذن ما جعلت الاستنابة فیه تابعة للملک تزول عرفا بزواله بالبیع و نحوه و الوکالة ما أباحت التصرف المأذون فیه مطلقا أی سواء خرج المأذون عن ملکه أم لا و حاصله أن الإذن حینئذ باعتبار مورده وکالة خاصة تابعة للملک و الوکالة أعمّ من الإذن باعتبار موضوعها و هذا لا ینافی کون الوکالة من حیث هی أخص من الإذن نظرا إلی خصوصیاتها الزائدة عنه و لفظ ما نکرة موصوفة قام مقام وکالة ما فی الموضعین لا موصولة لوقوعها موقع الخبر و حقه التنکیر و تأنیث الضمیر فی تعریف الإذن باعتبار الوکالة أو لأن الأمر فی التذکیر و التأنیث سهل و الفارق بینهما مع اشتراکهما فی الإذن المطلق إما تصریح المولی بالخصوصیتین أو دلالة القرائن علیه و مع عدمهما فالظاهر حمله علی الإذن لدلالة العرف علیه و بما ذکر یعلم الحال فیما أطلق من العبارات ببطلان اللاحق فتحمل علی عدم اللزوم المتردد بین البطلان بالمعنی الأخص أو الأعم و قد یبطل عقد السابق منهما کما إذا اشتری لنفسه و الآخر لمولاه و قلنا العبد لا یملک فعقد السابق باطل و عقد المسبوق صحیح
(قوله) (فإن اتفقا بطلا إلا مع الإجازة)
قد نص علی بطلانهما إذا اتفقا فی وقت واحد فی الخبر المروی فی النهایة و مثله ما رواه فی التهذیب و نص علیه فی السرائر و الشرائع و التذکرة و المختلف و غیرها و إلیه ترجع عبارة النافع و هذا مبنی علی أن الشراء لأنفسهما کما هو الظاهر من الروایة و قلنا إن العبد یملک و البطلان حینئذ لیس للاقتران بل لانعکاس المولویة و المملوکیة (فتأمل) أو یبنی علی أن الشراء بالإذن و أن المأذون ینعزل بخروجه عن الملک فإنه حینئذ یبطل البیعان إذا لم یجز المولیان بعد العقد لأن العقدین فضولیان کما أشیر إلی ذلک فی الکتاب و المختلف و التذکرة و الدروس و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و المیسیة و الروضة و المسالک و غیرها (و فیه) أنهم صرحوا بأن العقد إنما یتم بآخره و یترتب علیه حکمه بعد إتمامه و علی هذا فالاقتران فیه معناه اقتران العقدین فی الانقضاء ففی حال اشتغالهما بالعقد لم یخرجا عن ملک المولی الآذن لعدم تأثیر العقد فی الأثناء و عند الفراغ و إن خرجا عن الملک فقد دخلا فی ملک المولی الآخر بمقتضی العقد السابق المأذون فیه و لا حاجة إلی الإجازة و هذا أشار إلیه المحقق الثانی (و أنت خبیر) بأن ذلک یقضی بأن دخولهما و خروجهما فی آن واحد فیکون کل واحد منهما دخل فی أول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 348
..........
______________________________
خروجه و خرج فی أول دخوله و هذا مع کونه محالا أو شبیها بالمحال لا نظیر له فی الفقه و لیس یشبه البیع الضمنی کما حرر فی محله مضافا إلی الأصل بمعنییه و قضاء التتبع بإلغاء الشارع أنواع الاقترانات فی أبواب الفقه إلا فی مواضع مخصوصة مضافا إلی روایتی النهایة و التهذیب (و قضیة) ذلک وقوع العقد باطلا لا تنفع فیه الإجازة لکنه لما کان الانتقال من دون الإجازة معارضا بهذه المعارضات الکثیرة ألغیناه بالنسبة إلیه و أما بالنسبة إلی ذاته من دون انتقال فسالم عن المعارضة هذا أقصی ما یوجه به کلام من قال بالصحة مع الإجازة لکن لعل الأصح عدم الصحة کما هو ظاهر إطلاق السرائر و الشرائع و النافع و غیرها بل هو ظاهر الأخبار کما عرفت (فلیتأمل جیدا) و لو کانا وکیلین و قلنا بعدم الانعزال صحا معا کما صرح به جماعة و فی النهایة لو علم الاقتران أقرع و رده فی السرائر بأن القرعة لاستخراج المبهم و مع الاقتران لا إبهام بل یبطل (و أجاب المحقق) فی نکت النهایة علی ما حکی عنه بجواز ترجیح أحدهما فی نظر الشارع فیقرع و فی الدروس أن ذلک مشکل لأن التکلیف منوط بأسبابه الظاهرة و إلا لزم التکلیف بالمحال و لیس کالقرعة فی العبید لأن الوصیة بالعتق بل نفس العتق قابل للإبهام بخلاف البیع و سائر المعاوضات و الأولی أن یضعف بعدم کفایة الجواز فی القرعة لمعارضته بجواز عدم الترجیح فی نظر الشارع الموجب للفساد فالرجوع إلی القرعة موجب لخروج الفاسد نعم تصح فیما لو ثبت صحة أحدهما فی الجملة و لیس بثابت و فی کشف الرموز یمکن أن یقال إن القرعة أولی بتقدیر استواء المسافة و البطلان أشبه بتقدیر اتفاق العقدین قال و به أعمل و فی الإستبصار بعد أن ذکر خبر أبی خدیجة قال و فی روایة أخری إذا کانت المسافة سواء یقرع بینهما فأیهما خرجت القرعة باسمه کان عبدا للآخر قال و هذا عندی أحوط فقد حکم بالقرعة مع تساوی الطریقین و المصنف فی المختلف و التذکرة و الشهیدان فی حواشی الکتاب و الروضة و المحقق الثانی استظهروا أن القرعة إنما هی إذا اشتبه السابق کأن علم ثم جهل أو اشتبه السبق کما إذا لم یعلم السابق من أول الأمر و فی المهذب البارع أنه إذا اشتبه السابق فالقرعة و إذا اشتبه السبق فالبطلان کصورة الاقتران استنادا فی الأول إلی ما استندوا إلیه من أنها لکل أمر مشکل و فی الثانی إلی جواز الاقتران مع عدم معلومیة السبق المصحح للبیع فلا یجوز الحکم بالمسبب مع الجهل بالسبب و هو کما تری و یستخرج السابق فی الأولی أعنی ما إذا علم و اشتبه برقعتین مکتوب فی أحدهما السابق و فی الأخری المسبوق و فی الثانیة بثلاث رقاع یکتب فی الثالثة الاقتران لیحکم بالتوقف معه أو البطلان (و یظهر) من عبارة اللمعة أن هناک قائلا بالقرعة مطلقا و لم نجده و فی الروضة أنه غیر معلوم و التأویل قریب فی عبارة الشرائع فلتلحظ و أما مسح الطریق من مکان الاقتران و الحکم بالسبق للأقرب عند اشتباه السابق أو السبق فقد ورد فی خبر أبی خدیجة و عمل به المحقق فی النافع و فی کشف الرموز أنه یدل علیه النظر و الأثر و أنه مذهب صاحب البشری و فی إیضاح النافع أن المسح إن أفاد العلم بالسبق عمل به و علیه تنزل الروایة و ابن إدریس و أکثر المتأخرین أعرضوا عن الخبر لکونه من الآحاد أو لضعف سنده و رجعوا إلی الأصل و إن اختلفوا فی مقتضاه فبین حاکم بالقرعة مطلقا و بین مفصل کصاحب المهذب کما سمعت و اللّٰه سبحانه و تعالی هو العالم بمواقع أحکامه و الراسخون فی العلم من حججه و قوامه علیهم أفضل صلاته و أکمل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 349
و لو اشتری مسروقة من أرض الصلح قیل یردها علی البائع و یستعید الثمن فإن مات فمن وارثه فإن فقد استسعیت و الأقرب تسلیمها إلی الحاکم من غیر سعی (1)
______________________________
سلامه
(قوله) (و لو اشتری مسروقة من أرض الصلح قیل یردها علی البائع و یستعید الثمن فإن مات فمن وارثه فإن فقد استسعیت و الأقرب تسلیمها إلی الحاکم من غیر سعی)
الأصل فی المسألة ما رواه فی التهذیب عن الصفار عن الصهبانی عن ابن بزیع عن علی بن النعمان عن مسکین السمان عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الرجل اشتری جاریة سرقت من أرض الصلح قال فلیردها علی الذی اشتراها منه و لا یقربها إن قدر علیه أو کان موسرا قلت جعلت فداک فإنه قد مات و مات عقبه قال فلیستسعها و لعل أو بمعنی الواو کما فی قوله جل شأنه أَوْ جٰاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغٰائِطِ و الخبر صحیح إلی مسکین المجهول و ظاهرها وجوب الرد علی البائع و قضیته أنه یأخذ الثمن منه و لذلک شرط القدرة و الیسار و قضیة ذلک أنه لا یجب ردها علیه إن فقد الشرط فلا تغفل و لا تعرض فیها لحال الورثة و الرد علیهم و أخذ الثمن منهم إلا أن یقال إنه یفهم بطریق اللزوم و قد قال جماعة إنها مخالفة لأصول المذهب حیث إنها ملک للغیر و سعیها کذلک و مالکها لم یظلمه فی الثمن فکیف یستوفیه من سعیها مع أن ظالمه لا یستحقها و لا کسبها (و قال فی السرائر) و کیف تعتق و لم أجد أحدا فهم منها أو من النهایة أنها بعد الاستسعاء تعتق سواه و قد قال فی الدروس علیها الشیخ و أتباعه و نحوه ما فی المسالک من نسبة القول الذی ذکره فی الشرائع إلی الشیخ و الأتباع کما ستسمع فی الروضة أن الروایة ذکرها الشیخ و اشتهرت بین أتباعه «انتهی» و لم نجد الموافق له من الأتباع إلا ما حکی عن القاضی و الشیخ إنما وجدناه تعرض للمسألة فی النهایة و الموجود فیها من اشتری جاریة کانت سرقت من أرض الصلح کان له ردها علی من اشتراها منه و استرجاع ثمنها و إن کان قد مات فعلی ورثته فإن لم یخلف وارثا استسعیت الجاریة فی ثمنها و ظاهره أنه لا یجب علیه الرد لمکان کان له و أن له الرد علی الورثة مع فقده و حکی عنه فی التذکرة و غیرها أنه قال ردها الظاهر فی الوجوب کما فهمه الجماعة و اختلفت نسخ الشرائع کما اضطرب الفهم فی المراد منها ففی بعض نسخها من اشتری جاریة سرقت من أرض الصلح کان له ردها علی المالک و استعادة الثمن و لو مات أخذت من وارثه و لو لم یخلف وارثا استسعیت فی ثمنها و قیل تکون بمنزلة اللقطة و لو قیل تسلم إلی الحاکم و لا تستسعی کان أشبه (انتهی) و هذه قد حکی مضمونها عنه الشهید فی غایة المراد قال قد ذکر نجم الدین أنها ترد علی المالک (و أنت خبیر) أن ذلک أی ردها علی المالک لا ینطبق علی تمام الکلام إلا بتجشم شدید (و الموجود) فی بعض النسخ کان له ردها علی البائع و هی التی شرحها فی المسالک و مثلها ما فی النافع فیحتمل أنه أراد بأول کلامه نقل کلام الشیخ فی النهایة و أراد بالقیل کلام ابن إدریس فی السرائر و بقوله لو قیل إلخ أنه اختیار منه لذلک کما صرح بذلک کله فی المسالک فیکون حکایته لکلام الشیخ ألصق به من حکایة المصنف و غیره و یحتمل أن یکون ما ذکره أولا هو مختاره ثم أردفه بالقیل و الاحتمال و نحوه ما قاله فی النافع إلا أنه قال ردها و لم یقل کان له ردها و کیف کان فحکایته عن السرائر فی الکتابین لم تصادف محلها لأنه قال فی السرائر و الأولی أن یکون بمنزلة اللقطة بل یرفع خبرها إلی حاکم المسلمین و یجتهد علی ردها إلی من سرقت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 350
..........
______________________________
منه فهو الناظر فی أمثال ذلک و نحوه فی التسامح فی النقل ما فی غایة المراد من أن عدم الاستسعاء مذهب ابن إدریس و نجم الدین إلا أن ابن إدریس قال یحفظه کاللقطة و نجم الدین قال تدفع إلی الحاکم (و قد عرفت) أن الرجل قد صرح بأنها تدفع إلی الحاکم و أضرب عن کونها بمنزلة اللقطة لأن اللقطة یجوز أن تدفع إلی الحاکم لیجتهد علی ردها بأن یأمر من یعرفها و أن لا تدفع بل یعرفها الملتقط بنفسه و فی الدروس أن الأقرب المروی تنزیلا علی أن البائع یکلف بردها إلی أهلها إما لأنه السارق أو لأنه ترتبت یده علیه و أن فی استسعائها جمعا بین حق المشتری و حق صاحبها و الأصل فیه أن مال الحربی فی‌ء فی الحقیقة و بالصلح صار محترما احتراما عرضیا فلا بعارض ذهاب مال محرم فی الحقیقة (انتهی) و لم یبین لنا هل عمله علیها بصورتها أو صورة ما فی النهایة و نحوه ما قاله فی غایة المراد مع زیادة أن یده أقدم و مخاطبته بالرد ألزم خصوصا مع تعدد دار الکفر أو بعدها و لا یخفی أن هذا التنزیل تقریب للنص و توجیه له حیث یکون النص هو الحجة و إلا فلا یخفی أن مجرد ما ذکره لا یصلح للدلالة کما هو واضح لا یحتاج إلی دلالة فإن کان هناک شهرة تجبر سنده و تقیم أوده بحیث یقوی علی تخصیص الأصول و القواعد صلح ذلک التقریب و التنزیل فیما عضدته الشهرة (فنقول) إن الرد علی البائع و استعادة الثمن منه صریح النهایة کما عرفت و القاضی کما حکی و التبصرة و الإرشاد و غایة المراد و الدروس و ظاهر الشرائع و النافع علی بعض الوجوه فیهما و التلخیص و اللمعة (أما الشرائع) فقد سمعت عبارتها و عرفت عادتها (و أما التلخیص) و اللمعة فقد قیل فیهما ردها و أخذ الثمن و الظاهر إرادة الرد علی البائع کما فهمه و استظهره أولا فی الروضة منها (و أما الرجوع) علی الوارث مع فقد البائع فلم یتعرض له فی التبصرة و اللمعة بل فی اللمعة أنه لو لم یوجد الثمن منه ضاع علی دافعه و فی النهایة و الإرشاد و التلخیص أنه یرد الجاریة علی الورثة و قد خلت عنه الشرائع (و لعله) لشدة مخالفته الأصول و قد عرفت أن کلامهم فی الرد علی البائع مختلف فبعضهم ظاهره الجواز و آخرون ظاهرهم الوجوب (و أما الاستسعاء) فلیس إلا فی النهایة و الشرائع و الدروس و غایة المراد فلم یکن هناک شهرة لو کانت هذه الکتب متفقة و الشهرة الظاهرة حکایتها من الدروس و المسالک و الروضة یشهد التتبع بخلافها و قد منع من الاستسعاء فی السرائر و الشرائع و النافع علی ما فهم منهما الشهیدان و غیرهما و کشف الرموز و التحریر و التذکرة و التبصرة و الکتاب و المختلف و الإرشاد و شرحه لولده و الإیضاح و حواشی الکتاب و اللمعة و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و کذلک جامع الشرائع حیث لم یذکره قال ردت علی صاحبها و استرجع ثمنها من بائعها فإن مات فمن ترکته و مراده بصاحبها مالکها و إلا لقال استرجع ثمنها منه فقد صح للشهید فی الدروس أن یقول و الحلیون علی عدم الاستسعاء و أنها تدفع إلی الحاکم لیوصلها إلی أربابها (قلت) و به أی الدفع إلی الحاکم صرح فی السرائر و ما تأخر عنها ما عدا الجامع و قد یمکن تنزیل کلامه علیه و ما عدا التلخیص و معناه أنه یجب التوصل إلی مالکها أو وکیله أو وارثه کذلک و مع التعذر تدفع إلی الحاکم و إنما ترکوا ذکر المالک لتعذر الوصول إلیه غالبا و أما الثمن فیطالب به البائع مع بقاء عینه و مع تلفه إن کان المشتری جاهلا فی المقامین کما هو المختار أو فی الأخیر کما علیه جماعة کما بیناه و لا تستسعی الجاریة مطلقا و إن ضاع الثمن و علی هذا فلا فرق بین المسروقة و المسروق و إن عبر الکل بالمسروقة هذا (و أنت خبیر) بأنه قد یقال إنه یلزم العامل ببعض هذه الروایة و هم جماعة منهم المصنف فی التبصرة و الإرشاد کما عرفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 351
و لو دفع بائع عبد موصوف فی الذمة عبدین لیتخیر المشتری فأبق أحدهما ضمنه بقیمته و یطالب بما اشتراه (1)
______________________________
القول بالاستسعاء لوجوده فیها و کأنهم رأوه غیر معقول أصلا فترکوه و قد تحمل الروایة علی ما إذا صار السارق مالکا بنحو من الأنحاء فلا یبعد حینئذ الاستسعاء لأنه نوع مقاصة و یتجه العمل بها جمیعها (فلیتأمل) فی ذلک و یبقی الکلام فی إیجابهم دفعها إلی الحاکم هل هو لیردها علی أهلها و یحفظها لهم کما هو صریح السرائر و غیرها و قد سمعت نسبته فی الدروس إلی الحلیین أو لأنها میراث من لا وارث له فهی مال الإمام و الحاکم نائبه فیفعل بها ما یفعل بسائر أمواله کما فهمه المولی الأردبیلی الظاهر الأول بل هو المتعین لأنه لم یتعین موت المالک مع عدم وجود وارث له لکن ینقدح هنا أنها حینئذ مال مجهول المالک فیتصدق بها أو لقطة یتخیر بعد تعریفها بین تملکها أو التصدق بها أو إبقائها فی یده أمانة و لا ریب أنه یجوز له دفعها إلی الحاکم بادئ بدء قبل تعریفها لأنه ولی الغائب کما صرح به جماعة و علیه أن یعرفها و لعلهم لم یجعلوها من أقسام اللقطة لأنها بالغة عاقلة تتحفظ بنفسها کالإبل و قد نقل القول بأنها لقطة المحقق فی الشرائع کما عرفت و المصنف فی التذکرة و غیرهما و قد سمعت ما فی السرائر و لم یظهر وجهه کما لم یظهر الوجه فی عدم جعلهم لها من المال المجهول المالک مع عدم انحصار أرباب الصلح و بعد دیارهم و تعددها و هل هذا الحکم فی کل سرقة کذلک أو خاص بهذه السرقة و نفقة الجاریة من کسبها إذا کانت ذات کسب و إلا فمن بیت المال و کذا أجرة ردها إلی مالکها من بیت المال و له أن یکلف البائع مع تفریطهما بردها لضمانها بالید بل له ذلک و إن لم یفرطا لذلک و إذا تعذرت معرفة صاحبها بالکلیة تصدق بها أو جعلها فی بیت المال
(قوله) (لو دفع بائع عبد موصوف فی الذمة عبدین لیتخیر المشتری فأبق أحدهما ضمنه بقیمته و یطالب بما اشتراه)
کما علیه الحلیون کما فی الدروس قال و قید ابن إدریس الضمان بکون الآبق مورد العقد فلو لم یکن المعقود علیه فلا ضمان قلت و الحکم المذکور خیرة الشرائع و النافع علی ما فهم منهما الشارحون و المحشون و التحریر و التذکرة و الإرشاد و شرحه لولده و التلخیص و المختلف فی تحقیق حققه و المقتصر و جامع المقاصد و إیضاح النافع و کذلک هو خیرة حواشی الکتاب و المهذب البارع و التنقیح و غایة المرام و المسالک و الروضة و مجمع البرهان علی تفصیل فی هذه السبعة و للآبی فی کشف الرموز تفصیل حاصله عدم العمل بالروایة و موافقة النهایة و لما کانت النسخة غیر نقیة فی المقام عن السقط لم نذکره و قال الشهید فی الحواشی المنسوبة إلیه التحقیق أن نقول إما أن یکونا موصوفین بصفات البیع أولا أو أحدهما دون الآخر ففی الأول إذا أبق أحدهما أو تلف کان هو المبیع لأن المقبوض بالسوم مضمون و هو بصفة المبیع و قد سلم إلیه الموصوف فی العقد و تلفه بعد القبض من المشتری و یرد العبد الباقی لأنه قد قبض حقه و إن لم یکونا بالصفة رد الباقی و ضمن التالف و ارتجع الثمن أو طالب بما وصف و إن کان أحدهما بالصفة فإن کان هو التالف فکالأول و إن کان الباقی هو الموصوف أخذه بحقه و ضمن قیمة التالف فإن عاد فإن کان قد دفع الثمن للحیلولة رد العبد و إن کان للمعاوضة کان العبد له قال قاله ابن المتوج رحمه اللّٰه انتهی (و فیه مواضع) للنظر و صاحب المهذب لم یجعل الموصوف مبیعا إلا باختیار المشتری ذلک و کذلک صاحب التنقیح و الصیمری و حاصل تفصیل هؤلاء هو ما فی المسالک و الروضة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 352
..........
______________________________
من أن العبدین إن کانا مطابقین تخیر بین اختیار الآبق و الباقی فإن اختار الآبق رد الموجود و لا شی‌ء له و إن اختار الباقی انحصر حقه فیه و بنی ضمان الآبق علی حکم المقبوض بالسوم و إن کان أحدهما بالوصف خاصة فله اختیاره و حکم الآخر ما مر و إن لم یکونا بالوصف طالب بحقه و رد الباقی و فی ضمان الذاهب ما مر قالوا و علی هذا لا فرق بین العبدین و العبید و غیرهما من الأمتعة قلت إذا لم یطلب المشتری منه الاثنین بل البائع تبرع بإرسالهما إلیه قد یقال إنه لا یضمن ما کان علی غیر الوصف إذا لم یفرط لأنه غیر مأخوذ بالسوم بل قد یقال بعدم ضمان ما کان علی الوصف لما ذکر (فتأمل) و قال الشیخ فی النهایة من اشتری من رجل عبدا و کان عند البائع عبدان فقال للمبتاع اذهب بهما و اختر أیهما شئت و رد الآخر و قبض المال فذهب بهما المشتری فأبق أحدها من عنده فلیرد الذی عنده و یقبض نصف الثمن مما أعطی و یذهب فی طلب الغلام فإن وجده اختار حینئذ أیهما شاء و رد النصف الذی أخذه و إن لم یجده کان العبد بینهما نصفین و حکی فی المختلف عن القاضی متابعته و هو متن روایة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام و مثله روی السکونی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و فی الدروس و الروضة أن علیها (علیهما خ ل) الأکثر (قلت) لم نجد و لا حکی عن أحد الموافقة للشیخ و القاضی بل فی کشف الرموز و هو من المعاصرین للمحقق أن الروایة من الشواذ و قال فی السرائر ما ذکر شیخنا فی نهایته خبر واحد لا یصح و لا یجوز العمل به لأنه مخالف لما علیه الأمة بأسرها مناف لأصول أصحابنا و فتاواهم و تصانیفهم و إجماعهم لکن کلامه هذا ساقه لشی‌ء آخر ستسمعه فی المسألة الآتیة قال فی الدروس و هو أی العمل بها بناء علی تساویهما فی القیمة و مطابقتهما فی الوصف و انحصار حقه فیهما و عدم ضمان المشتری هنا لأنه لا یزید علی المبیع المعین الهالک فی مدة الخیار فإنه من ضمان البائع و کأنه مال إلی العمل بها فیه و فی اللمعة و جعل فی الأخیر انحصار حقه فیهما و عدم ضمانه أی الآبق علی المشتری هو المروی و قد احتمل صاحب المهذب و غیره إمکان تنزیل الروایة علی المقدمات الأربع التی ذکرت فی الدروس و اقتصر فی الشرائع علی البناء علی انحصار حقه فیهما و معناه أنه حینئذ یکون شریکا للبائع و إذا ذهب من الشریک بعض مال الشرکة بغیر تفریط کان علی جمیع الشرکاء (و تنقیحه) أن انحصار حق المشتری فیهما لیس من العقد کما ظن بل من رضی المشتری بأحدهما بعد العقد فکما أنه إذا رضی بأحدهما ینحصر حقه فیه فکذلک إذا رضی بأحدهما لا بعینه فلذلک یصیر العبدان مشترکین بینهما و بنی فی المختلف فی تنزیل الروایة علی تساوی العبدین من کل وجه لیلحقا بمتساوی الأجزاء فیجوز بیع عبد منهما کما یجوز بیع قفیز من صبرة و ینزل علی الإشاعة فیکون التالف و الباقی لهما و کأنه ألصق بالروایة و عبارة النهایة و إن کان غیر سدید کما ستعرف و قد رد هذه التنزیلات المحقق الثانی و الشهید الثانی و غیرهما بما حاصله أن انحصار الحق فیهما إنما یکون لورود البیع علی عینیهما و هو خلاف المفروض لأن المبیع أمر کلی لا یتشخص إلا بتشخیص البائع و دفعه الاثنین لیتخیر أحدهما لیس تشخیصا و إن حصر الأمر فیهما لأصالة بقاء الحق فی الذمة إلی أن یثبت المزیل و لم یثبت شرعا کون ذلک کافیا کما لو حصره فی عشرة فصاعدا و عدم تضمین التالف مخالف لما علیه الأکثر من أن المقبوض بالسوم مضمون و لو صح ما فی المختلف لنافی ارتجاع نصف الثمن کما صرحت به الروایة (مضافا إلی أن عد العبدین) من متساوی الأجزاء و تنزیل بیع أحدهما منزلة بیع قفیز من الصبرة و تنزیله علی الإشاعة (فیه مناقشة واضحة) قلت و لأنه من المعلوم عدم إمکانه عادة فی مثلهما علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 353
و لو اشتری عبدا من عبدین لم یصح (1)
______________________________
أن ذلک یقضی بالاطراد و بما ذکرناه تنحل عبارة الروضة التی ربما أشکلت علی بعض الطلبة حیث قال فی الرد علی التوجیه (و یشکل) بانحصار الحق الکلی قبل تعیینه فی فردین و منع ثبوت الفرق بین حصره فی واحد و بقائه و ثبوت المبیع فی نصف الموجود المقتضی للشرکة مع عدم الموجب لها ثم الرجوع إلی التخییر لو وجد الآبق (انتهی) و ذلک لأن الموجه قال إن الأمر الکلی ینحصر فی العبدین کما إذا دفع له عبدا و ادعی عدم الفرق بین حصره فی واحد و بقائه کلیا إذا دفع إلیه اثنین فأجابه بأن هذا الانحصار و هذا المنع مشکلان فالمنع المذکور من جملة کلام الموجه لا منع کلامه (هذا) و قد عرفت أن کلام المعترضین قد بنی فیه الضمان علی أن المقبوض بالسوم مضمون کما هو المشهور کما فی الروضة و مجمع البرهان و قد حکینا هذه الشهرة فی باب الغصب عن غصب الإیضاح و المسالک و مجمع البرهان و فی جامع المقاصد نسبته إلی الأکثر لا لخصوصیة السوم بل لعموم قوله صلی اللّٰه علیه و آله علی الید ما أخذت حتی تؤدی و هو مشترک بینهما و یأتی علی القول بعدم الضمان هناک عدمه هنا لاتحاد دلیل العدم و هو القبض بإذن المالک مع عدم التفریط فیکون کالودعی فکلام الروضة فی المقام مختل النظام فآخره یدافع أوله و الأولویة التی ادعاها فی المقام ممنوعة قطعا (فلیلحظ) کلامه من أراد الوقوف علی حقیقة الحال هذا (و قضیة) کلام ابن إدریس أن المقبوض بالسوم غیر مضمون حیث قید الضمان بکون الآبق مورد العقد و یشکل علیه ما إذا هلک فی زمن الخیار کما هو واضح ثم إن کلامه فی السرائر غیر منقح کما ستسمع فی المسألة الآتیة (و لیعلم) أنه قد اختیر فی غصب المختلف و الإیضاح و مجمع البرهان و کذا المسالک و الکفایة عدم الضمان فی المقبوض بالسوم و کأنه مناف لکلامهم هنا و لا ترجیح هناک فی الکتاب و جامع المقاصد و ابن إدریس حکم فی موضع بالضمان و فی آخر بعدمه فلیلحظ و لیتبع (بقی شی‌ء) و هو أنه علی تقدیر العمل بالروایة ففی انسحاب الحکم لو تعدد العبید احتمالان فإن قلنا به و کانوا ثلاثة فأبق واحد فات ثلث المبیع فیرتجع ثلث الثمن و یحتمل هنا عدم فوات شی‌ء لبقاء محل الاختیار أما لو کانا أمتین أو عبدا و أمة فإن الحکم ثابت و لو فعل ذلک فی غیر العبد کالثوب و تلف أحد الثوبین أو الثیاب ففیه الوجهان و لو هلک أحد العبدین احتمل انسحاب الحکم و یتنجز التنصیف إذ لا یرجی العود هنا و لعل عدم التعدی فی الجمیع أولی
(قوله) (و لو اشتری عبدا من عبدین لم یصح)
هذا هو المشهور کما فی المهذب البارع و المقتصر و غایة المرام و هو خیرة الخلاف فی موضع منه و الجواهر و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و المختلف و التذکرة و اللمعة و المقتصر و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و غیرها و هو ظاهر الدروس أو صریحه و فی الریاض أن علیه عامة من تأخر و قد سمعت ما فی السرائر من أن ما اشتملت علیه الروایة مخالف لما علیه الأمة بأسرها مناف لأصول مذهب أصحابنا و فتاواهم و تصانیفهم و إجماعهم لأن المبیع إذا کان مجهولا کان البیع باطلا بلا خلاف «انتهی» و هذا منه مبنی علی أن دلیل الشیخ علی الصحة فی المسألة إنما هو روایة المسألة الأولی کما ستعرف و فی الشرائع أنه قول موهم (و قد تقدم لنا فی الفرع الثالث) من الفصل الثالث فی العوضین عند شرح قوله لو باع شاة من قطیع أو عبدا من عبید ما له نفع تام فی المقام و قال الشیخ فی الخلاف فی باب البیوع روی أصحابنا أنه إذا اشتری عبدا من عبدین علی أن للمشتری أن یختار أیهما شاء أنه جائز و لم یرووا فی الثوبین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 354
..........
______________________________
شیئا ثم قال دلیلنا إجماع الفرقة و قوله صلی اللّٰه علیه و آله المؤمنون عند شروطهم و قال فی باب السلم و هو الذی أشرنا إلیه آنفا إذا قال اشتریت منک أحد هذین العبدین بکذا أو أحد هؤلاء العبید بکذا لم یصح الشراء دلیلنا أن هذا بیع مجهول فیجب أن لا یصح و لأنه بیع غرر لاختلاف قیمتی العبدین و لأنه لا دلیل علی صحة ذلک فی الشرع و قد ذکرنا هذه المسألة فی البیوع و قلنا إن أصحابنا رووا جواز ذلک فی العبدین فإن قلنا بذلک تبعنا فیه الروایة و لم نقس غیرها علیها «انتهی» و الذی فی السرائر و الدروس و المسالک و ظاهر المهذب البارع بل و المختلف و غیرها کالریاض و غیره أن الشیخ فی الخلاف استخرج من روایتی محمد بن مسلم و السکونی المتقدمتین فی المسألة الأولی جواز بیع عبد من عبدین و رده ابن إدریس بما سمعت و الباقون بأنها غیر صریحة فی ذلک نعم قال فی المختلف هذه الروایة یعنی روایة ابن مسلم تدل علی أن البیع وقع صحیحا لا علی أنه وقع علی عبد من عبدین لکنه قال بعد ذلک و أما قول الشیخ فی الخلاف عن الروایة فإن لها محملا و هو أن یفرض تساوی العبدین من کل وجه و لا استبعاد حینئذ فی بیع أحدهما لا بعینه کما لو باعه من متساوی الأجزاء بعضه و ظاهره أن العمل لروایة محمد بن مسلم و قد یقال علیه إن الاستبعاد فی وقوع هذا الفرض لا فی البیع علی تقدیر وقوع الفرض ثم إنه تأویل لکلام الشیخ بما لا یرضاه لأن ذلک یقتضی الاطراد و الشیخ قد قال إن قلنا بذلک تبعنا فیه الروایة و لم نقس غیرها علیها و فیه دلالة علی عدم تنزیله إیاها علی ما ذکره فی المختلف و إلا لم یقتصر علیها ثم إنا نقول من أین علم ابن إدریس أن کلام الشیخ فی النهایة فی المسألة السابقة مبنی علی أن البیع وقع علی عبد من عبدین و لیس فی الروایة و لا کلام النهایة إلا أنه اشتری رجل من رجل عبدا و کان عند البائع عبدان إلی آخر ما سمعت و ذلک یدل علی أن البیع وقع صحیحا لا علی أنه وقع علی عبد من عبدین حتی یکون ما فی النهایة مخالفا لما علیه الأمة بأسرها و حتی یکون رجع عنه فی الخلاف مع عدم الرابطة بینهما إلا علی فهمه ثم إنه کیف یقتصر علی کلام الخلاف فی باب السلم و لا یذکر کلامه فی باب البیوع الذی ادعی فیه روایات أصحابنا و إجماعهم علی جواز اشتراء العبد من العبدین مع أنه فی الخلاف أشار إلی ذلک فی باب السلم و من أین علم أنه أراد هناک بالروایات روایة محمد بن مسلم أو السکونی الواردتین فی مقام آخر لا دلالة فیهما علی غیره و لم لا یکون قد ظفر بروایات أخر صریحة فیما ادعاه أو لیس ما یحکیه إلا کما یرویه فکیف نصدقه فی الثانی دون الأول هب أن الإجماع مما یعتوره الاشتباه لما بین فی محله لکن الروایات لیست کذلک ثم العجب من الجماعة کیف استراحوا إلی قول ابن إدریس حتی قالوا إن الشیخ استخرج هذا من هذا أ لم یکن هناک محمل غیر هذا و هو أنه ظفر بروایات أخر و نعم ما قال کاشف الرموز فی الرد علی ابن إدریس من أن مسألة بیع العبد من العبدین غیر مسألة النهایة و صاحب التنقیح قال قیل إنه استخراج من الروایة المذکورة و لیس هذا منا موافقة للشیخ و إنما هو تحقیق للحق و تنزیل لکلامه علی وجه یلیق بمقامه و اللّٰه سبحانه و جل شأنه هو العالم بأحکام؟؟؟
(بسم اللّٰه الرحمن الرحیم) الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین و رضی اللّٰه تعالی عن مشایخنا أجمعین و عن رواتنا الصالحین قال الإمام آیة اللّٰه العلامة أعلی اللّٰه سبحانه مقامه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 355
و یجب علی البائع استبراء الأمة الموطوءة بحیضة أو بخمسة و أربعین یوما قبل بیعها إن کانت من ذوات الحیض (1)
______________________________
(قوله) (و یجب علی البائع استبراء الأمة الموطوءة بحیضة أو بخمسة و أربعین یوما قبل بیعها إن کانت من ذوات الحیض)
قد صرح بوجوب الاستبراء علی البائع قبل بیعها إذا کان وطئها الشیخ فی النهایة و المبسوط و الخلاف و العجلی فی السرائر و الفاضلان و الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم و فی الخلاف الاستبراء واجب علی البائع و المشتری علی ظاهر روایات أصحابنا و فی الحدائق أنه مما لا خلاف فیه و ظاهر المقنعة الخلاف فإن فیها أنه ینبغی للبائع أن یستبرئ الأمة قبل بیعها و فی باب لحوق الأولاد منها وافق فقال و لا یجوز لأحد أن یبیع جاریة قد وطئها حتی یستبرئها (انتهی) و قال جماعة إنه لو باعها من غیر استبراء أثم و صح البیع و غیره لرجوع النهی إلی أمر خارج و هل الإثم یتعین بإیقاع عقد البیع أو بترک الاستبراء لعدم توجه النهی صریحا إلی إیقاع العقد و عدم استلزام الأمر بالشی‌ء النهی عن ضده الخاص احتمالان و نظیره ما إذا عکس الترتیب فی الجمار فإنهم قالوا إنه یعید علی الوسطی و الأخیرة و بعضهم قیده بما إذا کان ناسیا أو جاهلا أما إذا کان عامدا فیبطل (فلیتأمل جیدا) و هل یتعین استبراؤها علی البائع أم یجب تسلیمها إلی المشتری فی الروضة و المسالک أنه یتعین حینئذ تسلیمها إلی المشتری و من فی حکمه إذا طلبها لأنها قد صارت ملکا و حقا له و احتمل فی المسالک بقاء وجوب الاستبراء قبله و لو بالوضع علی ید عدل لوجوبه قبل البیع فیستصحب (قال) و أما إبقاؤها عند البائع فلا یجب قطعا لأنها أجنبیة منه و فی الحدائق لا کلام فی وجوب تسلیم البائع الجاریة إلی المشتری و فی التحریر و التذکرة توضع الجاریة زمان الاستبراء عند المشتری و اعترضه فی جامع المقاصد فقال أطلق فی التذکرة و التحریر وجوب التسلیم إلی المشتری زمان الاستبراء و هذا کما یصلح للاستبراء الواجب علی المشتری یصلح للاستبراء الواجب علی البائع فإن أراد الأول فلا بحث و لا یجب وضعها علی ید عدل و لا یفرق بین کونها حسنة أو قبیحة و إن أراد الثانی فهو مشکل فإنه واجب ثبت قبل البیع فلا وجه لسقوطه (فإن قیل) إنها بعد وقوع البیع صارت حقا للمشتری فلا یجوز منعه منها (قلنا) قد ثبت وجوب الاستبراء سابقا علی البیع فلا یسقط غایة ما فی الباب أن المشتری إذا جهل له الفسخ فإن قیل الاستبراء حق اللّٰه تعالی و المبیع حق للآدمی و حق اللّٰه تعالی لا یعارض حق الآدمی قلنا فی الاستبراء أیضا حق للبائع فلا یکون حقا للّه محضا (ثم قال) و بعد ذلک فقول التذکرة لا یخلو من وجه فإنها بعد البیع أجنبیة من البائع فلا یجوز بقاؤها عنده نعم یأثم بترک الاستبراء (و التحقیق) أن یقال إنه لو باع قبل الاستبراء یکون البیع مراعی فإن ظهر حمل تبین بطلانه لأنه من المولی حیث کانت فراشا و إلا ثبتت الصحة فلا تکون حینئذ ملکا للمشتری فلا یتعین التسلیم إلیه بل و لا یجوز استصحابا لوجوب بقاء الاستبراء و هو واضح لا شبهة فیه هذا و کما یجب علی البائع یجب علی الواهب و المصالح و المقرض کما نصوا علیه و یبقی الکلام فی المورث و الأمر فیه سهل و المشهور کما فی المسالک و الکفایة و الحدائق أن کل من ملک أمة بوجه من وجوه التملک من بیع أو هبة أو إرث أو صلح أو قرض أو استرقاق أو غیر ذلک حرم علیه وطؤها قبل الاستبراء و فی الخلاف الإجماع علی أنه إذا ملک أمة بابتیاع أو هبة أو إرث أو استغنام لا یجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء إلا إذا کانت فی سن من لا تحیض من صغر أو کبر و خالف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 356
..........
______________________________
العجلی فی باب البیع فقال إن الاستبراء لا یجب إلا علی البائع و المشتری لکنه فی باب السراری وافق الأصحاب و قال فی المسالک و قد وافق ابن إدریس الأصحاب فی موضع آخر من کتابه فصار إجماعا إن کان قد تحقق الخلاف (قلت) و قد یظهر الإجماع من الغنیة و کأن صاحب الکفایة مال إلی ما فی بیع السرائر و لم یرجح فی التحریر و ما نقله فی المفاتیح عن ابن إدریس غیر صحیح حیث نسب إلیه فی موضع خلافه أنه قصر الحکم علی البیع و الشراء و الاسترقاق و هذه عادته لا یزال یتسامح فی النقل غالبا (و یدل) علی المشهور بعد الإجماع معلوما و منقولا (ما رواه الشیخ فی التهذیب) عن الحسین بن صالح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال نادی منادی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم یوم أوطاس استبروا سبایاکم بحیضة و هو و إن کان مختصا بالاسترقاق إلا أنه لا قائل بالفصل مضافا إلی ظواهر کثیر من الأخبار الظاهرة فی العلة کقول الصادق علیه السلام فی صحیح الحلبی فی رجل ابتاع جاریة لم تطمث إن کانت صغیرة لا یتخوف علیها الحمل فلیس علیها عدة فلیطأها و إن کانت قد بلغت و لم تطمث فإن علیها العدة و مثله خبر عبد اللّٰه بن عمر و غیره مما سئل فیه عن الجاریة التی لا یخاف علیها الحبل فقال لیس علیها عدة لظهوره فی أن الراوی فهم دوران وجوب العدة مدار خوف الحبل و أن إشکاله فی الحکم مع عدم الخوف و قد قرره الإمام علی ذلک (فتأمل) و یشهد له سقوط الاستبراء فیمن لا یخاف علیها الحبل أصلا کالصغیرة و نحوها و أمة المرأة و المراد بالموطوءة حال بلوغها فی قبل أو دبر عزل أم لم یعزل کما هو ظاهر إطلاق النصوص و الفتاوی و به صرح جماعة (و أما کون) الاستبراء بحیضة واحدة فهو المشهور من دون خلاف یعرف کما فی الحدائق و هو کذلک و به صرح فی الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام و المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف و غیرها و ظاهر الغنیة الإجماع علیه بل فی المبسوط و الخلاف الاکتفاء بتمام الحیضة إذا باعها و هی حائض و فی الخلاف الإجماع علیه و فی الکفایة و الحدائق أنه المشهور و فی الریاض أنه الأشهر و لم أجد فیه خلافا غیر ما فی السرائر فی باب السراری حیث لم یکتف بذلک و الخبران الصحیحان حجة علیه و کذا الموثق لسماعة (موثق سماعة خ ل) قال سألته عن رجل اشتری جاریة و هی طامث أ یستبرئ رحمها بحیضة أخری أو تکفیه هذه الحیضة قال لا بل تکفیه هذه الحیضة فإن استبرأها بأخری فلا بأس هی بمنزلة فضل و أما الخبران الصحیحان الواردان فی أنها حیضتان المؤذنان بکون الواحدة مذهب العامة فهما شاذان مردودان بفحوی هذه الأخبار الدالة علی الاکتفاء بتمام الحیضة و صریح الأخبار الأخر و حملهما علی الاستحباب کما فعله الشیخ ممکن کما دل علیه الموثق الذی سمعته و لعل العامة أنکروا استحباب الحیضتین (فتأمل) (و أما الاستبراء) بخمسة و أربعین یوما من حین الوطی إن لم تحض بعد أو انقطع عنها و کانت فی سن من تحیض فهو الذی دلت علیه الأخبار و طفحت به فتاوی الأصحاب و فی الخلاف الإجماع علیه و المفید فی باب لحوق الأولاد من المقنعة أفتی بذلک صریحا و خالف فی باب البیع فجعلها ثلاثة أشهر و لا مستند له سوی الحمل علی الحرة الطلقة (و فیه) أن الأمة المطلقة إذا لم تکن مستقیمة الحیض عدتها خمسة و أربعون یوما بالإجماع و الأخبار کاستبرائها هنا و الاستبراء الواجب علی المشتری هو ترک وطئها قبلا و دبرا کما هو ظاهر النص و الفتوی و به صرح جماعة کثیرون و قد یظهر من الحدائق أنه مجمع علیه عندهم و فی الریاض أنه لا خلاف فیه إلا من بعض المحققین فخصه بالقبل و هو الظاهر من السرائر حیث قال و متی ملک الرجل جاریة بأحد وجوه التملیکات من بیع أو هبة أو سبی أو غیر ذلک لم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 357
و کذا یجب علی المشتری قبل وطئها لو جهل حالها (1) و یسقط لو أخبره الثقة بالاستبراء (2)
______________________________
یجز له وطؤها فی قبلها (انتهی) و قد قال بعض إنه لا یخلو عن قرب إن لم یحصل بوطی الدبر خوف سبق الماء فی القبل (قلت) فعلی هذا یجوز فی القبل إذا عزل مع القطع بعدم سبق الماء و لا قائل به و لا خلاف فی أنه لا یحرم علیه سائر الاستمتاعات إلا من المبسوط کما فی الریاض (قلت) و کذا التحریر فی البیع فإنه وافق المبسوط فی قوله لا یجوز وطؤها فی الفرج و لا فی غیره و لا مسها بشهوة و لا قبلتها و فی حواشی الشهید عن المصنف أنه حرم فی الدرس القبلة خاصة و باقی الأصحاب ممن تعرض له علی خلافهما بل المصنف فی التحریر رجع إلی موافقة الأصحاب فی باب الطلاق و فی الخلاف أن إجماع الفرقة و أخبارهم علی أنه إذا ملکها جاز له التلذذ بمباشرتها و وطئها فیما دون الفرج سواء کانت مشتراة أو مسبیة (قلت) لعله أراد بالأخبار صحیح محمد بن إسماعیل قلت یحل للمشتری ملامستها قال نعم و لا یقرب فرجها و روایة عبد اللّٰه بن سنان التی فیها و لکن یجوز ذلک فیما دون الفرج و روایة عبد اللّٰه بن محمد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال لا بأس بالتفخیذ لها حتی یستبرئها و إن صبرت فهو خیر لک (و یؤیده) أیضا الاعتبار و لا دلیل للمبسوط إلا حمل الاستبراء علی العدة و الموثقة الواردة فی الحبلی أ یطأها و هی حبلی قال لا قلت فدون الفرج قال لا یقربها و هو علی ما فیه محمول علی الاستحباب کما أشیر إلیه فی الخبر الأخیر و القیاس لا وجه له
(قوله) (و کذا یجب علی المشتری قبل وطئها لو جهل حالها)
إنما خص الحکم بجهله حالها کالشرائع لدخول ما إذا علم بالوطی بطریق أولی و لو قال و إن جهل حالها لشمل القسمین بأبلغ نظم و قد صرح بذلک فی الشرائع کما عرفت و جامع المقاصد و المسالک و غیرها و هو ظاهر إطلاق النصوص و الفتاوی و لا یجب إذا علم العدم اتفاقا نصا و فتوی کما فی الریاض
(قوله) (و یسقط لو أخبره الثقة بالاستبراء)
کما فی المقنعة و النهایة و الوسیلة و الغنیة و الشرائع و النافع و التحریر و المختلف و الدروس و اللمعة و التنقیح و المیسیة و الروضة و المسالک و غیرها و فی المختلف أنه مذهب الشیخین و القاضی و أنه الظاهر من کلام أبی علی و فی الریاض أن علیه الأکثر و قد یظهر من الغنیة الإجماع علیه إلا أن فی المقنعة و النهایة فی موضع منهما و النافع و التنقیح العدل مکان الثقة و فی جامع المقاصد و المسالک أن المراد بالثقة العدل و فی الأول لأن غیر العدل لا یعد ثقة و فی الأخبار اعتبار وثوق المشتری (و لا ریب) أنه لا یتحقق الوثوق غالبا بدون العدالة و فی الثانی لأن العدل الثقة شرعا و احتمل فیه و فی الروضة اکتفاء بمن تسکن إلیه النفس و تثق بخبره و فی المسالک أیضا إنما عبروا بالثقة لوروده فی الأخبار و أنها واردة علی إخبار البائع أنه لم یطأها ففی حکمه إخباره أنه استبرأها و هو الذی فرضه المصنف یعنی المحقق و یأتی الکلام فی الأخبار و لیس فیها لفظ الثقة و إنما هو فی الفقه الرضوی و هو غیر معروف عندهم و کون العدل هو الثقة شرعا محل تأمل و قال فی الروضة و فی حکم الاستبراء إخباره بعدم وطئها و خالف فی المسألة ابن إدریس و الإمام فخر الدین فأوجبا استبراءها و إن أخبر الثقة لروایات هی ما بین قاصرة السند أو ضعیفة الدلالة أو مخالفة فی الظاهر للمجمع علیه (و یدل) علی المشهور (الأخبار المستفیضة) و هی ما بین مطلقة فی المخبر کخبر محمد بن حکیم عن العبد الصالح علیه السلام قال إذا اشتریت جاریة فضمن لک مولاها أنها علی طهر فلا بأس أن تقع و مقیدة له بالوثاقة و الأمانة کحسنة حفص البختری عن أبی عبد اللّٰه علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 358
أو کانت لامرأة (1)
______________________________
السلام قال فی الرجل یشتری الأمة من رجل فیقول إنی لم أطأها فقال إن وثق به فلا بأس أن یأتیها و کخبر؟؟؟ (و کصحیح خ ل) أبی بصیر قال قلت للصادق علیه السلام الرجل یشتری الجاریة و هی طاهر و یزعم صاحبها أنه لم یمسها منذ حاضت فقال إن ائتمنته فمسها و مثله خبر ابن سنان إن کان عندک أمینا فمسها و نحوه ما أرسله المفید فی المقنعة قال و قد روی أنه لا بأس للإنسان أن یطأ الجاریة من غیر استبراء لها إذا کان بائعها قد أخبره باستبرائها و کان صادقا فی ظاهره مأمونا و الضعف فی الأول و الأخیر منجبر بالشهرة مع اعتضادها بالأصل و اختصاص النصوص المثبتة للحکم بحکم التبادر بغیر ما نحن فیه (و دعوی) عموم الحکمة لنحوه غیر ظاهر و یؤید ذلک ما فی الفقه الرضوی حیث قال فیه فی عد وجوه النکاح الثالث نکاح ملک الیمین و أن یبتاع الرجل الأمة فحلال نکاحها إذا کانت مستبرأة و الاستبراء حیضة و هو علی البائع فإن کان البائع ثقة و ذکر أنه استبرأها جاز نکاحها من وقتها و إن لم یکن ثقة استبرأها المشتری بحیضة و إن کانت بکرا أو لامرأة أو ممن لم تبلغ حد الإدراک استغنی عن ذلک و الاکتفاء ممن تسکن إلیه النفس و تثق بخبره قوی و لا سیما فی إخباره بأنه لم یطأها لأنه من فعله فیحمل علی صدقه و لا یجوز حمله علی الکذب و لیس بأسوإ من إخبار المرأة بحصول الحیض و انقضاء العدة (فتأمل)
(قوله) (أو کانت لامرأة)
هذا هو المشهور کما فی إیضاح النافع و المسالک و الکفایة و إن أمکن تحلیلها لرجل لإطلاق النص و منه الصحیح الصریح بذلک و الموثقان إلا أن فی أحدهما ما ربما یستشعر منه اشتراط الحکم هنا بعدم معلومیة وطئها فی ملک المرأة بتحلیل و نحوه و مقتضاه وجوب الاستبراء عند عدم الشرط و هو کذلک مع ملاحظة دلیل الحکمة و الخبر المشار إلیه ما رواه زرارة قال اشتریت جاریة بالبصرة من امرأة فخبرتنی أنه لم یطأها أحد فوقعت علیها و لم أستبرها فسألت ذلک أبا جعفر علیه السلام فقال هو ذا أنا فعلت ذلک و ما أرید أن أعود (و علی ما فهم من هذا الخبر) ینزل الإطلاق فی الأخبار الأخر فیفرق بین الشراء من الرجل و الشراء من المرأة بوجوب الاستبراء فی الأول مطلقا إلا مع العلم أو ما فی حکمه بعدم الوطی أصلا و فی الثانی بعدم الوجوب إلا مع العلم بالدخول المحرم أو المطلق و خالف العجلی و فخر الإسلام فأوجبا الاستبراء و کأنهما التفتا إلی وجه الحکمة و أنه عام لما نحن فیه (و فیه) أن فی العموم نظرا لاحتمال الجری فی ذلک علی الغالب کما فی الشراء من الرجل سلمنا لکن یقیده إطلاق الصحیح عن الأمة تکون لامرأة فتبیعها قال لا بأس أن یطأها من غیر أن یستبرئها و نحوه غیره کما مرت الإشارة إلیه و کذلک الفتاوی و فی جامع المقاصد و المسالک و هل یلحق بأمة المرأة أمة الصغیر الذی لا یمکن الوطی منه عادة و کذا العنین و المجبوب إشکال و فی الأخیر أن المناسب للأصول الشرعیة عدم الإلحاق و فی الروضة حکم بالعدم و فی جامع المقاصد أنه یقرب عدم الاستبراء فیما لو باعتها امرأة لرجل فباعها الرجل فی المجلس للقطع بعدم وطئه فهو أقوی من الإخبار و فی المسالک لیس هذا من مواضع الإشکال و فی الخلاف أن المشتراة من امرأة أو ممن لا یجامع مثله أو عنین أو رجل وطئها ثم استبرأها روی أصحابنا جواز وطئها قبل الاستبراء و روی أنه لا یجوز و هو الأحوط و به قال الشافعی و أما جواز تزویجها فإنه یجوز قبل الاستبراء إجماعا دلیلنا علی الأول أخبار أصحابنا و أیضا الأصل الإباحة و المنع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 359
أو صغیرة أو آیسة (1) أو حاملا أو حائضا (2) و یحرم وطی الحامل قبلا قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام و یکره بعده إن کان عن زنا و فی غیره إشکال (3)
______________________________
یحتاج إلی دلیل و فی مجمع البرهان أن الظاهر عدم الاستبراء فی هذه المسائل الأربع للأصل مع عدم دلیل صالح علی الوجوب سوی الإجماع مستندا إلی بعض الأخبار و لا إجماع فی أمثال ذلک علی ما یظهر و الأخبار لیس بحیث تشمل هذه الصور لا عموما و لا خصوصا و المفهوم من الروایات و العبارات أنه ما لم یطأ و لا یتخوف من الحمل لا یجب الاستبراء و لهذا قید وجوبه علی البائع بالوطی و علی المشتری باحتماله فی الروایات فلیس الحکم فی هذه الصور ملحقا بحکم أمة المرأة للاشتراک فی عدم الوطی فیکون قیاسا علی أنه لو سلم أن الصورة الأخیرة لیست محل إشکال فإنه لا استبراء فیها من غیر إشکال ثم إذا نظرت إلی ما ذکرناه یظهر أن الحیلة فی بیع الأمة التی یجب استبراؤها علی الامرأة ثم الشراء منها لا تنفع و لا یسقط وجوب الاستبراء عن المشتری «فتأمل» و احتط فإنه فرج موصی بالاحتیاط فیه فی الروایة (انتهی) و هذه الحیلة التی أشار إلیها ذکرت فی المسالک و غیره
(قوله) (أو صغیرة أو آیسة)
بلا خلاف کما فی الریاض و الحکم فی الصغیرة مجمع علیه کما فی الحدائق (قلت) و کذلک الآئسة و قد صرح بسقوطه عنها الشیخان فی المقنعة و النهایة و أکثر من تأخر و الأخبار فیهما متظافرة و قد سمعت ما فی الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام و قضیة الأخبار و لا سیما خبر الحلبی و کلام الأصحاب حیث یفسرون الصغیرة بمن لم تبلغ أنه یجوز وطی غیر البالغة مع أنه حرام عندهم فیجب حمل ذلک علی ما إذا بلغت عند المشتری قبل الاستبراء فإنه لا بأس حینئذ بأن یطأها المشتری بدون الاستبراء لعدم إمکان حملها من البائع حیث إنها لم تکن بالغة عنده و إن فعل حراما و أما ما تضمنه موثق سماعة و خبر الحلبی بالنسبة إلی الجاریة التی لم تحض من أن أمرها شدید و أنه إن أتاها فلا ینزل حتی یستبین له حالها فإنه لا یخلو من إشکال لأن قوله لم تحض إما أن یراد به الکنایة عن کونها صغیرة لم تبلغ فالحکم بجواز إتیانها و إن کان مع عدم الإنزال خلاف الإجماع و الأخبار و إن أرید به البالغة و إن لم تحض بالفعل فلا یجوز جماعها بالإجماع لمکان وجوب الاستبراء و الأوجه فی توجیه ذلک أن یقال المراد بمن لم تحض من لم یعلم بلوغها بالحیض لکنها محتملة للبلوغ و عدمه بالسن فأجابه علیه السلام بأن هذه من جهة احتمال البلوغ و عدمه أمرها شدید لکن لما کان الأصل عدم البلوغ حتی یتحقق فلا بأس لو جامعها لکن الاحتیاط فی العزل عنها و ربما أول ذلک بحمل عدم الإنزال علی عدم الوطی فی الفرج و قد ذهب جماعة إلی المنع من الاستمتاع بها مطلقا
(قوله) (أو حاملا أو حائضا)
کما صرح بذلک فی عدة مواضع و الحکم فی الحائض ظاهر لأن مسها إنما یکون بعد الطهر فالاستبراء المخصوص غیر واجب و قد تقدم الکلام فی الاکتفاء بتمام الحیضة و أما الحامل فعدهم لها فی جملة من یسقط عنه الاستبراء یتجه علی القول بکراهة الوطی کما هو خیرة الخلاف و التهذیب و الإستبصار و السرائر و غیرها أو علی تقدیر کون الحمل من الزنا کما هو خیرة المختلف و جامع المقاصد و غیرهما أو بعد الأربعة أشهر و عشرة أیام کما یأتی بیان ذلک کله
(قوله) (و یحرم وطی الحامل قبلا قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام و یکره بعده إن کان عن زنا و فی غیره إشکال)
اختلفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 360
..........
______________________________
فی هذه المسألة الأقوال و وقع فی نقلها کمال الاختلال و قال فی المهذب البارع إنها من مواضع الإشکال ففی المقنعة و الغنیة و الکافی علی ما نقل عنه و النافع أنه لا یجوز وطی الحامل قبل مضی أربعة أشهر لکن فی الغنیة زیادة التقیید بالفرج و فیها الإجماع علی ذلک و فی النافع التخصیص بالقبل و فی النهایة و الوسیلة و الشرائع و الإرشاد و التحریر و الإیضاح و إیضاح النافع و المسالک و المفاتیح زیادة عشرة أیام علی أربعة أشهر مع التخصیص بالقبل فیما عدا النهایة و الوسیلة و المفاتیح فإنه ترک ذکره فیها و ادعی بعضهم أن الظاهر من النصوص التخصیص به و فی الریاض أنه ظاهر الأکثر و یأتی ما فی جامع المقاصد و فی الدروس أن المشهور أنه یستبرئها بأربعة أشهر و عشرة أیام وجوبا عن القبل لا غیر و فی الریاض لا ریب فی الحرمة قبل انقضاء هذه المدة للمعتبرة المستفیضة التی کادت تکون متواترة و هی مع ذلک معتضدة بالشهرة العظیمة انتهی «قلت» هؤلاء جمیعا أطلقوا حرمة وطی الحامل علی اختلاف آرائهم فی المدة و القبل و لم یفرقوا فی الحمل بین ما إذا کان عن زنا أو غیره و هذا الإطلاق نسب إلی الأصحاب فی الإیضاح و جامع المقاصد و جوز فی السرائر وطأها قبلا سواء مضی أربعة أشهر أو أقل منها و قال إنه الأظهر من أقوال أصحابنا و الذی تقتضیه أصول المذهب و فی الخلاف الإجماع علی أنه یکره وطؤها فی الفرج قبل مضی أربعة أشهر و أنه إذا مضت لا یکره و لم یفرقا فی الکتابین بین ما إذا کان عن زنا أو غیره حیث أطلقا و نحوهما ما فی التهذیب و الإستبصار و کأنه مال إلیه فی الکفایة و فی شرح الإرشاد للفخر عند شرح عبارة الإرشاد و قد عرفتها هکذا وردت الروایة قال المصنف هذه الروایة لا یعمل علیها علی إطلاقها لأن الحمل إما أن یکون عن نکاح صحیح أو عن شبهة أو عن زنا فإن کان الأول حرم وطؤها إلی أن تضع إجماعا و إن کان الثانی فکذلک لأن نکاح الشبهة یلحق بالصحیح فی إلحاق النسب و تحریم الوطی فی الحمل و إن کان الثالث ففیه إشکال لأن الزنا لا حرمة له فکذا حمله و من حیث إن هذه الروایة لا محمل لها إلا علی کون الحمل من الزنا لئلا یلزم إهمالها مع قبول الأصحاب لها (انتهی) فلتلحظ دعواه الإجماع و أن الأصحاب قبلوا هذه الروایة (انتهی) و نحوه ما فی التنقیح و إیضاح النافع عند شرح عبارته و قد عرفتها من أن هذا الحکم لیس علی إطلاقه فلیحمل علی ما إذا کان الحمل عن زنا (قلت) و قد یستشهد علی هذا التأویل ذکر الأصحاب بعد ذلک أن الولد مما یباع و إن اختلفوا فی حرمة بیعه أو کراهته (فلیتأمل) و یأتی الکلام فی ذلک و مثله ما فی المهذب البارع من أن إطلاق الأصحاب تحریم الوطی قبل الأربعة أشهر و عشرة أیام و إباحته مع الکراهة بعدها (مناف) للأصول المقررة لأن الحمل لا یخلو فی نفس الأمر عن أحد التقدیرین فإن کان عن نکاح صحیح حرم حتی الوضع و إن کان عن زنا لم یحرم فی الحال (و التحقیق فی الجواب) عن الإشکال أن المراد الزنا کما جزم به العلامة فی کتاب فتواه أعنی المعتمد یعنی المختلف قال و جاز اختصاص التحریم فی هذا الموضع بخصوصه من حیث إنه داخل تحت مسمی الاستبراء فیکون هذا النصاب قدر استبراء الحامل کما أن الحیضة قدر استبراء الحائل و لعل حکمة التخصیص إما لکون ذلک تکلیفا للمشتری حذرا من التوثب علی الفروج لأن المملوکة فی محل الطمع (و إما لأنه) قبل النصاب تشتد ملابسة الحمل بالواطی لا أنه یصیر جزءا من الرجل لانعقاده قبل وطئه بل لأن الجماع یثیر الطمث و یفعل فی مزاج المرأة ما یغیر مزاج اللبن و هو غذاء الطفل و علیه نموه و منه تحریم المحلل إذا ارتضع بلبن خنزیرة و لهذا حکمنا بنشر الحرمة فی الرضاع و قلنا یصیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 361
..........
______________________________
صاحب اللبن أبا و لیس مرتضعا من لبنه و جعل الشارع الحرمة المنتشرة من الفحل إلی المرتضع أقوی من حرمة المرضعة حیث حرم علی الصبی کل من انتسب إلی الفحل ولادة و رضاعا و من ینتسب إلی المرضعة ولادة خاصة مع أنه یتغذی من لبنها و یشتد لحمه علیه و هو من دمها و لیس ذلک إلا لکون جماع الرجل یؤثر فی مزاج المرأة و فی لبنها کیفیة توجب له تغییرا و یؤید هذا التأویل ما روی عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا تقتلوا أولادکم غیلة قالوا معناه لا تجامع المرضعات فإن الجماع یثیر الطمث و یفسد اللبن و لهذا لا ینعقد الإیلاء لو کان وقوعه لصلاح اللبن و اللّٰه أعلم و فی المختلف و التذکرة أن المعتمد أنه إن کان الوطی عن زنا کره له وطؤها قبلا قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام من غیر تحریم و إن کان عن حلال أو لشبهة حرم وطؤها حتی تضع و مثله ما فی التذکرة و الدروس و تعلیق النافع و فی جامع المقاصد الأصح التحریم فیما عدا الزنا إلی الوضع و ظاهره الجواز فیه مطلقا و احتمل الأمرین فی مجهول الحال و فی اللمعة حرمة الوطی مطلقا إلی وضع الحمل و لا تغفل عن إجماع شرح الإرشاد و فی الإیضاح الأولی التحریم فی غیر الزنا مطلقا قبل الأربعة و بعدها و فی الزنا قبل الأربعة أشهر و الکراهة بعدها و کذا التنقیح و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و فی الأولین التصریح بالحرمة فی وطی الدبر و فی التنقیح و إیضاح النافع تنزیل النص و الفتوی علی ذلک و أنه مشهور بین الأصحاب و فی الروضة إن کان عن زنا جاز علی کراهیة مطلقا أی قبل المدة و بعدها و أنه یکتفی فی غیر الزنا فی رفع الحرمة بمضی أربعة أشهر و عشرة أیام هذا و جوز الوطی فی مجمع البرهان بعد الأربعة أشهر مطلقا جمعا بین الأخبار و أیده بأصل عدم التحریم و عدم وجوب الاستبراء و جواز التصرف فی ملک الأیمان و لأن الحکمة عدم اختلاط المنی و الأنساب (قال) و بعد المدة المذکورة لم یضر ذلک کما هو المشهور بل فی أربعة أشهر إلا أن العشرة للاحتیاط و التحقیق و مما صرح فیه بالجواز بعد المدة المذکورة من دون تعرض للفرق بین الزنا و غیره الوسیلة و الشرائع و الإرشاد و التحریر و المسالک مع التصریح بالکراهیة فیما عدا الأول و فی الدروس و الریاض أنه المشهور (و فی نکاح الکتاب) لو اشتراها حاملا کره له وطؤها قبلا قبل الوضع أو مضی أربعة أشهر و عشرة أیام إن جهل حال الحمل لأصالة عدم إذن المولی بالوطی و إن علم إباحته بعقد أو تحلیل حرم حتی تضع و إن علم کونه عن زنا فلا بأس و هذا یخالف (بخلاف خ ل) ما هنا و قال فی طلاق الکتاب کل من ملک جاریة موطوءة ببیع أو غیره من استغنام أو صلح أو میراث أو أی سبب کان لم یجز له وطؤها إلا بعد الاستبراء فإن کانت حبلی من مولی أو زوج أو وطی شبهة لم ینقض الاستبراء إلا بوضعه أو مضی أربعة أشهر و عشرة أیام فلا یحل له وطؤها قبلا قبل ذلک و یجوز فی غیر القبل و یکره بعدها و هذا رأی آخر غیر الأولین (هذا) و فی جامع المقاصد أن تخصیص الوطی بالقبل کما دلت علیه العبارة غیر ظاهر و کأنه تمسک بظاهر بعض الروایات الدالة علی تحریم الوطی فی الفرج إلا أن تمضی المدة لو حمل الفرج علی القیل کما وجد فی کلامه و کلام أکثر الأصحاب و المتجه المنع قبلا و دبرا لصدق اسم الفرج علی الدبر و لأن فی بعض الأخبار لا تقربها حتی تضع و هو شامل للمدعی و لا یضر کون ظاهره دالا علی عدم جواز مسها لاندفاع تحریم ما عدا الوطی بروایة أخری (و فیه) أن فی جملة من الأخبار أنه مع إتیانها حال الحمل أنه یعتق الولد لأنه غذاه بنطفته و تلقاها الأصحاب بالقبول کما سیأتی و هذا فرضه فی الجماع فی الدبر بعید جدا علی أن إطلاق الأخبار یحمل علی الأفراد الشائعة دون الفروض النادرة و الشائع المتبادر إنما هو القبل (فلیتأمل) و قول المصنف و فی غیره إشکال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 362
..........
______________________________
ظاهره کما فهماه فی الإیضاح و جامع المقاصد أن الإشکال فی غیر الزنا و منشؤه کما فی الکتابین إطلاق التحریم قبل أربعة أشهر و عشرة أیام و الجواز بعده فی النصوص و کلام الأصحاب و إطلاق المنع إلی حین الوضع المقتضی لوجوب الجمع بحمل الأول علی الزنا و الثانی علی ما عداه و یؤیده أن العدة و الاستبراء إنما هما للعلم ببراءة الرحم من الحمل فإذا حرم الوطی لإمکان الحمل فمع علمه و تحققه أولی (فتأمل) و فی الإیضاح أن التحلیل حینئذ غیر معقول (و قد عرفت) أنه قد عقله الفحول أولوا العقول و تلقوا الخبر بالقبول إلا أن تعتمد علی ما نقله من الإجماع فی شرح الإرشاد و تؤیده بما فی المهذب البارع و التنقیح و إیضاح النافع و غیرها من تقیید الإطلاق و جعلهم أصل الحکم کأنه محل وفاق (فلیتأمل) و احتمل الشهید فی حواشیه إرجاع ضمیر غیره فی کلام المصنف إلی القبل و هو الدبر و هو بعید جدا (هذا تمام الکلام) فیما یتعلق بالأقوال (و أما أخبار المسألة) ففی عدة أخبار النهی عن وطی الحامل و فی بعضها حتی تضع ولدها من غیر استفصال و هو شامل لمن کان حملها عن حل أو عن وطی شبهة أو مجهولا و کذا ما کان عن زنا و فی بعض الأخبار إذا جاز حملها أربعة أشهر و عشرة أیام جاز وطؤها فی الفرج و هذا البعض هو صحیح رفاعة قال سألت أبا الحسن علیه السلام فقلت أشتری الجاریة فتمکث عندی الأشهر لا تطمث و لیس ذلک من کبر فأریها النساء فیقلن لیس بها حبل فلی أن أنکحها فی فرجها فقال إن الطمث قد یحبسه الریح من غیر حبل فلا بأس أن تمسها فی الفرج (قلت) و إن کانت حبلی فما لی منها إن أردت قال لک ما دون الفرج هکذا فی الکافی و زاد فی التهذیب إلی أن تبلغ فی حبلها أربعة أشهر و عشرة أیام إذا جاز حملها أربعة أشهر و عشرة أیام فلا بأس بنکاحها فی الفرج الحدیث و به قیدوا إطلاقات الأخبار المتقدمة (و فیه أولا) مع القصور عن المقاومة لأن کان المعارض أکثر عددا و بعد التقیید فإن أظهر أفراد الحبلی هو من استبان حملها و لا یکون ذلک غالبا إلا بعد انقضاء المدة المذکورة (أنه معارض) بکثیر من المعتبرة المصرحة بالمنع إلی حین الوضع کقوله علیه السلام فی الصحیح لا یقربها حتی تضع ولدها و نحوه النبوی و حملها علی الکراهیة فرع المکافأة و هذه معتضدة بأصالة بقاء الحرمة و إطلاق النصوص الکثیرة و هی ما بین ظاهرة و صریحة فی الحرمة فتکون هذه مقیدة لها (و قوله) عز و جل أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ (معارض) بقوله عز و جل (وَ أُولٰاتُ الْأَحْمٰالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ یَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) و إلی هذا التعارض مع ترجیح الآیة الثانیة أشیر فی الصحیح فی الأمة الحبلی یشتریها الرجل فقال سئل أبی عن ذلک فقال أحلتها آیة و حرمتها آیة فأنا ناه نفسی و ولدی و النهی حقیقة فی الحرمة و تخصیصه نفسه و ولده غیر ظاهر فی الکراهة فلعله للتقیة کما صرح به جماعة فالروایة حینئذ من أدلة الحرمة (فتأمل) و حیث ظهر ترجیح الآیة الثانیة الصریحة فی الحرمة إلی الوضع کان المعارض للخبر المذکور قویا جدا مضافا إلی وهنه بخلو الکافی عن هذا التحدید بل الروایة فیه مطلقة کغیرها (فلیتأمل) و أن العاملین به مختلفون فمنهم من جری علی نهج الخبر و منهم من عبر بالأربعة أشهر و أسقط الزیادة إلا أن تقول إن الأصحاب تلقوه بالقبول فلا یضره شی‌ء من ذلک و یترجح بذلک علی تلک الأدلة بالغة ما بلغت إلا أن تلحظ ما ذکره فخر الإسلام فی کتابیه و موافقة جماعة له علیه من تنزیل إطلاق الخبر و کلام الأصحاب علی ما إذا کان حملها عن زنا و علی کل حال فالقول بالکراهیة مطلقا ضعیف جدا و إن ادعی علیه الإجماع فی الخلاف لوهنه بمصیر الأکثر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 363
فإن وطأها عزل استحبابا فإن لم یعزل کره له بیع ولدها و یستحب أن یعزل له من میراثه قسطا (1) و یکره وطی من ولدت من الزنا بالملک و العقد فإن فعل فلا یطلب الولد (2) منها
______________________________
إلی خلافه
(قوله) (فإن وطئها عزل استحبابا فإن لم یعزل کره له بیع ولدها و یستحب أن یعزل له من میراثه قسطا)
کما صرح بذلک کله فی الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و التنقیح و جامع المقاصد و الروضة و فی الدروس أنه المشهور (قلت) لعل ذلک من هؤلاء لضعف الأخبار مع أصالة البراءة و فی المقنعة فإن وطئها قبل مضی الأربعة أشهر أو بعد ذلک و لم یعزل عنها لم یحل بیع الولد لأنه قد غذاه و أنماه بنطفته و ینبغی أن یجعل له من ماله بعد وفاته قسطا یعزله فی حیاته و لا ینسب إلیه بالبنوة فلم یفرق بین الوطی قبل المدة أو بعدها و حرم بیع الولد و استحب أن یعزل له قسطا و فی النهایة فی باب إلحاق الأولاد إذا اشتری جاریة حبلی فوطئها قبل أن یمضی علیها أربعة أشهر و عشرة أیام فلا یبیع ذلک الولد لأنه غذاه بنطفته و کان علیه أن یعزل له من ماله شیئا و یعتقه و إن کان وطئه لها بعد انقضاء الأربعة أشهر و عشرة أیام جاز له بیع الولد علی کل حال و کذلک إذا کان الوطی قبل انقضاء الأربعة أشهر و العشرة أیام إلا أنه یکون قد عزل جاز له بیع ولدها علی کل حال و عن التقی أنه قال لا یحل وطی الحامل من غیره حتی یمضی لها أربعة أشهر دون الفرج و فیه یشترط عزل الماء و اجتنابها حتی تضع أولی و إذا وطئ الحامل لم یحل له بیع ولدها و لا الاعتراف به ولدا و لکن یجعل له قسطا من ماله و ظاهره وجوب جعل قسط له و فی الوسیلة فإن مر علیها أربعة أشهر و عشرة أیام جاز له وطؤها و لم یجز له وطؤها قبل ذلک فإن وطأها لم یجز له بیع ولدها لأنه غذاه بنطفته و علیه أن یعتقه و یعطیه شیئا من ماله و فی الغنیة فإن کانت حاملا لم یجز له وطؤها فی الفرج حتی یمضی لها أربعة أشهر إلا بشرط عزل الماء فإن لم یعزل لم یجز له بیع الولد و لا أن یعترف به ولدا بل یجعل له قسطا من ماله لأنه غذاه بنطفته بدلیل إجماع الطائفة فقد اتفق الشیخان و الحلبیان و الطوسی و الدیلمی فیما نقل عنه علی عدم جواز بیع الولد و هو ظاهر قوله علیه السلام فی الموثق فلا یبیع ذلک الولد و لا یورثه و لکن یعتقه و یجعل له شیئا من ماله یعیش به فإنه غذاه بنطفته مضافا إلی إجماع الغنیة و ظاهر النهایة و الوسیلة کظاهر الموثق و خبرین آخرین أنه یجب علیه أن یعتقه و لیلحظ کلامهم فی العزل و الجماع فإنه مختلف فبعضهم لم یفرق بین کون الوطی قبل الأربعة أشهر أو بعدها و بعضهم فرق و بعضهم کلامه مجمل و ظاهر موثقة ابن عمار التی سأل فیها عن رجل اشتری جاریة حاملا و قد استبان حملها فوطئها أن الوطی بعد الشراء و بعد المدة المذکورة لأن استبانة الحمل لا تکون إلا بعد المدة المذکورة کما هو الغالب و کما یعطیه التعلیل بالتغذیة بالنطفة و إن قلنا إن الاستبانة تکون قبل المدة قیدنا بها إطلاق خبری السکونی و غیاث فیخصص الحکم فیهما بما قبل المدة (فلیتأمل) جیدا و فی الروضة لو وطئ الحامل بعد مدة الاستبراء عزل فإن لم یفعل کره له بیع الولد و استحب له عزل قسط من ماله یعیش به للخبر معللا بتغذیته بنطفته و أنه شارک فی إتمامه و لیس فی الأخبار تقدیر القسط و فی جامع المقاصد أن استحباب العزل إنما هو حیث یجوز الوطی و قال و علی ما اختاره المصنف من اختصاص التحریم بالقبل حیث یحرم الوطی هل یستحب العزل لو وطئ دبرا یحتمله و لیس فی کلامه دلالة علیه
(قوله) (و یکره وطی من ولدت من الزنا بالملک و العقد فإن فعل فلا یطلب الولد)
یکره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 364
و رؤیة المملوک ثمنه فی المیزان (1) و التفرقة بین الطفل و أمه قبل الاستغناء ببلوغ سبع سنین أو مدة الرضاع علی خلاف و قیل یحرم (2)
______________________________
وطی من ولدت من الزنا کما فی الإرشاد و الکفایة بالملک و العقد کما فی الشرائع و التحریر و المیسیة و الدروس و فی الأخیر أنه بالعقد أشد کراهیة وفاقا للنهایة و فیها و فی التذکرة أنه إن فعل لا یطلب الولد و فی مجمع البرهان أنه قد نهی عنه فی الأخبار المعتبرة المحمولة علی الکراهیة لعموم أدلة جواز النکاح و الوطی و کأنه لعدم القائل بالتحریم (قلت) حسنة الحلبی صریحة فی نفی الجناح عن الوطی و أن التنزه عنه أحب إلیه علیه السلام و نحوها غیرها و قد صرح بالتحریم فی السرائر بناء علی أن ولد الزنا کافر و أن وطی الکافرة محرم (و رد فی الدروس و المسالک) بمنع المقدمتین
(قوله) (و رؤیة المملوک ثمنه فی المیزان)
کما فی السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و غیرها و احتمل فی الدروس تعدیته إلی رؤیة کل الأثمان و إن کانت عروضا (قلت) فیکون النص و الفتوی قد جریا علی المتعارف من وضع الثمن فی المیزان فلو رآه فی غیره کره أیضا فیکون المراد الکنایة عن عدم رؤیته مطلقا و یؤیده أن وزن الدراهم فی المیزان قلیل فقد ضعف ما فی المسالک من نظره فی القول بذلک هذا و قال فی الدروس إنه روی کراهیة التسمیة بمبارک و میمون و استحب فی التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و الروضة و غیرها أن یغیر اسمه و أن یطعمه شیئا من الحلاوة و أن یتصدق بأربعة دراهم لکنه فی التحریر اقتصر علی قوله یتصدق عنه بشی‌ء و فی الروضة تقیید الدراهم الأربعة بکونها شرعیة و قوی فی الدروس اطراد استحباب تغییر الاسم فی الملک الحادث مطلقا
(قوله) (و التفرقة بین الطفل و أمه قبل الاستغناء ببلوغ سبع سنین أو مدة الرضاع علی خلاف و قیل یحرم)
القول بالتحریم هو المشهور کما فی التذکرة و الریاض و فی الخلاف الإجماع علیه و هو خیرة المقنعة فی باب السراری و النهایة فی باب بیع الحیوان و المبسوط فی باب الجهاد و الوسیلة و التذکرة و الإیضاح و التنقیح و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و المفاتیح و الریاض و هو ظاهر سلار حیث قال لا یفرق و المنقول عن الکاتب و التقی و القاضی و قواه فی الکفایة و نقله فی شرح الإرشاد عن شیخه و هو الظاهر من الأخبار کما ذکره جماعة و أما القول بالکراهیة فهو الأظهر بین الأصحاب کما فی إیضاح النافع و هو خیرة النهایة فی باب العتق و السرائر فی باب الجهاد و البیع و الشرائع و کشف الرموز و النافع و الإرشاد و المختلف و التحریر و التلخیص و اللمعة و المقتصر و مجمع البرهان و فی المختلف أنها مغلظة و أکثر الفریقین عبروا بالطفل ما عدا المبسوط و الوسیلة و السرائر فی الجهاد و التحریر فإنه قد عبر فیها بالولد و الظاهر عدم الفرق لأنه یسمی طفلا إلی أن یحتلم کما سیأتی و فی الخلاف التعبیر بولدها الصغیر و خص الأکثر من الفریقین الحکم بالأم و فی التنقیح و الدروس أنه علیه الحلیون (قلت) و الشیخ فی الخلاف و غیره و عن أبی علی أنه طرد الحکم فیمن یقوم مقام الأم فی الشفقة و اختیر ذلک فی جامع المقاصد و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و المفاتیح (قلت) هو حسن علی القول بالکراهیة و فی التذکرة و هو ممن یقول بالتحریم أن الأقوی کراهیة التفریق بین الأخوین و بین الولد و الأب أو الجد و فی المبسوط أنه لا یفرق بینه و بین الجدة أم الأم لأنها بمنزلة الأم فی الحضانة قال و أما التفرقة بینه و بین الوالد فإنه جائز و فی السرائر أنه لا خلاف فیه (و منه) یعلم ما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 365
..........
______________________________
الریاض من قوله الأصح التعدیة لغیر الأم من الأرحام المشارکة لها فی الاستیناس کالأب و الأخ و الأخت و العمة و الخالة وفاقا للإسکافی و جماعة لتصریح الصحیح و الموثق بمن عدا الأخیرین فظهور الحکم فیهما بعدم القائل بالفرق انتهی (فتأمل فیه جیدا) و قال فی التحریر قال الشیخ یجوز التفرقة بین الولد و الوالد و بینه و بین الجدة أم الأم و بین الأخوین و الأختین و بین من خرج من عمود الأبوین من فوق و أسفل مثل الإخوة و أولادهم و الأعمام و أولادهم و سائر الأقارب و الموجود فی جهاد المبسوط ما ذکرناه و قال فی التحریر أیضا و لا خلاف فی جواز التفرقة بینه و بین الرحم غیر المحرم و بینه و بین الأم من الرضاعة أو الأخت منها و فی جواز التفرقة بینهما فی العتق (قلت) یرید بقوله بینهما الأم و ولدها و قد نص علیه أیضا فی التذکرة و علی جواز التفرقة فی الوصیة (قال فلعل) الموت یکون بعد انقضاء زمان التحریم فإن اتفق قبله فإشکال و قال لا بأس بالتفریق بالسفر و قال لو کانت الأم رقیقة و الولد حرا و بالعکس لم یمنع من بیع الرقیق و قال لو لم تحصل التفرقة الحسیة فالأقوی جواز البیع کمن یبیع الولد و یشترط استخدامه مدة المنع و قال فی الرد بالعیب إشکال أقربه المنع و قال و کما لا یجوز التفریق بالبیع کذا لا یجوز فی القسمة و الهبة و غیرها من العقود الناقلة للعین و بهذا الفرع الأخیر صرح فی التحریر و التنقیح و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و غیرها (و ینبغی تقیده) بما إذا کان النقل باختیار المالک أما لو ظهر استحقاق أحدهما بوجه شرعی فانتزعه المستحق فالظاهر أن لا منع و فی المقنعة و التذکرة و الإیضاح و المیسیة و الروضة و المفاتیح و غیرها أنه لو رضیت الأم و الولد بالتفرقة فلا تحریم و لا کراهیة (قلت) و فی الخبر ما یدل علی ذلک و فی التحریر لا تزول الکراهیة برضا الأم هذا و علی القول بالتحریم إذا باع کان البیع فاسدا عندنا کما فی التذکرة و قد نقل ذلک عن المبسوط و قواه فی الخلاف و هو خیرة التنقیح و جامع المقاصد و إیضاح النافع و ادعی أنه ظاهر الأخبار و الموجود فی جهاد المبسوط أنه إذا باع جاز علی الظاهر من المذهب و هو الذی نقله عنه فی السرائر و قواه لکنه قال فیها بالکراهیة فلم یکن مما نحن فیه و فی التذکرة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها أن هذا الخلاف إنما هو إذا کان بعد سقی الأم ولدها اللبأ (أما قبله) فلا یجوز لأنه سبب لهلاک الولد و تأمل فی ذلک صاحب مجمع البرهان و قال صاحب الحدائق إنه رأی کثیرا من الأطفال قد عاش بدون ذلک بأن یشرب من لبن غیر أمه بعد الولادة و ربما تعذر وجود اللبن من أمه لمرض و نحوه بعد الولادة مدة (بل قیل) إنه قد لا یوجد اللبأ فی کثیر من النساء و لعل الأمر کما قال (فتأمل) و فی التذکرة و المسالک و الروضة أنه یجوز التفرقة بین البهیمة و ولدها بعد استغنائه عن اللبن و قبله إن کان مما یقع علیه الذکاة أو کان له ما یمونه من غیر لبن أمه (و اعلم) أن الخلاف فی مدة الاستغناء أطلقه الشیخ و الجماعة فی کتاب الجهاد و هنا لم یفرقوا بین الذکر و الأنثی و تحدید الاستغناء بسبع سنین هو المشهور کما فی التذکرة و هو خیرة المبسوط و الوسیلة و الشرائع و النافع و الإرشاد و التحریر و اللمعة و لیس فی المقنعة و النهایة و المراسم إلا قولهم حتی یستغنوا من دون تحدید بسبع أو غیرها و فی جامع المقاصد و المیسیة و الروضة و المسالک و الریاض أن السبع للأنثی و السنتین للذکر قال فی جامع المقاصد الذی یقتضیه صحیح النظر الفرق بینهما لأن الفرق فی حضانة الحر قد وقع فجوز التفرقة بعد سنتین فی الذکر و بعد سبع فی الأنثی علی المشهور بین المتأخرین و ینجر ذلک فی الأمة لأن حقها لا یزید علی حق الحرة و لأن الناس مسلطون علی أموالهم خرج
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 366
و لو ظهر استحقاق الموطوءة غرم العشر مع البکارة و نصفه لا معها (1)
______________________________
منه ما دل الدلیل علی منع التفرقة بین مطلق الأمهات و الأولاد فیبقی الباقی علی الأصل و لأن الأخبار الدالة علی عدم جواز التفریق لأحد فیها فیحمل إطلاقها علی المدة المحرمة بمقتضی الحضانة لأن ذلک هو الحق المقرر للأم و کون الولد معها فی نظر الشارع و إطلاق الأصحاب یحتمل أمرین أما الحوالة علی ما هناک أو عدم الظفر بما یعین المراد و قد صرح بعض متأخری الأصحاب و هو الشیخ أحمد ابن فهد بأن المسألة هنا مبنیة علی الأحوال فی الحضانة فکان شاهدا بما قلناه و هذا هو الصواب الذی ینبغی المصیر إلیه (و مثل ذلک) ما فی المیسیة و الروضة و المسالک و قول الشیخ فی المبسوط فی الجدة لأنها بمنزلة الأم فی الحضانة مما یشعر بذلک و الشیخ أحمد ذکر ذلک فی المهذب البارع و فی إیضاح النافع أنه لیس بشی‌ء (و قد أوقفناک) علی کلام من لم یعبر بالطفل و ظاهر جملة من الأخبار عدم الاختصاص بالطفل کصحیحة هشام بن الحکم و قوله فیها إن الجاریة ذهبت تقوم فی بعض حوائجها و أظهر منه فی الذکر قوله فی صحیحة ابن سنان و إن کانت له أم فطابت نفسها و نفسه فاشتره فإن طیب النفس لا یتم فی الرضیع و قوله علیه السلام فی الموثقة إلا أن یریدوا ذلک فإن الإرادة لا تحصل من الرضیع و نحو ذلک بیع الجاریة لنفقة العسکر و لعل قیمة الطفل لا تفی بذلک و کذلک إطلاق الولد فی الخبرین المروی أحدهما فی المبسوط و الآخر فی التذکرة الشامل للصغیر و الکبیر فلیتأمل ذلک کله مؤید للسبع مطلقا و ما فوق السبع خرج بالإجماع و لا خلاف فی أنه لا تحرم التفرقة المذکورة بعد الاستغناء المذکور کما فی التنقیح و فی إیضاح النافع الإجماع علیه ثم قال فی التنقیح فی فرع ذکره ظاهر الأصحاب أن التفرقة بعد الاستغناء مباحة و قیل یکره و یقرب التفصیل و هو أنه مع التمییز و إصلاح القیام بالضروریات «1» لا کراهة و إلا فالکراهیة انتهی و هذا یشعر بالسبع فی الذکر هذا و تعلیل بعضهم کالمصنف فی التذکرة کون الغایة هو السبع لکونها سن التمییز فیستغنی عن التعهد و الحضانة (فیه) أن العلة المفهومة إنما هی الشفقة و المحبة و التوجع من الفراق و لیست الاحتیاج إلی التربیة فلیتأمل
(قوله قدس سره) (و لو ظهر استحقاق الموطوءة غرم العشر مع البکارة و نصفه لا معها)
هذا هو المشهور کما فی المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و الحدائق و علیه الفتوی و المخالف ابن إدریس کما فی إیضاح النافع و فی الخلاف الإجماع علیه و هو خیرة المبسوط صرح بذلک فی مسألة من باع عبدا بیعا فاسدا و النافع و کشف الرموز و الإرشاد و التحریر و التذکرة و شرح الإرشاد للفخر و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها و فی الشرائع أنه مروی و لم یتعرض لذکر العشر و نصف العشر فی المقنعة و النهایة کما ستسمع عبارتیهما نعم تعرض له فی النهایة فی باب الحدود و قد أوضحناه فی باب الغصب و کأن الشهید فی اللمعة و الدروس متردد و کأنه مال فی آخر کلامه إلی ما فی السرائر حیث قال فیها إنه یلزمه مهر أمثالها و نقل بعض من عاصرنا ذلک عن الشیخ و لم نجده فی النهایة و المبسوط و الخلاف و لعله أراد ما فی غصب المبسوط و ربما احتج لما فی السرائر من لزوم مهر أمثالها بأن الروایة بالعشر و نصف العشر إنما وردت فیمن اشتری جاریة و وطئها و کانت حاملا من سحق أو غیره و أراد ردها فلا یقاس علیه و ستسمع ما یدل علی
______________________________
(1) لعل الصحیح هکذا (و الصلاح للقیام بالضروریات) «مصححه»
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 367
و الولد حر (1) و علی الأب قیمة الولد للمولی یوم سقوطه حیا (2) و یرجع علی البائع بما دفعه ثمنا له و بما غرم عن الولد (3)
______________________________
المشهور مضافا إلی ما عرفت فی وطی الشریک و تمام الکلام فی باب العیب و إطلاق العبارات یقضی بأنه لا فرق فی ثبوت العقر أو المهر بالوطی بین علم الأمة بعدم صحة البیع و جهلها و بذلک صرح جماعة و فی الدروس لو کان عالما بالاستحقاق و التحریم فهو زان و ولده رق و علیه المهر إن أکرهها و فی هذا إشعار بالمیل إلی قول ابن إدریس فتأمل (و یدل) علی المشهور بعد إجماع الخلاف صحیح ابن صبیح فی رجل تزوج بامرأة فوجدها أمة قد دلست نفسها قال إن کان الذی زوجه إیاها من غیر موالیها فالنکاح فاسد إلی أن قال علیه السلام و إن کان الذی زوجها إیاه ولی لها ارتجع علی ولیها بما أخذ منه و لموالیها عشر قیمتها إن کانت بکرا و إن کانت غیر بکر فنصف عشر قیمتها بما استحل من فرجها (قلت) فإن جاءت منه بولد فأولادها منه أحرار (الحدیث) و قوله فی الشرائع من أولد جاریة ثم ظهر أنها مستحقة إلی آخره یدخل تحت مضمون هذا الخبر فیصح قوله إنه مروی بل یدل علیه أیضا خبر طلحة بن زید کما بیناه فی باب الغصب فلا بد من الرجوع إلی باب الغصب و لا یتوجه علیه ما فی کشف الرموز من أن ذلک غیر مروی بخصوصه فلیتأمل (و یدل علی المشهور) أیضا ما فی صحیح آخر أ رأیت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها قال لا ینبغی له ذلک قلت فإن فعل أ یکون زانیا قال لا و یکون خائنا و یغرم لصاحبها عشر قیمتها إن کانت بکرا و إن لم تکن بکرا فنصف عشر قیمتها و مغایرة المورد لا تضر مع اتحاد طریق المسألتین و فی الأول إشعار بالعموم و انسحاب الحکم لوجهین الفحوی کما ذکره بعضهم و تعقیبه بما هو کالتعلیل من استحلال الفرج المتحقق فی المقام و قد یستدل لما فی الدروس بأنه لا مهر لبغی (و فیه) أن ذلک حق للمولی فلا یؤخذ ببغیها و أن المهر المنفی مهر الحرة لمکان اللام الظاهرة فی الاستحقاق علی أن المهر للحرة لا للأمة و لذلک یطلق علی الأولی المهیرة لکن المحقق الثانی و جماعة رجحوا قول الدروس فی باب الغصب و تمام الکلام فی المسألة یأتی مستوفی فی باب العیب (الغصب خ ل) و تأتی فی باب الشروط الإشارة إلیه أیضا مع زیادات أخر فلا بد من ملاحظة الجمیع و لا بد من ملاحظة باب الغصب
(قوله) (و الولد حر)
إجماعا کما فی المبسوط و الخلاف و خالف المفید فی المقنعة فحکم برقیة الولد إلا أن یرضیه الأب عنه بشی‌ء و عبارة النهایة کعبارة المقنعة إلا فی کلمة واحدة قال فی المقنعة کان لمالکها انتزاعها من ید المبتاع و استرقاق ولدها إلا أن یرضیه الأب بشی‌ء عن ذلک و مثله ما فی النهایة إلا أنه قال و قبض ولدها إلخ و علی کل حال فهذا القول شاذ و الأصحاب علی خلافه
(قوله) (و علی الأب قیمته (قیمة الولد خ ل) للمولی یوم سقوطه حیا)
کما فی المبسوط و غیره ما عدا المقنعة و النهایة و غیرهما مما لم یتعرض فیه لذلک و یدل علی أن للمولی قیمة الولد علی الأب الموثق و المرسل المنجبرین بما عرفت و إنما یقوم یوم سقوطه حیا لأنه أول حالات انفصاله و أول حالات إمکان تقویمه لأن ذلک هو وقت الحیلولة بینه و بین سیده و لا یقوم حملا لعدم إمکان تقویم الحمل و فی التذکرة أنه لو انفصل میتا لم تجب قیمته لأنا لا نعلم حیاته قبل ذلک و لأنه لم یحل بینه و بینه و هو خیرة المصنف فی باب الشروط و استشکل فی باب الغصب و رجح فی الباب المذکور المحقق الثانی أنه یضمن للمالک دیة جنین أمه
(قوله) (و یرجع علی البائع بما دفعه ثمنا و بما غرم عن الولد)
کما فی النهایة و المقنعة و الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 368
و فی الرجوع بالعقر و أجر الخدمة نظر (1) ینشأ من إباحة البائع له بغیر عوض و من استیفاء عوضه و یستحب لمن اشتری مملوکا تغییر اسمه و إطعامه حلوة و الصدقة عنه بشی‌ء و یصح بیع الحامل بحر (2) و المرتد و إن کان عن فطرة علی إشکال (3) و المریض المأیوس من برئه (4) و لو باع أمة و استثنی وطأها مدة معلومة لم یصح (5)

[الفصل الثانی فی الثمار و فیه مطلبان]

اشارة

(الفصل الثانی) فی الثمار و فیه مطلبان

[المطلب الأول فی أنواعها]

(الأول) فی أنواعها یجوز بیع ثمرة النخل بشرط الظهور عاما واحدا و أزید و لا یجوز قبله مطلقا علی رأی (6)
______________________________
و شرحه لولد المصنف و الدروس و اللمعة و الروضة و جامع المقاصد و غیرها و فی التنقیح لا خلاف فی رجوعه بالثمن و قیمة الولد و فی التذکرة أنه یرجع بقیمة الولد قولا واحدا
(قوله) (و فی رجوعه بالعقر و أجر الخدمة نظر)
و فی التذکرة فی رجوعه بهما إشکال و نحوه ما فی الشرائع و الإرشاد فی موضع منه و شرحه و الکفایة و فی النافع و کشف الرموز و المقتصر و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق النافع و إیضاحه و المسالک و غیرها أنه یرجع بهما و هو خیرة الإرشاد فی موضع منه و فی حواشی الشهید أن المنقول الرجوع و فی السرائر أنه لا رجوع له و فی التحریر أن فیه قوة و فی غایة المراد أن حکم هذه المسألة حکم ما لو باع غیر المملوک و رجع المالک بالعین و المنافع کالسکنی و ثمن الثمرة و اللبن مما حصل له فی مقابلته نفع فإن العقر و أجرة الخدمة کالسکنی و اللبن (قلت) و قد تقدم الکلام فی المسألة مستوفی فی أثناء الفصل الثانی فی المتعاقدین و تقدم فی مسألة ما لو وطئ أحد الشریکین الجاریة لشبهة ما له نفع تام فی المقام و تحریر ذلک فی باب الغصب فلیرجع إلیه
(قوله) (و یصح بیع الحامل بحر)
کما فی التذکرة و جامع المقاصد لوجود المقتضی السالم عن المعارض و فی المبسوط أنه غیر جائز لأن الحمل یکون مستثنی و هذا یمنع صحة البیع و نقل فی المختلف عن القاضی متابعته و فی الدروس أن قول الشیخ و القاضی بعید
(قوله) (و المرتد و إن کان عن فطرة علی إشکال)
کذا فی التذکرة و نحوه ما فی الإیضاح حیث لم یرجح و فی التحریر و الدروس لا یصح و فی جامع المقاصد لا یخرج بالارتداد عن کونه مملوکا و مالا و إن وجب قتله (انتهی) و فی حکم المرتد المحارب المستحق للقتل و أما المرتدة فیجوز بیعها مطلقا لعدم وجوب قتلها و قد تقدم فی باب المکاسب ما لا بد من ملاحظته و أن المرتد عن فطرة نجس لا یقبل التطهیر و یأتی فی الرهن ما له نفع فی المقام
(قوله) (و المریض المأیوس من برئه)
لفائدة الإعتاق و أما الذی غیر مستقر الحیاة فالأقوی بطلان بیعه کما فی التذکرة
(قوله) (و لو باع أمة و استثنی وطأها مدة معلومة لم یصح)
کما فی الدروس و قال نعم لو شرط تزویجها و تحلیلها أمکن الصحة و قال الشیخ یبطل الشرط فحسب و فی الحواشی المنسوبة إلی الشهید إن کان الشرط له قسط من أحد العوضین فی عادة المعاملة تبطل ببطلانه و إلا فلا
(الفصل الثانی فی الثمار و فیه مطلبان) (قوله) (الأول یجوز بیع ثمرة النخل بشرط الظهور عاما واحدا و أزید و لا یجوز قبله مطلقا علی رأی)
قد اختلف الأصحاب فی بیع ثمرة النخل بعد ظهورها و قبل بدو صلاحها من غیر ضمیمة و لا زیادة عن عام و لا مع الأصل و لا بشرط القطع و لا بشرط التبقیة علی ثلاثة أقوال الأول المنع و هو مذهب الأکثر کما فی الروضة و قد حکی علیه الإجماع فی المبسوط و الخلاف فی ظاهره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 369
..........
______________________________
و الغنیة و هو خیرة المقنع و المقنعة فی بعض نسخها و النهایة و المهذب و الوسیلة و الشرائع و النافع و التلخیص و هو المنقول عن أبی علی و التقی و القاضی فی الکامل و یدل علیه الأخبار المتظافرة المعتبرة (منها الصحیح) لا تباع الثمرة حتی یبدو صلاحها و الموثق لا یحل بیعه حتی یطعم و الموثق الآخر و الصحیح الآخر أیضا لا تشتر النخل حولا واحدا حتی یطعم و الخبر لا یباعن حتی تبلغ ثمرته (و الخبر الآخر) الحسن و إن اشتریته سنة واحدة فلا تشتره حتی یبلغ و الآخر عن رجل اشتری بستانا فیه نخل لیس فیه غیره بسر أخضر قال لا حتی یزهو و الآخر لا تشتره حتی یتبین صلاحه (و ما روی) فی کتاب علی بن جعفر قال لا تشتر حتی یبلغ و المروی فی حدیث المناهی نهی عن بیع الثمار حتی تزهو مضافا إلی أخبار أخر تدل بمفهومها و فحواها و المتبادر من البلوغ و الإدراک و الإطعام بدو الصلاح کالزهو قال فی الصحاح الزهو البسر الملون قال إذا ظهرت الحمرة و الصفرة فی النخل فقد ظهر فیه الزهو و قال أطعمت البسرة أی صار لها طعم و أطعمت النخلة إذا أدرک ثمرها و قال أدرک الثمر أی بلغ (الثانی) الصحة کما فی المقنعة فی نسختین و المراسم و التهذیبین و السرائر و کشف الرموز و المختلف و التذکرة و التحریر و الکتاب و شرح الإرشاد للفخر و الدروس و الروضتین و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و فی أکثرها التصریح بالکراهة لکن فی المقنعة و المراسم أنه متی خاست الثمرة المبتاعة قبل بدو الصلاح فللبائع ما أغلت دون ما انعقد علیه البیع من الثمن (و هذا هو القول الثالث) الذی نقله فی السرائر عن سلار و هو أنه یصح بشرط السلامة و کذلک المحقق فی الشرائع جعله قولا و اختاره صاحب کشف الرموز و لا وجه للاقتصار علی سلار مع التصریح به فی المقنعة أیضا کما عرفت و مستندهم الأصل و العمومات و قوله علیه السلام فی الصحیح إنما یکره شراؤها سنة واحدة قبل أن یطلع مخافة الآفة حتی یستبین و المراد بالکراهیة المعنی المعروف الآن بقرینة قول الصادق علیه السلام فی حسنة الحلبی أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهاهم عن ذلک البیع حتی تبلغ الثمرة و لم یحرمه و لکن فعل ذلک من أجل خصومتهم و نحوه حسنة برید بن معاویة خرج رسول اللّٰه صلی الهّٰو علیه و آله و سلم فسمع ضوضاء فقال ما هذا فقیل تبایع الناس النخل فقعد «1» النخل العام فقال صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أما إذا فعلوا فلا یشتروا النخل العام حتی یطلع فیه و لم یحرمه و قضیته أنه إذا طلع فیه صح بیعه بل یصح و إن لم یطلع و أن الکراهیة فی الخبر الصحیح بمعناها المتعارف الآن حیث إنه لم یحرمه فتصرف الأخبار الناهیة إلیها مع احتمالها الحمل علی التقیة کما یستفاد من بعض المعتبرة کخبر ربعی حیث سأل عن بیع النخل سنتین فقال لا بأس قال جعلت فداک إن ذا عندنا عظیم قال أما إنک قلت ذاک لقد کان رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أحل ذلک فتظلموا فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لا تباع الثمرة حتی یبدوا صلاحها و مستند الکراهیة التصریح بها فی الصحیح و الشبهة الناشئة من الخلاف فی المسألة فتوی و روایة (و الجواب) أن الأصل مقطوع و العموم مخصوص بما مر من الأدلة و الصحیح مع معارضته بما سبق متروک الظاهر إن أرید من الطلوع فیه مجرد الظهور و إن أرید به البلوغ و إن بعد (قلنا) الکراهیة لم تثبت فیها حقیقة شرعیة فی المعنی المتعارف بین المتأخرین فلتصرف إلی الحرمة جمعا بینها و بین الأدلة الصریحة فی النهی الظاهر فی الحرمة و حسنة الحلبی التی جعلناها قرینة علی الکراهیة بالمعنی المشهور لم یعلم منها أن نهیه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم الذی لیس للتحریم تعلق ببیع الثمرة سنة واحدة فیحتمل
______________________________
(1) أی لم یقم ثمره و فی بعض النسخ (فقد منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 370
..........
______________________________
تعلقه ببیعها سنتین قبل بدو الصلاح کما تشهد بذلک حسنة ربعی التی استشهدنا بها لحمل أخبار المنع علی التقیة لأن کان الظاهر منها أن التظلم کان من بیع السنتین الذی یأبی عنه العامة کما نسب إلیهم ذلک فی السرائر و التذکرة و قد یلوح ذلک من الغنیة و سوق الروایة (و قد یلوح) أن القضیة فی الخبرین واحدة و حینئذ یسقط الاستدلال بخبر ربعی علی التقیة لأن ما منعت منه العامة بناء علی ما سمعت إنما هو المبیع سنتین قبل بدو الصلاح لا خصوص السنة الواحدة کما هو مورد روایات المسألة (و یبقی الإشکال) فی حسنة برید بن معاویة فإنه قد صرح فیها بعدم الحرمة فی السنة الواحدة و الأمر فیها هین لأن دلالتها غیر ظاهرة علی أنها ضعیفة فی التهذیب لأنه رواها عن تغلبة بن زیدون عن برید (فلیتأمل جیدا) فإن القول الثانی قوی جدا و کأن المفید و سلار قصدا فیما ذهبا إلیه الجمع بین الأخبار و هو علی ندرته لا شاهد علیه هذا و أما بیعها بعد بدو الصلاح فقد کاد یکون ضروریا (و أما مع الضمیمة) فقد صرح به فی المقنعة و النهایة و غیرهما و حکی علیه الإجماع فی التذکرة و المهذب البارع و التنقیح (و أما مع الزیادة) عن عام فقد نقل علیه الإجماع فی ظاهر المبسوط و الخلاف و السرائر و صریح التذکرة و المهذب البارع و التنقیح و نفی الخلاف عنه فی کشف الرموز و بیعها مع الأصل حکی علیه الإجماع فی التنقیح أیضا و أما بیعها بشرط القطع فقد نقل علیه الإجماع فی المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و کشف الرموز و التذکرة و شرح الإرشاد للفخر و المهذب و التنقیح و قضیة الإطلاق عدم الفرق بین ما إذا کان له منفعة أولا کما هو صریح التذکرة و أما إذا باع بشرط التبقیة فقد قال فی المبسوط و الغنیة إنه لا یجوز إجماعا و الإجماع ظاهر الخلاف و بالمنع صرح فی الوسیلة و کشف الرموز و جعل بعضهم الخلاف فیما إذا أطلق لا فیما إذا اشترط التبقیة و فی السرائر جعل الخلاف فی الأمرین معا و فی التذکرة إن اشترط التبقیة أو أطلق جاز (هذا تمام الکلام فی المسألة و قیودها) و المراد بالظهور البروز إلی الوجود و إن کانت فی طلع أو کمام کما صرح به جماعة و فی روایة سماعة ما بدل علی أن المراد بالظهور خروج الطلع أیضا و المدار علی المتعارف فیکون قبل الوجود و التحقق و هو معلوم عند العارفین (و المراد) بالعام الواحد ثمرة ذلک العام و إن وجدت فی شهر أو أقل و أما بیعها قبل الظهور عاما واحدا فعدم جوازه مما لا ریب فیه و قد تواتر أو کاد یکون متواترا نقل الإجماع علیه إذ قد نقل فی الغنیة و السرائر و التذکرة و التحریر و المختلف و الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و تخلیص التلخیص و الدروس و التنقیح و غایة المرام و تعلیق الإرشاد و الروضة و نفی عنه الخلاف فی غایة المراد و المسالک و بعد هذا کله جعل بعض متأخری المتأخرین هذا الحکم مشهورا (و زعموا) أن الشیخ فی کتابی الأخبار مخالف لأن کان جمع فیهما بین الأخبار بالکراهیة (و فیه) أنه یحتمل قریبا إرادته الکراهة بعد الظهور قبل بدو الصلاح کما نسب إلیه فیهما جماعة القول بالکراهیة فی المسألة السالفة و فهمهم فی محله کما یشعر به سوق کلامه و ضمه و لمه علی أن فتواه بمجرد ذلک الجمع غیر مقطوع بها فلعلها لمجرد الجمع بین الأخبار مع احتماله الحرمة و الاستحباب معا فی ذیل الباب بل قد یظهر منه تردده فی الکراهة سلمنا و لکنها شاذة لا یعول علیها و لا یستأنس بها و لا یستند إلیها مع معارضتها بهذه الإجماعات بل هذه الأخبار المعتضدة بها (و أما بیعها) قبل الظهور بأزید من عام ففی السرائر دعوی الإجماع تارة و نفی الخلاف أخری بیننا و بین المخالفین علی عدم الجواز و فی الدروس نفی الخلاف عن غیر الصدوق (و فی المختلف) و تخلیص التلخیص و غایة المراد و الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الکفایة أنه المشهور
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 371
..........
______________________________
و فی تعلیق الإرشاد أیضا و فی الریاض أنه أشهر و فی المفاتیح نسبته إلی الأکثر (قلت) لیس فی المقنعة و النهایة و المبسوط و المراسم و الوسیلة و الغنیة و کشف الرموز ذکر و لا تصریح بجواز وضع و لم ینقل أحد ذلک عن الحسن و أبی علی و القاضی و التقی و المصرح بالمنع فیما أجد المصنف فی الکتاب و المختلف و التحریر و التلخیص و ولده فی الإیضاح و الشهید فی اللمعة و حواشی الکتاب و المحقق الثانی فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المحقق فی الشرائع کأنه متردد و کذا صاحب التنقیح و فی الروضة و المسالک أن قول الصدوق قوی إن لم ینعقد الإجماع علی خلافه و فی التذکرة وافق الصدوق فجوز البیع أولا ثم احتمل قویا المنع و کلام الصدوق فی المقنعة ظاهر فی البیع بعد الظهور و قبل الزهو فلیس مما نحن فیه و إن نسبوه إلیه فیه نعم کلامه فی الفقیه ظاهر فیه و المولی الأردبیلی و الخراسانی وافقا الصدوق و قال «1» إن الشیخ موافق له فی کتابی الأخبار و هذا کلام الأصحاب و قال الشهید فی غایة المراد فی مقام الرد علی ابن إدریس ما نصه (و دعوی الإجماع) مشکل لأن الأصحاب لم یذکروه صریحا و لا تعرض للمنع إلا جماعة منهم لکنه فی الدروس نفی الخلاف عن غیر الصدوق (فلیتأمل) جیدا و أما بیعها قبل الظهور مع الضمیمة عاما واحدا ففی المسالک أن المشهور المنع مع الضمیمة أیضا حیث لا تکون الضمیمة هی المقصودة بالبیع و أفتی فی السرائر بالجواز أولا ثم رجع عنه و أفتی بالمنع و هو خیرة التحریر و الدروس و جوزه فی التذکرة علی سبیل التبعیة لا الأصالة و فی الکفایة أن الأقرب الجواز و استشکل فی غایة المراد (حجة الصدوق) و من وافقه بعد الأصل و العمومات قول الصادق علیه السلام فی صحیح یعقوب بن شعیب کان أبی یکره شراء النخل قبل أن یطلع ثمره السنة و لکن السنتین و الثلاث کأن یقول إن لم یحمل فی هذه السنة حمل فی السنة الأخری قال یعقوب و سألته عن الرجل یبتاع النخل و الفاکهة قبل أن یطلع فیشتری سنتین أو ثلاثا أو أربعا فقال لا بأس إنما یکره شراء سنة واحدة قبل أن یطلع مخافة الآفة و استدلوا أیضا بحسنة الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سئل عن شراء الکرم و النخل و الثمار ثلاث سنین أو أربع سنین فقال لا بأس به یقول إن لم یخرج فی هذه السنة أخرج فی القابل و إن اشتریته سنة واحدة فلا تشتره حتی یبلغ کذا فی الفقیه و زاد فی الکافی و إن اشتریته ثلاث سنین فلا بأس و لصحیحة سلیمان بن خالد (قال) قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام لا تشتر النخل حولا واحدا حتی یطعم و إن کان یطعم إن شئت أن تبتاعه سنتین فافعل و استظهر بعضهم سقوط لفظة لم من قوله یطعم الثانی و نحوه موثقة أبی بصیر و وجه الاستدلال فی هذین الخبرین الأخیرین تخصیص المنع بالحول الواحد قبل أن یطعم المشعر بالجواز فیما زاد مع التصریح به أخیرا و وجه الدلالة فی الحسنة إطلاق جواز البیع ثلاث سنین قبل البلوغ و هو أعمّ من ظهور الثمرة قبل بدو الصلاح و عدم ظهورها إن کان المراد بالبلوغ بدو الصلاح و إن أرید به مجرد ظهور الثمرة کان کالأول نصا فی الجواز قبله (و أنت خبیر) بأن هذه الأخبار لا تقوی علی معارضة الإجماع المنقول فی صریح السرائر و ظاهر الدروس المعتضد بالشهرة المستفیض نقلها مضافا إلی أدلة الغرر و الجهالة و فحاوی الأخبار الناهیة عن بیع الثمرة قبل بدو الصلاح و غیرها و إطلاق موثقة سماعة قال سألته عن بیع الثمرة هل یصلح شراؤها قبل أن یخرج طلعها قال لا إلا أن تشتری معها شیئا آخر رطبة أو بقلا فیقول
______________________________
(1) الظاهر و قالا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 372
و لا یشترط فیما بدا صلاحه و هو الحمرة أو الصفرة (1) الضمیمة و لا زیادة علی العام و لا شرط القطع و هل یشترط أحدهما فیما لم یبد صلاحه قولان أقربهما إلحاقه بالأول
______________________________
أشتری منک هذه الرطبة و هذا النخل و هذا الشجر بکذا و کذا فإن لم یخرج کان رأس مال المشتری فی الرطبة و البقل فإن إطلاقه أو عمومه الناشی من ترک الاستفصال مع ما یشد عضده حجة «1» مضافا إلی مفهوم جملة من الأخبار المعتبرة المتجبرة بالشهرة و مفهوم خبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سئل عن النخل و الثمر یبتاعهما الرجل عاما واحدا قبل أن یثمر قال لا حتی یثمر و تأمن ثمرتها من الآفة فإذا أثمرت فابتعها أربعة أعوام إن شئت ذلک مع العام أو أکثر من ذلک أو أقل علی أنا نقول یحتمل أن یراد بالطلوع فی صحیح یعقوب بدو الصلاح (و یکون) المراد بقوله علیه السلام إن لم یحمل إن خاست و هذا و إن بعد لا بأس به جمعا مع أن ارتکاب التأویل فی تلک أبعد بل قد لا یمکن و قد یشهد لحمل الطلوع علی البلوغ الذی هو بدو الصلاح التعبیر بالبلوغ فی الحسنة دون الطلوع و الظهور إذ لو کان المدار علی الطلوع و الظهور لکان التعبیر بذلک أولی من التعبیر بالبلوغ کما هو ظاهر و قد نفی فیه البأس فی الکافی عن الشراء ثلاث سنین إذا وقع قبل البلوغ فعلم أن المعیار لیس هو الظهور و قد علل الجواز فی صدره بأنه إن لم یخرج فی هذه السنة أخرج من قابل فیکون المراد أنه إن خاس و لم یغل (یغتل خ ل) فی هذه السنة أغل (اغتل خ ل) و أخرج من قابل (و بذلک) یکون الخبر من أدلة المشهور و کذلک الخبران الآخران أعنی صحیحة سلیمان و موثقة أبی بصیر فإنه قد أنیط فیهما الجواز مع تعدد السنین بالإطعام الظاهر فی بدو الصلاح کما قدمناه عن الصحاح و المنع مع عدم التعدد بما قبله و بذلک یحصل الجمع و یتضح الحال و یزول الإشکال علی أن صحیحة یعقوب تشعر بالتقیة لمکان قوله کان أبی فلیلحظ و لیمعن النظر فی المقام فإنه من مزال الأقدام (و أما البیع) مع الضمیمة فقد دل علیه موثقة سماعة و قد أسمعناکها و هی منزلة علی ما إذا کانت الضمیمة مقصودة بالأصالة و الثمرة تابعة غیر مقصودة کما هو خیرة التذکرة جمعا بین الأدلة مع ما فی قوله علیه السلام إن لم تخرج الثمرة کان رأس ماله فی الرطبة من الدلالة علی ذلک و بذلک یقید إطلاق الأخبار و فتاوی الأصحاب لأنهم مجمعون علی جواز ضم المجهول إلی المعلوم إذا کان المعلوم هو المقصود کأس الحائط و نحوه کما تقدم بیانه فی ضابط ذکره المصنف فی أوائل البیع و لا یشترط فی التابع عدم ذکره و عدم تسمیته فی المبیع کما بظهر من خبر سماعة و کلام جماعة و قد استوفینا الکلام فیه أیضا فی باب الشروط
(قوله) (و لا یشترط فیما بدا صلاحه و هو الحمرة أو الصفرة إلخ)
فی بدو صلاح ثمرة النخل المجوز لبیعها علی القول بالمنع من بیعها قبله قولان (أحدهما) ما ذکره المصنف من الاحمرار و الاصفرار و هو الأشهر کما فی النافع و إیضاحه و المشهور و علیه دل أکثر الأخبار کما فی جامع المقاصد و هو المنقول عن أبی علی و القاضی و الصهرشتی و خیرة النهایة و المبسوط و السرائر و النافع و التحریر و التذکرة و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و غیرها و فی السرائر لا یعتبر التلون و التموه و الحلاوة عند أصحابنا إلا فی ثمرة النخل خاصة و فی المبسوط قد روی أصحابنا أن التلون یعتبر فی ثمرة النخل خاصة و فی الخلاف
______________________________
(1) خبر إن (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 373
..........
______________________________
لا اعتبار بطلوع الثریا فی بدو الصلاح فی الثمار بل المراعی منه صلاحها بأنفسها بالبلوغ و التلون انتهی (فلیتأمل) و استند فی المسالک فی اختیار ذلک و فی غایة المراد و التنقیح أن هذا تفسیر أهل اللغة و فی التذکرة أنه مذهب أکثر الجمهور و فی غایة المراد أنه ورد فی روایتی جابر و أنس (قلت) و علیه دلت أکثر أخبارنا و إن اختلفت فی الصراحة و الظهور فمن الأول الخبران المعتبران المنجبران المعبران عنه بالزهو المفسر فی أحدهما بالاحمرار و الاصفرار و فی الآخر بالتلون و قد سمعت ما فی الصحاح و مثله ما فی النهایة و فی صحیح ربعی أو حسنته التصریح ببدو الصلاح و فی خبر المناهی و خبر قرب الإسناد التعبیر بالزهو من دون تفسیر له و من الثانی الأخبار المستفیضة المعتبرة المعبر عنه فی بعضها بالإطعام و فیها الصحیح و الموثق و فی بعض بالبلوغ و فی آخر بالإدراک و فیها أیضا الصحیح (الثانی) أنه بلوغ غایة یؤمن علیها الفساد و هذا القول لم أقف علی قائل به خاصة نعم فی الشرائع و النافع أنه الاحمرار أو الاصفرار أو بلوغ غایة یؤمن علیها الفساد و کلامه فیهما محتمل لأمرین (أحدهما) أن یکون أراد به الجمع بین ما مر و بین خبر أبی بصیر الذی قال فیه لا حتی تثمر و تأمن ثمرتها من الآفة و نحوه خبران عامیان و هما ما رواه أبو سعید الخدری عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال لا تبتاعوا الثمرة حتی یبدو صلاحها قیل و ما بدو الصلاح قال تذهب عاهتها و یخلص رطبها و ما رواه عبد اللّٰه بن عمر أن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهی عن بیع الثمار حتی تذهب العاهة و قد یراد بزمان أمن الثمرة من الآفة زمن احمرارها و اصفرارها کما صرح به بعضهم فلا اختلاف مضافا إلی الضعف عن المقاومة (الثانی) أن یکون أراد التنبیه علی القولین (و أما ثمر الشجر و السنبل) فالمشهور أن بدو الصلاح فیه انعقاد الحب و تناثر الورد کما فی غایة المراد و التنقیح و إیضاح النافع و هو خیرة النهایة و الکامل علی ما نقل و السرائر و التحریر و الدروس و إیضاح النافع و هو المنقول عن أبی علی و یظهر من کلامه أن بدو الصلاح فی السنبل ابیضاضه (و فی الشرائع و النافع و التذکرة و اللمعة و الروضة و جامع المقاصد و المسالک) الاقتصار علی انعقاد الحب کالکتاب و کذا الإرشاد من دون ذکر تناثر الورد بل فی الشرائع و الکتاب أنه لا یشترط الزیادة و ظاهرهما رد کلام الشیخ و أتباعه و فی الکفایة أن هذا القول أشهر و قد یظهر من التنقیح أن لا فرق بین القولین (فلیتأمل) و فی المبسوط أن بدو الصلاح یختلف بحسب اختلاف الثمار فإن کانت الثمرة مما تحمر أو تسود أو تصفر فبدو الصلاح فیها الحمرة أو السواد أو الصفرة و إن کان مما یبیض فهو أن یتموه فیه الماء الحلو و یصفو لونه و إن کان مما لا یلون مثل التفاح فبان یحلو و یطیب أکله و إن کان مثل البطیخ فبان یقع فیه النضج لأن له نضجا کنضج الرطب و قد روی أصحابنا أن التلون یعتبر فی ثمرة النخل خاصة فأما ما یتورد فبدو صلاحه أن ینثر الورد و ینعقد و فی الکرم أن ینعقد الحصرم و إن کان مثل القثاء و الخیار الذی لا یتغیر طعمه و لا لونه فإن ذلک یؤکل صغارا فبدو صلاحه فیه أن یتناهی عظم بعضه «انتهی» و نقل نحو ذلک عن المهذب و نقل ذلک کله فی التذکرة عن الشافعی و قد سمعت ما فی الخلاف و السرائر آنفا و فی المبسوط من أنه انعقاد الحصرم فی الکرم و قد نص علیه فی النهایة و السرائر و التحریر و الدروس و غیرها و فی السرائر و التحریر أیضا أنه إن کان غیر ذلک فحین یخلق و یشاهد و لا یشترط تناهی عظمه و ظاهر الأصحاب الإطباق علی عدم اعتبار طلوع الثریا و علیه نص جماعة کثیرون هذا و علی ما فی الکتاب و ما وافقه لا یختلف الظهور و بدو الصلاح و إنما یختلفان فی النخل خاصة نعم یظهر الاختلاف فی غیر النخل علی القولین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 374
و لو بیعت علی مالک الأصل أو باع الأصل و استثنی الثمرة فلا یشترط إجماعا (1) و أما ثمرة الشجرة فیجوز بیعها مع الظهور و مدة انعقاد الحب و لا یشترط الزیادة علی رأی و لا یجوز قبل الظهور عاما و لا اثنین علی رأی و لا فرق بین البارز کالمشمش و الخفی کاللوز (2) و أما الخضر فیجوز بیعها بعد ظهورها و انعقادها لا قبله لقطة و لقطات (3)
______________________________
الآخرین و منشأ اختلاف أقوالهم فی التفسیر اختلاف أخبارهم فی التعییر ففی خبر محمد بن شریح التعبیر عنه بالانعقاد بعد سقوط الورد و هو حجة القول الأول و الشهرة تجبر ضعفه و فی موثقة عمار الاقتصار علی الانعقاد و صیرورته عقودا و عروقا علی اختلاف النسخ و کلاهما اسم للحصرم و کأنه استدل به فی التذکرة و غایة المراد للقول الثانی و فیه تأمل و فی جملة من الأخبار التعبیر بالإدراک و الإطعام و البلوغ و هی مما یستدل بها لما فی المبسوط و فیه أنه قد یمکن إرجاع المراد من هذه الألفاظ إلی القول الأول کما تقدم (فتأمل) فلعل الأول أولی و بقیة الفروع التی ذکرها تقدم بیان الحال فیها
(قوله) (و لو بیعت علی مالک الأصل أو باع الأصل و استثنی الثمرة فلا یشترط إجماعا)
أی لا یشترط شرط من هذه الشروط و الحکم الثانی ظاهر غیر أنه لا بیع هنا و لا نقل للثمرة و أما الأول فلم یتضح دلیله و کأنه إنما اغتفر لمکان تبعیته للأصل فکان کالجمع بینهما فی عقد و ضعفه فی الدروس بعدم العقد هنا علی الجمیع و نحوه ما فی المسالک و فی الخلاف منع من ذلک و استدل علیه بعموم الأخبار قال و تخصیصها یحتاج إلی دلیل و نحوه ما فی المبسوط و مثاله ما إذا أوصی بالثمرة لإنسان ثم باع الموصی له الثمرة للوارث أو باع الشجرة من إنسان بعد ظهور الثمرة و یبقی الثمرة له ثم یبیع من مشتری الشجرة و لعله لا وجه فی ذلک إلی اشتراط القطع لأنه یجمعهما ملک مالک واحد فأشبه ما لو اشتراهما معا و قد یقال إنه لا بد منه فی صحة البیع لشمول الخبر و لأن المبیع هو الثمرة فلو تلفت لم یبق فی مقابلة الثمن شی‌ء لکن یجوز له الإبقاء و لا یلزمه الوفاء بالشرط إذ لا معنی لتکلیفه قطع ثماره من أشجاره
(قوله) (و أما ثمرة الشجرة فیجوز بیعها مع الظهور وحده انعقاد الحب و لا یشترط الزیادة علی رأی و لا یجوز قبل الظهور عاما و لا اثنین علی رأی و لا فرق بین البارز کالمشمش و الخفی کاللوز)
قد تقدم الکلام فی بیان بدو الصلاح فی ثمر الشجر و قول المصنف و لا یشترط الزیادة یحتمل وجوها (أحدها) ما أشرنا إلیه آنفا من أن المراد أنه لا یشترط الزیادة علی انعقاد الحب من تناثر الورد و غیره من التموه و التلون (الثانی) أنه لا یشترط الضمیمة أو القطع أو البیع أزید من عام (الثالث) أن یکون المراد لا یشترط الزیادة علی ذلک مطلقا بحیث یشمل الأمرین معا (الرابع) أن یکون مختصا بالزیادة علی عام (فلیتأمل) و الخلاف فی بیع ثمر الشجر غیر النخل قبل الظهور أزید من عام کما تقدم فی النخل کما فی التذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد بل فرض جماعة منهم الشهید فی الدروس النزاع فی مطلق الثمار کما لم یفرق بینها فی جملة من الأخبار و إن اختص بعضها بالنخل و فی التحریر النخل و الشجر فی الحکم سواء و أما عدم جواز بیعها قبل الظهور فقد ادعی علیه الإجماع فی التذکرة و لا فرق فی الجواز و المنع بین البارز و الخفی فما ذکر فیه الجواز یجوز مطلقا و ما ذکر فیه المنع یمنع مطلقا
(قوله) (و أما الخضر فیجوز بیعها بعد ظهورها و انعقادها لا قبله لقطة و لقطات)
لا یجوز بیع الخضروات بفتح الخاء قبل ظهورها إجماعا علی الظاهر و قد نفی عنه الخلاف فی الحدائق و مثله ما إذا کانت وردا لم تنعقد و أما بعد ظهورها و انعقادها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 375
و الزرع یجوز بیعه سواء انعقد فیه السنبل أو لا قائما و حصیدا منفردا و مع أصوله (1) بارزا کان کالشعیر و مستترا کالحنطة و العدس و الهرطمان و الباقلاء
______________________________
فقد صرح بجواز بیعها حینئذ فی الشرائع و ما تأخر عنها مع تصریح جماعة بعدم اعتبار تناهی عظمها و غرضهم بذلک التنبیه علی مخالفة المبسوط و علی ذلک تنزل عبارتا النهایة و السرائر حیث قالا فیهما لا یجوز بیعها قبل أن یبدو صلاحها لأن کان خیرتهما فی الکتابین فی بدو الصلاح أنه الانعقاد و تناثر الورد و أما قوله فی المبسوط أیضا لا یجوز بیعها قبل بدو صلاحها فینزل علی مختاره بل له فی المبسوط کلام آخر صریح فی ذلک و هو قوله إذا باع حمل البطیخ و القثاء و الخیار بعد ظهوره قبل بدو صلاحه بشرط القطع جاز و إن شرط التبقیة أو مطلقا لم یجز و نقل عن القاضی موافقته علی ذلک و قضیة ما فی الوسیلة أنه لا یجوز بیعها قبل بدو صلاحها أیضا لکن لم یعلم مختاره فی بدو الصلاح و لعله موافق للمشهور و یبقی الکلام فی عبارتی المقنعة و المراسم فإن فیهما أنه یکره بیع الخضروات قبل أن یبدو صلاحها و لعلهما موافقان للشیخ فی المبسوط فی الموضوع لا فی الحکم فلیتأمل فی ذلک و أما من اکتفی فی بیع الثمرة بالظهور و لم یعتبر بدو الصلاح کالمصنف فی المختلف و غیره فإنه یکتفی هنا بمجرد الظهور سواء تحقق به بدو الصلاح أم لا هذا و صرح الشهیدان و غیرهما أنه لا بد فی اللقطات من أن تکون معلومة العدد و قال الشهید الثانی إن مقتضی اشتراط الانعقاد کون جمیع اللقطات موجودة حال البیع و الأقوی أنه یکتفی بوجود الأولی و تکون الثانیة بمنزلة المنضم کما یجوز شراء الثمرة الظاهرة و ما یتجدد فی تلک السنة و غیرها مع ضبط السنین لأن الظاهر منها بمنزلة الضمیمة إلی المعدوم سواء کانت المتجددة من جنس الخارجة أم غیره و یرد علی ما قاله الشهید الثانی أن عطفهم اللقطات علی اللقطة یقضی بعدم اشتراط الانعقاد إلا فی اللقطة کما فی بیع الثمر بعد بدو الصلاح سنین متعددة بل تصویر ما ذکره مشکل إلا بتکلف (فلیتأمل جیدا) و قال الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم یرجع فی اللقطة إلی العرف فما دل علی صلاحیته للقطع یقطع و ما دل علی عدمه لصغره أو شک فیه لا یدخل لأصالة بقائه علی ملک مالکه و عدم دخوله فیما أخرج باللقطة و إذا امتزجت الثانیة بالأولی فقد قال الشیخ و القاضی علی ما نقل عنه إنه یقال للبائع إما أن تسلم الجمیع فیجبر المشتری علی القبول أو یفسخ الحاکم البیع و خالفه المصنف ففصل فی المسألة تفصیلا ذکره فی التذکرة و المختلف و هو أنه إن کان الاختلاط قبل القبض کان للمشتری الفسخ و لا یبطل البیع و إن کان بعده لم ینفسح و کان شریکا فإن لم یعلم القدر و لا العین اصطلحا کما لو وقع طعام شخص علی طعام غیره و نحوه ما فی الدروس و فصل فی اللمعة و الروضة تفصیلا آخر فلیطلب هناک
(قوله) (و الزرع یجوز بیعه سواء انعقد السنبل فیه أو لا قائما و حصیدا منفردا و مع أصوله)
یجوز بیع الزرع سنبلا قائما و حصیدا سواء کان بارزا کالشعیر أو مستترا کالحنطة و بیع سنبله منفردا و بیعه قبل أن یسنبل بشرط القطع أو التبقیة و لا خلاف فی شی‌ء من ذلک إلا من الصدوق فی المقنع فی باب المزارعة فإنه منع من بیع الزرع قبل السنبل إلا مع الفصل یعلفه للدواب و احتج له بعدم أمن الآفة و بخبر أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الحنطة و الشعیر أ یشتری زرعه قبل أن یسنبل و هو حشیش قال لا إلا أن تشتریه لقصله تعلفه الدواب ثم تترکه حتی یسنبل (و أجیب عن الأول) بمنع کونه مؤثرا فی الجواز (و عن الثانی) بأنه لضعفه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 376
..........
______________________________
لا یقوی علی مقاومة أدلة المسألة الکثیرة العدد المعتبرة السند المعتضدة بفتوی الأصحاب فلیحمل علی الاستحباب و أما موثقة بن عمار قال سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول لا تشتر الزرع ما لم یسنبل فإن کنت تشتری أصله فلا بأس فالمراد بالزرع فیه هو الحاصل و قد عرفت أنه لا یجوز بیعه قبل انعقاد الحب فلم یکن فیه دلالة ظاهرة فی قول الصدوق (فتأمل) (و من الأخبار الدالة علی المشهور) حسنة بکیر قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أ یحل شراء الزرع الأخضر قال نعم لا بأس به و مثله خبر زرارة و قال فیه لا بأس بأن تشتری الزرع و القصیل أخضر ثم تترکه إن شئت حتی یسنبل ثم تحصده و إن شئت تعلف دابتک قصیلا فلا بأس به قبل أن یسنبل فأما إذا سنبل فلا تعلفه رأسا فإنه فساد و المراد بالرأس الحیوان (و منها) خبر السکونی لا بأس بأن تشتری زرعا أخضر ثم تترکه حتی یحصده إن شئت أو تعلفه قبل أن یسنبل و هو حشیش (و منها) موثقة سماعة کما ستسمعها و موثقة سلیمان بن خالد إلی غیر ذلک من الأخبار (و مما یدل) علی جواز بیعه حصیدا خبر الهاشمی قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن حصائد الحنطة و الشعیر و سائر الحصائد قال حلال فلیبعه بما شاء ثم إنه غیر مکیل و لا موزون فیکفی فی معرفته المشاهدة فیتناوله عموم الکتاب و السنة و قد یقال إن قوله فلیبعه بما شاء ربما أشعر بجواز بیعه بحنطة منه و هی المزابنة و یجاب بأنه مخصوص بما دل علی المنع و أما عبارات الأصحاب ففی المقنعة و النهایة و المراسم و الوسیلة و السرائر و الشرائع أنه یجوز بیع الزرع قصیلا و علی المبتاع قطعه و فیما عدا المراسم زیادة فإن لم یقطعه کان البائع بالخیار إن شاء قطعه و إن شاء ترکه و کان علی المبتاع خراجه و زاد فی الوسیلة و أجرته کالشرائع غیر أنه لم یذکر فیها الخراج و فی المبسوط یجوز بیع الزرع قائما و حصیدا و مدوسا مذرا و فی النافع و الإرشاد یجوز بیع الزرع قائما و حصیدا و فی الروضتین یجوز بیع الزرع قائما علی أصوله سواء حصد أم لا قصد قصله أم لا و حصیدا و قصیلا أی مقطوعا بالقوة بأن شرط قطعه قبل أن یحصد و عبارة التحریر و الدروس و کلام التذکرة کعبارة الکتاب و لعل ما ذکرناه فی شرحها أوضح منها (فتأمل) هذا و لو باعه قبل أن یسنبل من دون أن یشترط القطع أو التبقیة و لم تقض العادة بالقصل فالوجه وجوب التبقیة کما فی السرائر و التحریر و التذکرة و هو ظاهر إطلاق الفتاوی و النصوص ما عدا موثقة سماعة قال سألته عن شراء القصیل یشتریه الرجل فلا یقصله و یبدو له فی ترکه حتی یخرج سنبله شعیرا أو حنطة و قد اشتراه من أصله علی أن ما یلقاه من خراج فهو علی العلج فقال إن کان اشترط علیه حین اشتراه إن شاء قطعه قصیلا و إن شاء ترکه کما هو حتی یکون سنبلا و إلا فلا ینبغی أن یترکه حتی یکون سنبلا فقد دلت علی أنه لا ینبغی الترک حتی یسنبل مع عدم شرط الإبقاء و هی لیست ظاهرة فی التحریم بل ظاهرة فی الکراهیة و لا بأس بحملها علیها لذلک جمعا و ما عساه یقال من أن صدرها یشعر بما إذا کان البیع للقصیل ففیه أن شراء القصیل أعمّ من شرائه للقصل و التفصیل فی الجواب ینافی ذلک بحسب الظاهر لأن اشتراط الإبقاء ینافی الشراء قصیلا إذ معناه الشراء بشرط القطع فبطل ما فی الحدائق من التأویل الغیر الموافق من حمل لا ینبغی علی التحریم و مثل ذلک بل أولی منه ما لو اشتری الزرع قبل أوان قصله فإنه یجب علی البائع الصبر إلی أوانه مع الإطلاق و أما إذا شرط قطعه قبل أن یحصد لعلف الدواب فإنه یجب علی المشتری قصله بحسب الشرط فلو امتنع فللبائع قصله مع إذن الحاکم أو بدونه علی اختلاف الرأیین و لا یضمن ما یتلف بالقطع إذا لم یتعد و له المطالبة بأجرة أرضه عن المدة التی بقی فیها بعد إمکان قصله مع الإطلاق و بعد المدة التی شرط قصله فیها مع التعیین و له إبقاؤه و المطالبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 377
و لو کان مما یستخلف بالقطع کالکراث و الرطبة و شبههما جاز بیعه جزة و جزات و کذا ما یخرط کالحناء و التوت خرطة و خرطات منفردة و مع الأصول بشرط الظهور فی ذلک کله (1) و لو باع الزرع بشرط القصیل وجب قطعه علی المشتری فإن لم یفعل فللبائع قطعه و ترکه بالأجرة و کذا لو باع الثمرة بشرط القطع

[المطلب الثانی فی الأحکام]

اشارة

(المطلب الثانی فی الأحکام) لیس للبائع تکلیف مشتری الثمرة القطع قبل بدو صلاحها إلا أن یشترطه بل یجب علیه تبقیتها إلی أوان أخذها عرفا بالنسبة إلی جنس الثمرة (2)
______________________________
بأجرة الأرض عن زمن العدوان و أرش الأرض إن نقصت بسببه إذا کان التأخیر بغیر رضاه کما هو مقتضی القواعد الشرعیة (قوله) (و لو کان مما یستخلف بالقطع کالکراث و الرطبة و شبههما جاز بیعه جزة و جزات و کذا ما یخرط کالحناء و التوت خرطة و خرطات منفردة و مع الأصول بشرط الظهور فی ذلک کله)
لا أجد فی شی‌ء من هذه الأحکام خلافا إلا من ابن حمزة و ستسمع کلامه و ظاهرهم الاتفاق علی ذلک و قد طفحت عباراتهم بذلک ففی المقنعة و المراسم أنه یجوز بیع الرطبة الجزة و الجزتین و القطعة و القطعتین و فی النهایة و الوسیلة و السرائر و غیرها التصریح بجواز البیع فی الجمیع و دلیلهم بعد الأصل (الأصول خ ل) و العمومات السالمة عن المعارض حسنة برید بن معاویة قال سألت أبا جعفر عن الرطبة تباع قطعة أو قطعتین أو ثلاث قطعات قال لا بأس به و الرطبة بفتح الراء الإسفست (الإسبست خ ل) «1» ما دام رطبا فإذا یبس فهو القت و فی لسان أهل الشام الفصفصة و موثقة سماعة قال سألته عن ورق الشجر هل یصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات فقال إذا رأیت الورق فی شجرة فاشتر منه ما شئت من خرطة و هو ظاهر فی أنه إنما یشتری بعد ظهوره و به یقید إطلاق خبر معاویة بن میسرة الوارد فی بیع الرطبة و الحناء و فی الوسیلة أنه یجوز بیع الرطبة و أمثالها الجزة الأولی أو الثانیة أو الثالثة أو جمیعا و کذلک ورق التوت و الحناء و الآس و قد رده جماعة بأدلة الغرر و الجهالة و بالموثقة و أصل الخرط أن یقبض بالید علی أعلی القضیب ثم یمر بها علیه إلی أسفله فیؤخذ منه الورق و منه المثل السائر دونه خرط القتاد و قد تقدم الکلام فیما إذا باع الزرع بشرط القطع إلی آخره
المطلب الثانی فی الأحکام (قوله) (لیس للبائع تکلیف مشتری الثمرة القطع قبل بدو صلاحها إلا أن یشترطه بل یجب علیه تبقیتها إلی أوان أخذها عرفا بالنسبة إلی جنس الثمرة)
لو باعها مطلقا وجب تبقیتها إلی أوان أخذها و یرجع إلی المتعارف فی تلک الشجرة من بسر أو رطب أو تمر أو عنب أو زبیب أو طلاء فلو اضطرب العرف فالأغلب و مع التساوی یحتمل وجوب التعیین فإن أطلق بطل للاختلاف المؤدی للجهالة و التنزیل علی أقل المراتب لأنه المتیقن فیقتصر فیما خالف الأصل علیه لأن الأصل تسلط البائع علی ملکه و منع غیره من الانتفاع به و علی أکثرها عملا
______________________________
(1) الموجود فی القاموس إسفست بالفاء ذکرها فی باب قت (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 378
فما قضت العادة بأخذه بسرا اقتصر علی بلوغه ذلک و ما قضت بأخذه رطبا أو قسبا أخر إلی وقته و کذا لو باع الأصل و استثنی الثمرة و أطلق و یجب علی المشتری إبقاؤها و لکل من مشتری الثمرة و صاحب الأصل سقی الشجر مع انتفاء الضرر و لو تضررا منعا و لو تقابل ضرر أحدهما و نفع الآخر رجحنا مصلحة المشتری و لا یزید علی قدر الحاجة و یرجع فیه إلی أهل الخبرة (1) و لو انقطع الماء لم یجب قطع الثمرة و إن تضرر الأصل بمص الرطوبة (2)
______________________________
بالاستصحاب و هذا الإبقاء حکم شرعی لا تقدیر له شرعا فیرجع فی تقدیره إلی العرف و لیس الإبقاء أجلا فی عقد البیع لا بالنسبة إلی الثمن و لا إلی المثمن و إنما هو أمر مرتب علی عقد البیع و ثبوته فهو من مقتضیات المعاوضة لا أجل فی نفس المعاوضة فإذا ثبت البیع و انتقل المبیع إلی المشتری ثبت له حینئذ استحقاق التبقیة و لا یضر جهالة أجل البقاء لأن ذلک حق خارج عن نفس المعاوضة و لو کان داخلا فی نفس المعاوضة لم یکن العرف رافعا للجهالة فإنه لا یجوز تأجیل أحد العوضین إلی أوان أخذ الثمرة عرفا أو یقال جازت الجهالة للضرورة و منه یعلم الحال فیما إذا باع الأصل و استثنی الثمرة و أطلق فإنه یجب علی المشتری إبقاؤها لمثل ما ذکرناه و قد تقدم فی بیع الزرع قبل أن یسنبل ما له نفع تام فی المقام و سیأتی فی المقصد السادس فی أحکام العقد ما لا بد من مراجعته فی المقام لتعرف ما یدل علی هذه الأحکام
(قوله) (و لکل من مشتری الثمرة و صاحب الأصل سقی الشجر مع انتفاء الضرر و لو تضررا منعا و لو تقابل ضرر أحدهما و نفع الآخر رجحنا مصلحة المشتری و لا یزید علی قدر الحاجة و یرجع فیه إلی أهل الخبرة)
ما اختاره من ترجیح مصلحة المشتری إذا تقابل موجب الضرر و النفع بالنسبة إلیهما هو خیرة التذکرة و جامع المقاصد و احتمله فی موضعین من الدروس و وجهه أن ذلک حق للمشتری علی البائع حیث دخل علی البیع الذی اقتضی وجوب الإبقاء و السقی و یشکل تقدیم المشتری حیث یوجب نقصا فی الأصل یحیط بقیمة الثمرة و زیادة فینبغی تقدیم مصلحة البائع مع ضمانه لقیمة الثمرة جمعا بین الحقین (فتأمل) و أما إذا باع الأصل و أبقی لنفسه الثمرة و تقابل بالنسبة إلیهما موجب الضرر و النفع ففی الشرائع و الإرشاد فی باب آخر و اللمعة و الروضة و المسالک و موضع من الدروس تقدیم مصلحة المشتری و فی موضع آخر منه جعله احتمالا و نسبه إلی الفاضل و فی موضع من التحریر نسبه إلی القیل و فی المسالک أنه الأشهر و وجهوه بأن البائع هو الذی أدخل الضرر علی نفسه ببیع الأصل و تسلیط المشتری علیه و فی المبسوط أنه ینفسخ العقد بینهما ذکره فی فصل أحکام العقود ثم قال و قیل إنه یجبر الممتنع عن السقی علیه فلیرجع إلیه و یتأمل فیه و قد نصوا فی المسألتین علی أنه لا یزید علی قدر الحاجة و وجهه ظاهر و أنهما إن تنازعا رجعا فیه إلی أهل الخبرة هذا و فی حواشی الشهید أن التقابل هنا تقابل العدم و الملکة مع اتحاد الموضوع و ناقشه فی جامع المقاصد فی ذلک کما ناقش عبارة الکتاب و لا فائدة مهمة فی نقل ذلک و فی بعض العبارات و لو تقابل ضرراهما و أورد علیه أن الضررین متماثلان فی الحقیقة و المتقابلان مختلفان و أجیب بأن التقابل بین السقی و عدمه بالذات و بین الضررین بالعرض
(قوله) (و لو انقطع الماء لم یجب قطع الثمرة و إن تضرر الأصل بمص الرطوبة)
یرید أنه إذا انقطع الماء و لم یتمکن من سقی الشجرة و کان ترکها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 379
و لو اعتاد قوم قطع الثمار قبل انتهاء الصلاح کقطع الحصرم فالأقرب حمل الإطلاق علیه (1)
______________________________
علی الأصول یضر بها فإن کان قدرا یسیرا أجبر المالک للأصل علیه إن کان باع الثمرة فقط و أجبر المشتری للشجرة علیه إن کان باعها و هی مؤبرة و إن کان کثیرا بحیث یخاف علی الأصول الجفاف أو نقصان حملها مستقبلا نقصانا کثیرا فإن المشتری للأصل لم یجبر البائع علی القطع لأنه لما دخل فی بیع الأصول منفردا عن الثمرة فقد رضی بما تؤدی الثمرة إلیه من الضرر کما هو خیرة المبسوط و التذکرة و نحوه ما حکی عن عمید الدین من أنه إن تیقن التلف أجبر علی القطع و لا یجبر مع الضرر و إن کثر فالفرق بینه و بین ما فی المبسوط ظاهر إن فسر الجفاف بمعنی الیبس و اختار المصنف فیما یأتی فی المقصد السادس فی أحکام العقد أنه یجوز لمشتری الأصل قطع الثمرة حینئذ و إذا جاز له ذلک کان له إجباره علیه و هو خیرة المختلف و الدروس و حواشی الکتاب فی موضع منها و جامع المقاصد و نفی عنه البأس فی التذکرة لأن تسویغ التبقیة إنما کان لمصلحة البائع صاحب الثمرة کما هو المفروض فی کلام هؤلاء و لو لا ورود النص بذلک لم نصر إلیه لأنه یجب علیه تسلیم المبیع مفرغا فإذا انتفت المصلحة المقتضیة لتسویغ التبقیة رجعنا إلی أصل وجوب الإزالة و ینبغی التأمل فی هذا الدلیل لأنه إنما ینطبق ظاهرا علی ما إذا لم یکن لصاحب الثمرة منفعة أصلا و الوجه أن یقال قد عارضها مفسدة عظیمة و استشکل فی التذکرة فی مقام آخر منها و لم یرجح فی التحریر و حیث یجوز له القطع هل یجب علیه الأرش تردد فیه المصنف فیما یأتی و احتمله فی الدروس بعد أن حکم بعدمه کما جزم به فی جامع المقاصد لأنه قطع مستحق و فی حواشی الکتاب هنا و فیما یأتی أن له الأرش ما بین القطع إلی البلوغ لأنه نقص دخل علی مال غیره لمصلحته هذا و قد یقال إنه قد تقدم أنه إذا تعارض نفع أحدهما و ضرر الآخر قدمنا مصلحة المشتری و یجاب بأن المشتری هنا أیضا مقدم کما هو المفروض و المفروض أنه اشتری الأصل فقط و لو فرضنا أنه اشتری الثمرة کما یعطیه سوق العبارة (قلنا) إنه مقید بعدم کون الضرر کثیرا و إذا فرضنا المسألة فیما إذا باع الثمرة فقط کما أشرنا إلیه من أنه الظاهر من سیاق عبارة الکتاب فوجه عدم جواز قطع الثمرة و وجوب التبقیة أن المشتری لم یدفع الثمن عن هذه الثمرة الناقصة قطعا بل عنها و عن التمکین من إبقائها مدة الانتهاء و جازت الجهالة للضرورة أو لأنها تابعة للمقصود بالذات و لإطلاق النص بوجوب التبقیة و وجه الجواز و عدم وجوب التبقیة أن البائع إنما قصد ببیعه الثمرة النفع المجرد و الضرر الکثیر مستثنی و أن الثمن إما أن یکون عوضا عن الثمرة البالغة حد الانتهاء و الجذاذ أو عن هذه الثمرة و تبقیتها إلی حین الجذاذ أو لا مع واحد منهما و الأول محال و إلا لصح مع النص علیه و الثانی محال و إلا لکان بیعا و إجارة مجهولة فتعین الثالث فلا یجب التبقیة و إنما یجب الأرش لأنه لا ضرر و لا ضرار و المشتری إنما یقدم إذا لم یکن الضرر کثیرا کما نبهنا علیه آنفا و لم أجد من فرض المسألة فیما إذا باع الثمرة فقط إلا من قل کالمصنف هنا و قد تعرض له صاحب الإیضاح فیما یأتی حیث توهم أن عبارة الکتاب فیما یأتی مساقة لذلک و لیس کذلک قطعا کما ستعرف فیما یأتی إن شاء اللّٰه تعالی و هذا کله إذا کان فی الإبقاء منفعة لصاحب الثمرة و أما عند عدمها فیه و کثرة ضرر النخل ففی التذکرة أن الأقوی إلزام صاحب الثمرة بقطعها و تمام الکلام فی الفرع السادس من المقصد السادس
(قوله) (و لو اعتاد قوم قطع الثمار قبل انتهاء الصلاح کقطع الحصرم فالأقرب حمل الإطلاق علیه)
کما لو کان الکرم فی البلاد الشدیدة البرد لا تنتهی ثمارها إلی الحلاوة و وجه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 380
و لو ظهر بعض الثمرة فباعه مع المتجدد فی تلک السنة صح سواء اتحدت الشجرة أو تکثرت و سواء اختلف الجنس أو اتحد (1)
______________________________
أقربیة حمل الإطلاق علیه أن إطلاق العقد یحمل علی المعتاد فیکون المعهود کالمشروط و وجه القرب أن تواطؤ قوم معینین لیس حجة بخلاف العادة العامة الثابتة فی زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و لم یرجح و وجه الأقربیة فی الإیضاح بأن خطاب کل قوم إنما یحمل علی العرف الخاص بهم و العدم لأنه إنما یشتری الثمرة للانتفاع التام بها و لا یحصل إلا بانتهاء الصلاح ثم إنه قوی ما قربه والده و فی جامع المقاصد أن وجه القرب أن العرف إذا استقر کان دلیلا علی عدم إرادتهم ذلک فیکون قرینة حالیة علی إرادة هذا القید فی العقد و الإضمار من ضروب المجاز یثبت بالقرینة الدالة علی إرادته ثم قال و لیس التوجیه الذی ذکره الشارحان جیدا و هو أن خطاب کل قوم إنما یحمل علی العرف الخاص لهم فإن الألفاظ فی العقود و الإیقاعات إنما تحمل عند الإطلاق و التجرد عن القرائن و الموانع علی الحقیقة العرفیة العامة مع انتفاء الحقیقة الشرعیة انتهی (فتأمل فیه جیدا) و قد قالوا فی الأصول إن قولهم اصطلاح الشارع مقدم علی العرف و اللغة غیر صحیح علی إطلاقه لأنه إنما یقدم علیهما بالنسبة إلی نفس کلامه فمن أوقع عقدا أو إیقاعا کأن یبیع دارا فلا یدخل فی بیعه ما هو داخل فی اصطلاح الشارع و لا غیره لأن البائع ما باع إلا ما هو مقصوده و المشتری ما اشتری إلا کذلک و مقصودهما لیس هو إلا ما اصطلحا علیه بل لو صرف إلی اصطلاح آخر یلزم بطلان العقد من جهة أخری و هو مجهولیة المبیع حال العقد نعم إذا عرفا اصطلاح الشارع و أوقعا العقد علیه یکون المرجع اصطلاح الشارع لا من جهة تقدیمه بل من جهة تعیینهما له کما إذا أوقعاه باصطلاح قوم آخرین و بهذا التحقیق یظهر أن ما فی الإیضاح أجود و یظهر لک حال ما فی آخر کلام التذکرة و جامع المقاصد
(قوله) (و لو ظهر بعض الثمرة فباعه مع المتجدد فی تلک السنة صح سواء اتحدت الشجرة أو تکثرت و سواء اختلف الجنس أو اتحد)
إذا ظهر بعض الثمرة فباعه مع المتجدد فی تلک السنة صح البیع عندنا و عند مالک کما فی الغنیة و التذکرة و فی الخلاف و المسالک الإجماع علیه و فی الکفایة لا أعرف فیه خلافا و فی الحدائق الظاهر أنه محل اتفاق لأصالة الصحة و لأن المتجدد هنا کالمتجدد فی الثمرة فی السنة الثانیة فکما صح بیع الثمرة سنتین صح هنا بطریق أولی و الأول إجماعی و لأن ذلک یشق تمییزه فجعل ما لم یظهر تبعا لما یظهر کما أن ما لم یبدو صلاحه یتبع لما بدا و لقول الصادق علیه السلام فی معتبرة الهاشمی إذا کان فی تلک الأرض بیع له غلة قد أدرکت فبیع ذلک کله حلال و المراد بالبیع المبیع الذی له ثمرة و أوضح منه قول الصادق علیه السلام فی صحیح یعقوب بن شعیب إذا کان فی الحائط ثمار مختلفة فأدرک بعضها فلا بأس ببیعه جمیعا و مثله خبر البطائنی و الإدراک یشمل الظهور و البلوغ و هذان ناصان فی المختلف الجنس و فی الخلاف الإجماع علیه و فی موثقة عمار عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ما یخالف ذلک فی أحد الوجهین قال سئل عن الفاکهة متی یحل بیعها قال إذا کانت فاکهة کثیرة فی موضع واحد فأطعم بعضها فقد حل بیع الفاکهة کلها فإذا کان نوعا واحدا فلا یحل بیعه حتی یطعم فإن کان أنواعا متفرقة فلا یباع منها شی‌ء حتی یطعم کل نوع منها وحده ثم تباع تلک الأنواع فإن أرید بالکثیرة ما کان من نوع واحد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 381
و یجوز أن یستثنی ثمرة نخلة أو شجرة معینتین (1) و لو أبهم أو شرط الأجود بطل البیع و أن یستثنی حصة مشاعة أو أرطالا معلومة (2) فإن اجتیحت الثمرة سقط من المستثنی بالنسبة (3) و لو اجتیحت الثمرة بعد الإقباض و هو التخلیة هنا أو سرقت فهی من مال المشتری
______________________________
فإعادة ذلک لإفادة عدم الحل قبل إطعام البعض علی أن شأن عمار التکرار و إن فسرت الکثیرة بالمختلفة قید آخر الخبر بالمواضع المتعددة کما فعله فی الإستبصار و قد استدل بهذا الخبر للشیخ علی ما ذهب إلیه فی المبسوط و الخلاف من منع ضم ثمرة بستان لم تدرک ثمرته إلی ثمرة بستان آخر قد أدرکت ثمرته قال فی المبسوط و إن کان بستانان فبدا صلاح الثمرة فی أحدهما و لم یظهر فی الآخر لم یجز بیع ما لم یبن صلاحه لأن کل بستان له حکم نفسه سواء کان من جنس ما ظهر صلاحه أو من غیر جنسه و نحوه ما فی الإستبصار و الخلاف و فیه الإجماع علی ذلک و فی المقتصر أن باقی الفقهاء علی خلاف الشیخ و حمل الروایة فی المختلف علی ما إذا تعددت العقود و رماها جماعة بالضعف و لم یتعرضوا لما ذکرناه فی معناها من الاحتمال مع مساواته لما ذکروه فی الظهور و لعل ذلک لغرابة الحکم لأن کان مخالفا للإجماع (و فیه) أن عمار لم یزل یأتی بالغرائب فتدبر و المحقق فی الشرائع و النافع تردد فی ذلک ثم قال فی النافع إن الجواز أشبه و فی کشف الرموز و المختلف و الدروس و التنقیح و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة الجزم بالجواز من دون تردد للأصل و وجود الضمیمة المجوزة للبیع و قد یستشهد له بخبر الهاشمی بناء علی ظاهر إطلاق الأرض فیها فإنه یشمل أرض ذلک البستان الذی أدرک بعضه و أرض بستان آخر و قد أخذ فی المختلف و الدروس دلیلا (فلیتأمل) و لم یتعرض فی السرائر إلا للمسألة الأولی أعنی المجمع علیها و کأن هذا کله مبنی علی القول بعدم جواز بیع ما لم یبدو صلاحه
(قوله) (و یجوز أن یستثنی ثمرة شجرة أو نخلة معینتین)
إجماعا کما فی التذکرة و بلا خلاف کما فی الریاض و الحدائق و کذا یجوز استثناء جزء معین کعذق معین من نخلة کما هو ظاهر و قد نص علیه جماعة و فی التذکرة الإجماع علی أنه لو أبهم بطل و أما إذا شرط الأجود فإن کان الأجود فی البستان معلوما بینهم و لا یریدون بإطلاقهم سواه صح اشتراطه فإن المقتضی للبطلان إنما هو الجهالة فإذا انتفت صح کما فی جامع المقاصد
(قوله) (و أن یستثنی حصة مشاعة أو أرطالا معلومة)
أما جواز استثناء الحصة المشاعة فلا خلاف فیه کما فی المبسوط و السرائر و فی التذکرة الإجماع علیه و فی المقنعة و النهایة و السرائر أنه أحوط من استثناء أرطال معلومة و فی المراسم أنه أولی و فی الخلاف الإجماع علی جواز استثناء الأرطال المعلومة و حکی فی المختلف عن التقی أنه منع من ذلک و فی المسالک أن الأصحاب علی خلافه و فی المختلف أن المشهور خلافه و قال فی المبسوط بعد أن حکم بالجواز إن فیه خلافا (قلت) صحیحة ربعی علی الصحیح أو حسنته صریحة فیما علیه المشهور و کذلک خبره المروی فی الفقیه ففی الأول إن لی نخلا بالبصرة أبیعه و أسمی الثمن و أستثنی الکر من التمر أو أکثر أو العدد من النخل قال لا بأس و فی الآخر فی الرجل یبیع الثمرة ثم یستثنی کیلا و تمرا قال لا بأس به قال و کان مولی له عنده جالسا فقال المولی إنه لیبیع و یستثنی أوساقا یعنی أبا عبد اللّٰه علیه السلام قال فنظر إلیه و لم ینکر ذلک من قوله
(قوله) (فإن اجتیحت الثمرة سقط من المستثنی بالنسبة)
إذا کان بغیر تفریط کما فی الدروس و جامع المقاصد و الروضة و قضیته عدم التوزیع فی صورة التفریط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 382
و لو کان قبل القبض فمن البائع و لو تلف البعض أخذ الباقی بحصته من الثمن و له الفسخ (1) و لو أتلفه أجنبی تخیر المشتری بین الفسخ و إلزام المتلف
______________________________
بمعنی أن المشتری إذا فرط فیه ینصرف إلی حصته و یأخذ البائع المستثنی من الباقی و هو کذلک إن رضی به و إلا اقتضی الإشاعة لعدم خصوصیة التالف و الباقی بکل من المشتری و البائع و المناسب التوزیع لیعلم قدر التالف و الباقی بالنسبة إلی البائع حتی یمکنه الرجوع و کذا لو تلف بتفریط الأجنبی لیرجع کل منهما إلیه بالنسبة نعم یمکن أن یقال فی الصورة الأولی إنما یرجع البائع علی المشتری بالمثل خاصة لأنها من ذوات الأمثال فلا یقدح التخصیص إذا لم یرد المشتری رد المثل من غیرها و ما ذکره المصنف من أنه ینسب المستثنی إلی الأصل إنما هو فی الصورتین الأخیرتین خاصة بخلاف الأولی فإن استثناءها کبیع الباقی منفردا فلا یسقط منها بتلف شی‌ء من المبیع لامتیاز حق کل واحد عن صاحبه بخلاف الأخیرتین لأنه فیهما شائع فی الجمیع فیوزع الناقص علیهما إذا کان التلف بغیر تفریط و طریق توزیع النقص علی الحصة المشاعة جعل الذاهب علیهما و الباقی لهما علی نسبة الجزء کما لو کان المستثنی هو الثلث و ذهب نصف الثمرة فتلف من البائع نصف الثلث و هو السدس و من المشتری الثلث الذی هو نصف الثلثین و الباقی بینهما کذلک و أما فی الأرطال المعلومة فیؤخذ بالحزر و التخمین فإذا قیل الأرطال المستثناة بالتخمین ربع الجملة و تلف من الثمرة نصفها سقط من البائع ثمن الجملة و یبقی له ثمنها و فی الدروس أنه قد یفهم من هذا التوزیع تنزیل شراء صاع من الصبرة علی الإشاعة و قال فی الروضة بعد نقل ذلک عنه قد تقدم ما یرجح عدمه أی عدم التنزیل علی الإشاعة ففیه سؤال الفرق (انتهی) و یمکن الفرق بأن التلف من الصبرة قبل القبض فلزم علی البائع تسلیم المبیع منها و إن بقی قدره فلا ینقص المبیع لأجله بخلاف الاستثناء فإن التلف فیه بعد القبض و المستثنی بید المشتری أمانة علی الإشاعة بینهما فیوزع الناقص علیهما و لهذا لم یحکم بضمان المشتری هنا بخلاف البائع هناک
(قوله) (و لو کان قبل القبض فمن البائع و لو تلف البعض أخذ الباقی بحصته من الثمن و له الفسخ إلخ)
إذا تلفت الثمرة المبتاعة فإن کان التلف قبل القبض فهی من ضمان البائع و انفسخ العقد و لو تلف البعض انفسخ فیه خاصة و تخیر المشتری بین أخذ الباقی بحصته من الثمن و الفسخ فیه کما فی التذکرة و التحریر بل و فی الأخیر أنه إن اختار الإمساک فالأقرب تخییر البائع و فی المبسوط و کذا الشرائع أنه لا ینفسخ فی الباقی و یأخذه بحصته من الثمن و إن کان بعد القبض و هی التخلیة بین المشتری و بینها فهی من ضمان المشتری و لا ینفسخ البیع سواء کان التالف الجمیع أو البعض و قال فی المبسوط و إن قلنا إنه ینفسخ فی مقدار التالف کان قولا قویا (انتهی) و فی المسالک عن بعض الأصحاب أن الثمرة علی الشجرة مضمونة علی البائع و إن أقبضها بالتخلیة و لا فرق بین أن یکون التلف بأمر سماوی کالریح و الثلج و البرد أو غیر سماوی کالسرقة و الحریق و قالوا لو أتلفها أجنبی قبل التخلیة تخیر المشتری بین فسخ البیع و إلزام المتلف و قال فی جامع المقاصد أما الفسخ فلأنها مضمونة علی البائع و أما إلزام المتلف فلأنه أتلف ماله لأن المبیع قد انتقل إلی المشتری و إن کان مضمونا علی البائع و الشهید فی حواشیه جعل الأقسام أربعة عشر و أغفل ما إذا کان التلف بآفة سماویة فقال التلف إما من البائع و المشتری أو من غیرهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 383
و الأقرب إلحاق البائع به (1) و إتلاف المشتری کالقبض (2) و لا یجب علی البائع السقی بل التمکین منه مع الحاجة فلو تلف بترک السقی فإن لم یکن قد منع فلا ضمان علیه و إن منع ضمن و کذا لو تعیبت (3)
______________________________
أو من البائع خاصة أو المشتری خاصة أو من البائع و أجنبی أو من المشتری و أجنبی أو منهما و أجنبی فالأقسام سبعة و حینئذ إما أن یکون قبل القبض أو بعده فتبلغ أربعة عشر وجها فالسبعة التی قبل القبض درکها علی البائع إن لم یشارکه المشتری و إن شارکه المشتری فالدرک علی المشتری (قلت) ینبغی التأمل فی هذا قال و السبعة التی بعد القبض درکها علی المشتری قلت ینبغی تقیید هذا بما إذا لم یختص بالخیار قال ففی الأول ما أتلفه المشتری فهو قبض و ما أتلفه البائع فالمشتری بالخیار بین المطالبة بالمثل أو القیمة إن لم یکن مثلیا أو یفسخ و یغرم ما أتلف و فی الثانی یتخیر بین مطالبة المتلف مع الإجازة أو یفسخ و یرجع بالثمن علی البائع و فی الثالث هو بالخیار أیضا و فی الرابع قبض منه و فی الخامس یتخیر أیضا و فی السادس التلف منه و یرجع علی الأجنبی بمقدار ما أتلف و فی السابع أیضا کذلک یسقط ما أتلفه بفعله و یرجع علیهما بما قابل فعلهما (انتهی کلامه فلیتأمل فیه) و یأتی فی باب الخیار فی المطلب الثانی ما له نفع تام فی هذه المباحث
(قوله) (و الأقرب إلحاق البائع به)
أی بالأجنبی کما فی التذکرة و الدروس و حواشی الشهید و جامع المقاصد و المسالک فیتخیر المشتری بین فسخ البیع و المطالبة بالثمن و بین عدمه و إلزامه بالمثل أو القیمة سواء زادت عن الثمن المسمی المدفوع أو نقصت عنه و فیما عدا التذکرة و الدروس مما ذکر أن ذلک إذا لم یکن للبائع خیار فحینئذ لیس له المطالبة إلا بالثمن و فی المبسوط أنه إذا أتلفه البائع أنه ینفسخ کما إذا تلف بأمر سماوی لأنه لا یمکنه الإقباض و مثله من دون تفاوت ما فی الشرائع و لم یصرح فی الإیضاح بأقربیة ذلک لأنه احتمل أن یکون إتلافه فسخا لعموم النص یعنی کل مبیع تلف «إلخ» و کأنه مال إلی ما فی المبسوط (و فیه) أن ذلک إنما یکون حیث لا یکون البائع متلفا تمسکا بأصالة بقاء العقد و اقتصارا علی موضع الوفاق
(قوله) (و إتلاف المشتری کالقبض)
یرید أن إتلاف المشتری للمبیع فی ید البائع بغیر إذنه کما هو الظاهر کالقبض فی انتقال الضمان إلی المشتری و إن تخلفت عنه باقی الأحکام و شبهه بالقبض و لم یجعله قبضا لأن الإتلاف قد یکون بمباشرة المتلف فیکون قبضا حقیقة و قد یکون بالتسبیب فیکون فی حکم القبض و أما إذا کان الإتلاف بإذن البائع فهو قبض یترتب علیه أحکام القبض مطلقا و قد یقال إنه لا فرق بین کونه بإذن البائع و عدمه کما هو قضیة إطلاق عبارة الشرائع و التذکرة و الکتاب و التشبیه لمکان حصول الإتلاف بالتسبیب فلیتأمل جیدا
(قوله) (و لا یجب علی البائع السقی بل التمکین منه مع الحاجة فلو تلف بترک السقی فإن لم یکن قد منع فلا ضمان علیه و إن منع ضمن و کذا لو تعیبت)
کما فی التذکرة و نحوه ما فی الدروس و عدم وجوب السقی علی البائع لأصالة براءة ذمته و أما ضمانه العین أو الأرش إن لم یمکنه فلأنه سبب الإتلاف لأنه لما منعه من سقیها صارت ید البائع علی الثمرة باعتبار التبعیة کما لو منع صاحب البیت من له صندوق فی بیته عن حفظه حتی تکسر فإنه حینئذ یکون فی یده تبعا للبیت فیجی‌ء الضمان من جهة الید فإذا باعه و هی بسرة و احتاجت إلی سقی حتی تصیر رطبا فمنعه منه فتلفت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 384
و یجوز بیع الثمرة و الزروع بالأثمان و العروض إلا بیع التمر بالتمر و هی المزابنة (1)
______________________________
أو لم تبلغ حد کمال الترطیب فإنه یجب علیه فی الأول قیمة البسر و فی الثانی أرش التفاوت بین حالها حالة الأخذ و بین کونها بالغة حد الکمال إلی وقت أخذها بمجری العادة و إنما یجب علیه التمکین مع انتفاء الضرر علی ما تقدم و یجب علیه تمکینه من الدخول إلی البستان فإن لم یأمنه نصب الحاکم أمینا للسقی و مئونته علی المشتری
(قوله) (و یجوز بیع الثمرة و الزروع بالأثمان و العروض إلا بیع التمر بالتمر و هی المزابنة)
جواز بیع الثمرة و الزرع بالأثمان و العروض مما لا خلاف فیه و لا إشکال و یدل علیه عموم الأخبار و أما بیع ثمرة النخل بتمر منها فلا یجوز إجماعا کما فی المختلف و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و المهذب البارع و المقتصر و إیضاح النافع و غایة المرام و المسالک و الروضة و لا خلاف فیه کما فی المبسوط و الخلاف و کشف الرموز و قد یظهر منها أنه لا خلاف فیه بین المسلمین و الإجماع ظاهر مجمع البرهان أیضا أو صریحه و هو فی أکثر هذه منقول علی تحریم بیع المزابنة و المحاقلة و لا شبهة فی أن بیع الثمرة بتمر منها مزابنة أو محاقلة کما ستعلم فلذا صح لنا أن ننقله علی ذلک و قال فی السرائر لا یجوز بیع الثمرة فی رءوس النخل بالتمر کیلا و لا جزافا یدا بید و لا نسیئة و هی المزابنة التی نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عنها و أصل الزبن فی اللغة الدفع و منه الحرب الزبون التی تدفع أبطالها إلی الموت ثم قال هذا هو الصحیح من أقوال أصحابنا و هو الذی یقتضیه أصول مذهبنا ثم قال إن ذلک مذهب شیخنا المفید فی مقنعته و جماعة أصحابنا لأن النهی عام و لا مخصص له من کتاب و لا سنة و لا إجماع ثم نقل عن الشیخ فی النهایة تخصیص المزابنة ببیع الثمرة بتمر منها و أنه إذا باعها بتمر من غیر ذلک النخل لم یکن به بأس و أنه خیرته فی الخلاف و أنه فی المبسوط قال بالقول الصحیح الذی اختاره هو (قلت) مذهب الشیخ فی الخلاف خلاف ما فی النهایة کما وجدناه عیانا و نقلا عن (من خ ل) المختلف لکنه فی الدروس نسب إلیه موافقة النهایة أیضا و قال فی کشف الرموز إنه فیه أی فی الخلاف متردد و أنه حکی فیه عن الأصحاب الجواز «انتهی فلیتأمل» (و قال فی المبسوط) المزابنة هی بیع التمر علی رءوس الشجر بتمر منه فأما بتمر موضوع علی الأرض فلا بأس به و الأحوط أنه لا یجوز ذلک لأنه لا یؤمن أن یؤدی إلی الربا فقد احتاط بذلک لکن صاحب کشف الرموز و غیره نسبوا إلیه الحکم بذلک علی البت کالسرائر و الأمر فی ذلک سهل و نقل عن الراوندی و التقی و القاضی فی الکامل موافقة النهایة کالتذکرة و الکفایة و إلیه مال أو به قال المولی الأردبیلی و المشهور المعروف بین الأصحاب تفسیر المزابنة ببیع الثمرة فی النخل بالتمر کما ذکره فی السرائر و هو خیرة الخلاف علی ما وجدناه و الغنیة و المهذب للقاضی علی ما نقل عنه و الوسیلة و إن فسرها بما فی النهایة أولا لکنه قال بعد ذلک و إن باعها بتمر من غیرها لم یصح و المقنعة و المراسم حیث اختیر فیهما التحریم و إن کان من غیر النخلة لکنهما عنون فیهما بالمحاقلة لبیع التمر و الزرع و لم یذکر فیهما المزابنة و سنبین الحال فی ذلک إن شاء اللّٰه تعالی و هو أیضا خیرة الشرائع و النافع و کشف الرموز و المختلف و الإرشاد و التحریر و الإیضاح و الدروس و اللمعة و المقتصر و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و المفاتیح و کأنه قال به فی المهذب البارع و قد سمعت ما فی السرائر من أنه مذهب المفید و جماعة أصحابنا و قد نقل عن التقی أیضا و قد یقال إن ظاهر الغنیة الإجماع علیه و صحیحة عبد الرحمن بن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 385
و إلا الزرع بالحب و هی المحاقلة (1)
______________________________
أبی عبد اللّٰه أو موثقته لمکان أبان و کذا موثقته الأخری عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ظاهرتان فی ذلک ففی الأولی نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن المحاقلة و المزابنة قلت و ما هی قال أن تشتری حمل النخل بالتمر و الزرع بالحنطة و فی الثانیة قال نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن المحاقلة و المزابنة فقال المحاقلة بیع النخل بالتمر و المزابنة بیع السنبل بالحنطة و هذا التفسیر (التعریف خ ل) مخالف لما علیه الجم الغفیر من علمائنا و أهل اللغة و لما رواه فی معانی الأخبار عن القاسم بن سلام بإسناده عنه علیه أفضل الصلاة و السلام بل ادعی بعض أصحابنا إجماعهم علی أن المزابنة بیع ثمرة النخل بالتمر و المحاقلة بیع السنبل بالحنطة و حمل ما فی الخبر علی سهو الراوی علی أنه لا ثمرة إلا فی النذر و شبهه و قد یقال علی دلالتهما إنه لا یبعد أن تکون الألف و اللام عوضا عن الضمیر المضاف إلیه فیکون المعنی بیع النخل بتمره و لو أراد العموم لکان التنکیر أولی و هو أن یقال بتمر و حنطة و یندفع بما یأتی و أوضح دلالة من الخبرین خبر السکونی الوارد فی العریة فإن فیه هی النخلة تکون للرجل فی دار رجل آخر فیجوز له أن یبیعها بخرصها تمرا و لا یجوز ذلک فی غیره أی غیر ما یکون فی دار رجل آخر و الخبر إن لم نجوز بیع ثمرة العریة بتمر منها کما هو الأصح صریح فی المشهور و إلا فظاهر و علی الأول یضعف أو یضمحل احتمال العهدیة فی خبری عبد الرحمن و أخبارهم علیهم السلام یکشف بعضها عن بعض و حجة الشیخ فی النهایة و من وافقه الأصل و العمومات و حسنة الحلبی بإبراهیم ابن هاشم قال قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام فی رجل قال لآخر بعنی ثمرتک فی نخلک هذه التی فیها بقفیزین من تمر أو أقل أو أکثر یسمی ما شاء فباعه قال لا بأس به و قال البسر و التمر من نخلة واحدة لا بأس به (الحدیث) و خبر محمد بن سماعة عن ابن رباط عن الکنانی و هذا الخبر ضعیف عن المقاومة لما مر و لیس ظاهرا فی البیع الذی هو محل المنع فیحمل علی الصلح کما فی الإستبصار و المختلف و لعل نفی الربا فی الخبر من جهة عدم کونه من المکیل أو من جهة الموافقة لما علیه کأن یکون صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عرف ذلک بالإلهام (فلیتأمل) و الحسنة مخالفة للإجماع لمکان الإطلاق الشامل لما إذا کان من النخلة و للتصریح به فی قوله التمر و البسر من نخلة واحدة و قد حمله فی الإستبصار علی العریة و فیه تأمل یأتی وجهه (و الجواب) «1» بأن الإطلاق مقید و خروج البعض غیر ضائر لا یجدی نفعا فی مقام التعارض و الأصل مقطوع و العموم مخصوص بما مر فلیتأمل (و تنقیح البحث أن یقال) إن ثمرة النخلة و هی علیها ربویة أم لا فإن کانت ربویة لم یجز بیعها بتمر من غیرها و أقصی ما هناک أنه یجوز بیعها من دون وزن لمکان العادة و حینئذ فلا یجوز بیع غیرها من الثمار الموزونة کذلک و إن قلنا إنها غیر ربویة جاز بیعها بتمر من غیرها کالأرض فإنه یجوز إجارتها و بیعها بحب من غیرها لا منها و کذلک الحال فی باقی الثمار الموزونة لکن قوله فی السرائر أنه الذی یقتضیه أصول مذهبنا یقتضی أنها ربویة
(قوله) (و إلا الزرع بالحب و هی المحاقلة)
هذا معطوف علی قوله و إلا بیع التمر بالتمر و المحاقلة کما ذکر جماعة مفاعلة من الحقل و هی الساحة التی تزرع قالوا سمیت بذلک لتعلقها بزرع فی حقل و أطلق اسم الحقل علی الزرع مجازا من باب إطلاق اسم المحل علی الحال و المراد بالزرع هو الزرع مع طهور الحب و انعقاده
______________________________
(1) أی جواب المستدل للشیخ (حاشیة منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 386
و لو اختلف الجنس جاز کما لو باع زرع حنطة بدخن (1) و هل یسری المنع إلی ثمر الشجر الأقرب ذلک لتطرق الربا علی إشکال (2) و الأصح عدم اشتراط کون الثمن من المثمن
______________________________
و قد عبر فی أکثر العبارات بالسنبل و فی أحد خبری عبد الرحمن التعبیر بالسنبل و فی الآخر التعبیر بالزرع و قد أسمعناکهما و الزرع مع عدم الحب علف یجوز بیعه بکل شی‌ء و فی المسالک یظهر من کلامهم الاتفاق علی أن المراد بالزرع السنبل و إن عبروا بالأعم و الکلام فی المحاقلة کالکلام فی المزابنة و الإجماعات المحکیة هناک محکیة هنا و الموافق هناک موافق هنا و المخالف کذلک ففی المبسوط أن بیع المزابنة و المحاقلة محرم بلا خلاف و فی المختلف و المقتصر و إیضاح النافع الإجماع علیه و فی الشرائع و شرح الإرشاد للفخر و المسالک الإجماع علی أنه لا یجوز بیع السنبل بحب منه و فی المبسوط و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و الإرشاد و المختلف و التحریر و الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و الدروس و اللمعة و المقتصر و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة أنه لا یجوز بیعه بحب من غیره أیضا و المخالف هناک خالف هنا
(قوله) (و لو اختلف الجنس جاز کما لو باع زرع حنطة بدخن)
أی موضوع علی الأرض و قد نقل علی ذلک الإجماع فی التذکرة
(قوله) (و هل یسری المنع إلی ثمرة الشجر الأقرب ذلک لتطرق الربا علی إشکال)
ادعی فی الروضة أن المشهور المنع و هو خیرة شرح الإرشاد لفخر الإسلام و الدروس و اللمعة و المسالک و جامع المقاصد و قواه فی المیسیة تعدیة للعلة المنصوصة فی المنع من بیع الرطب بالتمر و هی نقصانه عند الجفاف إن بیعت بیابس و تطرق احتمال الزیادة فی کل من العوضین الربویین لأن بیع أحد الربویین بالآخر مشروط بالعلم بمساواتهما قدرا و المساواة غیر ظاهرة و هذا یجری فی الحبوب (الزروع خ ل) أیضا و قد یستأنس لذلک الموثق الآمر بشراء الزرع بالورق و فی الغنیة و الکفایة أن الأقرب عدم المنع و لیس فی الشرائع و التذکرة و الإیضاح و المفاتیح ترجیح لشی‌ء من القولین و فی الروضة فی إلحاق الیابس کبیع العنب بالزبیب وجه و الرطب نظر «انتهی» و قد یناقش فی الاستناد إلی العلة المنصوصة علی القول بها کما هو الصحیح بأنها أخص من المدعی لعدم شمولها لما لو بیع أثمار الأشجار (بیعت ثمرة الشجرة خ ل) بمجانسها مع التوافق فی الرطوبة و الیبوسة و أنها مختصة بالعوضین المقدرین بأحد التقدیرین فعلا و ما نحن فیه لیس من ذلک و احتمال التعدیة إلیه بعید جدا إلا أن یقال إن العلة المنصوصة دلت علی أنه ربوی إذا تقدر أحد العوضین بأحد التقدیرین فیتعدی و یحکم بالبطلان حتی فی بیع الرطب علی وجه الأرض بالرطب علی النخل و التمر بالتمر کذلک لاحتمال الزیادة و النقصان لأن کان ربویا کما أشارت إلیه العلة المنصوصة و إنما خرج بیعه علی رءوس الشجر بالدراهم و بالرطب علی رءوس الشجر (فلیتأمل) و یقال علی ما استندوا إلیه ثانیا إن الأثمار علی الأصول و الأشجار لیست مقدرة بأحد التقدیرین بل تباع مشاهدة شرعا و عادة و المعتبر من المکیل و الموزون فی الربا ما قدر بهما فعلا لا تقدیرا نصا و فتوی و لا ریب أن ما ذکروه أحوط لما أشرنا إلیه و لعله فی بیع الرطب بالیابس لا یخلو من قوة (فلیتأمل) لأنه إن کان ربویا جری فی الیابس بالیابس و الرطب بالرطب و إن لم یکن ربویا صح فی الجمیع من دون تفاوت و فی جامع المقاصد أن الإشکال فی عبارة الکتاب فی العلة التی هی وجه القرب و لم یلزم من ورود
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 387
و استثنی من الأول العرایا فإنه یجوز بیع العریة و هی النخلة التی تکون فی دار الإنسان أو بستانه بخرصها تمرا لا منها (1)
______________________________
الانفکاک فیها انتفاء القرب لإمکان ثبوت الحکم بعلة أخری فإن العلة المقتضیة لمنع بیع الرطب و هو نقصانه عند الجفاف بالتمر قائمة هنا و الذی فی التذکرة هی الحکم فی غیر النخل علی ثبوت الربا فحینئذ یکون الإشکال منافیا لکون المنع أقرب (انتهی) و فی التذکرة إن جعلنا العلة فی المحاقلة و المزابنة الربا لم یجز بیع النخل بجنسه الموضوع علی الأرض فلا یجوز بیع العنب فی أصله بزبیب و عنب موضوع علی الأرض و کذا غیره من الفواکه و لا بیع الدخن فی سنبله بحب دخن موضوع علی الأرض عملا بتعمیم الحکم عند تعمیم علته و إن لم تجعل العلة ذلک جاز جمیع ذلک
(قوله) (و استثنی من الأول العرایا فإنه یجوز بیع العریة و هی النخلة التی تکون فی دار الإنسان أو بستانه بخرصها تمرا لا منها)
العرایا جمع عریة و هی فعیلة بمعنی مفعولة و دخلت فیها الهاء لأنها أفردت فصارت فی عداد الأسماء کالنطیحة و الأکیلة قال ذلک فی الصحاح و قضیته أنها إذا جی‌ء بها مع النخلة حذفت الهاء و یقال نخلة عری کما یقال امرأة قتیل فهی من قولهم عروت الرجل أعروه إذا أتیته أو من قولهم أنا عرو من هذا الأمر أی خلو و سمیت بذلک لأنها استثنیت من جملة النخیل الذی نهی عنها و استثناء العریة مجمع علیه عند أهل العلم ما خلا أبا حنیفة کما فی المسالک و حکی علیه الإجماع فی الخلاف و الغنیة و کشف الرموز و المهذب البارع و لا فرق فی بیعها بین کونه للغنی و الفقیر کما صرح به فی التذکرة و هو ظاهر إطلاق الفتاوی و ما قاله المصنف من أنها النخلة التی تکون فی دار الإنسان أو بستانه هو خیرة الخلاف و الغنیة و السرائر و کشف الرموز و التذکرة و التحریر و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و الدروس و المهذب البارع و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة و علیه ینطبق إجماع الخلاف و الغنیة و کشف الرموز و المهذب البارع و المسالک و ظاهر النص و النافع أن العریة ما تکون فی الدار خاصة و هو المحکی عن الکامل و اقتصر فی الشرائع علی الدار و نسب إلی أهل اللغة إطلاقها علی البستان (شمولها للبستان خ ل) أیضا و استحسنه هو و وافقه علی النسبة إلی أهل اللغة الشهید فی الدروس و الفاضل المقداد و أبو العباس و المحقق الثانی و المقدس الخراسانی لکنا لم نجد ما ذکروه مصرحا به فیما حضرنا من کتب اللغة کالنهایة و الصحاح و تکملته و القاموس و لا فیما نقله عن أهل اللغة فی السرائر نعم حکی ذلک فی الخلاف عن أبی عبیدة و الخبر المروی فی معانی الأخبار عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم ظاهر فی العموم للبستان و غیره کالخان و نحوه لمکان الإطلاق و التعلیل فیه و صورة الخبر الموجود فی معانی الأخبار ما هذا لفظه رخص النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فی العرایا واحدتها عریة و هی النخلة التی یعریها صاحبها رجلا محتاجا و الإعراء أن یجعل له ثمرة عامها یقول رخص لرب النخل أن یبتاع تلک النخلة من المعری بتمر لموضع حاجته انتهی ما وجدناه فی الکتاب المذکور (فلیتأمل) و الضعف منجبر بالشهرة و قد عدی الحکم فی المهذب البارع إلی المعصرة و الخان و البزارة و الدباسة و من الخبر المذکور یظهر أیضا وجه التعدیة إلی المستعیر و المستأجر و مشتری الثمرة کما صرح به جماعة کالمصنف و أبی العباس فی المهذب و الشهید الثانی فی المسالک و اقتصر فی الدروس و الروضة علی ما عدا مشتری الثمرة و قال فی التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 388
و لا یجوز ما زاد علی الواحدة مع اتحاد المکان و یجوز مع تعدده (1)
______________________________
ظاهر کلام الأصحاب یقتضی المنع من بیع العریة علی غیر مالک الدار و البستان أو مستأجرهما أو مشتری ثمرة البستان علی إشکال (انتهی) و نحوه ما فی الکتاب و یأتی بیان الإشکال عند تعرض المصنف له و لیس فی روایة المسألة و عبارة النافع و نحوها من حیث التقیید بصاحب الدار منافاة للتعدیة لصدق الإضافة بأدنی ملابسة نعم یستفاد منه الاختصاص بالبیع من صاحب الدار دون غیره و لا کلام فیه وفاقا لظاهر الأصحاب و المراد بخرصها البیع بمقدارها فلا یجوز التفاضل عند العقد فلو اشتراها بزائد أو بناقص عند العقد لم یجز اتفاقا نصا و فتوی و لا یشترط مطابقة ثمرتها جافة لثمنها فی الواقع بل یکفی المطابقة ظنا فلو زادت عند الجفاف عنه أو نقصت لم یقدح فی الصحة کما صرح بذلک جماعة و هو ظاهر إطلاق النص و فتاوی الباقین و هو معنی المماثلة من طریق الخرص التی شرطت فی المبسوط و الوسیلة و غیرهما عند العقد و هو معنی قولهم أیضا لا تجب فی الخرص المماثلة بین ثمرتها عند الجفاف و ثمنها و فی المسالک أن هذا أی عدم وجوب المطابقة بین ثمرتها جافة و ثمنها فی الواقع هو المشهور من معنی عدم وجوب المماثلة قال بل لا یجب جعل ثمرتها تمرا و لا اعتبارها بعد ذلک بوجه لأصالة عدم الاشتراط (قلت) و یأتی علی قول من اعتبر المطابقة المنع من التصرف فی ثمرة النخلة بالأکل و نحوه إلی استعلام المطابقة و عدمها بالجفاف و لم أجد هذا القائل و قد یتوهم ذلک من عبارة المبسوط و قد عرفت الحال فیها و المماثلة من طریق الخرص هی ما تقدمت الإشارة إلیه من المماثلة بین ثمرة النخلة عند صیرورتها تمرا و بین التمر الذی هو الثمن کما علیه الأکثر بل هو ظاهر الکل و فی المهذب البارع أنه المشهور بین الأصحاب (و فی کتبهم) و فی التذکرة أن المعتبر المماثلة بین ما علیها رطبا و بین التمر الذی هو الثمن فیکون من باب بیع الرطب بالتمر متساویا و قد منعوه فیکون فی هذا المقام مستثنی من ذلک المنع و فی التحریر هل یجوز بخرصها رطبا (فیه نظر) و فی المهذب البارع أن العلامة فی غیر التذکرة من کتبه وافق الأصحاب (قلت) أکثر عباراته لا تنافی ذلک فلتلحظ و الأظهر (الأشهر خ ل) کما فی إیضاح النافع اعتبار کون التمر الذی هو الثمن من غیرها لا منها و هو ظاهر المبسوط و غیره و صریح الوسیلة و الشرائع و ما تأخر عنها و فی المهذب أنه إذا شرطه فی العقد لم یجز و إن أطلق جاز أن یدفع إلیه من ثمرتها إن صبر علیه حتی یصیر تمرا و إلا فالعقد یجب أن یکون حالا (و احتمل) فی المختلف الجواز مطلقا لإطلاق النص و المولی الأردبیلی تأمل فی أصل المسألة و الاستثناء و الشرائط إلا ما ذکره هو و نحوه المولی الخراسانی فإن ظاهره التأمل فی أصل المسألة و قال فی الشرائط و قد اعتبر بعضهم شروطا لا أعلم دلیلا علی اعتبارها و نحوه ما فی المفاتیح و لم تذکر العریة فی المقنعة و النهایة و المراسم
(قوله) (و لا یجوز ما زاد علی الواحدة مع اتحاد المکان و یجوز مع تعدده)
هذان الحکمان لا أجد فیهما مخالفا منا و بهما صرح فی المبسوط و السرائر و الشرائع و التذکرة و شرح الإرشاد للفخر و المهذب البارع و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و هو قضیة کلام الباقین حیث یقیدون النخلة بکونها واحدة و یطلقون الدار و البستان و هو مقتضی الأصل و المتبادر من النص و فی حکم تعدد المکان مع اتحاد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 389
و لا یشترط التقابض فی بیع العریة قبل التفرق بل الحلول (1) فلا یجوز إسلاف أحدهما فی الآخر

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لا یجب التماثل فی الخرص]

(الأول) لا یجب التماثل فی الخرص بین ثمرتها عند الجفاف و ثمنها و لا یجوز التفاضل عند العقد

[الثانی لا تثبت العریة فی غیر النخل]

(الثانی) لا تثبت العریة فی غیر النخل إن منعنا بیع ثمر الشجر بالمماثل (2)

[الثالث یجوز بیع العریة]

(الثالث) یجوز بیع العریة و إن زادت علی خمسة أوسق (3)

[الرابع إنما یجوز بیعها علی مالک الدار]

(الرابع) إنما یجوز بیعها علی مالک الدار أو البستان أو مستأجرهما أو مشتری ثمرة البستان علی إشکال (4)
______________________________
المالک أو تعدده تعدد المالک مع اتحاد المالک فلیلحظ ذلک
(قوله قدس سره) (و لا یشترط التقابض فی بیع العریة قبل التفرق بل الحلول)
خلافا للمبسوط و الوسیلة حیث اشترطا فیهما التقابض قبل التفرق بالبدن و وفاقا للسرائر و الشرائع و التذکرة و الإرشاد و التلخیص و المختلف و شرح الإرشاد للفخر و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و هو الظاهر من کشف الرموز أو صریحه و ظاهر التذکرة الإجماع علیه و لا ترجیح فی التحریر و المهذب البارع و لم یتعرض فی الکتب الباقیة لهذا الشرط بنفی و لا إثبات و الظاهر منها نفیه و أما الحلول فقد اشترطه جمهور الأصحاب بل لا خلاف فیه و هو لازم للشیخ و الطوسی
(قوله) (لا تثبت العریة فی غیر النخل إن منعنا بیع ثمر الشجر بالمماثل)
عدم ثبوت العریة فی غیر النخل مجمع علیه کما حکاه فی الخلاف و المسالک و المفاتیح سواء قلنا فیه بالمزابنة أم لا فعلی الأول تکون حراما و علی الثانی یجوز من دون شرط و قید و قال فی جامع المقاصد یمکن أن یفهم من العبارة أنا إن لم نمنع ثبتت العریة أیضا لکنها لا تثبت علی هذا التقدیر لأنه إذا جاز مطلقا لم یکن الجواز مخصوصا بالعریة و لعله أراد الجواز فی الجملة و لا یتعین إلا علی القول بالمنع لا علی القول بالجواز
(قوله) (یجوز بیع العریة و إن زادت علی خمسة أوسق)
إجماعا معلوما و منقولا فی ظاهر الخلاف أو صریحه و قال الشافعی یجوز فیما دون خمسة أوسق قولا واحدا و فی خمسة أوسق علی قول و فیما زاد علی خمسة أوسق لا یجوز
(قوله) (إنما یجوز بیعها علی مالک الدار أو البستان أو مستأجرهما أو مشتری ثمرة البستان علی إشکال)
قال فی الإیضاح وجه الإشکال النظر إلی السبب و هو التضرر بتطرق الغیر فی ملکه و العموم و فی جامع المقاصد الذی یظهر من کلام الشارحین أن الإشکال فی مشتری الثمرة و التحقیق أن نقول إن القول فی شرح العریة غیر منضبط لأن کلام أهل اللغة مختلف فینبغی أن یقال ما ثبت القول بجوازه عند الأصحاب یجوز فیه اعتضادا بعمومات صحة البیع و نظرا إلی مشارکة العلة و لصدق إضافة الدار و البستان إلی المالک و المستأجر و مشتری الثمرة و فی الدروس ذهب إلی إلحاق المستعیر بالمالک و للنظر فی هذا البحث مجال فإن الإضافة فیما ذکر إنما هی علی وجه المجاز إلا أن یقال المشقة معتبرة فی مفهوم العریة حیث قال الشیخ العرایا جمع عریة و هی النخلة لرجل فی بستان غیره یشق علیه الدخول إلیها فیکون مناط الحکم فیها المشقة علی الغیر فی الدخول إلی بستانه إما لمکان أهله أو لغیر ذلک فحینئذ یجوز البیع لدفع هذه المشقة فعلی هذا حیث تثبت هذه المشقة فی النخلة الواحدة علی الغیر تثبت الرخصة (قلت) ظاهر المبسوط و الخلاف و الغنیة و التذکرة و المختلف و المهذب البارع و التنقیح أن المشقة معتبرة فی مفهومها و أنها مناط الحکم بل فی کشف الرموز أن ذلک صریح بعض تلک کما یأتی و بذلک صرح فی التحریر و المسالک و غیرهما و ظاهر الغنیة بل صریحها الإجماع علی ذلک و ظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 390

[الخامس لو قال بعتک هذه الصبرة من الغلة أو الثمرة بهذه الصبرة سواء بسواء]

(الخامس) لو قال بعتک هذه الصبرة من الغلة أو الثمرة بهذه الصبرة سواء بسواء فإن عرفا المقدار صح و إلا بطلا و إن تساویا عند الاعتبار سواء اتحد الجنسان أو اختلفا (1)

[السادس یجوز أن یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه من الثمرة]

(السادس) یجوز أن یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه من الثمرة بشی‌ء معلوم منها لا علی سبیل البیع (2)
______________________________
کشف الرموز إنکار ذلک حیث قال و شرط الشیخ أن یشق علی البائع الدخول و شرط التقابض و تابعه المتأخر و صاحب الوسیلة و لیس فی الروایة ذلک و ساق روایة السکونی (قلت) لم أجد صاحب الوسیلة تعرض فیها للمشقة کما أن صاحب السرائر لم یشترط التقابض و قد بینا آنفا أنه لیس فی الروایة منافاة لذلک و أن فی خبر المعانی إشارة إلی ذلک (و تنقیح المبحث أن یقال) إن کانت المشقة مأخوذة فی مفهوم العریة و أنها علة الحکم و مناطه و أن الحکم معها حیث دارت فإذا انتفت انتفی الحکم و إن جمعت کل الشرائط و إن کانت المشقة حکمة اطردت و إن کان الحکم تعبدیا اقتصر علی محل الوفاق فلیتأمل
(قوله) (لو قال بعتک هذه الصبرة من الغلة أو الثمرة بهذه الصبرة سواء بسواء فإن عرفا المقدار صح و إلا بطلا و إن تساویا عند الاعتبار سواء اتحد الجنسان أو اختلفا)
وفاقا للشرائع و الدروس و المیسیة و المسالک و خلافا لأبی علی علی ما حکی عنه و الشیخ فی المبسوط فإنه قال فیه إذا باع صبرة من طعام بصبرة فإن کانا من جنس واحد نظرا فإن کانا أکیالا و عرفا تساویهما فی المقدار جاز البیع و إن جهلا مقدارهما و لم یشترطا التساوی لم یجز لأن ما یجری فیه الربا لا یجوز بیع بعضه ببعض جزافا و إن قال بعتک هذه الصبرة بهذه الصبرة کیلا بکیل سواء بسواء فقال اشتریت فإنهما یکالان فإن خرجتا سواء جاز البیع و إن کانت إحداهما أکثر من الأخری فإن البیع باطل لأنه ربا و أما إذا کانتا من جنسین مختلفین فإن لم یشترطا کیلا بکیل سواء بسواء فإن البیع صحیح لأن التفاضل جائز فی الجنسین فإن اشترطا أن تکونا کیلا بکیل سواء فإن خرجتا متساویتین فی الکیل جاز البیع و إن خرجتا متفاضلتین فإن تبرع صاحب الصبرة الزائدة بالزیادة جاز البیع و إن امتنع من ذلک و رضی صاحب الصبرة الناقصة بأن یأخذ بقدرها من الصبرة الزائدة جاز البیع و إن تمانعا فسخ البیع بینهما لا لأجل الربا لکن لأن کل واحد منهما باع جمیع صبرته بجمیع صبرة صاحبه و علی أنهما سواء فی المقدار فإذا تفاضلا و تمانعا وجب فسخ البیع بینهما «انتهی» فقد جعل البیع مراعی بالتطابق مع تساوی الجنس و عدم الممانعة مع اختلافه و هو من باب الاکتفاء بالمشاهدة و المحکی عن أبی علی الاکتفاء بها من دون شرط و معنی سواء بسواء مثلا بمثل و قدرا بقدر علی ضرب من التجوز فإن السواء لا یصدق إلا بین شیئین و الشیخ لما ذکر هذه المسألة فی الباب تبعوه علی ذلک و إلا فمحلها شرائط البیع و لا خصوصیة لها بهذا المقام
(قوله) (یجوز أن یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه من الثمرة بشی‌ء معلوم منها لا علی سبیل البیع)
الحکم فی هذه المسألة مما لا خلاف فیه إلا من العجلی فنفاه أصلا کما ستسمع و قد دلت علیه الأخبار المتظافرة (منها) خبر یعقوب بن شعیب الذی رواه المشایخ الثلاثة علی اختلافهم فی الطریق إلی یعقوب بن شعیب و فیه الصحیح و غیره عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الرجلین یکون بینهما النخل فیقول أحدهما لصاحبه اختر إما أن تأخذ هذا النخل بکذا و کذا مسمی و تعطینی نصف هذا الکیل زاد أو نقص و إما أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 391
..........
______________________________
آخذه أنا بذلک و أرده علیک قال لا بأس بذلک (و منها) حسنة الحلبی أو صحیحته و صحیحة الکنانی و صحیحة یعقوب بن شعیب أیضا الواردات فی خرص عبد اللّٰه بن رواحة علی أهل خیبر فالحکم مما لا ریب فیه کما أشار إلیه جماعة حیث سلموه و تأملوا فی فروعه و ربما قالوا لا دلیل علیها (فالکلام یقع فی مقامات (الأول) أن هذا التقبیل هل هو معاملة برأسها غیر الصلح و البیع أو أحدهما و یکون مستثنی من القاعدة ظاهر الأصحاب الأول کما فی المسالک و هو کما قال بل هو صریح جماعة و فی الروضة نسبه إلی ظاهر الشهید و جماعة و فی التحریر و الدروس و جامع المقاصد أنه نوع من الصلح و فی المختلف و مزارعة الإیضاح أنه نوع تقبیل و صلح و فی تعلیق الإرشاد جعله من الصلح مشکل (و فی المسالک) أنه لا دلیل علیه و فی باب المزارعة من جامع المقاصد لم یرجح أحد الأمرین و تردد فی التذکرة فی جواز العقد بلفظ البیع و فی السرائر الذی ینبغی تحصیله أنه لا یخلو إما أن یکون قد باعه حصته من الغلة و الثمرة بمقدار فی ذمته من الغلة و الثمرة أو باعه الحصة بغلة من هذه الأرض فعلی الوجهین معا البیع باطل لأنه داخل فی المزابنة و المحاقلة و کلاهما باطلان و إن کان صلحا لا بیعا فإن کان ذلک بغلة أو ثمرة فی ذمة الأکار الذی هو الزارع فإنه لازم له سواء هلکت الغلة بالآفات السماویة أو الأرضیة و إن کان ذلک الصلح بغلة من تلک الأرض فهو صلح باطل لدخوله فی باب الغرر لأنه غیر مضمون فإن کان ذلک فالغلة بینهما سواء زاد الخرص أو نقص فلیلحظ ذلک فهو الذی تقتضیه أصول مذهبنا و تشهد به الأدلة (انتهی) (و أجیب) بأنه صلح صحیح و الغرر محتمل للنص فإذا تلف منه شی‌ء یلزم تلف بعض العوض المشروط فإذا لم یتحقق ضمانه لم یجب العوض قال (فإن قیل) إذا کان صلحا امتنع کونه بغیر عوض (قلنا) هو صلح صحیح و العوض مأخوذ من المعوض و مقتضی کلام الدروس و کلامهم جمیعا فی المزارعة أن ثبوته مراعی بالسلامة و عدمها فإن هلکت فلا صلح و إن سلمت ثبت و وجب العوض و قد تأمل فیه فی جامع المقاصد من وجهین (الأول) أنه لو هلک بعضها یجب القول بعدم بقاء الصلح فی الجمیع و فیه أن سلامة الجمیع شرط للصلح فی الجمیع و سلامة الأبعاض شرط للصلح فیها (الثانی) أنه لو تقبلها بعوض غیر مشروط منها فقد صرح فی الدروس بالجواز و لا معنی لاشتراط فراره بالسلامة حینئذ لأن المعوض إذا قبض بعوض وجب أن یکون مضمونا فإذا تلف وجب أن یبقی عوضه فی الذمة فیمتنع اجتماع المعاوضة و القول بالسقوط بالتلف و إنما یتجه إذا کان العوض من المعوض لأنه إذا رضی به المتقبل و تلف بغیر تفریط احتاج بدله فی الذمة إلی دلیل و لا منافاة بین کونه إذا تلف فی باقی المعاوضات یجب بدله و کونه إذا تلف هنا لا بدل له فإن المقتضی للوجوب هناک ثابت بخلافه هنا (انتهی) و أجیب أیضا عن إیراد ابن إدریس بأنه معاملة خاصة ورد بها النص (المقام الثانی) أن ظاهر النصوص أن هذه المعاملة تتأدی بأیّ لفظ اتفقا علیه و بأیة عبارة کانت و ظاهر الأصحاب کما فی المیسیة أنه یشترط فی صیغتها الوقوع بلفظ التقبیل «1» و فی مزارعة جامع المقاصد لا بد من إیجاب و قبول بلفظ التقبیل أو الصلح لکنه فی باب البیع قال لا بد من ذلک و أنه صلح فی المعنی (و فی المسالک) لا دلیل علی إیقاعه بلفظ التقبیل أو اختصاصه به (قلت) ظاهر النصوص أنها عقد مع الاتفاق علیه ظاهرا کما أن ظاهرهم الاتفاق علی أنها لیست بیعا و أنها معاملة برأسها کما
______________________________
(1) و أما أخبار المسألة فشأنها کشأن أخبار سائر العقود حیث لم یتضمن أکثرها التعرض للصیغ (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 392
..........
______________________________
سمعت و من قال إنها صلح أو تقبیل و صلح فإنه علی قلته یجوزه بلفظ التقبیل أو یعینه کما هو صریح جامع المقاصد و غیرها «1» و ظاهر الجماعة و الأصل بقاء الملک و عدم النقل فالمقطوع به هو ما کان بلفظ القبالة فاتجه القول بالاختصاص (المقام الثالث) أن ما عبر فیه بالجواز من کتب الأصحاب کالکتاب و النهایة و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و اللمعة و المفاتیح و الکفایة ربما لاح منه عدم لزوم هذه المعاملة و لیس کذلک لأن الغرض بیان رفع الحظر فلا دلالة فیها علی اللزوم و لا علی عدمه نعم کلامهم فی مطاوی المباحث مضطرب فی المقام ففی التذکرة تردد فی لزوم العقد و عبارة الکتاب هنا هی التی سمعتها لا دلالة فیها علی اللزوم نفیا و لا إثباتا و یأتی له فی باب المزارعة إشکال فی أن الزائد إباحة و أن الناقص بآفة سماویة غیر مضمون و ذلک ینافی کونها لازمة و فی التنقیح و إیضاح النافع و المیسیة التصریح بأنها غیر لازمة و الشهید الثانی تارة قال باللزوم و أخری بعدمه و أولویته و فی الوسیلة التصریح باللزوم و هو الأصح لما تقدم من أنه عقد و الأصل فیه اللزوم للعمومات الآمرة بالوفاء به من الکتاب و السنة (المقام الرابع) أن جماعة قالوا إن قراره مشروط بالسلامة من الآفة السماویة کالشیخ فی النهایة و الطوسی فی الوسیلة و المصنف فی الإرشاد و مزارعة الکتاب و الشهید فی الدروس و مزارعة اللمعة و ظاهر المحقق الثانی فی مزارعة جامع المقاصد الإجماع علیه حیث نسبه إلی الأصحاب و لا تخرج باشتراط السلامة عن نهج المعاوضات فإن المبیع فی زمن الخیار من ضمان البائع إذا کان الخیار للمشتری و إن تلف فی یده و ضمانها لا یزید علی ذلک و تردد فی التذکرة فی هذا الشرط و استشکل فیه فی تعلیق الإرشاد و قال الشهید الثانی دلیله غیر واضح قال المشترطون لو حصلت الآفة فتلف فسدت المعاملة و لو نقص بها فله أن لا یعطی حصة الشریک مما حصل بمعنی أنه یسقط منه بالنسبة و إن زاد فالزیادة له (و قد قیل) فی توجیهه بأن المتقبل لما رضی بحصة معینة فی العین صار بمنزلة الشریک (و فیه) أن کون العوض منها غیر لازم و إن جاز فالرضا إنما وقع بالقدر لا به مشترکا إلا أن ینزل علی الإشاعة و فی الروضة عدم اشتراط السلامة فی الصحة إن لم یشترط کون الثمن من نفس الثمرة أو اشترط و لم ینزل علی الإشاعة و یمکن أن یکون المراد بقوله فی الروایة زاد أو نقص ما کان من التخمین لا أنه جاءه آفة أم لا (و یمکن) أن یکون الشرط فی کلام من أطلق عدم الآفة بحیث تذهبه بالکلیة (و التحقیق) أنه عقد برأسه لازم من جهتهما لا ینثلم من جهة نقص أو زیادة من جهة الخرص و من تأمل وجد فی أیدی الناس منه کثیرا یقول أحد الشریکین حصتی لا تبلغ قفیزا مثلا فیقول له شریکه هو علی بقفیز و نصف مثلا و لیس الغرض إلا أنی ضامن نقصها من جهة خرصها لا من جهة آفة سماویة فإن أوقعا ذلک بعقد لزمت و إلا کان معاطاة و إلیه أشیر فی الخبر بقوله به قامت الدنیا و الحاصل أن الأمر فی المسألة واضح بلا تأمل و فی مرسلة محمد بن عیسی عن بعض أصحابه قال قلت لأبی الحسن علیه السلام إن لنا أکرة نزارعهم فیقولون قد حزرنا هذا الزرع بکذا و کذا فأعطوناه و نحن نضمن لکم أن نعطیکم حصة علی هذا الحرز قال و قد بلغ قلت نعم قال لا بأس بهذا قلت فإنه یجی‌ء بعد ذلک فیقول إن الحزر لم یجی‌ء کما حزرت قد نقص قال فإذا زاد یرد علیکم قلت لا قال فلکم أن تأخذوه بتمام الحزر کما أنه إذا زاد کان له کذلک إذا نقص کان علیه فکان دلیل الحکم الأول الإجماع علی الظاهر من جامع المقاصد کما عرفت و دلیل الحکم الثانی و هو أنه إذا کان النقص لا بآفة سماویة بل بخلل فی الخرص
______________________________
(1) الظاهر (و غیره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 393
و أن یبیع الثمرة مشتریها بزیادة و نقصان قبل القبض و بعده (1)
______________________________
لم ینقص شی‌ء للأصل و المرسلة الصریحة فی ذلک و ظاهر النصوص الأخر کما لم ینقص شی‌ء بتفریط المتقبل و کذا لو أتلفه متلف ضامن لم تتغیر المعاملة و طالب المتقبل المتلف بالعوض (ثم) إن مقتضی قوله فی الروایة إما أن تأخذ هذا النخل بکذا و کذا کیلا مسمی أنه یتقبل عن ثمرة المجموع فظاهره أنها تخرص و یتقبلها بخرصها فیکون للشریک نصف و عبارة الکتاب و غیرها خالیة عن ذلک و روایة نخیل خیبر دالة علی ذلک و أیضا عبارة الکتاب و غیرها فیها أن القبالة من الثمرة المتقبلة و فی جامع المقاصد أن فیه إشکالا لأن اشتراط کون العوض من المعوض ینافی صحة المعاوضة عند الجمیع و لیس فی النصوص ما یدل علی الجواز هنا انتهی (فلیتأمل) إذ المرسلة ظاهرة جدا فی أن القبالة من الثمرة کما أنها صریحة فی اشتراط بلوغ الثمرة أو الزرع و لا یشترط أن یکون من الثمرة بل نقول یجوز منها و من غیرها و لا فرق فی ذلک بین النخل و الزرع و الشجر کما أنه لا فرق بین الشریکین و الأکثر کما أنه لا فرق فی الخارص بین أن یکون أحدهما أو هما أو غیرهما و لا ریب أنه لا یجب القبول علی الشریک و قد سمعت ما حکیناه عن المصنف فی مزارعة الکتاب من استشکاله فی أن الزائد إباحة أم لا و قد اضطرب الشارحون فی بیانه فبناه بعضهم علی أن الربا یشمل المعاوضات فیشکل الحل (و فیه) أنه کذلک مع النقص و بعض علی أنه رضی بالقدر المخروص فیکون إباحة و من أن الجمیع حق له فلا ینتقل إلا بناقل و إنما رضی بذلک القدر بناء علی مطابقة الخرص إلی غیر ذلک مما ذکروه و الحق کما قاله المحقق الثانی أنه لا محصل له بعد ورود النصوص الصحیحة الصریحة بصحة هذه القبالة من غیر تفاوت بین المطابقة فی الخرص و عدمها و من دون التفات إلی الزیادة و النقصان للضرورة و عموم البلوی و أکثر العبارات یجوز أن یتقبل أحد الشریکین بحصة صاحبه بزیادة الباء فی مفعول یتقبل الذی هو الحصة فإنه متعد بنص أهل اللغة و جملة من العبارات کعبارة التحریر و مجمع البرهان و الکفایة سقط منها الباء المذکورة و هو الصحیح و لیعلم أن هذه المسألة لم تحرر فی غیر هذا الکتاب و قد استوفینا الکلام فیها فی المزارعة و بلغنا فیها أبعد الغایات
(قوله) (و أن یبیع الثمرة مشتریها بزیادة و نقصان قبل القبض و بعده)
بجنس الثمن و غیره من دون کراهیة و هذه المسألة محل وفاق کما فی المسالک و إلیها أشیر فی المقنعة و النهایة و صرح بها بقیودها فی أکثر کتب الأصحاب و هی منصوصة فی صحیحتی محمد الحلبی و محمد بن مسلم و فیهما التصریح بجواز بیعها قبل قبضها و فیه تنبیه علی أن الثمرة لیست مکیلة و لا موزونة فلا یحرم بیعها قبل القبض لو قلنا بتحریمه قبله فیما یعتبر بأحدهما و المفهوم فی صحیحة الحلبی متروک و فی النافع أن بیعها جائز علی کراهیة و لم نجد له موافقا مع أن فی الصحیح نفی البأس و لعله لإطلاق بعض الأخبار و النصوص بالمنع لکنه هو لم یجعلها سببا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 394
و لو اشتری لقطة من الخضراوات فامتزجت بالمتجددة من غیر تمییز فالأقرب مع مماکحة البائع ثبوت الخیار للمشتری بین الفسخ و الشرکة و لا خیار لو وهبه البائع علی إشکال (1)

[السابع یشترط فی الثمن الذی یشتری العریة به العلم بالکیل أو الوزن]

(السابع) یشترط فی الثمن الذی یشتری العریة به العلم بالکیل أو الوزن و لا تکفی المشاهدة
______________________________
للکراهیة مطلقا بل خصها بما قدر بأحد التقدیرین
(قوله) (و لو اشتری لقطة من الخضراوات فامتزجت بالمتجددة من غیر تمییز فالأقرب مع مماکحة البائع ثبوت الخیار للمشتری بین الفسخ و الشرکة و لا خیار لو وهبه البائع علی إشکال)
الخضراوات بفتح الخاء کما نص علیه ابن إدریس و فی جامع المقاصد أن الصواب مماحکة فإن المماکحة لا أصل لها فی اللغة و هو کما قال قال لکن قلم المصنف سبق إلی غیر المراد و معنی محک و ماحک لج و المراد بها هنا المناقشة فی المتجدد و قد قرب المصنف ثبوت الخیار للمشتری بین الفسخ و الشرکة عند المماحکة من دون فرق بین أن یکون تجدد ذلک قبل القبض أو بعده و لا بین أن یکون ذلک التجدد و الاختلاط بتفریط المشتری فی تأخیره قطعها فی أوانه و عدم تفریطه مع تفریط البائع بأن کان التأخیر بسببه و عدمه و وجه القرب التعیب بالشرکة و تعذر تسلیم المبیع منفردا و هذا إنما یتم فیما إذا کان الاختلاط قبل القبض و لا تفریط من المشتری لحصول النقص مضمونا علی البائع کما تضمن الجملة کذلک و لا فرق فی ذلک بین مماحکة البائع و عدمها کما إذا لم یطلب و لم یهب و أما إذا کان بعد القبض فلا خیار له لاستقرار البیع و براءة البائع من درکه بل قد یقال بأن للبائع الفسخ حینئذ لعیب الشرکة إذا لم یکن تأخیر القطع بسببه (فلیتأمل) و کذا إذا کان الاختلاط قبل القبض بتفریط المشتری لأن العیب جاء من جهته فلا یکون مضمونا علی البائع (فلیتأمل) فی ذلک و فی التذکرة و المختلف و الدروس و جامع المقاصد أن الاختلاط إن کان قبل القبض تخیر المشتری و إن کان بعده فلا خیار و قد اختلفت عباراتهم فی تأدیة ذلک فقد عبر بعضهم عن تخییر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بفسخ الحاکم البیع کما فی المبسوط و المختلف و بانفساخ العقد کما ستسمع عن الوسیلة (و لیعلم) أن المصنف فیما یأتی فی الکتاب و التحریر و التذکرة قال لو کانت الثمرة مؤبرة فهی للبائع فلو تجدد أخری فهی للمشتری فإن لم یتمیزا فهما شریکان فإن لم یعلما قدر ما لکل منهما اصطلحا و لا فسخ و معناه أنه لیس له الخیار و هذا یخالف ما هنا و ما سیأتی عن المبسوط فی المقام و ما ذهب إلیه فیه فی ذلک المقام أیضا إلا أن یفرق بین المقامین لکن کلام المصنف فی المختلف فی ذلک المقام و هذا المقام لم یختلف و المسألتان من سنخ واحد (و تمام الکلام) فی المقصد السادس قالوا و حیث یثبت الخیار للمشتری بوجه لا یسقط ببذل البائع له الجمیع أو ما شاء لأصالة بقاء الخیار و إن انتفت العلة الموجبة له کما لو بذل للمغبون التفاوت و لأن فی قبول ذلک منة (و فی المبسوط) أنه إن بذل البائع أجبر المشتری علی قبوله لأنه زاده زیادة و إن امتنع فسخ الحاکم البیع و هو المنقول عن القاضی و فی الوسیلة نحو ما فی المبسوط قال و إن اختلط و لم یتمیز و لم یسلم البائع جمیعه فسخ العقد بینهما (انتهی) و المصنف هنا تردد و فیما إذا وهب و فی التذکرة استوجه عدم السقوط و فی جامع المقاصد أن الهبة لا تتحقق بمجرد هبة البائع من دون القبول و العیب لا یزول إلا بانتقال الملک بالقبول و القبض فبدونهما تبقی الشرکة المعدودة من العیوب فیبقی الخیار بحاله و لا ریب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 395

[الثامن لا یجوز بیع ما المقصود منه مستور]

(الثامن) لا یجوز بیع ما المقصود منه مستور کالجزر و الثوم إلا بعد قلعه و مشاهدته (1) و لو اشتری الزرع قصیلا مع أصوله فقطعه فنبت فهو له أما لو لم یشترط الأصل فهو للبائع و لو سقط من الحب المحصود فنبت فی القابل فهو لصاحب البذر لا الأرض (2)

[الفصل الثالث فی الصرف]

اشارة

(الفصل الثالث فی الصرف) و هو بیع الأثمان بمثلها و شرطه التقابض فی المجلس و إن کانا موصوفین غیر معینین (3)
______________________________
أن القبول للهبة غیر واجب علیه لیسقط خیاره و حیث یلزم البیع بذاته أو یختار المشتری الإمضاء و الشرکة فطریق التخلص الصلح إذا لم یعلما القدر کما لو امتزج طعام زید بطعام عمرو و أما إذا علما القدر دون العین کما فی أربع نخلات قد أبر منها اثنتان و ثمرتها جمیعا متساویة أخذ کل منهما من الثمرة بقدر الذی له من الجملة و تمام الکلام فی الفرع السابع من المقصد السادس کما ستسمعه بلطف اللّٰه سبحانه و برکة خیر خلقه صلوات اللّٰه علیهم
(قوله) (لا یجوز بیع ما المقصود منه مستور کالجزر و الثوم إلا بعد قلعه و مشاهدته)
کما فی التذکرة و التحریر و جامع المقاصد و نسبه فی الدروس إلی جماعة و حکی فیه عن أبی علی جوازه و ذهب هو إلیه تحکیما للعرف و قال و أولی بالجواز الصلح و اعترضه فی جامع المقاصد بأن تحکیم العرف غیر ظاهر فإن ذلک مجهول إذ المقصود منه غیر مرئی و لا موصوف فلا یجوز بیعا بل صلحا و فی التحریر لو کان الظاهر مقصودا فالوجه جوازه منفردا أو مع أصوله و کذا لو کان معظم المقصود منه مستورا علی إشکال
(قوله) (و لو اشتری الزرع قصیلا مع أصوله فقطعه فنبت فهو له أما لو لم یشترط الأصل فهو للبائع و لو سقط من الحب المحصود فنبت فی القابل فهو لصاحب البذر لا الأرض)
هذه الأحکام ظاهرة و بها صرح فی الدروس و التذکرة و لا فرق فی کون ما نبت لصاحب البذر بین أن یکون قد رباه صاحب الأرض و سقاه أم لا نعم لصاحب الأرض أجرتها لأنه شغلها بماله إذا طالبه بتفریغها و لو لم یطالبه فلصاحبه المطالبة بذلک لدفع لزوم الأجرة و یأتی مثل هذا فی العاریة و المزارعة و لا یستحق أجرة السقی و الحفاظ و المراعاة لأنه متبرع بذلک إلا أن یأمره صاحب الزرع فتکون له أجرة المثل و قد وقعت مثل هذه العبارة للمصنف فی باب المزارعة فاستشکلوا فیها و حملت علی فساد المزارعة و لیس بوجیه بل المراد بالبذر هناک الحب فلا إشکال فیها
الفصل الثالث فی الصرف (قوله) (و هو بیع الأثمان بمثلها و شرطه التقابض فی المجلس و إن کانا موصوفین غیر معینین)
سمی بالأثمان لوقوعهما عوضا عن الأشیاء و اقترانهما بباء العوض غالبا و قد حکی الشهید فی حواشیه عن القطب الراوندی عن شیخه العلامة أنهما ثمن مطلقا و إن اقترنت الباء بغیرهما حتی لو باعه دینارا بحیوان ثبت الخیار للبائع مدعیا علی ذلک الاتفاق «انتهی فلیتأمل» و لا فرق فی بیع الأثمان بین أن یکونا مسکوکین أم لا تبعا لإطلاق النص و الفتوی و المراد بالمجلس ما هو أعمّ من مجلس العقد کما یأتی و اشتراط هذا الشرط أعنی التقابض قبل التفرق هو المشهور کما فی الکفایة و فی المسالک و المفاتیح أن الأصحاب کلهم علی خلاف ابن بابویه فربما کان الشرط إجماعیا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 396
..........
______________________________
و نحو ذلک ما فی المیسیة و قد قصر جماعة الخلاف علی الصدوق و فی التحریر هو شرط بلا خلاف و فی الغنیة الإجماع علیه بل ظاهره إجماع المسلمین حیث نفی الخلاف منا و منهم و فی السرائر أنه لا خلاف فی هذا الشرط و فی البطلان بدونه و فی کشف الرموز الإجماع علی البطلان کذلک و أن المخالف الصدوق و فی التنقیح روایات البطلان کثیرة و علیها انعقد عمل الأصحاب و فی إیضاح النافع خلاف ابن بابویه متروک و روایاته ضعیفة و فی الدروس روایاته متروکة و فی الشرائع و النافع أن الأشهر البطلان و فی الریاض أن علیه عامة من تقدم و من تأخر عدا من شذ و ندر و الأخبار فی ذلک متضافرة و فیها الصحیحة و المعتبرة و بذلک صرح فی المقنعة و النهایة و المبسوط و الوسیلة و ما تأخر عنها ما عدا مجمع البرهان و الکفایة فإن فیهما أن عدم الاشتراط لیس بذلک البعید کما قاله الصدوق (و نقل) هذا القول الشهید فی حواشیه عن صاحب البشری و نقل قولا بالتفصیل و هو إن کان ذهبا بذهب اشترط و کذا الفضة بالفضة و إن کان أحدهما بالآخر لا یشترط و مستند الصدوق و من وافقه الأخبار المستفیضة و هی علی ضعف بعضها و قصور سند البعض الآخر ضعیفة عن التکافؤ من وجوه شتی إذ الأصل فیها جمیعها عمار و محمد بن عمرو و فیها خبر واحد عن زرارة فی طریقه علی ابن حدید ففی الموثق عن الرجل یحل له أن یسلف دنانیر کذا بکذا درهما إلی أجل قال نعم لا بأس به فطرحها أو تأویلها بما ذکره الشیخ فی التهذیبین و غیره متعین و إن خالفت التقیة علی ما ذکره بعض لعدم مساواة هذا المرجح إن تم إذ قد سمعت ما فی ظاهر الغنیة للمرجحات فی تلک و قد ناقش المولی الأردبیلی رحمه اللّٰه فی أخبار المشهور فقال بعد إیرادها إن فی دلالة الکل تأملا إذ لیست الأخبار صریحة فی الاشتراط بل و لا فی الإثم و لأن یدا بید کأنه کنایة عن النقد لا النسیئة فلا یدل علی اشتراط القبض و لفظ ما أحب فی بعض الأخبار یشعر بالاستحباب و أصل الصحة و عموم الأدلة تقتضی عدم البطلان بالمفارقة مع الأخبار الکثیرة الصریحة فی جواز النسیئة فی بیع الذهب و الفضة بعضا ببعض (انتهی) (و أنت خبیر) بأن مضمر البجلی الصحیح إلیه صریح بالاشتراط قال سألته عن الرجل یشتری من الرجل الدراهم فیزنها و ینقدها و یحسب ثمنها کم هو دینارا ثم یقول أرسل غلامک حتی أعطیه الدنانیر فقال ما أحب أن یفارقه حتی یأخذ الدنانیر فقلت إنما هم فی دار واحدة و أمکنتهم قریبة بعضها من بعض و هذا یشق علیهم فقال إذا فرغ من وزنها و انتقادها فلیأمر الغلام الذی یرسله أن یکون هو الذی یبایعه و یدفع إلیه الورق و یقبض الدنانیر حیث یدفع إلیه الورق فالخبر صریح الدلالة فی المنع من التأخیر بعد نقد الدراهم و وزنها و المفروض أنهم فی دار واحدة فلم یرض علیه السلام إلا أن یرسل الغلام و یجعله وکیلا فی البیع و التقابض فی المکان الذی تدفع إلیه الورق و أما لفظ لا أحب فقد استعمل فی الأخبار بمعنی الکراهة و بمعنی التحریم و الفساد و المراد هنا أحد الأخیرین بقرینة صحیح منصور بن حازم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال إذا اشتریت ذهبا بفضة و فضة بذهب فلا تفارقه حتی تأخذ منه و إن نزی حائطا فانز معه و قرینة قوله أیضا علیه السلام فی آخر خبر (صحیح خ ل) الحلبی ما أحب أن أترک شیئا حتی آخذه جمیعه فلا تفعله فقد أمر علیه السلام فیهما بالتقابض و نهی عن التفرق قبله فکان ذلک قرینة علی إرادة التحریم أو الفساد من قوله علیه السلام لا أحب فإن قیل قضیة هذا الأمر و النهی وجوب التقابض شرعا و لم یقل به إلا ابن إدریس و المصنف فی التذکرة و الشیخ فی المبسوط فیما حکی و الشهید فی ظاهر الدروس مع احتمال کلام الدروس الوجوب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 397
و التساوی قدرا مع اتفاق الجنس (1) فلو افترقا قبله بطل (2) و لا یتحقق الافتراق مع مفارقة المجلس مصطحبین
______________________________
الشرطی لا الشرعی و مع ذلک فغایة الوجوب الإثم بالمخالفة لا بطلان المعاملة (قلنا) حمل الأمر و النهی علی حقیقتهما بعید لمکان تبادر الإرشاد من الأخبار المذکورة مع فهم الأصحاب و لعله لهذا لم یتعرض معظم الأصحاب إلی الوجوب الشرعی بل ظاهرهم الوجوب الشرطی لأن المفارقة تقتضی المفاسخة فلا حرمة فی المفارقة قبلها کما فی المختلف و لو فهمنا من الأخبار التحریم کما فی المسالک لم یتم فهم الإرشاد منها و ما هو إلا بیع فاسد و الإرشاد معناه فی المقام بمعونة فهم الأصحاب و عملهم و إجماعاتهم بطلان المعاملة مع عدم التقابض قبل المفارقة علی أن الأصحاب علی قولین إذ کل من أوجب التقابض و منع من دونه قال بالفساد مع عدمه و کل من قال بالصحة لم یوجب التقابض لا شرعا و لا شرطا هذا و الظاهر اختصاص هذا الشرط بالبیع دون ما عداه من المعاوضات کما هو قضیة الأصل و العمومات و اختصاص المثبت للشرط من النص و الإجماع بالبیع خاصة فلیلحظ و فی حواشی الشهید لو کان صلحا أو معاطاة لم یشترط القبض فی المجلس و فی جامع المقاصد عند شرح قوله و إن کانا موصوفین غیر معینین قال لا یظهر وجه کون هذا الفرد الأخفی لیعطفه بإن الوصلیة و لا فرق بین امتداد طول «1» الصحبة و عدمه کما صرح به جماعة نعم یشترط الحلول فلا یصح التأجیل و لو ساعة
(قوله) (و التساوی قدرا مع اتفاق الجنس)
هذا شرط ثان و لعل دلیله الإجماع و الأخبار کما فی مجمع البرهان و فی الغنیة أنه لا خلاف فیه إلا من مالک و قول ابن عباس بجواز التفاضل نقدا قد انقرض و انعقد الإجماع علی خلافه (انتهی) و به صرح فی المقنعة و النهایة و المبسوط و المراسم و الوسیلة و السرائر و ما تأخر عنها فلا یجوز التفاضل فی الجنس الواحد منهما بشی‌ء منهما أو غیرهما إجماعا لأنه ربا محض و یجوز فی الوصف فیجوز بیع جید الجوهر بردیئه کما نص علیه الأصحاب و صرحت به الأخبار کما یجوز التفاضل مع اختلاف الجنس بلا خلاف کما فی الغنیة مضافا إلی خصوص النصوص
(قوله) (فلو افترقا قبله بطل)
قال فخر الإسلام فی شرح الإرشاد التفرق بین المتبایعین قیل هو بالکلام و قیل هو بالأبدان و هو الأصح و مقدار التفرق أن یکون بخطوة فصاعدا و ذلک لأنه لما کان الاجتماع علی التساوم إنما هو بالأبدان کان الافتراق بها أیضا و أصله من الفرق و هو قسم الشعر و إبعاد بعضه عن بعض (قلت) و الأصحاب فی خیار المجلس قطعوا بحصول التفرق بالخطوة و به صرح جماعة فی المقام و الظاهر أن العرف یحکم بالخطوة لا بأنقص منها لأن الغالب عدم حفظ النسبة التی کانت بینهما فی مجلس العقد حتی وقت صعود الحائط و نزوله فمجرد تقدیم البعض علی البعض لا یضر و إن حصل به التفرق لغة فالمدار علی العرف و هو حاکم بالخطوة و لذلک طفحت عباراتهم بعدم بطلان العقد لو فارقا المجلس مصطحبین و الظاهر أنه لا خلاف فیه کما فی الریاض (قلت) الظاهر أنه لا خلاف فیه بین المسلمین إذ لم ینقل الخلاف فیه فی التذکرة عن أحد من العامة و یدل علیه بعد صحیحة منصور المتقدمة آنفا الأصل و العمومات و عدم استفادة شی‌ء من أخبار الشرط عدا التقابض قبل التفرق بالأبدان لا بالمجلس
______________________________
(1) قوله امتداد طول إلخ کذا فی نسختین و الظاهر أن إحداهما نسخة بدل عن الأخری (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 398
و لو قبض الوکیل قبل تفرقهما صح لا بعده (1) و لو قبض البعض صح فیه خاصة (2) و لو اشتری منه دراهم ثم اشتری بها دنانیر قبل قبض الدراهم بطل الثانی فإن افترقا بطلا (3)
______________________________
کما فی خیار المجلس و قد استوفینا الکلام فی خیار المجلس بما لا مزید علیه و بینا أن الافتراق و المفارقة من سنخ واحد و أنه ضد الاجتماع الذی لا تخلل بینهما و أنه لا فرق بین اللغة و العرف کما یقال لا تفارقه و لو خطوة و ما عداه توسع
(قوله) (و لو قبض الوکیل قبل تفرقهما صح لا بعده)
الوکیل إما أن یکون وکیلا فی القبض أو الصرف أو فیهما و هو أحدهما أو أجنبی فإن کان وکیلا فی القبض عنهما أو عن أحدهما فلا بد من قبضه فی مجلس العقد قیل تفرق المتعاقدین و ما فی حکمه و لا اعتبار بمفارقته لهما أو لأحدهما إذا لم یکن أحدهما و لا الوکیل الآخر کما إذا و کلا وکیلین و إن کان وکیلا فی الصرف سواء کان مع ذلک وکیلا فی القبض أم لا فالمعتبر مفارقته لمن وقع العقد معه دون المالک فالضابط کما فی جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الریاض أن المعتبر التقابض قبل تفرق المتعاقدین سواء کانا مالکین أو وکیلین
(قوله) (و لو قبض البعض صح فیه خاصة)
أی صح فی ذلک البعض المقبوض قبل التفرق کما الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس و اللمعة و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و غیرها للأصل و العمومات و وجود الشرط المصحح لبیع الصرف فیه و قضیة کلام جماعة و صریح آخرین أنه یبطل فی الباقی لفقد الشرط الموجب لفساده و قال جماعة و یتخیران معا فی إجازة ما صح فیه و فسخه لتبعض الصفقة الذی هو عیب موجب للخیار عندهم إذا لم یکن من أحدهما تفریط فی تأخیر القبض و لو کان تأخیره بتفریطهما فلا خیار لهما و لو اختص به أحدهما سقط خیاره خاصة لأن الضرر الموجب للخیار قد جاء من قبل المفرط فکان بالتفریط قادما علیه فلا موجب لخیاره مع اقتضاء الأصل و العمومات عدمه (و استشکل) فی ذلک صاحب الحدائق لما فی صحیحة الحلبی المتقدمة آنفا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یبتاع من رجل بدینار فیأخذ بنصفه بیعا و بنصفه ورقا قال لا بأس فسألته هل یصلح أن یأخذ بنصفه ورقا أو بیعا و یترک نصفه حتی یأتی بعد فیأخذ منه ورقا أو بیعا قال ما أحب أن أترک شیئا حتی آخذه جمیعا فلا تفعله (و فیه) أنه یحتمل انصرافه إلی صحة المجموع من حیث المجموع و لا کلام فیه
(قوله) (و لو اشتری منه دراهم ثم اشتری بها دنانیر قبل قبض الدراهم بطل الثانی فإن افترقا بطلا)
هذا قول الأکثر فی الحکمین کما فی المسالک و المشهور کما فی الکفایة و الحدائق و بهذین الحکمین صرح فی الشرائع و النافع و نکت النهایة علی ما نقل عنه و التحریر و التذکرة و الدروس و إیضاح النافع و کذلک المختلف و جامع المقاصد و المسالک و الأصل فی ذلک قول الشیخ فی النهایة إذا باع الإنسان دراهم بدنانیر لم یجز له أن یأخذ بالدنانیر دراهم مثلها إلا بعد أن یقبض الدنانیر ثم یشتری بها دراهم إن شاء و قد وجه الحکم الأول فی نکت النهایة بأن الصرف مشروط بالتقابض فإذا لم (لا خ ل) یملک الدنانیر حتی بقبضها فإذا اشتری بها دراهم فقد اشتری بما لا یملک (قلت) و استندوا فی الثانی المذکور فی الکتاب إلی عدم التقابض الذی هو شرط فی صحة بیع الصرف و خالف فی ذلک صاحب السرائر و صاحب التنقیح و مال المحقق الثانی و الشهید الثانی إلی احتمال نذکره إن شاء اللّٰه تعالی أما صاحب السرائر فإنه بعد أن نقل کلام النهایة الذی قد أسمعناکه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 399
و لو کان له علیه دنانیر فأمره أن یحولها إلی دراهم أو بالعکس بعد المساعرة علی جهة التوکیل صح و إن تفرقا قبل القبض لأن النقدین من واحد فلا إشکال (1)
______________________________
قال إن لم یتفارقا من المجلس إلا بعد قبض الدراهم المبتاعة بالدنانیر التی علی المشتری الأول فلا بأس بذلک و إن لم یکن قبضه الدنانیر التی هی ثمن الدراهم الأول المبتاعة هذا إذا عینا الدراهم الأخیرة المبتاعة فإن لم یعیناها فلا یجوز ذلک لأنه یکون بیع دین بدین و إن عیناها لم یصر بیع دین بدین بل یصیر بیع دین بعین و الذی فهمه الشهیدان من هذه العبارة أنه إن کان النقد المبتاع أولا معینا صح العقد الثانی إذا تقابضا فی المجلس و إن کان فی الذمة بطل الثانی لأنه بیع دین بدین (و أنت خبیر) بأن الظاهر منها أن مراده أنه إن کان مبتاعا أخیرا معینا صح العقد الثانی إذا تقابضا فی المجلس فلیتأمل (و کیف کان) فقد رده فی المختلف بأنه غیر جید (قال أما أولا) فلأن الشیخ یمنع من بیع ما یکال أو بوزن قبل قبضه انتهی (فلیتأمل فیه جیدا) فإن تم کان وجها آخر لعدم الصحة زیادة علی الوجه الذی نقلناه عن المحقق من عدم الملک لعدم التقابض الذی هو شرط فی صحة الملک فی الصرف و قال فی المختلف (و أما ثانیا) فحکمه بأنه لو اشتری بثمن غیر معین کان قد اشتری بالدین لیس بمعتمد (قلت) هذا مبنی علی أن الثمن متی لم یکن عینا بل فی الذمة و کان حالا غیر مؤجل لم یکن من قبیل الدین حتی یصدق علی بیع الدین به أنه بیع دین بدین و هذا (و هو خ ل) مما لا خلاف فیه و إنما الخلاف فیما إذا باع الدین الحاضر بثمن نسیئة و قد جوزه فی النهایة و المشهور المنع کما ستعرف ذلک فی باب الدین (و أما صاحب التنقیح) فإنه بعد أن نقل عن المحقق فی نکت النهایة ما سمعته قال و یرد علیه أنه اختار فیما تقدم أن المبیع یملک (البیع یملک خ ل) بالعقد مطلقا من غیر تخصیص بشی‌ء و اختار أیضا أنه یجوز بیع ما لم یقبض و إن کان مکیلا أو موزونا و هنا قد رجع قال و لا یرد ذلک علی الشیخ لأنه لا یجوز بیع ما یوزن قبل قبضه و یقول بأنه لا یملک المبیع بمجرد العقد مطلقا ثم قال و لنا أن نقول علی تعلیل المصنف إن بطلان البیع بالتفرق قبل القبض و ذلک لا یستلزم عدم تملک المشتری لجواز تملکه ملکا متزلزلا کالمبیع فی زمن الخیار فإن قبض لزم و إلا بطل و إذا ملک صح البیع الثانی لأنه اشتری بثمن مملوک و صح البیع الأول أیضا لأنه و إن لم یقبض الدراهم لکن قبض عوضها و هو الدنانیر و قبض العوض کقبض المعوض عنه انتهی (فتأمل) و قد کفانا مئونة رده الفاضل القطیفی فی إیضاح النافع فإنه بعد أن نقل عبارة النکت و أثنی علیها قال و خبط المقداد هنا خبطا فتوق خبطه و کأنه لم یتأمل کون التقابض شرطا فی صحة الصرف فلا یملک مطلقا بدونه کالهبة و أما المحقق الثانی و الشهید الثانی فإنهما احتملا أنهما إذا تقابضا قبل التفرق صح العقد الثانی و غایة ما یحصل فی البیع الثانی أن یکون فضولیا فإذا لحقه القبض صح (قلت) و یشکل کونه فضولیا عند القائل بعدم صحة الشراء بمال الغیر للمشتری و قد تقدم الکلام فیه مستوفی
(قوله) (و لو کان له علیه دنانیر فأمره أن یحولها إلی دراهم أو بالعکس بعد المساعرة علی جهة التوکیل صح و إن تفرقا قبل القبض لأن النقدین من واحد فلا إشکال)
الأصل فی ذلک ما رواه المشایخ الثلاثة عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام یکون للرجل عندی الدراهم الوضح فیلقانی و یقول لی کیف سعر الوضح الیوم فأقول له
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 400
..........
______________________________
کذا و کذا فیقول أ لیس لی عندک کذا و کذا ألف درهم وضحا فأقول نعم فیقول حولها إلی دنانیر بهذا السعر و أثبتها عندک فما تری فی هذا فقال إن کنت قد استقصیت السعر یومئذ فلا بأس بذلک فقلت إنی لم أوازنه و لم أناقده إنما کان کلاما منی و منه فقال لی أ لیس الدراهم من عندک و الدنانیر من عندک فقلت بلی قال لا بأس بذلک و الوضح محرکة الدرهم الصحیح و الخبر صحیح فی التهذیب علی الصحیح فی أن إسحاق بن عمار حیث تکون الروایة عن الصادق علیه السلام هو ابن حیان الصیرفی الثقة لا الساباطی الفطحی و قد وسم هذا الخبر بالصحة فی الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و الدروس و المهذب البارع و تعلیق الإرشاد و غیرها و هذا یرشد إلی ما قلناه من أن الراوی عن الصادق علیه السلام ابن حیان و لیس فی طریق ثقة الإسلام إلا سهل و الأمر فیه سهل جدا و إن استصعبه الأستاذ الشریف أدام اللّٰه حراسته و قد وصف المصنف طریق الصدوق إلی إسحاق بن عمار بالصحة لکن فیه علی بن إسماعیل و هو ابن إسماعیل بن عیسی کما وقع التصریح به فی طریقه إلی زرارة لکنه غیر مذکور فی کتب الرجال لکن الظاهر أنه علی بن السندی و هو ثقة کما حققه الأستاذ قدس سره فی فوائده و نحوه موثقة عبید بن زرارة و قد عمل بالخبر علی ظاهره أبو علی فیما حکی عنه و الشیخ فی النهایة و الخراسانی فی الکفایة و قد فهم المصنف فی المختلف و غیره أن الشیخ و أبا علی قائلان بأنه بالتحویل یحصل التحول و البیع و الشراء فهو صرف مخالف لغیره و ظاهره اختیاره و نحو عبارة النهایة عبارة النافع و کشف الرموز حیث تضمنتا التحویل و المساعرة و أنه إذا قبل صار صرفا و فی الوسیلة و الشرائع و الإرشاد فرضت المسألة فیمن اشتری دنانیر ممن علیه الدراهم و هذه الکتب لم یتعرض فیها للتوکیل فی البیع و لا فی القبض فکان العمل بظاهر الخبر خیرة الشیخ فی النهایة و الطوسی فی الوسیلة و المحقق فی الشرائع و النافع و الآبی فی کشف الرموز و المصنف فی المختلف و الإرشاد و أبو العباس فی المهذب فهم من الروایة و من الشیخ و أبی علی و المحقق و المصنف أن ذلک صرف و بیع دین بدین و أن الأمر بالتحویل و المساعرة قائم مقام التملیک و العقد ثم وجه ذلک بأن ما فی الذمة مقبوض و أن قبض الوکیل قبض الموکل و أنه یجوز تولی طرفی العقد لواحد فلما أمره بالتحویل فقد وکله فی المعاوضة فقد نزل کلامهم علی التوکیل و نحوه ما فی التنقیح حیث قال إن أمره بالتحویل توکیل و فی المسالک أن القائلین بالتحویل ربما بنوا أمرهم علی مقدمات و عد منها أن الأمر بالتحویل توکیل فی تولی طرفی العقد و عد منها أن التوکیل فی البیع إذا توقفت صحته علی القبض یکون وکیلا فیه (و قال فی الدروس) إن ظاهر الخبرین أنه بیع و أنه توکیل للصیرفی فی القبض و فرض المسألة فی اللمعة فی ذلک أعنی الشراء و التوکیل فی القبض و کأنه مال إلیه فی الروضة و ستعرف من قصر الروایة و المسألة علی التوکیل فی البیع فکان المدار عند الکل علی الروایة قال فی کشف الرموز الروایة مشهورة بین الأصحاب و یؤیدها الأصل قال و ما أعرف مخالفا إلا المتأخر و لیس خلافه بشی‌ء و الأمر کما قال بالنسبة إلیه إلا ما فی سلم المبسوط لأن الخلاف حدث بعده و فی الدروس أن قول ابن إدریس نادر و فی الحدائق الظاهر أن لا مخالف إلا ابن إدریس (قلت) ستعرف الموافق له قال فی السرائر بعد أن نقل عبارة النهایة التی هی مضمون الخبر إن أراد بذلک أنهما افترقا قبل التقابض من المجلس فلا یصح ذلک و لا یجوز بغیر خلاف و إن أراد أنهما تقاولا علی السعر و عینا الدراهم المبتاعة أو الدنانیر المبیعة و تعاقدا البیع و لم یوازنه و لا ناقده
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 401
..........
______________________________
فذلک باطل بلا خلاف (یدلک) علی ذلک ما قاله شیخنا فی مبسوطه و ساق کلام المبسوط فی باب السلم فیما إذا أقاله من المسلم فیه و أراد أخذ ماله و هو قوله فإن أخذ الدنانیر بدل الدراهم أو الدراهم بدل الدنانیر وجب أن یقبضها فی المجلس قبل أن یفارقه لأن ذلک صرف و فی التذکرة بعد أن قال مثل ما فی الکتاب (قال) و لو لم یکن علی جهة التوکیل فی البیع بل اشتری منه بالدراهم التی فی ذمته دنانیر وجب القبض قبل التفرق لأنه صرف فات شرطه فکان باطلا و فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد أن الحق أن المسألة مقصورة علی التوکیل خاصة یعنی فی البیع قال و لو تعاقدا من غیر توکیل لم یصح إذا تفرقا قبل القبض کما قاله ابن إدریس و لیس فی عبارة الشیخ و الروایة ما ینافی ذلک فلا حاجة إلی أن یقال إنها واقعة خاصة (قلت) الشیخ لا یجیز تولی طرفی العقد لواحد و مثل ما فی جامع المقاصد ما فی إیضاح النافع و قد نفی فخر الإسلام الحمل علی التوکیل کما حکی عنه الشهید فی حواشیه قال قال فخر الإسلام فی الروایة مخالفة من وجهین الأول أن هذا أمر بمعاوضة الصرف من غیر عقد شرعی (و أجاب) والدی بأن هذا الأمر توکیل (قلنا) یلزم أحد الأمرین إما التملیک بمجرد الأمر و إما تولی الشخص الواحد طرفی البیع و الأول باطل إجماعا و الثانی یلزم منه التفرق قبل القبض و أجاب والدی بأنه مبنی علی مسألتین إن ما فی الذمة مقبوض و إن قبض الوکیل قبض الموکل (قلنا) یلزم أن یکون التوکیل فی الشراء توکیلا فی قبض الثمن و لیس کذلک فقال هذه الصورة مستثناة من القاعدة الکلیة (و فی الإیضاح) أنه إن کان بیعا فلا بد فیه من القبض و صحته تتوقف علی مقدمات (الأولی) أنه لیس من باب بیع دین بدین (الثانیة) جواز تولی الواحد طرفی العقد (الثالثة) أن ما فی الذمة مقبوض (الرابعة) أن قبض الوکیل قبل الموکل قال و کلها لا تخلو عن الشک و الاحتمال إلا الأخیر فالأقوی عندی أنه نص فی قضیة خاصة فلا یتعدی إلی غیرها و مثله قال فی شرحه علی الإرشاد و مثله ما فی التنقیح مع زیادة مقدمة أخری و هی جواز تولی طرفی القبض و ترک رابعه الإیضاح و زاد فی المسالک و المیسیة مقدمة أخری و هی أن الوکیل فی البیع إذا توقفت صحته علی القبض یکون وکیلا فیه و إلا فلا لأن مطلق التوکیل فی البیع لا یقتضی التوکیل فی القبض و قالوا إذا سلمت هذه المقدمات صحت المسألة (و قال) فی المهذب البارع الروایة من الصحاح و إذا أمکن العمل بها علی وجه من التأویل وجب و لا یجوز ردها لأن الأخذ من العمومات اجتهاد و لا یجوز العمل و ترک النص (فنقول) إن هذه مبنیة علی مقدمات مسلمة و إن وقع فی بعضها شک و خلاف متروک فلا عبرة ببدو المخالف (و قد سمعت) مقدماته الثلاثة المذکورة آنفا و فی جامع المقاصد قد تکلف الشارح ولد المصنف بناء المسألة علی مقدمات و ساقها و أخذ فی ردها فرد الأولی بأن المسألة المفروضة لیست من هذا فی شی‌ء إذ التوکیل إنما یحمل علی العقد الصحیح کائنا ما کان و قال فی المقدمة الثانیة إن الإشکال فیها متجه غیر أن المصنف اختار الجواز و لیس ببعید أن یکون الإشکال بهذا الاعتبار و رد الثالثة بأنها کالأولی إذ لا حاجة بنا إلی فرض المسألة مقصورة علی بیع ما فی ذمته بما فی ذمته بل یمکن فرضها فی تعیین کل من النقدین إن لم نجوز ذلک و قال فی الرابعة لما کانت موضع وفاق لم یمکن بناء المسألة المشکلة علیه ثم قال فإن قیل التعلیل بکون النقدین من واحد لا دخل له فی صحة المسألة قلنا من حیث إنه کان وکیلا و النقدان منه کان التقابض ممکنا (انتهی) و حاصل کلامه تنزیل التحویل علی التوکیل فی البیع و أنه یستلزم التوکیل فی القبض فی المقام و هذا لم یصرح به لکنه قد یستفاد من کلامه لکنه یلزمه أن یشترط قبض عین العوضین بعد العقد بنیة نفسه و نیة موکله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 402
و لو تفرقا قبل الوزن و النقد صح مع اشتمال المقبوض علی الحق (1) و الجودة و الرداءة و الصیاغة و الکسر لا توجب الاثنینیة (2)
______________________________
لأنه فرض المسألة فی تعیین کل من العوضین و یحتمل أن لا یشترط ذلک للخبرین أو لأن قبضه لهما کاف و إن فرضت فی بیع ما فی ذمته بما فی ذمته لأن الفرض الأول نادر فیحتمل عدم الاشتراط أیضا للخبرین أو یقال به لأن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و هو وارد فی المسألة السابقة إلا أن ما فی الذمة هنا أولا کان ثابتا مستقرا بخلاف السابقة فإن الدراهم المشتراة أولا لم تستقر فی الذمة بسبب توقفه علی القبض فلم یکن حصول النقدین من واحد کافیا و المولی الأردبیلی حمل أولا عبارة الإرشاد علی ما هو المراد ثم إنه تأمل فیه و احتمل التوکیل ثم إنه احتمل أن الدنانیر فی ذمة المشتری و أن الدراهم فی ذمة البائع و استشکل فیه من جهة أنه بیع دین بدین و ظاهره أنه لم یظفر بأخبار المسألة و إلا فالاحتمال الأخیر لا یجری فی الخبرین و أنه ظن أن هذا الحکم إنما وقع فی کلام الأصحاب لا فی الأخبار فلیلحظ کلامه من أراد الوقوف علیه و بعد هذا کله لو حمل الخبر علی المعاطاة لم یکن فیها للقواعد منافاة (و لیعلم) أن المصنف فی المختلف احتمل حمل کلام الشیخ علی التوکیل قال و حینئذ فلا إشکال سواء تقابضا فی المجلس أو لا و هنا تردد مع أنه فرض المسألة علی جهة التوکیل و قد سمعت ما ذکره فی توجیهه فی جامع المقاصد و له وجوه أخر تفهم مما مر
(قوله) (و لو تفرقا قبل الوزن و النقد صح مع اشتمال المقبوض علی الحق)
یرید أنه لا یشترط الوزن و النقد حالة العقد و لا حالة القبض فلو صارفه مائة دینار بألف درهم ثم دفع إلیه دراهم غیر معلومة القدر و النقد و تفرقا صح البیع إن کان المدفوع قد اشتمل علی الحق أو زاد أما لو نقص فإنه یبطل فی القدر الناقص خاصة لوجود المقتضی للصحة و عدم المانع و هو انتفاء القبض إذ لم یشترط فی القبض التعیین کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و الأصل فی ذلک ما ذکره الشیخ فی النهایة قال إذا أخذ إنسان من غیره دراهم و أعطاه الدنانیر (دنانیر خ ل) أکثر من قیمة الدراهم أو أخذ منه الدنانیر و أعطاه الدراهم مثل ما له أو أکثر من ذلک و ساعره علی ثمنه کان ذلک جائزا و إن لم یوازنه و یناقده فی الحال لأن ذلک فی حکم الوزن و النقد و لا یجوز ذلک إذا کان ما یعطیه أقل مما له فإن أعطاه أقل و ساعره مضی البیع فی المقدار الذی أعطاه و لم یمض فیما هو أکثر منه و الأحوط فی ذلک أن یوازنه و یناقده فی الحال أو یجدد العقد فی حال ما ینتقد و یتزن و قد نقل هذه العبارة برمتها فی السرائر و فسر قوله إن ذلک فی حکم الوزن و النقد بأن الأخبار بمبلغ الموزون و المکیل یقوم مقام الوزن و الکیل قال لأنهما لا یجوزان أن یباعا جزافا من دون وزن أو إخبار بوزن انتهی (فلیتأمل فیه جیدا) و یشیر إلی ذلک موثق إسحاق بن عمار قال سألت أبا إبراهیم علیه السلام عن الرجل یأتینی بالورق فأشتریها منه بالدنانیر فأشتغل عن تعبیرها و وزنها و انتقادها و فضل ما بینی و بینه فیها فأعطیه الدنانیر و أقول له إنه لیس بینی و بینک بیع فإنی قد نقضت الذی بینی و بینک من البیع و ورقک عندی قرض و دنانیری عندک قرض حتی یأتینی من الغد فأبایعه قال لا بأس و قد استدل به فی التذکرة علی ما نقلناه عنها (فلیتأمل) و فی الدروس لو تقابضا جزافا لیزناه فی موضع آخر جاز الافتراق
(قوله) (و الجودة و الرداءة و الصیاغة و الکسر لا یوجب الاثنینیة)
بلا خلاف أصلا إلا من الشافعی کما یفهم ذلک من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 403
و یجوز التفاضل مع اختلاف الجنس (1) و المغشوش یباع بغیر جنسه إن جهل قدره (2) و إلا جاز بجنسه بشرط زیادة السلیم فی مقابلة الغش
______________________________
عبارتی الخلاف و التذکرة لأن جید کل جنس و ردیئه واحد فلا ربا مع التماثل فی المقدار و النصوص بذلک مستفیضة کصحیحة الحلبی و خبر أبی بصیر و غیرهما
(قوله) (و یجوز التفاضل مع اختلاف الجنس)
بلا خلاف کما فی الغنیة و ظاهره أن مراده نفیه بین المسلمین و الأخبار بذلک متظافرة منها الصحیحان عن الرجل یبتاع الذهب بالفضة مثلا بمثلین قال لا بأس به یدا بید
(قوله) (و المغشوش یباع بغیر جنسه إن جهل قدره)
و لا یباع بجنسه کما فی المبسوط و النهایة و الوسیلة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و غیرها و قد نفی عنه الخلاف فی الریاض و ادعی علیه الإجماع فی بعض العبارات المتأخرة و فی الصحیح عن عبد اللّٰه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن شراء الذهب فیه الفضة و الزیبق و التراب بالدنانیر و الورق قال لا تصارفه إلا بالورق قال و سألته عن شراء الفضة فیها الرصاص بالورق إذا خلصت نقصت من کل عشرة درهمین أو ثلاثة فقال لا یصلح و نحوه غیره و الحصر فی النص و الفتوی مبنی علی الغالب من أن المغشوش لا یباع بوزنه خالصا فإن بناء البیع و الشراء علی المماکسة و المغالبة و من المعلوم أن المشتری لا یبذل فضة خالصة أو ذهبا کذلک فی مقابلة الغش و إلا فلو تحقق خلاف الغالب و وقع ذلک صح بیعه بجنسه أیضا متی علم زیادة الخالص عن مجانسة المغشوش و إن لم یبلغ قدر المجموع من النقد و الغش کما نبه علی ذلک فی التحریر و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و مجمع البرهان و استحسنه صاحب الکفایة ثم قال الأحوط عدم التعدی عن المنصوص (قلت) الوجه فیما ذکروه هو أنه إذا بیع المغشوش بالخالص وزنا فإن الزیادة التی فی الخالص تکون فی مقابلة الغش فلا مانع حینئذ (و لکن) لما کان بناء البیع و الشراء علی ما ذکروه لم یجز ذلک إلا مع علم المشتری و رضاه بذلک و أما إذا کان الغش معلوما فإنه یجوز بیعه بمثل جنسه مع زیادة تقابل الغش و کذا لو جهل قدره و لکن علم أنه لا یزید عن النصف فإنه یجوز بیعه بزیادة یسیرة عن النصف من جنسه و ینصرف الزائد فی مقابله (و قد صرح جماعة) بأنه یکفی فی الزیادة أن تصلح عوضا فی مقابلة الغش بحیث أن تکون متمولة عرفا و إن لم تکن قدر قیمته و قال جماعة إنه لا بد من التقابض قبل التفرق فی المقام الذی یصح فیه البیع کما هو الشرط فی الصرف و أما الأخبار الکثیرة المعتبرة الدالة علی أنه یجوز بیع المغشوش بمثل ما فیه إن کان الغالب هو ذلک بحیث لا یطلق علیها اسم ذلک فتحمل علی أن الغش مضمحل لا قیمة له فالغش المعتبر هو ما یکون له قیمة دون ما یستهلک کما نبه علیه فی التذکرة و جامع المقاصد لکنه فی المبسوط أطلق عدم جواز بیعه بجنسه سواء کان الغش مستهلکا أم لا و یأتی قریبا إن شاء اللّٰه تعالی لهذه الأخبار محل آخر و سیأتی فی بیع الرصاص بالفضة ما له نفع فی المقام و یجوز بیع أحد المغشوشین المتجانسین بالآخر مطلقا و لو کان مقدار الخالص منهما مجهولا بل و لو علم زیادة الخالص فی أحدهما علی الخالص الذی فی الآخر لأن الغش ضمیمة تصلح للربا و عدمه و أما بیع المغشوش بالنقد الآخر و غیره من الأمتعة و الأموال مع الجهل بمقدار الغش فهو مما لا إشکال فیه و لا خلاف و دلیل جوازه حینئذ ظاهر لحصول الشرط لکنهم قالوا لا بد من العلم بمقدار المجموع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 404
و لا یجوز إنفاقه إلا إذا کان معلوم الصرف بین الناس فإن جهل وجب إبانته (1) و تراب معدن أحد النقدین یباع بالآخر احتیاطا (2)
______________________________
لاعتبار الوزن فیهما و قد تأمل فیه صاحب مجمع البرهان ثم قال لا یبعد عدمه و لا ریب أنه یجوز بیعه مع العلم بالغش أیضا بالنقد الآخر و لم یذکره المصنف لظهوره و المراد بالجهالة جهالة کل من البائع و المشتری کما هو السابق إلی الفهم منها و أما جهالة أحدهما ففیه احتمالان و یکفی فی المسألة الآتیة جهالة أحدهما لأنها تصدق حینئذ و لأنها إن منعت منعت حیث وجدت (فتأمل)
(قوله) (و لا یجوز إنفاقه إلا إذا کان معلوم الصرف بین الناس فإن جهل وجب إبانته)
کما فی الإستبصار و السرائر و التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و جامع المقاصد بل هو خیرة النهایة و فی المختلف الإجماع علیهما مضافا إلی الأصل و العموم فی الأول و لزوم الغش فی الثانی و لا خلاف بین قول الشیخ فی الإستبصار و قوله فی النهایة کما بینه فی المختلف و قد أطال فی السرائر من غیر طائل حیث زعم أن بین کلامیه فی الکتابین اختلافا قال الشیخ فی النهایة لا یجوز إنفاق الدراهم المحمول علیها إلا بعد بیان حالها و لا ریب أن البیان إنما یکون مع الجهالة أما مع الظهور و معلومیة صرفها بین الناس فلا حاجة إلی البیان فکانت موافقة لعبارة الإستبصار التی هی کعبارة الکتاب و المراد بالإنفاق هو بیعه و الشراء به کما فی جامع المقاصد و هو وارد فی الأخبار و هل یدخل فیه ما إذا دفعه فیما یؤخذ منه فی غیر حق احتمالان أقواهما (أقربهما خ ل) الجواز للأصل و دفع الضرر عن النفس و عدم الغرر و أنه لم یدفعه له بشرط أن ینفقه و قد ورد «1» فی الستوق «2» الأمر بکسره و أنه لا یحل بیعه و لا إنفاقه (فلیتأمل جیدا) (و معنی) کونه معلوم الصرف أن یعلم مقدار ما فیه من الصافی أو مقدار ما یساوی باعتبار ما فیه من الصافی و الغش أو یراد کونها متداولة فی المصر فلیتأمل (و قد تضمنت) جملة وافرة من الأخبار نفی البأس عن إنفاق الدراهم المحمول علیها إذا کان الغالب علیها الفضة و فی بعضها التقیید بما إذا کان جواز المصر و فی بعضها بما إذا جازت الفضة الثلثین و فی خبر المفضل الأمر بکسره و عدم حل بیعه و إنفاقه کما سمعت آنفا و قد جمع الشیخ و الجماعة بینها بأنها إذا کانت معلومة الصرف متداولة بین الناس فلا بأس بإنفاقها علی ما جرت به العادة و إن جهل غشها لانتفائه حینئذ و إن لم یعلم صرفها لم یجز إلا بعد بیان غشها و المراد من إبانته إظهار حاله بحیث یتبین و هل یکفی فیها أن یقول هذا مغشوش أم لا بد أن یقول فیه من الفضة کذا و من الناس کذا قال المحقق الثانی لا أعلم فی ذلک تصریحا و المتجه أنه إن کان یباع بجنس ما فیه من الجوهر لا بد من الإبانة لتعلم السلامة من الربا و إن بیع بغیر جنسه کفی قول أن فیه غشا لأن ذلک لو منع لمنع فیما إذا کان قدر الغش مجهولا و قد أطلقوا جواز بیعه بغیر الجنس
(قوله) (و تراب معدن أحد النقدین یباع بالآخر احتیاطا)
یرید أنه یجب بیعه بالنقد الآخر للاحتیاط فی التحرز عن الربا و هو معنی قول جماعة
______________________________
(1) و هو ما رواه المفضل قال کنت عند أبی عبد اللّٰه علیه السلام فألقی بین یدیه دراهم فألقی إلی درهما منها فقال أیش هذا فقلت ستوق فقال و ما الستوق فقلت طبقتین فضة و طبقة من نحاس و طبقة من فضة فقال اکسرها فإنه لا یحل بیع هذا و لا إنفاقه (حاشیة)
(2) ستوق کتنور و قدوس زیف بهرج ملبس بالفضة (قاموس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 405
و لو جمعا بیعا بهما (1) و لا اعتبار بالذهب الیسیر فی جوهر الصفر و لا بالفضة فی جوهر الرصاص (2)
______________________________
کثیرین و لا یباع تراب معدن الفضة بالفضة و یباع بالذهب و الحکم مما لا ریب فیه عندهم لاحتمال زیادة أحدهما علی الآخر إذ الفرض کون النقد مجهولا و لو علمت زیادة الثمن عما فی التراب من جنسه لم یصح هنا و إن صح فی المغشوش بناء علی أن التراب لا قیمة له لتصلح فی مقابلة الزائد قال فی جامع المقاصد و لو بیع بوزنه من النقد المجانس له فالظاهر عدم الجواز لأن ما فیه من التراب لا قیمة له فیبقی فی المقابل بغیر عوض (قلت) و منه یعلم جواز بیع التراب بالخالص مع مساواة مقدار جوهریهما لعدم الزیادة و التراب وجوده کعدمه لأن کان لا قیمة له و کما یجوز بیعه بالنقد الآخر یجوز بمخالفها من غیر ریب لأنه أبعد عن الربا و به صرح جماعة و ترکه آخرون لظهوره
(قوله) (و لو جمعا بیعا بهما)
أی لو جمع الترابان بأن خلطا و مزجا أو کانا مخلوطین جاز بیع المجموع بالنقدین و إن جهلا مساواة مقدار الثمن للمثمن لانصراف کل واحد إلی ما یخالفه و الأصل حمل العقد علی الصحة مهما أمکن (و للمعتبرة منها) ما رواه أبو عبد اللّٰه مولی عبد ربه عن الصادق علیه السلام أنه سأله عن الجوهر الذی یخرج من المعدن و فیه ذهب و فضة و صفر جمیعا کیف نشتریه قال تشتریه بالذهب و الفضة جمیعا و هو واضح علی أصولنا و به طفحت عبارات أصحابنا و المخالف الشافعی فمنع لجهالة المقصود و هو ممنوع و کذا الحال من دون إشکال فیما إذا لم یختلطا و أرید بیعهما صفقة کما صرح به جماعة و کذا یجوز بیعهما بأحدهما مع زیادة الثمن علی مجانسه بحیث یقابل تراب معدن الآخر کما صرح به کثیر ممن تأخر و لو بیعا بغیرهما صح بطریق أولی کما عرفت آنفا و هل یدخل مثل هذه فی بیع الصرف فیشترط فی صحته التقابض قبل التفرق ظاهر الأصحاب الاشتراط و یظهر من الأخبار فی بیع السیوف المحلاة اشتراط التقابض فهذا أولی و یحتمل العدم لأنه لا یصدق علیه بیع الأثمان بالأثمان و عدم صدق الذهب و الفضة و إنما هو ترابهما (فلیتأمل)
(قوله) (و لا اعتبار بالذهب الیسیر فی جوهر الصفر و لا بالفضة فی جوهر الرصاص)
یجوز بیع الرصاص بفتح الراء بالفضة و النحاس بضم النون بالذهب و إن اشتمل کل منهما علی یسیر من جنس ما بیع به و هو مما لا خلاف فیه لأن الأحکام تابعة لصدق التسمیة و ما فی کل منهما من یسیر الفضة و الذهب مضمحل فی جنبهما و الاسم صادق بدونهما فکان ذلک تابعا غیر مقصود فأشبه الحلیة علی سقوف الجدران فلا یشترط حینئذ العلم بزیادة الثمن من ذلک الیسیر من الذهب و الفضة لیکون فی مقابلة الجنس الآخر و لا القبض قبل التفرق مضافا إلی النصوص و فیها الصحیح علی الصحیح فی إبراهیم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الأسرب یشتری بالفضة فقال إذا کان الغالب علیه الأسرب فلا بأس و الظاهر أن المراد الغلبة فی صدق الاسم لا الغلبة فی الجنس فإن مجرد الأغلبیة فی الجنس غیر کافیة فی جواز البیع بذلک النقد کیف اتفق حتی لو کان عشرا یمکن تمییزه لم یجز بیعه بجنسه إلا مع الزیادة فی الثمن علیه بحیث تقابل الآخر إلا أن یراد بالغلبة الغلبة المستولیة علی النقد بحیث یعد مضمحلا تجوزا و فیما رواه یونس عن معاویة بن عمار و غیره عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام ما یدل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 406
و المصاغ من النقدین إن جهل قدر کل واحد بیع بهما أو بغیرهما أو بالأقلّ إن تفاوتا و إن علم بیع بأیهما شاء مع زیادة الثمن علی جنسه و لو بیع بهما أو بغیرهما جاز مطلقا (1)
______________________________
علی أن المراد بالغلبة الغلبة فی صدق الاسم قال سألته عن جوهر الأسرب و هو إذا خلص کان فیه فضة أ یصلح أن یسلم الرجل فیه الدراهم المسماة فقال إذا کان الغالب علیه اسم الأسرب فلا بأس بذلک یعنی لا یعرف إلا بالأسرب و هذه الزیادة یحتمل أن تکون من الإمام علیه السلام أو من الراوی أو من الکلینی و الأسرب ضبطه فی السرائر بأنه مضموم الأول مسکن السین مضموم الراء مشدد الباء قال و هو الرصاص و للشیخ فی المبسوط کلام تقدم نقله عند شرح قوله و المغشوش یباع بغیر جنسه فینبغی أن یلحظ
(قوله قدس سره) (و المصاغ من النقدین إن جهل قدر کل واحد بیع بهما أو بغیرهما أو بالأقلّ إن تفاوتا و إن علم بیع بأیهما شاء مع زیادة الثمن علی جنسه و لو بیع بهما أو بغیرهما جاز مطلقا)
و مثل ذلک ما فی التذکرة و الأصل فی ذلک ما ذکره الشیخ فی النهایة قال الأوانی المصاغة من الذهب و الفضة معا إن کان مما یمکن تخلیص کل واحد منهما من صاحبه فلا یجوز بیعها بالذهب أو الفضة و إن لم یمکن ذلک فإن کان الغالب الذهب لم یبع إلا بالفضة و إن کان الغالب فیها الفضة لم تبع إلا بالذهب فإن تساوی النقدان بیع بالذهب و الفضة معا و مثلها من دون تفاوت عبارة السرائر إلا أنه قال إن کان مما یمکن تخلیص کل واحد من صاحبه فإنه یجوز بیعها بالذهب و الفضة و هو معنی عبارة النهایة فلا تفاوت معنی و ما فی النافع و الشرائع و التحریر و الإرشاد عین ما فی النهایة و السرائر قال فی النافع الأوانی المصوغة من الذهب و الفضة إن أمکن تخلیصهما لم تبع بأحدهما و إن تعذر و کان الغالب أحدهما بیعت بالأقلّ و إن تساویا بیعت بهما و فی الشرائع الأوانی المصوغة من الذهب و الفضة إن کان کل واحد منهما معلوما جاز بیعه بجنسه من غیر زیادة و بغیر الجنس و إن زاد و إن لم یعلم و أمکن تخلیصه لم یبع بالذهب و لا بالفضة و بیعت بهما أو بغیرهما و إن لم یمکن فإن کان أحدهما أغلب بیعت بالأقلّ و إن تساویا تغلیبا بیعت بهما و نحوهما بأدنی تغییر فی التقدیم و التأخیر لا فی المعنی عبارة الإرشاد و التحریر و التعرض فی هذه لصورة العلم بکل واحد منهما لیس فیه مخالفة للنهایة و السرائر لأنهما قد ذکرا فیهما أنه إذا حصل العلم بمقدار کل واحد منهما جاز بیع کل واحد منهما بجنسه مثلا بمثل من غیر تفاضل نعم فی النافع لا تعرض للعلم و لا للجهل کما أن المصنف فی الکتاب لم یتعرض لصورتی إمکان التخلص و عدمه و کذلک التذکرة لأنها کالکتاب و المتأخرون من الشارحین و المحشین جعلوا هذه العبارات من سنخ واحد قالوا هذا التفصیل ذکره الشیخ و جماعة و صاحب الوسیلة خالف فی المخلوط فمنع من البیع به إذا لم یعلم مقدار أحدهما و قضیة کلام الجماعة الجواز قال فی الوسیلة و المخلوط بالفضة ضربان فإن أمکن تخلیص أحدهما من الآخر و لم یعلم مقدار ما فیه من الذهب و الفضة لم یجز بیعه بالذهب و لا بالفضة و لا بالمخلوط فإن أرادا ذلک تواهبا و إن علم مقدار کل واحد منهما جاز أن یباع بالذهب أو بالفضة أو بکلیهما و بمخلوط بمثله و إن لم یعلم المقدار و علم الغالب بیع بغیر الغالب فإن اشتبه بیع بکلیهما «انتهی» و أول من فتح باب الخلاف المصنف فی المختلف (قال) بعد نقل کلام النهایة (و أما الأوانی) المصاغة من الذهب و الفضة معا فإنه یجوز بیعها بالذهب وحده أو الفضة وحدها إذا علم أن فی الثمن زیادة علی ما فی الآنیة من جنسه و یجوز بیعها بالذهب و الفضة معا سواء أمکن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 407
..........
______________________________
التخلیص أو لا و سواء علم مقدار کل واحد منهما أو لا بعد أن یعلم بالمجموع و سواء غلب أحدهما أو لا نعم یشترط زیادة الثمن علی ما فی الآنیة من جنسه و لا ربا هنا لاختلاف الجنس هذا کلامه و أصرح منه ما ذکره بعد ورقتین فی رد کلام صاحب الوسیلة و قد وافقه علی ذلک فخر الإسلام و الشهیدان و المحقق الثانی و الفاضل المیسی و القطیفی و المقدس الأردبیلی و الخراسانی و صاحب الحدائق و صاحب الریاض للقاعدة المتفق علیها نصا و فتوی و هو أن المجتمع من جنسین یجوز بیعه بغیر جنسیهما مطلقا و بهما معا سواء علم قدر کل واحد من الجمیع أم لا إذا عرف قدر الجملة و سواء أمکن تخلیصهما أم لا و یجوز بیعه بکل واحد منهما إذا علم زیادته عن جنسه بحیث تصح ثمنا للآخر و إن قل سواء أمکن التخلیص أم لا و سواء علم قدر کل واحد أم لا و ما ذکر هنا من هذه المسألة أحد جزئیات القاعدة المذکورة و لا مستند للشیخ و موافقیه فی عدم البیع بأحدهما مع إمکان التخلیص إلا ما ورد فی جام فیه ذهب و فضة أشتریه بذهب أو فضة فقال إن کان تقدر علی تخلیصه فلا و إن لم تقدر علی تخلیصه فلا بأس (و فیه) قصور سندا بجهالة جماعة من رواته و إطلاقه جواز البیع مع عدم إمکان التخلیص و عدم الجواز مع الإمکان مناف لما فصلوه قطعا علی أنه لا یقوی علی مقاومة القاعدة المتفق علیها و یمکن تطبیقه ککلام الجماعة علیها کما فعله مولانا المقدس الأردبیلی و قد یرشد إلی ذلک قول الفخر فی شرح الإرشاد أن المصوغ من النقدین یجوز بیعه بأحدهما بوزن المجموع أو أزید إجماعا قال کما إذا کان الثمن فضة مثلا فیکون ثمن الفضة من المصوغ ما یقابله من الثمن لا أزید و الباقی فی مقابل الذهب من المصوغ سواء کان أقل أو أکثر أو مساویا ثم قال و إن لم یبع بوزن المجموع فلا یخلو إما أن یعلم زیادته علی جنسه أو لا فالأول یصح إجماعا ثم قال إن لم یمکن التخلیص فالأصح عندی أنه لا یصح بیعه و قیل یصح بیعه بالأنقص و هو مشهور عند الأصحاب و هذا خلاف قاعدتهم لأنهم مع إمکان الربا حرموا علیه الزیادة لکن بنوا ذلک علی أن العاقل لا یقع فی معاملاته التغابن و هذه لیست أمارة حسیة و لا عقلیة بل زعموا أنها شرعیة بنص الأصحاب (انتهی) و لعله إلیه أشار فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد حیث قال المراد بالأقلّ الأقل وزنا و قدرا لا الأقل قیمة کما توهم بعضهم انتهی (فلیتأمل) و قد قال الفاضل المیسی و الشهید الثانی إن کلام الشیخ محتاج إلی التنقیح فی جمیع أقسامه و نحوه قال المحقق الثانی و الفاضل القطیفی و قد تعرض لوجوه النظر فی کلامه و بیانها جماعة و أنت بعد اطلاعک علی کلامهم و علی القواعد یسهل علیک بأدنی تأمل طریق إیرادها علی کلامه و المراد بالإطلاق فی عبارة الکتاب ما إذا حصلت الزیادة أم لا أو ما إذا علم قدر کل واحد منهما أو جهل و الأول أبعد عن التکرار هذا و لا بد من القطع بزیادة الثمن علی مجانسه من الجوهر فی موضع اعتبار الزیادة کما هو خیرة الدروس و الروضة لأنه الأصل و تعسره لا یوجب الانتقال إلی غلبة الظن إلا حیث لا یمکن التخلص من ضرر عدم العلم إلا به (و هنا لیس کذلک) لأنه یتعین فی مثله العدول إلی البیع بغیر الجنس فلو لم یمکن و احتیج إلی البیع به أمکن ذلک دفعا لضرر الحاجة و مشقة التخلص و اکتفی فی اللمعة بغلبة الظن لعسر العلم الیقینی (و فیه ما عرفت) و الظاهر أنه من بیع الصرف فلا بد من التقابض قبل التفرق و المراد بإمکان تخلیص کل واحد منهما من الآخر أن یتخلص من دون أن یتلف شی‌ء منهما أو ینقص قدره أو وصفه و قد وقع لفظ المصاغ فی النهایة و التذکرة و المختلف کالکتاب و هو غیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 408
و تراب الصیاغة یباع بالجوهرین معا أو بغیرهما لا بأحدهما ثم یتصدق به مع جهل أربابه (1)
______________________________
مسموع و إنما هو المصوغ
(قوله) (و تراب الصیاغة یباع بالجوهرین معا أو بغیرهما لا بأحدهما ثم یتصدق به مع جهل أربابه)
کما فی الشرائع و التذکرة و الإرشاد و کذا النافع و الدروس و یجوز بیعه بأحدهما مع العلم بزیادة الثمن عن مجانسه کما فی اللمعة و جامع المقاصد و المیسیة و الروضة و مجمع البرهان و غیرها لما علم مما مر آنفا و إطلاق الخبرین بالبیع بالطعام لعله لمجرد التسهیل و دفع کلفة مشقة تحصیل العلم بمقدار الجوهرین لیزاد علی أحدهما لو جعل ثمنا (و هما ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ) عن علی بن میمون الصائغ الذی عرف به (حبش) الفضل بن عثمان و ذلک یدل علی نباهة شأنه قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عما یکنس من التراب فأبیعه فما ذا أصنع به قال تصدق به فإما لک و إما لأهله قال قلت فإن کان فیه ذهب و فضة و حدید فبأی شی‌ء أبیعه قال بعه بطعام قلت فإن کان لی قرابة محتاج أعطیه منه قال نعم (و ما رواه الشیخ) عن علی الصائغ قال سألته عن تراب الصواغین و إنا نبیعه قال أما تستطیع أن تستحله من صاحبه قال قلت لا إذا أخبرته اتهمنی قال بعه (قلت) فبأی شی‌ء نبیعه قال بطعام (قلت) فأی شی‌ء أصنع به قال تصدق به إما لک و إما لأهله (الحدیث) قال فی الوافی لعل وجه التردید فی لک و لأهله احتمال إعراض المالک عنه و عدمه انتهی و لعل الوجه أن المراد إنما هو التصدق به عن صاحبه مع الضمان لمالکه متی ظهر و لم یرض بالصدقة فإن ظهر له صاحب و رضی بالصدقة أو لم یظهر بالکلیة فالصدقة لصاحب المال و إن ظهر و لم یرض بالصدقة کانت الصدقة لک و علیک ضمانه و ظاهر الروایة الثانیة جواز بیعه و الصدقة بثمنه و إن علم المالک إذا خاف التهمة و هو خلاف ما علیه الأصحاب (علی أنه) یمکن إیصال الحق المتصدق به أو الاستحلال بوجه لا یوجب التهمة (و تنقیح البحث فی المسألة أن یقال) تراب الصیاغة إن علم بالقرائن المفیدة لذلک إعراض أصحابه عنه جاز للصائغ تملکه کغیره مما یعلم الإعراض عنه کحطب المسافر و فی الاکتفاء بالظن إشکال و نفی عنه البعد فی الکفایة مع عدم قضاء العادات علی خلافه و إلا فإن علم ملاکه وجب رده علیهم و إن علمهم فی محصورین وجب التخلص منهم و لو بالصلح مع جهل حق کل واحد بخصوصه و إلا فالواجب التصدق به أو بثمنه و التصدق بعینه أجود کما ذکره الشهید فی حواشیه لکنهم فی باب اللقطة و غیرها قالوا إن بیع المال المجهول المالک و التصدق به أجود بل عینه جماعة فیما یخطر ببالی الآن و لا یتعین بیعه قبل الصدقة کما تشعر به عبارة الکتاب و الشرائع و التذکرة و غیرها (و لعلهم) إنما ذکروا البیع لبیان طریق بیعه سواء أراد الصدقة أم لا و متی أراد بیعه فلا یبیعه إلا بجنس آخر من العروض أو بالذهب و الفضة معا حذرا من الربا و لو بیع بأحدهما و علم زیادة الثمن من ذلک علی جنسه بحیث تکون الزیادة متمولة فلا بأس و لا إشکال فی شی‌ء من ذلک کله و علی ما ذکر یجب التخلص من کل غریم یعلمه و ذلک یتحقق عند الفراغ من عمل کل واحد فلو أخر حتی صار مجهولا أثم بالتأخیر و لزمه ما ذکر من الحکم کما فی المیسیة و المسالک و الروضة و الکفایة و فی حواشی الشهید أنه لو امتزج ترابه بتراب غیره و جهل المالک و القدر کان حکمه حکم الممتزج بالحرام یخمسه و یحل الباقی و هل یضمن لو ظهر المالک و لم یرض بالصدقة احتمالان بل قولان أقواهما الضمان لعموم الأدلة الدالة علی ضمان ما أخذت الید خرج ما إذا رضی الصاحب أو استمر الاشتباه بالإجماع و القول الثانی العدم لإذن الشارع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 409
و المحلی بأحد النقدین یباع مع جهل قدره بالآخر أو بغیرهما أو بالجنس مع الضمیمة و مع علمه یباع بالآخر أو بغیرهما مطلقا و بجنسه مع زیادة الثمن أو اتهاب المحلی من غیر شرط (1)
______________________________
له فی الصدقة فلا یتعقبه الضمان و قد یمنع التلازم مع إشعار الخبرین أو ظهورهما بتعقب الضمان إذا لم یرض المالک بناء علی ما ذکرناه فی معناهما و ظاهر جماعة و صریح الدروس و جامع المقاصد أن التصدق به واجب و فی جامع المقاصد أن مصرف هذه الصدقة مصرف سائر الصدقات المندوبة لأنها بالنسبة إلی المالک غیر واجبة و فی النهایة و السرائر و حواشی الشهید و الروضة و المسالک أن مصرفها مصرف الصدقات الواجبة و هم الفقراء و المساکین و نسبه فی الریاض إلی الأصحاب و لم أجد من حکم به فی المقام علی البت سوی من قد عرفت و لعله لانصراف الإطلاق إلیهم بحکم الاستقراء کما فی الکفارات و النذور و غیرهما و قد قیل إنهم صرحوا أن المتبادر فی ذلک الفقراء و المساکین دون الأغنیاء و یجوز صرفه فی أقربائه إذا کانوا علی الصفة بنص الخبرین و تصریح جماعة بذلک و بجواز الإعطاء للعیال إذا کانوا علی الصفة و لعله لفحوی الجواز فی الزکاة فینبغی أن یقول بجواز أخذه لنفسه مع الشرط المذکور هنا من قال بذلک هناک إذا دفعت إلیه لیصرفها فی الفقراء و هو بصفتهم و فی جامع المقاصد و الروضة و المسالک ینبغی إلحاق ذوی الحرف بالصائغ فی ذلک کالخیاط و الحداد و نحوهما و فی الحدائق أن فی ذلک إشکالا هذا و فی النهایة و السرائر لا یجوز بیع تراب الصیاغة فإن بیع کان ثمنه للفقراء و المساکین یتصدق به علیهم لأن أربابه لا یتمیزون و زاد فی الأخیر قوله رواه أصحابنا و نحو ذلک ما فی التحریر و تمام الکلام فی باب الربا و الدین و الودیعة و اللقطة و قد أسبغنا فیها الکلام
(قوله) (و المحلی بأحد النقدین یباع مع جهل قدره بالآخر أو بغیرهما أو بالجنس مع الضمیمة و مع علمه یباع بالآخر أو بغیرهما مطلقا و بجنسه مع زیادة الثمن أو اتهاب المحلی من غیر شرط)
الظاهر من کلام الأصحاب أن الذهب و الفضة یخرجان بالحلیة عن حکم الوزن و تکفی فیهما المشاهدة و ظاهر الشرائع و الدروس و صریح حواشی الکتاب أنه لا یجوز بیع المحلی المجهول إلا بعد تخلیص الحلیة إلا أن یحصل نقص أو ضرر فیجوز مجهولا بالآخر قال و یتعدی الحکم (و قد علم) مما مر آنفا القواعد المقررة المستفادة من الأخبار فی بیع المجتمع (المجهول خ ل) من الجنسین فالمحلی بأحد النقدین من المراکب و المناطق و السیوف و نحوها تباع مع جهل قدر الحلیة بالجنس الآخر نصا و إجماعا کما فی الخلاف و الریاض و ظاهر التذکرة و یباع بغیر النقدین من دون إشکال و لا خلاف أیضا و یباع بجنسه أیضا حالا إذا علم زیادته عن الحلیة فی الجملة و إن جهل قدرها مفصلا کما یتفق ذلک کثیرا کما نص علیه فی کشف الرموز و التلف و ما تأخر عنهما و الأصل فیه الأصل و العمومات مع فقد المانع لأن الربا مفقود بزیادة الثمن عن الحلیة فلا شبهة فی المسألة و قد اعتذر فی مجمع البرهان فقد المانع لأن الربا مفقود بزیادة الثمن عن الحلیة فلا شبهة فی المسألة و قد اعتذر فی مجمع البرهان عن عبارة الإرشاد حیث قال بأنها تباع بغیر الجنس مع الجهل و بالجنس مع العلم و الزیادة و الاتهاب بأنه لیس الغرض الحصر بل السهولة و أنه أرغب و یباع أیضا بالجنس مع الضمیمة إلی الثمن لتکون الفضة فی مقابلة السیف مثلا و المضمون فی مقابلة الحلیة فینتفی الربا کما نص علیه صاحب کشف الرموز و جمهور من تأخر عن المختلف و فی حواشی الکتاب للشهید ما صورته مع الضمیمة إلی الحلیة قاله محققوهم و یجوز إلی الثمن و الروایة وردت مع الضمیمة إلی السلعة المباعة (انتهی) و لم أجد هذا القول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 410
..........
______________________________
لغیر الشیخ فی النهایة نعم نسبه صاحب التنقیح إلیها و إلی المبسوط و الخلاف و لم أجده تعرض لذلک فی الکتابین بعد فضل التتبع و قد اقتصر جماعة علی نسبته إلی النهایة و قد نقل عبارتها صاحب السرائر و قال لی فیه نظر و لم یبین وجه النظر (و لعل وجهه) ما طفحت به عبارات المتأخرین کصاحب کشف الرموز و من تأخر عنه من أن الثمن إذا علم أنه أزید من الحلیة فی الجملة لم یحتج إلی الضمیمة و أنه إذا ضم شی‌ء إلی الحلیة و ذیها یزید الضرر و المحظور حیث یحتاج إلی مقابلة الثمن لها مع الباقی فالضمیمة إلی الثمن تقتضی أمرا آخر و زیادة أخری قال الشهید فی حواشیه فعلی هذا لا بد من ضمیمة إلی الثمن و أخری إلی المثمن (و قد نقل) هذا القول فی الشرائع و غیرها بلفظ القیل إیذانا بضعفه و قد اعتذر عنه فی الدروس و المهذب البارع بأنه لعله أراد أن بیعها منفردة لا یجوز فیکون الضمیر راجعا إلی الحلیة فی عبارة النهایة و ستسمعها عند ذکر الروایة قالا فیضم إلیها المحلی أو شی‌ء آخر أو یضم إلیها و إلی المحلی شی‌ء آخر تکثیرا للثمن من الجنس و قد عرفت أن ذلک کله مستغنی عنه فإن بیعها منفردة و إن کانت مجهولة بالجنس یمکن مع العلم بزیادة الثمن علیها سواء ضممنا إلیها شیئا أم لا (و قد ذکر) فی کشف الرموز و المیسیة و المسالک أن الشیخ تبع فی ذلک الروایة و قد یظهر ذلک من المهذب البارع و قد سمعت ما فی حواشی الشهید و صرح فی کشف الرموز بأنها روایة عبد الرحمن بن الحجاج و رواها بما صورته (قال) سألته عن السیوف المحلاة فیها الفضة نبیعها بدراهم بنقد قال کان أبی یقول یکون معها عوض أحب إلی ثم طعن فیها بأن المسئول فیها مجهول فلا تقوی للاحتجاج بها و شیخنا فیه متردد (انتهی) و نسب فی المهذب و المقتصر ما فی النهایة إلی سهو القلم و الموجود فی الکافی و التهذیب قال سألته عن السیوف المحلاة فیها الفضة تباع بالذهب إلی أجل مسمی فقال إن الناس لم یختلفوا فی النسی‌ء أنه الربا و إنما اختلفوا فی الید بالید فقلت له فنبیعه بدراهم بنقد فقال کان أبی علیه السلام یقول یکون معه عرض أحب إلی فقلت إذا کانت الدراهم التی تعطی أکثر من الفضة التی فیها فقال فکیف لهم بالاحتیاط بذلک قلت له فإنهم یزعمون أنهم یعرفون ذلک فقال إذا کانوا یعرفون ذلک فلا بأس یجعلون معه العرض أحب فقد رواها الشیخان بتذکیر ضمیر معه لیکون راجعا إلی النقد أو الثمن المفهوم من المقام بل لو أنث لم یتعین رجوعه إلی السیوف لاحتمال رجوعه إلی الدراهم لأن کانت أقرب إلا أن تقول إن ضمیر معه فی صدر الخبر کضمیر نبیعه راجع إلی المبیع و النسی‌ء فی الخبر النسیئة و کذا النساء بالمد کما فی التهذیب و أما عبارة النهایة فمحل الحاجة منها قوله و متی کانت محلاة بالفضة و أرادوا بیعها بالفضة و لیس لهم طریق إلی معرفة مقدار ما فیها فلیجعل معها شی‌ء آخر و بیع حینئذ بالفضة إذا کان أکثر مما فیه تقریبا و لم یکن به بأس (انتهی) و علی ما فی المهذب البارع و المقتصر من أنه سهو من قلمه الشریف و أن الضمیر مذکر راجع إلی الثمن المفهوم أو یقال إنه مؤنث راجع إلی الأثمان کما فی المسالک أو إلی الفضة الواقعة ثمنا و هو أقرب من احتمالیهما لا یلتئم مع قوله و بیع حینئذ بالفضة إذا کان أکثر مما فیه تقریبا لأنه مع الضمیمة إلی الثمن و المفروض أن المحلی منضم إلی الحلیة یستغنی عن زیادة الثمن لانصراف کل من جزأی العوضین إلی مخالفه و الحاصل أنه علی الاحتمال الذی ذکرناه لم تکن عبارة النهایة بتلک المکانة من المخالفة أقصی ما هناک أنه هناک زیادة لا حاجة إلیها (فلیتأمل) و یستفاد من الخبر المذکور اشتراط المعرفة فی بیع المحلی بجنس الحلیة و عدم الاکتفاء فیه بالمظنة کما فی الدروس و الروضة و قد نسبه فیها إلی ظاهر الأکثر و اکتفی فی اللمعة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 411
و لو تشخص الثمن تعین فلیس له دفع المساوی (1)
______________________________
بالمظنة (و یستفاد) منه کفایة الزیادة الحکمیة فی تحقق الربا کما علیه الأصحاب کافة إلا الشیخ و العجلی علی ما یأتی إن شاء اللّٰه تعالی (و فیه إشکال) لا بد من توجیهه و هو فی قوله علیه السلام إنما اختلفوا فی الید بالید مع أنا لا نعلم خلافا فی اشتراط التقابض فی النقدین و إنما الخلاف فی غیرهما و الظاهر أن هذا الکلام إشارة إلی ما ذکره محیی السنة من العامة من أن ذلک کان قدیما فی عصره صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و نسخ و بقی علیه أقوام لم یصل إلیهم النسخ انتهی فتأمل (هذا و لیعلم) أنه صرح فی النهایة و السرائر و أکثر ما تأخر عنهما أنه إذا کان الثمن من النقدین لا یجوز بیعها نسیئة و صرح فی الشرائع و النافع و ما تأخر عنهما أنها لو بیعت نسیئة نقد من الثمن ما قابل الحلیة و فی الریاض أنه لا خلاف فی ذلک فی الظاهر لعموم الأدلة بعدم جواز النقدین نسیئة الشامل لنحو المسألة مضافا إلی المعتبرة الواردة فی خصوص المقام المصرحة بحرمة النسیئة فی المسألة و یحمل ما فی الموثق من الکراهة علی الحرمة لغلبة استعمالها فیها و أما الخبر المسئول فیه عن السیف المحلی بالفضة یباع نسیئة فقال لیس به بأس لأن فیه الحدید و السیر فقد حملوه علی النسیئة فیما عدا الحلیة علی أنه قاصر السند و استظهر جماعة انسحاب الحکم فیما یشابه المسألة من الأوانی المصوغة من الذهب و الفضة (هذا و أما مع العلم بالقدر فلا إشکال) فی أنه یجوز بیعه بالآخر و بجنس غیرهما مطلقا أی سواء حصل هناک زیادة من حیث القیمة تساوی المحلی أم لا و سواء اتهب أم لا و بالجنس مع زیادة الثمن کما نص علیه فی النهایة و المبسوط و الخلاف و الوسیلة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس و غیرها و فی الخلاف الإجماع علیه و فی الریاض أنه لا خلاف فیه و قد علمت أنه لا حاجة إلی التقیید بالعلم و فی الخلاف الإجماع علی أنه لا یجوز بالأقلّ و هو معلوم و یجوز بیعه بالجنس أیضا مع اتهاب المحلی کما نص علیه فی النهایة و المبسوط و الوسیلة و السرائر و الشرائع و غیرها بل لم أجد فیه خلافا و قد قیده المتأخرون کالکتاب بعدم شرط الاتهاب فی عقد البیع لاستلزامه الزیادة فی أحد الجنسین لأن الشرط زیادة حکمیة کما فی اشتراط زیادة صیاغة الخاتم (و نحن نقول) إن الظاهر جوازه کما یأتی بیانه محررا و قال فی المسالک إنما یصح مع شرط هبة الزیادة إذا وقع البیع بالثمن علی الحلیة خاصة إذا فرضت قدره أو زائدة علی قدره و معناه أن هذه الزیادة التی قالوا إنها توهب من دون شرط إنما تتحقق و یحتاج إلی التخلص بهبتها فیما إذا وقع البیع بالثمن علی الحلیة خاصة إذا فرضت قدر الثمن أو زائدة علیه فإن ما فیه الحلیة و الزیادة التی فیها علی تقدیر کونها زائدة علیه یبقی زیادات (زیادة خ ل) فی البین و قال فی المسالک أیضا و لو وهبه الزائد قبل البیع صح أیضا و یجب تجریده عن شرط بیع الباقی بمثله کما لو تأخرت الهبة انتهی (فلیتأمل) فی الأخیر هذا (و ینبغی) تقیید الأخبار و کلام الأصحاب بما إذا کانت الحلیة متمولة و إلا فلو کانت من قبیل تحلیة الجدران و السقوف فلا تترتب علیها الأحکام المذکورة و لعله إنما ترک لظهوره
(قوله) (و لو تشخص الثمن تعین فلیس له دفع المساوی)
هذا مذهب الإمامیة و قال أبو حنیفة لا یتعین و له أن یدفع غیره و قد خالف العقل و النقل کما فی کشف الحق و هو موضع وفاق بین أصحابنا و أکثر من خالفنا کما فی المسالک و ظاهر الدروس و الروضة الإجماع أیضا حیث قالا عندنا و هو ظاهر الخلاف و التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 412

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لو عینا الثمن و المثمن ثم تقابضا]

(الأول) لو عینا الثمن و المثمن ثم تقابضا فوجد أحدهما بما أخذه عیبا فإن کان من غیر الجنس بطل التصرف کأن یجد الذهب نحاسا و الفضة رصاصا و کذا فی غیر الصرف کما لو باعه ثوبا کتانا فبان صوفا بطل (1) و إن کان البعض من غیر الجنس بطل فیه خاصة و یتخیر من انتقل إلیه فی الفسخ و أخذه بحصته من الثمن (2)
______________________________
و غیرهما مما قصر فیه الخلاف علی أبی حنیفة و لقد أطال فی الرد علیه فی التذکرة و کذا الخلاف و کشف الحق و یتفرع علیه أنه لو تلفت العین قبل القبض انفسخ البیع و لیس له دفع عوضها و لا للبائع طلبه و سیذکر المصنف ما إذا وجد فیه عیبا
(قوله قدس سره) (فروع) (الأول) لو عینا الثمن و المثمن ثم تقابضا فوجد أحدهما بما أخذه عیبا فإن کان من غیر الجنس بطل الصرف کأن یجد الذهب نحاسا و الفضة رصاصا و کذا فی غیر الصرف کما لو باعه ثوبا کتانا فبان صوفا بطل)
کما نص علی ذلک فی المبسوط و الخلاف و الوسیلة و السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و غیرها و هو مما لا خلاف فیه عندنا و به قال جم غفیر من العامة لأن ما وقع علیه العقد غیر مقصود بالشراء و هو ذلک الفرد المشار إلیه و ما هو مقصود لم یقع علیه العقد فیبطل لتخلف القصد عما وقع علیه العقد و لا فرق فی ذلک بین الصرف و غیره و یجب رد الثمن و لیس له الإبدال و لا الأرش لوقوعه علی عین مشخصة فلا یتناول غیرها و عدم وقوع الصحیح و المعیب علی هذه العین و تخیل تغلیب الإشارة هنا باطل و لا حاجة فی تصویر المسألة إلی التقابض و معنی بطلان البیع ظهور بطلانه و إلا فهو باطل من أصله (و لیعلم) أن الثمن و المثمن إما أن یکونا معینین أو مطلقین أو مختلفین و علی التقادیر إما أن یظهر العیب فیهما أو فی أحدهما بحیث یکون الجمیع معیبا أو البعض ثم إما أن یکون العیب من الجنس أو من غیره ثم إما أن یکون الظهور قبل التفرق أو بعده فالصور کثیرة و قد أشار المصنف إلی تلک الأحکام فی هذا الفرع
(قوله) (و إن کان البعض من غیر الجنس بطل فیه خاصة و یتخیر من انتقل إلیه فی الفسخ و أخذه بحصته من الثمن)
هذا الفرع یقع علی نحوین لأنه إما أن یبیعه دراهم بدراهم معینة أو دراهم بدنانیر کذلک فیجد فی البعض عیبا من غیر الجنس فظاهر الکتاب و التذکرة و الدروس و غیرها أنه لا فرق فی بطلان البیع فی المعیب خاصة و تخییر المشتری أو البائع فی الفسخ فی الباقی و أخذه بحصته من الثمن بین ما إذا کان البیع بالمجانس کدراهم بدارهم أو غیره کدراهم بدنانیر و هو صریح المختلف و التحریر و فی الشرائع و الإرشاد و المسالک فرض المسألة فی بیع الفضة بالفضة و استظهر فی مجمع البرهان و الحدائق أنه لا خلاف فی ذلک (و فی الکفایة) نسبته إلی الأصحاب و فی الخلاف و السرائر أنه إذا باعه دراهم بدراهم و کان البعض من غیر الجنس کان البیع باطلا و لعلهما أرادا فی خصوص المعیب (فلیتأمل) و ستسمع عبارة اللمعة فإن ظاهرها موافقة الخلاف و فی المبسوط و الوسیلة أنه إن باعه الدراهم بالدنانیر مشارا إلیهما و ظهر البعض من غیر الجنس فالحکم ما فی الکتاب و قال فی المبسوط و إن کان بالمماثل کالدراهم بالدراهم کان البیع صحیحا و للمشتری أن یرد المعیب بالعیب أو یفسخ العقد فی الجمیع و ظاهره کما أشار إلیه فی المختلف أن له الإمضاء فی الجمیع و لا یبطل فی المعیب و قد لا یکون مخالفا و فی الوسیلة إذا باع الذهب بالذهب فإن کان مشارا إلیهما و تقابضا و ظهر ببعض أحد البدلین عیب من جنسه أو من غیر جنسه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 413
و إن کان من الجنس کخشونة الجوهر و اضطراب السکة و سواد الفضة تخیر بین الرد و الإمساک و لیس له مطالبته بالبدل فی الموضعین (1)
______________________________
کان لمن لم یعب ماله الخیار بین رد المعیب و بین فسخ البیع فی الکل انتهی «فتأمل جیدا» و أما عبارة اللمعة فهی قوله و لو ظهر عیب فی المعین من غیر جنسه بطل فیه فإن کان بإزائه مجانسه بطل البیع من أصله کدراهم بدراهم و إن کان مخالفا صح فی السلیم و ما قابله «انتهی» و ظاهرها أنه لو ظهر درهم من مائة درهم نحاسا بطل فی الجمیع لأنه کشف عن البطلان وقت العقد لأنه حینئذ وقع الجمع علی مائة بتسعة و تسعین درهما فیتوجه إلیه الربا لأن وجود الدرهم المعیب کعدمه و لو لا أن مراده ذلک لم یبق فرق بینه و بین قوله و إن کان مخالفا صح فی السلیم و ما قابله و للزوم مساواة الحکم فی المجانس و المخالف و یلزم من ذلک التکرار و الاشتراط فی العبارة من غیر فائدة و الشارح صرفها عن ظاهرها فقال فلو ظهر عیب فی المعین ثمنا کان أم مثمنا من غیر جنسه بأن ظهرت الدراهم نحاسا أو رصاصا بطل البیع فیه لأن ما وقع العقد فیه غیر مقصود بالشراء و العقد تابع له فإن کان بإزائه مجانسه بطل البیع من أصله إن ظهر الجمیع کذلک و إلا فبالنسبة و إن کان بإزائه مخالفا فی الجنس صح البیع فی السلیم و ما قابله انتهی «فلیتأمل فی ذلک» و لقد سئلت عن هذه العبارة فی مشهد الحسین علیه السلام و قد أشکلت علی جماعة من الفضلاء الأعلام و لیس له مطالبته ببدل البعض الذی هو من غیر الجنس کما سیأتی فی عبارة الکتاب و لعله مجمع علیه کما فی مجمع البرهان (و لیعلم) أن جملة من العبارات و إن کانت إنما اشتملت علی تخییر المشتری إلا أنها محمولة علی ما هو الغالب من أن الجهل بالعیب إنما یکون من المشتری دون البائع لثبوت العیب فی ملکه و اطلاعه علیه غالبا فلو فرض خلاف ذلک بأن اشتراه وکیله و باعه بسرعة أو کان العیب مما یخفی ثبت له الخیار أیضا کما صرح به جماعة کما أن المشتری لو اطلع علیه فلا خیار له
(قوله) (و إن کان من الجنس کخشونة الجوهر و اضطراب السکة و سواد الفضة تخیر بین الرد و الإمساک و لیس له مطالبته بالبدل فی الموضعین)
إذا کان المعیب من الجنس کما إذا کان خشونة فی الجوهر فلا یخلو إما أن یکون فی الجمیع أو فی البعض و البیع إما بالمماثل أو المخالف کدراهم بدنانیر و کل ذلک مع التعیین فإن کان ذلک العیب فی الجمیع فی صورة البیع بالمثل فإنه یتخیر بین رد الجمیع و الإمساک کما هو ظاهر إطلاق الشرائع و التذکرة و الکتاب و الإرشاد و الدروس و اللمعة و الروضة و صریح التحریر و المسالک و مجمع البرهان و کأنه لا خلاف فیه أصلا و إن کان فی البعض فی تلک الصورة ففی التحریر و المختلف و الإرشاد و الخلاف و السرائر و ظاهر الکتاب و الشرائع و الدروس و اللمعة و الروضة أنه یتخیر أیضا بین الرد و الإمساک و فی الثلاثة الأول التصریح بأنه لیس له رد المعیب بالعیب و کذا الشرائع و کأنه لتبعض الصفقة و خالف الشیخ و الطوسی و المصنف فی المبسوط و الوسیلة و التذکرة فقالوا إن المشتری مخیر بین رد المعیب بالعیب أو فسخ العقد فی الجمیع و ظاهر المسالک و الکفایة التوقف و کذلک مجمع البرهان فإنه تأمل فیه أولا ثم قال لأنه یشم منه رائحة المخالفة لما تقدم من الصحة فی البعض و البطلان فی الآخر ثم قال کأنه للإجماع أو النص و إن کان ذلک العیب فی الجمیع أو البعض فی صورة التخالف فإنه یتخیر أیضا بین الرد و الإمساک کما هو خیرة المبسوط و الخلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 414
و لو اختلف الجنسان فله الأرش ما داما فی المجلس فإن فارقاه فإن أخذ الأرش من جنس السلیم بطل فیه و إن کان مخالفا صح (1)
______________________________
و السرائر و التحریر و الوسیلة و ظاهر الشرائع و التذکرة و الدروس و اللمعة لمکان الإطلاق فی هذه الشامل للبعض و الجمیع فی التماثل و التخالف و هو صریح المختلف فیما إذا کان العیب فی البعض و صریح الروضة فیما إذا کان فی الجمیع و فی الأربعة الأول أعنی المبسوط و ما بعده التصریح بأنه لیس له رد البعض المعیب و إمساک الباقی و هو ظاهر الباقی ما عدا التذکرة فإن ظاهرها أن له ذلک و لا ریب أنه لیس له مطالبته بالبدل هنا کما أنه لیس له مطالبته به فیما إذا ظهر المعیب من غیر الجنس و إلی ذلک أشار بقوله فی الموضعین کما أنه لا ریب أنه لیس له الأرش فیما إذا ظهر المعیب من الجنس حذرا من الربا لأنه زیادة و الفرض أن المتماثلین متساویان و یأتی حال الأرش فی المتخالفین و قد وقع فی العبارات فی الباب إجمال و اختصار و اضطراب و تحریر ذلک مما لم یوجد فی غیر هذا الکتاب لکن الأمر فی ذلک سهل (و قد ناقش) فی العبارة فی جامع المقاصد فقال إن الضمیر فی قوله فإن کان من الجنس مقتضی السیاق أن یعود إلی العیب لکنه لا یستقیم لأن العیب لا یعد من الجنس و إنما حقه أن یرجع إلی المعیب کما یراد بالضحک الضاحک فإنه مجاز مشهور لأن إطلاق المشتق منه علی المشتق سائغ لکن قوله بعد و إن کان من الجنس کخشونة الجوهر لا یستقیم و الأمر فی ذلک أسهل شی‌ء
(قوله) (و لو اختلف الجنسان فله الأرش ما داما فی المجلس فإن فارقاه فإن أخذ الأرش من جنس السلیم بطل فیه و إن کان مخالفا صح)
إذا اشتری منه دینارا بعشرة دراهم مثلا فظهر فی الدینار عیب من جنسه فله الأرش ما داما فی المجلس کما فی التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و أما إذا فارقا المجلس فقد اختلفت کلمتهم فی الأرش ففی التحریر و الدروس و اللمعة أنه لا یجوز أن یأخذه من الأثمان و فی الأولین أنه یجوز أن یأخذه من غیرهما و کذلک المسالک و فی الأخیر أعنی اللمعة نسبته إلی القیل و فی التذکرة ما فی الکتاب من أنه إن أخذه من جنس السلیم بطل و إن کان مخالفا صح (و قد حکی الشهید فی حواشیه) أن تلامذة المصنف اختلفوا فی معنی هذه العبارة فبعض علی أن المراد بالمخالف ما کان مخالفا لجنسی المعیب و الصحیح معا و أنه هکذا سمع منه فتکونان موافقتین لما فی التحریر (و قد نقل) ذلک عن القطب حاکیا له عن المصنف حین قراءته علیه القواعد و وجد فی خط بعض تلامذته نقلا عن المصنف أیضا أنه إن أراد الإخبار برأس المال لم یخبر بذلک المدفوع لخروجه عن الثمن و لا یبطل فیما یقابله من المثمن و إلا لعاد البحث و إن أخذه من غیره یکون الأرش جبرا للنقص و لا یستلزم فساد البیع فی قدر الأرش فیصح الإخبار به لو باعه مرابحة کذا وجدنا (فلیتأمل) فی الحکم و المعنی و العبارة و قال آخرون من تلامذته إنه إذا باع مثقالا من ذهب بعشرة دراهم مثلا ثم ظهر فی المثقال عیب فإن أخذ أرش المثقال من ذهب لم یحکم ببطلان الصرف فی شی‌ء من الدراهم إذ لا رابطة بین الذهب و الفضة أما إذا أخذ من الدراهم و کان درهما بطل البیع فی ذلک الدرهم إذ ذلک یجری مجری من اشتری مثقالا من ذهب و درهما بعشرة دراهم و تفرقا قبل القبض فإنه یبطل الصرف فیه و فیما قابله و هذا المعنی هو الذی فهمه المحقق الثانی فقال مقتضی الحکم الواقع فی عبارة المصنف هنا أمور (الأول) أن الأرش عوض العیب الواقع فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 415
..........
______________________________
أحد العوضین من غیرهما «1» و هو مشکل لأن المعروف أن الأرش جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة قیمة الصحیح إلی المعیب «2» (الثانی) أنه لا یتعین کونه من جنسهما لظاهر قوله و إن کان مخالفا و قد صرح فی التحریر بذلک (و یشکل) بأن الحقوق المالیة إنما یرجع فیها إلی النقدین فکیف الحق الواجب باعتبار نقصان فی أحدهما (قلت) یمکن أن یقال فی دفع الإشکال بأن الثابت و إن کان هو النقد لکن لما لم یتعین إلا باختیاره الأرش إذ لو رد لم یکن الأرش ثابتا کان ابتداء تعلقه بالذمة الذی هو بمنزلة المعاوضة اختیاره فیعتبر حینئذ قبضه قبل التفرق مراعاة للصرف و کما یکفی فی لزوم معاوضة الصرف دفع نفس الأثمان قبل التفرق کذلک یکفی دفع عوضها قبله فإذا اتفقا علی جعله من غیر النقدین جاز و کانت المعاوضة کأنها واقعة به (و فیه) أن ذلک یقتضی جواز أخذه فی مجلس اختیاره من النقدین و لا یقولون به و لزومه و إن کان موقوفا علی اختیاره إلا أن سببه العیب الثابت حالة العقد فقد صدق التفرق قبل أخذه و إن لم یکن مستقرا (و قال) المحقق الثانی (الثالث) من الأمور الفرق بین الدفع من جنس السلیم فیبطل فیه و من جنس المعیب أو من غیرهما فیصح (و یشکل) بأن الدفع من جنس أحدهما کالدفع من جنس السلیم «3» فإما أن یبطل فیهما معا أو یصح فیهما معا و ما قیل من أنه لو دفع من جنس السلیم کما لو کان العوضان دینارا و عشرة دراهم و کان الدینار معیبا من الجنس بما یقتضی نقصان قیمته بقدر درهم فإن المبیع یکون دینارا و درهما بعشرة دراهم و قد تفرقا قبل قبض الدراهم فیبطل الصرف فیه بعینه آت فیما لو دفع ذهبا قیمته درهم فإنهما قد تفرقا قبل قبضه فیجب أن یبطل کالسلیم بخلاف ما لو دفع من غیرهما (قلت) لعل هذا القائل هو بعض تلامذته کما نقلناه أخیرا و علی ما نقلناه عن المصنف أولا لا یرد علیه شی‌ء مما ذکر (الرابع) ظاهر قوله بطل فیه أی بطل البیع فی الأرش أنه لا یجوز دفع الأرش بعد ذلک و یشکل بأنه إذا استحق فی ذمته عوض نقصان أحد العوضین کیف یبطل فیما لو عینه فیما لا یجوز أخذه (فإن قلت) هو مخیر فی جهات القضاء فإذا عین جهة له امتنع المطالبة بشی‌ء آخر فحیث امتنع أخذه لامتناع ذلک بالإضافة إلی الصرف للتفرق قبل قبضه و هو محسوب من العوضین (قلنا) إذا امتنع شرعا من جهة لم یصدق تخیره بالإضافة إلیها و لو سلم تخیره فیها لم یلزم البطلان بل عدم جواز المطالبة بغیرها حتی لو تراضیا علی الأداء من غیر النقدین بعد التعیین فی أحدهما ینبغی القول بالجواز علی أن القول بالبطلان بالتفرق قبل القبض من أصله مشکل فإن المدفوع لیس أحد عوضی الصرف و إنما هو عوض صفة فائتة من أحد العوضین ترتب استحقاقها علی صحة العقد فقد حصل التقابض فی کل من العوضین فلا مقتضی للبطلان إذ وجوب التقابض إنما هو فی عوضی الصرف لا فی الموجب (لا فیما وجب خ ل) بسببهما (الخامس) لم یذکر المصنف علی تقدیر البطلان فی الأرش البطلان فی شی‌ء من العوض السلیم و عدمه و یلزمه القول بذلک لأنه علی ما نقلناه عن بعض حواشی الشهید یکون العوض السلیم فی مقابلة المعیب و الأرش فیکون التفرق واقعا قبل قبض العوض فیما قابل الأرش من السلیم و یمکن أن یقال قد صدق التقابض فی مجموع العوضین المقتضی لصحة التصرف و اشتراط قبض الأرش قبل التفرق إذا کان من النقدین أو من جنس السلیم علی اختلاف الرأیین لیس لکونه جزءا من المعاوضة بل لکونه من توابعها و من ثم لو أسقطه مستحقه لم یلزم فی المعاوضة
______________________________
(1) الجار و المجرور خبر أن (منه)
(2) نقص قیمة المعیب عن الصحیح (خ ل)
(3) الآخر (خ ل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 416
و لو کانا غیر معینین و ظهر العیب من غیر الجنس فإن تفرقا بطل و إلا کان له المطالبة بالبدل (1) و لو اختص العیب بالبعض اختص بالحکم (2) و لو کان من الجنس فله الرد و الإمساک مع الأرش مع اختلاف الجنس و مجانا مع اتفاقه (3)
______________________________
اختلال کما لو کان النقدان من جنس واحد (و التحقیق أن یقال) إن کان الأرش داخلا فی المعاوضة اعتبر قبضه فی صحته و صحة مقابله إذا کان من النقدین و إلا لم یجب أصلا و لو قیل إنه لکونه عوض صفة لا مقابل له من العوض الآخر رددناه بأن أحد العوضین فی مقابل الآخر من جهة المالیة و لا فرق بین الجزء و الصفة التی لها دخل فی المالیة (قلت) قد یقال إن الحق أنا إن اعتبرنا فی ثبوت الأرش السبب لزم بطلان البیع فیما قابله بالتفرق قبل قبضه مطلقا و إن اعتبرنا حالة اختیاره أو جعلناه تمام السبب علی وجه النقل لزم جواز أخذه فی مجلسه مطلقا و إن جعلنا ذلک کاشفا عن ثبوته بالعقد لزم البطلان فیه أیضا (و علی کل حال) فالمعتبر منه النقد الغالب و ما اتفقا علی أخذه أمر آخر و الوجه الأخیر أعنی کونه کاشفا لعله أوضح کما قیل فیتجه علی اختیار هذا الوجه البطلان فیما قابله مطلقا (السادس) لم یذکر المصنف حال المعاوضة بعد بطلان البیع فی الأرش و علی ما ذکره یجب أن یثبت للمشتری الخیار لفوات عوض بعض ما له دخل فی المالیة و امتناع تدارکه کما لو کان العوضان من جنس واحد و أحدهما معیب من الجنس و لو قلنا ببطلان شی‌ء من الآخر فی مقابل الأرش لوجب أن یثبت للبائع خیار تبعض الصفقة إلا أن یقال التبعیض (للتبعض خ ل) جاء من قبله فلا یثبت له خیار انتهی
(قوله) (و لو کانا غیر معینین و ظهر العیب من غیر الجنس فإن تفرقا بطل و إلا کان له المطالبة بالبدل)
إذا تصارفا و کانا فی الذمة موصوفین أو کان للبلد نقد غالب وجب تعیین ذلک فی المجلس بتقابضهما فإن تقابضا و وجدا أحدهما أو هما عیبا فیما صار إلیه و کان من غیر الجنس فی الجمیع فله المطالبة بالبدل ما داما فی المجلس لوقوع العقد علی مطلق سلیم و إن تفرقا بطل للتفرق قبل التقابض و الحکمان مما لا خلاف فیهما و قد نص علیهما فی المبسوط و جمیع من تأخر عنه مما تعرض لهما فیه
(قوله) (و لو اختص العیب بالبعض اختص بالحکم)
معناه أنه یبطل فی البعض الذی من غیر الجنس و یصح فی الآخر إن کان ظهور ذلک بعد التفرق و إن کان قبل التفرق فله المطالبة بالبدل لما تقدم ذکره فی سابق هذه الصورة و هذا أیضا مما لم أجد فیه خلافا و عبارة الشرائع قاصرة و لیست مخالفة
(قوله) (و لو کان من الجنس فله الرد و الإمساک مع الأرش مع اختلاف الجنس و مجانا مع اتفاقه)
إذا کان العیب من الجنس فی غیر المعین فأما أن یکون ظهوره قبل التفرق أو بعده فی الکل أو البعض مع اختلاف الجنس أو اتحاده فإن کان فی الکل فله الرد قبل التفرق کان ظهوره أو بعده اتحد الجنس أو اختلف کما هو صریح المبسوط و الوسیلة و الدروس فیما إذا کان بعد التفرق و ظاهر إطلاقها فی اتحاد الجنس و اختلافه و صریح الشرائع فی الأمرین و کذا الإرشاد و صریح الخلاف فیما إذا کان بعد التفرق مع اختلاف الجنس و لم یتعرض فی التحریر و اللمعة للرد و فی التذکرة أن الوجه أن لیس له ذلک و مال إلیه فی المختلف و استشهد علی ذلک بما إذا دفع المسلم فیه معیبا فإن له المطالبة بصحیح دون الفسخ إلا مع تعذر التسلیم فکذا هنا إذ المعقود علیه غیر معین فلا یتعین المعیب بالقبض فلا یتحقق الفسخ و فی حواشی الشهید تقیید
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 417
و المطالبة بالبدل و إن کان تفرقا علی إشکال (1)
______________________________
عبارة الکتاب بما إذا رضی المالک (قال) و لا یجب علیه ذلک و أما الإمساک ففی المبسوط و الخلاف و الوسیلة أن له ذلک مجانا من دون أرش حیث لم یتعرض فی الثلاثة لذکر الأرش مع عدم التقیید فی الأول و الثالث باتحاد الجنس و فرضه فی الثانی مع اختلافه و أما الشرائع و الإرشاد و غیرهما فقد عرفت أنه قد فرضت المسألة فیها مع اتحاد الجنس و قد تشعر بعض العبارات بأن فی الخلاف خلاف ما ذکرنا و الموجود فیه ما نقلناه و تفصیل المصنف فی الکتاب هو خیرة التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و غیرها فالتقیید باختلاف الجنس إنما هو للإمساک بالأرش (فإن قیل) إن المبیع هو الأمر الکلی لا المدفوع فلم تثبت المطالبة بالأرش و قد کان الواجب أن یکون له الرد أو الرضا به (قلنا) لما دفعه البائع و قبضه المشتری تعین بالقبض و ملکه فکان له المطالبة بأرشه لأن الإطلاق ینزل علی الصحیح و إن صدق علی المعیب (لا یقال) إن کان المبیع صادقا علی المعیب فلا رد و لا أرش (لأنا نقول) المبیع صادق علی المعیب لکنه منزل علی الغالب فی الإطلاق و هو الصحیح (فإن قلت) إذا کان المعیب مقصودا للمتبایعین لم یثبت الأرش و إلا لم یسغ إمساکه بالأرش لأن المبیع غیره (قلنا) هو مقصود تبعا نظرا إلی أنه مما یصدق علیه مفهوم اللفظ فی الجملة فصح کونه مبیعا فی الجملة و لکن لما کان الغالب الإطلاق علی الصحیح ثبت له الأرش و الرد نظرا إلی الغالب و مع اتفاق الجنس لا یثبت له الأرش للزوم الربا و تمام التحقیق فی المبیع الکلی یأتی فی المطلب الثانی من الفصل الثانی فی التسلیم (و مما ذکر) یعلم حال ما فی شرح الإرشاد لفخر الإسلام حیث نفی الأرش بالکلیة مستندا إلی أنه إنما یثبت فی أحد العوضین إذا تعین لأن غیر المعین ماهیة کلیة فی الذمة و إنما یحمل اللفظ علی الصحیح فإذا دفع إلیه بعض جزئیات الکلی معیبا کان غیر المبیع فلا أرش فیه و له إبداله (ثم قال) لا یقال لو کان غیر المبیع لم یتم القبض لکن یتم القبض لأن له إبداله بعد التصرف (لأنا نقول) المعتبر فی القبض الماهیة النوعیة و المعتبر فی تمام البراءة الصنف المتصف بالصحة و السلامة و لا یلزم الدور (انتهی) و یفهم من إطلاق کلام المصنف أن له المطالبة بالأرش مع التفرق و فیه إشکال و أما لو ظهر بعضه خاصة اختص الحکم حسبما تقدم لکن لیس له إفراده بالرد هنا للزوم تبعض الصفقة علی البائع إلا مع رضاه و فی المبسوط إن کان العیب فی البعض فله أن یبدل البعض و له أن یفسخ فی الجمیع و فی الوسیلة أنه مخیر بین ثلاثة أشیاء الرضا بالبیع و الفسخ و الإبدال (انتهی) و یأتی الحال فی الإبدال و فی التذکرة لو کان العیب فی بعضه کان له رد الکل أو المعیب خاصة خلافا للشافعی فی أحد قولیه أو إمساکه مجانا بالأرش مع اختلاف الجنس فإذا رده کان له المطالبة بالبدل و الخلاف کما تقدم فی ظهور عیب فی الجمیع
(قوله) (و المطالبة بالبدل و إن تفرقا علی إشکال)
لا خلاف و لا إشکال فی أن له المطالبة بالبدل فی الکل أو البعض قبل التفرق و أما بعده فیما إذا ظهر فی الکل فقد تردد فیه فی الشرائع کالکتاب و کذا التحریر و الإیضاح و حواشی الشهید و فی الخلاف و المبسوط و الوسیلة و الإرشاد و شرحه للفخر و التذکرة و جامع المقاصد و المسالک أن له ذلک و قواه فی الروضة بعد أن نفاه أولا و فی الدروس أنه لا یجوز علی الأقرب و هو ظاهر المختلف لمن تأمل و مجمع البرهان و فی اللمعة و لو کانا غیر معینین فله الإبدال و فی غیره و إن تفرقا و المراد غیر الصرف و ظاهرها موافقة الدروس و عن أبی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 418
و فی اشتراط أخذ البدل فی مجلس الرد إشکال (1)
______________________________
علی أنه یجوز الإبدال ما لم یتجاوز یومین فیدخل فی بیع النسیئة و لم یقید بالتعیین و عدمه قال فی الدروس و فی روایة إسحاق عن الکاظم علیه السلام إشارة إلیه (حجة) القائلین بالجواز أن التقابض تحقق فی العوضین قبل التفرق لأن المقبوض و إن کان معیبا إلا أن عیبه لا یخرجه عن حقیقة الجنسیة و لأجل ذلک ملکه المشتری و کان نماؤه له من حین العقد إلی حین الرد و الفسخ بالرد طار علی الملک بسبب ظهور العیب فیکون البیع صحیحا و له طلب البدل بعد التفرق (و توضیحه) ما ذکره فی جامع المقاصد من أن ما فی الذمة و إن کان أمرا کلیا إلا أنه إذا عین فی شی‌ء و قبضه المستحق تعین و ثبت ملکه له فإذا ظهر فیه عیب کان له فسخ ملکیته تدارکا لفائت حقه فإذا فسخ رجع الحق إلی الذمة فتعین حینئذ عوضا صحیحا (قال) و بهذا یظهر أن الأول کان عوضا فی المعاوضة و قد قبضه قبل التفرق فتحقق شرط الصحة فلا یلزم بطلانها بالفسخ الطاری علی العوض المقتضی لعوده إلی الذمة و کون البدل عوضا فی الجملة لا یقتضی نفی عوضیة غیره فلا یقتضی التفرق قبل قبضه التفرق قبل العوض فی المعاوضة و هو واضح فکان الأصح ثبوت المطالبة بالبدل (انتهی) و فیه أنه بعد الرد و عدم الرضا بذلک المعیب لعله انکشف عدم صحة المعاوضة و عدم کونه متعینا لما وقع علیه العقد و إلا لم یکن له الرد و طلب البدل فکیف یتحقق بقبضه أولا شرط صحة الصرف و هو قبض العوض قبل التفرق (فلیتأمل جیدا) (و حجة القائلین) بعدم الجواز أن الإبدال یقتضی عدم الرضا بالمقبوض قبل التفرق و أن المبیع حقیقة إنما هو البدل و قد حصل التفرق قبل قبضه فیکون الصرف باطلا فلا یجوز له أخذ البدل و زاد فی الإیضاح أن جواز الإبدال یستلزم عدمه لأن رده هو رفع تعیین المبیع فیه و هو یستلزم انتفاء کون المردود المبیع فی الماضی أو المستقبل لأن المبیع واحد فلا یکون قد قبض البیع قبل التفرق فیبطل الصرف (انتهی) و مما ذکر یعلم وجه تردد من تردد و یعلم الوجه فیما إذا ظهر فی البعض
(قوله) (و فی اشتراط أخذ البدل فی مجلس الرد إشکال)
کما فی التذکرة و فی الإیضاح أن الأصح الاشتراط و فی حواشی الشهید و جامع المقاصد و المسالک أنه لا یشترط و قواه فی الروضة بعد أن حکم بالاشتراط أولا وجه الاشتراط أن القبض الأول ارتفع فلو لم یقبض فی المجلس للزم التفرق قبل القبض فیبطل الصرف و بعبارة أخری إن الفسخ رفع العوض و لم یفسخ العقد فإذا لم یقدح فی الصحة سابقا یتعین القبض حینئذ لیتحقق التقابض و وجه العدم أن القبض الأول إما أن یؤثر فی صحة البیع أو لا و الثانی یستلزم بطلان البیع من رأس و الأول یستلزم عدم اشتراط قبض البدل فی مجلس الرد و بعبارة أخری إن ما یعد ثمنا قد تحقق فصح به الصرف فیستصحب إلی أن یثبت خلافه و ما وقع غیر کاف فی الحکم بوجوب التقابض لأنه حکم طار بعد ثبوت البیع و أن القبض معتبر قبل تفرق المتعاقدین فإن تحقق لم یشترط غیره و إلا فسدت من رأس و مما ذکر یعلم وجه التردد و ینبغی لمن قال بجواز المطالبة بالبدل أن لا یشترط أخذه فی مجلس الرد و لا یستشکل (فتأمل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 419

[الثانی نقص السعر و زیادته لا تمنع الرد]

(الثانی) نقص السعر و زیادته لا تمنع الرد فلو صارفه و هو یساوی عشرة بدینار فردها و قد صارت تسعة بدینار صح قطعا و کذا لو صارت أحد عشر (1)

[الثالث لو تلف أحدهما بعد التقابض]

(الثالث) لو تلف أحدهما بعد التقابض ثم ظهر فی التالف عیب من غیر الجنس بطل الصرف و یرد الباقی و یضمن التالف بالمثل أو القیمة و لو کان من الجنس کان له أخذ الأرش مع اختلاف الجنس و إلا فلا (2)

[الرابع لو أخبره بالوزن ثم وجد نقصا بعد العقد بطل الصرف]

(الرابع) لو أخبره بالوزن ثم وجد نقصا بعد العقد بطل الصرف مع اتحاد الجنس (3) و یتخیر مع الاختلاف بین الرد و الأخذ بالحصة (4)
______________________________
(قوله) (نقص السعر و زیادته لا تمنع الرد فلو صارفه و هو یساوی عشرة بدینار فردها و قد صارت تسعة بدینار صح قطعا و کذا لو صارت أحد عشر)
نقص السعر أو زیادته لا یمنعان من الرد بالعیب عندنا لأنه قد ثبت و الأصل بقاؤه فیصح الرد و لا ربا و لیس للغریم الامتناع من الأخذ إذ العبرة فی الرد بالعین لا بالقیمة قال الشهید إنما قال قطعا لأن بعض العامة جعل هذا النقص مانعا من الرد لأنه فی حکم العیب الحادث المانع من الرد و جوابه الفرق بأن العیب مستقر بخلاف تفاوت السعر فإنه لا قرار له (انتهی)
(قوله) (لو تلف أحدهما بعد التقابض ثم ظهر فی التالف عیب من غیر الجنس بطل للصرف و یرد الباقی و یضمن التالف بالمثل أو القیمة و لو کان من الجنس کان له أخذ الأرش مع اختلاف الجنس و إلا فلا)
إذا ظهر العیب بعد التقابض و کان المعیب من غیر الجنس و تلف المعیب بطل الصرف و یرد الباقی و یضمن التالف بالمثل فی الذهب و الفضة و الدراهم و الدنانیر و بالقیمة فی مثل المصوغات و ما یکون من الأجناس الغیر المثلیة و لو کان من الجنس کان له أخذ الأرش مع اختلاف الجنس و لا یکون التلف مانعا من المطالبة بأرش العیب و إن اتحد الجنس فلا أرش لأنه یکون ربا بل یفسخ العقد بینهما و یرد مثل التالف أو قیمته إن لم یکن له مثل و یسترجع الثمن الذی من جهته
(قوله) (و لو أخبره بالوزن ثم وجد نقصانا بعد العقد بطل الصرف مع اتحاد الجنس)
یجوز إخلاد أحد المتعاقدین إلی الآخر فی قدر عوضه فیصح البیع فیما یشترط فیه القبض فی المجلس قبل اعتباره لأصالة صدق العاقل و اقتضاء عقله الامتناع من الإقدام علی الکذب فلو أخبره بالوزن فاشتراه صح العقد لأنه کبیع المطلق لکنه یخالفه فی التعیین فإن قبضه ثم وجده ناقصا بعد العقد بطل الصرف مع اتحاد الثمن و المثمن فی الجنس و التعیین من حیث اشتمال أحد العوضین علی زیادة عینیة و بذلک صرح فی التذکرة و التحریر لکنه فی الأخیر لم یقیده باتحاد الجنس کما لم یقیده فی الأول بالتعیین و لعله لظهور ذلک و معنی بطلان الصرف أنه تبین عدم صحته و کذلک الحال فیما لو کان الزائد معینا و المطلق مخصوصا بقدر ینقص عن المعین بحسب نوعه
(قوله) (و یتخیر مع الاختلاف بین الرد و الأخذ بالحصة)
إذا اختلف الجنس فیما کنا فیه فإن البیع لا یبطل من أصله لقبول هذا العقد التفاوت بین الثمن و المثمن فکان بمنزلة العیب فیتخیر من نقص علیه بین الرد و الأخذ بحصته من الثمن أو بالجمیع و سیأتی للمصنف فی الفرع الخامس من الفصل الثالث من المقصد السادس ما لا بد من مراجعته فی المقام لکمال اتصاله به لأن المشهور هناک علی التخییر بین الرد و الأخذ بالحصة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 420
و لو وجد زیادة فإن کان قال بعتک هذا الدینار بهذا الدینار بطل و إن قال بعتک دینارا بدینار صح و کانت الزیادة فی یده أمانة (1) و یحتمل أن تکون مضمونة لأنه قبضه علی أنه عوض ماله أما لو دفع إلیه أزید من الثمن لیکون وکیله فی الزائد أو لیزن له حقه منه فی وقت آخر فإن الزیادة هنا أمانة قطعا و لو کانت لاختلاف الموازین فهی للقابض
______________________________
فی متساوی الأجزاء و فی مختلفها علی التخییر بین الرد و الأخذ بالجمیع فلیراجع ذلک الفرع
(قوله) (و لو وجد زیادة فإن کان قال بعتک هذا الدینار بهذا الدینار بطل و إن قال بعتک دینارا بدینار صح و کانت الزیادة فی یده أمانة)
کما صرح بذلک کله فی التذکرة و التحریر و فی جامع المقاصد فی باب القبض من أواخر الکتاب أن وجه البطلان فیما إذا باعه هذا الدینار بهذا الدینار فظهرت زیادة لزوم الربا لمکان الزیادة فی أحد العوضین المعینین و قال فیه بحث فإن الزیادة غیر داخلة فی المبیع قطعا للحکم بأنها للدافع فکیف یلزم الربا فینبغی تأمل البحث «انتهی و فی الشرائع» إذا اشتری دینارا بدینار و دفعه فزاد زیادة لا تکون إلا غلطا أو تعمدا کانت الزیادة فی ید البائع أمانة و مراده أنه اشتری دینارا فی الذمة بدینار کذلک و إن کان قوله و دفعه قد یوهم التعیین إذ لو کانا معینین لبطل الصرف کما تقدم إلا علی ما ذکره فی جامع المقاصد و نبه بقوله لا تکون إلا غلطا أو تعمدا علی التسویة بین الأمرین أو یکون احترازا عن الزیادة الیسیرة التی لا تتفاوت بها الموازین و کونه أمانة فی صورة التعمد محل وفاق و فی الدروس لو وجد زیادة عما له کان الزائد أمانة سواء کان غلطا أو عمدا وفاقا للشیخ (قلت) فی المبسوط و فی حواشی الشهید أن الأصح عدم الضمان نظرا إلی أصالة البراءة من الضمان لوقوعها فی یده من غیر تعد منه بل بإذن مالکها و لم یقبضها بالسوم و لا بالبیع و لا بسبب مضمون (قلت) فیکون کالودعی و فی الإیضاح و جامع المقاصد فی مقامین أن الأصح الضمان و هو محتمل التذکرة و الکتاب لأنه قبضه علی أنه عوض ماله و لعموم علی الید ما أخذت و لأنه قبضه علی أنه أحد العوضین الذی جری علیه عقد المعاوضة فیجب أن یکون مضمونا نظرا إلی مقتضی العقد و لأنه أقرب إلی الضمان من المقبوض بالسوم (و فیه) أن قبضه علی نیة العوض غیر قادح مع ظهور عدمه و مقتضی العقد لم یدل علی ضمان غیر العوضین و کونه أقرب من المقبوض بالسوم لا یجزی لأنه قیاس و الحکمة فی ذلک ظاهرة علی أن الحکم المذکور فی السوم فی محل النزاع و عموم الخبر بحیث یشمل محل النزاع فی حیز المنع فإن الثابت علی الآخذ بمقتضی الخبر غیر مبین و لعله الحفظ و نحوه إلی أن تؤدی و یرشد إلیه الأمانات المقبوضة بالید مع عدم الحکم بضمانها و القدر المتفق علیه وجوب حفظها (فلیتأمل فی ذلک جیدا) ثم الأمانة فی الصورتین علی تقدیرها مختلفة فعلی تقدیر التعمد هی أمانة مالکیة و علی تقدیر الغلط یحتمل أن تکون شرعیة و أن تکون مالکیة و الفائدة معلومة و سیأتی للمصنف فی المطلب الثانی فی التسلیم مثل ذلک قال و لو اشتری بدینار فدفعه فزاد زیادة لا تکون إلا غلطا أو تعمدا فالزیادة فی ید البائع أمانة و هی المشتری فی الدینار مشاعة (انتهی)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 421
و لآخذ الزیادة الفسخ للتعیب بالشرکة إن منعنا الإبدال مع التفرق و کذا لدافعها إذ لا یجب علیه أخذ العوض نعم لو لم یفترقا رد الزائد و طالب بالبدل (1)

[الخامس لو کان لأحدهما علی الآخر ذهب]

(الخامس) لو کان لأحدهما علی الآخر ذهب و للآخر علی الأول دراهم فتصارفا بما فی ذمتهما جاز من غیر تقابض علی إشکال منشؤه اشتماله علی بیع دین بدین (2) أما لو تباریا أو اصطلحا جاز
______________________________
(قوله) (و لآخذ الزیادة الفسخ للتعیب بالشرکة إن منعنا الإبدال مع التفرق و کذا لدافعها إذ لا یجب علیه أخذ العوض نعم لو لم یفترقا رد الزائد و طالب بالبدل)
کما نبه علی ذلک کله فی التذکرة و حاصله أنه علی تقدیر الغلط إما أن یتبین الحال قبل التفرق أو بعده فإن کان قبله فلکل منهما استرداد الزائد و إبداله و لیس للآخر الامتناع تحرزا من الشرکة و إن کان بعد التفرق فإن منعنا الإبدال مع التفرق ثبت الخیار لکل واحد منهما لمکان عیب الشرکة فلهما الفسخ أما آخذ الزیادة فلأنه لا طریق له إلی التخلص من عیب الشرکة إلا بالفسخ و لو جوزنا الإبدال کان له طریق آخر إلی التخلص فلا یثبت فسخ المعاوضة اللازمة و أما الدافع للزیادة فلأن حقه لما اختلط بحق المشتری باعتبار دفع المشتمل علی الزیادة و حصل التفرق المانع من الإبدال حصل العیب بالشرکة و ذلک لأن عین ماله لا یمکن الوصول إلیها و هی ممتزجة بمال الآخر و الذی أخذه بعد التمییز إنما هو عوض ماله أما عینه فلا لأنه ممتزج فی مال الآخر بحیث لا یتمیز و لا یجب علیه أخذ عوض ماله و لو جوزنا الإبدال مع التفرق لم یثبت له الخیار لأن ما قبضه المشتری و إن اشتمل علی حقه إلا أنه لیس عینه لمکان الزیادة و البائع مخیر فی جهات الأداء کما ذکر ذلک کله فی جامع المقاصد و لعله لا فرق فی ذلک بین متحد الجنس و مختلفه مع عدم التعیین و لعله کذلک مع التعیین
(قوله) (لو کان لأحدهما علی الآخر ذهب و للآخر علی الأول دراهم فتصارفا بما فی ذممهما (ذمتهما خ ل) جاز من غیر تقابض علی إشکال منشؤه اشتماله علی بیع دین بدین)
و نحوه ما فی التذکرة و قد ذکر المصنف وجه المنع و وجه الصحة علی ما فی الإیضاح أنه لا قبض أعظم مما فی الذمة و علی ما فی جامع المقاصد هو إما العمومات الدالة علی الصحة لکونه بیعا أو یقال هو الشک فی کونه بیع الکالی بالکالی إلا أن هذا وحده یکون منشأ الإشکال باعتبار طرفی الشک و ما ذکره فی وجه المنع حق إن کان المراد ببیع الکالی بالکالی بیع الدین بالدین إلا أنه سیأتی للمصنف فی أول الفصل الأول من المقصد الرابع أنه بیع الدین المؤجل بالدین المؤجل فلا یتجه بطلان مصارفة ما فی الذمم و قد تقدم لنا فی أول باب الصرف ما له نفع تام فی المقام عند شرح قوله و لو اشتری منه دراهم ثم اشتری بها دنانیر و تمام الکلام یأتی قریبا إن شاء اللّٰه تعالی و فی التحریر و الإیضاح الحکم بعدم الصحة من دون استشکال و نحوهما ما فی الدروس حیث قال کان بیع دین بدین و لو تهاترا احتمل الجواز و علی قول الشیخ یحتمل المنع و فی روایة عبید إطلاق الجواز انتهی (قلت) هی ما رواه الشیخ فی التهذیب فی الصحیح عن عبید بن زرارة قال سألت أبا عبد اللّٰه عن الرجل یکون له عند الصیرفی مائة دینار و یکون للصیرفی عنده ألف درهم فیقاطعه علیها قال لا بأس و قضیته أنه لا یشترط هنا التقابض لحصوله قبل البیع و فرض المسألة فی الذهب و الدراهم لأنه لو اتحد الجنسان لوقع التقابض بما فی ذمتهما علی جهة القهر فلا یقع البیع لکنه فی التذکرة لم یفرق بین اتحاد الجنس و اختلافه لأنه فرض المسألة أولا فی الدنانیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 422
و یجوز اقتضاء أحد النقدین من الآخر فیکون صرفا بعین و ذمة (1) أی یجوز و لو دفع القضاء علی التعاقب من غیر محاسبة کان له الإندار بسعر وقت القبض و إن کان مثلیا (2)

[السادس و لو اشتری دینارا بعشرة و معه خمسة]

(السادس) و لو اشتری دینارا بعشرة و معه خمسة جاز أن یدفعها عن النصف ثم یقترضها و یدفعها عن الآخر لیصح الصرف و إن کان حیلة
______________________________
و الدراهم کالکتاب ثم قال و کذا لو اتفق الجنس و تساوی القدر و إن اختلفت الصفات و منه یظهر احتمال عدم جواز التهاتر الذی أشار إلیه فی الدروس و قد استعمله فی غیر معناه لغة (فلیتأمل)
(قوله) (و یجوز اقتضاء أحد النقدین من الآخر فیکون صرفا بعین و ذمة)
أی یجوز استیفاء أحدهما بدلا من الآخر و تکون مصارفة عین بدین کأن یکون له علی غیره ألف درهم فیشتریها الغیر بمائة دینار یدفعها إلیه فی المجلس فلو لم یحصل قبض العین فی المجلس حتی تفارقا قبله بطل الصرف کما صرح به فی التذکرة و التحریر و فی حواشی الشهید أن هذا قول الشیخ و هو جائز بشرط تعیین النقد المشتری به و قبضه قبل التفرق لأنه صرف فیجب تعیینه لئلا یکون بیع دین بدین و المصنف فی التحریر استضعف قول الشیخ و قال لا یجوز انتهی (قلت) المصنف فی التحریر ذکر المسألة فی مقامین و حکم بالجواز و قد تقدم لنا فی شرح قوله و لو کان له علیه دنانیر فأمره أن یحولها إلی دراهم ما له نفع تام فی المقام و هناک یعلم مذهب الشیخ الذی أشار إلیه الشهید (و یدل) علی الحکم المذکور (ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ فی الحسن) بإبراهیم عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الرجل یکون علیه دنانیر قال لا بأس أن یأخذ قیمتها دراهم (و ما رواه الشیخ فی المعتبر) لمکان أبان عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن الرجل یکون له الدین دراهم معلومة إلی أجل فجاء الأجل و لیس عند الرجل الذی علیه الدراهم فقال خذ منی دنانیر بصرف الیوم قال لا بأس به و مثله خبر زیاد أبی عتاب
(قوله) (و لو دفع القضاء علی التعاقب من غیر محاسبة کان له الإندار بسعر وقت القبض و إن کان مثلیا)
هذا الحکم ذکره الشیخ فی النهایة و الطوسی فی الوسیلة و الجماعة و الأخبار وردت (واردة خ ل) به و إنما کان له الإندار بسعر وقت القبض لأنه یوم الانتقال و فی خبر إسحاق لأنه حبس منفعته عنه فعلی هذا یحسب کل مقبوض فی یوم بسعر ذلک الیوم سواء کان مثلیا کالدراهم و الدنانیر أو غیر مثلی و هو فیه أظهر و لا یحتسب مما فی الذمة إلا إذا کان من جنسه فلا بد من اعتبار سعره بالجنس الآخر و إن کان مثلیا لأن اعتبار المثلیة فی التضمین لا فیما أخذ بدلا من جنس آخر و أما إذا ساعره و حاسبه بأن کان یعطیه کل درهم بحسابه من الدنانیر فلا کلام و لو أعطاه لا علی جهة القضاء فأحضرها و قومها احتسب بقیمتها یوم القضاء لا یوم الدفع و لو تلفت أو نقصت حینئذ فهی من مال المالک و لو قبضها القابض بنیة الاستیفاء و لم یجر بینهما معاملة و لا بیع فالوجه أنه یضمنها فالدنانیر التی عند الصیرفی له و الدراهم علیه فإن تباریا بعد أن یصیر فی ذمة کل واحد منهما ما أخذه جاز کما نبه علی ذلک فی المبسوط و التذکرة و التحریر و تمام الکلام فی المسألة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 423

[السابع لو اشتری من المودع الودیعة عنده صح]

(السابع) لو اشتری من المودع الودیعة عنده صح إذا دفع إلیه الثمن فی المجلس (1) سواء علما وجوده أو ظنا أو شکا فیه فإن ظهر عدمه بطل الصرف

[الثامن روی جواز ابتیاع درهم بدرهم و شرط صیاغة خاتم]

(الثامن) روی جواز ابتیاع درهم بدرهم و شرط صیاغة خاتم و لا تجوز التعدیة (2)
______________________________
و أطرافها مستوفی فی باب الدین
(قوله) (إذا اشتری من المودع الودیعة عنده صح إذا دفع إلیه الثمن فی المجلس)
کما فی التذکرة و التحریر و الدروس و لا یشترط رد الدینار و قبضه ثانیا لأنه مقبوض عنده فإن تفرقا قبل قبض الدراهم بطل الصرف و کان الدینار مضمونا علی مستودعه و لا فرق فی ذلک بین أن یعلما وجوده أو یظنا أو یشکا فیه کما فی الأولین لأن الأصل البقاء و کذا حکم غیر الصرف من البیوع و المعاوضات و إن ظن العدم بطل الصرف
(قوله) (روی جواز بیع درهم بدرهم و شرط صیاغة خاتم و لا تجوز التعدیة)
الروایة التی أشار إلیها هی ما رواه الشیخ عن الحسین بن سعید عن محمد بن الفضیل عن أبی الصباح الکنانی قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یقول للصائغ صغ لی هذا الخاتم و أبدل لک درهما طازجیا بدرهم غلة قال لا بأس و الخبر صحیح علی الظاهر فی محمد بن الفضیل لأن الروایة یکتفون فی التعبیر عن المشهور الکامل بالإطلاق فهو دائر بین ابن غزوان الثقة و بین ابن القاسم النهدی الثقة و بین ابن یسار الثقة و بالجملة فالخبر إن لم یکن صحیحا فهو قوی جدا کما بیناه فی فنه و فی کشف الرموز أن الروایة مقبولة غیر مطعون فیها و أن المشایخ اعتمدوا علیها و أن المخالف صاحب الوسیلة و أن العجلی متردد و أن العمل بها أظهر بین الأصحاب مستثنی من الآیة و عموم الروایة (انتهی ما أردنا نقله من کلامه قلت) و فی السرائر لم یرد الخبر و لو لا أن یکون بمکانة من القبول لضرب به عرض الحائط (الجدار خ ل) غیر مکترث و الأصحاب فی الخبر علی أنحاء فالشیخ فی النهایة قال و لا بأس أن یبیع درهما بدرهم و یشترط معه صیاغة خاتم أو غیر ذلک من الأشیاء و قضیة کلامه أنه یتعدی فیجوز أن یبیعه درهما بدرهم و یشترط صیاغة سوار أو خیاطة ثوب و إذا جاز ذلک ینبغی أن یتعدی الحکم فی الثمن و المثمن فیبیع دینارا بدینار و یشترط عملا أو یبیع عشرة دراهم بعشرة و یشترط العمل کما هو ظاهر التذکرة (و هذا الحکم من الشیخ) مبنی علی أن الإبدال فی الخبر بمعنی البیع و أنه لا فرق بین الزیادة إذا جعلت شرطا فی الربوی أو جعل الربوی شرطا فیها مع حصولها فی الحال و إلا فالخبر علی خلاف ما عبر کما هو ظاهر لمن تدبر مضافا إلی عدم ذکر الطازج و الغلة و الذی یرشد إلی ذلک أن أساطین الأصحاب نسبوا ما عبر به الشیخ إلی الروایة کالمحقق فی الشرائع و المصنف فی الکتاب و التذکرة و الإرشاد و اقتصروا علی ذلک من دون ترجیح نعم الشهید فی الدروس جری علی منوال الروایة فقال روی أبو الصباح جواز جعل إبدال درهم طازج بدرهم غلة عوضا لصیاغة خاتم و المحقق فی النافع و المصنف فی التحریر و التلخیص وافقا النهایة لکنه فی النافع عبر بالإبدال مکان البیع و حکم بعدم التعدیة فیه و فی التحریر و قد سمعت ما فی کشف الرموز کما قد سمعت ما فی التذکرة فإن ظاهرها موافقة الشیخ و زیادة التعدی فی الثمن و المثمن و الشرط العینی و حکی فی کشف الرموز کما أسمعناکه عن ابن حمزة الحکم ببطلان البیع و تبعه بعض من تأخر عنه فی حکایة ذلک عنه و لم أجده تعرض لذلک فی الوسیلة و هو خیرة المختلف و الدروس و حواشی الشهید و التنقیح و جامع المقاصد و ظاهر اللمعة و ظاهر السرائر التردد حیث قال وجه الفتوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 424

[المقصد الرابع فی أنواع البیع]

اشارة

(المقصد الرابع فی أنواع البیع) و هی بالنسبة إلی الأجل أربعة و إلی الإخبار برأس المال أربعة و إلی مساواة الثمن للعوض قسمان (1) فهنا فصول ثلاثة

[الفصل الأول العوضان إن کانا حالین فهو النقد]

اشارة

الأول العوضان إن کانا حالین فهو النقد و إن کانا مؤجلین فهو بیع الکالی بالکالی و هو منهی عنه و إن کان المعوض حالا خاصة فهو النسیئة و بالعکس السلف فهنا مطالب
______________________________
بذلک علی ما قاله قدس سره یعنی الشیخ إن الربا هو الزیادة فی العین إذا کان الجنس واحدا و هنا لا زیادة فی العین و یکون ذلک علی وجه الصلح فی العمل فهذا وجه الاعتذار له إذا سلم العمل به (و یمکن) أن یحتج لصحته بقوله تعالی شأنه (وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا) و هذا بیع و الربا المنهی عنه غیر موجود لا حقیقة لغویة و لا شرعیة و لا عرفیة و قد رده المصنف فی المختلف و غیره بأن مطلق الزیادة محرمة سواء کانت عینیة أو حکمیة (قلت) و یرده صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج من قوله علیه السلام إن الناس لم یختلفوا فی النسی‌ء أنه الربا و نحوها غیرها و فی مجمع البرهان أن ذلک هو المشهور و قد نزل الروایة الشهیدان فی الدروس و المسالک و اللمعة و تبعهما علی ذلک جماعة فقالوا إنها تضمنت إبدال درهم طازج بدرهم غلة مع شرط الصیاغة من جانب الغلة و مع ذلک لا تتحقق الزیادة لأن الطازج علی ما ذکره بعض أهل اللغة و جماعة من الفقهاء الدرهم الخالص و الغلة غیره و هو المغشوش فالزیادة العینیة فی الطازج فی مقابلة الصیاغة و الغش فی الغلة لأن الصیاغة من جانب الغش و هذا لا مانع منه مطلقا أی فی البیع و غیره و فی شرط صیاغة خاتم و غیره من الصنائع و الأعیان فعلی هذا یصح الحکم و یتعدی و عبارة الروضة قاصرة عن تأدیة هذا المعنی بل ربما فهم منها بادئ بدء خلاف المراد لأنه فیها فالزیادة الحکمیة و هی الصیاغة فی مقابلة الغش و لیس کذلک قطعا و الموافق ما عبرنا به و فی هذا التنزیل نظر لأنه مناف لفهم الأصحاب کما عرفت و لو لا ذلک لکان هناک وجه أقرب منه و هو أنه أمره بصیاغة خاتم و لم یصرح بعدم الأجرة فکان له الأجرة لأنه عمل من شأنه أن یستأجر علیه و الإبدال وعد لا ینافی دفع الأجرة فکأنه قال صغ لی خاتما بأجرته و لک إبدال درهم بدرهم و حینئذ فلا بأس کما قال الإمام علیه السلام و لا إشکال فی المقام لو لا مخالفة فهم الأصحاب و یشهد علی ذلک أن جماعة فسروا الطازج بالجدید و الغلة بالعتیق الذی هجرت المعاملة به و جماعة فسروا الغلة بالمکسرة و الظاهر من الأصحاب التساوی و لذلک سها قلم مولانا المقدس الأردبیلی فقال معترضا علی هذا التنزیل إن ظاهر قوانینهم أن الجیادة لیست زیادة تجبر بشی‌ء و لهذا لا یتحقق الربا بین الجید فی غایة الجودة و الردی‌ء فی غایة الرداءة مع التساوی فی المقدار و یتحقق الربا مع التفاوت و إن کان فی جانب الردی‌ء بشی‌ء یسیر انتهی کلامه (و فیه) أن الردی‌ء قسمان مغشوش بغیره من نحاس أو رصاص أو نحو ذلک و ردی‌ء باعتبار أصله و معدنه لا من حیث ضم شی‌ء إلیه و ما نحن فیه من قبیل الأول و ما اعترض به من قبیل الثانی و هو مما لا خلاف فیه فقد تحصل أنه لا وجه لشدة النکیر علی العامل بظاهر الخبر لأن کان صحیحا أو قویا مشهورا فی النقل و الفتوی لأنه قد نقله الأکثر و أفتوا به بل یظهر من کشف الرموز و إیضاح النافع أن لا مخالف إلا ابن حمزة فلا أقل من أن یفید ذلک شهرة عظیمة فیقوی علی التخصیص من دون تعد
المقصد الرابع فی أنواع البیع (قوله) (و هی بالنسبة إلی الأجل أربعة و إلی الإخبار برأس المال أربعة و إلی مساواة الثمن للعوض قسمان)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 425
..........
______________________________
قد ذکر فی التذکرة و حواشی الشهید و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و غیرها أن أنواع البیع عشرة و الشهید قال إن هذه هی الأقسام المشهورة (و لعلهم) أرادوا بها التنبیه علی غیرها لا الحصر فیها إذ هنا أقسام أخر للبیع باعتبارات أخر و رقاها إلی نیف و ثلاثین قال و ذلک لأنها إما تنسب إلی الحلول و هی أربعة لأنه إما أن یکونا حالین و هو النقد أو مؤجلین و هو بیع الکالی بالکالی أو الثمن حالا و هو السلف أو العوض و هو النسیئة و إما أن تنسب إلی الإخبار برأس المال و عدمه و هی أربعة أیضا لأنه إما أن یخبر به أولا و الثانی المساومة و الأول إما أن یبیعه برأس المال أو لا الأول التولیة و الثانی إما أن یبیعه بربح أو لا و الأول المرابحة و الثانی المواضعة و إما أن ینسب إلی المساواة بین العوضین فهو اثنان لأنه إن أوجبت المساواة فهو الربوی و إن لم یجب فهو غیره قال و هذه هی الأقسام المشهورة (و هنا أقسام باعتبارات أخر) و ذلک لأنها بالنسبة إلی القبض فی المجلس ثلاثة لأنه إن وجب قبضهما فی المجلس فهو الصرف و إن وجب قبض الثمن فهو السلم و إن لم یجب فهو الباقی و بالنسبة إلی الخیار و عدمه أربعة لأنه إما أن یکون فیه خیار أو لا و الأول إما خیار عام و هو المجلس أو خاص بحسب أمر خارج و بالنسبة إلی التقدیر ثلاثة لأنه إما أن یکون مقدرا دائما کالنقدین أو غیر مقدر دائما کالحیوان أو مقدرا فی حال دون حال کالثمرة و بالنسبة إلی العین و الدین أربعة لأنه لا یخلو إما أن یکون الثمن و المثمن عینین أو دینین أو الثمن عینا و المثمن دینا أو بالعکس و لا یستلزم الأجل و بالنسبة إلی قرار المبیع و الثمن فی الملک ثلاثة لأنه إما أن لا یستقر أصلا کالمعاوضة علی من ینعتق علیه أو یستقر فی حال دون حال کالمتزلزل من خارج کالمتضمن الشرط و المستحق بالشفعة أو یکون مستقرا دائما و هو ما عداه مما لا خیار فیه و بالنسبة إلی الافتقار إلی الضمیمة ثلاثة لأنه إما أن یفتقر دائما و هو العبد الآبق و الحمل و اللبن فی الضرع أو فی حال دون حال کالثمرة قبل بدو صلاحها أو لا یفتقر أصلا و هو ما عدا ذلک (انتهی) و قد قسم البیع فی الوسیلة إلی عشرین قسما و قد فسر بیع الکالی بالکالی المصنف و الشهیدان الفاضل المقداد و المحقق الثانی و غیرهم بما إذا کان العوضان مؤجلین و قد نقل الإجماع مستفیضا علی فساده و الظاهر أن النهی عنه بهذا اللفظ إنما هو من طریق العامة و الذی فی أخبارنا إنما هو النهی عن بیع الدین بالدین کما ورد فی روایة طلحة بن زید و فی الصحیح فی بیع الدین قال لا تبعه نسیئا و أما نقدا فلیبعه بما شاء و یظهر من التذکرة فی مقام آخر أن بیع الکالی بالکالی هو بیع الدین بالدین سواء کان مؤجلا أم لا و ظاهره تحریم الأمرین کلیهما و أقسام بیع الدین ثمانیة قد استوفینا الکلام فیها فی باب الدین و فی المهذب البارع أن الدین الممنوع عن بیعه بمثله ما کان عوضا حال کونه دینا بمقتضی تعلق الباء به فلو باعه دینا فی ذمة زید بدین للمشتری فی ذمة عمرو لم یجز قولا واحدا (انتهی) و لو باعه الدین بعد حلوله بما هو حاضر مشخص بنحو الإشارة صح بلا خلاف و کذا إن باعه بمضمون حال و لو شرط تأجیل الثمن فجماعة علی أنه حرام و آخرون علی أنه مکروه (حجة القول بالکراهة) مما تقدمت الإشارة إلیه من أن الدین الممنوع عن بیعه بمثله ما کان عوضا حال کونه دینا و المضمون عند العقد لیس بدین و إنما یصیر دینا بعده فلم یتحقق بیع الدین بالدین و لأنه یلزم مثله فی بیعه بحال و لم یلتزموه و الفرق غیر واضح و قد فرق الأولون بأنه مع اشتراط التأجیل و ذکره یصدق أنه مع دین بمثله أما بعد العقد فواضح و أما فی أثنائه فلأن الشرط کالجزء من العقد و ترتب الحکم من الصحة و الفساد إنما یتوقف علی تمامه و إطلاق اسم الدین علیه فی أثناء العقد و بعده حقیقی بخلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 426

[المطلب الأول فی النقد و النسیئة]

(الأول) فی النقد و النسیئة إطلاق العقد و اشتراط التعجیل یقتضیان تعجیل الثمن (1)
______________________________
الحال فإنه إن صح إطلاقه علیه فی صورة الإمهال فهو مجاز بنص أهل اللغة و الفقهاء کما ستسمعه فی باب الدین علی أنه له المطالبة و الأخذ متی شاء فلا اشتراک و الغرض من ذکر هذه الأحکام بیان محل الإجماع علی المنع من بیع الدین بالدین و تمام الکلام فی محله و هو باب الدین (المطلب الأول فی النقد و النسیئة)
(قوله) (إطلاق العقد و اشتراط التعجیل یقتضیان تعجیل الثمن)
قد صرح بذلک فی المقنعة و النهایة و عامة ما تأخر عنهما و فی السرائر و الشرائع و ما تأخر عنهما الاقتصار علی ذکر تعجیل الثمن تبعا للنهایة کالکتاب و لعله خال عن النکتة إلا أن یکون المراد أنه یجب علیه إقباض الثمن قبل أن یتسلم المبیع کما یأتی مثله فی الإجارة علی العین من ظاهر جماعة و فی المقنعة التعرض للثمن و المثمن کما هو ظاهر الغنیة قال فی الغنیة من حکم البیع وجوب تسلیم المعقود علیه فی الحال إذا لم یشترط التأجیل بلا خلاف و قد نفی عنه الخلاف فی الحدائق و الریاض و مرادهم أن ذلک عند الطلب (و قد یستدل علیه) بما رواه عمار فی الموثق عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی رجل اشتری من رجل جاریة بثمن مسمی ثم افترقا قال وجب المبیع و الثمن إذا لم یکونا شرطا فهو نقد و لعله علیه السلام عنی إذا لم یشترطا التأخیر و صرح الشهیدان و جماعة ممن تأخر عنهما أنهما لو اشترطا التعجیل اقتضی التأکید لأن الإطلاق یقتضی التعجیل فکان اشتراطه تأکیدا و فی الروضة نسبته إلی المشهور و قد تبعه علی ذلک صاحب الریاض و لم نجد المخالف و لا حکایة خلاف إلا ما فی التنقیح فی باب المرابحة (المزارعة خ ل) فإنه هناک سلطه علی الفسخ أو یکون المراد ما أشرنا إلیه آنفا مما یأتی مثله فی الإجارة و فی الدروس و اللمعة و الروضة أنه إن شرط التعجیل أکده فإن وقت التعجیل بأن شرط تعجیله فی هذا الیوم مثلا تخیر البائع لو لم یحصل الثمن فی الوقت المعین و وافقهم علی ذلک جماعة کثیرون و لم یفرقوا بین طول الزمان و قصره کساعة مثلا (و قال) بعد ذلک فی الروضة و لو لم یعین له زمانا لم یفد سوی التأکید فی المشهور و لو قیل بثبوته مع الإطلاق أیضا لو أخل به عن أول وقته کان حسنا للإخلال بالشرط (انتهی) و هذا منهم مبنی علی أنه لا یجب علی المشروط علیه الوفاء بالشرط لأن الأصل عدم الوجوب و للمشروط له وسیلة إلی التخلص بالفسخ فغایة الشرط جعل البیع اللازم عرضة للزوال عند فقد الشرط و هو خیرة المبسوط و التحریر و الدروس و موضع من التذکرة و ظاهر الشرائع و اللمعة و غایة المرام فی باب الشروط و القول الآخر هو أن کل شرط لم یسلم لمشترطه بأن امتنع المشروط علیه من الوفاء فإن الواجب جبره علی الوفاء و أنه یأثم و یعاقب بترکه و إن لم یمکنه رفع أمره إلی الحاکم لیجبره إن کان مذهبه و إن تعذر فسخ و هو الذی اختاره المصنف فی التذکرة فی باب الشروط (قال) إنه أولی و قواه الشهید الثانی فی المسالک و الروضة و نفی عنه البعد فی جامع المقاصد و اختاره صاحب الکفایة ذکروا ذلک فی باب الشروط و هو أیضا خیرة التذکرة و الإرشاد و التنقیح و غایة المرام و إیضاح النافع و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان فی باب القرض و ربما احتمل عدم جواز الفسخ حیث یمکن التصرف فی المبیع علی وجه المقاصة بشرائطها و حجتهم علی ذلک عموم الأمر بالوفاء و قولهم علیهم السلام المؤمنون عند شروطهم فیما یوافق کتاب اللّٰه عز و جل و الخبر من شرط لامرأته شرطا فلیف به فإن المؤمنین عند شروطهم إلا شرطا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 427
و اشتراط التأجیل فی نفس العقد یوجبه بشرط الضبط (1)
______________________________
حرم حلالا أو حلل حراما و فی الغنیة و السرائر الإجماع علی الوجوب و القول بعدم الوجوب للأصل و ضعف النصوص مردود بأن النصوص قویة ظاهرة الدلالة معتضدة بالإجماعین (فإن قلت) قضیة هذا سقوط خیار الاشتراط و أن الشرط لیس شرطا للصحة و لا للزوم و إنما الغرض أن یملکه علیه (قلت) هو کذلک فإذا کان کذلک فلیرفع أمره إلی الحاکم لیجبره فإن تعذر تسلط علی الفسخ و کلامه هنا فی الروضة مخالف لکلامه فی خیار الاشتراط (و عساک تقول) إن المفهوم من کلامهم عند ذکر الشروط أن العقد إذا کان مشروطا یتحقق به الملک و لا یکون لازما لأن الأصل عدم اللزوم فإذا امتنع المشروط علیه من الإقباض کان للآخر الفسخ و ما قالوه فی توجیه اللزوم بمجرد العقد غیر ناهض أما الاستصحاب فعلی تقدیر تسلیمه هنا لا یفید اللزوم لأنه یستصحب ما ثبت بالعقد (و یجاب) بأنه إذا کان المدار علی الإجماعات و الأخبار تسقط هذه الوجوه و کذا ما قالوه من أن الغرض هو التصرف و لا یتم إلا باللزوم و علی تقدیر عدمه یخاف من الرجوع فلا یتصرف ففیه علی تقدیر تسلیمه أن ذلک بتقصیره فلیبذل العوض حتی یتم مقصوده و ذلک لا ینافی غرض الشارع (فلیتأمل) و لو کان الشرط عتقا فقد قیل إنه لیس له الفسخ إذ فیه حق اللّٰه سبحانه و حق للعبد و فیه تأمل و ستسمع تمام الکلام فیه فی باب الشرط و من هنا یبطل ما عساه یقال من أن الشرط شرط لصحة العقد فیبطل البیع بنفسه لعدم تحقق الشرط لأنه لم یصح فی مثل شرط العتق فإنه فرع صحة العقد فإذا کان العقد موقوفا لزم الدور فکان القول بأنه شرط للزوم أوسط الأقوال و أعدلها و هذا حدیث إجمالی جاء استطرادا قضی به کلام من عرفت فی هذا المقام (و تمام الکلام) فی محله فی الفصل الثالث فی الشرط و معنی قولهم إطلاق العقد عدم تقییده بشرط و الفرق بین ما یقتضیه العقد المطلق و بین ما یقتضیه إطلاق العقد أن ما یقتضیه الأول إنما هو لوازمه مثل تعیین الثمن و المثمن و هی لا تنفک عنه فلا یصح اشتراط خلافها إلا ما شرعت للإرفاق کخیار الحیوان و المجلس (فلیتأمل) فی ذلک و أن ما یقتضیه الثانی یصح اشتراط خلافه کما نحن فیه
(قوله) (و اشتراط التأجیل فی نفس العقد یوجبه بشرط الضبط)
قد تدعو الحاجة إلی الانتفاع بالمبیع معجلا و استغناء مالکه عنه و حاجته إلی الثمن مؤجلا فوجب أن یکون مشروعا تحصیلا لهذه المصلحة الخالیة عن المبطلات و لا نعلم فیه خلافا کما فی التذکرة (قلت) و علیه دلت الأخبار و الظاهر أنه لا خلاف فی أنه یشترط أن تکون المدة معلومة لا یتطرق إلیها الزیادة و النقصان کما فی الکفایة و المفاتیح و الریاض و فی مجمع البرهان کأنه دلیله الإجماع و قد صرح بذلک فی المقنعة و ما تأخر عنها و لا فرق فی المدة بین الطویلة و القصیرة حتی مثل ألف سنة مما یعلم المتعاقدان عدم بقائهما إلیها عادة کما صرح بذلک فی اللمعة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و ظاهر الأخیر الإجماع علیه و فی الریاض نفی الخلاف عنه إلا من الإسکافی و فی الحدائق أنه المشهور (قلت) هو ظاهر إطلاق الجمیع للعموم و الأصل و خصوص إطلاق أخبار الباب و لأن الوارث یقوم مقامهما لکنه یحل بموت المشتری (و فی) ثبوت الخیار لوارثه نظرا إلی أن للأجل قسطا من الثمن و قد فات نظر و لا فرق بین تسلیم البائع المبیع فی المدة و عدمه فلو منعه منه ظلما حتی انقضت المدة جاز له أخذ الثمن حینئذ و انقطع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 428
فلو شرط أجلا من غیر تعیین أو عین أجلا مجهولا کقدوم الحاج بطل (1) و لو باعه بثمنین الناقص فی مقابلة الحلول أو قلة الأجل و الزائد فی مقابلة الأجل أو کثرته بطل علی رأی (2)
______________________________
الأجل و عن أبی علی أنه منع من أقل من ثلاثة أیام فی السلف و من التأجیل زیادة علی ثلاث سنین و الأصل و العمومات و غیرهما مرجحة علیه مع عدم وضوح مستنده و لعله استند إلی ما رواه فی الکافی عن أحمد بن محمد قال قلت لأبی الحسن علیه السلام إنی أرید الخروج إلی بعض الجبال فقال ما للناس بد من أن یضطربوا سنتهم هذه قلت جعلت فداک إنا إذا بعناهم بنسیئة کان أکثر للربح قال بعهم بتأخیر سنة قلت فبتأخیر سنتین قال نعم قلت بثلاث قال لا و مثله ما رواه عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری فی قرب الإسناد عن أحمد بن محمد بن عیسی عن أحمد بن محمد بن أبی نصر قال قلت لأبی الحسن علیه السلام إن هذا الجبل قد فتح علی الناس منه باب رزق فقال إذا أردت الخروج فاخرج فإنها سنة مضطربة و لیس للناس بد من معاشهم فلا تدع الطلب فقلت إنهم قوم ملاء و نحن نحتمل التأخیر فنبایعهم بتأخیر سنة قال بعهم قلت سنتین قال بعهم قلت ثلاث سنین قال لا یکون ذلک بشی‌ء أکثر من ثلاث سنین و الظاهر حمل الخبرین علی الکراهة لما فی ذلک من طول الأجل أو من حیث صعوبة تحصیله بعد هذه المدة الطویلة لما هو معلوم من أحوال الناس فی ثقل أداء الدین و لا سیما إذا کان بعد مثل هذه المدة مع احتمال ورودهما مورد التقیة کما أشار إلیه بعض العلماء مضافا إلی عدم انطباقهما علی مذهبه علی أن قصور سندهما و عدم مکافأتهما لما مضی یمنع من الاستناد إلیهما و یأتی الکلام فیما إذا لم یکن الشرط فی متن العقد فی باب الخیار
(قوله) (فلو شرطا أجلا من غیر تعیین أو عینا أجلا مجهولا کقدوم الحاج بطل)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 428
هذا فرع ما تقدم فلا خلاف فیه و به صرح فی المقنعة و ما تأخر عنها و کذا یبطل لو عین أجلا مشترکا بین أمرین أو أمور حیث لا مخصص لأحدهما کالنفر من منی و شهر ربیع و مثله التأجیل إلی یوم معین من الأسبوع کالجمعة مثلا کما نص علی ذلک الشهیدان و تبعهما من تأخر عنهما للغرر و الجهالة و نقل فی اللمعة قولا بالصحة فی المشترک فیحمل علی الأول فی الجمیع و لم نظفر بقائله بعد تتبع تام و علله فی الروضة بتعلیقه الأجل علی اسم معین و هو یتحقق بالأول قال لکن یعتبر علمهما بذلک قبل العقد لیتوجه قصدهما إلی أجل مضبوط فلا یکفی ثبوت ذلک شرعا مع جهلهما أو أحدهما به و مع القصد لا إشکال فی الصحة و إن لم یکن الإطلاق محمولا علیه ثم احتمل فی الروضة الاکتفاء فی الصحة بما یقتضیه الشرع فی ذلک قصده أم لا نظرا إلی کون الأجل الذی عیناه مضبوطا فی نفسه شرعا و إطلاق اللفظ منزل علی الحقیقة الشرعیة و هو احتمال بعید جدا لمنع تنزیل الإطلاق علیهما مطلقا بل إنما هو فی لسان الشارع خاصة لعدم دلیل عام یدل علی التعدی و ثبوته فی بعض المواضع لا یوجبه إلا بالقیاس الممنوع منه عندنا و الاستقراء الغیر الثابت قطعا و قد أطال الأستاذ قدس اللّٰه روحه فی فوائده الحائریة فی بیان رد هذا الوهم (و لیعلم) أنه یجوز التوقیت بالنیروز و المهرجان و هو أول دخول الشمس برج المیزان و الفصح بالفاء و الصاد المهملة و الحاء المهملة عید النصاری و الفطیر عید الیهود إذا علما ذلک
(قوله) (و لو باعه بثمنین الناقص فی مقابلة الحلول أو قلة الأجل و الزائد فی مقابلة الأجل أو کثرته بطل علی رأی)
قد تضمن کلامه مسألتین إحداهما أن یبیعه حالا بدرهم و مؤجلا إلی شهر مثلا بدرهمین و الثانیة أن یبیعه مؤجلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 429
..........
______________________________
إلی شهر بدرهم مثلا و إلی شهرین بدرهمین و ظاهر السرائر و الإیضاح و الدروس و حواشی الشهید و المقتصر و المهذب البارع و الروضة و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة أن الخلاف واقع فی المسألتین بل هو صریح جملة منها و قد یظهر ذلک من الکتاب و التلخیص حیث قال فیهما فی المسألتین علی رأی (و نسب فی المسالک) القول بالصحة فی الثانیة إلی جماعة و فی التحریر ما نصه لو باعه بثمنین إلی أجلین بأن یقول بعتک بدینار إلی شهر و بدینارین إلی شهرین بطل قولا واحدا فهذا نص منه علی الإجماع و عدم الخلاف فی المسألة الثانیة و قد یلوح ذلک من النافع و الشرائع و یعضده ما فی کشف الرموز حیث ذکر الأولی و الثانیة ثم قال و توهم المتأخر یعنی ابن إدریس أن هذه مثل الأولی فقال عقیب الأولی إن سلار یقول بالبطلان فیها و النقل غیر صحیح لأن سلار ما ذکرها یعنی الأولی هذا کلامه و ما نقله عن السرائر و المراسم صحیح و فی الدروس و المهذب البارع و المقتصر نسبة القول بالبطلان فی الأولی إلی سلار أیضا فلذا نسبنا إلی ظاهر الکتب الثلاثة ما سمعته و قد وقع فی الدروس نوع اضطراب لأنه ذکر أولا المسألة الأولی و قال إن المروی عن علی علیه السلام لزوم أقل الثمنین و علیه جماعة ثم نسب القول بالبطلان إلی المبسوط و الحلبی و سلار و ابن حمزة و ابن إدریس و الفاضلین (انتهی) و فیه أن ابن حمزة فی الوسیلة کسلار فی المراسم لم یذکر إلا المسألة الثانیة أعنی ذات الشهر و الشهرین و لم یتعرضا للمسألة الأولی کصاحب الغنیة و المحقق فی الشرائع لم یحکم بشی‌ء فی المسألة الأولی و إنما جزم بالبطلان فی المسألة الثانیة و نحوه ما فی النافع إلا أن عبارته فی النافع کأنها ظاهرة فی البطلان فی المسألة الأولی (و علی کل حال) لا تصح النسبة إلیه علی الإطلاق ثم إنه فی الدروس ذکر ثانیا المسألة الثانیة قال و لو باعه کذلک إلی أجلین فکالأول عند المفید رحمه اللّٰه مع أنه حکم بالنهی عن البیع فی الموضعین و جعله المرتضی مکروها و قال ابن الجنید لا یحل فإن هلکت السلعة فأقل الثمنین نقد و إن أخره المشتری جاز انتهی (قلت) المفید جعل لمسألتین من سنخ واحد کما ذکر قال فی المقنعة لا یجوز البیع بأجلین علی التخییر کقوله هذا المتاع بدرهم نقدا و بدرهمین إلی شهر أو سنة أو بدرهم إلی شهر و باثنین إلی شهرین فإن ابتاع إنسان شیئا علی هذا الشرط کان علیه أقل الثمنین فی آخر الأجلین (هذا کلامه) و الفرع فرعه علی المسألتین و یأتی بحول اللّٰه تعالی بیان الوجه فیه و کان الشهید فهم منه القول بالصحة و أما المرتضی رضی اللّٰه عنه فإنه حکم بالکراهة فی المسألة الأولی لا الثانیة و ما حکاه عن أبی علی فإنما نقل عنه ذلک فی المسألة الأولی أیضا و إنما تعرضنا لذلک لأنه یعول علیه و یستند إلیه و یسمع قوله و قد اقتفی أثره و الاعتذار عنه بأن المسألتین من سنخ واحد عنده أو عندهم لا یجدی و لا یصح عند المتأمل و ممن ظاهره أن الحکم فی المسألتین واحد المفید فی المقنعة و العجلی فی السرائر و جماعة من المتأخرین و القاضی علی ما حکی عنه کما أشرنا إلی ذلک کله سابقا و قد عرفت مما ذکرناه أقوال القدماء و جملة من أقوال المتأخرین (و قد وقع) أیضا فی کلام المتأخرین اختلاف فی النقل عن المتقدمین ففی کشف الرموز نسب إلی المفید و الشیخ فی النهایة القول بالصحة فی الأولی و نسبه فی الإیضاح إلیهما و إلی أبی علی فی المسألتین مع أن أبا علی و الشیخ لم یتعرضا للثانیة و فی المهذب البارع إلی المفید و المرتضی فی الأولی و قال إن الشیخ فی النهایة و القاضی یبطلان البیع إلا أن یمضیه البائعان بعد العقد و جعل القول بالبطلان من رأس قول المبسوط و سلار و غیرهم و فی التنقیح جعل القاضی موافقا للشیخ فی المبسوط مع أن المحکی عنه فی المختلف موافق للمقنعة کما هو الظاهر أو لعبارة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 430
..........
______________________________
النهایة کما فهمه صاحب المهذب البارع و جعل صاحب التنقیح ابن حمزة أیضا قائلا بالبطلان فی الأولی مع أنه لم یتعرض لها و هکذا الحال فیمن تأخر عن هؤلاء حتی انتهت النوبة إلی صاحب الریاض فجعل القول بالبطلان فی المسألة الأولی خیرة أبی علی و المفید و السید و الشیخ فی المبسوط و سلار و التقی و القاضی و ابن زهرة و لقد أحسن المصنف فی المختلف حیث نقل العبارات برمتها و لم یحکم علی أحد بالقول بالبطلان إلا علی الشیخ فی المبسوط و ابن إدریس و الذی ظهر لی بعد فضل التتبع أن الناص علی بطلان البیع فی الأولی الشیخ فی المبسوط و العجلی فی السرائر و الفخر فی الإیضاح و أبو العباس فی المقتصر و المقداد فی التنقیح و هو ظاهر النافع و صریح إیضاحه و هؤلاء یلزمهم القول بالبطلان فی الثانیة إذ لا نص فیها عندهم و ستسمعه (و قد سمعت) ما فی التحریر و ظاهر الشرائع التردد فی بطلان الأولی و ما نص فیه علی البطلان فی الثانیة المراسم و الوسیلة و الغنیة فی أول الفصل و الشرائع و النافع و التلخیص لکن الغنیة لیست بتلک المکانة من التنصیص (نعم) ظهورها لا ینکر و هؤلاء لا یلزمهم القول بالبطلان فی الأولی و قد تأمل فی البطلان فی الثانیة صاحب الکفایة و ما نص فیه علی البطلان فی الأولی و الثانیة کشف الرموز و التحریر و الإرشاد و الإیضاح و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان و المفاتیح و کذلک جامع المقاصد و المسالک و فی مجمع البرهان أنه ظاهر الأکثر و فی الحدائق أنه المشهور و فی الریاض أنه الأشهر بل علیه عامة من تأخر و نقل فی کشف الرموز عن صاحب البشری أنه قال لو عملنا بروایة البرقی کان قریبا و ستسمعها و نقل فیه عن الراوندی قولا آخر و هو أن علی المشتری الثمن الأقل فی الأجل الأقل قال لأنه رضی بالأقلّ فی الزمن الأقل فإن لم یرد المشتری فلیس له فی ذمته إلا الأقل سواء أداه عاجلا أو آجلا قال الآبی و هو فی غایة الضعف و فی الدروس بعد أن ذکر المسألتین کما أسمعناکه قال و الأقرب الصحة و لزوم الأقل و یکون التأخیر جائز من جهة المشتری لازما من طرف البائع لرضاه بالأقلّ فالزیادة ربا و لأجلها ورد النهی و هو غیر مانع من صحة البیع انتهی (فتأمل) و نحوه ما فی حواشیه علی الکتاب و هذا احتمال ذکره فی المختلف و صاحب الکفایة قرب الصحة فی الأولی و بقی هناک عبارات مشتبهة و هی عبارة المقنعة و النهایة و آخر عبارة الغنیة فی ذلک الفصل و عبارة القاضی فیما حکی عنه و عبارة أبی علی و عبارة علم الهدی (أما عبارة المقنعة) فقد أسمعناکها آنفا و مثلها من دون تفاوت عبارة القاضی غیر أن القاضی قال کان البیع باطلا و المفید قال لا یجوز (و أما الغنیة) فعبارتها فی أول الفصل صریحة أو ظاهرة فی البطلان کما تقدم نقله فی المسألة الثانیة و قال فی آخر الفصل فإن تراضیا بإنفاذه کان للبائع أقل الثمنین فی أبعد الأجلین بدلیل الإجماع المتکرر فهی کعبارة المقنعة أو عبارة القاضی (و أما عبارة النهایة) فهی هذه فإن ذکر المبتاع بأجلین و نقدین مختلفین بأن یقول ثمن هذا المبتاع کذا عاجلا و کذا آجلا ثم أمضی البیع کان له أقل الثمنین و أبعد الأجلین فقوله ثم أمضی البیع کأنه قید کما فی عبارة المقنعة و الغنیة و القاضی (و هذه العبارات) ذات وجهین (أحدهما) أن یکون المراد أن النهی لا یقتضی الفساد فیکون حراما صحیحا لکن ذلک لا یتأتی فی عبارة القاضی لأنه صرح فیها بالبطلان (و الثانی) أن یکون المراد أنهما إذا تراضیا بذلک و تلف المبیع لا یکون حکمه حکم البیع الفاسد کما هو مقتضی القواعد فیرجع إلی المثل أو القیمة بل یرجع البائع إلی ما فی الأخبار و هو أقل الثمنین فی أبعد الأجلین فلا یکون خلاف فی المسألتین إلا عند التلف (و یرشد) إلی ذلک عبارة أبی علی قال فیما حکی عنه و قد روی عن النبی صلی اللّٰه علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 431
..........
______________________________
و آله و سلم أنه قال لا یحل صفقتان فی واحدة و ذلک أن یقول إن کان بالنقد فبکذا و إن کان بالنسیئة فبکذا و کذا و لو عقد البائع للمشتری کذلک و جعل الخیار إلیه لم أختر للمشتری أن یقوم علی ذلک فإن فعل و استهلکت السلعة لم یکن للبائع إلا أقل الثمنین لإجازته البیع به و کان للمشتری الخیار فی تأخیر الثمن الأقل إلی المدة التی ذکرها البائع بالثمن الأوفر من غیر زیادة علی الثمن الأقل انتهی (فلیتأمل) و أما کلام علم الهدی فی المسائل الناصریة المکروه أن یبیع الشی‌ء بثمنین بقلیل إن کان الثمن نقدا و بأکثر منه نسیئة (انتهی) فالمدار فی مراده علی معنی الکراهة فی لسان المتقدمین هل هو الحرمة أو المعنی المعروف الآن «فتأمل» (هذا تمام الکلام فی الأقوال) و تحریر محل النزاع و ما کان هناک من شهرة أو إجماع و الأصل فی المسألة ما رواه المحمدون الثلاثة بطریق حسن بإبراهیم عن محمد بن قیس الثقة بقرینة عاصم بن حمید عن أبی جعفر قال قال أمیر المؤمنین علیه السلام من باع سلعة فقال إن ثمنها کذا و کذا یدا و ثمنها کذا و کذا نظرة فخذها بأیّ ثمن شئت و جعل صفقتها واحدة فلیس له إلا أقلهما و إن کان نظرة و زاد فی الکافی قال (و قال) علیه السلام من ساوم بثمنین أحدهما عاجل و الآخر نظرة فلیسم أحدهما قبل الصفقة و ما رواه الشیخ فی التهذیب عن أحمد عن البرقی عن النوفلی عن السکونی عن جعفر عن أبیه عن آبائه صلوات اللّٰه علیهم جمیعا أن علیا علیه السلام قضی فی رجل باع بیعا و اشترط شرطین بالنقد کذا و بالنسیئة کذا فأخذ المتاع علی ذلک الشرط فقال هو بأقل الثمنین و أبعد الأجلین یقول لیس له إلا أقل النقدین إلی الأجل الذی أجله بنسیئة و قد طعن جماعة فی الأولی باشتراک محمد بن قیس کالمصنف فی المختلف (و قد عرفت) أنه هنا الثقة و آخرون بالضعف و ناقش فی المختلف فی دلالة الخبرین بجواز أن یکون قد عقد البیع بالثمن الأقل نقدا ثم إن البائع جعل له تأخیر الثمن بزیادة فحکم علیه السلام بأنه لیس له إلا الثمن الأقل و إن صبر البائع إلی الأجل و ناقش بعضهم فی دلالة الحسنة أیضا بعدم ظهورها فی وقوع البیع و الصفقة بتلک المعاملة بل غایتها الدلالة علی وقوع الإیجاب (فتأمل) و قد تنبه بعضهم إلی الزیادة التی فی الحسنة فقال إنها لا تخلو عن منافرة لما دلت علیه أولا فإن الظاهر أن المراد منها أنه لا یجوز هذا التردید بل لا بد من أن یعین أحدهما قبل العقد و یوقعه علیه (قلت) لعل معناها کما قیل أنه لا بد من أن یعین کل واحد منهما قبل وقوع العقد فلا منافرة و نوقش فی الخبرین أیضا بأنهما مخالفان للأدلة العقلیة و النقلیة لأن المالک إنما رضی بالبیع بالثمن الکثیر نظرة فکیف یلزم بأقلهما نسیئة و من المعلوم اشتراط رضا الطرفین فی العقد (و أجیب) بأنا أوجبنا له أقل الأمرین فی أبعد الأجلین لا بمعنی أنه یجب له الثمن الأقل و یکون له الصبر إلی الأجل الأبعد بل نقول یجب علیه الثمن حالا أو فی الأجل الأقرب فإن صبر علیه البائع لم یزد الثمن بمجرد الصبر و إن طالبه عاجلا کان له ذلک فلا جهالة و لا یرد علیه ما ذکرت (و فیه) أن هذا التنزیل بعید عن مورد الخبر علی أنه لم یدفع الإیراد عند التأمل (و أجیب) بأنه رضی بالثمن الأقل فلیس له الأکثر فی البعید و إلا لزم الربا إذ تبقی الزیادة فی مقابلة تأخیر الثمن لا غیر فإن صبر إلی البعید لم یجب له أکثر من الأقل کذا قال فی المختلف و علیه اعتمد الشهید فی الدروس کما مر آنفا و قد أشرنا إلیه هناک (فتأمل) و حجة القول بالبطلان موثقة عمار المتضمنة نهیه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن بیع ما لم یقبض و عن شرطین فی بیع و عن ربح ما لم یضمن و خبر سلیمان بن صالح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 432
و لو باع نسیئة ثم اشتراه قبل الأجل بزیادة أو نقیصة حالا أو مؤجلا جاز إن لم یکن شرطه فی العقد (1)
______________________________
و آله و سلم عن سلف و بیع و عن بیعین فی بیع و روی الشیخ فی المبسوط عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أنه نهی عن بیعین فی بیع و قد سمعت ما رواه أبو علی عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و ما فسره به من أنه إن کان نقدا فبکذا و إن کان نسیئة فبکذا و بمثل ذلک فسره السید حمزة أبو المکارم فی الغنیة غیر أنه جعله فی الأجلین و جعل الشیخ فی المبسوط تفسیر أبی علی أحد معنیی هذه الکلمة فهذه الأخبار دالة علی المطلوب لظهورها فیه کما فهمه هؤلاء أو لإطلاقها الشامل لما نحن فیه و لما قیل فی معناها أیضا و هو المعنی الثانی الذی حکاه فی المبسوط من أنه هو ما إذا قال بعتک هذا بألف بشرط أن تبیعنی دارک بألف مثلا و السند منجبر بالشهرة مع اعتضادها بالقاعدة و هی نفی الجهالة و الغرر (و بقاعدة أخری) و هی أن مقتضی العقد الانتقال من حینه و لا یقبله الثمن المتردد مع أنه لیس لهما التخییر بین الثمنین إجماعا بل لا بد إما من البطلان أو لزوم أقل الثمنین فی أقرب الأجلین کما سمعته عن الراوندی أو فی أبعد الأجلین کما علیه جماعة و الثانی شاذ نادر و الثالث غیر موافق للقواعد القطعیة الدالة علی أنه لا یحل أکل مال امرئ مسلم إلا برضاه کما تقدم بیانه (و تزید) المسألة الثانیة بإجماع التحریر و قال جماعة لها لیست منصوصة و علی ما فسر به الخبر صاحب الغنیة تکون منصوصة هذا (و قد استدل فی المختلف) للقائلین بالصحة بأنه یجوز استیجار خیاط بدرهم إن خاطه الیوم أو فارسیا و بدرهمین إن خاطه رومیا أو فی غد و لو کان الثمن هناک مجهولا کان حال الإجارة هنا کذلک مع أنه صحیح ثم أجاب عنه بأن الاستیجار باطل أیضا سلمنا لکن الفرق أن العقد فی الإجارة یمکن أن یصح جعالة یحتمل فیها الجهالة بخلاف البیع و أن العمل الذی یستحق به الأجرة لا یمکنه وقوعه إلا علی إحدی الصفقتین فتتعین الأجرة المسماة عوضا له فلا یقتضی التنازع بخلاف صورة النزاع و لأنه لو ساوی البیع لوجب أن یکون له أقل الأجرتین فی أقرب الأجلین أو أکثرهما فی أبعدهما و لیس کذلک (و احتمل) فی التحریر صحة الإجارة فیما لو قال إن خطته الیوم فلک درهم و إن خطته غدا فنصف درهم (و لیعلم) أن فی خبر السکونی مجازین حیث عبر فیه بأقل الثمنین و أبعد الأجلین و مورده المسألة الأولی و قد تبع جماعة الخبر فعبروا بهذه العبارة و المجاز الأول فی تسمیة الحال أجلا باعتبار ضمه إلی الأول فی التثنیة کالحسنین و الشمسین و الأبوین لأنه أخف و الثانی فی أفعل التفضیل مع عدم الاشتراک فی المصدر لأن الحال لا بعد فیه
(قوله) (و لو باع نسیئة ثم اشتراه قبل الأجل بزیادة أو نقیصة حالا أو مؤجلا جاز إن لم یکن شرطه فی العقد)
جواز ذلک کله إن لم یکن شرط البیع فی نفس العقد مما لا خلاف فیه و کأن دلیله الإجماع کما فی مجمع البرهان و مما لا خلاف فیه فتوی و نصا عموما و خصوصا کما فی الریاض و الأمر کما قالا فإنه قد صرح بذلک فی المقنعة و ما تأخر عنها مما تعرض له إلی الریاض ما عدا المراسم فإن فیها فإن باع ما ابتاعه إلی أجل قبل حلول الأجل فبیعه باطل انتهی (فلیتأمل) فإنی لم أجد أحدا نقل عنها الخلاف فی ذلک و فی صحیحة منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یکون له علی الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غیر ذلک فأتی الطالب المطلوب لیبتاع منه شیئا فقال لا یبیعه نسیئا فأما نقدا فلیبعه بما شاء قال فی الوافی شیئا من ذلک المتاع الذی علیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 433
..........
______________________________
و لا یبعد أن یکون تصحیف نسیئا و هذا الخبر لا یوافق الأخبار الأخر لکنه مجمل محتمل الحمل علی الکراهة جمعا بینه و بینها مع عدم مکافأته لها قطعا و أما اشتراط عدم اشتراطه فی العقد فلم یذکر فی المقنعة و النهایة و السرائر و صرح به فی المبسوط فی باب المرابحة و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و غایة المراد و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة و غیرها و فی الریاض نسبة اشتراطه فی الجواز إلی الأصحاب و أنه لا خلاف فیه (و فی الکفایة) لا أعلم خلافا بینهم فی البطلان عند الشرط (و فی المفاتیح) الظاهر اتفاقهم علی بطلانه و قریب منه ما فی مجمع البرهان قال و قد أشیر إلیه فی غایة المراد و کأنه عنی قوله فی غایة المراد إن کان علی المسألة إجماع فلا بحث (انتهی) و یدل علیه ما رواه الحمیری فی قرب الإسناد عن علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام قال سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم ثم اشتراه بخمسة دراهم أ یحل قال إذا لم یشترط و رضیا فلا بأس و مثله و أظهر منه فی عنوان المسألة ما رواه علی بن جعفر فی کتابه إلا أنه قال بعشرة دراهم إلی أجل ثم اشتراه بخمسة دراهم بنقد و فی خبر الحسین بن المنذر إیماء إلی ذلک و قد استدل بالخبرین علی الحکم المذکور صاحب الکفایة قبل صاحب الحدائق فما ذکره فی المقام غیر لائق و استدل علیه فی التذکرة بلزوم الدور و فی الدروس فی باب الشروط و غایة المراد بعدم القصد إلی حقیقة الإخراج عن ملکه و تبعها المتأخرون عنهما و ناقشوا فی کلا الدلیلین و قد قرر الدور فی جامع المقاصد بأن انتقاله إلی الملک موقوف علی حصول الشرط و حصوله موقوف علی انتقال الملک و نحوه ما صوره به فی غایة المراد و رداه بأن الموقوف علی حصول الشرط هو اللزوم لا الانتقال و زاد فی غایة المراد فی الرد أنه یصح اشتراط عتقه و بیعه علی الغیر و هذا الدور آت فیه و زاد فی الروضة أنه لو جعل الشرط بیعه من البائع بعد الأجل لتخلل ملک المشتری فیه و معناه أن ملک المشتری حینئذ قد تخلل فی طول الأجل لأنه مع شرط البیع قبل الأجل یمکن البائع فسخه بعد بیعه فی کل آن بخلاف اشتراط البیع بعد مدة لانقطاع هذا الخیار فی أثناء المدة من البائع و تحقق ملک المشتری و لزومه فیه و هذا الشرط یجعل العقد جائزا بعد اللزوم و ما ألزموه به وجیه لکنه إن کان یذهب إلی أن الشرط فی العقد و البیع بالشرط یتوقف صحة البیع علیه لا لزومه و یقول باللزوم فی المواضع المذکورة بالإجماع و غیره لم یکونوا أنصفوه فیما أوردوه و إلا فما کان ذلک لیخفی علی مثل العلامة رحمه اللّٰه (فلیتأمل) و هذا منهم أیضا مبنی علی عدم القول بلزوم العقد المشروط فیه و إلزام المشروط علیه بالشرط کما هو مذهب جماعة منهم الشهید الثانی و مع القول به فدفع الدور واضح لأنه حینئذ لا تتوقف ملکیته له علی بیعه أیضا و قد صور الدور فی التذکرة فی باب الشروط و المسالک و الروضة بأن بیعه له یتوقف علی ملکیته له المتوقفة علی بیعه و لا یخفی علیک بعد إمعان النظر أن ما ذکراه فی بیان الدور یتوجه بظاهره إلی البیع الثانی لا الأول و الحال أنه یجوز بطلانه مع صحة الأول و المستدل به إنما أراد بطلان البیع الأول (فتأمل) و رد المحقق الثانی و الشهید الثانی الدلیل الثانی بأن الغرض حصوله و إرادة شرائه بعد ذلک لا تنافی حصول قصد النقل بل شرط النقل ثانیا یستلزم القصد إلی النقل الأول لتوقفه علیه و إلا لم یصح إذا قصدا ذلک و لم یشترطاه مع الاتفاق علی صحته النهی (فتأمل و لیعلم) أن الاعتبار بهذا الشرط و سائر الشروط من فاسد و صحیح هو ذکرها فی نفس العقد کما أشار إلیه المصنف و المحقق و الشهید و غیرهم بقولهم فی العقد و حال بیعه و قضیته أنه لو کان فی نفسیهما ذلک و لم یشترطاه لم یضر و فی المسالک أنهما لو شرطاه قبل العقد لفظا فإن کانا یعلمان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 434
و لو حل فابتاعه بغیر الجنس جاز مطلقا و الأقرب أن الجنس کذلک و قیل تجب المساواة (1)
______________________________
بأن الشرط المتقدم لا حکم له فلا أثر له و إلا اتجه بطلان العقد کما لو ذکراه فی متنه لأنهما لم یقدما إلا علی الشرط و لم یتم لهما و فی مجمع البرهان لا یبعد اعتبار الشرط لو ذکر قبل العقد مع إیقاع العقد بینهما علی ذلک الشرط مع تذکر له نعم إن کان فی بالهما ذلک و ما ذکر و لا وقع العقد علی ذلک الوجه و لا قصدوا انحصار التراضی فیه لم یؤثر و أیده بصحیحة یعقوب بن شعیب عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و هذا هو الذی کان یذهب إلیه الأستاذ الشریف أدام اللّٰه سبحانه حراسته قدیما سمعته منه شفاها کان یقول المقدر کالمذکور لکنی بعد ذلک سمعت منه ما لعله یلوح منه العدول عنه و تحقیق المقام یأتی فی خیار المجلس و خیار الشرط حیث قال المصنف هناک بشرط الضبط و ذکره فی صلب العقد و فی غایة المراد أنه لا فرق فی هاتین الصورتین بین الزیادة و النقیصة و المساواة و الجنسیة و عدمها و الحلول و التأجیل و مضروب ذلک فی الصورتین ست عشرة مسألة
(قوله) (و لو حل فابتاعه بغیر الجنس جاز مطلقا و الأقرب أن الجنس کذلک و قیل تجب المساواة)
إذا حل فابتاعه بغیر جنسه جاز سواء کان مساویا أو أزید أو بالجنس من دون زیادة و لا نقصان إجماعا کما فی کشف الرموز و بلا خلاف کما فی الریاض و فی مجمع البرهان أنه لا کلام فی ذلک و فی غایة المراد أنه إذا حل الأجل فالمسائل الست عشرة آتیة هنا و الخلاف مختص بأربع و هی بیعه بجنسه مع زیادة و بیعه به مع نقیصة حالین و مؤجلین و یحتمل أن یکون الخلاف أیضا فی مسألة أخری و هی أن یبیعه بجنسه مساویا لکنه مؤجل لأن للأجل زیادة (انتهی) و قضیة نفی الخلاف عما عدا الأربع و هو صریحه فی حواشی الکتاب و ما قربه المصنف هو خیرة المقنعة کما نسبه إلیها جماعة و لیس فیما عندنا من نسخها إلا الإطلاق و خیرة السرائر و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التذکرة و التحریر و المختلف و الإرشاد و التلخیص و الإیضاح و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و غایة المراد و جامع المقاصد و التنقیح و المقتصر و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و الحدائق و الریاض و نقله المصنف عن والده (و قد نقلت) علیه الشهرة فی عدة مواضع و هی معلومة بل کاد یکون إجماعا لأن المخالف الشیخ فی النهایة و کتابی الأخبار کما ستسمع لکن الشهید قال تبعه جماعة و لم نظفر بهم و فی غایة المراد أنه أی المشهور مذهب المفید و متابعیه کابن إدریس و ابن سعید و لم أجد التصریح به فی المراسم و الغنیة و الوسیلة و قال جماعة إن المشهور موافق للنظر و ذهب الشیخ فی النهایة إلی أنه لا یجوز بیعه بنقیصة و فی التهذیبین و لا بزیادة و قد احتج علی المشهور فی المختلف بعد الأصل و العمومات بما رواه عبید بن زرارة قال سألت أبا عبد اللّٰه عن الرجل باع طعاما بدراهم إلی أجل فلما بلغ الأجل تقاضاه فقال لیس عندی دراهم خذ منی طعاما قال لا بأس به إنما له دراهم یأخذ بها ما شاء و لم یذکر وجه دلالته و قد تبعه علی ذلک جماعة (و أنت خبیر) بأن محل الاستدلال به لا یعدو وجهین (الأول) قوله علیه السلام لا بأس به فإنه إن کان عائدا إلی الطعام فلیس فیه دلالة علی أنه عین المبیع و النزاع فیه و إن کان الشیخ فی الخلاف منع من شراء الطعام بها زائدا لاستلزامه بیع الطعام بالزیادة و لعل هذا هو المذهب الثالث فی المسألة الذی أشار إلیه صاحب الکفایة و ستسمع ما فی الخلاف و لعله ینطبق علیه سلمنا أنه عین المبیع لکن لا تصریح فیه بشرائه بنقیصة أو زیادة (الثانی) قوله علیه السلام یأخذ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 435
..........
______________________________
بها ما یشاء (و فیه) علی تقدیر تسلیم العموم کما هو الظاهر نقول إنه شامل لما إذا أخذ بعض الطعام المبیع بجمیع دراهمه أو أزید منه و لیس من محل النزاع إنما النزاع فیما إذا أخذ الجمیع بأقل من دراهمه أو أزید منها و لیس ذلک عین هذا و لا مستلزما له (فلیتأمل) فالأولی الاستدلال بصحیحة بشار بن یسار قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یبیع المتاع نسیئا فیشتریه من صاحبه الذی یبیعه منه قال نعم لا بأس به و ترک الاستفصال یسلط علی فهم العموم و مثله إحدی صحیحتی منصور بن حازم (و حجة الشیخ) روایتا خالد بن الحجاج و عبد الصمد بن بشیر و لا دلالة فیهما علی مطلوبه عند التأمل کما فهمه الجماعة مع الضعف فیهما و الإضمار فی الثانی فتحملان علی الکراهة و ربما قیل إنهما مخصوصتان بموردهما من الطعام و لا شاهد علیه فلا وجه له (و لیعلم) أن الشیخ فی الخلاف قال لو اشتری منه طعاما غیره بدراهم لا تجوز الزیادة لأدائه إلی بیع الطعام بطعام بزیادة و ضعف بأن العوض دراهم لا طعام هذا و قد روی الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه سئل عن رجل اشتری ثوبا ثم رده علی صاحبه فأبی أن یقبله إلا بوضیعة قال لا یصلح له أن یأخذه فإن جهل و أخذه بأکثر من ثمنه رد علی صاحبه الأول ما زاد و هی لیست نصا فی مطلوب الشیخ لأن الظاهر من الرد أنه علی جهة الإقالة و قد أجمعوا علی عدم جواز الزیادة و النقیصة فیها و أبطلوها بها علی أن قوله علیه السلام لا یصلح من عبارات الکراهة فی بعض الموارد و الحاصل أن الاستدلال علی ما نحن فیه بهذا الخبر الظاهر فی الإقالة و بخبر محمد ابن قیس الوارد فی السلف مما لا وجه له بل هو اشتباه (و لنشر) إلی ذاک إشارة إجمالیة حتی یتضح الحال فی المقامین و تعرف موارد الأخبار (فنقول) اتفقوا علی أنه یجوز بیع السلم بعد حلوله و قبضه بل هو ضروری کما اتفقوا علی عدم الجواز قبل حلوله و اختلفوا فی جواز بیعه بعد حلوله و قبل قبضه علی أقوال و هذه تشبه ما نحن فیه فلذا وقع الاشتباه (القول الأول) أنه یجوز أن یبیعه بدراهم و إن کان قد أسلفه علیه دراهم بزیادة و نقیصة علی من هو علیه و علی غیره و هو مذهب المفید و جماعة کثیرین بل ادعی علیه جماعة الشهرة (الثانی) أنه لا یجوز إذا کان بین الثمنین الربویین مع التجانس تفاوت بزیادة أو نقیصة و یجوز إذا لم یکن تفاوت بینهما و هو مذهب الشیخ و جم غفیر و ادعی فی الدروس أنه مذهب الأکثر و عن الحلبی دعوی الإجماع علیه و قد یظهر ذلک من الغنیة و حجتهم علیه الصحاح المستفیضة منها صحیحة محمد بن قیس التی أوردوها فی المقام و هی عن أبی جعفر علیه السلام قال قال أمیر المؤمنین علیه السلام من اشتری طعاما أو علفا إلی أجل إلی أن قال فإن لم یجد شرطه و أخذ ورقا لا محالة قبل أن یأخذ شرطه فلا یأخذ إلا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ و المفید و متابعوه تأولوا هذا الخبر و غیره من الأخبار بحملها علی الفسخ و الإقالة و احتجوا علی دعواهم بإطلاق کثیر من الأخبار المعتبرة منها ما ورد فی الرجل یسلف الدراهم فی الطعام إلی أجل فیحل الطعام فیقول لیس عندی طعام و لکن انظر ما قیمته فخذ منی ثمنه قال لا بأس بذلک و الشیخ و متابعوه تأولوه و غیره بالحمل علی صورة عدم الزیادة أو عدم المجانسة (القول الثالث) الجواز علی کراهیة فی الطعام خاصة علی من هو علیه و علی غیره و هو قول المحقق (الرابع) أن ذلک فی الطعام حرام و هو مذهب السید حمزة أبی المکارم مدعیا علیه إجماع الطائفة و الإجماع موهون بمصیر الجم الغفیر إلی خلافه و لعله نظر إلی الأخبار الواردة فی بیعه قبل قبضه المانعة بإطلاقها و النصوص الأخر مقیدة لها مقدمة علیها و لعل القول بالکراهیة مطلقا غیر بعید لمکان التسامح فی أدلة السنن و هذا حدیث إجمالی اقتضاه المقام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 436
و یجوز البیع نسیئة بزیادة عن قیمته أو نقصان مع علم المشتری و کذا النقد (1) و لو شرط خیار الفسخ إن لم ینقده فی مدة معینة صح (2) و لو شرط أن لا بیع إن لم یأت به فیها ففی صحة البیع نظر فإن قلنا به بطل الشرط علی إشکال (3)
______________________________
و یأتی بلطف اللّٰه سبحانه و تعالی و برکة محمد و آله صلی اللّٰه علیه و آله تمام الکلام فی محله هذا و لو تغیرت السلعة فیما نحن فیه عن حالة البیع کالهزال أو نسیان الصنعة أو تمزیق الثوب جاز شراؤه بما شاء إجماعا کما فی التحریر
(قوله) (و یجوز البیع نسیئة بزیادة عن قیمته أو نقصان مع علم المشتری و کذا النقد)
یرید أنه یجوز بیع المبتاع حالا و مؤجلا بأزید من ثمنه أو أنقص و قد ذکر ذلک فی النهایة و السرائر و نفی عنه الخلاف فی الأخیر من دون تقیید بعلم المشتری کما قیده به فی الکتاب و الشرائع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و اللمعة و غیرها بل فی بعضها مع علمهما (و قد) اعترضهم المحقق الثانی بأن قضیته أنهما لو لم یکونا عالمین لا یصح البیع مع أنه یصح البیع و إن ثبت للجاهل منهما خیار الغبن متی کان مما لا یتسامح به (و أجاب) من تأخر عنه بأن المراد بالجواز اللزوم مجازا إذ مع الجهل و ثبوت الغبن لا یلزم و لعلهم أرادوا الجواز من دون کراهیة کما أشار إلیه فی التحریر و قال الشهیدان و من تأخر عنهما بأنه مشروط بما إذا لم یؤد إلی السفه من البائع أو المشتری فیبطل البیع و یرتفع السفه بتعلق غرض صحیح بالزیادة و النقصان کالصبر بدین حال و نحوه
(قوله) (و لو شرط خیار الفسخ إن لم ینقده فی مدة معینة صح)
قد تقدم فی أول هذا المطلب ما له نفع تام فی المقام و یأتی فیه تمام الکلام بعون اللّٰه و لطفه و برکة خیر خلقه محمد و آله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم
(قوله) (و لو شرط أن لا بیع إن لم یأت به فیها ففی صحة البیع نظر فإن قلنا به بطل الشرط علی إشکال)
الأصح بطلان العقد و الشرط کما فی الإیضاح و جامع المقاصد و قد ذکر فیهما فی وجه النظر ما حاصله من أنه علق البیع علی غرر فلم یصح کما لو علقه بقدوم زید و امتناع اقتضاء صحة الشی‌ء بطلانه لأن صحة البیع تقتضی صحة الشرط فیلزم علی تقدیر عدم الإتیان به عدم البیع عملا بالشرط فیکون حین العقد حصول البیع و عدم حصوله علی حد سواء فلا یکون الواقع شیئا صحیحا فیکون باطلا لأنه شرط ینافی مقتضی صحة العقد لأنه یقتضی ارتفاعه بعد وقوعه و أیضا البیع یقتضی انتقاله إلی المشتری و لا یقتضی عوده إلی البائع و فرق بینه و بین الخیار فی الفسخ لإمکان انفکاک اللزوم عن الصحة و یمتنع انفکاک الصحة عن نفسها و الوجه الثانی للنظر عموم أدلة صحة البیع و أنه یجری مجری اشتراط الخیار لأن دفع المشتری الثمن و عدمه من أفعال المشتری الاختیاریة فبطلان البیع علی تقدیر أحدهما و صحته علی التقدیر الآخر تخییر للمشتری فی فعله للممضی و الفاسخ و هذا معنی شرط الخیار و انفساخه علی تقدیر فعل الفاسخ أمر معتبر فی صحة شرط الخیار فلا یکون سببا لبطلان البیع کما لو قال له لک الخیار فی الفسخ و الإمضاء فإذا فسخت انفسخ و لا فرق فی الفاسخ (فی ذلک خ ل) بین اللفظ و غیره کعدم إتیانه بالثمن فی الوقت المشترط و أما وجه الإشکال إن قلنا بالبیع الواقع کذلک فینشئان من أنه بمنزلة اشتراط الخیار و من أن مقتضاه عدم وقوع البیع علی أحد التقدیرین و هو خلاف الواقع فلا یکون صحیحا و هذا الإشکال یبتنی علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 437

[المطلب الثانی فی السلف و فیه بحثان]

اشارة

(المطلب الثانی فی السلف) و فیه بحثان

[البحث الأول فی شرائطه و هی سبعة]

اشارة

(الأول) فی شرائطه و هی سبعة

[الشرط الأول العقد]

(الأول) العقد و لا بد فیه من إیجاب کقوله بعتک کذا صفته کذا إلی کذا بهذه الدراهم (1) و ینعقد سلما لا بیعا مجردا (2) فیثبت له وجوب قبض رأس المال قبل التفرق نظرا إلی المعنی لا اللفظ (3) أو أسلمت (4) أو أسلفت أو ما أدی المعنی و الأقرب انعقاد البیع بلفظ السلم فیقول أسلمت إلیک هذا الثوب فی هذا الدینار (5)
______________________________
شیئین الأول أن العقد المشتمل علی هذا الشرط صحیح إذ لو قلنا بفساده لفسد الشرط قطعا و هذا یبتنی علی شی‌ء آخر و هو الشی‌ء الثانی أن بطلان الشرط لا یفضی إلی بطلان العقد إذ لو قیل بذلک لزم من القول بصحة العقد صحة الشرط لأن الفرض أن بطلانه یقتضی بطلان العقد فلا یصح الإشکال
المطلب الثانی فی السلف (1) السلم و السلف بمعنی واحد یقال أسلف و سلف و أسلم و یجی‌ء (و یصح خ ل) فیه سلم بالتضعیف غیر أن الفقهاء لم یستعملوه کذا قیل فی المبسوط و التذکرة و قال فی التحریر و لا تستعمل الفقهاء سلم و إن کان جائزا (قلت) قد تقدم فی صیغ البیع ما فیه تمام النفع فی المقام
(قوله) (و لا بد فیه من إیجاب کقوله بعتک کذا صفته کذا إلی کذا بهذه الدراهم)
إیجاب هذا العقد یصدر من کل من المتعاقدین و یقبل الآخر فإیجاب المسلم أسلمت إلیک أو أسلفت کذا فی کذا أو سلفت و إیجاب المسلم إلیه إما لفظ البیع أو التملیک کما تقدم فی باب البیع أو تسلمت أو تسلفت أو استسلفت أو استسلمت منک کذا فی کذا و نحوه فیقول الآخر قبلت و شبهه کما صرح بذلک جماعة منهم الشهیدان و المحقق الثانی و الفاضل المقداد و المقدس الأردبیلی و غیرهم و قال ابن الأثیر إن القتیبی قال لم أسمع تفعل من السلم إذا دفع إلا فی هذا و الإشارة إلی حدیث ذکره من طرقهم عن خزیمة
(قوله) (و ینعقد سلما لا بیعا مجردا)
کما ذکر ذلک أیضا فی التذکرة و معناه أن هذا العقد الواقع بلفظ البیع ینعقد سلما لأنه قد جمع شرائط السلم و لا یضر کونه بلفظ البیع لأن البیع جنس للسلم و غیره فإذا قید بقیود السلم تمحض له و لا یکون ذلک بیعا مجردا عن کونه سلما و قید بقوله مجردا لأن السلم بیع فکان مجردا صفة لقوله بیعا و لا یصح جعله صفة لسلما لأنه یکون قوله لا بیعا غیر مستقیم لأنه یصیر المعنی و ینعقد سلما مجردا عن ذکر السلم علی أنه لا یخلو عن حزازة فی الصناعة و قد فرع علی ذلک وجوب قبض رأس المال قبل التفرق لأن ذلک من خواص السلم
(قوله) (فیثبت له وجوب قبض رأس المال قبل التفرق نظرا إلی المعنی لا اللفظ)
کما فی التذکرة و قال فی جامع المقاصد لا حاجة إلی هذا التکلف لأن السلم بیع فوجود لفظ البیع فی العقد لا یقتضی أن لا یکون سلما فلیس فی اللفظ ما ینافی کونه سلما أصلا (قلت) لعل غرضه الرد علی الشافعیة حیث قالوا فی أحد الوجهین ما نصه إن الاعتبار باللفظ فلا یجب تسلیم الدراهم فی المجلس و یثبت فیه خیار الشرط
(قوله) (أو أسلمت إلخ)
هذا و نحوه من إیجاب المسلم بالکسر کما هو واضح و قد تقدم
(قوله) (و الأقرب انعقاد البیع بلفظ السلم فیقول أسلمت إلیک هذا الثوب فی هذا الدینار)
قد قرب ذلک أیضا فی الشرائع و التذکرة و المختلف و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 438
..........
______________________________
و المسالک و فی الأخیر أنه مذهب الأکثر و مثله فی الشرائع بما إذا قال أسلمت إلیک هذا الدینار فی هذا الکتاب عکس ما فی التذکرة و الکتاب (و استشکل) فی التحریر فی صدر المبحث من دون ترجیح کالإیضاح و محل النزاع بینهم و بین الشیخ و ابن إدریس کما ستسمع هو ما صرح به فی المختلف و التذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد من أن البیع المطلق المجرد عن الأجل ینعقد بلفظ السلم الخالی عن ذکر الأجل کما ینعقد السلم بلفظ البیع مع ذکر الأجل و یرشد إلی ذلک تمثیلهم و تعلیلهم و جوابهم عن حجة الخصم کما ستسمع فیکون الحاصل أن هؤلاء یقولون یجوز البیع بلفظ السلم مع التلفظ بالقول و القصد إلیه أو القرینة الدالة علیه کتعمد ترک الأجل لأن مطلق البیع و إن شمل الحال و المؤجل ینزل علی الحلول لمکان ترک الأجل کما یکون مؤجلا بذکر الأجل (و لهم) عبارات أخر و هو قولهم یشترط کون المسلم فیه دینا فلا ینعقد فی عین نعم ینعقد بیعا و قد صرح بذلک فی التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و الکتاب فیما یأتی و ظاهر التذکرة الإجماع علی اشتراط کون المسلم فیه دینا و هذه توافق ما ذکروه فی المقام و فی هذه الکتب الخمسة أیضا و الإیضاح و جامع المقاصد أنه لا یشترط الأجل فی السلم فیصح السلم فی الحال لکن یشترط أن یصرح بالحلول و زید فی جملة منها شرط آخر عموم الوجود عند العقد و فی الشرائع لو اشتراه حالا قیل یبطل و قیل یصح و هو المروی لکن یشترط أن یکون عام الوجود فی وقت العقد و مثلها ما فی اللمعة من قوله و الأقرب جوازه حالا مع عموم الوجود عند العقد و معنی هذه العبارات أنه یجوز البیع بلفظ السلم حالا مع عموم وجود المسلم فیه عند العقد لیکون مقدورا علی تسلیمه و لیس من شرط العقد بلفظ السلم أن یکون مقرونا بالأجل کما یدعیه الشیخ (فیکون) ذلک إشارة إلی ما جعلوه کما فی الإیضاح و غیره بناء علی الصحة فی المسألة أولی بالصحة مما مثلوا به من إسلاف هذا الدینار فی هذا الکتاب و هو ما إذا جعل متعلق البیع عینا موصوفة بصفات السلم حالا فإنهم قالوا إن هذا أولی بالصحة کما نبه علیه فی الخبر لأنه أقرب إلی السلم و لا یشترط فیه ذکر الأجل کما صرح بذلک فی التذکرة فی مواضع و الکتاب فی موضعین و الإیضاح و جامع المقاصد و غیرها (قال) فی الدروس یشترط کون المسلم فیه دینا لأنه موضوع لفظ السلم لغة و شرعا فلو أسلم فی عین کان بیعا فلو کان موصوفا کان سلما نظرا إلی المعنی فی الموضعین و لیس المانع من السلف فی العین اشتراط الأجل الذی لا تحتمله العین لأن الأصح أنه لا یشترط الأجل نعم یشترط التصریح بالحلول و عموم الوجود عند العقد و لو قصد الحلول و لم یتلفظ به صح أیضا (انتهی) و إنما نقلناها لأنها موهمة خلاف المراد و منها حصل الوهم للشهید الثانی فی المسالک و الروضة و معنی عبارة الدروس أنه لا یشترط الأجل فی السلم بقول مطلق لجواز السلم فی العین حالا بالشرطین المذکورین و إنما یشترط الأجل فیه إذا قصد التأجیل و خلاف الأصح هو اشتراط الأجل فی السلم مطلقا کما هو ظاهر کلام الشیخ و من تبعه فیکون هذا الخلاف شعبة من ذلک الخلاف و قد توهم عبارة الشرائع أن الخلاف إنما هو فیما إذا قصد السلم لا البیع المطلق و أخل بذکر الأجل علی ذلک التقدیر و لیس کذلک و کیف یکون کذلک و ظاهر التذکرة فی مواضع الإجماع علی البطلان فی مثل ذلک و من ذلک کله یعلم حال ما قال فی الروضة قال و اعلم أن ظاهر المصنف هنا و فی الدروس و کثیر أن الخلاف مع قصد السلم و أن المختار جوازه مؤجلا و حالا مع التصریح بالحلول و لو قصدا بل مع الإطلاق أیضا و یحمل علی الحلول و الذی یرشد إلیه التعلیل (و الجواب) أن الخلاف فیما لو قصد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 439
..........
______________________________
به البیع المطلق و استعمل السلف فیه بالقرائن (انتهی) و أنت قد عرفت القائلین بالصحة و سمعت أمثلتهم و رأیت عباراتهم فی المقامات الثلاثة فأین ما نسبه إلی کثیر منهم (و أما الدروس) ففیه عبارتان إحداهما قوله و ینعقد البیع بلفظ السلم علی الأقرب (انتهی) و هی صریحة فیما جعلناه أولا محل النزاع و الأخری قد سمعتها و عرفت الحال فیها ثم إنه لم یتضح لنا قوله إن ظاهر المصنف و کثیر أن الخلاف مع قصد السلم فإن أراد أن الخلاف واقع فیما إذا قصد السلم المؤجل فی البیع الحال فلا یصح (و کیف یمکن ذلک) مع تصریحهم باعتبار الحلول فیه نصا و قصدا بل قالوا فی شروط السلم أنه إذا أراد السلف الخاص یشترط فیه ذکر الأجل و إن أراد أن الخلاف فی صحة البیع حالا مع قصد السلم باستعمال لفظة فیه أی فی البیع المجرد فهو صحیح و إلیه یرجع ما ذکره ثانیا و یوافق الأمثلة کما عرفت و ینطبق علیه التعلیل و الجواب کما ستعرف جیدا (و یبعد) أن یحتمل أن یکون أشار بذلک إلی ما ذهب إلیه الشافعی کما ستعرف أنه لم یذهب إلیه أحد من أصحابنا و ظاهر التذکرة فی مواضع الإجماع علی خلافه و المخالف ظاهرا الشیخ فی النهایة و الخلاف و المبسوط و هو المنقول عن الحسن بن أبی عقیل قال فی النهایة لو أخل بالأجل کان البیع غیر صحیح و فی الخلاف السلم لا یکون إلا مؤجلا و لا یصح أن یکون حالا ثم ادعی إجماع الفرقة و قال فی المبسوط السلم لا یکون إلا مؤجلا و لا یصح أن یکون حالا و إن کان الشی‌ء موجودا فی الحال فإنه لا یکون سلما و تبعه علی ذلک ابن إدریس و یحتمل أن یکون غرض الشیخ الرد علی الشافعی و عطاء و أبی ثور و ابن المنذر کما صرح بذلک فی الخلاف و أشار إلیه فی المبسوط حیث قال و إن کان الشی‌ء موجودا إلخ و ذلک لأن هؤلاء ذهبوا إلی أنه إذا باعه بلفظ السلم و ترک ذکر الأجل کان یطلق أو یقول حالا فإنه ینعقد سلما إذا کان المسلم فیه موجودا فی الحال قالوا فیکون الثمن و المثمن حالین لکن یجب قبض الثمن فی المجلس دون المثمن و استندوا إلی أن الأجل فیه غرر لأن التسلیم قد یتعذر وقت الأجل فإذا أسقط الأجل لم یؤثر فی صحة العقد هذا کلامه (کلامهم خ ل) و حاصله أن العقد یصح و یکون الثمن و المثمن حالین کما نقل ذلک فی التذکرة و الشیخ و ابن إدریس منعا من ذلک فیکونان مخالفین لجمهور المتأخرین و لهذا ذکر خلافهما فی المختلف و غیره (فلیتأمل جیدا) و یکون الفرق بین المتأخرین و الشافعی أن المتأخرین یقولون إن أراد بلفظ السلم مطلق البیع مجازا و لم یقصد السلم الحقیقی صح البیع و إن قصد السلم الحقیقی و الحلول و لم یقصد مطلق البیع بطل و الشافعی یصحح الثانی و یبقی التأمل فی تصویر هذا الأخیر (فتأمل جیدا) و یأتی فی الفرع الخامس من فروع الخیار ما له نفع تام فی المقام و ما قربه المتأخرون فی المقام یدل علی أن العقود تنعقد بالمجازات القریبة لأنه لا ریب فی أن استعمال السلم فی البیع المطلق مجاز و هو خلاف ما اختاره الأستاذ الشریف دامت حراسته عند ذکر صیغ البیع من أن العقود لا تنعقد بالمجازات قریبة کانت أو بعیدة و الظاهر أن الحق ما حققه المحقق الثانی هناک و قد عللوا ما قربوه بأن السلم بعض جزئیات البیع و قد استعمل لفظه فی نقل الملک علی الوجه المخصوص فجاز استعماله فی الجنس لدلالته علیه حیث یصرح بإرادة المعنی العام و ذلک عند قصد الحلول و هذا هو التعلیل الذی وعدنا ببیانه و علله فی المختلف بأن البیع جزء من أجزاء السلم و یصح إطلاق اسم الکل علی الجزء (و استدل الشیخ فی الخلاف) بالإجماع و قد رده جماعة بقوله من أسلف فلیسلف فی کیل معلوم أو وزن معلوم و أجل معلوم و أجابوا عنه بتسلیمه حیث یقصد السلم الخاص و البحث فیما لو قصد به البیع الحال و هذا هو الجواب الذی وعدناک بذکره و الروایة التی أشار إلیها المحقق ما رواه فی الفقیه عن عبد الرحمن بن الحجاج عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 440
و لو قال بعتک بلا ثمن أو علی أن لا ثمن علیک فقال قبلت ففی انعقاده هبة نظر ینشأ من الالتفات إلی المعنی و اختلال اللفظ و هل یکون مضمونا علی القابض فیه إشکال ینشأ من کون البیع الفاسد مضمونا و دلالة لفظه علی إسقاطه (1)
______________________________
الرجل یشتری الطعام من الرجل و لیس عنده فیشتری منه حالا قال لا بأس به قلت إنهم یفسدونه عندنا قال فأی شی‌ء یقولون فی السلم قلت لا یرون به بأسا یقولون هذا إلی أجل فإذا کان إلی غیر أجل و لیس هو عند صاحبه فلا یصلح فقال إذا لم یکن أجل کان أحق به ثم قال لا بأس أن یشتری الرجل الطعام و لیس هو عند صاحبه إلی أجل أو حالا لا یسمی له أجلا إلا أن یکون بیعا لا یوجد مثل العنب و البطیخ فی غیر زمانه فلا ینبغی شراء ذلک حالا و تمام الکلام فی المسألة یأتی فی الشرط الخامس من شروط السلف
(قوله) (و کذا لو قال بعتک بلا ثمن أو علی أن لا ثمن علیک فقال قبلت ففی انعقاده هبة نظر ینشأ من الالتفات إلی المعنی و اختلال اللفظ و هل یکون مضمونا علی القابض فیه إشکال ینشأ من کون البیع الفاسد مضمونا و دلالة لفظه علی إسقاطه)
قد ذکر ذلک کله فی التذکرة و قال للشافعیة فیه وجهان و نحوه ما فی الإیضاح و فی حواشی الشهید أن ذلک یبنی علی أن العقود توقیفیة أو اصطلاحیة فعلی الأول لا یصح لأن البیع لا بد فیه من العوض و انتفاء الجهالة و علی الثانی یصح ثم نقل قولا بأنه یرجع إلی قصده فإن قصد البیع بطل و إن قصد الهبة صحت (و فیه) أن مجرد القصد غیر کاف من دون حصول سبب شرعی و معنی قول المصنف فی وجه النظر من الالتفات إلی المعنی أنه إذا جمع معنی هذا اللفظ جمیعه علی وجه لا یکون فیه تنافی کان معناه أنه تملیک بلا عوض و أما وجه اختلال اللفظ فهو أن البیع یقتضی الثمن و التقیید بعدمه ینافیه و قد ضعف الأول فی جامع المقاصد بأنه إنما یندفع التنافی إذا عدل باللفظ عن مدلوله إلی معنی آخر لا یکون سببه التنافی لأن هذا غیر کاف فی الصحة و إلا فلا یبطل شی‌ء من العقود المشتملة علی ما ینافیها لوجود المندوحة فی العدول به إلی ما لا ینافی ثم إنه وجه النظر بغیر ذلک فقال ینشأ من وجود لفظ البیع المقتضی للثمن و وجود المنافی لصحته و هو اشتراط عدم الثمن فیکون بیعا فاسدا و من أن التقیید بعدم الثمن قرینة إرادة الهبة من لفظ البیع لأن الهبة هی التملیک بغیر عوض فهو مساو لها فی المعنی ثم ضعفه بأن استعمال البیع فی الهبة مجاز لم ینقل و لا بد فی التجوز من النقل و من ثم امتنع نخلة للإنسان (قلت) الحق أنه إنما یشترط النقل فی العلاقات (و أما أفرادها) فیجوز فیها التجوز و لا یحتاج إلی نقل ما لم نعلم عدم الهجر و فی النخلة للإنسان علم الهجر ففرق واضح بین المقامین و محل بیانه فی فنه و أما ما وجه به الإشکال فمتجه غیر أن ما دل بمنطوقه أقوی مما یدل ضمنا و نفی الثمن منطوق صریح بخلاف إثباته (و من هنا) یسقط ما عساه یقال إن البیع یقتضی الثمن و اشتراط عدم الثمن ینفیه و قد تعارضا فیتساقطان و یرجع إلی حکم الأصل و هو ثبوت الضمان فی الید حتی یثبت المسقط (و فیه) أن ذلک فرع التکافؤ و قد عرفت عدمه نعم لا بأس بما قیل من أنه إن قصد الهبة فلا ضمان لأن أقل مراتبه أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 441
أما لو قال بعت و لم یتعرض للثمن فإنه لا یکون تملیکا و یجب الضمان

[الشرط الثانی معرفة وصفه]

اشارة

(الثانی) معرفة وصفه و یجب أن یذکر اللفظ الدال علی الحقیقة کالحنطة مثلا ثم یذکر کل وصف تختلف به القیمة اختلافا ظاهرا لا یتغابن الناس بمثله فی السلم بلفظ ظاهر الدلالة عند أهل اللغة بحیث یرجعان إلیه عند الاختلاف (1) و لا یجب فی الأوصاف الاستقصاء إلی أن تبلغ الغایة لعسر الوجود بل یقتصر علی ما یتناوله الاسم (2)
______________________________
تکون هبة فاسدة و الهبة الفاسدة لا یضمن بفاسدها
(قوله) (الثانی معرفة وصفه و یجب أن یذکر اللفظ الدال علی الحقیقة کالحنطة مثلا ثم یذکر کل وصف تختلف به القیمة اختلافا ظاهرا لا یتغابن الناس بمثله فی السلم بلفظ ظاهر الدلالة عند أهل اللغة بحیث یرجعان إلیه عند الاختلاف)
قد طفحت عباراتهم باعتبار ذکر الجنس و الوصف و جعلهما شرطا واحدا و هو العلم بالمسلم فیه قالوا و المراد بالجنس هنا الحقیقة النوعیة کالشعیر و الحنطة و إلیه أشار المصنف بقوله اللفظ الدال علی الحقیقة و إلی الوصف أشار بقوله ثم یذکر کل وصف و حاصله أنه یجب أن یکون المسلم فیه معلوما عند المتعاقدین (و إنما یتحقق بأمرین) ذکر اللفظ الدال علی الحقیقة کالحنطة و ذکر اللفظ الممیز و هو ما یوصف به مما یمیزه عن جمیع ما عداه مما یشارکه فی الجنس کصرابة الحنطة و حمرتها فلو لم یذکر الجنس بل قال بعتک شیئا صریبا أو ذکره و لم یذکر الوصف بطل و العبارات فی ذلک مختلفة فبعضهم یذکرهما معا و یجعلهما شرطا واحدا و بعض یذکر الجنس و یتعرض فی أثناء ذلک للوصف و بعض یعکس و المآل واحد و الأصل فی هذا الشرط بعد الإجماع کما فی الریاض أدلة نفی الغرر و النصوص الواردة فی الباب کصحیحتی زرارة و الحلبی و غیرهما و قول المصنف فی السلم قید احتراز فإنه قد یتغابن فی السلم بما لا یتغابن به فی غیره و بالعکس و المرجع فی هذه الأوصاف إلی العرف و ربما کان العامی أعرف بها من الفقیه و حظ الفقیه منها البیان الإجمالی و المراد بظهور دلالة اللفظ عند أهل اللغة هو ما ذکره بقوله بحیث یرجعان إلیه عند الاختلاف و إنما یتم ذلک إذا کان مستفاضا أو یشهد به عدلان (و لا بد مع ذلک) من علم المتعاقدین بالمعنی المراد فلو جهلاه أو أحدهما بطل العقد و إن کان معناه معروفا لغة و عرفا و لا یختص الحکم بذی الدلالة عند أهل اللغة بل ما یدل عند أهل العرف کذلک کما صرح به المحقق الثانی و الشهید الثانی و غیرهما فمتی کان المعنی متعارفا جازت الحوالة علیه کذلک و فی جامع المقاصد إنما یمکن الرجوع إلی الوصف إذا کان مستفاضا أو یشهد به عدلان ثم إنه اعتبر الاستفاضة و سیجی‌ء للمصنف أن الصفات إذا لم تکن مشهورة عند الناس لقلة معرفتها کالأدویة أو لغرابة لفظها فلا بد أن یعرفها المتعاقدان و غیرهما ثم قال و هل تعتبر الاستفاضة أم تکفی معرفة عدلین الأقرب الثانی و هو الذی قربه أیضا فی الإیضاح لکن المحقق الثانی قرب الأول کما سیأتی إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله) (و لا یجب فی الأوصاف الاستقصاء إلی أن تبلغ الغایة لعسر الوجود بل یقتصر علی ما یتناوله الاسم)
قد ذکر فی التذکرة نحو هذه العبارة فقد جمع فی الکتابین بین الفردین المختلفین فی الصحة و عدمها إذ التعلیل بعسر الوجود لعدم الجواز لا لعدم الوجوب کما ستسمع و الذی نطقت به عبارات الأصحاب أنه لا یجب الاستقصاء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 442
فلو أفضی الإطناب إلی عزة الوجود کاللئالی الکبار التی یفتقر إلی التعرض فیها للحجم و الشکل و الصفات و الیواقیت و الجاریة الحسناء مع ولدها إلی ما أشبهه لم یصح و إن کان مما یجوز السلم فیه لأدائه إلی عسر التسلیم (1)
______________________________
فلو استقصی و أدی إلی عسر الوجود بطل و إلا صح (و قد نفی) عنه الخلاف فی الریاض و معناه أنه لا یجب الاستقصاء فی الوصف بل یجوز الاقتصار منه علی ما یتناوله الاسم الموصوف بالوصف الذی یزیل اختلاف أثمان الأفراد الداخلة فی المغیا فإن استقصی کذلک و وجد الموصوف صح و إن عسر وجوده بطل و علی ذلک تنزل عبارة الشرائع حیث قال و لا یطلب فی الوصف الغایة بل یقتصر علی ما یتناوله الاسم فالأمر و النهی الواقعان فی هذه قد یکونان علی وجه المنع و اللزوم کما إذا استلزم الاستقصاء عزة الوجود و قد یکونان علی وجه نفی اللزوم و الجواز «1» کما إذا لم یستلزم ذلک و هو عبارة صحیحة خالیة عن التجوز و لا کذلک عبارة الکتاب و التذکرة علی أن بلوغ الغایة قد لا یؤدی إلی عسر الوجود لکنه لا یجب لأن الواجب ما تندفع به الجهالة و هی الأوصاف التی تتفاوت القیمة بتفاوتها تفاوتا لا یتغابن الناس بمثله فی السلم
(قوله) (فلو أفضی الإطناب إلی عزة الوجود کاللئالی الکبار التی یفتقر إلی التعرض فیها للحجم و الشکل و الوزن و الصفا و الیواقیت و الجاریة الحسناء مع ولدها إلی ما أشبهه لم یصح و إن کان مما یجوز السلم فیه لأدائه إلی عسر التسلیم)
قضیة التفریع علی ما سبق من عدم الاستقصاء و جواز الاقتصار أو وجوبه علی ما یتناوله الاسم إن اللئالی الکبار و ما ذکر معها مما یصح السلم فیها و یقتصر فیها علی ما یتناوله الاسم و لا یصح السلم فیها إذا استقصیت أوصافها و یشهد علی ذلک کلامه الأخیر لکن قضیة قوله التی تفتقر إلی التعرض فیها للحجم إلی آخره أن هذه و أمثالها لا یصح السلم فیها أصلا لأنها ذوات صفات کثیرة و معظم صفاتها تتفاوت القیمة باعتبارها أشد تفاوت فإن ذکر جمیعها عسر وجودها و امتنع السلم فیها و إن لم یذکر جمیعها حصلت الجهالة فلا یصح السلم فیها مطلقا فینبغی رفع المنافرة عن العبارة و التعرض لبیان أن هذه الصور الثلاث من سنخ واحد أم لا و یمکن تجشم رفع الأول بأن یکون هذا تفریعا علی ما فهم من قوله و لا یجب إلخ و هو أن من الأشیاء حینئذ ما لا یمکن فیه السلم لأن صفاته التی تتفاوت القیمة باعتبارها تفاوتا بینا کثیرة إذا ذکرت جمیعها أدی إلی عسر وجوده و من دونها لا یحصل العلم بوصفه (فلیتأمل جیدا) و عبارة التذکرة کعبارة الکتاب فی التفریع و التمثیل ما عدا الجاریة الحسناء فإنها لم تذکر فی أمثلة التذکرة فحالها حال عبارة الکتاب و أما حال الأمثلة المذکورة فقد أطلق فی المبسوط و الشرائع و التحریر و الإرشاد و الکفایة عدم الجواز فی اللئالی و الجواهر من دون فرق بین الصغار و الکبار و جوز فی الصغار من اللئالی دون الکبار (و فی الإیضاح و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الریاض) کما هو خیرة المصنف فیما یأتی و التذکرة و فی الدروس أن الأقرب جواز السلم فی العقیق و شبهه من الجواهر و اللئالی التی لا یتفاوت الثمن باعتبارها تفاوتا بینا (انتهی) و ضابط الصغار من اللئالی کلما یباع بالوزن فلا یلاحظ فیه الأوصاف الکثیرة عرفا و حدها بعض بما یطلب للتداوی دون التزین أو ما یکون وزنه سدس دینار و هو رجوع إلی ما لا دلیل علیه (و أما) الجاریة الحسناء
______________________________
(1) عطف علی نفی لا علی اللزوم (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 443
و الأقرب جوازه فی اللئالی الصغار مع ضبط وزنها و وصفها لکثرتها و یجوز اشتراط الجید و الردی و الأردی علی إشکال ینشأ من عدم ضبطه و وجوب قبض الجید لا یقتضی تعیینه عند العقد لا الأجود (1)
______________________________
و ولدها فقد منع من الإسلاف فیهما إذا کان الغرض التسری فی التذکرة و فی الدروس بل احتمل فی الأخیر المنع منه فی الجاریة الحسناء لعدم انضباطها فإن مرجعها إلی الاستحسان و الشهوة المختلفین باختلاف الطباع و منع فی المبسوط و اللمعة من الإسلاف فی جاریة و ولدها من دون وصفها بالحسناء کما منعا من شاة و ولدها لعزة الوجود و المشهور کما فی المسالک الجواز فی شاة و ولدها و ظاهره فی المسالک عدم الفرق بین جاریة حسناء و ولدها و شاة و ولدها حیث حکی موافقة العلامة للشیخ فی الجاریة الحسناء و ولدها لعزة وجودها کذلک ثم قال و فی الفرق نظر (انتهی) و جوزه فی الدروس فی جاریة و ولدها لغرض الخدمة و یأتی للمصنف جوازه فی جاریة و ولدها أیضا فتکون هذه مقیدة بکونها غیر حسناء و هی الجاریة المطلوبة للخدمة دون التسری و إذا حمل کلامه الأول علی أن المراد المنع من الجاریة الحسناء مع ولدها إذا استقصی فی أوصافها فتکون هذه الأخیرة علی إطلاقها کان ذکر الولد غیر محتاج إلیه لأن الاستقصاء فیها وحدها مانع و قال المحقق الثانی الحق أن الجزم بأن الجاریة المطلوبة للحسن متی وصفت بالصفات عن وجودها غیر ظاهر و کذا ما أشبه هذه الأشیاء و قول المصنف إلی ما أشبهه معناه مضافا إلی ما أشبهه فقد تحصل أن ضابط المنع و عدمه عزة الوجود و عدمها و الأصل فیه الإجماع علی ذلک علی الظاهر فی أحد الشقین و القطع به فی الآخر و قد عللوه بأن عقد السلف مبنی علی الغرر لأنه بیع ما لیس بمرئی فإذا کان عزیز الوجود کان مع الغرر مؤدیا إلی التنازع و الفسخ فکان منافیا للمطلوب من السلف و وجهه فی الإیضاح بأنه لما جل جناب الحق جل شأنه عن التکلیف بما لا یطاق و اقتضت حکمته البالغة عدم خرق العادات غالبا بمجرد ما یرد علی العبد من متناقض الإرادات أبطل السلم فیما یؤدی إلی أحدهما قطعا و ما تجدد أداؤه إلی أحدهما تجدد بطلانه (قال) فظهر من ذلک أن ما یعز وجوده لا یصح السلم فیه و بقی ما لا یعز لکن وجوده أقلی فی الأغلب لاستقصاء الصفات و الأقرب فیه الصحة لعدم استلزامه المال مع إمکانه فی نفسه و جواز ثبوته فی الذمة و لوجود المقتضی و هو عقد البیع و انتفاء المانع و هو عزة الوجود ثم احتمل البطلان تنزیلا للأغلب علی الدائم «انتهی» و هذا الاحتمال ضعیف جدا کما ستأتی عند شرح قوله و الأقرب اشتراط ما لا یعز وجوده
(قوله) (و یجوز اشتراط الجید و الردی و الأردی علی إشکال ینشأ من عدم ضبطه و وجوب قبض الجید لا یقتضی تعیینه عند العقد لا الأجود)
اشتراط الجید و الردی مما لا ریب فی جوازه بل فی المبسوط و التذکرة أنه یجب ذلک و فی الدروس قیل یجب ذکر الجودة و الرداءة بالإجماع و فیه نظر «انتهی» (قلت) فی التحریر أن الإجماع واقع علی ذکر الجودة و لم یذکر فیه الرداءة (فتأمل) و أما الأردی ففی التحریر و الإرشاد أنه یصح اشتراطه و نقله فی التذکرة قولا عن بعض أصحابنا و لم أجد قبله من صححه نعم قال فی الشرائع لو قیل به کان حسنا و البطلان فیه خیرة المبسوط و الشرائع علی الظاهر منها و التذکرة و المختلف و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و مجمع البرهان علی تأمل له فیه و فی الدروس و الکفایة فیه وجهان (قلت) الوجهان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 444
و کل ما یمکن ضبط أوصافه المطلوبة یصح السلم فیه و إن کان مما تمسه النار (1) فیجوز فی عیدان النبل قبل نحتها لا المعمول (2)
______________________________
هما ما أشار إلیهما المصنف هنا (الأول) عدم ضبطه حالة العقد إذ ما من ردی‌ء إلا و یمکن أردی منه (و الثانی) یستفاد من قوله و وجوب قبض الجید لا یقتضی تعیینه و بیانه علی ما ذکره الشهید فی حواشیه و المحقق الثانی أن له مرجعا فلا یکون؟؟؟ غیر منضبط لوجوب قبض الجید فی باب السلم فإذا أتی بردی‌ء فإن کان هو الأردی فهو المطلوب و إن کان ردیئا کان قد دفع الجید عن الردی لأن الردی بالنسبة إلی الأردی جید فیجب قبوله فقول المصنف و وجوب قبض الجید إلخ جواب عن هذا التوجیه و حاصله أنکم توهمتم أن المانع تعذر التسلیم فقلتم إن التسلیم ممکن بدفع الجید الردی عوض الأردی و لیس کذلک و إنما المانع عدم ضبطه و وجوب قبض الجید لا یصیر الأردی مضبوطا عند العقد لأنه لیس من أفراده و قد عرفت أن ضبط المسلم فیه شرط لصحة السلم و یزید أیضا أنه لو امتنع من الأداء لم یتمکن الحاکم من إجباره لأن الأردی غیر مضبوط لیجبره الحاکم علی تسلیمه و الجید غیر مستحق هذا کله إذا لم یکن للأردی مصداق متعارف (و أما الأجود) فعدم الصحة فیه محل وفاق کما فی التذکرة و الروضة و به صرح فی المبسوط و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه ما عدا مجمع البرهان و الکفایة فإن فیهما أن فیه وجهین و احتمل فی الأول أن یکون الأجود و الأردی من واد واحد و قال فی التذکرة بعد دعوی الإجماع کما سمعت إن فیه إشکالا لإمکان ضبطه فی بعض الأمتعة کالطعام فإنه قد تتناهی جودته (انتهی) و یأتی عند شرح قوله و یجب أن یدفع الموصوف فلو دفع غیر الجنس إلخ ما له نفع تام فی المقام فلیلحظ
(قوله) (و کل ما یمکن ضبط أوصافه المطلوبة یصح السلم فیه و إن کان مما تمسه النار)
هذا الضابط ذکره جملة من الأصحاب و کأنه مما لا ریب فیه عندهم و قال فی مجمع البرهان هذا الضابط ظاهر و الفرق مشکل نعم قد یوجد فی بعض الأفراد و لکن غیر معلوم لنا کلیته فإن الفرق بین الحیوان و لحومه مشکل و کذا بین اللحم و الشحم حتی یصح فی الأول منهما و لا یصح فی الثانی و إن تخیل الفرق بینهما (و یمکن) أن یقال بالصحة فیما ینضبط فی الجملة إلا ما ورد النهی عن مثله و ما علم التفاوت بین أفراده مثل اللحم فإنه ورد النهی عنه و مثل اللؤلؤ الکبار فإن التفاوت بین أفراده باللون و الوضع کثیر جدا بحیث یشکل ضبطه بالعبارة و کذا أکثر ما یباع عددا کالبطیخ و نحوه و یؤید ما قلناه من الاکتفاء بالوصف فی الجملة عدم ذکر زیادة الأوصاف فی الإخبار کقول الصادق علیه السلام فی حسنة جمیل لا بأس فی المتاع إذا وصف الطول و العرض و فی حسنة زرارة لا بأس بالسلم فی الحیوان إذا وصف أسنانها (انتهی فتأمل) و منع الشافعی من السلم فیما مسته النار لمکان تأثیر النار فیه و إلیه أشار و إن کان مما مسته النار
(قوله) (فیجوز فی عیدان النبل قبل نحتها لا المعمول)
هذا تفریع علی قوله و کلما یمکن ضبط أوصافه إلخ و عیدان النبل قبل نحتها یجوز السلم فیها لإمکان ضبطها لکن لا بد من التقدیر بالعدد أو الوزن و ما یبقی فیها من الاختلاف لا یقدح لعدم اختلاف الثمن بسببه و أما بعد نحتها فالمشهور کما فی الکفایة لا یجوز فیها السلم لأنها تجمع أخلاطا مقصودة لأن فیها خشبا و عصبا و ریشا و أما إذا کان منحوتا حسب فالأقرب المنع لعدم القدرة علی معرفة نحتها و تتفاضل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 445
و الخضر و الفواکه و ما تنبته الأرض و البیض و الجوز و اللوز و کل أنواع الحیوان و الأناسی و اللبن و السمن و الشحم و الطیب و الملبوس و الأشربة و الأدویة و إن کانت مرکبة إذا عرف بسائطها و فی جنسین مختلفین ینضبط کل منهما بأوصافه و فی شاة لبون و لا تجب ذات لبن بل ما من شأنها (1) و فی شاة ذات ولد أو جاریة کذلک (2) علی رأی أو حامل علی إشکال (3) ینشأ من الجهل بالحمل و المختلطة المقصودة الأرکان إذا أمکن ضبطها کالعتابی (4) و الخز الممتزج من الإبریسم و الوبر و الشهد إذ الشمع کالنوی (5) و کذا کل ما یقصد خلیطه کالجبن و فیه الإنفحة (6) و دهن البنفسج و البان و الخل و فیه الماء و الصفر و الحدید و الرصاص و النحاس و الزیبق و الکحل و الکبریت
______________________________
فی الثخن و تتباین فیه مع کونها مخروطة خفیفة الأطراف ثخینة الوسط فلا یمکن ضبطها فإن فرض إمکانه جاز و کذا التی لا یجوز الإسلاف فیه لعدم إمکان وصفه فإن أمکن جاز
(قوله) (و فی شاة لبون و لا تجب ذات لبن بل ما من شأنها)
قال فی المبسوط و إن أسلم فی شاة لبون صح و یکون ذلک شرطا للنوع لا للسلم فی اللبن و لا یلزمه تسلیم اللبن فی الضرع و یکون له حلبها و تسلیم الشاة من غیر لبن و هو رد علی الشافعی حیث منع فی أحد قولیه من السلف فی شاة لبون محتجا بمجهولیة اللبن المعین قالوا و لیس بجید لأن الواجب ما من شأنها أن یکون لها لبن و إن لم یکن لها لبن فی حال البیع حتی لو کان لها لبن حینئذ لم یجب تسلیمه بل له أن یحلبها و یسلمها فالمراد باللبون ما هو المفهوم عرفا من کونها ذات لبن بالقوة القریبة من الفعل کساعة و ساعتین لا أن تکون لبونا بالفعل فلا تکفی الحامل و إن قرب وضعها لبعد صدق اللبون علیها فلو دفع حاملا تضع بعد ساعة و رد اللبن أمکن وجوب القبول علی أن اللبن تابع کما یأتی فی الحمل
(قوله) (و فی شاة ذات ولد و جاریة کذلک)
و قد تقدم الکلام فی ذلک مستوفی آنفا
(قوله) (أو حامل علی إشکال)
القول بالمنع للشیخ فی المبسوط قال لا یجوز السلف فی جاریة حبلی لأن الحمل مجهول لا یمکن ضبطه بأوصاف و هو المحکی عن أبی علی و المشهور کما فی المسالک الجواز لاغتفار الجهالة فی الحمل لأنه تابع فلا تضر جهالة وصفه کما لو باع الحبلی نقدا و لو کانت جهالة الحمل مانعة من الانعقاد منعت فی الموضعین و استشکل المصنف هنا و فی التحریر کالشرائع و ظاهر الإیضاح
(قوله) (و المختلطة المقصودة الأرکان إذا أمکن ضبطها کالعتابی)
احترز عما لا یقصد بعض أجزائه کالماء فی الخل فإنه غیر مقصود فی نفسه و إنما یطلب به إصلاح الخل و هذا یجوز السلم فیه أیضا لإمکان ضبطه بالوصف و احتیاجه إلی الماء الذی لا یمکن قوامه بدونه لا یخرجه عن الجواز و للشافعیة فیه وجهان و العتابی قماش معروف من الحریر و القطن منسوب إلی عین تاب بلد بالشام أدغم النون فی التاء
(قوله) (و الشهد إذ الشمع کالنوی)
یرید أن اختلاطه أصلی فأشبه النوی فی التمر و خالف الشافعی فی أحد وجهیه لأن أحد جزأیه الشمع و قد یقل تارة و یکثر أخری فلا یمکن ضبطه (و فیه) أن هذه القلة و الکثرة لم یعتبرها الشارع کما هو الشأن فی صغر النواة و کبرها
(قوله) (و کذا کل ما لا یقصد خلیطه کالجبن و فیه الإنفحة)
منع بعض الشافعیة من الإسلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 446
و کل ما لا یمکن ضبطه بالوصف لا یصح السلم فیه کاللحم مطبوخه و نیه و الخبز و الجلود (1) و الجواهر التی یعسر ضبطها

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول یجب أن یذکر فی الحیوان النوع و اللون]

(الأول) یجب أن یذکر فی الحیوان النوع و اللون و الذکورة أو الأنوثة و السن (2)
______________________________
فی الجبن لاشتماله علی الإنفحة و عنده المختلط لا یجوز السلم فیه (و جوابه) أنه لیس بمقصود و الممنوع منه إنما هو السلم فی الأخلاط المقصودة لجهالة کل واحد منهما و أما اللبن الحلیب فیجوز السلف فیه إجماعا کما فی التذکرة و ظاهرها أنه منا و من العامة قال و أما المحیض فعندنا کذلک
(قوله) (و کلما لا یمکن ضبطه لا یصح السلم فیه کاللحم مطبوخه و نیه و الخبز و الجلود)
لا یصح السلم فی اللحم إجماعا کما فی الخلاف و فی المبسوط أنه الظاهر من المذهب و فی الغنیة الإجماع علی منعه فیه و فی الخبز و ظاهر التذکرة فی عدة مواضع الإجماع أیضا فیهما و فی السرائر نسبته إلی أصحابنا و فی الریاض نفی الخلاف عنه فیهما و لا فرق عندنا فی اللحم بین نیه و مطبوخه کما فی التذکرة و لا خلاف فیه کما فی الریاض و ظاهر التذکرة أیضا الإجماع علی عدم الفرق بین لحم الأهلی و الصید و قد علل فی الخبر بأنه یعطیک مرة السمین و مرة التاوی و مرة المهزول و هو خلاف تعلیل الأصحاب و لا منافاة لعدم دلالة الخبر علی حصر العلة فیما ذکر فیه و أما الجلود فالمشهور کما فی المسالک و الریاض و الحدائق منع السلم فیها و هو خیرة المبسوط و السرائر و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و اللمعة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها و هو المنقول عن القاضی فی أحد قولیه و تردد فی الشرائع و قال الشیخ فی النهایة لا بأس فی مسوک الغنم إذا عین الغنم و شاهد الجلود و نحوه ما فی الخلاف و هو المنقول عن القاضی فی القول الآخر لإمکان الضبط بالمشاهدة و للخبرین الذین فی أحدهما أنی رجل قصاب أبیع المسوک قبل أن أذبح الغنم فقال لیس به بأس و لکن انسبها إلی غنم أرض کذا و کذا و فی آخر رجل اشتری الجلود من القصاب فیعطیه کل یوم شیئا معلوما قال لا بأس و هما ضعیفان و الثانی عار عن الدلالة (و اعترضه) المحقق فی إمکان الضبط بالمشاهدة بأنه معها یخرج عن وضع السلم (و أجیب) بأنه إنما یخرج مع تعیین المبیع و کلام الشیخ أعمّ منه فیمکن حمله علی مشاهدة جملة کثیرة یکون المسلم فیه داخلا فی ضمنها و هذا القدر لا یخرج عن السلم کما لو شرط الثمرة من بلد معین أو الغلة من قریة معینة لا تخیس عادة انتهی «فلیتأمل» و کما لا یجوز فی الجلود لا یجوز فیما یتخذ من الجلود کالنعال و الخفاف و حکی عن ابن شریح و أبی حنیفة جواز السلم فی الجلود و ما یتخذ منها
(قوله) (فروع) (الأول) یجب أن یذکر فی الحیوان النوع و اللون و الذکورة أو الأنوثة و السن)
یجوز السلم فی الحیوان بسائر أنواعه عند علمائنا أجمع کما فی التذکرة و قد حکی علیه إجماع الفرقة فی الخلاف و الغنیة و یجب ذکر هذه الصفات الخمسة لاختلاف الأغراض باختلافها و اختلاف المقیم بها فیجب ذکر النوع کالترکی و الرومی و الزنجی و لونه إن کان النوع مختلف اللون و یغنی ذکره إن لم یقع فی الصنف اختلاف و إلا وصف البیاض بالسمرة أو الشقرة و السواد بالصفا و الکدورة کما سیشیر إلیه المصنف و یذکر السن فیقول ابن (بنت خ ل) ست أو سبع أو محتلم و یبنی الأمر فیه علی التقریب حتی لو شرط کونه ابن سبع مثلا بلا زیادة و لا نقصان لم یجز لندور الظفر به کما صرح به فی التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 447
و فی الأناسی زیادة القد کرباعی أی أربعة أشبار أو خماسی (1) فیقول عبد ترکی أسمر ابن سبع طویل أو قصیر أو ربع و ینزل کل شی‌ء علی أقل الدرجات (2) و لا یجوز وصف کل عضو للعزة و الأقرب جواز اشتراط ما لا یعز وجوده و إن کان استقصاء کالسمن و الجعودة (3) و یرجع فی السن إلی الغلام مع بلوغه و مع صغره إلی السید فإن جهل فإلی ظن أهل الخبرة (4)
______________________________
و جامع المقاصد
(قوله) (و فی الأناسی زیادة القد کرباعی أی أربعة أشبار و خماسی)
قال فی الدروس و القد کالطویل و القصیر و الربعة و لو قدره بالأشبار کالخمسة أو الستة احتمل المنع لإفضائه إلی عزة الوجود ثم إنه احتمل وجوب ذکر الدعج و الزجج و تکلثم الوجه و الکحل و فی الجاریة کونها خمیصة البطن ریانة الملس ثقیلة الردف أو أضدادها لتفاوت القیمة به و عدم عزته و قد استشکل فی وجوب ذلک فی التذکرة من أن الناس یتسامحون بإهمالها و یعدون ذکرها استقصاء و من أنها مقصود لا یورث ذکرها العزة (و یأتی کلام المصنف فی ذلک) و قد تعرض المصنف لتفسیر الرباعی بما ذکره کالشیخ فی المبسوط للرد علی بعض العامة الذین نزلوه علی إرادة السن أی من أربع سنین أو خمس و نزلوا ذکر السن علی وصف الأسنان کأن یقول مفلج الثغر و نحو ذلک (و ردوه) بأن التعرض لوصف عضو لا یجوز و هل یجب التعرض فی الجاریة إلی البکارة و الثیوبة إشکال کما فی التحریر و جامع المقاصد و فی المبسوط لا بد من التعرض لهما إذا کان الثمن یختلف لأجلهما و فی التذکرة یجب إذا کان الاختلاف بینا و فی الدروس الأقرب تعیین البکارة و الثیوبة فی الأمة فلو أطلق بطل
(قوله) (و ینزل کل شی‌ء علی أقل الدرجات)
کما فی التحریر و الدروس و معناه أنه تنزل جمیع الأوصاف الجاریة فی عقد السلم علی أقل ما یقع علیه اسم الوصف المشروط فیجب علیه القبول إذا أتی به کذلک و لم یکن له المطالبة بدرجة أعلی لأن الدرجات لا نهایة لها
(قوله) (و الأقرب جواز اشتراط ما لا یعز وجوده و إن کان استقصاء کالسمن و الجعودة)
ظاهر التذکرة و الدروس کما قطع به فی جامع المقاصد أن الإشکال فی الوجوب و عدمه و قد سمعت عبارتی الکتابین و هو الذی یقتضیه النظر فإن المنع لا یعقل وجهه و یشهد علی ذلک ما فی المبسوط و التحریر من أنه لا یجب ذکر سائر الحلی کأدعج العینین أقنی الأنف و ما أشبه ذلک قال فی التحریر فإن ذکرها لزم لکن عبارة الکتاب قد تعطی أن غیر الأقرب هو احتمال عدم الجواز و هو الذی فهمه الشارحان العمیدی و الفخر و قد تقدم أن الإجماع منعقد علی أن الضابط فی المنع و عدمه عزة الوجود و عدمها نقلنا هناک عبارة الإیضاح برمتها
(قوله قدس سره) (و یرجع فی السن إلی الغلام مع بلوغه و مع صغره إلی السید فإن جهل فإلی ظن أهل الخبرة)
کما فی المبسوط و التذکرة و الدروس و کذا التحریر إلا أنه استشکل فیه فی الرجوع إلی قول الغلام و فی جامع المقاصد استشکل أیضا فی الرجوع إلی قوله و قول السید لأنه لیس المفهوم من الرجوع إلی قوله إلا وجوب القبول بحیث لا یکون للمسلم رده و المطالبة بغیره و ذلک بعید عن قوانین الشرع بل الذی ینبغی أن یقال إذا لم یصدقه المسلم و لم یمکن إقامة البینة یرجع إلی ظن أهل الخبرة (انتهی) و فی الدروس أنه إنما یرجع إلی قوله و قول السید و أهل الخبرة إذا لم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 448
و لو اختلف النوع الواحد فی الرقیق وجب ذکر الصنف (1) و لو اتحد لونه کفی نوعه عنه (2)

[الثانی یذکر فی الإبل الذکورة]

(الثانی) یذکر فی الإبل الذکورة أو الأنوثة و السن کبنت مخاض و اللون کالحمرة و النوع کنعم بنی فلان أو نتاجهم کبختی و عربی إن کثروا و عرف لهم نتاج و إلا بطل کنسبة الثمرة إلی البستان (3) و فی الخیل السن و اللون و النوع کعربی أو هجین و لا یجب التعرض للشیات کالأغر و المحجل (4)
______________________________
یمکن إقامة البینة و کأنهم جمیعا لا یشترطون العدالة فی الغلام إذا رجع إلی قوله و لا فی السید و لا فی أهل الخبرة لأن اشتراطها یفضی إلی العسر و قد یفضی إلی تعذر التسلیم کما فی جامع المقاصد
(قوله) (و لو اختلف النوع الواحد فی الرقیق وجب ذکر الصنف)
قد تقدم أن المسلم فیه إن کان رقیقا ذکر نوعه کالترکی و الرومی و السقلبی و الزنجی و الأرمنی و الحبشی فلو کان النوع الواحد یختلف فی الرقیق وجب ذکره کالجبلی و غیره فی الترکی و النوبی فی (من خ ل) الزنجی کما هو خیرة المبسوط (کما فی المبسوط ح ل) و التذکرة و جامع المقاصد و المراد بالنوع ما عد فی العرف نوعا
(قوله) (و لو اتحد لونه کفی نوعه عنه)
أی لو اتحد لون النوع کفی ذکر النوع عن اللون کما تعطیه عبارة المبسوط و التذکرة قال فی المبسوط و إن کان النوع الواحد یختلف باللون ذکره و مثله ما فی التذکرة و قضیته أنه لو کان النوع الواحد لا یختلف باللون لا یجب ذکر اللون و یغنی عنه ذکر النوع و ربما حملت العبارة علی عود ضمیر عنه إلی الصنف و هو غیر ظاهر من العبارة و لا مطابق للحکم فإن اتحاد اللون لا یکفی عن ذکر الوصف فی النوع مع الاختلاف
(قوله) (و النوع کنعم بنی فلان أو نتاجهم بختی أو عربی إن کثروا و عرف لهم نتاج و إلا بطل کنسبة الثمرة إلی بستان)
و فی بعض النسخ کبختی بالکاف و هو الأصح لأن المعنی کما فی جامع المقاصد أنه لا بد من تعیین النوع و من صور تعیینه نسبة الإبل إلی بنی فلان أو نتاجهم کما لو عین النوعی ببختی أو عربی و أما ما لا کاف فیه ففی صحة العبارة فیه تکلف لأنه لا یستقیم کونه بدلا إذ کل من المذکورین مقصود علی تقدیر التعیین به قال و لا یستقیم به معنی غیر ذلک إلا بارتکاب تعسف و قد أطلق فی المبسوط فقال إذا أسلم فی الإبل وصفها بأنها من نتاج بنی فلان و نحوه ما فی التحریر و قید فی التذکرة و الدروس النتاج بکونه معروفا عام الوجود و قد أشار المصنف إلی هذین الشرطین بقوله إن کثروا و عرف لهم نتاج و معنی الشرط الأول أن یکون المنسوب إلیهم کثیرین فلو کانوا قلیلین کان ذلک کاشتراط الثمرة من بستان بعینه فلا یصح لأنه یشترط فی السلم عمومیة الوجود و معنی الثانی أن یکون المنسوب إلیهم نتاج معروف غیر قلیل فلا یصح بدون ذلک کما أشار إلی ذلک فی جامع المقاصد و البختی واحد البخاتی و هی الإبل الخراسانیة و قال فی المبسوط و التذکرة و لو اختلف نتاج بنی فلان و کان فیها أرحبیة و مهریة و مجیدیة فلا بد من التعیین
(قوله) (و لا یجب التعرض للشیات کالأغر و المحجل)
یجب فی الخیل ما یجب ذکره فی مطلق الحیوان من النوع و الذکورة و الأنوثة و اللون و السن و ما یجب فی الإبل فإن لها نتاجا کنتاج الإبل و لا یجب ذکر الشیات و هی جمع شیة و هی فی الأصل مصدر وشی وشیا و شیة إذا خلط بلونه لونا آخر کالأغر و المحجل و اللطیم فإن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 449
و فی الطیور النوع و الکبر و الصغر من حیث الجثة (1) و لا نتاج للبغال و الحمیر بل یذکر عوضه النسبة إلی البلد (2)

[الثالث یذکر فی التمر أربعة أوصاف]

(الثالث) یذکر فی التمر أربعة أوصاف (3) النوع کالبرنی و البلدان اختلف الوصف کالبصری و القد کالکبار و الحداثة و العتق و فی البر و غیره من الحبوب البلد و الحداثة أو العتق و الصرابة أو ضدها (4)
______________________________
ذکرها وجب له ذلک و إن أهمل جاز و حمل قوله أشقر أو أشهب أو أدهم علی البهیم و یکون وصفا للجمیع لأنه الحقیقة کما صرح بذلک کله فی المبسوط و التذکرة أشیر إلیه فی التحریر و الدروس
(قوله) (و فی الطیور النوع و الکبر و الصغر من حیث الجثة)
منع الشافعی فی أحد قولیه من السلم فی الطیور لأنه لا یمکن ضبط سنها و لا یعرف قدرها بالذرع و المصنف هنا و فی التذکرة و الشهید فی الدروس جوازه فیه و منعا من اشتراط السن و معرفة القدر بالذرع و قالا إنه یذکر النوع و یصفه بالصغر و الکبر من جهة الجثة لأن سنه غیر معلوم فإن عرف ذکره
(قوله) (و لا نتاج للبغال و الحمیر بل یذکر عوضه النسبة إلی البلد)
البغال و الحمیر لا نتاج لها کالإبل و الخیل فلا یتبین نوعها بالإضافة إلی قوم بل ینسبهما إلی بلادهما و یصفهما بکل وصف تختلف به الأثمان کما نبه علی ذلک کله فی المبسوط و التحریر و التذکرة و کذا الدروس و فی المبسوط و التذکرة و جامع المقاصد أن الغنم و البقر إن عرف لهما نتاج فکالإبل و إن لم یعرف لهما نتاج نسبتا إلی بلادهما کالحمیر و جعل فی الدروس البقر کالحمیر
(قوله) (یذکر فی التمر أربعة أوصاف)
و کذا إذا أسلم فی الرطب وصفه بما یصف به التمر إلا الحداثة و العتق فإن الرطب لا یکون عتیقا نعم یجوز أن یشترط لقط یومه أو أمسه و له أن یأخذ ما أرطب کله و لا یأخذ منشدخا و هو ما لم یرطب و لا الناشف و هو ما قارب أن یتمر لخروجه عن کونه رطبا و کذا ما یجری مجراه من العنب و الفواکه و أما التمر فلا یأخذه إلا جافا لأنه لا یکون تمرا حتی یجف و لیس علیه أن یأخذه معیبا و یرجع فیه إلی أهل الخبرة و لا یأخذ ما عطش فأضربه العطش
(قوله) (و فی البر و غیره من الحبوب البلد و الحداثة أو العتق و الصرابة أو ضدها)
قال فی التذکرة یصف الحنطة بأمور ستة البلد فیقول شامیة أو عراقیة فإن أطلق حمل علی ما یقتضیه العرف إن اقتضی شیئا و إلا بطل و یقول محمولة أو مولدة یعنی محمولة من البلد التی تنسب إلیه أو تکون مولدة فی غیره و یذکر الحداثة و العتق و الجید و الردی و اللون کالحمراء أو البیضاء أو الصفراء إن اختلفت و بالحدارة و هی امتلاء الحب و الدقة و صفاؤه و یذکر الصرابة أو ضدها و ینبغی أن یذکر القوی أو ضده و المراد بالصرابة کونها خالصة من خلیط آخر کتراب و نحوه و قال فی جامع المقاصد و لم أظفر له بمعنی فی اللغة و قال فی التذکرة و کذا یصف الشعیر بما بصف به الحنطة و کذا کل صنف من الحبوب و قد تبع فی ذلک کله الشیخ قال فی المبسوط فی الحنطة جملته ست أوصاف النسبة إلی البلد و المحمولة أو المولدة و الحدیث أو العتیق و اللون و الحدارة أو الرقة (الدقة خ ل) و الجودة أو الرداءة ثم قال و الأحوط أن یسمی حصاد عام أو عامین و لیس ذلک شرطا و لیس علی المشتری أن یأخذها معیبة بوجه من الوجوه و مثله فی ذلک کله ما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 450
و فی العسل البلد کالمکی و الزمان کالربیعی و اللون و لیس له إلا المصفی من الشمع (1) و فی السمن النوع کالبقری و اللون کالأصفر و المرعی و الحداثة أو ضدها (2) و فی الزبد ذلک و أنه زبد یومه أو أمسه (3) و فی اللبن النوع و المرعی و یلزم مع الإطلاق حلیب یومه (4)

[الرابع یذکر فی الثیاب ثمانیة]

(الرابع) یذکر فی الثیاب ثمانیة النوع کالکتان و البلد و اللون و الطول و العرض و الصفاقة و الرقة و النعومة أو أضدادها و لو ذکر الوزن بطل لعزته (5) و له الخام إلا أن یشترط المقصور (6) و یذکر فی الغزل النوع کالقطن و البلد و اللون و الغلظ و النعومة أو أضدادها و فی القطن ذلک إلا الغلظ و ضده
______________________________
الدروس
(قوله) (و فی العسل البلد کالمکی و الزمان کالربیعی و اللون و لیس له إلا المصفی من الشمع)
و لا یجب علیه قبول ما صفی بالنار لأن النار تغیر طعمه کما صرح بذلک کله فی المبسوط و التذکرة و التحریر و الدروس
(قوله) (و فی السمن النوع کالبقری و اللون کالأصفر و المرعی و الحداثة أو ضدهما)
ترک ذکر المرعی فی المبسوط و التذکرة و الدروس و إنما ذکروه فی اللبن و فی التحریر لا یحتاج إلی ذکر الحداثة لأن الإطلاق منزل علیه و فی بعض الحواشی أن المراد بالمرعی أن یذکر أنها راعیة أو معلوفة و هو خلاف ما فسروه به فی اللبن قال فی المبسوط إذا أسلم فی اللبن وصفه بأوصاف السمن و یزید فیه ذکر المرعی فیقول لبن عواد أو أوراک أو حمضیة و ذلک اسم للکلأ فالحمضیة هو الذی فیه الملوحة و العوادی هی الإبل ترعی ماحلا من النبات و هو الخلة تقول العرب الخلة خبز الإبل و الحمض فاکهتها فإذا کانت ترعی الخلة سمیت عوادی فإذا کانت ترعی الحمض تسمی أوراک و تسمی حمضیة و تختلف ألبانها بذلک و قال و یذکر معلوفة أو راعیة و نحوه ما فی التذکرة فی ذلک کله و أقره علی ذلک کله صاحب السرائر و بین أن عوادی جمع عادیة و أن أوراک جمع أرکة و فی جامع المقاصد أن المرجع فی المرعی إلی أهل الخبرة و علی ما سبق فی الغلام من الاکتفاء بقول أسید ینبغی أن یکتفی هنا بقول المسلم إلیه
(قوله) (و فی الزبد ذلک و أنه زبد یومه أو أمسه)
کما فی المبسوط و التذکرة و التحریر لأنه یختلف بذلک لأن أجزاء اللبن مخالطة له فإذا تجاوز ربما حصل فیه حموضة و قالوا إن أعطاه ما فیه رقة فإن کان لحر الزمان قبل و إن کان لعیب لم یقبل و فی المبسوط و التذکرة لا یجوز أن یعطیه زبدا أعید فی السقاء أو طرأ
(قوله) (و فی اللبن النوع و المرعی و یلزم مع الإطلاق حلیب یومه)
کما فی المبسوط و التذکرة و التحریر و الدروس و قد زید فی الأولین إلی ذلک ذکر المعلوفة و الراعیة و قال فی المبسوط و لا یجوز السلم فی الحامض لأن الحموضة عیب و نقص لا تنضبط و قال فی التحریر الوجه أنه یصح فی اللبن المخیض مع ضبطه و فی التذکرة و أما اللبأ فیوصف بما یوصف به اللبن إلا أنه یوزن و یجوز السلم فیه قبل الطبخ إذا کان حلیبا و یذکر لونه لأنه یختلف و أما إذا طبخ بالنار فعندنا یجوز السلم فیه مع إمکان ضبطه خلافا لبعض الشافعیة
(قوله) (و لو ذکر الوزن بطل لعزته)
کما فی المبسوط و الدروس و معناه أنه لو ذکر مع هذه الأوصاف السابقة الوزن بطل السلم لعزته و بعد اتفاقه و جوزه فی التذکرة کما یجوز ذلک فی الأوانی
(قوله) (و له الخام إلا أن یشترط المقصور)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 451
فإن شرط منزوع الحب فله و إلا کان له بحبه مع الإطلاق کالتمر بنواه علی إشکال (1) و یذکر فی الصوف البلد و النوع و اللون و الطول أو القصر و الزمان و فی اشتراط الذکورة أو الأنوثة نظر و علیه تسلیمه نقیا من الشوک و البعر (2)
______________________________
یعنی أن له عند الإطلاق الخام و لو اشترط المقصور جاز کما فی التحریر و الدروس و فی المبسوط و التذکرة أنه إن ذکر الخام و المقصور جاز و إن أطلق أعطی ما شاء لتناول الاسم و التفاوت یسیر
(قوله) (فإن شرط منزوع الحب فله و إلا کان له بحبه مع الإطلاق کالتمر بنواه علی إشکال)
ینشأ من ابتناء العرف علی کون التمر بنواه بخلاف القطن و اختیر فی المبسوط و التذکرة و التحریر أنه یأخذه بحبه مع الإطلاق و فی الدروس هو بعید إلا مع القرینة و هو الوجه الثالث من وجوه الإیضاح حیث قال یحتمل وجوها ثلاثة الأول ما ذکره المصنف و الثانی أن یکون له منزوع الحب الثالث الرجوع إلی العادة فی بذل مثل هذا الثمن و وجهه ظاهر و نحو ذلک ما فی جامع المقاصد حیث قال الأصح إن کان فی بلد المتعاقدین عرف مستقر بتفاهم أحد الأمرین منه عند الإطلاق کان إطلاق العقد بمنزلة التقیید بذلک المتعارف و إلا وجب التعیین فیبطل بدونه
(قوله) (و یذکر فی الصوف البلد و النوع و اللون و الطول أو القصر و الزمان و فی اشتراط الأنوثة أو الذکورة نظر و علیه تسلیمه نقیا من الشوک و البعر)
قال فی المبسوط یجوز السلف فی الصوف و یصفه بسبعة أوصاف بالبلد فیقول حلوانی أو جبلی أو غیر ذلک و باللون فیقول أسود أو أبیض أو أحمر و یقول طوال الطاقات أو قصارها و یقول صوف الفحولة أو الإناث لأن صوف الفحولة أخشن و صوف الإناث أنعم و یذکر الزمان فیقول خریفی أو ربیعی فإن الربیعی أوسخ و الخریفی أنظف و یذکر جیدا أو ردیئا و یذکر المقدار وزنا و یقول نقیا من الشوک و البعر و إن لم یذکر ذلک وجب علیه دفعه بلا شوک و لا بعر لأن ذلک لیس بصوف (انتهی) و مثله فی ذلک کله ما فی التذکرة فقد ذکر فیهما الذکورة و الأنوثة و استغنیا بهما فیهما عن النعومة و الخشونة و اقتصر فی السرائر علی ذکر الوزن فیه و الجودة و الصفات التی یمتاز بها عن غیره (و قال فی التحریر) الأقرب عدم اشتراط الذکورة و الأنوثة (و قال فی الدروس) یتعرض للنعومة و الخشونة و الذکورة و الأنوثة إن ظهر لهما تأثیر فی الثمن و فی جامع المقاصد فی الاشتراط لأحد الأمرین قوة و لو اعتبرنا فی الاشتراط تفاوت القیمة باعتبارها عرفا و عدمه أمکن لأن مدار هذه الأوصاف إنما هو علی اختلاف القیمة باختلافها (فربما) کان العامی أعرف بها من الفقیه کما صرح به فی الدروس (و قال فی الإیضاح) منشأ الإشکال من تفاوت الأغراض باختلافه و عدمه و قد ذکر ضابطا کلیا و هو أن کل صفة تختلف القیم بها و لا یؤدی ذکرها إلی مبطل للسلف کعزة الوجود و الأقلیة علی رأی سبق له وجب ذکره و ما عدم فیها أحدها لا یجب ذکره فکل صفة ظهر للفقیه اجتماع هذین الأمرین «1» فیها حکم باشتراط ذکرها و کلما ظهر له فقد أحدهما فیها حکم بعدم اشتراطها و إن شک فی أحد الأمرین استشکل فی المسألة قال و هذا هو الضابط
______________________________
(1) أحدهما تفاوت القیمة و الثانی عدم تأدیة ذکرها إلی مبطل (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 452

[الخامس یذکر فی الرصاص النوع]

(الخامس) یذکر فی الرصاص النوع کالقلعی و الأسرب و النعومة أو الخشونة و اللون و یزید فی الحدید ذکرا أو أنثی و لو انضبطت الأوانی جاز السلف فیها فیضبط الطست جنسه و قدره و سمکه و دوره و طوله و فی الخشب النوع و الیبس أو الرطوبة و الطول و العرض و السمک و الدور و یلزمه أن یدفع من طرفه إلی طرفه بذلک السمک و الدور و لو کان أحد طرفیه أغلظ من الشرط فقد زاده خیرا و لا یلزمه القبول لو کان أرق و له سمح خال من العقد (1)

[السادس لصفات إن لم تکن مشهورة عند الناس]

(السادس) لصفات إن لم تکن مشهورة عند الناس لقلة معرفتها کالأدویة و العقاقیر أو لغرابة لفظها فلا بد و أن یعرفها المتعاقدان و غیرهما و هل تعتبر الاستفاضة أم تکفی معرفة عدلین الأقرب الثانی (2)

[الشرط الثالث الکیل أو الوزن فی المکیل و الموزون]

(الشرط الثالث) الکیل أو الوزن فی المکیل و الموزون (3)
______________________________
الکلی فی هذا المقام
(قوله) (یذکر فی الرصاص النوع القلعی و الأسرب إلی قوله و له سمح حال من العقد)
قال فی الدروس مدار الباب علی الأمور العرفیة فربما کان العوام أعرف بها من الفقهاء و حظ الفقیه البیان الإجمالی و لا بد من ذکر الوزن فی الأوانی المتخذة من الحدید و الصفر و الرصاص و الشبه کما علیه جماعة خلافا للشیخ فی المبسوط
(قوله) (الصفات إن لم تکن مشهورة عند الناس لقلة معرفتها کالأدویة و العقاقیر أو لغرابة لفظها فلا بد أن یعرفها المتعاقدان و غیرهما و هل تعتبر الاستفاضة أم تکفی معرفة عدلین الأقرب الثانی)
حکی أنه سمع من المصنف احتمال عدم الاکتفاء بالعدلین لإمکان فقدان أحدهما أو کلاهما و وجه ما قربه المصنف أن العقد یعتبر فی صحته علم المتعاقدین و قد حصل و النزاع ینقطع بشهادة الشاهدین و لهذا جعلهما الشارع ضابطا کلیا فی ثبوت الحکم و قرب فی جامع المقاصد اعتبار الاستفاضة لإمکان موت أحدهما أو غیبته و قال کما أشرنا إلیه سابقا إن هذا لا یناسب ما بنی علیه الباب من عدم الجواز فیما لا یعم وجوده و یعز حصوله
(قوله) (الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون)
یشترط تقدیر المبیع المسلم فیه بالکیل أو الوزن المعلومین فیما یکال أو یوزن و فیما لا یضبط بیعه سلفا إلا به و إن جاز بیعه جزافا کالحطب و الحجارة بلا خلاف کما فی الریاض و هو ظاهر الأصحاب کما فی الحدائق و نص علیه صریحا فی الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها و قد یتوهم من مثل ظاهر عبارة الکتاب بادئ بدء أن ما یباع جزافا یجوز السلم فیه جزافا و لیس کذلک کما یظهر للمتأمل فی المقام و یرشد إلیه قولهم لا یصح بیع السلم «1» أطنانا و الحطب حزما و الدلیل علیه لزوم الغرر مع عدم اندفاعه هنا إلا بأحد الأمرین و إن اندفع بالمشاهدة فی غیر السلم لأن بیعه مشاهدا سلیم من الغرر فإذا بیع سلما احتیج إلی تقدیره بمعلوم لعدم إمکان المشاهد فی السلم إلا
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر القصب بدل السلم کما لا یخفی (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 453
و لا یکفی العد فی المعدودات بل لا بد من الوزن فی البطیخ و الباذنجان و البیض و الرمان و إنما اکتفی فی البیع بعدها للمعاینة أما السلم فلا للتفاوت و لا یجوز الکیل فی هذه لتجافیها فی المکیال أما الجوز و اللوز فیجوز کیلا و وزنا و عددا (1) لقلة التفاوت و فی جواز تقدیر المکیل بالموزون و بالعکس نظر (2) و یشترط فی المکتل العمومیة فلو عین ما لا یعتاد کجرة و کوز بطل (3) و لو اعتید فسد الشرط و صح البیع (4) و کذا صنجة الوزن فلو عین صخرة مجهولة بطل و لو کانت مشاهدة
______________________________
علی ما تقدم نقله فی الجلود عن الشیخ لکنه هنا لم یعتبره
(قوله) (و لا یکفی العد فی المعدودات بل لا بد من الوزن فی البطیخ و الباذنجان و البیض و الرمان و إنما اکتفی فی البیع بعدها للمعاینة أما السلم فلا للتفاوت و لا یجوز الکیل فی هذه لتجافیها فی المکیال أما الجوز و اللوز فیجوز کیلا و وزنا و عددا)
أطلق المنع فی أول کلامه و قال فی آخر کلامه فی الجوز و اللوز بالجواز کیلا و وزنا و عدا لقلة التفاوت فیکون قائلا بالتفصیل بین ما یکثر فیه التفاوت و ما یقل فیمتنع فی الأول و یجوز فی الثانی للتسامح عادة فی مثل هذا التفاوت الیسیر و هو خیرة التحریر و المختلف و الإرشاد و الدروس و اللمعة و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و کذا المفاتیح و نفی الشیخ فی المبسوط جواز السلم فی المعدود عدا و قال کلما أنبتته الأرض لا یجوز السلم فیه إلا وزنا و نص علی المنع فی اللوز و الفستق و البندق و هو خیرة الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و أصرحها الأخیر و فی الخلاف لا یجوز السلم فی الجوز و البیض إلا وزنا و به قال الشافعی و قال أبو حنیفة یجوز عددا و قال و أما البطیخ فلا یجوز إجماعا و لعله أراد بین المسلمین و ما نقله عن أبی حنیفة هو المنقول عن أبی علی الأصل و هو مقطوع و اکتفی فی الکفایة بالعد فی الجوز و البیض و استظهر فی الروضة أن البیض ملحق بالجوز مع تعیین الصنف و الأکثر علی إلحاقه بالرمان و فی المسالک أن الضابط للصحة الانضباط الرافع لاختلاف الثمن
(قوله) (و فی جواز تقدیر الکیل بالوزن و بالعکس نظر)
هذا بخصوصه قد تقدم الکلام فیه مستوفی بما لا مزید علیه فی الفصل الثالث من فصول المقصد الثانی فی البیع عند شرح قوله و لو تعذر کیله أو وزنه إلخ و نقلنا هناک وجه النظر فلیرجع إلیه
(قوله) (و یشترط فی المکتل العمومیة فلو عین ما لا یعتاد کجرة و کوز بطل)
هذا أیضا تقدم الکلام فیه فی الفصل الثالث الذی تقدمت الإشارة إلیه فی المسألة السابقة و بینا الحال هناک فیما أشکل علی المولی الأردبیلی و عبارة التذکرة فی المقام کعبارة الکتاب و حق العبارة ما عبر به فی الشرائع فإن فیها لو عولا علی صخرة مجهولة أو مکیال مجهول لم یصح و لو کان معینا و مثلها عبارة الإرشاد و التحریر و الدروس و غیرها و فی عبارة الکتاب ما لا یخفی فإن عدم الاعتیاد مع علم المقدار لا دخل له فی عدم الصحة ثم إنه لیس فیما حضرنی من کتب اللغة الکیل بالیاء من تحت و إنما الموجود المکیال و المکتل کمنبر زنبیل یسع ثلاثة عشر صاعا و لا یحسن فی المقام بل لو أرید لم یصح التفریع کما نبه علی ذلک فی جامع المقاصد و فی السرائر لا یجوز أن یقدر بمکتل بالتاء المنقطة من فوقها نقطتین الزنبیل
(قوله) (و لو اعتید فسد الشرط و صح البیع)
یرید أنه لو عین مکیالا معتادا کمکیال رجل بعینه و هو مکیال معروف فسد الشرط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 454
و یجوز فی المذروع أذرعا (1) و لا یجوز فی القصب أطنانا (2) و لا الحطب حزما و لا الماء قربا و لا المجزور جزرا و کذا یشترط فی الثمن علم مقداره بالکیل و الوزن العامین و لا تکفی المشاهدة مع تقدیره بأحدهما (3) و لو کان من الأعواض الغیر المقدرة بأحدهما جاز کثوب معلوم و دابة مشاهدة و جاریة موصوفة فإنه یجوز إسلاف الأعواض فی الأعواض و فی الأثمان و الأثمان فی الأعواض و لا یجوز فی الأثمان بالأثمان (4)
______________________________
بخصوص ذلک المکیال إذ لا یتعلق به غرض فاشتراطه بمنزلة عدم اشتراطه فیکون لغوا فیکون البیع صحیحا کما هو الشأن فی سائر الشروط التی لا غرض فیها کما هو خیرة المبسوط و السرائر و التحریر و التذکرة و الدروس و هو أحد وجهی الشافعی و الوجه الآخر له أنه یفسد البیع نظرا إلی صورة الشرط فإن الشرط غیر عام و التراضی إنما وقع علی ذلک (و فیه) أن عدم تعلق الغرض به قرینة علی أنه لا یراد خصوصه فیلغو اشتراطه و فی جامع المقاصد أن ظاهر قوله و لو اعتید یقتضی أن المشترط لو اعتید بعد إن لم یکن معتادا و هو غیر مراد قطعا و ما ذکره من ظاهر هذه الکلمة تشهد به کتب اللغة
(قوله) (و یجوز فی المذروع أذرعا)
کالثیاب و الحبال و شبههما لأن ضبطها بذلک
(قوله) (و لا یجوز فی القصب أطنانا إلخ)
قد عرفت اعتبار الضبط بالوزن أو الکیل فیما لا یضبط إلا به و إن جاز بیعه مشاهدة جزافا کالحطب و القصب و الماء فی القرب لاختلافها و عدم ضبطها بالصغر و الکبر مع ورود النهی عن الأخیر عن الباقر علیه السلام و نسبه فی السرائر إلی أصحابنا
(قوله) (و کذا یشترط فی الثمن علم مقداره بالکیل أو الوزن العامین و لا تکفی المشاهدة مع تقدیره بأحدهما)
کما هو خیرة المبسوط و الخلاف و ما تأخر عنهما و هو المشهور کما فی المقتصر و المسالک و مذهب الأکثر کما فی المهذب البارع و الأشهر کما فی المختلف بل فی المهذب البارع و المیسیة و المسالک أنه إذا کان معدودا لا بد من تقدیره بالعد و نسبه فی المهذب إلی الأکثر و فی المقتصر أنه المشهور فلا یکفی إذا کان مجهولا کقبضة من دراهم و صبرة من طعام و لا یجوز الاقتصار علی مشاهدته إذا کان شأنه الاعتبار بما ذکر خلافا للمرتضی فی الناصریات قال حیث ذکر أن معرفة مقدار رأس المال شرط فی صحة السلم لا أعرف لأصحابنا إلی الآن نصا فی هذه المسألة إلا أنه یقوی فی نفسی أن رأس مال السلم إذا کان مضبوطا بالمعاینة لم یقتفر إلی ذکر صفاته و مبلغ وزنه و عدده و هو المعول علیه فی قول الشافعی (انتهی) و کان جمیع من تأخر عنه مخالف له و فی إیضاح النافع أن قول المرتضی متروک (قلت) نعم تکفی المشاهدة عن الوصف إن احتیج إلیه و لا تکفی عن الکیل و الوزن و أما إذا کان من المذروعات ففی المبسوط و الخلاف و التحریر و المهذب البارع و المقتصر أنه یشترط ذرعه و فی الدروس أنه لیس بقوی و فی المختلف و التنقیح و المسالک و الکفایة فیه نظر و قطع فی إیضاح النافع بعدم ذرعه و لم یتعرض له المحقق و جماعة و لو کان مما یباع جزافا فلا خلاف فی الاکتفاء بالمشاهدة فیه کما فی التنقیح و فی التذکرة کلما جاز أن یکون ثمنا جاز أن یکون رأس مال السلم
(قوله) (و لو کان غیر المقدرة بأحدهما جاز کثوب معلوم و دابة مشاهدة و جاریة موصوفة فإنه یجوز إسلاف الأعواض فی الأعواض و فی الأثمان و الأثمان فی الأعواض و لا یجوز فی الأثمان بالأثمان)
أما جواز إسلاف الأعواض فی الأعواض فهو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 455

[الشرط الرابع قبض الثمن فی المجلس]

(الرابع) قبض الثمن فی المجلس فلو تفرقا قبله بطل و لو تفرقا بعد قبض البعض صح فیه خاصة و للبائع الامتناع من قبض البعض للتعیب بخلاف الدین (1)
______________________________
المشهور کما فی المختلف و الحدائق و صرح به فی المبسوط و التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و قید فی الأخیر بما إذا لم یؤد إلی الربا و فی حواشی الکتاب أنه مع التماثل یبطل و قد سمعت ما فی التنقیح آنفا و عن المرتضی دعوی الإجماع فی المسألة فقد حکی عنه فی المختلف أنه قال یجوز عندنا أن یکون رأس المال فی السلم عرضا غیر ثمن من سائر المکیلات و الموزونات و یجوز أن یسلم المکیل فی الموزون و الموزون فی المکیل فیختلف جنساهما (و ما أظن) فی ذلک خلافا بین الفقهاء (قال فی التلف) و استدل علیه بالإجماع ثم حکی عن ابن أبی عقیل أنه قال لا یجوز السلم إلا بالعین و الورق و لا یجوز بالمتاع و عن أبی علی أنه قال لا یسلم فی نوع من المأکول نوعا منه إذا اتفق جنساهما فی الکیل و الوزن و العدد و إن اختلفت أسماؤهما کالسمن فی الزیت لأنه کالصرف نسیئة (و یدل علی المشهور) خبر وهب لا بأس بالسلف «1» ما یوزن فیما یکال و ما یکال فیما یوزن (و یدل) علی مذهب أبی علی ما رواه عبد اللّٰه بن سنان فی الصحیح عن الصادق علیه السلام قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل أسلف رجلا زیتا علی أن یأخذ سمنا قال لا یصلح و روی أیضا عبد اللّٰه بن سنان فی الحسن قال سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول لا ینبغی إسلاف السمن بالزیت و لا الزیت بالسمن و قد حملهما الشیخ فی أحد الوجهین و المصنف فی المختلف علی الکراهیة کما یظهر ذلک من قوله علیه السلام لا یصلح و لا ینبغی و حکی عن أبی علی أیضا أنه قال لا أختار أن یکون ثمن السلم فرجا یوطأ و أنه احتج بأنه قد یتطرق الفسخ لی العقد بسبب تعذر المسلم فیه فیصادف الفسخ الحبل و هو یوجب انتقال أم الولد (و فیه) أن تجویز تجدد المفسد لا یمنع صحة العقد و أما إسلاف الأعواض فی الأثمان فقد نص فی المبسوط و الخلاف و التذکرة و جامع المقاصد علی جوازه و حکی الخلاف عن أبی حنیفة محتجا بأنها لا تثبت فی الذمة إلا ثمنا فلا تکون مثمنة (و فیه) أنه یجوز بیع الذهب بمثله و بالفضة و کذا الفضة و أما إسلاف الأثمان فی الأعواض فموضع نص و اتفاق و أما عدم جواز إسلاف الأثمان فی الأثمان فقد نص علیه أیضا فی الکتب الأربعة المتقدمة و غیرها لأن التقابض قبل التفرق شرط و هو مناف للأجل و مع ذلک الزیادة الحکمیة الحاصلة باعتبار الأجل موجبة للربا فیما إذا تماثل العوضان إذ للأجل قسط من الثمن و فی التذکرة و لو فرض امتداد المجلس حتی یخرج الأجل فالأولی المنع أیضا (انتهی) و وجهه أن الأجل مانع من التقابض مدته فیکون العقد حینئذ معرضا للبطلان فی کل وقت من أوقات الأجل و عدم حصول التفرق قبل التقابض لا یمنع کونه معرضا لذلک (و أما) السلم الحال فهو بیع فی الحقیقة عند من یجوز البیع بلفظ السلم و الأصح العدم کما تقدم و فی عبارة المصنف زیادة لا حاجة إلیها و هی قوله بالأثمان فإنه یکفی عنها قوله و لا یجوز فی الأثمان
(قوله) (قبض الثمن فی المجلس فلو تفرقا قبله بطل)
کما هو خیرة الحسن و المفید علی ما نقل و الشیخ و من تأخر عنه ممن تعرض له کالطوسی فی
______________________________
(1) الظاهر بسلف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 456
و لو کان الثمن خدمة عبد أو سکنی دار مدة معینة صح و تسلیمها بتسلیم العین (1) و لا یشترط التعیین فلو قال أسلمت إلیک دینارا فی ذمتی بکذا ثم عین و سلم فی المجلس جاز (2) و لو أسلم مائة فی حنطة و مثلها فی شعیر ثم دفع مائتین قبل التفرق و وجد بعضها زیوفا من غیر الجنس وزع بالنسبة و بطل من کل جنس بنسبة حصته من الزیوف (3) و لو أحاله بالثمن فقبضه البائع من المحال علیه فی المجلس فالأقوی عندی الصحة (4)
______________________________
الوسیلة و العجلی و غیرهما و فی الغنیة و التذکرة و المسالک الإجماع علیه و هو ظاهر الدروس و المهذب البارع لقولهما إن قول أبی علی متروک و فی المختلف و التنقیح و المسالک أیضا أنه المشهور و ظاهر التذکرة حصول الإثم أیضا (فتأمل) و عن أبی علی أنه قال لا أختار تأخیر قبضه أکثر من ثلاثة أیام فظاهره الجواز و توقف صاحب البشری فیما حکی عنه و کذا صاحب الحدائق لعدم النص و فی الإجماع بلاغ و یتفرع علی الحکم المذکور أنهما لو تفرقا بعد قبض البعض صح فیه خاصة لکن یتخیر البائع فی الفسخ لتبعض الصفقة إلا إذا کان عدم الإقباض بتفریطه فلا خیار له کما نص علیه جماعة و قول المصنف بخلاف الدین معناه أنه لیس لصاحبه الامتناع بل یجب علیه قبض البعض لانتفاء التعیب المذکور قال فی جامع المقاصد إنه یجب تقییده بما إذا کان الدین عوض إتلاف أو ضمان و نحوهما أما إذا کان مبیعا فیجب القول بأن للمشتری الامتناع من قبض الثمن إلی أن یسلم الجمیع بعین ما ذکرناه ثم قال و لیس لقائل أن یقول إن المقتضی لعدم وجوب قبض البعض لیس هو التعیب بالتشقیص فقط بل هو مع تطرق انفساخ العقد فی الباقی للتفرق قبل قبضه لأنا نقول إن التشقیص وحده کاف فی ثبوت العیب و إن قارنه الأمر لآخر فیجب أن یثبت فی الموضع الذی ذکرناه و قد اقتصر فی التذکرة علی التعلیل به انتهی
(قوله) (و لو کان الثمن خدمة عبد أو سکنی دار مدة معینة صح و تسلیمها بتسلیم العین)
هذا الفرع لم أجده إلا فی التذکرة و تسلیم العین فی حکم تسلیم الخدمة أو السکنی إذ الممکن من تسلیم المنفعة لیس أمرا زائدا علی تسلیم العین و قد حکم الأصحاب فی باب الإجارة أن قبض العین لیس قبضا للمنفعة لأنها تستوفی شیئا فشیئا و لا تنافی بینهما کما بیناه و أوضحناه فی باب الإجارة
(قوله) (و لا یشترط التعیین فلو قال أسلمت إلیک دینارا فی ذمتی بکذا ثم عین و سلم فی المجلس جاز)
هذا إذا کان الدینار المطلق منصرفا إلی نقد معلوم أما لو تعدد وجب تعیینه کما نبه علیه فی التذکرة و هذا التعیین غیر التشخیص (فتأمل) و ربما أوهمت العبارة أنه لا بد من قوله فی ذمتی فی متن العقد و لیس کذلک و إنما أراد کشف المراد بأن الدینار غیر معین إذ لو اقتصر علی قوله أسلمت إلیک دینارا فی العبارة لم یمتنع تقییده بما یصیره معینا کما نبه علی ذلک فی جامع المقاصد
(قوله) (و بطل من کل جنس بنسبة حصته من الزیوف)
إذ لا اختصاص لأحدهما بالزیوف دون الآخر فتکون محسوبة من ثمنه و هذا الفرع إنما ذکر فی التذکرة
(قوله) (و لو أحاله بالثمن فقبضه البائع من المحال علیه فی المجلس فالأقوی الصحة)
کما فی الإیضاح و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و علله الشهید فی حواشی الکتاب بأن الحوالة ناقلة للحال فإذا اقترنت بالقبض فی المجلس ثبت الشرط و نقل فی التذکرة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 457
و لو جعل الثمن فی العقد ما یستحقه فی ذمة البائع بطل لأنه بیع دین بدین علی إشکال (1)
______________________________
عن بعض الشافعیة أنه لا یصح سواء قبضه البائع فی المجلس أو لا لأنه بالحوالة یتحول الحق إلی ذمة المحال علیه فهو یؤدیه من جهة نفسه لا من جهة السلم (و أجیب) بأنه یؤدی عن نفسه مال السلم الذی تحول إلی ذمته (قلت) سیأتی للمصنف فی باب الحوالة التردد فی أن الحوالة بیع و اعتیاض أو استیفاء و علی الأول یمکن البطلان لأن المقبوض عوض مال السلم لا نفسه مع قوة بطلان الحوالة أیضا علی تقدیر الاعتیاض کما لو باع مال السلم قبل قبضه و إنما یتأتی البعث علی تقدیر الاستیفاء (فتأمل) و الأصح أنها استیفاء و لو کانت بیعا و اعتیاضا لما جازت إلا مع التقابض قبل التفرق و لوجب علی المحیل تسلیم ما أحال به کما یجب علی البائع تسلیم المبیع إلی غیر ذلک مما یدل علی ذلک و أما إذا لم یقبض البائع فی المجلس فالأقوی بطلان السلم لعدم القبض فی المجلس الذی هو شرط صحة السلم و یحتمل الصحة لأن الحوالة کالقبض و لهذا لا یحبس البائع بعدها السلعة فإنه یجوز له الحبس إلی أن یقبض بغیر خلاف (فلیتأمل جیدا)
(قوله) (و لو جعل الثمن فی العقد ما یستحقه فی ذمة البائع بطل لأنه بیع دین بدین علی إشکال)
کما فی التذکرة القول بالبطلان خیرة النهایة و السرائر و المختلف و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و الروضة و کأنه مال إلیه أو قال به فی المسالک و قد نسبه فیه إلی الأکثر و فی الریاض أنه الأشهر و فی الحدائق أنه المشهور و الحجة فیه أنه بیع دین بدین منهی عنه أما کون المسلم فیه دینا فواضح و أما الثمن الذی فی الذمة فإنه إذا جعل ثمنا للمسلم فیه صدق بیع الدین بالدین و یؤیده الصحیح عن الرجل یکون له علی الرجل طعام أو بقر أو غنم أو غیر ذلک فأتی الطالب المطلوب لیبتاع منه شیئا قال لا یبعه نسیئا و أما نقدا فلیبعه بما شاء (فتأمل) و القول بالصحة خیرة الشرائع و النافع و التحریر و کشف الرموز و التنقیح و إیضاح النافع و نفی عنه البعد فی الکفایة و فی أکثرها أنه مکروه و احتج علیه فی کشف الرموز و إیضاح النافع بأن الممنوع بیع ما فی ذمة زید بما فی ذمة عمرو أو بیع الدین المؤجل بالثمن المؤجل و أما بما فی ذمة أحد المبتاعین فلا لأنه مقبوض و أیضا فالسلف یئول إلی کونه دینا فلا یکون حال العقد دینا بدین (قلت) قد یحتج علیه بالأصل و العمومات و انحصار دلیل هذا الشرط فی الإجماع و لیس بمتیقن بل و لا ظاهر فی محل النزاع لمکان الاختلاف (و یؤیده) ما رواه الشیخ عن إسماعیل بن عمران کان له علی رجل دراهم فعرض علیه الرجل أن یبیعه بها طعاما إلی أجل مسمی فأمر إسماعیل من یسأله فقال لا بأس بذلک (الخبر) و لا ینافیه النهی عنه فی آخره لإشعار السیاق بورود ذلک للتقیة و لم یرجح فی الإیضاح و المقتصر واحد من القولین و مبنی الکلام فی المسألة یتوقف علی بیان المراد من الدین فی بیع الدین بالدین الذی نهی عنه فی خبر طلحة و انعقد الإجماع علیه هل هو عبارة عما کان دینا قبل العقد کما مثل به فی کشف الرموز و إیضاح النافع فیخص بذلک أو یشمل ما صار دینا بسبب العقد و إن لم یکن دینا قبله و قد تقدم منا بیان هذه المسألة فی أول المقصد الرابع فی أنواع البیع بما لا مزید علیه و قد قلنا هناک إن المشهور الثانی و یظهر لنا أنه محل إجماع لأن المسلم فیه لیس بدین حال العقد و إنما یصیر دینا به مع أن ظاهرهم الإجماع علی أنه من الدین المنهی عنه لو کان الثمن دینا و إنما یتأملون فیما نحن فیه من جهة الثمن الذی هو فی الذمة و فی حکم المقبوض و لم أجد من أخرج المسلم فیه عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 458
و لو لم یعینه ثم حاسبه بعد العقد من دینه علیه فالوجه الجواز (1) و لو شرط تعجیل نصف الثمن و تأخیر الباقی لم یصح أما فی غیر المقبوض فلانتفاء القبض و أما فی المقبوض فلزیادته علی المؤجل فیستدعی أن یکون فی مقابله أکثر مما فی مقابلة المؤجل و الزیادة مجهولة (2)

[الشرط الخامس کون المسلم فیه دینا]

(الخامس) کون المسلم فیه دینا فلا ینعقد فی عین نعم ینعقد بیعا سواء کانت العین مشاهدة أو موصوفة (3)
______________________________
الدین المنهی عنه لأن کان بعد العقد لا قبله إلا الشیخ إبراهیم القطیفی فی إیضاح النافع و هو متأخر معلوم نسبه عند من یعتبر ذلک و تمام الکلام مستوفی فی باب الدین
(قوله) (و لو لم یعینه ثم حاسبه بعد العقد من دینه علیه فالوجه الجواز)
و قال فی التذکرة جاز قطعا و ظاهره أنه محل إجماع أو لیس عنده فیه إشکال و الجواز خیرة اللمعة و إیضاح النافع و الروضة و المسالک و الکفایة لأنه استیفاء دین قبل التفرق مع عدم ورود العقد علیه فلا یقصر عما لو أطلقا الثمن ثم أحضره قبل التفرق و فی اللمعة جعل ذلک محاسبة کالکتاب فقال فی الروضة إنما یفتقر إلی المحاسبة مع تخالفهما جنسا أو وصفا أما لو اتفق ما فی الذمة و الثمن فیهما وقع التهاتر قهریا و لزم العقد «فتأمل» ثم قال إن الشهید فی الدروس استشکل علی هذا فی صحة العقد استنادا إلی أنه یلزم منه کون مورد العقد دینا بدین و أجاب عنه بما أشار إلیه فی جامع المقاصد من أن الثمن هنا أمر کلی و تعیینه بعد العقد فی شخص لا یقتضی کونه هو الثمن الذی جری علیه العقد و مثل هذا التقاص و التحاسب استیفاء لا معاوضة و لو أثر مثل ذلک لأثر مع إطلاقه ثم دفعه فی المجلس لصدق بیع الدین بالدین علیه ابتداء و قال فی جامع المقاصد و یشکل بما سبق فی کلامه فی الصرف من أن ذلک صرف ذمة بذمة فیکون بیع دین بدین إلا أن یوقع ذلک علی وجه الصلح و نحوه (قلت) قد تقدم لنا فی باب الصرف عند شرح قوله لو کان لأحدهما علی الآخر ذهب و للآخر علی الأول دراهم فتصارفا بما فی ذممهما جاز من غیر تقابض ما له نفع تام فی المقام و أنفع منه ما تقدم لنا عند شرح قوله و لو اشتری منه دراهم ثم اشتری بها دنانیر (و تنقیح البحث) بما لا مزید علیه یطلب مما ذکرناه فی أول المقصد الرابع فی أنواع البیع
(قوله) (و لو شرط تعجیل نصف الثمن و تأخیر الباقی لم یصح أما فی غیر المقبوض فلانتفاء القبض و أما فی المقبوض فلزیادته علی المؤجل فیستدعی أن یکون فی مقابله أکثر مما فی مقابلة المؤجل و الزیادة مجهولة)
کما ذکر ذلک کله فی التذکرة و اللمعة و الروضة و کذا التحریر و الدروس و جامع المقاصد و توضیحه أن الأجل له قسط من الثمن و لهذا یزید الثمن عادة بزیادة الأجل فیکون المقبوض فی مقابله من المبیع أزید من النصف لتکون الزیادة فی مقابلة الأجل و مقدار الزیادة مجهول و یحتمل الصحة و یسقط فیما بعد کبیع سلعتین فیستحق أحدهما کما أشار إلیه فی الدروس و قال فی التحریر لو شرط تعجیل البعض و إندار الباقی من دین المشتری لم أستبعد جوازه
(قوله) (الخامس کون المسلم فیه دینا فلا ینعقد فی عین نعم ینعقد بیعا سواء کانت العین مشاهدة أو موصوفة)
قد استوفینا الکلام فی المسألة و بینا الحال فی عبارات الأصحاب و حررنا محل النزاع فی صدر المطلب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 459

[الشرط السادس الأجل المضبوط بما لا یقبل التفاوت]

(السادس) الأجل المضبوط بما لا یقبل التفاوت فلو شرط أداء المسلم فیه عند إدراک الغلات أو دخول القوافل بطل (1) و کذا لو قال متی أردت أو متی أیسرت
______________________________
عند شرح قوله و الأقرب انعقاد البیع بلفظ السلم (و سیأتی) له فی آخر الشرط السادس أنه لا بد من التصریح بالحلول (قلت) لأن التأجیل جزء مفهوم السلم و لا بد من صارف یصرفه عن مقتضاه و ذلک هو التصریح بالحلول و به صرح فی التحریر و التذکرة و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و غیرها و هو ظاهر الشرائع أو صریحها و صریح الدروس و حواشی الکتاب و غیرها أنه یشترط أیضا أن یکون عام الوجود وقت العقد و هذان الشرطان نبه علیهما فی خبر عبد الرحمن (و قد نقلناه) فی صدر الباب عند ذکر عبارات الأصحاب و سیأتی فی باب الخیار فی الفرع الخامس ما له نفع تام فی المقام و فی المبسوط و التحریر إذا أطلق فالوجه البطلان سواء ذکر الأجل قبل التفرق أو لا و فی التذکرة أنه لو أطلق عقد السلم و لم یرد مطلق البیع بل بیع السلم فإن قال حالا بطل عندنا و إن شرط التأجیل لزم إجماعا و إن أطلق بطل عندنا فلو ألحق بالعقد أجلا فی مجلس العقد لم یلحق عندنا (انتهی) و فی الدروس لو أطلق العقد حمل علی الحلول و فیه أیضا کما هو ظاهر المختلف أنه لو قصد الحلول و لم یتلفظ به صح و استجوده فی جامع المقاصد و نحو ذلک ما فی المسالک و غیرها و یأتی فی الکتاب أنه لو أطلق حمل علی الأجل و اشترط ضبطه و لو أطلق و لم یضبطه ثم ضبطه قبل التفرق بطل (انتهی) و اعترض الشهید فی حواشیه علی قوله لو أطلق حمل علی الأجل بأنه إما أن یراد بالحمل علی الأجل وقوعه أو وجوبه و کلاهما غیر تام (أما الوقوع) فلعدم ذکره و ذکره ینافی الإطلاق (و أما الوجوب) فبعد تمام العقد لا یتصور الحمل علی الأجل لزوال محله و لا ثالث لهما (و أجاب) بأن المراد الوجوب و نمنع أن ذلک المطلق العقد بتمامه و إنما هو أحد الجزءین و معناه أنه إذا تلفظ به وجب علیه استیفاء أرکانه التی من جملتها الأجل (قال) و أما علی قول بعض العامة فیختار الوجوب بعد تمام العقد بالإیجاب و القبول و یکون محل ذلک الوجوب مجلس العقد فإن ذکراه فیه صح و إلا بطل (و قال) فی جامع المقاصد إن المراد أنه إذا أطلق اللفظ عن التقیید بالحلول اقتضی التأجیل لأن مدلوله الأصلی البیع إلی أجل فیشترط ضبطه ثم أورد سؤالا بأن اشتراط ضبطه یقتضی ذکره فکیف یصدق الإطلاق (و أجاب) بأن الإطلاق قبل ذکره ثم قال علی أن المراد بالإطلاق عدم ذکر الحلول لأنه فی مقابله و هذه العلاوة جواب ثانی (فتأمل) ثم إنه أورد سؤالا آخر لم یظهر لی وجهه
(قوله) (الأجل المضبوط بما لا یقبل التفاوت فلو شرط أداء المسلم فیه عند إدراک الغلات أو دخول القوافل بطل)
إجماعا کما فی الغنیة و ظاهر التذکرة و مجمع البرهان و الکفایة و هو مذهب الإمامیة کما فی نهج الحق و لا خلاف فی ضبط الأجل کما فی المفاتیح (و قد دلت) علیه الأخبار من طرق الخاصة و العامة فمن أخبار الخاصة صحیحة الحلبی و حسنة عبد اللّٰه بن سنان و روایة ابن قتیبة الأعشی و خبر أبی إبراهیم و أخصیة المورد فی خبر غیاث حیث إن فیه لا یسلم إلی دیاس و لا إلی حصاد لا تضر لعدم القائل بالفصل و فی هذا الشرط بحث واسع و هو أنه إن کان المراد عدم التفاوت مطلقا ورد عدم جوازه إلی شهر لاحتمال أن یهل ناقصا أو تاما و إن کان المراد عدم الاحتمال المفضی إلی التفاوت عرفا جاز ما لا یتفاوت کذلک (و یدل) علی أنهم أرادوا الأول أنهم یعللون بالجهالة فیشکل التفاوت بما ذکرنا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 460
و یجوز التوقیت بشهور الفرس و الروم (1) و بالنیروز و المهرجان (2) لأنهما یطلقان علی وقت انتقال الشمس إلی أول برجی الحمل و المیزان و یجوز بفصح النصاری و فطر الیهود إن عرفه المسلمون (3) و لو أجل إلی نفر الحجیج احتمل البطلان و الحمل علی الأول و کذا إلی ربیع أو جمادی (4)
______________________________
و بما سیأتی لهم من حکمهم بالبطلان إذا قال محله فی یوم کذا (فتأمل)
(قوله) (و یجوز التأقیت بشهور الفرس و الروم)
قال فی القاموس الأقت و التأقیت تحدید الأوقات و فی الصحاح التوقیت تحدید الأوقات و أقتت لغة مثل وجوه و أجوه و سنة الفرس کل شهر ثلاثون یوما و سنة الروم ثلاثمائة و خمسة و ستون یوما و ربع یوم و هی اثنا عشر شهرا منها سبعة أشهر کل شهر أحد و ثلاثون یوما و منها شهر واحد ثمانیة و عشرون یوما و ربع و أربعة أشهر کل شهر ثلاثون یوما
(قوله) (و بالنیروز و المهرجان)
هما الاعتدالان الکائنان فی السنة بین اللیل و النهار فالنیروز الربیعی و المهرجان الخریفی و فی الدروس و غیره احتمل البطلان لأن ذلک لا یعلم إلا من الرصدی الذی لا یقبل قوله وحده و اجتماع من یفید قوله العلم بعید و فی المبسوط و غیره یصح لأنه معروف إذا کان من سنة بعینها
(قوله) (و یجوز بفصح النصاری و فطر الیهود إن عرفه المسلمون)
أی علی وجه یمکن الرجوع إلیه عند الاختلاف کما أشار إلیه فی المبسوط و لا بد أیضا من معرفة المتعاقدین به کما نبه علیه فی جامع المقاصد و الفصح بکسر الفاء و الصاد الساکنة عید النصاری و فی حواشی الکتاب أنه عید السعانین و فی القاموس أن عید السعانین قبل الفصح بأسبوع یخرجون فیه بصلبانهم و لم أجد من تعرض من أهل اللغة لفطر الیهود و فی المبسوط لا یجوز إلی فصح النصاری و هو عیدهم و لا إلی شی‌ء من أعیاد أهل الذمة مثل السعانین و عید الفطر لأن المسلمین لا یعرفون ذلک فإن عرف المسلمون من حسابهم مثل ما یعلمون کان جائزا
(قوله) (و لو أجل إلی نفر الحجیج احتمل البطلان و الحمل علی الأول و کذا إلی ربیع أو جمادی)
فی القاموس الربیع ربیعان ربیع الشهور و ربیع الأزمنة فربیع الشهور شهران بعد صفر و لا یقال الأشهر ربیع الأول و شهر ربیع الآخر و فیه أیضا أن جمادی کحباری من أسماء الشهور معرفة مؤنثة و معناه أنه یقال جمادی الأولی و جمادی الآخرة کما أشار إلیه فیما بعد و الحمل علی الأول فیما ذکر خیرة المبسوط و الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس و جامع المقاصد و مجمع البرهان و فی الإیضاح أنه نص علی ذلک الأصحاب و کتب علی هامشه أنه إجماع و عللوه بأن إطلاق اللفظ دال علیه إما عرفا أو مطلقا نظرا إلی تعلیقه علی اسم و صدقه علیه فلا جهالة لکن یشترط علمهما بذلک قبل العقد لیتوجه قصدهما إلی أجل مضبوط فلا یکفی ثبوت ذلک شرعا مع جهلهما أو أحدهما به و لم یرجح فی التذکرة کالکتاب و کذا المسالک لمکان الاشتراک و قد فرق المصنف فی الکتابین بین ما نحن فیه و بین التأجیل إلی یوم معین من أیام الأسبوع کالخمیس و الجمعة فحمله فی الثانی علی الأول أی أول خمیس و أول جمعة لدلالة العرف علیه و تردد فی الأول کما عرفت (و ناقشه) فی ذلک المحقق الثانی و الشهید الثانی فسویا بینهما فی الحمل علی الأول أو البطلان (و أورد) فی المسالک سؤالا حاصله أن شرط الصحة علمهما بذلک و قصدهما إلیه فکیف یتجه احتمال البطلان لأنهما إذا قصدا إلی الأول أو الثانی لو اتفقا علیه صح قطعا لعدم الاشتباه و الاختلاف و مع عدم القصد إلی معین لا مجال للصحة (فکیف) یتوجه الوجهان علی نحو واحد (و أجاب) بأن منشأ الاحتمالین من الشک فی دلالة اللفظ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 461
و تحمل السنون و الشهور علی الهلالیة (1) و تعتبر الأشهر بالأهلة (2) فإن عقد فی أوله اعتبر الجمیع بالأهلة (3) و إن عقدا فی خلاله اعتبرت الشهود بعده بالأهلة ثم تمم المنکسر ثلاثین علی رأی و یحتمل انکسار الجمیع بکسر الأول فیعتبر الکل بالعدد (4)
______________________________
المشترک علی معنیین من معانیه أم لا فمن حمله علی الأول زعم أن إطلاق اللفظ دال علیه إما عرفا أو مطلقا نظرا إلی تعلیقه علی اسم فمتی دخل الأول صدق الاسم فلا یعتبر غیره إذا کان الإطلاق دالا علی الأول حمل علیه اللفظ لأنه مدلوله و من حکم بالبطلان نظر إلی اشتراک اللفظ و احتماله للأمرین علی السواء فلا یمکن حمل الإطلاق علی أحدهما انتهی (فلیتأمل) و لعل فائدة الخلاف فیما إذا ماتا أو غابا و لم نعلم قصدهما و کذا عند الاختلاف فی القصد و عدمه علی تأمل فیه و أما عند حضورهما فالذی تقتضیه القواعد أنه إن کان قصد المتعاقدین أو اعتقادهما و فهمهما انصرافه إلی الأول فلا إشکال لأن إطلاقهما حینئذ فی قوة إرادة الأول و إن لم یکن لهما اعتقاد ذلک سواء اعتقدا الاشتراک أو لا کان ما جعلاه أجلا محتملا للزیادة و النقصان فلا یصح العقد و إن کان له محمل شرعی عند الفقیه فإن ذلک غیر کاف من دون أن یعلمه المتعاقدان و بالجملة فالحال فی المسألة کالحال فی حمل السنون و الشهور علی الهلالیة و الخلاف فیها کالخلاف فیما إذا عقد فی خلال الشهر إلی غیر ذلک مما سیأتی
(قوله) (و تحمل السنون و الشهور علی الهلالیة)
کما نص علیه فی المبسوط و غیره لأنها أغلب استعمالا و أظهر عند العرف فإن قید بالفارسیة أو الرومیة أو الشمسیة تقید بشرط أن یکون معروفا
(قوله) (و تعتبر الأشهر بالأهلة)
أورد الشهید و المحقق الثانی بأن ما سبق من حمل الشهور علی الهلالیة یغنی عن قوله تعتبر الأشهر بالأهلة و أجابا بأن المراد بالأول نفی اعتبارها بانتقالات الشمس أعمّ من اعتبارها بالعدد أعنی ثلاثین ثلاثین أم بالأهلة سواء کان تاما أو ناقصا و بأن الحکم لبناء حکم آخر علیه لا یعد تکرارا و زاد الشهید فی حواشیه بأنه لو اقتصر علی الأول أوهم قصر الأجل علی الشهور التزام البدأة بالعقود فی أوائلها مع جواز البدأة بها فی أثناء الشهر فذکر العبارة الثانیة لیزول الوهم و الوجه فی اعتبار الشهور بالأهلة إنها المعنی الأصلی للشهر و إنما یعدل عنه إلی العددی عند تعذر الهلال کما نص علیه جماعة و فی التذکرة أن الشهر الشرعی ما بین الهلالین
(قوله) (فإن عقد فی أوله اعتبر الجمیع بالأهلة)
بلا خلاف و تعتبر الأولیة و الأثنائیة بالعرف لا الحقیقة لانتفائها غالبا أو دائما إذ لا تتفق المقارنة المحضة لغروب لیلة الهلال فعلی هذا لا یقدح نحو اللحظ و الظاهر أن الساعة غیر قادحة أما نصف اللیل فقادح فیرجع إلی العدد کما نص علی ذلک جماعة
(قوله رحمه اللّٰه) (فإن عقد فی خلاله اعتبرت الشهور بعده بالأهلة ثم تمم المنکسر ثلاثین علی رأی و یحتمل انکسار الجمیع بکسر الأول فیعتبر الکل بالعدد)
إذا جعل الأجل شهرین أو ثلاثة مثلا و أوقعا العقد فی أثناء الشهر الأول فقد اختلفوا علی أقوال ثلاثة (الأول) اعتبار الجمیع بالهلالی کما هو ظاهر اللمعة (أما الثانی) فظاهر لوقوعه بأجمعه هلالیا (و أما الأول) فلصدق معنی القدر الحاصل منه عرفا کنصفه و ثلثه مثلا فیتمم من الثالث قدر ما فات منه حتی لو کان ناقصا کفی إکمال ما یتم به تسعة و عشرین یوما لأن النقص جاء فی آخره و هو من جملة الأجل و الثابت من الأول لا یختلف بالزیادة و النقصان و هذا القول نقله فی الشرائع و هو الظاهر من عبارة المبسوط أخیرا حیث
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 462
و لو قال محله فی الجمعة أو رمضان فالأقرب البطلان (1)
______________________________
جعله قویا و لم ینسبه أحد إلیه و إنما نسب إلیه جماعة القول الثالث (الثانی) هو ما ذکره المصنف أولا و هو أنه یعتبر ما عدا الأول هلالیا و أنه یتمم الأول ثلاثین یوما و الوجه فیه (أما بالنسبة) إلی الشهر الأول المکسور فلأنه بإهلال الثانی لا یصدق علیه أنه شهر هلالی فیکون عددیا و لا یمکن اعتبار الجمیع بالهلالی لئلا یلزم إطراح المنکسر و تأخر الأجل عن العقد مع الإطلاق و حینئذ فیکمل الأول ثلاثین یوما بعد انقضاء المقصود من الهلالی من شهر أو أکثر و هو قول الأکثر کما فی المسالک و خیرة المبسوط و الشرائع و التحریر و التذکرة و الإیضاح و الدروس و المسالک و الروضة و هو الأوفق بالقواعد المقررة (و یلزم علی هذا) القول أنهما لو جعلا ثلاثة أشهر و وقع العقد فی صفر بعد مضی ساعتین و جاء ناقصا فإنه یکمل من جمادی الأولی یوما ناقصا ساعتین فیحصل من ذلک ثلاثة أشهر هلالیة زائدة یوما إلا ساعتین و أغرب منه أنه عند انکسار الجمیع و کانت الأشهر الثلاثة ناقصة یلزم أن یکون ثلاثة أشهر و ثلاثة أیام إلا ساعتین (فتأمل جیدا) (الثالث) انکسار الجمیع بکسر الأول فتعتبر الکل بالعدد (و هذا القول) نفی عنه البعد فی المختلف و نسبه هو و ولده فی الإیضاح إلی أحد قولی الشیخ فی المبسوط و تبعهما علی ذلک جماعة (و الذی) یظهر لی أن الشیخ ما ألم به فی المبسوط قال إن کان قد مضی من الهلالی شی‌ء حسب ما بقی ثم عد بعده بالأهلة سواء کانت ناقصة أو تامة ثم أتم الشهر الأخیر بالعدد ثلاثین یوما لأنه فات الهلال و إن قلنا یعد مثل ذلک من الشهر الأول الهلالی کان قویا (انتهی) و کلامه الأخیر ظاهر فی القول الذی نقله فی الشرائع و لعله إنما عنی الشیخ فی المبسوط (فلیتأمل) و وجه القول الثالث أن الشهر الثانی لا یعقل دخوله إلا بعد انقضاء الأول فالأیام الباقیة إما أن لا تحسب من أحدهما أو من الثانی و کلاهما محال أو من الأول فلا یعقل دخول الثانی حتی یتم الأول بعدد ما فات منه من الثانی فینکسر الثانی و هکذا و فیه أنه لو أکمل مما یلیه یلزم اختلال الشهر الهلالی مع إمکان اعتباره بالهلالی و أن الأجل إذا کان ثلاثة أشهر مثلا فبعد مضی شهرین هلالیین و ثلاثین یوما ملفقة من الأول و الرابع یصدق أنه قد مضی ثلاثة أشهر عرفا فیحل الأجل و أنه إذا وقع العقد فی نصف الشهر مثلا و مضی بعده شهران هلالیان یصدق أنه مضی من الأجل شهران و نصف فیکفی إکمالهما خمسة عشر یوما و تصدق الثلاثة حینئذ و هذا أمر ثابت فی العرف حقیقة (و لیعلم) أنه یلفق الیوم إذا وقع السلم فی أثنائه و یستوفی من الآخر بقدر ما مضی من العقد سواء کان ذلک الیوم المستوفی منه أطول أو أقصر للتسامح فی مثله کما نبه علیه فی الدروس
(قوله) (و لو قال محله فی الجمعة أو فی رمضان فالأقرب البطلان)
کما هو خیرة المختلف و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد و ظاهر التذکرة للجهالة الحاصلة من عدم التعیین (و یشکل) بأن الجهالة لا تزید علی الجهالة فیما إذا قالا إلی شهر فإنه یحتمل أن یهل تاما أو ناقصا کما تقدمت الإشارة فی الکلام علی اشتراط الأجل المضبوط بما لا یحتمل الزیادة و النقیصة و فی المبسوط و الخلاف أنه یجوز و یلزمه بدخول الشهر و الیوم و السنة حیث یقول محله سنة کذا و لعله نظر إلی العرف و فی التحریر نقل قول الشیخ و احتمل البطلان من دون ترجیح ثم قال و لو قال محله شهر کذا أو یوم کذا حل بأوله ففرق بین الصورتین و قال فی التذکرة و لو قیل بجوازه علی تقدیر أن الأجل متی شاء البائع أو المشتری فی أی وقت کان من یوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 463
و لو قال إلی أول الشهر أو آخره احتمل البطلان لأنه یعبر به عن جمیع النصف الأول و النصف الأخیر و الصحة فیحمل علی الجزء الأول (1) و الأقرب عدم اشتراط الأجل فیصح السلم فی الحال لکن یصرح بالحلول فإن أطلق حمل علی الأجل و اشترط ضبطه و لو أطلق و لم یضبطه ثم ضبطه قبل التفرق بطل و لو قال إلی شهر و أبهم اقتضی اتصاله بالعقد فالأجل آخره و کذا إلی شهرین أو ثلاثة أما المعین فیحل بأوله (2) کما تقدم
______________________________
الجمعة أو من الشهر أو من السنة کان وجها و یتخیر من جعل المشیئة إلیه فی مبتدإ الوقت إلی آخره أی وقت طالب أو دفع أجبر الآخر علی القبول بخلاف المشیئة المطلقة
(قوله) (و لو قال إلی أول الشهر (شهر خ ل) أو آخره احتمل البطلان لأنه یعبر به عن جمیع النصف الأول و النصف الآخر و الصحة فیحمل علی الجزء الأول)
أی فی الصورة الأولی و الأخیر فی الأخری و القول بالصحة خیرة التحریر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد کما هو الشأن فیما لو أجل إلی یوم الجمعة فإنه یحمل علی أوله و إن کان اسم الیوم عبارة عن جمیع الأجزاء و لأنه لو قال إلی شهر کذا حمل علی أول جزء منه فقوله إلی أول شهر کذا أقرب إلی هذا المعنی مما إذا أطلق ذکر الشهر علی أنه إن تم له إطلاق الأول علی جمیع النصف الأول کان الانتهاء إلیه بلوغ أوله کما عرفت مثله فی الیوم إذا جعله أجلا
(قوله) (و لو قال إلی شهر و أبهم اقتضی اتصاله بالعقد فالأجل آخره و کذا إلی شهرین أو ثلاثة أما المعین فیحل بأوله)
کما صرح بذلک کله فی التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و الوجه فی اقتضائه اتصاله بالعقد أن الإطلاق فی الأجل محمول فی العرف علی اتصاله و فی أن الأجل آخر المبهم دلالة العرف أیضا علیه و هو الموافق لمعنی إلی و بقرینة أن الشهر لا یراد به أوله هنا و إلا لخلا عن الأجل لأنا قد حملنا الإطلاق علی الاتصال فلم یبق إلا أن یراد شهر کامل هلالی إن کان فی أوله و إلا فثلاثون یوما و أما حلوله بآخر المعین فلأن العرف یحکم بأن آخر الأجل یجب أن ینتهی إلیه (و فی حواشی الشهید) أن الفرق بین المعین و المطلق مع کون إلی لانتهاء الغایة فیهما أن المغیا فی المبهم مسمی المدة و هو لا یصدق إلا بالمجموع و المغیا فی المعین مسمی المعین و هو صادق بأول جزء منه ضرورة صدق الشهر کرجب مثلا بأول جزء منه و فی جامع المقاصد أن هذا الفرق لیس بظاهر لأن مقتضی اللفظ أن یکون المبهم و المعین هو الغایة (و قال) الشهید أیضا فی حواشیه هذا إذا کان بین العقد و بین المعین مهلة أما إذا انتفت بأن تعقب المعین العقد بلا فصل فیمکن اطراده لصدق ذلک المعین و انتهاء الغایة و عدمه لعدم مسمی الأجل فیبطل علی القول باشتراط الأجل و إلا حمل علی الحلول و اشترط فیه عموم الوجود و لا یشترط هنا التصریح بالحلول لغناء ذکر هذا الأجل عنه و یحتمل ضعیفا اعتباره آخره لیحصل الأجل الذی قد شرط فی المسلم و حصول المانع من الحمل علی أوله (و وجه ضعفه) أنه لیس الحمل علی آخره مع مخالفة الظاهر لتحصیل الصحة التی هی حکم شرعی بأولی من موافقة الظاهر و إن حصل البطلان لأنه حکم شرعی أیضا و فی المسالک أن هذا أجود بناء علی اعتبار الأجل و استشکل فی جامع المقاصد و احتمل البطلان و الحمل علی آخره من دون ترجیح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 464
و لا یشترط فی الأجل أن یکون له وقع فی الثمن فلو قال إلی نصف یوم صح (1)

[الشرط السابع إمکان وجود المسلم فیه عند الحلول]

(السابع) إمکان وجود المسلم فیه عند الحلول لیصح التسلیم (2)
______________________________
(قوله) (و لا یشترط فی الأجل أن یکون له وقع فی الثمن فلو قال إلی نصف یوم صح)
عدم تقدیر الأجل فی القلة و الکثرة هو المشهور کما فی المختلف و علیه الإجماع کما فی الخلاف و قد نص علی ذلک فی السرائر و التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و غیرها و فی التحریر النص علی نصف یوم و فی الدروس علی بعض یوم للأصل و إطلاق الأخبار و موافقة الاعتبار لأن السلم إنما ثبت رخصة فی حق المفالیس فلا بد من أجل لتحصیل المسلم فیه و هو یتحقق بأقل مدة یتصور تحصیله فیها و عن أبی علی و الأوزاعی و أحمد أنه لا بد و أن یکون للأجل وقع فی الثمن و أقله ثلاثة و المقدمتان ممنوعتان و قد تقدم أنه لا ینتهی فی الکثرة إلی حد و أن أبا علی منع من ثلاث سنین للنهی عن بیعه السنین (بیع السنتین خ ل) و حمل علی الکراهة و معنی الوقع فی الثمن أن یکون له اعتبار و اعتداد بحیث یکون له فی العادة قسط من الثمن
(قوله) (السابع إمکان وجود المسلم فیه عند الحلول لیصح التسلیم)
اختلفت عبارات الأصحاب ظاهرا فی بیان هذا الشرط و قد عبر الأکثر باشتراط غلبة الوجود عند الحلول و فی الریاض أنه المشهور بل لا یکاد یعرف فیهم مخالف فی ذلک إلا ما ربما یتوهم من عبارتی القواعد و الدروس حیث بدل الغلبة بالإمکان فی الأول و بالقدرة علی التسلیم فی الثانی (قلت) و عبارة التذکرة فی أول کلامه کعبارة القواعد و عبارة الکفایة کعبارة الدروس و فی الخلاف و السرائر و المبسوط و التذکرة فی مقام آخر و التحریر و نهج الحق کونه مأمون الانقطاع و زید فیما عدا الأولین کونه عام الوجود و فی الخلاف الإجماع علی ذلک و فی التحریر نفی الخلاف عن الأمرین (و فی نهج الحق) أن ذلک مذهب الإمامیة فقد اتفقت الکلمة علی عموم الوجود و غلبته و مأمونیة انقطاعه و ما فی الکتاب و التذکرة و الدروس و إن أوهم خلاف ذلک بادئ بدء کما وقع للمولی الأردبیلی و الخراسانی و البحرانی و غیرهم لکن التدبر فی کلامیهما فی الکتب الثلاثة یقتضی المصیر إلی التأویل بما ذکر فی جامع المقاصد و غیره من أن المراد بإمکان وجوده و القدرة علی تسلیمه کونه بحیث یوجد کثیرا عادة بحیث لا یندر تحصیله فالمراد إمکان وجوده عادة فإن الممکن عادة هو الذی لا یعز وجوده و قد صرحا «1» أولا باشتراط عدم الاستقصاء فی الأوصاف الموجب لعزة الوجود و البطلان معه و قد وقع فی التذکرة و الکتاب بعد ذلک عبارات صریحة فی اعتبار عمومیة الوجود و غلبیته (و غلبته خ ل) کما هو واضح لمن لحظ الکتابین و وقع فی الدروس قوله و لو أسلم فیما یعسر وجوده عند الأجل مع إمکانه الکثیر من الفاکهة فی البواکیر فإن کان وجوده نادرا بطل و إن أمکن تحصیله لکن بعد مشقة فالوجه الجواز لالتزامه (لإلزامه خ ل) (و إلزامه خ ل) به مع إمکانه و یحتمل المنع لأنه غرر فهو کالصریح فی عدم جعل المعیار مجرد القدرة و الإمکان «فلیتأمل» علی أنه فی اللمعة وافق الأصحاب فقد تحصل من کلامهم أنه لا یکفی وجوده نادرا و فی الإجماع أکمل بلاغ ففی الاکتفاء بإمکان وجوده نادرا و القدرة علی تسلیمه فی ظنه و إن ضعف کما استظهره المولی الأردبیلی و من تبعه خروج عن الإجماع
______________________________
(1) أی المصنف و الشهید (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 465
و إن کان معدوما وقت العقد أو بعد الحلول و لا یکفی الوجود فی قطر آخر لا یعتاد نقله إلیه فی غرض المعاملة و لو احتاج تحصیله إلی مشقة شدیدة کما إذا أسلم فی وقت الباکورة فی قدر کثیر فالأقرب الصحة (1)
______________________________
و لیس فی الأخبار منافاة لما علیه الأصحاب و لا تأیید لما قاله من خالفهم ففی موثقة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه قال لا بأس بأن یشتری الطعام و لیس هو عند صاحبه إلی أجل و حالا لا یسمی أجلا إلا أن یکون بیعا لا یوجد مثل العنب و البطیخ و شبهه فی غیر زمانه فلا ینبغی شراء ذلک حالا و فی صحیحة زرارة قال سألت أبا جعفر علیه السلام عن رجل اشتری طعام قریة بعینها فقال لا بأس إن خرج فهو له و إن لم یخرج کان دینا علیه و فی روایة خالد بن الحجاج عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یشتری طعام قریة بعینها و إن لم یسم له قریة بعینها أعطاه من حیث شاء قالوا هذان الخبران یدلان علی جواز اشتراط القریة المعینة و المشترطون غلبة وجوده لا یقولون به (قلت) المدار عند الأصحاب علی اعتبار ما لا یتخلف عنه المسلم فیه عادة کالقریة الکبیرة بالنسبة إلی الأرض و الأهل و هذان الخبران لا یدلان علی خلاف ذلک و یمنعون من السلم فی مثل الغلة من قراح بعینه و غزل امرأة معینة لعدم الظن الغالب عادة فی ذلک و أطرف شی‌ء ما استشهدوا به علی اعتبار مطلق الظن باتکال صاحب القراح علی غلة تلک الأرض و تمرة تلک النخلة إذ لو أثمر مثل ذلک فی صحة البیع لجاز بیع الثمرة قبل بدو صلاحها بل قبل إبانها و بیع الزرع قبل بروزه إلی غیر ذلک مما لا یحصی مما تقدم الکلام فی بیانه و یأتی إن شاء اللّٰه تعالی (ثم) إن الوجود عند الأجل بأیّ معنی اعتبر أعمّ من التجدد فیه بعد عدمه فی زمن العقد و ما بینهما و وجوده فیه إلی الأجل و المراد بغلبة الوجود غلبة وجوده فی البلد الذی شرط تسلیمه فیه أو بلد العقد حیث یطلق علی أحد الأقوال الآتیة إن شاء اللّٰه تعالی أو فیما قاربه بحیث ینتقل إلیه عادة فلا یکفی الوجود فی قطر آخر لا یعتاد نقله إلیه فی غرض المعاملة بل ینقل هدیة و مصانعة و نحو ذلک «فروع» لو عین غلة بلد کالحلة مثلا و شرط التسلیم فیه لم یکف وجوده فی غیره کبغداد و إن اعتید نقله إلی الحلة و لو انعکس کان عین غلة بغداد التی هی غیر البلد الذی یلزم التسلیم به أعنی الحلة شارطا نقل غلة بغداد إلی الحلة فالوجه الصحة لأن بلد التسلیم بمنزلة شرط آخر و المعتبر هو بلد المسلم فیه فإذا وجد فی بلد المسلم فیه و لم یوجد فی بلد التسلیم صح و لو عین غلة بغداد و هو فی الحلة و شرط وجوده عند رأس الأجل فی الحلة و لم یشترط النقل بطل لانتفاء الشرط فینبغی علی هذا أن یراد بقولهم غلبة وجوده فیما قارب بلد العقد ما قاربه من قراه بحیث لا یوجد عادة فیه إلا بنقله منها إلیه و هذه هی الفروع الثلاثة التی ذکرها فی الروضة المشهورة بالإشکال (و قد أشار) إلیها فی الدروس لکن المصنف فی التذکرة قال یجوز أن یسلم فی شی‌ء ببلد لا یوجد ذلک الشی‌ء فیه بل ینقل إلیه من بلد آخر عادة و لا فرق فی البلد بین أن یکون قریبا أو بعیدا و لا أن یکون مما یعتاد نقله إلیه أم لا و هو خلاف قوله فی الروضة و إن کان یبطل مع الإطلاق و نحن وجهناه بما إذا شرط وجوده عند رأس الأجل فی الحلة کما سمعت «فتأمل»
(قوله) (و لو احتاج تحصیله إلی مشقة شدیدة کما لو أسلم فی وقت الباکورة فالأقرب الصحة)
کما فی التذکرة و الدروس لوجود المقتضی و انتفاء المانع لأن الشرط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 466
و لو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم کما لو أسلم فیما یعم وجوده و انقطع لجائحة أو وجد وقت الحلول عاما ثم أخر التسلیم لعارض ثم طالب بعد انقطاعه تخیر المشتری بین الفسخ و الصبر (1)
______________________________
إمکان وجوده لا عدم المشقة فی تحصیله و یحتمل العدم لأنه قد یعسر فیحصل الغرر «1» و فی الدروس إن کان وجوده نادرا بطل و فی المبسوط و التحریر لا یجوز لو جعله إلی محل لا یعم وجود الفواکه فیه کوقت أول العنب فیه و آخر وقته و لیسوا مخالفین و قال الفیومی باکورة الفاکهة أول ما یدرک منها قال و قال أبو حاتم الباکورة من أول کل فاکهة ما عجل الإخراج و الجمع البواکیر و الباکورات و نخلة باکورة و باکور و بکور
(قوله) (و لو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم کما لو أسلم فیما یعم وجوده و انقطع لجائحة أو وجد وقت الحلول عاما ثم أخر التسلیم لعارض ثم طالب بعد انقطاعه تخیر المشتری بین الفسخ و الصبر)
و لا ینفسخ العقد إجماعا منا لأن مورد العقد إنما هو الذمة و المخالف إنما هو الشافعی فی أحد قولیه و أما تخییره بین الفسخ و استرداد الثمن أو مثله و بین الصبر إلی وجوده فهو المشهور کما فی المیسیة و المسالک و مجمع البرهان بل فیه أنه المذکور فی سائر الکتب و الأشهر کما فی الکفایة و علیه الفتوی کما فی إیضاح النافع (و فی المختلف) أن قول ابن إدریس لم یوافقه علیه أحد من علمائنا بل و لا أظن أحدا أفتی به «انتهی» و قد یلوح الإجماع من الدروس حیث نسب قول العجلی إلی الندرة و نحوه ما فی التحریر و غیره حیث ینسبونه إلی الخطإ فالحکم مما لا ریب فیه و الأخبار به مستفیضة فلا وجه لما فی الکفایة و نحوها من أنه الأشهر إذ ذلک ظاهر فی وجود الخلاف المعتد به (و لیعلم) أن ظواهر جملة من الأخبار أن المسلم فیه غیر معدوم یومئذ فإذا جاز الفسخ مع وجوده فمع تعذره بطریق أولی لکن لا بد من حمل ما ظاهره ذلک علی ما إذا أمکن تحصیله بنقل أو غیره لکن یحصل الضرر الکثیر فی نقله أو تحصیله فإنه و الحال هذه کالانقطاع الحقیقی کما نص علیه فی التذکرة و الدروس و فی الأخیر أنه لو کان یوجد فی بلد آخر لم یجب نقله إذا عین البلد و إن لم یکن فی نقله مشقة و ما توهمه فی السرائر علی الشیخ فی الخلاف فما کنا نؤثر أن یقع ذلک من مثله و ذلک أن الشیخ فی بیوع الخلاف قال إذا انقطع المسلم فیه لم ینفسخ البیع و یبقی فی الذمة فظن أنه یوافقه فی عدم ثبوت الخیار و هما مسألتان مفترقتان کما هو واضح کما أشرنا إلیه آنفا و ظن أنه خالف نفسه فی باب السلم حیث قال إذا أسلم فی رطب إلی أجل فلما حل الأجل لم یتمکن من مطالبته لغیبة المسلم إلیه أو غیبته أو هرب منه أو تواری من سلطان و ما أشبه ذلک ثم قدر علیه و قد انقطع الرطب کان المسلم بالخیار بین أن یفسخ العقد و بین أن یصبر إلی العام القابل «انتهی» و قد عرفت الحال و الحکم المذکور ظاهر النهایة و صریح المبسوط و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه (و قوله فی الإرشاد) و لو أخر التسلیم فللمشتری الفسخ أو الإلزام یمکن حمله علی أن المراد بالإلزام إلزامه بالمسلم فیه عند إمکان حصوله و لو فی سنة أخری فتکون العبارة موافقة للمشهور و لو حملت علی ظاهرها فالظاهر عدم التخییر بل
______________________________
(1) الظاهر الضرر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 467
و لو قبض البعض تخیر فی الفسخ فی الجمیع و المتخلف و الصبر (1)
______________________________
له الإلزام بأخذ حقه علی أی وجه أمکن فإن أبی و لم یمکن أخذه منه فله المقاصة و لو حملت علی ما إذا تعذر المسلم فیه فتکون موافقة لما ستحکیه عن السید عمید الدین کان مخالفا لمختاره فی غیره و لسائر الأصحاب و لم ینقلوا عنه فی ذلک خلافا و احترز بالعارض عما لو کان التأخیر باختبار المشتری و رضاه مع بذل البائع له فإنه لا فسخ حینئذ لاستناده إلی تقصیره کما صرح به جماعة و العبارة بمفهومها تشمل ما لو کان التأخیر اقتراحا أو تفریطا من البائع خاصة و نحوها عبارة الشرائع و قد حکم فی التذکرة و جامع المقاصد و المسالک فی هذه الصورة بأن الخیار باق کما لو کان التأخیر لعارض لتضرر المشتری فی الصورتین و أنه کالعیب المتجدد فی ید البائع فإنه یوجب للمشتری الخیار و لا فرق بین أن یطالب بالأداء و عدمه نعم لو رضی بالتأخیر ثم عرض المانع فالمتجه سقوط خیاره کما مر کما فی جامع المقاصد و المسالک و غیرهما و لا ینافیه إطلاق النص لعدم شموله علی الظاهر لما نحن فیه (و هناک قول ثالث) نقله الشهید فی حواشیه عن السید عمید الدین و هو أنه إن شاء طالب بقیمة المسلم فیه عند الأداء و استحسن هذا القول فی المیسیة و المسالک و الروضة و قال به أو مال إلیه شیخنا صاحب الریاض و لم أجد لهم موافقا إلا ما لعله یحتمل من عبارة الإرشاد و فی إیضاح النافع أن ظاهر الأصحاب علی خلافه (قلت) الأمر کما ذکر و فی الکفایة أن صحیحتی محمد بن قیس تدفع هذا القول (قلت) لأنه علیه السلام قال فیهما لا یأخذ إلا رأس ماله و نحوهما موثقة بن بکیر و هناک أخبار آخر دلت علی جواز أخذ ما زاد أو نقص و یأتی بعون اللّٰه وجه الجمع ففی استدلال صاحب الکفایة بهما فی المقام تأمل (و الغرض) فیما نحن فیه بیان أن المشتری لیس مخیرا بین أن یأخذ من البائع قیمة سعر الوقت و بین الفسخ و الصبر فإذا اختار الأخذ بقیمة سعر الوقت ألزم البائع کما یلزم بما إذا اختار الفسخ أو الصبر و أما أن له أن یأخذ بقیمة سعر الوقت بزیادة أو نقصان إذا تراضیا فمسألة أخری محل خلاف و المشهور الجواز کما یأتی بیان ذلک کله إن شاء اللّٰه تعالی و من هنا ظهر أنه لو قال البائع لا تصبر و خذ دراهمک لا تجب الإجابة کما فی التذکرة هذا و فی حکم انقطاعه عند الحلول موت المسلم إلیه قبل الأجل و قبل وجوده نظرا إلی أنه دین فیشمله عموم ما دل علی حلول ما علی المیّت من الدین بالموت کما صرح به فی التذکرة و التنقیح و المیسیة و المسالک و الروضة و الریاض (و لیس) هذا الخیار فوریا للأصل السالم عن المعارض کما صرح به الشهیدان و المقداد و الشیخ إبراهیم القطیفی بل لو صرح بالإمهال لم یسقط کما صرح الشهید الثانی و توقف فیه فی التذکرة فاحتمال وجوب الصبر و عدم الالتفات إلیه فی طلب الفسخ فأشبه إجازة زوجة العنین و احتمل أن له الفسخ و لا یکون ذلک إسقاط حق فأشبه زوجة المولی إذا رضیت بالمقام ثم ندمت و کذا توقف فی الدروس و التنقیح و علی الأول فله الرجوع بعد الإمهال و الصبر إلی أحد الأمرین المخیر بینهما ما لم یصرح بإسقاط الخیار و یسقط معه کما فی الدروس و الروضة و الفرق بین هذا و بین ما إذا رضی بالتأخیر ثم عرض المانع فلیتأمل
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو قبض البعض تخیر فی الفسخ فی الجمیع و المتخلف و الصبر)
کما نص علی ذلک الشیخ فی المبسوط و المحقق و المصنف فی التذکرة و التحریر و الشهیدان و المحقق الثانی و کذا الفاضل المقداد التفاتا فی الأول إلی أن تبعض الصفقة عیب و المسلم فیه إنما هو المجموع و قد تعذر و فی الثانی إلی أنه هو الذی تعذر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 468
و لو تبین العجز قبل المحل احتمل تنجیز الخیار و تأخیره (1)

[البحث الثانی فی أحکامه]

اشارة

(البحث الثانی فی أحکامه) لا یشترط ذکر موضع التسلیم علی إشکال (2) و إن کان فی حمله مئونة فلو شرطاه تعین و لو اتفقا علی التسلیم فی غیره جاز و مع الإطلاق ینصرف وجوب التسلیم إلی موضع العقد و لو کانا فی بریة أو بلد غربة و قصدهما مفارقته قبل الحلول فالأقرب عندی وجوب تعیین المکان
______________________________
فله الرجوع إلی ثمنه و عملا بالمعتبرة منها الصحیحان ففی أحدهما أ رأیت إن أوفانی بعضا و عجز عن بعض أ یجوز أن آخذ بالباقی رأس مالی قال نعم ما أحسن ذلک و فی الآخر لا بأس إن لم یقدر الذی علیه الغنم علی جمیع ما علیه أن یأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثیها و یأخذ رأس مال ما بقی من الغنم دراهم و الأصح أن للبائع الفسخ إن فسخ المشتری فی البعض لتبعض الصفقة علیه کما صرح به فی التحریر و جامع المقاصد و فی الدروس و التنقیح و المیسیة و الروضة و المسالک و الکفایة أنه قوی و قیده الشهیدان و المقداد و المیسی بما إذا لم یکن التأخیر بتفریطه و فی جامع المقاصد أن هذا التقیید ظاهر و فی التذکرة لا خیار للبائع لأن التبعیض جاء من قبله (فتأمل) و فی إیضاح النافع أنه لا خیار للبائع
(قوله) (و لو تبین العجز قبل المحل احتمل تنجیز الخیار و تأخیره)
لم یرجح کالإیضاح و الدروس و التنقیح و الأصح التأخیر و توقفه علی الحلول کما فی جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الریاض اقتصارا فیما خالف الأصل الدال علی لزوم العقد علی مورد النص و الإجماع و التفاتا إلی عدم وجود المقتضی له الآن إذ لم یستحق حینئذ شیئا و هذا الخلاف مأخوذ من الخلاف فیما إذا حلف لیأکلن هذا الطعام غدا فتلف قبل الغد من فعله أنه یحنث فی الحال أو یتأخر إلی الغد
(البحث الثانی فی أحکامه) (قوله) (لا یشترط ذکر موضع التسلیم علی إشکال)
اختلف الأصحاب فی اشتراط ذکر موضع التسلیم فی العقد مع اعتراف جملة منهم بأنه لا نص فیه علی أقوال أحدها اشتراطه مطلقا و هو خیرة الخلاف نسبه إلیه جماعة قال إذا کان السلم مؤجلا فلا بد من ذکر موضع التسلیم فإن کان فی حمله مئونة فلا بد من ذکره إلی أن قال الصحیح أنه یجب ذکر الموضع و المئونة دلیلنا طریقة الاحتیاط لأنه إذا ذکر الموضع و المئونة صح السلم بلا خلاف و إذا لم یذکرهما لا دلیل علی صحته هذه عبارته و قد نسب إلیه فی التحریر القول بأنه إن کان فی حمله مئونة وجب و إلا فلا (و هذا) نسبه جماعة إلی المبسوط قال فی المبسوط و یجب أن یذکر موضع التسلیم و إن کان لحمله مئونة وجب ذکره و إن لم یکن له مئونة لا یجب ذلک و کان ذکره احتیاطا و ما نسبوه إلی الخلاف قربه فی الدروس و قواه فی جامع المقاصد و احتاط به الشهیدان فی حواشی الکتاب و المسالک و فی الروضة و المفاتیح أنه أولی و استحبه أبو علی علی ما حکی و فی السرائر أنه لم یذهب إلیه أحد من أصحابنا و لا ورد به خبر عن أئمتنا علیهم السلام و إنما هو أحد قولی الشافعی اختاره شیخنا أ لا تراه فی استدلاله لم یتعرض لإجماع الفرقة و لا أورد خبرا فی ذلک (انتهی) و رده فی المختلف بأنهم نصوا علی اشترط الوصف و هو یتناول المکان لأن الأین من جملة الأوصاف اللاحقة للماهیة فتکون الأخبار دالة علیه (انتهی) و فیه أن الوصف عبارة عما یفرق به بین أصناف النوع و لهذا عدوا من الشرائط الوصف علی حده و عدوا موضع التسلیم علی حده و لیس فی الأخبار ما یدل علی استقصاء الأوصاف حتی یتعدی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 469
..........
______________________________
إلی مثل هذا (فلیتأمل جیدا) و علی هذا القول لا بد فی تشخیص المکان من ذکر محل لا یختلف الحال فی جهاته و أجزائه عرفا کالبلد المتوسط فما دونه و القطعة من الأرض کذلک بحیث لا یفرق بین أجزائها و لا تحصل کلفة زائدة فی جهة منها دون جهة لا مطلق البلد و لا الموضع الشخصی الصغیر (و احتجوا علیه) بعد الاحتیاط بأن مکان التسلیم مما تختلف فیه الأغراض و یختلف باختلافه الثمن و الرغبات فإنه قد یکون بعیدا من المشتری فلا یرغب فی تکثیر الثمن و لا فی الشراء علی بعض الوجوه و قد یکون قریبا فینعکس الأمر و کذلک القول فی البائع قالوا و لجهالة موضع الاستحقاق لابتنائه علی موضع الحلول المجهول و لهذا فارق القرض المحمول علی موضع الحلول لکون موضع التسلیم فی القرض معلوما (و أما النسیئة) فخرجت بالإجماع علی عدم اشتراط تعیین محله و معناه أن السلم لما افتقر إلی ذکر موضع التسلیم عند العقد ظهر الفرق بینه و بین القرض الذی یستغنی عنه فإن موضع التسلیم فیه محمول علی موضع الحلول و لا یحتاج إلی علمه أولا بخلاف السلم فیجب العلم بموضع التسلیم فیه عند العقد قضیة للفرق و هو معنی الاشتراط (القول الثانی) عدمه مطلقا و قد استظهروه من الشیخ فی النهایة حیث لم یذکره فی الشرائط فیکون ظاهر النافع و غیره مما لم یذکر فیه فی الشرائط أو سکت علی ما فی النافع و غیره ککشف الرموز و التنقیح و المهذب البارع و المقتصر و إیضاح النافع و غیرها و هو خیرة السرائر و الشرائع و التحریر و الإرشاد و اللمعة و هو المنقول عن الحسن بن عیسی العمانی و فی السرائر نفی الخلاف عنه و الظاهر عندی أنه المشهور (و یرشد) إلیه قوله فی الإیضاح من أن الأصحاب نصوا علی انصراف الإطلاق إلی موضع العقد و کلامه هذا مؤذن بالإجماع و یشهد له التتبع و ما فی السرائر و قد استندوا فیه إلی الأصل و عموم أدلة جواز هذا البیع و خصوصها مع خلوها عن اشتراط ذکر موضع التسلیم مع عدم المانع و الإجماع علی عدم اشتراطه فی باقی أنواع البیوع و إن کان مؤجلا (و أما) الجهالة و احتمال النزاع و اختلاف الأغراض فتندفع بانصرافه إلی موضع العقد کما هو نص الأصحاب کما سمعته عن الإیضاح أو موضع یقتضیه العرف کما فی سائر البیوع و العقود و الظاهر أن کلام الأصحاب و حکمهم بانصرافه إلی موضع العقد مقید بما إذا لم یکونا فی غربة أو بریة (و ثالثها) التفصیل بأنه إن کان فی حمله مئونة وجب تعیین المحل و إلا فلا و قد نسبوه إلی المبسوط و قد سمعت عبارته و هو خیرة الوسیلة و قد نسبه فی التحریر إلی الخلاف و استجوده و وجهه یعرف مما تقدم فی القول الأول فإن الأغراض إنما تختلف فی محل یفتقر إلی المئونة و أما غیره فلا و فیه ما مر (و رابعها) التفصیل لکن بنحو آخر و هو أنه إن کانا فی بریة أو بلد غربة قصدهما مفارقته اشترط تعیینه و إلا فلا و هو خیرة الکتاب و المختلف و تعلیق الإرشاد و فی جامع المقاصد أنه أولی و لیس المراد من البریة و بلد الغربة حقیقتها خاصة بل هما علی سبیل المثال و إنما المعتبر بلدهما و ما فی حکمه فمتی کانا خارجین عنه و عما فی حکمه عرفا اعتبر تعیین المکان عند هؤلاء لاقتضاء الدلیل ذلک و قد یفهم من عبارة الکتاب و غیرها أن قصد أحدهما مفارقته لا یوجب التعیین و لیس کذلک بل لا فرق بین أن یکون قصدهما معا أو قصد أحدهما و کذا لو کان أحدهما غریبا دون الآخر کما نص علی ذلک فی جامع المقاصد و المسالک و الوجه فیه أنهما متی کانا فی بریة أو بلد لا یجتمعان فیه لم یمکن التسلیم فی مکان العقد فتعین أحد الأمکنة دون الآخر یفضی إلی التنازع لجهالته أما إذا کانا فی بلد یجتمعان فیه فإن إطلاق العقد یقتضی التسلیم فی بلده و لأن فی تعیین المکان غرضا و مصلحة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 470
و یجب أن یدفع الموصوف فلو دفع غیر الجنس لم یجب القبول و کذا الأردی و لو کان من الجنس مساویا أو أجود وجب (1)
______________________________
لهما فأشبه تعیین الزمان و أورد علیه بعض من تأخر کالمقدس الأردبیلی بأن ما ذکروه من أن الإطلاق یقتضی وجوب التسلیم فی مکان العقد مما لم یدل علیه دلیل فینبغی صرف الإطلاق إلی موضع یقتضیه العرف کما فی سائر البیوع و العقود خصوصا النسیئة (قلت) قد طفحت عباراتهم بأنه مع الإطلاق ینصرف إلی بلد العقد و ظاهر الإیضاح الإجماع علی ذلک کما عرفت بل هو فی مجمع البرهان اعترف بذلک حیث قال إن ذلک ظاهر کلام الأصحاب فإن کان له دلیل من إجماع أو غیره و إلا فالظاهر ما یقتضیه العرف (انتهی) ثم إنک قد علمت الحال فی إطلاق کلام الأصحاب و أنه مقید بما إذا کانا معا فی بلد العقد فیکون الدلیل علیه العادة و العرف بل المتعارف فی أکثر البلدان أن من أسلم فی طعام و نحوه یأتیه به المسلم إلیه إلی بیته کالحطب و الماء کما اعترف به هو فی حاشیة کتابه (و خامسها) أنه إن کان لحمله مئونة أو لم یکن المحل صالحا کالبریة اشترط تعیینه و إلا فلا و قد نسبوه إلی التذکرة و فی المیسیة أنه أولی و وجهه مرکب من القولین السابقین (قلت) هذا القول نقله فی التذکرة عن بعض الشافعیة و قال إنه عندی أقرب ثم قال فی آخر المسألة و یحتمل قویا أنه لا یشترط ذکر موضع التسلیم و إن کان فی حمله مئونة إذ مع الإطلاق ینصرف إلی موضع العقد و لو کانا فی بلد غربة أو بریة و قصدهما مفارقته قبل الحلول فالأقرب وجوب تعیین المکان و فی المسالک بعد نقل الأقوال المذکورة قال و لکل من الأقوال وجه إلا أن الأخیر یضعف السابقین علیه و یبقی الإشکال فی ترجیح أحد الثلاثة فأصالة البراءة و حمل الإطلاق فی نظائره علی موضع العقد یرجح عدم الاشتراط و اختلاف الأغراض و عدم الدلیل الدال علی تعیین العقد فی المتنازع یؤید الاشتراط و وجه الأخیر ظاهر و لا ریب أن التعیین مطلقا أولی و أنا فی ترجیح أحدهما من المترددین و التردد ظاهر الإیضاح و الکفایة (و سادسها) ما فی مجمع البرهان من أنه إن کان مقتضی العادة و القرینة شیئا و إلا انصرف إلی موضع الحلول لأن مقتضی العقد وجوب تسلیم المبیع عند الحلول فی أی مکان کان مع وجود المسلم فیه عادة و عدم قرینة إرادة خلافه لکن ظاهر کلام الأصحاب أن موضع التسلیم موضع العقد (انتهی)
(قوله) (و یجب أن یدفع الموصوف فلو دفع غیر الجنس لم یجب و کذا الأردی و لو کان من الجنس مساویا أو أجود وجب)
إذا أتی المسلم إلیه بالمسلم فیه فلا یخلو من ثلاثة أحوال إما أن یأتی به علی صفته أو یأتی به دون صفته أو فوق صفته فإن کان علی صفته لزمه قبوله لأنه أتی بما تناوله العقد فإن امتنع قیل له إما أن تقبله و إما أن تبرئه لأن للإنسان غرضا فی إبراء ذمته من حق غیره و لیس لک أن تبقیه فی ذمته بغیر اختیاره و براءته تحصل بقبض ما علیه أو إبرائه فأیهما فعل جاز فإن امتنع قبضه الإمام أو النائب عنه عن المسلم إلیه و ترکه فی بیت المال إلی أن یختار قبضه أو یبرئ المسلم إلیه منه و لم یجز للحاکم إبراؤه منه بالإسقاط عن ذمته لأن الإبراء لا یملک بالولایة و قبض الحق یملک بالولایة و فی السرائر و ظاهر المبسوط أن لیس للحاکم إجباره علی قبضه کما أنه لیس له إجباره علی الإبراء و استبعده الشهید فی الدروس و یأتی لهذا قریبا مزید تحقیق عند تعرض المصنف له عند شرح قوله الثالث یجب قبول المثل (و قد استوفی) المصنف الکلام فی هذه المسألة و غیرها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 471
..........
______________________________
فی باب القرض فنحن بلطف اللّٰه سبحانه و تعالی نستوفی الکلام هناک و إن أتی به دون صفته لم یلزمه قبوله و لا یجبر علی قبضه لأن ذلک إسقاط صفة استحقها فلا یجبر علی أخذه و إن کان أجود من وجه آخر کما نص علیه الشیخ فی المبسوط و المحقق و المصنف فی التحریر و الشهیدان و غیرهم و لو رضی المسلم بذلک صح (و لو کان ذلک) لأجل التعجیل بلا خلاف کما فی الریاض و ظاهر الخلاف حیث قصر الخلاف علی الشافعی و قال فی الریاض بل فی الغنیة الإجماع علیه (و الموجود) فیها یجوز التراضی علی تقدیم الحق عن أجله بشرط النقص منه بدلیل الإجماع «انتهی» (فتأمل) و النصوص بذلک مستفیضة کصحیحة الحلبی قال سئل أبو عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یسلم فی وصفاء بأسنان معلومة و لون معلوم ثم یعطی دون شرطه أو فوقه قال إذا کان عن طیبة نفس منک و منه فلا بأس و مثلها صحیحة سلیمان بن خالد و خبر معاویة و خبر أبی بصیر المروی فی الکافی و الفقیه و التهذیب و الوصفاء جمع وصیف کأسیر و هو الخادم و الخادمة و مثله ما لو رضی بغیر الجنس أو النوع کما صرح به فی المبسوط و الخلاف و جملة مما تأخر عنه و إذا دفع إلیه غیر الجنس و لم یرض فلا یجب إجماعا کما فی التذکرة و أما إذا أتی به فوق صفته فلا یخلو إما أن یأتی به من نوعه فوق صفته أو أکثر من قدره أو یکون جنسا آخر أجود منه أو نوعا آخر أجود منه فإن أتی من نوعه بأجود منه فإنه یجبر علی قبضه لأنه أتی بما تناوله العقد و زیادة الصفة تابعة للعین و هی منفعة لا تضره کما فی المبسوط و الشرائع و التذکرة و الإرشاد و التحریر و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و غیرها و فی المختلف و الکفایة و الریاض أنه المشهور و فی الحدائق أنه ظاهر الأصحاب و لم یرجح فی المختلف و حکی فیه و فی الدروس عن أبی علی أنه لا یجب و وافقه علی ذلک المولی الأردبیلی لمفهوم خبر سلیمان بن خالد الذی سمعته آنفا و لعدم الدلیل علی وجوب قبول الإحسان کما فی الهبة لیستطیع الحج و قواه الخراسانی و البحرانی و شیخنا صاحب الریاض و استدل علیه المولی البحرانی بقول الصادق علیه السلام فی خبر الحلبی و لا یأخذون فوق شرطهم و هو طریف لأن الخبر ورد فی مقام آخر و هو أنه إذا لم یقدر المسلم إلیه علی جمیع ما علیه أخذ مقدر علیه و أخذ رأس مال ما بقی و أنه لا یأخذ ما فوق الشرط لأنه ربما یضمه الجاهل إلی رأس مال ما بقی فیقع فی الربا فلیلحظ الخبر و قال أیضا فی مجمع البرهان ما حاصله لأن کانت العبارة غیر نقیة عن الغلط إن الأولی قبول الأجود من أفراد ما أسلم فیه و ما صدق علیه اسم المسلم فیه مثل ما إذا دفع عبدا کاتبا یعرف أدنی الکتابة و کذا الأولی قبول من یعرف کتابة حسنة جیدة قال و هو ظاهر و لعله مراد المصنف ثم ذکر ما نقلنا عنه آنفا فقال (و أما قبول الأجود مما شرط فالظاهر عدم قبوله انتهی) و الأصح ما علیه المشهور لأن المفروض أنه أسلم فی موصوف و أن الأجود من النوع الموصوف فیشمله اسم المسلم فیه فإذا أتی بأوسط درجات ذلک النوع الموصوف أو ما فوقه وجب القبول لصدق اسم المسلم فیه علیه کما إذا أتی بأقل درجات ذلک الوصف و النوع لأصالة البراءة من اعتبار الزائد و لیس فی الخبر الذی استندوا إلیه ظهور و لا إشعار بما قالوه لأنه ظاهر فی التوزیع المرتب لأنه ذکر فیه أنه یعطی دون شرطه و فوقه فقال علیه السلام إذا أخذت الدون عن طیبة نفس منک فلا بأس لأنه لا یجب علیک أخذ الدون لأنک أسلمت فی موصوف أسنان معلومة و لون معلوم و الدون لیس منها و إذا دفع إلیک ما فوق عن طیبة نفس منه فلا بأس لأنه لا یجب علیه دفعه کما هو ظاهر لا شبهة فیه و إن کانت فإنما هی فی الشق الأول و لا بد من تنزیله علی ما ذکرنا و هو الذی فهمه الشیخ فی النهایة من الخبر فالإتیان بالواو فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 472
و لو اتفقا علی أن یعطیه أردی منه و أزید فإن کان ربویا لم یجز علی إشکال (1) و إلا جاز و لیس له إلا أقل ما یتناوله الوصف (2)
______________________________
قوله و منه لا یشعر بما قالوه کما یظهر لمن أجاد النظر و لو أراد ذلک فقال منکما لأنه أخصر و أظهر و الإتیان بأو یوهم خلاف المراد و ذکر الإحسان إنما صدر من بعض المتأخرین تقریبا للأذهان (نعم) یبقی الإشکال فیما لو أسلم فی ردی‌ء فجاء بالأجود فإنه لا یندرج فی مسمی الردی الذی أسلم فیه و ظاهرهم غیر أبی علی وجوب القبول و التأویل ممکن «1» (فتأمل) و قد تقدم عند شرح قوله و یجوز اشتراط الجید و الردی ما له نفع تام و إن أتی بنوعه بأکثر منه لم یلزمه قبول الزیادة لأن الزیادة لیست تابعة لأن تمییزها ممکن فیکون هبة فلا یجبر علی قبولها بلا خلاف کما فی الریاض و الأمر کما ذکر و قد یلوح من التذکرة أنه لا خلاف فیه بین المسلمین و هو الحجة و إلا فالتعلیل کما تری و فی مجمع البرهان أن هذا إذا کان الزائد ممتازا و أما إذا کان ممزوجا یعسر تخلیصه فینبغی القول بالقبول ثم قال ینبغی التسامح فی القضاء و الاقتضاء فلو کان له غرض صحیح بعدم أخذ الزیادة فهو حسن و إلا ینبغی القبول مع الدعاء لصاحبه «انتهی» و أما إذا أتی به من جنس آخر أو من نوع آخر من جنسه و هو خیر منه فإنه لا یجبر علی القبول فی الموضعین کما صرح به فی المبسوط و الخلاف و غیرهما و قد سمعت إجماع التذکرة و فی الخلاف و المبسوط إذا جاء بالمسلم فیه أجود مما شرط من الصفة و قال خذ هذا و أعطنی بدل الجودة دراهم لم یجز و فی التذکرة لو جاء بالثوب المسلم فیه أجود مما شرط فأعطاه عوض الجودة شیئا جاز کما لو أسلم فی عشرة أذرع فجاءه بأحد عشر ذراعا و قال لو أعطاه عوضا عن الرداءة فالأقرب الجواز کما فی طریق الجودة
(قوله) (و لو اتفقا علی أن یعطیه أردی منه و أزید فإن کان ربویا لم یجز علی إشکال)
ینشأ من أنه هل هو بیع أو معاوضة و هل الربا یدخل فی کل معاوضة أو مقصور علی البیع کما فی حواشی الشهید و قصر فی الإیضاح و جامع المقاصد منشأ الإشکال علی الاحتمال الثانی و قال فی جامع المقاصد إن الأول لیس بظاهر إذ لا یعد ذلک بیعا و خیرة الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد فی المقام أن الربا یعم سائر المعاوضات و هو خیرة الشیخ و القاضی فیما حکی و الشهید الثانی لإطلاق الکتاب و السنة و فی الأخبار أیضا کان علی علیه السلام یکره أن یستبدل وسقین من تمر المدینة بوسق من تمر خیبر و لم یکن علیه السلام یکره الحلال إلی غیر ذلک من النصوص المؤید إطلاقها بعموم بعضها الناشئ من ترک الاستفصال و فی السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الکتاب فیما یأتی أن الربا خاص بالبیع اقتصارا فیما خالف الأصل علی المجمع علیه و حمل الإطلاق علی الفرد المتبادر و لیس هو إلا البیع و تردد المحقق و المصنف فی کتاب الصلح و هذا حدیث إجمالی و التفصیل یأتی فی محله بعون اللّٰه جل شأنه و لطفه
(قوله) (و لیس له إلا أقل ما یتناوله الوصف)
کما فی المبسوط و التحریر و التذکرة و هذا یغنی عن قوله و له أخذ
______________________________
(1) کأن تقول ما من جید و أجود إلا و فوقه أجود منه أو تقول إن الأصحاب لا یقولون هنا بوجوب القبول لأن الأجود نوع غیر الردی و فیه تأمل (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 473
و لیس له إلا أقل ما یتناوله الوصف و له أخذ الحنطة خالیة من التبن (1) و الزائد علی العادة من التراب و أخذ التمر جافا و لا یجب تناهی جفائه و لا یقبض المکیل و الموزون جزافا و له مل‌ء المکیال و ما یحتمله و لا یکون ممسوحا من غیر دق و لا هز (2) و لا یجوز بیع السلم قبل حلوله و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم و غیره علی کراهیة (3)
______________________________
لحنطة «إلخ» کما أشار إلیه فی التذکرة و صرح به فی جامع المقاصد
(قوله) (و له أخذ الحنطة خالیة من التبن)
و الشعیر و الشیلم و الزوان و الفصل لأن ذلک کله لا یقع علیه اسم الحنطة کما فی المبسوط و التذکرة و التحریر حیث لم یقید فیهما التبن و نحوه بالزائد علی العادة کما قید بذلک التراب فیها و فی الکتاب کما یأتی و لم یظهر لنا الوجه فی ذلک و فی جامع المقاصد الظاهر أن التقیید فی وجوب الأخذ بالخلو عن التراب عادة لا یقتصر فیه علی التراب بل التبن و کل خلیط یخرج الحنطة و نحوها عن اسم المسلم فیه إذا کثر کذلک و فی الدروس یجب خلو الحبوب من التراب و الغش (ظ) غیر المعتاد و خلو الحنطة من الشعیر «انتهی» و فی جامع المقاصد یمکن أن یقال إن هذا إذا شرط الصرابة أما إذا شرط ضدها فلا بحث نظرا إلی الشرط و لعله أشار إلی ما فی الدروس حیث قال بعد ما حکیناه عنه إلا أن یذکر اختلاطها به و فی المبسوط أنه إن کان موزونا لا یلزمه قبوله أصلا قلیلا کان أو کثیرا ففرق بین المکیل و الموزون فیما یخالطهما من التبن و التراب (فلیتأمل)
(قوله) (و له مل‌ء المکیال و ما یحتمله و لا یکون ممسوحا من غیر دق و لا هز)
و لا زلزلة و لا یضع الکف علی جوانبه کما فی التذکرة و نحوهما ما فی التحریر و جملة قوله ما یحتمله فی معنی المفسرة لمل‌ء المکیال و کونه غیر ممسوح لبیان أن المراد بملئه أقصی ما یحتمله و به تظهر فائدة قوله و ما یحتمله بعد قوله و له مل‌ء المکیال و قوله من غیر دق و لا هز حال من قوله مل‌ء المکیال أی لا یستحق مع مل‌ء المکیال واحدا منهما و هل یجوز فعل ذلک إذا تراضیا علیه و الذی ینبغی أن یقال أنه إن أفضی إلی تجهیل المبیع بأن تحصل زیادة تتفاوت بحیث لا یعلم قدرها و لا یتسامح بمثلها لم یجز و إلا جاز کما فی جامع المقاصد
(قوله) (و لا یجوز بیع السلم قبل حلوله و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم و غیره علی کراهیة)
عدم جواز بیع السلم قبل حلوله إجماعی کما فی کشف الرموز و التنقیح و ظاهر الغنیة و جامع المقاصد و مجمع البرهان و الکفایة و الحدائق و لا فرق فی ذلک بین کونه علی من هو علیه أو غیره حالا أو مؤجلا کما هو قضیة کلامهم و فی الریاض أنه لم یظهر له خلاف فی ذلک کله إلا من بعض من ندر ممن تأخر (قلت) قد تعطی عبارة الوسیلة خلافا فی المقام قال و إذا أراد أن یبیع السلف ما أسلف فیه من المستسلف عند حلول الأجل أو قبله بجنس ما ابتاعه بأکثر من الثمن الذی ابتاعه لم یجز و إن باع بجنس غیر ذلک جاز انتهی (فلیتأمل) و قد جوز الشهیدان و الفاضل المیسی الصلح علیه و هذا منهم بناء علی أن الصلح أصل لا فرع و من ندر ممن تأخر نظر إلی أنه حق مالی فیجوز بیعه و لا ینافیه عدم استحقاق المشتری له لتعلق عدم الاستحقاق بالمطالبة دون الملکیة فإنها حاصلة و إن لم یجز له قبل الأجل المطالبة و القدرة علی التسلیم المشترطة فی صحة المعاملة إنما هی فی الجملة لا حین إجراء عقد المعاملة و إلا لما صح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 474
و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم و غیره علی کراهیة (1)
______________________________
ابتیاع الأعیان الغائبة إلا بعد حضورها و القدرة علی تسلیمها حین المعاملة و ذلک معلوم الفساد فالأصل فی المسألة الإجماع نعم إذا باعه حالا بطل لعدم استحقاق المطالبة
(قوله) و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم و غیره علی کراهیة)
ذکر فی التذکرة أن لعلمائنا فی بیع ما لم یقبض خمسة أقوال الجواز علی کراهیة مطلقا و المنع مطلقا و المنع فی المکیل و الموزون مطلقا و الجواز فی غیرهما و المنع فی الطعام خاصة و المنع فی المکیل و الموزون خاصة إلا تولیة و هذه الأقوال لم ینقلها هکذا أحد بل ادعی الإجماع علی بیع ما عدا المکیل و الموزون (و علی کل حال) فالذی یظهر أن الأقوال أکثر من ذلک و قد اختار فی التحریر أنه یحرم بیع الطعام قبل قبضه إلا تولیة و هذا غیر القول الخامس لأن القول الخامس المنع فی المکیل و الموزون إلا تولیة و هو أعمّ و ما فی الکتاب کله صرح به فی موضع من الشرائع و التحریر و اللمعة و کذا التذکرة و الإرشاد غیر أنه لم یذکر الکراهیة فیهما و فی النهایة و موضع من المبسوط و الشرائع و الإرشاد و التحریر و الکتاب أیضا و الدروس أنه من ابتاع متاعا لم یقبضه ثم أراد بیعه کان مکروها إذا کان مما یکال أو یوزن و هو خیرة الإیضاح و التنقیح و جامع المقاصد و مجمع البرهان و المحکی عن المفید و القاضی فی الکامل و فی موضع من المبسوط و التذکرة و المیسیة و المسالک فی موضعین منه و الروضة المنع من ذلک و هو المنقول عن الحسن بن عیسی بل فی باب القبض من المبسوط الإجماع علی أنه لا یجوز بیع المسلم فیه قبل القبض علی من هو علیه و علی غیره و فی موضع من المبسوط الإجماع علی المنع منه فی الطعام کالغنیة و فی الخلاف یجوز بیع ما عدا الطعام ما لم یقبض و هو خیرة القاضی فی المهذب و هو الذی استظهره فی موضع من التذکرة علی إشکال له فیه و فی التحریر یحرم إذا کان طعاما إلا تولیة و فی موضع آخر من المبسوط المنع عن بیع ما لم یقبض مطلقا و لو کان مال کتابة کما ستعرف (و فی النافع) عین ما فی الکتاب إلا أنه خصص الکراهیة بالطعام و أبو جعفر الطوسی منع من بیع الطعام قبل القبض سواء کان مبیعا أو قرضا و قال إن غیر الطعام یجور بیعه قبل القبض علی کل حال إلا أن یکون سلفا و أبو الصلاح قال یصح بیع ما استحق تسلیمه قبل أن یقبضه و ینوب قبض الثانی عن الأول و أطلق و فی المقنع لا یجوز أن یشتری الطعام ثم یبیعه قبل أن یقبضه و روی فی حدیث أنه لا بأس أن یشتری الطعام ثم یبیعه قبل أن یقبضه و نقل عن الشهید أنه حکی عن کثیر من الأصحاب منهم ابن أبی عقیل القول بالتحریم مطلقا طعاما کان أو غیره و قد سمعت ما وجدنا حکایته عن ابن أبی عقیل و فی موضع من الدروس الأقرب الکراهیة فی المکیل و الموزون و تتأکد فی الطعام و آکد منه إذا باعه بربح و نحوه ما فی موضع من النافع و کشف الرموز و فی التحریر فی آخر بحث الصبرة أن بیع الطعام قبل قبضه مکروه عندنا و ظاهره الإجماع علیه و جوز فی المراسم البیع بعد الأجل و أطلق و لم یفصل و قال فی موضع آخر یجوز بیع الدین قبل قبضه و فی دین السرائر أنه لا یصح بیعه علی غیر من هو علیه لأنه غیر معین و قال فی سلف السرائر یجوز بیعه علی الذی هو علیه بزیادة أو نقصان من دون ذکر کراهیة و ظاهر الشیخ فی التهذیب المنع من البیع بالدراهم إذا کان الثمن الأول کذلک للخبر و قد حملا علی ما إذا تفاوت الثمن بالزیادة و نسب فی کشف الرموز إلی الشیخ و أتباعه جواز بیعه علی من هو علیه و علی غیره و نسب الخلاف إلی ابن إدریس فی باب الدین و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 475
..........
______________________________
التنقیح الإجماع علی صحة بیعه علی من هو علیه و فی التحریر یجوز بیع ما لا یکال و لا یوزن قبل قبضه إجماعا هذا کلامهم فی ما یتعلق فی المنع و الجواز مع الکراهة و بدونها و البیع علی من هو علیه و غیره مع قطع النظر عن التفاوت بزیادة الثمن و عدمه و هذا الذی ذکرناه من أقوالهم نقلناه من کلامهم فی المقام و فی باب بیع ما لم یقبض بناء منا علی أن المسألتین من سنخ واحد کما هو الظاهر من کلماتهم و ملاحظة أدلتهم و قضیة قواعدهم و صریح بعضهم لکن بیع الدین قبل قبضه و بعد حلوله إذا لم یکن سلما مما لا خلاف فیه علی الظاهر إلا من ابن إدریس کما سمعت و من ابن حمزة فی الوسیلة إذا کان طعاما کما عرفت و ذلک لیس مما نحن فیه لأن الخلاف فیما نحن فیه من المکیل و الموزون مبیعا و کراهیة إنما هو فیما إذا کان انتقل إلیه بالبیع و أراد نقله به (و أما فی صورة التفاوت) فالمفید و الحلیون علی الجواز کما فی الدروس قال و هو ظاهر مرسلة أبان و مکاتبة ابن فضال (قلت) و هو خیرة المختلف و ظاهر النهایة و موضع من المبسوط و موضعین من الشرائع و غیرها کما أسمعناک ذلک کله و قد وافقهم أبو المکارم و أبو الصلاح فیما حکی عنه فیما إذا باعه علی غیر من هو علیه و ادعی الأول الإجماع علیه و قد سمعت ما فی المراسم و ما فی السرائر فی موضعین منها و فی الحدائق أن هذا القول مشهور بین الأصحاب علی کراهیة فی المکیل و الموزون (حجة هذا القول) الأصل و العمومات السلیمة عما یصلح للمعارضة سوی صحاح غیر صریحة الدلالة علی وقوع المعاملة الثانیة فیحتمل ورودها فی الفسخ خاصة و لا ریب حینئذ فی المنع عن الزیادة مع التجانس فی الکیل و الوزن و ما روی فی الکافی و التهذیب عن أحمد عن ابن أبی عمیر عن أبان عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یسلف الدراهم فی الطعام إلی أجل فیحل الطعام فیقول لیس عندی طعام و لکن انظر ما قیمته فخذ منی ثمنه قال لا بأس بذلک و هذا الخبر یلحق بالصحیح و بالموثق عند جماعة و قد عضده مکاتبة ابن فضال و مکاتبة علی بن محمد قال کتبت إلیه (الحدیث) و خبر علی بن جعفر فإنه بإطلاقه شامل لما نحن فیه صریح فی الربح (و قوله علیه السلام) لم یصلح ظاهر فی الکراهیة و الخبر صحیح علی الصحیح لأن طریق الشیخ إلی علی بن جعفر صحیح فقول بعضهم أنه ضعیف غفلة و ذهب الشیخ فی موضع من النهایة و أبو جعفر فی الوسیلة إلی أنه فی صورة التفاوت بالزیادة لا یجوز و هو المحکی عن أبی علی و العمانی و القاضی و حمل علیه کلام التهذیب و هو قضیة کلام أبی المکارم فیما إذا باعه علی المسلم علیه بجنسه و فی الدروس أنه مذهب الأکثر و الروایة به أشهر (و حکی صاحب الریاض) عن أبی الصلاح نقل الإجماع علیه و ادعی أنه أی الإجماع ظاهر الغنیة و الموجود فی الغنیة ما أسمعناکه أولا و آخرا و الأخبار الدالة علیه صحیحتا محمد بن قیس و صحیحة سلیمان بن خالد و صحیحة یعقوب بن شعیب و موثقة عبد اللّٰه بن بکیر و غیرها و هذه الأخبار و إن قلنا إنها غیر صریحة الدلالة فی المعاملة الثانیة إلا أن منها ما هو ظاهر فی ذلک کإحدی صحیحتی محمد بن قیس الواردة فی رجل أعطی رجلا ورقا فی وصیف إلی أجل مسمی فقال له صاحبه لا أجد لک وصیفا خذ منی قیمة وصیفک الیوم ورقا فقال لا یأخذ إلا وصیفه أو ورقه الذی أعطاه أول مرة و لا یزداد علیه شیئا و کقوله علیه السلام فی صحیحه الآخر فلا یأخذ إلا رأس ماله لٰا تَظْلِمُونَ وَ لٰا تُظْلَمُونَ و لو سلم عدم الظهور فإطلاقها یشمل المعاملة الثانیة و هذا بالنظر إلی الأصل و العمومات خاص فلیقدم علی أن أخبار القول الأول قابلة للحمل علی صورة عدم الزیادة مع الفسخ و الإقالة أو عدم المجانسة و لا ریب فی ذلک نصا و فتوی ففی صحیحة العیص بن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 476
..........
______________________________
القاسم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتی إذا حضر الأجل لم یکن عنده طعام و وجد عنده دوابا و رقیقا و متاعا أ یحل له أن یأخذ من عروضه تلک بطعامه قال نعم یسمی کذا و کذا صاعا و هذا الخبر کصحیح محمد بن قیس و غیره صریح فی جواز بیع الطعام علی من هو علیه قبل القبض من دون کراهیة فضلا عن الحرمة و لعل من کره أو حرم نظر إلی إطلاق النصوص المانعة من بیعه قبل قبضه (و فیه) أن هذه مقدمة لخصوصها لکن فی مواردها و هو البیع علی من هو علیه خاصة و لعل القول بها علی الإطلاق غیر بعید تفصیا من شبهة الخلاف و دعوی الإجماع و الإطلاق المشار إلیه (و لیعلم) أن أکثر الأخبار المانعة مصرحة بالطعام و أطلق فی صحیحة منصور بن حازم و معاویة بن وهب النهی عن بیع کل المکیل و الموزون إلا تولیة و هل یحمل المطلق علی المقید فی المقام أو لا لعدم التنافی حتی یجمع بینهما بالحمل علی المقید (و قد تحصل) من هذین القولین أن البیع قبل القبض بمجانس الثمن ربویین کانا أو لم یکونا إذا لم یکن بین الثمنین الربویین تفاوت بزیادة و لا نقیصة مما اتفق علیه أصحاب هذین القولین (و یدل) علیه بعد الأصل و العمومات الأخبار الصحاح و المعتبرة و مواردها و إن اختصت بالبیع علی المسلم (لکن) القائل بالفصل نادر (و المراد) بالطعام الحنطة و الشعیر لأنه معناه شرعا کما نبهوا علیه فی مواضع منها حل طعام أهل الکتاب و به صرح فخر الدین کما حکی عنه و استجوده بعض المتأخرین اقتصارا فیما خالف الأصل علی المتیقن و قیل المراد به کل ما أعد للأکل کما هو موضوعه لغة و حکی الشهید فی باب القبض عن المصنف فی التحریر أنه الحنطة خاصة و هو محکی عن بعض أهل اللغة و علی القول بالمنع مطلقا أو علی بعض الوجوه هل یقع البیع باطلا أو یأثم خاصة یبنی علی أن النهی فی المعاملة یقتضی الفساد أو لا و فی المختلف و التنقیح أنه لا یبطل و إنما یأثم و بالبطلان صرح ابن أبی عقیل فیما حکی عنه و هو الأصح و من أراد الوقوف علی الأخبار فی الباب فلیلحظ الوافی فی المقام و فی باب بیع الشی‌ء بعد شرائه و قبل کیله أو قبضه لکن أخبار الباب علی کثرتها مخصوصة بالبیع علی من علیه الدین و أخبار بیع الشی‌ء قبل قبضه بعد ضم مطلقها إلی مقیدها و مجملها إلی مبینها ظاهرة فی البیع علی الغیر و قد یتخیل من ذلک أن المسألتین لیستا من واد واحد و لیس کذلک و إن أوهمته بعض الروایات أو احتمل من کلامهم فی بعض المقامات و من لحظ کلامهم و أدلتهم فی البابین علم اتحاد المسألتین (و هنا فوائد) طفحت بها عباراتهم و قد ذکرها فی التنقیح نافیا عنها الخلاف (قال الأولی) لم نسمع خلافا بین أصحابنا و غیرهم فی جواز بیع الأمانات قبل قبضها لتمام الملک و عدم کونها مضمونة علی من هی فی یده و کذا المملوک بالإرث إلا أن یکون الموروث ملکه بالشراء و لم یقبضه (قلت) فی الاستثناء نظر لأن انتقاله إلی الوارث بالإرث واسطة بین البیعین و کذلک الحال فی الصداق إذا کان المصدق اشتراه و لم یقبضه ثم أصدقه و أرادت المرأة بیعه و مثله عوض الخلع من جانب المرأة المشتریة له قبل القبض (و تمام الکلام) فی هذه الفروع فی المطلب الثانی فی الفصل الثانی فی التسلیم (الثانیة) لم نسمع خلافا أیضا بین أصحابنا فی جواز بیع ما ملک بغیر بیع کالصلح و غیره من العقود قبل قبضه (الثالثة) ظاهر أصحابنا أیضا و یکاد یکون إجماعا أن ما ملک بالبیع یجوز التصرف فیه و نقله قبل قبضه بما عدا البیع من النواقل و التصرفات کالصلح و الإجارة و المزارعة و المساقاة و الکتابة و العتق و الوقف و الرهن و الإصداق و التزویج و الصدقة و الإقراض إلا ما نقل عن المبسوط من منع الإجارة و الکتابة محتجا بأن الإجارة و الکتابة ضرب من البیوع و هو ممنوع (و قال الشهید) إنه احتج بأن الکتابة بیع العبد من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 477
و یجوز بیع بعضه و تولیته و تولیة بعضه (1) و یجوز أن یسلف فی شی‌ء و یشترط السائغ کالقرض و البیع و الاستسلاف و الرهن و الضمین (2)
______________________________
نفسه قالا (کذا فی نسختین) «1» و هو مع تسلیمه لا یستلزم المنع لأن العبد لیس مما یکال أو یوزن و إلیه یشیر کلام المختلف و قد یکون مراد المبسوط أن المکیل و الموزون هل یکاتب علیه قبل قبضه کما إذا کان بعضه حرا و قد اشتری طعاما لم یقبضه فکاتبه مولاه علی البعض الآخر بالطعام المذکور (الرابعة) لا خلاف أیضا أن غیر المکیل و الموزون لا حجر فیه علی حال إلا ما نقلناه من منع الشیخ من کتابة العبد (انتهی) و قد سمعت ما فی التذکرة عند نقل الأقوال فإنه ذکر الخلاف فیما نفی عنه الخلاف
(قوله) (و یجوز بیع بعضه و تولیته و تولیة بعضه)
کما صرح به فی الإرشاد و المختلف و التذکرة و التحریر و موضع من النافع و الشرائع و غیرها و فی الشرائع و النافع فی موضع آخر منهما نسبته إلی الروایة و فی المهذب البارع أنه لم یعرف عاملا بها و هو غریب و فی الکفایة أن المشهور جواز بیعه تولیة علی من هو علیه و علی غیره علی کراهیة فی المکیل و الموزون (انتهی) و لا تغفل عما ذکرناه آنفا من قولنا (و قد) تحصل من هذین القولین إلی آخره (و مما دل) علی بیع الجمیع تولیة صحیح منصور و خبر أبی بصیر و خبر معاویة بن وهب و صحیح علی بن جعفر و قد تضمن أیضا تولیة البعض کموثق سماعة لکن فی خبر علی بن جعفر جعل محل المنع فیها المرابحة و بینهما واسطة و فی المبسوط لا تجوز فیه الشرکة و لا التولیة لأن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم نهی عن بیع ما لم یقبض و قال من أسلف فی شی‌ء فلا یصرفه إلی غیره هذا إذا کان قبل القبض (انتهی) و هل یصح بالوضیعة لمفهوم الصحیحة التی قال فیها إذا ربح لم یصلح حتی یقبض و احتمال ورود الإطلاقات و استثناء التولیة خاصة مورد الغلبة لکون الوضیعة بالمعاملة نادرة أو لا یصح للخبر الذی قال فیه لا بأس أن یولیه کما اشتراه إذا لم یربح فیه أو یضع و لزوم الاقتصار فیما خالف إطلاقات المنع علی ما تضمنته الروایة (فلیتأمل) و یأتی لهذا مزید تتمة نافعة فی المطلب الثانی فی التسلیم فلیلحظ
(قوله) (و یجوز أن یسلف فی شی‌ء و یشترط السائغ کالقرض و البیع و الاستسلاف و الرهن و الضمین)
کما فی النافع و التذکرة و الإرشاد و الدروس و نحوه ما فی الشرائع و التحریر و فی کشف الرموز ما نصه تواترت علی هذه المسألة ألفاظ الأصحاب من الثلاثة و سلار و کثیر من متابعیهم و ربما صرحوا بعبارة أبین من هذه و صورته لا بأس أن یبتاع الإنسان من غیره متاعا أو حیوانا أو غیر ذلک بالنقد و النسیئة و یشترط أن یسلفه البائع شیئا فی مبیع أو یستسلف منه فی شی‌ء أو یقرضه شیئا معلوما إلی أجل أو یستقرض منه و البیع صحیح و الوفاء به لازم و ربما یدعی علی هذه المسألة الإجماع (انتهی) ثم إنه استطرد مسألة القرض بشرط البیع و نحن قد کتبنا فیها رسالة منفردة استوفینا فیها الکلام و أسبغناه الإسباغ التام و الحکم فیما نحن فیه مما لا ریب فیه لأنه عقد قابل للشرط و قد شرط ما هو سائغ مما لا یوجب جهالة فی أحد العوضین فیجب أن یکون جائزا للأصل و لقوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قوله علیه السلام المؤمنون عند شروطهم و فی التذکرة نفی الخلاف عن اشتراط الرهن و الضامن (و الضمان خ ل) و هناک روایة قاصرة السند مجملة الدلالة تضمنت النهی عن سلف و بیع و عن بیعین فی بیع واحد و قد قیل إن المراد
______________________________
(1) هذه حاشیة لیست من الأصل.
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 478
و لو أسلف فی غنم و شرط أصواف نعجات معینة صح (1) و لو شرط کون الثوب من غزل امرأة معینة أو الثمرة من نخلة بعینها لم یلزم (2) البیع أما لو أسند الثمرة إلی ما لا تحیل عادة کالبصرة جاز

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لو أسلم عرضا فی عرض]

(الأول) لو أسلم عرضا فی عرض موصوف بصفاته فدفعه عند الأجل وجب القبول فلو کان الثمن جاریة صغیرة و المثمن کبیرة فجاء الأجل و هی علی صفة المثمن وجب القبول و إن کان البائع قد وطئها و لا عقر علیه و إن کان حیلة (3)
______________________________
منها النهی عن بیع من طعام حالا بعشرة و سلفا بخمسة و قد مر الکلام فیها
(قوله) (و لو أسلف فی غنم و شرط أصواف نعجات معینة صح)
کما فی النهایة و التحریر و الدروس و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و إیضاح النافع و منع منه فی السرائر و الشرائع و النافع و مال إلیه أو قال به فی کشف الرموز قال فی السرائر إن جعل فی جملة السلف أصواف النعجات المعینة فلا یجوز السلف فی المعین و بیع الصوف علی ظهر الغنم أیضا لا یجوز سواء کان سلفا أو بیوع (بیع خ ل) أعیان و رده فی المختلف بأنه یجوز إذا کان الصوف مشاهدا أو یکون شرطا فی السلم لا جزءا من المبیع و لو فرضناه جزءا لم یکن محالا لأنه یجوز السلف حالا فیمکن أن یکون بعضه کذلک انتهی (و معنی کلامه) الأخیر أنه یجوز السلف حالا إذا کان من قصدهما الحلول فیکون قد استعمل لفظ أسلمت مکان بعت و مثل ذلک ما فی جامع المقاصد (و أنت خبیر) بأن المفروض أنها شرط و لا ریب أن اشتراطها لیس سلما فیها بل شرط فیه خارج عنه و هو جائز کباقی الشروط الجائزة و بیع الصوف علی الظهر غیر ممنوع و منعه غیر مسموع و فی المهذب البارع أن موضوع المسألة أن یکون شرط الأصواف أن یجز حالا فلو عینها و شرط تأجیل الجز إلی أمد السلف أو شرط أصواف نعجات فی الذمة غیر مشاهدة لم یصح قولا واحدا (انتهی) و کأنه نظر إلی ظاهر ما وقع فیه الخلاف و إلا فالإجماع ممنوع و فی حواشی الشهید أن التحقیق أنه إن کان شرط الصوف الموجود أو ما یتجدد مقیدا بمدة معینة صح و إن لم یکن موجودا حال الشرط لم یصح و فی إیضاح النافع بعد أن ذکر مثل ما ذکر الشهید قال و إن شرط الصوف مؤجلا ففیه نظر و لعل الأقرب الصحة لأن المشروط لا یشترط معرفته و لا حصوله فإنه قد یشترط حمل الأمة و الشجرة فیکون معناه ما تحمل إن حملت انتهی (و فیه تأمل فلیتأمل و تنقیح المسألة) أنه إما أن یشترط جزه فی الحال أو یطلق أو یؤجل الجز إلی أجل ففی الأولین لا ینبغی الریب فی الجواز مع مشاهدة الصوف و فی الثانی فلا یخلو إما أن یشترط دخول المتجدد أو لا و فی الأول لا مانع من الصحة لأنه شرط مضبوط (و قد) جوز جماعة مثل ذلک فی الصوف و اللبن استقلالا و فی الثانی یبنی علی جواز التأجیل و جواز اختلاط مال البائع بالمبیع و کلاهما لا مانع منهما
(قوله) (و لو شرط کون الثوب من غزل امرأة معینة أو الثمرة من نخلة بعینها لم یلزم)
لخروجه عن حقیقة السلم لأنه ابتیاع مضمون کلی فی الذمة لا یتشخص إلا بقبض المشتری و قد صرح بذلک فی المبسوط و غیره و قد تقدم الکلام فی ذلک مستوفی لا مزید علیه عند الکلام علی الشرط السابع و أسبغنا الکلام فیما أشکل علی بعض الأعلام
(قوله) (لو أسلم عرضا فی عرض موصوف بصفاته فدفعه عند الأجل وجب القبول فلو کان الثمن جاریة صغیرة و المثمن کبیرة فجاء الأجل و هی علی صفة المثمن وجب القبول و إن کان البائع قد وطئها و لا عقر علیه و إن کان حیلة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 479

[الثانی فی الاختلاف]

اشارة

(الثانی) لو اختلفا

[لو اختلفا فی المسلم فیه]

فی المسلم فیه فقال أحدهما فی حنطة و الآخر فی شعیر تحالفا و انفسخ العقد (1) و لو اختلفا فی اشتراط الأجل فالأقرب أن القول قول مدعیه إن کان العقد بلفظ السلم علی إشکال و علی قولنا بصحة الحال فالإشکال أقوی (2)
______________________________
کما صرح بذلک فی التحریر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و قد أشار إلیه الشیخ فی المبسوط و الخلاف و الوجه فی أنه لا عقر علیه أنه وطاء فی ملک و منع بعض الشافعیة من إسلاف الصغیرة فی الکبیرة لأنها قد تکبر فی المحل و هی بالصفة المشترطة فیسلمها بعد أن یطأها فتکون فی معنی استقراض الجواری قال فی التذکرة و هو غلط لأن الشیئین إذا اتفقا فی إفادة معنی ما لم یلزم اتحادهما علی أنا نمنع حکم الأصل فإن استقراض الجواری جائز عندنا و قوله و إن کان حیلة معناه و إن قصد بهذا العقد الحیلة لحل الوطی ثم استعادها خلافا لأحمد و قول بعض العامة أنه یلزم أن یتحد العوض و المعوض باطل فإنه فی وقت العقد لا اتحاد و المعتبر الاختلاف حینئذ و أیضا المدفوع غیر ما فی الذمة و إن کان من أفراده کما نبه علی ذلک فی التذکرة و جامع المقاصد و العرض بفتح العین المهملة و إسکان الراء کما نص علیه فی کتب الفقه و اللغة
(قوله) (لو اختلفا فی المسلم فیه فقال أحدهما فی حنطة (و الآخر فی شعیر تحالفا و انفسخ العقد)
لأن کلا منهما مدع و منکر فیقدم قول المنکر مع یمینه فی الدعویین
(قوله) (و لو اختلفا فی اشتراط الأجل فالأقرب أن القول قول مدعیه إن کان العقد بلفظ السلم علی إشکال و علی قولنا بصحة الحال فالإشکال أقوی)
و بمثل ذلک من دون تفاوت أصلا عبر فی التذکرة و فی المبسوط إذا اختلفا فی قدر المبیع أو قدر رأس المال و هو الثمن أو فی الأجل أو قدره کان القول قول البائع مع یمینه إلا فی المثمن (إلی آخره) فقد جعل القول قول البائع عند الاختلاف فی الأجل «فتأمل» و قد جعل منشأ الإشکالین فی الحواشی المنسوبة إلی الشهید من جواز استعماله فی البیع و أصالة عدم الأجل و من أصالة الحقیقة و جعل وجه القوة فی الأخیر عدم الأجل و فی الإیضاح أن منشأ الإشکال فی الأول أصالة عدم الاشتراط و النظر إلی حقیقة اللفظ و تقدیم قول مدعی الصحة مطلقا یعنی سواء ادعی زیادة أم لا و الزیادة هی التعیین للأجل و عدم تقدیم قوله إن اشتمل علی زائد و جعل وجه القوة فی الثانی أن الصحة و صرف اللفظ إلی حقیقته یکون أولی قال و أصالة عدم الاشتراط أقوی هنا لأنه کاف فی قرینة صرف اللفظ إلی مجازه فعدم قول مدعیه هنا أرجح فالإشکال أی عدم الترجیح فی الطرف الآخر أقوی و فی جامع المقاصد أن وجه القرب أنه لو کان بلفظ البیع لکان القول قول المنکر للأجل إذ لا یلزم منه فساد العقد و الأصل عدم ذکره و أن منشأ الإشکال فی الأول من تعارض الأصلین فإن الأصل عدم ذکر الأجل و الأصل براءة الذمة منه و الأصل فی العقد الصحة ثم إنه قال و نعم ما قال لا ریب فی ترجیح قول مدعی الأجل لأن مآل دعواهما فی الحقیقة إلی أن الشرط المعتبر فی العقد هل ذکر أم لا فلا یکون الاختلاف إلا فی صحة العقد و فساده لما علمت من أنه علی تقدیر عدم ذکر الأجل لا بیع أصلا لأنه علی تقدیر تجرید العقد بلفظ السلم عن ذکر الأجل یجب التصریح بالحلول و إلا کان فاسدا کما سبق و أیضا فإن استعمال السلم فی البیع المجرد مجاز و الأصل عدمه (قلت) استدلاله بأصل براءة الذمة من الأجل کأنه لا حاجة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 480
..........
______________________________
إلیه کما أن هناک أصولا آخر کأصل براءة الذمة من وجوب الدفع و أصل إباحة التصرف فیما دفعه ثمنا ثم إنه قال إن الإشکال ینافی الأقرب لأن التردد ینافی الترجیح ثم إنه احتمل تنزیل العبارة علی أن المراد علی أن الأقرب أن الإشکال فی تقدیم قول مدعیه إذا کان العقد بلفظ السلم (و فیه) علی بعده أن ذلک یؤذن بمجی‌ء احتمال و إشکال فیما إذا وقع العقد بلفظ البیع و لیس کذلک إذ لا ریب حینئذ فی أن مدعی الأجل هو المدعی ثم قال و العبارة لا تخلو من شی‌ء (قلت) الأقرب لا ینافی الإشکال الضعیف کما فهمه السید الشارح کما یأتی ثم فسر قول المصنف و علی قولنا بصحة الحال فالإشکال أقوی بما أشار إلیه ولد المصنف لابن أخته قال أی و علی قولنا بصحة السلم فالإشکال فی أن القول قول مدعی الأجل حیث یکون العقد بلفظ السلم أقوی فیکون عدم ترجیح قوله أقوی من ترجیحه لأن الإشکال إذا کان فی جانب أقوی فهو فی مقابله أضعف و ما ضعف فیه الإشکال قوی فیه الحکم فیکون الإشکال جاریا فی المسألة مطلقا سواء قلنا بأن السلم یصح حالا أم لا و فی أحد الشقین الإشکال أقوی أعنی إذا قلنا بصحته حالا و إنما کان کذلک لأن صحة السلم حالا لا تقتضی فساد العقد بدون الأجل فلا یلزم من نفی الأجل الفساد (و لک أن تقول) إن صحة العقد مع عدم الأجل مشروطة بالتصریح بالحلول إذا کان بلفظ السلم و الأصل عدمه مع ما یلزم من ارتکاب المجاز فی حمل لفظ السلم علی البیع المجرد فلا یتم ما ذکره المصنف من کون الإشکال آتیا علی القول بصحة الحال کما یأتی علی القول بالعدم (قلت) شرط صحة العقد مع عدم الأجل بالتصریح بالحلول لیست إجماعیة و کلام المصنف و القوم مختلف فیه کما بیناه فیما سلف (ثم قال) و اعلم أن ولد المصنف وجه کلام المصنف فی کون عدم الاشتراط أقوی علی تقدیر القول بصحة الحلول بأن عدم الاشتراط قرینة فی صرف اللفظ إلی مجازه و لیس بشی‌ء أما أولا فلأن ذلک مصحح للتجوز و لا یعد ذلک قرینة لارتکاب المجاز و أما ثانیا فلأنه قد سبق فی کلام المصنف ما یدل علی أنه إذا أتی بلفظ السلم و لم یصرح بالحلول و لا ضبط الأجل یبطل العقد فکیف یستقیم ما ذکره و أما ثالثا فإنهما لم یتفقا علی تجرید العقد عن ذکر الأجل حتی یعد ذلک قرینة و کیف یعد الأمر المختلف فی وقوعه بین المتعاقدین قرینة علی صرف اللفظ إلی ما یوافق دعوی الآخر (قلت) قد سمعت عبارة الإیضاح فلعل الضمیر عائد إلی الأصل لا إلی عدم الاشتراط و حینئذ یندفع عنه الإیراد الأول و الثالث (فلیتأمل) و ذهب جماعة منهم المصنف رحمه اللّٰه فی ظاهر المختلف و الشهیدان أنه لو أطلق العقد حمل علی الحلول و استجوده المعترض فی جامع المقاصد و قال جماعة منهم الفخر فی الإیضاح و الشارح المحقق فی جامع المقاصد أنه یجوز البیع بلفظ السلم مع التلفظ بالحلول أو القصد إلیه أو القرینة الدالة علیه کتعمد ترک الأجل فجعلوا ترک الأجل قرینة (فتأمل) ثم قال و اعلم أیضا أن السید الشارح حمل عبارة المصنف علی أن قول مدعی الأجل مقدم بناء علی عدم صحة السلف إلا مؤجلا لاعتضاد جانبه مع أصالة صحة العقد بأن الأصل الحمل علی الحقیقة فیکون الإشکال فیه ضعیفا فأما إذا قلنا بصحته حالا فقد وقع التعارض فیکون الإشکال فیه أقوی لقوة کل من الطرفین ثم قال و ما ذکره مدفوع فإن الاعتضاد الذی یوجب حمل اللفظ علی حقیقته موجود علی هذا التقدیر أیضا لأن الحلول فی السلم خلاف الحقیقة و مع ذلک إذا جرد العقد بلفظ السلم عن الأجل و الحلول کان باطلا و أیضا فإن نظم العبارة یساعد ما ذکره الشارح ولد المصنف من أن الترجیح علی تقدیر الحلول لأن الإشکال إذا کان فی جانب أقوی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 481

[أما لو اختلفا فی الزیادة]

أما لو اختلفا فی الزیادة فالقول قول نافیها (1) و لو اختلفا فی الحلول فالقول قول المسلم إلیه لأنه منکر (2) و لو اختلفا فی أداء المسلم فیه فالقول قول المنکر و لو اختلفا فی قبض الثمن فالقول قول البائع و إن تفرقا لأنه منکر (3)
______________________________
کان فی مقابله أضعف و لأن تفریع الحکم بکون الإشکال أقوی قد فرعه علی جواز السلم حالا و هو یقتضی رفع المانع من الصحة إذا ترک الأجل و إنما یتم ذلک إذا لم یقتض لفظ السلم التأجیل أیضا و حینئذ فلا مانع أصلا من تقدیم قول نافی الأجل و قد عهد من المصنف التعبیر بقوة الإشکال فیما إذا کان أحد الطرفین أرجح کما فی قوله و نیة الاستباحة أقوی إشکالا فی أول الکتاب ثم (قال) و اعلم أن قول المصنف فلو اختلفا فإن رجع ضمیره إلی المسلم و المسلم إلیه لم یکن للاختلاف توجیه فإنهما إنما یکونان کذلک إذا لم یبعه أحدهما من نفسه و لا مرجع له سوی ذلک (قلت) ما اعترض به أولا علی السید الشارح مدفوع لأن التعارض واقع کما ذکر لأنه قد تعارض أصل الحمل علی الحقیقة و أصل عدم الاشتراط و أصالة صحة العقد لا تعضد واحدا منهما و لا یعضدها لأنها جاریة معهما و لعل السید الشارح ممن لا یقول بالبطلان إذا جرد العقد بلفظ السلم عن الحلول کما هو ظاهر المختلف و صریح جماعة کما تقدم و نظم العبارة لا یأبی تنزیل السید و لیس للمصنف طریقة معهودة فی التعبیر بقوة الإشکال بحیث یستشهد بها أو یستند إلیها و الغرض أنه یمکن توجیه کلام هذین الفاضلین و لیس کلامهما بتلک المکانة من الخطإ حتی یقال إنه لیس بشی‌ء و المعصوم من عصمه اللّٰه تعالی
(قوله رحمه اللّٰه) (أما لو اختلفا فی الزیادة فالقول قول نافیها)
یعنی لو اختلفا فی قدر المسلم فیه أو فی قدر رأس المال أو قدر الأجل قدم قول منکر الزیادة فی ذلک مع الیمین و الحکم مما لا ریب فیه و قد نبه علیه فی المبسوط و الخلاف و غیرهما قال فی المبسوط إذا اختلفا فی قدر المبیع أو قدر رأس المال و هو الثمن أو فی الأجل أو قدره کان القول قول البائع مع یمینه إلا فی الثمن کما سمعته آنفا
(قوله) (و لو اختلفا فی الحلول فالقول قول المسلم إلیه لأنه منکر)
کما صرح بذلک فی المبسوط و التذکرة و التحریر و غیرهما قال فی المبسوط و هذا الاختلاف یصح إذا اختلفا فی وقت العقد و اتفقا علی أن الأجل ثلاثة أشهر و اختلفا فی وقت العقد فقال المشتری عقدنا السلم فی أول رجب و استحق فی أول شوال و قال البائع عقدناه فی أول شعبان و تستحقه فی أول ذی الحجة «1» فإذا کان کذلک حلف البائع لما قلناه «انتهی» و قد قیدت بذلک عبارة الکتاب فی حواشی الشهید و جامع المقاصد و الحاصل أنهما اتفقا علی مقدار الأجل و اختلفا فی مبدئه و لو اختلفا فی مقداره لکان القول قول نافی الزیادة کما علم من المسألة التی قبلها
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو اختلفا فی قبض الثمن فالقول قول البائع و إن تفرقا لأنه منکر)
کما فی التذکرة و التحریر و جامع المقاصد و المسالک و ذلک لأن البائع منکر لقبض ماله الذی هو الثمن الثابت عند السلم لأنهما اتفقا علی صحة العقد و اختلفا فی طرو المفسد و حیث کان الأصل عدم القبض کان المقتضی للفساد قائما و هو التفرق قبل القبض فلا یقدح فساد العقد به حیث إنه مترتب علی ما هو الأصل مع تحقق الصحة سابقا و لیس هذا من باب الاختلاف فی وقوع العقد صحیحا أو
______________________________
(1) الظاهر ذی القعدة کما هو واضح (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 482

[أما لو اختلفا بعد اتفاقهما]

أما لو اختلفا بعد اتفاقهما علی القبض فی وقوعه قبل التفرق أو بعده قدم قول مدعی الصحة (1) و کذا لو أقاما بینة لأنها تضم إلی الصحة الإثبات (2) و لو قال البائع قبضته ثم رددته إلیک قبل قدم قوله رعایة للصحة (3)
______________________________
فاسدا و مثله ما لو اختلفا فی قبض أحد عوضی الصرف قبل التفرق أما لو اختلفا بعد الاتفاق علی القبض فی کونه وقع قبل التفرق أو بعده فإن القول قول مدعی الصحة لا لدعوی الصحة فقط بل لأن الأصل عدم طرو المفسد و أصالة عدم التقدم فی القبض معارضة بأصالة عدم التقدم فی التفرق کما بین ذلک فی جامع المقاصد و المسالک
(قوله) (أما لو اختلفا بعد اتفاقهما علی القبض فی وقوعه قبل التفرق أو بعده قدم قول مدعی الصحة)
کما فی المبسوط و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و قد أشرنا آنفا إلی الوجه فی ذلک و قلنا إنما قدم مدعی الصحة مع أنها معارضة بأصالة عدم القبض قبل التفرق لأن هذا الأصل معارض بأصل عدم التفرق قبل القبض المتفق علی وقوعه فیتساقط الأصلان و یحکم باستمرار العقد و لا نزاع بینهما فی أصل الصحة و إنما النزاع فی طرو المفسد و الأصل عدمه و کان مولانا الأردبیلی متأمل فی ذلک
(قوله) (و کذا لو أقاما بینة لأنها تضم إلی الصحة الإثبات)
کما فی المبسوط و التحریر و جامع المقاصد لقوة جانبه بدعوی أصالة عدم طرو المفسد و لکون دعواه مثبتة و الأخری نافیة و بینة الإثبات مقدمة و نسبه فی التذکرة إلی بعض الشافعیة و قال إنه غیر جید و عزاه فی الدروس إلی القیل و رجح فیه أنه یبنی علی ترجیح الداخل أو الخارج و قد وافقه علی ذلک صاحب المسالک فإن قدمنا بینة الداخل فهو هنا مدعی الصحة و إن رجحنا بینة الخارج فالقول قول مدعی البطلان کما فی الحواشی المنسوبة إلی الشهید و فی جامع المقاصد لو قالت الأخری ضبطنا حالهما من حین العقد إلی الآن و قطعنا بعدم حصول الإقباض فالظاهر أن الترجیح للجانب الآخر لأن ذلک مما لا ینضبط لجواز حصول الحوالة و لو من الوکیل و نحو ذلک
(قوله) (و لو قال البائع قبضته ثم رددته إلیک قبل التفرق قدم قوله رعایة للصحة)
کما فی المبسوط و الشرائع و التحریر و الدروس و التذکرة علی تأمل له فیه و فی جامع المقاصد قد یقال هذا محل إشکال نظرا إلی أن أصالة الصحة معارضة بأصالة عدم حصول القبض إلا أن یقال مع تعارضهما یحصل الشک فی طرو المفسد و الأصل عدمه أو یقال المقتضی للفساد مشکوک فیه إذ لا یعلم أن التفرق کان قبل القبض و الأصل عدمه فیتمسک بأصل الصحة (انتهی) و فی المسألة شی‌ء و هو أن دعوی البائع الرد غیر مقبولة کنظائرها إذ لا دخل له فی الصحة و إنما قدم قوله فی أصل القبض مراعاة لجانبها و حینئذ فمع قبول قوله هل له مطالبة المشتری بالثمن یحتمل عدمه لعدم قبول قوله فی الرد مع اعترافه بحصول القبض و یحتمل جواز المطالبة لاتفاق المتبایعین علی بقاء الثمن عند المشتری الآن فإذا قدم قول البائع فی صحة العقد ألزم المشتری بالثمن (و یشکل) بأن المشتری حینئذ لا یعترف باستحقاق الثمن فی ذمته لدعواه فساد البیع فلا یبقی إلا دعوی البائع و هی مشتملة علی الاعتراف بالقبض و دعوی الرد و هی غیر مقبولة فی الثانیة و قد نبه علی ذلک فی المسالک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 483

[الثالث یجب قبول المثل وقت الحلول]

(الثالث) یجب قبول المثل وقت الحلول أو الإبراء فإن امتنع قبضه الحاکم إن سأله البائع (1) و لو دفع أکثر لم یجب القبول بخلاف الأجود (2) و لو دفع من غیر الجنس جاز مع التراضی و کذا یجوز لو دفع بعضه أو أردی قبل الأجل و إن شرط التعجیل (3) و لو دفعة قبل الأجل لم یجب القبول سواء تعلق بالبائع غرض کتخلیص الرهن أو الضامن أو خوف الانقطاع فی المحل أو لم یکن غرض سوی البراءة و سواء کان للممتنع غرض بأن کان فی زمن نهب أو کانت دابة یحذر من علفها أو لم یکن
______________________________
و استوجه عدم قبول قوله فی الرد
(قوله) (الثالث یجب قبول المثل وقت الحلول أو الإبراء فإن امتنع قبضه الحاکم إن سأله البائع)
کما نص علی ذلک کله فی الشرائع و لم یذکر سؤال البائع شرطا فی قبض الحاکم فی المبسوط و التذکرة و التحریر و الدروس بل اقتصر فیهما علی قولهم إن امتنع قبضه الحاکم و فی النهایة أنه إن امتنع من قبض الثمن و المبیع بعد حلوله فهلک کان من مال الممتنع و لم یتعرض للحاکم أصلا و هو خیرة المفید و سلار و ابن حمزة و القاضی علی ما حکی و یناسبه کلام التقی و هو خیرة المحقق فی النافع و خصص فی المشهور کما فی الحدائق بصورة عدم التمکن من الحاکم و قد عرفت أنه خیرة المبسوط و السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس کما سمعت و المختلف و الإرشاد و اللمعة و الروضة و الکفایة و غیرها اقتصارا فیما خالف الأصل الدال علی عدم التعیین إلا بقبض المشتری أو قبض من بحکمه علی محل الوفاق و التفاتا إلی اندفاع الضرر بالدفع إلی الحاکم بعد امتناع المشتری فلو قصر کان کالمفرط و قال فی جامع المقاصد قیل إنما یقبضه الحاکم بالشرط إذا أجبر المسلم علی القبض و لم یقبض (ثم استظهر) أن له أن یقبضه و إن لم یجبره علی قبضه إذا امتنع و أنه لو لم یسأله البائع لا یجب علیه قبضه و أنه یجوز له ذلک و إن لم یسأله لأنه نائب مناب المالک و هل له إجباره علی القبض و إن لم یسأله المالک الظاهر أنه لیس له ذلک لأن ید البائع ید رضی بها المشتری و لم یصدر منه ما ینافیه و قد تقدم عند شرح قوله و یجب أن یدفع الموصوف ما له نفع تام فی المقام (و تمام الکلام) یأتیک مستوفی فی أواخر باب القرض عند شرح قوله لا یجب دفع المؤجل سواء کان دینا أو ثمنا و هذه الأحکام یذکرها الأصحاب فی باب النسیئة و باب السلم و باب القرض (انتهی) و إن تعذر الحاکم یخلی بینه و بینه و یبرأ و إن تلف و کذا یفعل الحاکم لو قبضه إن لم یمکن إلزامه بالقبض کما نص علی ذلک فی المسالک تبعا لجامع المقاصد و قضیة إطلاقهم أنه لا فرق بین ما إذا کان فی قبضه ضرر أم لا و قد تقدم الکلام فی ذلک و قد قیل إن التعبیر بالمثل غیر جید بل حقه أن یقول یجب قبول المسلم فیه و أجاب فی جامع المقاصد بأن هذا أحسن لأن المسلم فیه أمر کلی لا یمکن تسلیمه إنما یسلم ما یطابقه فی الأوصاف من الأمور الجزئیة (و یمکن أن یقال) إن المراد أنه یجب قبوله وقت الحلول أو وقت الإبراء من الجانبین فإن إبراء أحدهما الآخر لا یوجب سقوط حقه من الأجل ما لم یسقطه
(قوله) (و لو دفع الأکثر لم یجب القبول بخلاف الأجود)
قد تقدم الکلام فیه مستوفی و نقلنا خلاف أبی علی و دلیله عند الکلام علی البحث الثانی فی الأحکام
(قوله قدس سره) (و لو دفع من غیر الجنس جاز مع التراضی و کذا یجوز لو دفع بعضه أو أردی قبل الأجل و إن شرط التعجیل)
إذا دفع من غیر الجنس کما إذا باع تمرا فدفع زبیبا لم یجب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 484
و لو أسلم نصرانی إلی نصرانی فی خمر فأسلم أحدهما قبل القبض بطل و للمشتری أخذ دراهمه (1) و یحتمل السقوط (2) و القیمة عند مستحلیه (3)
______________________________
علی المشتری قبوله إجماعا لأنه غیر ما شرطه فإن تراضیا علیه جاز للأصل (و یؤیده) ما رواه العیص بن القاسم عن الصادق علیه السلام قال سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتی إذا حضر الأجل لم یکن عنده طعام و وجد عنده دوابا و رقیقا أو متاعا یحل له أن یأخذ من عروضه تلک بطعامه قال نعم (الحدیث) و لعل هذا إنما یصح علی القول بأن المسلم فیه یصح بیعه قبل قبضه بعد حلول الأجل (فتأمل) و کذا یجوز مع التراضی لو دفع بعض المثل أی بعض المسلم فیه عن جمیعه و إن شرط فی هذا الدفع التعجیل بإسقاط باقی الأجل و کذا الحکم فیما إذا دفع أردی منه قبل الأجل و إن شرط فی دفعه التعجیل المذکور إذ لا یتخیل بسبب ذلک حصول مانع و لو دفعه کذلک من غیر شرط و تراضیا علیه فلا إشکال فی الصحة لأنه نوع إسقاط لما وجب له (و لما رواه) أبو بصیر عن الصادق علیه السلام و لیس المراد من قوله و إن شرط التعجیل اشتراط ذلک فی العقد إذ لیس هو بصدد ذکر شروطه و لأن اشتراط ذلک فی العقد لا یجوز لأنه یلزم تعدد المبیع إلی أجلین فیکون کالبیع بثمنین إلی أجلین و قد تقدم عند شرح قوله و یجب أن یدفع الموصوف إلی آخره ما له نفع فی المقام لتعرف أن الحکمین مجمع علیهما
(قوله) (و لو أسلم نصرانی إلی نصرانی فی خمر فأسلم أحدهما قبل القبض بطل و للمشتری أخذ دراهمه)
کما فی التحریر و الدروس و جامع المقاصد سواء کان المسلم المشتری أو البائع لأنه بإسلام أحدهما تعذر المسلم فیه و خرج عن صلاحیة تعلق المعاوضة به فی نظر الشارع فامتنع بقاء صحتها حیث لم یحصل القبض المقتضی لثباتها
(قوله) (و یحتمل السقوط)
أی سقوط المسلم فیه لا إلی بدل لأنه بالسلم ملک الخمر فی ذمته و الإسلام یسقط من ذمة المسلم الخمر و یخرجه عن ملکه کما فی الإیضاح و ظاهره قصره علی ما إذا کان المسلم هو المسلم إلیه و وجهه فیما إذا کان هو المسلف أنه هو الذی فوت علی نفسه مالیة الخمر بإسلامه و قد انعقد السلم صحیحا فلا شی‌ء له و لیس بشی‌ء لأنه لا دلیل علی بقاء معاوضة قد امتنع حصول أخذ عوضها و الإسلام إنما منع من أخذ الخمر فحسب و نقل الشهید عن السید العمید أنه قال هذا الاحتمال ضعیف
(قوله) (و القیمة عند مستحلیه)
هذا هو الاحتمال الثالث و عن السید عمید الدین أنه مکافئ للأول لأن إسلام المسلم إلیه بمنزلة الإتلاف للخمر علی الکافر المسلف فیضمن القیمة عند مستحلیه (و فیه) علی أنه قیاس إن لم یتلف شیئا و لا تسبب فی الإتلاف و إنما إسلام المسلم سبب لامتناع التصرف فی الخمر و ذلک لا یعد إتلافا و نقل فی الإیضاح عن والده أنه قال هذا الوجه أعنی الثالث إنما هو فیما إذا أسلم من علیه لا من هو له لأن وجوب القیمة له تابع لوجوب الأصل و یحتمل مطلقا کالمهر أی إذا أسلم أحد الزوجین ثبتت قیمة الخمر عند مستحلیه ثم قال إنه قال و الصحیح الأول و هو انحصاره فیما إذا أسلم من هو علیه أما لو أسلم من هو له سقطا أی الخمر و القیمة معا و سیأتی فی باب القرض أنه لو أقرضه خمرا أو خنزیرا ثم أسلم أحدهما أو أسلما سقط الخمر لأنه مثلی و أخذ قیمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 485

[الرابع إذا أقبضه و برئ المسلم إلیه]

(الرابع) إذا أقبضه و برئ المسلم إلیه فإن وجده معیبا فرده زال ملکه عنه و عاد حقه إلی الذمة سلیما (1) و لو وجد بالثمن عیبا فإن کان من غیر الجنس (2) بطل إن تفرقا قبل التعویض أو کان معینا و إن کان من الجنس رجع بالأرش و له البدل مع عدم التعیین و إن تفرقا علی إشکال و إن تعین تخیر بین الأرش و الرد فیبطل السلم و لو کان الثمن مستحقا فإن کان معینا بطل و إلا بطل إن تفرقا قبل قبض عوضه

[الخامس لو أسلم فی شیئین صفقة بثمن واحد صح]

(الخامس) لو أسلم فی شیئین صفقة بثمن واحد صح تخالفا أو تماثلا و لو شرط الأداء فی أوقات متفرقة صح إن عین ما یؤدیه فی کل وقت و إلا فلا و لو شرط رهنا أو ضمینا ثم تفاسخا أو رد الثمن لعیب بطل الرهن و برئ الضمین و لو صالحه بعد الحلول علی مال آخر عن مال المسلم سقط الرهن لتعلقه بعوض مال الصلح لا به
______________________________
الخنزیر
(قوله) (الرابع إذا أقبضه تعین و برئ المسلم إلیه فإن وجده معیبا فرده زال ملکه عنه و عاد حقه إلی الذمة سلیما)
کما فی الشرائع و التحریر و الإرشاد و هو معنی قوله فی المبسوط فإن رده فقد انفسخ القبض الذی تعیین و عاد السلم إلی الذمة کما کان و لزمه دفعه علی صفته من غیر عیب و قضیة کلامهم هذا أنه یملک المدفوع ملکا متزلزلا لمکان العیب فإذا علم به کان له فسخ ملکیته و المطالبة بالتسلیم کما صرح بذلک المحقق الثانی و الشهید الثانی حیث ردا علی الشهید حیث اعترض فی حواشیه علی الکتاب علی العبارة و نحوها بأن زوال ملکه عند رده إنما یکون بعد ثبوته و المعیب لیس المسلم فلا ینتقل عن المسلم إلیه و إن عود الحق إنما یکون بعد زواله و هو مستلزم لأحد محذورین إما الحکم بالشی‌ء مع وجود نقیضه أو إثبات الحقیقة من دون لوازمها و ذلک أن الحکم بالبراءة إن کان صادقا لزم الأول و إلا لزم الثانی (انتهی) و قد یشهد له عدم حکمهم بالأرش لأنه لم یتعین للحق بل وقع عوضا عن الحق الکلی فلو کان مملوکا له ملکا متزلزلا لکان مخیرا بین الرضا به مجانا أو مع الأرش و رده و المطالبة بالسلیم کما هو الشأن فی کل مبیع معین معیب (فتأمل) و قد تقدم فی الصرف ما له نفع تام فی المقام و تظهر الفائدة فی النماء المنفصل المتجدد بین القبض و الرد فإنه علی ما یفهم من الجماعة یکون للقابض و علی کلام الشهید للمالک لأنه أجاب عن إیراده علیهم بأن الزوال و العود مبنیان علی الظاهر حیث کان المدفوع من جنس الحق و صالحا لأن یکون من جملة أفراده قبل العلم بالعیب فإذا علم بالعیب زال ذلک الملک الذی حصل ظاهرا و إن لم یحصل واقعا فصح إطلاق العود و الزوال بهذا الاعتبار و لم یذکر فی التذکرة و الدروس إلا أن له الرد و المطالبة بالسلیم و نحوهما ما فی مجمع البرهان و لعل قوله فی التذکرة انفسخ القبض و کان له المطالبة (إلخ) یوافق ما فی الکتاب (فتأمل) و فی المبسوط و الخلاف و التذکرة أنه إن حدث به عیب قبل الرد لم یکن له أن یرد و یرجع بأرش العیب (و الوجه فیه) أنه لما طرأ العیب تعین قبوله و صار کالمبیع المعین إذا کان معیبا و إن کان قبله غیر معین بل أمر کلی و هذا قد یلوح منه ما یفهم من إطلاق عباراتهم فیکون ثمرة أخری فی المسألة کما ظن و قد یقول الشهید بجواز رده هنا أیضا لعدم تعینه ابتداء و العیب الطاری أقصاه أن یلزمه بأرشه و لا دلیل علی تعینه به و قد نقل ذلک قولا فی المسألة (فتأمل) لکنه فی الخلاف نقل الإجماع علی أنه لیس له الرد
(قوله) (و لو وجد بالثمن عیبا فإن کان من غیر الجنس إلخ)
قد تقدم مثل هذا فی فصل الصرف فی آخر الفرع الأول من فروع الفصل المذکور و استوفینا فیه الکلام بتوفیق اللّٰه تعالی و الحمد للّه کما هو أهله و صلی اللّٰه علی محمد و آله الطاهرین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 486

[الفصل الثانی فی المرابحة و توابعها]

اشارة

(الفصل الثانی فی المرابحة و توابعها)

[المرابحة هی البیع]

المرابحة هی البیع مع الإخبار برأس المال مع الزیادة علیه (1) و إیجابها کالبیع و یزید بربح کذا (2) و یجب العلم برأس المال و الربح (3) و لو قال بعتک بما اشتریت و ربح کذا و لم یعلم قدر الثمن لم یصح و کذا لو علم قدر رأس المال و جهلا الربح
______________________________
[بسم اللّٰه الرحمن الرحیم] الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه أجمعین محمد و آله الطاهرین و رضی اللّٰه عن علمائنا و مشایخنا أجمعین و عن رواتنا المقتفین آثار الأئمّة الطاهرین صلوات اللّٰه علیهم أجمعین (و بعد) فهذا هو الجزء الرابع من مفتاح الکرامة علی قواعد العلامة أعلی اللّٰه سبحانه مقامه من کتاب التجارة فإنه برز منه فی التجارة ثلاثة مجلدات و هذا الرابع نسأل اللّٰه سبحانه إتمامه و هو تصنیف الأقل محمد الجواد الحسینی الحسنی العاملی عامله اللّٰه بلطفه و بفضله و إحسانه و حشره مع محمد و آله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قال المصنف آیة اللّٰه العلامة
الفصل الثانی فی المرابحة و توابعها (قوله) (المرابحة هی البیع مع الإخبار برأس المال مع الزیادة علیه)
قد تقدم فی المقصد الرابع فی أنواع البیع أن أنواعه المشهورة عشرة و أن الشهید رقاها إلی نیف و ثلاثین و قد بسطنا الکلام فی ذلک فلیرجع إلیه من أراد الوقوف علیه و هی تقتضی فعلا من الجانیین لأنها مفاعلة لکن لما توقف العقد علی الرضا منهما کان کل منهما فاعلا للربح و إن اختص به أحدهما فتأمل
(قوله قدس سره) (و إیجابها کالبیع و یزید بربح کذا)
و لها عبارات ستسمعها
(قوله) (و یجب العلم برأس المال و الربح)
کما فی المبسوط و الوسیلة و الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و قد قیل إن مرادهم أنه یجب علم المتعاقدین بهما حالة المبیع فلا یکفی علم أحدهما و لا تجدد علمهما بعد العقد و إن اقتضاه الحساب المنضبط کما لو علما بالثمن و جعلا ربح کل عشرة درهما و الحال أنهما لا یعلمان ما یتحصل من المجموع حالة البیع کما صرح بذلک فی المختلف و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و هو کذلک بالنسبة إلی رأس المال فلو کان المشتری جاهلا به بطل البیع إجماعا حکاه فی التذکرة و قال و کذا لو کان البائع جاهلا برأس المال و المشتری عالم به أو کانا جاهلین (انتهی) و کذلک یبطل لو علما قدر رأس المال و جهلا الربح مثل أن یقول رأس المال کذا و الربح ما نتفق علیه کما نص علیه فی المبسوط و أما البطلان فیما إذا جهل الربح کما لو علما نسبة أبعاضه إلی أبعاض الثمن کربح درهم فی کل عشرة و لم یعلما جملته حالة البیع فمحل نظر لأنه و إن کان مجهول الجملة لکنه معلوم عند التفصیل (و قد) احتمل الصحة فی المختلف و علل الکراهة فی هذا النوع فی التذکرة بأنه قد لا یعلم قدر الثمن حالة البیع و یحتاج فی معرفته إلی الحساب و هذا منه اختیار الصحة کما إذا قال بعتک هذه الصبرة کل قفیز بدرهم و هی مجهولة الجملة إلا أن تقول إن المصنف فیما سلف و جماعة قد حکموا ببطلان هذه الصورة إلا إذا علما قدرها لکن المصنف جوز ما إذا قال بعتک هذه السلعة بأربعة إلا ما یخص واحدا إذا علماه بالجبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 487
و یجب ذکر الصرف و الوزن مع الاختلاف (1) و یکره نسبة الربح إلی المال فیقول رأس مالی مائة و بعتک بربح کل عشرة واحدا (2) فإن قال فالثمن مائة و عشر بل ینبغی أن بقول رأس مالی مائة و بعتک بما اشتریت و ربح عشرة
______________________________
و المقابلة إلی غیر ذلک مما یشبه ذلک و هو عقد فیجب الوفاء به و لم یقم إجماع علی اشتراط العلم بالمعنی المذکور و قد سمعت ما ذکره فی المبسوط فی صورة جهل الربح و قد خلت عن اعتبار العلم بالمعنی المذکور جملة من العبارات کعبارة المقنعة و المراسم و الغنیة و السرائر و غیرها بل الخمسة المذکورة قد خلت عن التصریح باعتبار العلم به مطلقا لکنه مراد منها قطعا لا بالمعنی المذکور (فلیتأمل جیدا) إذ لیس هو من قبیل ما إذا باعه بشی‌ء ثم بینه بعد العقد
(قوله) (و یجب ذکر الصرف و الوزن مع الاختلاف)
هذا أحسن من عبارة الشرائع و نحوها حیث قالوا لا بد من ذکر الصرف و الوزن من دون تقیید بمعیة الاختلاف و بالقید المذکور یعتذر عن عبارة المبسوط و نحوها مما لم یتعرض فیه لهذا الشرط لأنه إنما یجب ذکرهما إذا تعددت النقود و اختلف صرفها و وزنها بأن کان صرف بعض الدنانیر عشرة دراهم و بعضها أکثر و کذا الوزن أما لو اتحد النقد لم یفتقر إلی أحدهما و قد یراد علی بعد صرف الثمن و وزن المبیع (و یمکن) أن یراد أنه یجب الجمع بین ذکر صرف الدراهم مع الوزن إن فرض الاختلاف بأن یکون صرف الدراهم مختلفا و وزن أنواعه واحد فإن ذکر الصرف حینئذ لا یغنی عن ذکر الوزن و یمکن حصول هذا الفرض فی الذهب و لا یجب الإخبار عن البائع و إن کان ولده أو غلامه الحر و کأنه مما لا خلاف فیه إلا إذا کان حیلة ففیه خلاف یأتی بیانه
(قوله) (و تکره نسبة الربح إلی المال فیقول رأس مالی مائة و بعتک بربح کل عشرة واحدا)
بإجماع الفرق فإنهم لا یختلفون فی ذلک کما فی الخلاف و عند علمائنا کما فی التذکرة و هو الصحیح من المذهب کما فی السرائر و هو خیرة المبسوط و الغنیة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التحریر و المختلف و الإرشاد و شرحه لفخر الإسلام و الدروس و حواشی القواعد للشهید و المقتصر و التنقیح و إیضاح النافع و المسالک و المفاتیح و غیرها و فی الریاض أن علیه عامة المتأخرین خلافا للمقنعة و النهایة و المراسم ففی الأولین لا یجوز و فی الثالث لا یصح و هو المنقول عن التقی و القاضی (حجة المشهور) بعد الأصل و العمومات و الإجماع المنقول بل هو معلوم من المتأخرین (ما رواه الشیخ فی التهذیب) عن الحسین عن صفوان عن فضالة عن العلاء قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام الرجل یرید أن یبیع بیعا فیقول أبیعک بده دوازده قال لا بأس هی المراوضة فإذا جمع البیع جعله جملة واحدة و فی الاستدلال به تأمل لأن الظاهر أن ذلک لا یکره و لا یحرم فی المقاولة التی تکون قبل العقد و إنما یکره أو یحرم حین البیع و لهذا أمر بجعل البیع جملة واحدة و ذلک ظاهر فی أن المراد أن یقول بعتک هذه السلعة بدوازده أو یازده عین ما فعله مولانا الباقر علیه السلام فی متاع مصر حیث قال للتجار أبیعکم هذا المتاع باثنی عشر ألف درهم کما استدل به للقول الثانی و إن کان فی الاستدلال به له أیضا نظر کما ستسمع فیکون خبر العلاء ظاهرا فی القول الثانی فلیتأمل (و احتج) للمشهور بما رواه الشیخ فی التهذیب عن الحسین (الحسن خ ل) عن فضالة عن أبان عن محمد قال قال أبو عبد اللّٰه علیه السلام إنی أکره بیع عشرة بإحدی عشر و عشرة باثنی عشر و نحو ذلک من البیع و لکن أبیعک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 488
ثم إن کان البائع لم یعمل فیه شیئا صح أن یقول اشتریته بکذا أو هو علی أو ابتعته أو تقوم علی أو رأس مالی (1)
______________________________
بکذا و کذا مساومة قال و أتانی متاع من مصر فکرهت أبیعه کذلک و عظم علی فبعته مساومة و الخبر صحیح علی الصحیح فی أبان و لا أقل من أن یکون موثقا کالصحیح و نحوه خبر جراح المدائنی و فی الاستدلال بهما أیضا نظر) إذا لبسا ناصین علی الجواز لأن الکراهة فی زمن الصدور أعمّ من الحرمة و المعنی المعروف الآن (نعم) قد یشعر ذیل الصحیح بالکراهة بالمعنی المتعارف سلمنا لکن فی الأصل و العمومات و الإجماعات المعتضدة بالشهرة بلاغا فلا یقوی خبر العلاء علی فرض دلالته علی القول الثانی علی المقاومة و المقدس الأردبیلی قال و العجب أن الدلیل قاصر عن الدلالة علی الکراهة و بعد ذلک قد نقل القول بالتحریم و مراده أن الأخبار إنما تدل علی کراهة المرابحة و أولویة المساومة کما سنشیر إلیه و أما الخبر الثانی الذی أشرنا إلیه المروی بعدة طرق عن مولانا الباقر علیه السلام فلیس بواضح الدلالة لأن فی بعضها أنه علیه السلام باعهم مساومة و فی بعضها ترک ذکر ذلک و لا یستفاد منه أن رأس ماله کان عشرة آلاف نعم فی عدوله علیه السلام عما ذکره التجار إلی ما ذکره علیه السلام إیماء إلی أن فیما ذکروه بأسا (فلیتأمل) و قد تشعر أخبار الباب بکراهیة المرابحة مطلقا لا خصوص الکراهیة فی موضع المسألة لکنه مخالف للإجماع المعلوم و المنقول فی السرائر و ظاهر التذکرة و خبر علی بن سعید قال فی السرائر و لا بأس بأن یکون الربح محمولا علی المتاع مثال ذلک أن یقول هذا المبیع اشتریته بمائة دینار و یذکر نقدها و بعتک إیاه بمائة و عشرة دنانیر فهذا لا مکروه و لا محظور علی القولین معا و نحوه ما فی التذکرة حیث قال تزول الکراهیة بنسبة الربح فی السلعة إلی أن قال إجماعا لما تقدم من الأخبار و زوال مقتضی الکراهیة من تطرق الجهل و من مشابهة الربا (انتهی) و خبر علی بن سعید نفی فیه البأس عن المرابحة الغیر المنضمة إلی الثمن قال سئل عن رجل ابتاع ثوبا فطلب منه مرابحة تری فی بیع المرابحة بأسا إذا صدق فی المرابحة و سمی ربحا دانقین أو نصف درهم قال لا بأس (و لیعلم) أن فی بعض العبارات فی المقام اشتباها علی غیر المتأمل حیث یقولون بربح العشرة واحدا أو أکثر بالنسبة و قد أشار إلیه فی السرائر و بینه بأن المراد النسبة إلی أصل المال لأنه حمل الربح علی الثمن و نسبه إلیه قال و هذا معنی قول الفقهاء بالنسبة و أطال فی بیانه و ضبطه
(قوله) (ثم إن کان البائع لم یعمل فیه شیئا صح أن یقول اشتریته بکذا أو هو علی أو ابتعته أو تقوم علی أو رأس مالی)
لا یخفی أن اشتریته و ابتعته مترادفان و أن اشتریته و رأس مالی معناهما واحد کما فی المبسوط و التذکرة و فی المختلف و الدروس ساوی بین رأس مالی و بین هو علی و تقوم علی قال فی المختلف لأن رأس مالی عبارة عما لزمه علیه فیجوز إذا کان قد استأجر علیه أن یضم الأجرة إلی الثمن و یقول رأس مالی إذ لا ریب فی لزوم الأجرة علیه و قال فی المبسوط لیس له ذلک و هو کذلک لأن المتبادر عرفا من رأس مالی أنی اشتریته بکذا کما نص علیه فی التذکرة و جامع المقاصد فیکون حقیقة فیه فلا یتناول ما بذل من الأجرة فی مقابلة عمل و تقوم علی یتناوله و هو الأظهر من مذهب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 489
و لو عمل فیه ما له زیادة عوض قال اشتریته بکذا (1) و عملت فیه بکذا و لو استأجر فی ذلک العمل صح أن یقول یقوم علی أو هو علی و یضم الأجرة و لو قال بعتک بما قام علی استحق مع الثمن جمیع المؤن التی یقصد بالتزامها الاسترباح مثل ما بذله من دلالة و أجرة البیت (2) و الکیال و الحارس و الحمال و القصار و الصباغ مع علم قدر ذلک کله و لا یستحق المطالبة بالمؤن التی فیها بقاء الملک کنفقة العبد و کسوته (3) و علف الدابة و لیس له الرجوع بما عمل بنفسه (4) کما لو قصر الثوب أو تطوع به متطوع و لا أجرة البیت إذا کان ملکه و یخبر بعد أخذ الأرش عن العیب السابق بالباقی (5) و لو جنی علی العبد فأخذ أرشه لم یضعه (6)
______________________________
الشافعی
(قوله) (و لو عمل فیه ما له زیادة عوض قال اشتریته بکذا و عملت فیه بکذا)
معناه أنه لو قصر الثوب مثلا بنفسه لم تدخل الأجرة فی الثمن و یخبر بالجمیع بواحدة من العبارات الأربع لأنه کذب لأن السلعة لا تعد قائمة علیه إلا بما بذل و کذا لو تطوع متطوع بالعمل و کذا لو کان بیت الحفظ ملکه أو تطوع بإعارة البیت متطوع و ذلک بخلاف ما لو بذل الأجرة لغیره علی ذلک العمل أو علی بیت الحفظ فإنه إذا ضم الأجرة إلی الثمن و قال تقوم علی بکذا کان صادقا فإن أراد استدراک ذلک فیما نحن فیه قال اشتریته بکذا أو قام علی بکذا و عملت فیه لو تطوع علی متطوع بما أجرته کذا و قد بعتک بهما و ربح کذا
(قوله قدس سره) (من دلالة و أجرة البیت إلخ)
و منه أجرة الرفاء و الخیاط و قیمة الصبغ و أجرة الختان و تطیین الدار
(قوله) (کنفقة العبد و کسوته)
و أجرة مسکنه الذی لا بد له منه فلا تدخل فی الثمن لأنها من ضروریات بقائه و تقع فی مقابلة المنافع المستوفاة من المبیع بخلاف الأقمشة المدخرة للاسترباح من دون انتفاع بها و أما العلف الزائد للتسمین و أجرة الطبیب إن کان مریضا فإنها تدخل لأن القیمة تزید بالسمن و زوال المرض فإن حدث المرض فی یده فهو کالنفقة و هل یدخل الکمرک الذی یأخذه السلطان فی لفظ القیام الظاهر دخوله لأنه من جملة المؤن
(قوله رحمه اللّٰه) (و لیس له الرجوع بما عمل بنفسه إلی آخره)
هذا ما أشرنا إلیه آنفا و معناه أنه لا یصح له أن یضم أجرة ذلک إلی الثمن لیخبر بالمجموع کما تقدم و لا یخفی ما فی التعبیر بالرجوع من المسامحة
(قوله) (و یخبر بعد أخذ الأرش عن العیب السابق بالباقی)
یرید أنه لو أخذ أرش العیب السابق أسقطه من رأس المال و أخبر بالباقی فلو اشتراه بمائة فوجد به عیبا فأخذ أرشه عشرة أخبر بتسعین لأن الأرش جزء من الثمن و قد صرح بذلک کله فی المبسوط و غیره و ذلک بخلاف ما لو حظ بعض الثمن أو وهبه إیاه لأن أخذ الأرش قهری و ذلک اختیاری فافترقا و حینئذ فلا یصح له أن یقول اشتریته بتسعین لأن الشراء کان بمائة نعم یقول اشتریته بمائة و یذکر العیب و استرجاع أرشه و له أن یقول رأس مالی تسعون أو تقوم علی أو هو علی بتسعین و الظاهر أن الحکم فی أرش العیب المتجدد بعد العقد و قبل القبض کذلک و کذلک المتجدد بعد القبض فی زمن الخیار لأن ذلک کله مستحق بأصل العقد و مقتضاه فکان کالموجود حالته
(قوله) (و لو جنی علی العبد فأخذ أرشه لم یضعه)
کما صرح به فی المبسوط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 490
و لو جنی العبد فی یده ففداه لم یضم الفداء (1) و لا یضم قیمة النماء المتجدد (2) و یجب علی البائع حفظ الأمانة بالصدق فی قدر الثمن و فی الإخبار عما طرأ فی یده من عیب منقص أو جنایة (3) و لا یجب الإخبار بالغبن (4) و لا بالبائع و إن کان ولده أو غلامه (5) و یجب ذکر تأجیل الثمن (6)
______________________________
و الشرائع و جملة من کتب المصنف و الدروس و غیرها و به یقید إطلاق عبارة اللمعة حیث قال و إن أخذ أرشا سقطه «انتهی» لأن الجنایة حق متجدد لا یقتضیها العقد کنتاج الدابة بخلاف العیب و إن کان حادثا بعد العقد کما بیناه آنفا نعم لو تعیب أو نقصت قیمته وجب الإخبار بالصورة کما فی المبسوط و غیره کما ستسمع
(قوله) (و لو جنی العبد فی یده ففداه لم یضم الفداء)
إلی رأس ماله و یخبر به لأن الفداء لزمه لتخلیص ماله و تبقیة عبده فجری مجری طعامه و شرابه کما صرح به فی المبسوط و التحریر و الدروس و التذکرة و غیرها
(قوله) (و لا یضع قیمة النماء المتجدد)
إذا أثمر النخل أو حملت الدابة فی ید المشتری أو الأمة أو تجدد لبن أو صوف فاستوفاه لم یحطه و لا قیمته من رأس المال لأن ذلک فائدة تجددت فی ملکه نعم إن اشتراها مثمرة و أخذ الثمرة أو حاملا أسقط حصة الثمرة و الولد من الثمن و أخبره بالحال کما لو اشتری عینین و باع أحدهما مرابحة و قد صرح بالحکم المذکور فی المبسوط و غیره و علی هذا یجب علیه الإخبار بوطی البکر و لا یجب أن یخبر عن وطی الثیب و لا عن مهرها الذی أخذه
(قوله) (و یجب علی البائع حفظ الأمانة بالصدق فی قدر الثمن و فی الإخبار عما طرأ فی یده من عیب منقص أو جنایة)
بیع المرابحة مبنی علی الأمانة لاعتماد المشتری علی نظر البائع و استقصائه و ما رضیه لنفسه فیرضی المشتری بما رضیه البائع من زیادة و یبذلها فیجب علی البائع حفظ الأمانة بالصدق فی الإخبار عما اشتری به و عما قام به علیه إن باع بلفظ القیام فلو اشتری بمائة ثم خرج عن ملکه ثم اشتراه بخمسین فرأس ماله خمسون و یجب أن یخبر بالعیوب المتجددة سواء حدثت بآفة سماویة أو بجنایته أو بجنایة أجنبی و قال أبو حنیفة لا یجب الإخبار عن العیب الحادث إذا کان بآفة سماویة
(قوله) (و لا یجب الإخبار بالغبن)
لأنه باع ما اشتری بما اشتری و الإخبار برأس المال لیس مقتضاه عدم الغبن بل الصدق فما أخبر به کما جزم به المصنف و جماعة و قد یقال بناء علی ما ذکرنا آنفا من أن المشتری إنما اعتمد علی نظره و استقصائه و اعتقد أنه لا یجهل الغبن إنه یجب أن یخبره به لیکون علی بصیرة من أمره و کذا إذا کان البائع اشتراه عالما بالغبن (فلیتأمل)
(قوله قدس سره) (و لا بالبائع و إن کان ولده أو غلامه)
الحر أو أباه لأنه أخبر صادقا بما اشتراه به فی عقد صحیح فکان مؤدیا للأمانة کما لو اشتراه من الأجانب خلافا لأبی حنیفة و أحمد فقالا لا یجوز حتی یبین لأن الشراء منهم کالشراء من نفسه و هو کما تری نعم لو واطأه علی الشراء لیخبر به کان غشا حراما و سیتعرض المصنف لذلک و یحکم بعدم الحرمة و یأتی الکلام فیه إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله قدس سره) (و یجب ذکر تأجیل الثمن)
للتفاوت فی الثمن بین المعجل و المؤجل فإن المعجل أقل و المؤجل أکثر فلو لم یخبر به صح البیع إجماعا کما فی الخلاف و الغنیة و لکن للمشتری الخیار بین الرد و الإمساک بالثمن حالا و فی روایات أن للمشتری من الأجل مثله کما یأتی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 491
و لو أسقط عنه البعض جاز أن یخبر بالأصل سواء کان الإسقاط فی مدة الخیار أو بعده (1) و لیس له الإخبار بالشراء فی الأبعاض مع تقسیط الثمن علیها إلا أن یخبره بصورة الحال أنفقت أو اختلفت ساوی بینها أو لا باع خیارها بالأقلّ أو لا (2) و کذا الحامل إذا ولدت و أراد بیعها مفردة
______________________________
بیان ذلک کله عند تعرض المصنف له
(قوله) (و لو أسقط عنه البعض جاز أن یخبر بالأصل سواء کان الإسقاط فی مدة الخیار أو بعده)
کما إذا اشتراه بمائة فحط البائع عنه عشرة فإنه یخبر بالمائة سواء کان الحط فی زمن الخیار لهما أو لأحدهما أو لا فی زمن الخیار و کذا الزیادة لأن الذی وجب بالبیع إنما هو أصل الثمن و عروض السقوط بالإبراء لا یخرجه عن کونه من الثمن و المخالف الشیخ فی المبسوط قال فإن اشتری عبدا بمائة فحط له البائع من الثمن عشرة فأراد بیعه مرابحة فإن کان الحط قبل لزوم العقد مثل أن یکون فی مدة الخیار فالحط یلحق بالعقد فیلزمه أن یحط عنه و إن کان الحط بعد لزوم العقد کان هبة مجددة للمشتری و الثمن ما عقد علیه «انتهی» و ظاهر الغنیة أو صریحها موافقته و هو قول الشافعی و کأنه مبنی علی أن المبیع إنما ینتقل بانقضاء مدة الخیار و هو مبنی ضعیف إذ الثمن ما وقع علیه العقد و لا أثر لوقت انتقال الملک نعم قد یقال علی بعد بالفرق بین ما إذا أخبر بلفظ اشتریت و بین قام علی فإنه لا یخبر عند اللفظ الثانی إلا بالباقی فإن کان قد حط عنه الکل لم یجز بیعه مرابحة بلفظ قام علی
(قوله قدس سره) (و لیس له الإخبار بالشراء فی الأبعاض مع تقسیط الثمن علیها إلا أن یخبره بصورة الحال اتفقت أو اختلفت ساوی بینها أو لا باع خیارها بالأقلّ أو لا)
یرید أنه إذا اشتری شیئین صفقة واحدة أو جملة کذلک ثم أراد بیع بعضها مرابحة لم یکن له ذلک مع تقسیط الثمن علی الأبعاض إلا أن یخبر بصورة الحال تساوت کقفیزی حنطة أو اختلفت کقفیز حنطة و قفیز شعیر أو عبدین أو ثوبین أو عبد و ثوب و سواء ساوی بینهما فی التقویم أو لا و سواء باع خیارها بالأقلّ أو لا إلا أن یخبر بصورة الحال فی ذلک کله لتفاوت القیم و الأغراض و لأن توزیع الثمن علی القیمتین خرص و تخمین یتطرق إلیه الخطاء غالبا فلا یخرج فی الجمیع عن الکذب قال فی المبسوط إذا اشتری سلعتین صفقة لم یجز أن یبیع أحدهما مرابحة بتقویمه إلا أن یبین ذلک و مثلها عبارة النهایة و الخلاف و الوسیلة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و المختلف و الدروس و اللمعة و إیضاح النافع و غیرها و فی الخلاف الإجماع علیه و فی التنقیح لا نعلم فی ذلک خلافا إلا من ابن الجنید حیث جوز ذلک إذا کانت الأمتعة لا تفاضل بینها و فی الریاض أنها إن کانت متساویة فعدم الجواز علیه المتأخرون کافة (قلت) و یدل علی الحکم المذکور ما رواه ثقة الإسلام فی الصحیح عن أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام قال سألته عن الرجل یشتری المتاع جمیعا بالثمن ثم یقوم کل ثوب بما یسوی حتی یقع علی رأس المال جمیعا أ یبیعه مرابحة قال لا حتی یبین له أنه إنما قومه و مثله من دون تفاوت أصلا ما رواه الشیخ فی التهذیب فی الصحیح و الفقیه عن محمد عن أحدهما علیهما السلام و ظاهر هذین الخبرین أنه إذا أخبر بذلک یکون مرابحة و کأنه تجوز بإطلاق المرابحة علیه للمشابهة و بذلک یعتذر عن عبارة النهایة و المبسوط و الکتاب و غیرها و یکون اعتراض السرائر علی عبارة النهایة اعتراضا فی عبارة قال فی السرائر بعد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 492
و لا یخبر الدلال بالشراء عن تقویم التاجر مجردا عن البیع سواء ابتدأه أو لا (1)
______________________________
نقل قوله فی النهایة لم یجز أن یخبر بذلک الشراء و لا أن یبیعه مرابحة إلا بعد أن یبین أنما قوم ذلک کذلک لیس هذا بیع المرابحة لأن موضوع بیع المرابحة فی الشرع أن یخبر بالثمن الذی اشتراه و هذا لیس کذلک قال فی المختلف هذه المنازعة لفظیة (و إلی ذلک) أشار فی النافع حیث قال و لو أخبر بذلک جاز لکن یخرج عن وضع المرابحة لکن قال فی الروضة و لا یقوم أبعاض الجملة و یخبر بما یقتضی التقسیط من الثمن و إن کانت متساویة أو أخبر بالحال «انتهی» و التأویل ممکن (فتأمل) (و عساک تقول إنه یرد علی الحکم المذکور ما إذا أتلف بعض الصفقة قبل القبض فرجع بحصته من الثمن و رضی بالبیع فی الباقی فإنه یصح الإخبار و ذلک ینافی ما ذکروه و کذا إذا ظهر مستحقا (لأنا نقول) المبیع هو الباقی بعد التلف و لهذا توقف لزومه علی رضاه و مثله العبد المعیب إذا أخذ أرشه و قد أشار بقوله اتفقت أو اختلفت إلی خلاف أبی علی و القاضی علی ما حکی عن الثانی فی الدروس فإنهما جوزاه فیما لا تفاضل فیه کالمعدود المتساوی و قد رموه بالضعف لأن الکذب لازم و کذلک الحامل إذا ولدت و أراد بیعها منفردة لأن الثمن فی مقابل المجموع و لیس للأبعاض ثمن و کما لا یجوز البیع فی ذلک مرابحة کذا لا یجوز مواضعة و تولیة و کذلک الحال لو استأجر أمکنة صفقة أو تقبل أعمالا صفقة و قلنا بجواز الإیجار بالزیادة مطلقا فإن الظاهر أن لیس له الإیجار علی صفة المرابحة
(قوله) (و لا یخبر الدلال بالشراء عن تقویم التاجر مجردا عن البیع سواء ابتدأه أم لا)
أما عدم جواز إخبار الدلال بما ذکر المصنف (إلخ) فلا خلاف فیه لأنه کاذب فی إخباره إذ مجرد التقویم لیس بیعا (و یدل علیه) ما رواه فی الکافی عن الکتانی و الفقیه عنه و عن سماعة و التهذیب عن الکتانی و عمر بن عیسی عن سماعة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یحمل المتاع لأهل السوق و قد قوموا علیه قیمة فیقولون بع فما ازددت فلک قال لا بأس بذلک و لکن لا یبیعهم مرابحة و لا ریب أنه یجوز لو أخبر بالصورة لکنه خارج عن وضع المرابحة کما قالوه فی المسألة السابقة فلو باعه بزیادة کان للدلال أجرة المثل لأنه عمل عملا له أجرة عادة فإذا فات المشروط له رجع إلیها و الزیادة للتاجر لأنها نماء ملکه سواء کان التاجر دعاه أو لا کأن قال بع هذا و لک ما زاد أو کان الدلال ابتدأه فقال خبرنی بثمن هذا المتاع و اربح علی فیه شیئا لأبیعه ففعل التاجر کما هو خیرة السرائر و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التحریر و الإرشاد و الکتاب و التذکرة و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و غیرها للقاعدة المعتضدة بالشهرة المتأخرة و المخالف المفید فی المقنعة و الشیخ فی النهایة و القاضی علی ما حکی عنه و نسبه فی کشف الرموز إلی الشیخین و أتباعهما و لم أجده فی المراسم و الوسیلة و قد مال إلیه أو قال به فی المختلف و فی الدروس أن قول الشیخین أثبت و الشیخان علی ما فهم الجماعة منهما کالمحقق و المصنف و الشهید فرقا بین ما إذا دعا التاجر الدلال فقال بعه بکذا و الزائد لک و بین ما إذا قال الدلال للتاجر خبرنی بثمن هذا الثوب و اربح علی فیه شیئا لأبیعه ففعل التاجر فحکما فی الصورة الأولی بأن الزیادة للدلال إن باعه بزیادة و إن باعه بالقیمة لم یکن له علی التاجر شی‌ء و إن باعه بدونها کان علیه تمام القیمة و إن لم یبعه کان له رده و لم یکن للتاجر الامتناع من قبوله و لو هلک المتاع فی ید الواسطة من غیر تفریط منه فیه کان من مال التاجر و حکما فی الثانیة بأن الزیادة للتاجر دون الدلال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 493

[أما التولیة]

و أما التولیة فهی إعطاء المتاع برأس المال فیقول ولیتک أو بعتک و شبهه فیقول قبلت التولیة أو البیع (1)
______________________________
فکانت هذه الصورة موضع وفاق و الخلاف إنما هو فی الأولی (و یدل) علی قول الشیخین (ما رواه) ثقة الإسلام و الشیخ فی التهذیب فی الصحیح عن محمد عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه قال فی رجل قال لرجل بع لی ثوبا بعشرة دراهم فما فضل فهو لک قال لیس به بأس (و ما رواه) الشیخ فی الصحیح عن زرارة و فی الموثق أیضا عنه و الخبر الذی سمعته المروی فی الکتب الثلاثة و قد نزلها جماعة علی کون الواقع من التاجر علی تقدیر ابتدائه جعالة فیلزم ما عینه و لا یقدح فیها الجهالة کما قال ابن إدریس لأن الجهالة فی مال الجعالة إذا لم تؤد إلی النزاع غیر قادحة کما لو قال من رد عبدی فله ثیابه و لو لم تحصل زیادة فلا شی‌ء له کما لو لم یوجد علی العبد ثیاب (فأما) إذا کان المبتدی هو الدلال فیحمل عدم وجوب شی‌ء علیه علی أنه لم یشترط له شیئا و إلا فلو عقب کلام الدلال بلفظ یدل علی الرضا بما عینه کان کما لو ابتدأه کما لو قال لمن ذهب عبده أرد عبدک علی أن لی نصفه أو ثیابه ابتداء منه فقال مولی العبد لک ذلک فیستحق ما عین له (فعلی) هذا یتم کلام الشیخین و الروایات من غیر منافاة لکلام الأصحاب و یسقط ما فی جامع المقاصد و إیضاح النافع من عدم الفرق بین ما إذا کان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه و لیس ذلک خاصا بعبارة الکتاب و الدروس کما ظنه المحقق الثانی بل عبارة الشرائع و النافع و غیرهما کذلک کما أشرنا إلیه آنفا و کأنهم استظهروا ذلک من عبارتی الشیخین و علی ذلک جری الشارحون و المحشون و عبارة المقنعة منقولة فی المختلف حرفا فحرفا و مثلها عبارة النهایة و لو لا طولهما لنقلناهما (فلیتأمل فی المقام جیدا) و یبقی ما فی التنقیح من أن جهالة عوض الجعالة علی هذا الوجه قادحة لمکان الغرر و لیست العلة عدم النزاع و کلامهم فی باب الجعالة و المقام صریح فی أنها إذا لم تؤد إلی النزاع تکون غیر قادحة قال فی الدروس إن کلام الشیخ أثبت لأنها جعالة مشروعة و جهالة العوض غیر ضائرة لعدم إفضائه إلی التنازع و نحوه ما فی المختلف و غیره (و قد یقال) إن أقصی ما دلت علیه هذه الأخبار نفی البأس مع المراضاة و هو مما لا کلام فیه و إنما الکلام مع عدمها حیث یرجع رب المال عما قال و لا دلالة فی الأخبار علی لزوم ما قال بحال (فلیتأمل) و لا یخفی ما فی عبارة الکتاب من الإیجاز الذی کاد یکون مخلا
(قوله قدس سره) (و أما التولیة فهی إعطاء المتاع برأس المال فیقول ولیتک أو بعتک و شبهه فیقول قبلت التولیة أو البیع)
قال فی التذکرة التولیة نوع من البیع و هو أن یخبر برأس المال و یبیعه به من غیر زیادة و لا نقصان و لا خلاف فی جوازه (انتهی) و هو کذلک إذا وقع بلفظ بعتک کما أشار إلیه بقوله و یبیعه (و أما) إذا وقع بلفظ ولیتک ففی التذکرة و الدروس و المیسیة و المسالک و الروضة أنه یجعل مفعوله العقد و لو قال ولیتک السلعة ففی الدروس و المسالک أنه یحتمل الإجزاء (قلت) صریح الإرشاد و ظاهر الشرائع و الکتاب و التحریر و غیرها صحة ولیتک السلعة و لم أجد للتولیة ذکرا فی المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف و المراسم و الوسیلة و الغنیة و السرائر و لعلهم ذکروها بالمعنیین الأخیرین فی مقام آخر زاغ عنه النظر و قد ذکرت التولیة فی المبسوط و بعد ما ذکر فی باب السلف حیث جوزوا بیعه تولیة فإذا کانت موجودة فی کلامهم کانت موجودة فی زمن الشارع فتکون عقدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 494
و هو بیع یلحق به أحکام البیع من الشفعة (1) و التقابض فی المجلس إن کان صرفا و یشترط العلم برأس المال لا ذکره و یلزمه مثل الثمن الأول جنسا و وصفا و قدرا

[أما المواضعة]

و أما المواضعة فهی مأخوذة من الوضع و هو أن یخبر برأس المال ثم یقول بعتک به و وضیعة کذا و یکره لو قال بوضیعة درهم من کل عشرة (2) فلو کان الثمن مائة لزمه تسعون و لو قال من کل أحد عشر کان الحط تسعة دراهم و جزءا من أحد عشر جزءا من درهم فیکون الثمن إحدی و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم و کذا لو قال بوضیعة درهم لکل عشرة (3)
______________________________
یجب الوفاء به کما قرر فی محله و قد تقدم الکلام فی الصیغ فی أول باب البیع و ظاهر التذکرة الإجماع علی عدم جوازها فی غیر البیع کما إذا أرادت المرأة التولیة علی صداقها بلفظ القیام أو أراد الرجل التولیة علی ما أخذه من عوض الخلع قال فی التذکرة بعد ذکر هذین لا یجوز التولیة عندنا فی مثل هذه الأشیاء و قد نص فیها علی أنه لا بد من کون الثمن مثلیا لیأخذ المولی مثل ما بذله فلو اشتراه بعرض لم یجز التولیة (قلت) إلا إذا انتقل ذلک العرض من البائع إلی إنسان ولاه المشتری العقد و لعله أشار إلی هذا الشرط المصنف فی الکتاب بقوله و یلزمه مثل الثمن الأول جنسا و وصفا و قدرا و نحوه ما فی الروضة (فتأمل جیدا) و لعل التولیة أولی من المرابحة إذا کان المشتری مؤمنا لکراهة الربح علی المؤمن و علی هذا فالمواضعة أولی منها إلا أن تقول قد یکون حفظ رأس المال بل الربح مطلوبا و لا سیما مع حاجة البائع و غناء المشتری
(قوله) (و یلحق به أحکام البیع من الشفعة)
فلو کان المبیع شقصا مشفوعا و عفا الشفیع تجددت الشفعة بالتولیة
(قوله) (و یکره لو قال بوضیعة درهم من کل عشرة)
کما فی التحریر و التذکرة لمثل ما ذکر فی المرابحة
(قوله) (فلو کان الثمن مائة لزمه تسعون و لو قال من کل أحد عشر کان الحظ تسعة دراهم و جزءا من أحد عشر جزءا من درهم فیکون الثمن إحدی و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم و کذا لو قال بوضیعة درهم لکل عشرة)
یرید أنه لو قال بوضیعة درهم من کل عشرة و کان الثمن مائة لزمه تسعون و یکون الحط عشرة وفاقا للمبسوط و الخلاف و الشرائع و التذکرة و التحریر لأن الوضع من نفس العشرة یقتضی ذلک حملا للفظة من علی الظاهر و هو التبعیض و حکی فی التحریر قولا بأن الحط فی المثالین المذکورین تسعة و جزء من أحد عشر من درهم فیکون الثمن واحدا و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم و حکی فی المسالک عن جماعة من الأصحاب احتمال ذلک حملا لمن علی ابتداء الغایة و یکون التقدیر من کل عشرة تسلم لی (قلت) قد احتمل ذلک الشهید فی غایة المراد و قد حکی ذلک فی الخلاف کما ستسمع و منه یعلم حال ما لو قال من کل أحد عشر فإن الوجهین جاریان فیه لکن لم یحتمل أحد فیه الوجه الثانی فیما أجد (و أما) لو قال بوضیعة درهم لکل عشرة فقد حکم المصنف بأنه کما لو قال من کل أحد عشر أی یکون الثمن إحدی و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم لأن الوضیعة للعشرة غیر العشرة لأنه المتبادر و به قطع جماعة کالمحقق الثانی و الشهید الثانی قالوا فإنه بمنزلة ما لو قال من کل أحد عشر (و قد یقال) إن مقتضی الکلام الوضع لکل عشرة درهم فبعد حذف التسعة عن المائة لا ینبغی وضع شی‌ء آخر عن تلک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 495
..........
______________________________
الواحدة إذ لا دلیل علیه فیکون الثمن إحدی و تسعین (و قد یؤیده) أن الأصل عدم الوضع فلو ادعی البائع هذا المعنی حمل علیه و لو مات و لم یفسر حمل علیه أیضا إلا أن یقال المراد الحط لکل عشرة جزءا من خارج درهما کان أو عشرة ملاحظة لجانب المشتری لأن الأصل عدم الزیادة (فلیتأمل) بقی الکلام فیما لو قال بوضیعة العشرة درهما فیحتمل کونه تسعین و کونه إحدی و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم التفاتا إلی کون الإضافة بمعنی من أو بمعنی اللام إذ کل منهما محتمل (و ربما قیل) بالبطلان لتکافؤ الاحتمالین الموجب لجهالة الثمن و الاحتمال الأول خیرة المبسوط و الشرائع و هو الذی استقر علیه رأیه فی الخلاف بعد أن اختار الاحتمال الثانی و إن کان بناه علی أمر آخر کما ستسمع کلامه (و وجهه) أنه المتبادر إلی الذهن و مبناه علی أن الإضافة بمعنی من التبعیضیة فکأنه قال الوضیعة من کل عشرة دراهم درهما و هو واضح و رده فی المسالک تبعا للمیسیة بأن الإضافة بمعنی من لا تکون إلا فی من البیانیة لا التبعیضیة کما فی خاتم فضة و أربعة دراهم و شرط من التبیینیة أن یصح إطلاق المجرور بها علی المبین کما فی قوله تعالی فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثٰانِ قال (و قد صرح) بذلک المحقق الرضی و ابن هشام و ناهیک بهما و حینئذ فینتفی القول بحمل الإضافة فی المسألة علی معنی من رأسا لأن الموضوع المضاف بعض العشرة و لا یصح الإخبار بها لتعین کونها بمعنی اللام (انتهی) و نحوه ما فی الروضة (و فیه) أن صاحب الکشاف قال فی إضافة اللهو إلی الحدیث إنه یجوز أن تکون الإضافة بمعنی من التبعیضیة قال کأنه قیل من الناس من یشتری بعض الحدیث الذی هو اللهو منه و قال المراد الحدیث المنکر کما ورد الحدیث فی المسجد یأکل الحسنات کما تأکل البهیمة الحشیش و نص السید شریف فی بیان معنی فاتحة الکتاب أن الإضافة بمعنی من قد تکون فی من التبعیضیة و نقله عن البعض و عن صاحب الکشاف و ناهیک بهم مضافا إلی أن ذلک لا یخفی علی مثل الشیخ و المحقق و المصنف و الشهید و فخر الإسلام و المحقق الثانی مع ما یرون من اشتهار کون الإضافة بمعنی من بیانیة سلمنا و ما کان لیکون لکنه کلام سوقی فیحمل علی المتبادر منه و یرشد إلیه اتفاقهم إلا ممن ندر ممن لا یعرف علی أنه إذا قال من کل عشرة یکون الحکم کذلک و إذا قال لکل عشرة یکون الحکم کما لو قال من کل أحد عشر و ما ذاک إلا لکون الإضافة فی الأول بمعنی من و فی الثانیة بمعنی اللام و تجویز کون من لابتداء الغایة بعید (فلیتأمل) هذا تمام الکلام فی الاحتمال الأول (و أما) احتمال الأمرین من دون ترجیح فموجود فی الإرشاد و الدروس و غایة المراد و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد للمحقق الثانی و تعلیقه للسید شمس الدین لکن الظاهر من الإرشاد و بعض ما ذکر ترجیح الأول کما أن صریح جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد البطلان لتکافؤ الاحتمالین إلا أن یکون هناک قرینة فیصار إلی مقتضاها حالیة کانت أو مقالیة قال فی الإرشاد و لو قال وضیعة کل عشرة درهم أو مواضعة العشرة درهم فالثمن تسعون و یحتمل أحد و تسعون إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم فتراه کیف قدم الأول و جعل الثانی احتمالا (و أما) الوضیعة و المواضعة فلا فرق بینهما من جهة المعنی بل الوضیعة أولی لأن المواضعة مفاعلة لا تدخل فی الباب إلا بتجشم (و أما) تعریف العشرة فی الوضیعة الثانیة فی عبارة الإرشاد فهو للجنس فلا تفاوت بین الصیغتین لا من جهة التعریف و التنکیر و لا من جهة الوضیعة و المواضعة و قال المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد فی وجه تساوی الاحتمالین إنه لا ترجیح لأحدهما باعتبار أصل الوضع لأن المعنی الأول منزل علی کون الإضافة بمعنی من و الثانی علی کونها بمعنی اللام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 496

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول یجوز لبائع المتاع شراؤه بزیادة و نقیصة]

(الأول) یجوز لبائع المتاع شراؤه بزیادة و نقیصة حالا و مؤجلا بعد القبض و یکره قبله إن کان مکیلا أو موزونا علی رأی (1) و لو شرط الابتیاع حال البیع لم یجز (2)
______________________________
و کل منهما محتمل (انتهی) و ربما رجح الاحتمال الثانی بأن المواضعة علی حد المرابحة للتقابل فکما اقتضت المرابحة المعنی الثانی فکذا المواضعة و هو ضعیف لانتفاء التلازم (و قد ذکر) ذلک فی الخلاف (قال) اختلف الناس فیما إذا قال بعتک بمائة بمواضعة العشرة درهما فقال أبو حنیفة و الشافعی الثمن تسعون و عشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم و قال أبو ثور الثمن تسعون و به قال أبو الطیب الطبری فی تعلیقه و خطأ أبا حامد (ثم قال) دلیلنا ما ذکره حذاق العلماء و هو أن البیع مرابحة و مواضعة فإذا باعه مرابحة ربح درهم علی کل عشرة کان مبلغ الثمن مائة و عشرة و کان قدر الربح جزءا من أحد عشر جزءا من الثمن فوجب أن تکون المواضعة حط جزء من أحد عشر جزءا من الثمن فإذا کان الثمن مائة حططت منه جزءا من أحد عشر جزءا فتحط تسعة من تسعة و تسعین و یبقی درهم ینحط منه جزء من أحد عشر جزءا (و قیل) فیه أیضا قوله وضیعة درهم من کل عشرة معناه یوضع من کل عشرة تبقی لی درهم من أصل رأس المال و تقدیره وضیعة درهم بعد کل عشرة فیکون الثمن أحد و تسعین إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم و علی هذا أبدا قالوا إذا أردت مبلغ الثمن فی ذلک فعقد الباب فیه أن تضیف الوضیعة إلی رأس المال للمقابلة ثم تنظر کم قدرهما فما اجتمع فأسقط ذلک القدر من رأس المال و هو الثمن (و بیانه) إذا قال رأس مالی عشرون بعتکها برأس مالی مواضعة العشرة درهمین و نصف فتضیف إلی العشرین قدر الوضیعة فهو خمسة دراهم فیصیر خمسة و عشرین فتنظر کم خمسة من خمسة و عشرین فإذا هی خمسها فأسقط من رأس المال و هو عشرون الخمس و هو أربعة یکون الثمن ستة عشر درهما و علی هذا أبدا (و قول) أبی ثور أقوی عندی لأنه إذا قال مواضعة عشرة واحدا أضاف المواضعة إلی رأس المال فرأس ماله مائة فیجب فیه عشرة فیبقی تسعون و لم یضفه إلی ما یبقی فی یده و لو کان ذلک لکان الأمر علی ما قالوه فأما حمل الوضیعة علی الربح فذلک قیاس و نحن لا نقول به (انتهی) کلامه فی الخلاف (و حاصله) أنه استدل علی قول أبی ثور بأنه أضاف المواضعة إلی رأس المال و هو مائة لا إلی ما یبقی فی یده سالما له فیسقط عشرة و یبقی فی یده تسعون و أما ما حکاه بقوله (و قیل فیه) أیضا فحاصله أن الوضیعة مما یبقی له من أصل المال فالتقدیر وضیعة درهم بعد کل عشرة فیکون معناه من کل أحد عشر (و ضابط الأول) نسبة الوضیعة إلی رأس المال فیسقط بقدرها (و ضابط الثانی) نسبة الوضیعة إلی المجموع المرکب من رأس المال و قدرها فعلی الأول تنسب العشرة إلی المائة فتسقط العشرة و علی الثانی تنسبها إلی مائة و عشرة فیکون جزءا من أحد عشر فیسقط من رأس المال جزء من أحد عشر
(قوله) (فروع) (الأول) یجوز لبائع المتاع شراؤه بزیادة و نقیصة حالا و مؤجلا بعد القبض و یکره قبله إن کان مکیلا أو موزونا علی رأی)
قد تقدم الکلام فی المسألة مستوفی أکمل استیفاء و هو من متفردات هذا الکتاب عند قوله فی باب السلم و لا یجوز بیع السلم قبل حلوله إلی قوله و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم علی کراهیة (انتهی)
(قوله) (و لو شرط الابتیاع حال البیع لم یجز)
هذا إجماعی دلیله الأخبار و لیس دلیله الدور کما فی التذکرة و لا عدم القصد إلی حقیقة الإخراج کما فی غایة المراد و قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 497
و یکره لو کان قصدها ذلک و لم یشترطاه فلو باع غلامه سلعة ثم اشتراها بزیادة قصدا للإخبار بالزائد جاز إن لم یکن شرط الابتیاع (1)

[الثانی لو ظهر کذب البائع فی إخباره تخیر المشتری]

(الثانی) لو ظهر کذب البائع فی إخباره تخیر المشتری فی الإمضاء بالمسمی و الفسخ و لیس له قدر التفاوت سواء کان الکذب فی قدر الثمن أو جنسه أو وصفه أو حلوله (2)
______________________________
تقدم الکلام فیه فی باب النقد و النسیئة بما لا مزید علیه فلیراجع
(قوله رحمه اللّٰه) (و یکره لو کان قصدهما ذلک و لم یشترطاه فلو باع غلامه سلعته ثم اشتراها بزیادة قصدا للإخبار بالزائد جاز إن لم یکن شرط الابتیاع)
کما صرح بذلک کله فی الشرائع و التحریر و الإرشاد و التذکرة بل فی الأخیر أنه لیس من التدلیس نعم استعمل حیلة شرعیة و الأصل فی ذلک کلام الشیخ (قال فی المبسوط) إذا اشتری ثوبا بخمسین فباعه غلام دکانه الحر ثم اشتراه بمائة جاز له عند بیع المرابحة أن یخبر بالثمن الثانی لأن الشراء من غلامه صحیح فهو الثمن الذی تملکه به الآن و لیس هذا مکروها بل البیع الأول من غلامه إذا اعتقد أن الغلام یبیعه عند التبایع من صاحبه کان مکروها و لو شرط هذا العقد کان باطلا بأن یقول بعتک بشرط أن تبیعنی فهذا باطل انتهی (فلیتأمل فی کلامه) هذا و موافقته لهم و فی حواشی الشهید أن هذه المسألة لم نرها فی کتب القدماء و لا الروایات الواصلة إلینا و الأولی المنع لعموم قوله علیه السلام من غشنا فلیس منا و لأن المشتری لم یترک المماکحة إلا اعتمادا علی مماکحته لنفسه و وثوقا باستقصائه فی النقیصة لنفسه فکان ذلک خیانة (انتهی) و فی الدروس و تعلیق الإرشاد و المیسیة أنه غش حرام و فی اللمعة و الروضة أنه خدیعة و تدلیس و فی جامع المقاصد فیه إشکال و تأول المولی المقدس الأردبیلی کلام الإرشاد بما قال فی المسالک إنه هو الذی ینبغی فهمه قال الأردبیلی إن المراد من قصدهما هو ما إذا کان فی خاطرهما و لکن ما شرطاه لا لفظا و لا قصدا نعم قصدهما إذا وقع هذا البیع أن یتعاکسا البیع بعده من دون شرط لفظا و لا قصدا بل أوقعاه من دون قصد ذلک خالیا (و خالیا خ ل) عنه لفظا و نیة إلا أنهما یریدان ذلک بعده تبرعا و استیثاقا لا وفاء للشرط و أما إذا کان القصد الشرط و ذکر ذلک مقدما و إن لم یذکر فی العقد و کانت المعاملة علی ذلک فالظاهر حینئذ عدم الانعقاد (انتهی) و هو تأویل بعید عن عباراتهم و لا سیما عبارة التذکرة و قد أسمعناکها (و قال فی المسالک) إن قوله فی الشرائع و لو شرط لم یجز لأنه خیانة یقتضی التحریم مع عدم الشرط إذا کان قصدهما ذلک لتحقق الخیانة و مجرد عدم لزوم بیعه علیه علی تقدیر عدم شرطه لا یرفع الخیانة مع اتفاقهما علیها و نقل فی المسالک أیضا أن بعضهم أورد علی قولهم إنه یکره إذا کان ذلک من قصدهما و لم یشترطاه لفظا بما لفظه أن مخالفة القصد للفظ تقتضی بطلان العقد لأن العقود تتبع القصود فکیف یصح العقد مع مخالفة اللفظ للقصد قال و أجیب بأن القصد و إن کان معتبرا فی الصحة فلا یعتبر فی البطلان لتوقف البطلان علی اللفظ و القصد و کذلک الصحة و لم توجد فی الفرض و کان السؤال و الجواب غیر مفهومین لی أو غیر مستقیمین کما هو الظاهر عند المولی المقدس الأردبیلی رحمه اللّٰه
(قوله قدس سره) (لو ظهر کذب البائع فی إخباره تخیر المشتری فی الإمضاء بالمسمی و الفسخ و لیس له قدر التفاوت سواء کان الکذب فی قدر الثمن أو جنسه أو وصفه أو حلوله)
إذا ظهر کذب المشتری فی إخباره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 498
..........
______________________________
صح البیع بلا خلاف علی الظاهر و وجهه أنه عقد علی مبیع معلوم بثمن معلوم حال العقد مقرون بالرضا منهما فبکون صحیحا و الکذب فی الإخبار ینجبر بالخیار کالعیب إذا لم یعلم به و هو مما لا یوجب البطلان و نقص الثمن و إنما یوجب إثما و خیارا و لم أجد من تأمل فی ذلک ممن تعرض له إلا المولی الأردبیلی فإنه قال قد یتخیل عدم الانعقاد لعدم حصول الرضا إلا علی ذلک الوجه و هو خیال مخالف للواقع عند التأمل و للإجماع علی الظاهر و کذلک الحال لو بان غلطه فی الإخبار إلا أنه لا إثم علیه و ظهور کذبه و غلطه یکون بالبینة أو الإقرار و أما أن الخیار للمشتری بین الإمضاء بالمسمی أو الفسخ إذا ظهر کذبه فهو خیرة المحقق و المصنف و من تأخر عنهما و أما القول بأن له أخذه بحط زیادة و ربحها فإنما هو حیث یظهر غلطه فیه لأن القائل به الشیخ فی المبسوط و فی الخلاف و قواه قال فی المبسوط و إذا قال رأس مالی مائة و بعتک بربح کل عشرة واحدا فقال اشتریته ثم قال غلطت اشتریته بتسعین کان البیع صحیحا و لزمه من الثمن تسعة و تسعون درهما و قیل إن المشتری بالخیار بین أن یأخذه بمائة و عشرة أو یرده لأن نقصان الثمن عما قال عیب له أن یرده به (ثم قال) و قیل أیضا إن بان ذلک بقول البائع لزم المشتری تسعة و تسعون درهما و إن قامت به البینة فللمشتری الخیار علی کل حال و فی الخلاف قوی القول المذکور فی صورة الغلط و لم یتعرض فیهما لظهور الکذب نعم قال أبو علی لو تبایعا مرابحة فأقر البائع أو قامت البینة بأن ثمن ما أخبر بأنه شراه بستین درهما ثلاثون درهما کان للمشتری أن یرجع بالثلاثین و قسطها من الربح و ظاهره أنه مخالف فی المسألة الأولی (فتأمل) و ظاهر الشرائع و الروضة أو صریحهما أن الخلاف واقع فی المسألتین و علی کل حال فحجة هذا القول أنه باعه برأس ماله و ما قدره من الربح فإذا بان رأس ماله قدرا معینا کان مبیعا به و ذلک هو مقتضی المرابحة شرعا (و فیه) أنه إنما باعه برأس ماله الذی أخبر به لا بما هو فی نفس الأمر (و أما التفصیل) الذی نقله فی المبسوط فوجهه أنه إن أقر کان مأمونا و لا کذلک لو بان بالبینة (فتأمل) و علی کل حال فلا خیار للبائع عند الجمیع کما هو ظاهر التحریر قال و لا خیار للبائع عندنا و قد نص علیه فی المبسوط و غیره و هل یسقط خیار المشتری علی قول المبسوط احتمالان کما فی المسالک و غیرها و فی المبسوط أن الأولی أن لا خیار له لأنه نقصه من ثمنه (قلت) و لأنه رضی بالأکثر فبالأقل أولی و قال فیه (و قیل) إن له الخیار لأن هذا خیانة و لا یؤمن أن یکون فی القول الذی رجع إلیه خائنا (قلت) و لأنه قد یکون له غرض بالشراء بهذا الثمن لإبرار قسم أو إنفاذ وصیة و قیل بالتفصیل بین ما إذا بان کذبه بالإقرار أو البینة (و لیعلم) أنه قال فی التذکرة إذا ثبت الخیار للمشتری فقال البائع لا تفسخ فإنی أحط الزیادة سقط الخیار و للشافعی وجهان و أما إذا ظهر کذبه فی الحلول کما لو کان قد ابتاع بأجل ثم باع مرابحة و لم یخبر به فلا خلاف فی صحة البیع کما فی المبسوط و الخلاف و الغنیة لعموم الکتاب و السنة و خصوص أخبار المسألة کما ستسمع و المشهور أن المشتری حینئذ مخیر بین الرد و الإمساک بالثمن حالا و لیس له من الأجل المذکور شی‌ء و هو خیرة المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و النافع و کتب المصنف و هو مذهب الأکثر کما فی تعلیق الإرشاد و مذهب کثیر کما فی غایة المراد و هو الأشهر بین الطائفة سیما متأخریهم بل ظاهرهم الاتفاق علیه کما فی الریاض (و فیه) أن صاحب کشف الرموز متوقف کالشهید فی غایة المراد و المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد و هو أی التوقف ظاهر الدروس و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و التنقیح و المقتصر و المهذب البارع إذ لم یرجح فیها شی‌ء من القولین و صاحب إیضاح النافع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 499
..........
______________________________
بعد التأمل و النظر مال إلی المشهور و لم یتعرض له فی الشرائع و حواشی الشهید و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و صاحب مجمع البرهان کأنه مال إلی العمل بالأخبار أو قال به و المخالف الشیخ فی النهایة و أبو جعفر الطوسی فی الوسیلة و أبو علی و القاضی فیما حکی عنهما قالوا للمشتری من الأجل مثل ما کان للبائع و لم یتعرض له من القدماء الصدوق و المفید و أبو یعلی و علم الهدی و الراوندی و لا بد من تحریر محل النزاع (فنقول) المسألة المبحوث عنها عبارة عن أن یشتری سلعة بأجل و یبیع مرابحة و لم یخبر بالأجل و ذلک أعمّ من أن یدعی البائع الحلول أو لا یدعی حلولا و لا عدمه کما هو الظاهر من إطلاق کلامهم لکن ظاهر المختلف أن محل النزاع إنما هو حیث یدعی الحلول (و أما) إذا لم یدع حلولا و لا عدمه فهو و إن کان مقتضی القواعد حمله علی الحلول أیضا لکنا فی المقام نحمله علی الأجل لمکان الأخبار الواردة فی المقام و هی و إن کانت بإطلاقها شاملة للصورتین إلا أنها مخصوصة و منزلة علی الصورة الثانیة و هو حمل حسن لکنه یحتاج إلی شاهد و الحاصل أن هنا قاعدتین (الأولی) أنه عقد علی مبیع معلوم بثمن معلوم مقرون بالرضا منهما حال العقد و لم یتعرض فیه لذکر الأجل فلا یدخل فیه و الکذب فی الأخبار یقضی بأن له الخیار کما سلف فی المسألة السابقة (و الثانیة) أن إطلاق العقد ینصرف إلی التعجیل و الحلول و لا ینزل علی الأجل و نحن فی المقام قد خرجنا عن القاعدتین لمکان الأخبار و قد یتوهم اتحادهما لکنهما عند التحقیق متغایرتان قطعا و الأمر فی ذلک سهل و المحقق الثانی جعل محل النزاع شیئا آخر قال ظاهر الأخبار یقتضی ثبوت مثل الأجل لکن لیس فیها تصریح بکون البائع عین الثمن و أهمل الأجل أو باع بمثل ما اشتراه و لم یعین شیئا و قال المصنف فی المختلف حمل الروایات علی المعنی الثانی (و استشکله) ثم قال أقول إذا عین البائع الثمن و أهمل الأجل و جری العقد علی ذلک ینبغی الجزم بالصحة من غیر أجل إذ لیس فی الأخبار و غیرها ما ینافی ذلک و إذا باع بما اشتراه و لم یعین شیئا و کان مؤجلا استحق مثل الأجل إن صححنا البیع و هذه هی مدلول الروایات (انتهی) و أنت خبیر بأنه لا یجوز أن یحمل کلامه فی المختلف و الروایات علی ما إذا باعه بمثل ما اشتراه من غیر تعیین کمیة الثمن لأن العقد حینئذ باطل کما أشار إلیه بقوله إن صححناه (حجة الشیخ) فی المبسوط و من وافقه ما عرفت من أن ذلک مقتضی القواعد (و حجة الشیخ فی النهایة) و من وافقه خبر میسر (میسرة خ ل) بیاع الزطی المروی فی الکافی و الفقیه و التهذیب قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام إنا نشتری المتاع بنظرة فیجی‌ء الرجل فیقول بکم تقوم علیکم (علیک خ ل) فأقول بکذا و کذا فأبیعه بربح فقال إذا بعته مرابحة کان له من النظرة مثل ما لک (الحدیث) و هو طویل و نحوه خبر السراد عن أبی محمد الوابشی و خبر هشام ابن الحکم و هو حسن کالصحیح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یشتری المتاع إلی أجل فقال لیس له أن یبیعه مرابحة إلا إلی الأجل الذی اشتراه إلیه فإن باعه مرابحة و لم یخبره کان للذی اشتراه من الأجل مثل ذلک و قد حملها فی المختلف علی ما إذا باعه بمثل ما اشتراه و أخفی عنه النسیئة و لم یشترط النقد و حاصل معناه ما أسلفناه عند تحریر محل النزاع و به یندفع ما أورده علیه فی غایة المراد بقوله و هذا الحمل مضمون الروایات بعینه فالتوقف حسن (انتهی) و معناه إن أراد فی المختلف أنه باعه بمثل ما اشتراه مع تعیین المقدار و لم یعین (یدع خ ل) حلولا و لا عدمه فهو محل البحث و الروایات تدل علی خلافه فلا یکون هناک حمل للروایات و إن کان مع دعوی الحلول أمکن أن یکون ذلک محملا للروایة لکن لا یکون هناک مسألة أخری هی محمل للروایات فإن المسألة المبحوث عنها شاملة للقسمین و هی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 500
و هل یسقط الخیار بالتلف فیه نظر (1) و لا خیار لو علم بکذبه و لا تقبل بینة البائع لو ادعی کثرة الثمن و له الإحلاف إن ادعی العلم (2) و لو صدقه المشتری تخیر البائع فی الفسخ و الإمضاء
______________________________
أن یشتری بأجل و یبیع مرابحة و لا یخیر بالأجل و ذلک أعمّ من أن یدعی الحلول أو لا یدعی فحمل الروایات إنما هو علی شی‌ء غیر موجود و لعل حمل الروایات علی الاستحباب أوفق بالإطلاقات و قواعد الأصحاب و التوقف جید جدا
(قوله) (و هل یسقط الخیار بالتلف فیه نظر)
أسقطه فی المبسوط بالتصرف و التلف و نقله عنه فی التحریر ساکتا علیه و حکاه الشهید عن ابن المتوج لأن الرد إنما یتحقق مع بقاء العین و لحصول الضرر للبائع حیث إنه ینتقل إلی البدل قهرا و قوی المحقق الثانی و الشهید الثانی فی جامع المقاصد و المسالک و الروضة عدم السقوط لحصول المقتضی و انتفاء المانع إذ لیس إلا التلف و لا یصلح للمانعیة إذ مع الفسخ یثبت المثل أو القیمة و لعموم المغرور یرجع علی من غره و الکذب فی الإخبار مقتض للخیار و لم یثبت اشتراطه بالعلم بذلک قبل تلف المبیع فمع التلف و انتقاله عن ملکه انتقالا لازما أو وجود مانع من رده کالاستیلاد یرد علی البائع مثله أو قیمته و یأخذ هو منه الثمن أو عوضه مع فقده
(قوله) (و لا تقبل بینة البائع لو ادعی کثرة الثمن و له الإحلاف إن ادعی العلم)
یعنی لو أخبره أن رأس المال ثمن معلوم و باعه به ثم ادعی أنه أکثر مما أخبره لم تقبل دعواه و لم تسمع بینته لتکذیبه نفسه و إن اعتاد الصدق و إلا لم تتم أکثر الإقرارات لأنه قد ینقضه ثانیا و هو خیرة المبسوط و الشرائع و التحریر و الدروس و غیرها و استثنی فیما عدا المبسوط ما إذا ادعی علی المشتری أنه یعلم أنه اشتراه بأکثر من ذلک فإن دعوی العلم علی المشتری مسموعة و إن لم تسمع دعواه بالکثرة إذ لو تحقق علمه بذلک تحقق بطلان الإخبار الأول بتصدیقه و هل للمشتری أن یرد الیمین قیل فیه وجهان یلتفتان إلی أن الیمین المردودة کالبینة أو کإقرار المنکر فعلی الثانی ترد و علی الأول لا کذا قیل فی التذکرة و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و قد حقق فی محله أنها لیست کأحدهما و قال فی المبسوط لا یلزم المشتری الیمین أنه لا یعلم أنه اشتراها بأکثر من ذلک و قد قید الإطلاق المذکور أعنی عدم سماع دعواه و بینته فیما عدا المبسوط و الشرائع و الإرشاد بما إذا لم یظهر لدعواه تأویلا محتملا و إلا فتسمع بینته علیه و التأویل المحتمل مثل أن یقول ما کنت اشتریته بل اشتریته بل اشتراه وکیلی و أخبرنی أن الثمن مائة فبان خلافه أو ورد علی کتابه فبان مزورا أو کنت راجعت جریدتی فغلطت من متاع إلی غیره کما صرح بالقید المذکور فی التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و مجمع البرهان و غیرها و أما توهم عدم تمام الإقرارات فتندفع بالشرط المذکور و البینة إذ لا تنافی بعد إظهار التأویل و لأنه لا یکاد یسلم من ذلک فلو لم تقبل یلزم الضرر و هل له إحلاف المشتری حینئذ الظاهر ذلک و هو خیرة المختلف و التذکرة و تعلیق الإرشاد و المسالک و هو مقتضی إطلاق عبارة الشرائع و أما الشیخ فی المبسوط فقد تردد فی سماع البینة و لم یتعرض للتحلیف قال فإن قال وکیلی کان اشتراه بمائة و عشرة و أقام بینة بذلک قبلت بینة و إن قلنا إنها لا تقبل لأنه کذبها بالقول الأول کان قویا و لم یتعرض فی الشرائع للبینة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 501

[الثالث لو اشتری ثوبا بعشرة]

(الثالث) لو اشتری ثوبا بعشرة فباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة جاز أن یخبر بعشرة و لا یجب حط الربح (1) و لو اشتریا ثوبا بعشرین ثم اشتری أحدهما نصیب صاحبه بأحد عشر أخبر بأحد و عشرین (2) و لو اشتری أحدهما نصفه بعشرة و الآخر بعشرین ثم باعاه صفقة مرابحة فالثمن بینهما نصفان (3)
______________________________
أصلا کالإرشاد و أما تخیر البائع بین الفسخ و الإمضاء إذا صدقه المشتری فهو ظاهر
(قوله) (جاز أن یخبر بعشرة و لا یجب حط الربح)
کما نص علیه فی المبسوط و التحریر و إن أخبر بالحال علی وجهه کان أولی و لو اشتری ثوبا بمائة ثم باعه ثم اشتراه بخمسین لم یجز له أن یخبر إلا بما اشتراه ثانیا لأنه هو الثمن الذی ملکه به و الملک الأول بالثمن الأول قد زال
(قوله) (و لو اشتریا ثوبا بعشرین ثم اشتری أحدهما نصیب صاحبه بأحد عشر أخبر بأحد و عشرین)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 501
قال فی جامع المقاصد فإن قیل کیف جاز هذا الإخبار مع أن العقد الأول إنما وقع علی المجموع واحد النصفین إنما کانت حصته عشرة من الثمن بالتقسیط قلنا تعدد المشتری یقتضی تعدد الصفقة فهو فی قوة عقدین فلو اشتری جماعة أمتعة فلکل واحد الإخبار برأس المال بالإضافة إلی ماله من المبیع «انتهی» (فلیتأمل) فی الفرق بین ما إذا اشتری أمتعة صفقة و بین ما إذا اشتری جماعة أمتعة صفقة و عن الشعبی أن له أن یخبر فیما نحن فیه باثنین و عشرین
(قوله) (و لو اشتری أحدهما نصفه بعشرة و الآخر بعشرین ثم باعاه صفقة مرابحة فالثمن بینهما نصفان)
هکذا موجود فیما عندنا من النسخ و مثلها عبارة التحریر و الأجود أن یقول نصفین قال فی التحریر لو اشتری نصف سلعة بعشرة و آخر نصفها بعشرین ثم باعاها مساومة بثمن واحد فهو بینهما نصفان و کذا مرابحة و مواضعة أو تولیة و لا یقسم علی رأس المال «انتهی» و وجهه أن الثمن یقابل به المبیع فتکون أجزاؤه فی مقابلة أجزائه ففی صورة ما إذا باعاها مساومة الوجه ظاهر و أما إذا باعاها مرابحة کما فی الکتاب فإنه یکون بالنسبة إلی أحدهما مرابحة و بالنسبة إلی الآخر مواضعة أو تولیة کما فی التحریر و یحتمل فی عبارة الکتاب أن یراد بکون الثمن نصفین بینهما علی وجه لو نصف لکان زائدا عما لکل واحد منهما بدلیل کون المبیع مرابحة و إنما یتحقق ذلک (إن) لو کان الربح موزعا علی النصفین و إنما یتم ذلک بذلک و قد احتمل ذلک فی جامع المقاصد و فی الدروس أن العقد إذا کان واحدا کان الثمن مقسوما علی رأس المال قال ما نصه و قد یتفق فی مبیع واحد المرابحة و قسیماها کما لو اشتری ثلاثة ثوبا بالسویة لکن ثمن أحدهم عشرون و الآخر خمسة عشر و الآخر عشرة ثم باعوه بعد الإخبار بخمسة و أربعین فهو مواضعة بالنسبة إلی الأول و تولیة بالنسبة إلی الثانی و مرابحة بالنسبة إلی الثالث و کذا لو باعوه مساومة و لا تقسم علی رأس المال هذا مع تعدد العقود و لو کان العقد واحدا بالخمسة و الأربعین کان الثمن مقسوما علی رأس المال و لو شخص فی العقد الواحد ثمن کل ثلث فهو کالعقود المتعددة «انتهی» و هو تفصیل جید جدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 502

[الرابع لو باعه تولیة فحط البائع الأول عنه البعض فله الجمیع]

(الرابع) لو باعه تولیة فحط البائع الأول عنه البعض فله الجمیع و لو کان الحط قبل التولیة فله الباقی إن کان بما أدی (1) و لو حط الجمیع قبل التولیة لم تصح التولیة إن کان بما أدی أو بما قام علیه

[الفصل الثالث فی الربا و فیه مطلبان]

اشارة

(الفصل الثالث فی الربا و فیه مطلبان)
______________________________
(قوله) (لو باع تولیة فحط البائع الأول عنه البعض فله الجمیع و لو کان الحط قبل التولیة فله الباقی إن کان بما أدی)
أی إذا وقع البیع بما أدی لا بما اشتریت لأن الذی أداه هو الباقی فعلی هذا لو حط البائع الأول عنه جمیع الثمن قبل أن یولیه المشتری للمشتری الآخر لم تصح التولیة إن باع المشتری الثانی بما أدی أو بما قام علیه لأنه لم یؤد شیئا کما ذکره المصنف فقد تحصل أنه إما أن یحط جمیع الثمن أو بعضه قبل التولیة أو بعدها و الزوائد المنفصلة قبل التولیة إذا تجددت بعد الشراء الأول للمشتری و قبله للمولی
الفصل الثالث فی الربا و فیه مطلبان (2) قد طفحت عباراتهم بأن الربا لغة الزیادة و اختلفت فی معناه شرعا أما بناء علی ثبوت الحقیقة الشرعیة فیه أو المتشرعیة لا غیر ففی السرائر و التحریر و التذکرة و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و تعلیقه للکرکی و المسالک و الریاض أنه شرعا بیع أحد المتماثلین بالآخر مع شرائط أخر و الغرض بیان أن هؤلاء فسروه بالبیع دون المعاملة مطلقا و إلا فقد عرفه فی المسالک فقال و شرعا بیع أحد المتماثلین المقدرین بالکیل أو الوزن فی عهد صاحب الشرع علیه الصلاة و السلام أو فی العادة بالآخر مع زیادة فی أحدهما حقیقة أو حکما أو اقتراض أحدهما مع الزیادة و إن لم یکونا مقدرین بهما إذا لم یکن باذل الزیادة حربیا و لم یکن المتعاقدان والدا مع ولده و لا زوجا مع زوجته «انتهی» و الظاهر عدم الاحتیاج إلی استثناء الزیادة التی بین الوالد و الولد و الزوجین لأنها ربا جائز و لهذا یقولون لا یحرم الربا بین هؤلاء و فی حواشی الشهید و آیات المقداد و جامع المقاصد أنه شرعا زیادة أحد العوضین إلی آخر ما فی المسالک و نحوهما ما فی فقه الراوندی قال أصل الربا الزیادة و الربا هو الزیادة علی رأس المال من جنسه أو مماثله و فی إیضاح النافع أنه عبارة عن المعاوضة عن المکیل أو الموزون إلی آخره و هذا التعریف یناسب ما حکی عن الأکثر حکاه المقدس الأردبیلی فی آیاته و قد حکی عن السید و الشیخ و القاضی و ابن المتوج و فخر المحققین من أنه یثبت فی کل معاوضة و لا یختص بالبیع و هو خیرة الشهیدین فی صلح الدروس و المسالک و الروضة و غصب الأولین و أبی العباس فی صلح المهذب و المقتصر و الفخر فی صلح الإیضاح و الصالح القطیفی و المحقق الثانی و الفاضل المیسی و المقدس الأردبیلی و غیرهم و هو صریح الشرائع فی باب الغصب و ظاهرها فی باب الصلح لکن ظاهرها فی المقام و صریح السرائر فی باب الغصب و المختلف فی الباب المذکور و ظاهر غصب المبسوط و الشرائع و التحریر و التذکرة فی موضع منها علی ما فهمه منهم الشهید فی الدروس لا علی ما فهمه الشهید الثانی و صریح الإرشاد و الکتاب فی المقام و المختلف فی باب الصلح أنه إنما یثبت فی البیع و هو ظاهر أصحاب التعریف الأول و لهم عبارات فی باب الصلح ظاهرة فی ذلک کقولهم لو صالح علی المؤجل بإسقاط بعضه حالا صح و قولهم لو أتلف علیه ثوبا قیمته عشرة فصالحه بأزید أو أنقص صح عند المشهور و هذا یؤدی إلی الربا و قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 503
..........
______________________________
یظهر ذلک أی اختصاصه بالبیع من المبسوط و الخلاف و المراسم و الوسیلة و مجمع البیان و غیرها و ما نسبوه إلی الشیخ من ثبوته فی کل معاوضة فلعله مبنی علی ما یختاره فی الصلح من أنه بیع و المصنف فی باب الغصب و الصلح من الکتاب و التذکرة تردد و ظاهر الفخر فی غصب الإیضاح التردد أیضا و أما ثبوته فی القرض فقد صرح به الأکثرون و إن لم یکن مقدر بالکیل و الوزن فیبقی الکلام فی ثبوته فی الصلح عند من یقول إنه أصل برأسه و قد سمعت اختلافهم فی تقبیل الحنطة بالدقیق علی الطحان و السمسم علی البزاز و لعلهم لا یختلفون فی الأخیر لفساد المعاملة و لصحیحة محمد ابن مسلم قال سألته عن الرجل یدفع إلی الطحان فیقاطعه علی أن یعطی صاحبه لکل عشرة اثنتی عشرة دقیقا فقال لا قال قلت فالرجل یدفع السمسم إلی العصار و یضمن له بکل صاع أرطالا مسماة قال لا و إضمار مثل محمد غیر ضار (حجة القائلین) بالتخصیص أنه حرام بالکتاب و السنة و الإجماع و لا شک فی تحقق ذلک فی البیع لأنه المتبادر من الإطلاق و کذا القرض و أما غیرهما فلا یعلم جریانها فیه فیبقی علی أصل الإباحة المؤید بظواهر الآیات و الأخبار الدالة علی حصول الإباحة بالتراضی و علی حصر المحرمات و لیس هذا منها و أن الناس مسلطون علی أموالهم خرج البیع و القرض و بقی الباقی (و قد قیل) فی تفسیر الآیة أعنی قوله جل شأنه إِنَّمَا الْبَیْعُ مِثْلُ الرِّبٰا أن البیع الخالی من الربا مثل البیع المشتمل علیه فعلی هذا یکون تحریم الربا مخصوصا بالبیع (و حجة القائلین) بالعموم لکل معاوضة إطلاق الکتاب و السنة و منها الصحاح المستفیضة و غیرها من المعتبرة ففی صحیحة أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال الحنطة و الشعیر رأسا برأس لا یزداد واحد منهما علی الآخر و فیه الدقیق بالحنطة و السویق بالدقیق مثلا بمثل لا بأس به و نحوه آخر و فیه کان علی علیه السلام یکره أن یستبدل وسقین من تمر المدینة بوسق من تمر خیبر و فیه عن رجل استبدل قوصرتین فیهما بسر مطبوخ بقوصرة فیها مشقق فقال هذا مکروه فقال أبو بصیر لم یکره فقال کان علی بن أبی طالب علیه السلام یکره أن یستبدل وسقا من تمر المدینة بوسقین من تمر خیبر و لم یکن علی علیه السلام یکره الحلال و خبر عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أ یجوز قفیز من حنطة بقفیزین من شعیر قال لا یجوز إلا مثلا بمثل ثم قال إن الشعیر من الحنطة و صحیحة الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام الفضة بالفضة مثلا بمثل لیس فیها زیادة و لا نقصان الزائد و المستزید فی النار و لعلها أوضحها دلالة و سندا و مثلها فی وضوح الدلالة صحیحة محمد التی أسمعناکها آنفا (و عساک تقول) لیس هناک إلا إطلاقات فتحمل علی الشائع و هو البیع و لا تشمل سائر المعاملات (لأنا نقول) هذا الإطلاق مؤید بعموم بعضها الناشی من ترک الاستفصال کخبر عبد الرحمن بن الحجاج لکنه ضعیف فلم یبق إلا صحیح محمد و کأنه خارج عما نحن فیه لفساد أصل المعاملة (فلیتأمل) لأن ضعف خبر عبد الرحمن تجبره الشهرة (فتأمل) و قد یقال إن هناک مسلکا آخر معروفا مألوفا فی الاستدلال کأن یقال إن الربا حرام بالأدلة الثلاثة و معلوم کونه بمعنی الزیادة و لیس بمعلوم أنه منقول فی اصطلاح الشارع (نعم) قد یوجد فی اصطلاح الفقهاء أنه فی البیع خاصة لکن ذلک لیس بدلیل لأنه لیس بحقیقة شرعیة و لا عرفیة عامة بل هو اصطلاح جماعة بعد البحث و النظر و الاجتهاد فکل عرفه بمقتضی اجتهاده فینبغی حمله علی معناه اللغوی و یخرج ما هو حلال بالإجماع و یبقی الباقی تحت التحریم و یرشد إلی ذلک عدم تخصیصهم له بالبیع و قولهم بجریانه فی القرض و ما ورد فی علة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 504

[المطلب الأول فی محله و له شرطان]

اشارة

الأول فی محله و له شرطان

[الشرط الأول التماثل فی الجنس]

(الأول) التماثل فی الجنس (1)
______________________________
تحریمه من تعطیل المعاش و الإجلاب و امتناع الناس من اصطناع المعروف (و فیه) أن القائلین باختصاصه لعلهم لا یلتزمون القول بنقله و یقولون إن الزیادة المحرمة إنما هی فی البیع و القرض لمکان التبادر و الإجماع کما أشرنا إلیه فی حجتهم و کما یأتی مثله فی المعدود (فلیتأمل) و أما ما ورد فی علة تحریمه فهو لبیان الحکمة لا العلة و إلا لحرمت الحیل التی ذکرها جل الفقهاء و دلت علیها الأخبار کما ستعرف إن شاء اللّٰه تعالی و تمام الکلام فی باب الصلح و علی قول الأکثر یلزم عدم جواز الزیادة فی الهبة المعوضة لأن الزیادة مطلقا حرام و قد خرج منها ما یجوز إجماعا و بقی غیره (و لیعلم) أن الظاهر أن التحریم عند الأصحاب هو المعاملة و ما یحصل بها فما یأخذه من الغریم من رأس المال و الزیادة حرام و کذا ما یعطیه کما تدل علیه الأدلة قال فی مجمع البیان معنی أحل اللّٰه البیع و حرم الربا أحل البیع الذی لا ربا فیه و حرم البیع الذی فیه الربا و هو یرشد إلی التخصیص کما حکیناه عن ظاهره فیما سلف ثم الربا عندهم قسمان ربا البیع و ضابطه الاتفاق فی الجنس و التقدیر بالکیل و الوزن و ربا القرض و ضابطه أن یشترط فیه الزیادة علی المقترض فی العین أو الصفة سواء کان مکیلا أو موزونا أو لا فهو أعمّ موضوعا من ربا البیع ثم هو قسمان أیضا ربا باعتبار الزیادة العینیة و هو ربا المفضل الفضل (خ ل) کدرهم بدرهمین و باعتبار الزیادة الحکمیة کدرهم حال بدرهم مؤجل و هو ربا النسیئة و قد أجمع المسلمون کما فی التذکرة و آیات المقداد و ظاهر الخلاف علی ثبوت الربا فی الأجناس الستة الذهب و الفضة و الحنطة و الشعیر و التمر و الملح و اختلفوا فیما عدا ذلک و عند الإمامیة کما فی التذکرة أن الضابط الکیل أو الوزن أو العدد علی خلاف فی الأخیر فأین وجد أحدها ثبت الربا لأنه الزیادة و هی إنما تثبت بالمقدر بأحد المقادیر و للأخبار فیجری فی الحبوب و الثوم و القطن و الصوف و الحناء و الحدید و النورة و الجص و غیر ذلک مما یدخله الکیل أو الوزن
(قوله) (الأول فی محله و له شرطان الأول التماثل فی الجنس)
یرید أن له شرطین الأول اتفاق العوضین فی الجنس و الثانی کونهما مقدرین بالکیل أو الوزن (و أما) الزیادة فلا بد منها لتحقق حقیقة الربا و دلیل اشتراط اتفاق الجنسین فی النقد إذا کانا مقدرین بهما أی الکیل أو الوزن الإجماع المستفاد من الإجماع المحکی فی عبارة الکتاب و الغنیة و السرائر و غیرها و فی المختلف و الربا من شرطه اتحاد الجنس علی ما بینه علماؤنا و یستفاد الاشتراط المذکور من قوله علیه الصلاة و السلام فی موثق منصور بن حازم کل شی‌ء یکال أو یوزن فلا یصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد و من أخبار بیع العروض المختلفة فی الجنسیة نسیئة و أما دلیل الاشتراط فی النسیئة فإجماع الغنیة و التذکرة کما ستسمع و النبوی المشهور بل المجمع علیه کما فی السرائر إذا اختلف الجنسان فبیعوا کیف شئتم المعتضد بالعمل به خصوصا عند المتأخرین بل لعلهم مطبقون علیه و بالأصل و العمومات مضافا إلی عموم الأخبار المعتبرة الدالة علیه منطوقا و مفهوما (أما الأول) فکالصحیح یکره قفیز لوز بقفیزین و قفیز تمر بقفیزین و لکن صاع من حنطة بصاعین من تمر و الموثق الوارد فی السؤال عن الطعام و التمر و الزبیب فقال لا یصلح شی‌ء منها اثنان بواحد إلا أن تصرفه إلی نوع آخر و أما المفهوم فهو المستفاد من خبر منصور الذی سمعته و أما ما خالف ذلک فبین ضعیف السند أو قاصر الدلالة کما ستعرف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 505
الثمن و المثمن إن اختلفا جنسا جاز اختلافهما قدرا نقدا و نسیئة إلا الصرف فإنه لا یصح فیه النسیئة (1) و إن اتفقا وجب اتفاقهما قدرا نقدا إن دخلهما الکیل أو الوزن إجماعا و إلا فلا و لا یشترط التقابض فی المجلس قبل التفرق (2)
______________________________
فتحمل علی الکراهیة
(قوله) (الثمن و المثمن إن اختلفا جنسا جاز اختلافهما قدرا نقدا و نسیئة إلا الصرف فإنه لا یصح فیه النسیئة إلخ)
المال إذا بیع بالمال کان علی أقسام الأول أن لا یکون شی‌ء منهما ربویا بأن لا یعتبر فیه الکیل أو الوزن أو العدد و هذا یجوز بیعه متفاضلا و غیره حالا و مؤجلا مثل عبد بعبدین و ثوب بثوبین إجماعا محکیا فی التذکرة و ما دل علی خلاف ذلک فمحمول علی الکراهیة و المخالف الشیخ فی الخلاف و النهایة فإنه قال لا یجوز بیع بعضه ببعض نسیئة متماثلا و لا متفاضلا و مثله ما فی الغنیة و فی المقنعة لا یجوز نسیئة بیع ثوب بثوبین أو بعیر ببعیرین أو دار بدارین فإن باع کان البیع باطلا و نحوه ما فی المراسم و المنع محکی عن القدیمین أیضا و المنع خیرة الوسیلة فی خصوص المعدود المتفق بالجنس متفاضلا و الصدوقان و من تأخر عنهما ما عدا من عرفت علی الجواز کما ستعرف نعم تردد المحقق فی الشرائع و قال إن المنع أحوط (الثانی) أن یکون أحدهما ربویا دون الآخر کالثوب بالحنطة أو الدراهم و ظاهر التذکرة أنه کالأول فی الإجماع علی الجواز مطلقا و الإجماع علی ذلک صریح المختلف قال فی التذکرة حکمه کالأول للإجماع علی السلف و النسیئة مع تغایر الثمن الذی هو أحد النقدین و المثمن إلا الصرف خاصة (الثالث) أن یکون کلاهما ربویین مع الاختلاف و صریح الغنیة و التذکرة الإجماع علی أنه کالأول أیضا قال فی التذکرة و الثالث کالأول عندنا للإجماع علی إسلاف أحد النقدین و المثمن فی البر و الشعیر و غیرهما من الربویات و النسیئة أیضا ثم قال و یکره بیع الجنسین المختلفین متفاضلا نسیئة و فی المختلف و الإیضاح الثمن و المثمن إذا اختلفا فی الجنس و کانا ربویین فإن کان أحدهما خاصة من الأثمان صح إجماعا نقدا و نسیئة لأنه مع الأجل فی أحدهما یکون سلفا أو نسیئة و إلا جاز البیع نقدا متماثلا و متفاضلا بلا خلاف ثم نقلا الخلاف فی الجواز نسیئة و الإجماع علی الصحة إذا کان أحدهما من الأثمان صریح الروضة و فی المهذب البارع صح قطعا و هو إجماع (الرابع) أن یکونا ربویین مع اتحاد الجنس من غیر تفاضل و لو حکما مثل الأجل و هذا جائز إجماعا کما یستفاد من عبارة المصنف فی المقام و من نفیه الخلاف فی المختلف بل الإجماع معلوم لا شبهة فیه إلا أنه یشترط فی الصرف التقابض فی المجلس (الخامس) أن یکونا ربویین مع الاتحاد و التفاضل و هذا مما لا ریب فیه و لا خلاف فی تحریمه کما فی الغنیة و غیرها و عبارة الخلاف بالکراهیة محمولة علی التحریم لأن المسألة إجماعیة کما فی الدروس
(قوله قدس سره) (و لا یشترط التقابض فی المجلس قبل التفرق)
عندنا کما فی التذکرة إلا فی الصرف و المخالف الشافعی حیث قال یجب رعایة الحلول و التماثل و التقابض فی المجلس کما لو باع الذهب بالذهب و البر بالبر و قال فی الغنیة لا یجوز بیع بعضه ببعض إذا اتفق الجنس إلا بشروط ثلاثة زائدة علی ما مضی الحلول النافی للنسیئة و التماثل فی المقدار و التقابض قبل الافتراق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 506
و یکره بیع أحد المختلفین بالآخر نسیئة و إن تساویا قدرا إذا دخلهما أحد التقدیرین علی رأی (1) و لا یثبت الربا فی غیر البیع
______________________________
بالأبدان بلا خلاف إلا من مالک إلی آخره و ظاهره أو صریحه الخلاف
(قوله) (و یکره بیع أحد المختلفین بالآخر نسیئة و إن تساویا قدرا إذا دخلهما أحد التقدیرین علی رأی)
أما الجواز فهو خیرة النهایة و الخلاف و المبسوط و کافی أبی الصلاح فیما حکی عنه و الوسیلة و الغنیة و السرائر و النافع و البشری فیما حکی عنها و کشف الرموز و التذکرة و المختلف و شرح الإرشاد للفخر و الإیضاح و اللمعة و حواشی الکتاب و التنقیح و المقتصر و المهذب البارع و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و المیسیة و الروضة و الکفایة و فی الأخیر أنه المشهور بین المتأخرین و هو المنقول عن الکیدری (الکندری خ ل) و أما الکراهیة فقد صرح بها فی أکثر هذه الکتب المذکورة و فی الدروس أنه جوز الشیخ و المتأخرون علی کراهیة و فی الغنیة و السرائر الإجماع علیه و کذا التذکرة و عن القدیمین الحسن و أبی علی و القاضی المنع من ذلک و هو خیرة المفید و سلار فی المقنعة و المراسم و المصنف فی التحریر و التردد صریح الشرائع و ظاهر الدروس و غایة المراد و المفاتیح حیث لم یرجح فیها أحد القولین و محل النزاع ما إذا کانت الأجناس الربویة المختلفة عروضا تساوت قدرا أو اختلفت فلو کانت أثمانا أو ملفقة منهما اختلف الحکم فیهما فلا ریب فی المنع عن النسیئة فی الأثمان مطلقا و جوازها فی صورة التلفیق إجماعا کما سمعته عن المختلف و الإیضاح و المهذب البارع و الروضة و غیرها لأنه إما سلف أو نسیئة و قد سمعت آنفا دلیل المشهور علی الجواز من الأصل و العمومات و الإجماعات و النبوی المشهور کما قال جماعة بل المجمع علیه کما فی السرائر و عمومات الأخبار الأخر المعتبرة المؤیدة بالشهرة المعلومة و المنقولة بل ظاهر الدروس إجماع المتأخرین کما هو ظاهر الریاض و أما الکراهیة فلمکان فتوی من علمت من عظماء الطائفة مع أدلة المنع التی فیها الصحیح المتضمن نفی الصلاحیة مع قوة احتمالها الحرمة (أما) من حیث غلبة التعبیر بنفی الصلاحیة و بالکراهیة فی أخبار الربا عن الحرمة أو من غیر الصیغة (لکن) المستفاد من أدلة المنع عند التأمل الصادق إنما هو المنع عن خصوص الزیادة العینیة لا الزیادات الحکمیة الحاصلة من مجرد النسیئة فلا معنی للمنع فیها بالنسبة إلیها حرمة أو کراهیة إلا أن تقول إن أدلة الکراهة مما یتسامح بها (حجة المانعین) الخبر المشهور إنما الربا فی النسیئة و هو متروک الظاهر إذ لا قائل منا بالحصر (سلمنا) لکن لیس الربا فیه مطلق الزیادة بل بشرائطها و من شرائطها عند علمائنا کما فی الغنیة و غیرها کما عرفت فیما سلف اتحاد الجنس و الخبر الصحیح الذی أشرنا إلیه ما کان من طعام مختلف أو متاع أو شی‌ء من الأشیاء فلا بأس ببیعه مثلین بمثل یدا بید فأما نظرة فإنه لا یصلح و نحوه خبران آخران ضعیفا السند قاصرا الدلالة کالصحیح مع احتمال ورودها مورد التقیة لأنه مذهب أبی حنیفة و إحدی الروایتین عن أحمد کما فی التذکرة (و لیعلم) أن خلاف المفید فی المقنعة و أبی یعلی فی المراسم إنما هو فیما إذا اختلف القدر کبیع قفیز من حنطة بقفیزین من ذرة أو أرز نسیئة و لم یتعرضا لصورة التساوی کبیع قفیز من حنطة بقفیز من ذرة نسیئة و لم تنقل لنا عبارة القدیمین و القاضی لکن الفخر فی الإیضاح نقل الخلاف فی المقامین لکنه لم یعین القائل فی المقام الثانی و لعله استنبطه من المانعین مع التفاوت فی القدر لأن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 507
..........
______________________________
الأجل زیادة حکمیة و حینئذ فکان الأولی بالمصنف أن یقول و إن اختلفا قدرا کما هو ظاهر لا یخفی (فتأمل) (و لیعلم) أنه إذا تفاضل الشیئان المتحدان جنسا غیر المکیلین و الموزونین فی النسیئة ففیه الخلاف و قد عرفت فیما سلف أن المانع هو المفید و سلار و الشیخ فی النهایة و الخلاف و أن ابن حمزة فی الوسیلة منع فیما إذا اتحد الجنس فی المعدود و قد حکی مختار المفید عن القدیمین و المشهور الکراهیة کما عرفت فی صدر الفصل و فی التذکرة الإجماع علیه و هو ظاهر السرائر و ربما حکی عن ظاهر الغنیة و لیس کذلک و هو خیرة المقنع و ما تأخر عنه ما عدا ما عرفت بل علیه المتأخرون کافة مضافا إلی الأصل و العمومات السالمة عن المعارض سوی إطلاقات الکتاب و السنة بحرمة الربا و هی لیست باقیة علی ظواهرها قطعا من حرمة مطلق الزیادة بل هی مقیدة و لو فی الجملة بإجماع الطائفة و بالأخبار المعتبرة (هذا کله) مع إطلاق الأخبار المستفیضة التی ستسمعها النافیة للبأس عن البیضة و البیضتین و الثوب و الثوبین و الشاة و الشاتین المعتضدة بعد الشهرة و الأصل و الإجماعات و العمومات بمخالفة العامة و غیرها من المؤیدات کما ستعرف ذلک کله عند التعرض لحکم المعدود من ثبوت الربا فیه و عدمه و بالغ فی الخلاف حیث منع من بیع الثیاب بالثیاب و الحیوان بالحیوان نسیئة متماثلا و متفاضلا مع أنه قال مع ذلک بکراهیة بیع المتماثلین المتساویین الربویین نسیئة و قد أولوا کلامه بإرادة التحریم کما عرفت آنفا لکنه صرح فیما کنا فیه من بیع أحد المختلفین الربویین بالآخر نسیئة بالکراهیة کما حکیناه عنه (فینبغی أن) تبقی هنا علی معناها و لم یتعرض المصنف لثبوت الربا فی المعدود و لا لعدمه لکنه أشار فیما یأتی إلی عدم ثبوته فیه بقوله فی الشرط الثانی و لو انتفی الکیل و الوزن معا جاز التفاضل نقدا و نسیئة کثوب بثوبین و بیضة ببیضتین و لا بأس لو تعرضنا لبیانه فی المقام لمکان ارتباطه ببیع المعدودین مع التفاضل نسیئة و قد قال صاحب التنقیح و صاحب إیضاح النافع إن المسألتین من سنخ واحد (فنقول) المشهور عدم ثبوته فیه کما هو خیرة المقنع و النهایة و المبسوط و الخلاف و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و کشف الرموز و الإرشاد و المختلف و التحریر و التذکرة و اللمعة و المقتصر و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و هو ظاهر الدروس و غایة المراد و هو المحکی عن علی بن بابویه و الحسن بن أبی عقیل و القاضی و مجمع البیان و حکی عن کافة المتأخرین للأصل و العمومات و الإجماع المحکی فی الخلاف و مجمع البیان و التذکرة و ظاهر الغنیة و السرائر بل ظاهر الشرائع کما فهمه بعضهم و أخبار الباب منها الصحیح فی الفقیه و التهذیب و الکافی لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم یکن کیلا أو وزنا و الخبر المنجبر بالعمل و المعتضد بما عرفت أن ما عد عدا و لم یکل و لم یوزن فلا بأس به اثنان بواحد یدا بید و یکره نسیئة و ما رواه الشیخ فی الموثق عن منصور بن حازم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن البیضة بالبیضتین قال لا بأس و الثوب بالثوبین قال لا بأس و الفرس بالفرسین قال لا بأس ثم قال کل شی‌ء یکال أو یوزن فلا یصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد فإذا کان لا یکال و لا یوزن فلیس به بأس اثنان بواحد و مثله الخبر المروی فی الکتب الثلاثة بخمسة طرق و فیها الموثق و مثله الخبر المروی فی الکتب الثلاثة أیضا بستة طرق و فیها الصحیح عن عبید ابن زرارة تارة و عن زرارة أخری قال سمعت أبا عبد اللّٰه علیه السلام یقول لا یکون الربا إلا فیما یکال أو یوزن إلی غیر ذلک من الأخبار الأخر المستفیضة و هذه الأخبار تدل بإطلاقها و بحسب حصر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 508
..........
______________________________
الربوی فی المقدر بالکیل و الوزن علی عدم ثبوته فی غیر المقدر بهما سواء بیع نقدا أو نسیئة و هی مع استفاضتها و اعتبارها و اشتهارها مؤیدة بما عرفت من الأصل و العمومات و الإجماعات و شهرة العمل و مخالفة العامة و بفحوی الأخبار الدالة علی جواز بیع أحد الربویین بالآخر مع الاختلاف فی الجنسیة نقدا أو نسیئة (و بذلک) یتجه استدلال المصنف فی المختلف علی جواز التفاضل فی المعدودین نسیئة بقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إذا اختلف الجنسان فبیعوا کیف شئتم و إلا فلا وجه له أصلا إلا علی أن یکون من محل النزاع ما إذا باع البیضة بالجوزتین و إن المانعین یمنعون من ذلک و من المعلوم أنه لا قائل بذلک قطعا و فی بعض الصحاح أیضا نفی البأس مع الاختلاف حیث قال فی الصحیح إلا أن یختلف الصنفان و المخالف فی المقام أعنی القائل بثبوت الربا فی غیر المکیل و الموزون و أنه یحرم التفاضل فیه مع التجانس مطلقا نقدا و نسیئة المفید فی المقنعة و أبو یعلی فی المراسم و هو المحکی عن أبی علی (و حجتهم) ما رواه الشیخ فی التهذیب فی الصحیح عن محمد قال سألت أبا عبد الهّٰ علیه السلام عن الثوبین الردیین بالثوب المرتفع و البعیر بالبعیرین و الدابة بالدابتین فقال کره ذلک علی علیه السلام فنحن نکرهه إلا أن یختلف الصنفان قال و سألته عن الإبل و البقر و الغنم أو أحدهن فی هذا الباب فقال نعم فإنا نکرهه و نحوه صحیحة ابن مسکان الواردة فی الفرس بالفرس مع زیادة و ما رواه فی الفقیه مرسلا مقطوعا و لیس فی الباب نصوص دالة علی منع بیع العبد بالعبدین و الثوب بالثوبین علی الإطلاق کما تعطیه بعض العبارات نعم فی خبر البصری سأل أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن العبد بالعبدین و العبد بالعبد و الدراهم قال لا بأس بالحیوان کله یدا بید و فی صحیحة زرارة البعیر بالبعیرین و الدابة بالدابتین یدا بید لا بأس به و زاد فی الفقیه و قال لا بأس بالثوب بالثوبین یدا بید و نسیئة إذا وصفتهما و هذان مشعران بالبأس نسیئة باعتبار المفهوم و الاستدلال بهما لما نحن فیه مبنی علی أن المسألتین من سنخ واحد کما صرح به جماعة و لیس کذلک کما سیتضح لک (ذلک خ ل) و علی کل حال (فأنت خبیر) بأن هذه الأخبار معارضة بما هو أقوی منها بمراتب شتی علی تقدیر تسلیم وضوح دلالتها و إلا فهو فی محل المنع کما ستعرف و خارجة عما نحن فیه فإن مواردها مما لا یقال له فی العرف إنه یباع عدا و لذا فرضت فی کلامهم مسألة أخری و إن ظهر من صاحب التنقیح و إیضاح النافع و المهذب البارع اتحادهما و کأنهم أخذوه من عبارة الدروس لأن ظاهرها الاتحاد و لیس کذلک قطعا (لوجوه الأول) أن أکثر هذه الأخبار مصرحة بجواز التفاضل نقدا و المانعون أعنی المفید و من وافقه لا یقولون به (و الثانی) أن الشیخ فی النهایة و الخلاف و ابن حمزة و العمانی ممن یقولون بعدم ثبوت الربا فی المعدود کما سمعت حکایته عنهم و قد ذهبوا کما عرفت فیما سلف إلی أنه لا یجوز بیع الثیاب بالثیاب و الحیوان بالحیوان نسیئة ما عدا ابن حمزة فإنه خص المنع فی المعدودین نسیئة إذا اتحد الجنس (فلو کانت) المسألتان من واد واحد ما وافقوا هنا و خالفوا هناک «فلیتأمل جیدا» (الثالث) أنه یحتمل کون المنع فی هذه عن النسیئة لأجل النسیئة خاصة کما فی الصرف لا من حیث الربا فلا معارضة بینها و بین ما استفاض واضح الدلالة علی حصر الربا فی المقدر بأحد التقدیرین (و من هنا) یعرف الحال فی عناوین المسألتین فی کلام الأصحاب و نحن عنونا المسألتین بما یوافق ما احتج به لهما و قد قال فی الدروس فی عنوان المسألة الأولی و لو تفاضل المعدودان نسیئة ففیه الخلاف و قال فی عنوان الثانیة و فی ثبوت الربا فی المعدود قولان و نحوه غیره و العنوان الأول غیر جید لأنه یخص صاحب الوسیلة فقط «فلیتأمل جیدا» (هذا علی) تقدیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 509
و لا یثبت الربا فی غیر البیع (1) و ضابط الاتفاق فی الجنس شمول اللفظ الخاص لهما کالحنطة و الأرز لا کالمطعوم المختلفة أفراده (2)
______________________________
وضوح أخبار حجة الخصم و إلا فالکراهیة فی صحیح محمد و نفی البأس فی صحیح زرارة و غیره أعمّ من الحرمة و مع ذلک قد سکت علیه السلام عن النسیئة فی صحیح زرارة عن البعیر و الدابة دون الثوب و لعل ذلک للتقیة کما فهمه جماعة و کما یشعر بها خبر سعید بن یسار قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن البعیر بالبعیرین یدا بید و نسیئة قال نعم لا بأس إذا سمیت الأسنان جذعین أو ثنیین ثم أمرنی فخططت علی النسیئة و زاد فی الفقیه لأن الناس یقولون لا و إنما فعل ذلک للتقیة و هذه إن کانت من الصدوق فناهیک به و باطلاعه علی مذاهب العامة و قد وافقه علی ذلک جماعة ثم إنه فی المختلف نفی الخلاف عن بیع الثوب بالثوبین نقدا مضافا إلی الإجماعات السالفة فکأن صحیح محمد متروک الظاهر عند الأصحاب إن حملت الکراهیة فیه علی الحرمة فی النقد بمعونة الأخبار الدالة علی أن علیا علیه السلام لا یکره إلی الحرام و شیوع استعمال الکراهیة فی أخبار الربا بمعنی الحرمة (نعم) قد یمکن الاستدلال به علی الحرمة نسیئة بمعونة ما ذکر لکنه لا یقوی علی مکافأة الأصل و العمومات و إطلاق الأخبار المعتبرة المعتضدة بالإجماعات و الشهرة و مخالفة العامة و فحاوی الأخبار الواردة فی الربویین مع اختلاف الجنس کما عرفت ذلک کله (نعم) نقول بالکراهیة فی المقامین کما هو المشهور لمکان شبهة الخلاف و للجمع بین الأخبار و هی فی النسیئة أشد کما فی المفاتیح و غیره أو نقول بعدمها فی النقد للتصریح بها فی النسیئة فی الخبر المعتبر الذی سمعته آنفا و عدم التصریح بها فیه فی النقد و لعدم الخلاف فیه کما فی المختلف و غیره و الأمر فی ذلک سهل لمکان التسامح فی ذلک (و لیعلم) أن الخبر إذا ورد علی التقیة یصح لنا أن نعمل بها علی أنه مکروه کما حرر فی محله فقد اتضح الحال فی المسألتین و ارتفعت الشبهة من البین
(قوله) (و لا یثبت الربا فی غیر البیع)
قد تقدم الکلام فی ذلک آنفا عند الکلام علی تعریف الربا
(قوله) (و ضابط الاتفاق فی الجنس شمول اللفظ الخاص لهما کالحنطة و الأرز لا کالمطعوم المختلفة أفراده)
جعل المدار فی الضابط المذکور علی الاتحاد فی الاسم الخاص کما هو خیرة السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و هو ظاهر المبسوط و الغنیة و موضع من المختلف و ظاهر المراسم و الإرشاد و المفاتیح و موضع من المختلف أن المدار إنما هو علی الحقیقة النوعیة الأصلیة و إن اختلفت أسماء أفرادها و فی الکفایة أن المراد بالجنس الواحد الحقیقة النوعیة و ضابطه أن یتناولها لفظ خاص (و احتمل) فی مجمع البرهان أن الضابط أحد الأمرین إما الاتفاق فی الحقیقة النوعیة أو الاتحاد فی الاسم و قال إن تحقیق ما یعرف به الجنس مشکل جدا فإنه تارة یعلم أن المراد به النوع الواحد و تحقیق ذلک متعسر جدا بل قیل إنه متعذر و تارة أن المراد به ما یشملها (ما یشمله خ ل) لفظ واحد و یخصه مثل الحنطة ثم قال و ینبغی أن یضم إلیه أن لا یکون تحته اسم لبعض أفراده فإن الطعام مثلا اسم خاص لما یطعم و لکن لبعض أفراده مثل الحنطة اسم خاص (و فیه أیضا تأمل) لعدم ضبط ذلک مع أن لکل قوم لسانا و اصطلاحا فهو أیضا لیس بضابط مع أنه لا بد مع ذلک من المناسبة الکلیة و الاتفاق فی الحقیقة بین أفراده إلا أن یقال إنه لازم فإن الاسم الخاص لا یکون إلا معه (و لکنه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 510
..........
______________________________
قد یشکل بأمور مثل الحبوب و ما یعمل منه إلی آخر ما قال و کان نظر صاحب الکفایة إلی ما قاله أخیرا من التلازم و أراد بالأمور التی توجب الإشکال أنه قد یختلف الاسم و الخاصیة فی الأصول و الفروع إذ حقیقة التمر و اسمه و خاصیته غیر حقیقة الخل و اسمه و خاصیته و هکذا الشأن فی الحلیب و الجبن و أیده بصحیح عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن بیع الغزل بالثیاب المنسوجة و الغزل أکثر وزنا قال لا بأس (إلی أن قال) و بالجملة الدلیل غیر قائم علی الاتحاد بین الشی‌ء الربوی و أصله کلیة بل قائم علی عدمه و الأصل و أدلة إباحة البیع دلیل الجواز (إلی أن قال) و المسألة من المشکلات یحلها محلها و نقل فی مقام آخر قوله فی التذکرة و یجوز بیع الحنطة بالخبز متساویا نقدا و لا یجوز نسیئة و لا متفاضلا و یجوز بیع الخبز بالخبز یابسا و رطبا و بیع الفالوذج بالحنطة إلخ (ثم قال) دلیله اتحاد الحقیقة و الروایة فتأمل فی مطابقة القوانین کما ذکره فی الحنطة و الدقیق منها و لکن فیه تأمل من حیث انطباقه علی القوانین من حیث إنه لا یصدق علی کل اسم خاص و لا أن له جنسا واحدا و لهذا لو حلف أن لا یأکل أحدهما لا یحنث بأکل الآخر فیحتمل أن یکونا جنسین و جواز بیع أحدهما بالآخر یکون کذلک و یکون الشرط للکراهة مع عدمه کما مر فی سائر المختلفات (و فیه) تأمل آخر من حیث إنه لا شک فی أن الحنطة إذا جعلت دقیقا تزید فلا ینبغی صحة بیع أحدهما بالآخر متساویا أیضا للزیادة کما فی الیابس من جنس بآخر مثل الرطب و التمر و العنب و الزبیب (إلی آخر ما قال) و قد جمعنا ذلک من کلامه رحمه اللّٰه من مقامات متفرقة و قد اشتمل کلامه علی تأمل فی مقامین الأول فی الجنس المشترط اتحاده فی الربا بین الربویین فإنه یشک فی المراد به هل هو الحقیقة الأصلیة و إن اختلفت أسماء أفرادها أو أنه لا بد من الاتحاد فی الاسم بناء علی دوران الأحکام مدارها فی جملة من المواضع و علی کل من التقدیرین إشکال أیضا عنده (و نحن نقول) المراد هو الحقیقة النوعیة الأصلیة و علیها بنوا ما أجمعوا علیه من القاعدة الأخری و هی اتحاد کل فرع مع أصله لوجهین (الأول) وجود العلة المنصوصة فی الأخبار المستفیضة الصحیحة (الثانی) التصریح بالقاعدة الکلیة فی بعض المعتبرة المؤیدة بالشهرة (أما الأول) فلأن أخبار اتحاد الحنطة مع الشعیر قد عللت عدم صلاحیة أن یأخذ اثنین من الشعیر بواحد من الحنطة بأن أصلهما واحد کما فی حسنة الحلبی أو صحیحته و بأن أصل الشعیر من الحنطة کما فی صحیحة هشام بن سالم و صحیحة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه و التعلیل فی هذه الأخبار قد دل علی أن کل فرع له حکم أصله من حرمة المفاضلة فإن العلة المنصوصة تتعدی إلی ما عدا مواردها (و أما الثانی) فهو ما رواه ثقة الإسلام فی الکافی عن علی بن إبراهیم عن رجاله فی حل المعاوضات قال فیه ما صورته و ما کیل أو وزن مما أصله واحد فلیس لبعضه فضل علی بعض (کیلا بکیل أو وزنا بوزن فإذا اختلف أصل ما یکال فلا بأس به اثنان بواحد یدا بید و یکره نسیئة إلی أن قال) و ما کان أصله واحدا و کان یکال أو یوزن فخرج منه شی‌ء لا یکال و لا یوزن فلا بأس به یدا بید و یکره نسیئة و ذلک کالقطن و الکتان فأصله یوزن و غزله یوزن و ثیابه لا توزن فلیس للقطن فضل علی الغزل و أصله واحد فلا یصلح إلا مثلا بمثل فإذا صنع منه الثیاب صلح یدا بید و الثیاب لا بأس الثوبان بالثوب (الحدیث) و منه یظهر الجواب عن صحیحة عبد الرحمن حیث دل هذا الخبر علی أن الفرع یلحق بالأصل إذا کان مثله فی کونه مکیلا أو موزونا مثل أصله و الثیاب لیست کذلک و ظاهر الکلینی العمل بالخبر المذکور حیث ذکره و لم ینکره و ضعفه بالقطع و الإرسال منجبر کما علمت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 511
و الحنطة و الشعیر هنا جنس واحد علی رأی (1)
______________________________
بالشهرة و بما سمعت من الأدلة مضافا إلی الإجماعات المنقولة علی اتحاد کل فرع مع أصله و علی خصوص أن الخل متحد مع التمر و الجبن مع الحلیب کما فی التذکرة و غیرها و بالجملة لا معنی للإشکال فی هذا المقام و لذا تراه فی السرائر و هو ممن یذهب إلی أن المدار علی الاتحاد فی الاسم فی مسألة الحنطة و الشعیر وافق فی المقام مدعیا علی جملة من موارده الإجماع و هذا الحکم مختص بباب الربا لما عرفت و أما ما عداه فلا نزاع فی ترتب الأحکام و دورانها مدار صدق الاسم فسقط أیضا الاستناد فی الشک المذکور إلی ما لو حلف أن لا یأکل أحدهما فإنه لا یحنث بأکل الآخر (و أما المقام الثانی الذی) تأمل فیه المولی المقدس الأردبیلی فهو قولهم (قوله خ ل) بعدم التفاضل بین الحنطة و الدقیق مع أن الحنطة إذا جعلت دقیقا تزید فإن اختار الوزن حصلت الزیادة باعتبار الکیل و إن اختار الکیل حصلت باعتبار الوزن (فجوابه) أن ذلک مسلم لکن الأخبار و فتاوی الأصحاب توافقتا علی اغتفار هذه الزیادة (و الوجه فیه) أن اغتفارها لأجل المئونة کما صرح به فی صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال قلت ما تقول فی البر بالسویق فقال مثلا بمثل لا بأس به قلت إنه یکون له ربع فیه فضل فقال أ لیس له مئونة قلت بلی قال هذا بهذا و حاصله ما ذکرنا فیکون قد باعه فی القوة و التقدیر دقیقا بدقیق و لیس بیع الرطب بالتمر الیابس مثله إذ لا مئونة فی یبس التمر فالفرق واضح و قول السائل إنه یکون له ربع فیه فضل لعله أراد به أنه إذا بیع أحدهما بالآخر کیلا لأنهما من المکیلات فإن الحنطة تکون أثقل و السویق و هو الدقیق المقلو أخف فیحصل الربع و الزیادة فی الحنطة أو أراد أن البر یزید إذا خبز بخلاف السویق (فلیتأمل) فقد تحصل أن الاختلاف فی الاسم لا یکفی فی اختلاف الجنس إلا مع عدم ظهور الاتحاد فی الجنس فاتحاد الاسم و اختلافه علاقة غالبیة یبنی علیها ما لم یحصل أقوی منها و عند حصول الأقوی یعمل به و لهذا عمل أکثر الأصحاب بالاسم و جعلوا المدار علیه فی غیر الحنطة و الشعیر و فیهما فی غیر باب الربا لأن أحکام الشرع مبنیة علی الاسم و الإطلاق العرفی لا الحقیقة الواقعیة إلا مع دلیل یدل علیه و قد دلت الأدلة فی باب الربا علی اعتبار الحقیقة النوعیة الواقعیة فوجب التمسک بها و کذا اختلاف الخواص لا یدل علی اختلاف الجنس و الحقیقة فی باب الربا للأدلة و لأن ذلک کالاسم علامة غالبیة لا أمر موجب للیقین و لهذا قال من قال إن معرفة الحقیقة متعسر أو متعذر قال فی جامع المقاصد و هذا و إن عز الوقوف علیه إلا أن بعض الأشیاء قام القاطع علی بیان نوعها فالحنطة بالنسبة إلی ما تحتها نوع بالنص و الإجماع و کذا الأرز ثم إنه ذکر ما ذکر مما هو محل نظر
(قوله قدس سره) (و الحنطة و الشعیر هنا جنس واحد علی رأی)
موافق لظاهر الفقیه حیث روی ذلک فیه و صریح المقنعة و النهایة و الخلاف و المراسم و الدلالة و الغنیة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التذکرة و الدروس و المختلف و التحریر و الإیضاح و شرح الإرشاد للفخر و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب للشهید و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و الحدائق و الریاض و هو المحکی عن التقی و القاضی و هو المشهور کما فی اللمعة و إیضاح النافع و مذهب الأکثر کما فی المفاتیح و قد ادعی علیه الإجماع فی الخلاف و ظاهر الغنیة أو صریحها و فی شرح الإرشاد للفخر أن علیه الفتوی (قلت) قد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 512
و ثمرة النخل کلها جنس و إن اختلفت أصنافها کردی‌ء الدقل (1) و جید النوع و ثمرة الکرم و جنس
______________________________
العقد الإجماع بعد ابن إدریس علی الاتحاد و المخالف القدیمان علی ما حکی عنهما و ابن إدریس و من الغریب ما فی التحریر حیث قال فیه و قال ابن أبی عقیل و باقی علمائنا أنهما جنسان و کأنه عول علی ما استنهضه صاحب السرائر و هو مما لا یعتمد علیه لأنه خارج عما نحن فیه و من أراد الوقوف علی ذلک فلیلحظ السرائر (حجة المشهور) بعد الإجماع المذکور الأخبار الصحیحة المستفیضة و غیرها من المعتبرة المعتضدة بما عرفت و هی ما بین صریحة فی الحکم و اتحاد الحقیقة کما فی صحیحة هشام و عبد الرحمن و حسنة الحلبی أو صحیحته کما أشرنا إلی ذلک فیما سلف قریبا فلا حاجة إلی نقل متونها و ظاهرة فی الحکم خاصة و لکن تدل علی الاتحاد فی الحقیقة بملاحظة القاعدة المتفق علیها روایة و فتوی أن لا ربا إلا مع اتحاد الجنس (فمن الأخبار) المشار إلیها أعنی الظاهرة فی الحکم (ما رواه المشایخ) فی الصحیح عن أبی بصیر عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال الحنطة و الشعیر رأس برأس لا یزداد واحد منهما علی الآخر و مثله روایته و صحیحة محمد بن قیس و ما رواه الشیخ فی التهذیب صحیحا إلی صفوان عن رجل من أصحابه عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام و حسنة الحلبی أو صحیحته (و لعل الوجه) فیما اشتملت علیه الأخبار الأول من أن الشعیر من الحنطة و أن أصلهما واحد (هو ما رواه الصدوق) بإسناده أن علی ابن أبی طالب سئل مما خلق اللّٰه الشعیر فقال إن اللّٰه تبارک و تعالی أمر آدم علیه السلام أن ازرع مما اخترت لنفسک و جاءه جبرائیل علیه السلام بقبضة من الحنطة فقبض آدم علی قبضة و قبضت حواء علی أخری فقال آدم لحواء لا تزرعی أنت فلم تقبل من آدم علیه السلام فکلما زرع آدم جاء حنطة و کلما زرعت حواء جاء شعیرا و بهذا یزول استبعاد الاتحاد فی المقام فالموجب للاتحاد النص و الإجماع لا تناول اسم الطعام لهما کما ذکره جماعة منهم المحقق فی الشرائع (و حجة) القدیمین و الحلی العرف و اللغة و الروایة العامیة بیعوا الذهب بالورق و الورق بالذهب و البر بالشعیر و الشعیر بالبر کیف شئتم یدا بید قال فی السرائر لا خلاف بین المسلمین العامة و الخاصة إنهما جنسان مختلفان أحدهما غیر الآخر جنسا و نطقا و لا خلاف بین أهل اللغة و اللسان العربی فی ذلک ثم أسهب فی غیر أدب و ادعی ما لم یثبت دعواه و نعم ما قال له کاشف الرموز بعد کلام طویل إن التشنیع علی المشایخ الکبار المجموع علی فضلهم لیس من شأن العالم المنصف (انتهی) و الاستدلال بالعرف و اللغة جیدا جدا لو لا الأدلة المتقدمة و لهذا یعدان جنسین فی الزکاة و غیرها و لا ینافیه الاتحاد حقیقة کما دلت علیه الصحاح السالفة لأنا قد قدمنا أن الأحکام الشرعیة تابعة للأسامی اللغویة و العرفیة دون الحقائق الواقعیة إلا فی الربا فی المقام فإن الأخبار المذکورة حکمت فیه بمراعاة الحقیقة الواقعیة فلا تتعدی إلی غیره و أما الروایة فضعیفة السند قاصرة الدلالة و لم یستدل بها فی السرائر و إنما استدل بقوله صلی اللّٰه علیه و آله إذا اختلف الجنسان فبیعوا کیف شئتم
(قوله) (و ثمرة النخل کلها جنس و إن اختلفت أصنافه کردی‌ء الدقل)
و إن کان ردیئا فی الغایة کما فی التذکرة فلا یجوز التفاضل فیه نقدا و لا نسیئة و لا یباع مد من البرنی بمدین من الدقل لا نقدا و لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 513
و أصل کل شی‌ء و فرعه جنس (1) کالحنطة و الدقیق و الخبز و الدبس و التمر و الخل و العنب و دبسه جنس و اللبن و الزبد و الأقط و الکشک (2) و السمن جنس و السمسم و الشیرج جنس و المصنوع من جنسین یباع بهما أو بأحدهما مع زیادة علی مماثله (3) و اللحوم تابعة لأصولها فلحم البقر عرابه و جاموسه جنس و لحم الإبل عرابها و بخاتیها (4) جنس و لحم الغنم ضأنها و ماعزها جنس (5)
______________________________
نسیئة بلا خلاف فی شی‌ء من ذلک علی الظاهر و الطلع کالثمرة و إن اختلفت أصولها و طلع الفحل کطلع الإناث کما صرح بذلک فی التذکرة
(قوله قدس سره) (و أصل کل شی‌ء و فرعه جنس)
قد تقدم بیان هذه القاعدة عند شرح قوله و ضابط الاتفاق فی الجنس (إلخ) من أن الأخبار دالة علیه من وجهین و أن الإجماع منعقد علیها باعتبارین و بینا أن الفرع إنما یلحق بأصله إذا کان مثله فی کونه مکیلا أو موزونا و بینا الحال فیما ذکروه من الإشکال قال فی التذکرة الأصل مع کل فرع له واحد و کذا فروع کل أصل واحد و ذلک کاللبن الحلیب مع الزبد و السمن و المخیض و اللبإ و الأقط و المصل و الجبن و الترحین و الکشک و الکاسخ و السمسم مع الشیرج و الکسب و الراشی و بزر الکتان مع حبه و الحنطة مع الدقیق و الخبز علی اختلاف أصنافه الرقاق و الفرنی و غیرهما و مع الهریسة و الشعیر مع السویق و التمر و السیلان و الدبس و الخل منه و العصیر منه و العنب مع دبسه و خله و العسل مع خله و الزیت مع الزیتون و غیر ذلک عند علمائنا أجمع فلا یجوز التفاضل بین اللبن و الزبد و السمن و المخیض و غیر ذلک مما تقدم بل یجب التماثل نقدا و لا یجوز نسیئة لا متماثلا و لا متفاضلا و لا فرق فی ذلک بین الأصل مع فرعه أو بعض فرعه مع البعض (انتهی) فلا تلتفت إلی تأمل صاحب مجمع البرهان فی المقام مع اعترافه بعدم الخلاف (و لیعلم) أن مخالطة الملح و الماء و الإنفحة و بعض الأجزاء الیسیرة لا توجب اختلافا لأنها أجزاء یسیرة لا اعتبار بها و إن کانت کثیرة توجب اختلافا جاء حکم المختلفین کما نص علی ذلک فی التذکرة
(قوله) (و الکشک)
قال فی القاموس الکشک ماء الشعیر و فی المصباح المنیر أنه وزان فلس ما یعمل من الحنطة و ربما عمل من الشعیر قال المطرزی هو فارسی معرب و فی جامع المقاصد أنه أشبه شی‌ء بالمصنوع من جنسین لأنه معمول من الحنطة و اللبن فإن أمکن اتخاذه من اللبن فقط اندفع ذلک (قلت) فی الشامات یعمل من الحنطة و اللبن و فی العراق یتخذ من الحنطة من دون اللبن
(قوله) (مع زیادة علی مماثله)
و یکون للزیادة وقع بحیث یصلح لأن یکون عوضا فی البیع و یکفی معرفة المجموع و إن جهل قدر کل جنس و قد یوجد فی بعض النسخ المصوغ من نقدین و الموجود فیما عندنا من النسخ و المصنوع من جنسین و الأخیرة أولی و أصح لأن حکم النقدین قد سلف فی الصرف و لا یکاد یوجد نکتة فی تنکیر النقدین
(قوله رحمه اللّٰه) (و بخاتیها)
البخت نوع من الإبل (قال) الشاعر (لبن البخت فی قصاع الخلیج) الواحد بختی مثل روم و رومی یجمع علی البخاتی و یخفف و یثقل و ربما قیل إنه معرب کما نص علی ذلک کله فی المصباح المنیر و الحکم محکی علیه الإجماع فی الغنیة و التذکرة
(قوله) (و لحم الغنم ضأنها و ماعزها جنس)
إجماعا کما فی الغنیة و التذکرة و اللحم و الکبد و القلب و الکرش کله واحد کما فی الحواشی المنسوبة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 514
و الوحشی و الإنسی جنسان (1) و الحمام جنس واحد علی إشکال (2) و السموک جنس (3) و اللبن و الدهن تابعان و کذا الخل و الدهن و ما یتخذ منه جنس کالشیرج و دهن البنفسج و الجید و الردی جنس و الصحیح و المکسور جنس و التبر و المضروب جنس (4)
______________________________
إلی الشهید و فیها أیضا أنه یجوز بیع اللبن باللحم و اللحم بالسمن لاختلاف الماهیة بخلاف الدبس بالخل للاختلاف بالصفة لا غیر و اللحم و الشحم مختلفان أما الألیة و الشحم فالظاهر اتحادهما کما فی الدروس
(قوله) (و الوحشی و الإنسی جنسان)
کما نص علیه فی المبسوط و الخلاف و غیرهما و حکی علیه الإجماع فی الغنیة و جامع المقاصد و ظاهر التذکرة حیث قال فی الأخیر عندنا و قال فیه فی مقام آخر و لبن الوحشی مخالف للإنسی و لبن بقر الوحش مخالف لبن بقر الإنسی و کذا لبن الضبی و لبن الشاة جنسان عند علمائنا أجمع و فی المبسوط و الخلاف أن لیس فی الإبل وحشی
(قوله) (و الحمام جنس واحد علی إشکال)
المعروف عند معظم الفقهاء أن الحمام کل طائر یعب الماء و یهدر فیدخل فیه القماری و الدباسی و الفواخت سواء کانت مطوقة أو لا آلفة أو وحشیة و قد جعله المحقق الثانی أعرف عند أهل اللغة لکن المحکی عن أکثر کتب اللغة کالصحاح و فقه اللغة و شمس العلوم و السامی و غیرها أنه کل مطوق و حکاه الأزهری عن أبی عبیدة عن الأصمعی و فی المصباح المنیر الحمام عند العرب کل ذی طوق من الفواخت و القماری و ساق حرا و القطا و الدواجن و الوراشین و أشباه ذلک (إلی أن قال) و العامة تخص الحمام بالدواجن و کان الکسائی یقول الحمام هو البری و الیمام هو الذی یألف البیوت و الظاهر أن التفاوت بینهما قلیل أو منتف و قد قوی فی التذکرة أنه جنس واحد و قربه فی الدروس و فی جامع المقاصد أنه أقرب للاحتیاط و ظاهر التحریر بل صریحه أنه جنسان و الإشکال من أنه یشمله اسم واحد خاص و من اختصاص کل باسم و فی الإیضاح و جامع المقاصد أن الوقوف علی الأجناس و الأنواع و الفصول متعسر کما فی الأول و عزیز و لا قاطع من قبل الشرع علی أحد من الأمرین کما فی الثانی و عموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ یقتضی صحة البیع الجاری علی بعض ببعض و قوله علیه الصلاة و السلام ما اجتمع الحلال و الحرام إلا غلب الحرام الحلال قد یقضی بالعدم
(قوله قدس سره) (و السموک جنس)
علی الأقوی لشمول اسم السمک للکل و الاختلاف بالعوارض لا یوجب الاختلاف فی الحقیقة و ربما احتمل أن تکون أجناسا متعددة فکلما اختص باسم أو صفة کان جنسا مخالفا لما غایره (فلیتأمل) و الإجماع منا علی أن لحم السمک مخالف لسائر اللحوم کما فی التذکرة و المخالف الشافعی
(قوله) (و التبر و المضروب جنس)
قال فی المصباح المنیر هو ما کان من الذهب غیر مصنوع و قال الزجاج کل جوهر قبل استعماله کالنحاس و الحدید و غیرهما و فی القاموس الذهب و الفضة أو فتاتها قبل أن یصاغا أو ما یستخرج من المعدن قبل أن یصاغ و فی النهایة لابن الأثیر التبر هو الذهب و الفضة قبل أن یضربا دنانیر و دراهم فإذا ضربا کان عینا و قد یطلق علی غیرهما من المعدنیات کالنحاس و الحدید و الرصاص فعلی بعض معانیه لا إشکال فی جواز بیع أحدهما بالآخر و لذا أطلق هنا و فی التذکرة و إنما یرد علی تفسیره بما یستخرج من المعدن فإنه لا یجوز بیع التبر بوزنه من المضروب لاختلاطه بأجزاء ترابیة لا قیمة لها فیبقی الزائد من المقابل بغیر عوض قال فی جامع المقاصد حکمه هنا باتحاد الجنسیة یمکن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 515

[الشرط الثانی الکیل أو الوزن]

(الشرط الثانی) الکیل أو الوزن (1) فلا ربا إلا فیما یکال أو یوزن مع التفاوت و لو تساویا قدرا صح البیع نقدا و لو انتفی الکیل و الوزن معا جاز التفاضل نقدا و نسیئة کثوب بثوبین و بیضة ببیضتین و لا فرق بین اختلاف القیمة و اتفاقها و الحوالة فی التقدیر علی عادة الشرع فما ثبت أنه مکیل أو موزون فی زمانه علیه السلام حکم بدخولهما فیه و إن لم تعلم العادة الشرعیة فعادة البلد و إن اختلفت البلدان فلکل بلد حکم نفسه علی رأی (2)
______________________________
تفریع هذا الحکم علیه إذ لو کانا جنسین لجاز البیع بکل حال
(قوله) (الشرط الثانی الکیل أو الوزن)
قد ذکر المصنف لثبوت الربا و محله شرطین التماثل فی الجنس و کونه مکیلا أو موزونا و ثبوته حینئذ مما دلت علیه الأخبار التی کادت تکون متواترة و حکیت علیه الإجماعات المتظافرة و قد عرفت مما دل علی اشتراط الشرط الأول و قد استطردنا ذکر ما دل علی اشتراط الشرط الثانی فی النقد و النسیئة عند شرح قوله و یکره بیع أحد المختلفین بالآخر و بینا أنه لا ربا فی المعدود و أنه المشهور و حکینا اختیاره صریحا عن سبعة و عشرین کتابا و أنه ظاهر الدروس و غایة المراد و أنه المحکی عن علی بن بابویه و الحسن و القاضی و مجمع البیان و أن المخالف القائل بثبوته فی غیر المکیل و الموزون و أنه یحرم التفاضل مع التجانس نقدا أو نسیئة المفید و أبو یعلی فیما حکی عنه و استوفینا الکلام فی ذلک (و قد علمت) أنه قد أجمع المسلمون علی ثبوت الربا فی الأشیاء الستة و أن أصحابنا استندوا إلی ثبوته فی کل مکیل و موزون إلی النص و القائلون بالقیاس اتفقوا علی ثبوته فی الأشیاء الستة لعلة و قد اختلفوا فیها علی أقاویل شتی
(قوله) (و الحوالة فی التقدیر علی عادة الشرع فما ثبت أنه مکیل أو موزون فی زمانه علیه الصلاة و السلام حکم بدخولهما فیه و إن لم تعلم العادة الشرعیة فعادة البلد و إن اختلفت البلدان فلکل بلد حکم نفسه علی رأی)
موافق للمبسوط و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و نهایة الإحکام لا فی المقام و الإرشاد و المختلف و الدروس و حواشی الشهید و إیضاح النافع و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و المفاتیح و هو المنقول عن القاضی و قال فی الکفایة قالوا إلی آخره و وجهه الاستناد إلی الأصل فی الجملة و أن المعتبر العرف و العادة عند عدم الشرع و کما أن عرف تلک البلد التقدیر فیلزمه حکمه و عرف الآخر الجزاف مثلا فیلزمه حکمه صرفا للخطاب إلی المتعارف من الجانبین و ردا للناس إلی عوائدهم کما فی القبض و الحوز «1» و الإحیاء و إلا لزم الخطاب بما لا یفهم فیکون قد قام العرف الخاص مقام العام عند انتفائه (و یبقی) الإشکال علی هذا القول لو اختلفت عادة البلد الواحد بأن یباع تارة جزافا و أخری مکیلا أو موزونا و لعلهم یعتبرون هنا الغلبة (و أما) مع التساوی فیقولون إنهما کالبلدین (فتأمل) و الظاهر أن الحکم عندهم للبلد لا أهله و إن کان قد خرج بعض الساکنین فیه إلی بلد غیره و خالف الشیخ فی النهایة و أبو یعلی فی المراسم فقالا إنه إذا کان یباع فی بلد جزافا و فی آخر کیلا أو وزنا فحکمه حکم المکیل و الموزون فی تحریم التفاضل و قواه فی الإیضاح و فصل المفید فقال إن کان یباع فی مصر کیلا أو وزنا و یباع فی آخر جزافا فحکمه حکم المکیل أو الموزون إذا تساوت الأحوال فی ذلک و إن اختلفت کان الحکم فیه حکم الأغلب و الأعم و وافقه علی ذلک صاحب السرائر و مستند
______________________________
(1) و الحرز خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 516
و لا یثبت الربا فی الماء و لا الطین إلا الأرمنی (1) و المراد هنا جنس المکیل و الموزون و إن لم یدخلاه لقلته کالحبة و الحبتین أو لکثرته کالزبرة (2)
______________________________
القولین غیر واضح سوی قوله علیه السلام إلا غلب الحرام الحلال و هو کما تری و الاحتیاط لا یصلح دلیلا فیما نحن فیه کما فی جامع المقاصد و إیضاح النافع من أنه أحوط لیس استدلالا (و قد یحتج للشیخ) و سلار واحد شقی قول المفید و ابن إدریس بالإطلاق و هو معارض بالإطلاق الآخر المتضمن عدم الربا فیما لم یقدر بهما علی أنک عرفت حال الإطلاق الأول و أما الشق الثانی من قول المفید فکان وجهه ظاهر فیما إذا کان الأغلب الکیل أو الوزن لأن النادر لا یلتفت إلیه و قد مال إلی ذلک جماعة کالآبی و المقداد و القطیفی (فقد تحصل) أن ما علم أنه فی زمن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم مکیل أو موزون فهو ربوی إجماعا کما فی التنقیح و ظاهر المبسوط و إن تغیر بعد ذلک و لا فرق فی ذلک بین بلده علیه السلام أو بلد آخر إذا أقر أهله علیه و یحتمل ما کان عادة فی زمنه مطلقا کما هو ظاهر إطلاق أکثر العبارات لأن دلیل التحریم إنما وجد فی ذلک الزمان فیحمل علی عادة أهله مطلقا إلا أن یختلف فی بلده و غیره و حینئذ یشکل لاحتمال رجوعه إلی بلده و کون کل بلد له حکم نفسه فلو لا الإجماع لأمکن القول بالحوالة علی العرف مطلقا لأنه المحکم فی موضوعات الأحکام الشرعیة (و أما) ما علم أنه غیر مکیل و لا موزون فلیس بربوی إجماعا و ما لم یعلم حاله فإن اتفقت البلدان علی کیله أو وزنه فهو ربوی و إن اتفقت علی عدمه فلیس بربوی فخلص من هذا التقدیر قسم خاص و هو المجهول حاله فی زمنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و اختلفت البلدان فیه و قد اختلفت الأقوال فیه کما عرفت (و بقی هناک شق آخر) و هو ما عرف أنه کان مقدرا فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و جهل اعتباره بأحدهما فقالوا احتمل التخییر و تعیین الوزن لأنه أضبط اختاره فی التذکرة و حسنه فی المسالک و احتمل فی نهایة الإحکام اعتبار الکیل لأنه أغلب فی المطعومات فی عصره صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و قد تقدم تمام الکلام فی أول الکتاب عند قول المصنف الفصل الثالث العوضان و الثبوت فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إنما هو عند المجتهد بالخبر الواحد أو المتواتر کما نبه علیه فخر الإسلام فی شرح الإرشاد
(قوله قدس سره) (فلا یثبت الربا فی الماء و لا الطین إلا الأرمنی)
الطین الأرمنی طین قبر ذی القرنین و روی فی المصباح عن محمد بن جمهور القمی عن بعض أصحابه سئل الصادق علیه السلام عن الطین الأرمنی یؤخذ للکسر أ یحل أخذه قال أما إنه من طین قبر ذی القرنین و طین قبر الحسین ابن علی علیهما السلام خیر منه و أرسل فی مکارم الأخلاق عنه علیه السلام أنه سئل عن الطین الأرمنی یؤخذ للکسر و المبطون (الحدیث) و فی الإیضاح فی باب المطاعم نفی الخلاف عن جواز أکله لدفع الهلاک فکان دواء یباع وزنا فیثبت فیه الربا و أما الماء فغیر مکیل و لا موزون و إن کان لا یباع سلفا إلا وزنا فلو أسلف ماء فی ماء إلی أجل احتمل أن یکون ربویا لاشتراط الوزن حینئذ فی السلم فیه و کذا الحجارة و التراب و الحطب و لا عبرة ببیع الحطب وزنا فی بعض البلدان لأن الوزن غیر شرط فی صحته و أما الطین الخراسانی فأکله حرام فإن بیع لغرض صحیح ابتنی ثبوت الربا فیه و عدمه علی دخول الکیل أو الوزن فیه و عدمه و أطلق الشیخ و القاضی تحریم بیع الطین المأکول و فی الخلاف الإجماع علی ذلک
(قوله) (و المراد هنا جنس المکیل و الموزون و إن لم یدخلاه لقلته کالحبة و الحبتین أو لکثرته کالزبرة)
الزبرة بضم الزاء و سکون الباء القطعة من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 517

( [فروع]

اشارة

فروع

[الأول إذا خرج بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فیه]

الأول) إذا خرج بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فیه کالثوب بالثوبین (1) و آنیة الحدید أو الصفر إذا لم تجر العادة بوزنها

[الثانی لا یجوز بیع الموزون بجنسه جزافا]

(الثانی) لا یجوز بیع الموزون بجنسه جزافا و لا مکیلا و لا المکیل جزافا و لا موزونا (2)
______________________________
الحدید کما فی القاموس و التقیید بقوله هنا و إن کان ترکه فی التذکرة و التحریر یحتمل وجهین ذکرهما الشهید فی حواشیه (أحدهما) بیان أن اعتبار الکیل و الوزن یقع علی وجهین أحدهما بالنظر إلی البیع و الثانی بالنظر إلی الربا سواء قلنا بتخصیصه بالبیع فقط کما هو مذهب جماعة أو بدخوله فی سائر المعاوضات کما هو مذهب آخرین و ضابط الأول اعتبار الکیل أو الوزن بالنظر إلی محض البیع و شخصه (الثانی) أن الغرض الاحتراز عن اعتبار الکیل أو الوزن فی الزبرة و الحبة إذ یصح بیعهما مشاهدة لعدم اعتبار الکیل و الوزن فیهما فکان الحاصل أن المعتبر فی المبیع اعتبار الکیل و الوزن بالنظر إلی شخص المبیع و فی الربا بالنظر إلی موضوعه فتظهر الفائدة فی جواز بیع الحبة و الحبات بغیر کیل و لا وزن أعنی البیع المطلق و لو عاوض عنهما بجنسهما فلا بد من القطع بالمساواة بین العوضین کیلا أو وزنا و إلی الوجه الثانی أشار المحقق الثانی حیث قال و إنما قید بقوله هنا احترازا عن مطلق البیع فإنه إنما یجب الکیل أو الوزن إذا کان المبیع مکیلا أو موزونا بالفعل فلو بیع ما لا یوزن عادة لقلته أو کثرته و جنسه مکیل کفی فی صحة بیعه المشاهدة إذا بیع بغیر جنسه و أما إذا بیع بجنسه فلا بد من المساواة
(قوله قدس سره) (إذا خرج بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فیه کالثوب بالثوبین)
و کذا الثوب بالغزل للأخبار الواردة فی الأمرین کما تقدم بیانه عند شرح قوله و ضابط الاتفاق فی الجنس «إلخ» و للاعتماد علی العادة و المتعارف فهو بمنزلة إخبار البائع أو العلم بالمقدار و قد أفتی بذلک فی التذکرة و التحریر و الدروس و جامع المقاصد (و منه یعلم) حال الآنیة من الحدید و الصفر إذا لم تجر العادة بوزنها و کذلک الحال فی المصوغ من النقدین کالخاتم و الظروف و المراکب المحلاة لمکان التعامل بذلک من دون وزن فی الشامات و ما والاها و یؤید ذلک سکوتهم عن اعتبار الوزن فی المراکب المحلاة (فلیتأمل)
(قوله) (لا یجوز بیع الموزون بجنسه جزافا و لا مکیلا و لا المکیل جزافا و لا موزونا)
أما عدم جواز بیع الموزون أو المکیل بجنسه جزافا فمما لا ریب فیه و أما عدم جواز بیع الموزون بجنسه کیلا و المکیل بجنسه وزنا فقد نص علیه فی السرائر و التحریر و التذکرة و جامع المقاصد و یعطیه بالأولویّة قوله فی المبسوط فی المقام فما عرف فیه الکیل لا یباع إلا کیلا و ما کان العرف فیه وزنا لا یباع إلا وزنا و قد تقدم لنا فی أول باب البیع عند شرح قوله و لو تعذر کیله أو وزنه إلی آخره أن کلام المبسوط فی المقام هو المستفاد من الأخبار و قد أسبغنا الکلام فیه و حکینا عن المبسوط فی مقام آخر و جماعة أنه یجوز بیع المکیل بالوزن دون العکس و عن بعضهم التوقف فی ذلک و کیف کان فالوجه فیما نحن فیه بعد الإجماع فی الظاهر کما سیظهر لک من مطاوی کلامهم أنه یلزم التفاوت فیما جعل معیارا فإن بعض الأصناف ربما تفاوتت ثقلا أو خفة قال فی جامع المقاصد فلو علم التساوی أو التفاوت الیسیر الذی یجری مجری تفاوت المکاییل و الموازین لم یقدح علی الأقرب کما اختاره فی التذکرة (قلت) و یرد علی ما ذکروه أنه قد أجمعت الأمة کما فی التذکرة و غیرها علی ثبوت الکیل فی الحنطة و الشعیر و التمر و الملح کما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 518
..........
______________________________
عرفت و قالوا کما عرفت أیضا أن أصل کل شی‌ء و فروعه جنس واحد و لا ریب أنا لو بعنا الحنطة بالدقیق کیلا حصل التفاوت الکثیر جدا إلا أن تقول لم یثبت الکیل فی کل جنس الحنطة حتی الدقیق و لذلک قال جماعة إنه موزون منهم المصنف فی الفرع الثالث کما یأتی بیانه إن شاء اللّٰه تعالی فإطلاقهم عدم جواز بیع المکیل بجنسه إلا مکیلا محل تأمل إلا أن یقید بالثابت المعلوم و حینئذ یشکل بیع الحنطة بغیرها من جنسها و لذا کان محل خلاف کما ستسمع (و لک أن تقول) إن الإجماع معلوم و منقول علی جواز بیع الحنطة و الشعیر وزنا کما هو المتعارف فی أکثر البلدان و إن کانا فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم مکیلین (فلا إشکال) فی بیعها بالدقیق وزنا لکن ذلک قد ینافیه اختلافهم فی ما أشرنا إلیه من بیع الحنطة بالدقیق (فلیتأمل جیدا) ثم إنا قد حکینا عن المبسوط فیما سلف أنه قال إذا کان عادة الحجاز علی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فی شی‌ء الکیل لم یجز إلا کیلا فی سائر البلاد و ما کانت فیه وزنا لم یجز فیه إلا وزنا بلا خلاف فی ذلک کله و ظاهره نفیه بین المسلمین و قال فی التذکرة ما أصله الکیل یجوز بیعه وزنا سلفا و معجلا و لا یجوز بیعه بمثله وزنا لأن الغرض فی السلف و المعجل تعیین الجنس و معرفة المقدار و هو یحصل بهما و الغرض (و الفرض ل خ) هنا المساواة فاختص المنع فی بعضه ببعض به (و فیه نظر ظاهر) لأن الدلیل علی عدم جواز بیع المکیل بالوزن و الموزون بالکیل هو الأخبار المستفاد منها ذلک و قد صرح هو فیها أیضا بذلک أی عدم الجواز إلا إذا علم عدم التفاوت فکیف یخرج عنها بالوجه المذکور و قضیة کلامه فی التذکرة أن ما أصله الوزن لا یجوز بیعه کیلا لا سلفا و لا معجلا سواء بیع فی صورة التعجیل بجنسه أو بغیر جنسه و فی السرائر نفی الخلاف عن ذلک کله و احتمل فی جامع المقاصد ثلاثة احتمالات فیما لو أرید بیع المکیل بالوزن أو بالعکس الأول الجواز مطلقا لاندفاع الغرر و الجهالة بذلک (ثم أجاب) عما لعله یورد علیه من منع بیعه بجنسه کذلک بأن ذلک إنما هو لأجل الحذر من التفاوت لا لحصول الجهالة ثم قال (فإن قیل) لما جعله الشارع مکیلا مثلا کان طریق اعتباره هو الکیل فبدونه یکون مجهولا و یکون الوزن بالنسبة إلیه کالمکیال المجهول (و أجاب) بأن تجویز الشارع بیعه بالکیل لا یقتضی أن لا یحصل العلم بدونه لجواز أن یکون ذلک طریق المساواة إذا بیع بجنسه و الأصل فی البیع الصحة فیقتصر علی موضع الیقین (قلت) هذا یخالف الإجماع فی بیع الموزون کیلا (و قد سمعت) ما فی السرائر من نفی الخلاف و یخالف المستفاد من الأخبار فی الأمرین معا إلا ما استثنی کما بیناه فی أول باب البیع مضافا إلی ما ستسمعه فی توجیه الاحتمالین الباقیین (الثانی) عدم الجواز مطلقا لأن کلا من المعیارین بالإضافة إلی ما علم بالآخر غیر محصل للعلم بالمقدار فلا یندفع به الغرر ثم قال و فیه منع (قلت) و علی المنع منع فلیتأمل فیه جیدا (الثالث) التفصیل بجواز بیع المکیل موزونا دون العکس قال و یظهر من التذکرة اختیاره (قلت) و هو صریح المبسوط و السرائر و ظاهر الشرائع و غیرها و تردد فی الکتاب فی باب السلم فی جواز السلف فی المکیل موزونا و بالعکس کما بینا ذلک کله فی أول باب البیع فی المقام الذی أشرنا إلیه آنفا أعنی عند شرح قوله و لو تعذر إلخ و استظهرنا أن الصواب خلافه لما ستسمعه فی توجیه قولهم إن الوزن أصل للکیل و لغیره لما بیناه هناک ثم قال فی جامع المقاصد إنهم استندوا فی ذلک إلی أن الوزن أصل للکیل و لم یثبتوا مرادهم منه فإن أرادوا أن الکیل طار علی الوزن فغیر واضح لأن المفروض أن المکیل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 519

[الثالث لو کانا فی حکم الجنس الواحد]

(الثالث) لو کانا فی حکم الجنس الواحد و اختلفا فی التقدیر کالحنطة المقدرة بالکیل و الدقیق المقدر بالوزن احتمل تحریم البیع بالکیل أو الوزن للاختلاف قدرا و تسویغه بالوزن (1)

[الرابع یجوز بیع الخبز بمثله]

(الرابع) یجوز بیع الخبز بمثله و إن احتمل اختلافهما فی الأجزاء المائیة (2) و کذا الخل بمثله
______________________________
لم یکن موزونا و إن أرادوا أن الوزن أدل علی المقدار فغیر ظاهر أیضا لأن معیار مقدار الکیل إنما هو باعتبار حجمه لا باعتبار ثقله و خفته و إن أرادوا أغلبیته فی أکثر الأشیاء فیکون الأصل بمعنی الراجح فشرعا غیر معلوم و العرف لا یرجع إلیه فیما ثبت شرعا حکمه (قلت) أرادوا الأول و بینوه علی ما حکی بأنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قدر الوزن أو لا ثم فرع علیه الکیل و هو کما قال غیر معلوم لنا و لا ظاهر و علی تقدیر تسلیمه فإنما هو بالنسبة إلی زمان تقدیر الوزن و أما بعد جریان العادة بکیل هذا و وزن ذاک فلا ینفع کونه أصلا فی رفع الغرر کما أوضحنا ذلک فی المقام المشار إلیه آنفا (و لیعلم) أنه لو کان الشی‌ء یکال مرة و یوزن أخری اعتبر أغلب حاله فإن استویا و تفاوت الأمران بالنسبة إلیه ففی جواز بیعه بجنسه بأیهما اتفق إشکال (و یمکن) القول بالتخییر کما فی نهایة الإحکام و احتمله فی مجمع البرهان للصدق و الاعتیاد و الاعتبار فتأمل
(قوله) (لو کانا فی حکم الجنس الواحد و اختلفا فی التقدیر کالحنطة المقدرة بالکیل و الدقیق المقدر بالوزن احتمل تحریم البیع بالکیل أو الوزن للاختلاف قدرا و تسویغه بالوزن)
جواز بیع الحنطة بالدقیق منها قد صرحت به الأخبار الصحیحة کما عرفت فیما سلف و انعقد علیه الإجماع کما حکاه فی التذکرة فاحتمال تحریم البیع بالکیل أو الوزن کما فی الکتاب و الإیضاح أو الجزم به کما فی سلم المبسوط لکن عبارته غیر صریحة و لکن قد حکوه عنه أو الاحتیاط فیه بترک البیع کذلک کما فی جامع المقاصد غیر جید و الاستناد إلی أن کل واحد من المعیارین یوجب اختلاف القدر بالنسبة إلی المعیار الآخر یدفعه النص الصحیح عن أبی جعفر علیه السلام سأله محمد بن مسلم قال ما تقول فی البر بالسویق فقال مثلا بمثل لا بأس قلت إنه یکون له ریع فیه فضل فقال أ لیس له مئونة قلت بلی قال هذا بهذا و السویق هو الدقیق المقلو فقد صرح بأن التفاوت فی مقابلة العمل و قد بینا ذلک و أوضحناه عند شرح قوله و ضابط الاتفاق فی الجنس و مقتضی الخبر المذکور و غیره أنه یصح البیع بالکیل کما هو خیرة المختلف لأن الحنطة مکیلة فی عهده صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و بالوزن کما هو خیرة ربا المبسوط احتیاطا و السرائر و الشرائع و التحریر و المسالک و الکفایة و القاضی و ابن إدریس فیما حکی عنهما و لم أجده صرح به فی السرائر و لکن حکاه عنه فی الدروس لأنه قد انعقد الإجماع علی جواز بیع الحنطة وزنا و لأن من أفراد هذا القسم ما لا یمکن فیه القول بالکیل کالحنطة بالخبز و قد استشکل المحقق فی الشرائع و المصنف فی التحریر فی البیع کیلا فإن کان فی خصوص الأخیر فلا وجه له أصلا و إن کان فی أصل المسألة فهو توقف فی مقابلة إطلاق النصوص و الإجماع و الفتاوی لأن فتاوی المتقدمین طافحة بجواز بیع الحنطة بالدقیق و فی المختلف منع من بیعهما وزنا و ما وجهه به غیر وجیه لما عرفت
(قوله) (و یجوز بیع الخبز بمثله و إن احتمل اختلافهما فی الأجزاء المائیة)
کما صرح به فی التذکرة و غیرها لأن هذا الاختلاف قلیل کعقد التبن لا یقدح فی المساواة و کذلک الحال فی بیع الخل بمثله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 520

[المطلب الثانی فی الأحکام]

(المطلب الثانی فی الأحکام) کل ما له حالتا رطوبة و جفاف یجوز بیع بعضه ببعض مع تساوی الحالین فیباع الرطب بمثله و العنب بمثله و الفواکه الرطوبة بمثلها و اللحم الطری بمثله و الحنطة المبلولة بمثلها (1) و التمر و الزبیب و الفواکه الجافة و الغدد و الحنطة الیابسة کل واحد بمثله و لا یجوز مع الاختلاف فی الحالتین فلا یباع الرطب بالتمر (2)
______________________________
المطلب الثانی فی الأحکام (قوله) (کل ما له حالتا رطوبة و جفاف یجوز بیع بعضه ببعض مع تساوی الحالین فیباع الرطب بمثله و العنب بمثله و الفواکه الرطبة بمثلها و اللحم الطری بمثله و الحنطة المبلولة بمثلها إلخ)
قطعا کما فی التحریر و عند علمائنا کما فی نهایة الإحکام و لا یعتبر حالهما عند الجفاف عملا بالأصل السالم عن معارضة التفاضل حالة العقد و لأنه وجد التماثل فیهما فی الحال علی وجه لا ینفرد أحدهما بالنقص کبیع اللبن باللبن و کذلک جمیع الأشیاء الرطبة بعضها ببعض سواء کان لها حالة جفاف أو لا کالرطب الذی لا یتمر و العنب الذی لا یزبب و البطیخ و نحوه و کذا بیع الیابس بمثله و یبقی الکلام فیما إذا باعه العنب علی الأصول بمثله و المشهور المنع و قد تقدم الکلام فیه فی محله
(قوله قدس سره) (و لا یجوز مع الاختلاف فی الحالتین فلا یباع الرطب بالتمر)
کما فی النهایة و المبسوط فی موضع منه و الخلاف و الوسیلة و الغنیة و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التذکرة و الإرشاد و نهایة الإحکام و التحریر و المختلف و شرح الإرشاد للفخر و اللمعة و المقتصر و التنقیح و إیضاح النافع و تعلیقه الکرکی (و تعلیقه للکرکی خ ل) و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و المفاتیح و هو المحکی عن القدیمین و القاضی و هو ظاهر الدروس و المهذب البارع أو صریحهما کما ستسمع فی المسألة الآتیة و فی الخلاف و الغنیة الإجماع علیه و فی کشف الرموز أنه مذهب الشیخ فی کتب الفتاوی و أتباعه (فتأمل) و فی التنقیح و إیضاح النافع أن علیه الفتوی و فی الأول نسبته إلی الأکثر و فی الثانی نسبته إلی المشهور و فی التذکرة و الدروس أیضا أنه المشهور (و یدل علیه) بعد الإجماعین المعتضدین بالشهرة المعلومة و المنقولة ما روی عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم من طرق الخاصة فی فتاواهم و العامة من أنه سئل عن بیع الرطب بالتمر فقال أ ینقض إذا جف فقیل له نعم فقال لا إذا و السؤال مع العلم بالحال لبیان الوجه فی التحریم فالطعن فیه بالرکاکة لیس فی محله و صحیحة الحلبی قال علیه السلام لا یصلح التمر الیابس بالرطب من أجل أن الیابس یابس و الرطب رطب فإذا یبس نقص و قال فی آخرها و الفاکهة الیابسة تجری مجری واحد و مثله روایة داود الأبزاری و هو إما ابن راشد أو ابن سعید و قد تقدم أن نفی الصلاحیة فی باب الربا یراد منها التحریم فالحظ أخبار الباب و فی صحیحة محمد بن قیس کره أن یباع الرطب بالتمر عاجلا بمثل کیله إلی أجل من أجل أن التمر ییبس فینقص من کیله و لا دخل لقوله إلی أجل لقوله من أجل أن التمر إلخ و فی الخبر ما یرشد أن المراد بالکراهیة الحرمة و یعضده ما سلف من الفتاوی و الشهرات و الإجماعات و احتمال حمل هذه الأخبار علی النسیئة استنادا إلی خبر محمد بن قیس أبعد شی‌ء و أوهنه لما عرفت من أن مفهوم التعلیل فیه صریح فی الشمول لصورتی النقد و النسیئة و لو کان المنع مختصا بالنسیئة لکان اللازم التعلیل بها سلمنا و ما کان لیکون لکن غایتها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 521
و لا العنب بالزبیب و کذا کل رطب بیابسه (1) (مع یابسه خ ل) سواء قضت العادة بضبط الناقص أو لا و لو اشتمل أحد العوضین علی جنسین ربویین صح بیعهما بأحدهما مع الزیادة کمد تمر و درهم بمدین أو بدرهمین أو بمدین و درهمین (2)
______________________________
الدلالة علی منع النسیئة و هو غیر ملازم للجواز فی الصورة المقابلة (و المعارضة) بالموثق عن العنب بالزبیب قال لا یصلح إلا مثلا بمثل قلت و الرطب بالتمر قال مثلا بمثل (لیست فی محلها) لأنه و الأصل و العمومات لا تقوی علی معارضة الأدلة السابقة مع أنه علی ضعفه یحتمل حمل المماثلة علی الوصف أی فی الرطوبة و الیبوسة فیکون کنایة عن المنع و حصر الجواز فی العنب بالعنب و الزبیب بالزبیب و هکذا فی الأخیرین و هو و إن بعد لکن لیس بتلک المکانة بل صاحب مجمع البرهان جعله هو الظاهر من الخبر ثم احتمل حمله علی عنب یابس مثل الزبیب أو علی زبیب رطب قال و التفاوت الیسیر بینهما لا یضر (قلت) هو کذلک إنما المضر التفاوت الفاحش کما یعلم ذلک منهم من (فی خ ل) مقامات شتی لأنهم جوزوا بیع العسل بالعسل قبل أن یصفی و اللحم الطری بمثله و الحنطة المبلولة بمثلها و الخبز بالخبز لکن التأویل بعید جدا و المخالف الشیخ فی الإستبصار و المبسوط فی موضع منه و ابن إدریس و صاحب الکفایة و تبعهم صاحب الحدائق و موضع النزاع فی غیر العریة
(قوله قدس سره) (و لا العنب بالزبیب و کذا کل رطب بیابسه)
علی ما أفصح به المنقول من عبارتی القدیمین و هو خیرة المبسوط فی موضع منه و الوسیلة و التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و الإرشاد و المختلف و اللمعة و المقتصر و التنقیح و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و کذا الدروس لأنه قال إنه أولی فبالأولی أن یکون قائلا بالمنع فی الأولی و فی المهذب البارع التصریح بالتعدیة فی المقام و فی التذکرة أنه المشهور بین علمائنا و فی التنقیح و إیضاح النافع أن علیه الفتوی و کأن صاحب غایة المرام لم یحرر النزاع فی المقام فلیرجع إلیه من أراد معرفة الحال و المخالف الشیخ فی الخلاف و المبسوط فی موضع منه و أبو المکارم و ابن إدریس و المحقق فی کتابیه و کاشف الرموز و مبنی الخلاف الاختلاف فی التعدیة بالعلة المنصوصة إلی غیر موردها بعد وجودها فیه و حیث إنه قد حرر فی محله أنها حجة فی غیر موردها و أنها تدل دلالة کل نسبة ناقصة علی نسبة تامة کان القول بالمنع هو المتجه و لا یلتفت إلی ما یقوله المحقق من عدم الحجیة إلا أن یکون برهانا و لا إلی ما توهمه علم «1» من أن القول کالفعل لمکان الفرق بینهما مع أن فی آخر صحیحة الحلبی التصریح بذلک کما قد سمعته مضافا إلی قوله علیه السلام و لأن الیابس یابس فإنه ظاهر فی العموم و ما ادعاه فی السرائر من نفی الخلاف یدفعه ما عرفته من مذهب من تقدم علیه «2»
(قوله قدس سره) (و لو اشتمل أحد العوضین علی جنسین ربویین صح بیعهما بأحدهما مع الزیادة کمد تمر و درهم بمدین أو بدرهمین أو بمدین و درهمین)
قد نص علی جواز ذلک المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و نهایة الإحکام و کنز الفوائد و الإیضاح و الدروس
______________________________
(1) کذا فی نسختین و الظاهر وقوع سقط أو غلط فی العبارة و لعل الصواب علم الهدی (مصححه)
(2) إلا أن یکون برهانا (خ)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 522
فإن تلف الدرهم المعین أو استحق احتمل البطلان فی الجمیع و فی المخالف و التقسیط (1)
______________________________
و اللمعة و حواشی الشهید و کفایة الطالبین و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و المیسیة و الروضة و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و قد حکی علیه الإجماع فی الخلاف و الغنیة و التذکرة و جامع المقاصد و حاشیة الإرشاد و المسالک و ظاهر نهایة الإحکام و الإیضاح و کنز الفوائد مضافا إلی الأصل و العمومات و اختصاص أدلة التحریم بحکم التبادر و السیاق بغیر مفروض المسألة و مع ذلک الأخبار بذلک مستفیضة و فیها الصحیح (و قد ذکر) ذلک جماعة منهم فیما یتخلص به من الربا إذا بیع أحد المتجانسین بالآخر متفاضلا قالوا و یصرف کل إلی مخالفه و إن لم یقصد (قلت) و هو قضیة إطلاق الأخبار و قد نسب إلی الأصحاب فی الإیضاح و جامع المقاصد و المسالک کما ستسمع و قالوا و کذا لو ضم غیر ربوی و لا یشترط فی الضمیمة أن تکون ذات وقع فی مقابل الزیادة فلو ضم دینارا إلی ألف درهم ثمنا لألفی درهم جاز للروایة و حصول التفاوت عند المقابلة و أرادوا بالروایة روایة عبد الرحمن بن الحجاج سأله عن شراء ألف درهم و دینار بألفی درهم فقال لا بأس بذلک (و یؤیده) الروایات فی بیع المراکب المحلاة و السیوف و قال المحقق الثانی لو باعه دینارا فی خریطة بمائة دینار جاز عند علمائنا أجمع و قال علم الهدی فی الناصریات لا نعلم خلافا بین محصلی الفقهاء فی أن من احتال فی بیع الدراهم بأن ضم إلیها صفح الحدید صح عقد بیعه لخروجه عن الصفة المنهی عنها و قد جعلوا لذلک ضابطا صرح بها فی نهایة الإحکام و هو أن یکون مع کل منهما شی‌ء من غیر جنسه أو یکون المفرد أکثر قدرا من الذی معه غیره و لم ینقلوا فی ذلک خلافا عن أحد من أصحابنا و لا من العامة إلا عن الشافعی محتجا بحصول التفاوت فإن أجزاء المبیع تقابل بأجزاء الثمن فربما حصلت الزیادة الموجبة للربا فإنه لو بیع مد و درهم مثلا بمدین و الدرهم یساوی مدا و نصفا بحسب القیمة الحاضرة یکون الدرهم ثلاثة أخماس المبیع فتقابله ثلاثة أخماس الثمن و یبقی خمساه و هو أربعة أخماس مد فی مقابل المد و ذلک ربا و أجیب بأن هذه الزیادة بمقتضی التقسیط لا بالبیع فإن المبیع إنما هو المجموع بالمجموع و الممنوع منه هو البیع بزیادة أو یقال إن الأجزاء من المبیع علی طریق الشیوع تقابل بالأجزاء بالثمن کذلک فکل من المد و الدرهم بإزاء کل من المدین فینزل علی وجه لا یلزم منه حصول الزیادة إذ لا مقتضی لتنزیله علی ذلک الوجه و لأنه إذا اختلف الجنس من طرفی الثمن و المثمن قوبل کل جنس بمخالفه فلا زیادة حینئذ ثم عد إلی عبارة الکتاب فقوله صح بیعه بأحدهما مع الزیادة لا یتناول بیعه بالجنسین معا إلا إذا جعلنا الزیادة بحیث تتناول الجنس الآخر
(قوله) (فإن تلف الدرهم المعین أو استحق احتمل البطلان فی الجمیع و فی المخالف و التقسیط)
یرید أنه إذا تلف الدرهم الذی جری علیه العقد بخصوصه و تعین لأنه یتعین بالتعیین و کان ذلک قبل قبضه و لزم منه الزیادة بالنسبة إلی الباقی أو ظهر مستحقا سواء کان قبل القبض أو بعده فهناک ثلاثة احتمالات ذکرت فی التذکرة و الإیضاح و حواشی الشهید و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الریاض و لا تغفل عما قیدنا به العبارة من القیود فإنه لا بد منها لأنه لو باعه مدا و درهما بمدین و تلف الدرهم المعین قبل قبضه و کان المد المضاف إلیه یساوی درهما و کل من المدین فی الثمن یساوی درهما أیضا بقی مد فی مقابلة المد الآخر و بطل البیع فی المد الثانی و لا تجری فیه الاحتمالات فلنعد إلیها (فنقول) الأول البطلان فی الجمیع للزوم التفاوت فی الجنس فإنه لو باع مدا و درهما بمدین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 523
..........
______________________________
و درهمین مثلا فإن الدرهم إذا تلف و کان نصف المبیع بأن تکون قیمة المد درهما یبطل البیع فی نصف الثمن فیبقی النصف الآخر و حیث کان منزلا علی الإشاعة کان النصف فی کل من الجنسین فیکون نصف المدین و نصف الدرهمین فی مقابل المد فتلزم الزیادة الموجبة للبطلان و بعبارة أخری أتقن و أحسن لما کان منزلا علی الإشاعة کان النصف فی کل جنس من المبیع قد قوبل به نصف الثمن و ذلک من البیع نصف مد و نصف درهم فی مقابلة نصف الدرهمین و نصف المدین و نصف کل منهما منفردا و هو ربع المبیع فی مقابلة ربع الثمن أی ربع المدین و ربع الدرهمین فإذا بطل أحد الجزءین معینا و هو الدرهم و بطل ما قوبل به کما مر یبقی ربع المدین و ربع الدرهمین مشاعا فی مقابلة نصف مد من الثمن علی الإشاعة فیلزم التفاوت مع الجنس الواحد (و قد یستدل) علی البطلان بأن سبب الصحة هو المجموع من حیث هو مجموع فإذا تلف الدرهم المعین عدم المجموع الذی هو سبب الصحة فعدمت الصحة (الاحتمال الثانی) البطلان فی مخالف التالف و الصحة فی مخالف الباقی لأن کلا من الجنسین فی المبیع قوبل به مخالفه من الثمن و فی الإیضاح و جامع المقاصد و المسالک نسبته إلی نص الأصحاب و فی الأخیرین أنه المرجح له و فی المسالک أیضا أنه هو الموافق لقواعد الأصحاب و فی الروضة أنه الموافق لأصول المذهب و المصحح لأصل البیع و إلا کان مقتضی المعاملة لزوم الربا من رأس (و قد یقال) علیه إنه یشکل الاستناد إلی هذا الوجه فی الترجیح لأن التقسیط إنما هو مقتضی المقابلة علی الإشاعة و لیس بیعا و البیع إنما وقع علی المجموع بالمجموع و لا یعتبر فیه ذلک نعم یشترط فیه للزیادة وجود مخالفها و إن قل و قصر عنهما کما صرحوا به ثم إنا نفرق بین سلامة العوضین و تلف بعضها فإنا نکتفی بکون المصحح فی الأول أمرا کلیا کما ستعرف فالبیع رأسا له حکم و للتقسیط حکم آخر ثم إنا لا نجد دلیلا علی لزوم صرف کل إلی جنس ما خالفه إذ النص مطلق کأکثر الفتاوی و بعضها صریح فی الصحة من دون إشارة إلی التقیید بالقصد إلی ذلک و أنه المنشأ فی الصحة فإن کان إجماع کما یظهر من الفخر و الکرکی و الشهید الثانی فذاک ثم إنا لا نجد عن هذا الاحتمال مناصا کما ستعرف ثم إنه یجب أن یقید المخالف بما إذا اشتمل العوض الآخر علی جنسین إذ لو اشتمل علی جنس واحد وجب أن یبطل فی المجموع إن خالف جنس التالف کما إذا تلف الدرهم من المبیع و الثمن مد تمر و لا یبطل فی شی‌ء منه إن وافقه و لیس کذلک قطعا و قد نبه علی ذلک فی جامع المقاصد (الاحتمال الثالث) التقسیط لا بالمعنی الذی ذکر بل بمعان آخر (الأول) أن یقسط الثمن علی التالف من المبیع و علی الباقی فیصح فیما بقی و ما قابله کائنا ما کان ففی المثال السابق یصح البیع فی نصف المبیع بنصف الثمن و لا تلحظ الزیادة لأنها إنما جاءت بسبب التقسیط و لیس هو بیعا و فی حال البیع لم تکن زیادة و هذا حکاه الشهید عن السید عمید الدین و نظر فیه المحقق الثانی بأن تبعیض الصفقة لا یخرج الباقی عن کونه معاوضة و أن الربا یعم کل معاوضة (و أجاب فی المسالک) بأنه لا معاوضة إلا بالبیع السابق و قد کان فی وقته جامعا للشرائط فیستصحب حکم الصحة (الثانی) من معانی التقسیط أن یوجه علی نحو لا یلزم معه زیادة کأن یجعل نصف الدرهم التالف فی مقابل نصف درهم من الثمن و یجعل نصفه الآخر فی مقابلة مد و نصف من التمر الذی هو الثمن بناء علی أن التمر نصف الثمن فیکون نصف المد فی مقابلة نصف مد و النصف الآخر من المد المبیع فی مقابلة درهم و نصف من الثمن فیکون کل من نصفی المبیع فی مقابلة ما یساوی درهمین من الجنسین معا فلا زیادة فی الجنس الواحد (و وجهه) أن أجزاء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 524
و لو کان أحد العوضین مشتملا علی الآخر غیر مقصود صح مطلقا کبیع دار مموهة بالذهب (1) بالذهب و لا یجوز بیع اللحم بالحیوان تماثلا جنسا (2) علی إشکال و یجوز مع الاختلاف
______________________________
المبیع لما قوبلت بأجزاء الثمن علی طریق الشیوع لم یجب أن یقع التقسیط علی وجه یلزم معه المحذور فإن صیانة العقد عن الفساد مع إمکان السبیل إلیها متعین (و قد استجوده) شیخنا صاحب الریاض بناء علی استصحاب الصحة و عدم وضوح ما استشکل فیها من أن مقتضی مقابلة کل من الجنسین بما قابله علی النسبة إلا علی تقدیر وجود دلیل علی صرف کل جنس إلی ما خالفه و هو واضح کما أشرنا إلیه آنفا (و فیه) أن ظاهرهم دعوی الإجماع علیه ثم إن للتقسیط الذی یصح معه البیع وجوها کثیرة کأن نجعل ثلث الدرهم فی مقابلة ثلث درهم من الثمن و ثلثیه فی مقابلة مد و ثلثین من التمر الذی هو الثمن و نجعل ثلث المد من المبیع فی مقابلة ثلث مد من التمر المجعول ثمنا و ثلثیه فی مقابلة الباقی من الدرهمین و هو درهم و ثلثان أو نجعل الربع أو ما دونه أو ما فوق النصف و لا ترجیح لواحد من الطرق سوی التقسیط لکل من الجنسین علی کل من الجنسین المقابلین نظرا إلی استواء النسبة و هو من المرجحات لکن لما کان فیه ذلک المحذور أعنی لزوم التفاوت فی الجنس الواحد عدلنا عنه فلزمنا إما ارتکاب طریق منها تحکما و تشهیا أو إفضاء الحال إلی النزاع و الجدال (و عساک تقول) کیف حکمت بصحة البیع تنزیلا علی طریق لا یلزم به الربا (لأنا نجیب) بأنه ما دام العوضان موجودین فلا تفاوت و لا تنازع و تنزیله علی أی طریق کان یندفع به المحذور لأنه علی کل تقدیر الثمن للبائع و مجموع المبیع للمشتری بخلاف ما إذا تلف البعض بل قد نقول إن الطریق المصحح للبیع هو الأمر الکلی فما دمنا لا نحتاج إلی تعیینه فالبیع بحاله فإذا اضطررنا بالتلف إلی التشخیص و التعیین فلا بد من معین (و قد عرفت) انتفاءه فلا مناص لنا عن الاحتمال الثانی و قد عرفت أنه أسنده إلی الأصحاب جماعة و هو یؤذن بالإجماع علیه فیترجح علی غیره بذلک و لا ریب أن الاحتمال الأول أحوط حیث یکون لا ینافیه أمر آخر و لا یلزم حینئذ بطلان البیع من رأس للفرق بین سلامة العوضین و تلف بعضها للاکتفاء بکون المصحح أمرا کلیا مع سلامتها و عدم الاکتفاء به فی التقسیط کما نبه علی ذلک کله فی جامع المقاصد
(قوله) (و لو کان أحد العوضین مشتملا علی الآخر غیر مقصود صح مطلقا کبیع دار مموهة بالذهب)
کما صرح بذلک فی التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و الدروس و فی نهایة الإحکام علیه إجماع علمائنا و المراد بالإطلاق ما إذا کان معه زیادة تساوی الجنس أم لا و لا کذلک لو اشتری عبدا له مال بجنسه و هو ربوی فإنه یبطل إن ساواه الثمن أو قصر و لعله لأنه مقصود بالذات و قد مضی تحقیق ذلک فی الفرع السادس من الفصل الثالث فی العوضین و یأتی فی أحکام العقود فی الفرع الثامن
(قوله) (و لا یجوز بیع اللحم بالحیوان إن تماثلا جنسا)
عدم جواز بیع اللحم بالحیوان إذا کان من جنسه کلحم الغنم بالشاة مثلا هو المشهور کما فی التذکرة و غایة المرام و إیضاح النافع و المسالک و المفاتیح و کذا الکفایة و قد حکی علیه الإجماع فی الخلاف و الغنیة و ظاهر المختلف و غایة المراد بل هو صریح المختلف حیث قال فیه إن خلاف ابن إدریس محدث لا یعول علیه و لا یثلم فی الإجماع و قال فی غایة المراد إن قول ابن إدریس شاذ و قد تظهر دعوی الإجماع من إیضاح النافع و ستسمع کلامه و هو خیرة المبسوط و الوسیلة و الشرائع و الدروس و اللمعة و إیضاح النافع و علیه ینزل إطلاق المقنعة و النهایة و المراسم و الإسکافی و القاضی حیث قالوا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 525
..........
______________________________
لا یجوز بیع الغنم باللحم من دون تقیید بما إذا کان من جنسه کما فهم ذلک أی تنزیل الإطلاق علی التقیید منهم أکثر من تأخر عنهم و نصوا علی أنه إذا اختلف الجنس جاز و قطع به جماعة بمعنی قالوا قطعا بل فی الغنیة و التنقیح الإجماع علیه بل إجماع الخلاف منطبق علیه فالأمر واضح (و الحجة علی ذلک) بعد الإجماعات المؤیدة بالشهرة (الخبر النبوی) و خبر غیاث بن إبراهیم عن جعفر بن محمد عن أبیه علیه السلام أن علیا علیه السلام کره اللحم بالحیوان و قد وصفوه بأنه موثق و لعلهم نظروا إلی أن فی طریقه محمد بن یحیی الخزاز فی روایة الکافی (فلیتأمل) و الموثق عندنا حجة سلمنا لکنه معتضد و منجبر بما عرفت و القرینة علی إرادة الحرمة من لفظة الکراهیة ظاهرة مما تقدم التنبیه علیه من أنها فی الباب تستعمل فی التحریم و من دلالة المعتبرة أنه علیه السلام لا یکره الحلال کما فی بعض و إلا الحرام کما فی بعض آخر و قد اقتضی هذا الخبر أمورا (الأول) المنع عن مطلق المعاوضة و لا کذلک عبارات الأصحاب فإنها فی البیع خاصة و یمکن إرجاع کل منهما إلی الآخر بحمل الخبر علی الغالب و هو البیع دون الصلح و نحوه أو بحمل البیع فی العبارات علی المثال لا الحصر (و فیه نظر) یأتی وجهه (الثانی) عدم الفرق بین المجالس و غیره و قد عرفت الحال فی ذلک (الثالث) عدم الفرق فی الحیوان بین الحی و المذکی و محل النزاع فی کلام الأصحاب الحیوان الحی کما جعله فی ذلک المصنف فی نهایة الإحکام و التذکرة و ولده فی الإیضاح و غیرهما و هو الذی استظهره فی المسالک و فی المختلف نقل فی حجة ابن إدریس أن الحیوان الحی غیر موزون ثم قال و لو قیل بالجواز فی الحیوان الحی دون المذبوح جمعا بین الأدلة کان قویا فکأنه فهم منهم أن النزاع فی الأعم و أن ابن إدریس نقض علیهم ببعض ما حکموا بالمنع منه (و لیس کذلک) و لعله لذلک توهم صاحب مجمع البرهان و جعل النزاع فی المذبوح قال لأنه لیس بمتعین فی الوزن لعدم تحقق ذلک عادة و استظهر جواز بیعه جزافا و قال ینبغی عدم الخلاف فی الجواز بالشاة حین حیاتها متفاضلا و نسیئة (ثم إنه) أتی بعبارات کأنها غیر متناسقة الأطراف علی أن الظاهر من کلام الأصحاب أن الحیوان بعد الذبح لا یباع إلا بالوزن و أنه لیس محل خلاف لأحد منهم و لعلهم أرادوا ما إذا کان مسلوخا عنه جلده (فتأمل) و قال فی إیضاح النافع فی الاستدلال علی المنع فی الحی إن القوم أجروا ما یجری علیه الوزن عادة مجری الموزون و إن کان فی الحال غیر موزون و لهذا لا یجوز بیع الرطب بالتمر علی النخل «انتهی» و حیث تحرر أن مفروض المسألة و محل النزاع إنما هو فی الحی فلا یصح أن یجعل البیع فی العبارات منزلا علی التمثیل بل الخبر یرجع إلی العبارات و معاقد الإجماعات لأن مقتضی الأصل و لزوم الاقتصار فی المخالف له علی القدر المتیقن منعه من الفتوی و النص هو الاختصاص بصورة البیع و أول من خالف من المتقدمین ابن إدریس فقال یجوز ذلک إذا کان اللحم موزونا اتفق الجنس أو لا یدا بید أو سلفا أیضا إن کان اللحم معجلا دون العکس إذ لا یجوز السلف فی اللحم و یجوز فی الحیوان و وافقه علی ذلک المحقق فی النافع حیث قال و یکره الحیوان باللحم و لو تماثلا و تلمیذه الآبی و المصنف فی التذکرة و التحریر و الإرشاد و مال إلیه صاحب التنقیح و صاحب الکفایة و قواه صاحب المفاتیح لکن فی جملة منها عدم التقیید بالمجانس کالإرشاد و غیره و عبارة النافع ذات وجهین (و قد) سمعت ما فی المختلف من التفصیل من الجواز فی الحی دون المذبوح و قد استجوده الشهید فی حواشی الکتاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 526
و کذا یجوز بیع دجاجة فیها بیضة ببیضة أو دجاجة (1) و شاة فی ضرعها لبن بمثلها أو بخالیة أو بلبن و إن کان من لبن جنسها (2) و کذا یجوز بیع دجاجة فیها بیضة ببیضة أو دجاجة و شاة فی ضرعها لبن بمثلها أو بخالیة أو بلبن و إن کان من لبن جنسه و مکوک حنطة بمثله و إن اشتمل أحدهما علی عقد التبن أو زوان أو تراب تجری العادة بمثله (3)
______________________________
و قال به المحقق الثانی فی جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و قواه الشهید الثانی فی المسالک و الروضة و قد صرح بعض هؤلاء بالکراهیة فی الحی و حملوا ما دل علی الجواز من أصل و عموم علی ما إذا کان حیا لفقد شرط الربا من التقدیر بالکیل و الوزن و ما دل علی الربا علی ما إذا کان میتا و حکموا بالکراهیة للشبهة الناشئة من إطلاق القول و الروایة بالحرمة و لم یرجح شی‌ء من القولین فی نهایة الإحکام و الإیضاح و غایة المراد و الشحم و الألیة و الطحال و الکبد و الکلیة و القلب و الرئة کاللحم و کذلک السنام بالإبل
(قوله قدس سره) (و کذا یجوز بیع دجاجة فیها بیضة ببیضة أو دجاجة)
خالیة من البیض أو فیها بیضة لوجود المقتضی السالم عن معارضة الربا لانتفاء شرطه الذی هو الکیل أو العدد أو الوزن و لو أجرینا الربا فی المعدود لأن الدجاجة غیر مقدرة بالوزن و العدد و کذا ما فی بطنها ما دام کذلک کالثمرة علی الشجرة و لأنه تابع غیر مقصود و المخالف الشافعی حیث منع منه لأن له قسطا من الثمن و بالحکم المذکور صرح فی الشرائع و التذکرة و الدروس و غیرها و الحال فی الدجاجة و بیضها کالحال فی الشاة و لبنها و ستسمع الکلام فیها
(قوله) (و شاة فی ضرعها لبن بمثلها أو بخالیة أو بلبن و إن کان من لبن جنسها)
عند علمائنا کما فی التذکرة لعین ما ذکرناه آنفا من أن الشاة غیر مقدرة بالکیل و لا اللبن الذی فی ضرعها و إنما یکون مکیلا أو موزونا بعد حلبه کالتمر علی النخل و لأنه ما دام فی الضرع یکون تابعا لأن المتصل بأصله لا اعتبار به کما یجوز بیع السمسم بمثله من غیر اعتبار الدهن فیهما و الدار المموهة بالذهب بدار مثلها و التی فیها بئر ماء بخالیة عنها و حینئذ فلا فرق أیضا بین أن تکون الشاتین مذبوحتین ذواتی لبن أو أحدهما خالیة عنه أو حیتین و قال الشافعی اللبن فی الضرع کالشی‌ء فی الوعاء و الدراهم فی الخزانة فیکون له قسط من الثمن فیکون کأنه باع لبنا مع غیره بلبن (و فیه) أنا نمنع أن له حین اتصاله قسطا من الثمن کأساسات الحیطان سلمنا لکن البیع وقع علی الجملة لا الأجزاء ألا تری أنه لا یجوز بیعه منفردا و قد صرح بالحکم فی الخلاف و المبسوط و غیرهما مما تأخر عنهما مما تعرض له فیه من دون خلاف أصلا و کذا بیع شاة علیها صوف بصوف و شاة لیس علیها صوف و نخلة علیها تمر بأخری خالیة أو ذات تمر
(قوله) (و مکوک حنطة بمثله و إن اشتمل أحدهما علی عقد التبن أو زوان أو تراب تجری العادة بمثله)
عند علمائنا کما فی التذکرة و مثله الدردی فی الخل و الدبس و الثفل فی البزر و نحو ذلک کما لو کان فی أحدهما شعیر لأن هذا مما یتسامح به فی العادة فأشبه الماء فی الخل و الخبز و الطبیخ و العود فی الزبیب و الشمع فی العسل و لأنه لا یمکن التخلص عنه إلا بمشقة فلا ینقص أحد العوضین لیخرج عن المماثلة لو لم تجر به العادة لم یصح البیع لأنه لا قیمة له فی العادة فیقابل به ما یبقی من الکوک الصافی فتتحقق الزیادة و قال فی المبسوط یجوز بیع مد من طعام بمد من طعام و إن کان فی أحدهما قصل و هو عقد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 527
و لو أراد المعاوضة علی المتفاضلین المتفقین جنسا باع أحدهما سلعته بجنس غیرهما ثم اشتری به الآخر أرباع المماثل قدرا و وهبه الزائد أو أقرضه إیاه أو تباریا (1)
______________________________
التبن أو زوان أو شیلم لأنه لا مانع یمنع منه و کذلک إن کان فی أحدهما قلیل تراب أو دقاق بین و قال قوم لا یجوز و هو الأحوط (انتهی) و لم أجد من احتاط غیره بل جزم به فی الخلاف و حمله علی ما إذا خالف المعتاد لا یناسبه الاحتیاط لأنه حینئذ لا یصح و لا السیاق (و لعله) أراد بالقوم الشافعی و أصحابه فإنهم قالوا لا یجوز بمثله و لا بالخالص أما الأول فللاختلاف إذ قد یکون القصل و شبهه فی أحدهما أکثر و أما الخالص فلتفاضل الحنطتین و الفصل کما قال عقد التبن لأنه المشهور المعروف عند أهل الشامات فلا یلتفت إلی ما لعله یتوهم من عبارة الصحاح حیث قال إنه فی الطعام کالزوان و کأنه مال إلیه فی السرائر و المکوک کتنور مکیال یسع صاعا و نصفا أو نصف رطل أو ثلاث کیلجات و الکیلجة من و سبعة أثمان المن و المن رطلان و الزوان حب صغیر أسود دقیق الطرفین
(قوله) (و لو أراد المعاوضة علی المتفاضلین المتفقین جنسا باع أحدهما سلعته بجنس غیرهما ثم اشتری به الأخری أو باع المماثل قدرا و وهبه الزائد أو أقرضه إیاه أو تباریا)
کما نص علی ذلک فی المبسوط و الوسیلة و النافع و نهایة الإحکام فی الفرض الأول و هو ما إذا باع أحدهما سلعته بجنس غیرها و نص فی الإرشاد علی الفرع الثانی و فی اللمعة علیه و علی الثالث و علی الجمیع فی الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و تعلیق الإرشاد و الروضة و الکفایة و المفاتیح و الریاض و کذا المسالک و لم أجد من تأمل أو توقف سوی المولی الأردبیلی علی ما لعله یتوهم منه حیث قال و هو ظاهر لو حصل القصد فی البیع و الهبة و ینبغی الاجتناب عن الحیل مهما أمکن و إذا اضطر یستعمل ما ینجیه عند اللّٰه سبحانه و تعالی إلی آخر ما قال (و لیعلم) أنه لا فرق بین أن یتخذ ذلک عادة أم لا کما نص علیه فی المبسوط و التذکرة و تعلیق الإرشاد و هو ظاهر إطلاق الباقین و المخالف فی ذلک مالک کما أن الظاهر من إطلاقهم أیضا عدم الفرق أیضا بین أن یشترط علیه البیع أو القرض أو الهبة أم لا و قد قال فی المختلف أطلق الأصحاب جواز البیع بشرط أن یعمل المشتری له شیئا أو یقرضه أو غیر ذلک (و لا ریب) أنه بإطلاقه یشمل ما نحن فیه و أن الهبة داخلة تحت قوله أو غیر ذلک و قال أیضا فی المختلف إنهم نصوا علی جواز أن یبیع شیئا و یشترط الإقراض أو الإجارة أو السلف أو غیر ذلک من الشروط السائغة و من المعلوم أن الهبة من ذلک إن کانت المعاملة فی المتفق جنسا و باع المماثل قدرا و وهبه الزائد و قد نص علی خصوص ذلک فی التذکرة قال سواء شرط فی إقراضه و هبته و بیعه ما یفعله الآخر أو لا ذکر ذلک فی موضعین منها و قصر الخلاف فی أحدهما و هو الذی نحن فیه علی الشافعی و فی المختلف جواز القرض بشرط الهبة و العاریة فبالأولی أن یجوز فیما نحن فیه و إن لم یکن أولی ففی المساواة بلاغ لکن المحقق فی الشرائع بعد أن ذکر الفروع الثلاثة و زاد علیها قال کل ذلک من غیر شرط و تبعه علی ذلک صاحب الحدائق و الریاض و قید الشهیدان فی اللمعة و الروضة بما إذا لم یشترط الهبة فی عقد البیع و کذلک الدروس إن جعلنا القید المذکور فی کلامه راجعا إلی الجملة الأخیرة کما هو الظاهر قالوا لأن الشرط زیادة فی العوض (و قد یستدل) لهم بخبر محمد بن قیس (سلم خ ل) عن أبی جعفر علیه السلام من أقرض رجلا ورقا فلا یشترط إلا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 528
..........
______________________________
مثلها فإن جوزی بالأجود منها فلیقبل و لا یأخذ أحد منکم رکوبة دابة أو عاریة متاع من أجل قرض ورقه بناء علی أن البیع بشرط القرض و القرض بشرط البیع من واد واحد کما فی التنقیح و هو الظاهر من کل من شرک بینهما فی الأدلة فقد استدلوا بهذا الخبر للمنع من البیع بشرط القرض بل هو ظاهر المقنعة بل قد یقال إن الصادق علیه السلام جعلهما من سنخ واحد فی صحیحة یعقوب ابن شعیب قال سألته عن الرجل یسلم فی مبیع أو تمر عشرین دینارا و یقرض صاحب السلم عشرة دنانیر أو عشرین دینارا قال لا یصلح إذا کان قرضا یجر نفعا فنفی صلاحیة البیع بشرط القرض لأنه قرض یجر نفعا و قد ذکر هذا الخبر فی دلیل المسألتین و ستعرف الحال فی الخبر (و نحن) قد لا نقول إن المسألتین من سنخ واحد کما صرح به جماعة و ظهر من آخرین و بعض ما نحن فیه و إن لم یکن من المسألتین لکن من سنخهما لأنه لما باع الربوی بمثله مع اتحاد الجنس و القدر کان المشروط ربا لأنه زیادة فی العوض و ما نحن فیه علی تعمیم المحقق أن یقرضه بشرط أن یقرضه ثم؟؟؟ یتبارءان؟؟؟
و نحن و إن کنا نختار جواز القرض بشرط البیع المشتمل علی المحاباة لکنا قد نقول بتحریم اشتراط العاریة و الهبة الغیر المعوضة فی القرض و فیما نحن فیه لأنها لیست معاملة محضة إذ لا فرق بین قوله بشرط أن تعطینی أو تهبنی لأن المحرم ما کان فی نفس مال القرض من زیادة فی القدر أو الصفة و رکوب الدابة یدخل فی الصفة و الحلال ما کان بشرط خارج عن ذلک (و منه) یعلم الحال فیما نحن فیه و لا یتوهم أن تسمیتها معاملة قد تقضی بدخولها تحت إطلاق عقدة إجماع الغنیة حیث قال فیها یجوز أن یقرض غیره مالا علی أن یأخذه فی بلد أخری أو علی أن یعامله فی بیع أو إجارة أو غیرهما بدلیل إجماع الطائفة انتهی (و وجه الاستدلال) بصحیحة محمد بن قیس علی الصحیح لأن الراوی عنه یوسف بن عقیل و هی أقعد ما یستدل للخصم بها (أنه علیه السلام) نهی عن کل شرط سوی شرط مثلها و حصر الشرط الجائز فیه فقط فیخرج عنه شرط الإقراض و البیع فیصح الاستدلال به للمحقق بل و للشهیدین لما عرفت و قد أجبنا عن ذلک فی رسالة أفرغناها فی المسألة بلغنا فیها أبعد الغایات بأنه معارض بالأخبار المستفیضة الدالة صریحا علی جواز القرض بشرط المعاملة بالمحاباة و قد عقد له فی الوافی بابا سرد فیه شطرا صالحا من الأخبار و بالإجماعات علی اشتراط الرهن و الکفیل و البیع بدون محاباة (فتأمل) و بأن قوله علیه السلام فإن جوزی بالأجود فلیقبل قرینة علی أن المراد بقوله لا یشترط إلا مثلها أنه لا یجوز أن یقرضه بشرط أن یرد الصحیح عن المکسر و لا الجید عن الردی و لا زیادة القدر کما فهمه الأکثر و تضمنته الأخبار الأخر و قد جعلوه وجه الجمع بل وجدت بعض الفضلاء یستدل بها علی جواز البیع بشرط الإقراض و یتعجب من العلامة فی المختلف کیف سکت عن الاستدلال بها ثم إن تعلیق الحکم علی الورق قد یشعر بجواز ذلک لا لأنه مفهوم لقب بل لمکان التعلیق علیه و عدم حاجة إلی ذکره لو لم یرد النفی عما عداه لأنه یمکن أن یقال لو أقرض قرضا و إنما یلغی مفهوم اللقب حیث لا یتأتی التعبیر عن المراد إلا به کما فی قولنا زید موجود و لهذا کان معتبرا قطعا فی عبارات الفقهاء و به یثبت الوفاق و الخلاف فیکون الخبر علی هذا متروک الظاهر أیضا بالإجماع المنقول فی الخلاف و ظاهر التذکرة علی أنه لا فرق بین مال القرض ربویا کان أو غیر ربوی کالثوب فی تحریم الزیادة مع الشرط فکان متروک الظاهر من وجهین و أما صحیحة یعقوب بن شعیب التی سمعتها آنفا فیحتمل أن المشتری یعطی بصیغة السلم و صیغة القرض ثم یأخذ من المقترض بالقرض بقدر ما یأخذ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 529
و لا ربا بین الوالد و ولده (1) فلکل منهما أخذ الفضل
______________________________
بالسلم و حینئذ فلا إشکال فی الخبر و إن کان المراد أنه یبیعه بشرط أن یقرضه و قلنا إن قوله علیه السلام لا یصلح ظاهر فی التحریم کان معارضا بالإجماعات المستفیضة و الأخبار المتضافرة و إن کان المراد أنه یقرضه بشرط البیع بدون محاباة کان معارضا بالإجماع المعلوم و إن کان مع المحاباة کان معارضا بالإجماع المنقول و الأخبار المستفیضة الدالة علی صحة ذلک البیع و بالأخبار الدالة علی أن خیر القرض ما جر نفعا (و قد احتمل) فی الوافی حمله علی التقیة و جزم به صاحب الحدائق و هو حسن بالنسبة إلی ما عدا المعنی الأول و الشیخ فی الإستبصار احتمل الکراهیة و استجوده بعضهم و عجز الخبر المذکور فیه کلام طویل ذکرناه فی الرسالة و نذکره إن شاء اللّٰه تعالی فی باب القرض بلطف اللّٰه تعالی و فضله و إحسانه و برکة محمد و آله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و نستوفی الکلام فی المسألتین بما لا مزید علیه و قد طال بنا الکلام و إن کان قد اقتضاه المقام (و قد تلخص) فیما نحن فیه أنه یجوز أن یبیعه بالجنس المماثل قدرا بشرط أن یبیعه کذلک و أن یهبه بشرط أن یهبه و أن یقرضه بشرط أن یقرضه و لا یجوز أن یقرضه بشرط أن یهبه الزائد کما فی بعض الصور و هل یجوز أن یقرضه بشرط أن یقرضه و یهبه الزائد احتمالات (هذا) و قالوا فی المقام و لا یقدح فی ذلک کله کون هذه العقود أی الاتهاب و الاقتراض و الإبراء غیر مقصودة بالذات مع أن العقود أی الصیغ تابعة للقصود لأن قصد التخلص من الربا الذی لا یتم إلا بالقصد إلی بیع صحیح أو قرض أو غیرهما کاف فی القصد إلیها لأن ذلک غایة مترتبة علی صحة العقد مقصودة فیکفی جعلها غایة إذ لا یعتبر قصد جمیع الغایات المترتبة علی العقد فإن من أراد شراء دار لیؤجرها و یکتسب بها فإن ذلک کاف فی الصحة و إن کان لشراء الدار غایات أخر أقوی من هذه و أظهر و قد ورد فی النصوص ما یدل علی جواز الحیلة علی نحو ذلک (منها) قوله علیه السلام فی المسألة الماضیة نعم الشی‌ء الفرار من الحرام إلی الحلال (و منها) الصحیح عن رجل یرید أن أعینه المال أو یکون لی علیه مال قبل ذلک فیطلب منی مالا أزیده علی مالی الذی علیه أ یستقیم أن أزیده مالا و أبیعه لؤلؤة تسوی مائة درهم بألف درهم فأقول له أبیعک هذه اللؤلؤة بألف درهم علی أن أؤخرک بثمنها و بمالی علیک کذا و کذا شهرا قال لا بأس و مثله الموثق و تمام الکلام فی باب القرض
(قوله) (و لا ربا بین الوالد و ولده)
إجماعا کما فی الإنتصار و الغنیة و التنقیح و إیضاح النافع و ظاهر السرائر و کشف الرموز و المختلف و المفاتیح و هذه الإجماعات بإطلاقاتها کجملة من العبارات کعبارة المقنع و غیرها تعطی أن لکل منهما أخذ الفضل کما هو صریح السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و غایة المراد و إیضاح النافع و المسالک و الروضة و غیرها و فی المفاتیح و الریاض أنه لا خلاف فیه إلا من الإسکافی حیث خص أخذ الزیادة بالولد دون الوالد و یشترط أن لا یکون للوالد وارث و لا علیه دین و هو شاذ کما قاله جماعة و زاد فی الحدائق أنه لا یزال غالبا موافقا للعامة (انتهی) و علم الهدی و إن کان فی الموصلیات قال بثبوت الربا بینهما و تأول أخبار الباب و نزلها علی نحو قوله جل شأنه (فَلٰا رَفَثَ وَ لٰا فُسُوقَ) إلا أنه قال فی الإنتصار ثم لما تأملت ذلک رجعت عن هذا المذهب لأنی وجدت أصحابنا مجمعین علی نفی الربا بین من ذکرناه و غیر مختلفین فیه فی وقت من الأوقات إلی آخر ما قال و هو مؤذن بأن قوله بالثبوت فی الموصلیات وقع غفلة و ذهولا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 530
و لا بین السید و مملوکه المختص (1)
______________________________
عن ملاحظة الإجماع فلما انکشف له عدل عنه فکان فی حکم العدم فلا یصلح لأن یطعن به علی دعوی الإجماع و یعد خلافا کما صنع کاشف الرموز و المحقق الأردبیلی و الخراسانی إذ الفرق واضح بین القول الذی یقطع بعدم صحته و بین ما یعدل عنه لرجحان الغیر علیه کما حرر فی محله و الأمر فی ذلک واضح جدا لکن کاشف الرموز جری مع الأصحاب فکان الإجماع معلوما أیضا مضافا إلی الأخبار المنجبرة المعتضدة بالإجماعات کخبر عمرو بن جمیع المروی فی الکافی و الفقیه و خبر زرارة و محمد بن مسلم المروی أیضا فی الکافی و التهذیب لیس بین الرجل و ولده و لا بینه و بین أهله ربا مضافا إلی الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام (و من هنا) یعلم حال ما قاله فی الکفایة تبعا لمجمع البرهان من أن مستند المشهور روایة زرارة و محمد مؤیدة بروایة عمرو بن جمیع و شی‌ء منهما لم یبلغ حد الصحة فإن ثبت إجماع کان هو المتبع و إلا فالصواب العمل بالکتاب (انتهی) ثم إنه لا فرق فی الولد بین الذکر و الأنثی کما فی التذکرة و جامع المقاصد و فی ولد الولد بالنسبة إلی الجد تردد کما فی المسالک و الکفایة و فی الدروس لا یثبت بینهما ربا و فی التذکرة و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و الروضة اختیار ثبوته بینهما و یثبت مع الولد للرضاع کما فی المیسیة و الروضة و المسالک علی إشکال فی الأخیر و فی التنقیح و إیضاح النافع و المیسیة و الروضة و الکفایة أنه لا یتعدی الحکم إلی الأم
(قوله) (و لا ربا بین السید و مملوکه)
إجماعا کما فی الإنتصار و الغنیة و إیضاح النافع و التنقیح و ظاهر المفاتیح و فی کشف الرموز أنه لا خلاف فیه و فی السرائر أن قول الشیخ فی النهایة لا ربا بین العبد و سیده لأن مال العبد لسیده لا فائدة فیه و لا لنا حاجة إلی هذا التعلیل و إلی مال العبد إنما الربا بین اثنین مالکین (انتهی) (قلت) الأولی بمن یقول بعدم ملکه ترک ذکره فی المقام کالشهید فی اللمعة لکن لما وردت النصوص به و فیها الصحیح کصحیح علی بن جعفر بطریق الفقیه تعرض الأصحاب له و ظاهر المحقق الأردبیلی المناقشة فیه أیضا علی تقدیر القول بملکه قال لأن الروایة غیر صحیحة و لا یعرف غیرها إلا أن یدعی الإجماع فیقتصر علی موضعه و هو القن الخالص لا المکاتب مطلقا و لا المشترک کما تشعر به الروایة المتقدمة (انتهی) قلت التی أشار إلیها روایة زرارة و محمد بن مسلم و هی طویلة و ظاهرة أنه لم یطلع علی غیرها (لأنک) قد عرفت أن روایة علی بن جعفر صحیحة و موردها المملوک و سیده و عدم ظهور الوجه من النص لا یدل علی العدم و الواجب التسلیم لما ثبت عنهم علیهم السلام و أفتی به سدنتهم سواء ظهر لنا فیه الوجه أم لا و أکثر الأصحاب قالوا بأنه لا بد من اختصاص الملک بالسید فلو کان مشترکا ثبت الربا بینه و بینه کما تشعر به الروایة التی أشار إلیها لأن ما بیده لسیدیه و ممن صرح بذلک المصنف فی الکتاب و التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و الشهید فی الدروس و المقداد فی التنقیح و المحقق الثانی فی حاشیته و المولی القطیفی فی إیضاح النافع و هو الذی حکاه فی المختلف عن أبی علی و قال أطلق باقی أصحابنا و مقصودهم إذا لم یکن مشترکا (انتهی) و مما أطلق فیه المقنع و النهایة و الوسیلة و الشرائع و النافع و غیرها و المدبر و أم الولد فی حکم القن و هل یفرق بین المکاتب بقسمیه و القن ظاهر النص الإطلاق إلا أن ینزل علی الغالب و لأن مال المکاتب مملوک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 531
و لا بین الزوج و زوجته (1) و لا بین المسلم و أهل الحرب (2) فللمسلم أخذ الفضل فی دار الحرب و الإسلام دون العکس (3)
______________________________
له و لذلک اختار المصنف فی نهایة الإحکام و التحریر أنه کالحر و هو ظاهر المسالک مع احتماله فیه العدم و قد یفرق بین المشروط و المطلق و قد تنزل أخبار الباب علیهما و حینئذ یظهر الوجه فی الأخبار و یندفع الإشکال عن ابن إدریس و الأردبیلی و هو قوی موافق للاعتبار لأن المکاتب کالولد و الزوجة بل قد یدعی أن إطلاق الأخبار منزل علیه لأن القن و المشترک خارجان قطعا لأن القول بملکیة العبد مخالف للإجماعات و الأخبار و قد عرفت الوجه فی الثانی فلیتأمل
(قوله) و لا بین الزوج و زوجته)
إجماعا کما فی الإنتصار و الغنیة و التنقیح و إیضاح النافع و ظاهر السرائر و کشف الرموز و المختلف و المفاتیح (و یدل علیه) خبر زرارة و محمد المروی فی الکافی و التهذیب کما عرفت و مرسل الفقیه و قد جبرهما و عضدهما عمل الطائفة فلا معنی لتأمل الأردبیلی و الخراسانی و المشهور کما فی الکفایة أنه لا فرق بین الدائمة و المتمتع بها و فی الریاض و الحدائق أنه مذهب الأکثر (قلت) و به صرح فی الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و الروضة و المسالک لإطلاق النص و الفتوی (و فیه) أنا قد نمنع صدق اسم الزوجة علیها حقیقة بل هی مستأجرة سلمنا لکن المتبادر الشائع الدائمة فینزل الإطلاق علیه (و یؤیده) أن فی بعض الروایات الصحیحة تسلط الزوج علی مالها بحیث لا یجوز لها العتق إلا بإذنه و یشهد له أن التفویض فی مال الرجل إنما ثبت فی حق الدائمة فإن لها أن تأخذ من مال الرجل المأدوم و لذلک اختار المصنف فی التذکرة و إیضاح النافع و مجمع البرهان ثبوته مع المتمتع بها و تردد المقداد و الصیمری
(قوله) (و لا بین المسلم و أهل الحرب)
إجماعا کما فی الغنیة و التنقیح و إیضاح النافع و ظاهر کشف الرموز و المفاتیح و ستسمع إجماعات الخلاف و السرائر و التحریر و کذا ما فی التذکرة و نهایة الإحکام و الکفایة من ظهور دعوی الإجماع فیها أیضا و علم الهدی ادعی الإجماع علی عدم الربا بین المسلم و الذمی فبینه و بین الحربی أولی بعدم الثبوت و فی الخبر المروی فی الکافی قال قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم لیس بیننا و بین أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم نأخذ منهم و لا نعطیهم و نحوه ما رواه فی الفقیه مرسلا و الضعف غیر ضار فی المقام و لا فرق فی الحربی بین المعاهد و غیره و لا بین کونه فی دار الحرب أو الإسلام کما ذکره المصنف فی التذکرة و الشهید الثانی فی الروضة و المسالک و صرح بالأخیر فی الکتاب و ظاهر الخلاف الإجماع علیه
(قوله) (فللمسلم أخذ الفضل فی دار الحرب أو الإسلام دون العکس)
قد حکی الإجماع علیه فی الخلاف و السرائر فی آخر کلامه و التحریر و ظاهر نهایة الإحکام و التذکرة و الکفایة علی أنه لا ربا بین المسلم و الحربی إذا أخذ المسلم الفضل و فی الکتب الستة المذکورة و الشرائع و المختلف و الإرشاد و الدروس و غایة المراد و التنقیح و إیضاح النافع و غایة المرام و تعلیق الإرشاد و المیسیة و الروضة أن الحربی إذا أخذ الفضل ثبت الربا و حرم و هو الذی دل علیه الخبر کما سمعت و الموافق للقواعد من الاقتصار فی مخالف الأصل علی المتیقن و المخالف صریحا ابن البراج حیث قال بعد أن نفی الربا بین الأربعة المذکورة یجوز أن یأخذ کل واحد ممن ذکرنا من صاحبه الدرهم بالدرهمین و الدینار بدینارین و هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 532
و یثبت بین المسلم و الذمی علی رأی (1) و القسمة تمییز و لیست بیعا فتجوز فیما ثبت فیه الربا و إن تفاضلا وزنا و خرصا و لو أخذ أحدهما الرطب و الآخر التمر جاز (2)
______________________________
ظاهر إطلاق الشیخ فی النهایة و ابن حمزة فی الوسیلة و المحقق فی النافع و هو ضعیف جدا
(قوله) (و یثبت بین المسلم و الذمی علی رأی)
مشهور بین المتأخرین کما فی تعلیق الإرشاد و مشهور کما فی المسالک و الحدائق و أشهر کما فی الشرائع و الروضة و الکفایة و روایته أشهر کما فی النافع و علیه المتأخرون کافة کما فی الریاض و أشهر و أظهر بین الأصحاب کما فی کشف الرموز و علیه الأصحاب ما عدا المفید و السید کما فی المفاتیح و علیه الشیخ و أتباعه کما فی کشف الرموز أیضا و هو ظاهر أبی علی علی ما حکی عنه و الغنیة و الوسیلة حیث لم یذکراه و النافع و المهذب البارع و خیرة القاضی علی ما حکی عنه و النهایة و السرائر و الشرائع و کشف الرموز و التذکرة و الإرشاد و نهایة الإحکام و المختلف و الإیضاح و شرح الإرشاد لولد المصنف و الدروس و اللمعة و غایة المراد و المقتصر و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و الریاض و غیرها و ظاهر التحریر التردد حیث ذکر القولین من دون ترجیح و قد سمعت أنه فی النافع ادعی أن هناک روایة بالثبوت و قد اعترف جماعة من شراح کلامه بعدم الوقوف علیها بالخصوص و قالوا نعم یشمله إطلاق بعض النصوص (قلت) فالمشرکون بینی و بینهم ربا قال نعم و العام المخصوص حجة فی الباقی و ضعف السند منجبر بما تقدم و بالعمومات من الکتاب و السنة و صاحب إیضاح النافع قال إن المحقق أشار إلی هذه الروایة و هو الذی یظهر من کاشف الرموز و المخالف ابنا بابویه علی ما نقل عن علی و المفید علی ما نقل عنه أیضا و لم أجد له ذکرا فی المقنعة و علم الهدی فی الإنتصار و صاحب إیضاح النافع فقالوا إنه لا یثبت و قد ادعی علیه فی الإنتصار الإجماع و قد منعه علیه جماعة و لیس فی محله لأنه لا مخالف له قبله إلا ما یظهر من أبی علی و هو معاصر له فی أواخر عصره علی الظاهر لأنه معاصر للمفید قطعا للخبر المرسل فی الفقیه لیس بین المسلم و الذمی ربا و نحوه الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام و حکی عنهم أنهم یشترطون أن یکون باذل الزیادة الذمی و فی الدروس أنه لو کان الباذل المسلم لم یجز قطعا و هذا فی معنی الإجماع و فی الروضة أن محل الخلاف ما إذا أخذ المسلم الفضل أما إعطاؤه إیاه فحرام قطعا و قد حمل الأصحاب المرسل علی خروج الذمی عن شرائط الذمة و لا بأس به و إن کان أولی من الطرح و قد یحمل خبر المشهور علی تحریم أخذ المشرک الربا من المسلم و قول السید یساعده النظر لأن الذمی معصوم المال فلا یؤخذ منه قهرا فإذا دفعه باختیاره علی وجه الربا جاز لا من حیث الربا بل من حیث حل ماله (فلیتأمل) لأن الإجماع من المتأخرین کأنه معلوم (و لیعلم) أن أهل الکتاب فی زمن الغیبة حربیون لکنهم لا یغتالون لشبهة الأمان فلا إشکال فی جواز أخذ الربا منهم الآن
(قوله قدس سره) (و القسمة تمییز و لیست بیعا فتجوز فیما یثبت فیه الربا و إن تفاضلا وزنا و خرصا و لو أخذ أحدهما الرطب و الآخر التمر جاز)
کما نص علی ذلک کله فی المبسوط و نحوه ما فی الشرائع و التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام و غیرها و فی المسالک دعوی الوفاق علی أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 533
و یجب علی کل من أخذ الربا رده علی مالکه إن عرفه أو إلی وارثه إن فقد (1) و یتصدق به عنه إن جهله (2)
______________________________
القسمة تصح فیما فیه الربا و لو أخذ أحدهما الفضل
(قوله) (و یجب علی من أخذ الربا رده إلی مالکه إن عرفه أو إلی ورثته إن فقد)
هذا مما لا خلاف فیه إن کان عالما بالتحریم عند المعاوضة بل فی جامع المقاصد و کنز العرفان الإجماع علی ذلک ذکره فی جامع المقاصد فی المسألة الآتیة و لا فرق فی ذلک بین ما إذا کان ممیزا أو مختلطا إذا کان معلوم المقدار و أبو علی إنما فصل مع الجهل بالتحریم کما ستسمع و کما ستعرف الحال فیما إذا جهل مقدار الربا أصلا و المتمکن من العلم بالتحریم فی حکم العالم کما رواه الراوندی فی فقه القرآن (قال) قال أبو جعفر علیه السلام من أدرک الإسلام و تاب مما کان عمله فی الجاهلیة وضع اللّٰه عنه ما سلف فمن ارتکب ربا بجهالة و لم یعلم أن ذلک محظور فلیستغفر اللّٰه فی المستقبل و لیس علیه فیما مضی شی‌ء و متی علم أن ذلک حرام أو تمکن من علمه فکل ما یحصل له من ذلک محرم علیه و یجب علیه رده إلی صاحبه لکن الطبرسی رواه عن الباقر علیه السلام إلی قوله فله ما سلف فیحتمل أن یکون ما بعده من کلام الراوندی (و یدل) علی الحکم مع العلم (قوله سبحانه و تعالی) وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ و غیرها من الآیات الأخر و الروایات الدالات علی حرمة الربا و علی عدم ملکیة الزیادة لمکان الحرمة المستلزمة لعدمها فلا ریب فی وجوب الرد مع العلم بالصاحب و القدر أو التمکن من العلم بهما کما هو الشأن فی غیر الربا من المال المحرم (الحرام خ ل) کما بیناه فی المکاسب فی الحکم السابع من أحکام الخاتمة و قد بینا الحال هناک أیضا فیما إذا جهل المقدار و علم بالصاحب من أنه یصالحه بما یرضی ما لم یطلب زائدا عما یحصل به یقین البراءة مع احتمال الاکتفاء بدفع ما یتیقن انتفاؤه عنه کما احتمله صاحب المدارک و الکفایة و بینا أن الصلح مثال و أن الغرض تحصیل رضاه و حکینا عن التذکرة أنه إن لم یرض بالصلح دفع إلیه الخمس إن حصل الجهل المحض بقدره و إلا فما یغلب علی ظنه إن علم زیادته أو نقصانه إلی آخر ما حررناه
(قوله) (و یتصدق به عنه إن جهله)
قد بینا فیما سلف أنه إذا علم القدر دون المالک مع عدم تمییز القدران الأصح وجوب التصدق به مع الیأس من المالک فورا سواء کان بقدر الخمس أو أزید منه أو أنقص و أن بعضهم اختار حفظه و أن المصنف فی التذکرة أوجب فیما إذا کان زائدا علی الخمس إخراجه و التصدق بالزائد و أنه إذا کان معینا ممتازا احتمل التصدق به أیضا و احتمل حفظه و أن الأول أظهر و أن الظن إذا تعلق بالقدر حکمه حکم العلم و أنه إذا تعلق بالمالک لیس کذلک علی تأمل فیه و کذلک إذا دار المالک بین جماعة محصورین و الظاهر أنه لا یجب علیه إرضاء الجمیع کما حرر فی فنه و لم یذکر المصنف هنا الحال فیما إذا اختلط الربا بالحلال و جهل المالک و القدر و کأنه لا یوجب هنا إخراج الخمس لأن أخبار هذا الباب الواردة فی مقام الحاجة خالیة عن ذکر الخمس بالکلیة بل ظاهرة فی حل الجمیع من دون ریبة و لکن الأصحاب أعرضوا عنها إلا من شذ کما قیل و لعل ذلک لأن سیاقها إنما هو لبیان حال صورة الجهل بالحرمة خاصة (فلیتأمل) و ممن صرح بإخراج الخمس فیما نحن فیه الشیخ فی النهایة و المحقق فی النافع و المصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 534
سواء استعمله مع علم التحریم أو جهله علی رأی (1)
______________________________
فی التحریر و نهایة الإحکام و التذکرة مع التصریح فی التحریر بأن محله مستحق الخمس عملا بالنصوص الواردة فی الحلال المختلط فی الحرام و لم یتمیز مع جهل الملک و القدر الشاملة لما نحن فیه کما حررنا ذلک فی باب المکاسب بما لا مزید علیه لکن ذلک إنما یتم علی القول بأنه إذا جهل التحریم عند المعاوضة یجب علیه الرد إلی المالک (و أما) علی القول بالعدم فالعدم هنا أولی (فلیتأمل)
(قوله) (سواء استعمله مع علم التحریم أو جهله علی رأی)
أی سواء استعمل الربح أی فعله مع العلم بالتحریم أو جهله و قد اختار أنه یجب علیه الرد علی المالک مع جهله بالتحریم عند المعاوضة وفاقا للسرائر و التذکرة و نهایة الإحکام و المختلف و الإیضاح و التنقیح و کنز العرفان و جامع المقاصد و هو الظاهر مما حکی عن الشیخ فی التبیان و ربما حکی عن أبی علی و ستسمع کلامه و خلافا للمقنع علی ما حکی عنه إلا أنی لم أجده فیه و النهایة و فقه القرآن للراوندی و النافع و کشف الرموز و آیات الأردبیلی و إیضاح النافع و الریاض و الحدائق و هو ظاهر الطبرسی أو صریحه کما قد قیل إنه ظاهر الفقیه لأنه روی ذلک و کأنه میل إلیه فی التحریر و حواشی الشهید و نسبه فی التنقیح إلی الشیخ و أتباعه و لا فرق بین أن یکون المال موجودا أو تالفا کما فی نهایة الإحکام و لا فرق فی الجهل بین أن یکون عن خطاء فی تقلید أو اجتهاد أو عن غیر ذلک و هل عدم وجوب الرد عند هؤلاء مشروط بالانتهاء و التوبة کما هو ظاهر الآیة و جملة من الأخبار کما ستسمع أو لا کما هو ظاهر مجمع البیان و النهایة و بعض الأخبار و لم أجد من صرح بالاشتراط لکنه قد یلوح من عبارة النافع حیث قال کفاه الانتهاء و نحوها غیرها نعم صاحب الریاض ظاهره الاشتراط و ما قاله جماعة من العامة من أنه إذا لم یتب و أصر یکون مرتدا و ماله فیئا فمردود بطرفیه قطعا و قال أبو علی فیما حکی عنه إن اشتبه علیه الربا لم یکن له أن یقدم علیه إلا بعد الیقین بأن ما یدخل فیه حلال فإن قلد غیره أو استدل فأخطأ ثم تبین أن ذلک ربا لا یحل فإن کان معروفا رده علی صاحبه و تاب إلی اللّٰه تعالی و إن اختلط بماله حتی لا یعرفه أو ورث مالا کان یعلم أن صاحبه یربی و لا یعلم الربا بعینه فیعزله جاز له أکله و التصرف فیه إذا لم یعلم فیه الربا (انتهی) و القول الأول أقعد بحسب القواعد و قد استدل علیه بقوله تعالی (وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ) و بأنها معاوضة باطلة فلا ینتقل بها الملک (و فیه) أن سیاق الآیة علی الاختصاص بالعالم المتعمد و هذه صورتها الشریفة (یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِیَ مِنَ الرِّبٰا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ) و من الظاهر أن التهدید بالحرب لا یتوجه إلا للعالم (و یؤیده) ما رواه فی مجمع البیان عن الباقر علیه السلام فی سبب النزول من أن الولید بن مغیرة کان یربی فی الجاهلیة و قد بقی له بقایا علی ثقیف فأراد خالد بن الولید المطالبة بها بعد أن أسلم فنزلت (و قد أجاب) بعض متأخری المتأخرین عن الاستدلال ببطلان المعاوضة بالمنع من بطلانها لأنها من حیث الجهل صحیحة بحسب ظاهر الشرع و هذا جواب سخیف جدا (و یمکن) أن یجاب بأن الدافع قد أباح للقابض هذه الزیادة لأنه إن کان عالما فظاهر و إن کان جاهلا فکذلک لأنه دفعها علی التراضی مبیحا لها غایة ما فی الباب أنها لو بقیت و أراد الرجوع رجع بها (و لیس) هذا التراضی منوطا بوجه مخصوص حتی یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 535
..........
______________________________
کالتراضی فی العقد الفاسد فتکون لإباحة مشروطة بصحة العقد فی الواقع و سلامة المقابل (فلیتأمل جیدا) و لا ینتقض ذلک بصورة علم القابض کما هو ظاهر و الباعث علی تجشم ذلک أن أخبار الباب علی کثرتها و صحة کثیر منها ظاهرة فی القول الثانی ظهورا کاد یلحق بالتصریح مع اعتضادها بظاهر قوله سبحانه و تعالی (فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهیٰ فَلَهُ مٰا سَلَفَ) المفسر فی ظاهر کلام الطبرسی و الراوندی و السدی فیما حکی بأن له ما أخذ و أکل من الربا قبل النهی و لا یلزمه رد کذا حکی عن الطبرسی و قال الراوندی فله ما سلف أی له ما أکل و لیس علیه رد ما سلف إذا لم یکن علم أنه حرام قال أبو جعفر علیه السلام من أدرک الإسلام و ساق الحدیث الذی حکینا عنه روایته آنفا ثم قال و قال السدی فی معنی قوله له ما سلف له ما أکل و لیس علیه رد ما سلف فأما من لم یقبض بعد فلیس له أخذه و له رأس المال و الفاضل المقداد فی کنز العرفان ادعی أن الآیة المذکورة و قوله سبحانه و تعالی (یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِیَ مِنَ الرِّبٰا) صریحتان فی أنه لا یجب رد الربا مع الجهل السابق علی نزول التحریم ثم قال إنه قرر أنه یجب الرد مع الجهل و العلم ثم إنه جمع بین الکلامین بأنه لا یجب علی الکافر رد ما أخذ حال کفره إلا أن یکون عینه موجودة (و أما المسلم) فیجب علیه رد الربا مطلقا سواء علم بالتحریم أو لم یعلم و قال المقدس الأردبیلی فی تفسیر الآیة المذکورة من جاءه موعظة من اللّٰه سبحانه بأمر أو نهی و قد قبض و تصرف فاتعظ و قبل النهی أو ارتکب المأمور به فله ما سلف أی فقد ملک ما أخذه سالفا و قبض و تصرف و جاز له التصرف فیما فعل من المنهی عنه الآن و لا مؤاخذة علی ما سبق الأمر و النهی و أمره بعدهما إلی اللّٰه فیجازیه بعمله فإن اتعظ للّه و قبل الأمر و النهی لأنهما من اللّٰه فیتیبه و إلا فیعاقبه بقدر العمل قال (و الحاصل) أن لیس جواز ما سبق مشروطا بالانتهاء و لا رجوع أمره إلی اللّٰه بل عدم العقاب فیما یأتی مشروط به أعنی بالانتهاء فکأنه قال الذی اتعظ لیس علیه فیما سبق شی‌ء و أمره فیما سیأتی إلی اللّٰه فإن اتعظ فلیس علیه شی‌ء و إلا فعلیه وزر الترک و لعله لدفع توهم أنه إذا حرم الربا لا یجوز له أخذه سیما إذا کانت العین باقیة بل یجب علیه رده إلی أهله أو دفع توهم أن المتعظ لیس أمره بعد الاتعاظ إلیه «انتهی» (فلیتأمل) فی کلامه جیدا (ثم إنه) قال أو یکون المراد فله ما سلف من غیر عقاب فیکون للتقیید إذ لو لم ینته لیس له ما سلف سالما بل هو مع العقاب و بالجملة إن ثبت عدم هذا المفهوم بالإجماع و نحوه فلیس بمعتبر لأنه إنما یعتبر مع عدم ما هو أقوی منه و إلا فنقول به «انتهی» (فلیتأمل) و کأنه لحظ الآیة مع قطع النظر عن الأخبار و إلا فقد فسرت الموعظة فی جملة منها بالتوبة کما ستسمع و علی ما فهمه ابن إدریس و الجماعة من أن المراد فله ما سلف من الوزر و غفران الذنب و حق القدیم سبحانه بعد انتهائه لأن إسقاط الذنب عند التوبة تفضل عندنا کما ذکر ذلک کله فی السرائر یصیر المعنی من (مع خ ل) ملاحظة القید إن انتهی فله ما سلف أی لا عقاب علیه علی ما جهله و یجب علیه الرد و إن لم ینته فعلیه العقاب علی ما سلف و الرد (و علی کل حال) فیما ذکره فی السرائر نظر من وجهین الأول أنه روی فی الرسائل عن نوادر أحمد بن محمد ابن عیسی عن أبیه قال إن رجلا أربی دهرا من الدهر فخرج قاصدا إلی أبی جعفر یعنی الجواد علیه السلام فقال له مخرجک من کتاب اللّٰه یقول اللّٰه فمن جاءه موعظة من ربه فانتهی فله ما سلف و الموعظة التوبة فجهله (لجهله خ ل) بتحریمه ثم معرفته به فما مضی فحلال و ما بقی فلیتحفظ و هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 536
..........
______________________________
صحیح علی الصحیح واضح الدلالة علی مذهب الصدوق و الشیخ و قد رواه فی البحار عن الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام و نحوه ما رواه الشیخ فی التهذیب فی الصحیح عن محمد بن مسلم قال دخل رجل علی أبی جعفر علیه السلام من أهل خراسان قد عمل بالربا حتی کثر ماله ثم إنه سأل الفقهاء فقالوا لیس یقبل منک شی‌ء إلا أن ترده إلی أصحابه فجاء إلی أبی جعفر علیه السلام فقص علیه قصته فقال له أبو جعفر علیه السلام مخرجک من کتاب اللّٰه عز و جل (فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهیٰ فَلَهُ مٰا سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَی اللّٰهِ) و الموعظة التوبة مضافا إلی صحیحة الحلبی أو حسنته المرویة فی الکافی و التهذیب عن الصادق علیه السلام قال أتی رجل أبی علیه السلام فقال إنی ورثت مالا و قد علمت أن صاحبه الذی ورثته منه قد کان یربی و قد اعترف أن فیه ربا و قد استیقن ذلک و لیس یطیب لی حلاله لحال علمی فیه و قد سألت الفقهاء من أهل العراق و أهل الحجاز فقالوا لا یحل أکله من أجل ما فیه فقال أبو جعفر إن کنت تعلم أن فیه مالا معروفا ربا و تعرف أهله فخذ رأس مالک و رد ما سوی ذلک و إن کان مختلطا فکله هنیئا فإن المال مالک و اجتنب ما کان یصنع صاحبه فإن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قد وضع ما مضی من الربا و حرم علیهم ما بقی فمن جهله وسع له جهله حتی یعرفه فإذا عرف تحریمه حرم علیه و وجب علیه فیه العقوبة إذا ارتکبه کما یجب علی من أکل الربا و نحوه خبر أبی الربیع الشامی من دون تفاوت و نحوه ما رواه فی مستطرفات السرائر من کتاب المشیخة للحسن بن محبوب عن أبی الربیع أیضا من دون تفاوت أیضا و هذه الأخبار الثلاثة أعنی صحیحة الحلبی و خبری أبی الربیع کأنها هی التی استند إلیها أبو علی لکن سوقها کما سمعت أظهر فی الدلالة علی مختار الشیخ و الصدوق من حیث تعلیل حل أکل الربا المختلط بوضع الرسول صلی اللّٰه علیه و آله و سلم ما مضی منه و هو واضح الدلالة علی أن المراد بما مضی نفس الربا فی حالة الجهل مطلقا معروفا أو مختلطا و هذا یشهد علی صحة تفسیر الآیة الشریفة بما سمعت کما هو الظاهر منها فی الجملة و بقی الکلام فیما تضمنته هذه الأخبار الثلاثة من فرقه علیه السلام بین ما کان معزولا و ما کان مختلطا بمال حلال و هو بظاهره موافق لذهب ابن الجنید کما أشرنا إلیه (و یمکن) حمل رد المعزول علی الأولویة و الاستحباب و إن کان الجمیع حلالا من حیث الجهل کما ینادی به سیاقها کما عرفت و أما احتمال الحمل علی الحل من حیث الاختلاط لا من حیث الجهل فهو بعید عن سیاق الأخبار عند النظر و الاعتبار و حمل أخبار الباب علی ما سلف فی الجاهلیة کما حکاه فی المختلف عن الشیخ فی التبیان و کما قد یشهد له ما رواه الطبرسی و الراوندی عن الباقر علیه السلام و قد أسمعناکه فغیر ممکن فی بعضها قطعا ثم إنه لا ینافی ما سلف من حیث الجهل فی الإسلام أیضا لاشتراک الجمیع فی الجهل الموجب لحل ما تقدم و ما فی کشف الرموز من أنه یمکن أن یقال إن من ادعی الیوم فی الإسلام جهالة تحریم الربا لا یسمع منه فیحمل النص و الفتوی علی أول الإسلام کما حکی ذلک فی کشف الرموز قبل ذلک عن صاحب الرائع (ففیه) أنه یمکن فرض الجهل عن خطاء فی الاجتهاد أو التقلید إن سلمنا عدم سماع دعوی الجهالة من جمیع العوام و لا دلیل علی تفصیل المقداد فی کنز العرفان و قد سمعته (الثانی) مما یرد علی ما فی السرائر أن أدلة تحریم الربا و الزیادة کتابا و سنة مخصوصة بحکم التبادر و قاعدة التکلیف و النصوص السابقة بصورة العلم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 537

[المقصد الخامس فی لزوم البیع فهنا فصلان]

اشارة

(المقصد الخامس فی لزوم البیع) الأصل فی البیع اللزوم (1) و إنما یخرج عن أصله بأمرین ثبوت خیار أو ظهور عیب فهنا فصلان

[الفصل الأول فی الخیار و فیه مطلبان]

اشارة

الأول فی الخیار و فیه مطلبان

[المطلب الأول فی أقسامه]

اشارة

الأول فی أقسامه
______________________________
مضافا إلی الأصل بل استصحاب الحکم بعدم الوجوب فی حالة الجهل إلی حال العلم و المعرفة (فتأمل) و الحظ کلامه فی السرائر فإنه غیر متناسب الظاهر و مما ذکر یعلم الحال فیما فی جامع المقاصد
المقصد الخامس فی لزوم البیع (قوله) (الأصل فی البیع اللزوم)
الأصل هنا یحتمل أن یکون بمعنی القاعدة و أن یکون بمعنی الراجح الغالب (و معناه علی الأول) أن القاعدة التی بنی علیها البیع اللزوم و إن کان قد یعرض لبعض أفراده الجواز و قد أشیر إلی ذلک فی التذکرة و قواعد الشهید و جامع المقاصد و مجمع البرهان و فی الأخیر أن الظاهر عدم الخلاف فی أن مقتضی البیع هو اللزوم مستندا إلی الکتاب و السنة قال مثل قوله سبحانه و تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قول أبی عبد اللّٰه علیه السلام المؤمنون عند شروطهم و غیر ذلک و قال فی التذکرة الأصل فی البیع اللزوم لأن الشارع قد وضعه مفیدا لنقل الملک من البائع إلی المشتری و الأصل الاستصحاب و الغرض تمکین کل من المتعاقدین من التصرف فیما صار إلیه و إنما یتم باللزوم لیؤمن من نقض صاحبه علیه (انتهی) فکان دلیل هذه القاعدة العقل و النقل من کتاب و سنة بل و إجماع علی الظاهر (و أما معناه) علی الثانی فواضح لأن أکثر أفراد البیع و أغلبها علی اللزوم و ذلک لا یکاد ینکر و مع ذلک قال صاحب الوافیة إن قولهم الأصل فی البیع اللزوم لیس له وجه لأن خیار المجلس مما یعم أقسام البیع و قال صاحب الکفایة الأصل فی العقود اللزوم و وجوب الوفاء بها خرج البیع بالنص فیبقی الباقی علی أصله و ظاهره أن الأصل فیه لمکان النص عدم اللزوم و أن العقود کلها علی اللزوم و ستعرف الحال فی بقیة العقود و الکلام الآن فی خصوص البیع و الشهید فی حواشیه قال أورد هنا سؤال و هو أن البیع لا ینفک عن خیار المجلس فیثبت فیه الخیار فیکون الأصل فی البیع ثبوت الخیار لا اللزوم ثم قال و الجواب أنه إن أرید بالمجلس مجلس القرار منعناه لجواز تجرده فی نحو المتعاقدین سائرین و إن أرید به مطلق المجلس حملناه علی مجلس القرار (و فیه) کما ستعرف أن المتعاقدین سائرین فی حکم المتعاقدین مستقرین ما لم یتقدم أحدهما علی الآخر بخطوة إلا أن یکون أراد بالسائرین السائرین متعاکسین (و تحریر المقام أن یقال) إن المراد أن المصلحة الباعثة علی شرع البیع و وضع العقد و جعله سببا للغرض المقصود منه تقتضی أن یکون علی وجه اللزوم و لا ینافی ذلک اقتضاء المصلحة و قضاء الحکمة بعروض الجواز علیه فی بعض المواطن و من المعلوم انفکاکه عن خیار المجلس فی عدة مواضع کما إذا اشتری من ینعتق علیه أو اشتری لیرث أو أسلم عبد الذمی و بیع علیه أو قهر الحربی قریبه و باعه أو اشتری العبد نفسه إن جوزناه و کما عرفت فی السائرین المتعاکسین و کما إذا عقد الواحد عن اثنین عند بعض کما ستسمع ذلک کله فإذا طرأ علیه خیاره و انقضی بانقضاء المجلس أو الخطوة و لم یختر واحد منهما کان لزومه حینئذ بمقتضی شرعه و ذاته و أصله (و یرشد) إلی ذلک أنه لو اشترط سقوطه سقط و بهذا التحریر یسقط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 538
و هی سبعة (1)

[الأول خیار المجلس]

(الأول) خیار المجلس (2) و یختص بالبیع (3)
______________________________
الاستناد إلی خیار المجلس فی نقض هذه القاعدة (فلیتأمل) نعم لو تم عدم الانفکاک و شرع عدم سقوطه بالإسقاط اتجه ما قالوه و مما یعرض لهذا الأصل و یخرج به عن مقتضی شرعه لعلل خارجیة بعد أقسام الخیار المشهور فوات شرط معین أو وصف معین أو عروض الشرکة قبل القبض و تلف المبیع المعین أو الثمن المعین قبله أو فی زمن الخیار إذا کان الخیار للمشتری و إن قبضه و الإقالة و التحالف عند التخالف فی تعیین المبیع أو تعیین الثمن أو تقدیره علی قول و تفریق الصفقة و الإخلال بالشرط و نحو ذلک و المصنف قال إنه یخرج عن هذا الأصل بأمرین ثبوت خیار أو ظهور عیب مع أن ظهور العیب مقتضی للخیار و کأنه جعله قسیما له لسعة مباحثها أو لبیان أن الخیار إما نقصان فی عین أو صفة أو بدونهما (فلیتأمل) هذا و قال الشهید فی قواعده إن الأصل فی سائر العقود أیضا اللزوم ثم إنه بعد ذلک قال إن منها ما هو لازم من طرفیه کالنکاح و الإجارة و الوقف و الصلح و المزارعة و المساقاة و الهبة فی بعض الصور و الضمان بأقسامه إلا الکفالة و فی المسابقة قولان و منها ما هو جائز من طرفیه و هی الودیعة و العاریة و القراض و الشرکة و الوکالة و الوصیة و الجعالة لانتظام المصالح بجوازها و إلا لرغب عنها أکثر الناس للمشقة بلزومها (قلت) هذا یقضی بأن جوازها جار علی الأصل إلا أن تقول إن المنساق من الجعل و التقریر و قوله هذا سبب لهذا و قوله جل شأنه أَوْفُوا بِالْعُقُودِ إنما هو اللزوم و لا ینافی ذلک قضاء الحکمة بالجواز فی بعض العقود أو من أحد من الجانبین کالرهن و کفالة البدن و عقد الذمة و الأمان أو فی حال دون حال کالهبة قبل القبض و الوصیة قبل الموت و القبول فإن هذا الجواز باعتبار نفس الأمر و ذلک باعتبار ظاهر التقریر و الجعل فکان جواز ما جاز من العقود علی خلاف الأصل یحتاج إلی الدلیل و من هنا یتضح الحال فی الخیار فی البیع و قد یقال إن ظاهر التقریر و الجعل لا یقضی باللزوم (و یشکل) الاستدلال بالآیة علی العقود الجائزة لعدم وجوب الوفاء بها إلا أن یقال یجب الوفاء بمقتضاها فی موضع یثبت المقتضی و لیس فی العقل و الاعتبار ما یدل علی لزومها بل قد سمعت ما قاله الشهید من أن المصالح لا تنتظم إلا بجواز العقود الجائزة و إلا لرغب عنها أکثر الناس (فلیتأمّل جیدا) و قد ذهب بعض الناس إلی أن الأصل فی العقود الجواز متعلقا بأصل العدم فإن اللزوم أمر زائد لا بد فی إثباته من دلیل و هو إفراط لمکان نص الکتاب
(قوله) (و هی سبعة)
و بعضهم عدها خمسة و آخرون ثمانیة و أنهاها بعضهم إلی أربعة عشر
(قوله قدس سره) (الأول خیار المجلس)
الخیار الاسم من الاختیار و قد اشتهر التعبیر عن هذا النوع من الخیار بخیار المجلس و المجلس موضع الجلوس و هو لیس بمعتبر فی تحقق الخیار بل المعتبر فیه عدم التفرق بالأبدان إما تجوزا فی إطلاق بعض أفراد الحقیقة أو حقیقة عرفیة و الأصل فیه قول النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم البیعان بالخیار ما لم یفترقا قال فی المسالک و هو أوضح دلالة من عبارة الفقهاء إلا أنه قد صار بمنزلة الحقیقة العرفیة و قد أنکره فی التابعین شریح و النخعی و فی الفقهاء مالک و أبو حنیفة و الباقون من الصحابة و التابعین و الفقهاء علی خلافهم و قد طفحت أخبارنا و انعقد إجماعنا علی ثبوت هذا الخیار کما ستسمع
(قوله) (و یختص بالبیع)
کما فی الدروس فلا یثبت فی غیره إجماعا کما فی الغنیة و التذکرة (کما هو فی الغنیة و فی التذکرة و تعلیق الإرشاد خ ل) و فی تعلیق الإرشاد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 539
و یثبت بعد العقد فی کل مبیع (1) لم یشترط فیه سقوطه فلو شرط سقوطه سقط (2) و لو شرط أحدهما سقوطه عنه سقط بالنسبة إلیه خاصة
______________________________
نسبته إلی علمائنا و نحوه ما فی مجمع البرهان و فی المسالک أنه لا خلاف فیه بین علمائنا و فی الخلاف الإجماع علی أنه لا یدخل فی الوکالة و العاریة و القراض و الحوالة و الودیعة و قد منع علیه ذلک فی المختلف لأن ثبوت الخیار فیها علی الدوام فی المجلس و غیره یستلزم ثبوته فی المجلس (و فیه) أن الممنوع خیار المجلس لا الخیار فیه و لعل النزاع یعود لفظیا (فتأمل) و قد صرح بالأمرین یعنی اختصاصه بالبیع و عدم ثبوته فی غیره فی الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و المختلف و قواعد الشهید و التنقیح و الروضة و الکفایة و غیرها و فی المبسوط و السرائر کما حکی عن القاضی أنه یدخل فی الوکالة و العاریة و الودیعة و الجعالة و القراض (و فیه) أن الخیار فیها عام لا یقبل السقوط لأنها عقود جائزة علی الإطلاق فلا تأثیر للمجلس و تأول کلامهم فی الدروس باحتمال إرادتهم منع التصرف مع الخیار فی المجلس و هو غیر صحیح لأنه لا یصح فی الودیعة لامتناعه فیها مطلقا و لا فی غیرها لوجود الإذن المسوغ له مطلقا
(قوله) (و یثبت بعد العقد فی کل مبیع)
یثبت فی جمیع ضروب البیع السلم و غیره بدلیل إجماع الطائفة کما فی الغنیة و هو أی الإجماع ظاهر التذکرة حیث قال و یثبت فی جمیع أقسام البیع کالسلف و النسیئة و المرئی و الموصوف و التولیة و المرابحة و بالجملة جمیع ما یندرج تحت لفظ البیع مما لم یشترط فیه سقوطه عند کل من أثبت الخیار إلا فی صور وقع فیها الخلاف و نحوه من دون تفاوت ما فی تعلیق الإرشاد (و یدل علیه) بعد الإجماع المنقول و المعلوم من اتفاق الفتاوی علیه (عموم أدلته) و لا سیما صحیحة الحلبی أیما رجل اشتری من رجل بیعا فهما بالخیار حتی یفترقا
(قوله رحمه اللّٰه) (و لم یشترط فیه سقوطه فإن شرط سقط)
کأن یقول البائع بعتک بشرط أن لا یثبت بیننا خیار فیقول المشتری قبلت بدلیل الإجماع کما فی الغنیة و فی مجمع البرهان لعله مما لا خلاف فیه و قد نفی الخلاف فی الریاض و الحدائق عنه و عن سقوطه بالنسبة إلی أحدهما إذا شرط هو سقوطه و هو کذلک إذ لم أجد فیه مخالفا و قد یستفاد الإجماع من التذکرة من مبحث خیار الحیوان و قید اشتراط السقوط بکونه فی العقد فی المبسوط و ما تأخر عنه مما صرح فیه به أو ظهر ذلک منه خلافا للخلاف و الجواهر کما ستسمع (و الحجة) علی الحکم المذکور المشترط بالشرط علی النحو المذکور بعد الأصل و الإجماع کما سمعت (عموم) الکتاب و الصحیح الوارد فی الشروط و الخبر الصحیح (الصریح خ ل) و علیه یحمل الآخر البیعان بالخیار إلا بیع الخیار أو علی خیار الشرط فإنه باق و إن تفرقا و موافقة الاعتبار فإن الأغراض تتعلق بلزوم العقد تارة و جوازه أخری و بذلک کله یقید إطلاق الأخبار المستفیضة مع التأمل فی شمولها لمحل الفرض لمکان تبادر غیره ما عدا صحیحة الحلبی لأن العموم فیها لغوی و ثبوت الخیار مقتضی العقد المطلق لا العقد المشروط فیه إسقاطه فإن مقتضاه حینئذ السقوط فیلزم لأن الشرط حینئذ جزء من العقد فاندفع ما عساه یقال من أن هذا الشرط مخالف لمقتضی العقد لأنه یقتضی ثبوت الخیار علی الإطلاق مضافا إلی استلزامه عدم صحة شی‌ء من الشروط فی شی‌ء من العقود لأن مقتضاها کما قدمناه لزوم الوفاء بها مطلقا و إن لحظت ما حررناه آنفا عرفت أن مقتضی العقد بالذات اللزوم و أن ثبوت الخیار مقتضی العقد الذی لا تفرق فیه کالسائرین المتعاکسین (هذا) و قال الشیخ فی الخلاف إذا شرط قبل العقد أن لا یثبت بینهما خیار بعد العقد صح الشرط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 540
و هو ثابت للبائع و المشتری ما داما فی المجلس (1)
______________________________
و لزم العقد بنفس الإیجاب و القبول (دلیلنا) أنه لا مانع من هذا الشرط و الأصل جوازه و عموم الأخبار فی جواز الشرط تتناول هذا الموضع و نحوه ما حکی عن الجواهر و هو شاذ لإطباقهم علی خلافه و لإطلاق النص المثبت للخیار إلا أن تقول إنه بحکم التبادر مختص بغیر محل الفرض (و فیه) أنک قد عرفت أن فیه ما عمومه لغوی ثم إن النصوص المستفیضة الواردة فی النکاح الدالة علی عدم اعتبار الشروط قبله شاملة للمقام عموما أو فحوی علی أنه یمکن تنزل کلام الشیخ علی المشهور کما قال فی المختلف من أنهما لو شرطاه قبل العقد و تبایعا علی ذلک الشرط صح ما شرطاه لکن کلامه هذا مجمل لأن الصحیح عندهم ما کان فی متن العقد أو بین الإیجاب و القبول کما نص علیه فی التذکرة فی مقام آخر (و لعله) أراد أن یقول له بعتک علی ذلک الشرط (و قد یقال) إن الشرط یعتبر إذا کان ملفوظا به قبل العقد و لا عبرة بالقصد إن لم یکن ملفوظا لقول النحاة و بعض الفقهاء إن المقدر کالمذکور و مرادهم بالمقدر المقدر الصناعی النحوی و هو ما قضت به الصناعة إما لتقدم ذکره أو لقرینة حالیة تشبه تقدم الذکر کقولک للصیاد الغزال الغزال و کذا ما دل علیه اللفظ کحذف المبتدإ أو الخبر أو حذف متعلقات کل واحد منهما و کلام الشیخ من هذا القبیل إذا بنی العقد علی الشرط کأن یقول له أ تبیعنی بشرط کذا فیقول له نعم و یوقع الصیغة فی الحال من دون أن یتقادم العهد فکان کلام الشیخ موافقا للقواعد و لعموم الأمر بالوفاء بالعقود مع احتمال اختصاص النص المثبت للخیار بحکم التبادر بغیر محل الفرض و قد ینزل کلام المختلف علی ذلک بمعنی أن العقد إذا کان مبنیا علی ذلک الشرط صح و إن لم یتلفظ به فی العقد أصلا لا إجمالا و لا تفصیلا (و أما الشرط) السابق الذی لم یبن علیه العقد فلا تأثیر له قطعا (فلیتأمل) هذا و فی المختلف عن ابن الجنید عبارة لا تکاد تفهم قال لو تبایعا بشرط رفع الخیار بینهما صح و لا خیار سواء شرطا إسقاطه فی العقد أو بعده و قال ابن الجنید فی بعض الحدیث کل بیعین فلا بیع بینهما حتی یفترقا إلا بیع الخیار یرید الشرط بعد العقد قال و قد یکون الشرط لرفع الخیار قبل العقد فی الغنائم و المواریث و بیع المزایدة فقط و لذلک روی عن أمیر المؤمنین علیه الصلاة و السلام أنه قال إذا صفق الرجل علی البیع فقد وجب و إن لم یفترقا (انتهی) و ظاهره أن ابن الجنید مخالف فی الشرط الواقع فی العقد و لذلک حمل الخبر علی ما بعد العقد و لعل الباعث له علی ذلک أن الخیار إنما یثبت بعد العقد لا قبله و لا فی نفسه و قوله و قد یکون الشرط (إلخ) یحتمل وجهین الأول أن یکون أراد بالشرط قبل العقد فی الخبر ما جعله اللّٰه سبحانه شرطا أی ما أسقط فیه الخیار و هو أنه یزعم أن اللّٰه سبحانه أسقط خیار المشتری فی هذه الأمور الثلاثة فیکون قوله إلا بیع الخیار و أراد به إلا ما أسقط اللّٰه الخیار فیه و هو هذه الثلاثة أو ما کان مثلها مما تتعلق به الشرکة و یحصل منه الضرر (الثانی) أن یکون أراد بالشرط ما جعلاه شرطا و یخص الحکم بهذه الثلاثة عنده إما لدلیل قاده أو لأمارة نصبت علیه فتأمل
(قوله قدس سره) (و هو ثابت للبائع و المشتری ما داما فی المجلس)
أی ما لم یفترقا بالإجماع و الصحاح و فی النبوی المشهور البیعان بالخیار ما لم یفترقا و ما فی بعض شواذ الأخبار مما دل علی اللزوم علی الإطلاق و إن کان موثقا فمحمول علی التقیة من أبی و قد عد ذلک من جملة ما خالف فیه رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و لا فرق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 541
و إن ضرب بینهما حائل أو فرقا کرها إما بالضرب أو الحمل و لم یتمکنا من الاختیار (1)
______________________________
فی المتبایعین بین أن یکون العقد لهما أو لغیرهما و بالتفریق لصدق البائع علی الوکیل لغة و عرفا و شرعا و لیس ببعید ثبوته للوکیل بمجرد التوکیل فی العقد لکونه من توابع العقد و هو الظاهر من الأخبار و یمکن توقفه علی التوکیل فی الخیار أیضا و الظاهر أنه یحصل بالتوکیل قبل العقد لأنه تابع له کما حررناه فی باب الوکالة و علیه استمرت الطریقة یوکله فی بیع شی‌ء فیبعه بآخر فیؤاخذه أو یعتقه أو نحو ذلک و قولنا لا تجوز الوکالة فیما لیس للموکل فعله حین الوکالة إنما هو فی غیر التوابع و لا خیار حینئذ للمالک لعدم صدق البائع علیه بمعنی العاقد لا لغة و لا شرعا و لا عرفا و إن صدق علیه بمعنی أنه نقل المال عن نفسه لکن المراد من الخبر العاقد بقرینة قوله علیه و آله الصلاة و السلام ما لم یفترقا کما هو واضح فما فی التذکرة من أن الأقرب تعلق الخیار بالوکیلین و الموکلین کأنه غیر واضح و لا إشکال حینئذ فی الخبر و یطابق أوله آخره إذ المعنی البیعان إذا کانا وکیلین فلهما الخیار حتی یفترقا و کذلک إذا کانا عاقدین لأنفسهما و إنما یکون الإشکال فی الخبر علی القول بثبوت الخیار للمالکین فقط أو لهما و للوکیلین إذ یصیر المعنی علی أحد التقدیرین الخیار للمالکین حتی یفترق العاقدان و لا یشترط فی الخیار اجتماعهما فلو تنادیا بالبیع من مکان بعید ثبت الخیار کما فی التذکرة و الدروس و کنز الفوائد و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد لعموم النص و أسقطه بعض العامة لمقارنة المسقط البیع و هو ساقط عن درجة الاعتبار
(قوله) (و إن ضرب بینهما حائل أو فرقا کرها إما بالضرب أو الحمل و لم یتمکنا من الاختیار)
أما بقاء الخیار مع ضرب الحائل بینهما فقد صرح به فی المبسوط و السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و غیرها و لعله مما لا خلاف فیه عندنا و إنما نسب الخلاف إلی بعض الشافعیة لأن الحال فی ذلک کما إذا غمضا أعینهما أو ناما و لا فرق فی الحائل بین الرقیق کالستر أو الحائط کما نص علی الأخیر فی المبسوط و السرائر و التذکرة و لا فرق فی ذلک بین المانع من الاجتماع کما لو شق بینهما نهر عظیم أو غیره لعموم الدلیل و عدم صدق الافتراق بذلک فإن المفهوم منه تباعدهما عن الحد الذی کانا علیه و أما بقاؤه مع التفریق بینهما کرها و منعهما من اختیار الفسخ و الإیجاب کأن سد أفواههما أو هددا علی التکلم ممن یخالف منه إیقاع ما هدد به فقد صرح به فی المبسوط و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه من دون خلاف و لا تشکیک إلا ممن ستعرفه و قد حکی علیه الإجماع فی الغنیة و تعلیق الشرائع علی ما حکی عن الأخیر لأنی لم أجده فیما عندی من نسخة مضافا إلی الاستصحاب و تبادر الاختیار لأنهما لم یفترقا بل فرقا و یعضده التعلیل بالرضا و أن الخیار شرع للإرفاق و لا رفق مع الإجبار و لا یلتفت إلی تشکیکات المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی فی المقام لعدم النص علی ذلک و أما إذا أکرها علی التفرق و لم یکرها علی الاختیار لا فسخا و لا إیجابا فالظاهر سقوط الخیار کما فی المبسوط و غیره بل لا أجد فیه مخالفا و یبقی الکلام فیما لو أکرها علی الفسخ أو الإیجاب فقط أو علی عدم کل واحد منهما فقط إن لم یکن هناک تلازم و لعل الأصل یقضی بالبقاء (فلیتأمل) و قد یقال فیما إذا لم یمنع من الفسخ إنه ینقطع لأن سکوته عن الفسخ مع القدرة علیه رضا بالإمضاء (و فیه) أنه مکره علی المفارقة و السکوت عن الفسخ لا یبطل الخیار کما فی المجلس (فتأمل) هذا و إذا زال الإکراه ثبت الخیار فی مجلس الزوال ما لم یفترقا کما فی المبسوط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 542
أو فارقاه مصطحبین (1) و لو فارق أحدهما الآخر و لو بخطوة (2) اختیارا عالمین أو جاهلین أو بالتفریق أو هرب أحدهما کذلک
______________________________
و التحریر و الروضة و کأنه مال إلیه فی المیسیة للأصل و لأن خیار المجلس موضوع علی التراخی و هذا منه أو بدل عنه و قد قواه الأستاذ الشریف قدس اللّٰه روحه یوم قراءتنا علیه (و فیه) أن المراد بالمجلس مکان البیع لا مطلق المجلس و المکان فتحدیده بهذا المجلس محل تأمل فإما أن یجعل علی الفور أو علی التراخی غیر محدود بالمجلس و المکان المذکور و الاستصحاب مقطوع لتغیر الموضوع (فلیتأمل جیدا) و فی التذکرة أنه علی الفور فی مسألة ما إذا مات أحد المتبایعین و یظهر منه أن هذه من سنخ تلک فیکون الفور حینئذ مذهب ولده فی الإیضاح و الشهید فی حواشی الکتاب و المحقق الثانی فی جامع المقاصد کما ستعرف و اقتصر فی الدروس علی حکایة قول الشیخ و فی تعلیق الإرشاد علی ذکر القولین و فی المسالک علی ذکرهما وجهین و ظاهرهما التوقف و إذا زال الإکراه عنه و هو سائر انقطع خیاره بمفارقة موضع التمکن إلا إذا کانت المفارقة لإرادة الرجوع إن لم تؤد إلی البعد و هل یجب تحری أقصر الطرق حینئذ احتمالان و لعل الأقوی العدم کما أن الأقوی أنه لا یجب علیه العود
(قوله) (أو فارقاه مصطحبین)
کما صرح بذلک فی التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة و الروضة و المسالک و هو قضیة قولهم إنه یسقط بمفارقة أحدهما صاحبه و لو بخطوة کما ستسمع و وجهه أنه علیه و آله الصلاة و السلام جعل مدة الخیار دوامهما مصطحبین سواء أقاما کذلک فی المجلس أو فارقاه کذلک و لا فرق فی ذلک بین أن یطول الزمان أو یقصر ما لم یتباعد ما بینهما عنه حالة العقد و أولی بعدم زواله لو تقاربا عنه
(قوله) (و لو فارق أحدهما الآخر و لو بخطوة)
یسقط خیار المجلس بالافتراق بالنص و الإجماع المحکی فی الخلاف و التذکرة و ظاهر الغنیة أو صریحها و فی الکفایة لا أعلم فیه خلافا و فی الخلاف أیضا أنه لا خلاف فیه بین العلماء و أما حصوله بتباعد أحدهما عن الآخر بخطوة فما زاد فقد نص علیه فی المبسوط و الخلاف و التهذیب و الإستبصار و الغنیة و الوسیلة و السرائر و جامع الشرائع و الشرائع و التذکرة و الدروس و التنقیح و جامع المقاصد و الروضة و مجمع البرهان و لعله معنی قوله فی التحریر بأدنی انتقال و فی المسالک و إن قل و قد حکی عن الصیمری و المیسی و لم أجد لهما تصریحا بذلک نعم هو ظاهرهما و ظاهر غیرهما من الشارحین و المحشین الذین لم یناقشوا و ظاهر الغنیة أو صریحها الإجماع علیه و فی الریاض نفی الخلاف عنه مضافا إلی ما حکیناه عنهم فی باب الصرف و ذلک لأن المراد بافتراقهما طرو الافتراق بعد العقد بحیث یزید ما بینهما من البعد لأن الافتراق الحقیقی حاصل بینهما وقت العقد فلا یراد من الحدیث إلا الافتراق الطاری بعده و لیس له هناک معنی شرعی فیصار إلی المعنی العرفی و هو متحقق بالخطوة لا بأنقص منه لأن الغالب عدم حفظ النسبة التی کانت بینهما فی مجلس العقد حتی وقت صعوده علی الحائط و نزوله کما أشار إلیه الصادق علیه السلام فی صحیحة منصور بن حازم بقوله فی الصرف و إن نزا حائطا فانزوا معه فمجرد تقدم البعض علی البعض لا یضر و إن حصل به التفرق لغة فالمدار علی العرف و هو حاکم بالخطوة و لذا طفحت عباراتهم بعدم بطلان العقد بمفارقة المجلس مصطحبین و هو الموافق لفروع المسألة کما یظهر ذلک لمن لحظ کلامهم فی الإکراه و زواله و هی بالضم و الفتح ما بین القدمین فی المشی جمعها خطا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 543
أو التزما به أو أوجبه أحدهما و رضی الآخر سقط (1) و لو التزم به أحدهما سقط خیاره خاصة
______________________________
کما صرح به أهل اللغة فالمراد به التحدید فی طرف القلة فی کلام أکثر الأصحاب لا المثال قال فی الخلاف أقل ما ینقطع به خیار المجلس خطوة و نحوه ما فی المبسوط و السرائر حیث قیل فیهما إن حده مفارقة المجلس بخطوة و نحوها ما فی الإستبصار و الغنیة و نحوهما ما فی التذکرة و إن کان قد یلوح منها خلاف ذلک و هو الظاهر مما فی الشرائع و اللمعة و التنقیح و غیرهما مما قیل فیه و لو بخطوة و نحو ذلک ما فی الدروس و نحوه مما قیل فیه تکفی فی المفارقة المبطلة خطوة نعم ما فی التحریر و جامع المقاصد و المسالک من کفایة أدنی الانتقال یرشد إلی أن المراد بها المثال لأن الافتراق لا تحدید له فی الشرع فیکتفی فیه بالمسمی و هو المعنی اللغوی و هو متحقق بالخطوة و دونها (و فیه) ما قد عرفته مضافا إلی ما حکیناه عنهم فی باب الصرف (و إن أبیت) عن ذلک (قلنا) الإجماع منعقد علی التحدید بها فی طرف القلة کما سمعته عن ظاهر الغنیة و خلاف التحریر و المسالک غیر معلوم و خلاف الکرکی غیر ضار و علی کل حال لا ینافی ذلک الصحیح المتضمن لحصوله فی الخطأ فإنه لا یأبی حصوله فیما دونها و توقف فی الخطوة بعض المتأخرین لعدم ظهور الصدق بها عرفا و إن صح لغة (و فیه) أنه إذا صح لغة صح عرفا لأن الأصل عدم التغییر و النقل فالشک فی صدقه بها عرفا کاف فی المطلوب و لا یحتاج إلی ظهوره و لا ینافی ما سبق (فتدبر) علی أنا ندعی ظهوره لأن أهل العرف لا یقولون إنهما إذا تفرقا بالخطوة لم یتفرقا فی مقام التحقیق و عدم المسامحة و جواز السلب توسعا غیر ضائر و إلا فإنهما لو تفارقا بخطوتین أو ثلاث یقال إنهما لم یتفرقا عرفا مسامحة و أنتم لا تقولون به لأن صحیح محمد بن مسلم صریح بأن مشی الخطی یوجب البیع مضافا إلی الإجماع المعلوم و المنقول فی المقام و إلی الصحیح الوارد فی خیار الحیوان المنطوی علی التعلیل بالرضا و هو یتحقق بخطوة و قال علیه السلام فی آخر فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما و مراد المصنف بقوله أو هرب کذلک ما إذا هرب و فارقه و لو بخطوة اختیارا عالمین أو جاهلین أو بالتفریق و إن فعل ذلک حیلة فی لزوم العقد و قد حصر سقوط خیار المجلس فی أربعة أشیاء (الأول) اشتراط سقوطه فی متن العقد و قد أشار إلیه هنا بقوله ما لم یشترط سقوطه (الثانی) الافتراق و هو ما نحن فیه (الثالث) التخایر و قد أشار إلیه المصنف بقوله أو التزما به أو أوجبه أحدهما (إلخ) (الرابع) التصرف و قد أشار إلیه هنا بقوله ما لم یسقطه بتصرف و سیأتی الکلام فی ذلک مسبغا مفصلا
(قوله) (أو التزما به أو أوجبه أحدهما و رضی الآخر سقط)
هذا هو القسم المسمی بالتخایر و المراد به اختیار العقد و البقاء علیه کأن یقولا تخایرنا أو اخترنا إمضاء العقد و نحوه و القسم الأول یسمی بالتخایر أیضا و الفرق بینهما أن ما نحن فیه محله بعد العقد و الأول محله نفس العقد أو قبله و ظاهر عبارة التذکرة و غیرها أن الصیغ فی المقام من الاثنین لا من أحدهما نعم إذا قال أحدهما ما یدل علی الاختیار و الإمضاء دون الآخر یسقط خیاره دونه و ظاهر عبارة المبسوط و الخلاف و الغنیة أن الصیغة من أحدهما قال فی الخلاف إذا قال أحدهما لصاحبه فی المجلس بعد العقد اختر فإن اختار إمضاء العقد انقطع بینهما الخیار و نحوها عبارة المبسوط و الغنیة و نحو ذلک عبارة السرائر و ظاهر الخلاف الإجماع علی ذلک کما هو صریح الغنیة و فی التذکرة الإجماع علی أنه یسقط بالتخایر و أن صورته أن یقول تخایرنا أو اخترنا العقد أو أمضیناه أو اخترناه أو التزمنا به و ما أشبه ذلک (انتهی) و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 544
و لو قال له اختر فسکت فخیارهما باق (1) علی رأی
______________________________
الکفایة لا أعلم خلافا بینهم فی أنه یسقط بإیجابهما العقد و التزامهما و إسقاط الخیار (قلت) الإجماع هو الحجة المقیدة لإطلاق الأخبار المثبتة للخیار فی المسألة مضافا إلی مفهوم بعض المعتبرة الواردة فی خیار الحیوان إذ فیه و ذلک رضی منه فلا شرط له و لانحصار الحق فیهما فیسقط بإسقاطهما و لأن فسخ اللازم بالتقایل یقتضی لزوم الجائز بالتخایر و لأنه سقط بالافتراق لدلالته علی الرضا و التخایر صریح فی ذلک و یحصل بالإیجاب منهما أو من أحدهما مع رضی الآخر و لو أمضاه أحدهما دون الآخر فإن فسخ البیع انفسخ لأن الفسخ لا یتبعض و إلا اختص بالخیار (و لیعلم) أنه کما یسقط خیار المجلس بالالتزام باختیار الإمضاء یسقط به أیضا خیار الحیوان و خیار الشرط و قال الصیمری و لا یسقط به خیار الغبن و لا خیار العیب و لا خیار الرؤیة و قال إنهما لو شرطا فی العقد سقوط هذه الثلاثة بطل الشرط و العقد علی الخلاف و کلامه غیر منقح کما ستعرف
(قوله رحمه اللّٰه) (و لو قال له اختر فسکت فخیارهما باق)
إذا قال أحدهما لصاحبه اختر فاختار الإمضاء بطل الخیاران کما فی المبسوط و الخلاف و الغنیة و التحریر و التذکرة و الدروس و غیرها و فی الغنیة و ظاهر الخلاف الإجماع علیه کما تقدمت الإشارة إلیه و کذلک الشأن فیما لو قال له تخیر أو اختر الإمضاء و لو قال اختر الفسخ فاختار الفسخ انفسخ و لو سکت المخیر علی صیغة البناء للمفعول حیث یقول له المخیر اختر أو اختر الإمضاء فخیاره أی الساکت باق إجماعا کما فی الریاض و بلا خلاف کما فی الحدائق و لا بحث فیه کما فی جامع المقاصد و کذلک الحال لو قال له اختر الفسخ فسکت و هل یسقط خیار الآمر حینئذ أی حیث یقول اختر فیسکت المشهور المعروف عدم السقوط کما ستسمع و قد حکی المصنف و المحقق قولا بسقوط خیاره لأنه ملک صاحبه ما ملکه من الخیار و للخبر العامی المتبایعان بالخیار ما لم یفترقا أو یقول أحدهما لصاحبه اختر (و فیه) أن التخییر لا یدل علی التملیک و الخبر عامی کما عرفت متروک الظاهر بالإجماع لأن ظاهره سقوط الخیارین معا فیحمل علی أنهما أمضیاه و من الغریب أن المحقق الثانی و الشهید الثانی نسبا هذا القول إلی الشیخ و تبعهما شیخنا صاحب الریاض و هو خلاف ما صرح به فی المبسوط و الخلاف و خلاف ما حکی عنهما فی المختلف و الإیضاح و المشهور بقاء خیار القائل أی المخبر بالبناء للفاعل أیضا کما فی الحدائق و به صرح فی المبسوط و الخلاف و الشرائع و التحریر و المختلف و الإیضاح و الدروس و اللمعة و تلخیص الخلاف و غایة المرام و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و الریاض و الحدائق للأصل و إطلاق النص و عدم دلالة التخییر علی الإیجاب و الالتزام بشی‌ء من الدلالات و کان المحقق الثانی فی تعلیق الإرشاد متوقف و قال فی التذکرة أولا إنه یسقط خیاره (ثم قال) فی آخر البحث هذا إذا قصد بقوله اختر تملیک الخیار لصاحبه و لو لم یقصد لم یسقط سواء اختار الآخر أو سکت (قلت) إذا قصد التملیک فالظاهر أن الحال کما قال و إذا لم یقصد التملیک فإما أن یقصد الاستکشاف و معرفة الحال أو التفویض فإن قصد الأول لم یسقط خیاره إن لم یمض الآخر کما إذا سکت و إن أمضی الآخر فظاهر الإجماع الذی سمعته آنفا و الفتاوی أنه یسقط خیاره إلا أن یحملا علی غیر هذه الصورة و إن قصد الثانی أی التفویض سقط مع الإمضاء دون السکوت و الظاهر من التخییر الاستکشاف و کذلک الحال فیما إذا قال له اختر الإمضاء فسکت و أما إذا قال له اختر الفسخ فسکت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 545
و خیار العاقد عن اثنین باق بالنسبة إلیهما ما لم یشترط سقوطه أو یلتزم به عنهما بعد العقد أو یفارق المجلس علی قول (1)
______________________________
فخیار الآمر باق أیضا و أما إذا فسخ فالأمر ظاهر (و یبقی الکلام) فیما إذا خالف و أمضی فیحتمل بقاء خیار الآمر أیضا و قد یظهر (من الدروس) سقوطه و کأنه بعید و لعله لحظ معقد إجماع (الغنیة و الخلاف) فلیلحظ ما ذکرناه فی أول هذه المسألة و سیأتی للمصنف فی المطلب الثانی فی الأحکام ما یناسب المقام قال لو أذن أحدهما للآخر فی التصرف فإن تصرف سقط الخیاران و إلا خیار الآذن
(قوله) (و خیار العاقد عن اثنین باق بالنسبة إلیهما ما لم یشترط سقوطه أو یلتزم به عنهما بعد العقد أو یفارق المجلس علی قول)
إذا اتحد العاقد عن اثنین هو أحدهما أو غیرهما فالأقرب ثبوت الخیار کما هو خیرة (المبسوط و الشرائع و التذکرة و المختلف و الدروس و غایة المرام (المراد خ ل) و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک) و هو المحکی عن القاضی و هو ظاهر الغنیة کما ستسمع و حکی المصنف (فی التحریر) قولا بعدم ثبوت الخیار و لزوم البیع و الظاهر أنه لیس لأحد من أصحابنا و إنما هو لبعض الشافعیة کما ذکره فی (التذکرة) و جزم به الأستاذ الشریف قدس سره قال هو لبعض العامة و لا قائل به من الأصحاب و قال فی (المسالک) بعد أن جعله احتمالا (ما نصه) و هذا الاحتمال لم یذکره فی التذکرة و لا أشار إلیه (فی الدروس) بل جزم بثبوت الخیار و کذلک عبارة الکتاب یعنی الشرائع لیس فیها إشعار به فإن قوله علی قول یشیر به إلی ما جرت به عادتهم من نقل القول الذی ذکره فی المبسوط و هو سقوط الخیار بمفارقة العاقد المجلس (انتهی) و الغرض أن هذا القول لم یقل به أحد من أصحابنا و مع ذلک قد مال إلیه أو قال به المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی و قربه المحدث البحرانی و ظاهر (التحریر و الإیضاح و التنقیح و حواشی الکتاب) التوقف کما هو صریح جامع المقاصد (فقد تحصل) أن الأصحاب فی المقام علی ثلاثة أنحاء بین قائل بثبوت الخیار و بین متوقف و بین قائل بعدمه أو مائل إلیه و لهم نزاع آخر علی القول بثبوته و هو أنه هل یسقط بمفارقة المجلس أم لا و هذا یأتی بیان الحال فیه و فیما یتعلق بالعبارات و الکلام الآن فی ثبوته و عدمه (حجة القائل) بالثبوت الإجماع علی ثبوته فی کل بیع کما حکاه الأستاذ الشریف قدس سره عن الغنیة و الموجود فیما عندنا من نسخها ما یقرب من ذلک و لیس به و لأن المقتضی له فی المتعدد هو البیع و قد وجد فی الواحد فلیلحق به تنقیحا لمناط الحکم للقطع بعدم الفرق بین بعض صور الاتحاد و بین بعض صور التعدد و لا قائل بالفصل بل ندعی أنه لا أثر للتعدد فی الخیار و إن ورد به النص لوروده مورد الغالب مع قصد التنصیص به علی ثبوته للبائع و المشتری و التمهید لذکر الافتراق و لو کان الخیار مقصورا علی التعدد لمکان ورود النص لکان غیر الخیار من الأحکام المترتبة علیه کذلک و لیس کذلک قطعا لأنه یسقط حینئذ مع الاتحاد أکثر الأحکام (هذا) کله مضافا إلی أن الظاهر من تعلیق الخیار بالبیع فی قوله علیه السلام البیعان بالخیار ثبوته لهما من حیث البیع و الشراء فیرجع بالآخرة إلی ثبوته للبائع من حیث هو بائع و للمشتری من حیث هو کذلک و العاقد الواحد بائع و مشتر قطعا فیثبت له الخیار بالاعتبارین و هذا قریب من الأول و لیس به و لا ینافی ذلک قوله علیه السلام ما لم یفترقا إذ النفی حقیقة فی السلب المطلق مجاز فی عدم الملکة عما من شأنه ذلک و الحقیقة مقدمة علی المجاز (و من المعلوم) أنه لا فرق فی السلب المطلق بین الواحد و المتعدد سواء رجع النفی إلی القید و المقید أو إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 546
..........
______________________________
القید و لا کذلک عدم الملکة (و حینئذ) یصح لنا أن نتمسک بعموم قوله علیه السلام البیعان بالخیار ما لم یفترقا أخذا بحقیقة النفی و حملا للتثنیة علی عموم المجاز لأن الأخبار إنما سبقت لتعمیم الخیار مضافا إلی اقتران أکثرها بخیار الحیوان و هو عام للواحد و المتعدد (و فی الصحیح) ما الشرط فی الحیوان فقال ثلاثة أیام للمشتری قلت و ما الشرط فی غیر الحیوان قال البیعان بالخیار ما لم یفترقا فإنه قد شمل (یشمل خ ل) المتحد سؤالا و تعلیلا نشأ من التنبیه علی علة السقوط بالافتراق و هی الرضا منهما فیعم المتحد جوابا و حکما و قد اجتمع فیه أیضا السوق و الاقتران و بذلک کله مع الشهرة و الإجماع المحکی تترجح الحقیقة فی النفی علی الحقیقة فی التثنیة فکان الحکم ثابتا بعموم النصوص و بفحاویها و ملاحظة متعلقاتها فلا وجه للتردد أو القول بلزوم البیع و عدم الخیار إذ الأصل الذی تمسکوا به أعنی لزوم البیع مقطوع بما ذکرنا و الجمود علی اللفظ و الإعراض عما ذکرناه و استخرجناه لا یلیق بأهل النظر علی أنه قول لبعض العامة لا قائل به منا (و لیعلم) أنه فی المبسوط فرض المسألة فیما إذا اشتری لولده من نفسه (و کذا التذکرة و الدروس) و فرضها فی (التحریر) فیما إذا کان المشتری هو البائع و المصنف هنا و المحقق فرضاها فیما لو کان الواحد عاقدا عن اثنین فیخرج عنه ما لو کان العاقد عن واحد مع نفسه إلا بتکلف و هو أن یقال إنه عاقد عن اثنین و قائم مقامهما و إن کان أحدهما و کأن المصنف فرض المسألة فیما إذا کان العاقد الأب أو الجد عن ولدیه الصغیرین کما صنع المحقق (و حینئذ) یکون له الخیار بالنسبة إلی هذا و ذاک لأن الخیار الثابت بأصل الشرع باق له بالنسبة إلیهما لم یزل باتحاد العاقد (و حینئذ) فلا یتجه ما قاله فی جامع المقاصد من أن العاقد عن اثنین لیس الخیار له بل لهما (ثم) إن کونه له لا ینتظم مع الحکم ببقائه بالنسبة إلیهما (انتهی) و علی ما قلناه یصح له أیضا اشتراط ذلک و إسقاطه و الالتزام به عنهما و لا کذلک علی الأقوی ما لو کان وکیلا عنهما فی العقد خاصة فإنه لا خیار له و لیس له التزام و لا فسخ و إنما الخیار لهما و لا یسقط باتحاد العاقد و قد احتملنا فیما سلف ثبوت الخیار له لأنه تابع للعقد (و یبقی الکلام) فی أنه هل یسقط أی خیارهما بمفارقته المجلس أو لا یسقط إلا بتفرقهما إن کانا حاضرین أو إسقاطهما له الظاهر الثانی کما ستسمع و کذلک الحال فیما لو کان أحد المتبایعین وکیلا عن الآخر فإن خیارهما ثابت أیضا و لا یزول بمفارقة العاقد المجلس و أما إذا کان أحد المتبایعین أبا قد عقد للصبی علی ماله أو بالعکس فالخیار أیضا ثابت له و للطفل و أمر الخیار إلیه فله مراعاة الجانبین لکنه فی الطفل یراعی مصلحته و لا یزول بمفارقته المجلس کما ستسمع و کلامهم فی المقام غیر واف و تنقیحه ما عرفت (و ینبغی) ملاحظة ما ذکرناه فی أول الباب فی بیان حال الخیار فیما إذا کان الوکیلان هما العاقدین لیعرف حال ما أورده المحقق الثانی فی المقام فی بیان الحال فی الخبر (إذا تقرر هذا) فلا ریب أن هذا الخیار یسقط باشتراط سقوطه و بالالتزام به بعد العقد إذا کان له ذلک و بتفرق المتبایعین إذا کان وکیلا علی الصیغة فقط علی أحد الرأیین و بالتصرف ممن له ذلک و هل یسقط بانتقال العاقد عن مجلسه تنزیلا له منزلة التفرق ظاهر الشیخ فی (المبسوط) و القاضی و الشهید فی (الدروس) عدم السقوط و هو ظاهر (الکتاب و الشرائع) أیضا و إن فهم بعضهم منهما خلاف ذلک و هو أیضا صریح المصنف فی (التذکرة) و المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد و فی جامع المقاصد و المیسیة و المسالک) أنه أی السقوط ضعیف لأن الواقع فی الأخبار هو الافتراق لا مفارقة المجلس فلو فارقا و خرجا مصطحبین لم یبطل خیارهما (قلت) و لفقد دلیل التنزیل فیستصحب الخیار و القول بالسقوط حکاه الشیخ فی (المبسوط) و احتمله المصنف فی (المختلف) و ولده فی (الإیضاح) و قال به
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 547
و یحتمل سقوط الخیار و ثبوته دائما ما لم یسقطه بتصرف أو إسقاط (1)
______________________________
الصیمری (فی غایة المرام) و قال الشهید فی حواشی الکتاب إن المنقول أن العاقد عن اثنین إن کانا حاضرین فی المجلس فله الخیار إلی أن یفترقا و إن لم یکونا عنده کان له الخیار إلی أن یفارق المجلس (انتهی) و لا تغفل عما ذکرناه فی أول الباب (و مستند) هذا القول أن خیار المجلس یسقط بمفارقته من غیر اصطحاب و قد صدقت المفارقة المذکورة إذ لا مصاحبة بین الشخص و نفسه و قد ضعف باستحالة افتراقهما أیضا و بما سمعت بأن المسقط هو الافتراق (و قد ینتصر له) بلزوم الضرر و بمخالفة الفرع الأصل و إطلاق ما دل علی جواز بیع الوکیل ماله من موکله و بالعکس و لو دام الخیار مع الاتحاد وجب التفصیل فیما دل علی جواز بیع الوکیل فیقال إذا اشتری لنفسه لزم البیع و إذا باع وقف اللزوم علی الافتراق لأن الوکیل یتوخی مصلحة الموکل و لا مصلحة له فی دوام الخیار فی الأول کما أنها موجودة فی الثانی (فلیتأمل) و یجاب (عن الأول) بأن الضرر مندفع بالاشتراط و الفسخ (و عن الثانی) بأن المخالفة مقلوبة لأن زوال الخیار کان فی الأصل أی المتعدد بالتفرق فلو کان هنا أی فی المتجدد بالمفارقة لخالف الأصل (و عن الثالث) بأن تصرف الوکیل منوط بالمصلحة مطلقا فإن وجدت مع استمرار الخیار و إلا بطل
(قوله (و یحتمل سقوط الخیار و ثبوته دائما ما لم یسقطه بتصرف أو إسقاط)
الاحتمال الثالث یفارق الأول بعدم اعتبار مفارقة المجلس فیه و قد أشار المصنف إلی أن التصرف فی هذا الخیار مسقط له کما فی (التذکرة و التحریر و الدروس و جامع المقاصد) علی الظاهر منه و تأمل فیه الأردبیلی (و قال فی الکفایة) قالوا و قد أهمل ذکره جماعة و اقتصروا علی سقوطه بالتفرق و التخایر بمعنییه معا أو بأحدهما و ظاهر عبارة النافع فی خیار الشرط أن التصرف لا یسقط به الخیار إلا فی خیار الشرط و أن خیار الحیوان و المجلس لا یسقطان بالتصرف (و فی المبسوط و الغنیة و الجامع و موضع من السرائر) قصر سقوطه علیهما حیث قال إنما ینقطع بأحد أمرین تفرق أو تخایر کما فی (المبسوط و السرائر) و لا یسقط إلا بأحد أمرین تفرق و تخایر کما فی (الغنیة) و آخرون قصروا الأمر علی الافتراق موافقة للفظ النص کالمفید فی (المقنعة) و الشیخ فی (النهایة) و أبی یعلی فی (المراسم) و صاحب المفاتیح و قال فی (الوسیلة) إنه یسقط بأحد خمسة أشیاء و لم یذکر التصرف منها (و لعل) ترکهم إیاه لمکان الظهور و لما سیجی‌ء فی خیار الحیوان من أنه مسقط له أو أن ذلک قصور فی العبارة فالقاصر و المقتصر غیر مخالفین فی الحکم (و یرشد إلی ذلک أمور الأول) أن ظاهر من نص علی سقوط الخیار به فیما نحن فیه عدم الخلاف فیه و هو کذلک لمکان نقل الشیخ فی (الخلاف) الإجماع علی أن المشتری متی تصرف فی المبیع سقط خیاره و نقل أن الأخبار واردة بذلک و لم نجد فیها ما یدل علی إبطال التصرف لمطلق الخیار إلا التعلیل بالرضا المستفاد من صحیحة الفضیل و صحیحة ابن رئاب الواردتین فی سقوط هذا الخیار بالافتراق و خیار الحیوان بالتصرف و إن أراد بالأخبار غیر ما فی کتب الحدیث فکفی به ناقلا لأنه لا فرق بین ما یحکیه و بین ما یرویه و القاضی وافق الشیخ فی دعوی ورود الأخبار بذلک علی ما حکی عنه (الثانی) التعلیل المشار إلیه فی الصحیحین المذکورین فإنه حجة مستقلة (الثالث) أنه یبعد ممن قصر السقوط علی الافتراق أن لا یکون قائلا بسقوطه بالتخایر مع دعوی الإجماع علی سقوطه به کما فی (الغنیة و التذکرة) و ظاهر الخلاف و غیره مما مر (الرابع) أن تخصیصهم خیار الغبن ببقائه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 548
و لو کان الشراء لمن ینعتق علیه فلا خیار (1)
______________________________
و عدم سقوطه بالتصرف ینبه علی أن غیره یسقط به لمکان تعلیلهم السقوط به فی غیره بدلالته علی الرضا و العلة مشترکة فیشترک المعلول (الخامس) أنه قد نص (فی الخلاف و الکافی و الجواهر) علی ما حکی عنهما (و السرائر و التذکرة و التحریر و الکتاب و الإیضاح و الدروس و التنقیح و تلخیص الخلاف و جامع المقاصد و المسالک) و غیرها أن خیار المشتری یسقط بتصرفه فی المبیع (و قد سمعت) أن فی الخلاف دعوی الإجماع علیه و فی هؤلاء من قصر کصاحب السرائر أو اقتصر (السادس) إطباقهم مع استفاضة الصحاح علی سقوط خیار الحیوان بالتصرف و العلة واحدة (و من هنا) یعلم أن ما ظهر من النافع و غیره فی باب خیار الشرط من أن خیار الحیوان لا یسقط بالتصرف غیر مراد قطعا فکان وجها ثانیا و کما یسقط خیار المشتری بتصرفه فی المبیع فکذا یسقط خیار البائع بالتصرف فی الثمن المعین لاشتراک العلة و هی الدلالة علی الرضا بالبیع فلا معنی لتأمل الأردبیلی و غیره فی ذلک و لو انعکس الأمر فتصرف البائع فی المبیع أو المشتری فی الثمن فهو فسخ یبطل به الخیار قالوا لدلالة التصرف علی الفسخ و هو حق إن تمت الدلالة بمعونة القرینة و إلا فهو محل مناقشة و المراد بالتصرف ما یعد تصرفا عرفا مع الرضا بالبیع کما أشیر إلیه فی الصحیح و یعضده الأصل و الإطلاقات و الخبر الوارد فی الشاة و إن خالف القوانین فما کان منه بقصد الاستخبار و نحوه لا یسقط الخیار به و علیه یحمل الخبر الوارد فی الشاة حیث تضمن أنه یردها و یرد معها أمدادا من البر إذا کان أکل لبنها (و قد) یشهد علی ذلک تفسیر الحدیث فی الصحیح بالتقبیل و اللمس و النظر إلی ما لا یحل لأن هذه لا تکون للاستخبار غالبا فلا إشکال فیه کما ظنه المقدس الأردبیلی و صاحب الحدائق و یأتی تمام الکلام فیه مفصلا فی خیار الحیوان بما لم یوجد فی کتاب بلطف اللّٰه تعالی و برکة محمد صلی اللّٰه علیه و آله
(قوله) (و لو کان الشراء لمن ینعتق علیه فلا خیار)
للمشتری و لا للبائع وفاقا (للتذکرة) و قد وافقه علی ذلک المحقق الثانی فی (جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و الصیمری) فی غایة (المرام) و الشهید الثانی فی (المسالک) و إلیه مال الأردبیلی بل قال به و قد فهم من التذکرة عدم الخلاف فیه من الأصحاب و نص الشهید فی حواشیه علی سقوط خیار المشتری و کأنه جزم به فی الدروس حیث لم یحتمل فیه ثبوته للمشتری کما احتمله للبائع حیث قال أسقط الفاضل الخیار فی شراء القریب أما المشتری فلعتقه علیه و لأنه وطن نفسه علی العتق إذ المراد به العتق و أما البائع فلما ذکر و لتغلیب العتق و یحتمل ثبوت الخیار لهما بناء علی أن الملک بانقضاء الخیار و ثبوته للبائع لأن نفوذ العتق لا یزیل حقه السابق و حینئذ یمکن وقوف العتق و نفوذه فیغرم المشتری القیمة لو فسخ البائع و یجری مجری التلف الذی لا یمنع من الخیار فقد احتمل ثبوت الخیار للبائع علی القول المشهور من انتقال المبیع بمجرد العقد و بنی علیه أنه إن اختار الفسخ فلیس له تسلط علی العبد لانعتاقه و إنما یرجع بقیمته إجراء للعبد مجری المبیع التالف جمعا بین الحقین (و فیه) أنه قد یستبعد ذلک مع علم البائع بذلک و نمنع تقدم حقه فإن الخیار و العتق فی مرتبة واحدة لأنهما یثبتان بعد الملک و العتق یغلب الخیار لأنه مبنی علی التغلیب مضافا إلی أن أدلته أنص علی هذا المورد من أدلة الخیار بل قد یقال إن القیمة بدل العین فیمتنع استحقاقها دونها فتأمل فی هذا الأخیر (و تنقیح البحث أن یقال) إن الأخبار الدالة علی أن من اشتری أباه مثلا ینعتق علیه قد عارضها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 549
و کذا فی شراء العبد نفسه إن جوزناه (1) و لو مات أحدهما احتمل سقوط الخیار لأن مفارقة الدنیا أولی من مفارقة المجلس فی الإسقاط (2) و ثبوته فینتقل إلی الوارث (3) فإن کان حاضرا امتد الخیار بینه و بین الآخر ما دام المیّت و الآخر فی المجلس (4)
______________________________
الأخبار الدالة علی خیار المجلس و بینهما عموم و خصوص من وجه و الترجیح للأولة بوجوه (الأول) أن العتق یترجح عندهم بأدنی مرجح و یغلب غیره خیارا کان أو غیره فلا مجال لأن یقال إنه لما ثبت الخیار کان الملک متزلزلا فلا یلزم حصول العتق إذ هو تابع للملک الثابت (و منه) یعلم الحال فیما إذا اشترط البائع الخیار فیما یستعقب العتق کما یأتی فی خیار الشرط کأن یقال إذا تحقق اشتراط الخیار کان الملک متزلزلا (إلی آخره) لأن ذلک کله یندفع بما ذکرناه من غلبة العتق و لعموم الأخبار کما ستسمع و لا فرق فی خیار الشرط حیث یشترط أن له الخیار بین أن یکون ترتب العتق من مقتضیات العقد أو أثرا للملک کما یأتی الإشارة إلیه فی محله (الثانی) ما أشرنا إلیه مما فهمه المولی الأردبیلی من التذکرة من عدم الخلاف فیه (الثالث) أن أدلة الأخبار الأول أنص کما أشرنا إلیه (الرابع) أن المشهور المعروف أنه یدخل فی ملک المشتری بنفس العقد فینعتق بمجرد الملک و العتق لا یقع متزلزلا و الحر لا یعود رقا (و من البعید) جدا ما عساه یقال من أنه بالاختیار ینکشف عدم الملک و فی الصحیح فیمن ینعتق من الرجال و النساء أنهم إذا ملکوا أعتقوا و إذا ملکن عتقن و فی أکثر النصوص و کثیر من العبارات نفی الملک و حقیقة النفی تنفی الخیار کما أن أقرب مجازاته کذلک نعم یثبت علی القول بانتقال المبیع بعد الخیار و هو شاذ
(قوله) (و کذا فی شراء العبد نفسه إن جوزناه)
لکنا لا نجوزه (و مما) لا خیار فیه ما إذا قهر الحربی قریبه و باعه للمسلم فإنه لیس له خیار المجلس لأنه استنقاذ و ما إذا أسلم عبد الذمی و بیع علیه فلا خیار للمشتری و لا للبائع و ما إذا اشتری المملوک لیرث (و قد) یعد منه أی مما لا خیار فیه ما إذا کان المبیع جمدا فی شدة الحر لأنه یذوب شیئا فشیئا إلا أن یقال إن التلف لا یسقط الخیار
(قوله) (و لو مات أحدهما احتمل سقوط الخیار لأن مفارقة الدنیا أولی من مفارقته المجلس فی الإسقاط)
هذا احتمله فی التذکرة و مال إلیه المقدس الأردبیلی کما یأتی فی الأحکام و لم یذکر فی التحریر و الدروس مع ذکرهما غیره فیهما و منعه المحقق الثانی فی جامع المقاصد و جعله أقرب الوجوه فی تعلیق الإرشاد (و أنت خبیر) بأن المراد من الافتراق التباعد فی المکان و هو إنما یکون للجسم فلا یعقل إرادة الروح فالأولویة ممنوعة کما فی جامع المقاصد
(قوله) (و ثبوته فینتقل إلی الوارث)
احتمل ثبوته أی بقاءه فینتقل إلی الوارث کما احتمل ذلک فی (التذکرة و تعلیق الإرشاد و فی الغنیة) الإجماع علیه و هو ظاهر التذکرة و غیرها کما ستسمعه فی المطلب الثانی فی الأحکام و لم یذکر فی (التحریر و الدروس) غیر هذا الوجه و کأنه مال إلیه فی الإیضاح و فی جامع المقاصد أنه أظهر للأصل بمعنی الاستصحاب لأن ثبوته معلوم بالعقد و المسقط غیر متیقن
(قوله) (فإن کان حاضرا امتد الخیار بینه و بین الآخر ما دام المیّت و الآخر فی المجلس)
کما فی (التحریر و جامع المقاصد) فإن فارق الحی مکانه أو أخذ المیّت بطل الخیاران معا و احتمل فی التذکرة امتداده بینه و بین العاقد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 550
و إن کان غائبا امتد إلی أن یصل إلیه الخبر إن أسقطنا اعتبار المیّت (1) و هل یمتد بامتداد المجلس الذی وصل فیه الخبر نظر (2) هذا کله إذا لم یفارق الآخر (3) و لو حمل أحدهما و منع من الاختیار لم یسقط خیاره علی إشکال (4)
______________________________
الآخر حتی یتفرقا أو یتخایرا و الأول أولی لأن بقاء الخیار إنما یکون لانتفاء تفرق المتعاقدین و ذلک إنما هو باعتبار بقاء المیّت مع العاقد الآخر (و قد یقال) إن الموت کحمل أحد المتعاقدین و إخراجه من المجلس کرها و منعه من التخایر و المختار فیه بقاء الخیار و عدم اشتراطه ببقاء الباقی المختار فی المجلس کما ستسمعه محررا فیکون محتمل التذکرة أولی فلیتأمل
(قوله) (و إن کان غائبا امتد إلی أن یصل إلیه الخبر إن أسقطنا اعتبار المیّت)
أما امتداده إلی أن یصل الخبر إلی الغائب فقد صرح به فی (التذکرة و تعلیق الإرشاد) و شرطه الشهید فی حواشی الکتاب بعدم مفارقة الآخر المیّت قال و إن فارق بطل (قلت) سیشیر المصنف إلی ذلک (و قال فی جامع المقاصد) إنا إذا أسقطنا اعتبار المیّت امتنع الحکم ببقاء الخیار لانتفاء متعلقه و هو عدم تفرق المتبایعین ثم إنا إذا أسقطنا اعتبار المیّت فالحکم ببقاء الخیار إلی وصول الخبر دعوی لا مستند لها (قلت) إن قلنا إن الموت کإکراه أحد المتعاقدین صح إسقاط اعتبار المیّت
(قوله) (و هل یمتد بامتداد المجلس الذی وصل فیه الخبر نظر)
اختیرت الفوریة فی (التذکرة و الإیضاح و حواشی الکتاب و فی جامع المقاصد) إما أن یجعل علی الفور أو یجعل علی التراخی غیر محدود بالمجلس فتحدیده بهذا المجلس تحکم و بعید جدا (ثم) قال إن هذه الاحتمالات واهیة و الحکم فی المجنون و المغمی علیه کذلک فما دام العاقدان فی المجلس یقوم الولی مقام المعذور و إذا خرس کفت الإشارة کما أشار إلیه الشهید فی (الدروس و الحواشی) و سیشیر إلیه المصنف و إذا تعدد الوارث فإن کانوا حضورا فی مجلس العقد فلهم الخیار إلا أن یفارقوا العاقد الآخر و لا ینقطع الخیار بمفارقة بعضهم لأنه لم یحصل تمام الافتراق لأنهم ینوبون عن المیّت جمیعهم و إذا کانوا غائبین فالحال فیهم کالحال فی الواحد الغائب و قد عرفت حکمه و لو فسخ بعضهم و أجاز بعضهم انفسخ فی الکل (و مما ذکر) یعلم الحال فیما إذا مات الوکیلان أو أحدهما و الموکلان غائبان فإنه ینتقل الخیار إلی الموکل لأن ملکه أقوی من ملک الوارث
(قوله) (هذا کله إذا لم یفارق الآخر)
لأنه لو فارقه صدق الافتراق فیسقط الخیار قطعا کما فی جامع المقاصد (و فیه تأمل) کما أشرنا إلی ذلک فیما سلف و قد أشار المصنف إلی هذا الشرط فی بعض ما سلف
(قوله) (و لو حمل أحدهما و منع من الاختیار لم یسقط علی إشکال)
من أنه مکره ممنوع فهو مصاحب شرعا و من أن الثابت إذا لم یمنع من التخایر و المصاحبة یسقط خیاره فیسقط خیاره المکره کما سیقربه المصنف و إن کان المختار خلافه و فی (التحریر و المسالک) القطع ببقاء خیاره من دون إشکال و هو ظاهر غیرهما کما ستعرف و فی (جامع المقاصد) لا وجه لهذا الإشکال بعد قوله فیما سبق أو فرقا کرها إلی قوله و لم یتمکنا إلا أن یقال إن هذا رجوع عن الجزم إلی التردد و هو بعید و الحق أن الخیار لا یسقط لأن الافتراق المستند إلیهما لم یتحقق انتهی (قلت) بما وجهناه به یتجه وجهه و لا تناقض بینه و بین ما سلف لأن المفروض هنا إکراه أحدهما و بقاء الآخر مختارا غیر ممنوع من المصاحبة و التخایر و المفروض فیما سلف إکراههما معا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 551
أما الثابت فإن منع من التخایر أو المصاحبة لم یسقط (1) و إلا فالأقرب سقوطه فیسقط خیار الأول (2)
______________________________
ثم إن ما جعله فی (جامع المقاصد) حقا حق عند التحقیق کما ستعرف لکنه لیس بحق عند المصنف فقد خطأه علی مذهبه لا علی ما یختاره المصنف هنا کما ستسمع و لو تنادیا بالبیع فی سفینتین مثلا ففرقتهما الریح التی لا یتمکنان من الاصطحاب معها فالظاهر بقاء الخیار إن لم یتمکنا من الاختیار و لو دهشا فلم یختارا حینئذ فالأظهر (فالظاهر خ ل) السقوط علی تأمل
(قوله) (أما الثابت فإن منع من التخایر أو المصاحبة لم یسقط)
أو بمعنی الواو و إلا لکان الخیار باقیا بمنعه من أحد الأمرین و لیس کذلک و فی (جامع المقاصد) أن الإشکال آت هنا لأن الافتراق إن صدق سقط الخیاران و إن انتفی بقیا و إن شک فیه فالشک فی خیار کل منهما و ما ذکره لیس بشی‌ء لأنهما حینئذ مکرهان فهما متصاحبان شرعا فلا افتراق و الإشکال الماضی إنما بناه المصنف علی ما إذا لم یمنع الثابت من المصاحبة و التخایر کما أشرنا إلیه آنفا و کما ستسمع
(قوله) (و إلا فالأقرب سقوطه فیسقط خیار الأول)
أی و إن لم یمنع الثابت من المصاحبة و التخایر فالأقرب عند المصنف سقوط خیار الثابت فیسقط خیار المحمول أیضا کما هو ظاهر الشرائع حیث قال و لو ضرب بینهما حائل لم یبطل الخیار و کذا لو أکرها علی التفرق و لم یتمکنا من التخایر فإن ظاهرها ترتب بقاء الخیار علی إکراههما معا دون أحدهما و نحوها عبارة (الدروس و تعلیق الإرشاد و المیسیة و الکفایة) و لعله أیضا (ظاهر الإیضاح) لأنه رجح سقوط خیار الثابت موافقة للمصنف (فتأمل) و هو خیرة التذکرة فی بعض المواضع و إلیه یرجع کلامه فی هذا الفرع عند من أنعم النظر و لعلهم استندوا إلی حصول المفارقة باختیار أحدهما و عدم توقف الافتراق علی تراضیهما فیکون شرط اللزوم عندهم تفرقهما المستند إلی اختیار أحدهما (و فیه) أن المتبادر من النص و المفهوم من التعلیل بالرضا منهما فی الصحیح أن المدار علی تفرقهما المستند إلی اختیارهما و هو قضیة الإجماع المنقول مضافا إلی الاستصحاب عند الشک فی المسقط فالظاهر حینئذ بقاء الخیارین کما هو خیرة (المبسوط و الغنیة و التحریر و جامع المقاصد و الروضة) و هو ظاهر (النهایة و الوسیلة و الإرشاد و التبصرة و المسالک و المفاتیح) و قال فی (الخلاف) إذا أکره المتبایعان أو أحدهما علی التفرق بالأبدان علی وجه لا یتمکنان من الفسخ و التخایر فلم یفعلا بطل خیارهما أو خیار من تمکن من ذلک و نحوه ما حکی عن القاضی و ظاهرهما بقاء خیار المکره دون الباقی کما هو ظاهر التذکرة فی هذا الفرع أو صریحها و قد عرفت أنه ذکر فی غیره ما ینافیه و قد یکون المصنف أشار إلیه أی إلی ما یظهر من الخلاف بقوله علی الأقرب و کأنه لحظ فی هذا الوجه أن مفارقة المختار علامة علی الالتزام فیسقط خیاره و یبقی خیار الآخر و لا مانع من تبعض الاختیار کما لو التزم أحدهما و سکت الآخر فإن خیار الساکت باق و هنا خیار المکره باق دون الباقی المختار (و فیه) أن الافتراق لا یقبل التبعیض کما یقبله الإیجاب و المکره هنا مصاحب شرعا لأن مفارقته کلا مفارقة فینتفی الافتراق منهما فلا فرق حینئذ بین أن یفارق الباقی مجلس العقد أم لا ما دام المکره فی ربقة الإکراه فما فی (التحریر) غیر محرر حیث قال لا یسقط خیار الباقی ما دام فی المجلس (و ربما) بنی الحال فی المسألة علی بقاء الأکوان و عدمه و افتقار الباقی إلی المؤثر و عدمه و أن الافتراق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 552
و لو جن أحدهما أو أغمی علیه لم یسقط الخیار و قام الولی بما فیه الحظ (1) و لو جاءا مصطحبین فقال أحدهما تفرقنا و لزم البیع و أنکر الآخر فعلی المدعی البینة إن لم یطل الوقت (2) أما لو طال الوقت فیحتمل ذلک ترجیحا للأصل علی الظاهر مع التعارض (3) و تقدیم قوله ترجیحا للظاهر و لو اتفقا علی التفرق و اختلفا فی الفسخ فالقول قول منکره (4) مع احتمال الآخر لأنه أعرف بنیته (5)

[الثانی خیار الحیوان]

(الثانی) خیار الحیوان و یمتد إلی ثلاثة أیام من حین العقد علی رأی (6)
______________________________
ثبوتی أو عدمی فعلی عدم بقاء الأکوان أو احتیاج الباقی إلی المؤثر یسقط لأنه فعل المفارقة و علی القول بالبقاء و الاستغناء و ثبوت الافتراق لا یسقط خیاره لأنه لم یفعل شیئا و إن قلنا بعدمیة الافتراق و العدم لیس بمعلل فکذلک (و إن قلنا) إنه معلل سقط أیضا لأنه علته (و فیه) أن الأخبار لا تنزل علی هذه الأمور التی؟؟؟ ما ألم الرواة بها (هذا) و إذا زال الإکراه أثر الافتراق الحاصل بعده مطلقا سواء کان مستقرا أو مارا راقبه صاحبه أم لا علی تأمل یعلم وجهه مما سلف آنفا (و مما ذکر) یعلم الحال فیما إذا حبس أحدهما ففارقه الآخر اختیارا و قد یحتمل أن یجری هذا المجری ما إذا مات أحدهما فحمل المیّت أو فارق الحی المیّت اختیارا بأن یکون الخیار باقیا له و للورثة کما أشرنا إلیه فیما سلف
(قوله ره) (و لو جن أحدهما أو أغمی علیه لم یسقط الخیار و قام الولی بما فیه الحظ)
عدم سقوط الخیار لأنه (لعله خ ل) مشروط عنده بعدم مفارقة المجنون أو السلیم مجلس العقد و قد لا نشترط فیه ذلک کما احتملناه فی المیّت خصوصا إذا کان الولی حاضرا فیمتد الخیار بینه و بین العاقد الآخر حتی یتفرقا أو یتخایرا و إن فارق المجنون المجلس و یجی‌ء هنا احتمال بطلان الخیار کما فی المیّت (و مما ذکر هناک) یعلم الحال فیما إذا کان الولی غائبا و لو خرس أحدهما فإن کان له إشارة مفهمة أو کتابة قامت مقام لفظه و إلا فهو کالمغمی علیه
(قوله) (و لو جاءا مصطحبین فقال أحدهما تفرقنا و لزم البیع و أنکر الآخر فعلی المدعی البینة إن لم یطل الوقت)
لأن الأصل عدم التفرق و لا ظاهر هنا
(قوله) (أما لو طال فیحتمل ذلک ترجیحا للأصل علی الظاهر مع التعارض)
أی یحتمل أن البینة علی المدعی ترجیحا لأصل عدم التفرق علی ما یظهر من العادات من عدم بقاء البائعین مصطحبین مدة طویلة (و قد تحرر) فی محله أن الأصل مطلقا مقدم علی الظاهر مطلقا سواء اشتد ظهوره أم لا إلا فی مواضع محصورة حیث یکون الظاهر ظاهر شرع اللّٰهمّ إلا أن یفضی الظهور إلی العلم بحسب العادات کأن تکون المدة فیما نحن فیه طویلة جدا و قد یقال إن الأصل لزوم البیع و الظاهر هو الاصطحاب و قد احتمله الشهید فی حواشیه و مما ذکر یعرف حال الاحتمال الثانی
(قوله) (و لو اتفقا علی التفرق و اختلفا فی الفسخ فالقول قول منکره)
مع الیمین لأن الأصل عدم الفسخ و لعموم البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر
(قوله) (مع احتمال الآخر لأنه أعرف بنیته)
هذا أحد قولی الشافعیة ذکره فی التذکرة و هو ضعیف جدا لأن هذا لیس من الأمور المستندة إلی نیتهما أو نیة أحدهما نعم لو کان الاختلاف فی فعل مدعی الفسخ صح أن یقال إنه أعرف بفعل نفسه (الثانی خیار الحیوان)
(قوله) (و یمتد إلی ثلاثة أیام من حین العقد علی رأی)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 553
و یثبت للمشتری خاصة علی رأی (1) و إن کان الثمن حیوانا
______________________________
مشهور کما فی (مجمع البرهان) و هو خیرة الشرائع علی ما حکی عنها فی (غایة المراد و التذکرة و الإرشاد) (و الإیضاح و اللمعة و التنقیح و تعلیق الإرشاد و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) (و الریاض و الحدائق و غایة المراد) فی ظاهرها أو صریحها و سیصرح به المصنف فی باب الشرط و هو ظاهر الباقین لتبادر الاتصال بالعقد من النصوص و تعین إرادته من بعضها التی لم یذکر فیها إلا خیار الحیوان و لم یتعرض فیها لخیار المجلس و لأن الأصل اللزوم و عدم الخیار و معلوم کونه ثلاثة من زمن العقد و کونه بعده غیر معلوم فلا یصار إلیه إلا بدلیل و ظاهر (الدروس) التوقف و فی (الغنیة) أطلق التحدید بالتفرق فی ابتداء مدة الخیار بحیث یشمل خیار الحیوان و نص علی ذلک الشیخ و ابن إدریس فی خیار الشرط و یلزمهما القول به فی غیره لعموم ما عللا به (و قد یستدل) لهذا القول بالأصل أی الاستصحاب و یقرر بوجهین (أحدهما) أنه حادث فیستصحب تأخره (الثانی) أنه إذا کان مبدؤه من حین العقد یکون زمانه أقل منه إذا کان بعده فیستصحب فیه الخیار بقدر زمان بین العقد و التفرق و بأن التأسیس خیر من التأکید و هو واضح و بأنه یلزم مما ذکرتم اجتماع المثلین و تداخل الأسباب و توارد العلل و یجی‌ء علی مذهب الشیخ فی عدم تمامیة البیع بالإیجاب و القبول الاستدلال بأن الخیار متوقف علی البیع و البیع موقوف علی التفرق و علی مذهب ابن زهرة و ابن إدریس یصح أن یستدل بأن الخیار یقتضی (مقتضی خ ل) اللزوم لولاه أی لو لا الخیار و لا یلزم إلا بالتفرق (و الجواب) أن الأصل علی ما هو علیه من الوهن کما عرفته فی تقریره مقطوع بالنص (و أما التأسیس) فإنه علی خلاف ما وضع علیه العقد لأنه وضع علی اللزوم و أولویته المعلومة إنما هی فی الألفاظ کما إذا وردت عبارتان و احتمل تأدیة أحدهما ما أدته الأخری و غیر ما أدته فإنها تحمل علی الثانی لا فی الأحکام سلمنا لکن مخالفته غیر قادحة مع قیام الدلیل أو معارضته بما هو أقوی منه (و أما حدیث) اجتماع المثلین (فالجواب) عنه أن الخیار واحد بالذات مختلف بالاعتبار فلا یجتمع فیه المثلان (و الجواب) عن تداخل الأسباب أن الفائدة بقاؤه بأحد الاعتبارین مع سقوط الآخر و التداخل الموهون الذی لا یصار إلیه إلا عند الضرورة إنما هو إذا لم یؤثر أحد الأسباب أثرا زائدا فلا تداخل هنا بالمعنی المذکور و الأسباب الشرعیة معرفات لا مؤثرات فلا استحالة فی اجتماعها کما اجتمعت باعتراف الخصم فی المجلس و العیب و خیار الرؤیة و إن قلنا أن خیار الحیوان سبب فی مجموع الثلاثة لا فی جمیعها سقطت هذه الأربعة لکنه خلاف الظاهر من أخبار الباب و فتاوی الأصحاب و ستسمع فی خیار الشرط ما یلزم من أدلتهم هذه و أنه خلاف ما أفصحت به صحیحة عبد اللّٰه بن سنان (و أما ما ذکرناه) فی حجة الشیخ (فإنما) یتم علی مذهبه المرغوب عنه المفروض بینهم (و أما ما ذکرناه) فی حجة ابن زهرة و ابن إدریس (فجوابه) أن ارتفاع الخیار المخصوص لا یقتضی اللزوم بل اللزوم اللازم من رفعه فیصح تعلق الخیار بالجائز (و ما عساه قد یقال) من أنه یلزم علی المشهور سقوط أثر خیار الحیوان بالکلیة کما إذا طال المجلس ثلاثة أیام (فلیس) بشی‌ء یعتد به لأنا نقول به علی أنه فرض نادر الوقوع جدا
(قوله) (و یثبت للمشتری خاصة علی رأی)
أما ثبوت الخیار للمشتری فقد حکی علیه الإجماع مستفیضا حکی فی (السرائر و کشف الرموز و التذکرة و التحریر و التنقیح) و نفی عنه الخلاف فی (مجمع البرهان) و أما أنه یختص به و یثبت له خاصة فهو ظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 554
..........
______________________________
(المقنعة و المراسم و الوسیلة) بل صریح الأولین و إن لم یصرح فیهما بالاختصاص لکنه صرح فیهما بأنه إن هلک فی الثلاثة کان من مال البائع علی أن مفهوم اللقب فی عبارات الفقهاء حجة قطعا و به یثبت الوفاق و الخلاف و هو المحکی عن أبی علی و الصدوقین و القاضی و صریح (النهایة و المبسوط و فقه الراوندی) (و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و کشف الرموز و التحریر و الإرشاد و التبصرة و التذکرة و المختلف) (و الإیضاح و شرح الإرشاد لفخر الإسلام و الدروس و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) (و إیضاح النافع و المیسیة و مجمع البرهان و الکفایة و الوسائل و الهدایة و الریاض و الحدائق) حیث صرح فیها کلها بأنه یثبت للمشتری خاصة و کذا (المسالک) و فی (الغنیة) الإجماع علیه (و فی (الدروس) أنه المشهور روایة و فتوی بل الإجماع علیه و فی (السرائر) أنه مذهب الشیخین و جملة أصحابنا ما عدا المرتضی و قد حکیت علیه الشهرة فی عدة مواضع (و الحجة) علی ذلک بعد إجماع الغنیة و الدروس (الأصل) و یقرر بوجهین (و عموم قوله) جل شأنه أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قوله البیعان بالخیار ما لم یفترقا خرج المشتری بالإجماع و بقی البائع (و خصوص) ما رواه عبد اللّٰه بن جعفر الحمیری فی قرب الإسناد عن عبد اللّٰه و أحمد بن محمد بن عیسی عن الحسن بن محبوب عن علی بن رئاب قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل اشتری جاریة لمن الخیار للمشتری أو للبائع أو لهما کلیهما فقال الخیار لمن اشتری نظرة ثلاثة أیام و الحدیث صحیح السند صریح الدلالة و ما رواه الراوندی فی فقه القرآن قال و عن فضیل قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام ما الشرط فی الحیوان قال ثلاثة أیام شرط ذلک فی حال العقد أم لم یشترط و یکون الخیار للمبتاع خاصة فی هذه المدة ما لم یحدث فیه حدثا (قلت) فما الشرط فی غیر الحیوان قال البیعان بالخیار ما لم یفترقا فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما إلا أن یشترطا إلی مدة معینة لکن المروی (فی الکافی و التهذیب) عن فضیل خلاف ذلک و لا ضیر فی ذلک لأنه من القدماء فیکون أخذه من الأصول القدیمة و صورته (فی الکافی و التهذیب) فی الصحیح فیهما علی الصحیح فی طرق الشیخ إلی السراد فإنها ثلاثة هکذا عن فضیل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال قلت له ما الشرط فی الحیوان فقال ثلاثة أیام للمشتری قلت و ما الشرط فی غیره فقال البیعان بالخیار ما لم یفترقا و فیه دلالة علی المطلوب من وجوه منها الحصر المستفاد من التعریف فإن التقدیر الخیار فی الحیوان للمشتری و فرق بینه و بین قولنا المشتری للحیوان بالخیار فإن الثانی إنما یدل بمفهوم الوصف فقط و الأول به و بالحصر و یرشد إلی ذلک أن فضیلا فهم ذلک فأعاد السؤال و أقره الإمام علیه السلام و الإمام أثبت فی السؤال الثانی أن الخیار للبائعین فیما عدا الحیوان فصارت الدلالة کأنها نصة علی أنه فی السؤال للمشتری خاصة مضافا إلی أن اللام للاختصاص مع کون مثل هذا الوصف «1» للتقیید فکان هذا الخبر کاشفا عن حال دلالة الأخبار الأخر الآتیة لأن أخبارهم علیهم السلام یکشف بعضها عن بعض فلیس فیه علی صحة سنده فی الکتابین و ظهور دلالته إلا ما لعله یتوهم من ظهوره فی أن خیار المجلس مختص بغیر خیار الحیوان فیکون متروک الظاهر کصحیح محمد بن مسلم المذکور فی حجة المرتضی (و فیه) أن
______________________________
(1) بل مفهوم اللقب قد یکون للتقیید کما یقول لک أکرم زیدا أم عمرا فتقول له أکرم زیدا و لا کذلک لو قلت اعتباطا بادئ بدء أکرم زیدا فإنه لا مفهوم له لأنه لا یمکن التعبیر عنه إلا بذلک فلیلحظ هذا فإنه نافع (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 555
..........
______________________________
ذلک إنما وقع فی خبرنا لمکان سؤال السائل و فی خبرهم وقع فی کلام الإمام علیه السلام إن صح أنه عنه و بینهما فرق تام و سیتضح لک الحال فی ذلک (و یتلو) هذه الأخبار فی الدلالة صحیحة ابن رئاب الشروط فی الحیوانات ثلاثة أیام للمشتری (و ما رواه فی الفقیه و التهذیب) عن الحلبی فی الحیوان کله شرط ثلاثة أیام للمشتری و موثقة ابن فضال عن الرضا علیه السلام صاحب الحیوان المشتری بالخیار ثلاثة أیام و التقریب فی هذه الأخبار من التقیید بالوصف مع ما فی الأولین من اللام الظاهرة فی الاختصاص «1» و یتلو هذه النصوص فی الظهور الصحیحان البیعان بالخیار حتی یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار ثلاثة أیام فإنهما ظاهران بحسب السوق فی حصر خیار الحیوان فی أحدهما فإن أرید به البائع کانا مخالفین للإجماع المعلوم فتعین أن المراد به صاحبه بعد العقد و هو المشتری و یشهد علیه بل یدل علیه تقییده به فی الموثق کما سمعت مضافا إلی أنه هو المتبادر لأنه قد انتقل إلیه عنه و یتلوهما النصوص و فیها الصحیح علی من ضمان الحدث فی الحیوان قال علی البائع حتی ینقضی الشرط ثلاثة أیام و یصیر المبیع للمشتری و المرسل الذی هو کالصحیح إن حدث بالحیوان قبل ثلاثة أیام فهو من مال البائع و التقریب أن الحیوان فی ضمان البائع مدة الخیار و لو لا اختصاص المشتری به لکان فی ضمانه مضافا إلی موافقة الاعتبار لأن المدة إنما ضربت لفائدة الاختبار و البائع خبیر به غالبا فلا خیار و لم یکن هذا الخیار غیر محدود لإفضائه إلی الضرر لأدائه إلی الفسخ بعد مدة طویلة و لا محدودا بیوم لأنه لا یظهر حاله فیه غالبا و بالیومین قد یشتبه العیب فحد بالثلاثة فکانت أدلة هذا القول فی أعلی مراتب القوة لاشتمالها علی الصحاح و غیرها المشتملة علی النص الصریح الصحیح و غیره کخبر الراوندی و غیره المعتضد بجهات کثیرة من الترجیح کالمطابقة لظاهر الکتاب و الشهرة المعلومة بین الأصحاب و الأصل و الإجماع المنقول بل المعلوم و موافقة الأخبار الأخر و موافقة الاعتبار فأین یقع منها خبر محمد بن مسلم المتروک الظاهر الذی لیس بواضح السند لأن فیه أبا أیوب «2» بن عیسی أو ابن عثمان أو ابن زیاد و إن کان الظاهر أنه الثقة إلا أن ذلک مما یقال فی مقام الترجیح و لا صریح الدلالة کما ستعرف ذلک کله و علی تقدیر صحته و صراحته فهو شاذ لا یعارض المشاهیر فکیف یصح لصاحب المسالک أن یقول إن قول المرتضی فی غایة القوة و یمیل إلیه فی (الروضة) و یتوقف الشهید فی (غایة المراد و حواشی الکتاب) و أبو العباس فی (المقتصر) عن الترجیح و أما هو فی (المهذب) فعادته فیه عدم الترجیح و میل الکاشانی فإنما هو لمیل الشهید الثانی کما أشار إلیه فی أول المفاتیح إن هذا منهم لعجیب (و عساک) تقول إنهم لم یظفروا بخبر قرب الإسناد و لا خبر الراوندی (قلت) أقصاه حینئذ أن یقوم الاحتمالان فی الحجتین (و قد علمت) رجحان حجة المشهور بالمرجحات التی لا تکاد تحصی مع إعراض الأصحاب عن خبر محمد فیکون شاذا نادرا لا یعارض المشهور روایة و فتوی المعتضد بما عرفت (و ذهب السیدان) علم الهدی و ابن طاوس إلی ثبوت الخیار لهما و إطلاق (الخلاف) قد یؤذن بموافقتهما قال یثبت فی الحیوان الشرط
______________________________
(1) و قد بنینا علی ذلک أی الاختصاص الناشی من اللام (ب) فی باب الإقرار و الحبوة و الزکاة و غیرها مما لا یحصی (منه رحمه اللّٰه) (ب) الذی وجدناه فی النسخة و هی غیر مصححة هکذا (من اللام باب الأقوال و الحیاة إلخ) و الظاهر أنه غلط و صوابه کما حررناه (مصححه)
(2) اسمه إبراهیم (حاشیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 556
..........
______________________________
ثلاثة أیام شرط ذلک أو لم یشترط و قال جمیع الفقهاء حکم الحیوان حکم سائر المبیعات (دلیلنا) إجماع الفرقة و أخبارهم و الظاهر أن غرضه إثبات أصل الخیار ردا علی العامة (و إنما) احتج بالإجماع علی ذلک دون العموم لتصریحه (فی النهایة و المبسوط) باختصاص المشتری به فلیس الشیخ فی (الخلاف) موافقا لهما کما قد یتوهم و لا أبو الصلاح (فی الکافی) لأنه صرح فیه بضمان البائع له علی أنه لم یحکه أحد عنه (احتج السید) بالإجماع؟؟؟ فی الإنتصار و هو مردود شاذ و ابن طاوس غیر داخل تحت معقده لتأخر عصره عنه فانحصر القائل بمضمونه فی مدعیه فکان شاذا (و احتج) له بصحیحة محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال المتبایعان بالخیار ثلاثة أیام فی الحیوان و فیما سوی ذلک من بیع حتی یفترقا و هو متروک الظاهر لأن ظاهره اختصاص خیار المجلس بغیر الحیوان لقوله علیه السلام و فیما سواه من بیع حتی یفترقا و لا یرد علینا مثله فی خبر قرب الإسناد لأن الظهور هنا نشأ من کلام المعصوم إن صح أنه عنه و فی ذاک من کلام السائل و قد أشرنا إلی حال سنده فیما سلف و قد حمله صاحب الوسائل علی التقیة لکنه خلاف ما سمعته عن الخلاف و الغرض أنه بلغ به الأمر حتی حمل علی التقیة ثم إنه خبر واحد لا یناسب أصول علم الهدی و لهذا لم یستدل به فی الإنتصار و إنما اقتصر علی الإجماع و احتمل أن یکون وجهه الحکمة و هی أن العیوب فیه أخفی و التغابن فیه أقوی (هذا کلامه) فیحتمل قویا أن لا یکون مخالفا کالشیخ فی (الخلاف) و إلا فالحکمة التی وجهه بها تناسب ثبوته للمشتری لا للبائع (و یرشد) إلی ذلک قوله فی أثناء کلامه لیس للمخالف أن یقول کیف یثبت بین المتبایعین خیار من غیر أن یشترطاه فیحمل کلامه علی ما أشار إلیه فی (المختلف) و علی کل حال فالخبر لیست دلالته بتلک المکانة من الصراحة لاحتماله ثبوت الخیار للمشتری علی البائع کما فی (المختلف و غیره) فیکون بینهما فهو بالنسبة إلیهما مدة ثلاثة أیام أو یحمل علی أن الخیار للمجموع من حیث المجموع فلا یدل علی ثبوته فی الأفراد أو یحمل علی أن یکون لهما فی بیع الحیوان بالحیوان و الغرض بیان أنه لیس فی الصراحة کأخبار المشهور فإن بعضها لا یقبل التأویل بوجه من الوجوه أصلا و إلا فالأولان بعیدان لکن لا بأس بهما لمن أراد الجمع و کان عنده أولی من الطرح و لا نقول بالثالث (و إن قلنا به) انفتح وجوه أخر کثیرة للتأویل ذکرها فی (مجمع البرهان) ثم إنه قد روی محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الصحیح قال سمعته یقول قال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله البیعان بالخیار حتی یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار ثلاثة أیام فالراوی و المروی عنه فی هذا الخبر و خبر حجة الخصم واحد و روی هذا الخبر زرارة فی الصحیح عن أبی جعفر علیه السلام عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله فیشبه أن یکون هذا الخبر هو الأصل لکونه مع ما ذکر مرویا عن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و خبر السید رواه محمد بالمعنی ظانا الموافقة و من الغریب أنه قد استدل بهذین الخبرین لمذهب السید بدعوی أن المتبادر من صاحب الحیوان البائع و هو کما تری إذ السید لا یخصه بالبائع و قد سمعت أنا أخذناهما فی حجة المشهور و بینا وجه دلالتهما و قد احتج بهما لما احتمله فی (التذکرة) و اختاره صاحب (المسالک و صاحب مجمع البرهان) و قواه فی (الروضة) من ثبوت الخیار لذی الحیوان مطلقا فیکون لهما إن کان العوضان حیوانین و للمشتری خاصة فی بیع الحیوان بغیره و للبائع خاصة فی بیع غیره به و استندوا مع ذلک إلی الحکمة و المحافظة علی الجمع بین الأخبار (و أنت خبیر) بأنا قد بینا فیما سلف أن المراد بصاحب الحیوان فی الصحیحین المشتری له لا البائع و لا المنتقل إلیه ببیع الدار مثلا به و لا الناقل مطلقا بائعا له أو مشتریا غیره به بوجوه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 557
..........
______________________________
ثلاثة (منها) تقییده بالمشتری فی الموثق معتضدا بإطلاق النصوص الأخر باختصاص المشتری به «1» فیفید التقیید المذکور الاختصاص به حکما بناء علی کون الصفة مخصصة فیدل الصحیحان علی المطلوب لنا لا لهم لوجوب حملهما علی الموثق المقید أو نقول إن التقیید یفید الاختصاص بالمشتری من جهة الموضوع إذا قلنا إن الصفة کاشفة و إن المتبادر من صاحب الحیوان إنما هو المشتری و حینئذ یتضح انتفاء دلالة الصحیحین المذکورین علی ما احتمله فی التذکرة و اختاره غیره لأن بناء استدلالهم بهما علی أن صاحب الحیوان من انتقل إلیه لیشمل البائع و المشتری بالوجوه المتقدمة فی بیان مرادهم و قد ظهر أنه خاص بالمشتری له و لا یتناول المنتقل إلیه ببیع و غیره به و أما الناقل مطلقا فلا یتناوله الإطلاق قطعا و علی تقدیره یلزم أنه متی کان أحد العوضین حیوانا ثبت الخیار للمتبایعین و هذا لم یقل به قائل و لا احتمله محتمل (فتأمل) و أما حدیث الحکمة فإن أرید بها العلة فهی مستنبطة لا یجوز التمسک بها ما لم تکن معلومة علما قطعیا دلنا علیه عقل أو إجماع فتکون منقحة و إن کانت منصوصة کفی فیها الظن لأن الدلالة حینئذ لفظیة کدلالة «2» کل نسبة ناقصة علی نسبة تامة و لیست فی المقام إحدی هاتین قطعا و إن أرید بها الحکمة فی شرع الحکم و موافقته للاعتبار کالمشقة فی قصر الصلاة فی السفر ففیه أن هذه لا یناط بها حکم لعدم انضباطها و اطراد الحکم بدونها (و أما) التمسک بالجمع (فالجواب) عنه أنه إنما یتم علی تقدیر التکافؤ و لا تکافؤ سلمنا لکنه لا حجة فیه بمجرده ما لم یقم شاهد من المتعارضین أو من خارج علی صحته و لا نجد فی المقام واحدا منهما (و مما) ذکر یعرف الحال فیما اختاره صاحب غایة المرام من أن الخیار یثبت للبائع و المشتری فی بیع الحیوان بالحیوان و قد مال إلیه أو قال به جماعة کأبی العباس و الکرکی فی (المقتصر و تعلیق الإرشاد) و القطیفی فی (إیضاح النافع) و الفاضل المیسی و الشهید الثانی فی (الروضة) لأنهم بین مستوجه له و مقرب و مقو له أو ناف عنه البعد و لم یحکم به علی البت سوی الصیمری و قد جعله فی (جامع المقاصد) ثالث الأقوال و نفی عنه فیه البعد لما فیه من الجمع المذکور مع ملاحظة الحکمة المشترکة و قد علمت أنه أول من احتمله المصنف فی (المختلف) و رجع عنه (و الجواب) عنه ما عرفته من الجواب عن محتمل التذکرة لأن المسألتین فی الدلیل و الجواب عنه من واد واحد (فإن قلت) نحن نستدل علی المسألتین بالصحیحین المذکورین بوجه آخر لا یرد علیه شی‌ء مما ذکرت و هو (أنا نقول) المراد بصاحب الحیوان فیهما من انتقل إلیه لا صاحبه الأصلی الناقل له و التقیید بالمشتری فی الموثق و إطلاق اختصاص الخیار بالمشتری فی الأخبار الأخر إنما وردا مورد الغالب فالصفة لیست مخصصة و لا موضحة و إنما وردت علی ما هو الشائع و حینئذ یکون صاحب الحیوان شاملا لکل من انتقل إلیه الحیوان ثمنا کان أو مثمنا و لا مخصص له فالخیار لهما حیث یباع الحیوان بمثله و علیه یحمل خبر محمد بن مسلم الذی هو دلیل السیدین و للبائع إن باع الدار بالحیوان مثلا و للمشتری إن باعه بالدراهم (قلت) هذا مشترک الإلزام (فإنا) ندعی) أن الغالب فی صاحب الحیوان هو المشتری فیکون ورد علی الغالب فینصرف إلیه الإطلاق و لا یتناول من انتقل إلیه ببیع غیره به لأنه نادر خصوصا بیع الدراهم به (و عساک) تقول إن عموم
______________________________
(1) باختصاص الخیار بالمشتری (خ ل)
(2) فإن قوله أعجبنی غلام زید یدل علی أن لزید غلاما (منه رحمه اللّٰه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 558
..........
______________________________
صاحب الحیوان لغوی فیتناول النادر و غیره من جهة الإضافة و عدم سبق معهود له مع اعتضاده بالحکمة العامة فلا مجال للحمل علی الغالب (لأنا نقول) غلبة استعماله فی المشتری جرت مجری سبق المعهود الخارجی مؤیدا بالتقیید و الإطلاق المشار إلیه آنفا علی أنا نمنع کون عمومه لغویا إذ لا یزید عما اکتسب منه أعنی المضاف إلیه العموم مضافا إلی أن الأصل فی التقیید التخصیص و لا یصار إلی غیره إلا بالقرینة و یستوی فی مدة الخیار الأمة و غیرها کما فی (السرائر و الدروس و المسالک و الکفایة) و قد نسبه (فی الریاض) إلی الأکثر و لعله أراد ظاهرهم و عن (السرائر) الإجماع علیه و هو ظاهر إجماع (الخلاف و الإنتصار) و غیرهما و قد سمعت عبارة (الخلاف) آنفا برمتها و أخبار المسألة المتقدمة دالة علی ذلک کقوله علیه السلام (فی صحیحة الحلبی) الخیار فی الحیوان کله و فی (صحیحة ابن رئاب) المشروط فی الحیوانات و أظهر من ذلک کله (صحیحة قرب الإسناد) الواردة فی الجاریة بخصوصها و قد حکم علیه السلام فیها بأن الخیار فیها ثلاثة أیام للمشتری و أنه إذا مضت الثلاثة فقد وجب (الشراء و قول الصادق علیه السلام) فی صحیحة عبد اللّٰه بن سنان عهدة البیع فی الرقیق ثلاثة أیام إن کان بها حبل أو برص و نحو هذه (الحدیث) و خالف أبو المکارم فقال فی (الغنیة) و الخیار فی الأمة مدة استبرائها بدلیل الإجماع المتکرر و حکی الخلاف المذکور عن أبی الصلاح و هو ظاهر (المقنعة) (و النهایة و المراسم) و کذا (الوسیلة) قال فی (المقنعة) لو ابتاع إنسان جاریة و عزلها عند ثقة علی استبرائها کانت النفقة علیها من مال البائع فی مدة الاستبراء فإن هلکت فیها فمن ماله دون مال المبتاع و مثلها من دون تفاوت أصلا عبارة (النهایة و المراسم) إلا فیما ستعرفه نعم فی (الوسیلة و جامع الشرائع) الاقتصار علی أن النفقة تلک المدة علی البائع و هو ظاهر أو مؤذن بثبوت الخیار فی تلک المدة و إلا لوجبت علی المشتری بالملک قبل انقضاء مدة الاستبراء سواء قلنا بالملک من حین العقد أو بانقضاء مدة الخیار (فلیتأمل) و ظاهر (المقنعة و النهایة) أنه قبضها و أودعها لأنه صرح فیهما بأنه عزلها کما سمعت (و أما المراسم) فلم یصرح فیها بالعزل لکن ظاهرها أنها عند المشتری فحمل کلامهم علی عدم القبض بعید و هذا القول لیس بتلک المکانة من الضعف کما توهم کیف و قد ذهب أعاظم الأصحاب إلیه و حکی الإجماع علیه مع إمکان الجمع بالتخصیص إن حصل التکافؤ و قد یحصل لقوم دون آخرین و الغرض أنه لیس بتلک المکانة من الضعف و حکی الإجماع علیه (فلیلحظ) ما حققناه فیمن باع الأمة قبل استبرائها (و یستوی) فی ثبوت الخیار المذکور کل حیوان یصح بیعه ممن لا ینعتق علی المشتری حتی فی السمک و غیره من حیوان البحر و البر (و هل) یصح بیع ما لا حیاة فیه مستقرة أم لا الظاهر الصحة لإمکان الانتفاع بشعره أو وبره أو عظمه فلو فرض أن لا فائدة فیه لم یصح البیع لکن لا من جهة عدم استقرار الحیاة (و إذا) صح بیعه هل یثبت فیه خیار الحیوان وجهان (أحدهما) لا یثبت لعدم إمکانه لمکان موته (و الثانی) أنه یثبت لعموم الأدلة الدالة علی ثبوته فی کل حیوان لإمکان اختیار المشتری الفسخ قبل الموت (و لو لم یفسخ) کان تلفه من مال بائعه کما هو الشأن فی خیار الحیوان فعلی هذا یثبت الخیار فی حیوان البحر و إن خرج من الماء (و اشترطنا) إمکان البقاء لأنه یمکن عوده إلی ما یعیش فیه (و حینئذ) فلو ترکه المشتری علی الساحل حتی مات کان من ضمانه لا من ضمان البائع و یختص هذا الخیار بالبیع لاختصاص دلیله به (و المراد) بالأیام الثلاثة ما کانت مع اللیالی الثلاثة لدخول اللیلتین أصالة فتدخل الثالثة و إلا لاختلفت مفردات الجمع فی استعمال واحد و قد یقال إن هذه الکلمة إذا وقعت منفردة خالیة عن قرائن الدخول أو الخروج کما فی صمت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 559
و یسقط باشتراط سقوطه فی العقد (1) و بالتزامه بعده (2) و بتصرفه فیه (3) و إن لم یکن لازما کالهبة قبل القبض و الوصیة
______________________________
ثلاثة أیام و سرت ثلاثة أیام احتمل أن یقال الیومان الأولان لا بد من دخول اللیل فیهما تبعا لعدم إمکانهما بدونهما و أما الیوم الثالث فلیس کذلک لأن اللیل مشکوک فی دخوله و الأصل عدمه و الظاهر أنه یلفق الیوم إذا وقع البیع فی أثنائه سواء کان ذلک الیوم المستوفی أطول أو أقصر و إن بعد الفرض کما ذکروا مثل ذلک فی السلم لأن التحقیق أصل فی التحدید و قد یظهر من إطلاقاتهم فی المقام عدم التلفیق
(قوله) (و یسقط باشتراط سقوطه فی العقد)
إجماعا کما فی (التذکرة) و عند الأصحاب کما فی (الحدائق) و کذا یصح اشتراط سقوط بعضه فیسقط ما شرط سقوطه یوما أو أکثر أو أقل کل ذلک فی العقد لا قبله علی ما مر بیانه و کذا یسقط بانقضاء المدة بلا خلاف کما فی (الغنیة) کالأجل فی الدین و لأن ترکه للفسخ حینئذ رضی منه بالعقد و لعموم قوله علیه الصلاة و السلام المؤمنون عند شروطهم و المخالف فی ذلک مالک فجعله کمضی الأجل فی المولی و قال (فی التذکرة) و لا یسقط بالرضا بالعیب الموجود فی الحیوان و لا بالتبری من العیوب و لعله استند إلی عموم النص و أنه لا یجب انعکاس العلة و إنما یجب اطرادها لأنها حکمة لا علة حقیقیة لأن شرع الخیار فی الحیوان لخفاء عیبه غالبا و لا یلزم من ارتفاعه بالرضا و الشرط ارتفاع الخیار و قد سمعت فی خیار المجلس ما نقلناه عن الصیمری فی (غایة المرام) فلیراجع
(قوله) (و بالتزامه بعده)
بلا خلاف کما فی (الغنیة) و فی (الحدائق) نسبته إلی الأصحاب و هو کذلک کما صرح کثیر و ظهر من آخرین لأنه أدل علی الرضا من التصرف و سقوطه به إجماعی و به أخبار صحیحة کما ستسمع و للعلة المنصوصة حیث قال علیه الصلاة و السلام فذلک رضی منه
(قوله) (و بتصرفه فیه)
إجماعا کما فی (التذکرة) و بلا خلاف کما فی (الغنیة) و قد تشعر بعض العبارات بأن التصرف إنما یسقط الخیار فی خیار الشرط کعبارة (النافع) حیث قال التصرف یسقط خیار الشرط و قد دل علیه جملة من الأخبار کصحیحة علی بن رئاب عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام الشروط فی الحیوانات ثلاثة أیام اشترط أو لم یشترط فإن أحدث المشتری فیما اشتری حدثا قبل الثلاثة الأیام فذلک رضی منه و لا شرط له قیل له و ما الحدث قال أن لامس أو قبل أو نظر منها إلی ما کان محرما علیه قبل الشراء و مثلها صحیحته الأخری المرویة فی قرب الإسناد من دون تفاوت فی المراد و مثلها صحیحة محمد بن الحسن الصفار حیث تضمنت أن أبا محمد علیه السلام وقع إذا أحدث فیها حدثا فقد وجب الشراء و هو یعطی العموم فی الحدث فیشمل النظر و اللمس و غیرهما فی الجاریة و غیرها فذکرهما فی الصحیح إنما هو علی سبیل التمثیل و الإحالة علی العرف کما أخذ فی صحیحة الصفار أخذ الحافر و نعلها فذکر فی کل شی‌ء ما یناسبه فاندفع ما أشکل علی المولی الأردبیلی و الظاهر من الصحیح المذکور من قوله علیه السلام فذلک رضی منه کون المناط فی السقوط بالحدث حصول الرضا بلزوم العقد بسبب الحدث لمکان جریانه مجری التعلیل لسقوط الخیار فلو علم انتفاءه بقی خیاره کما إذا علم من قصده بالحدث اختباره أو حفظه أو وقع سهوا أو غلطا لکن الظاهر من إطلاقات الأصحاب خلاف ذلک حیث یقولون فی المقام و غیره إن التصرف مسقط للخیار و یمکن الجمع بأن یکون مراد الأصحاب فی إطلاقهم أن الأصل فی التصرف أن یکون دالا علی الرضا بإیجاب البیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 560

[الثالث خیار الشرط]

(الثالث) خیار الشرط و لا یتقدر بمدة بل بحسب ما یشترطانه (1)
______________________________
و إسقاط الخیار إلا أن یظهر من الخارج ما یدل علی عدم الرضا فما لم یعلم عدم رضا المتصرف بإیجاب البیع یکون التصرف مسقطا و الصحیح المذکور جعل التصرف بمجرده أمارة الرضا بلزوم العقد و لیس فیه دلالة علی أن التصرف رضا و إن علم عدم الرضا من عادة أو غیرها و حینئذ فلا منافاة فحیث یعلم عدم الرضا یجب الرجوع إلی الأصل الأصیل و هو بقاء الخیار و عدم لزوم البیع و التصرفات التی فی أیدی الناس غالبها یعلم فیها عدم الرضا بالإیجاب تعویلا علی أن الخیار ثابت لهم ثلاثة أیام فلا توجب إلزاما و لا لزوما و العرف لا یأبی ذلک لأن شأنه الحکم بأن هذا تصرف أو غیر تصرف و لا مدخلیة له فیما نحن فیه و إنما هو مقام آخر (و یؤید ما قلناه) الإطلاقات و الأخبار الواردة فی خیار الشرط الظاهرة فی عدم سقوطه بتصرف البائع فی الثمن بل بهذه الأخبار ثبت ذلک الخیار مع نص الأصحاب علی أن التصرف فیه مسقط لخیاره مطلقین فلا بد من التنزیل علی ما ذکرنا (و یؤیده) أیضا بعض الأخبار الواردة فی المقام کما مرت الإشارة إلیه فی خیار المجلس و قد نص بعضهم علی استثناء الاختبار کالرکوب و الحرث ذکره الشهید فی حواشیه و الدروس و نفی عنه البعد فی (الدروس و جامع المقاصد) و اقتصر فی (المسالک و الروضة) علی احتمال الوجهین (کالتحریر) و علل فی (الغنیة) سقوط الخیار بالتصرف بأنه من المشتری إجازة و هو یعطی ما ذکرناه (و منه) یعلم الحال فیما إذا تصرف فیه لعبا أو لهوا و ما إذا کان لغرض غیر الرضا و الالتزام و غیر الاختبار و الحفظ کما إذا کان سفیها غیر محتاج للرکوب فرکبها لا بعنوان شی‌ء مما ذکر أو تجاوز فی الاختبار مقدار الحاجة لا بعنوان الرضا لأن شیئا من ذلک لا یسقط الخیار و أن المدار علی الرضا و الالتزام کما نص علیه فی (التذکرة) فی مواضع منبثة و قال المحقق الثانی و المراد بالتصرف المسقط للخیار هو ما یکون المقصود منه التملک لا لاختبار و لا حفظ المبیع کالرکوب لسقی الدابة و هو یوافق ما اخترنا و إن کانت العبارة غیر جیدة لأن التملک حاصل قبل (و لعله) أراد أن یکون تصرفا فی ماله بعنوان جعله لازما (و مما) ذکر یعلم قوة احتمال عدم السقوط بالتصرف الذی لیس مورد النص کتصرف البائع فی المبیع و المشتری فی الثمن إلا مع أمارة دالة علی الفسخ
(الثالث) خیار الشرط (قوله) (و لا یتقدر بمدة بل بحسب ما یشترطانه)
لا خلاف بین العلماء فی جواز اشتراط الخیار فی البیع کما فی (التذکرة) و أما أنه لا یتقدر بحد فقد حکی علیه الإجماع فی (الخلاف و الإنتصار و الغنیة و التذکرة) و فی (الخلاف) أن أخبارنا به متواترة و خالف الفقهاء فی ذلک عدا مالک فمنعوا من الزیادة علی الثلاثة و جوزوا اشتراطها فما دونها و فی (الغنیة) یجوز أن یکون ثلاثة فما دونها بلا خلاف و ظاهره نفیه بین الطائفتین (و یدل) علیه بعد الإجماع (الأصل) بمعنیین (و الکتاب و السنة) و هی عدة روایات (کصحیحة) عبد اللّٰه بن سنان (و حسنة) الحلبی (و موثقة) إسحاق بن عمار (و صحیحة) سعید بن یسار (و خبر) أبی الجارود (و موافقة) الاعتبار لمکان وجود الضرورة الداعیة إلی الاشتراط و طول المدة و قصرها إلا أن یعلم عدم بقائهما إلیها فإنه یحتمل البطلان للزوم التعطیل و الصحة لأن الأجل مضبوط و الخیار موروث و لا ریب أنها لا تتقدر بقدر الحاجة و کذا لو کان المبیع مما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 561
بشرط الضبط (1) و ذکره فی صلب العقد فلو شرطا غیره کقدوم الحاج بطل العقد و لو شرطا مدة قبل العقد أو بعده لم یلزم
______________________________
یفسد قبل انقضائها
(قوله) (بشرط الضبط)
یشترط تعیین المدة المشترطة بما لا یحتمل الاختلاف محروما من الزیادة و النقصان فلو نیطت بإدراک الغلات أو زیادة الماء و نقصانه أو إیناع الثمرات أو نحو ذلک بطل الشرط بالإجماع و النهی عن الغرر و تطرق الجهالة إلی العوضین لجهالة الشرط لأن الأجل له قسط من الثمن مع موافقة الحکمة و الاعتبار لأن العقود شرعت لقطع مواد الاختلاف و الإناطة بالمختلف مثار الخلاف و قد حکم المصنف ببطلان العقد أیضا کما هو خیرته فی کل عقد یشتمل علی شرط فاسد و هو خیرة المحقق و أبی العباس و المقداد و الکرکی و غیرهم خلافا لأبی علی و الشیخ و القاضی و ابن زهرة و ابن إدریس حیث حکموا ببطلان الشرط دون العقد استنادا إلی الأصل و عموم الکتاب و السنة و إجماع الغنیة و أنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أبطل ما شرط علی عائشة من أن ولاء بریرة لمولاها و أجاز العقد و إلی لزوم الدور و الأصل معارض بمثله و مقطوع بغیره و الإجماع موهون و الخبر ضعیف و العموم إنما یتناول ما لم یعلم فساده و الثمن هنا مجهول لما عرفته من تطرق الجهالة إلیه فکان العقد فاسدا ثم إن العموم مقید بالتراضی و لا تراضی إلا علی الشرط الفاسد و الدور معی لا تقدمی (فلیتأمل) فإن المسألة لا تخلو من شائبة الإشکال و یستثنی من ذلک الشرط الفاسد فی النکاح فإنه یبطل دون العقد إجماعا و هذا حدیث إجمالی و تمام الکلام فی محله فإذا ذکرا مثل هذا الخیار ثم إسقاطه بعد العقد لم ینقلب صحیحا لأنه وقع فاسدا فلا عبرة به و قد تقدم الکلام فی خیار المجلس فی الشرط الواقع قبل العقد أو بعده و الشیخ صرح هنا بکونه فی حال العقد و یبقی الکلام فیما إذا أطلق الخیار کأن یقول بعتک بکذا و لی الخیار و لم یسم وقتا و لا أجلا مخصوصا و فیما إذا شرط مدة مطلقة (أما الأولی) ففی ظاهر (المبسوط و المراسم) و صریح (التحریر و التذکرة و المختلف و غایة المرام و المسالک و الکفایة) أنه یبطل الشرط فیها کما لو أناط المدة بما لا ینضبط بل هذه أولی لأن الإطلاق أعرق فی الجهالة مضافا إلی أنه لو صح فإما أن یرد إلی معین و لا دلیل علی تعیینه أو یدوم الخیار و هو معلوم البطلان و قد حکی ذلک عن علم الهدی و عن صریح (المبسوط) و الموجود فی (الإنتصار) ما ستسمعه (و المبسوط) ما عرفته و فی (الکفایة) نسبة هذا القول إلی الأشهر و فی الریاض أنه أشهر بین المتأخرین و لعلهما توهما ذلک من ظاهر (الوسیلة) (و السرائر و الشرائع و النافع و اللمعة) لتضمنها اعتبار التعیین فی المدة و هو لیس مما نحن فیه إذ الکلام فی اشتراط المدة المعینة و فی (المقنعة و الإنتصار و الخلاف و الجواهر و الغنیة و الکافی) علی ما حکی أنه یصح الشرط و ینصرف إلی ثلاثة أیام و کأنه مال إلیه الشهید فی (الدروس) و قد حکی علیه الإجماع فی (الإنتصار و الخلاف و الجواهر و الغنیة) و ادعی فی (الخلاف) ورود أخبار الفرقة به و لیس ما یحکیه إلا کما یرویه و قال فی (التذکرة) روی الجمهور أن حناف بن سعید کان یخدع فی البیع فقال له النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم إذا بعت فقل لا خلابة و جعل له الخیار ثلاثا و فی روایة و جعل له بذلک الخیار ثلاثة أیام و فی روایة قل لا خلابة و لک الخیار ثلاثا و قد یستشهد علی ذلک بفحوی الصحیح الشرط فی الحیوان ثلاثة أیام للمشتری اشترط أو لم یشترط فإنه قد یعطی أن الشرط فی غیره
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 562
و یجوز جعل الخیار لهما أو لأحدهما أو لثالث و لهما أو لأحدهما مع الثالث (1)
______________________________
ثلاثة أیام إن اشترط الخیار و لم یعین و لیس المراد به اشتراط الثلاثة لأنها و غیرها فی ذلک سواء بل المراد مطلق الاشتراط (فتدبر) و الغرر یندفع بتحدید الشرع و لا جهالة لمکان الأول إلی العلم الحاصل من الشرع و لیس هو کالأول الحاصل من الحس کما لو قال بعتک بمثل ما بعت به زیدا فإن هذا الجهل یئول إلی العلم من الحس و هذا أجازه أبو علی و المصنف فیما حکی عنهما و لم یرتضه الباقون فیما حکی أیضا و الأولویة المدعاة قد تمنع لارتفاع الغرر و اغتفار الجهل و التخصیص بالثلاثة إما لانصراف الإطلاق إلیها عرفا لکونها أول مدة یتروی بها فی مثله و الشرع کاشف عن هذا العرف لأنه خفی أو لتعیین الشارع و الشرط سبب للتعیین لأن التعیین سبب لتنزیل الشرط علیه کما فی الوصایا المبهمة فقد ادعی فیها أن الجزء اسم للعشر و السهم اسم للثمن و الشی‌ء اسم للسدس فلذلک نزلت علیها فالشرط سبب لا مناط و المناط فی المسألة الإجماعات الأربعة فلا أقل من أن تفید شهرة قدیمة تجبر ما أرسله فی (الخلاف) من الأخبار بل الشهرة القدیمة متحققة لذهاب سبعة من عظمائهم إلیه و هی فی مثل هذا المقام أولی بالتقدیم من شهرة المتأخرین لو کانت (فلیتأمل) (و أما الثانیة) و هی ما إذا اشترط مدة مطلقة فیحتمل البناء فیها علی الخلاف المذکور لکونه بمنزلة إطلاق الخیار و البطلان مطلقا للأصل و منع التنزیل و لعله أولی و أشبه
(قوله) (و یجوز جعل الخیار لهما أو لأحدهما أو لثالث و لهما أو لأحدهما مع الثالث)
بلا خلاف فی ذلک کله کما فی (الکفایة) و فی (التذکرة) الإجماع منا علی جواز جعل الخیار للأجنبی و نسب الخلاف إلی الشافعی فی أحد قولیه و ظاهره أن جعله لغیره مما ذکر محل إجماع بین الجمیع و فی (الریاض) حکی نقل الإجماع علی الجمیع عن (الخلاف و الغنیة و التذکرة) و لم أجد حکایته فی الأولین و الموجود فی الثالث ما ذکرناه (و یدل) علیه بعد ذلک عموم الأدلة الدالة علی لزوم الوفاء بالعقود بسیطة کانت أو مرکبة و کذا الشروط و لا فرق فی ذلک بین الاتفاق فی المدة أو الاختلاف کأن تکون مدة أحدهما أکثر من مدة الآخر فإذا مضت مدة صاحب المدة القصیرة لزم من جهته و کان لصاحبه الخیار حتی تنقضی مدته کما صرح به فی (المبسوط و التذکرة و التحریر) و غیرها لأنه شرع للإرفاق بهما فکل ما تراضیا به جاز فإن اتحد ذو الخیار فالأمر إلیه و إلا قدم الفاسخ أجنبیا کان أو أحدهما عملا بمقتضی الشرط و لم أجد فی ذلک خلافا إلا (فی الوسیلة) قال و إن شرطت «1» لهما و اجتمعا علی فسخ و إمضاء نفذ و إن لم یجتمعا بطل و إن شرطت لغیرهما و رضی نفذ البیع و إن لم یرض «2» کان المبتاع بالخیار بین الفسخ و الإمضاء و هو ضعیف جدا إذ قضیة کلامه أنه لا بد فی المشترک من اجتماعهما و اتفاقهما علی الفسخ و الإمضاء ثم إن جعله رأی الأجنبی نافذا فی الرضا دون الفسخ تحکم کتخصیص المشتری بانصراف الخیار إلیه دون البائع و فی (الدروس) أن الأجنبی إذا انفرد فلا اعتراض علیه و معهما و مع أحدهما أمکن اعتبار فعله لو خالف (قلت) ینبغی القطع بذلک کالأول کما فی (التذکرة) و غیرها و إلا لم یکن لذکره فائدة و لأن اشتراطه تحکیم لا توکیل و یجب علیه تحری المصلحة فی جمیع الصور لکونه أمینا فلو ظهر منه خلاف ذلک لم یمض الفسخ و لو اختلفا قدم قوله مع احتمال
______________________________
(1) أی مدة الخیار (منه)
(2) أی بالبیع (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 563
و اختلاف المدة لو تعدد صاحبه و عدم اتصالها (1) و اشتراط المؤامرة إن عین المدة (2)
______________________________
تحری الأصلح
(قوله) (و اختلاف المدة لو تعدد صاحبه و عدم اتصالها)
أما جواز اختلاف المدة فقد تقدم الکلام فیه و أما جواز عدم اتصالها کأن یشترط خیار ثلاثة أیام أو أزید من آخر الشهر فقد نسب فی (التذکرة) الخلاف فیه إلی الشافعی و فی موضع آخر قال لو شرط خیار الغد صح عندنا خلافا للشافعی و هذه أظهر فی ظهور الإجماع و هو أی الجواز قضیة إطلاق المدة المتناولة للمتصلة و المنفصلة (فی المقنعة و النهایة و المراسم و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع) (و التحریر و الإرشاد و التبصرة و اللمعة و غیرها) بل یتناوله إطلاق (الإنتصار) أیضا و إن کان فی مقام آخر و هو صریح (التذکرة و الدروس و غایة المرام و جامع المقاصد) فیما سیأتی (و المسالک) (و الروضة و المفاتیح و الکفایة) بل هو قضیة کلام (التحریر) بالأولویّة کما ستعرف عملا بالأصل و عموم الکتاب و السنة و لا معارض و المصنف فیما سیأتی احتمل البطلان هربا من انقلاب اللازم جائزا (و فیه) أن ذلک جائز کعکسه کخیاری التأخیر و الرؤیة و کالمبیع إذا تعیب قبل القبض و هل یجوز أن یجعل الخیار لنفسه مدة فإذا انقضت فأخری جوزه المصنف و الشهید الثانی فی (المسالک) و صاحب (الکفایة) و احتمله الشهید فی (الدروس) احتمالا و کأنه استظهر الاتحاد من إطلاق الأکثر لکن المقتضی لجواز الانفصال مدة واحدة مقتضی لجوازه متعاقبا و قد قطع فی (الدروس) بالأول و قرب فی (التحریر) الصحة فیما لو شرط الخیار شهرا یثبت یوما و لا یثبت یوما فیکون الخیار خمسة عشر یوما و احتمل صحته فی الیوم الأول و بطلان العقد و لعله للتدافع لأن قوله لی الخیار شهرا یقتضی أن یکون تمام الشهر و قوله یوما و یوما لا یقتضی نصفه (فتأمل) و یحتمل الصحة شهرا فی ضمن شهرین علی أن یکون شهرا مفعول به لا مفعول فیه و لو قال و لی الخیار فی شهر یوما و یوما لا تعین الخمسة عشر و یجب فی ذلک کله أن یقصد الشهر العددی فلو قصد الهلالی فالأشبه البطلان لجهالة الشرط إذ قد ینقص
(قوله) (و یجوز المؤامرة إن عین المدة)
أما جوازها مع تعیین المدة فإجماعی کما فی (جامع المقاصد) و ظاهر (التذکرة) و یدل علیه الأصل و العمومات فلا معنی لتأمل الأردبیلی و فی (المبسوط و الخلاف) أنه لیس للاستئمار حد إلا أن یشترط مدة معینة و قد یلوح ذلک من إطلاق (الشرائع و الإرشاد) و فی (التحریر و التذکرة و المختلف و اللمعة و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) (و الکفایة) أنه لا بد من تعیین المدة و أنه یبطل مع الإطلاق للجهالة و فی (الدروس) أن قول الشیخ مشکل (و الظاهر) أنه لا یشترط تعیین المآمر باسمه و معناها أن یشترطا أو أحدهما مشاورة فلان مثلا أبا کان أو ابنا أو غیرهما و استئماره و الرجوع إلی أمره مدة مضبوطة و حکمها أنه یلزم العقد من جهتهما و یتوقف علی أمره فإن أمره بالفسخ جاز للمشروط له استئماره الفسخ و لا یتعین علیه قبوله لانتفاء المقتضی و لو أراد الفسخ لم یکن له إلا بأمره کما فی (التذکرة و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) (و المیسیة و المسالک و الروضة و الکفایة) و هو معنی قوله فی (المبسوط و الخلاف) لیس له الرد حتی یستأمره و فی (الخلاف) أنه ظاهر المذهب و المخالف المصنف فی (التحریر) حیث قال له الفسخ قبل الاستئمار و هو ضعیف کما ستعرف و لو أمره بالالتزام ففی (الروضة) أنه لیس له الفسخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 564
و رد المبیع فی مدة معینة یرد البائع فیها الثمن (1)
______________________________
قطعا و به صرح جماعة و لوح إلیه آخرون بل قالوا إنه لو أمره بالالتزام و کان الأصلح له الفسخ فلیس له الفسخ و قال فی (جامع المقاصد) یجب علی المآمر اعتماد المصلحة لأنه أمین فلو أمره بما فیه خلافها لم یجب علیه امتثاله و قوله فلو أمره إلی آخره لا وجه له لأنه لا محل له لأنه لو أمره بالالتزام وجب علیه سواء کان فیه مصلحة أم لا و إن أمره بالفسخ لا یجب علیه امتثال أمره سواء کان فیه مصلحة أم لا کما هو ظاهر (و تنقیح المسألة) أن یقال إن جواز اشتراط الاستئمار لا ریب فیه لأنه من الشروط الجائزة فإن أمره بالفسخ تسلط علیه و له الخیار بین أن یفسخ و أن لا یفسخ اشتمل علی مصلحة أم لا لأن المستشیر لا یلزمه موافقة المستشار حیث له مندوحة کما هو ظاهر لأنه لم یجعل له الخیار و إن أمره بالالتزام الذی هو مقتضی العقد فلیس له المخالفة و إن کانت أصلح لأنه لا تسلط له علیها إلا بالشرط و هو لم یشترط لنفسه خیارا و إن سکت فالأقرب اللزوم أیضا فالحاصل أن الفسخ یتوقف علی أمره لأنه خلاف مقتضی العقد فیرجع إلی الشرط و أما الالتزام بالعقد فلا یتوقف علی أمره لأنه مقتضی العقد و لهذا قال جماعة إن الفرق بین المؤامرة للأجنبی و جعل الخیار له أن الغرض من المؤامرة الانتهاء إلی أمره لا جعل الخیار له بخلاف من جعل له الخیار فلیس للمستشار فسخ و لا التزام و إنما إلیه الأمر و الرأی خاصة و قد نسبه إلی کلام الأصحاب فی (الروضة) و قد عرفت مطمح نظرهم بما حررناه فی بیان المسألة و قال فی (مجمع البرهان) ینبغی أن لا یخرج عما أشار به فیقول به و یمکن أن یکون له الفسخ و له المخالفة لعدم لزومه إلا أن یشترط ذلک انتهی (فتأمل فیه) فکأنه لم یحرر مراد الأصحاب و قال فی (اللمعة) و یجوز اشتراط المؤامرة فإن قال المستأمر فسخت أو أجزت فذاک فإن سکت فالأقرب اللزوم فلا یلزم الاختیار و کذا کل من جعل له الخیار و قال فی (الروضة) إنها مخالفة لما علیه الأصحاب إن قرئ المستأمر بالفتح مبنیا للمجهول لأنه لیس له فسخ و لا التزام و إن قرئ بالکسر مبنیا للفاعل احتاج إلی تقدیر کثیر کأن یقال إن قال فسخت بعد أمره له بالفسخ أو أجزت بعد أمره له بالإجازة مع أنه لا یناسب قوله فلا یلزم الاختیار و کذا کل من جعل له الخیار (و فیه) أنه لعل غرض الشهید بیان ما هو المشهور بین الأصحاب و فائدة أخری و القرینة علی ذلک کله الشهرة (فحاصله) أن المستشار إن قال فسخت تسلط المستشیر علی الفسخ و إن قال أجزت لزم و إلیهما أشار بقوله فذاک و إن سکت لزم أیضا و بین أنه یجوز له السکوت و لا یلزمه التکلم و اختیار أحد الأمرین أو أراد أن المستأمر بالکسر إن قال فسخت حیث یأمره المستشار بالفسخ أو أجزت فذاک و إن سکت لزم أیضا و لا یلزمه أی المستشیر اختیار الفسخ و کذا کل ذی خیار لا یلزمه الاختیار و علی الوجهین لا یتوجه علی العبارة ما وجهه علیها فی الروضة (فلیتأمل) و إن بقی کلامه علی ظاهره کان مخالفا لما علیه الأصحاب و کان الفرق عنده بین المستأمر و المشروط له الخیار إذا کان أجنبیا أن الأول لیس له شی‌ء من الأمر إلا بعد الاستشارة بخلاف الثانی فإنه له الفسخ و الإمضاء بادئ بدء من أول الأمر لأنه حاکم ذو خیار فلیلحظ ذلک و نظر الأکثر أسد
(قوله) (و رد المبیع فی مدة معینة یرد البائع فیها الثمن)
أی یجوز اشتراط البائع رد المبیع من المشتری حیث یرد علیه الثمن فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 565
..........
______________________________
مدة معینة للأصل و الإجماع کما فی (الخلاف و جواهر القاضی و جامع المقاصد و المسالک) و ظاهر (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام و هو المحکی عن (الغنیة) لأنی لم أجده فیما عندی و کأنه سقط و هو أی الإجماع ظاهر (التذکرة) علی ما حکی و الموجود فیها التوقف و لعل فیها أیضا سقطا و عموم الکتاب و السنة و خصوص الأخبار المعتبرة (منها الصحیح) فیمن اشترط علیه ذلک أری أنه لک إن لم یفعل و إن جاء بالمال للوقت فرد علیه (و منها الموثق) رجل مسلم احتاج إلی بیع داره فمشی إلی أخیه فقال له أبیعک داری هذه علی أن تشرط لی إن أنا جئتک بثمنها إلی سنة أن ترد علی قال لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلی سنة ردها علیه قلت فإنها کانت فیها غلة کثیرة فأخذ الغلة لمن تکون الغلة فقال الغلة للمشتری ألا تری إنها لو احترقت لکانت من ماله و ظاهر الأخبار کظاهر (الخلاف و الغنیة) (و الجواهر) فیما حکی وجوب رد المبیع بمجرد رد الثمن و إن لم یفسخ البائع و قد یتوهم أن ذلک أیضا ظاهر (الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و التبصرة) و غیرها مما بنی علی ما قبله من اشتراط الخیار للبائع مدة مضبوطة مع قید زائد فی هذا و هو رد الثمن فیکونون قد أشاروا إلی أن خیار الشرط علی قسمین أحدهما ما یکون الخیار فی فسخ العقد خاصة سواء أحضر الثمن أم لا و الثانی ما یکون الخیار مع شرطه إحضار الثمن و هو ما نحن فیه فیتعقبه الخیار بعد الرد و لا ینفسخ البیع معه إلا بالفسخ و قد یجری ذلک بتکلف فی عبارة الخلاف و تالییه لما علم منهم من أن بیع الشرط عندهم هو ما اشترط فیه الخیار بعد رد الثمن أو بحمل ظاهرها و ظاهر الأخبار علی الغالب من تعقیب رد الثمن بالفسخ کأن یقول له خذ دراهمک فقد فسخت أو نحو ذلک لأن وجوب رد المبیع علی البائع موقوف علی عوده إلیه و لا یعود إلا بالفسخ فیتوقف علیه وجوب الرد و لا یکون رد الثمن بمجرده قاطعا و فی (الریاض) وجه الغلبة بکون العادة قاضیة بکون مثل هذا الرد فسخا للمعاملة فتکون دالة بقرینة و هو کما تری لا یکاد یتضح مع مخالفته للأصحاب کما عرفت و کما ستسمع (و مما صرح) فیه بأن رد الثمن بمجرده لا یکون قاطعا للبیع (جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و التنقیح) لأنه صریح فی ذلک أو کالصریح (و غایة المرام و مجمع البرهان و المسالک و الدروس) فی أثناء کلام له نعم أول کلامه ظاهر غیر صریح و الاکتفاء بالرد لکونه فسخا بنفسه مردود بعدم دلالته علیه قطعا و إن کان مما یؤذن بإرادته فإن الإرادة غیر المراد و قضیة کلام الأصحاب کما عرفت اشتراط الخیار بعد الرد و هو خلاف الفسخ بنفس الرد «1» و الفسخ کما یحتاج إلیه علی المشهور من انتقال المبیع بنفس العقد فکذا علی القول بانتقاله بمضی الخیار إذ العقد علی هذا القول و إن لم یکن ناقلا من حینه لکنه یفید الملک إذا انقضی الخیار و لما یفسخ البائع فلا یستقر ملکه إلا بالفسخ و الفسخ لا بد منه علی القولین و إن افترقا فی وجه الاحتیاج إلیه فإنه علی الأول لعود الملک و علی الثانی لاستقراره لأنه یخرج عنه متعلقا به و لا ینتقل إلی المشتری لکنه له تعلق به کما حرر فی محله (و لیعلم) أن ظاهر (الإرشاد) عدم اعتبار تعیین المدة فی هذا القسم لأنه أبهم فیه المدة و لیس هذا الظاهر مراد قطعا و لا یفرق بین رد عینه أو مثله کما صرح به الشهیدان و الصیمری أو قیمته کما صرح به الخراسانی و لا یحمل إطلاقه علی العین کما صرح به الشهید و المحقق الثانی فی حاشیته و حمله علیه فخر الإسلام فی شرحه علی الإرشاد
______________________________
(1) و من هنا یعلم حال ما فی الریاض (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 566
و أول وقته عند الإطلاق من حین العقد لا التفرق و لا خروج الثلاثة فی الحیوان (1)
______________________________
و مال إلیه صاحب إیضاح النافع و لو شرط رد عینه احتمل الجواز کما فی (الدروس و جامع المقاصد) و لو شرط رد بعض المبیع ببعض الثمن ففیه نظر أوجهه الصحة کما فی (المسالک) للعموم و ظاهر (الدروس) و المحقق الثانی التردد و لو جاء بعض الثمن لم یجب القبول و لو کانت المدة ظرفا للأداء و الاسترجاع کان له الفسخ متی جاء بالثمن فی أثنائها و یجب علی المشتری قبضه و لو جعلها غایة لم یجب قبضه إلا بعد مضیها کما فی (التحریر و غایة المرام) و غیرهما و لو شرط المشتری ارتجاع الثمن إذا رد المبیع صحیحا صح و یکون الفسخ مشروطا بعینه کما نبه (کما نص خ ل) علیه الشهید فی (الدروس) و المحقق الثانی و الفاضل المیسی و الشهید الثانی و المولی الأردبیلی و الخراسانی و لا یتعدی إلی مثله إلا إذا شرط فیتعدی إلی قیمته أیضا کما صرح به المولی الأردبیلی و غیره
(قوله) (و أول وقته عند الإطلاق من حین العقد لا التفرق و لا خروج الثلاثة فی الحیوان)
کما هو خیرة (الشرائع و جامع الشرائع و المختلف) (و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التنقیح و غایة المرام و تعلیق الإرشاد و المیسیة و المسالک و مجمع البرهان) و المخالف الشیخ فی (الخلاف و المبسوط) و أبو المکارم فی (الغنیة) و أبو عبد اللّٰه فی (السرائر) فقالوا من حین التفرق و توقف الشهید فی (الدروس) کما توقف فی خیار الحیوان کما عرفت (و لعل) ترک جماعة ذکره هنا ممن نص علیه هناک لظهور الحال من خیار الحیوان لأن الحجة هنا هی ما ذکر هناک حرفا فحرفا من الطرفین و النقض النقض و یزید هنا أنه یلزم بطلان الشرط لو کان من حین التفرق للجهل به و هذا لو شرطا أن یکون ابتداؤها من حین التفرق لم یصح کما نبه علیه فی (التذکرة) و ظاهره أنه محل وفاق بیننا و بین من خالفنا و قال و إن قلنا ابتداؤه من حین التفرق فشرطا أن یکون ابتداؤه من حین العقد صح عندنا و هو أحد قولی الشافعی و ظاهره أنه محل وفاق بیننا و أن من خالفنا اختلف کلامه و یستخرج من ذلک دلیل آخر علی المختار مسقط لما احتجوا به من تداخل الأسباب و اجتماع الأمثال و توارد العلل إذ الممتنع لا ینقلب بالشرط إلی الجواز بل یکون اشتراطه ممتنعا (و عساک) تقول إنهم لا یقولون بجواز هذا الشرط (قلت) الشیخ فی (المبسوط) و ابن إدریس قد اعترفا بجوازه و استدل علیه فی (المبسوط) بالخبر فی جواز الشرط مع ما سمعته عن (التذکرة) ثم إن اللازم من الاحتجاج بلزوم تداخل الأسباب و توارد العلل و اجتماع الأمثال أنه إذا کان المبیع حیوانا و قد شرط المشتری ثلاثة أیام تأخر شرطه عن ثلاثة الحیوان و هو خلاف ما أفصحت به صحیحة عبد اللّٰه بن سنان عن الرجل یشتری الدابة أو العبد و یشترط إلی یوم أو یومین فیموت العبد أو الدابة أو یحدث علی من ضمان ذلک فقال علی البائع حتی ینقضی الشرط ثلاثة أیام فإنها دالة علی أن خیار الشرط أعنی الیوم و الیومین داخل فی خیار الحیوان و إلا لجعلهما بعد خیار الحیوان و یرشد إلیه أنه قال علیه السلام فیه أیضا و إن کان بینهما شرط أیاما معدودة فهلک فی ید المشتری قبل أن یمضی الشرط فهو من مال البائع إذ الظاهر من الأیام المعدودة أنها أکثر من ثلاثة (و تنقیح ذلک أن یقال) إذا اشترط مشتری الحیوان شرطا فإما أن یکون أنقص من الثلاثة أو أزید أو مساویا و إما أن یکونا عالمین أو جاهلین أو بالتفریق و الظاهر تأخیر خیار الشرط عن خیار الحیوان حیث یکونان عالمین مع قصر الشرط أو تساوی المدتین عملا بالعرف و قد عرفت ما فی الخبر و لو زاد الشرط احتمل التفصیل فیتأخر فی مثل الأربعة و الخمسة و یتصل فی نحو الشهر و الشهرین عملا بمقتضی العرف و یحتمل الاتصال مطلقا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 567
و لا یتوقف الفسخ به علی حضور الخصم (1) و لا قضاء القاضی (2) و لو أبهم الخیار فی أحد العینین أو أحد المتبایعین بطل العقد فیهما (3) و لا یصح اشتراطه فیما یستعقب العتق (4) و فی ثبوته فی الصرف إشکال (5)
______________________________
و التأخیر مطلقا و إن علم به البائع فقط و علم أن المشتری لا یعلم أو کان الأمر بالعکس کذلک فاحتمال البطلان فیهما قائم (و أما) إذا کانا معا جاهلین و شرطا ثلاثة أیام أو أکثر أو أقل فاحتمالات و لا مجال فیها للبطلان و أما حال ما إذا أطلق الخیار فإن الصحیحة الشاهدة بصحته شاهدة باتصاله فتذکر و تدبر
(قوله) (و لا یتوقف الفسخ علی حضور الخصم)
کما فی (الخلاف و المبسوط و الغنیة) (و التذکرة) و ظاهر الجمیع الإجماع کما ستعرف لأنه رفع عقد لا یفتقر إلی رضا شخص کالطلاق فلم یفتقر إلی حضوره و خبر الشحام و الحلبی صریحان بعدم توقف الالتزام علی حضوره و لا فرق بین الالتزام و الفسخ و حکی فی (الدروس) عن أبی علی أنه قال یشترط فی الخیار المختص فی الفسخ و الإمضاء الحضور أو الحاکم أو الإشهاد قال و قال و فی المشترک لا ینفذ الفسخ و الإمضاء إلا بحضورهما و قد سمعت ما حکیناه آنفا عن (الوسیلة) فتذکر و قال أبو حنیفة لیس له الفسخ إلا بحضور صاحبه کالودیعة و هو قیاس باطل علی باطل و ینتقض بما إذا وطئ البائع الجاریة فی مدة خیاره بغیر حضوره صاحبه و إن اختار الإمضاء لم یفتقر إلی حضور صاحبه بلا خلاف کما فی (المبسوط) و أراد نفیه بیننا و بین أبی حنیفة و محمد الشیبانی
(قوله) (و لا قضاء القاضی)
قطعا و المخالف أبو حنیفة حیث جعله کالعنة و الفرق بینهما ظاهر
(قوله) (و لو أبهم الخیار فی أحد العینین أو أحد المتبایعین بطل العقد فیهما)
بشرط تعیین محل الخیار و تعیین مستحقه فلو باعه عبدین و شرط الخیار فی أحدهما لا بعینه فالبیع باطل بلا خلاف کما فی (الخلاف) لأنه خیار مجهول المحل و غرر و بمنزلة ما إذا باعه أحدهما و لم یعینه و قال أبو حنیفة یجوز فی العبدین و الثلاثة و لا یجوز فی الأربعة فما زاد و هو مجرد استحسان نعم لو شرط الخیار یوما فی أحد العبدین بعینه و یومین فی الآخر صح عندنا کما فی (التذکرة) و للشافعی قولان و لو شرط لأحد المتعاقدین لا بعینه و لأحد الرجلین لا بعینه بطل البیع و الشرط و قد یظهر من (التذکرة) الإجماع حتی من العامة إذا لم ینسب الخلاف فی ذلک لأحد منهم
(قوله) (و لا یصح اشتراطه فیما یستعقب العتق)
الکلام فیه کالکلام فی خیار المجلس إذا اشتری من ینعتق علیه و قد أسبغنا الکلام فیه و أشبعناه و بینا الحال فیما عساه یقال إن ترتب العتق من مقتضیات الملک و من آثاره و لیس من مقتضیات العقد حتی ینافیه اشتراط الخیار فإذا تحقق اشتراط الخیار کان الملک متزلزلا فلا یلزم حصول العتق إذ هو تابع للملک الثابت
(قوله) (و فی ثبوته فی الصرف إشکال)
کما فی (التحریر) و موضع من (التذکرة) و فی (المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و الشرائع) (و جامع الشرائع) و موضع من (التذکرة) أنه لا یدخله خیار الشرط و قد ادعی الشیخ و ابن إدریس الإجماع علیه و نفی عنه الخلاف فی (الغنیة) قال فی (المبسوط) فأما خیار الشرط فلا یدخل الصرف أصلا إجماعا لأن من شرط صحة العقد القبض و مثله ما فی (السرائر) و تعلیلهم یرشد إلی أن هذا الإجماع مستنبط من الإجماع علی اشتراط القبض فی الصرف المنافی لثبوت الخیار باعتقاد الحاکی فینتفی برفع التنافی کما ستسمع و لهذا أقدم علی منعه المصنف فی (المختلف) و المحقق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 568
..........
______________________________
الثانی فی (جامع المقاصد) و أشار إلیه فی (الإیضاح) و قال فی (المسالک) أطبق المتأخرون علی ثبوته فیه و منع الإجماع انتهی فتأمل (قلت) و هو أی الثبوت ظاهر الأکثر کالمفید و المرتضی و الدیلمی و الطوسی و القاضی و الحلبی فیما حکی حیث أطلقوا ثبوته فی البیع من دون تفصیل بین الصرف و غیره و أظهر من ذلک ما فی (الشرائع و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان) (و الکفایة) حیث قالوا إنه یثبت فی کل عقد سوی النکاح و الوقف و الإیلاء و الطلاق و العتق إلا أن تقول هذا فی کلامهم مساق لمقام آخر فلا تعویل علی الإطلاق و قد صرح بثبوته فیه (فی الإیضاح و غایة المرام) و قواه المحقق الثانی و حسنة الشهید الثانی و کاد یکون صریح (المختلف) و فی (الدروس) أنا لم نعلم وجه المنع مع صحیح ابن سنان المؤمنون عند شروطهم (قلت) هذا الصحیح مشهور بین الفقهاء و المحدثین فی أبواب الفقه و قد رواه الأقدمون من فقهاء أصحاب الأئمّة علیهم السلام و لا راد له و لا معارض یعتد به بحیث یخصصه فی المقام لأنک قد عرفت حال الإجماع المدعی و أن من تقدم علی مدعیه أو عاصره ظاهره خلافه (و أما) التعلیل و قد سمعته فعلیل جدا لأنه یجوز أن یقبضه فی المجلس و یشترط الخیار مع أنه منقوض بالسلم (و یبقی الکلام) فی دعوی الشهید الثانی إطباق المتأخرین علی منع الإجماع و إثبات الخیار فإنه قد یتأمل فیها (و أنت) قد عرفت من ظهر منه ثبوته من المتأخرین و من صرح به و من استشکل و الذی یتحصل من کلامهم أن هذا الخیار یعم کل بیع لا یستعقب العتق للأصل و عموم الکتاب و السنة فیثبت فی السلم کما فی (المبسوط و الخلاف و الغنیة و السرائر و التحریر) (و التذکرة) فی المقام و غیرها و قد عرفت العبارات المشتملة علی العموم أو الإطلاق و تزید هنا عبارة (جامع الشرائع) قال و یدخل خیار الشرط فی العقود إلا الصرف و النکاح و الواقف و الحاصل أنی لم أجد فیه خلافا لا فی المسلم و لا المسلم فیه إلا من المصنف فی (التذکرة) فنفی دخول خیار الشرط فی المسلم فی بحث خیار المجلس و رجع عنه هنا کما عرفت و قد قضی المقام أن نتعرض لسائر العقود و الإیقاعات و إن کان المصنف سیشیر إلی ذلک فی المطلب الثانی فی الأحکام (فنقول) العقود إما لازمة أو جائزة أو تقع علی نحوین أو مختلف فیها و یأتی بیان الحال فیها (و أما) الإیقاعات فلا یجری خیار الشرط و غیره فی شی‌ء منها لابتناء الإیقاع علی النفوذ بمجرد الصیغة و الخیار ینافی ذلک و لأن المفهوم من الشرط ما کان بین اثنین کما ینبه (نبه خ ل) علیه جملة من الأخبار و الإیقاع إنما یقوم بواحد فلا یختص المنع بالطلاق و العتق و الإبراء کما توهمه بعض العبارات (و یرشد) إلی ذلک أنه فی (السرائر) احتج علی منع جریانه فی الطلاق بخروجه عن العقود و مقتضاه ما ذکرناه من اطراد المنع فی سائر الإیقاعات و عدم اختصاصه بالثلاثة و قد حکی (فی المبسوط) الإجماع علی المنع فی الطلاق و العتق و فی (المسالک) الإجماع علی المنع فی العتق و الإبراء و فی (السرائر) نفی الخلاف عن عدم جریانه فی العتق و الطلاق (إذا عرف) هذا فینبغی أن نعود إلی العقود (فنقول) أما النکاح فلا یجری فیه خیار أصلا إجماعا کما فی (الخلاف و المبسوط و السرائر و جامع المقاصد و المسالک) لمشاکلته العبادة و ابتنائه علی الاحتیاط التام و سبق التروی فیه علی العقد و توقف رفعه علی رافع مخصوص فلا یرتفع بغیره و لا یجری أیضا فی الوقف إجماعا کما فی (المسالک) و قد نص علیه الشیخ و ابن إدریس و المحقق و ابن عمه یحیی بن سعید و المصنف و الشهیدان و الکرکی و الصیمری و عبارة (السرائر و الدروس) صریحتان بوجود الخلاف فیه و لم نجده قال فی (السرائر) علی الصحیح من المذاهب و الوجه فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 569
..........
______________________________
اشتراط القربة فیه و أنه فک ملک لا إلی عوض فلا یقبل الشرط کالعتق (و أما) ما عداهما من العقود اللازمة کالإجارة و لو فی الذمة و المزارعة و المساقاة و الکفالة و الحوالة فلا أجد خلافا فی جریان خیار الشرط فیها و استظهر المولی الأردبیلی من (التذکرة) الإجماع علی دخول خیار الشرط فی کل معاوضة حیث إنه اقتصر فیها علی نسبة الخلاف إلی الجمهور قال و عموم أدلة العقود و الإیفاء بها و بالشروط دلیل واضح علی الکل حتی یوجد المانع من إجماع أو نحوه و قد استدل علی بعض المستثنیات ببعض المناسبات و لیس بتام و العمدة الإجماع إن کان انتهی (قلت) و الأمر کما ذکر و لنشر إلی ما استثنی مما لم یقم علیه دلیل صالح فمنها الضمان فمنع جریانه فیه فی (التذکرة و الکتاب) فی باب الضمان فیکون منع منه فی أحد قولیه و أجازه فی (التذکرة و التحریر) فی باب البیع و وافقه علی ذلک المحقق الثانی فی باب الضمان و فصل فیه فی (المبسوط) تفصیلا طویلا یظهر منه أنه لا یدخله خیار الشرط و نفاه الشیخ فی الصلح مطلقا فی (الخلاف و المبسوط) و فی (التحریر و جامع المقاصد) أنه لا یجری فی الصلح فیما یفید الإبراء و فی (غایة المرام) أنه لا یجری فی الصلح عن المجهول و الدعوی الغیر الثابتة بالإقرار و الأصل فی الجمیع الصحة لعموم المقتضی و هذه الأقوال کأنها شاذة و فی (المهذب البارع) الإجماع علی جریانه فی الصلح ذکره فی باب الصلح (و أما العقود الجائزة) فقضیة الدلیل المذکور جوازه فیها جمیعها و التأثیر غیر ملتزم فی الشروط فإن منها ما هو مؤکد لمقتضی العقد و قد نسب إلی الأکثر جوازه فیها و به قال الشیخ فی (المبسوط) و ابن إدریس و القاضی فیما حکی فی الوکالة و الجعالة و القراض و الودیعة و العاریة و استندوا فی ذلک إلی جواز هذه العقود و هو یقتضی جریانه فی کل عقد جائز و فی (الغنیة) لا مانع من دخول خیار الشرط فیما لیس ببیع و قد یقتضی جریانه فی کل عقد عموم عبارة (الشرائع و الکتاب و الإرشاد و الدروس و تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان و الکفایة) حیث قیل فیها و یثبت فی کل عقد إلی آخره کما سمعت ذلک آنفا إلا أن تنزل علی اللازم و یدعی تبادره (و یرشد) إلی ذلک أنه فی (التحریر) منع من جریانه فی الجائزة کما ستعرف ثم قال بعد ذلک فظهر إن خیار الشرط یدخل فی کل عقد سوی النکاح و الوقف و الإبراء و الطلاق و العتق و منع من جریانه فی الجائزة فی (المختلف و التحریر و جامع المقاصد و غایة المرام و المسالک) و نفی عنه البأس فی (التذکرة) بعد أن نسبه إلی بعض العامة لعدم تأثیر الشرط فی الجائز و قد علمت أن التأثیر غیر ملتزم فی الشروط فإن أرید به الشرط المؤثر هنا عاد النزاع لفظیا لکن قضیة الاستدلال علی عدم جریان خیار المجلس فی العقود الجائزة قد تعطی عدم جریان هذا الخیار أیضا فیها فتذکر و تدبر (و مما) ذکر یعلم حال الشرط فیما اختلف فی جوازه و لزومه کالسبق و الرمایة فیبتنی علی الخلاف فی الشرط و العقد و أما ما یقع جائزا و لازما کالهبة ففی الأول یبنی علی الخلاف فی الشرط و فی الثانی أعنی القسم اللازم منها فالشرط جائز فیه علی القولین و أما ما یلزم من أحد الطرفین دون الآخر کالرهن فالشرط جاز فیه فی الرهن من قبل الراهن لمکان لزومه و یبنی الحال فیه من قبل المرتهن علی الخلاف فی الشرط و ظاهر (المبسوط) أنه لا یدخله و استشکل فی (التحریر و غایة المرام) فی الأول لأن الرهن وثیقة للدین و الخیار ینافی الاستیثاق (و فیه) أن الاستیثاق فی المشروط بحسب الشرط فلا منافاة و قد اعتمده الصیمری بعد ما استشکل فیه (و لیعلم) أن الأصحاب فی المقام تسامحوا فی إطلاق العقد علی الإیقاع مما یحتاج فی ترتب الأثر الشرعی علی لفظه حیث یقولون یثبت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 570

[الرابع خیار الغبن]

(الرابع) المغبون یثبت له الخیار بشرطین عدم العلم وقت العقد و الزیادة أو النقیصة الفاحشة التی لا یتغابن بمثلها (1) وقت العقد فیتخیر المغبون خاصة فی الفسخ و الإمضاء بما وقع علیه العقد
______________________________
فی کل عقد و یستثنون الطلاق و نحوه (الرابع المغبون)
(قوله) (یثبت له الخیار بشرطین عدم العلم وقت العقد و الزیادة و النقیصة الفاحشة التی لا یتغابن بمثلها)
المشهور بین الأصحاب ثبوت خیار الغبن کما فی (المهذب البارع و غایة المرام و الروضة) و خصوصا المتأخرین کما فی (المسالک) (و الکفایة) بل کاد یکون إجماعا بین المتأخرین کما فی (إیضاح النافع) و علیه المتأخرون کما فی (التنقیح) و الشیخ و أتباعه کما فی (الدروس) و علماؤنا کما فی (التذکرة) و إجماع الطائفة کما فی (الغنیة) و به صرح فی (المبسوط و الخلاف و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة) (و الإرشاد و التبصرة و الدروس و اللمعة و الحواشی المنسوبة إلی الشهید و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) و به صرح یحیی ابن سعید فی (جامع الشرائع) فی مسألة تلقی الرکب و کذا المصنف فی (نهایة الإحکام) إن قلنا إن المسألتین من سنخ واحد کما صرح به بعضهم و ینبغی أن یکون مذهب القاضی لأنه من أعاظم أتباع الشیخ و قد نسبه الشهید إلی الأتباع و لم یحضرنی من کتبه إلا (الجواهر) و هو ظاهر باقی المتأخرین من شارحین و محشین و إن کانت مسألة التلقی من سنخ هذه المسألة کان جمیع المتأخرین مصرحین به إلا من شذ و قد أسبغنا الکلام فیها بما لا مزید علیه و کم من حکم معروف مشهور خلت عنه (المقنعة و الإنتصار و المراسم) فعدم ذکر هؤلاء الثلاثة له مع ترکهم لکثیر من الأحکام لا یورث ریبة فیه (و أما الهدایة و المقنع) فقد خلی عنهما أکثر الأحکام و أبو علی لم یزل موافقا للعامة و قد نقل فی (الخلاف) مخالفة أبی حنیفة و الشافعی و مالک و أبی یوسف لنا فی هذا الفرع و سکت عن باقی علمائهم علی أن الشهید إنما نسب الخلاف إلی ظاهر أبی علی و أما المحقق فما کنا لنلتفت إلی ما ینقل عنه فی الدرس مع ما نشاهده منه فقد ظهر أن قول الشهیدین و من تأخر عنهما أن أکثر القدماء لم یذکروه کأنه لم یصادف محزه کما عرفت و لا وجه أصلا لاستظهار صاحب (الکفایة) عدم ثبوت الإجماع و قوله للتأمل فیه مجال و قد تبعه علی ذلک صاحب الحدائق هذا کله مضافا إلی نفی الضرر و الضرار و أخبار التلقی الواردة فی أن الرکبان إذا قدموا للسوق تخیروا و النهی عن شراء ما یتلقی و أکله فلیرجع إلیها و لیتأمل فیها و النهی عن أکل مال الغیر إلا عن تراض و ما رواه إسحاق بن عمار من أن غبن المسترسل حرام و فی خبر آخر رواه میسرة عن مولانا الصادق علیه السلام غبن المؤمن حرام و فی آخر لا یغبن المسترسل فإن غبنه لا یحل (و روی فی مجمع البحرین) أن غبن المسترسل سحت و قال فیه إن الاسترسال الاستیناس و الطمأنینة إلی الإنسان و الثقة فیما یحدثه و قصور المتن و الدلالة یجبر بالإجماع و هو العمدة فی المسألة و هل یعم سائر المعاوضات المالیة الذی صرح به فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام (و التنقیح) (و إیضاح النافع) أنه یعم و هو ظاهر إجارة (جامع المقاصد) و قد یشم ذلک من إطلاق قوله فی (التذکرة) الغبن سبب ثبوت الخیار للمغبون عند علمائنا لقوله علیه السلام لا ضرر و لا ضرار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 571
و لو دفع الغابن التفاوت فلا خیار علی إشکال (1)
______________________________
فی الإسلام و لقوله تعالی (إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْکُمْ) إن لم نقل إن المقام یخصص هذا الإطلاق و فی إجارة (جامع المقاصد) أنه یجری فی الإجارة مستندا إلی أنه من توابع المعاوضات و ینبغی ملاحظة الدلیل فإن کان هو الإجماع لم یعم و إلا عم للعموم و لعل الأشبه العموم و فی صلح (المهذب البارع و المقتصر) أنه لا یثبت فی الصلح خیار الغبن و لنا هناک تفصیل جید و الشرطان المذکوران صرح بهما الشهیدان و غیرهما و هما مستفادان قطعا من کلام من لم ینص علیهما بالخصوص (کالمبسوط) (و الخلاف و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع) و غیرها و قد فهم منهم ذلک صاحب (المسالک) و غیره قال فی (المبسوط) إذا اشتری شیئا فبان له الغبن فیه فإن کان من أهل الخبرة لم یکن له رده و إن لم یکن من أهل الخبرة نظر فإن کان مثله لم تجر العادة بمثله فسخ العقد إن شاء و إن کان جرت العادة لم یکن له الخیار و أوجزها عبارة الإرشاد و الحاصل أن ذلک مما لا ریب فیه ثم إنه قد صرح جماعة منهم أبو العباس و الصیمری أن حقیقة الغبن نقص أحد العوضین عن العوض المسمی فی العقد نقصا لا یتسامح بمثله عادة مع جهل من صار إلیه الناقص و قد نقل المصنف فی (التذکرة) و الشهید الثانی فی (المسالک) الإجماع علی أنه لا غبن لو عرف المغبون القیمة ثم زاد أو نقص مع علمه و زاد فی (المسالک) الإجماع علی أنه لا غبن و لا خیار لو تجددت الزیادة أو النقیصة بعد العقد و هذا معنی الشرط الأول و هو جهالة المغبون بالقیمة وقت العقد و إلیه أشار المصنف بقوله عدم العلم بالقیمة وقت العقد و لا فرق فی الجهل بها بین من یمکنه معرفتها و لو بالتوقیف أو بالتروی و غیره فلو استندت إلی عجالته لم یسقط خیاره کما نص علیه فی (التحریر) و تثبت جهالته باعتراف الغابن و بالبینة إن أمکن و لا تثبت بقوله مع یمینه مع عدم إمکانها فی حقه و فی ثبوتها بذلک مع الإمکان قولان من استصحاب لزوم العقد و من أصل عدم العلم و کونها من الأمور الخفیة غالبا فلا یطلع علیها إلا من جهته و قد استظهره فی (المسالک) و قواه فی (الروضة) و نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) و مال إلیه فی (تعلیق الإرشاد) (قلت) و هو الأصح إذ المفروض و إن کان المدعی المغبون أن الخصم لم یصدقه و لم یکذبه و لا یقدر علی الحلف فکان قائلا لا أدری و قد حررنا فی محله أن المدعی فی مثل ذلک یحلف و یثبت مدعاه (و أما) الشرط الثانی فطریق معرفته ظاهر کالوجه فی اشتراطه و الرجوع فی عدم التسامح به غالبا إلی العادة و أما أنه یتخیر المغبون فقد عبر به فی (الغنیة و التذکرة و الإرشاد و اللمعة و الکفایة) و ظاهرها شموله لما إذا کان بائعا أو مشتریا کما صرح به فی (الوسیلة) و المصنف و الصیمری فی (التحریر و غایة المرام) و الشهیدان فی (الدروس و الروضة) و کأنه صریح (التنقیح و إیضاح النافع) و قد فهم ذلک فی (الدروس) من الشیخ و أتباعه فیکون الاقتصار علی ذکر المشتری فی (المبسوط و الخلاف و السرائر) لمکان الغلبة و یرشد إلی ذلک استدلالهم علی ذلک بأخبار التلقی کما فی (الغنیة) و غیرها و فی (التذکرة) أنه یثبت للمغبون خاصة دون الغابن إجماعا و کیف کان فلا بد من ملاحظة مسألة التلقی فی هذه المباحث
(قوله) (و لو دفع الغابن التفاوت فلا خیار علی إشکال)
و نحو ذلک ما فی (التذکرة) (و حواشی الشهید و المفاتیح) من عدم الترجیح و رجح بقاء الخیار فی (الدروس و المهذب البارع و غایة المرام) (و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) و هو ظاهر الباقین استنادا إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 572
و لا یسقط بالتصرف إلا أن یخرج عن الملک بالبیع و شبهه أو یمنع مانع من رده کاستیلاد الأمة أو عتقها (1)
______________________________
الاستصحاب بناء علی أن الأصل فی إثبات هذا الخیار الإجماع و ثبوته به یقتضی انسحابه فی محل الخلاف بالاستصحاب و لا ینافیه وقوع الخلاف فیه فی محل الفرض علی أنه لا خلاف و إنما هو (هناک خ ل) أشکال نعم لو کان الاستناد فی الإثبات إلی أدلة نفی الضرر خاصة صح القول بسقوطه لدوران الحکم معه حیثما دار فیندفع بالبذل و قد لا یصح القول بسقوطه و إن کان المستند دلیل الضرر کما (فی الروضة) للاستصحاب لأن (و لأن خ ل) ذلک لا یخرج المعاوضة المشتملة علی الغبن عن اشتمالها علیه لأنه هبة مستقلة و من قبیل هبة الغابن لا یسقط خیاره (فلیتأمل) ثم إن انتفاء الضرر لا ینحصر فی بذلک التفاوت بل یمکن بالرد أیضا فدعوی تعینه تحکم (فتأمل) أیضا و قد وجه جماعة سقوطه بأن الأصل اللزوم فیقتصر فیما خالفه علی المتیقن المجمع علیه و المتحقق به الضرر و حیث یبذل التفاوت فلا ضرر و لا إجماع (و فیه) ما عرفت و کذلک الحال لو بذل الزبون بدل المغبون فیه کما فی (الدروس و غایة المرام) و الظاهر منهم أن لیس فی تصویر هذه المسألة منافاة لفوریة الخیار علی القول به و فی (المسالک و الکفایة) أن العلامة استشکل فی ثبوت الخیار لو بذل الغابن التفاوت مع دعواه الإجماع علی عدم ثبوت الأرش به (و أنت خبیر) بأنه لا منافاة إذ المنفی بالإجماع أخذه و دفعه علی سبیل الاستحقاق فإنه (حینئذ) لا یجب علی الغابن دفعه و لا یحل للمغبون أخذه لأنه لا یستحقه و محل الإشکال ما إذا دفعه لا علی ذلک السبیل بل فی مقابلة ترک الفسخ فهل یجب علی المغبون القبول و لا یجوز له الفسخ و الخیار أم لا بل ذلک منوط بالتراضی فیکون معاملة أخری هذا (و قد سلف) للمصنف فی المرابحة من (التذکرة) فیما إذا ظهر کذب البائع فی إخباره و قال للمشتری لا تفسخ فإنی أحط الزیادة أنه یسقط بذلک خیار المشتری (فلیتأمل)
(قوله) (و لا یسقط بالتصرف إلا أن یخرج عن الملک بالبیع و شبهه أو یمنع مانع من رده کاستیلاد الأمة أو عتقها)
کما صرح بجمیع ذلک فی (الشرائع و التحریر و التذکرة و غایة المراد و المهذب البارع) (و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و الروضة و المسالک) و نقله الشهید فی حواشیه عن شمس الدین و فی (الروضة و المفاتیح) أنه المشهور و اقتصر فی (الإرشاد) علی قوله و لا یسقط بالتصرف و فی (اللمعة) علی قوله إلا أن یکون المشتری و قد أخرجه عن ملکه لکنه بعد ذلک أشار إلی إلحاق الاستیلاد به ثم تأمل فیما استثناه للضرر مع الجهل و یأتی بیان الحال و المراد بالإخراج عن الملک ما کان لازما کما هو صریح جماعة و ظاهر آخرین کما یرشد إلیه تعلیل (التذکرة) بعدم التمکن من الاستدراک و تمثیل الکتاب کما أن المراد بالتصرف هنا أعنی التصرف المستثنی تصرف ذی الخیار قطعا و قد صرح الأکثر بأن المراد به المشتری و ستعرف فیما إذا کان البائع ذا خیار و تصرف فی الثمن و أما تصرف الآخر غیر ذی الخیار فلا یسقط به خیار ذی الخیار مطلقا کما فی (الدروس و غایة المراد و المهذب البارع و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) (و الروضة و المسالک) لعدم الدلیل علی سقوطه لأن ضرر المغبون لا یسقط اعتباره بتصرف من لا ضرر علیه فإن کان عتقا أو استیلادا فإذا فسخ البائع المغبون لزم المشتری المخرج له عن ملکه المثل أو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 573
..........
______________________________
القیمة کما فی (الدروس و المهذب البارع و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) فیکون الإخراج عن الملک و نحوه بمنزلة التلف و احتمل فی (الدروس و مجمع البرهان) أن لذی الخیار إبطاله کالشفیع و فی الأخیر أن ذلک مقتضی الخیار و احتمل فیه الإبطال أیضا فیما إذا کان التصرف من ذی الخیار بالمخرج أو المانع فجوز له فسخه لحصول الضرر المنفی و قال إنه لم یظهر له الفرق بین المسألتین و باقی الکتب لم یتعرض فیها لذکر التصرف أصلا (إذا عرفت) هذا فعد إلی بیان الحال فی بعض العبارات فقول المصنف و الشهید (فی الإرشاد و اللمعة) و لا یسقط بالتصرف ظاهره أنه سواء کان المتصرف الغابن أم المغبون و سواء خرج به عن الملک أم لا منع من رده مانع أم لا و لم یستثن فی (الإرشاد) و فی (اللمعة) استثنی ثم تأمل فیما استثنی کما عرفت و مال إلی الإطلاق کما هو ظاهر (الإرشاد) و وافقه علی التأمل فی ذلک جماعة ممن تأخر عنه و قد سمعت ما قاله المقدس الأردبیلی لمکان الضرر الواقع علی المشتری مع تصرفه علی وجه یمنع من رده لو قلنا بسقوط خیاره به مع الجهل بالغبن أو الخیار و الضرر منفی بالخبر بل هو مستند خیار الغبن إذ لا نص فیه بخصوصه (و حینئذ) فیمکن الفسخ مع تصرفه کذلک و إلزامه بالقیمة إن کان قیمیا أو المثل إن کان مثلیا جمعا بین الحقین أحدهما الخیار بالنسبة إلی المشتری و الآخر عدم الرد بالنسبة إلی من انتقل إلیه کما یثبت ذلک لو کان المتصرف المشتری و المغبون البائع فإنه إذا انفسخ فلم یجد رجع إلی المثل أو القیمة و استوجهه فی (الروضة) لو لا عدم وقوفه علی قائل به و قد سمعت إطلاق عبارة (الإرشاد) و قال نعم لو عاد إلی ملکه بإقالة أو نحوها أو موت ولد جاز له الفسخ إن لم یناف الفوریة (انتهی) و له فیها تفصیل آخر فی مثل هذا ستسمعه ینافی هذا و فی (المهذب البارع) أنه لیس له حینئذ رده و یبقی الکلام فیما إذا کان المغبون البائع و قد تصرف فی الثمن تصرفا یمنع من رده قال فی (جامع المقاصد) لا أعلم فی ذلک تصریحا لکن فی عبارة (التذکرة) ما یقتضی عمومه سقوط الخیار هنا فإنه قال و لا یسقط هذا الخیار بتصرف المغبون لأصالة الاستصحاب إلا أن یخرج عن الملک ببیع أو عتق و شبهه لعدم التمکن من استدراکه هذا لفظه و هو شامل لما قلنا مع احتمال أن یرید به تصرف المشتری خاصة إذا کان هو المغبون لکن ما استدل به بعینه قائم فیما ذکرناه (قلت) و أبو العباس و الصیمری لم یتعرضا له مع تعرضهما لشقوق کثیرة قلیلة الفائدة و فیها ما هو مخالف لظاهر الأصحاب کما ستعرف و فی (الروضة) حکم بسقوط خیاره و قواه فی (المسالک) و الأقوی خلاف ذلک عملا بالاستصحاب إلا أن یثبت المخرج عنه (و اعلم) أن جماعة تعرضوا لأقسام المسألة کأبی العباس و الصیمری و الکرکی و الشهید الثانی قال الصیمری لأنها من المسائل الجلیلة التی تفتقر إلی کشف و إیضاح و فی (الروضة) أنها مما تعم بها البلوی و حکمها غیر مستوفی فی کلامهم و قد ظن أنه استوفی أقسامها و نقح کلامها (أحکامها خ ل) بأوجز عبارة و أحسن إشارة و لیس کذلک فإن جملة من أقسامها لم یتعرض لها و بعض من أحکامها لم ینقحه و بعض لم یذکره (و نحن) نتعرض لها علی ما یقتضیه المقام و نبین الحال فی کلام (الروضة و المهذب البارع و غایة المرام) (فنقول) إنه فی الروضة لم یفرض الغبن فی الثمن فی جملة أقسام المسألة و لا فی تفصیل الأحکام کما ستسمع و إن کان أشار إلیه فی أول المسألة لأن کلامه برمته لا یدل علی أزید من الغبن فی المبیع و أحکامه لأنه بین حکم غبن البائع أو المشتری فی المبیع مع تصرف المشتری فیه أو تصرف البائع فی الثمن أو هما فیهما و الحال أن الغبن قد یکون
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 574
..........
______________________________
فی الثمن أیضا و هو ما قرن بالباء و دلیل الخیار المذکور عنده یشمله إلا أن تقول إن الغبن فی الثمن تابع للغبن فی المبیع (و أنت خبیر) بأنه یتصور غبنهما فیهما کما إذا وقع البیع علی ثوب بفرس و ظنا المساواة فی القیمة ثم اعتقد کل منهما أن ما فی یده أنقص مما فی ید الآخر بکثیر و لم یوجد المقوم لیرجع فیهما إلیه فتحالفا فثبت الغبن لکل منهما (و تظهر) الفائدة علی المشهور فیما لو أخرجاهما عن ملکهما (و حینئذ) یتصور غبنهما فی أحدهما کما لو باع ما ظناه أنه یعدل مائة بمائة ثم اعتقد البائع أن قیمته مائتان و المشتری أنها خمسون و تحالفا لعدم المقوم إذا لم یتفقا علی الفسخ (و أما تصویر) کونهما مغبونین فی الثمن و المبیع بما إذا وقع البیع علی ثوب بفرس فظن کل منهما أن قیمة ماله مائة و مال صاحبه أزید ثم ظهر أن قیمة کل منهما مائتان فیثبت الخیار لمکان الجهالة و اختلاف الأغراض (فمما) لا وجه له لأن مطلق الجهالة لا یوجب الخیار بل إذا ظهر بعد العلم التفاوت الموجب للضرر و شرط الجهالة إنما هو لسد احتمال المواطاة فی المحاباة و هنا لیس الحال کذلک لانتفاء الضرر و لو کان تأثیر (مطلق) الجهالة أو اختلاف الأغراض مؤثرا لأثر فی فساد العقد من رأس لا فی الخیار الذی فائدته جبر الضرر ثم إنه فی (الروضة) و أبا العباس فی (المهذب) لم یبینا الحال فیما إذا أتلف المشتری العین أو تلفت من نفسها فإن بین التلفین فرقا کما ستسمع و الصیمری لم یفرق بینهما فیما جعله ضابطا و قد یظهر ذلک من مطاوی (الروضة) فی أثناء کلام له جاء بالتبع کما ستسمع (إذا عرفت) هذا فعد إلی أقسام المسألة (فنقول) أقسام التصرف ثمانیة عشر لأنه إما أن یکون مانعا من الرد کالاستیلاد أو ناقلا للعین بعد اللزوم أو قبله کزمن الخیار أو واردا علی المنفعة لازما کالإجارة أو جائزا کالسکنی أو یوجب تغیر العین بالزیادة عینیة کغرس الأرض أو حکمیة کقصارة الثوب أو هما یعنی المثوبة کصبغ الثوب أو بالنقصان عینا أو عیبا أو هما أو بالامتزاج المقتضی للشرکة کخلطه بالأجود أو المثل أو الأردی أو بما لا یقتضی الشرکة أو بغیر الزیادة و النقصان کنصیب الفص فی الخاتم أو بهما معا علی وجه الاضمحلال کالزیت یعمل صابونا أو لا یوجب شیئا من ذلک کالرکوب فهذه ثمانیة عشر قسما و فی الأولین منها أعنی الخروج عن الملک و المنع من الرد إما أن یزول المانع من الرد قبل بطلان الخیار أو بعده أو لا یزول و مضروب الاثنین فی الثلاثة ستة فالمجموع یصیر اثنین و عشرین لأنه یسقط الاثنان المضروبان لأنهما عدا فی الثمانیة عشر ثم المتصرف فیه إما أن یکون المبیع أو ثمنه أو هما و مضروب المجتمع فی الثلاثة یرتقی إلی ستة و ستین ثم المغبون إما البائع أو المشتری أو هما و مضروب هذه الثلاثة فی الستة و الستین مائة و ثمانیة و تسعون هذا تفصیل جمیع الأقسام التی فی (الروضة) و قد أجملها (و أما) إذا اعتبرنا الإتلاف و التلف زادت الأقسام و قال إنها تزید علی مائتین ثم قال و جملة الکلام فی حکمها أن المغبون إن کان هو البائع لم یسقط خیاره بتصرف المشتری مطلقا فإن فسخ و وجد العین باقیة علی ملکه لم تتغیر تغیرا یوجب زیادة القیمة و لا یمنع من ردها أخذها و إن وجدها متغیرة بصفة محضة کالطحن و القصارة فللمشتری أجرة عمله و لو زادت قیمة العین بها شارکه فی الزیادة بنسبة القیمة و إن کانت صفة من وجه و عینا من أخری کالصبغ صار شریکا بنسبته و لو کانت الزیادة عینا محضة کالغرس أخذ المبیع و تخیر بین قلع الغرس بالأرش و إبقائه بالأجرة لأنه وضع بحق و لو رضی ببقائه بها و اختار المشتری قلعه فالظاهر أنه لا أرش له و علیه تسویة الحفر حینئذ و لو کان زرعا وجب إبقاؤه إلی أوان بلوغه بالأجرة و إن وجدها ناقصة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 575
..........
______________________________
أخذها مجانا کذلک إن شاء و إن وجدها ممتزجة بغیرها فإن کان بمساو أو أردی صار شریکا إن شاء و إن کان بأجود ففی سقوط خیاره أو کونه شریکا بنسبة القیمة أو الرجوع إلی الصلح أوجه (قلت) یتجه سقوط خیاره بالنسبة إلی العین الممتزجة لأنها کالمعدومة لا بالنسبة إلی المثل أو القیمة (ثم) قال و لو مزجها بغیر الجنس بحیث لا تتمیز فکالمعدومة و إن وجدها منتقلة عن ملکه بعقد لازم کالبیع و العتق رجع إلی المثل أو القیمة و کذا لو کان قد استولدها ثم إن استمر المانع استمر السقوط و إن زال قبل الحکم بالعوض بأن رجعت إلی ملکه أو مات الولد أخذ العین مع احتمال العدم لبطلان حقه بالخروج فلا یعود و لو کان العود بعد الحکم بالعوض ففی رجوعه إلی العین وجهان من بطلان حقه من العین و کون العوض للحیلولة و قد زالت (قلت) و قد سمعت ما حکیناه عنه و عن المهذب البارع آنفا (ثم قال) و لو کان الناقل مما یمکن إبطاله فی مثله کالبیع بخیار ألزم بالفسخ و إن امتنع فسخه الحاکم فإن تعذر فسخه المغبون (قلت) لا حاجة إلی الحاکم بل للمغبون الفسخ سواء امتنع الغابن أم لم یمتنع (و قال) و إن وجدها منقولة المنافع جاز له الفسخ و انتظار انقضاء المدة و یصیر ملکه من حینه و لیس له فسخ الإجارة (قلت) و هل یجب علیه الصبر مجانا حتی تنقضی مدة الإجارة یحتمل ذلک (إلا أن) فیه أنه ربما کانت المدة طویلة جدا کمائة سنة فیجری مجری التلف فیأخذ منه قیمته حینئذ و یحتمل أن له أجرته من حین فسخه العقد لکنه خلاف ظاهرهم هذا و لا یجوز له تأخیر الفسخ حتی تنقضی المدة علی القول بأنه للفور مع احتماله لأنه تأخیر لعذر و یجب علیه رد العوض عاجلا من حین الفسخ لانتقال العین إلیه من حینه مع احتماله عدمه لعدم انتفاعه بالفسخ فله الانتفاع بالعوض و الأول أقوی لأنه له أن یعتقه عن الکفارة لو کان عبدا و أن یستخدمه لیلا إلی غیر ذلک (و قال) و لو کان النقل جائزا کالسکنی المطلقة فله الفسخ هذا کله إذا لم یکن تصرف فی الثمن تصرفا یمنع من رده و إلا سقط خیاره (قلت) قد عرفت أن هذا خلاف الظاهر من الأکثر و خلاف ما یقتضیه الاستصحاب و أیضا ینافی استثناء المصنف من الکلیة التی فسرها هو له حیث قال المصنف و کذا لا یسقط بالتصرف إلا أن یکون المغبون المشتری و قد أخرجه عن ملکه و الاحتمال السابق من المصنف إنما هو لأجل المستثنی خاصة (فلیلحظ) ذلک فإنه ربما دق حتی علی مثل الفاضل الشارح (و قال) إن کان المغبون هو المشتری لم یسقط خیاره بتصرف البائع فی الثمن مطلقا فیرجع إلی عین الثمن أو مثله أو قیمته (و أما) تصرفه فیما غبن فیه فإن لم یکن ناقلا عن الملک علی وجه لازم و لا مانعا من الرد و لا منقصا للعین فله ردها و فی الناقل و المانع ما تقدم (قلت) أشار إلی نص الأکثر علی السقوط و نظر اللمعة و قال و لو کان قد زادها فأولی بجوازه أو نقصها أو مزجها أو أجرها فوجهان (قلت) وجه سقوط خیاره تعذر ردها لأن الناقصة و الممتزجة کالمعدومة و الإجارة ناقلة و إن وردت علی المنفعة لعدم جواز فسخها و وجه عدم السقوط و هو ظاهر الأکثر بقاء العین و منع التعذر و غایته الأرش فی الأول و التشریک فی الثانی و الرد بعد انقضاء الإجارة (و قد عرفت) أن الأکثر إنما استثنوا صورتین لا غیر و المخالف فی ذلک أبو العباس و الصیمری حیث ذهبا إلی أن کل تصرف لازم یمنع من الرد سواء کان علی العین أو المنفعة إلا إذا لم یعلم بالغبن إلا بعد انقضاء الإجارة (قلت) یبقی الکلام فی التلف و الظاهر أن الإتلاف کالنقل اللازم (و أما) التلف من نفسه ففیه وجهان و یأتی تمام الکلام (و قال) و لو کانت الأرض مغروسة فعلیه قلعه من دون أرش إن لم یرض البائع بالأجرة و فی خلطه بالأردی الأرش و بالأجود إن بذل له بنسبته فقد أنصفه و إلا فإشکال (قلت) الظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 576
و لا یثبت به أرش (1)

[الخامس خیار التأخیر]

(الخامس) من باع و لم یسلم و لا قبض الثمن و لا شرط تأخیر الثمن یلزمه البیع ثلاثة أیام فإن جاء المشتری بالثمن فهو أحق و إلا تخیر البائع فی الفسخ و الصبر و المطالبة بالثمن (2)
______________________________
أن التشریک لا ینافی رد العین لأن خلطه کذلک لیس تصرفا ناقلا و یمکن تشریک البائع بالنسبة أو بالصلح و هذا أحد وجهی الإشکال و الوجه الثانی أن التشریک و الصلح بمنزلة العوض مثلا أو قیمة و خیار المشتری یسقط إذا رجع الأمر إلیهما علی المشهور و هو ضعیف کما تری
(قوله) (و لا یثبت به أرش)
إجماعا کما فی (التذکرة) و لم أجد فی ذلک مخالفا بل هم بین مصرح بذلک أو ساکت بل قد نقل بعضهم حکایة الإجماع المذکور ساکتا علیه و هل هذا الخیار علی الفور أم التراخی فیه قولان الأول خیرة أبی العباس و الصیمری و الشهید الثانی و قد أحاله المحقق الثانی و صاحب إیضاح النافع علی مسألة تلقی الرکبان و قد استوفینا فیها الکلام و بینا فیها الحال فی التمسک بالاستصحاب و قلنا إن التمسک به فی المقام غفلة واضحة و قد بینا فی خیار الرؤیة أیضا الحال فی مثل هذا الخیار ذکرناه فی أوائل الباب فی الفصل الثالث فی العوضین و قد تشعر عبارة (الشرائع) بالتراخی حیث قال کان الفسخ إذا شاء (و لیعلم) أن الأصحاب فی باب المرابحة حیث یظهر کذب البائع فی إخباره حکموا بأن المشتری یتخیر و المصنف تردد فی سقوط خیاره بالتلف و فی (المبسوط) أسقطه بالتصرف و التلف و حکاه الشهید عن ابن المتوج و قوی المحقق الثانی و الشهید الثانی عدم السقوط و قد استوفینا الکلام فی ذلک المقام و الغرض بیان ما إذا أتلفه المشتری هنا أو تلف من نفسه فهل یجریان مجری التصرف اللازم أو إنما یجری الإتلاف دون التلف و هل بین هذا المقام و باب المرابحة فرق علی رأی المصنف أم لا و قد تصدی فی (جامع المقاصد) لبیانه فقال قد یمکن الفرق بأن السبب هناک أقوی لأن المخبر کاذبا غار مدلس بخلاف ما هنا فإن الغابن لم یقع منه تغریر و إنما التقصیر من جهل المغبون و فی تأثیر هذا الفرق إشکال و لا فرق فی التلف هناک بین أن یکون من نفسه أو من المشتری کما هو ظاهر کلامهم هناک و هو قوی لأن خیار التدلیس کخیار العیب فهو أقوی من خیار الغبن و قضیة ذلک عدم الفرق هنا بین التلفین لأن الإتلاف أقوی من التصرف المخرج عن الملک (و أما) إذا تلف بنفسه فقد تردد فیه المحقق الثانی من عدم استدراکه و من عدم التقصیر من المشتری فلا یسقط حقه و لم یتعرض المصنف و لا غیره لسقوط خیار الغبن باشتراط سقوطه فی العقد ما عدا صاحب الدروس فإنه قال لو شرط رفعه أو رفع خیار الرؤیة فالظاهر بطلان العقد للغرر ثم احتمل صحة رفع خیار الغبن و قد حکینا فیما سلف عن الصیمری أنه لا یسقط بذلک بل یبطل العقد و الشرط و هو الظاهر من أدلته و شرطیته و مورده أعنی تلقی الرکبان و عدم ذکرهم له و هو الموافق للاعتبار و لأنه مع جهله بالحال لا یزید الاشتراط عن رضاه بالعقد فلیلحظ لکن المحقق الثانی احتمل صحة اشتراطه سقوطه و عدمها ثم استظهر الصحة بعد ذلک و لیتأمل فی ذلک و نحوه ما فی المفاتیح
(قوله) (الخامس من باع و لم یسلم و لا قبض الثمن و لا شرط تأخیر الثمن یلزمه البیع ثلاثة أیام فإن جاء المشتری بالثمن فهو أحق و إلا تخیر البائع فی الفسخ و الصبر و المطالبة بالثمن)
قد نقل الإجماع علی أن للبائع الخیار بعد الثلاثة بالشروط الثلاثة فی (الإنتصار و الخلاف) (و الجواهر) لکنه ترک فیه الشرط الثالث (و التذکرة و المسالک و المفاتیح) و ظاهر (المهذب البارع و التنقیح)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 577
..........
______________________________
(و إیضاح النافع) حیث نسب ثبوت الخیار له فیها بشروطه إلی أصحابنا و فی (الغنیة) نسبه إلی روایة الأصحاب ثم بعد ذلک ادعی الإجماع بحیث یمکن شموله و الشرط الثالث مستفاد من عبارتها قطعا و إن لم یصرح به و قد تظهر دعوی الإجماع من (السرائر) بأن یکون ثبوت الخیار داخلا فیما نسبه إلی الأصحاب و فی (الخلاف) ادعی علیه أخبار الفرقة و فی (غایة المرام) أنه المشهور و قد صرح به فی (المقنعة و الإنتصار) (و النهایة و الخلاف و المراسم و الجواهر و الغنیة و الوسیلة و السرائر و جامع الشرائع و الشرائع و النافع و التذکرة) (و التحریر و التبصرة و الإرشاد و المختلف و شرح الإرشاد) لفخر الإسلام (و الدروس و اللمعة و التنقیح) (و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و الروضة و المسالک و المفاتیح و الهدایة) للحر و قال فی (الدروس) ظاهر الأکثر أن البائع یملک الفسخ و المطالبة بالثمن بعد الثلث و ظاهر ابن الجنید و الشیخ فی (المبسوط) بطلانه فقد نسبه إلی ظاهر الأکثر (و قد عرفت) أنه صریحهم و إن حمل علی أن المراد أنه لا یسقط الخیار بالمطالبة کما سیأتی کان مخالفا لظاهر الأکثر کما ستعرف (و لعله) صاحب (کشف الرموز) و المخالف بحسب الظاهر أبو علی حیث قال فلا بیع من دون قید له و الصدوق عبر بعبارة النص و الشیخ فی (المبسوط) حیث نسب بطلان البیع إلی روایة أصحابنا و ربما نسب إلی صریحهما فی (المهذب البارع) و فی (الدروس) نسب إلی ظاهرهما و قربه صاحب (الکفایة) و نفی عنه البعد صاحب (مجمع البرهان) و جزم به صاحب (الحدائق) و أنت خبیر بأن أقصی ما فی (المبسوط) روایة الأصحاب و الروایة غیر الفتوی مع معارضتها بما فی (الخلاف و الغنیة) کما سمعت و فتوی أبی علی غیر محکمة لإمکان تأویلها بأنه آئل إلی ذلک باعتبار ثبوت الخیار سلمنا لکنها شاذة أکمل شذوذ لمکان تطابق الفتاوی من جماهیر الأصحاب علی خلافها و الإجماع المتکرر فضلا عن الشهرة العظیمة مضافا إلی مخالفتها للأصل و الأخبار المرسلة فی (الخلاف و الغنیة) و ما یظهر من الأخبار الموجودة فی الجوامع العظام (فمنها) ما روی فی الفقیه صحیحا عن جمیل عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام (قال) قلت له الرجل اشتری من الرجل المتاع ثم یدعه عنده فیقول آتیک بثمنه قال إن جاء فیما بینه و بین ثلاثة أیام و إلا فلا بیع له (و روی) مثله فی (الکافی) فی الصحیح أو الحسن عن جمیل و ابن بکیر و زرارة و فی (التهذیب) بسند فیه علی بن حدید عن زرارة و مثله موثقة إسحاق بن عمار من اشتری بیعا فمضی ثلاثة أیام و لم یجئ فلا بیع له و خبر عبد الرحمن بن الحجاج فی قضیة المحمل و الذی فهموه منها نفی لزوم البیع (و لعله) لأن المفهوم من نفیه للمشتری ثبوته للآخر لمکان التقیید و لا یصح حینئذ نفی الصحة لأنها لا تقبل التبعیض مضافا إلی قرینة المقابلة لأن معنی قوله علیه السلام إن جاء فیما بینه و بین ثلاثة أیام أن البیع لازم و قد قابله بقوله علیه السلام و إلا فلا بیع له فیکون معناه أنه لا یلزم مع وقوع ذلک فی حیز الخیار فی خبر (الکافی) و وقوع مثله فی خیار ما یفسد لیومه مع إطباقهم علیه و الشاهد علی ذلک کله أن النفی ورد مورد توهم لزوم المعاملة فلا یفید سوی نفیه (فتأمل) مع ظهور کون العلة فی هذا الخیار دفع الضرر و إنما یندفع بالخیار و أما البطلان فربما کان أضر علی البائع من التزام البیع فلا یحصل المطلوب و هو الارتفاق علی أنا قد ندعی أن إطلاق البیع إنما ینصرف إلی اللازم ثم إنها لو لم تکن ظاهرة لما استدلوا بها سلمنا قصور الدلالة علی المراد و أنها ظاهرة فی خلافه کما فی (المختلف و المهذب البارع) (و مجمع البرهان) و غیرها لکنا قد أصلنا أن الأخبار کلما اشتد ظهورها فی مخالفة المشهور مع وقوفهم علیه ضعفت عن الاستناد إلیها فما ظنک بما إذا کانت مخالفة للإجماع المستفیض نقله الشاهد بصدقه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 578
..........
______________________________
تطابق الفتاوی علیه إلا من شاذ لا یزال مخالفا (لکن) فی الإجماع المنقول و الأخبار المرسلة فی (الخلاف) (و الغنیة) المعتضدة بالشهرة العظیمة و الأصل بلاغا فتنزل هذه الأخبار علی ذلک (و أما) قول مولانا أبی الحسن علیه السلام فی صحیحة علی بن یقطین و إلا فلا بیع بینهما فلا یأبی الحمل علی اللزوم فإن ثبوت الخیار لأحدهما ینفی اللزوم بینهما ثم إنه لا فرق فی المبیع بالنسبة إلی مدة الخیار بین الجاریة و غیرها کما هو قضیة إطلاق النصوص و الفتاوی و صریح (المختلف و الدروس) خلافا (للمقنع) فیما حکی عنه و لم أجده فیما عندنا من نسخة نعم هو صریح (الفقیه) و محتمل (الإستبصار) و کذلک (التهذیب) فجعلا مدة الخیار فیها إلی شهر لخبر علی بن یقطین عن أبی الحسن علیه السلام الصریح فی ذلک لکن فی السند أبا إسحاق و هو مشترک و إن کان الأظهر أنه إبراهیم بن هاشم و علی تقدیر صحته فهو شاذ نادر کما فی (الدروس) مع غرابة الاختصاص و لزوم الضرر علی البائع بطول المدة فالأولی إن أرید الجمع لمکان ظهور صحتها أو حسنها أن تحمل علی بیان منتهی مدة الصبر فیکون للصبر غایتان غایة وجوب و غایة جواز أما الأولی فهی الثلاثة و أما الثانیة فهی الثلاثون فیصیر منتهی الصبر فی کل مبیع ثلاثین و به تنفی الغرابة فی اختصاص الثلاثین فی بیع الأمة و قد شرطوا کما عرفت فی هذا النوع أن لا یکون قد قبض الثمن و لا أقبض المبیع و قد دلت علی الأمرین معا صحیحة علی بن یقطین التی تضمنت أن لا بیع بینهما و الإجماعات السالفة قد أفصحت معاقدها بذلک کما تقدمت الإشارة إلی ذلک لکن صحیحة زرارة التی فی الفقیه قد اشتملت فی السؤال علی قوله ثم یدعه عنده الظاهر فی الإقباض للمبیع و إطلاق الأخبار الأخر یشمل صورتی الإقباض و عدمه إن قلنا إن القبض فی المتاع هو الأخذ بالید و إن قلنا بأنه فی المتاع النقل لم یکن للإطلاق ظهور فی ذلک (و لعل) استنادهم إلیها مع اشتراطهم عدم إقباض المبیع مبنی علی کون القبض عندهم فی نحو المتاع هو النقل لا مجرد القبض بالید لمکان خبر عقبة و إجماع (الغنیة) فعلی هذا لو وجد القبض و الإقباض أو أحدهما فلا خیار له و إن أبقاه عند صاحبه هذا (و فی التحریر) أنه لو أمکنه منه سقط خیاره فإن بنی علی أن التخلیة إقباض فی کل مبیع أو فرض المسألة فیما لا ینقل فلا کلام و إلا فالأشبه البقاء و إن أسقطنا عنه الضمان به لدلیل آخر لمنع عموم البدلیة لمکان بقاء حق الحبس و هناک خلاف آخر للشیخ حیث جوز فسخ البائع فی کل موضع یتعذر فیه قبض الثمن سواء قبض المشتری المبیع أو لم یقبضه و فی (الدروس) أنه لا یخلو عن قوة و قبض البعض فی الثمن و المبیع کلا قبض بلا خلاف فیما أجد و قد صرح به المصنف و الشهیدان و أبو العباس و المقداد و المفلح الصیمری و المحقق الثانی و القطیفی و غیرهم لخبر عبد الرحمن الوارد فی المجمل حیث قال اشتریت محملا و أعطیت بعض الثمن (الحدیث) و لصدق عدم قبض الثمن و إقباض المثمن لأن الأسماء تناط بتمام المسمیات و کذا لو قبض فبان مستحقا کلا أو بعضا إذ لا عبرة بالفاسد و قبض المعیب صحیح فیسقط به خیار البائع و یکفی فی الثمن مطلق القبض بخلاف المبیع فیشترط فیه إذن البائع کما صرح به جماعة و أشار إلیه آخرون لأن قبض الثمن من فعل البائع کإقباض المبیع فیسقط حقه بهما و قبض المشتری لیس فعلا له و حقه لا یسقط بفعل غیره و لو أجاز القبض لزم البیع خلافا لما حکی عن الشیخ لعدم الإقباض و هو ضعیف و به یعرف حال ما فی (الریاض) و قد عرفت أنهم اشترطوا عدم اشتراط تأخیر الثمن فلو شرطا التأجیل فیه سقط الخیار إجماعا و لو کان ساعة کما أفصح به معقد إجماع (التذکرة) عملا بالأصل السالم عن معارضة النص و الإجماع و لأن الواجب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 579
..........
______________________________
مع الشرط مراعاة الأجل طال أو قصر فلا یتقدر بالثلاثة و إثباتها بعده خروج عن ظاهر النص و الفتوی ثم إن تأجیل الثمن فی بعض أفراده یسلطه علی الخیار (و منه) یعلم الحال فیما إذا شرطا تأجیل المبیع کما صرح به جماعة کثیرون و أشار إلیه آخرون کالسید فی (الإنتصار) و الشیخ فی (الخلاف) حیث اشترطا تعیینهما حیث قالا فی (الخلاف و الإنتصار) من ابتاع شیئا معینا بثمن معین إلخ إذ مرادهما الاحتراز عن السلف و النسیئة و لا کذلک عبارة (المبسوط و المراسم و الوسیلة و التحریر) و غیرها مما قیل فیه من اشتری شیئا بعینه بثمن معلوم فإن هذه العبارات لعلها ظاهرة فی أن المراد الاحتراز عما فی الذمة (فلیتأمل) و لو شرطا التأجیل فی البعض و نقد الباقی فأخر الجمیع فالأقرب السقوط کما فی ما یأتی من (الکتاب) (و التذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد) لتغیر الصورة الظاهرة فی حلول الجمیع و لأن فی الروایة و لا قبض الثمن و هو یرشد إلی کون الثمن حالا لأن المتبادر أنه عدم ملکه و لسقوطه فی المؤجل بالشرط فیسقط فی الکل لئلا یلزم التبعیض فی الخیار فیلزم منه تبعیض الصفقة (و مما ذکر) یعلم الحال فیما لو شرط تأخیر الثمن کله إلی أجل فأخره عنه فإنه یسقط الخیار هنا کما سینبه علیه المصنف إلا علی قول الشیخ الذی حکیناه عنه آنفا (و فی المهذب البارع و غایة المرام) أنه یشترط أن یکون المبیع معینا فلو باع فی الذمة لم یطرد الخیار و کأنهما استظهرا ذلک (من المبسوط و المراسم و الوسیلة و التحریر) کما أشرنا إلیه آنفا و کأنه مال إلیه فی (الدروس) أو تردد فیه (و لعل) المستند أن الأصل اللزوم و انتفاء الضرر لعدم انحصار المبیع مع تغیر الصورة و قد یمنعان کما ستسمع و الأکثرون أطلقوا من غیر تفصیل ففی (الغنیة) روی أصحابنا أن المشتری إذا لم یقبض المبیع و قال البائع أجیئک بالثمن و مضی فعلی البائع الصبر ثلاثا ثم هو بالخیار بین فسخ العقد و مطالبته بالثمن و نحوها ما فی (السرائر) و غیرها و فی (التذکرة) نقل الإجماع علی عبارة الکتاب من دون تفاوت فی المعنی إلا ذکر الساعة و فی (الجواهر) إذا باع شیئا غیر معین بثمن معین و لم یقبضه و لا قبض الثمن و فارق المشتری فالمشتری أحق بهذا البیع إلی أن تمضی ثلاثة أیام فإن مضت و لم یحضر الثمن کان البائع أحق به بعد ذلک و هو مخیر بین فسخ البیع و المطالبة بالثمن لأن إجماع الطائفة علی ذلک فقد نص علی الخیار فی غیر المعین مدعیا علیه الإجماع و یتناوله إطلاق إجماع (التذکرة و التنقیح و المسالک و المفاتیح) و ما یظهر من (إیضاح النافع و السرائر) فینقطع الأصل بذلک و بإطلاقات الأخبار إذ فی الموثق من اشتری بیعا و فی الصحیح یبیع البیع (و منه یعلم) عدم تغیر الصورة و أما الضرر فباق فی کثیر من الصورة و لا ضرر فیما لعله یظهر من (المبسوط) و نحوه لإمکان تنزیله علی عدم السلف و النسیئة و قال فی (التحریر) و لا خیار للبائع لو کان فی المبیع خیار لأحدهما و ظاهره عدم الفرق بین خیار الحیوان و خیار الشرط و خصه فی (السرائر) بخیار الشرط قال و لم یشترطا خیارا لهما و لأحدهما و یلزمهما نفی خیار التأخیر فی بیع الحیوان لعدم الفرق بین الأصلی و المشترط و یلزم (التحریر) أن تکون مدة هذا الخیار بعد انقضاء المجلس و لیست کذلک کما ستعرف (إلا أن تقول) لا یلزمه ذلک لقوله لأحدهما (فلیتأمل) و احتمل فی (الدروس) اطراد الخیار قال فلو شرطه المشتری فسخ البائع بعد الثلاثة و لو اشترطاه و خرج الخیار فکذلک و حاصله أن خیار التأخیر یکون بعد الثلاثة التی هی من حین انقضاء الشرط و یلزمه تأخیر الثلاثة عن محلها و الأولی أن یقال إن المشترط للخیار إن کان هو البائع سقط خیاره لأن خیار التأخیر شرع لدفع ضرره و قد اندفع بغیره و لدلالة النصوص و فتاوی الأصحاب علی کون البیع لازما قبل مضی الثلاثة فینتفی الخیار فیها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 580
..........
______________________________
مطلقا خیار شرط کان أو غیره و لیس المراد باللزوم نفی خصوص خیار التأخیر لأن التأخیر سبب لثبوت أصل الخیار و الحکم لا یتقید بالسبب و إن کان الخیار للمشتری خیار حیوان کان أو شرط بقی خیار التأخیر للبائع إذ اللزوم المفهوم من النص و الفتوی مختص بالبائع کما عرفت أما المشتری فلا مانع من خیاره بوجود أسبابه (و قد یحتج) للنفی بتغیر الصورة فی الحکم المخالف للأصل فیقتصر فیه علی المتیقن و هو ما إذا لم یکن لواحد منهما خیار أصلا و لأن شرط الخیار فی قوة اشتراط التأخیر و تأخیر المشتری بحق الخیار ینفی خیار البائع (لکنک) قد عرفت أنه یلزم حینئذ نفی هذا الخیار فی الحیوان و عمومات الأخبار فی الباب دالة علی ثبوته فیه و إذا ثبت للبائع خیار بعد الثلاثة احتمل سقوط خیار التأخیر لاندفاع الضرر بالخیار الحادث و الثبوت و إن کان علی التراخی لعموم النص و فی (قواعد) الشهید أن خیار التأخیر علی التراخی و خیرة المصنف فی ظاهر (التذکرة) و استظهره صاحب (إیضاح النافع) و لم أجد من صرح بالفوریة نعم تردد فی (جامع المقاصد) و الوجه فی التراخی أنه حق ثبت و الأصل بقاؤه و لإطلاق ما دل علی الخیار فإنه یتناول الأزمنة فلا یتقید إلا بدلیل و قد جعل له الشارع مخرجا قهریا و هو إحضار الثمن (فلیتأمل) و وجه تردد المحقق الثانی فی هذا الخیار مع حکمه بالفوریة فی خیار الغبن و الرؤیة احتمال عموم المقتضی و هو دفع الضرر فإنه عام للفور و غیره و لیس منشؤه تعارض الأصلین أعنی أصل اللزوم و استصحاب الخیار لأن هذا التعارض مشترک بین المواضع الثلاثة أعنی خیار الغبن و الرؤیة و خیار التأخیر و مبدأ المدة هنا من حین التفرق کما نبه علیه فی (المقنعة و الإنتصار و الخلاف و الجواهر) حیث قیل فیها و فارقه و فی (المبسوط و النهایة و المراسم و الغنیة) (و المختلف) حیث قیل فیها و مضی و فی (التحریر و الکفایة) حیث قیل فیهما و جاء إذ المتبادر من ذلک أنه من حین المفارقة إذ لا یعقل المجی‌ء حال الاجتماع إلا إذا أرید به مجرد دفع الثمن و هو خلاف الظاهر (و حینئذ) یمکن الاستدلال بقوله علیه السلام فی خبری زرارة فإن جاء فیما بینه و بین ثلاثة أیام مضافا إلی ما أسلفناه من دلالة الأخبار و الفتاوی علی لزوم البیع فی تمام المدة و لو کانت من حین العقد لاشتملت علی خیار المجلس فینتفی اللزوم فی مجموعها بل فی جمیعها حیث تدوم مدة المجلس و عدم المفارقة ثلاثة أیام لکن قضیة هذا الدلیل أنه لو اشترط سقوط خیار المجلس یکون المبدأ من حین العقد لعدم المانع و لا کذلک الدلیل الأول أعنی التبادر فإن قضیته أنه من حین التفرق لعموم المقتضی (و مما) ذکرنا یعلم أنه لا بد من تغایر المتبایعین بالذات لأنک قد علمت أنه مبدأه من حین التفرق و خیار المجلس إنما یسقط فی العاقد الواحد بالإسقاط و قد لا یسقطه فی الثلاثة إلی غیر ذلک من الوجوه و الاعتبارات و قضیة کلام الأصحاب و أخبار الباب و الأصل و العمومات أنه لا یعم کل معاوضة و لا یثبت للمشتری بل یختص بالبیع و البائع و لم أجد فیهما خلافا و فی (الإنتصار) الإجماع علی أنه لیس للمبتاع علی البائع فی ذلک خیار و قد نص علی ذلک فی (المقنعة) و هو ظاهر الباقین قال فی (الدروس) لا خیار للمشتری بعد الثلاثة و لا فیها فی ظاهر کلامهم مع أنه یلوح منه جواز تأخیر الثمن إذ لم یحکموا بإجباره علی النقد انتهی (و أنت خبیر) بأن الوجه فی عدم حکمهم بإجباره أنهم لعلهم یدعون أن المتبادر من أخبار الباب أن البائع لم یتمکن منه و إن فاته کما أفصح به خبر المحمل و استنادهم إلی التضرر فی مقامات أو یدعون أن البائع قد حبس علیه المبیع کما هو المفروض و أنه راض بالتأخیر کما هو الظاهر (فلیتأمل) نعم قد یحتمل ذلک لو انعکس الأمر فأخر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 581
و لا خیار لو أحضر الثمن قبل الفسخ مطلقا (1) و لا یسقط بطلب الثمن بعدها (2) فإن تلف فی الثلاثة فمن البائع علی رأی و کذا بعدها إجماعا (3)
______________________________
البائع تسلیم المبیع و الأشبه بالأصول العدم إلا إذا لم یرض المشتری بالتأخیر و لم یتمکن من إجباره (فلیتأمل) جیدا هذا تمام الکلام فیما بتعلق بعبارة الکتاب و أطرافها
(قوله) (و لا خیار لو أحضر الثمن قبل الفسخ مطلقا)
أی قبل الثلاثة أو بعدها أما قبل الثلاثة فظاهر و أما بعدها فلزوال المقتضی لثبوته و هو التضرر و هو خیرة (التذکرة) و احتمل فی (الدروس) جوازه لوجود مقتضیه فیستصحب و هو ظاهر الأکثر لأنهم ذکروا أن له الخیار و لم یتعرضوا للإحضار و عدمه و لیس بتلک المکانة لأن الإطلاق فی کلامهم مسوق لشی‌ء آخر و قد سمعت ما قلناه فی ما لو بذل الغابن التفاوت فلا بد من مراجعته لیتضح الحال فی المسألة
(قوله) (و لا یسقط بطلب الثمن بعدها)
کما (فی التذکرة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة) تمسکا بالأصل مع فقد المسقط شرعا و قد یظهر من (الإنتصار و المقنعة و النهایة و الخلاف و المراسم و الجواهر و الغنیة) (و السرائر) و غیرها أنه یسقط به حیث خیروا البائع بین الفسخ و المطالبة بالثمن و قابلوا بینهما و لعله لأن المطالبة بالثمن قرینة علی إسقاط الخیار و قد یکون ظاهر ذلک عدم السقوط کما یظهر ذلک من (الإنتصار) و غیره لأن ظاهرهم أن تلک المقابلة سیقت لتفسیر الخیار فلتلحظ عبارة (الإنتصار) و علی القول بالفوریة یتجه القول بالسقوط لاستلزامه التأخیر و قد سمعت ما حکیناه فی صدر المسألة عن الشهید فی (الدروس) من قوله إن ظاهر الأکثر أن البائع یملک الفسخ و المطالبة إلخ فإن أراد أنه لا یبطل کما یعطیه آخر کلامه کما سمعته آنفا کانت نسبته إلی ظاهرهم غیر سدیدة لأنه صریحهم کما عرفت و إن أراد أنه لا یسقط خیاره بالمطالبة کما فهمه فی (جامع المقاصد) و هو یرشد إلی أن المقابلة فی کلامهم لا تدل علی سقوطه کما أشرنا إلیه (فلیتدبر) و لا یسقط بإسقاطه فی الثلاثة لعدم ثبوته فیها و یسقط بالإسقاط کما هو شأن الحقوق و یسقط بالاشتراط کما فی (الدروس و جامع المقاصد) (و تعلیق الإرشاد) عملا بلزوم الشرط
(قوله) (فإن تلف فی الثلاثة فمن البائع علی رأی و کذا بعدها إجماعا)
هذا الإجماع محکی أیضا فی (السرائر و جامع الشرائع و کشف الرموز) (و الدروس و المهذب البارع و المقتصر و إیضاح النافع و ظاهر المختلف و الإیضاح و الکفایة) حیث نفی الخلاف فیها عن ذلک لأنه مبیع تلف قبل قبضه فیکون من مال بائعه و هی قاعدة کلیة ثابتة بالنص و الإجماع المحکی علیها فی (السرائر و کشف الرموز و جامع المقاصد و الروضة) و غیرها کما ستسمعه فی المطلب الثانی فی الأحکام و فی (مجمع البرهان) ما حاصله أن هذه القاعدة معارضة بقاعدة أخری و هی أن تلف المبیع فی الخیار المختص بالبائع یکون من مال المشتری و إن تلفه فی مدة الخیار المشترک بینه و بین المشتری یکون من مال المشتری (و فیه) أن هذا مختص بالمقبوض کما هو معلوم من قواعدهم و أما غیر المقبوض فمن البائع مطلقا سواء کان فی زمن الخیار أو بعده أو قبله علی أن ما ذکر مختص بالتالف فی زمن الخیار أی فی هذه الصورة الخاصة فلو أسقط البائع خیاره کان التلف علیه و القاعدة الأولی جاریة فی جمیع الصور و أما أنه من البائع إذا تلف فی الثلاثة فهو المشهور و خیرة الشیخ و أتباعه و ابن إدریس و نجم الدین کما فی (غایة المراد) و مذهب الأکثر کما فی (الدروس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 582
..........
______________________________
(و غایة المرام و تعلیق الإرشاد) و به صرح فی (النهایة و الخلاف و السرائر و جامع الشرائع و الشرائع و النافع) (و کشف الرموز و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التبصرة و الإیضاح و شرح الإرشاد) لفخر الإسلام (و الدروس و اللمعة و المقتصر و غایة المرام و إیضاح النافع و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المیسیة) (و المسالک و الروضة و الکفایة) و غیرها و هو المنقول عن القاضی و فی (الخلاف) الإجماع علیه و هو الحجة بعد القاعدة المذکورة و علیه استقر رأی المتأخرین کافة کما فی (الریاض) و ما فی (المهذب البارع) من نسبته إلی سلار و أبی الصلاح مخالف للواقع لأنهما موافقان للمفید کما ستعرف لکنه فی (السرائر) قیده بما إذا لم یمکنه من قبضه و قد عرفت ما أسلفناه عن (التحریر) من اشتراطه عدم التمکین فی أصل خیار التأخیر و علی اعتبار ما فی (السرائر) أو ما فی (التحریر) یکون صاحب الوسیلة موافقا للمشهور لأنه قال و إن تلف المبیع کان من ضمان البائع و إن کان بغیر تفریط منه إلا أن عرض للتسلیم و لم یتسلم المبتاع فعبارته مطلقة غیر مقیدة بکونه فی الثلاثة کما فهمه المصنف فی (المختلف) و الوجه فیها تنزیل التمکین منزلة القبض فی نقل الضمان و مقتضی ذلک أن المشتری یضمن عنده مطلقا سواء کان التلف فی الثلاثة أو فیما بعد فلا معنی لتخصیص التلف بکونه فی الثلاثة کما فی (المختلف) و تنزیل التمکین منزلة النقل مذهب الشیخ و جماعة حتی أنه فی (الخلاف) ادعی علیه الإجماع فینقدح إشکال فی إطلاق الأکثرین القول بضمان البائع فی الثلاثة کما یشکل إطلاق الجمیع القول بضمانه فیما بعدها بناء علی ثبوت إجماع (الخلاف) و إلا انحصر الإشکال فیمن قال بأن التمکین کالنقل و لا یندفع إلا باشتراط عدم التمکین فی أصل الخیار أو تخصیص محل النزاع بما إذا لم یکن هناک تمکین و بذلک یتضح أن ما فی (الوسیلة) موافق للمشهور و أن نسبة الخلاف إلیها لم تصادف محزها و الوهم أول ما نشأ من المصنف فی (المختلف) و ولده و الشهید إلا أن یقال إن البناء علی المشهور و ما فی (الخلاف) نادر معارض بإجماع (الغنیة) المعتضد بالشهرة المحکیة فی (المهذب و غایة المرام) فینحصر الإشکال علی القول النادر و هو مذهب الشیخ فی (الخلاف) و المحقق فی (الشرائع و النافع) (فتأمل) جیدا و المخالف فیما نحن فیه المفید فی (المقنعة) و علم الهدی فی (الإنتصار) و سلار فی (المراسم) و ابن زهرة فی (الغنیة) فقالوا إنه من ضمان المبتاع و هو خیرة التقی کما ستعرف و ما فی (التذکرة) من نسبته إلی الشیخ کأنه غیر صحیح و کأنه مال إلی هذا القول الشهید فی (غایة المراد) و تردد فیه صاحب الریاض و احتج علیه بإجماع (الإنتصار و الغنیة) و باستقرار ملک المشتری فی الثلاثة و کون التأخیر لمصلحته لأنه کالودیعة عند البائع فیکون التلف منه (و فیه) أن الإجماع معارض بالإجماع المنقول فی (الخلاف) و المعلوم من المتأخرین (و منه یعلم) وهنه و التعلیل علیل لا یقوی علی تخصیص القاعدة المنصوصة المجمع علیها علی أن فی (الغنیة) الإجماع علی أن هذا المبیع فی مدة الخیار من مال البائع (فلیتأمل) فی ذلک و أما أبو الصلاح فإنه نص علی التفصیل و جعل التمکین ناقلا للضمان مطلقا کالقبض فلا یصح حمله علی التفصیل فی الثلاثة و لا جعله قولا آخر فی المسألة فإنه موافق للمفید فی کلا الأمرین هذا و لو اختص التلف ببعض المبیع أو عدم القبض ببعض التالف فغیر المقبوض من البائع کالجمیع علی الخلاف و المقبوض من المبتاع فقولهم و لو تلف المبیع بعد الثلاثة أو قبل الثلاثة یراد به ما هو أعمّ من الکل و البعض إذا کان غیر مقبوض فإن البعض یصدق علیه أنه مبیع فی الکل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 583
و لو اشتری ما یفسد لیومه فالخیار فیه إلی اللیل (1)
______________________________
کالکل
(قوله) (و لو اشتری ما یفسد لیومه فالخیار فیه إلی اللیل)
ظاهره أن اللیل غایة للخیار کما هو ظاهر (النهایة و السرائر و الإرشاد و التحریر و التبصرة و التذکرة و الإیضاح) علی ما ستسمعه عند شرح قوله فإن تلف فیه احتمل الخلاف لکن فی (النهایة و السرائر) ما نصه کان الخیار فیه یوما فإن جاء المبتاع بالثمن فی ذلک الیوم و إلا فصاحبه بالخیار فقد قدرت المدة فیهما بالیوم (کالتحریر) (و التبصرة) و اشترک الجمیع فی جعل اللیل غایة للخیار و حینئذ یکون المبدأ من حین العقد إذ لیس غیره لکن ذلک لا یتم بالنسبة إلی البائع و لا إلی المشتری و لا إلیهما لما ستعرف و الغرض بیان أن هذه الکتب قد اتفقت علی أن اللیل قد جعل فیها غایة للخیار و إن اختلفت فی شی‌ء آخر و تفاوتت فی الظهور المذکور و قد یراد بالخیار فی عبارة (النهایة و السرائر و التحریر و التبصرة) ما یئول إلیه مسامحة و کذلک یمکن إرادة ذلک من عبارة الکتاب و نحوها و أما غیر هذه الکتب فقد جعل اللیل فیها مبدأ للخیار وفاقا للنص (کالفقیه و الوسیلة و الغنیة و جامع الشرائع و الشرائع) و کنز الفوائد للعمیدی (و اللمعة) و کذا (النافع) و ینبغی أن ترد تلک العبارات إلی هذه و إن بعد التأویل فی بعضها و هو واضح من عبارة (السرائر و النهایة) لأن کانت هذه موافقة للنص و للإجماع المحکی فی (حواشی الشهید) علی لزومه من طرف البائع إلی اللیل أو خوف الفساد و علی لزومه من طرف المشتری مطلقا (و علی أنه) لا قائل بانحصار الخیار فی اللیل قال فی (الفقیه) العهدة فیما یفسد من یومه مثل البقول و البطیخ و الفواکه إلی اللیل و المراد بالعهدة اللزوم و الصبر و الضمان و أوضح منها عبارة (الوسیلة) قال خیار الفواکه للبائع فإذا مر علی البیع یوم و لم یقبض المتاع کان للبائع الخیار و قال فی (الغنیة) علیه الصبر یوما واحدا ثم هو بالخیار علی ما بیناه و قال فی (جامع الشرائع) و فیما لا یبقی یوما إلی اللیل ثم للبائع الخیار و نحوها عبارة (الشرائع) و کذا (النافع) فقد اتفقت هذه علی أن اللیل مبدأ للخیار و قد قدرت المدة فیها بالیوم ما عدا (الفقیه و الشرائع و النافع و اللمعة) فلم تحد فیها بالیوم و قال فی (الدروس) خیار ما یفسده المبیت و هو ثابت للبائع عند انقضاء النهار و الأقرب اطراد الحکم فی کل ما یتسارع إلیه الفساد عند خوف ذلک و لا یتقید باللیل (انتهی) الأصل فی ذلک ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ عن محمد بن أحمد عن یعقوب بن یزید عن محمد بن أبی حمزة و غیره عمن ذکره عن أبی عبد اللّٰه و أبی الحسن علیهما السلام فی الرجل یشتری الشی‌ء الذی یفسد من یومه و یترکه حتی یأتیه بالثمن قال إن جاء فیما بینه و بین اللیل بالثمن فلا بیع له و روی فی (الوسائل) عن الصدوق أنه روی بإسناده عن ابن فضال عن ابن رباط عن زرارة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی حدیث قال العهدة فیما یفسد من یومه مثل البقول و البطیخ و الفواکه یوم إلی اللیل و الظاهر أنها زیادة من الصدوق و إلا فالشیخ قد روی ذلک الحدیث بالإسناد المذکور من دون الزیادة المذکورة و الروایة و إن کانت مرسلة لکن علیها فتوی الشیخ و أتباعه و لا أعرف فیها مخالفا کما فی (کشف الرموز) و علیها عمل الأصحاب کما فی (المهذب البارع و المقتصر و غایة المرام) و فی (الغنیة) الإجماع علی ما حکیناه عنها آنفا فالخبر منجبر بعمل الأصحاب معتضد بإجماع (الغنیة) و موافقة الاعتبار و خبر الضرار و عباراتهم إنما اختلفت فی تأدیة المراد منه لکن قد قیل إن فیه و فی جمیع العبارات ما عدا عبارة (الدروس) إشکالا من وجهین (الأول) أن الغرض من الخیار رفع الضرر یفسخ البیع قبل فساد المبیع و إذا کان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 584
..........
______________________________
مما یفسد لیومه کما هو المفروض وجب أن یکون الخیار قبل اللیل لیتأتی للبائع فسخه کذلک (الثانی) أن البیع یقع فی طرفی النهار و فی الأثناء کما هو الغالب و قد یقع لیلا مع انقطاع السوق أو امتداده و التحدید بالیوم أعنی النهار کله من طلوع الفجر أو الشمس إلی الغروب أو ببعض الیوم لا یطرد فی جمیع الأزمنة التی یقع فیها البیع لأن التحدید إن کان بکل النهار خرج عنه ما إذا وقع البیع فی أثنائه أو فی اللیل و إن کان ببعض النهار خرج منه ما إذا وقع البیع فی اللیل و الحمل علی مقدار الیوم خروج عن ظاهر النص و الفتوی و لا یتأتی معه دفع الضرر بالفسخ قبل فساد المبیع فی الأکثر (و أنت خبیر) بأن ذلک کله یندفع بما سنبینه من أن المراد من الخبر ما فی (الدروس) و فی (جامع المقاصد) أن الذی ینبغی أن یعرف أن لزوم البیع هنا إلی حین خوف الفساد بحسب العادة المستمرة و قرائن الأحوال الموجودة بحیث إن تربص به زیادة فسد لا أنه یبقی لزوم البیع مدة بقائه ثم حین الشروع فی الفساد یثبت الخیار کما یوهمه کثیر من العبارات و لیس فی النص ما ینافی شیئا من ذلک و حقق صاحب التنقیح أن الضابط أن یشرف علی الهلاک و أن الفساد لیومه لیس ضابطا و أول من أشار إلی ذلک الشهید فی (الدروس) و قد سمعت کلامه فقد حمل النص علی ما یفسده المبیت نظرا إلی الغالب فی نحو الخضر و الفواکه و اللحوم و حمل الیوم علی ما یشمل اللیلة فإن استعماله شائع مراد فی هذا النوع و أثبت الخیار فیما هو کذلک عند انقضاء النهار ورد ما سوی المنصوص إلی ما یقتضیه الأصل و حدیث الضرار و منصوص العلة من جهة دلالة الإیماء و قد قواه المحقق الثانی و حسنه الشهید الثانی و استجوده غیرهما و مقتضی ذلک ثبوت الخیار فی غیر مورد النص عند خشیة فساده مطلقا فإن کان مما یتسرع إلیه الفساد فی بعض یوم فالخیار فیه قبل اللیل و لو کان مما لا یفسد فی یوم تربص به البائع إلی خوف فساده فیتخیر عنده و إن مضی علیه یومان أو أکثر و احتمل فی (التذکرة) فیما یصبر یومین التربص به إلی اللیل لورود التحدید به شرعا و یضعف بما ذکر من دلالة الإیماء و أصل اللزوم و دفع الضرر إذ لا ضرر هنا فی التأخیر عن الیوم و اللیلة و بأن مورد النص الفاسد لیومه و لیس هذا منه فیستمر اللزوم فیه إلی خوف الفساد لمکان الأصل السالم عن المعارض (فقد تحصل) أن کلام (الدروس) هو المستفاد من الخبر و بیانه أن الأشیاء منها ما یفسدها المبیت و هو الغالب الکثیر و هو الذی ورد النص فیه و منها ما تفسد لأقل من یوم و منها ما تفسد لیومین أو أکثر و هذان قلیلان و قد أومأ إلیهما النص إیماء و کأنه قیل فی الخبر إن الأشیاء التی یفسدها المبیت غالبا و هی الغالبة الکثیرة یلزم البیع فیها فی النهار سواء بیعت فی أوله أو فی أثنائه فإذا جاء اللیل ثبت فیها الخیار سواء فسدت فی أثناء اللیل أو فی آخره لأنها مما یفسدها المبیت أو یقلل الرغبة فیها کما یقال هذا اللحم بائت و هذا العنب بائت و نحو ذلک و بذلک یندفع عن الخبر و کلام قدماء الأصحاب کل اعتراض و وصمة و لیس فیه إلا حمل الیوم علی ما یشمل اللیلة و هو فی ذاته شائع و مراد فی المقام لمکان التعارف فی ذلک إذ المراد من النص ما یفسده المبیت کما تلهج به الناس فیکون حکم هذا النوع مستفادا من النص و النوعان الآخران مستفادان من دلالة الإیماء و بهذا صح للشهید أن یقول و الأقرب «إلخ» و لو کان الشهید بنی الحکم فی الجمیع علی خبر الضرار و خرج عن النص کما فهمه الشهید الثانی و أکثر من تأخر عنه کانت الأنواع کلها داخلة تحت خبر الضرار و کانت فی مرتبة واحدة فلا معنی لقوله و الأقرب «إلخ» کما هو ظاهر لکل من تأمل و قد ظهر من ذلک أن الشهید الثانی و من وافقه لم یحرروا معنی الخبر و أن تحریره ما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 585
فإن تلف فیه احتمل الخلاف (1) و لو قبض بعض الثمن أو سلم بعض المبیع فکالأول فی الجمیع (2) و لو شرط نقد بعض الثمن و تأجیل الباقی ففی ثبوت الخیار مع تأخیر النقد إشکال أقربه عدم الثبوت و لو شرط تأخیر الثمن فأخره عن الأجل لم یکن للبائع خیار

[السادس خیار الرؤیة]

(السادس) خیار الرؤیة (3) فمن اشتری عینا موصوفة شخصیة تخیر مع عدم المطابقة بین الفسخ و الإمضاء (4)
______________________________
(الدروس) و لیس مستند الدروس خبر الضرار و إنما یؤخذ (مؤیدا) لدلالة الإیماء و فی (الدروس) (و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) و ظاهر (المسالک) أنه یکفی فی الفساد تغیر العین بنقص فیها کما فی فساد بعض دون بعض و نقص الوصف و إن لم یبلغ حد التلف بل یکفی إفضاؤه إلی قلة الرغبة و استوجهه الشهید الثانی فی (الروضة) و لا ینزل فوات السوق منزلة الفساد اقتصارا فیما خالف الأصل علی المتیقن و إن احتمله الشهید للزوم الضرر بنقص السعر
(قوله) (فإن تلف فیه احتمل الخلاف)
التلف فی هذا النوع من البائع مطلقا و یجی‌ء علی قول المفید إن تلفه قبل انقضاء المدة من المبتاع و بعدها من البائع و إن لم یصرح به لاتحاد الطریق فی المسألتین و قد یقول المفید إنه من البائع هنا مطلقا لإقدامه علی التأخیر فیما هو مظنة التلف و کأن ما فی (الإیضاح) متناقض لأنه قال وجه الاحتمال أنه تلف فی مدة الخیار فکان کالثلاثة فقد جعل الیوم محلا للخیار و قد أجمع الأصحاب علی عدم ثبوت الخیار فی الثلاثة و أنه یثبت بانقضائها فقوله کالثلاثة ینقض قوله لأنه تلف فی مدة الخیار فلیلحظ ذلک
(قوله) (و لو قبض بعض الثمن أو سلم بعض المبیع فکالأول فی الجمیع)
أی فکالمذکور فی أول الکلام فی جمیع الأحکام لأن من سلم البعض من المبیع خاصة لم یسلم المبیع فله الخیار فی الجمیع و لیس له فسخ البیع فی غیر المقبوض لأن تفریق الصفقة عیب و کذا لو قبض البائع بعض الثمن لم یبطل الخیار لأنه یصدق علیه (حینئذ) أنه لم یقبض الثمن و لخبر عبد الرحمن بن الحجاج کما تقدم بیان ذلک کله و بیان الحال فی قوله و لو شرط نقد بعض الثمن إلی آخر هذا القسم (و لیعلم) أن ظاهر (الکتاب و التذکرة) و غیرهما کما عرفت أن هذا الخیار من توابع خیار التأخیر فکأنهم قالوا خیار التأخیر فیما لا یفسده المبیت بعد ثلاثة أیام و فیما یفسده بعد دخول اللیل فهو علی التراخی و لا ضرر فیه علی المشتری لأنه إذا لم یختر الفسخ و لا الإمضاء و بقی فی عنوان التأمل حتی فسد کان من ماله و لا تصغ إلی ما فی (مجمع البرهان) من قوله یثبت له الخیار بین الصبر حتی یتلف و یأخذ الثمن من المشتری
(قوله) (السادس خیار الرؤیة)
قد تقدم الکلام فی هذا القسم مستوفی کمال الاستیفاء فی الفرع الثامن من فروع الفصل الثالث فی العوضین و لنشر إلیه فی المقام إشارة إجمالیة و التفصیل موکول إلی ذلک المقام
(قوله) (فمن اشتری عینا موصوفة شخصیة تخیر مع عدم المطابقة بین الفسخ و الإمضاء)
کما نص علی ذلک فی (النهایة) فی العقار (و المبسوط) (و الخلاف و المراسم) فی غیر الأعدال المحزومة (و الوسیلة و السرائر و الشرائع و النافع) و غیرها و قضیة إطلاقهم ثبوته له و لو ظهر فوق الصفة کما هو ظاهر (إیضاح النافع) أو صریحه لکن صریح جماعة و ظاهر آخرین أنه لا خیار له (حینئذ) و قد نص صاحب الجامع و المصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 586
و یجب فی هذا البیع ذکر اللفظ الدال علی الجنس و الأوصاف التی تثبت الجهالة برفع أحدها (1) و لا یشترط رؤیة البائع (2) فلو باع بوصف الوکیل ثم ظهر أجود تخیر البائع و لو شاهد بعض الضیعة و وصف له الباقی ثبت له الخیار فی الجمیع مع عدم المطابقة (3) و لو نسج بعض الثوب فاشتراه علی أن ینسج الباقی کالأول بطل (4) (السابع) خیار العیب و سیأتی إن شاء اللّٰه
______________________________
و الشهیدان و الکرکی و القطیفی و المقدس الأردبیلی و غیرهم أنه فی طرف الزیادة یتخیر البائع و فی طرف النقیصة یتخیر المشتری و قد نفی عنه الخلاف فی (مجمع البرهان و الریاض) و کذا (الکفایة) و فی (الحدائق) أنه محل وفاق و خالف المفید فی (المقنعة) فی موضعین منها فقال إن خرج علی غیر الصفة کان البیع باطلا و وافقه الشیخ و أبو یعلی فی (النهایة و المراسم) فی الأعدال المحزومة و ابن إدریس خیر المشتری بین الرد و أخذه و أخذ الأرش و تأمل المولی الأردبیلی فی ثبوت هذا الخیار و فی (التذکرة) و غیرها لو اختار إمضاء العقد قبل الرؤیة لم یلزم و إنهما لو تبایعا بشرط عدم الخیار لم یصح و استشکل فی ذلک فی (التحریر) و ظاهر الأکثر فی المقام عدم سقوطه بشی‌ء من مسقطات غیره کاشتراط سقوطه و إیجابه و التصرف لأنهم ذکروا هذه الأشیاء فی غیره من الخیارات و ترکوا ذکرها فیه و قضیة ذلک أنه مما لا یسقط و مثله فی بعض ذلک خیار الغبن و قد تقدم الکلام فی جمیع ذلک بما لا مزید علیه کما تقدم تمام الکلام فی أنه علی الفور أو التراخی و أن المشهور أنه علی الفور و بیان الفرق بینه و بین خیار العیب
(قوله) (و یجب فی هذا البیع ذکر اللفظ الدال علی الجنس و الأوصاف التی تثبت الجهالة برفع أحدها)
کما نطقت بذلک عباراتهم و فی (الغنیة) الإجماع علیه و قضیة ذلک بأن أحدهما لا یغنی عن الآخر کما فی (المبسوط و السرائر) و قد بینا الحال فی کلام من اقتصر علی الوصف و من اقتصر علی الجنس و فی (التذکرة) الإجماع علی اشتراط الصحة بالوصف الرافع للجهالة و قد بینا الفرق بین هذا النوع و بین السلم فیما سلف
(قوله) (و لا یشترط رؤیة البائع) إلخ
قد بینا فیما سلف أنه لا یفتقر مع ذکر الجنس و الوصف إلی الرؤیة من المتعاقدین و أن المخالف بعض العامة و قد بینا وجه حجته و أنهما لیسا بدلا عن الرؤیة حتی یفتقر إلیها مع إمکانها بل هما طریق آخر مثلها و أنه یصح شراء الأعمی بالوصف و أن تفصیل بعض العامة غیر صحیح و أسبغنا الکلام فی ذلک کله
(قوله) (و لو شاهد بعض الضیعة و وصف له الباقی تثبت الخیار فی الجمیع مع عدم المطابقة)
أما ثبوت الخیار فی المخالف فظاهر و أما فیما رآه فلتبعض الصفقة و قد یستدل علیه بخبر جمیل إن جعل اسم الإشارة مشارا به إلی تمام الضیعة کما قد تقدم بیان ذلک و حینئذ فهل له خیاران أو خیار واحد احتمالان تقدم بیانهما
(قوله) و لو نسج بعض الثوب فاشتراه علی أن ینسج الباقی کالأول بطل)
کما صرح به جماعة منهم الشیخ فی (المبسوط) و القاضی و ابن سعید فی (الجامع) و المصنف فی (التذکرة و التحریر) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) لأن بعضه بیع عین حاضرة و بعضه فی الذمة مجهول کما فی (التذکرة و جامع المقاصد) و غیرهما و خالف فی ذلک المصنف (فی المختلف) و أطال فی الاستدلال علی الصحة بما لم یتضح سبیله و قد عبروا عن المسألة بقولهم إذا ابتاع ثوبا علی حفة نساج و قد نسج بعضه علی أن ینسخ الباقی و یدفعه إلیه بطل و الحفة المنوال الذی یلف علیه الثوب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 587

[المطلب الثانی فی الأحکام]

اشارة

(المطلب الثانی فی الأحکام) یثبت خیار الشرط فی کل عقد (1) سوی الوقف و النکاح و لا یثبت فی الطلاق و لا العتق و لا الإبراء و یسقط بالتصرف فإن کان مشترکا اختص السقوط بمن یختص بالتصرف (2)
______________________________
(المطلب الثانی فی الأحکام) (قوله) (یثبت خیار الشرط فی کل عقد)
إلخ قد تقدم الکلام فی ذلک
(قوله ره) (و یسقط بالتصرف فإن کان مشترکا اختص السقوط بمن یختص بالتصرف)
لا ریب فی أن هذا الخیار یسقط بانقضاء الشرط سواء مضی المشروط له أم لم یمض و بالإمضاء من المشروط له سواء انقضی الشرط أم لم ینقض أمضی الآخر أو لا أجنبیا کان المشروط له أم لا للإجماع المعلوم فی الجمیع و لأن الحقوق الحاضرة المستمرة تسقط بالإسقاط و لیس ما نحن فیه من قبیل الحقوق الموزعة علی الزمان کنفقة الزوجات و لأن المدار فی سقوط الخیار علی الرضا بالبیع کما یستفاد من الأخبار و الإمضاء و الإیجاب صریح فیه و للأخبار (فمنها) ما رواه الصدوق فی الصحیح عن حماد عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام (و ما رواه) الشیخ عن الشحام عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن رجل ابتاع ثوبا بشرط فیعطی به ربحا فقال إن رغب فی الربح فلیوجب علی نفسه الثوب و لا یجعل علی نفسه أن یرد الثوب علی صاحبه إن رد علیه و أما سقوط خیار المشتری بتصرفه فی المبیع فهو خیرة (المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف و المراسم و الجواهر و الکافی) علی ما نقل عنه (و الغنیة و السرائر) (و الشرائع و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و شرحه) لفخر الإسلام (و تعلیقه و الدروس و حواشی الکتاب و التنقیح و غایة المرام و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک) و غیرها و لم أجد فیه خلافا و لا تأملا إلا من المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی بل فی (جامع المقاصد) الإجماع علیه و فی (الغنیة) نفی الخلاف عنه و ظاهره باعتبار عادته أنه بین المسلمین و فی (الخلاف و الجواهر) دلیلنا ما روی عنهم علیهم السلام أن المشتری إذا تصرف فی المبیع بطل خیاره فهذه أخبار صریحة منجبرة بالشهرة معتضدة بالإجماع مضافا إلی العلة المنصوصة فی الحیوان الدالة علی أن تصرفه فیه أمارة الالتزام و الرضا المشعرة بأنه المعیار فی سقوط الخیار علی الإطلاق و لو فی هذا المضمار و الأولویة التی یمکن دعواها لأنه متی سقط به الخیار الأصلی فالمشترط أولی بأن یسقط به و قد یستدل علیه بقوله علیه السلام فی خبر السکونی و إن أقامه فی السوق و لم یبع فقد وجب علیه إذ قد یظهر منه أنه یسقط بالتصرف و إن أقامته فی السوق و جعله فی معرض البیع تصرف مسقط للخیار (و لیعلم) أن ذلک إذا لم یشترط بقاء الخیار مع التصرف کما نص علیه فی (إیضاح النافع) و هو مقتضی الأصل و کما یسقط خیار المشتری بالتصرف فی المبیع فکذلک خیار البائع بالتصرف فی الثمن کما هو صریح جماعة من المذکورین و هو المعلوم من رأی الباقین لمکان التعلیل المشترک و عدم الفرق بین العوضین فی هذا الحکم لکن المتداول بین الناس فی هذا الزمان عدم سقوط الخیار بتصرف البائع فی الثمن کما هو ظاهر النص المثبت لهذا الخیار بل لیس الغرض من بیعه بذلک الشرط إلا التصرف فی الثمن و بقاء الخیار إلی المدة المشترطة فیحمل الخبر و السیرة علی ما إذا علم من ذلک التصرف عدم الرضا بالإمضاء لکن الأصحاب أطلقوا أن التصرف مسقط و الذی ینبغی أن یقال ما أشرنا إلیه فیما سلف من أن الأصل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 588
و لو أذن أحدهما للآخر فی التصرف فإن تصرف سقط الخیاران (1)
______________________________
فی التصرف الدلالة علی الرضا بالإمضاء أو الفسخ إلا أن یظهر ما یخالف ذلک و هذا و إن خالف الأصل إلا أنه مستفاد من النص فی خیار الحیوان حیث جعل فیه مجرد التصرف أمارة الرضا لکنه لا یدل علی اللزوم بالتصرف المعلوم منه عدم الرضا لعادة أو غیرها فیجب الرجوع فی مثل هذا إلی الأصل الأصیل و بقاء الخیار فیجمع بذلک بین إطلاق الفتاوی و النص المثبت لهذا الخیار بحمل الأول علی ما لم یعلم فیه رضا المتصرف بأحد الأمرین و الثانی علی ما علم فیه العدم و ما فی أیدی الناس من التصرفات فی بیع الشرط من قبیل الثانی (و بذلک) یندفع الإشکال الصعب عن مولانا المقدس الأردبیلی و قد عرفت أن الدلیل واضح السبیل فاندفع عنه أیضا الإشکال من جهة الدلیل (فلیتأمل) و لو تصرفا فیما انتقل عنهما بأن تصرف البائع فی المبیع و المشتری فی الثمن فهو فسخ منهما لأن هذا التصرف لو لم یکن فسخا لکان حراما شرعا لوقوعه علی ملک الغیر علی المشهور و الأصل فی فعل المسلم وقوعه علی الوجه السائغ الصحیح فیکون فسخا و لأن الفسخ کما یحصل بالقول یحصل بالفعل و التصرف کما یدل علی الإمضاء یدل علی الفسخ بل دلالته علی الفسخ أقوی و سیأتی لهذا مزید تحقیق عند شرح قوله و یحصل الفسخ بوطی البائع «إلخ» و قد صرح الأصحاب کالشیخ و أکثر من تأخر عنه بأن کل تصرف یمضی به البیع من أحدهما فهو فسخ من الآخر علی تقدیر حصوله منه و ذلک کما إذا تصرف المشتری فی المبیع فإن تصرفه إمضاء و لو تصرف فیه البائع کان فسخا و کذلک الحال فی الثمن فلو کان الخیار لهما فتصرف أحدهما فإن کان فیما انتقل عنه بطل الخیاران لبطلان البیع أما بالنسبة إلی المتصرف فواضح و إلی غیره فلئلا یلزم تبعض الفسخ و إن کان تصرفه فیما انتقل إلیه سقط خیاره خاصة و فی (جامع المقاصد) موردا علی عبارة الکتاب أعنی قوله فإن کان مشترکا «إلخ» أن هذا فی طرف المشتری صحیح أما فی طرف البائع فلا یستقیم لأن کل ما یعد من التصرفات إجازة لو وقع من المشتری یعد فسخا لو وقع من البائع و مع ثبوت الفسخ لا معنی لسقوط الخیار و قد اقتفاه فی ذلک صاحب (المسالک) و الأمر فی ذلک سهل لأنه مناقشة لفظیة و یمکن إطلاق سقوط الخیار علیه إذ لا خیار حینئذ کما أشرنا إلیه فیما عنونا به ثم إن المناقشة لیست مخصوصة بالبائع فإن تصرف المشتری فی الثمن أیضا کذلک إلا علی ما ستسمع من دعوی أن المتبادر من التصرف (النصوص خ ل) التصرف فی المبیع و قد عدل فی (الدروس) عن عبارة الکتاب فقال التصرف فی مدة الخیار إیجاب من المشتری و فسخ من البائع و ربما حملت عبارة الکتاب علی أن المراد أن تصرف البائع بالثمن مسقط لخیاره و فی (تعلیق الإرشاد) (و جامع المقاصد) أن ذلک مخالف لظاهر کلامهم فإن المتبادر من التصرف التصرف فی المبیع و قد بینا فی باب خیار الحیوان المراد من التصرف فلا بد من الرجوع إلیه و أوضحنا الحال فیما لم یظفر به المحقق الثانی فی المقام و هو ما إذا وقع التصرف نسیانا
(قوله) (و لو أذن أحدهما للآخر فی التصرف فإن تصرف سقط الخیاران)
کما فی (الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و حواشی) الشهید (و التنقیح و المیسیة و ظاهر جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک) أو صریحها أما خیار المتصرف فظاهر و أما الآذن فإن کان البائع کان قوله تصرف فی المبیع بمنزلة أن المال لک و البیع لازم ثابت فافعل ما تشاء و إن کان قال له تصرف فی الثمن کان بمنزلة ما إذا قال له أنا فسخت فتصرف فی مالک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 589
و إلا خیار الآذن (1) و الخیار موروث بالحصص کالمال من أی أنواعه کان إلا الزوجة غیر ذات الولد فی الأرض علی إشکال أقربه ذلک إن اشتری بخیار لترث من الثمن (2)
______________________________
و منه یعلم الحال فیما إذا کان الآذن المشتری و حاصله أن مقتضی الإذن رفع الحجر من قبل الآذن و لا مانع غیر الخیار فارتفع بالإذن کما هو ظاهر فی مجری العرف و قد تأمل فی ذلک المولی المقدس الأردبیلی لعدم ظهور الدلالة و قد عرفت الحال فی ذلک و الفرق بینه و بین قوله فی خیار المجلس اختر أن ذلک أمر یحتمل أمورا لاستکشاف و التملیک و التفویض و هذا إذن
(قوله) (و إلا خیار الآذن)
أی و إن لم یتصرف المأذون لم یسقط (لم یبطل خ ل) خیاره و یسقط خیار الآذن و قد نسب ذلک فی (المیسیة) إلی المشهور قال و المشهور بطلان خیار الآذن و فی (المسالک و مجمع البرهان) إلی جماعة و لم أجد من صرح به إلا المصنف فی هذا الکتاب خاصة و ظاهر الشهید فی حواشیه موافقته و کأنهم استنبطوا ذلک من (الشرائع) و ما ذکر بعدها فی المسألة الأولی لأن الإذن لو لم تکن دالة عندهم علی سقوط الخیار لأشکل حکمهم بالسقوط فیما إذا تصرف المأذون فإن الآذن لم یوجد منه سوی الإذن فإن لم یسقط الخیار به لم یسقط بالتصرف الذی هو فعل غیره و بهذا التوجیه و التوجیه الذی ذکرناه فی المسألة الأولی من أن مقتضی الإذن رفع الحجر «إلی آخره» یندفع إشکال المحقق الثانی و الشهید الثانی و غیرهما مستندین إلی عدم ظهور دلالة الإذن علی سقوط الخیار و عدم استلزام الرضا بالتصرف زوال الخیار لأن غایته قبل وقوعه أن تکون الإزالة بیده و هی لا تقتضی الزوال بالفعل و استوضح فی (المسالک) عدم البطلان و بقی فی (جامع المقاصد) فی خطة التردد و قال فی (تعلیق الإرشاد) إن مجرد الإذن من دون فعل لا تکون إجازة و لا فسخا کما هو مصرح به فی کلامهم (انتهی) و هذا منه غریب و لعله استنبطه من سکوتهم عنه لکنه ادعی التصریح و لم أجد من صرح بذلک إلا المصنف فی (التذکرة) فی مقام آخر فی أثناء کلام له و قد سمعت ما فی (المیسیة) من دعوی الشهرة علی السقوط و ما فی (المسالک و مجمع البرهان) و سیستشکل المصنف فیما یأتی فیما إذا أذن له فی بیعه أو عوضه علی البیع و اقتفاه فی عدم الترجیح فی ذلک ولده فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) کما ستسمع و علی کل حال فما استندوا إلیه من الوجهین أعنی عدم ظهور الدلالة و أن التمکین (التمکن خ ل) من الإزالة غیر الزوال بالفعل مردودان أما الأول فبالتوجیه الأول المذکور فی المسألة الأولی و أما الثانی فبالتوجیه الثانی الذی ذکرناه هنا من أنه إن لم یسقط بالإذن لم یسقط بالتصرف الذی هو فعل غیره مع أن ظاهر کلام المستشکلین و غیرهم یؤذن بالاعتراف بکون الإذن هو المسقط حیث أسندوا الإسقاط إلیه و استندوا إلی دلالة الإذن علیه فیسقط به مطلقا و إن لم یتصرف المأذون و یبقی علی القائلین بسقوط خیار الآذن سؤال الفرق بینه و بین ما إذا قال له اختر و سکت المخیر بالبناء للمفعول فإنهم قالوا بأن خیار الآمر باق و قالوا إنه إذا اختار الإمضاء سقط خیارهما و یجاب بالفرق بین الآذن و الآمر بوجوه و سقوط خیار الآمر فیما إذا اختار المأمور الإمضاء إنما هو لمکان الإجماع المحکی فی (الغنیة) الذی تطابقت علیه الفتاوی فلیلحظ ذلک و لیتأمل فیه
(قوله) (و الخیار موروث بالحصص کالمال من أی أنواعه کان إلا الزوجة غیر ذات الولد فی الأرض علی إشکال أقربه ذلک إن اشتری بخیار لترث من الثمن)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 590
..........
______________________________
لا کلام فی کون الخیار موروثا کما فی (إیضاح النافع) و لا شبهة فی کون الخیار مطلقا موروثا کما فی (المسالک) و هو بأنواعه موروث مشروطا کان أو لازما بالأصل بلا خلاف کما فی (الریاض) و عندنا کما فی (التذکرة) و فی (الغنیة) الإجماع علی أن خیاری المجلس و الشرط یورثان و هو ظاهر (السرائر) فی الأول و نسب فی موضع آخر من (التذکرة) إرث خیار الشرط إلی علمائنا (و یدل) علیه النبوی المنجبر بعمل العلماء ما ترک میت من حق فهو لوارثه المؤید بعمومات الإرث کتابا و سنة فلا شبهة فی ذلک إلا فی خیار المجلس فإنه قد احتمل المصنف و غیره سقوطه بالموت و قد بینا الحال فی ذلک فی مبحث خیار المجلس (و قول المصنف) إلا الزوجة مستثنی من محذوف تقدیره الخیار موروث لجمیع الوراث مقسوما علیهم کالمال إلا الزوجة غیر ذات الولد فی الأرض فإنها لا ترث من الخیار المتعلق بها علی إشکال و الأقرب من هذا الإشکال ذلک یعنی إرثها إن کان قد اشتری بخیار لأنها (حینئذ) تفسخ فترث من الثمن لأنها ترث من کل ما عدا الأرض و من جملته الخیار المتعلق بالأرض فإنه من جملة الموروثات و لیس أرضا حتی تمنع منها إلا أن یکون العوض أرضا فلا خیار لها بخلاف ما إذا کان قد باع بخیار لأنها إذا فسخت فی هذه الصورة لم ترث شیئا کذا فهمه من العبارة ولد المصنف و ابن أخته و الشهید فی حواشیه و اعترضهم المحقق الثانی أولا بأنه خلاف الظاهر لأن المتبادر أن المشار إلیه بقوله ذلک هو عدم الإرث الذی سیقت لأجله العبارة ففهم إرادة الإرث منها ارتکاب لما لا یدل علیه دلیل (قلت) لعلهم یقولون إن العبارة مسوقة إلی أن الخیار موروث بالحصص کالمال فیکون قوله ذلک إشارة إلی الإرث المسوق له الکلام و یشهد لهم علی ذلک قوله لترث من الثمن (فتأمل) و اعترضهم ثانیا بأنه الحکم (حینئذ) غیر مستقیم لأن الأرض حق لباقی الوراث استحقوها بالموت فکیف تملک إبطال استحقاقهم لها و إخراجها عن ملکهم (و أنت خبیر) بأن هذا جار فیما إذا کان قد اشتری فرسا أو غیرها بخیار و أرادت هی أو أحد الوراث فسخه لأن سبعة أثمان الفرس حق لأولاد المیّت من غیرها و ملک لهم بالموت و أقصی ما هناک أنها هنا شریکه و هناک لیست شریکة فی الأرض لکنها ورثت الخیار فیها لکونه لیس أرضا کما عرفته آنفا من کلامهم و ستعرف الحال و ثالثا بأنها إذا ورثت فی هذه الصورة وجب أن ترث فیما إذا باع المیّت أرضا بطریق أولی لأنها ترث حینئذ من الثمن (و ضعفه ظاهر) لما عرفت من أنه یلزم من إرثها من الخیار بطلان حقها من الثمن إذ المدار فی الخیار علی الإرفاق بالتسلط علی الفسخ و إلا فالإمضاء من لوازم العقد و حیث إن الفسخ مخالف للمصلحة فیما إذا باع أرضا و لا کذلک فیما لو اشتری فکانت الأولویة ممنوعة فلیلحظ هذا فإنه دقیق نافع جدا أقصی ما هناک أنه یدعی أنها فی صورة الشراء ورثت غیر حقها من الأرض التی اختصوا بملکها (و فیه) أنها ورثت حقا و هو الخیار الموروث و نسبته إلی الثمن و المثمن فی مرتبة واحدة (ثم إنه) قرب عدم إرثها إن کان المیّت قد اشتری أرضا بخیار فأرادت الفسخ لترث من الثمن (و قال) أما إذا باع أرضا بخیار کان الإشکال فی هذه الصورة بحاله لأنها إذا فسخت حینئذ لم ترث شیئا و علی کل حال فالشارحان و الشهید الذی هو تلمیذهما أعرف بمراد المصنف و قضیة کلامهم فی المقام أن ذات الولد ترث من غیر ریب و یستفاد من مواریث (الإیضاح و کنز الفرائد و التنقیح) أن إرث ذات الولد من الأرض محل إجماع حیث جعلوا النزاع فی غیر ذات الولد و قد حکی علی عدم إرث غیر ذات الولد من الأرض الإجماع عن (الخلاف)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 591
و هل للورثة التفریق نظر أقربه المنع و إن جوزناه مع تعدد المشتری (1) و لو زال عذر المجنون العاقد حالة العقل (2) لم ینتقض تصرف الولی بالخیار إذا لم یخالف المصلحة و لو کان المیّت مملوکا مأذونا فالخیار لمولاه (3) و لو شرط المتعاقدان الخیار لعبد أحدهما ملک المولی الخیار و لو کان لأجنبی لم یملک مولاه و لا یتوقف علی رضاه إذا لم یمنع حقا للمولی فلو مات (4)
______________________________
و الموجود فیه الإجماع علی أن المرأة لا ترث من الرباع الدور و الأرضین و نحوه إجماع رسالة المفید التی رد فیها علی الناصبی و قد استوفینا الکلام فیما کتبناه قبل هذا علی مواریث الکتاب
(قوله) (و هل للورثة التفریق نظر أقربه المنع و إن جوزناه مع تعدد المشتری)
ما قربه المصنف هو الأصح عند ولده و الأقرب عند صاحب (إیضاح النافع) لأن التفریق یستلزم تعیب السلعة لأن فیه تبعیضا للصفقة بالنسبة إلی البائع و مقتضی الخیار ردها بلا عیب کما باعها فإن العقد إنما وقع لواحد و لم یملک إلا الفسخ فی الجمیع و المنتقل إلیهم إنما هو حقه (و وجه) عدم المنع أن کل واحد ورث حصته فکان کما لو اشتراها و تکلیفه بخیار الآخر علی خلاف الأصل (و تنقیح) المسألة أن یقال إنه إذا فسخ أحدهم و أجاز الآخر قدم الفسخ کما فی (التذکرة و الدروس و المسالک و مجمع البرهان) و علله فی (جامع المقاصد) بأن المجیز لا یملک إبطال حق غیره إنما یملک إبطال حق نفسه (فتأمل) و علی تقدیره ففی انفساخ الجمیع أو فی حصته فیتخیر الآخر لتبعض الصفقة وجهان أجودهما الأول کما هو خیرة (الإیضاحین و المسالک) و ظاهر الباقین لأن فائدة الخیار التسلط علی الفسخ و قد ثبت للجمیع و لا ریب فی تقدیمه علی الإمضاء و إلا فلا فائدة فیه فینفسخ فی الجمیع (قولک) یشکل بلزوم إبطال حق المجیز من العین (قلنا) لم یثبت للمجیز حق مع فسخ الآخر إعطاء للخیار الذی هو الفسخ ما أثبته له الشارع و قد تأمل فی الأمرین أعنی التقدیم و الانفساخ فی الجمیع فیه المحقق الثانی و المولی الخراسانی و شیخنا صاحب الریاض و علی ما ذکر فلیس للورثة التفریق و إن جوزناه مع تعدد المشتری و اتحاد الصفقة لأن العقد هنا فی قوة المتعدد لأنه لم ینتقل إلی کل واحد من المشترین إلا بعض المبیع فالبائع هو الذی بعض علی نفسه و قد یفهم من هذا جواز التفریق فی طرف البائعین فلو باع اثنان من واحد بخیار فأراد أحدهما الرد دون الآخر کان له ذلک لأن التبعیض هنا أیضا جاء من نفس العقد
(قوله) (و لو زال عذر المجنون العاقل حالة العقد (العاقد حالة العقل خ ل)
لم ینتقض تصرف الولی بالخیار إذا لم یخالف المصلحة) کما فی (التحریر) و کذلک الشأن فی کل تصرف للولی و الوکیل حیث لم یخالف المصلحة و فی (الغنیة) إذا جن من له الخیار أو أغمی علیه انتقل إلی ولیه بدلیل الإجماع
(قوله) (و لو کان المیّت مملوکا مأذونا فالخیار لمولاه)
قال فی (التحریر) لو کان صاحب الخیار مملوکا فمات فالخیار للمولی سواء کان الشراء للعبد أو لأجنبی و شرط الخیار له علی إشکال (قلت) الأشبه بالقواعد أن الخیار المشترط للعبد من الأجنبی لا ینتقل إلی مولاه بل یبطل فیلزم البیع کما سیشیر إلیه المصنف (فرع) لو باع عبدا و شرط الخیار للعبد صح البیع و الشرط معا قطعا لأن العبد بمنزلة الأجنبی
(قوله) (و لو شرط المتعاقدان الخیار لعبد أحدهما ملک المولی الخیار و لو کان لأجنبی لم یملک مولاه و لا یتوقف علی رضاه إذا لم یمنع حقا للمولی فلو مات)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 592
لم ینتقل إلی مولاه و کذا لو مات الأجنبی المشروط له الخیار (1) و المبیع یملک بالعقد علی رأی (2)
______________________________
(لم ینتقل إلی مولاه و کذا لو مات الأجنبی المشروط له الخیار)
أی لم ینتقل إلی الورثة و هذه الأحکام موافقة للأصول و الاعتبار و خالف فی (التحریر) فاستوجه فی الأخیر عدم سقوط الخیار و أنه ینتقل إلی الوارث لا إلی المتعاقدین و المختار السقوط
(قوله) (و المبیع یملک بالعقد علی رأی)
مشهور کما فی (التذکرة و غایة المرام و تعلیق الإرشاد و المسالک و الحدائق) و هو مذهب الأکثر کما فی (الإیضاح و المهذب البارع و المقتصر و جامع المقاصد و المسالک) أیضا (و مجمع البرهان) (و الکفایة) و هو الأظهر بین الأصحاب کما فی (کشف الرموز) و علیه المحققون کما فی (التنقیح) و علیه العمل کما فی (المسالک) و قول الشیخ نادر کما فی (إیضاح النافع) و قول الإسکافی و الشیخ نادران کما فی (المفاتیح) و ظاهر (السرائر) الإجماع علیه فی المقام و هو صریحها فی باب الشفعة و قد نسب المحقق فی (الشرائع و النافع) و تلمیذه الآبی إلی الشیخ أنه ینتقل بالعقد و انقضاء الخیار و تبعهم علی ذلک جماعة و هو ظاهر یحیی بن سعید و ستسمع کلامه و ظاهرهم جمیعا عدم الفرق عند الشیخ بین ما إذا کان الخیار لهما أو لأحدهما بائعا کان أو مشتریا کما صرح بنسبة ذلک إلیه المصنف فی (التحریر) و قال فی (المختلف) الظاهر من کلام الشیخ أن المشتری یملک بانقضاء الخیار لا بنفس العقد فنسب ذلک إلی ظاهره و تبعه علی ذلک أبو العباس و غیره و قال الشهید فی (غایة المراد) یلوح من کلام الشیخ فی (الخلاف و المبسوط) توقف ملک المشتری علی سقوطه أی الخیار فجعله لائحا لا ظاهرا و لا صریحا و قال فی (الدروس) فی تملک المبیع بالعقد أو بعد الخیار بمعنی الکشف أو النقل خلاف مأخذه أن الناقل العقد و الغرض بالخیار الاستدراک و هو لا ینافیه أو أن غایة الملک التصرف الممتنع فی مدة الخیار و ربما قطع الشیخ بملک المشتری إذا اختص بالخیار و ظاهر ابن الجنید توقف الملک علی انقضاء الخیار (انتهی) فقد نسب الخلاف إلی صریح الشیخ و أنه موافق للمشهور إذا اختص بالمشتری و إلی ظاهر ابن الجنید القول بإطلاق و عدم التفصیل و تبعه علی ما نسبه إلی الشیخ صاحب (المسالک و الکفایة و المفاتیح) و قال فی (المسالک) فلا یصلح نسبة إطلاق القول بتوقف الملک علی انقضاء الخیار إلی الشیخ (قلت) کل ذلک بمعزل عن الصواب ما عدا ما فی (غایة المراد) لأنهم إن لحظوا کلام الشیخ و أخذوا بظاهره من دون تعرض لتأویله و الجمع بین أطرافه وجدوا کلامه فی (الخلاف) ظاهرا أو صریحا فی أنه إذا کان الخیار للمشتری وحده یزول عن البائع و لا ینتقل إلی المشتری حتی ینقضی الخیار فکیف یصح منهم حینئذ ما نسبوه إلیه من الإطلاق أو التفصیل و إن أمعنوا النظر فی کتبه الثلاثة فی المواضع المتفرقة و حاولوا الجمع بین أطرافه وجدوه غیر مخالف قال فی (الخلاف) ما نصه العقد یثبت بنفس الإیجاب و القبول فإن کان مطلقا فإنه یلزم بالافتراق بالأبدان و إن کان مشروطا یلزم بانقضاء الشرط فإن کان الشرط لهما أو للبائع فإذا انقضی الخیار ملک المشتری بالعقد المتقدم و إن کان الخیار للمشتری وحده زال ملک البائع عن الملک بنفس العقد لکنه لم ینتقل إلی المشتری حتی ینقضی الخیار فإن انقضی ملک المشتری بالعقد الأول (انتهی) و کلامه الأخیر ظاهر فیما حکیناه عنه علی أنه فی الظاهر متناقض لأنهم مجمعون فی هذا المقام علی أن هذا المال لا یبقی بلا مالک و إن جوزوه فی مقامات أخر ذکرناها فی باب المواریث و لا مالک غیرهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 593
..........
______________________________
قطعا (و قد صرح) بزوال ملک البائع مع حکمه بعدم انتقاله إلی المشتری مع أنه إذا لم ینتقل إلیه کان ملکا للبائع فیکون ملک البائع زائلا غیر زائل و ملک المشتری ثابتا غیر ثابت و لا جواب إلا بأن الموقوف هو الملک المستقر فإذا صلح هذا التأویل الذی لا بد منه هنا جری فی کلامه السابق و ارتفع الخلاف لأن قوله ملک المشتری بالعقد یحتمل أن یکون معناه لزم ملکه أو ظهر ملکه أو حصل و علی الأول یوافق المشهور و کذا علی الثانی إن لم یوجد فسخ و کذلک قوله لم ینتقل یحتمل المعانی الثلاثة و لما انتفی الثالث هنا قطعا کان ذلک قرینة علی أنه غیر مراد فی الأول و یشهد أیضا علی أن المراد بقوله ملک لزم و بقوله لم ینتقل لم یلزم قوله سابقا یلزم بالافتراق و یلزم بانقضاء الخیار علی أنه فی باب المفلس من (المبسوط) قوی الملک بالعقد و قال فی (المبسوط) فی المقام قد بینا أن الملک لا یلزم إلا بعد مضی مدة الخیار کما فی نسختین منه إحداهما قرأها ابن إدریس علی عربی ابن مسافر کما هو مکتوب فی ظهره و هو موافق للمشهور و فی نسخة أخری لا یملک بدل یلزم لکنه بین سابقا أن البیع إن کان مطلقا ثبت بنفس العقد و إن کان مقیدا مشروطا لزم بانقضاء الشرط إلی غیر ذلک من مواضع کثیرة ظاهرة فی المشهور و قال فی (النهایة) و إذا باع فلا ینعقد إلا بعد أن یفترق البیعان بالأبدان فإن لم یفترقا کان لکل واحد منهما فسخ البیع و الخیار و قال فی (السرائر) بعد نقلها هذا کالمتناقض و مراد شیخنا أن البیع إذا لم یفترقا لم یلزم کل واحد منهما بل لکل منهما الخیار فالذی ظهر لنا بعد إمعان النظر أن الشیخ غیر مخالف لکن المشهور أنه مخالف بل قد یقال إن کل من تأخر عن المحقق ما عدا الشهید فی (غایة المراد) ذکر أن المسألة خلافیة أو أشار إلیه و إلا فهذا ابن إدریس ظاهره أنه لا خلاف و لا مخالف و هو یناقش الشیخ فی النقیر و الفتیل و أما أبو علی فلم ینقلوا لنا کلامه حتی نلحظه و لا ظفرنا بکتابه حتی نتتبع أطرافه علی أنه لم یزل موافقا للعامة و ما نسب إلیه محکی عن الشافعی فی أحد أقواله لکن یحیی بن سعید فی (جامع الشرائع) قال و ینتقل المبیع بالعقد و انقضاء الخیار و قیل بالعقد و لا ینفذ تصرف المشتری فیه حتی ینقضی خیار البائع «إلخ» فانحصر الخلاف علی الظاهر فی یحیی بن سعید ثم إنا بعد ذلک وجدنا الشیخ فی (الخلاف و المبسوط) و أبا علی و القاضی و ابن زهرة قالوا إن الشفعة لا تستحق للشفیع فی البیع الذی فیه الخیار للبائع أو لهما جمیعا لأن الملک لم تزل علفته عن البائع و لم یزل عن البائع أما ما لا خیار فیه أو فیه الخیار للمشتری وحده ففیه الشفعة لأن الملک قد زال عن البائع و انتقل إلی المشتری و قد عدوه هناک مخالفا لما نحن فیه و هو کذلک و إجماع (السرائر) المشار إلیه آنفا نقله هناک علی خلاف الشیخ و أما المولی الخراسانی و المحدث البحرانی فقد خرقا الإجماع المرکب أو البسیط إذ لا قائل بالفرق کما نص علیه فی (غایة المراد) بل هو معلوم لنا فوافقا المشهور فی خیار الشرط و استشکل الخراسانی فی خیار الحیوان و کأنه مال فیه إلی القول المحکی عن الشیخ کما هو خیرة البحرانی ره (و لیعلم) أنه علی تقدیر ما فهموه من کلام الشیخ من جعل ملک المشتری معلقا علی انقضاء الخیار ینبغی أن یکون ملک البائع الثمن معلقا علی ذلک و متوقفا علیه و قد استدل علی المشهور فی (المختلف) بأن العقد لو لم یکن سببا لم یکن سببا مع الافتراق إذ الافتراق لا مدخل له حالة الانفراد عن العقد فلا مدخل له حالة الانضمام عملا بالاستصحاب و کأنه غیر واضح لأن هذا الافتراق غیر مطلق الافتراق فلا استصحاب سلمنا لکنه معارض بمثله کأن یقال کان المال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 594
..........
______________________________
غیر مملوک قبل العقد فلیکن بعده کذلک (و استدل) بأنه کلما وجد العقد ثبت الملک و کلما انتفی انتفی فیکون هو المؤثر عملا بالدوران (و فیه) مع ما فیه من شبهة المصادرة بزعم الخصم أن الدوران لیس بحجة عندنا ما لم تکن العلیة مستفادة من خطاب أو مقطوعا بها من عقل أو عادة مستمرة لا تنخرم لأن تلازم الوجود و العدم لا یدل علی العلیة کما فی الجوهر و العرض و الحد و المحدود و الحرکة و الزمان و المعلولین المتساویین علی أن التلازم فی الانعکاس غیر واجب فی الأحکام کما فی المشقة للتقصیر (فلیتأمل) و لعله حاول تنقیح المناط لکن الخصم قد یقول لم نجد المنقح له من عقل أو إجماع (فتأمل) و استدل جماعة بقوله جل شأنه (إِلّٰا أَنْ تَکُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) حیث علقت إباحة التصرف علی التجارة فلو لم تکن مفیدة للملک لما جاز التعلیق و قد یقال إن لانقضاء الخیار مدخلا فی التراضی لعدم قطع علائق الملک فیما شرط فیه الخیار مع ما قد یقال من الإجمال فی التجارة «1» (و استدل) بأنه صحیح فیترتب علیه أثره لأن الصحة عبارة عن ترتب الأثر و إلا لبطل الخیار لترتبه علی العقد فیکون صحیحا فیتبعه غایته و هو الملک و هو کما تری (و قد یقال) إن الغایة صلاحیة الملک إذا حصل شرطه و الملک الحقیقی من توابع اللزوم و بأن المقتضی للملک و هو العقد موجود لأنه السبب الشرعی لنقل الملک هنا و لذا عرفوه بأنه انتقال عین أو تملیک عین و المانع مفقود إذ لیس إلا ثبوت الخیار و هو غیر مناف للملک و بأنه لو لم ینتقل لکان موقوفا و حینئذ لا فرق بین المالک و الفضولی إلی غیر ذلک مما هو محل مناقشة و الأقعد الاستدلال علیه بالأخبار الواردة فی خیار الشرط کالخبر الصحیح إلی صفوان عن إسحاق بن عمار قال حدثنی من سمع أبا عبد اللّٰه علیه السلام و خبر معاویة بن میسرة فإنهما صریحان فی کونه زمن الخیار الذی هو سنة فی الأول و ثلاث سنین فی الثانی ملکا للمشتری و أن النماء له و أنه لو تلف فی تلک المدة بالاحتراق کان من ماله و لا قائل بالفصل قطعا قبل صاحب الکفایة و بأخبار خیار التأخیر المشتملة علی أنه إن جاء قبل الثلاثة فله بیعه أی مبیعه و إلا فلا بیع له بالتوجیه الذی تقدم من التقیید و المقابلة (و قد یتأمل) فی هذا و بالأخبار الدالة علی أن مال العبد للمشتری مطلقا أو مع علم البائع من غیر قید بمضی زمن خیار الثلاثة و غیره بل ظاهرها أن ذلک بمجرد الشراء (فتأمل) و بالأخبار الدالة علی سقوطه بالخطوة و التفرق فإنه یدل علی حصول الملک و البیع قبله و إنما یجب بعده فتأمل و بإطلاق کثیر من النصوص الدالة علی جواز بیع المتاع قبل القبض مطلقا کما فی بعض و للبائع کما فی بعض آخر و بمفهوم الأخبار الدالة علی أن کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه من دون تقیید بمضی زمن الخیار فلا یقوی علی المعارضة الأصل و الأخبار المستفیضة الواردة فی خیار الحیوان الظاهرة فی کون تلفه من البائع قبل انقضاء مدة الخیار کصحیحة ابن سنان الواردة فی الدابة و العبد و موثقة «2» عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه الواردة فی الأمة و مرسلة ابن رباط و روایة عبد اللّٰه بن الحسن بن زید بن علی بن الحسین
______________________________
(1) لأن لها ثلاث إطلاقات مطلق التکسب علی أی حال فیدخل الصلح و الإجارات و غیرها و المعاوضة لطلب الربح و البیع مطلقا و مثل هذا یقال فی مقام التعارض فتأمل (منه قدس سره)
(2) سأل الصادق علیه السلام عن رجل اشتری أمة بشرط من رجل یوما أو یومین فماتت عنده و قد قطع الثمن علی من یکون الضمان قال لیس علی الذی اشتری ضمان حتی یمضی شرطه (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 595
فالنماء المتجدد بعد العقد للمشتری و إن کان فی مدة الخیار فإن فسخ العقد رجع بالثمن و استرد البائع الأصل دون النماء (1)
______________________________
علیه السلام لأن الأخبار السابقة قد تعاضدت و اعتضدت بالشهرة العظیمة بل بالإجماع مع صراحة أخبار الشرط و مخالفة جمهور فقهاء الجمهور کأبی حنیفة و مالک و الشافعی فی أحد أقواله و الموافق لنا أحمد و الشافعی فی أحد أقواله فما قیل من أنا مخالفون للعامة کافة غیر صحیح و أما هذه الأخبار فهی علی أخصیتها من المدعی و شذوذها فیما حاولوه فیها و عدم صراحتها فیه و عدم العاضد لها سوی الأصل المعارض بأصل براءة الذمة من المنافع المتلفة عند المشتری مثلا فقد حملت علی محامل قد قیل إن أجودها الحمل علی التقیة (و فیه بعد) و قد حمل قوله علیه السلام فی الصحیحة حتی ینقضی الشرط و یصیر المبیع للمشتری علی استقرار الملک إذ أقصی ما دلت علیه هذه الأخبار أن التلف فی المدة ممن لا خیار له و هذا مجمع علیه بین الأصحاب فکان بالنص و الإجماع مستثنی من قاعدة الباب القائلة بحصول الملک بمجرد العقد المستلزمة لکون التلف من المشتری کما استثنیناه منها بالنص و الإجماع أیضا أن التلف قبل القبض من مال بائعه سواء کان للمشتری خیار أم لا بمعنی أنه ینفسخ العقد من حینه و یقدر دخوله فی مال البائع آنا ما قبل التلف و یکون التلف کاشفا فما دلت علیه هذه الأخبار التی نحن فیها بظاهرها من عدم صیرورة المبیع قبل انقضاء الخیار للمشتری یراد منه عدم اللزوم و الاستقرار کما ذکروه فی الصحیحة و لم یبق إلا الأصل و لا بقاء له مع الدلیل (و قد احتج) للشیخ بأنه یجوز للبائع التصرف فی المبیع و هو فرع الملک (و فیه) أنه أول ممنوع و الشاذ القائل بالصحة لعله یقول إذا تصرف فیه البائع بالبیع مثلا ینتقل إلیه من المشتری الأول قبل البیع لمکان الفسخ بالعزم ثم یخرج عن ملکه للمشتری الثانی بالعقد (و قد یحتج) له بروایة الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی خیار المجلس فإذا افترقا فقد وجب البیع و المراد بالوجوب الثبوت لأنه کذلک لغة و الأصل عدم النقل فإن عم أقسام الخیار فهو المطلوب و إلا لزم إحداث قول ثالث (و فیه) أنها معارضة بخبر غیاث بن إبراهیم إذا صفق الرجل علی البیع فقد وجب و إن لم یفترقا (سلمنا) أنه ضعیف موافق للعامة لکن الوجوب فی اللغة بمعنی اللزوم أیضا ففی (الصحاح و القاموس) وجب یجب وجوبا لزم و نحوه قال ابن الأثیر و الفیومی و فی (مجمع البحرین) قاله الجوهری و غیره (و ربما احتج للشیخ) أیضا بقصوره عما انتفی فیه الخیار و القصور سبب عدم إفادته الملک لأنه لو أفاد الملک لساوی الخیار عدمه (و فیه) أن القصور بعدم اللزوم لا بعدم إفادته الملک ثم علی قول الشیخ مطلقا أو مقیدا فهل یکون انقضاء الخیار مع عدم الفسخ کاشفا عن ملک المشتری من حین العقد أم ناقلا له فیه وجهان کما فی (الکفایة) و غیرها و لم یستظهر واحدا منهما فی (الدروس) مع أن الظاهر من قوله ملک المشتری بالعقد المتقدم أنه کاشف و الذی فهمه الشهید فی (غایة المراد) و المولی الأردبیلی و تظهر الفائدة فی النماء کما ستعرف و فی الأخذ بالشفعة زمن الخیار و فی جریانه فی حول الزکاة و فی التصرف کما ستسمع
(قوله) (فالنماء المتجدد بعد العقد للمشتری و إن کان فی مدة الخیار فإن فسخ العقد رجع بالثمن و استرد البائع الأصل دون النماء)
ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال عندنا و نسب الخلاف فیه إلی أقاویل العامة (و المراد) به ما کان منفصلا ککسب المملوک و مهر الأمة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 596
و إذا تلف المبیع قبل قبضه فهو من مال بائعه (1) فیرجع المشتری بالثمن لا غیر
______________________________
الموطوءة بالشبهة و البیض و اللبن و الثمرة و الأصواف و غیرها و أما المتصل المتجدد کالسمن و نحوه فتابع للمبیع فإن فسخ تبعه فإذا حملت الجاریة أو الدابة عند المشتری فی زمن الخیار لامتداد المجلس أو للشرط فهو کالمنفصل للمشتری عندنا کما فی (التذکرة) أما لو کانتا حاملتین عند البائع و بدا فی زمن الخیار فحکمه حکم المتصل کالسمن
(قوله) (و إذا تلف المبیع قبل قبضه فهو من مال بائعه)
إجماعا کما فی (السرائر و کشف الرموز و جامع المقاصد و الروضة) و یتناوله إجماع (الغنیة) بإطلاقه کما ستسمعه و فی (التذکرة) فی باب القبض لا خلاف عندنا فی أن الضمان علی البائع قبل القبض مطلقا فلو تلف (حینئذ) انفسخ العقد و سقط الثمن و فی (الکفایة) أنه لا یعرف فیه خلافا و هو ظاهر جماعة حیث عبروا عن ذلک بالقاعدة و من المعلوم أن القاعدة لا تثبت إلا بالإجماع أو النص المجمع علی العمل به کما حرر فی محله و فی (مجمع البرهان) إن کان دلیله الإجماع (ثم قال) عند الکلام علی الأخبار إنه لا خلاف فی العمل بها و قبولها علی الظاهر و فی (الکفایة) لا أعرف فیه خلافا (و یدل) علی ذلک خبر عقبة بن خالد الحسن العقیدة الذی قال له الإمام علیه السلام رحمکم اللّٰه من أهل بیت المروی فی (الکافی) الصریح فی ذلک لکن فی السند ابن هلال و فیه أیضا إیماء إلی التعمیم فی البائع و المشتری لأنه قد ورد فی رجل اشتری متاعا من رجل و أوجب له غیر أنه ترک المتاع و لم یقبضه فسرق المتاع من مال من یکون قال أی (الصادق) علیه السلام من مال صاحب المتاع الذی هو فی بیته حتی یقبض المتاع و یخرجه من بیته فإذا أخرجه من بیته فالمبتاع ضامن لحقه حتی یرد ماله إلیه (و الخبر النبوی) کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه و ضعف السند فیهما منجبر بعمل الکل فقد طفحت عباراتهم بذلک فی المقام و مبحث خیار التأخیر مضافا إلی إجماع (الخلاف) هناک و إطباق المتأخرین علی ذلک مضافا إلی ما ذکروه فی باب الثمار فیما إذا تلفت الثمرة المبتاعة فإنهم حکموا من غیر خلاف و لا تأمل بأن تلفها قبل القبض من البائع کما مر الکلام فیه مسبغا و حکموا بذلک أیضا فی المطلب الثانی فی أحکام القبض کما یأتی فکان ذلک کله مخرجا عن حکم القاعدة الأخری القائلة بحصول الملک بمجرد العقد المستلزمة لکون التلف من المشتری فینبغی أن یندفع الإشکال عن المقدس الأردبیلی و من تبعه لأنه قد استشکل هنا و أعاده فی باب القبض و المخالف المفید و السیدان و من تبعهم فی خصوص خیار التأخیر و قد سمعت دعوی السیدین الإجماع فی (الإنتصار و الغنیة) و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی محله و معنی کونه من مال بائعه أنه ینفسخ العقد بتلفه من حینه و یرجع الثمن إلی ملک المشتری کما قد تشعر به روایة عقبة و به صرح فی (المبسوط) و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه فلو کان قد تجدد له نماء بعد العقد و قبل التلف فهو للمشتری کما هو مقتضی القاعدة و استصحاب الحالة السابقة و ظاهرهم أنه لا خلاف فیه و إن کان ظاهر النص و الفتوی قد ینافیه لکنهم تأولوهما بما تسمعه من التقدیرین و لیس للمشتری مطالبة البائع بالمثل أو القیمة و إن کان حکمهم بکونه من مال البائع قد یوهم ذلک و المراد منه ما ذکرناه و إنما عبروا بذلک تبعا للنص (و حینئذ) فیقدر دخوله فی ملک البائع قبل التلف آنا ما و یکون التلف کاشفا عنه کدخول الدیة فی ملک المیّت و العبد المأمور بعتقه فی ملک
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 597
و إن تلف بعد قبضه و انقضاء الخیار فهو من مال المشتری (1) و إن کان فی مدة الخیار من غیر تفریط فمن المشتری إن کان الخیار للبائع أو لأجنبی أو لهما و إن کان للمشتری خاصة فمن البائع (2)
______________________________
المعتق عنه و حکی فی (التذکرة) وجها بأن الفسخ هنا یکون من أصله فلا یحتاج إلی التقدیر لکنه مخالف لما علیه الأصحاب ثم إن ظاهر معقد الإجماع و النص بحکم التبادر و تصریح الأکثر اختصاص الحکم بما إذا تلف بآفة سماویة أما لو أتلفه متلف فإنه یتخیر بین الفسخ و أخذ الثمن و بین مطالبة المتلف کما صرح به فی (المبسوط و الکتاب) فی باب القبض (و التذکرة و جامع المقاصد) فی موضعین (و المیسیة و المسالک و مجمع البرهان) و غیرها و استحسنه فی (التحریر) فی باب القبض أما الفسخ فلأنه مضمون علی البائع و لیس هنا انفساخ و أما إلزام المتلف فلأنه أتلف ماله لأن المبیع قد انتقل إلی المشتری و إن کان مضمونا علی البائع و احتمال الرجوع إلی مقتضی القاعدة فی غیر المتبادر من النص و الإجماع قائم لکنهم کما تری أعرضوا عنه و الأقرب (حینئذ) إلحاق البائع حیث لا خیار له بالأجنبی کما صرح به فی بیع الثمار فی (التذکرة و الإرشاد) فی باب القبض (و غایة المراد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد) فی موضعین (و الروضة و المسالک و مجمع البرهان) و غیرها و قال الشهید فی حواشیه فی باب القبض قطع به العراقیون فتخیر بین الفسخ و إلزام البائع بالمثل أو القیمة سواء زادت عن الثمن المسمی المدفوع أو نقصت عنه و فی (المبسوط) (و الشرائع) فی الباب المشار إلیه (و التحریر) فی باب القبض أنه ینفسخ کما إذا تلف بأمر سماوی و کأنه مال إلیه فی (الإیضاح) و کأنهم استندوا إلی عموم النص أعنی کل مبیع تلف إلخ (و فیه) أن ذلک إنما یکون حیث لا یکون البائع متلفا تمسکا بأصالة بقاء العقد و اقتصارا علی موضع الوفاق و إن کان و لا بد فلیرجع إلی مقتضی القاعدة و إتلاف المشتری کالقبض إن کان بالتسبیب و قبض إن کان بالمباشرة و هل یفرق بین کونه بإذن البائع و عدمه احتمالان و قد استوفینا الکلام فی هذه المباحث فی باب بیع الثمار فلیرجع إلیها (و فی حواشی الکتاب) فی باب القبض أن إتلاف المشتری إنما یکون قبضا إذا أتلف الجمیع لأن المصنف فی (التحریر) قال لو قطع المشتری ید العبد ثم تلف بعد ذلک فی ید البائع قبل القبض انفسخ البیع و رجع البائع بأرش النقص ثم إن ظاهر العبارات فی البابین و مقتضی الأصل و ظاهر النبوی أن تلف الثمن المعین قبل قبضه یکون من مال البائع لأنه صار ماله بالعقد علی عینه لکن ظاهر (مجمع البرهان) أنه کالمبیع و أنه لا خلاف فیه (قلت) قد صرحوا بذلک فی باب الشفعة بل ظاهرهم هناک الاتفاق علی ذلک من دون تأمل و لا إشکال و قال فی (مجمع البرهان) إن فی خبر عقبة إیماء إلی التعمیم فی البائع و المشتری (و یمکن) إرادة المشتری من البائع فی النبوی فإنه لغة یطلق علیهما و لا یضر عدم صحة السند لعدم الخلاف فی العمل و القبول علی الظاهر «انتهی» و قد تقدم فی أوائل البیع فی باب بیع الحیوان ما له نفع تام فی المقام و سیتعرض المصنف لهذه المباحث فی باب القبض
(قوله) (و إن تلف بعد قبضه و انقضاء الخیار فهو من مال المشتری)
بلا کلام کما فی (المبسوط) و بلا شک کما فی (مجمع البرهان) و إجماعا کما فی (الریاض) و به صرح فی (السرائر) و ما تأخر عنها لأن المال صار له بحیث لا تعلق به لأحد بوجه و کذلک لو تلف الثمن کذلک أی بعد الأمرین معا فإنه یکون من البائع إجماعا
(قوله) (و إن کان فی مدة الخیار من غیر تفریط فمن المشتری إن کان الخیار للبائع أو لهما أو لأجنبی و إن کان للمشتری خاصة فمن البائع)
إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 598
..........
______________________________
تلف المبیع بعد قبضه و قبل انقضاء الخیار بل فی مدته و زمنه فقد حکم المصنف هنا و فی (التذکرة) و المحقق الثانی و الفاضل المیسی أنه یکون من المشتری إن کان الخیار للبائع أو لهما أو لأجنبی و أنه إن کان للمشتری خاصة فمن البائع و هو فیما عدا الأجنبی و ما عدا ما إذا کان الخیار لهما علی ما ستعرف الحال فیه موافق لما فی (السرائر و جامع الشرائع) لابن سعید (و الإرشاد و شرحه) لولده (و مجمع البرهان) من أن التلف إن کان فی مدة الخیار فهو ممن لا خیار له و هو معنی ما فی (الشرائع و التحریر و التذکرة) (و المسالک و المفاتیح) من أنه إن کان الخیار للبائع فالتلف من المشتری و إن کان للمشتری فالتلف من البائع و لا أجد فی شی‌ء من ذلک خلافا بل إطلاق إجماع (الغنیة) حیث قال إذا هلک المبیع فی مدة الخیار فهو من مال البائع إلا أن یکون المبتاع قد أحدث فیه حدثا یدل علی الرضا فیکون هلاکه من ماله منطبق علی الصورة الثانیة (لکنه) یشکل بالنسبة إلی ما إذا کان الخیار لهما کما ستسمع و قال فی (اللمعة) ینتقل الضمان إلی المشتری بعد القبض إذا لم یکن له خیار و قضیته أنه حیث یکون له خیار فلا ضمان علیه و لو کان بمشارکة البائع أو الأجنبی و بذلک صرح فی (الروضة) فی فصل بیع الحیوان و وافق الجماعة فی باب القبض و قید إطلاق عبارة (اللمعة) التی سمعتها فلیلحظ ذلک لکن التقیید بعدم التفریط کما فی (الکتاب و الشرائع) و غیرهما لا حاجة إلیه حیث یکون الخیار للبائع إلا أن یراد من دون تفریط من البائع نعم حیث یکون الخیار للمشتری خاصة یجب التقیید بعدم التفریط من المشتری (و یبقی) الکلام فی معنی کون التلف من مال من لا خیار له و لم نجد من تعرض له و سننبه علیه و أما مساواة الأجنبی للبائع (مطلقا) فیما إذا کان الخیار له فمحل إشکال لأن المشترط للأجنبی إن کان المتبایعین فحکمه حکمهما (و کذلک) إذا کان المشترط له أحدهما یکون حکمه حکمه کما فی (تعلیق الإرشاد و مجمع البرهان) و قد یقال إن ذلک منهم محافظة علی الأصل فاندفع الإشکال و لا ینقطع الخیار بتلف المبیع فی مدة الخیار بعد القبض کما صرح بذلک فی (الخلاف و المبسوط و الجواهر و الدروس و جامع المقاصد) و غیرها فیتخیر ذو الخیار کما سینبه علیه المصنف فلو فسخ البائع رجع بالبدل فی صورة عدم ضمانه و لا فائدة له فی إیجابه و لو فسخ المشتری رجع بالثمن و غرم البدل فی صورة ضمانه و یبقی الکلام فی إیجاب المشتری و قد عرفت أنه لو أوجبه المشتری فی صورة التلف قبل القبض لم یؤثر فی تضمین البائع القیمة أو المثل کما تقدم بیانه و فی انسحابه فیما لو تلف بیده فی خیاره نظر کما فی (الدروس) و معناه أنه حیث یکون الخیار للمشتری خاصة و یتلف بآفة سماویة فلا ریب أن للمشتری الفسخ فیکون التلف من مال البائع و علی هذا فمعنی قولهم التلف ممن لا خیار له أن علیه ذلک إذا فسخ صاحبه لا أنه ینفسخ کما قلناه فی التلف قبل القبض و أما حیث یوجب المشتری البیع فیحتمل أنه مخیر بین الرجوع علی البائع بالمثل أو القیمة و الرجوع بالثمن أو أنه لیس له إلا الرجوع بالثمن خاصة کما ستسمع عن (المبسوط) و یحتمل أن لیس له الرجوع بشی‌ء فیکون معنی له الخیار أن له الفسخ و أما إیجاب البائع فلا یعود علیه بطائل هذا علی ما یفهم من (الدروس) و غیره (و المحقق الثانی) فصل فجعل للبائع الخیار حیث یکون التلف من المشتری و أما حیث یکون الخیار للمشتری خاصة فقال إن البیع ینفسخ و یسترد المشتری الثمن و یسقط خیاره لانفساخ العقد انتهی (فلیتأمل) فی ذلک جیدا (و لعل) الذی دعی المحقق الثانی إلی القول بالانفساخ أن فسخه و إمضائه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 599
..........
______________________________
لا یأتیان بحاصل إذ الإمضاء لا یسلطه عنده علی الرجوع بالقیمة أو المثل و کأنه فهم ذلک من (المبسوط) و غیره فیکون معنی الخیار حیث یکون للبائع غیره حیث یکون للمشتری و أما إذا کان الخیار لأجنبی فهل یسقط أم لا احتمالان و فی (جامع المقاصد) أنه ینبغی أنه إذا کان الشرط من البائع لا یسقط و إلا سقط (و لعله) بناه علی أن الأجنبی کالبائع مطلقا محافظة علی مقتضی الأصل و قد جعل فی (الروضة) الأجنبی کالمشتری حیث قال لو کان الخیار للمشتری و الأجنبی معا فلا ضمان علی المشتری و لو کان الخیار لهما فالتلف من المشتری کما صرح به الشیخ فی (المبسوط) و المصنف فی (التحریر و الإرشاد) و ولده فی شرحه و المحقق الثانی و الشهید الثانی و غیرهم فإن فسخا أو أحدهما سقط الثمن و وجبت القیمة و إن اختار الإمضاء أو سکتا حتی مضت مدة الخیار لزم الثمن بدون القیمة کما صرح بذلک فی (المبسوط) لکن قضیة إطلاق إجماع (الغنیة) أن التلف من البائع و قد سمعته آنفا (فلیتأمل) فیه و قد سمعت ما فی (اللمعة و الروضة) هذا کله فی تلف المبیع (و منه یعلم) حال تلف الثمن إذا کان معینا فإنه یکون ممن لا خیار له و مع الاشتراک یکون من البائع و کل ذلک فیما إذا کان التلف بآفة سماویة و أما إذا کان التلف بغیرها فإن کان التلف من المشتری فلا ضمان علی البائع مطلقا لکن إن کان له خیار أو لأجنبی و اختار الفسخ رجع علی المشتری بالمثل أو القیمة و إن کان التلف من البائع أو من أجنبی تخیر المشتری حیث یکون له خیار بین الفسخ و الرجوع بالثمن و بین مطالبة المتلف بالمثل أو القیمة و إن کان الخیار للبائع و المتلف أجنبی تخیر کما مر و رجع علی المشتری أو الأجنبی فقد تحصل أنه إذا تلف المبیع بعد القبض فی زمن الخیار سواء کان خیار حیوان أم مجلس أم شرط فلا یخلو إما أن یکون التلف من المشتری أو من البائع أو من أجنبی أو من الثلاثة أو من اثنین منهما و علی التقادیر إما أن یکون الخیار للبائع خاصة أو للمشتری خاصة أو لأجنبی أو للثلاثة أو للمتبایعین أو للبائع و الأجنبی أو للمشتری و الأجنبی فالأقسام تسعة و أربعون و أحکامها تعرف مما مر و لم نتعرض لما إذا کان التلف بآفة سماویة لتقدم ذکره و یبقی الکلام فیما إذا کان التلف منهما و الخیار لهما أو لأحدهما فإن کان لهما فإن تهاترا و إلا جری لکل منهما فی النصف الذی لم یتلفه ما عرفته مما سلف لأنه إذا کان الخیار لهما و أتلفاه معا فلا ریب أن إتلاف المشتری إجازة کما أن إتلاف البائع فسخ و الفسخ مقدم فیثبت للبائع فی النصف الذی أتلفه المشتری المطالبة بالمثل أو القیمة و إن أتلفه أحدهما و الخیار لهما فإن کان المتلف المشتری ثبت للبائع المطالبة بالثمن إن أجاز و بالمثل أو القیمة إن فسخ و إن کان المتلف البائع ثبت للمشتری علیه الثمن لا غیر أجاز أو فسخ (هذا تمام الکلام) فیما یتعلق بالمسألة و فروعها و یبقی الکلام فی الدلیل إذ فی (مجمع البرهان) أن دلیل المسألة بفروعها غیر ظاهر و فی (الکفایة) لا أعرف فی المسألة مستندا سوی الروایات الخمس فینبغی إناطة الحکم بها و أراد بالروایات الخمس روایة إسحاق بن عمار الواردة فی خیار الشرط الدالة علی أن التلف من المشتری بعد القبض حیث إنه لا خیار له و روایة معاویة بن میسرة التی هی مثل روایة إسحاق و الروایات الواردات فی خیار الحیوان المتضمنة أن التلف من البائع حتی ینقضی شرط المشتری و خیاره و قد بینا الحال فیها فیما مر (و نحن نقول) إن قولهم إن التلف فی مدة الخیار ممن لا خیار له قاعدة لا خلاف فیها کما بیناه فیما سلف عند شرح قوله و المبیع یملک بالعقد مؤیدة بهذه الروایات الخمس و أخصیتها من المدعی مندفعة بعدم القائل بالفرق فکانت مستثناة من القاعدة القائلة إن التلف إنما یکون من مال المالک علی القول المشهور من أن المبیع یملک بنفس العقد علی أن بعض صور المسألة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 600
و یحصل الفسخ بوطی البائع و بیعه و عتقه و هبته و إن کان من ولده (1)
______________________________
جار علی القاعدة و هو إذا تلف المبیع بعد القبض و الخیار للبائع فإن التلف یکون من المشتری و هو موافق للقاعدة مع تأیید ذلک بخبری إسحاق و معاویة و کذلک ما إذا تلف الثمن بعد القبض و الخیار للمشتری فإن التلف من البائع و هو أیضا جار علی القاعدة المذکورة و المخالف للقاعدة المحتاج إلی الدلیل ما إذا تلف المبیع بعد القبض و الخیار للمشتری فإن الأصحاب حکموا بأنه من مال البائع فالحجة علیه إجماعهم کما سمعته عن (الغنیة) و أخبار خیار الحیوان و لا قائل بالفصل و أما إذا تلف الثمن بعد قبضه و الخیار للبائع فهذا محل إشکال لأن الأصل بمعنی القاعدة یقضی بأن التلف من البائع لا من المشتری و لم یتعرض أحد لحال هذا الفرع أصلا و المقدس الأردبیلی إنما تعرض لحال الثمن قبل القبض و الأخبار إنما وردت فی المبیع و خبر عقبة و إن کان یشم منه التعمیم إلا أنه صریح فی ما قبل القبض إلا أن تقول إطلاقهم أن التلف ممن لا خیار له و نحوه یتناوله کما أشار إلیه الأردبیلی و إن کان کلامهم فی المبیع و یتجشم استنباط ذلک من أخبار خیار الحیوان و هو بعید جدا (فلیتأمل) لکن هاتین الصورتین جاریتان علی الأصل علی مذهب الشیخ فلا تحتاجان إلی الدلالة و إنما المحتاج إلیها علی مذهبه الصورتان الأولیان (و لعله) یستند فی أولی الأولیین إلی أخبار خیار الشرط و أما کون التلف فی الخیار المشترک من المشتری فی المبیع و من البائع فی الثمن فهو علی المشهور جار علی القاعدة فی الأمرین معا و یشکل فیهما علی قول الشیخ من أنه لا ینتقل إلا بانقضاء الخیار و قد سمعت أنه جزم به فی المبیع و سمعت أیضا إجماع (الغنیة) فلا تغفل
(قوله ره) (و یحصل الفسخ بوطی البائع و بیعه و عتقه و هبته و إن کان من ولده)
أما حصول الفسخ بوطی البائع فی مدة الخیار فقد حکی علیه الإجماع فی (المبسوط و السرائر و ظاهر التذکرة) فی موضع منها لأنه لا یجوز أن یکون مجیزا للبیع و یطأها فیصان المسلم عن الحرام حیث یوجد إلیه سبیل و لا یکون أول الوطی محرما کما سینص علیه فی آخر البحث خلافا (للتحریر) کما ستعرف لأنا نحکم بعود الملک إلیه قبیله و ذلک أنا نجعل القصد إلی الفعل المقارن له هو المقتضی للفسخ و حینئذ فلا یجب علیه قیمة الولد لو أولدها و تصیر أم ولده و استشکل فی موضع من (التذکرة) فی حل وطیه أی وطی البائع و قال إنه ینشأ من انتقال الملک عنه فیکون الوطی قد صادف ملک الغیر فیکون محرما و من أنه أبلغ فی التمسک بالمبیع و فسخ البیع من اللفظ و فی (الدروس) فیه وجهان و لم یرجح و قوی فی (التحریر) التحریم و أنه یحصل الفسخ بأول جزء من الوطی فیقع تمامه فی الملک و نحوه ما فی (الإیضاح) کما ستعرف و ظاهر (التحریر) التوقف فی باب الهبة حیث قال فیه نظر و هو کما تری و لا فرق فی هذا الخیار بین أن یکون مختصا بالبائع أو مشترکا بینه و بین المشتری و کذلک الحال لو قبل بشهوة أو باشر فیما دون الفرج أو لمس بشهوة فإنه یکون فسخا و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه و فی الاستخدام وجهان (و مما ذکر) یعلم حال البیع و العتق و الهبة ففی (المبسوط و السرائر) ما نصه فیهما و متی وطئ البائع فی مدة الخیار کان ذلک فسخا للبیع إجماعا و جملة الباب أن کل تصرف لو وقع من البائع کان فسخا مثل العتق و الوطی و الهبة و البیع و الوصیة و غیر ذلک متی وقع من المشتری کان إمضاء انتهی کلامهما و قد یظهر منهما أن الإجماع منعقد علی الجمیع و هذه الجملة التی جعلاها أصلا فی الباب قد طفحت بها عبارات الأصحاب (و الظاهر) أنها إجماعیة إذ لم نجد من خالف کما أشرنا إلیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 601
و الأقرب صحة العقود (1) و لا تحصل الإجازة بسکوته علی وطی المشتری (2) و المجعول فسخا من البائع (3) إجازة من المشتری لو أوقعه و الإجارة و التزویج فی معنی البیع (4) و العرض علی البیع و الإذن فیه کالبیع علی إشکال (5)
______________________________
فیما سلف و فی (ظاهر التذکرة الإجماع) علی الفسخ بالبیع فی موضع منها حیث قال و کذا لو باع عندنا و نص فیها فی مواضع منها علی أن العتق فسخ و فی (التحریر) أنه فسخ قطعا و ظاهره الإجماع و نقل عن الشافعی فی (التذکرة) أنه أقوی من البیع فی الفسخ و أقره علیه و نص أیضا فیها علی أن الهبة من البائع فسخ و من المشتری إجازة و إن کانت غیر مقبوضة لأنها یحصل بها الرجوع عن الوصیة و نقل عن بعض الشافعیة احتمال العدم لصدورها عمن یتردد فی الفسخ و الإجازة و قد حاول المصنف هنا بقوله و إن کان من ولده الرد علی هذا البعض القائل بأن الهبة من الولد جائزة فکأنه قال و إن کانت الهبة جائزة و إنما ذکر ضمیر کان لأن المراد عوده إلی کل واحد من هذه (و لیعلم) أن هذه الثلاثة إنما تدل علی الفسخ إذا علمنا أنها صدرت علی غیر جهة الفضولیة کما هو المفروض و أما إذا جهل الحال فکما أن الأصل عدم الفضولیة کذلک الأصل عدم الفسخ و الأصل بقاء الملک و العقد (فلیتأمل)
(قوله) (و الأقرب صحة العقود)
لأنها صدرت من أهلها فی محلها و لأنها أقوی من تصرف الفضولی قطعا کما فی (الإیضاح و جامع المقاصد) و هو صحیح مع الإجازة و هی منحصرة هنا فی طرف البائع و قد حصلت و کذلک الحال فی الإیقاعات کالعتق و ربما احتمل ضعیفا عدم الصحة لأن الشی‌ء الواحد لا یحصل به الفسخ و العقد معا کما أن التکبیرة الثانیة فی الصلاة بنیة الشروع یخرج بها من الصلاة و لا یشرع بها فی الصلاة و قد عرفت أن المحصل للفسخ و الملک القصد المقارن فیحصلان قبیله فاندفع أیضا ما قیل إن أولها صدر فی غیر ملک و إن البیع موقوف علی الملک الموقوف علی الفسخ المتأخر عن البیع و قد أجاب الشهید عن ذلک بأنه دور معیة و کأنه معنی قول الفخر فی (الإیضاح) الأقوی عندی صحة العقد لأنه بأول جزء منه فسخ و معناه أنه فسخ و عقد ناقل (فلیتأمل) و استشکل فی (التحریر) فی صحة عتق البائع فی خیاره و قطع کما عرفت بانفساخ البیع به و نحوه ما فی (الدروس) و تمام الکلام فی باب الرهن و باب الهبة فإنا أوضحنا هناک الحال و استوفینا المقال
(قوله) (و لا تحصل الإجازة بسکوته علی وطی المشتری)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 601
کما فی (المبسوط و الخلاف و الغنیة) و غیرها فإن السکوت لا یدل علی الرضا کما لو وطئ رجل أمة غیره و هو ساکت فإنه لا یسقط مهرها و ربما قیل بأن إقراره علی ذلک یدل علی رضاه بإنفاذ البیع و لیس بشی‌ء قطعا و هو الوجه الثانی للشافعیة و لا تصیر بذلک أم ولد لو ولدت فیجوز له أخذها عملا بمقتضی أصالة الحق الذی کان ثابتا و استصحابه
(قوله) (و المجعول فسخا من البائع)
قد تقدم الکلام فی ذلک مرارا
(قوله) (و الإجارة و التزویج فی معنی البیع)
و کذلک الرهن کما فی (التذکرة و التحریر) و قد سمعت ما فی (المبسوط و السرائر) و هو قضیة قاعدتهم أما الإجارة فلأنها تملیک للمنفعة و الأصل فیها أن لا تکون فضولیة و النکاح لا یقصر عن الإجارة و کذلک الرهن و نستوفی الکلام فی الرهن فی باب الرهن
(قوله) (و العرض علی البیع و الإذن فیه کالبیع علی إشکال)
لم یرجح أحد شقیه فی (الإیضاح و الحواشی)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 602
و لو باع المشتری أو وقف أو وهب فی مدة خیار البائع أو خیارهما لم ینفذ إلا بإذن البائع (1) و کذا العتق علی إشکال (2)
______________________________
المنسوبة إلی الشهید و قرب فی (التذکرة) أنهما من البائع فسخ و من المشتری إجازة لدلالتهما بالالتزام علی الالتزام بالبیع من المشتری فیکونان من البائع فسخا و من ثم یحصل بهما الرجوع عن الوصیة و جعلهما فیها کالرهن و الهبة الغیر المقبوضین و فی (التحریر) أن العرض و البیع الفاسد إذا کانا من المشتری أبطلا خیاره و ظاهر خبر السکونی حیث قال فیه و إن أقامه فی السوق و لم یبع فقد وجب علیه أن الأول أی العرض من المشتری مبطل لخیاره و کأنه مال إلیه فی (الدروس) و قد تقدم الکلام فی الإذن بما لا مزید علیه و بینا أنها کالبیع عند شرح قوله و إن أذن أحدهما للآخر فی التصرف فإن تصرف سقط الخیاران و إلا خیار الآذن و قد فصل فی (جامع المقاصد) تفصیلا (حاصله) أنهما من المشتری إجازة لدلالتهما علی الرضا بالبیع و أما من البائع فلا یبعد عدهما فسخا إذا کان الإذن فی البیع لوکیله و لو کان للمشتری فإن فعل کان مسقطا لخیاره و إذا لم یفعل فإشکال قال و مثله الإذن فی سائر التصرفات و ما لو أذن المشتری للبائع فی البیع فإن کونه مسقطا لخیاره إذا لم یبع لا یخلو من بعد و العبارة تتناول ذلک کله و قد عرفت الحال فی الإذن مطلقا و أما العرض من البائع ففیه إشکال إذ من المحتمل صدوره عن تردده فی الفسخ و الإجازة إذ ربما عرضه لینظر إن جاءت بأکثر من الثمن فسخ و إلا أجاز و لا کذلک الحال فی المشتری لمکان الروایة إلا أن تقول إن الظاهر من العرض من البائع الفسخ و علی ذلک ورد الخبر فی المشتری (فلیتأمل)
(قوله ره) (و لو باع المشتری أو وقف أو وهب فی مدة خیار البائع أو خیارهما لم ینفذ إلا بإذن البائع)
کما فی (التذکرة) و هو معنی قوله فی (المبسوط) إن تصرف فیه المشتری بالهبة أو التملیک أو العتق و غیر ذلک لزم العقد من جهته و یبطل (و بطل خ ل) خیاره و نفذ تصرفه و کان خیار البائع باقیا و فی (التحریر) نفذ علی إشکال و فی (جامع الشرائع) لا ینفذ تصرف المشتری حتی ینقضی خیار البائع و لعله بناه علی ما یختار من عدم الانتقال إلا بعد انقضاء الخیار و صرح جماعة فی باب الزکاة أن المشتری ممنوع من کثیر من التصرفات المنافیة لخیار البائع کالبیع و الهبة و نحوهما و قالت الشافعیة لا ینفذ شی‌ء من هذه العقود مطلقا و لم یقل أحد منا بذلک صریحا فیما أجد کما أنه لم یقل أحد منا ببطلان خیار البائع و جعله کالتالف فینتقل إلی القیمة و لو باشر هذه التصرفات بإذن البائع أو باع من البائع نفسه صحت
(قوله) (و کذا العتق علی إشکال)
الإشکال فی أنه هل ینفذ عتقه و إن لم یأذن البائع أو یتوقف نفوذه علی إذنه کما صرح به السید العمید قال منشؤه من تعلق حق الآخر به فلا ینفذ إلا بإذنه و من أن العتق مبنی علی التغلیب فإنه لیس أبلغ من عتق بعض المشترک مع أنه ینفذ فی حصة شریکه و هو معنی قوله فی (التذکرة) و إن کان بغیر إذنه نفذ لأنه مالک أعتق فنفذ عتقه کغیره لکن تمام کلامه کما ستسمعه قد یوهم خلاف ذلک و فی (التحریر) لو أعتقه المشتری نفذ العتق و قال قبل ذلک لو أعتقه المشتری بطل خیاره و الوجه عدم بطلان خیار البائع و فی (الدروس) أعرض عن ذلک و تعرض بشی‌ء آخر قال لو أعتق المشتری نفذ العتق فی الحال لزوال الخیار و قال الشیخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 603
نعم له الاستخدام و المنافع (1) و الوطی (2)
______________________________
ینفذ بعد مدة الخیار انتهی (قلت) هذا قول الشیخ فی (الخلاف) و به قال القاضی فی (الجواهر) و إلیه أشار صاحب الجامع کما عرفت و لا یخفی أن إطلاق عبارتی (الدروس و التحریر) قد یعطی کعبارة (التذکرة) ما فهمه من عبارة الکتاب السید العمید دون ما فهمه منها الشهید فی حواشیه حیث قال فی شرح الإشکال قیل إنه موقوف علی الإجازة و قیل یکون باطلا لأن العتق لا یکون إلا منجزا (انتهی) و قد تشعر بذلک عبارة (الإیضاح) فی المقام و هو صریحها فیما إذا اشتری عبدا بجاریة کما ستسمع و هو ظاهر (جامع المقاصد) و علی کل حال فالقول الذی حکاه الشهید من البطلان لم نجده لأحد من أصحابنا و إنما هو للشافعیة (للشافعی خ ل) کما أن القول بتوقفه علی الإذن بمعنی أن له أن یبطل العتق لم نجده أیضا مصرحا به و معنی تنجیز العتق أن لا یکون فی صیغته معلقا علی شرط أو صفة و ما نحن فیه لیس کذلک فبطل الاستناد فی البطلان إلی ذلک و إلا فقد أجاز و أعتق الراهن إذا أجازه المرتهن بعد الإعتاق و أجازوا توقف البیع فی المقام علی إذن البائع مع أنه لا یقع (لا بیع خ ل) إلا منجزا فدار الأمر بین نفوذه من دون توقف علی الإذن و بین توقفه علیه بمعنی أنه لم یبطل خیاره بمعنی أنه ینتقل إلی القیمة کما ستعرف و علی ذلک ینزل إطلاق (التحریر) و الشهید فی حواشیه اختار الثانی و قال إنه ینتقل من البائع إلی القیمة و معناه کما بیناه أنه لیس له الفسخ کما کان فیبطل العتق بل یجعل کالتالف و ینتقل إلی القیمة و حکاه فی حواشیه عن الفخر و ابن المتوج و قربه المحقق الثانی و فی (الإیضاح) بعد أن ذکر وجهی الإشکال قال إن الأصح صحة العتق و قد فهم منه الشهید ما سمعت و عبارته قابلة لذلک و قد یکون مفاد العبارات واحدا بأن یتجشم الجمع بینهما لکنه بعید عن عبارة (التذکرة) فلیتأمل جیدا فإن کلامهم کأنه لا یلتئم إلا بتکلف شدید لکنه من البعید أن یبطل خیار البائع بالکلیة من العین و القیمة و فی (التذکرة) بعد أن حکم بالنفوذ من دون إذنه کما أسمعناکه قال ثم إما أن نجعل للبائع الخیار أو نبطله کالتالف فإن أثبتناه فالأقوی أنه یرجع بالقیمة کالتالف (انتهی) و سیأتی للمصنف قریبا فیما إذا اشتری عبدا بجاریة و أعتقهما معا و الخیار للبائع ما له نفع تام فی المقام لأن المسألتین من سنخ واحد و المصنف و جماعة فی باب القصاص فیما إذا قتل العبد حرا أو عبدا فأعتقه مولاه استشکلوا فی نفوذ عتقه و جماعة قالوا بالنفوذ و آخرون بالمراعاة و الأصح النفوذ من دون مراعاة و لیلحظ کلامهم فی المقام فإن تحریره ما ذکرناه
(قوله) (نعم له الاستخدام و المنافع)
لعله مما لا خلاف فیه لأنه إذا جاز له الوطی کما ستسمع جاز له الاستخدام و المنافع بالأولی لکنهم ربما عللوا منعه من الوطی علی القول به أو علی احتماله کما سیأتی للمصنف فی الفرع الثالث بإفضائه إلی الاستیلاد الموجب لسقوط خیار البائع و ذلک قائم فی الاستخدام فإنه ربما أدی إلی المرض و التلف (فلیتأمل)
(قوله) (و الوطی)
لا یأثم بالوطی و یلحق به الولد و یکون حرا إجماعا کما فی (الغنیة) و نحوه إجماع (الخلاف) و بالأحکام الثلاثة صرح فی (المبسوط و السرائر و التحریر) و هو المحکی عن القاضی و نقل ذلک فی (الدروس) عن (الخلاف) و احتمل حمله علی الخیار المختص به و کلام (المبسوط و الغنیة) لا یقبل هذا الاحتمال لأن آخره صریح فی الخیار المشترک و کذلک آخر کلام (الخلاف) علی ما وجدته فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 604
فإن حبلت فالأقرب الانتقال إلی القیمة مع فسخ البائع (1) و لو اشتری عبدا بجاریة ثم أعتقهما معا فإن کان له الخیار بطل العتقان لأنه بعتق الجاریة مبطل للبیع و بعتق العبد ملتزم به فعتق کل منهما یمنع عتق الآخر فیتدافعان (2)
______________________________
النسخة التی عندی لکنها فی المقام غیر نقیة من السقط لکن ذلک هو الذی حکاه عنهما فی (السرائر) و جواز الوطی حینئذ خیرة (المختلف و الإیضاح و جامع المقاصد) و فی (حواشی) الشهید أنه المنقول و سیستشکل المصنف فی ذلک فی الفرع الثالث و ظاهر (الدروس) أن لیس له ذلک و هو صریح (التذکرة) و الأصح الجواز علی القول المشهور من أن المبیع یملک بالعقد بل من نسب إلیه الخلاف فی ذلک وافق هنا و هذا یرشد إلی ما فهمناه هناک من أنه غیر مخالف و ما استندوا إلیه من التعلیل کما سمعته علیل منقوض بالاستخدام الذی لا خلاف فیه علی الظاهر مضافا إلی إجماع (الغنیة) و کذا إجماع (الخلاف)
(قوله) (فإن حبلت فالأقرب الانتقال إلی القیمة مع فسخ البائع)
کما هو خیرة (التحریر و الإیضاح و جامع المقاصد) و هو قضیة کلام (السرائر و المختلف) و ظاهر (کنز الفرائد) لمکان الجمع بین الحقوق فیسقط حق البائع من العین و یکون له أخذ القیمة لأن أم الولد لا یجوز بیعها و حق البائع من الخیار لا یجوز إسقاطه و احتمال أخذ العین لسبق حقه علی الاستیلاد ضعیف و فی (المبسوط و الخلاف) فإن فسخ البائع لحق الولد بأبیه و یلزمه للبائع قیمته و إن لم یکن هناک ولد لزمه عشر قیمتها إن کانت بکرا و إن کانت غیر بکر نصف عشر قیمتها و حکی ذلک فی (المختلف) عن القاضی و کأنه مبنی علی عدم الانتقال و أنکره فی (السرائر) فقال لا یلزمه قیمة الولد و لا عشر قیمة الجاریة سواء فسخ البائع أم لا و أطال فی ذلک و نحوه ما فی (المختلف) و هو قضیة کلام المصنف هنا و من وافقه بل قالوا إن الأمة تصیر مستولدة کما عرفت و الشیخ یمنع من الاستیلاد إلا أن تعود إلیه و اقتصر فی (الدروس) علی نقل الأقوال من دون ترجیح (فقد تحصل) أنه یتعلق بوطی المشتری کذلک أحکام ستة ثلاثة منها لا تختلف باختلاف الأقوال و ثلاثة تختلف أما ما لا یختلف فسقوط الحد و نسب الولد و حریته لأن الوطی صادف ملکا أو شبهة فدرأ الحد و ثبت النسب و الحریة و أما التی تختلف فالمهر و قیمة الولد و کونها أم ولد و أما حل الوطی و عدمه فیجیئان علی القولین کما عرفت فإن أجاز البائع البیع و قلنا الملک یثبت بالعقد فقد صادف الوطی الملک فلا مهر و لا قیمة ولد و تصیر أم ولده و إن قلنا إنما ینتقل بانقضاء الخیار و العقد معا فقد وطئ فی ملک البائع فیجب المهر و فی قیمة الولد وجهان بناء علی القولین فی أن الحمل هل له حکم أم لا فإن قلنا به وجب لأن العلوق کان فی ملک البائع و إن قلنا لا حکم له لم یجب بل یوضع فی ملک المشتری و فی الاستیلاد وجهان و إن فسخ البائع العقد فإن قلنا إن الملک ینتقل بالعقد لا یجب المهر و تصیر أم ولد و یضمن قیمتها لا ثمنها و إن قلنا إن الملک لا ینتقل بالعقد فقد صادف الوطی ملک البائع فیجب المهر و قیمة الولد و لا تصیر أم ولد إلا أن تنتقل إلی المشتری بسبب آخر فالقولان
(قوله) (لو اشتری عبدا بجاریة ثم أعتقهما معا فإن کان له الخیار بطل العتقان لأنه بعتق الجاریة مبطل للبیع و بعتق العبد ملتزم به فعتق کل منهما یمنع عتق الآخر فیتدافعان)
هذا هو الأصح و هو خیرة (التذکرة و جامع المقاصد) و أحد وجوه الشافعیة إذ عتق أحدهما دون الآخر مع اشتراکهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 605
و یحتمل عتق الجاریة لأن العتق فیها فسخ و فی العبد إجازة و إذا اجتمع الفسخ و الإجازة قدم الفسخ کما لو فسخ أحد المتعاقدین و أجاز الآخر فإن الفسخ یقدم (1) و عتق العبد لأن الإجازة إبقاء للعقد و الأصل فیه الاستمرار (2) و إن کان الخیار لبائع العبد لم ینفذ عتق الجاریة و لا العبد إلا مع الإجازة علی إشکال (3)
______________________________
فی السبب ترجیح بلا مرجح و یمتنع صحة عتقهما معا لأن عتق الجاریة یقتضی انفساخ البیع و خروج العبد عن ملکه فیبطل عتقه و عتق العبد یقتضی التزامه بالبیع و عدم عود الجاریة إلیه فیبطل عتقها فیمتنع صحتهما لأن عتق کل منهما مبطل لعتق الآخر و قال أبو حنیفة إنهما یعتقان معا و هذا إذا وقع العتق دفعة کما هو المفروض أما لو أعتق العبد أولا صح عتقه و بطل خیاره و یبطل عتق الجاریة و لو قدم عتق الجاریة انفسخ البیع و صح العتق و بطل عتق العبد کما عرفته فیما سلف
(قوله) (و یحتمل عتق الجاریة لأن العتق فیها فسخ و فی العبد إجازة و إذا اجتمع الفسخ و الإجازة قدم الفسخ کما لو فسخ أحد المتعاقدین و أجاز الآخر فإن الفسخ یقدم)
هذا أحد وجوه الشافعیة و هو الاحتمال الثانی و هو قوی جدا و قد أجاب عنه فی (جامع المقاصد) بمنع تقدیم الفسخ علی الإجازة دائما لأن کلا منهما إذا صدر بحق امتنع بطلان أحدهما و صحة الآخر لأنه تحکم محض و تقدیم الفسخ فی المتعاقدین لیس لمجرد کونه فسخا و کون الآخر إجازة بل لأن الحق لاثنین فإذا أجاز أحدهما لزم العقد من طرفه خاصة و ذلک لا یقتضی لزومه من الطرف الآخر فیبقی خیار الآخر کما کان و لا ینقص ذلک عما إذا کان العقد من أصله لازما من أحد الطرفین خاصة لاختصاص الخیار بالطرف الآخر و قد یرجح هذا الاحتمال بما سیأتی فی الحالة الثالثة (و أنت) إذا تذکرت ما أسلفناه غیر مرة فی خیار المجلس و عند شرح قوله و هل للورثة التفریق عرفت أن ما قاله فی (جامع المقاصد) هنا خال عن التحصیل
(قوله) (و عتق العبد لأن الإجازة إبقاء للعقد و الأصل فیه الاستمرار)
هذا أحد وجوه الشافعیة و هو الاحتمال الثالث و قد اختاره فی (التحریر) و فی (جامع المقاصد) أنه ضعیف جدا فإن أصل الاستمرار یعدل عنه إذا حصل المقتضی للعدول و قد یقال المقتضی للعدول هو عتق الجاریة و قد کافاه عتق العبد فیرجح بالأصل (و فیه) أن أصالة الاستمرار فی بیع العبد معارضة بأصالة بقاء الخیار فی کل من العبد و الجاریة و لو حکمنا بصحة عتق العبد دون الجاریة لبطل الخیاران و نقل فی (التذکرة) عن بعض الشافعیة أن الثانی و الثالث مبنیان علی أن الملک فی زمن الخیار للبائع أو للمشتری فإن قلنا بالأول نفذ عتق الجاریة و إن قلنا بالثانی نفذ عتق العبد (و فیه) أنه لما کان له الخیار کان له أن یعتق و إن لم یکن مالکا کما عرفته آنفا
(قوله) (و لو کان الخیار لبائع العبد لم ینفذ عتق الجاریة و لا العبد إلا مع الإجازة علی إشکال)
الاحتمالات الثلاثة کانت فیما إذا کان الخیار للمشتری و أعتقهما معا و کلامه الآن فیما إذا أعتقهما المشتری معا و کان الخیار لبائع العبد و الإشکال إنما هو فی عتق العبد و أما الجاریة فلا إشکال فی عدم نفوذ عتقها لأنه غیر مالک لها و لا صاحب خیار بالنسبة إلیها و فی (حاشیة الإیضاح) الإجماع علیه بخلاف العبد فإن المعتق بالنسبة إلیه مشتر و الخیار لصاحبه و قد تقدم الکلام فی ذلک عند قوله و کذا العتق علی إشکال لکن فی جملة المستثنی و المستثنی منه هنا تقدیرا صورته لا یقع عتق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 606
و لو اشترک الخیار صح عتق الجاریة خاصة لأن إعتاق البائع مع تضمنه للفسخ یکون نافذا علی رأی (1) و لا یعتق العبد و إن کان الملک فیه لمشتریه لما فیه من إبطال حق الآخر (2)

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لا یبطل الخیار بتلف العین]

(الأول) لا یبطل الخیار بتلف العین فإن کان مثلیا طالب صاحبه بمثله و إلا القیمة (3)
______________________________
العبد بدون الإجازة و یقع معها و الإشکال یمکن عوده إلی الأولی أو الأخیرة أو إلیهما معا فإن عاد إلی الأولی احتمل أن یکون منشؤه تعلق حق الآخر به فلا یقع إلا بإذنه فیقع باطلا أو موقوفا و أن العتق مبنی علی التغلیب فیبطل خیار البائع بالکلیة أو لا یبطل بل یتدارک بالقیمة جمعا بین الحقین و قد استبعدنا فیما سلف سقوط حق البائع بالکلیة و إن رجع إلی الأخیرة کان منشؤه الشک فی أن العتق هل یقع موقوفا أم لا و قد علمت أنه یقع موقوفا کعتق الراهن و عرفت معنی التنجیز (و منه) یعلم حال ما إذا رجع إلیهما و لیتأمل فی ذلک و لیلحظ ما ذکرناه هناک
(قوله) (و لو اشترک الخیار صح عتق الجاریة خاصة لأن إعتاق البائع مع تضمنه للفسخ یکون نافذا علی رأی)
موافق لما فی (التذکرة و الإیضاح) و کذا (جامع المقاصد) و هو أصح وجهی الشافعیة و وجهه أن المشتری بالنسبة إلی الجاریة کبائع العبد بالنسبة إلی العبد و قد قلنا بصحة العقود المتضمنة للفسخ من البائع فلیکن هناک کذلک لأن المقامین من واد واحد علی تأمل یأتی بیانه و هذه حالة ثالثة و هی ما إذا أعتق المشتری العبد و الجاریة و الخیار مشترک
(قوله) (و لا یعتق العبد و إن کان الملک فیه لمشتریه لما فیه من إبطال حق الآخر)
لأنا لو أنفذناه لکان إجازة و اقتضی إبطال حق البائع من العین و القیمة أو القیمة فقط لو أراد الفسخ و لا کذلک إعتاق الجاریة لأنه فسخ و هو مقدم علی إجازة البائع لو أجاز فحصل الفرق و هو خیرة (التذکرة و الإیضاح) و کذا (جامع المقاصد) و أصح وجهی الشافعیة (و عساک تقول) قد حکمت فی الاحتمال الأول من الحالة الأولی ببطلان العتقین لمکان التدافع و هو هنا موجود فلیکن کذلک (لأنا نقول) کان الخیار هناک للمشتری خاصة فلا مرجح لأحد العتقین و لما کان هنا مشترکا کان المرجح ما سمعته فلیتأمل
(قوله) (لا یبطل الخیار بتلف العین فإن کان مثلیا طالب صاحبه بمثله و إلا القیمة)
اعترضه الشهید فی حواشیه و المحقق الثانی بأن هذا الإطلاق غیر مستقیم لأن کثیرا من الصور التی تتناولها العبارة لا یجری فیها هذا الحکم و بعضها مما یتوقف فیه (و نحن نقول) إطلاق التلف یتناول ما إذا کان بآفة سماویة أو أرضیة من المشتری أو البائع أو الأجنبی مع التفریط و بدونه سواء کان قبل قبض المشتری أو بعده و إطلاق الخیار یتناول جمیع أقسام الخیار و ما إذا کان الخیار للبائع أو للمشتری أو لهما و کذلک العین تتناول الثمن و المثمن و قد بینا أن تلفهما قبل قبضهما بآفة سماویة یفسخ العقد و یرجع به کل إلی مالکه فی جمیع أقسام الخیار و أصحابه و الظاهر أنه أراد غیر هذه الصورة أعنی التلف قبل القبض بآفة سماویة لأنه إذا أتلف المبیع متلف حینئذ بائعا کان حیث لا خیار له أو أجنبیا فخیار المشتری باق خلافا (للمبسوط و الشرائع) و کذا (الإیضاح) فی عدم إلحاقهم البائع بالأجنبی و کذلک الحال فی الثمن کما تقدم بیانه مستوفی فی بیع الثمار لکنا نقول إن التلف متی کان بفعل المشتری أو تفریطه کان مسقطا لخیاره إلا فی الکذب فی بیع المرابحة و سواء کان قبل القبض أو بعده و إطلاق العبارة یتناوله إلا أن تقول إن المراد ما کان بغیر تفریط سواء کان قبل القبض أو بعده فیصح الإطلاق و قد بینا جمیع صور تلف المبیع بعد القبض و هی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 607

[الثانی لو قبلت الجاریة المشتری فالأقرب أنه لیس بتصرف]

(الثانی) لو قبلت الجاریة المشتری فالأقرب أنه لیس بتصرف و إن کان مع شهوة إذا لم یأمرها (1) و لو انعکس الفرض فهو تصرف و إن لم یکن عن شهوة
______________________________
تسع و أربعون صورة و قلنا إنه یمکن جریانها فی خیار المجلس و الحیوان و الشرط و لا ینفسخ العقد فیما إذا اختص الخیار بالمشتری و تلف فی یده بآفة من غیر تفریط خلافا (لحواشی) الشهید (و جامع المقاصد) فی المقام بل یبقی المشتری علی خیاره و قد تأمل فیه الشهید فی (الدروس) فیما سلف و کذلک الحال لو کان الخیار مشترکا فإن خیار المشتری باق و إن کان التلف فی یده کما حکیناه فیما مضی عن (المبسوط) و غیره خلافا للشهید فی حواشیه و کذلک تلف الحیوان فی مدة خیار المشتری من غیر تقصیره لیس فسخا بل المشتری علی خیاره خلافا (لجامع المقاصد) و أما إذا تلف بتقصیره فإنه یسقط خیاره و هل هو إجازة کما إذا تلف بفعله أم لا وجهان لکنه أجنبی عما نحن فیه (و مما ذکرناه) فی بیع الثمار یعرف حال ما إذا أتلفه البائع حیث لا خیار له أو الأجنبی و قد بینا فی خیار الغبن أن البائع المغبون لا یسقط خیاره بتلف العین سواء کان التلف من المشتری أو من أجنبی أو بآفة سماویة إلا أن یکون قد تلفت بها «1» عند البائع قبل إقباضه و أن المشتری المغبون لا یسقط خیاره بتلف الثمن عند البائع کذلک و لا بتلف المبیع من البائع أو الأجنبی و الظاهر «2» أن إتلافه للمبیع الذی غبن فیه کالنقل اللازم عند الأکثر و أن فی التلف بالآفة وجهین أقربهما عدم السقوط و لا یقتضی کونه من ضمان البائع لاختصاص الخیار بالمشتری بفسخ العقد إذا تلف کما قضی ذلک بذلک فیما قبل القبض للفرق بینهما کما عرفته فیما سلف و قد بینا أن الأصحاب فی باب المرابحة حیث یظهر کذب البائع فی أخباره حکموا بأن المشتری یتخیر و أن المصنف تردد فی سقوط خیاره بالتلف و أن الشیخ فی (المبسوط) و ابن المتوج أسقطاه بالتصرف و التلف و قوی المحقق الثانی و الشهید الثانی عدم السقوط و مثله خیار الرؤیة و قد قلنا فی آخر مبحث الخیار الرابع أن خیار التدلیس کخیار العیب أقوی من خیار الغبن و قد نبهنا فی خیار المجلس علی من تعرض للتلف فی مدته کالشهید فی (الدروس) (و مما) ذکرناه فی المقام من القیود و غیرها یعرف حال ما فی (حواشی الکتاب و جامع المقاصد) و یمکن تنزیل العبارة علی وجه صحیح فلیلحظ ذلک
(قوله) (و لو قبلت الجاریة المشتری فالأقرب أنه لیس بتصرف و إن کان مع شهوة إذا لم یأمرها)
وفاقا (للتذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد) و إن علم إرادتها و ثبت لها کما فی الأخیرین و هو قول الشافعی لأنه لم یقع منه الفعل و لم یستند إلیه و یصح سلبه عنه لغة و عرفا و یلزمهم ذلک فیما إذا نزت علیه و ثبت لها و لا أظنهم یقولون به و أهل العرف لا یوافقونهم فی المقام و خلافا (للتحریر و الدروس و حواشی الکتاب) فقد حکم فیها ببطلانه مع الرضا و لعلهم (و لعلهما خ ل) استندوا (استندا خ ل) إلی العرف و لأن الملاقاة نسبة صادرة منهما و لأن علتها الکون و هو محتاج إلی المؤثر (و أما) لو أمرها فإنه یصدق استناد الفعل إلیه عرفا لأن ذا السلطنة یعد فاعلا عرفا إذا صدر الفعل بأمره لأنه من الأفعال التولیدیة و ذکر المشتری تمثیل فلو وقع ذلک بالنسبة إلی البائع حیث یکون الخیار له فهو کالمشتری
(قوله) (و لو انعکس الفرض فهو تصرف و إن لم یکن عن شهوة)
للصحیح قال علیه السلام إن لامس أو قبل أو نظر منها
______________________________
(1) أی بالآفة (حاشیة)
(2) (و أن الظاهر خ ل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 608

[الثالث لیس للمشتری الوطی فی مدة الخیار]

(الثالث) لیس للمشتری الوطی فی مدة الخیار (1) المشترک أو المختص بالبائع علی إشکال فإن فعل لم یحد و الولد حر و لا قیمة علیه فإن فسخ البائع رجع بقیمة الأم خاصة و تصیر أم ولد و لو وطأ البائع کان فسخا و لا یکون حراما

[الرابع لا یکره نقد الثمن]

(الرابع) لا یکره نقد الثمن و قبض المبیع فی مدة الخیار (2)

[الخامس البیع بالوصف قسمان]

(الخامس) البیع بالوصف قسمان بیع عین شخصیة موصوفة بصفات السلم و هو ینفسخ برده علی البائع و تلفه قبل قبضه و یجوز التفرق قبل قبض ثمنه و قبضه و بیع عین موصوفة بصفات السلم غیر معینة فإذا سلم إلیه غیر ما وصف له فرده طالب بالبدل و لا یبطل و کذا لو کان علی الوصف فرده فأبدله صح أیضا و هل یجب قبض الثمن فی المجلس أو قبضه فیه نظر (3)
______________________________
إلی ما کان یحرم علیه قبل الشراء و قد تقدم الکلام فی ذلک و أطرافه مستوفی
(قوله) (الثالث لیس للمشتری الوطی فی مدة الخیار)
تقدم الکلام فیه مسبغا آنفا
(قوله) (الرابع لا یکره نقد الثمن و قبض المبیع فی مدة الخیار)
المراد بنقد الثمن تسلیمه لأن القبض حکم من أحکام العقد فجاز فی مدة الخیار و قد نص علی ذلک فی (التذکرة و التحریر و الدروس) و غیرهما و المخالف فی ذلک مالک فقال بالکراهیة لأنه یصیر فی معنی بیع و سلف لأنه إذا أنقده الثمن ثم تفاسخا صار کأنه أقرضه إیاه فیکون قد اشتمل علی بیع و قرض و غلطه فی (التذکرة) بأن القرض لم یثبت أولا بل صار فی ذمته بعد الفسخ و لا منافاة بین البیع و القرض و السلف و فرع علیه أنه إذا دفع الثمن فی مدة الخیار جاز للمدفوع إلیه التصرف فیه لأنه قد ملکه بالعقد و استقر علیه بتعیین الدافع أو تعیینه فی العقد و نقل عن الشافعی المنع من التصرف فیه
(قوله) (البیع بالوصف قسمان بیع عین شخصیة موصوفة بصفات السلم و هو ینفسخ برده علی البائع و تلفه قبل القبض و یجوز التفرق قبل قبض ثمنه و قبضه و بیع عین موصوفة بصفات السلم غیر معینة فإذا سلم إلیه غیر ما وصف له فرده طالب بالبدل و لا یبطل و کذا لو کان علی الوصف فرده فأبدله صح أیضا و هل یجب قبض الثمن فی المجلس أو قبضه فیه نظر)
لعل ذکر أحکام هذین القسمین لیبنی علیهما الحکم فی الرد حیث یوجد سببه فإنه فی القسم الأول یوجب الانفساخ لسبب یقتضیه کعیب و غبن و نحوهما أو تراضیهما علی ذلک لتشخیص المبیع فیه لأنه جزئی بخلاف الثانی فإنه کلی و ذکر صفات السلم فی القسمین فیه تنبیه علی اعتبار وصفه بهما و إلا لم یصح و قد بینا الحال فی القسم الأول فی الفرع الثامن من فروع الفصل الثالث فی العوضین و استوفینا الکلام فیه و بینا الفرق بین هذا النوع و بین السلم (و أما القسم الثانی) فقد أشرنا إلیه فی باب السلم فی مقامین فی صدر الباب المذکور و فی الفرع الخامس من فروع الباب و إطلاق کلام المصنف فیه أی فی القسم الثانی یشمل أقساما ثلاثة کلها محل خلاف و ذلک لأن أقسام البیع بالنسبة إلی الشخص و عدمه و الحلول و التأجیل اثنی عشر قسما بیع عین شخصیة بعین و بیعها کذلک بدین حال و بیعها کذلک بدین مؤجل و لا خلاف فی صحة هذه الثلاثة و بیع عین شخصیة حاضرة موصوفة غیر مشاهدة بعین و بیعها کذلک بدین حال و بیعها کذلک بدین مؤجل و هذه الثلاثة کالثلاثة السابقة و بیع عین موصوفة فی الذمة بأجل بثمن معین و هذا سلم و بیعها کذلک بثمن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 609

[السادس لو شرط الخیار لأجنبی کان الفسخ إلیه]

(السادس) لو شرط الخیار لأجنبی کان الفسخ إلیه لا إلی المشترط (1) إلا أن نقول إن شرط الخیار للأجنبی شرط له و توکیل للأجنبی

[السابع لو شرط الخیار شهرا مثلا بعد مضی مدة معینة]

(السابع) لو شرط الخیار شهرا مثلا بعد مضی مدة معینة (2) احتمل بطلان الشرط لأن الواجب لا ینقلب جائزا و الصحة عملا بالشرط فلا یتخیر قبل انقضاء المدة
______________________________
فی ذمة البائع و المشهور فی هذا البطلان و فی (الشرائع و النافع و کشف الرموز و التحریر و التنقیح) (و إیضاح النافع) و غیرها أنه صحیح کما بیناه فیما سلف و بیعها کذلک بثمن مؤجل و هذا باطل لأنه بیع دین بدین العاشر و الحادی عشر و الثانی عشر بیع موصوف فی الذمة من دون ذکر أجل بثمن معین أو فی الذمة أو مؤجل و هذا هو القسم الثانی الذی ذکره المصنف و قد شمل بإطلاقه ثلاثة أقسام کما عرفت (قال) الشهید أما القسم الثالث منه فباطل لأنه بیع دین بدین (قلت) فیه تأمل سیظهر وجهه (قال) و أما الأولان ففی صحتهما خلاف یلتفت إلی أنه فی معنی السلم فیشترط فیه الأجل لعموم الخبر و إلی أن الصحة مع الأجل الذی یتطرق إلیه الغرر تستلزم أولویتها لا معه (قلت) هذا هو الأصح و به صرح فی خبر عبد الرحمن بن الحجاج و قد نقلناه فی أول باب السلم (قال الشهید) و حینئذ یشترط فیه أمور الأول عموم الوجود حالة العقد و الثانی التصریح بالحلول أو إرادته (قلت) هذان الشرطان قد صرح بهما جماعة کثیرون و ربما اکتفی فی إرادة الحلول بعدم ذکر الأجل (و قال) الثالث وجوب قبض رأس المال فی المجلس أو قبض المبیع حذرا من بیع الدین بالدین و قیل لا یشترط لأصالة الصحة و عدم الاشتراط و قیل یشترط القبض فی الدین لا فی الثمن المعین و هو قوی و إن کان الأولی وجوب القبض مطلقا انتهی (قلت) القائل بعدم الاشتراط فخر الإسلام فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) لأن الموصوف لم یثبت فی الذمة إلی الآن و لو کان بیعا لدین بدین وجب أن لا یصح و إن قبض أحد العوضین فی المجلس لأنه لا یخرج بذلک عن کونه بیع دین بدین فإلحاقه بالسلف فی هذا الحکم قیاس بغیر جامع و المصنف تردد کما سمعت و مراده بقوله و کذا لو کان علی الوصف فرده فأبدله صح أیضا أن ذلک حیث یرضی البائع بالرد و یتراضیان علی البدل
(قوله) (لو شرط الخیار لأجنبی کان الفسخ إلیه لا إلی المشترط)
لأنا قد بینا أن اشتراطه للأجنبی تحکیم لا توکیل عمن جعل عنه فلا اختیار له معه و یجب علیه تحری المصلحة فی جمیع الصور فلو ظهر منه خلاف ذلک لم یمض الفسخ و لو اختلفا قدم قوله مع احتمال تحری الأصلح و قد تقدم الحال فیما إذا کان المشترط له الخیار عبد أحدهما کما قد تقدم عن جماعة أنه لو کان لأجنبی و تلف المبیع فی مدة خیاره کان حکمه حکم من شرط له فلیلحظ ذلک فإنه قد ینطبق علی الاحتمال الذی ذکره المصنف من أنه توکیل لأن التسلط علی المبیع و الثمن من توابع الملک فلا یکون اشتراط الأجنبی صحیحا إلا إذا نزلناه علی التوکیل (و فیه) أن ذلک إنما هو فی الانتفاع لا فی رفع العقد فلا مانع منه فی ذلک للأجنبی بعد ورود المسلمون عند شروطهم و قد تدعو الحاجة إلیه فلا ضرورة إلی تنزیله علی التوکیل مع عدم إشعار اللفظ به
(قوله) (لو شرط الخیار شهرا مثلا بعد مضی مدة معینة)
إلی آخره هذا تقدم الکلام فیه مستوفی أکمل استیفاء فی خیار الشرط عند شرح قوله و اختلاف المدة لو تعدد صاحبه و عدم اتصالها و نقلنا هناک احتمال المصنف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 610

[الثامن لو فسخ المشتری بخیاره فالعین فی یده مضمونة]

(الثامن) لو فسخ المشتری بخیاره فالعین فی یده مضمونة (1) و لو فسخ البائع فهی فی ید المشتری أمانة علی إشکال (2)

[الفصل الثانی فی العیب و فیه مطالب]

اشارة

(الفصل الثانی) فی العیب و فیه مطالب (3)

[المطلب الأول فی حقیقته]

(الأول) فی حقیقته و هو الخروج عن المجری الطبیعی لزیادة أو نقصان موجب لنقص المالیة (4)
______________________________
البطلان هنا
(قوله) (لو فسخ المشتری بخیاره فالعین فی یده مضمونة)
هذا مما لا خلاف فیه فیما أجد عملا بالاستصحاب و لم یتجدد ما یدل علی رضی البائع ببقاء العین فی ید المشتری و إن کان الفسخ من قبله
(قوله) (و لو فسخ البائع فهی فی ید المشتری أمانة علی إشکال)
و قد استشکل أیضا فی (التذکرة) و کأنه فی محله و اختیر الضمان فی (الإیضاح) (و حواشی الکتاب و جامع المقاصد) عملا بالاستصحاب المذکور و إشعار الفسخ بالرضا المقتضی للاستئمان لا یسقط الأمر الثابت و قد یقرر وجه عدم الضمان بأنها إنما کانت مضمونة بحکم البیع و قد زال بسبب البائع و قد رضی بکونها فی ید المشتری فانقطع الاستصحاب و الأصل براءة الذمة (فلیتأمل)
بسم اللّٰه الرحمن الرحیم الحمد للّه کما هو أهله رب العالمین و الصلاة علی خیر خلقه محمد و آله الطاهرین و رضی اللّٰه تعالی عن علمائنا و مشایخنا أجمعین و عن رواتنا الصالحین (و بعد) فهذا ما وفق اللّٰه سبحانه إلیه و أعان بفضله و إحسانه علیه (الجزء الخامس) من أجزاء (مفتاح الکرامة) فی شرح قواعد العلامة تألیف الأقل الأذل محمد الجواد بن محمد بن محمد الحسینی الحسنی العاملی عامله اللّٰه سبحانه بفضله و إحسانه فی الدنیا و الآخرة
(قوله قدس سره) (الفصل الثانی فی العیب و فیه مطالب)
عاب المتاع عیبا من باب سار فهو غائب و عابه صاحبه فهو معیب و معیوب یتعدی و لا یتعدی و الاسم العاب و المعاب و عیبه بالتشدید مبالغة و نسبة إلی العیب و استعمل العیب اسما و جمع علی عیوب کما نبه علی ذلک فی (الصحاح و المصباح و القاموس)
(قوله) (الأول فی حقیقته و هو الخروج عن المجری الطبیعی لزیادة أو نقصان موجب لنقص المالیة)
هذا الضابط مجمع علیه فی الجملة کما فی (مجمع البرهان) و الظاهر الاتفاق علیه کما فی (الریاض) و قد طفحت عباراتهم به علی اختلاف یسیر ستعرفه و الأصل فیه واقعة ابن أبی لیلی مع محمد بن مسلم حیث روی له کل ما کان فی أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عیب و قد عبر المصنف هنا و فی (التذکرة و الإرشاد) و التبصرة بالمجری الطبیعی و فسره فی (مجمع البرهان) بأصل الخلقة و هو الذی عبر به فی (الشرائع و النافع و التحریر و الدروس و اللمعة) و غیرها و فسروه بأکثر النوع الذی یعتبر فیه ذلک ذاتا أو صفة (و قال) المحقق الثانی ینبغی أن یکون مراده بالمجری الطبیعی ما جرت به العوائد الغالبة لیندرج فیه الأمور التی لیست مخلوقة أصلا لیکون علی نهج مقتضی الطبیعة أم لا ککون الضیعة ثقیلة الخراج و منزل الجنود (و زاد بعضهم) کون المبیع مما عرض له النجاسة بحیث لا یقبل الطهارة (قلت) فیه تأمل إلا أن یحمل علی الجامد علی بعض الوجوه (قال) أو یقبلها مع نقصان عینه أو احتیاجه إلی مئونة (قلت) ینبغی تقیید ذلک بما إذا لم یکن مأکولا أو مشروبا و إلا فإنه یجب إعلامه به و بدونه یبطل علی الأقوی کما یأتی و قد مر فی باب المکاسب بیان الحال و مثله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 611
..........
______________________________
کون العبد آبقا أو سارقا أو زانیا أو ممکنا من نفسه أو کبیرا غیر مختون و یستفاد ذلک کله من الخبر بدلالة الإیماء أو تنقیح المناط مضافا إلی الإجماعات التی ستسمعها فی بعض هذه الأفراد و یدخل فی الزیادة و النقصان زیادة العین و نقصانها کزیادة العضو و نقصانه کالإصبع و نقصان وصف طبیعی کخروج المزاج عن مجراه الطبیعی مستمرا کممراض أو غیر مستمر کحمی الیوم و نحوها و قد عرفت الأوصاف الخارجة عن مجری العادات و قد قید فی (الکتاب و جامع الشرائع و التحریر و التذکرة) بما إذا أوجب ذلک نقصان فی المالیة و فی (المسالک و الروضة و المیسیة) لا یجب أن یکون ذلک موجبا لنقص سواء نقص قیمته أم زادها فضلا عن المساواة و هو قضیة إطلاق (المقنعة و النهایة و المبسوط و الخلاف) (و المراسم و فقه القرآن) للراوندی (و الوسیلة و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و الإرشاد و الدروس و اللمعة) و غیرها لإطلاق النص و الاتفاق کما فی (المسالک) و ظاهر (التذکرة و جامع المقاصد) علی أن الخصاء عیب مع إیجابه زیادة المال کما سیصرح به المصنف و کذا عدم الشعر علی الرکب بفتح الراء المشددة و الکاف و هی واقعة ابن أبی لیلی مع محمد بن مسلم و لهذا قال فی (جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) کان علیه أن یقیده بقوله غالبا لیندرج فیه الخصاء و الجب فإنهما یزیدان فی المالیة مع أنهما عیبان یثبت بهما الرد قطعا و فی الأرش إشکال و لا یدفع عنه ذکرهما فیما بعد لأن ذلک و إن حصل به بیان إلا أنه لا یکون مصححا للضابط (انتهی) و نحو ذلک ما ذکره فخر الإسلام فی (شرح القواعد) و صرح فی (المبسوط) و غیره أیضا بثبوت الخیار فی الخصی و قضیته أن له الرد و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال فی الجب و الخصاء کان له الرد عندنا و هو أی الإجماع ظاهر (جامع المقاصد) أیضا و هو قضیة الإجماع علی أنه عیب و صاحب (الریاض) کأنه لم یحرر محل النزاع فأتی بما ظاهره خرق الإجماع (و نحن) نقول لا بد من هذا القید الذی ذکره المصنف و علیه یحمل إطلاق الباقین و إلا لزم أن یدخل کثیر من الأمور فی العیب إذ قد یزید الشعر الخارج عن العادة زیادة فی بعض أعضائه بحیث یزید فی حسنه کما فی الأهداب و الحواجب فالمراد ما کان موجبا لذلک عند التجار کما قید بذلک فی (جامع الشرائع و التحریر) و لا ریب فی نقص قیمة المجبوب و الخصی عند التجار و أصحاب الأشغال لعجزهما عن أکثر أفعال الفحول من نسل و غیره و إنما یرغب إلیهما بعض أفراد الناس کالحکام و السلاطین لرؤیة نسائهن و دخولهما علیهن و هذا نفع ألغی الشارع منفعته و جعل ذلک النقصان و ما ترتب علیه حراما لأن الخصی فی الآدمی محل وفاق و فی غیر الآدمی ظاهر (نهایة الإحکام) الإجماع علیه حیث قال منع علماؤنا من خصاء الحیوان و الذی وجدناه قائلا بالمنع فی غیر الآدمی إنما هو القاضی و التقی و المصرحون بالجواز من المتأخرین کثیرون کما تقدم بیانه فی أول الباب و أما حرمة ما ترتب علی ذلک أعنی نظر الخصی إلی مالکته فقد حکی علی حرمته الإجماع فی (الخلاف) و ظاهر (فقه القرآن) و لم نجد مخالفا قبل المصنف فی (المختلف) فقد اتضح أنهما ناقصان نقصانا مالیا و قد یقال إن المراد بالنقصان المالی ما یقال عرفا إن فی هذا المال نقصانا بحسب ذاته لا بحسب قیمته و منه یعرف الحال فی الخصی غیر الآدمی علی أنه لا یجزی فی الزکاة و لا فی الهدی و الأضحیة و یبقی الکلام فی أرشه و هو (حینئذ) ظاهر و یأتی بتوفیق اللّٰه سبحانه بیان الحال فیه عند تعرض المصنف له
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 612
کالجنون و الجذام و البرص (1) و العمی و العور و العرج و القرن و الفتق و الرتق و القرع و الصمم و الخرس (2) و أنواع المرض سواء استمر کما فی الممراض أولا کالعارض و لو حمی یوم (3) و الإصبع الزائدة و الحول و الخوص و السبل و هو زیادة فی الأجفان و التخنیث و کونه خنثی و الجب و الخصی (4)
______________________________
(قوله) (کالجنون و الجذام و البرص)
فإنها عیوب إجماعا کما فی (التذکرة و التحریر) و له الرد فی الثلاثة بلا خلاف کما فی (المبسوط) قال و روی أصحابنا أن هذه الأحداث یرد منها إذا ظهرت بعد البیع و لو کان إلی سنة (قلت) و فی (الغنیة و السرائر) الإجماع علیه و به صرح فی (المقنعة و النهایة) و غیرهما و قید فی (السرائر) و غیرها بما إذا لم یتصرف و أطال فی بیانه فی (السرائر) و زاد فی (الدروس) القرن و به أخبار و استشکل فیه الأردبیلی لعدم ذکره فی صحیح أبی همام و یأتی تمام الکلام عند تعرض المصنف له و فی (التذکرة) لا خلاف فی أن الجنون عیب یوجب الرد إلی سنة و قال و لو کان مخبلا أو أبله أو سفیها ثبت له و لا عبرة بالسهو السریع و الصرع عیب کالجنون الأدواری
(قوله) (و العمی و العور و العرج و القرن و الفتق و الرتق و القرع و الصمم و الخرس)
نقل الإجماع فی (التذکرة) علی أن هذه التسعة عیوب (و القرن) بسکون الراء کما فی (النهایة الأثیریة و المصباح و القاموس) و هو ظاهر (الصحاح) قال فی (النهایة) بسکون الراء شی‌ء یکون فی فرج المرأة کالسن یمنع الوطی و یقال له العفلة (قلت) و قد فسره بالعفلة ابن السکیت و الفراء و الجوهری و الفیروزآبادی (و العفل و العفلة) محرکتین شی‌ء یخرج من قبل النساء و حیاء الناقة کالأدرة و عن (الجمهرة) أن (القرن) محرکة قال و امرأة قرناء و هی التی تظهر قرنة رحمها من فرجها و هو عیب و الاسم القرن و عن الأصمعی سمی قرنا لأنه اقترن مع الذکر خارج الفرج (و الفتق) فی (النهایة) أنه بالتحریک انفتاق المثانة و قیل انفتاق الصفاق إلی داخل فی مراق البطن و قیل أن ینقطع اللحم المشتمل علی الأنثیین و ظاهر (القاموس و الصحاح) أنه بالتسکین و أنه علة فی الصفاق کما فی الأول و فی مراق البطن کما فی الثانی و فی (جامع المقاصد) عن الغریبین أنه بالتحریک أیضا قال هکذا أقرأنیه الأزهری و حکی عن (حاشیة الفائق) بخط بعض الأفاضل أن هذا وهم و هو افتراء علی الأزهری فإنه وجد بخطه بالإسکان و علیه صح انتهی (و الرتق) بالتحریک مصدر قولک امرأة رتقاء بینة الرتق لا یستطاع جماعها کما فی (الصحاح) و نحوه ما فی (المصباح و القاموس) و فی الأخیر أو التی لا خرق لها إلا المبال خاصة (و القرع) قال فی (المصباح المنیر) هو بفتحتین الصلع و هو مصدر قرع الرأس من باب تعب إذا لم یبق علیه شعر و هو عیب لأنه یحدث عن فساد العضو
(قوله ره) (و أنواع المرض سواء استمر کما فی الممراض أو لا کالعارض و لو حمی یوم)
إجماعا کما فی (التذکرة) و بذلک صرح جماعة و المعروف من حمی الیوم أنها التی تأتی فی یوم من الأیام و تذهب فیه ثم لا تعود فلو عادت کل یوم لم تسم حمی یوم بل حمی الورد أو یوما بعد یوم فحمی الغب إلی آخر الأسبوع و ثبوت العیب بحمی الیوم یتحقق بأن یشتریه فیجده محموما أو یحم قبل القبض فإنه یجوز له الفسخ و إن ذهبت عنه الحمی فی ذلک الیوم و مثلها المستحاضة لأن الاستحاضة مرض
(قوله) (و الإصبع الزائدة و الحول و الخوص و السبل و هو زیادة فی الأجفان و التخنیث و کونه خنثی و الجب و الخصی)
ذکر فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 613
و إن زادت بهما قیمته (1)
______________________________
(التذکرة) الأربعة الأول و استحقاق القتل فی الردة أو القصاص و القطع بالسرقة و الجنایة و الاستسعاء فی الدین و قال إنها عیوب إجماعا و فی (المبسوط) الإجماع علی أنه لو وجده مخنثا کان له الخیار و فی (التذکرة) فی مقام آخر أن التخنیث عیب و أن کونه خنثی عیب و نسب الخلاف فی الثانی إلی بعض الشافعیة و لم یذکر فی الأول خلافا و قد سمعت ما حکیناه آنفا فی الجب و الخصی (و التخنیث) هو التثنی و الانعطاف و اللین کما فی (الصحاح و المصباح و القاموس) و قال المارزی فی شرح حدیث هیت المخنث أو ماتع المخنث الوارد فی ابنة غیلان التی تقبل بأربع و تدبر بثمان (المخنث) الذی یتشبه بالنساء فی أخلاقهن و کلامهن و حرکاتهن و نحوه قال عیاض و قال إن ذلک إما خلقة أو تصنعا من الفسقة و بما ذکره المارزی فسره الشهید فی حواشیه و فی (جامع المقاصد) أنه الممکن من نفسه و لم أجد من فسره بذلک من الفقهاء و أصحاب اللغة و فی (التذکرة) مخنثا أو ممکنا من نفسه فعطف بأو و السبل محرکة غشاوة العین من انتفاخ عروقها إلی آخر ما فی القاموس (و قال فی الصحاح) داء فی العین شبه غشاوة کأنه نسج العنکبوت بعروق حمر و قال (الشهید) إنه شعر یدخل إلی العین من الجفن (و الخوص) محرکة غور العینین کما فی (القاموس) و نحوه ما فی (الصحاح) و فی (المصباح) الخوص مصدر من باب تعب و هو ضیق العین و غورها (و الحوص) بالحاء المهملة محرکة ضیق فی مؤخر العین کما فی (الصحاح و المصباح) و فی (القاموس) ضیق فی مؤخر العینین أو إحداهما و الحول (محرکة) ظهور البیاض فی مؤخر العین و یکون السواد فی قبل المآق أو إقبال الحدقة علی الأنف أو ذهاب حدقتها قبل مؤخرها أو أن تکون العین کأنما تنظر إلی الحجاج و هو عظم ینبت علیه الحاجب أو أن تمیل إلی اللحاظ (و الجب) قال فی (القاموس) هو القطع کالجباب و استیصال الخصیة و قال و خصاه خصاء أی سل خصیتیه فهو خصی و مخصی و فی (الصحاح) خصیت الفحل خصاء ممدودا إذا سلت خصیتیه و لم یذکر الجهر و الأجهر و هو الذی لا یبصر فی الشمس و لا الأعشی و هو الذی لا یبصر لیلا و لا الأخفش و هو صغیر العینین الضعیف البصر و لا الجحظ و هو خروج مقلة العین
(قوله ره) (و إن زادت بهما قیمته)
أی الخصاء و الجب عیب و إن زادت بهما القیمة قال فی (جامع المقاصد) و فی أخذ الأرش بهما إشکال منشؤه عدم الاطلاع علی قدر نقص القیمة و لعله أراد ما فی (التذکرة و حواشی) الشهید حیث جعلا منشأه عدم تحقق النقص فی المالیة و اقتصر فی (تعلیق الإرشاد) علی ذکر الإشکال و احتمل الشهیدان فی (الدروس و المسالک) سقوط الأرش و بقاء الرد لا غیر قال و یشکل مع حصول مانع من الرد کحدوث عیب أو تصرف فإن الصبر علی العیب ضرر و الرد إضرار و استشکل المولی الأردبیلی فی المسألة ثم قال ینبغی التأمل فی الدلیل الموجب للرد و الأرش فإن کان بحیث یشمل العیب الذی تزید به القیمة لزم ذلک و إلا فما ذکر من سقوط الأرش جید ثم ننظر فی دلیل جواز الرد کذلک فإن شمله و إلا فلا فحینئذ بالحقیقة لیس بعیب ثم ذکر ما استدل به العلامة فی (التذکرة) علی الأرش و زیفه و قال فی مقام آخر ما حاصله إنه ما رأی دلیلا صحیحا صریحا علی التخییر بین الرد و الإمساک بالأرش مطلقا و قال نعم یوجد فی بعض الأخبار الدلالة علی ثبوت الأرش فی صورة التصرف المانع من الرد إلی آخر ما قال (و نحن نقول) فیما نحن فیه إنه قد تقدم عند الکلام علی الضابط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 614
و بول الکبیر فی الفراش (1)
______________________________
أن الخصاء و الجب یوجبان نقصانا مالیا فإذا أردنا تأریشه قطعنا النظر عن زیادة القیمة فنفرض عبدا مسلوب المنفعة المترتبة علی تلک النقیصة فیکون عبدا ناقصا غیر قابل للنسل و لا لما یقدر علیه الفحول من الأعمال الأخر فیقوم کذلک و یقوم صحیحا قابلا لذلک کله فقد تحقق النقص فی المال الذی کان علیه مدار الإشکال و لیس فیه إلا أنه یلزم الظلم علی البائع لمکان زیادة قیمة ترتبت علی منفعة ألغاها الشارع و حرمها کما هو خیرة الأکثر و حرم الفعل الذی نشأت منه علی أنه معارض بضرر المشتری حیث لا یمکنه الرد لحدوث عیب أو تصرف (و مما) یستأنس له فی المقام أنهم قالوا فی باب الغصب إنه لو خصی العبد کان علیه کمال قیمته و رده و کذلک لو سقط ذلک العضو بآفة فزادت قیمته فإن علیه أیضا کمال قیمته و رده و إن استشکل المصنف فی الأخیر و لیس فی محله کما حرر فی محله و أما أن المشتری یتخیر بین الرد و الأرش فمحل بیانه عند تعرض المصنف له لکن المقام اقتضاه (فنقول) إن دلیله الإجماع المنقول فی (الخلاف و الغنیة) فیما إذا ظهر العیب فی بعض المبیع فإنهما ادعیا الإجماع علی أنه بالخیار بین رد الجمیع أو أخذ أرش المعیب و لا قائل بالفصل قطعا و زاد فی (الخلاف) أن أخبار الفرقة علی ذلک و الإجماع محکی فی ظاهر (التذکرة و الکفایة) بل المستشکل استظهر الإجماع و عدم الخلاف و قد صرح به علی بن بابویه فیما حکی عنه و المفید فی (المقنعة) و الشیخ فی (النهایة) و أبو یعلی فی (المراسم) و أبو جعفر فی (الوسیلة) و أبو عبد اللّٰه فی (السرائر) و أبو القاسم فی (الشرائع و النافع) و ابن عمه فی (جامع الشرائع) و المصنف فی الکتاب فیما یأتی (و التحریر و التذکرة و التبصرة و الإرشاد) و الشهید فی (الدروس و اللمعة) و الشهید الثانی و هو الذی فهموه من (المبسوط) و قد حکی عنه و عن (الخلاف) أنه صرح به فیهما فی باب الشرکة حکاه المصنف فی (المختلف) و أبو العباس و جماعة و الذی وجدته فیهما فی الباب المذکور التخییر بین الرد و الإمساک من دون تعرض للأرش نعم صرح بذلک فی موضعین من (المبسوط) فی المقام فی مسألة ما إذا باع عبدین أو ثوبین و مسألة ما إذا اشتری شیئا و قبضه و وجد به عیبا کان عند البائع و حدث عنده عیب آخر ذکر ذلک فی آخر المسألة المذکورة فی أثناء کلام له قال لأن أرش العیب کان ثابتا له إلخ و أما (الخلاف) فقد سمعت إجماعه و قد یلوح ذلک من (الجواهر) فیما إذا باعه عبدین و مات أحدهما و هو ظاهر الکتب الأخر أو صریحها (ککشف الرموز و الإیضاح و شرحی الإرشاد و حواشی الکتاب و المهذب البارع) (و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و غایة المرام و إیضاح النافع و المیسیة) فالأصل فی ذلک الإجماع بعد خبر نفی الضرر و الأخبار المرسلة فی الخلاف و حینئذ یؤخذ مرسل جمیل و الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام مؤیدا علی أن الثانی مما قد تجبره الشهرة و یعضده الإجماع و لم أجد الخلاف إلا من ظاهر صاحب (المفاتیح) و صاحب (الحدائق) و قد تأمل فی ذلک مولانا الأردبیلی و تمام الکلام فی محله و هذه بإطلاقها کإطلاق أخبار الرد تتناول ما نحن فیه و لا دلیل علی التخصیص و الاستشکال لا ینافی الإجماع علی أنا قد بینا حال هذه الزیادة التی أوجبت الإشکال
(قوله) (و بول الکبیر فی الفراش)
عبدا کان أو أمة و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال عندنا و به صرح جماعة منهم صاحب (الجامع) و نفی فیه الخیار فی (الخلاف و الجواهر) فلا یکون عیبا عندهما و لیس عیبا فی الصغیر عبدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 615
و الإباق (1) و انقطاع الحیض ستة أشهر و هی فی سن من تحیض (2)
______________________________
کان أو أمة (و الضابط) فی الصغیر و الکبیر العادة و قدره بعض الشافعیة بسبع سنین
(قوله) (و الإباق)
لا نعلم فیه خلافا فی العبد و الأمة فی الصغیر و الکبیر کما فی (التحریر) و فی (المبسوط) الإجماع علی أن له الخیار فیکون عیبا لأنه معه فی حکم التالف و هو أبلغ من السرقة لغیره لأنه سرقة لنفسه فی الحقیقة کما فی (التذکرة و جامع المقاصد) و قال فیهما و الإباق الذی یوجب الرد هو ما یحصل عند البائع و إن لم یأبق عند المشتری أو یحدث فی الثلاثة عند المشتری قبل تصرفه أما غیره فلا (قلت) لا خلاف فی عدم الرد بالإباق الحادث عند المشتری بعد الثلاثة للأصل (و الصحیح) و لیس فی إباق العبد عهدة (و الموثق) و قد حمل علی ذلک جمعا بینهما و بین صحیح أبی همام الآتی إلا أن فی الموثق إلا أن یشترط المبتاع (فلیتأمل) فیه و صرح فی (التذکرة) بأن المرة الواحدة فی الإباق تکفی و هو ظاهر الأکثر و الخبر الصحیح حیث قال إلا أن یقیم بینة أنه کان آبقا عنده إلا أن یفهم من کان الاعتیاد و هو بعید جدا و حکی فی (المسالک و الروضة) عن بعض الأصحاب اشتراط اعتیاد الإباق و قال فیهما إنه أقوی و لم أجد هذا القائل (و لعله) فهمه من قوله فی (المبسوط) وجده آبقا أو سارقا و لعل دلیله الأصل و الشک فی تسمیة الإباق مرة عیبا عادة و الأول مقطوع بالخبر و لعل المستند فی الرد إطلاق الخبر لا کونه عیبا (فتأمل) و قال فی (المسالک) أقل ما یتحقق الاعتیاد بمرتین و تمام الکلام عند الکلام علی الزنا و السرقة
(قوله) (و انقطاع الحیض ستة أشهر و هی فی سن من تحیض)
کما هو صریح الخبر الصحیح الذی رواه الشیخ عن السراد عن مالک بن عطیة عن داود بن فرقد قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل اشتری جاریة مدرکة فلم تحض عنده حتی مضی ستة أشهر و لیس بها حمل قال إن کان مثلها تحیض و لم یکن ذلک عن کبر فهذا عیب ترد منه إذ معناه إن کان أمثالها سنا مع الاتفاق فی البلد و المزاج فی الجملة یوجد منها الحیض دونها یکون ذلک فیها عیبا مع حبس الحیض ستة أشهر لا من کبر فکانت دالة علی حکم من تأخر حیضها ستة أشهر مع کون أمثالها تحیض مع عدم الکبر لأن الإشارة بذلک إلی حبس حیضها ستة أشهر فکان الجواب مقیدا بذلک و هذا هو الذی فهمه العلماء المتقدمون و لیس فیها دلالة علی حکم الأقل من ستة أشهر نفیا و لا إثباتا و ظاهر (المسالک) أنها دالة علی حکم الأقل منها حیث قال فی دلالتها علی اعتبار الستة أشهر نظر لأنه علیه السلام إنما علق الحکم علی حیض مثلها و السؤال وقع عن تأخر الحیض ستة أشهر و الجواب لم یتقید به و حینئذ فلو قیل بثبوت الخیار متی تأخر حیضها عن عادة أمثالها فی تلک البلاد کان حسنا (انتهی) و ما ذکره الأصحاب ما عدا ابن إدریس هو الموافق للاعتبار من أن عدم الحیض غالبا ناش عن مرض و موجب لعدم النسل و قد نقول بما احتمله فی (المسالک) لذلک لا للخبر (فتدبر) و صاحب (الریاض) لم یستبعد أن یکون مقتضی الخبر ما ذکره صاحب (المسالک) و احتمل تنزیل عبارات الأصحاب علیه لما ذکره بعضهم من أن عدم تحیض الحدیثة البلوغ فی المدة المذکورة لیس عیبا یوجب الرد بالبدیهة فإن أمثالها لم یحضن فیها غالبا فی العادة و البعض هو المولی الأردبیلی و قد قال ینبغی أن لا یکون مجرد بلوغ تسع سنین و التأخر ستة أشهر موجبا لذلک لأنه قد عرف بالتجارب أنه یتأخر عن عشر سنین و عن أربع عشرة سنة بل ینبغی النظر إلی أمثالها سنا مع الاتفاق بالبلد و المزاج فی الجملة فإن وجد منها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 616
و الثفل الخارج عن العادة فی الزیت أو البزر (1) و اعتیاد الزنا و السرقة (2)
______________________________
دونها یکون عیبا انتهی کلامه (و أنت خبیر) بأن الموجود فی الخبر مدرکه و فی کلامه الأصحاب فی سن من تحیض فلیلحظ ذلک و المخالف فی ذلک ابن إدریس حیث قال أورد ذلک شیخنا فی نهایته من طریق خبر الواحد إیرادا لا اعتقادا و هو یعطی عدم المصیر إلیه (قلت) و الموافق للشیخ القاضی و الطوسی فی (الوسیلة) و سائر من تأخر و قد نسب إلی الأکثر فی (المسالک) و إلی الأشهر فی (الکفایة) و فی (الریاض) إلی کافة المتأخرین (و قال کاشف الرموز) إن الأصحاب بین مفت أو ساکت إلا المتأخر یعنی ابن إدریس فإنه أقدم علی منع الروایة فقال إنها من أخبار الآحاد ثم تکلم علیه بما هو أدری به و یبقی الکلام فی محل آخر و هو أن جواز الرد بعد ستة أشهر إنما هو مع عدم التصرف و أما معه فلا لکن الخبر مطلق فیقید بذلک و لا یجدی استبعاد عدم وقوع تصرف مسقط للخیار فی هذه المدة فیکون هذا العیب مستثنی لعدم ثبوته إلا بعد ذلک کما احتمله بعضهم
(قوله) (و الثفل الخارج عن العادة فی الزیت أو البزر)
الثفل بالضم و الثافل ما استقر تحت الشی‌ء من کدرة و أما البزر فالمراد به هنا زیت الکتان کما قاله جماعة و أصله محذوف المضاف أی دهن البزر و یطلق البزر علی الدهن (قال فی الصحاح) البزر بزر البقل و غیره و دهن البزر و بالکسر أفصح و لم یقید فی (النهایة و السرائر و التحریر) (و جامع الشرائع) بما إذا خرج عن العادة بل قالوا عبارة واحدة هی مضمون خبر میسرة قالوا و من اشتری زیتا أو بزرا و وجد فیهما دردیا فإن کان یعلم أن ذلک یکون فیه لم یکن له رده و إن لم یعلم ذلک کان له رده و یجب حمل الخبر و کلامهم علی ما ذکره المحقق و المصنف و جماعة من التقیید بما ذکر بأن یکون المعنی إن کان یعلم أن هذا بحسب العادة مما یکون فی الزیت و نحوه لم یکن له الرد و یکون الظن کالعلم و ذلک لأنه إذا خرج عن العادة یکون عیبا عرفا و عادة و لا تشکل صحة البیع لمکان جهالة قدر المبیع المقصود بالذات لأن الشأن فی ذلک کالشأن فی معرفة مقدار السمن و ظرفه جملة من دون العلم بالتفصیل فیکون مثل ذلک غیر قادح مع معرفة مقدار الجملة و أما إذا لم یخرج عن المعتاد فیحتمل أن لا یکون حینئذ عیبا أو نقول إنه عیب جرت غلبة وجوده مجری علم المشتری به فیکون کما لو علم بالعیب المسقط للرد
(قوله) (و اعتیاد الزنا و السرقة)
لأنهما عیبان عندنا کما فی (التذکرة) من دون ذکر الاعتیاد و فی (المبسوط) إذا وجده سارقا کان له الخیار إجماعا و لم یقید بالاعتیاد فی (جامع الشرائع و التحریر و الدروس) و یرشد إلیه اکتفاؤه فی (التذکرة) فی الإباق بالمرة الواحدة و قد عرفت هناک أنه ظاهر إطلاق الأکثر (و قال فی جامع المقاصد) ظنی أن الاعتیاد غیر شرط لأن الإقدام علی القبیح مرة یوجب الجرأة علیه و یصیر للشیطان علیه سبیل و لترتب وجوب الحد الذی لا یؤمن معه الهلاک علیهما و علی هذا یکون شرب الخمر و النبیذ عیبا کما فی (التحریر و الدروس) و قد مال فی (التذکرة) إلی عدمه (و قال فی جامع المقاصد) و لو حصلت التوبة الخاصة المعلوم صدقها ففی الزوال نظر (قلت) إذا ثبتت التوبة الصادقة کما فرض انتفی الفسق و ثبتت العدالة الموجبة للإمامة و قبول الشهادة فأی عیب یبقی بعد ذلک و قال فی (الخلاف) العبد و الأمة إذا وجدهما زانیین لم یکن له الخیار و قال الشافعی له الخیار و فصل أبو حنیفة بین العبد و الأمة و فی (التحریر) فی کلام الشیخ نظر و قد یحمل کلام الشیخ فی (الخلاف) علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 617
و البخر و الصنان الذی لا یقبل العلاج (1) و کون الضیعة منزل الجنود و ثقیل الخراج (2) و استحقاق (3) القتل بالردة أو القصاص و القطع بالسرقة أو الجنایة أو الاستسعاء فی الدین و عدم الختان فی الکبیر دون الصغیر و الأمة (4)
______________________________
عدم الاعتیاد هذا و الأقرب اعتبار التمییز فی الزانی و السارق کما فی (التحریر)
(قوله) (و البخر و الصنان الذی لا یقبل العلاج)
قد نص فی (جامع الشرائع) علی أن البخر و الذفر عیبان من دون تقیید بعدم قبول العلاج (و الذفر) کما فی (القاموس) محرکة النتن أو رائحة الإبط و قد فسر فیه الصنان بذفر الإبط و نص علی أن البخر عیب فی العبد و الأمة القاضی فیما حکی عنه و ابن إدریس و المصنف فی (التذکرة و التحریر) و الشهید فی (الدروس) و الظاهر أنه لا فرق فیهما عندهم بین الصغیرین و الکبیرین و فی (الخلاف و المبسوط) أنه لا یثبت بالبخر الخیار فیهما و قال فی (المختلف) إنه عیب فی الجاریة دون العبد لکن یثبت به الخیار فیه لأنه خارج عن الأمر الطبیعی کالعیب و قد یحمل کلام الشیخ علی البخر الناشی من صفرة الأسنان و نحوها فإنه یزول بتنظیف الفم بخلاف الذی یکون من تغیر المعدة فإنه عیب فی الأمة قطعا و إن أمکن علاجه و خارج عن الأمر الطبیعی فی العبد فیثبت فیه الخیار کما فی (المختلف) و مثله الصنان المستحکم و لا کذلک العارض من عرق أو اجتماع وسخ و تخیل أنه قد یسار العبد و یکلمه فیؤذیه فیکون عیبا فیه کأنه مما لا یعرج علیه و عساه أن یکون عیبا فیهما (و مما) ذکر یظهر حال القید فی عبارة الکتاب و قد یکون مراد الشیخ أن البخر فی الأناسین کثیر کما هو المشاهد و إن کان من تغیر المعدة و قد یکون مراد المصنف بقبول العلاج الزوال بسرعة و سهولة دون ما یحتاج إلی الدواء لکنه کما قال فی (جامع المقاصد) لا یفهم من العبارة و أفرد الذی بتأویل کل واحد منهما و فی (التذکرة) أن البخر فی فرج المرأة له به الرد للتأذی به
(قوله) (و کون الضیعة منزل الجنود و ثقیل الخراج)
ذکر هذین فی (التذکرة) لأنهما یقللان الرغبات و ینقصان المالیة و لا تفاوت فی الخراج بین أخذه بظلم أو غیره و المراد بثقله أن یکون فوق المعتاد فی أمثالها و فی (جامع المقاصد) أن مثله ما إذا صار للظلمة علیها سبیل خارج عن العادة و لو بمرة (انتهی) و ألحق بذلک بعض العامة ما لو کان إلی جانبها قصار یؤذی بصوت الدق و یزعزع الأبنیة و تذکیر الضمیر فی العبارة لعله لتأویل الضیعة بالموضع
(قوله) (و استحقاق)
إلی قوله فی الدین قد تقدم الکلام فی ذلک و أن فی (التذکرة) الإجماع علی ذلک و القطع بالسرقة أو الجنایة عیبان بالاستقلال و إن کانت السرقة عیبا برأسها و یتصور الاستسعاء فیما إذا استدان بغیر إذن مولاه علی قول بعض الأصحاب و فیما إذا أفسد العبد مالا لآخر فضمنه المولی فی سعیه علی ما هو ببالی فلیلحظ ذلک
(قوله) (و عدم الختان فی الکبیر دون الصغیر و الأمة)
کما صرح بذلک فی (التحریر و التذکرة و المختلف و الدروس) لأنه زیادة عن مجری المعتاد عند الناس و لأن فیه خطرا علی المشتری لأنه یجب ختانه علیه فربما أدی إلی التلف و لا تدلیس أعظم من ذلک و إذا ثبت الخیار بتدلیس ینقص بعض الصفات فبالأولی أن یثبت فی تدلیس یؤدی إلی إتلاف العین و لا کذلک الصغیر و الأمة لعدم اعتباره فیهما و فی (المبسوط و الخلاف) لو اشتری عبدا أو أمة فوجدهما غیر مختونین لا یثبت له الخیار سواء کانا صغیرین أو کبیرین و هو المحکی عن القاضی و فی (الخلاف)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 618
و المجلوب من بلاد الشرک مع علم المشتری بجلبه (1) و الثیوبة لیست عیبا (2)
______________________________
أنه لا خلاف فی أنه لا خیار فی الأمة و المراد بالصغیر هنا ما دون البلوغ نظرا إلی أن ذلک إنما یجب فی البالغ و المرجع إلی عادة الشرع إذا وجدت بیقین و من ثم لم یعتبر الختان فی الأمة و إن اعتید فلا معنی للرجوع إلی مقتضی العادة الغالبة حتی لو کان سن دون البلوغ یغلب فیه وقوع الختان رد به لما عرفت
(قوله) (و المجلوب من بلاد الشرک مع علم المشتری بجلبه)
قال الشهید المجلوب مجرور عطف علی الأمة و معناه أن عدم الختان فی الکبیر المجلوب من بلاد الشرک لیس بعیب مع علم المشتری بجلبه لأنه لا ختان فی بلاد الشرک و تبعه علی ذلک المحقق الثانی و هو الموافق لما فی (التذکرة و الدروس) و احتمل فی الحواشی عطفه علی الکبیر و هو مع عدم مناسبته للتقیید یحتاج إلی تقدیر
(قوله) (و الثیوبة لیست عیبا)
کما فی (الشرائع و النافع) (و کشف الرموز و التحریر و الإرشاد) و هو الذی أفصحت به أخیرا عبارة (الخلاف «1» و هو معنی ما فی (المبسوط و جامع الشرائع و التذکرة) و غیرها من أنه إذا اشتری جاریة و لم یشترط بکارتها و لا ثیبوبتها فخرجت ثیبا لم یکن له الخیار و نحو ذلک عبارة (النهایة) کما ستسمع لأنه إذا لم یکن له الخیار بذلک لم یکن عیبا و ستسمع ما استقر علیه رأی ابن إدریس من أنه تدلیس و فی (الوسیلة) حصر عیوب العبد و الأمة فی عشرة و لم یعد الثیوبة منها و فی (کشف الرموز) لا خلاف بین الأصحاب فی أن الثیوبة و البکارة لیست عیبا یوجب الرد و إنما اختلفت عباراتهم فی اشتراط البکارة و فی (التحریر) لا نعلم خلافا فی أن الثیوبة لیست عیبا و فی (إیضاح النافع) أن علیه الفتوی لأن البکارة صفة کمال بالنسبة إلی غیر العاجز و لیست عیبا و نسبه أیضا إلی الأصحاب و فی (المسالک) أطلق الأصحاب و الأکثر من غیرهم أن الثیوبة لیست عیبا و فی (الکفایة) أطلق الأکثر أنها لیست عیبا و فی (الریاض) أنه المشهور و لعلهما أشارا بالأکثر و المشهور إلی ما قاله القاضی فی (المهذب) قال إذا لم یشترط الثیوبة و لا البکارة فخرجت ثیبا أو بکرا لم یکن له خیار و کان له الأرش لأن الأرش لا یکون إلا فی العیب فتکون عیبا و هو الذی مال إلیه أو قال به صاحب (التنقیح) و استنهض علیه کلام القاضی و عبارة (المبسوط) و ستسمعها و مال إلیه فی (الروضة و المسالک) أو احتمله احتمالا کالشهید فی (الدروس) و نفی البأس فی (التذکرة) عن کون الثیوبة عیبا فی الصغیرة و قواه فی (الروضة و المسالک) (حجة) المشهور بعد ما سمعت من نفی الخلاف الظاهر فی الإجماع کنسبته إلی الأصحاب (أن الثیوبة) فیهن بمنزلة الخلقة الأصلیة و إن کانت عارضة إذ قل ما یوجد فیهن الأبکار و استدل علیه فی (إیضاح النافع) بروایة سماعة قال سألته عن رجل باع جاریة علی أنها بکر فلم یجدها کذلک قال لا ترد علیه و لا یجب علیه شی‌ء إنه قد یکون تذهب فی حال مرض أو أمر یصیبها قال و انجبرت بعمل الأصحاب (قلت) الإجماع معلوم و علی تقدیر أن القاضی مخالف فخلافه نادر علی أنه لم ینسب إلیه الخلاف من الأساطین إلا الشهید فی (الدروس) حیث قال یشعر به مذهب القاضی علی أنه وافق فی (الکامل) و زاد کما ستسمع و ستسمع أیضا ما فی (الخلاف و المبسوط) (و التذکرة) فیما یأتی فإنه یدل علی ما نحن فیه بالأولی مضافا إلی أنه یلزم الخروج عن مقتضی العقد الثابت بالأدلة القاطعة مع اعتضاده فی المسألة بما عرفت لا لدلیل بل بما شک فی تسمیته عیبا عرفا
______________________________
(1) فی نسختین الخلاف و فی نسخة المختلف (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 619
..........
______________________________
و عادة مع قصور سند ما دل علی أن العیب هو کل ما نقص عن الخلقة إذ لا جابر له فی المسألة و لعل مستند القاضی فی (المهذب) علی تقدیر مخالفته ما أشار إلیه صاحب (التنقیح) و غیره أن البکارة مقتضی الطبیعة و فواتها نقص یحدث علی الأمة و یؤثر فی نقصان قیمتها نقصانا بینا فیتخیر بین الرد و الأرش خصوصا فی الصغیرة التی لیست محل الوطی فإن أصل الخلقة و الغالب متطابقان فی مثلها علی البکارة فیکون فواتها عیبا و کل ذلک لا یعرج علیه بعد ما عرفت علی أن کونه عیبا فی الصغیرة إنما هو لبعض الشافعیة و لو أن صاحب الریاض اطلع علی بعض ما ذکرناه ما مال إلی ما مال إلیه الشهید الثانی هذا کله إذا لم یشترط بکارة و لا ثیبوبة أما لو شرط البکارة فثبت سبق الثیوبة کان له الرد کما فی (الشرائع و النافع و إیضاحه و الإرشاد و اللمعة و السرائر) علی ما وجدته فیها و هو قضیة کلام المصنف فیما یأتی و ظاهرهم کما هو صریح (الإرشاد و اللمعة) أنه لا أرش تصرف أم لا عملا بقاعدة الشرطیة لا لکونه عیبا و هو الموافق لما أسلفناه من إطباقهم علی أن الثیوبة لیست عیبا لکن المشهور کما فی (الدروس و المسالک) أنه له الخیار فی هذه الصورة بین الرد و الإمساک بالأرش و هو قضیة إطلاق (السرائر) علی ما حکاه عنها جماعة حیث قالوا إنه خیرة بین الرد و الإمساک بالأرش من دون تقییده بما إذا ثبت سبق الثیوبة و لعله مراد له و صریح (کشف الرموز و جامع الشرائع و التذکرة) (و التحریر و المختلف و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الروضة) و استندوا فی ذلک إلی ما رواه ثقة الإسلام و الشیخ عن یونس فی رجل اشتری جاریة علی أنها عذراء فلم یجدها عذراء قال یرد علیه فضل القیمة إذا علم أنه صادق بناء علی حمله علی العلم بالثیوبة قبل البیع بالبینة أو الإقرار أو قرب زمان الاختبار لزمن البیع جمعا بینه و بین خبر سماعة المتقدم آنفا فإنهم یحملونه علی الجهل بذلک و قد صرح أکثر هؤلاء أنه لو تصرف تعین الأرش (و قال الشیخ فی النهایة) من اشتری جاریة علی أنها بکر فوجدها ثیبا لم یکن له ردها و لا الرجوع علی البائع بشی‌ء من الأرش لأن ذلک قد یذهب من العلة و النزوة و مثله ما حکی عن (الکامل) و ظاهرهما أنه شرط ذلک کما فهموه من الخبر و غیره من العبارات (و قال فی الخلاف) إذا اشتری جاریة علی أنها بکر فکانت ثیبا روی أصحابنا أنه لیس له الرد (و قال فی المبسوط) إن شرط أن تکون بکرا فخرجت ثیبا روی أصحابنا أن لیس له الخیار و له الأرش و نحوه ما حکی من أنه خیرة (المهذب) للقاضی (و الإستبصار) و اختاره ابن إدریس أولا ثم عدل عنه (و قال فی التذکرة) قال أصحابنا إذا اشتراها علی أنها بکر فکانت ثیبا لم یکن له الرد لما رواه سماعة و ساق الخبر الذی سمعته فیما سلف فینبغی الجمع بین هذه الکلمات و ما فی (التذکرة) یوافق ما فی (الخلاف) و لعله موافق لما فی (النهایة) و قد حمل فی (کشف الرموز و المختلف) کلام (النهایة) علی ما إذا لم یعلم سبق الثیوبة لأن تعلیله یعطی ذلک و علی ذلک حمل (کاشف الرموز) و غیره خبر سماعة لمکان التعلیل الذی فیه و حمل الشیخ فی (الإستبصار) قوله فی الخبر فلا یجب علیه شی‌ء علی أنه لا یجب علیه شی‌ء معین لأن المرجع فی ذلک إلی اعتبار العادة و ذلک یختلف و هذا التأویل ملحوظ فی کلام (المبسوط) ثم إنه فی (التذکرة) احتمل حمل الروایة «1» و کلام الأصحاب علی أنه اشتراها علی ظاهر الحال من شهادة الحال بالبکارة و غلبة ظنه من غیر شرط انتهی (و فیه) أن صریح (المبسوط) و ظاهر (النهایة و الخلاف) أنه شرط علی أنه لا یتأتی فی کلام (المبسوط و المهذب و الإستبصار) لمکان
______________________________
(1) أی روایة سماعة (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 620
و لا الصیام و لا الإحرام و لا الاعتداد و لا التزویج (1) و لا معرفة الغناء (2) و النوح (3) و لا العسر علی إشکال (4) و لا الکفر (5) و لا کونه ولد زنا و إن کان جاریة (6)
______________________________
ذکر الأرش (فتدبر) و قد ظهر أنه لو لم یثبت التقدم فلا خیار کما صرح به المحقق فی کتابیه و تلمیذه و الأکثر للأصل و أنها قد تذهب بالنزوة و نحوها و قد عرفت من أطلق و أما إذا شرط کونها ثیبا فبانت بکرا ففی (جامع الشرائع و التذکرة) و ما یأتی فی الکتاب (و جامع المقاصد و المسالک و الروضة) و غیرها أنه یتخیر أی بین الرد و الإمساک بدون أرش عملا بقاعدة الشرط لأن العاجز یطلب ذلک و فی (المبسوط و التحریر) أنه لا خیار له و أثبت له الخیار فی (جامع الشرائع) فیما إذا شرط أن تکون صغیرة فبانت کبیرة (و لیعلم) أن صاحب (السرائر) قال فی المقام إن زرعة و سماعة فطحیان و طعن فی یونس بأنه عند المحققین من الرواة و أصحاب الرجال غیر موثوق به و کل ذلک غیر صحیح لأن زرعة و سماعة واقفیان بل کأنه لم یثبت وقف سماعة و یونس حاله فی الوثاقة أشهر من أن یذکر
(قوله) (و لا الصیام و لا الإحرام و لا الاعتداد و لا التزویج)
کما فی موضع من (التذکرة) و فی موضع آخر قال لو ظهرت معتدة فإن کان زمان العدة قصیرا جدا فلا خیار له لأنه لا یعد عیبا و لا ینقص المالیة و لا الانتفاع به و إن کان طویلا احتمل ثبوت الخیار لتفویت منفعة البضع هذه المدة فکان کالمبیع لو ظهر مستأجرا (و قال) إن استعقب فسخ التزویج عدة کان التزویج عیبا و إلا فلا (و استشکل) فی ذلک صاحب (جامع المقاصد) (و قال الشهید فی حواشیه) إن له الفسخ فی الأربعة المذکورة و لعلها عنده کحمی الیوم و فی (الدروس) لم یجعل الصیام و الإحرام فی العبد عیبا و لا التزویج و العدة فی الأمة عیبا و فی (التحریر) لیس الإحرام و الصیام عیبا قطعا و کذا عدة البائن و الرجعیة
(قوله) (و لا معرفة الغناء)
کما فی (الخلاف و الجواهر و التذکرة و الدروس) لأن العلم به غیر محرم و إنما المحرم إظهار صنعته و استعماله و لا فرق فی ذلک بین العبد و الأمة
(قوله) (و النوح)
کما فی (التذکرة) و هو ظاهر
(قوله) (و لا العسر علی إشکال)
یقال رجل أعسر بین العسر للذی یعمل بیساره مع ضعف الیمنی عکس المعتاد و أما الذی یعمل بکلتا یدیه فهو أعسر یسر و لا یقال أعسر أیسر و وجه الإشکال من خروجه عن المجری الطبیعی فکان کخلو الرکب عن الشعر و هو خیرة (التحریر و الدروس و جامع المقاصد) و من حصول المنافع المقصودة من الیمین و ظاهر (الإیضاح) التوقف (کالکتاب و التذکرة)
(قوله) (و لا الکفر)
کما فی (المبسوط و جامع الشرائع و التحریر) (و التذکرة) و موضع من (المهذب) و فی (المختلف) أنه المشهور و حکی عن الشیخ و أبی علی و موضع آخر من (المهذب) أنه عیب یثبت به الخیار فیما إذا اشتری عبدا مطلقا و هو الذی قواه الشهید فی (دروسه) (و حواشیه) و نفی عنه البعد عن الصواب فی (المختلف) لأنه نقص فی التصرف إذ لا یتمکن من عتقه و لا وطئه و لا تزویجه بالمسلمة و استشکل فی کونه عیبا المحقق الثانی لأنه لیس خارجا عن المجری الطبیعی إلا أن یقال قوله علیه السلام کل مولود فإنه یولد علی الفطرة قد یدل علی خروجه عنه و فی (الوسیلة) أن الکفر عیب إذا شرط الإسلام و محل البحث الکفر الذی یقر أهله علیه أما الفسق فلیس عیبا جزما إلا أن یکون زانیا أو شاربا لمسکر و غیر ذلک مما یوجب الحد فإنه لا یؤمن معه التلف
(قوله) (و لا کونه ولد زنا و إن کان جاریة)
کما فی (التذکرة و التحریر و ظاهر جامع المقاصد)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 621
و لا عدم المعرفة بالطبخ و الخبز و غیرهما (1)

[المطلب الثانی فی الأحکام]

اشارة

(المطلب الثانی فی الأحکام) کلما یشترطه المشتری من الصفات المقصودة مما لا یعد فقده عیبا یثبت الخیار عند عدمه (2) کاشتراط الإسلام أو البکارة أو الجعودة فی الشعر أو الزجج فی الحواجب و معرفة الطبخ أو غیره من الصنائع أو کونها ذات لبن أو کون الفهد صیودا (3) و لو شرط غیر المقصود فظهر الخلاف فلا خیار کما لو شرط السبط أو الجهل (4)
______________________________
و اختار فی (الدروس) أنه عیب (و قال) فی الحواشی یحتمل کونه عیبا فی الجاریة لحصول النقص فی نسب الولد و تطرق ضعف فی اعتقاده لما ورد أن ولد الزنا لا ینجب و ورد أنه لا یطهر إلی سبعة أبطن و ضعفه الکرکی بأن المقصود من الجاریة المالیة لا الاستیلاد و لیس هذا بخارج عن المجری الطبیعی انتهی (فتأمل)
(قوله) (و لا عدم المعرفة بالطبخ و الخبز و غیرهما)
من الصنائع کما فی (التذکرة) (و التحریر و الدروس) و الشلل و البکم و الإرث و الصور عیوب و کذا فقد حاسة الذوق أو غیرها و نقص إصبع أو أنملة أو ظفر أو شعر و زیادة سن أو فقدها و کونه ذا قروح أو أثالیل أو بهق أو کونه أبیض الشعر فی غیر أوانه و أما إذا کان نماما أو ساحرا أو قاذفا للمحصنات أو مقامرا أو تارکا للصلوات فإشکال
المطلب الثانی فی الأحکام (قوله) (کلما یشترطه المشتری من الصفات المقصودة مما لا یعد فقده عیبا یثبت الخیار عند عدمه)
إجماعا کما فی (المسالک) قال لو شرط أحد هذه فظهر بالخلاف تخیر بین الرد و الإمساک إجماعا و لا أرش لأنه لیس عیبا و الإجماع قضیة کلام (التذکرة) حیث قال و لو شرط إسلام العبد أو الأمة فبان کافرا کان له الرد قطعا و قد تقدم نصه فی (التذکرة) علی أن الکفر لیس عیبا و تصریح (الفقیه) بالقطع جار مجری الإجماع و لا کذلک لو حکم من دون أن یذکر إشکالا أو أقربیة أو أولویة أو نحوها و إن کانوا یعبرون عنه بالقطع فإنه لا یجری مجری الإجماع کما حرر فی محله من دون شبهة و الحکم المذکور أعنی ثبوت الخیار من دون أرش قضیة کلام (المبسوط) فی عدة مواضع و صریح (التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و الروضة و مجمع البرهان) و غیرها عملا بقاعدة الشرط و قد سمعت کلام (الوسیلة) آنفا فی اشتراط الإسلام فلیس مخالفا فی الحکم بل فی خصوص المثال و خلاف (الخلاف) إنما هو فیما توهمه المشتری کمالا ذاتیا فظهر الخلاف لا فیما إذا شرطه و فرق بین المسألتین و إن عدهما معا جماعة فی خیار التدلیس و لهذا وافقه المصنف فی (التحریر) فنفی الخیار فی ذلک و قد سمعت نصه هنا فیه علی ثبوت الخیار
(قوله) (کاشتراط الإسلام أو البکارة أو الجعودة فی الشعر و الزجج فی الحواجب أو معرفة الطبخ أو غیرها من الصنائع أو کونها ذات لبن أو کون الفهد صیودا)
کما مثل بذلک کله فی (التحریر و التذکرة) و ببعضه فی غیرهما (و جعد) الشعر بضم العین و کسرها جعودة فهو جعد إذا کان فیه التواء و تقبض کما فی (المصباح المنیر) و فی (القاموس) الجعد خلاف السبط (و الزجج) محرکة دقة الحاجبین فی طول و النعت أزج و زجاء و زججه دققه و طوله (و البلج) نقاوة ما بین الحاجبین (و القرن) اتصالها (و الزبر) کثرة شعرهما (و المعط) تساقط الشعر عن بعض أجزائهما ذکر ذلک کله الشهید فی حواشیه
(قوله) (و لو شرط غیر المقصود فظهر الخلاف فلا خیار کما لو شرط السبط أو الجهل)
کما صرح بذلک فی (التحریر و التذکرة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 622
و لو شرط الکفر أو الثیوبة فظهر الضد (1) تخیر لکثرة طلب الکافرة من المسلمین و غیرهم و عدم تکلفها بالعبادات و ربما عجز عن البکر و لو شرط الحلب کل یوم شیئا معلوما أو طحن الدابة قدرا معینا لم یصح (2) و لو شرطها حاملا صح (3) و لو شرطها حائلا فبانت حاملا فإن کانت أمة تخیر (4) و إن کانت دابة احتمل ذلک لإمکان إرادة حمل ما تعجز عنه حینئذ (5) و عدمه للزیادة إن قلنا بدخول الحمل کالشیخ (6)
______________________________
و یعطیه مفهوم عبارة (اللمعة) و غیرها مما قیل فیه و لو شرط صفة کمال فظهر الخلاف تخیر لأنه شرط غیر المقصود للعقلاء و ما لا یزید به المال فکان لغوا لکن إطلاق عبارة (الدروس) قد تعطی الخلاف (قال) و ثامنها خیار التدلیس و فوات الشرط سواء کان من البائع أو المشتری فیتخیر عند فواته بین الفسخ و الإمضاء بغیر أرش إلا فی اشتراط البکارة إلخ و کذلک قوله فی (المبسوط) لو أسلم فی سبطه فسلم إلیه جعدة کان له الخیار و لعله یحمل علی ما إذا تعلق بمثله غرض للعقلاء
(قوله) (و لو شرط الکفر أو الثیوبة فظهر الضد إلخ)
قد تقدم الکلام فی اشتراط الثیوبة عند قوله و الثیوبة لیست عیبا و فی الأول عند الکلام علی أن الکفر لیس بعیب و قد أوضح المصنف هنا الحال فی المسألتین و زاد فی (الإیضاح) المحقق الثانی
(قوله) (و لو شرط الحلب کل یوم شیئا معلوما أو طحن الدابة قدرا معینا لم یصح)
أی الشرط کما فی (التحریر و التذکرة) فی موضعین منها لأن اللبن یختلف فلا یصح اشتراط الرطل مثلا و کذلک الحال فی الطحن و شرط البیض فی الدجاجة و کذا لو شرطها غزیرة اللبن و لا کذلک لو اشترط أنها لبون کما فی (التحریر)
(قوله) (و لو شرطها حاملا صح)
لأن الحمل یعلم فی الظاهر و یتعلق به أحکام و به صرح فی (التذکرة و التحریر) و قال بعض الشافعیة لا یصح لأنه لا یعلم و لیس بشی‌ء
(قوله) (و لو شرطها حائلا فبانت حاملا فإن کانت أمة تخیر)
کما فی (التذکرة و التحریر و حواشی الشهید) لأنه عیب فی الأمة و نقص محض علی القول بعدم دخوله کما هو ظاهر مع اشتماله علی تغریر بالنفس لعدم تیقن السلامة بالولادة و أما علی القول بدخوله فإنه یکون نقصا من وجه و زیادة من آخر و کلما کان کذلک فللمشتری الخیار فیه إجماعا حکاه فی (الإیضاح) و یبقی فیما یتخیر فیه هل هو بین الرد و الأرش أو بینه و بین الإمساک بدون أرش
(قوله) (و إن کانت دابة احتمل ذلک لإمکان إرادة حمل ما تعجز عنه حینئذ)
من حمل الثقیل و السیر الکثیر الشدید و هو الذی استوجهه فی (التحریر) و استشکل فی (التذکرة) و کأنه لیس فی محله إن قلنا بعدم دخوله و إن قلنا بدخوله کان داخلا تحت إجماع (الإیضاح) لأنه غرض مقصود للعقلاء و قد یترتب علیه نفع أعظم من نفع الحمل بمراتب شتی و سیأتی فی الفرع الثالث من فروع المطلب ما له نفع تام فی المقام
(قوله ره) (و عدمه للزیادة إن قلنا بدخول الحمل کالشیخ)
أی یحتمل عدم الخیار فی الدابة إذا شرطها حائلا فبانت حاملا لمکان الزیادة الحاصلة له إن قلنا بمقالة الشیخ فی بعض أقواله من أن الحمل یدخل فی المبیع (و فیه) ما عرفت من أنه و إن کان زیادة فی المال إلا أنه موجب للنقیصة من وجه آخر یمنع الانتفاع بها عاجلا مع أنه لا یؤمن علیها الهلاک إذا وضعته (و قال فی الإیضاح) و عندنا أنه یتخیر فی الموضعین لعدم دخول الحمل فی المبیع (انتهی فتأمل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 623
و إطلاق العقد و اشتراط الصحة یقتضیان السلامة من العیب (1) فلو وجد المشتری عیبا سابقا علی العقد و لم یکن عالما به تخیر بین الفسخ و الأرش (2)
______________________________
فی قضیة تعلیله و کیف کان فحیث یثبت له الخیار فی هذه المواضع هل یتخیر بین الفسخ و الأرش أو بین الفسخ و الإمضاء من دون أرش صرح الشهید فی حواشیه بالثانی (فلیتأمل)
(قوله) (و إطلاق العقد و اشتراط الصحة یقتضیان السلامة من العیب)
و نحو ذلک عبر فی (السرائر) و کذلک (الشرائع و التذکرة) مع الإتیان بأو مکان الواو و لعله أولی و فی (المبسوط) فی أثناء کلام له (و النافع و التحریر) أن إطلاق العقد یقتضی السلامة من العیب من دون ذکر اشتراط الصحة و فی (النهایة و المقنعة) الاقتصار علی ذکر اشتراط الصحة و السلامة و قال جماعة إن اشتراط الصحة مجرد تأکید لأن الإطلاق یقتضی السلامة لأن الأصل فی المبیع من الأعیان و الأشخاص السلامة من العیوب و الصحة فإذا أقدم المشتری علی بذل ماله فی مقابلة تلک العین فإنما بنی إقدامه علی غالب ظنه المستند إلی أصالة السلامة فإذا ظهر عیب سابق علی العقد وجب أن یتمکن من التدارک و ذلک بثبوت الخیار کما ذکر ذلک فی (التذکرة) و ظاهرهم أن العقد إنما وقع علی السالم دون المعیب و الذی یفهم من کلامهم أن إطلاق العقد یقتضی لزومه السلامة لا أنه واقع علی السالم لا غیر فتأمل فی الفرق بینهما و فی (الکفایة) لا أعرف خلافا بینهم فی أن إطلاق العقد یقتضی لزومه السلامة من العیب و کذا لو شرط الصحة و حکی فی (المسالک) قولا بأن فائدة اشتراط الصحة جواز الفسخ و إن تصرف لو ظهر عیب کاشتراط الحلول و لم أجد هذا القول لأحد من العامة و الخاصة
(قوله) (فلو وجد المشتری عیبا سابقا و لم یکن علم به تخیر بین الفسخ و الأرش)
إجماعا کما فی (الخلاف) (و الغنیة و الریاض) و ظاهر (التذکرة و الکفایة و مجمع البرهان) و قد عرفت المصرح بالحکم و من ظاهره ذلک کما بینا ذلک کله فیما سلف عند شرح قوله و إن زادت بهما القیمة و قد بینا أن الخلاف إنما یظهر من صاحب (المفاتیح) و أن المولی الأردبیلی متأمل مع نفیه الخلاف عنه و إطلاق الراوندی فی آیاته مقید قطعا و قد أغفل الاستدلال علی المسألة فی أکثر کتب الاستدلال بل أخذوها مسلمة و استدل فی (التذکرة) بما رواه الجمهور من أن رجلا اشتری غلاما فی زمن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و کان عنده ما شاء اللّٰه ثم رده من عیب وجده به و بقول أحدهما علیه السلام فی مرسل جمیل فی الرجل یشتری الثوب أو المتاع فیجد به عیبا قال إن کان قائما رده علی صاحبه و أخذ الثمن و إن کان الثوب قد قطع أو خیط أو صبغ رجع بنقصان العیب و فی إفادتهما المطلوب نظر واضح بعد الغض عن السند إلا أن تقول إن الشهرة تجبر السند و الدلالة أما النبوی فخال عن الأرش بالکلیة مع أن الظاهر منه جواز الرد بعد التصرف فی الجملة إذ یبعد أن یکون العبد عند العرب ما شاء اللّٰه تعالی و لا یستخدمونه بشی‌ء أصلا مع أنا قد نقصره علی العبد و أما مرسلة جمیل فقد دلت علی جواز الرد ما دام باقیا و إن تصرف فیه إلا أن یکون ثوبا قد تصرف فیه أحد التصرفات المذکورة فإنه یرجع (حینئذ) بالأرش و ذلک لا یتم علی ما قرروه فی مسائل الباب و یوجد فی بعض الأخبار ما یدل علی الرد بالعیب قبل التصرف و الحدث و الأرش بعده مع عدم البراءة من العیوب و قد ورد فی الجاریة المعیبة ما ستسمعه فکان الأصل فی المسألة الإجماع المعلوم و المنقول و الأخبار المرسلة فی (الخلاف) و خبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 624
و لو تبرأ البائع من العیوب فی العقد و إن کانت مجملة (2)
______________________________
الضرر و ما فی الفقه المنسوب إلی مولانا الرضا علیه السلام من قوله إن خرج فی السلعة عیب و علم المشتری فالخیار إلیه إن شاء رد و إن شاء أخذ أو رد علیه بالقیمة أرش المعیب (و قال) بعض من تأخر إن أو زائدة مکان الواو (و استدل) علیه فی (الریاض) بالإجماع القطعی و المحکی فی (الغنیة) و النصوص المعتبرة و ساق مرسل جمیل (ثم قال) و لیس فیه کباقی الأخبار ذکر الإمضاء مع الأرش بل ظاهرها الرد خاصة لکن الإجماع و لو فی الجملة کاف فی التعدیة (انتهی) فتأمل فیه (و یبقی) الکلام فیما إذا انعکس الحال کما لو خرج الثمن معیبا (و قد یستدل) علیه ببعض ما مر من خبر الضرر و قد یدعی اتحاد الطریق فتدبر
(قوله) (و لو تبرأ البائع من العیوب فی العقد و إن کانت مجملة)
فإنه یبرأ من کل عیب ظاهرا کان العیب أو باطنا معلوما کان أو غیر معلوم حیوانا کان المبیع أو غیره إجماعا فی جمیع ذلک کما فی (الخلاف و الغنیة و التذکرة) و ظاهر (المسالک) حیث قال عندنا و ستسمع ما فی (التحریر) و بهذا التعمیم صرح فی (المبسوط) و ظاهر (الروضة) و هو قضیة إطلاق (المقنعة و النهایة) (و المراسم و الوسیلة و السرائر و الشرائع و النافع و جامع الشرائع و التحریر و الإرشاد و اللمعة) و غیرها بل إطلاق النص و ستسمعه و الإجماعات و الفتاوی یتناول المتجددة بعد العقد حیث تکون مضمونة علی البائع (و قال الشهیدان فی الدروس و المسالک) و هل تدخل العیوب المتجددة بعد العقد و قبل القبض أو فی زمن خیار المشتری فی البراءة المطلقة (فیه نظر) من العموم و من أن مفهومه التبری من الموجود حالة العقد (قلت) و قرب فی (التذکرة) عدم الدخول (و قال فی الدروس) نعم لو صرح بالمتجدد صح (قلت) و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال لو شرط التبری من العیوب الکائنة و التی ستحدث جاز عندنا و نحوه ما فی (المسالک) و لا یقدح فی هذا کون البراءة مما لم یجب بعد لأن التبری إنما هو من الخیار الثابت بسببها بمقتضی العقد لا العیب المتجدد فإنه (حینئذ) غیر مضمون لأنه غیر موجود و قد لا نسلم کلیة هذه القضیة و لو فی نحو المسألة إذ لا دلیل علی المنع کذلک و قد وقع فی (الریاض) خلل فی النقل عن (التذکرة) من وجهین (قال) و لا فرق بین الموجودة حالة العقد و المتجددة بعده حیث تکون علی البائع مضمونة و علیه الإجماع فی (التذکرة) و قد سمعت عبارتها برمتها و عرفت محلها (و صورة التبری) من العیوب أن یقول تبرأت من جمیع العیوب کما صرح به فی (جامع المقاصد) و مثله أن یقول بعتک هذا بکل عیب أو أنا بری‌ء من کل عیب و نحو ذلک کما یرشد إلیه قولهما فی (الدروس و الروضة) کقوله تبرأت و الظاهر أنه یکفی ذکر ذلک قبل العقد کما فی أثنائه کما یرشد إلیه خبر جعفر بن عیسی کما ستسمعه و کما تشعر به عبارة (السرائر و التذکرة و التحریر) و لأنهم قالوا إذا علم المشتری أو أسقط خیار العیب فلا خیار إذ سبب الخیار إنما هو جهله به فإذا رضی بالعیب فلا خیار له و لأنه إنما ثبت الخیار لاقتضاء مطلق العقد السلامة فإذا صرح بالبراءة قبل العقد أو فی أثنائه فقد ارتفع الإطلاق و ذلک من أدلة أصل المسألة بعد الإجماعات و عموم قولهم علیهم السلام المؤمنون عند شروطهم و إطلاق قول مولانا الباقر علیه السلام فیما رواه الشیخ عن الحسین عن فضالة عن موسی بن بکر عن زرارة فالحدیث حسن قوی معتبر أو صحیح لمکان فضالة و مع ذلک مجبور (أیما رجل اشتری شیئا فیه عیب أو عوار و لم یتبرأ إلیه منه و لم یبین له فأحدث فیه بعد ما قبضه شیئا و علم بذلک العیب و ذلک العوار أنه یمضی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 625
أو علم به المشتری قبله أو أسقطه بعده سقط الرد و الأرش (1)
______________________________
علیه البیع و یرد علیه بقدر ما ینقص من ذلک الداء و العیب من ثمن ذلک لو لم یکن به) (و یدل) علی ذلک أیضا خبر جعفر بن عیسی (قال) کتبت إلی أبی الحسن علیه السلام جعلت فداک المتاع یباع فیمن یزید فینادی علیه المنادی فإذا نادی علیه برئ من کل عیب فیه فإذا اشتراه المشتری و رضیه و لم یبق إلا نقده الثمن فربما زهد فإذا زهد فیه ادعی عیوبا و أنه لم یعلم بها فیقول له المنادی قد برئت منها فیقول المشتری لم أسمع البراءة منها أ یصدق فلا یجب علیه الثمن أم لا یصدق فیجب علیه فکتب علیه الثمن و الضعف مجبور بما عرفت فی خصوص ما نحن فیه و هو ظاهر فی أنه عالم بالنداء و بالبراءة (بالبراءة خ ل) و أنه رضیه مع ذلک إلا أنه لما تجدد له زهده و عدم الرغبة ادعی عدم علمه بالعیوب و عدم سماعه النداء فهذه الدعوی إنما نشأت مدالسة من حیث زهده لا من حیث العیوب فلا یکون الخبر مما لا یلتفت إلیه لضعفه مع الکتابة و مخالفة القاعدة کما قاله المولی الأردبیلی فی مقام آخر مع أنه استدل به فی المقام و تمام الکلام فی الخبر یأتی فی المطلب الرابع فی اللواحق و حکی فی (السرائر) عن بعض أصحابنا أنه لا یکفی التبری من العیوب إجمالا فی إسقاط الرد و حکی ذلک فی (المختلف) عن أبی علی و حکی فیه کلام القاضی فی (المهذب) و آخره صریح فی ذلک و قد یوجد فی بعض نسخ (جامع المقاصد) نسبة ذلک إلی ابن إدریس و لعله غلط فی النسخة و حجتهم علی ذلک الجهالة و المناقشة فیه واضحة بعد ما سمعت مضافا إلی أنه لا جهل مع المشاهدة و اعتبار ما یجب اعتباره فی صحة البیع و أنه لو تم لزم فساد العقد و من العجیب ما فی (الدروس) من قوله و فی التبری مجملا قولان أشهرهما الاکتفاء سواء علم البائع بالعیب أم لا حیث لم یحکم صریحا و نسب المجمع علیه إلی الأشهریة فکأنه لم یظفر بالإجماعات التی قد سمعتها فلا أقل من نسبته إلی المشهور کما فی (جامع المقاصد) مع أن القاضی فی (الکامل) وافق و ظاهر (التحریر) أنه لا مخالف إلا ما حکاه فی (السرائر) عن بعض علمائنا حیث اقتصر علی نسبة الخلاف إلیه
(قوله) (أو علم المشتری به قبله أو أسقطه بعده سقط الرد و الأرش)
لأنهما متعلق الخیار و لازمه فإذا أسقط الملزوم تبعه اللازم و لو قید الإسقاط بأحدهما اختص به و لا یختص الإسقاط بلفظ بل کل ما دل علیه من الألفاظ کاف (و مما صرح) فیه بسقوط الرد و الأرش مع علم المشتری بالعیب قبل العقد (الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و التذکرة) (و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک) و هو المفهوم من مطاوی (المقنعة و النهایة و المبسوط) لمن أجاد التأمل فی مفاهیمها و هو الظاهر من (جامع الشرائع) حیث صرح بسقوط الرد مع العلم و قضیة کلامه سقوط الأرش و إن لم یصرح به و فی (الریاض) نفی الخلاف عنه (و یدل) علیه بعد الأصل خبر زرارة الذی سمعته آنفا فإنه دال بمفهومه و المثبت لهذا الخیار من النص و الإجماع مختص بغیر محل الفرض و المصرح بسقوطهما بإسقاطه لهما بعد العقد المحقق فی (الشرائع) و المصنف فی کتبه و الشهید الثانی و فی (النافع و الدروس و اللمعة) وضع موضعه الرضا بعد العقد و کأنه بمعناه لکنه فی (الروضة) فهم التغایر فقال و أولی منه إسقاط الخیار و الوجه فیهما ظاهر لأنه حق له فإذا أسقطه أو رضی بالعیب سقط و لعله لذلک أغفلهما المتقدمون فتدبر و فی (الریاض) نفی الخلاف عن سقوطهما أی الرد و الأرش فیهما أعنی الرضا و الإسقاط ذکر کلا فی مقام علی حدة و فی (الغنیة) نفی الخلاف عن سقوط خیار العیب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 626
و لو أحدث فیه حدثا قبل العلم بالعیب أو بعده أو حدث عنده عیب آخر بعد قبضه من جهته مطلقا (1)
______________________________
بالرضا به و ستعرف الحال فی عبارة (الوسیلة) فإنه قال یسقط الرد بأحد ثلاثة أشیاء بالرضا و بترک الرد بعد العلم به إذا عرف أن له الرد و بحدوث عیب و لم یتعرض لسقوط الأرش إلا فی آخر کلامه (قال) و إن علم بالعیب ثم تصرف فیه لم یکن له الرد و لا الأرش و هو مخالف للمشهور بل المجمع علیه کما ستسمع إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله) (و لو أحدث فیه حدثا قبل العلم بالعیب أو بعده)
یرید أنه حینئذ یسقط الرد و یثبت الأرش أما سقوط الرد فعلیه الإجماع فی (المختلف و شرح الإرشاد) لفخر الإسلام و أما ثبوت الأرش کذلک أی حیث یحدث فیه حدثا قبل العلم بالعیب أو بعده ففی صریح (الغنیة) أو ظاهرها الإجماع و فی (جامع المقاصد) أنه المشهور و هو صریح (المقنعة و النهایة) (و المراسم و الشرائع و النافع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) (و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح) و هو ظاهر إطلاق (الخلاف و الجواهر و السرائر) (و جامع الشرائع و التبصرة و اللمعة) و فی (المختلف) حکاه عن التقی و نقل الشهرة علی الإطلاق و فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام الإجماع علیه و هو بإطلاقه یتناول ما قبل العلم و بعده و فی (المفاتیح) أن الصحاح به مستفیضة و فی (الکفایة) أن الأخبار مختصة بالجاریة و لیس کذلک لأن مرسل جمیل و خبر زرارة صریحان فی الأرش مع التصرف فی المبیع مطلقا جاریة أو غیرها و إطلاق النصوص و الفتاوی و معقد الإجماعات یشمل التصرف و الإحداث الناقل کالبیع و نحوه و المغیر للعین و غیره عاد إلیه بعد خروجه عن ملکه أو لا بل فی (الغنیة) الإجماع فی المغیر و غیره و فی (المبسوط) أن التصرف قبل العلم لا یسقط به الخیار و لعل دلیله الأصل و خبر زرارة حیث جعل فیه العلم قبل الحدث شرطا لمضی البیع علیه (و فیه) أنه یحتمل أن یکون المراد أنه لو أحدث فیه شیئا ثم علم به لم یکن له الخیار لا أن الحدث إذا کان بعد العلم ینفی الخیار فیستدل بمفهومه علی أن الحدث قبله لا ینفیه (فتأمل جیدا) (و قال فی المبسوط) أیضا إن کان البیع قبل علمه بالعیب و عاد إلیه فله رده (و قال) إن الهبة و التدبیر لا یمنعان من الرد لأن له الرجوع فیهما بخلاف العتق و بذلک صرح فی (المقنعة) أیضا (و النهایة) و جعل ابن حمزة فی (الوسیلة) التصرف مانعا من الأرش إذا کان بعد العلم بالعیب تمسکا بدلالته علی الرضا بالعیب و الأصل و الإطلاقات حجة علیه و قد بینا فیما سلف حال التصرف المسقط بما لا مزید علیه و سیجی‌ء فی الفرع الخامس ما له نفع تام فی المقام و تمام الکلام قد مضی فی الفصل الثالث فی أنواع المبیع
(قوله ره) (أو حدث عنده عیب آخر بعد قبضه من جهته مطلقا)
أی سواء کان المبیع حیوانا فی مدة الخیار أم لم یکن کما یدل علیه التقیید فی المسألة التی بعده و یتحقق کونه من جهته بتقصیره فی المحافظة علی المبیع و صیانته و بسقوط الرد و بقاء الأرش حینئذ صرح فی (الجواهر و السرائر) و ما تأخر عنهما و فی صریح (الغنیة) أو ظاهرها الإجماع علیه کما هو صریح (شرح الإرشاد لفخر الإسلام) و قد یظهر ذلک من (الکفایة) حیث (قال) قالوا و فی (المبسوط) لا یکون له أن یرجع بأرش العیب عند الفقهاء و کذا عندی (و قال) فی موضع آخر إذا باع عبدا و قطع طرف من أطرافه عند المشتری ثم وجد به عیبا قدیما سقط حکم الرد إجماعا و وجب الأرش انتهی (فتأمل)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 627
أو من غیر جهته إذا لم یکن حیوانا فی مدة الخیار (1) فله الأرش خاصة و لو کان العیب الحادث قبل القبض لم یمنع الرد مطلقا (2)
______________________________
و فی (الخلاف) الإجماع و الأخبار علی أنه لیس له رده إلا أن یرض البائع بأن یقبله ناقصا فیکون له رده و أنه یکون له الأرش إن امتنع البائع من قبوله معیبا و فی (المبسوط) نفی (الخلاف) عن أنه له الأرش إن امتنع البائع من قبوله و قضیته أنه لو لم یمتنع لم یکن له الأرش و لهذا نسب إلیه الخلاف فی (التحریر) و غیره (قال فی التحریر) لو تعیب عند المشتری لم یکن له رده فلو اختاره البائع جاز و لو أراد المشتری الأرش حینئذ (قال) الشیخ لیس له ذلک و الوجه عندی أن له الأرش إن اختاره و لو امتنع البائع من قبوله معیبا کان للمشتری حق الأرش قولا واحدا و ظاهر المفید فی (المقنعة) المخالفة (قال) فإن لم یعلم بالعیب حتی حدث فیه عیب آخر کان له أرش العیب المتقدم دون الحادث إن اختار ذلک و إن اختار الرد کان له ذلک ما لم یحدث هو فیه حدثا (انتهی) و لم أجد من تنبه لذلک غیر الشهید فی (الدروس) و قد یظهر من (الدروس) المخالفة أیضا فی المسألة و لیس کذلک نعم لم یرد قول الشیخ بل نقله ساکتا علیه (قال) و ثانیها أی ثانی الأمور المسقطة للرد دون الأرش حدوث عیب عند المشتری مضمون علیه إلا أن یرضی البائع برده مجبورا بالأرش أو غیر مجبور و لا یجبر البائع علی الرد و أخذ الأرش «1» و لا یتخیر المشتری بینه و بین المطالبة بأرش السابق و لو قبل البائع الرد لم یکن للمشتری الأرش بالعیب الأول عند الشیخ (انتهی) فلیس مخالفا کما یظهر لمن تأمل و جمع بین أول کلامه و آخره و لحظ عبارة (الروضة) و غیرها حیث قالوا و لو رضی البائع برده مجبورا بالأرش أو غیر مجبور جاز (و یدل) علی الحکم المذکور بطرفیه بعد الإجماع أنه لما کان مضمونا علیه کان بمنزلة إحداثه فیه حدثا و لو کان من غیر جهته إذا لم یکن حیوانا فنقصانه محسوب علیه فیمنع الرد و یثبت الأرش لأنه حق مالی ثبت بالعقد لوجوب تنزیله علی صحة البیع فیستصحب بقاؤه مع عدم المانع و لا دلالة لحدوث العیب علی إسقاطه إذ لیس من الرضا و نحوه فی شی‌ء و قد استوفینا الکلام فی هذه المسائل فی المطلب الثانی من الفصل الثالث فی أنواع المبیع
(قوله) (أو من غیر جهته إذا لم یکن حیوانا فی مدة الخیار)
لأنه إذا کان حیوانا و حدث فیه العیب فی الثلاثة من غیر جهة المشتری کان له الرد أو الأرش لأنه مضمون علی البائع کما نبه علی ذلک فی (السرائر و الشرائع و التحریر و التذکرة و المیسیة و الروضة) و بعض من ترکه هنا فقد ذکره فیما سلف و الظاهر أن کل خیار یختص بالمشتری کذلک بل قد قالوا إذا لم یکن هناک عیب و حدث فی الحیوان عیب من غیر جهة المشتری کان له الرد أو الأرش و إن اختلفوا فی هذا الرد هل هو بأصل الخیار لأن العیب الحادث غیر مانع منه أو بالعیب لکونه مضمونا أو بهما و المنقول عن المحقق فی (الدرس) أن له الرد بأصل الخیار لا بالعیب و المنقول عن ابن نما أن الخیار المذکور بالعیب الحادث و الأقرب أنه یجتمع الخیاران للمشتری و تظهر الفائدة من وجوه و قد استوفینا الکلام فی المسألتین فی المطلب الثانی فی أحکام بیع الحیوان فی أوائل باب البیع فلیرجع إلیه من أراد حقیقة الحال
(قوله) (فله الأرش خاصة)
هذا جواب لو أی له الأرش خاصة فی الأحکام المذکورة کما بیناه
(قوله) (و لو کان العیب الحادث قبل القبض لم یمنع الرد مطلقا)
فی الحیوان
______________________________
(1) أی أرش العیب الحادث (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 628
..........
______________________________
و غیره فی مدة الخیار و غیرها و ربما فسر الإطلاق بما إذا کان من جهة المشتری أو من غیر جهته و کأنه علی إطلاقه غیر صحیح کما تقدمت الإشارة إلیه و أما أن للمشتری الرد بالعیب الحادث قبل القبض فقد حکی علیه الإجماع فی (کشف الرموز و الروضة) و نفی عنه الخلاف فی (مجمع البرهان) (و الکفایة) و فی (المهذب البارع) کان له الرد قطعا و هو بمعنی الإجماع و اختلفوا فی الأرش ففی (الخلاف و المبسوط و السرائر) و نکت (النهایة) للمحقق فیما حکی (و کشف الرموز) أنه لا أرش له و قد حکی عن المفید فی (السرائر) و فی (الخلاف) أنه لا خلاف فیه و حکی ذلک عن (المبسوط) و فی (النهایة و الشرائع و النافع و المختلف و الکتاب) فیما یأتی (و التحریر و التذکرة و الإرشاد) فی موضع منه (و الإیضاح و الدروس و اللمعة و التنقیح و المقتصر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک) (و مجمع البرهان) أن له الأرش کما له الرد و هو المحکی عن التقی و القاضی و فی موضع من (المسالک) أنه المشهور و لم یرجح فی (الإرشاد) فی المقام و لا (الکفایة) و فی (المهذب البارع) أن المسألة مشکلة و فی (إیضاح النافع) أن القولین قویان من حیث إن البائع باع و لا عیب فلا أرش علیه و من حیث إنه مضمون علیه فیلزمه و الذی یقتضیه النظر السلیم ثبوت الخیار للمشتری بین الرد و الأرش لکن إن اختار الأرش فللبائع الخیار و لم أسمع من قال بهذا من أصحابنا انتهی (قلت) و کذلک نحن لم نجده لأحد غیره فکان قولا ثالثا خارقا للإجماع المرکب (و احتج) للشیخ بعد الإجماع بأن الأصل ثبوت العقد و لزومه و عدم التسلط بالأرش و إنما أوجبنا له الخیار بین الرد و القبول لدفع الضرر اللاحق بإیجاب القبول فیبقی الباقی علی الأصل و أجاب عنه فی المختلف بأن إلزامه بأحد هذین نوع ضرر إذ الحاجة قد مست إلی المعاوضة و إلا لم توجد فإلزامه بجمیع الثمن ضرر عظیم لأنه دفعه فی مقابلة الجمیع بصفاته فلا یجب دفعه عن البعض (و احتج) للشیخ فی النهایة بأن المبیع لو تلف أجمع لکان من ضمان البائع فکذا أبعاضه و صفاته لأن المقتضی لثبوت الضمان فی الجمیع و هو عدم القبض موجود فی الصفات فیثبت الحکم (و فیه) أنا قد نقول بالفرق بین المقیس و المقیس علیه لمکان انتفاء الضرر عن البائع فیما إذا تلف أجمع إذ أقصی ما یلزم منه بطلان البیع و استرداد الثمن و لا کذلک فیما نحن فیه لأن الضرر فیه ثابت علی البائع لأنه لم یرض فی مقابلة العین إلا بتمام الثمن فأخذه منه ببعضه قهرا تجارة لا عن تراض و قد یقال إنه یرد ذلک فی العیب السابق علی العقد فی صورة جهل البائع به لکنه یدفع بالإجماع و الأخبار الدالة علی ذلک بالتقریب السابق فتأمل فی ذلک کله إذ قد یدعی فی المقام الأولویة العرفیة و هی حجة (و قد یستدل) علیه بقوله علیه السلام (أیما رجل اشتری من رجل عبدا أو دابة و شرط یوما أو یومین فمات العبد أو نفقت الدابة أو حدث فیه حدث علی من الضمان) قال لا ضمان علی المبتاع حتی ینقضی الشرط و یصیر المبیع له إذ الإطلاق أو العموم الناشی من ترک الاستفصال یشمل نقص الجزء و الصفة و قد نفی ضمانه عن المبتاع فیلزم منه أنه مضمون علی البائع لمکان عدم الواسطة (و فیه) علی تقدیر عدم کونه متروک الظاهر و تسلیم ظهور کون المراد من الحدث ما لم یکن من قبیل الموت کما یشهد به السیاق أن أقصی ما یدل علیه أن الضمان علی البائع قبل انقضاء زمن الخیار و هو أعمّ من اشتراط تعلق الضمان بکون الحدث قبل القبض فقد ینقضی الخیار قبله و کیف کان فالترجیح للمشهور لما عرفت (و قد بنوا) علی الخلاف فی المسألة ما إذا تعیب المبیع فی ید المشتری من الغاصب جاهلا فغرمه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 629
و ینبغی إعلام المشتری بالعیب (1) أو التبری مفصلا فإن أجمل برئ و لو ابتاع شیئین صفقة و وجد بأحدهما عیبا سابقا تخیر فی رد الجمیع أو أخذ الأرش و لیس له تخصیص الرد بالمعیب (2)
______________________________
المالک الأرش فعلی قول (الخلاف) یتجه رجوعه علی الغاصب بما غرمه أرشا لأنه دخل علی أن المضمون علیه هو الجملة دون الأجزاء لعدم مقابلتها بالثمن إنما المقابل به هو المجموع و علی المشهور لا رجوع له علی الغاصب کما بینوا ذلک فی باب الغصب و ما حکاه فی (المسالک) عن الشیخ لم نجده و یشبه أن یکون اشتباها بمسألة ما إذا حدث عیب آخر عنده بعد القبض فقد سمعت کلام الشیخ فیها و هو أدری بما حکاه و قد أشبعنا الکلام فی المسألة فی مبدإ الکتاب فی المطلب الثانی من أحکام بیع الحیوان بما لا مزید علیه
(قوله) (و ینبغی إعلام المشتری بالعیب)
کما فی (السرائر و الشرائع و النافع و التذکرة) لأن المراد بقوله ینبغی و بقوله فی (الشرائع) الأولی الاستحباب للأصل و انتفاء المانع لاندفاع الضرر بالخیار و الأرش و فی (جامع المقاصد) (و إیضاح النافع و المسالک و المیسیة) أن هذا فی العیب الظاهر الذی لیس للمشتری الاطلاع علیه من دون إعلام البائع أما الخفی کشوب اللبن بالماء فإنه یجب الإعلام به بل ینبغی بطلان البیع لأن المبیع المقصود غیر معلوم القدر للمشتری لأن ما کان من غیر الجنس لا یصح العقد فیه فیکون الآخر مجهولا و قد یقال بالصحة نظرا إلی أن الجملة معلومة القدر کما لو باع ماله و مال غیره فینبغی عدم سقوط الخیار فتأمل (و قال فی السرائر) قال بعض أصحابنا بل ذلک واجب و لا یکفی فی إسقاط الرد التبری من العیوب علی الجملة و أشار بذلک إلی تفصیل العیوب و لعله أشار ببعض أصحابنا إلی قول الشیخ فی (الخلاف) من باع شیئا و به عیب لم یبینه فقد فعل محظورا و کان للمشتری الخیار و وافقه علی ذلک (المصنف فی التحریر) قال وجب الإشعار أو التبری من العیوب لئلا یکون غاشا و مثله (قال فی الدروس) إلا أنه قید العیب بالخفی کما ستسمع و فی (المبسوط و فقه القرآن) للراوندی وجب أن یبین للمشتری عیبه أو یتبرأ إلیه من العیوب و الأحوط الأول و قد ینزل إطلاق القائل بالوجوب علی ما إذا کان هناک عیب خفی لأنه غش لما تقدم لهم من نصهم علی تحریمه و إطلاق القائل بالاستحباب علی غیره کما حکیناه عن الکرکی و الشهید الثانی فیستقیم علی هذا قول المصنف فإن أجمل برئ علی إطلاقه و لا یتجه اعتراض (المسالک) علی ما یفهم من (الشرائع) علی أن اعتراض (المسالک) فی غیر محله عند التأمل لکن قال فی (الدروس) یجب علی البائع الإعلام بالعیب الخفی علی المشتری إن علمه البائع لتحریم الغش و لو تبرأ من العیب سقط الوجوب قال الشیخ و الإعلام أحوط انتهی و مقتضی کلامه السقوط فی العیب الخفی و هو قضیة إطلاق (المبسوط و المقنعة) (و الراوندی و التحریر و إیضاح النافع) أنه المشهور و هو مشکل لأن الماء لیس من جنس اللبن (فتأمل) و فی (المختلف) أن المشهور أنه یستحب للبائع إذا أراد التبری من العیوب أن یفصلها انتهی و علی کل حال فلا یعجبنی قوله فی (الریاض) و یجوز بیع المعیب و إن لم یذکر عیبه مع عدم الغش بلا خلاف فی الظاهر إذ الظاهر وجود الخلاف و التأویل و التنزیل أمر آخر
(قوله) (لو ابتاع شیئین صفقة و وجد بأحدهما عیبا سابقا تخیر فی رد الجمیع أو أخذ الأرش و لیس له تخصیص الرد بالعیب)
دلیل الجمیع إجماع الفرقة و أخبارهم کما فی (الخلاف) و إجماع الطائفة کما فی (الغنیة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 630
فإن کان قد تصرف فی أیهما کان سقط الرد خاصة و لیس للمشترین صفقة الاختلاف فیطلب أحدهما الأرش و الآخر الرد بل یتفقان (1) علی إشکال
______________________________
و لا خلاف فیه کما فی (الریاض) و به صرح فی (المقنعة و النهایة و المبسوط) و ما تأخر عنهما مما تعرض له فیه و الدلیل علی ذلک بعد الإجماع و أخبار (الخلاف) ما دل علی ثبوت الأرش بالعیب عموما و کذا رد الجمیع و أما رد المعیب فقط فمع أنه لا دلیل علیه موجب للتشقیص بالتفریق الذی هو عیب لا یجب علی البائع ارتکابه و لا فرق فی ذلک بین أن یکونا مما ینقصهما التفریق کمصراعی باب أو لا و لا بین أن یکون حصل قبض أو لا کما هو صریح (المبسوط و التحریر) و قضیة إطلاق الباقین هذا إذا لم یکن قد تصرف فیهما أو فی أحدهما و متی تصرف فی أحدهما و إن کان الصحیح سقط رد المعیب لأنهما بمنزلة مبیع واحد و إلیه أشار (المصنف) بقوله و إن کان قد تصرف فی أیهما کان سقط الرد خاصة هذا و قد قالوا فی باب الشفعة إنه لو باع حصته من الدار و البستان صفقة فلشریکه فیهما أخذ أحدهما بالشفعة و إن تبعضت الصفقة لأن حقه فی أحدهما غیر شائع فی حق الآخر من الآخر ففرق بین المقامین
(قوله) (و لیس للمشتری صفقة الاختلاف فیطلب أحدهما الأرش و الآخر الرد بل یتفقان)
هذا هو الذی نذهب إلیه کما فی (التذکرة) و المشهور کما فی (المختلف و إیضاح النافع و المسالک و المفاتیح) و مذهب الأکثر کما فی (التنقیح) و هو خیرة (المقنعة و الخلاف) (و المبسوط) فی المقام (و النهایة و المراسم) فیما حکی عنهما جماعة کثیرون لکنی لم أجد لذلک ذکرا فیهما (و الوسیلة و الشرائع و النافع و جامع الشرائع و کشف الرموز و التحریر و الإرشاد و التبصرة) (و التذکرة و المختلف و إیضاح النافع) و هو المحکی عن التقی و الحلبی و المخالف الشیخ فی شرکة (المبسوط و الخلاف) و أبو علی و القاضی و الحلبی و صاحب البشری فیما حکی عنهم و لم أجد ذلک فی (الجواهر و السرائر) و فخر الإسلام فی (الإیضاح) و مال إلیه فی (الخلاف) فی المقام أیضا و استوجهه صاحب (المسالک) و نفی عنه البعد فی (التذکرة) و تعلیله فی (التذکرة) یعطی (یقضی خ ل) بأن ذلک فیما إذا کان البائع عالما بالتعدد دون ما إذا کان جاهلا کما حکی عن (التحریر) و الموجود فیه فی المقام ما نقلناه عنه و ستسمع ما فی شرکته و هذا التفصیل خیرة المحقق الثانی فی صریح (جامع المقاصد) و ظاهر (تعلیق الإرشاد) و نفی عنه البعد فی (مجمع البرهان) و استحسنه صاحب (المسالک) و صاحب (المفاتیح) و فی (التحریر) فی باب الشرکة أنه لو اشتری أحد الشریکین بمال الشرکة و کان معیبا و جهل الشریک بعیبه و علم البائع أن الثمن من مال الشرکة أن لهما الاختلاف فی الرد و الأرش قال و هذا التفصیل عندی جید لأن البائع عالم بأنه مال شرکة و أحد الشریکین غائب و الآخر حاضر فهو فی قوة عقدین (حجة) المشهور الأصل و أن المثبت لهذا الخیار من الإجماع و النص مختص بحکم التبادر و وقوع الخلاف بغیر محل الفرض لمکان الضرر بتبعیض الصفقة مضافا إلی الضرر بالشرکة فیما لو حدث عیب بالبعض بعد الصفقة فإنه یمنع من الرد بالإضافة إلیه فانفراد الآخر بالرد یوجب الشرکة بین البائع و المشتری الآخر (و حجة) القائل بالتفریق العموم و جریانه مجری عقدین بسبب تعدد المشتری فإن التعدد فی البیع یتحقق تارة بتعدد البائع و أخری بتعدد المشتری و أخری بتعدد العقد کما بنوا علی ذلک فی باب الشفعة جملة من الأحکام لأن عیب التبعیض جاء من
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 631
أما لو ورثا خیار عیب فلا إشکال فی وجوب التوافق (1) و لا إشکال فی جواز التفریق لو باعهما فی عقدین (2) و لو اشتری من اثنین جاز له الرد علی أحدهما و الأرش من الآخر سواء اتحد العقد أو تعدد (3) و الأرش جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة نقص قیمة المعیب عن الصحیح (4)
______________________________
قبله حیث باع من اثنین و هذا یتم مع علمه بالتعدد و هو حجة القائل بالتفصیل و یؤیده عدم ثبوت کون التشقیص عیبا مطلقا بالدلیل مع عموم دلیل ثبوت الخیار بین الرد و الأرش و لا کذلک مع الجهل لأن الظاهر أن الجهل عذر إلا أن ما ذکر فی حجة المشهور قد یدفع ذلک کله (فلیتأمل) و مما ذکر بان وجه قول المصنف علی إشکال و الجار متعلق بالنفی المدلول علیه بسلب استحقاق المشتریین صفقة الاختلاف و قوله یطلب «إلخ» معترض بینهما و لا فرق علی القولین أو الأقوال بین تعدد العین و اتحادها و لا بین أن یقتسما قبل التفرق و عدمه و ینبغی علی القول الثانی أن یثبت للبائع الخیار فی الباقی مع جهله بالتعدد لتبعض الصفقة و تبطل الشرکة بین المشتریین و یتخلص للممسک ما أمسک و للراد ما استرد
(قوله) (أما لو ورثا خیار عیب فلا إشکال فی وجوب التوافق)
یرید أن ما مضی کان فیما إذا تعدد المشتری و هذا فیما إذا تعدد المستحق للمبیع مع اتحاد المشتری ابتداء کما لو تعدد وارث المشتری الواحد و قد نفی الإشکال عن وجوب الاتفاق لاتحاد الصفقة و التعدد طار و قد قال فی المطلب الثانی و هل للورثة التفریق نظر أقربه المنع و قد استوفینا الکلام فی ذلک
(قوله) (و لا إشکال فی جواز التفریق لو باعهما فی عقدین)
کما قد حکی علیه الإجماع فی (المبسوط)
(قوله) (و لو اشتری من اثنین جاز له الرد علی أحدهما و الأرش من الآخر سواء اتحد العقد أو تعدد)
ظاهر (التذکرة و تعلیق الإرشاد) الإجماع علیه حیث قالا جاز له الرد قطعا لأن تعدد البائع یوجب تعدد العقد و أیضا فإنه لا یتشقص علی المردود علیه ما خرج عن ملکه و مثله لو باع أحدهما جمیع العین بوکالة الآخر و قال فی (جامع المقاصد) قد یقال إذا اتحد العقد جاء الإشکال السابق فی المشتریین صفقة لصورة الصفقة هنا أیضا (و فیه) أن الفرق بین تعدد المشتریین و تعدد البائعین واضح لأنه یلزم فی الأول تبعض الصفقة علی البائع و لا کذلک الثانی نعم یجی‌ء الإشکال فی بعض الصور (منها) ما إذا اشتری اثنان من اثنین دفعة فی صفقة واحدة لأن کل واحد من المشتریین قد اشتری ربع العبد مثلا من کل واحد من البائعین فلو رد الربع علی أحدهما تبعضت علیه الصفقة (فتأمل)
(قوله) (و الأرش جزء من الثمن نسبته إلیه کنسبة نقص قیمة المعیب عن الصحیح)
قصد بذلک الرد علی بعض الجمهور حیث قالوا هو نقص قیمة المعیب و قد یظهر ذلک من علی بن بابویه و الصدوق کما ستسمع فورد علیهم أنه لو کان کذلک لزم أخذ الثمن و المثمن و قد نهی عنه النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم بقوله لا یجمع بین العوض و المعوض لواحد (و قال) ابن إدریس هذا مما یغلط فیه بعض الفقهاء فیوجبون الأرش بین القیمتین و کأنه عنی المفید حیث قال فی (المقنعة) یقوم الشی‌ء صحیحا و یقوم معیبا و یرجع علی البائع بقدر ما بین الثمنین و نحوه ما فی (النهایة) و ما حکی عن والد الصدوق لکن مثل هذا لا یخفی علی هؤلاء المشایخ العظام و هم قد تبعوا فی ذلک ظاهر النص کصحیحة محمد بن مسلم و غیرها و قد أوضح ذلک الشیخ فی (المبسوط) أکمل إیضاح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 632
و طریقه أن یقوم فی الحالین فیحتمل قیمته حین العقد و القبض و الأقل منهما و یؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بینهما (1) و یؤخذ بالأوسط إن اختلف المقومون (2)
______________________________
و الإخبار و کلام هؤلاء منزلة علی الغالب من شراء الشی‌ء بقیمته و معنی کلام المصنف و ما ماثله من کلام المحقق و غیره و خلاصة ما فی المبسوط أنا نقطع النظر عن الثمن الذی وقع علیه العقد و تقوم المبیع صحیحا قیمة عادلة بنظر المعتبرین من أهل الخبرة ثم نقومه بنظرهم قیمة أخری معیبا بالعیب الموجود ثم ننسب النقصان الذی فی المعیب إلی قیمة الصحیح و نحفظ تلک النسبة و نأخذه بتلک النسبة من الثمن الذی وقع علیه العقد و هذا هو الأرش الذی یرد إلی المشتری بسبب العیب السابق و قد أشار المصنف إلی ذلک بقوله و طریقه «إلخ» و لما کان مطمح نظر المصنف و غیره فی المقام ما أشرنا إلیه من الرد علی بعض الجمهور و بیان ما أجمله المشایخ المذکورون بناء علی الغالب من شراء الشی‌ء بقیمته کما عرفت فرضوا المسألة فیما إذا کان الأرش للمشتری فی غیر الصرف کما فرضها بعض الجمهور و المشایخ المذکورون و إلا فالأرش قد یکون للبائع بأن یفسخ بخیاره بعد تعیبه فی ید المشتری عیبا مضمونا فإن البائع حینئذ لا یأخذ من من الثمن بل یأخذ تفاوت ما بین القیمتین بل الأرش کما (قال الشهید) فی حواشیه یطلق بالاشتراک اللفظی علی معان أخر (منها) نقص القیمة لجنایة الإنسان علی عبد غیره فی غیر المقدر الشرعی (و منها) ثمن التالف المقدر شرعا بالجنایة کقطع ید العبد (و منها) أکثر الأمرین من المقدر الشرعی و الأرش و هو ما تلف بجنایة الغاصب (انتهی فتدبر) و تفسیر الأرش بالجزء المذکور اصطلاح و فی (القاموس) الأرش الدیة و الخدش و طلب الأرش و الرشوة و ما نقص العیب من الثوب و فی (المصباح) أرش الجراحة دینها و أصله الفساد فتدبر و فی عبارة المصنف حذف مضاف تقدیره إلی قیمة الصحیح
(قوله) (و طریقه أن یقوم فی الحالین فیحتمل حین العقد و القبض و الأقل منهما و یؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بینهما)
یرید أنه یقوم فی حال العیب و حال الصحة و یؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بینهما فقوله و یؤخذ معطوف علی قوله یقوم و هو من تمام بیان طریق أخذ الأرش فما بینهما معترض و مراده بقوله فیحتمل «إلخ» أن تقویمه حال کونه صحیحا و حال کونه معیبا یحتمل أن یعتبر فیه قیمته حین العقد لأن الثمن یومئذ قابل المبیع و هو وقت دخوله فی ملکه و وقت استحقاقه الأرش و هو خیرة الشهیدین فی (الحواشی و المسالک) و المحقق الثانی و المقدس الأردبیلی و غیرهم و یحتمل اعتبار قیمته حین القبض لأنه یوم دخول المبیع فی ضمانه و حین استقرار الملک إذ المبیع فی معرض الانفساخ لو حصل التلف و هو خیرة الشیخ فیما حکی عنه فی التحریر (و فیه) أنه لا دخل لذلک فی اعتبار القیمة حینئذ و یحتمل اعتبار أقل الثمنین منهما لأن القیمة إن کانت یوم البیع أقل فالزیادة حدثت فی ملک المشتری و لأن یوم البیع وقت الاستحقاق و إن کان یوم القبض أقل فالنقص من ضمان البائع لأنه وقت الاستقرار و هو خیرة أکثر الشافعیة و قد یلوح من (الإیضاح) المیل إلیه و ضعفه ظاهر مما سلف و الأصحاب أطلقوا و کلامهم محتمل لکل من الثلاثة کما فی الإیضاح و حیث ثبت الأرش فإن کان الثمن فی ذمة المشتری بعد برئ عن قدر الأرش عن طلبه و إن کان قد سلمه و هو باق فی ید البائع فالأقرب أنه لا یتعین حق المشتری فیه لأنه غرامة
(قوله) (و یؤخذ بالأوسط إن اختلف المقومون)
کما فی (المقنعة) (و الشرائع و النافع) و کتب المصنف و الشهیدین (و جامع المقاصد و المیسیة) و قد أهمله الباقون و قد تتعدد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 633
..........
______________________________
القیم لاختلاف أفراد ذلک النوع المساویة للمبیع فإن ذلک قد یتفق نادرا (و لعله) لذلک اقتصر الأصحاب المذکورون علی ذکر اختلاف المقومین و المراد بالأوسط قیمة منتزعة من المجموع نسبتها إلیه کنسبة الواحد إلی عدد تلک القیم فمن القیمتین نصف مجموعهما و من الثلث ثلثه و هکذا و ذلک لأنه لا ترجیح لقیمة علی أخری و لانتفاء الوسط فی نحو القیمتین و الأربعة فلم یبق إلا أن یراد بالوسط معنی آخر و هو انتزاع قیمة من المجموع بحیث لا تکون القیمة المنتزعة أقرب إلی واحدة منها و لا فرق فی ذلک بین اختلاف المقومین فی القیمة الصحیحة و المعیبة معا أو فی أحدهما و توضیح ذلک یتم بصور (الأولی) أن یختلف المقومون فیهما معا بأن قالت إحدی البینتین أن قیمته اثنا عشر صحیحا و عشرة معیبا و الأخری ثمانیة صحیحا و خمسة معیبا فالقیمتان الصحیحتان عشرون نصفها عشرة بمنزلة قیمة واحدة صحیحة ثم یؤخذ نصف المعیبتین سبعة و نصف حتی یصیر بمنزلة قیمة واحدة معیبة و یؤخذ التفاوت الذی بین نصف الصحیحتین و بین نصف المعیبتین و هو اثنان و نصف فینسب إلی نصف الصحیحتین و هو العشرة و هو ربع العشرة فیرجع بربع الثمن و هو ثلاثة من اثنی عشر إن کان الثمن ذلک (لکن جماعة) فسروا ذلک بطریق أسهل و هو أن تجمع القیم الصحیحة علی حدة و المعیبة کذلک و ینسب إحداهما إلی الأخری و یؤخذ بتلک النسبة فالقیم الصحیحة فی المثال عشرون و المعیبة خمس عشرة و التفاوت بین مجموعهما الربع و مآلهما واحد لأن النسبة بین المجموعین هی النسبة بین أجزائهما مع اتحاد الأجزاء فی الاسم کالنصف مثلا إذ النسبة بین العشرین و الخمسة عشر کالنسبة بین العشرة و السبعة و النصف و النسبة بین الستة و الثمانیة مثلا کالنسبة بین نصفیهما (و قد نسب) إلی الشهید طریق آخر اختاره صاحب (إیضاح النافع) و قال إنه الحق و إن الأول لیس بجید و هو أن ینسب معیب کل قیمة إلی صحیحها و یجمع قدر النسبة و یؤخذ من المجتمع بنسبتها أی القیم کنصفه لو کانتا اثنتین و ثلثه لو کانت ثلاثا ففی المثال تفاوت ما بین المعیبة و الصحیحة علی قول الأولی السدس و هو اثنان و علی قول الثانیة ثلاثة أثمان و مجموع ذلک من الاثنی عشر ستة و نصف لأن سدسها اثنان و ثلاثة أثمانها أربعة و نصف فیؤخذ نصفها ثلاثة و ربع فظهر التفاوت و قال فی (الروضة) إن عبارة (الدروس و اللمعة) لا تدل علی ذلک و یمکن أن یقال إن قوله فی الکتابین فمن القیمتین نصفهما لا یأبی عنه أیضا فإن أخذ النصف من القیمتین أعمّ من ملاحظة نصف الصحیحتین مع نصف المعیبتین و أخذ نسبة واحدة و من ملاحظة نصف کل صحیح منها مع نصف معیبة و أخذ النسبتین (فتأمل) و لو کانت «1» ثلاثا فقالت إحداها کالأولی و الثانیة عشرة صحیحا و ثمانیة معیبا و الثالثة ثمانیة صحیحا و ستة معیبا فالصحیحة ثلاثون و المعیبة أربعة و عشرون و التفاوت ستة هی الخمس «2» و علی الثانی «3» یجتمع سدس الثمن اثنان و خمسه اثنان و خمسان و ربعه ثلاثة و المجموع سبعة و خمسان فیؤخذ ثلث المجموع فثلث الستة اثنان یبقی من السبعة واحد و خمسان فیجعل الواحد أخماسا فثلث ذلک خمسان و ثلث خمس و هو یزید عن الأول بثلث خمس (الصورة الثانیة) أن تتفق علی الصحیحة کاثنی عشر دون المعیبة فقالت إحداهما
______________________________
(1) أی البینات (منه)
(2) و إن جریت علی القاعدة بمعنی أن تأخذ من الثلاث ثلثها قلت ثلث الثلاثین عشرة و ثلث الأربعة و عشرین ثمانیة و التفاوت بین الثلثین أعنی الثمانیة و العشرة الخمس و هو اثنان (منه قدس سره)
(3) أی ما نسب إلی الشهید (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 634
و لو ظهرت الأمة حاملا قبل العقد کان له الرد و إن تصرف بالوطی خاصة و یرد معها نصف عشر قیمتها (1)
______________________________
عشرة و الأخری ستة فطریق أخذ التفاوت إما بتنصیف المعیبتین و نسبة النصف إلی الصحیحة فیظهر الثلث أو یجمع القیمتین و تکریر الصحیحة مرتین و نسبة المجموع إلی المجموع و هو الثلث و علی القول الثانی تنسب العشرة إلی الاثنی عشر و یؤخذ السدس و من الثانیة النصف و یؤخذ نصفه و هو أربعة و هو الثلث أیضا و هنا یتحد الوجهان (و منه) یعلم حال ما إذا کانت البینات ثلاثا و اتفقت علی الاثنی عشر «1» (الصورة الثالثة) أن تتفقا علی الستة معیبا و قالت إحداهما ثمانیة صحیحا و أخری عشرة فإن شئت جمعتهما و أخذت التفاوت و هو الثلث أو أخذت نصف الصحیحین و نسبته إلی المعیبة و هو الثلث أیضا و علی الثانی یکون التفاوت ربعا «2» و خمسین «3» فنصفه «4» و هو ثمن «5» و خمس «6» ینقص عن الثلث بنصف خمس و علی هذا القیاس و یشترط فی المقوم العدالة و المعرفة و التعدد «7» و الذکورة و ارتفاع التهمة کما نص علیه (الشهید و المحقق الثانی)
(قوله) (و لو ظهرت الأمة حاملا قبل العقد کان له الرد و إن تصرف بالوطی خاصة و یرد معها نصف عشر قیمتها)
قد نقل الإجماع فی (الإنتصار و الغنیة) علی أنه إن کان عیبها من حبل لم یعرفه فله ردها مع الوطی و أنه یرد معها إذا وطئها نصف عشر قیمتها و هذا الإجماع جزم به المولی الأردبیلی تارة و ظنه أخری و قد نقلت الشهرة فی ملاذ الأخیار علی استثناء هذه المسألة من قاعدة أن التصرف یمنع الرد و قد صرح بذلک جماعة کثیرون جدا کما ستسمع و قد اشتمل کلام المصنف علی أمور (الأول) أنه لم یکن عالما بالعیب و هو صریح (الإنتصار و الغنیة و الدروس و الحواشی) و صریح خبر ابن سنان و غیره و ظاهر باقی الأخبار و الفتاوی و ظاهر (التهذیب) جواز الرد مع الوطی و العلم بأنها حبلی و أنه یلزمه عشر قیمتها عقوبة و جعله محملا لروایة جمیل عن عبد الملک بن عمرو (الثانی) أن ذلک أی الحمل کان قبل العقد و أن التصرف بخصوص الوطی و هما صریحا التذکرة و غیرها کما ستعرف و قد نسب الثانی فی (تعلیق الإرشاد) إلی کلام الأصحاب و هما ظاهرا (المقنعة و الإنتصار و النهایة و المراسم و الوسیلة و الکافی) علی ما حکی عنه (و الغنیة و السرائر و الشرائع و النافع و جامع الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التبصرة و الدروس و إیضاح النافع و المیسیة) و غیرها بل هما صریح کثیر منهما عند ملاحظة الأطراف و هما ظاهر الأخبار أیضا کما ستسمع و إجماعا (الإنتصار و الغنیة) منطبقان علیهما و فی (جامع المقاصد) لا حاجة إلی التقیید بقبلیة العقد لأن العیب الحادث بعد العقد قبل القبض مضمون علی البائع (ثم قال) إلا أن یعتذر بأن الرد بعد التصرف خلاف المقرر فیقتصر فیه علی صورة النص و هذا یتم إن لم یکن
______________________________
(1) کأن قالت إحدی البینات أنها عشرة معیبا و قالت الأخری ثمانیة و الثالثة قالت ستة فمجموع ذلک أربعة و عشرون و إذا کررت الصحیحة ثلاثا کانت ستة و ثلاثین فالتفاوت ثلث (منه)
(2) بین الثمانیة و الستة (منه)
(3) بین الستة و العشرة لأن التفاوت بینهما أربعة و هی خمسا العشرة (منه)
(4) أی مجموع الربع و الخمسین (منه)
(5) لأن ثمن الاثنی عشر واحد و نصف و خمسها اثنان و خمسان مجموع ذلک أربعة إلا نصف خمس (منه)
(6) من الاثنی عشر (منه)
(7) لأنه من باب الشهادة لا الأخبار و الموافق للقواعد أنه من باب الشهادة لأنه ینطبق علیه تعریفها (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 635
..........
______________________________
المسکوت عنه أولی بالحکم من المنصوص (و قال) إن تقیید التصرف بکونه بالوطی قد ینفی غیره لکن یجی‌ء فی مقدماته کالتقبیل و الملاعبة نظر من عدم النص و أضعفیتها بالنظر إلی الوطی و لعدم انفکاکه عنها غالبا فإذا لم تقدح معه فبدونه أولی و فیه قوة و توقف فی (الدروس) و استشکل فی (تعلیق الإرشاد) و فی (المسالک) أن توقف (الدروس) له وجه إن کان وقوع تلک الأشیاء علی وجه الجمع بینها و بین الوطی و لو اختص التصرف بها فالإلحاق به من باب الموافقة أوجه و إن کان استثناؤها مطلقا متوجها و وافقه علی ذلک الأردبیلی فقال إنه غیر بعید (الثالث) أن له الرد و أن الحمل من غیر المالک و إلا لوجب علیه الرد و لم یکن مخیرا فیه و قد صرح بالأول فی جمیع الکتب المذکورة و فی (النهایة) قال یلزمه الرد (ما عدا النهایة فإنه قال یلزمه الرد خ ل) و نحوها ما فی (المراسم) حیث قال فیردها علی کل حال (و قریب) منهما عبارة (الوسیلة) فحمل کلامهم فی (المختلف) علی ما إذا کان الحمل من البائع و نزل إطلاق النصوص علیه لمکان التبادر و الغلبة فلا یکون الحکم المذکور علی هذا مخالفا للقواعد بشی‌ء و أما علی المشهور فمخالف للقواعد من وجوه کما ستعرف و أما الثانی و هو کون الحمل من غیر المالک فهو صریح (جامع الشرائع و التذکرة و جامع المقاصد و إیضاح النافع و کافی أبی الصلاح) فیما نقل من عبارته و ظاهر (المقنعة) و ما تأخر عنها ما عدا (النهایة و المراسم و الوسیلة) کما عرفت و المخالف صریحا أبو علی و المصنف فی (المختلف) فاشترطا کونه من المالک البائع و قد سمعت الإجماعات الدالة بإطلاقها علی الأمرین معا و فی (جامع المقاصد) أن المشهور بین الأصحاب أن الأمة ترد بعیب الحمل بعد التصرف بالوطی و إن لم یکن الحمل من البائع للأخبار الواردة بذلک (انتهی) و قد أورد علیه أنه مخالف للقواعد من حیث جواز الرد مع التصرف و فی وجوب شی‌ء علی المشتری مع أنه وطی أمته و فی إطلاق وجوب نصف العشر مع أن ذلک عقر الثیب و المفروض أعمّ و أما الحمل علی کون الحمل من المولی فسالم من هذه الإشکالات جمیعها و إطلاق نصف العشر مبنی علی الأغلب من کون الحمل مستلزما للثیبوبة (و فیه) أنه مدافع لإطلاق النصوص و الإجماعات و الفتاوی و الشهرات حیث أطلق فیها الحمل و نصف العشر من غیر تقیید بکونه من المولی و کونه «1» ثیبا مضافا إلی أنه لا وجه لتقیید التصرف فی کلام جمیع الأصحاب بکونه بالوطی بل اللازم حینئذ الرد علی کل حال لبطلان البیع و لا فرق بین الوطی و غیره (حینئذ) و أن ذلک یوجب تخصیص النصوص و الإجماعات بفرد نادر «2»؟؟؟ المولی الأردبیلی (و فیه) منع للغلبة المدعاة فی کلام الخصم و هو کذلک عند التأمل کما ستسمع ما نحکیه عن (المسالک) و قد یجاب عن تخصیص التصرف بالوطی بأنه وارد مورد الغلبة إذا ظهر تصرفات المشتری و أغلبها فی الأمة الوطی و هو کما تری (و قد یجاب) من طرف المشهور عن استثناء هذا عن لزوم العشر علی من وطئ بکرا أن هذه البکارة لمکان الحمل حکمها حکم العدم و إن کان من سحق فأرشها علی الفاعل و أما من فصل کما ستعرف فیقول إنها منزلة علی الغالب کما عرفت و ضمان المشتری المنفعة قد وجد فی المصراة المردودة کما سیأتی فاستثناء هذا النوع من التصرف و کون المنفعة مضمونة کما استثنی أمور کثیرة کما ستعرف أولی من تقیید الحمل المطلق فی النص و الفتوی
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر کونها (مصححه)
(2) وجدنا بین هاتین الکلمتین بیاضا کما تری فی النسخ التی بأیدینا و الظاهر أن الساقط لفظ قاله أو ذکره لأن الکلام الذی قبله هو للأردبیلی فی مجمعه (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 636
..........
______________________________
و الإجماع فتأمل (الرابع) أنه یرد معها نصف عشر قیمتها و قد حکی علیه الإجماع فی (الغنیة) (و الإنتصار و مجمع البرهان) کما عرفت و فی (جامع المقاصد) أنه المشهور و فی (الکفایة) أنه المعروف بین الأصحاب و به صرح فی (المقنعة) و ما تأخر عنها ما عدا (الکافی) للتقی فیما حکی و ما عدا (السرائر و المختلف و التذکرة و الکتاب) فیما یأتی (و جامع المقاصد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک) (و تعلیق الإستبصار) للمجلسی (و المفاتیح) فإنه حکم فی الأول بالعشر علی ما حکی و فصل فی (السرائر) و ما ذکرناه بعدها بالبکارة و إن بعد الفرض فالعشر و الثیوبة فنصفه و مال إلیه فی (التحریر) علی تأمل له فیه و نفی عنه فی (السرائر) الخلاف بیننا و هو غیر بعید و به مرسلة (الکافی) و تحمل علیه روایة عبد الملک و لأن الشارع ضبط أرش البکارة بالعشر و یتصور ذلک بأن تکون قد حملت من السحق أو من وطی الدبر لأن له منفذا و یأتی تمام الکلام عند تعرض المصنف له و مما تضمن من الأخبار أنه یرد معها نصف عشر قیمتها من دون تعرض لبکر و لا ثیب صحیحة ابن سنان و معتبرة عبد الملک بن عمرو و روایة سعید بن یسار و روایة فضیل مولی محمد بن راشد و فی خبر عبد الرحمن أنه یرد معها شیئا و فی صحیحة محمد أنه یردها و یکسوها و لهذا نفی البعد فی (الکفایة) عن التخییر بین نصف العشر و الکسوة (و فیه) أن إطلاقها مقید بنصف العشر جمعا و روی الشیخ فی (التهذیب) «1» عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه یرد معها عشر قیمتها و قد حمله فی التهذیبین علی الغلط من الراوی أو الناسخ بإسقاط لفظ نصف لیطابق ما رواه هذا الراوی بعینه و غیره و أیده فی (الدروس) بأن الصدوق ذکر رجالها و فیها نصف العشر و قد تحمل علی البکر و فی الکافی بعد أن روی خبر عبد الملک قال و فی روایة أخری إن کانت بکرا فعشر قیمتها و إن لم تکن فنصف عشر قیمتها و قد أسبغنا الکلام فی هذه الأخبار فی باب الغصب هذا و لا فرق فی الوطی بین کونه فی القبل أو الدبر کما فی (التذکرة) (و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و مجمع البرهان) ففی وطی الدبر فی الثیب نصف العشر و الظاهر أنه کذلک فی البکر کما ستعرف قال فی (التذکرة) أیضا و لو وطئ البکر الحامل دبرا کان له الرد قطعا و یرد معه نصف العشر لسلامة البکارة کما سیأتی التنبیه علیه فی کلام المصنف و فی (تعلیق الإرشاد) لو انضم إلی الحبل عیب آخر ففی عدم سقوط الرد بالوطی إشکال من صدق کونها معیبة بالحبل و کونها معیبة بغیره هذا و لصاحب (المسالک) فی المقام کلام جید جدا لا بأس بنقله و إن طال به زمام الکلام لما فیه من النفع التام (قال) تحریر المسألة یتوقف علی مقدمات (الأولی) أن تصرف المشتری فی المبیع المعیب یمنع من رده و إن جاز له أخذ الأرش (الثانیة) أن الحمل فی الأمة عیب (الثالثة) أن الوطی تصرف فالأصل فیه أن یکون مانعا من الرد (الرابعة) أن وطی المالک حال الوطی لا یستعقب علیه ضمانا للبضع لأنه تصرف فی ماله و إن فسخ فی المبیع بعد ذلک بوجه من الوجوه المجوزة (الخامسة) أن المولی لو وطئ أمته جاز له بیعها مع عدم تیقن الحمل ثم إن ظهر بها حمل منه تبین بطلان البیع لکونها أم ولد و هذه المقدمات کلها إجماعیة (السادسة) أن وطی أمة الغیر جهلا بتحریمه یوجب علی الواطی عشر قیمتها إن کانت بکرا و نصف العشر إن کانت ثیبا لدلالة النصوص علی هذا التقدیر (السابعة) أن الفسخ یبطل العقد من حینه لا من أصله لتحقق الملک بالعقد و جواز الاستمرار فلا معنی لرفع ما قد ثبت (انتهی) مع تلخیص یسیر و قد شک مولانا المقدس الأردبیلی فی بعضها کالرابعة و السادسة و هو
______________________________
(1) بیاض فی الأصل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 637
فإن تصرف بغیره فلا رد و کذا لا رد لو وطئ و کان العیب غیر الحبل (1)

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لو قتل بردة سابقة فللمشتری الأرش خاصة]

(الأول) لو قتل بردة سابقة فللمشتری الأرش خاصة و هو نسبة ما بین قیمته مستحقا للقتل و غیر مستحق من الثمن (2) و کذا لو قطع فی قصاص أو سرقة فله أرش ما بین کونه مستحقا و غیر مستحق للقطع (3)
______________________________
فی غیر محله قطعا
(قوله) (فإن تصرف بغیره فلا رد و کذا لا رد لو وطئ و کان العیب غیر الحبل)
قال فی (الدروس) لو کان العیب غیر حمل و وطئ تعین الأرش إجماعا إلا من الجعفی و کذا لو تصرف بغیر الوطی (انتهی) و الحکمان مبنیان علی المشهور و الوجه فیه حینئذ واضح و هو الاقتصار فیما خالف القواعد و الإجماع علی مورد النص
(قوله) (فروع) (الأول لو قتل بردة سابقة فللمشتری الأرش و هی نسبة ما بین قیمته مستحقا للقتل و غیر مستحق من الثمن)
إذا اشتری عبدا مرتدا فإن قتل قبل القبض انفسخ البیع إجماعا کما فی (التذکرة) و إن کان بعد القبض و بعد انقضاء خیاره أو قبله و قد تصرف به فله الأرش لأن المبیع قد دخل فی ضمانه و تعلق القتل برقبته کعیب من العیوب فإذا قتل رجع علی البائع بالأرش و هو نسبة ما بین قیمته مستحقا للقتل و غیر مستحق من الثمن کما فی (التذکرة و نهایة الإحکام) و فی (المبسوط و التحریر) أنه یرجع بجمیع الثمن لأنه من ضمان البائع لأن التلف حصل بسبب کان فی یده فأشبه ما لو باع مغصوبا فأخذه المستحق (فحینئذ) یرجع المشتری علیه بجمیع الثمن و المصنف تردد فی ذلک فی غصب الکتاب (و قد أوضحناه) هناک و یبنی علی الوجهین مئونة تجهیزه من الکفن و الدفن فعلی الأول علی المشتری و علی الثانی علی البائع و الفرق بینه و بین المغصوب ظاهر و هو ثبوت الملک فی المتنازع فیه دون صورة النقض لکن هذا إنما یتم فی المرتد الملی أما الفطری فخارج عن المالیة بالکلیة و لا سیما إذا کان الارتداد (ارتداده خ ل) بالسب کما بیناه فی باب الحدود و المواریث و مکاسب الکتاب و أما لو کان القتل قبل انقضاء خیار المشتری و لم یتصرف فإن العقد ینفسخ لأن تلفه حینئذ من ضمان البائع و قد عرفت حال تلفه قبل القبض إذ المتلف من الشارع بمنزلة التالف بآفة سماویة و لو کان المشتری عالما بالحال أو تبین له بعد الشراء و لم یرد لم یرجع بشی‌ء کما فی غیره من العیوب و تمام الکلام یأتی فی بیع الجانی و لا یعرج علی ما عساه یقال إن المتلف بالردة لا قیمة له فهو کالبیض الفاسد إذا خرج بالکسر فاسدا فیجب أن یسترد المشتری جمیع الثمن فی صورة القتل بالردة لأن البیض الفاسد لا قیمة له فی الواقع فی وقت العقد و الکسر کشف عن حاله بخلاف ما هنا فإن المرتد فی وقت البیع کان مالا متقوما غایة ما هناک أن قیمته ناقصة لأنه فی عرضة القتل و نقصانها علی حسب ما تقتضیه رغبات الناس باعتبار الإقدام علی حالته الخطیرة کالمریض مرضا مخوفا فحکمه حکم القاتل فی صحة بیعه و فی (التحریر و التذکرة) أن الوجه عدم صحة بیع المرتد عن فطرة علی إشکال و هو الأصح عندنا (إذا عرفت) هذا فعد إلی عبارة المتن (فقوله) سابقة معناه سابقة علی العقد أو القبض (و قوله) من الثمن حال من الأرش أو صفة له و ما بینهما جملة معترضة
(قوله) (و کذا لو قطع فی قصاص أو سرقة فله أرش ما بین کونه مستحقا و غیر مستحق للقطع)
إذا اشتری عبدا وجب علیه القطع بسرقة أو قصاص فإنه یصح إجماعا بخلاف صورة الجانی فإن فیه خلافا کما صرح بالأمرین فی (التذکرة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 638

[الثانی لو حملت من السحق فوطئها المشتری بکرا]

(الثانی) لو حملت من السحق فوطئها المشتری بکرا فالأقرب أن علیه عشر قیمتها (1) و یحتمل نصف العشر (2) و عدم الرد (3) و کذا الإشکال فی وطی الدبر و نصف العشر فیه أقرب (4)
______________________________
(و الخلاف) فی الجانی عمدا فإذا قبضه المشتری و قطع فی یده علی نحو ما سلف و کان المشتری جاهلا لم یکن له الرد بل یرجع بالأرش و هو ما بین قیمته مستحقا للقطع و غیر مستحق له من الثمن و بذلک جزم فی (نهایة الإحکام) فی أول الباب و موضع من (التذکرة) و فی (المبسوط و التحریر) أن له الرد و تمام الکلام یأتی قریبا فی الجانی
(قوله) (و لو حملت من السحق فوطئها المشتری بکرا فالأقرب أن علیه عشر قیمتها)
قد عرفت القائل بأنها إن کانت بکرا کان علیه عشر قیمتها و هو ابن إدریس و المصنف فی (التذکرة) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و الشهید الثانی و غیرهم و ما استندوا إلیه فی ذلک قد بیناه بما لا مزید علیه لکنهم فی باب الحدود حکموا بأن غرامة بکارة البکر علی المرأة المساحقة لها لأنها سبب ذهابها و هو صریح صحیح محمد بن مسلم عن الصادقین علیهما السلام قالا و یؤخذ منها مهر الجاریة فی أول وهلة و المخالف فی ذلک ابن إدریس و لعل حکمهم هنا بکونها علی الواطی لکونه مباشرا (و قد یشکل) فیما إذا کانت قد أخذت منها الغرامة من أول وهلة کما فی صحیح محمد بن مسلم (فلیتأمل) و لا یتم قول من قال إن الحمل من المولی إلا علی المشهور من أن الولد من السحق یلحق بصاحب الماء و أما علی القول بعدم إلحاقه به فلا
(قوله) (و یحتمل نصف العشر)
لإطلاق النص و الفتوی و الإجماعات و غیر ذلک مما عرفته و قد نص علیه جماعة منهم المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد)
(قوله) (و عدم الرد)
لأن الأصل عدم الرد مع التصرف خرج منه الوطی حیث یجب نصف العشر و ذلک عقر الثیب فیبقی ما عداه علی الأصل (و ربما ضعف) بأن تقیید نصف العشر بالثیب لا یقتضی تقیید الجاریة المردودة بکونها ثیبا لأن تقیید جملة لا یقتضی تقیید أخری (و قد یوجه) عدم الرد بفوات جزء من العین و هی البکارة و تعیب الجاریة بذهاب العذرة و لیس ذلک عیب الحبل و هو کما تری
(قوله) (و کذا الإشکال فی وطی الدبر و نصف العشر فیه أقرب)
یرید أنه إذا وطئ الجاریة البکر الحامل دبرا جاءت احتمالات مثل الاحتمالات السابقة قال و وجوب نصف العشر هنا أقرب کما فی (التذکرة) (و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک) و هو الذی یعطیه إطلاق (التذکرة) فی مقام آخر (و إیضاح النافع) عملا بإطلاق الأمر بالنصف فی النص معلقا علی الوطی فیتناول صورة النزاع مع سلامة البکارة و أنه لا ینقص عن وطی الثیب و لأن الواجب أحد الأمرین فإذا انتفی العشر تعین الثانی (و وجه) وجوب العشر صدق وطی البکر الموجب له لکن الظاهر المتبادر إلی الفهم تعلیله بإزالة البکارة و هو الفارق بینها و بین الثیب (و وجه العدم) عدم تناول النص له لأن الوارد بوجوب العشر منزل علی إزالة البکارة و الوارد بنصفه علی وطی الثیب و لیست هذه واحدة منهما (و فیه) ما عرفت من أن النصوص بإطلاقها متناولة لهذه و لا یضر تنزیل العشر و نصف العشر علی البکر و الثیب و من لم یفرق بینهما فالوجه عنده واضح جدا و إن قلنا إن الإشکال فی وطی الدبر من بکر أو ثیب لم یتأت فی الثانیة احتمال العشر (فتأمل) و فی (التذکرة) لا فرق بین الوطی فی القبل و الدبر فإن له الرد فیهما و یرد معها نصف العشر لأن الوطی فی الدبر مساو له فی القبل فی إیجاب جمیع المهر و فی الحواشی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 639

[الثالث لو کان المبیع غیر الأمة فحمل عند المشتری]

(الثالث) لو کان المبیع غیر الأمة فحمل عند المشتری من غیر تصرف فالأقرب أن للمشتری الرد بالعیب السابق لأن الحمل زیادة (1)
______________________________
المنسوبة إلی الشهید علی الکتاب کلام لم یتضح معناه (قال) و المعتمد أن نقول إن کان الحمل من السحق من البائع کان البیع باطلا لأنها أم ولد و علی الواطی عشر قیمتها لنص الفقهاء علی ذلک و لو وطئها المشتری بکرا و ظهر أنها حامل من المولی من وطی الدبر لأنهم یقولون إن من الدبر إلی الفرج منفذا فنصف العشر هنا أقوی لأنها یصدق علیها أنها موطوءة فلا فرق حینئذ بین وطی القبل و الدبر و المصنف هنا فرق بین السحق و بین الوطی انتهی (فقد فرق) بین وطی الحامل من السحق و الحامل من وطی الدبر و لم یفرق فی الثانیة بین وطئها فی القبل و الدبر فی أن علیه نصف العشر و کأنه فهم من قول المصنف و کذا الإشکال فی وطی الدبر أن المراد الحامل من وطئها فی الدبر و هو بعید جدا فلیتدبر
(قوله) (لو کان المبیع غیر الأمة فحمل عند المشتری من غیر تصرف فالأقرب أن للمشتری الرد بالعیب السابق لأن الحمل زیادة)
کالثمرة المتجددة علی الشجرة و کما لو أطارت الریح بغیر اختیاره ثوبا للمشتری فی الدار المبتاعة و الخیار له فإن ذلک لیس عیبا و بالحکم المذکور بتمامه صرح فی (التذکرة) و فیه أن الحمل لیس زیادة محضة بل عیب فی الأمة و کذلک الدابة کما عرفت فیما سلف و فی (الإیضاح و حواشی الشهید) أن قول المصنف مبنی علی قول الشیخ من أن الحمل تابع للحامل فی الانتقال و فی (جامع المقاصد) أنه إنما یتخرج علی قول الشیخ من کون المبیع فی زمن الخیار ملک البائع بشرط أن تکون فی زمن الخیار بید المشتری إذ لو کان قبل القبض لکان مضمونا علی البائع کما دل علیه قوله فحمل عند المشتری و ستسمع کلام الشیخ فی (المبسوط) و قد حکم فی (الخلاف) فی موضعین منه (و الغنیة و التحریر) برد الأم و عدم رد الولد و فی أحد الموضعین من (الخلاف) ادعی الإجماع کصاحب (الغنیة) و هذا منهم مبنی علی أن الحمل فی الأمة و الدابة لیس عیبا و حکمهم بعدم رد الولد موافق للقواعد و قال فی (التذکرة) فی موضع آخر منها مثل ما فی (المبسوط) قال فی (التذکرة) لو اشتری جاریة حائلا أو بهیمة حائلا فحبلت ثم اطلع علی عیب فإن نقصت بالحمل فلا رد إن کان الحمل فی ید المشتری و إن لم تنقص أو کان الحمل فی ید البائع فله الرد و الحکم فی الولد أنه للمشتری لأنه نماء ملکه فلم یفرق کالشیخ فی (المبسوط) بین الأمة و البهیمة فی أنهما إن نقصتا بالحمل أو الولادة فلا رد و إلا فله الرد و الحمل للمشتری و بذلک کله صرح فی (الدروس) و قضیة کلامهم أن الحمل فی ذاته لیس عیبا بل قد یستتبعه العیب (فلیتأمل) جیدا و کلامه فی (المختلف) یحتمل موافقة الکتاب و موافقة (التحریر) و ستسمعه و عبارة (جامع الشرائع) قد تکون موافقة (للخلاف) و اختیر فی (الإیضاح و حواشی الکتاب و جامع المقاصد) أن لیس له الرد لأن الحمل عندهم عیب و کل ذلک إذا کان ذلک من غیر تصرف منه کما قیده به المصنف و جماعة و أما معه فلا رد له قطعا کما مر و أطلق القاضی فیما حکی عنه القول بأن الحمل فی البهیمة عند المشتری یمنع الرد و أن له أرش العیب و لعله أراد أن ذلک إما بفعله أو إهماله المراعاة حتی ضربها الفحل و کلاهما تصرف أو أن حمل البهیمة عند المشتری عیب یمنع من الرد إذا کان بعد انقضاء الثلاثة (و مما ذکر) یعلم حال رده علیه فی (المختلف) قال قال ابن البراج إذا اشتری بهیمة حائلا ثم حملت عند المشتری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 640
و لو کانت حاملا فولدت عنده ثم ردها رد الولد (1)

[الرابع لو کان کاتبا أو صائغا فنسیه عند المشتری]

(الرابع) لو کان کاتبا أو صائغا فنسیه عند المشتری لم یکن له الرد بالسابق (2)

[الخامس لو باع المعیب سقط رده]

(الخامس) لو باع المعیب سقط رده و إن عاد إلیه بالعیب و لا یسقط الأرش و إن خرج عن ملکه و کذا لو مات أو أعتقه أو وقفه و الأرش بعد العتق له (3)
______________________________
و ولدت و وجد بها عیبا کان عند البائع لم یکن له ردها و کان له أرش العیب (و قال فی المختلف) إن هذا الإطلاق لیس بجید بل ینبغی أن یقید بالتصرف و لا یستلزم الحمل عنده استناده إلی فعله (انتهی) فلا تغفل و قد تقدم لنا عند شرح قوله و لو شرطها حائلا فبانت حاملا ما له نفع تام فی المقام
(قوله) (و لو کانت حاملا فولدت عنده ثم ردها رد الولد)
کما فی (المبسوط) (و الخلاف و التحریر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد) لا لتحریم التفرقة بل لاتحاد الصفقة لأنه إما جزء من المبیع أو باق علی ملک البائع و لا فرق فی ذلک بین الأمة و الدابة کما صرح به فی (التذکرة و الدروس) و المناسب لما ذکروه فی المسألة السابقة أن یقال إنه إن ظهر علیه ذلک قبل الوضع ردها حاملا و إن ظهر علیه بعد الوضع فإن نقصت بالولادة فلا رد إلا أن تضع فی مدة الثلاثة فإن العیب الحادث فیها من غیر جهة المشتری لا یمنع من الرد بالعیب و یتعین الأرش و إن لم تنقص ردها و رد الولد معها لما ذکرناه
(قوله) (لو کان کاتبا أو صائغا فنسیه عند المشتری لم یکن له الرد بالسابق)
و مثله نسیان الدابة الطحن و نحوه لأن نسیان الصنعة عیب و هو فی ید المشتری مضمون علیه و یجب أن یقید بما إذا لم یکن ذلک فی زمن خیاره إذا لم یتصرف و لم یکن من قبله
(قوله) (و لو باع المعیب سقط رده و إن عاد إلیه بالعیب و لا یسقط الأرش و إن خرج عن ملکه و کذا لو مات أو أعتقه أو وقفه و الأرش بعد العتق له)
قد تقدم عند شرح قوله و لو أحدث فیه حدثا «إلخ» بیان أن التصرف مسقط للرد دون الأرش و قد أسبغنا الکلام فیه و لعله إنما أعاده لینص علی الرد علی الشیخ فی (المبسوط) و القاضی حیث ذهبا إلی أن الأرش إنما یکون مع عدم القدرة علی الرد و أنه إن عاد إلیه بالعیب أو بغیره کبیع أو إرث أو هبة جاز له رده و أن المشتری إذا رضی بالعیب لا یجوز للمشتری الأول الرجوع بالأرش و أن الهبة و التدبیر لا یمنعان من الرد قال فی (المبسوط) إن باعه قبل العلم بالعیب فإنه لا یمکنه الرد لزوال ملکه و لا یجب إیصال الأرش لأنه لم ییأس من رده علی البائع فإن رده المشتری علیه رده هو علی بائعه و إن رجع الثانی بالأرش رجع هو بالأرش علی البائع أیضا و إن رضی الثانی بالعیب سقط رده و الأرش معا و لا یرجع المشتری الأول بأرش العیب لأنه لا دلیل علیه إجماعا و قال فإن رجع إلیه بإرث أو بیع أو هبة کان له رده علی بائعه و قال لا یرجع بأرش الإباق القدیم ما دام العبد آبقا لأنه لم ییأس من رده إلی آخر ما قال و قد أطال و قال فی (المختلف) بعد نقل ذلک عنه إن هذه الأحکام التی ذکرها الشیخ مناقضة لأصول المذهب المقررة و قد تبعه علی ذلک ابن البراج فی ذلک کله إلا فی شی‌ء واحد و هو أنه قال و إن کان المشتری الثانی علم بالعیب و رده لم یکن له الرد علی الذی اشتراه منه و باقی الأحکام تابعة فیها مع أن فیها ما ینافی هذا القول منه و لعل الشیخ اعتمد علی أن التصرف کما لا یسقط الأرش الذی هو أحد الحقین فلا یسقط به الرد الذی هو الحق الآخر و أن المشتری إنما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 641

[السادس لو باع الجانی خطأ ضمن أقل الأمرین]

(السادس) لو باع الجانی خطأ ضمن أقل الأمرین علی رأی (1) و الأرش علی رأی (2) و صح البیع إن کان موسرا و إلا تخیر المجنی علیه (3) و لو کان عمدا وقف علی إجازة المجنی علیه (4)
______________________________
اشتری سلعة صحیحة فالمعیبة لم یقع علیها عقد فکان له ردها فإن أخذها کان قصاصا بدون حقه و قد سمعت فیما سلف الإجماعات و فتاوی الأصحاب و الأخبار فتلحظ و إطلاقاتها تشمل جمیع أنواع التصرف حتی غیر اللازم کالهبة و الوصیة و التدبیر فلا معنی لاستشکاله فی (جامع المقاصد) فی غیر اللازم و قد عرفت قبل ذلک ما المراد من التصرف و یزید هنا أن (ظاهر التذکرة و المختلف) هنا الإجماع علی عدم الرد و إن عاد إلیه حیث قال فیهما عندنا و ممن نص علی أنه لا یسقط الأرش بالموت أو قتل المالک له الشیخ فی (الخلاف) و القاضی فی (الجواهر) و یحیی بن سعید فی (الجامع) و مما نص فیه علی أنه لا یسقط بالعتق (النهایة و السرائر) و نبه المصنف بقوله و الأرش بعد العتق له علی خلاف أحمد و الشعبی حیث جعلا الأرش فی الرقاب علی ما حکی
(قوله) (لو باع الجانی خطأ ضمن أقل الأمرین علی رأی)
موافق (للمبسوط و نهایة الإحکام و التذکرة و التحریر) فی موضع منه (و الإیضاح و الدروس) (و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک) و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی أول الباب فی الفصل الثانی فی العوضین و المراد بالأمرین أرش الجنایة و قیمة العبد و وجه ضمانه أن بیعه التزام بفکه کما فی (التذکرة) (و نهایة الإحکام و اللمعة و الروضة و المسالک) و هو الذی قال فیه فی (المبسوط) أنه ینبغی و احتمل فی (نهایة الإحکام) عدم الالتزام بالفذا «1» و قواه فی موضع من التحریر و احتمل وقوع البیع موقوفا فی (نهایة الحکام) و هو الذی أفتی به فی موضع آخر من (التحریر) أولا ثم وافق بعد ذلک الشیخ فی (المبسوط) علی الظاهر و أما کونه بالأقلّ منهما فلأن زیادة الأرش غیر مضمونة علی المولی لأن جنایة العبد لا یضمنها سیده و لا یجنی الجانی علی أزید من نفسه کما بیناه فی أول الباب
(قوله) (و الأرش علی رأی)
محکی فی الإیضاح عن أبی علی و عن (الخلاف) فیه الإجماع و لم أجد الإجماع فیه و إنما فیه و فی (الجواهر) إذا کان لرجل عبد فباعه مولاه بغیر إذن المجنی علیه فإن کانت جنایته توجب القصاص فلا یصح البیع و إن کانت لا توجب صح إذا التزم مولاه بالأرش و لم یذکر فی المسألة إجماعا لکنه یعلم منه ذلک فی جنایة أم الولد خطأ و قال فی (المبسوط) بعد ما نقلناه عنه آنفا و قد روی أنه یلزمه جمیع الأرش أو یسلم العبد و قد حکی ذلک عن الشیخ فی (التحریر) ساکتا علیه (فلیتأمل) فی کلامه و تمام الکلام فی باب الدیات
(قوله) (و صح البیع إن کان موسرا و إلا تخیر المجنی علیه)
فی فسخ البیع و إبقائه إلی حین یسار المولی فیرجع علیه بالواجب و کذا له الفسخ لو کان موسرا و لم یبذل الواجب کما فی (نهایة الإحکام) و کأن صحة البیع حینئذ مما لا خلاف فیها و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه و قد صرح بصحته فی (المبسوط) و ما تأخر عنه مما تعرض له فیه و فی (الدروس) الحق به شبه الخطأ و قد استوفینا الکلام فی ذلک أکمل استیفاء فیما سلف (و أما) بقیة الأحکام فموافقة للأصل و الاعتبار و نفی الضرر و الضرار کما بیناه فیما سلف
(قوله) (و لو کان عمدا وقف علی إجازة المجنی علیه)
کما فی (نهایة الإحکام و التحریر و التذکرة و الدروس و اللمعة) (و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و ظاهر التذکرة) الإجماع علیه کما تقدم بیان ذلک و أبطله فی
______________________________
(1) فی نسختین و الفداء (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 642
و یضمن الأقل من الأرش و القیمة لا الثمن معها (1) و للمشتری الفسخ مع الجهل فیرجع بالثمن أو الأرش (2) فإن استوعبت الجنایة القیمة فالأرش ثمنه أیضا (3) و إلا فقدر الأرش و لا یرجع لو کان عالما (4)
______________________________
(المبسوط و الخلاف) و القاضی فی (الجواهر) و تردد فیه المحقق فی (الشرائع) و علی المشهور فإن أجاز المجنی علیه البیع و رضی بفدائه بمال و فکه المولی لزم البیع و إن استرقه بطل إن استغرقت الجنایة رقبته و إلا فبقدرها و الباقی مبیع و للمشتری الخیار مع جهله کما یأتی (و منه یعلم) حال ما إذا کانت الجنایة علی النفس کما أوضحناه «1» حال ذلک فی الموضع المشار إلیه
(قوله) (و یضمن الأقل من الأرش و القیمة لا الثمن معها)
یرید أن البائع الذی هو المولی یضمن أقل الأمرین من أرش الجنایة و قیمة العبد مع إجازة المجنی علیه البیع و لا یضمن الثمن مع إجازته کما فی (المبسوط و التحریر و التذکرة) لأنه ربما زاد علی القیمة و الزائد ملک المشتری لأنه کسب له فی مقابلة ماله و زیادة الأرش لیست علی المولی لأن المجنی علیه إذا اختار الإجازة بقی الجانی علی ملک المولی
(قوله) (و للمشتری الفسخ مع الجهل فیرجع بالثمن أو الأرش)
الأرش بالرفع معطوف علی الفسخ و الجهل قید فی الأمرین متأخر و إن توسط فکأنه قال و للمشتری الفسخ بالثمن أو الأرش مع الجهل و بعین عبارة الکتاب عبر فی (التذکرة) فی المقام و لا ریب أن لمشتری الجانی عمدا فسخ البیع إذا کان جاهلا بالحال لمکان العیب المعرض للفوات و کذلک الحال فی مشتری الجانی خطأ کما قد یعطیه إطلاق العبارة لو لا ما یأتی و قواه فی (جامع المقاصد) لأنه ربما ظهر إعسار المولی فیرجع المجنی علیه بالعبد (و وجه العدم) التزام المولی بالبیع و به جزم فی التذکرة (و نهایة الإحکام) إلا أن یکون قد باعه و هو معسر و لم یعلم المشتری کما بیناه فی أول الکتاب و یأتی ما ینبه علیه (و قد یقال) إن للمشتری الخیار قبل الأداء لتزلزل الملک و قد لا یبذل الواجب فیتسلط المجنی علیه علی الفسخ و أما بعد الأداء فلا خیار له کما أشار إلیه فی (الدروس)
(قوله) (فإن استوعبت الجنایة القیمة فالأرش ثمنه أیضا)
و بعین ذلک عبر فی (التذکرة) فی المقام و المحقق الثانی فی المقام تکلف شدیدا و ذهب بعیدا (و قال) إن الثمن هنا بمعنی القیمة و استدل علیه بوجوه کثیرة ثم اعترض علی نفسه بما اعترض و أطال فی البحث ثم استقر رأیه علی أن المراد بیان حکم ما إذا کان المشتری جاهلا و رضی بالأرش من البائع فإنه إن طلب المجنی علیه الأرش و کان مستوعبا لم یلزم المشتری سوی القیمة و هو کما تری و إنما المراد من العبارة بیان حال المشتری الجاهل إذا رضی بالأرش و أراد أن یرجع علی البائع بالأرش (فقال) فإن کانت جنایة العبد مستوعبة لقیمته فالأرش هنا هو الثمن کما إذا فسخ کما نبه علیه بقوله أیضا و مما یقطع علی ذلک قوله فی (نهایة الإحکام) فی أول الباب فیما إذا کان البائع معسرا أو باع و لم یعلم ما نصه و للمشتری الخیار و إن «2» لم یعلم ببقاء الحق فی رقبته فإن فسخ رجع بالثمن و إن لم یفسخ و کانت الجنایة مستوعبة لرقبته فأخذ بها رجع المشتری بالثمن لأن أرش مثل هذا جمیع ثمنه و إن کانت غیر مستوعبة لرقبته رجع بقدر أرشه و مثله ما فی (التذکرة) و موضعین من (التحریر) فیکون مراد المصنف هنا بالجهل فی قوله و للمشتری الفسخ مع الجهل الجهل بالعمد و الجهل بالإعسار
(قوله) (و لا یرجع لو کان عالما)
یرید أنه إن
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر زیادة الهاء (مصححه)
(2) فی نسخة إن بغیر واو (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 643
و له أن یفدیه کالمالک و لا یرجع به و لو اقتص منه فلا رد و له الأرش (1) و هو نسبة تفاوت ما بین کونه جانیا و غیر جان من الثمن (2)
______________________________
کان عالما بإعسار المولی حیث تکون الجنایة خطأ أو بکونه جانیا عمدا فلیس له الرجوع بشی‌ء من الأرش أو الثمن کما کان له الأول إذا کان جاهلا حیث لا یفسخ و الثانی حیث یفسخ لأنه اشتری معیبا عالما بعیبه کما صرح به فی (نهایة الإحکام) و موضعین من (التحریر و التذکرة) و إذا کان المراد أنه لیس له الرجوع بشی‌ء من ثمن أو أرش کما عرفت کان معناه أنه لا رد له و لا أرش کما صرح به فی (التحریر) و فسر العبارة فی (جامع المقاصد) بأنه لا رجوع له بالثمن (ثم قال) و لو قال لا فسخ لو کان عالما کان أولی و هو کما تری علی أنه لا یلزم منه نفی ثبوت الأرش
(قوله) (و له أن یفدیه کالمالک و لا یرجع به)
أی للمشتری العالم بالعیب أن یفدیه إذا رضی المجنی علیه بالفداء کما کان مثل ذلک للمالک و هو الذی فهمه (المحقق الثانی) فیکون من بیان الواضحات و یحتمل أن یکون المراد أن المشتری یقوم مقام البائع فی الخیرة فی جنایة الخطإ بین تسلیمه و فدائه کما صرح به فی (التذکرة) و موضعین من (التحریر) و استشکل فی ذلک فی (نهایة الإحکام) و هو فی محله و قد یخص حینئذ بالجاهل (و وجه) عدم رجوعه حینئذ بالفداء أنه لم یأذن له المالک فحاله حال قضاء الدین عنه یتبع الإذن و عدمه کما صرح به فی (التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام) و وجه فی (جامع المقاصد) عدم رجوعه به بکونه عالما فتدبر
(قوله) (و لو اقتص منه فلا رد و له الأرش)
الاقتصاص منه أما بالقتل أو القطع و علی التقدیرین إما قبل القبض أو بعده فإن کان القتل قبله انفسخ البیع و رجع المشتری بالثمن و إن کان القطع قبله لم یمنع الرد و إن کانا بعد القبض فی زمن الخیار المختص بالمشتری کان له الرد أیضا لأنه حینئذ مضمون علی البائع و إن کان بعد القبض و لا خیار أصلا أو غیر مختص بالمشتری فهو محل النزاع قال فی (المبسوط) فإن کان القتل بعد القبض فإنه یرجع بجمیع الثمن لأن هذا القتل وجب فی ملک البائع فلم یمنع من فسخ البیع و رده و مثله ما فی (التحریر) و قال فی (المبسوط) أیضا لو قطعت یده عند المشتری قصاصا لم یسقط الرد و جزم فی (التذکرة) بما فی الکتاب فی موضع منها حیث یکون الاقتصاص قطعا و احتمله احتمالا فی موضع آخر منها حیث یکون قتلا و استشکل فی ذلک الموضع حیث یکون قطعا و فی (نهایة الإحکام) إن اقتص منه تعین الأرش و لیس له الرجوع بجمیع الثمن إن شاء و إن کان التلف بسبب مستحق عند البائع لأن التلف عند المشتری بالعیب الذی فیه فأشبه المریض الذی مات فی مرضه أو المرتد المقتول فی ردته و هذا حکاه فی (المبسوط) عن بعض الناس و قال إن الأول یعنی الرجوع بجمیع الثمن أصح و قال فی (نهایة الإحکام) و لو أوجبت الجنایة قطع یده فقطعت عند المشتری فقد تعیبت فی یده و لأن استحقاق القطع دون حقیقته فحینئذ لیس له الرد بالعیب و مثل ذلک قال فی موضع من (التذکرة) و عبارة المصنف هنا ظاهرة فیما إذا کان الاقتصاص قطعا لقوله فلا رد
(قوله) (و هو نسبة تفاوت ما بین کونه جانیا أو غیر جان من الثمن)
و قد فسر أیضا بحاصل ذلک أو بمثله فی (المبسوط و التذکرة و التحریر و نهایة الإحکام) قال فی (المبسوط) و من الناس من قال یرجع بأرش العیب و هو أن یقوم غیر جان و یقوم و هو جان جنایة توجب القصاص فما ینقص من أجزاء الثمن یرجع بقدره من أجزاء القیمة و هذا التفسیر أوضح مما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 644

[السابع لو باعه من ینعتق علیه]

(السابع) لو باعه من ینعتق علیه و لما یعلم عتق علیه و لا شی‌ء له (1) و لو اشتری زوجته بطل النکاح (2) و لو ظهر تحریم الجاریة مؤبدا علیه فلا فسخ و لا أرش (3) و إن نقص انتفاعه لبقاء القیمة محفوظة بالنسبة إلی غیره

[المطلب الثالث فی التدلیس]

(المطلب الثالث فی التدلیس) التدلیس بما یختلف الثمن بسببه یثبت به الخیار بین الفسخ و الإمضاء مع عدم التصرف و معه لا شی‌ء و لا أرش إذا لم یکن عیبا و ذلک کتحمیر الوجه و وصل الشعر و أشباه ذلک (4)
______________________________
الکتاب لأنه لا بد فی عبارة المصنف من تقیید کونه جانیا بالجنایة المخصوصة لتفاوت القیمة بتفاوت الجنایات و فیها أیضا حذف تقدیره و الأرش هنا نسبة تفاوت ما بین قیمته جانیا و قیمته غیر جان إلی قیمته فیؤخذ بتلک النسبة من الثمن و أفردوا هذا الأرش بالذکر لأنه ربما یخفی و إن کانوا قد ذکروا ضابطا للأرش مطلقا
(قوله) (إذا باعه من ینعتق علیه و لما یعلم عتق علیه و لا شی‌ء له)
إذ لم یعد ذلک أحد فیما أجد فی العیوب لأنه باعه إیاه لا نقصان فی مالیته و قیمته و ترتب العتق لا ینافی ذلک و حکم فی (الدروس) بأنه له الأرش هنا و استشکل فی (جامع المقاصد) فیما إذا کان قد دلسه علیه
(قوله) (و لو اشتری زوجته بطل النکاح)
و إن ملک البضع کما تقدم فیه الکلام مستوفی أکمل استیفاء فی أول الباب فی المطلب الأول من الفصل الثالث
(قوله ره) (و لو ظهر تحریم الجاریة مؤبدا فلا فسخ و لا أرش)
کما جزم بذلک فی (التذکرة) و فی (التحریر) أن الأقرب أنه لیس بعیب علی إشکال و فی (الدروس) فی کونه عیبا نظر من نقص انتفاعه و عدم صدق الحد علیه مع بقاء القیمة و استشکل فی (جامع المقاصد) فیما إذا کان قد دلس علیه و لا فرق فی التحریم المؤبد بین کونه من نسب أو رضاع أو بوطی أبیه أو ابنه أو غیر ذلک المطلب الثالث فی التدلیس التدلیس کتمان عیب السلعة عن المشتری کما فی (الصحاح و المصباح و القاموس و مجمع البحرین) و فی (النهایة) التدلیس إخفاء العیب و المعروف بین الفقهاء خلاف ذلک لأنهم یطلقونه علی کتمان صفات و إظهار غیرها مما هو أحسن منها و إن لم تکن تلک عیوبا و لا یقصرونه علی السلعة کما فی تدلیس الماشطة کما مر فی أول الکتاب و العیب کما عرفت آنفا الخروج عن المجری الطبیعی بزیادة أو نقصان و هو مأخوذ من الدلس محرکا و هو الظلمة کأن المدلس یظلم الأمر و یبهمه حتی یوهم غیر الواقع و قال فی (المصباح) و یقال دلس دلسا من باب ضرب و التشدید أشهر فی الاستعمال
(قوله) (التدلیس بما یختلف الثمن بسببه یثبت به الخیار بین الفسخ و الإمضاء مع عدم التصرف و معه لا شی‌ء و لا أرش إذا لم یکن عیبا و ذلک کتحمیر الوجه و وصل الشعر و أشباه ذلک)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) غیر أنه قال فی موضع آخر إذ لیس بعیب بدل قوله هنا إذا لم یکن عیبا (و قال) فی موضع آخر منها و إن لم یکن عیبا فیشبه أن تکون إذا واقعة موقع إذ و علی تقدیر إذا لا مخالفة إذ المعنی فی الجمیع متحد سواء قلنا إن إذا قید فی ثبوت الخیار بین الفسخ و الإمضاء مع عدم التصرف أو قید لعدم شی‌ء مع التصرف أو قید لعدم الأرش أو قید فی الجمیع و معنی قوله و لا أرش إذا لم یکن عیبا أنه لا یثبت بالتدلیس الأرش تصرف أو لم یتصرف فهو منفصل عن قوله لا شی‌ء و مقتضی العبارة کما هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 645
و التصریة فی الشاة تدلیس لا عیب (1)
______________________________
صریح عبارات (التذکرة) أن تحمیر الوجه و وصل الشعر و ما شابهه یثبت به الخیار و إن لم یشترطه و فی (المسالک) نسبته إلی الأکثر و فی (الکفایة) أنه الأشهر و بذلک صرح فی (الشرائع و اللمعة و المیسیة) (و المسالک و الکفایة) و کذا فی (مجمع البرهان) فی مقام آخر و جزم فی (المبسوط) فی أول کلامه بثبوت الخیار کذلک فی الجعد إذا ظهر سبطا و تحمیر الوجه و تبییضه فظهر أسود أو أصفر و وافقه علی ذلک القاضی و ابن إدریس علی ما حکی و وافقه فی (المختلف) فی الأخیرین و خالفه فی الأول فنفی الخیار فیه و اقتصر (المحقق الثانی) فی (تعلیق الإرشاد) علی ذکر التحمیر و وصل الشعر و نفی الخیار فی (الخلاف) فی الجعد و التحمیر و التبییض و وافقه علی ذلک المصنف فی (التحریر) و هو خیرة (الإرشاد) حیث قال أما تحمیر الوجه و وصل الشعر و الثیوبة فلیست عیوبا لکن یثبت بها الرد و لو شرط أضدادها و هو ظاهر (الدروس) حیث شرط ثبوت الخیار فی الثلاثة باشتراطه قلت ثبوته مع الاشتراط محل إجماع کما ستسمع و کأن المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) متردد حیث قال للنظر فیهما مجال و نسب فی (الدروس) إلی الشیخ التردد فی الثلاثة و لعله أراد فی (المبسوط) لأنه قال بعد ما حکیناه عنه فی الثلاثة و أنها عیب و إن قلنا لیس له الخیار لأنه لا دلیل فی الشرع علی کونه عیبا یوجب الرد کان قویا (انتهی) و قد یکون هذا لیس نصا فی التردد فتأمل و فی (الخلاف) جزم بالعدم و فی (المسالک) لو شرط أحد هذه فظهر بالخلاف تخیر بین الرد و الإمساک إجماعا (انتهی) و أشار بهذه إلی التحمیر و وصل الشعر و أشباه ذلک و هو کذلک واضح جار فی سائر الشروط (و ضابطه) کل وصف متعلق به غرض مقصود للعقلاء و إن کان ضده أجود فی المالیة فإن الخیار یثبت إذا لم یخرج علی الوصف المشترط کما صرح به فی (التذکرة) فی مواضع (حجة) القائلین بثبوت الخیار عند عدم اشتراط هذه الأشیاء و فقدها علی اختلاف آرائهم أن ذلک ضرر ناشئ من فقد ما ظنه حاصلا و أن الأغراض تختلف فی ذلک فربما رغب المشتری فیما شاهده أولا و لم یسلم له و قضیة هذا الاحتجاج عدم الفرق بین الجعد و الوصل فی الشعر و التحمیر و التبییض فی الوجه و تسوید الشعر الشائب و الزجج فی الحواجب ثم بان الخلاف لأنها صفات مقصودة للعقلاء لیست کالجهل و سبط الشعر و لعله لذلک نسب فی المسالک ثبوت الخیار إلی الأکثر فی جمیع ذلک و فی (الکفایة) إلی الأشهر و قد عرفت من فصل أو اقتصر (فلیتأمل جیدا) و کیف کان فلا أرش لذلک و الظاهر أنه إجماعی و قد عللوه بأنها لیست عیوبا و لعله إجماعی أیضا و قد سمعت ما فی (المبسوط) من أن الثلاثة عیوب (فلیتأمل) و التدلیس یکون من البائع و المشتری هذا و قال فی (جامع المقاصد) فی شرح قوله کتحمیر الوجه «إلخ» مقتضی هذا مع ما سبق أن تحمیر الوجه إنما یثبت به الرد إذا شرط فظهر الخلاف و قد عرفت الحال و لم یظهر لنا وجه هذه الاقتضاء من العبارة و لو لطخ ثوب العبد بالمداد فتخیل المشتری کونه کاتبا فاحتمالان ثبوت الخیار لأنه تدلیس علی الظاهر و العدم لأن التقصیر فی ذلک للمشتری حیث اغتر بما لیس فیه تغریر کثیر
(قوله) (التصریة فی الشاة تدلیس لا عیب)
قال فی (النهایة الأثیریة) المصراة الناقة أو البقرة أو الشاة یصری اللبن فی ضرعها أی یجمع و یحبس و قال و قد تکررت هذه اللفظة فی أحادیث منها قوله علیه السلام لا تصروا الإبل و الغنم فإن کان من الصر فهو بفتح
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 646
و یرد معها مثل اللبن الموجود حال البیع دون المتجدد علی إشکال مع فقده (1)
______________________________
التاء و ضم الصاد و إن کان من الصری فیکون بضم التاء و فتح الصاد و روی أیضا من اشتری مصراة فهو بخیر النظرین و قال فی (المصباح) صریت الناقة فهی صریة من باب تعب إذا اجتمع لبنها فی ضرعها و یتعدی بالحرکة و التضعیف مبالغة و تکثیرا فیقال صریتها تصریة إذا ترکت حلبها و فی (الصحاح) صریت الشاة تصریة إذا لم تحلبها أیاما و الشاة مصراة فلم یذکر غیر الشاة و فی (القاموس) ناقة صریا محفلة و الصری کربی المصراة و الشاة المحفلة (انتهی) و حفلت الشاة بالتثقیل ترکت حلبها حتی اجتمع اللبن فی ضرعها فهی محفلة و کان الأصل حفلت لبن الشاة لأنه هو المجموع فهو محفل و التصریة تدلیس حرام إجماعا کما فی (المسالک و الریاض) توجب الخیار فی الشاة بین الرد و الإمساک إجماعا کما فی (الخلاف و المختلف و المهذب البارع و تعلیق الإرشاد و الروضة و الریاض) و ظاهر (التذکرة و غایة المرام و مجمع البرهان) و علیه أخبار الفرقة کما فی (الخلاف) ثم قال و أیضا روی أبو هریرة و ساق ثلاثة أخبار من طرق العامة و قد نص فی (السرائر و التحریر و غایة المراد و المسالک) (و مجمع البرهان) و غیرها علی عدم الوقوف علی نص فی ذلک من طرق الخاصة و فی (الریاض) أن النص علی التحریم مستفیض النقل (قلت) و هی أخبار عامیة قد جمعت فیها المزایا الخاصیة منجبرة معتضدة بما عرفت و بخبر الضرار (الضرر خ ل) فیعمل بها علی أنک قد عرفت أن الشیخ أرسل أخبارا من طرق الخاصة و هو أعرف ممن أنکر علیه و لیس ما یحکیه إلا کما یرویه و روی الحر فی (الهدایة) لا تصروا الإبل و البقر و الغنم من اشتری مصراة فهو بأحری النظرین إن شاء ردها و رد معها صاعا و تمرا و روی أیضا من اشتری محفلة فلیرد معها صاعا و أما عدم الأرش فدلیله بعد الإجماع الأصل و اندفاع الضرر بخیار الرد و أنه لیس عیبا
(قوله) (و یرد معها مثل اللبن الموجود حال البیع دون المتجدد علی إشکال مع فقده)
هذا متعلق بقوله و یرد معها مثل اللبن فالمراد أنه یرد مع المصراة مثل اللبن الموجود حال البیع مع فقده و یستفاد منه أنه یرده إذا کان موجودا بعینه و قد حکی علیه الإجماع فخر الإسلام فی (شرح الإرشاد) قال أما اللبن الموجود حال العقد فإنه یرده إجماعا و قال فی (کشف الرموز) لا خلاف أنه مع وجود اللبن لا یلزم إلا رده معها و إنما الخلاف مع تعذره و هذا منهما حمل لکلام الشیخ فی (المبسوط) حیث قال إذا کان باقیا لم یجبر البائع علیه و إن قلنا إنه یجبر کان قویا علی ما إذا کان قد تغیر فإنه (حینئذ) قد لا یجبر أو یجبر مع الأرش و لقول القاضی فی (الکامل) علی ما حکی عنه فی (المختلف) من أنه لا یجبر جازما به کما حمل کلامیهما علی ذلک جماعة کثیرون فلا یعرج علی ما فی (المهذب البارع) من جعله ردا للبن معها مع وجوده محل خلاف و أن الأقوال فیه ثلاثة الأول رده الثانی رده و رد معه صاعا من حنطة أو تمر و نسب هذا إلی أبی علی و المنقول عنه فی (المختلف) خلاف ذلک (قال) و قال ابن الجنید و قد حکم النبی صلی اللّٰه علیه و آله فی المصراة إذا کرهها المشتری فردها بأن یرد معها عوضا عما حلب منها صاعا من حنطة أو تمر و إذا لم یکن حلب منها شیئا أو رد ما حلبه لم یکن علیه شی‌ء الثالث أنه یرد صاعا من بر لا تمر قال قاله القاضی فی (المهذب) و المنقول عنه فی (المختلف) أنه جزم بأنه لا یجبر علی أخذه بل له أخذ الصاع من التمر أو البر و لعله فی (المهذب) أثبت لإمکان أو سهوا ثم إن الإجبار ظاهر أکثر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 647
و لو زال وصفه حتی الطراوة فالأرش (1)
______________________________
الأصحاب کما ستعرف و صریح (المختلف و مجمع البرهان) و غیرهما و إن کان خبرا أبی هریرة و خبر عبد اللّٰه بن عمر صریحة فی خلاف ذلک و لیس فیها تعرض لذکر رد اللبن الموجود حال العقد فضلا عن الإجبار علیه لأنها لا جابر لها فی المقام مخالفة للإجماع کما عرفت و للقاعدة لأن اللبن جزء من المبیع و هو عین ماله فیجبر علیه و مع فقده یرد مثله لأنه مثلی فإن تعذر فالقیمة کغیره من الأعیان المضمونة و قد صرح برد اللبن الذی احتلبه إذا کان موجودا و أنه إن کان هالکا معدوما رد مثله فإن تعذر رد قیمته فی (السرائر) و ما تأخر عنها ما عدا (جامع الشرائع) و ظاهر (مجمع البرهان) الإجماع علیه و قد نسب هذا الترتیب إلی (النهایة) و المفید و لیس فی (المقنعة و النهایة) إلا أنه إذا ردها رد معها قیمة ما احتلبه من لبنها بعد إسقاط قدر ما أنفق علیها إلی أن یعرف (عرف خ ل) و لعلهم فهموا منهما أن ذلک عند التعذر و المخالف فی ذلک الشیخ فی (الخلاف و المبسوط و أبو علی) کما عرفت و القاضی فی (المهذب) فیما حکی و أبو المکارم فی (الغنیة) و ابن سعید فی (الجامع) فقالوا إنه یرد عوض اللبن صاعا من بر أو صاعا من تمر و استدل علیه فی (الخلاف) بإجماع الفرقة و أخبارهم و فی (الغنیة) الإجماع علیه و نسبه فی (المختلف) إلی علمائنا قال و ما نقله علماؤنا «إلخ» جمعا بین خبری أبی هریرة و قد حملهما الأصحاب لمکان الضعف و الاضطراب و عدم الجابر فی المحل و المخالفة للقاعدة و لخبر عبد اللّٰه بن عمر علی ما إذا کان قد تعذر و کان ذلک هو القیمة السوقیة و علی ذلک یحمل کلام الشیخ و من وافقه و عساک تقول إن فتوی هؤلاء و الإجماعین تجبر الخبرین فلا حاجة إلی التنزیل لأن ذلک موهون بمخالفة القاعدة و إطباق الباقین علی المخالفة و مخالفة الشیخ فی (النهایة) و المفید علی ما فهموا منهما علی أنه للشیخ قول آخر و هو أنه یرد ثلاثة أمداد من طعام و حکی فی التحریر أن الشیخ نسبه إلی جماعة و لم نجد واحدا منهم و لعلهم من العامة و قال الشیخ فی (المبسوط) بعد ذلک فإن تعذر الصاع وجب قیمته و إن أتی علی قیمة الشاة و لا اعتبار بفضل الأقوات و حکی ذلک عن القاضی و قد استشکل (المصنف) هنا و ولده فی (الإیضاح) و الشهید فی (الدروس) فی استرجاع المتجدد و جعل منشأ التردد فی (الإیضاح) (و جامع المقاصد و المسالک) من إطلاق الأخبار و عموم الحکم برد اللبن و من أنه نماء ملک المشتری (و فیه) أنه لیس فی أخبار الباب الثلاثة الواردة من طرق العامة تعرض لرد اللبن و بناه فی (الدروس و التنقیح) علی أن الفسخ یرفع العقد من أصله أو من حینه و حکاه عن (الدروس) فی (تعلیق الإرشاد) ساکتا علیه و لیس بشی‌ء لأن رفع العقد الثابت المترتب حکمه من أصله حتی کأنه لم یکن لم یعقل و مما اختیر فیه الحکم بعدم استرجاع المتجدد (المبسوط) قاطعا به لأن الخراج بالضمان (و التذکرة و شرح الإرشاد) لفخر الإسلام (و التنقیح و جامع المقاصد و تعلیق النافع و المیسیة و المسالک) و فی (جامع المقاصد) أن علیه الفتوی (قلت) لأن هذا الخیار مخالف للأصل فیقتصر فیه علی محل الوفاق مضافا إلی ما سمعت و ظاهر (المقنعة و النهایة و السرائر و التحریر و المفاتیح) أو صریحها و صریح (اللمعة و إیضاح النافع) أنه یرد المتجدد أیضا و نسبه الفخر إلی إطلاق الأصحاب و قال المقدس الأردبیلی أنه ظاهر عبارات المتون و الأمر کما قالا و جعل جماعة الوجه فیه إطلاق النص و قد عرفت الحال فی النص و لعل الوجه فیه أن الأصل عدم وجود لبن آخر فإن علم وجود آخر لا یرد و إن امتزجا اصطلحا إلا أنه کاد یکون النزاع حینئذ لفظیا (فتأمل)
(قوله) (و لو زال وصفه حتی الطراوة فالأرش)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 648
فإن تعذر فالقیمة السوقیة (1) و لا یثبت الرد مع التصرف إلا هنا و فی الجاریة الحامل مع الوطی (2) و الأقرب ثبوت التصریة فی البقرة و الناقة (3) أما الأتان و الأمة مع الإطلاق فلا (4)
______________________________
إن نقص و تعیب کما فی (التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و مجمع البرهان) و غیرها لأنه مضمون علی المشتری فإنه جزء المبیع و ربما احتمل رده مجانا کما احتمل الانتقال إلی بدله و قال فی (الدروس) لو اتخذه جبنا أو سمنا فظاهر أنه کالتالف (و فیه) أنه عین المال ثم قال و لو قلنا برده فله ما زاد بالعمل و وافقه علی ذلک صاحب (المسالک)
(قوله) (فإن تعذر فالقیمة السوقیة)
وقت الدفع کما فی (التذکرة و جامع المقاصد و المسالک) لأنه محل الانتقال إلی القیمة و مکانه کما فی (المسالک) أیضا
(قوله) (و لا یثبت الرد مع التصرف إلا هنا و فی الجاریة الحامل مع الوطی)
قد تقدم الکلام فی الجاریة الحامل مسبغا محررا و قد عرفت أن الحکم فی الجاریة لا یندرج تحت الاستثناء علی مختار أبی علی و المصنف فی (المختلف) و ینبغی أن یراد بقوله هنا مطلقا التصریة لیندرج فیه الناقة و البقرة علی ما سیأتی (و مما یثبت) فیه الرد مع التصرف ما کان فیه غبن و ما افتقر إلی الاختبار مثل الطعم و الریح و مثله الشارط لما لیس فقده عیبا و الکاذب فی الأخبار فی بیع المرابحة و راکب الدابة فی طریق الرد لخوف الجماح و کذا الجنون و البرص و الجذام إلی سنة عند بعضهم
(قوله) (و الأقرب ثبوت التصریة فی البقرة و الناقة)
کما هو المشهور کما فی (الحدائق) و مذهب الأکثر کما فی (الریاض) و هو خیرة (المبسوط و الخلاف و السرائر) (و جامع الشرائع و التحریر و التذکرة و الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و الریاض) و هو المحکی عن أبی علی و القاضی و قواه کاشف الرموز و مال إلیه صاحب (مجمع البرهان) لا من حیث التصریة بل من حیث التدلیس و حصول الضرر مؤیدا بأخبار العامة و ادعی علیه الإجماع الشیخ فی (الخلاف) و قد تلوح دعوی الإجماع من (السرائر و التذکرة) و غیرهما کما ستسمع و قد سمعت آنفا الأخبار الدالة علی ذلک من طرق العامة و الأخبار المرویة فی (الهدایة) للحر عن کتاب معانی الأخبار علی الظاهر فکان الحکم محکیا علیه الإجماع المعتضد بفتوی الأکثر المؤید بالأخبار المذکورة و بالتعلیل فیها بأنه خداع مضافا إلی حدیث نفی الضرر بناء علی أن المقصود الأعظم منهما اللبن فتصریتهما توجب التدلیس الموجب للخیار و تردد فی (الشرائع) و استشکل فی (الإرشاد و الکفایة) و توقف فی (المختلف) و لم یرجح فی (غایة المراد) (و غایة المرام و التنقیح و المهذب البارع) و قرب فی (الإیضاح) عدم الثبوت فی غیر الشاة و فی (المسالک و الروضة) إن تم الإجماع و إلا فإشکال
(قوله) (أما الأتان و الأمة مع الإطلاق فلا)
إجماعا کما فی (کشف الرموز) و ظاهر (السرائر و التذکرة و مجمع البرهان) قال فی (السرائر) بعد أن ذکر التصریة فی الناقة و البقرة کالشاة و لا تصریة عندنا فی غیر ذلک و قال فی (التذکرة) لا تثبت التصریة فی غیر الثلاثة المذکورة فی الخبر الإبل و البقر و الغنم عند علمائنا و نحوه ما فی (مجمع البرهان) و نسبه فی (المهذب البارع) إلی الأکثر و بعدم ثبوتها فیهما صرح فی (المبسوط و الخلاف و المهذب) للقاضی فیما حکی (و الشرائع و المختلف و جماع المقاصد و إیضاح النافع و التحریر) مع زیادة الفرس فیه و عن أبی علی أنه طرد الحکم فی سائر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 649
و لو تحفلت الشاة بنفسها فالأقرب سقوط الخیار (1) و تختبر التصریة بثلاثة أیام (2)
______________________________
الحیوانات حتی الآدمی و فی بعض الأخبار العامیة ما یدل علیه و فی (الدروس و المفاتیح) أنه لیس بذلک البعید للتدلیس و هو مذهب الشافعی و قد حقق المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد) أنه إن أرید ثبوت الخیار فیهما لو ثبت تصریتها فهو متجه و إن أرید ثبوت الخیار فیها مع التصرف و کون الثلاثة محلا للثبوت (لثبوته خ ل) بنقصان اللبن فیها و هو خلاف الأصل و لم یثبت بنص و لا إجماع انتهی (و لعل) وجاهة الشق الأول مسلمة فیما إذا شرط کثرة اللبن و لم یتصرف و ألحق فی (الدروس) تبعا (للتذکرة) بالتصریة فی ثبوت الخیار حبس ماء القناة و الرحی و إرساله عند البیع و الإجارة حتی تخیل المشتری کثرته و بذلک صرح فی (التذکرة) و جعله مثل ما إذا حمر وجه الجاریة أو سود شعرها أو جعده أو أرسل الزنبور فی وجهها فظنها المشتری سمینة هذا و علی قول أبی علی إذا فقد اللبن لم یجب البر و التمر کما هو الشأن فی الشاة لعدم النص و عدم الانتفاع به فیما ینتفع به فی لبن الشاة و البقرة (فتأمل) و المراد بالإطلاق فی عبارة الکتاب تجرید العقد عن اشتراط زیادة اللبن إذا بیعا و الأتان بفتح الهمزة الحمارة و عن ابن السکیت أنه لا یقال أتانة و جمع أتانة آتن و أتن و فی (القاموس) أتانة قلیلة
(قوله) (و لو تحفلت الشاة بنفسها فالأقرب سقوط الخیار)
کما فی (الإیضاح) (و جامع المقاصد) لانتفاء التدلیس و فی (التذکرة و حواشی) الشهید أن الأقرب ثبوت الخیار لأن ضرر المشتری لا یختلف فکان بمنزلة ما لو وجد بالمبیع عیبا لم یعلمه البائع و لعل الخلاف مبنی علی أن العلة فی الفسخ هل هی تصریة المالک أو مطلقا یحتمل الأول لقوله علیه السلام المغرور یرجع علی من غره و الثانی لوجود العلة و الضرر و لعل المصنف لو عبر بعدم الثبوت بدل السقوط لکان أولی و أحسن و تحفیلها بنفسها یحصل بنسیان المالک حلبها و ببقائها فی المرعی یومین أو أزید
(قوله) (و تختبر التصریة بثلاثة أیام)
کما فی (الشرائع و التذکرة و الإرشاد و اللمعة و التنقیح و الکفایة) فقد جعلوا الثلاثة محل الاختبار و ذلک إذا لم یعترف بها البائع و لا قامت بها البینة کما قیده بذلک جماعة ممن تأخر عنهم و ستعرف الحال و قضیة ذلک أن لا یثبت الخیار بالتصریة قبل انقضائها حیث جعلت کما عرفت محلا للاختبار و قد صرح بذلک فی (التذکرة و غایة المرام و المسالک و الروضة و الریاض) لأن الشارع قد وضعها أی الثلاثة لمعرفتها فلا تعلم قبلها مع احتمال استناد تغیر اللبن إلی الأمکنة و العلف فلا یثبت حینئذ الخیار و أنه لا أثر للنقصان فی الیوم الثانی ما لم یستمر إلی الیوم الثالث و لا یعتبر نقصان الیوم الثالث وحده لأن قضیة تعلیلهم الذی سمعته أنه لا بد من التکرار لیوثق بکون النقصان لا لأمر عارض و إن کان قد یلوح ممن صرح من هؤلاء کالمصنف فی (التذکرة) بعدم الثبوت قبلها لأنها المدة المضروبة ثبوته أی الخیار بالنقصان فی الیوم الثالث فتدبر و قضیته أیضا أن لا یثبت زوال التصریة و لا یعلم إلا بمضی الثلاثة کما لا تثبت هی إلا بذلک کما صرح بهذا فی (المسالک) و أنه لا یثبت الخیار إلا بعدها و أنه ینبغی أن یکون علی الفور کما صرح به فی (التذکرة) و کما فهم ذلک کله أو أکثره منهم المحقق الثانی و الشهید الثانی و اختاره فی (المسالک و الروضة) وفاقا للمیسیة و تبعهما جماعة ممن تأخر عنهما منهم أستاذنا صاحب الریاض و قالوا إن الفرق حینئذ بین مدة التصریة و خیار الحیوان ظاهر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 650
..........
______________________________
فإن الخیار فی ثلاثة الحیوان فیها و فی ثلاثة التصریة بعدها و قد یکون المراد مما عدا (التذکرة) من الکتب المذکورة آنفا أنها تختبر بالحلب فی الثلاثة فإن ظهرت فی بعضها فله الرد قبل انقضائها لا أنه لا بد من الثلاثة و النقص بعد الأول فی کلها کما فهم ذلک الشهید فی (غایة المراد) و المحقق الثانی فی تعلیقه و المولی الأردبیلی من عبارة (الإرشاد) قال فی (غایة المراد) فی شرح قوله فی الإرشاد و تختبر المصراة بثلاثة أیام یرید أن الشاة المصراة تختبر بثلاثة أیام کالخیار فی سائر الحیوان و هذا ظاهر فی ثبوته قبل انقضائها کما ستعرف ثم قال أیضا و اعلم أنه لا یتربص بها إلی آخر الثلاثة بل إذا عرف تصریتها قبل انقضائها ثبت الخیار و یبقی الکلام فیما یفید العلم و المعرفة و یأتی بیانه و قال أیضا إن التحدید بالثلاثة فی النص لمصلحته لتجویز أن یحلب فی الیومین حلبا متساویا ثم ینقص عنه فی الثالث فإنه یثبت له الخیار و قال فی (جامع المقاصد) إن المفهوم من النصوص و إطلاق کلامهم أن نقصان اللبن فی جزء من الثلاثة موجب للخیار انتهی (و قد) قالوا إذا زالت التصریة قبل انقضاء الثلاثة و صار ذلک عادة سقط الخیار و هذا الإطلاق یقضی بأنه یثبت التصریة و زوالها قبل الثلاثة بالاختبار و غیره مع أن اللازم من کلامهم الأول کما هو صریح بعضهم کما سمعت عدم ثبوتها و عدم ثبوت زوالها إلا بمضی الثلاثة فلو لم نحمله علی ما فهمه الشهید و غیره لتنافی الإطلاقان فلم یکن صاحب (الشرائع) و المصنف هنا مخالفین (للمبسوط) و غیره کما ستعرف و صاحب (التنقیح) فسر قوله إن مدة اعتبار التصریة و عدمها ثلاثة أیام بأنه لو نقص فی مدة الثلاثة عن الأول ثبت له الخیار و قال فی (الدروس) و تثبت باعتراف البائع أو نقص حلبها فی الثلاثة عن الحلب الأول فلو تساوت الحلبات فی الثلاثة أو زادت اللاحقة فلا خیار و لو زادت بعد النقص فی الثلاثة لم یزل الخیار و کلامه الأخیر ظاهر فی ثبوت الخیار قبل انقضاء الثلاثة إلا أن تحمل الزیادة بعد النقص علی کونها بعد الثلاثة و هو خلاف ظاهرها و قد فهم الصیمری من قول المصنف فیما یأتی و لو علم بالتصریة قبل الثلاثة تخیر علی الفور أنه ممن یقول بثبوت الخیار قبل الانقضاء ثم حملها علی حصول العلم بإقرار البائع و ستعرف الحال فیها و کأن نظر هؤلاء جمیعا إلی ما فی (المبسوط و الخلاف و جامع الشرائع و التحریر) من أن مدة الخیار ثلاثة أیام مثلها فی سائر الحیوانات و هو الذی استقر علیه رأی المحقق الثانی فی آخر کلامه فی (جامع المقاصد) قال فی (الخلاف) دلیلنا إجماع الفرقة علی ثبوت الخیار فی الحیوان ثلاثة أیام شرط أو لم یشترط و هذا داخل فی ذلک و خبر أبی هریرة و ابن عمر صریح فی ذلک (انتهی) فقد جعلوا ثلاثة التصریة محلا للخیار کثلاثة خیار الحیوان بل هی هی عندهم علی الظاهر قال فی (الدروس) تقیید الخیار بالثلاثة لمکان خیار الحیوان صرح به الشیخ و ظاهره تقیید خیار التصریة بالثلاثة مطلقا لا بعدها سواء ظهرت بالبینة أو الإقرار أو الاختبار و یلوح من مقام آخر فی (التذکرة) أن کون هذا الخیار ثلاثة أیام لمکان خیار الحیوان کما ستسمع و قال فی (الدروس) لو علم بها أی التصریة بعد العقد قبل الحلب تخیر قاله الفاضل مع توقفه فی ثبوت الخیار قبل الثلاثة لو حلب (و حاصله) أنه کیف یحکم بالخیار فی أثناء الثلاثة لو ظهرت له التصریة قبل الحلب بالبینة أو الإقرار و لا یحکم به لو ظهرت له بالحلب إلا بعدها فتدبر و علی هذا فالفرق بین هذا الخیار و خیار الحیوان ظاهر إن قلنا بفوریة هذا الخیار فیسقط بالإخلال بها دون خیار الحیوان و إن لم نقل بالفوریة کما ستعرف ذلک کله فالفرق بتعدد الأسباب (و تظهر الفائدة) فیما لو أسقط أحدهما کما نص علیه جماعة و هو خلاف ظاهر عبارة (المبسوط) و ما وافقها و خلاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 651
..........
______________________________
ما صرح به فی (الدروس و غایة المرام) کما ستسمع ذلک کله و قد یفرق بعدم سقوطه بالتصرف (فتأمل) و من الغریب أنه فی (التحریر) بعد أن وافق الشیخ فی أن مدة الخیار فی المصراة ثلاثة أیام کغیرها من الحیوانات قال بلا فصل و یثبت علی الفور و لا یثبت قبل انقضاء الثلاثة علی إشکال فاستشکاله فی ثبوته قبل انقضاء الثلاثة قد ینافی قوله کغیرها من الحیوانات و کذا قوله إنه یثبت علی الفور (و قد یجاب) عن الثانی بأنه أی الفور إنما هو بالنسبة إلی ما بعد الثلاثة کما أشار إلی ذلک فی (الدروس) حیث قال هذا الخیار علی الفور إذا علم به و الظاهر امتداده بامتداد الثلاثة إذا کانت ثابتة و إلا فمن حین العلم فالفوریة فی کلامه أیضا إنما هی بالنسبة إلی ما بعد الثلاثة و لک أن تقول إنه یشکل جواز بقاء المصراة بعد العلم بالتصریة إلی آخر الثلاثة و هو یتصرف فیها بالحلب (و یجاب) بأنا نقول لا یجوز له حینئذ حلبها و عساک تقول قد یمکن أن یراد من عبارة (التحریر و الدروس) أن الثلاثة محل الخیار متی علم کان علی الفور و بعدها لا خیار له و إن علم (لأنا نقول) إن قوله فی (الدروس) و الظاهر امتداده بامتداد الثلاثة ینافی ذلک کما ینافیه ظاهر قوله فی (التحریر) کغیرها من الحیوانات و قد صرح فی موضع من (التذکرة) بأن الخیار فی تمام الثلاثة و تردد فی الامتداد فیما لو أسقط خیار الحیوان کما سیأتی بیانه و هذا منه میل إلی تجویز استناد کون هذا الخیار ثلاثة أیام إلی خیار الحیوان (و قد) یورد علیه بأن خیار الحیوان لا یبقی مع التصرف و یجاب باستثناء هذا التصرف و قد قضی المقام بتحریر عبارة (التحریر) فطال الکلام و ستعرف الحال فی عبارة المصنف حیث قال فیما یأتی (و لو علم) بالتصریة قبل الثلاثة تخیر علی الفور و یبقی الکلام فی حصول العلم و أنه هل ینحصر فی الاختبار أو یحصل أیضا بالبینة و الإقرار ظاهر جماعة کثیرین عدم الانحصار کما أن ظاهر جماعة و صریح آخرین من المتأخرین الانحصار (و لنعد) إلی ما کنا فیه (فنقول) جعل خیار التصریة کخیار الحیوان و تقییده بالثلاثة مطلقا لا بعدها سواء ظهرت التصریة بالبینة أو الإقرار أو الاختبار و إرجاع کلام الکتاب و ما کان مثله إلی ما فی (المبسوط) و ما ذکر بعده یلزم منه أمران أحدهما ما ذکره فی (الروضة) من قوله و یشکل بإطلاق توقفه علی الاختبار ثلاثة فلا یجامعها حیث لا تثبت بدونه و الحکم بکونه یتخیر فی آخر جزء منها یوجب المجاز فی الثلاثة (انتهی) و معناه أن إطلاق توقف الخیار علی الاختبار بثلاثة أیام یقتضی حصوله بعد الثلاثة و خیار الحیوان إنما یکون فیها لا بعدها فلا یجامع خیار الحیوان ثلاثة التصریة حیث لا تثبت التصریة بدون الاختبار فلا یمکن الجمع بینهما نعم لو ثبتت بدون الاختبار أمکن مجامعة ثلاثة التصریة لثلاثة الحیوان خصوصا علی ما قواه فی (الدروس) من کون هذا الخیار لا فور فیه و القول بأنه یمکن أن یجامعها بأن یتخیر فی خیار الاختبار فی آخر جزء من الثلاثة یوجب المجاز فی قولهم إن الخیار یکون بعد الاختبار بثلاثة فإن حقیقته تمام الثلاثة و کونه فی آخر جزء منها یقتضی عدم تمامها (و أنت خبیر) بأن هذا الإطلاق الذی جعله منشأ الإشکال إنما هو فی کلام (الشرائع و الإرشاد و اللمعة و الکتاب) و لعلهم جعلوا التحدید بالثلاثة لمصلحة المشتری کما أشار إلیه فی (غایة المراد) لأنه لا بد أن تکون کلها ظرفا للاختبار و أن الخیار إنما یکون بعدها (و قد عرفت) أن جماعة فهموا ذلک من هذا الإطلاق و قد سمعت ما فی (جامع المقاصد و التنقیح) کما سمعت ما فی (المبسوط) و ما ذکرناه بعده مما ماثله فی العبارة فلا إشکال حینئذ و إن أراد إطلاق الأخبار فالذی رواه العامة فی المقام ظاهر فی موافقة (المبسوط)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 652
..........
______________________________
و ما ماثله فإنهم رووا عنه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم أنه قال من اشتری شاة مصراة فهو بالخیار ثلاثة أیام إن شاء أمسکها و إن شاء ردها و صاعا من تمر و فی روایة أخری أو بر علی أن ظاهر (المقنعة) (و النهایة و السرائر) و کذا (الغنیة و المفاتیح) عدم اعتبار الثلاثة أصلا و ظاهر (الروضة) أن الإطلاق صادر من الجمیع و قد عرفت أنه إنما هو فی الکتب الأربعة لا غیر بما تقدم علیه مع أن المصنف وافق (المبسوط فی التحریر) و الشهید وافقه فی (الدروس و غایة المراد) و الثانی أنه یلزم أن لا یکون للتصریة الموجبة للفسخ طریق إلا الاختبار بالنقصان فی الثلاثة و أنه لا أثر للبینة و لا للإقرار ما لم یتحقق النقصان فیها لأن زوال التصریة فیها مسقط للخیار کما ستسمعه و المتردد فی ذلک الشیخ فی (الخلاف) و جماعة ستعرفهم و ثبوت النقصان فیها وقتا ما موجب لثبوته فأی أثر للثبوت بالبینة أو الإقرار و أما علی رأی (التذکرة) فإن الثبوت بأحدهما إذا اقترن بنقصان ما و لم یتصرف «1» یوجب الخیار کما ستعرف و بدونهما لا یثبت إلا باستقرار النقصان علی ما بیناه آنفا (و تنقیح) البحث فی حال الاختبار أن یقال إن هذه المسألة مخالفة للأصل من وجهین من جهة الرد مع عدم العیب و الرد بعد التصرف لکن لما کان فی التصریة تدلیس و ضرر عظیم فیما یطلب فیه اللبن و لا یعلم ذلک إلا بالحلب کما هو المفروض و لا یظهر بالیوم و الیومین غالبا إذ کثیرا ما تنفق الکثرة فی یومین بسبب التصریة أو لأمر آخر موجب للزیادة عن الیوم الأول أو المساواة له نیط بالثلاثة لدفع ذلک مع اعتبارها فی کل حیوان و جوز الخیار مع التصرف لدفع الضرر و لا یندفع إلا بالخیار لأنها لیست بعیب حتی یندفع مع التصرف بالأرش فحینئذ إذا تساوت الحلبات تساویا عرفیا فلا خیار و کذا إن کانت الحلبة الأولی ناقصة و ما عداها زائدا علیها و أما إذا کانت الأولیان متساویتین و الأخیرة ناقصة أو تساوت الأولی و الأخیرة و نقصت الوسطی فصریح عمید الدین (و الدروس و غایة المراد و التنقیح و تعلیق الإرشاد) أنه یثبت له الخیار و هو ظاهر (المبسوط و الخلاف و جامع الشرائع و التحریر) بل قد یدعی أنه ظاهر (الشرائع) و ما ذکر معه بالتقریب السالف بل قد عرفت أنه قال فی (جامع المقاصد) تارة أنه هو المتبادر و أخری أنه المفهوم من النصوص و إطلاق کلامهم أن نقصان اللبن فی جزء من الثلاثة موجب للخیار و المخالف فی ذلک صریحا إنما هو المصنف فی (التذکرة) و الشهید الثانی و قد تأمل فیه المولی الأردبیلی و خصوصا إذا کانت الأخیرة مساویة للأولی أو زائدة علیها مع نقص الوسطی لأن ذلک قد یختلف باختلاف الزمان و المکان و المأکول و المشروب فبمجرد نقصان ما یشکل القول بثبوت التصریة المخالفة للأصل من وجهین و یندفع ذلک کله بفرض التساوی فی ذلک کله و أما الاختلاف الناشی من اختلاف الزمان و المکان و المأکول و المشروب فلا یخفی علی الرعاة و أصحاب البقر و الشیاه و الذی یخفی مع فرض التساوی فی الجمیع إنما هو الکثرة التی تتفق کثیرا بسبب التصریة فی الیومین و الثلاثة تکشف عن ذلک غالبا و إلا فقد لا ینکشف بها و لعله لذلک أهمل ذکرها کما عرفت فی (المقنعة و النهایة و السرائر) بل (و الغنیة) و قد یرشد إلی ذلک قوله فی (التذکرة) لو عرف التصریة فی آخر الثلاثة أو بعدها فالأقرب ثبوت الخیار لأنه عیب سابق و التنصیص علی الثلاثة بناء علی الغالب انتهی (فلیتأمل) هذا کله فی معرفة التصریة بالاختبار و أما إذا ثبتت بالإقرار أو البینة ففی التذکرة أنه یثبت له الخیار إلی تمام الثلاثة لأنه کغیره من الحیوان و ظاهره أنه لا فور فیه و أنه یجوز له الفسخ من حین الثبوت و یمتد خیاره مدة الثلاثة إلی
______________________________
(1) فی نسخة و لم یتصرف بتصرف موجب الخیار (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 653
..........
______________________________
انقضائها و هو خیرة (الدروس و غایة المرام و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و إیضاح النافع و المیسیة و المسالک) (و الروضة) و مال إلیه أو قال به فی (مجمع البرهان) لکن الفاضل المیسی و الشهید الثانی فی کتابیه و غیرهما ممن تأخر کأستاذنا صاحب الریاض أوجبوا الاختبار و حصول النقص و عدم التصرف بغیر الاختبار و الثانی صریح (الدروس) و غیره و الأول لعله قضیة کلام الشهید فی (الدروس) و کلام غیره لأن المشهور بینهم أنه لو علم تصریتها بالبینة أو الإقرار و ثبت لبنها فی الثلاثة لا بعدها و صار لبن عادة لتغیر المرعی أو هبة من اللّٰه سبحانه و تعالی زال الخیار لزوال العیب و به صرح فی (المبسوط و الشرائع و جامع الشرائع و التحریر) (و الإرشاد و التذکرة و الکتاب و إیضاح النافع) و قواه (کاشف الرموز) و أستاذنا صاحب (الریاض) و فی (المسالک) أنه الأشهر و ظاهر الشیخ فی (الخلاف) التردد و ما زاد علی أن قال إن البقاء قوی لظاهر الخبر بعد أن حکم أولا بسقوط الخیار (و یؤیده) ما قواه ثانیا الاعتبار لأن التدلیس ثابت معلوم فلا اعتداد بما وجد مع العلم إذ قد یزول بخلاف ما إذا لم تثبت التصریة و التدلیس و ظاهر (التنقیح) و المحقق الثانی فی کتابیه و الشهید الثانی فی (المسالک) التردد أیضا حیث احتملوا زوال الخیار و بقائه و قد نسب صاحب (الریاض) و غیره إلی (الخلاف) القول بالبقاء و الموجود فیه ما ذکرناه بل لو نسب إلیه السقوط لکان أوفق بظاهره لأنه حکم به أولا علی البت ثم قوی الثبوت و الغرض نفی الخلاف صریحا ممن عثرنا علیه و أقصی ما هناک ظهور تردد (حجة) القائلین بالزوال أن التصریة من حیث هی غیر موجبة للخیار بل هی موجبة لإظهار ما لیس فیه مما یوجب زیادة الثمن و الرغبة فإذا وجد ما أظهر لم یکن له خیار و علی هذا فإذا ثبت أنها مصراة بالبینة أو الإقرار لم یکن له الخیار من دون اختبار لاحتمال ارتفاع التصریة بسبب من الأسباب فلا یثبت لزوال الموجب فتدبر (و من هنا) یعلم ما أشرنا إلیه آنفا من انحصار الطریق فی الاختبار بالنقصان و لا فائدة للبینة و الإقرار عند من جعل خیار التصریة کخیار الحیوان فالحظ ما ذکرناه آنفا فی الأمر الثانی هذا و المخالف فیما نحن فیه المصنف هنا حیث قال و لو علم بالتصریة إلی آخره و الشهید فی (غایة المراد) حیث قال لو علم کونها مصراة قبل الحلب و بعد العقد ثبت له الخیار علی الفور و إنما الثلاثة الأیام لمصلحته لتجویز أن یحلب فی الیومین حلبا متساویا ثم ینقص عنه فی الثالث فإنه یثبت له الخیار و ظاهر المقداد فی (التنقیح) موافقته حیث نقل کلامه هذا ساکتا علیه و هو ظاهر (إیضاح النافع) و یشهد لهم الاعتبار لأن التصریة تدلیس موجبة لجواز الرد و قد ثبتت فیکون مقتضاها ثابتا و قد یکون مرادهم أنه یسقط خیاره بالتأخیر کما هو الظاهر و قد یکون المراد أنه له أن یفور فی الحال و لا یحتاج إلی الاختبار کما هو الأظهر من عبارة (إیضاح النافع) فیکون الموافق لهم علی ذلک کل من لم یوجب الاختبار و کل من قال ببقاء الخیار إذا زالت التصریة بعد ثبوتها بالبینة أو الإقرار إن کان هناک قائل بذلک و لعل المتردد أیضا موافق بل لعل بعض من قال بعدم بقاء الخیار بعد زوالها بعد ثبوتها کذلک موافق إن کان أطلق و لم یصرح بوجوب الاختبار إذ قد یکون ممن یمنع الملازمة فلینعم النظر فإنه تحریر دقیق جدا و قد عرفت عند تحریر عبارة (التحریر) الحال فی الفوریة التی فی (التذکرة و الدروس و التحریر) لمکان التصریح فی الأولین بامتداد الخیار هنا و ظهور الثلاث فی ذلک هذا غایة تحریر الفوریة فیما إذا ثبتت التصریة بالبینة أو الإقرار فی جمیع عبارات الأصحاب بحیث لم تبق عبارة تحتاج إلی تنقیح (و حاصل) الکلام فی الفوریة إن ثبتت التصریة بالاختبار أنه إن کان فی أثناء الثلاثة جاز له أن یفور و یرد و أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 654
..........
______________________________
لا یفور إلی انتهاء الثلاثة لکنه یترک التصرف فلو تصرف و لو بالحلب سقط خیاره و إن کان الثبوت به فی آخر الثلاثة فار کما هو مختار جماعة و عند آخرین أن لا خیار له إلا بعد الثلاثة لکنه علی الفور أیضا و قد عرفت ضعفه و قلة القائل به صریحا بل ندرته بل قد یکون منحصرا فی (التذکرة) فی موضع منها و إن وافقها الشهید الثانی و بعض من تأخر عنه کشیخنا صاحب الریاض (و مما حررناه) فی الفوریة فی المقامین یعرف الحال فیما قاله فی (جامع المقاصد) و الذی ینبغی علمه هنا أی فیما إذا ثبتت بغیر الاختبار هو امتداد الخیار بامتداد الثلاثة لأنه خیار الحیوان کما صرح به الشیخ و تصرف الاختبار مستثنی دون غیره فمتی علم بالتصریة فشرط بقاء الخیار عدم التصرف فإذا انقضت الثلاثة فالخیار علی الفور (انتهی) و هذا منه اعتراف بأن خیار التصریة خیار الحیوان إذا ثبتت بغیر الاختبار فحاله حاله فیثبت قبل انقضاء الثلاثة و هذا الذی أشرنا إلیه من أنه استقر رأیه علیه و لیعلم أنه قال فی (التذکرة) إنه لو أسقط خیار الحیوان فإن خیار التصریة لا یسقط و هل یمتد إلی الثلاثة أو یکون علی الفور إشکال و قرب الثانی المحقق الثانی و نسبه إلی شیخه فی الشرح و غیره و لم نقف علی ذلک فی الشرح و غیره مع وفور التتبع و هو أدری و قال و کذا لو کان قد تصرف تصرفا یسقط خیار الحیوان قلت لا بد من تخصیص هذا التصرف فی کلامه بالحلب لأن التصرف بغیر الحلب یسقطهما و استشکاله فی (التذکرة) فی الفوریة و تقریبها فی (تعلیق الإرشاد) و غیره قد ینافی حکمهم بأنهما غیران إذ صریح کلامهم فی هذا الفرع و غیره أن کلا من خیار الحیوان و خیار التصریة سبب مستقل فی إثبات الخیار و أن المسألة من باب تعدد الأسباب و به صرح الشهیدان فی (حواشی الکتاب) (و الروضة) و هو ظاهر (جامع المقاصد) حیث حکی کلام (التذکرة) ساکتا علیه و ظاهر (الدروس) أو صریحها خلاف ذلک کما هو صریح (غایة المرام) قال فی (الدروس) یتقید الخیار بالثلاثة لمکان خیار الحیوان صرح به الشیخ و روی العامة الثلاثة للتصریة و تظهر الفائدة لو أسقط خیار الحیوان (انتهی) (قلت) و إلی ذلک أشار فی (الخلاف) و قال فی (غایة المرام) مدة الخیار ثلاثة أیام و هل هی الثلاثة الثابتة للحیوان أو هی ثابتة للتصریة نص الشیخ علی الأول و هو ظاهر (التحریر) و روی العامة أنها ثابتة للتصریة و تظهر الفائدة لو أسقط خیار الحیوان فإن قلنا بالمغایرة فخیار التصریة باق و إن قلنا بالاتحاد سقط (انتهی) و لعل ما علیه الأکثر أظهر و عبارة (المبسوط) و ما وافقها لا تأبی التنزیل علی ذلک فینحصر الخلاف فی ظاهر عبارة (الخلاف) و یلزم علی القول بأنها ثلاثة خیار الحیوان أن لا یبقی خیار مع التصرف بالحلب إلا أن یقال باستثناء هذا التصرف (فلیتأمل) و القائل بأنهما من باب تعدد الأسباب یقول باتحاد الأحکام المترتبة علیهما إلا التصرف بالحلب فإن خیار التصریة إنما شرع علی هذا الوجه لیعلم التصریة أو زوالها أو عدمها فله أن یختار قبل انقضاء الثلاثة و أن یؤخر إلی انتهائها و لکنه لا یتصرف بشی‌ء بعد ثبوتها باختبار أو غیره و لا ینافی الاتحاد فی الأحکام زوال خیار التصریة إذا ثبت زوالها قبل الثلاثة لأن المدار علی ما إذا کان هناک خیار تصریة (فتدبر) و ابتداء ثلاثة التصریة من حین العقد لا من حین التفرق و علیک بإمعان النظر فی هذه المباحث فإنی لا أجد أحدا حام حولها و قد قال فی (المسالک) و فی کلام الأصحاب فی المقام اختلاف کثیر و المحصل ما ذکرناه و أنت إذا لحظت ما ذکره و ما ذکرناه عرفت الحال فیما حصله و ما حررناه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 655
فإن زالت التصریة قبل انقضائها فلا خیار و یثبت لو زالت بعدها و لو کان المشتری عالما بالتصریة فلا خیار له
______________________________
(قوله) (فإن زالت التصریة قبل انقضائها فلا خیار)
کما فی (الشرائع) و غیرها مما ذکرناه فیما سلف و هو معنی قوله فی (المبسوط) و إذا اشتری و هی مصراة فثبت لبنها و صار لبن عادة بتغیر المرعی زال الخیار لأن العیب قد زال و مراده أنه ثبت لبنها قبل انقضاء الثلاثة و صار یدر علی الحد الذی کان یدر مع التصریة و استمر کذلک إلی مجموع الثلاثة فکلامه لیس علی إطلاقه لأن ما یحدث بعدها من زوال التصریة بعد ثبوتها فیها أو نقصان اللبن بعد ثبوت زوال التصریة فیها لا عبرة به أما الأول فلسبق ثبوتها کما سیأتی و أما الثانی فلأن الخیار نهایة استمراره إذا ثبت إلی آخر الثلاثة و بعدها یکون علی الفور إذا حصل مقتضیه فلا بد أن یکون مقتضاه حاصلا فی الثلاثة فلو اعتبرنا فی الاستمرار الزیادة علی الثلاثة لوجب أن یثبت الخیار بعدها و هو باطل و قد سمعت ما فی (الخلاف و التنقیح) (و جامع المقاصد و المسالک) و قضیة إطلاقهم فی هذا المقام من دون تفصیل من أحد منهم أن التصریة و زوالها یثبتان قبل الثلاثة و تقیید هذا الإطلاق بما إذا کانت التصریة ثابتة بغیر الاختبار کأنه بعید (فلیتأمل) قال المحقق الثانی و فی استفادة ذلک أی التقیید المذکور من هذه العبارة خفاء قلت و أیضا قد عرفت أن البینة و الإقرار لا أثر لهما عند جماعة و عند آخرین لا بد معهما من اختبار و نقصان ما فکیف یصح حمل إطلاقهم فی المقام علی ما إذا کانت التصریة ثابتة بغیر اختبار من بینة أو إقرار (فلیتأمل) فی ذلک و قد تقدم الکلام فی المقام مستوفی
(قوله) (و یثبت لو زالت بعدها)
کما فی (الشرائع) و غیرها و هذا فرضه بغیر الاختبار ظاهر لکنه یرد علیه ما ذکرناه الآن و یمکن فرضه بالاختبار أیضا بأن ینقص اللبن فی الثلاثة ثم یزید بعدها علی الحد الذی کان أولا فإنه لا یسقط الخیار السابق لسبق استقراره و یجب أن یحمل بقاؤه فی هذه الصورة علی وجه لا ینافی الفوریة بأن یصح الفسخ الفوری بعدها و إن تحقق الزوال بعد ذلک بمعنی أن الزیادة المتجددة لا تکون کاشفة عن بطلان الاختبار و لا مبطلة له و یمکن مصاحبته لزمانها فی جاهل الفوریة و الخیار و فی (الحواشی) المنسوبة للشهید أن هذا یتصور فیما إذا کان الحالب البائع دون المشتری و لم یتصرف فیها بشی‌ء و هو کما تری کأنه لا یجدی وحده فی دفع الإشکال و هو أن الخیار إنما یکون بعد الثلاثة علی الفور أو فی أثنائها و بعدها کذلک علی اختلاف الرأیین فیما ثبتت تصریتها فی زمن الثلاثة فکیف یمتد إلی الوقت الذی بعد الثلاثة الذی زالت فیه تصریتها و صار اللبن فیه یدر علی الوجه الذی کان یدر زمان التصریة و یستمر بحیث یصیر لها عادة عرفا فیتحقق الزوال إذ لیس لتحقق زوال التصریة فی کلامهم مقدار معین فینبغی أن یکون ضابطه ما ذکرناه و کون الحالب هو البائع من دون تصرف من المشتری لعله لا یکون کافیا فی رفع ذلک إلا بفرض عدم علم المشتری بذلک کما إذا لم یعلم بالعیب القدیم حتی زال أو لم تعلم الأمة بالعتق حتی عتق الزوج فتدبر
(قوله) (و لو کان المشتری عالما بالتصریة فلا خیار له)
من جهة التصریة کما فی (المبسوط) (و التذکرة) لإقدامه علی ذلک و انتفاء التدلیس فی طرفه و للشافعیة قول بثبوت الخیار له لظاهر الخبر و لأنه لم یتحقق انقطاع اللبن فقد یبقی علی حاله و لم یجعل ذلک رضا به کما إذا تزوجت بعنین ثم طالبت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 656
و لو علم بالتصریة قبل الثلاثة تخیر علی الفور و لو رضی بالتصریة ثم ظهر علی آخر فإن کان حلبها فلا رد و إلا فله ذلک و لو شرط کثرة اللبن فی الأمة و الفرس و الأتان فظهر الخلاف فله الفسخ أما لو أشبع الشاة فامتلأت خواصرها فظنها المشتری حبلا أو سود أنامل العبد أو ثوبه فظنه کاتبا أو کانت الشاة عظیمة الضرع خلقة فظنها کثیرة اللبن فلا خیار لأنه لا یتعین فی الجهة التی یظنها و لو ماتت الشاة المصراة أو الأمة المدلسة فلا شی‌ء له
______________________________
بالفسخ فإنه یثبت لجواز أن لا یکون عنینا علیها و لیس بشی‌ء و الأصل ممنوع بل لو حدث العنن بعد العقد فلا فسخ
(قوله) (و لو علم بالتصریة «إلخ»)
قد تقدم الکلام فی ذلک
(قوله) (و لو رضی بالتصریة ثم ظهر علی آخر فإن کان قد حلبها فلا رد)
کما فی (التذکرة و التحریر) للتصرف و الحلب إنما یغتفر فی الرد بالتصریة بل قد یظهر من آخر کلامه فی (التذکرة) الإجماع علیه حیث قال و عندنا أن ذلک یمنع الرد بأن تکون الإشارة إلی جمیع ما سلف له و کأن الشهید فی (الدروس) استظهر من (المختلف) أنه لا یقول بالرد فی المقام موافقة للشیخ فی (المبسوط) لأنه فی المبسوط قال بأن له الرد و یرد صاعا من تمر أو بر بدل لبن التصریة و لا یرد اللبن الحادث لأن الخراج بالضمان و حکی فی (المختلف) عن القاضی متابعته علی الظاهر من عبارة (المختلف) فلم یقدم فی (الدروس) علی المخالفة فاحتمل المنع من الرد احتمالا و کأنه لم یلحظ (التذکرة و التحریر و الکتاب) و إنما لحظ (المختلف) فقط بل قد نقول إن قوله فی (المختلف) و هو المعتمد راجع إلی ما نحن فیه أیضا بقرینة احتجاجه بأنه قد تصرف بالحلب فلیلحظ عبارة (المختلف و الدروس) من أراد الوقوف علی حقیقة الحال و قال فی (المبسوط) أیضا ما حاصله من أنها لو لم تکن مصراة فظهر بها عیب بعد الحلب کان له الرد إن کان اللبن قائما لم یستهلک ثم قال و قیل لیس له ردها لأنه تصرف بالحلب و قال فی (المختلف) بعد أن نقل عبارته کلها علی طولها و حکی عن القاضی متابعته إن القول بأن لیس له الرد هو المعتمد و اختاره أیضا فی (التحریر) و اقتصر فی (الدروس) علی حکایة ذلک عن المصنف و الموافق لما حررناه فیما سلف خلاف ما فی (المبسوط)
(قوله) (و لو شرط کثرة اللبن فی الأمة و الفرس و الأتان فظهر الخلاف فله الفسخ)
کما بیناه فیما سلف کما بینا الحال فیما لو أشبع الشاة فامتلأت خواصرها أو سود أنامل العبد إلی آخر ما ذکره من أن التقصیر و الذنب للمشتری حیث اغتر بما لیس فیه کثیر تغریر لأن ذلک لا یتعین فی الجهة التی ظنها
(قوله) (و لو ماتت الشاة المصراة أو الأمة المدلسة فلا شی‌ء له)
کما فی (التذکرة و جامع المقاصد) لأنه قد امتنع الرد بموتها و الأرش یتبع العیب و لا عیب و زاد فی (جامع المقاصد) أنها من ضمانه و قد یکون بنی علی موتها بعد خیار الثلاثة و لم یعلم و الرد إنما هو بالتدلیس (فتأمل) و فی حواشی الشهید عن الفخر أنه فرض المسألة فی الخیار المضمون علی البائع (فلیتأمل) ثم إن المصنف تأمل فی سقوط الخیار بالتلف فی باب المرابحة فیما إذا تلف المبیع المکذوب فی الأخبار برأس ماله و المحقق الثانی و الشهید الثانی قالا بعدم السقوط هناک لأن التلف لا یصلح للمانعیة إذ مع الفسخ یثبت المثل أو القیمة و المغرور یرجع علی من غره و الفرق
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 657
و کذا لو تعیبت عنده قبل علمه بالتدلیس

[المطلب الرابع فی اللواحق]

(المطلب الرابع فی اللواحق) لو ادعی البائع التبری من العیوب قدم قول المشتری مع الیمین و عدم البینة
______________________________
بین ذلک و ما نحن فیه غیر واضح (فلیتأمل)
(قوله) (و کذا لو تعیبت عنده قبل علمه بالتدلیس)
قال فی (جامع المقاصد) للاقتصار علی موضع الوفاق و لأن هذا العیب من ضمان المشتری ثم تقییده بقبلیة علمه غیر ظاهر لأن العیب إذا تجدد بعد علمه یکون کذلک إلا أن یقال إنه غیر مضمون علیه لثبوت خیاره و لم أظفر فی کلام المصنف و غیره بشی‌ء من ذلک
المطلب الرابع فی اللواحق (قوله) (لو ادعی البائع التبری من العیوب قدم قول المشتری مع الیمین و عدم البنیة)
بلا خلاف یعرف کما فی (الریاض و الحدائق) و به صرح الشیخ فی (النهایة) و ابن إدریس فی (السرائر) و المحقق فی (الشرائع و النافع) و المصنف فی جملة من کتبه حتی (التبصرة) و الشهیدان فی (الدروس و الحواشی و المسالک) و الفاضل المقداد و المولی الأردبیلی و الخراسانی و غیرهم و لظهور هذا الفرع ترکه جماعة و الحجة علیه الأصل المجمع علیه روایة و فتوی البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر و خبر جعفر بن عیسی ضعیف بالکتابة غیر واضح الدلالة مع احتمال عدم مخالفته عند ملاحظة سیاقه شاذ لا یلتفت إلیه إن أبقی علی ما لعله یظهر منه (قال) کتبت إلی أبی الحسن علیه السلام جعلت فداک المتاع یباع فیمن یزید فینادی علیه المنادی فإذا نادی علیه تبرأ من کل عیب فیه فإذا اشتراه المشتری و رضیه و لم یبق إلا نقده الثمن فربما زهد فیه فادعی فیه عیوبا و أنه لا یعلم بها فیقول له المنادی قد تبرأت (برئت خ ل) منها فیقول المشتری لم أسمع البراءة منها أ یصدق فلا یجب علیه الثمن أم لا یصدق فیجب علیه الثمن فکتب علیه الثمن و المفهوم من سیاقه أن إنکار المشتری وقع مدالسة لعدم رغبته فیه و إلا فهو عالم بتبری البائع و لذلک ألزمه الإمام علیه السلام بالثمن و نحن قد قدمنا الخبر المذکور فی خیار العیب و المولی الأردبیلی و صاحب (الکفایة) جعلا الخبر مؤیدا لعموم قولهم علیهم السلام البینة علی المدعی و الیمین علی من أنکر و هو غریب و ستسمع تحقیق الحال و کأن عبارة (النافع) هنا غیر جیدة حیث قال لو تنازعا فی التبری فالقول قول منکره لأن ذلک لا یحسن إلا إذا أمکن أن یکون کل من المتنازعین منکرا و قد یمکن جعل البائع منکرا کما فرضه الشیخ فی (المبسوط) کأن یدعی المشتری ابتیاعه السلعة و به عیب فیقول البائع بعته بریئا من هذا العیب فله أن یحلفه و اللّٰه لا یستحق رده علی لأنه قد یبیعه و به العیب ثم یسقط الرد بالرضا بالعیب إلی آخر ما قال فی (المبسوط) إلا أنه قد لا یوافق عنوان (النافع) فتأمل جیدا فحینئذ یسترد المشتری الثمن و یرد المبیع إن لم یتصرف إن شاء و إن شاء أخذ الأرش و إن کان قد تصرف فله الأرش خاصة و یمین المشتری هنا علی نفی العلم کما صرح به الشهید فی حواشیه و لعله لکونها علی نفی فعل الغیر لأن الإیمان أربعة یمین علی إثبات فعل نفسه و یمین علی نفی فعل نفسه و یمین علی إثبات فعل غیره و یمین علی نفی فعل غیره و کلها علی القطع و البت إلا الأخیرة فإنها علی نفی العلم و ما نحن فیه من الأخیرة فلا معنی لما فی (مجمع البرهان و الکفایة) إن لحظا ذلک من قوله لم أسمع فتدبر لکن فی (النهایة و السرائر) أنه یحلف أنه لم یبرأ إلیه من العیوب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 658
و یقدم قول البائع مع الیمین و عدم البینة و شهادة الحال لو ادعی المشتری سبق العیب
______________________________
و باعه مطلقا أو علی الصحة (فلیتأمل) فیه
(قوله) (و یقدم قول البائع مع الیمین و عدم البینة و شهادة الحال لو ادعی المشتری سبق العیب)
إذا ادعی المشتری سبق العیب علی العقد أو القبض فأنکر البائع قدم قوله مع یمینه إذا لم یکن للمشتری بینة و لم تشهد الحال بصدق دعواه کأن تکون شهادة الحال مفیدة للقطع کما إذا کان العیب لا یجوز أن یکون حادثا فی ید المشتری مثل أن یکون إصبعا زائدة أو قطع إصبع قد اندمل موضعه و قد اشتراه من یومه أو أمسه فیکون حینئذ القول قول المشتری من غیر یمین و ذلک کله خیرة (المبسوط و التذکرة و الدروس و إیضاح النافع) (و المیسیة و المسالک و الریاض) و قالوا إن قرینة البائع کذلک و ذلک کله قضیة ما فی (مجمع البرهان) (و تعلیق النافع) حیث اشترطا قطعیة القرینة بل قد یکون قضیة عبارة (النافع) حیث قال ما لم یکن هناک قرینة تشهد لأحدهما إلا أنه لم یقید القرینة بکونها مفیدة للقطع و الظاهر أنه مراد له کما یعطیه المفهوم و هذا (المبسوط) لم یصرح بالقطع فی القرینة لکنه لما مثل بما یفیده و قبل قول من شهدت له من دون یمین علمنا أنه أراد بها المفیدة للقطع و کذلک (التذکرة) و أما (الدروس) و ما تأخر عنه فقد صرح فیها باعتبار إفادتها القطع و استحسنه «1» المحقق الثانی فی (جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) لأن القرائن المثمرة للظن الذی لم یثبت من قبل الشارع اعتباره یبعد المصیر إلیها قال فی (جامع المقاصد) و یستفاد من ذلک التعویل علی ما أثمر القطع و الیقین فی کل موضع کالشیاع إذا بلغ مرتبة التواتر فأثمر الیقین انتهی (و فیه) نظر کما بیناه فی کتاب القضاء و لم یقید فی (الشرائع و النافع و الإرشاد و الکفایة) کالکتاب شهادة الحال بإفادتها القطع و یلزم من ذلک أنه لا بد من یمین المشتری معها حیث لم تفد القطع إن اعتبرناها لأن أقصی ما یقتضیه حینئذ أن ینقلب البائع مدعیا للتأخر و المشتری ینکره (فتأمل) و قد یکونون أرادوا بها المفیدة للقطع کما هو الظاهر لمکان ما ذکرناه من العلة و کما أشرنا إلیه آنفا فی عبارة (النافع) حیث احتملنا أنها کعبارة (المبسوط) و ما ذکر معه لمکان التصریح فیها بأن القرینة معتبرة فی البائع و المشتری و لا کذلک عبارة (الشرائع) و ما ذکر معها کما ستعرف و قال الشهید فی (حواشیه) إن کان شاهد الحال للبائع لا بد من الیمین لأنه منکر و إن کان للمشتری فلا یحتاج إلی یمین لأن الحال تشهد له بسبق العیب علی العقد کالبینة التی تشهد له بسبق العیب انتهی (فلیتأمل) فیه لأنه أول کلامه قد یقضی بأن شاهد الحال ظنی و آخره بأنه قطعی فلیتدبر (و لیعلم) أنه قال فی (الشرائع) إذا لم یکن للمشتری بینة و لا شاهد حال فجعل شاهد الحال من ناحیة المشتری و نحوها عبارة (الإرشاد) مع احتمالها کعبارة الکتاب رجوع شاهد الحال إلی البائع و المشتری کما احتمله المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد) و قد سمعت عبارة (النافع) و لم یتعرض لشهادة الحال فی (النهایة و السرائر و التبصرة) و حیث یحلف البائع یحلف علی القطع بعدم العیب عنده لا علی عدم العلم مع ممارسته للمبیع قبل البیع و اختباره و اطلاعه علی خفایا أحواله قولا واحدا کما فی (الریاض) و بذلک کله ما عدا الإجماع صرح فی (التذکرة) (و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک) و أشار إلیه فی (المبسوط) و مرادهم أنه إذا ادعی المشتری أنه باعه و به هذا العیب و أجابه البائع بأنی بعته سلیما منه خالیا عنه حلفه الحاکم علی القطع فیحلف کذلک
______________________________
(1) أی اعتبار القطع فی القرینة (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 659
و الخیار لیس علی الفور فلا یسقط إلا بالإسقاط و لو علم العیب و تطاول زمان السکوت و لا یفتقر فی الفسخ إلی حضور الغریم و لا الحاکم و یتخیر المشتری بین الرد و الأرش لو تجدد العیب قبل القبض و بعد العقد علی رأی
______________________________
إذا کان قد اختبره و لا یکتفی منه بالحلف علی نفی العلم و فی (التذکرة و المیسیة و الریاض) أنه لو لم یکن قد اختبره اکتفی منه بالحلف علی نفی العلم و استحسنه فی (المسالک) و قال إن علی المشتری إثباته بالبینة و معناه أن هذا الحلف لا یسقط الدعوی بالکلیة بل لو ظفر بعد ذلک ببینة أقامها و سمعت و هذا أحد الاحتمالین أو القولین فی مثل المسألة و لعل الأقرب أن لا یکتفی بذلک منه فیرد الحاکم الیمین علی المشتری فیحلف فیرد أو یأخذ الأرش و احتمل جماعة فیما نحن فیه أی ما إذا لم یختبره أنه یحلف علی القطع عملا بأصالة العدم و بناء علی ظاهر السلامة کما یحلف علی عدم النجاسة فی الماء استنادا إلی أصالة عدمها هذا کله فیما إذا أجابه بنفی العیب و أما إذا أجابه بأنک لا تستحق الرد علی بهذا العیب فإنه جواب صحیح یجب علی الحاکم استماعه و إحلافه علی ذلک کما صرح به فی (المبسوط) و تمام الکلام فی کتاب القضاء و کلامهم فی المقام لا یخلوا عن إجمال و لیس فی (النهایة و السرائر) إلا قولهما کان علی البائع الیمین باللّٰه إن باعه صحیحا لا عیب فیه و عن أبی علی أنه إن ادعی البائع أنه حدث عند المشتری أحلف المشتری إن کان منکرا حکاه عنه فی (المختلف)
(قوله) (و الخیار لیس علی الفور)
أی خیار العیب و هذا هو المعروف فی المذهب لا نعلم فیه خلافا کما فی (المسالک و الحدائق) و المعروف بین الأصحاب کما فی (المفاتیح) و الظاهر أنه لا خلاف فیه کما فی (الکفایة) و کأنه لا خلاف فیه کما فی (مجمع البرهان) و فی (الریاض) أنه ظاهر أصحابنا المتأخرین کافة نفی الفوریة عن هذا الخیار و قال فی (المسالک) جعله فی (التذکرة) أقرب و هو یشعر بخلاف لکن لا نعلم قائله (قلت) قائله السید حمزة أبو المکارم فی (الغنیة) و أبو جعفر محمد الطوسی فی (الوسیلة) و قد تکرر من المصنف فی (التذکرة) ذکر أن الخیار لیس علی الفور فی عدة مواضع (أحدها) ما أشار إلیه فی (المسالک) و لم ینسب (الخلاف) فی بعضها إلا إلی الشافعی قال فی (الغنیة) (ثانیها) أی المسقطات تأخیر الرد مع العلم بالعیب لأنه علی الفور بلا خلاف انتهی (قلت) التراخی ظاهر (المقنعة و النهایة و المبسوط و السرائر) و غیرها و هو کثیر بل قد صرح فی الثلاثة الأول بأن له الرد مع التصرف فی مواضع قد بیناها فیما سلف و هو أی التراخی صریح (الشرائع و الإرشاد) و شرحه لفخر الإسلام (و التحریر و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد) و غیرها مما عرفته (کالمسالک) و إن احتمل الفوریة (و مجمع البرهان و الکفایة و المفاتیح و الریاض) و مستندهم عموم أدلة ثبوت الخیار من دون تقیید و الخبر الذی رواه الجمهور الوارد فی رجل اشتری غلاما فی زمن رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و کان عنده ما شاء اللّٰه ثم رده من عیب وجده به و قد ذکرناه فیما سلف حیث استدل به فی مقام آخر و یرید بقوله فلا یسقط إلا بالإسقاط أن ذلک عام ما لم یتصرف و حاول بلو الوصلیة الرد علی المخالف من العامة و أما عدم افتقار الفسخ إلی حضور الغریم أو الحاکم فلا خلاف فیه بین أصحابنا کما حکاه جماعة و إنما حکی الخلاف عن أبی حنیفة کما نبهنا علی ذلک فیما سلف
(قوله) (و یتخیر المشتری بین الرد و الأرش لو تجدد العیب قبل القبض بعد العقد علی رأی)
قد تقدم الکلام فی ذلک مسبغا بما لا مزید علیه فی المطلب الثانی فی أحکام
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 660
و لو قبض البعض و حدث فی الباقی عیب فله الأرش أو رد الجمیع دون المعیب علی إشکال و کل عیب یحدث فی الحیوان بعد القبض و قبل انقضاء الخیار فإنه لا یمنع الرد فی الثلاثة و ترد الجاریة و العبد من الجنون و الجذام و البرص و إن تجددت ما بین العقد و السنة و إن کان بعد القبض ما لم یتصرف المشتری فإن تصرف و تجدد أحد هذه علی رأس السنة فله الأرش
______________________________
بیع الحیوان فی أول الکتاب و تکلمنا فی ذلک أیضا عند شرح قوله و لو کان العیب الحادث قبل القبض لم یمنع الرد
(قوله) (لو قبض البعض و حدث فی الباقی عیب فله الأرش أو رد الجمیع دون المعیب علی إشکال)
أما تخییره بین الأرش بالنسبة إلی الجمیع و رد الجمیع فقد تقدم أنه یشمله إطلاق إجماع (الخلاف) و أخباره المرسلة فیه و نص الأصحاب عند شرح قوله و لو ابتاع شیئین صفقة فالإشکال إنما هو فی رد المعیب وحده و جعل منشأه فی (الإیضاح) من وجود العلة فیه و من التبعیض الذی هو عیب و لم یرجح و الأقوی أنه لیس له رده کما فی (حواشی) الشهید علی الکتاب و هو الأصح کما فی (جامع المقاصد) لأن المعیب له أن یرده بعیبه الحادث فی وقت کونه مضمونا فإذا اختار رده وجب رد الباقی حذرا من تبعض الصفقة علی البائع (قولکم) إن سبب الرد هو العیب الحادث فی البعض و قد حدث حین کان ذلک البعض مضمونا وحده فیتعلق به جواز الرد دون المقبوض (قلنا) فیه إن حدوث العیب فی غیر المقبوض إنما اقتضی جواز رده لا بشرط کونه وحده فلم یؤثر فی غیر المقبوض حکما من رد و عدمه فکان مقتضی وحدة الصفقة بحاله فلا یجوز تبعیضها إلا بالتراضی (فإن قلت) إنه هو قد أدخل الضرر علی نفسه بتسلیم البعض المستلزم للتفریق (قلنا) إن الملازمة ممنوعة و مثله ما لو أراد المشتری رد الجمیع و لم یرض البائع إلا برد المعیب وحده فإنا نحکم برد الجمیع لما عرفت
(قوله) (و کل عیب یحدث فی الحیوان بعد القبض و قبل انقضاء الخیار فإنه لا یمنع الرد فی الثلاثة)
قد تقدم الکلام فی المسألة فی المطلب الثانی فی الأحکام من الفصل الأول فی الحیوان من الفصل الثالث فی أنواع المبیع عند شرح قوله و لو تجدد فیه عیب من غیر جهة المشتری فإن کان فی الثلاثة تخیر و قد استوفینا الکلام فیها أکمل استیفاء
(قوله) (و ترد الجاریة و العبد من الجنون و الجذام و البرص و إن تجدد ما بین العقد و السنة و إن کان بعد القبض ما لم یتصرف المشتری فإن تصرف و تجدد أحد هذه علی رأس السنة فله الأرش)
حکی فی (الغنیة) الإجماع علی أن الرقیق عبدا کان أو أمة یرد من الجنون و الجذام و البرص إلی مدة سنة إذا لم یمنع من الرد مانع و نسب تارة فی (السرائر) إلی أصحابنا أن الرقیق یرد من هذه الثلاثة عیوب إذا وجدت فیه ما لم تمض سنة من وقت الشراء و تارة حکی علیه الإجماع و تارة نسبه إلی حکم الشارع و نفی الخلاف عندنا فی (التذکرة) عن أن الجنون عیب یوجب الرد إلی سنة و ظاهرها الإجماع أیضا فی البرص و الجذام و قال فی (المبسوط) روی أصحابنا أن هذه الأحداث أی الثلاثة المذکورة یرد منها إذا ظهرت بعد البیع و لو کان إلی سنة انتهی و بالحکم المذکور فی الثلاثة المذکورة صرح فی (المقنعة و النهایة و الوسیلة و التحریر) (و الإرشاد و المفاتیح و جامع الشرائع و الدروس) مع زیادة القرن فی الأخیرین کما حکاه فی (التحریر)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 661
..........
______________________________
عن أبی علی و فی (المسالک) أنه المشهور و هو غریب إذ لا رابع لهم فیما أجد و لم یزد فی (الشرائع) علی أن نسب زیادة القرن إلی روایة علی ابن أسباط و محمد بن علی و الثلاثة الأول إلی روایة أبی همام و مثله صنع صاحب (الکفایة) و فی (المقنعة و النهایة و الإرشاد و التحریر) إلی سنة لا أزید و فی (الوسیلة) و لو یوما قلت فلو ظهرت بعد السنة فلا رد إلا أن یظهر قبل القبض و مرادهم أن هذه الأمراض إذا حدثت ما بین البیع و تمام السنة یرد بها المملوک و إن لم یکن الرد فی السنة لأن خیار العیب لیس علی الفور و بعض الأخبار و العبارات قد تدل علی خلاف ذلک کما نبه علی ذلک فی (المسالک) و أما أخبار الباب فهی صحیحة إسماعیل أبی همام ابن همام قال سمعت الرضا علیه السلام یقول یرد المملوک من أحداث السنة من الجنون و الجذام و البرص فقلت کیف یرد من أحداث السنة قال هذا أول السنة فإذا اشتریت مملوکا به شی‌ء من هذه الخصال ما بینک و بین ذی الحجة فرده علی صاحبه و لعل المراد بأول السنة المحرم کما یدل علیه ما یأتی و مثله روایة یونس حیث اقتصر فیها علی الثلاثة و ما رواه الشیخ عن محمد بن علی و هو مجهول و احتمل المولی الأردبیلی أنه الحلبی قال سمعت الرضا علیه السلام یقول یرد المملوک من أحداث السنة من الجنون و البرص و القرن قال قلت و کیف یرد من أحداث السنة فقال هذا أول السنة یعنی المحرم فإذا اشتریت مملوکا فحدث فیه من هذه الخصال ما بینک و بین ذی الحجة رددت علی صاحبه و لعل المراد بقوله علیه السلام هذا أول السنة کون العقد فی ذی الحجة فیتم السنة إلی ذی الحجة الآتیة و قد یکون المراد أن العقد فی المحرم فیکون المراد بذی الحجة آخره و قد ترک فیه الجذام و ما رواه فی الکافی عن علی بن أسباط قال الرضا علیه السلام و أحداث السنة ترد بعد السنة قلت ما أحداث السنة قال الجنون و الجذام و البرص و القرن فمن اشتری فحدث فیه هذه الأحداث فالحکم أن یرد علی صاحبه إلی تمام السنة من یوم اشتراه فلیلحظ التوفیق بین صدره و عجزه و قد زید فیه القرن علی الثلاثة الأخر کخبر ابن فضال ترد الجاریة من أربع خصال من الجنون و الجذام و البرص و القرن و الحدبة إلا أنها تکون فی الصدر یدخل الظهر و یخرج الصدر (فلیتأمل) فی الخبر و لما کان المعروف من الحدبة أن تکون فی الظهر قال إلا أنها تکون فی الصدر یعنی التی ترد منها ما تکون فی الصدر و فی بعض النسخ لأنها فیکون تعلیلا للرد و ما رواه فی الخصال فی الموثق عن ابن فضال عن أبی الحسن علیه السلام أنه قال فی أربعة أشیاء خیار سنة الجنون و الجذام و البرص و القرن فقد ذکر القرن فی أربعة أخبار أعرض عنها المعظم و فی حسنة عبد اللّٰه بن سنان و عهدته السنة من الجنون فما کان بعد السنة فلیس بشی‌ء و روی الوشاء أن العهدة فی الجنون وحده إلی سنة و المقدس الأردبیلی استشکل فی عد البرص لورود أن العهدة فیه ثلاثة أیام فی حسنة عبد اللّٰه بن سنان المتقدم ذکرها و لیس بشی‌ء لوروده فی هذه الأخبار مع العمل بها و الإجماع علیه و یشبه أن یکون البرص فی الروایة المذکورة تحریف مرض لکنه بعید جدا و استشکل فی (المسالک) فی الجذام قال لأنه یوجب العتق علی المالک قهرا و حینئذ فإن کان حدوثه فی السنة دلیلا علی تقدمه علی البیع لما قیل فی تعلیل الرد بهذه الأحداث من أن وجودها فی السنة دلیل علی حدوثها قبل البیع لأنها تکمن فی البدن سنة ثم تخرج فیکون عتقه علی البائع فیکشف ظهوره عن بطلان البیع فلا یتجه الخیار و إن عمل علی الظاهر کان حدوثه فی ملک المشتری موجبا لعتقه قبل أن یختار الفسخ إذ لیس له اختیاره حتی یتحققه و متی تحققه حکم بعتقه شرعا قبل الفسخ فیشکل جوازه بعد العتق (ثم) قال و یمکن حله بأن الحکم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 662
..........
______________________________
بعتقه بالجذام مشروط بظهوره بالفعل کما هو ظاهر النص و لا یکتفی بوجوده فی نفس الأمر فلا یعتق علی البائع قبل بیعه لعدم ظهوره و لا بعده قبل الفسخ لعدم ملکه و عتقه علی المشتری موقوف أیضا علی ظهوره و هو متأخر عن سبب الخیار فیکون السابق مقدما فیتخیر فإن فسخ عتق علی البائع بعده و إن اختار الإمضاء عتق علی المشتری بعده فینبغی تأمل ذلک (قلت) قد تأملنا ذلک فلم نعرف الوجه الوجیه فی تأخر ظهوره عن سبب الخیار إذ الظاهر أن سبب الخیار ظهور أحد هذه الخصال کما یظهر من الأخبار و لعله فی (المسالک) لحظ العلة و جعل السبب وجوده فی نفس الأمر و علی کل حال فذلک منه ترجیح لجانب هذه الأخبار (فلیتأمل جیدا) و هذا شی‌ء نبه علیه فی (السرائر) قال إن الدلیل علی ذلک الإجماع و قد دل علی ذلک فقلنا به و ما بنا حاجة إلی ما قاله شیخنا فی (مقنعته) من أن حصول هذه الأمراض یتقدم ظهورها سنة و لا یتقدمها بأکثر من ذلک لأن هذا یؤدی إلی بطلان البیع لأن البائع باع ما لا یملک لأن الرقیق ینعتق بالجذام من غیر اختیار مالکه و إنما الشارع حکم بأن الرقیق یرد من هذه الثلاثة العیوب ما لم یتصرف فیه ما بین شرائه من سنة (انتهی) لکنا لم نجد فی (المقنعة) ما حکاه عنها و قد عرفت أن الاعتبار إنما هو بالظهور فلیلحظ کلامه و لم یذکر فی (المقنعة) (و النهایة و الوسیلة و الغنیة) أن التصرف مسقط للرد غیر أن فی (الوسیلة) ما لم یحدث عنده عیب آخر و فی (الغنیة) ما لم یمنع منه مانع و قد یرید به العیب و لعله أنسب بالاعتبار و إطلاق الأخبار لبعد عدم التصرف فی مملوک یشتری للخدمة بشی‌ء أصلا و عدم التفصیل فی مثله یفید العموم فلا یکون التصرف هنا مانعا من الرد کالمصراة و الجاریة الحامل لکنه قال فی (السرائر) و إن خطر بالبال و قیل الفرق بینها یعنی هذه الثلاثة و بین غیرها من العیوب هو أن غیرها بعد التصرف لیس للمشتری فیها الرد و هذه العیوب الثلاثة له الرد بعد التصرف قلنا له هذا خلاف إجماع أصحابنا و مناف لأصول المذهب لأن الإجماع حاصل علی أن بعد التصرف فی المبیع یسقط الرد بغیر خلاف بینهم و الأصول مثبتة مستقرة علی هذا الحکم ثم أخذ فی بیان المسألة الأصولیة و هی أن المطلق یقید بالعرف و الشرع و أطال فی بیان ذلک قال لیسلم هذا الإجماع و الأصول الممهدة المقررة و قضیة کلامه أنه إجماع استنباطی و قد وافقه علی ذلک یحیی بن سعید و المصنف هنا و فی (التحریر و الإرشاد) و الشهیدان فی (الدروس و المسالک) و هو ظاهر (جامع المقاصد) و تأمل فی ذلک المقدس الأردبیلی و فی (الکفایة) أن المسألة مشکلة و فی (الشرائع) هذا الحکم یثبت مع عدم الإحداث فلو أحدث ما یغیر عینه أو صفته ثبت الأرش و سقط الرد و اعترضه فی (المسالک) بأن مطلق التصرف مانع من الرد کغیرها من العیوب و إن لم توجب تغییرا و قد حکم المصنف أیضا هنا بأن له مع التصرف الأرش کما فی (السرائر و الإرشاد و الدروس) و ظاهر (جامع المقاصد) و استشکل فیه فی (التحریر) و حکم به فی (الوسیلة) مع حدوث عیب آخر و قد تقدم الکلام فی التصرف المسقط و غیره و الاحتجاج علی أن الأرش یثبت معه بما لا مزید علیه و حیث انتهی الکلام فی المسألة و أطرافها فعد إلی عبارة الکتاب فقوله و تجدد أحد هذه علی رأس السنة لعل المراد به ما حدث فی الجزء الأخیر منها و علی ذلک ینزل قوله علیه السلام و أحداث السنة ترد بعد السنة لیوافق عجزه و یصدق الرد بعد السنة و أنه علی رأسها و صاحب (الوافی) قال بعد السنة أی بعد أیامها و شهورها و البعد الذی بإزاء قبل لا یلائم آخر الحدیث و الأخبار الأخر و لو قال المصنف إلی بدل علی لکان أولی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 663
و لو زاد البیع ثم علم بالعیب السابق فله الرد و الزیادة المنفصلة له و المتصلة للبائع (1) و لو باع الوکیل فالمشتری یرد بالعیب علی الموکل (2) و لا یقبل إقراره علی موکله فی تصدیق المشتری علی تقدم العیب مع إمکان حدوثه (3) فإن رده المشتری
______________________________
(قوله) (و لو زاد المبیع ثم علم بالعیب السابق فله الرد و الزیادة المنفصلة له و المتصلة للبائع)
قد تقدم الکلام فی ذلک کله و مثله کما فی الشاة المصراة و قد جزم هنا بأن الزوائد المنفصلة للمشتری و استشکل فی زوائد المصراة و قد بینا الحال فی زوائد المصراة و الشهید فی حواشیه احتمل الفرق بأن الفسخ فی التصریة یجعله من أصله و لا کذلک هنا و بأن ذلک علی الفور و هنا علی التراخی و هما لیسا بشی‌ء و الفرق ما أشرنا إلیه فی التصریة من أن الأصل عدم وجود لبن آخر فلیرجع إلی ما ذکرناه هناک من وجهی الإشکال و غیرهما و لا فرق بین الزوائد الحادثة قبل القبض و الحادثة بعده إذا کان الرد بعد القبض و إن کان قبله فکذلک عندنا کما فی (التذکرة) و فی (التحریر) لو حصل النماء قبل القبض قال الشیخ یکون النماء للبائع و عندی فیه نظر قلت هذا قاله فی (المبسوط) قال و إن حصل من المبیع نماء قبل القبض کان ذلک للبائع إذا أراد الرد بالعیب لأن ضمانه علی البائع لظاهر الخبر یعنی قوله علیه السلام الخراج بالضمان لکنه فی مقام آخر جعل النماء تابعا للملک قال کل هذا له لأنه ملکه فله فائدته و علیه مئونته و فی (الدروس) أن الفسخ یقتضی رفع العقد من حینه فالنماء المتجدد بین العقد و الفسخ للمشتری لأن الخراج بالضمان (و یشکل) إذا کان المبیع مضمونا علی البائع کما لو کان فی یده أو فی مدة خیار المشتری بسبب الشرط أو بالأصل کخیار الحیوان و لو جعلنا النماء تابعا للملک لا للضمان فلا إشکال أنه للمشتری علی کل حال (قلت) و أنت قد عرفت الحال فی ذلک و أن الشیخ تارة جعله تابعا للضمان و تارة للملک و یظهر منهم فی باب أحکام التسلیم إطباقهم علی تبعیته للملک کما ستسمعه و قد عرفت أیضا أن من الزوائد المنفصلة کسب العبد و قد نفی الخلاف فی (المبسوط) عن کونه للمشتری إذا حصل بعد القبض ثم قال إن النتاج و الثمرة للمشتری أیضا (قلت) و من الزوائد المنفصلة مهر الجاریة الموطوءة بالشبهة و أجرة الدابة من غیر إذن المالک و حمل الدابة إلی غیر ذلک و علی رأی الشیخ ینبغی أن یکون الحمل کالمتصلة و إن تجدد فی ملک المشتری لأنه عنده کالجزء کسمن الرقیق و کبر الشجرة و تعلم الصنعة و نحو ذلک
(قوله) (و لو باع الوکیل فالمشتری یرد بالعیب علی الموکل)
لأن المعیب ملک للموکل و الوکیل نائب عنه و قد بطلت وکالته بفعل ما أمر به فلا عهدة علیه و الوکالة عقد جائز فله عزل نفسه فی کل وقت فلا یثبت وجوب الرد علیه کما هو ظاهر
(قوله) (و لا یقبل إقراره علی موکله فی تصدیق المشتری علی تقدم العیب مع إمکان حدوثه)
لا یقبل إقراره علی موکله مطلقا فإذا امتنع حدوث العیب فثبوته لیس من جهة قبول إقرار الوکیل بل للقطع بالتقدم قال فی (المبسوط) إذا وکل وکیلا فی بیع عبده فباعه فأصاب المشتری به عیبا فرده علی الوکیل فهل للوکیل رده علی موکله فیه أربع مسائل (أحدها) رده بعیب لا یحدث مثله عند المشتری کالإصبع الزائدة فله رده علی الموکل لأنه رده علی الوکیل بغیر اختیاره (الثانیة) ما إذا أقام المشتری البینة أنه کان به قبل القبض فله رده أیضا إن کان العیب مما یحدث مثله لأنه عاد إلیه أیضا بغیر اختیاره
(قوله) (فإن رده المشتری (4)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 664
علی الوکیل لجهله بالوکالة لم یملک الوکیل رده علی الموکل لبراءته بالیمین (1) و لو أنکر الوکیل حلف (2) فإن نکل فرد علیه احتمل عدم رده علی الموکل لإجرائه مجری الإقرار (3) و ثبوته لرجوعه قهرا کالبینة (4)
______________________________
علی الوکیل لجهله بالوکالة لم یملک الوکیل رده علی الموکل لبراءته بالیمین)
قال فی (المبسوط) إذا لم یکن للمشتری بینة و العیب مما یمکن حدوثه فادعی علی الوکیل أنه کان به قبل القبض فصدقه الوکیل فیه فرده علیه لم یکن للوکیل رده علی الموکل لأنه عاد إلیه باختیاره قلت لأن إقراره لا ینفذ علیه إن أنکر أی الموکل و یبرأ بالیمین علی نفی سبق العیب علی البت لأن للوکیل تحلیفه أی الموکل علی ذلک لأنه یدعی أنه مظلوم بإنکار البائع سبق العیب مع جهل المشتری الوکالة فله أن یدفع الظلامة عن نفسه بطلب الیمین لأنه ربما أقر بالسبق عند عرضه علیه فلندفع الظلامة فلو رد الیمین حینئذ علی الوکیل فحلف علی السبق ألزم الموکل به و هذا کله إذا لم یمکن الوکیل إقامة البینة علی کونه وکیلا و لم یدع علیه العلم بالوکالة أو ادعی و حلف المشتری علی نفی العلم بها
(قوله) (و لو أنکر الوکیل حلف)
أی لو أنکر الوکیل سبق العیب و لم یصدق المشتری و الحال أن المشتری جاهل بکونه وکیلا و لم یمکنه إثبات ذلک حلف الوکیل علی عدم تقدم العیب لیسلم من الظلم برد المعیب علیه فحلفه للدفع عن نفسه لا لنفی ذلک عن الموکل کما أشار إلی ذلک فی (المبسوط و الخلاف) و هل یملک المشتری حینئذ تحلیف الموکل لکونه مقرا بالتوکیل لإمکان أن یقر عند عرض الیمین علیه فیستحق الرد علیه الظاهر العدم لأن دعواه علی أحدهما تنافی دعواه علی الآخر مع احتماله مؤاخذة له بإقراره
(قوله) (فإن نکل فرد علیه احتمل عدم رده علی الموکل لإجرائه مجری الإقرار)
قال فی (المبسوط) فإن نکل الوکیل رددنا الیمین علی المشتری فإن حلف رده أی المبیع علی الوکیل فإذا رد علیه لم یکن له رده علی الموکل لأنه عاد إلیه باختیاره و لعله معنی ما علله به المصنف من أن الیمین المردودة تجری مجری الإقرار و إقرار الوکیل بسبق العیب لا یمضی علی الموکل فالیمین الجاریة مجراه کذلک
(قوله) (و ثبوته لرجوعه قهرا کالبینة)
أی و یحتمل أنه یثبت للوکیل حینئذ رده علی الموکل لرجوع الحلف بالرد علی المدعی قهرا بالنسبة إلی المنکر فأشبه البینة و هذا بناء علی أن الیمین المردودة کالبینة و ما قامت به البینة محکوم به لا محالة و الذی یدل علی أن الیمین المردودة کالبینة أنها ترد علی المدعی و لو قهرا بالنسبة إلی المنکر فأشبهت البینة من هذه الجهة و لو لا أن الیمین المردودة کالبینة ما ثبت بها دعوی المدعی لأن المدعی إنما یطلب منه البینة و قال فی (الإیضاح) فی باب القضاء إن هذا القول قواه الأکثر و قد فرعوا علی القولین فی باب القضاء فروعا کثیرة منها هذا الفرع الذی نحن فیه و قد یقال إن الیمین المردودة قسم برأسه کما رجحناه فی باب القضاء إن لم یکن خرقا للإجماع و الشیخ فی (المبسوط) أهمل هنا الاحتمال الثانی الذی ذکره المصنف و قد أورد فی (جامع المقاصد) هنا (إشکالا) قال و فی بناء رد المعیب علی الموکل فی هذا الحال علی کون الیمین المردودة کالإقرار أو کالبینة نظر لأن البینة فی هذه الحالة علی سبق العیب غیر مسموعة من الوکیل و لا موجبة للرد علی الموکل لأن الوکیل ینکر سبق العیب فهو معترف بأن المشتری ظالم و قال علیه السلام من ظلم لا یظلم (و فیه) أن ذلک مبنی علی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 665
و لو اشتری بشرط البکارة فادعی الثیوبة حکم بشهادة أربع من النساء الثقات (1) و لو رد المشتری السلعة لعیب فأنکر البائع أنها سلعته قدم قوله مع الیمین (2) و لو ردها بخیار فأنکر البائع أنها سلعته احتمل المساواة و تقدیم قول المشتری مع الیمین لاتفاقهما علی استحقاق الفسخ بخلاف العیب (3)
______________________________
أن الیمین المردودة تکون بمنزلة بینة المنکر الراد لها و المعروف بینهم أن یمین المدعی حیث ترد علیه هل هی بمنزلة بینة أو بمنزلة إقرار المنکر فلیلحظ کلامه فی (جامع المقاصد) فی المقام و قد حکیناه برمته (و قد أجاب) عن ذلک بأنه یمکن أن یکون إنکاره لسبق العیب علی وجه الاستناد إلی الأصل بحیث لا ینافی ثبوته و لا دعوی ثبوته کأن یقول فی الجواب لا حق لک علی من جهة هذه الدعوی إذ لیس فی المبیع عیب لک علی الرد به فإنه حینئذ لا یمتنع تخریج المسألة علی القولین المذکورین انتهی (فلیتأمل)
(قوله) (و لو اشتری بشرط البکارة فادعی الثیوبة حکم بشهادة أربع من النساء الثقات)
کما ذکر ذلک فی (التذکرة) و فی (التحریر) اکتفی بواحدة ثقة و قال فلو وطئها و قال لم أجدها بکرا کان القول قول البائع مع الیمین (انتهی) و هو موافق للاعتبار و شهادتهن بالثیوبة إنما تفید إذا شهدن بها قبل البیع أما لو شهدن بالبکارة فی الحال اندفعت دعوی المشتری و المراد بالنساء الثقات المتصفات بالعدالة و قد عرفت حکم المسألة فیما سلف أعنی ما إذا شرط البکارة فثبت سبق الثیوبة و قد استوفینا فیها الکلام فی نقل الأدلة و الأقوال عند شرح قوله و الثیوبة لیست عیبا
(قوله) (و لو رد المشتری السلعة بعیب فأنکر البائع أنها سلعته قدم قوله مع الیمین)
کما فی (التذکرة و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد) فی أثناء کلام له لأن المشتری یدعی ثبوت الموجب للفسخ و هو العیب و الأصل عدمه کما أن الأصل عدم کونها سلعة البائع فقد اجتمع أصلان و لم یتفقا علی ثبوت مقتضی الفسخ کما فی المسألة الآتیة
(قوله) (و لو ردها بخیار فأنکر البائع أنها سلعته احتمل المساواة و تقدیم قول المشتری مع الیمین لاتفاقهما علی استحقاق الفسخ بخلاف العیب)
کما صرح بذلک کله فی (التذکرة) و وجه مساواة هذه المسألة للسابقة فی تقدیم قول البائع أصالة براءة الذمة من حق المطالبة قاله الشهید و اشتراکهما فی کون البائع منکرا کونها سلعته و الأصل عدم کون المأتی به عین ماله فالحکم فی المسألتین مستند إلی أصالة عدم کونها سلعته و إن تأید الحکم فی الأولی بالأصل الآخر إذ النزاع إنما وقع فی أن السلعة هی هذه أم لا و لا دخل لذلک فی بقاء الخیار و لا عدمه حتی لو فسخ فی هذه الحالة لحکمنا بصحة الفسخ و کان قاضیا علیه ببقاء السلعة فإذا حلف البائع علی نفی کونها سلعته طولب بإحضارها فالأظهر ترجیح المساواة کما فی (جامع المقاصد) و تقدیم قول المشتری مع الیمین خیرة (الإیضاح و الدروس) و حکاه فی حواشی الکتاب عن ابن المتوج ساکتا علیه (و وجهه) ما ذکره المصنف من اتفاقهما علی استحقاق الفسخ و لا یلتفت إلی إنکار البائع لأنه یقتضی عدم الفسخ بخلاف مسألة العیب لعدم اتفاقهما علی مقتضی الفسخ و قد عرفت أن فرض المسألة لا یقتضی تنازعهما فی ثبوت أصل الخیار و إنما النزاع فی أن السلعة هذه أم لا و إنکار کون هذه هی السلعة لا یفضی إلی سقوط الخیار لإمکان فسخ المشتری و الحال هذه إذ کون السلعة غیر هذه لا یمنع من الخیار نعم بعد الفسخ یصیر النزاع فی أن هذه عین مال البائع أم لا و ترجیح جانب المشتری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 666
و لو کان المبیع حلیا من أحد النقدین بمساویه جنسا و قدرا فوجد المشتری به عیبا قدیما (1) و تجدد عنده آخر لم یکن له الأرش و لا الرد مجانا و لا مع الأرش و لا یجب الصبر علی المعیب مجانا (2)
______________________________
فیه مشکل لأن البائع منکر و الأصل عدم کونها سلعته کما عرفت و قد أوضح ذلک فی (جامع المقاصد) و قال فی (الإیضاح) الاختلاف فی موضعین أحدهما خیانة المشتری بتغییر السلعة فالبائع یدعیها و الأصل عدمها و مثل ذلک قال الشهید فی حواشی الکتاب و قال فی (جامع المقاصد) إنه لیس بشی‌ء لأن کل مدعیین یدعی أحدهما خیانة الآخر فلو أثر ذلک لأثر فیما إذا ادعی علیه مالا فأنکره فإنه یدعی خیانته بإنکاره و هذا ساقط و الاعتبار بقوله علیه السلام الیمین علی من أنکر انتهی فلیتأمل (الثانی) سقوط الخیار الثابت للمشتری فالبائع یدعیه و الأصل عدمه (و قد عرفت) مما تقدم أن النزاع لیس فیه کما نبه علی ذلک کله فی (جامع المقاصد)
(قوله) (و لو کان المبیع حلیا من أحد النقدین بمساویه جنسا و قدرا فوجد المشتری به عیبا قدیما)
إذا اشتری حلیا من فضة أو ذهب کما إذا اشتری سوارا من فضة مثلا وزنه مائة درهم بمائة درهم ثم اطلع علی عیب قدیم فیه من جنسه کخشونة الجواهر و سواد الفضة تخیر بین الرد و الإمساک من دون أرش لأنه لو أخذ الأرش لنقص الثمن عن وزن السوار فیصیر الثمن المساوی لوزنه یقابله ما دون السوار و ذلک عین الربا کما نص علیه فی (المبسوط) (و جامع الشرائع و التذکرة و التحریر و الإیضاح و الدروس) و غیرها فی المقام و قد تقدم فی باب الصرف تمام الکلام فی ذلک و أما إذا تصرف فیه ففیه الإشکال الآتی (و الحلی) بالضم و التشدید أو بالفتح و التخفیف و فی (الإیضاح) و إنما فرض المصنف المسألة فی الحلی لأنه لو لم یکن حلیا ضمنه بالمثل معیبا بالقدیم سلیما عن الجدید لکن الحلی من ذوات القیم و مثله قال الشهید فی حواشیه و لعلهما أرادا أن الصنعة مما تضمن کما بینوه فی باب الغصب لکنه قال فی (التذکرة) و هذه المسألة لا تختص بالحلی و النقدین بل تجری فی کل ربوی بیع بجنسه و قال فی (التحریر) و کذا لو باع قفیزا مما فیه الربا بمثله فوجد أحدهما فیما أخذه عیبا ینقص القیمة دون الکیل و عنون المسألة فی (الدروس) بما لو اشتری ربویا بجنسه و ظهر عیب من الجنس فلعل فرضها فی (المبسوط) فی الإبریق من الفضة و فی (جامع الشرائع) بالآنیة و فی غیرهما فی الحلی مبنی علی الغلبة أو الإبراز فی عنوان المثال و الحاصل أن ما قاله الفخر و الشهید صحیح لکن لو فرض کونه غیر حلی و ذکر حکمه کان صحیحا نعم اعتبار القیمة إنما یصح فی الحلی و لا یکون ذلک وجها لفرض المسألة فی الحلی فتأمل
(قوله) (و تجدد عنده عیب آخر لم یکن له الأرش و لا الرد مجانا و لا مع الأرش و لا یجب الصبر علی المعیب مجانا)
کما فی (المبسوط و جامع الشرائع و التذکرة) و غیرها و هو ظاهر لأن أخذ الأرش یستلزم زیادة المبیع علی الثمن کما عرفت و الرد مجانا فیه إضرار بالبائع لأن نقصان المالیة بالعیب فی ید المشتری مضمون علیه بل العیب المتجدد عند المشتری مسقط للرد علی کل حال فکیف یثبت هنا علی وجه النقصان (و مما) ذکر یعلم وجه عدم استحقاقه الرد مع الأرش و لهذا لم یصرح به فی (المبسوط و جامع الشرائع) لأنه لما کان معلوما من کلامهما نسبنا الجمیع إلیهما و قد وجهه فی (التذکرة) بلزوم الربا و نسب ذلک فی (الإیضاح) إلی القیل و لیس بجید لأن ذلک ممنوع منه من جهة أخری و هو لزوم الضرر علی البائع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 667
فالطریق الفسخ و إلزام المشتری بقیمته من غیر الجنس معیبا بالقدیم سلیما عن الجدید (1) و یحتمل الفسخ مع رضا البائع و یرد المشتری العین و أرشها و لا ربا فإن الحلی فی مقابلة الثمن و الأرش للعیب المضمون کالمأخوذ للسوم (2)
______________________________
فلا یکون حقا للمشتری کما أشرنا إلیه نعم إذا رضی احتمل الجواز و المنع لتخیل حصول الربا و عدمه و أما عدم وجوب الصبر علی المعیب فللنص و الإجماع علی أن العیب القدیم فی المبیع مضمون للمشتری علی البائع فکیف یسقط هنا
(قوله) (فالطریق الفسخ و إلزام المشتری بقیمته من غیر الجنس معیبا بالقدیم سلیما عن الجدید)
هذا الطریق حکاه الشیخ فی (المبسوط) قولا و ترکه فی (جامع الشرائع) و احتمله المصنف فی (التحریر و التذکرة) و ولده فی (الإیضاح) و الشهید فی (الدروس و حواشیه) علی الکتاب لکن قال فی (الدروس) إن فیه تقدیر الموجود معدوما و هو خلاف الأصل و قال فی (الحواشی) هذا هو الأقوی المعمول علیه و قواه فی (جامع المقاصد) کما قوی غیره و قال هذا هو الطریق لأنه لم یبق من الأمور الممکنة غیره فالحال فی الجمع بین حق کل من البائع و المشتری هو هذا ثم قال فإن قیل ما ذکره المصنف فی قوله و یحتمل «إلخ» ینافی الانحصار فی هذا فلا یکون هو الطریق قلنا لا منافاة لأن مراده الطریق فی إعطاء کل ذی حق حقه علی وجه الاستحقاق لا علی وجه یعم التراضی و لا طریق علی هذا الوجه إلا هذا و نحوه ما فی (الإیضاح) و بیانه أن المشتری یفسخ العقد لیدفع الضرر عن نفسه و ینزل المبیع منزلة التالف لمنع رده بتجدد العیب الحادث فینتقل إلی قیمته من غیر الجنس معیبا بالعیب القدیم لأنه من ضمان البائع سلیما عن الجدید لأنه من ضمان المشتری و بذلک یظهر الوجه فی مخالفة القواعد الثلاث حیث حکمنا بالفسخ بعد حدوث العیب و بحصوله أی الفسخ من دون رد و یرد قیمة السلعة مع وجودها مع أن الانتقال إلی القیمة أو المثل إنما یکون مع تعذر الرد
(قوله) (و یحتمل الفسخ مع رضا البائع و یرد المشتری العین و أرشها و لا ربا فإن الحلی فی مقابلة الثمن و الأرش للعیب المضمون کالمأخوذ بالسوم)
عبر بمثل ذلک فی (التذکرة) و نحوه ما فی (التحریر) و فیه أن ثبوت الفسخ لا إشکال فیه و لیس رضا البائع شرطا فیه بل هو قهری بالنسبة إلیه إنما المشترط برضاه إنما هو دفع العین بأرش المعیب المتجدد لأن قبولها معه قد عرفت أنه غیر واجب علیه مطلقا فیقف ردها إلیه علی رضاه فلو قال فی الکتب الثلاثة و یحتمل رد العین مع الأرش هنا مع رضا البائع إذا فسخ المشتری لکان أجود و هذا الاحتمال حکاه فی (المبسوط) قولا ساکتا علیه کالأول و لم یذکر فیه اشتراط رضی البائع و قد حکی عن بعض الشافعیة و اختاره ابن سعید فی (جامع الشرائع) و الشهید فی (الدروس) و قواه فی (التحریر) و لم یشترط رضی البائع فی الکتب الثلاثة أیضا و لم یظهر لنا وجهه و لذا قیده برضاه المصنف هنا و فی (التذکرة) و ولده فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) مع الحکم بقوته فی الکتابین الأخیرین و قال ابن المتوج إن بذل کل منهما لصاحبه شیئا عن العیب الذی حصل عنده و أبقیا المبیع فلا کلام و إلا فسخ المشتری مع رضا البائع بالفسخ و ردت السلعة إلی البائع مع أرش العیب الحادث و إن امتنع البائع و الحال هذه من الفسخ کان للمشتری الفسخ قهرا و یرد السلعة و أرش العیب الحادث عنده و لا ربا (و لعله) یرید بالرضا بالفسخ الرضا بالرد و إلا فالفسخ لا یتوقف علی رضا البائع کما عرفت و لیس فی هذا الاحتمال أعنی المذکور فی الکتاب إلا تخیل حصول الربا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 668

[المقصد السادس فی أحکام العقد و فیه فصول]

اشارة

(المقصد السادس) فی أحکام العقد و فیه فصول

[الفصل الأول ما یندرج فی المبیع]

اشارة

(الأول) ما یندرج فی المبیع و ضابطه الاقتصار علی ما یتناوله اللفظ لغة و عرفا (1)
______________________________
لأن المردود حینئذ یزید علی وزن الآنیة و قد رده المصنف و غیره بأن الحلی فی مقابلة الثمن و الأرش للعیب المضمون کالمأخوذ بالسوم و معناه أن تخیل الربا هنا مدفوع باختلاف جهة المقابلة لأن الحلی المدفوع بعد الفسخ فی مقابلة الثمن المأخوذ حینئذ و الأرش فی مقابلة العیب المضمون فهو کأرش عیب العین المقبوضة بالسوم إذا تجدد بید المستلم و إن کانت ربویة فکما لا یعد هذا ربا لا یعد فیما نحن فیه لأن الربا ممنوع منه فی المعاوضات لا فی الضمانات کما ذکرنا فی السوم لانتفاء صدق مقابلة الشی‌ء بمثله مع زیادة (و منه یعلم) أنه لا یجوز بیع الحلی المعیب بمثله مع أرش العیب لأنه من باب المعاوضات فهذان الاحتمالان المذکوران فی المسألة قد اتفقا علی أنه لا یرجع بأرش العیب القدیم فإنه یفسخ العقد و اختلفا فی أنه فی الأول یمسک الحلی و یرد قیمته و أنه فی الثانی یرده مع أرش النقص إذا رضی البائع أو لم یرض علی اختلاف الرأیین و هناک احتمال ثالث حکاه فی (جامع الشرائع) عن بعض أصحابنا و حکاه فی (التذکرة) عن بعض الشافعیة و نفی عنه البأس و هو أنه یرجع المشتری بأرش العیب القدیم کما فی غیر هذه الصورة و المماثلة فی مال الربا إنما تشترط فی ابتداء العقد و قد حصلت و الأرش حق ثبت بعد ذلک فلا یقدح فی العقد السابق (و فیه) أن الأخذ بالأرش إنما کان لفوات مقابله من المبیع و رده فی (جامع الشرائع) بأن بیع السلعة التی ظهر عیبها حرام فأخذ أرشه مرابحة بالثمن المعقود علیه انتهی (فلیتأمل) و إذا أخذ الأرش قیل یجب أن یکون من غیر جنس العوض لئلا یلزم ربا الفضل (و فیه) أن الجنس لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غیر الجنس لأنه یکون بیع مال الربا بجنسه مع شی‌ء آخر هذا و لو تلف الحلی ثم عرف المشتری العیب القدیم ففی (المبسوط و التحریر) أنه یفسخ العقد و یسترجع الثمن و یرد قیمته من غیر الجنس و اقتصر فی (جامع الشرائع) علی أنه یرد قیمته و قالوا إن التلف لا یمنع من الفسخ و قد تقدم الکلام فیه مستوفی و قال فی (التذکرة) و فی اشتراط کون الأرش من غیر الجنس وجهان
المقصد السادس فی أحکام العقد و فیه فصول (الأول ما یندرج فی المبیع) (قوله) (و ضابطه الاقتصار علی ما یتناوله اللفظ لغة و عرفا)
کما فی (الشرائع و التحریر و التذکرة و الدروس و اللمعة) و غیرها مع زیادة أو شرعا فی (الدروس) و الإتیان بأو بدل الواو فیها و فی (الشرائع و التحریر) و فی (المفاتیح) الاقتصار علی ما یتناوله اللفظ عرفا و فی (جامع المقاصد و المسالک و الروضة) أنه یدخل فی العرف العام و الخاص و فی (الریاض) ذکر جماعة من الأصحاب کالفاضلین و الشهیدین و غیرهم من غیر خلاف یعرف أن الضابط أنه یراعی فیه اللغة أو العرف العام أو الخاص و قد عرفت أنه زاد فی (الدروس) مراعاة الشرع و قال فی (المسالک و الروضة) إنه یراعی الشرع بطریق أولی بل هو مقدم علیهما و بذلک صرح فی (التنقیح) فی مقام آخر و قال إن اتفقت و إلا قدم الشرعی ثم العرفی ثم اللغوی و هو الذی تعطیه عبارة (مجمع البرهان) و به صرح فی (الحدائق) و ستعرف الحال فی ذلک و فی (الکفایة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 669

[الألفاظ ستة]

اشارة

و الألفاظ ستة (1)

[الأول الأرض و فی معناها]

(الأول) الأرض و فی معناها البقعة و العرصة و الساحة (2) و لا یندرج فیها الأشجار و لا البناء و لا الزرع و لا أصل البقل و لا البذر و إن کان کامنا (3)
______________________________
أن الضابط الرجوع إلی العرف العام و لو اختص أهل بلدة أو قریة بعرف خاص ظاهر شائع بینهم حمل کلامهم فی بلادهم علیه و هذا أمر یختلف بحسب البلاد فی الأزمان المختلفة (انتهی) و هو جید جدا (و تنقیح) المسألة أن یقال إن المدار إنما هو علی عرف المتبایعین لأن البائع ما باع إلا ما هو مقصود له و المشتری کذلک و لیس المقصود بإطلاقهما إلا ما استقر علیه عرفهما و استمر علیه اصطلاحهما فلو صرف ذلک إلی عرف الشارع أو العرف العام أو اللغة علی تقدیر المخالفة کان البیع باطلا من جهة مجهولیة المبیع حال العقد نعم إذا عرفا اصطلاح الشارع مثلا و أوقعا العقد علیه کان هو المرجع لا من جهة تقدمه علی اصطلاحهما بل من جهة تعیینهما له کما إذا أوقعاه علی اصطلاح قوم آخرین و کذلک لو أوقعاه علی اصطلاح العرف إذا کان مخالفا لاصطلاح بلدهما و کذلک الحال فی اللغة فلا ریب أن مراد الأصحاب من الضابط المذکور إنما هو حیث لا یمکن الرجوع إلیهما فی معرفة اصطلاحهما حال البیع لموت أو نحوه أو حیث لا یکون لهما اصطلاح خاص و إلا فمع معلومیة عرفهما و اصطلاحهما لا یصح الرجوع إلی غیره فالضابط لا یتناول هذه الصورة أعنی الأخیرة قطعا و جریانه فی غیرها مما لا ریب فیه إلا فی تقدیم الحقیقة الشرعیة حیث تعلم علی العرفیة و اللغویة فإن الظاهر أن المتبایعین إنما أرادا العرف العام إن کان و إلا فاللغة و لم یریدا الحقیقة الشرعیة کما هو الغالب المعروف و أما الرجوع إلی المعانی الشرعیة فی الوصیة و نحوها فلمکان قیام الدلیل علی المواضع المخصوصة التی لا تعرف لها معانی معینة فی العرف و اللغة مع أنها کلها لیست محل وفاق فالتعدی إلی ما نحن فیه مما عرفت فیها معانیها عرفا أو لغة لا وجه له فالضابط الذی لا غبار علیه هو الرجوع إلی عرف المتبایعین إن علم و إلا فإلی العرف العام و إلا فإلی اللغة و فی مکاتبة الصفار لیس له إلا ما اشتراه باسمه و موضعه و لیس له إلا الحق الذی اشتراه و حکی الشهید عن قطب الدین أن المراد بما یتناول اللفظ التناول بالدلالة المطابقة أو التضمنیة لا الالتزامیة فلا یدخل الحائط لو باع السقف و الأظهر بحسب ما قدمناه من الحوالة إلی العرف ما قاله المحقق الأردبیلی من أن المراد بالمعانی ما یفهم منها بحسب التخاطب إرادة اللافظ لها و دخوله تحت مراده مطابقیا کان أو تضمنیا أو التزامیا هذا و الأولی فی العبارة و غیرها تقدیم العرف علی اللغة
(قوله) (و الألفاظ ستة)
کما فی (التذکرة و الإرشاد) أی ألفاظ المبیع التی تستعمل غالبا أو تمس الحاجة إلیها و یندرج فیها أشیاء و یخرج منها أشیاء و قد بحث عنها العلماء من الخاصة و العامة و قد رقاها فی (الدروس) إلی تسعة فزاد السوق و الکتاب و الحمام
(قوله) (الأول الأرض و فی معناها البقعة و العرصة و الساحة)
البقعة القطعة من الأرض علی غیر هیئة التی إلی جنبها و تضم الباء فی الأکثر فتجمع علی بقع کغرفة و غرف و تفتح فتجمع علی بقاع مثل کلبة و کلاب (و العرصة) کل بقعة من الدار واسعة لیس فیها بناء و الجمع عراص و عرصات و أعراص (و الساحة) الناحیة و فضاء بین دور الحی و الجمع ساح و سوح و ساحات و المعنی الثانی هو المراد
(قوله) (لا تندرج فیها الأشجار و لا البناء و لا الزرع و لا أصل البقل و لا البذر و إن کان کامنا)
ظاهر (التذکرة) الإجماع فی الجمیع قال و إن أطلق لم یدخل ما هو متصل کالأشجار
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 670
..........
______________________________
و الأبنیة عندنا لخروجها عن مسمی الأرض و قال ما لا تتعدد فائدته و ثمرته بل یوجد مرة واحدة کالحنطة و الشعیر و الدخن و غیرها لا یدخل فی الأرض لأنه لیس للدوام و الثبات فکان کالأمتعة فی الدار و کذا لا یدخل فی الأرض الجزر الثابت و لا الفجل و لا السلق و لا الثوم إلی أن قال و هذا القسم من الزرع لا یدخل عندنا ثم قال الثانی ما تتعدد فائدته و توجد ثمرته مرة بعد أخری فی سنین أو أکثر کالقطن و الباذنجان و النرجس و البنفسج و لا یدخل فی الأرض أصولها عندنا و فی (التنقیح) لا کلام و لا خلاف فی عدم دخول النخل و الشجر إذا أطلق و فی (مجمع البرهان) کأنه لا خلاف فی عدم دخول الشجر و الزرع و البزر الکامن و نص فی (الغنیة) علی عدم دخول الزرع مع الأرض قال و من قال بعت هذه الأرض بحقوقها دخل فیها الشجر و ظاهره أنه بدون ذلک لا تدخل و فی (الخلاف و المبسوط) و سائر ما تأخر لا یدخل فیها البناء و الشجر إن لم یقل بحقوقها و کل من تأخر عن ابن إدریس قائل بعدم دخول شی‌ء من ذلک و إن قال بحقوقها إلا من ستعرف کما ستعرف و قال فی (المبسوط) إذا باع أرضا و فیها زرع ظاهر فلا یخلو من أحد أمرین إما أن یکون مما یحصد مرة واحدة أو یکون له أصل یبقی فی الأرض و یحصد مرة بعد أخری فإن کان مما یحصد مرة واحدة مثل الحنطة و الشعیر فإنه لا یدخل و قال و إن کان مما یحصد مرة بعد أخری فإن کان مجزوزا دخلت العروق فی بیع الأرض لأنها من حقوقها و إن کان ثابتا کانت الجزة الأولی للبائع و الباقی للمشتری و حکی فی (المختلف) عن القاضی فی (المهذب) موافقته و حکی ذلک عنهما فی (الدروس) و لم یرجح شیئا و قد نص قبل ذلک علی عدم دخول الزرع فی الأرض و ظاهر مفهوم (جامع الشرائع) موافقة الشیخ فی ذلک و قال فی (المبسوط) أیضا إذا باع أرضا و فیها بذر فإن کان الأصل یبقی یحمل بعد حمل کنوی الشجر و بزر القت دخل فی البیع و إن کان بذرا لما یحصد مرة واحدة مثل الحنطة و الشعیر لم یدخل فقد خالف فی الزرع و البذر هذا کله إذا باع الأرض و أطلق و لم یقل بحقوقها فإن قال بحقوقها ففی (المبسوط و الخلاف) کما حکی عن القاضی أنه یدخل البناء و الشجر لأنهما من حقوق الأرض و فی (الوسیلة و الغنیة) و إن قال بحقوقها دخل فیها کل ما کان ثابتا فیها دون المنفرد و قد یفهم من (الغنیة) نفی الخلاف عن ذلک و اقتصر فی (السرائر) علی قوله روی أنه کتب محمد بن الحسن الصفار إلی أبی محمد علیه السلام فی رجل اشتری من رجل أرضا بحدودها الأربعة فیها الزرع و النخل و غیرهما من الشجر و لم یذکر النخل و لا الزرع و لا الشجر فی کتابه و ذکر فیه أنه اشتراها بجمیع حقوقها الداخلة فیها و الخارجة منها أ یدخل النخل و الأشجار و الزرع فی حقوق الأرض أم لا فوقع علیه السلام إذا ابتاع الأرض بحدودها و ما أغلق علیه بابها فله جمیع ما فیها إن شاء اللّٰه تعالی (قوله) علیه السلام فی الجواب و ما أغلق علیه بابها یرید بذلک جمیع حقوقها فالجواب مطابق للسؤال (انتهی) و ظاهره موافقة الشیخ کما لعله یظهر من ابن سعید فی (جامع الشرائع) و هو (ظاهر کشف الرموز) حیث قال فی شرح قوله فی (النافع) و فی روایة «إلخ» لا أعرف لها مخالفا و إن اشتملت علی الکتابة و ظاهر (التحریر) التردد (حیث قال) فیه نظر و أطبق الباقون علی عدم الدخول و فی (الریاض) أن الشهرة المتأخرة علی ذلک عظیمة (قلت) هو صریح (التذکرة و المختلف و الدروس و المقتصر و التنقیح و إیضاح النافع و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک و الکفایة) و ظاهر (الشرائع و النافع) أو صریحهما و المصنف فی (الإرشاد) جزم بذلک فی بیع الدار فیکون موافقا هنا و استحسن أبو العباس فی (المهذب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 671
و لا یمنع صحة بیع الأرض (1) و لکن للمشتری مع الجهل الخیار بین الفسخ و الإمضاء مجانا (2)
______________________________
البارع) تأویل (المختلف) للروایة حیث قال فی (المختلف) ردا علی ابن إدریس إنا نمنع هذا التفسیر و نقول بموجب الحدیث فإنه إذا اشتری بما أغلق علیه بابها دخل الجمیع بلا خلاف و لعل الإمام علیه السلام أشار إلی الجواب بطریق المفهوم و هو عدم الدخول فإنه علیه السلام علق الدخول بقوله و ما أغلق علیه بابها و یفهم من ذلک عدم الدخول عند عدمه (قلت) لا ریب أنه تأویل کما قال أبو العباس و إلا فالظاهر منها هو ما فهمه منها المتقدمون حتی المحقق المخالف لها و هی صحیحة مشهورة معمول علیها عند أساطین المتقدمین و فیهم من لا یعمل إلا بالقطعیات و الآبی لم یعرف لها مخالفا کما عرفت و قد سمعت ما یظهر من (الغنیة) من نفی الخلاف عن الحکم و قد جعلت الأشجار و الأبنیة کأجزاء الأرض تابعة لها فی باب الشفعة إذا بیعت معها قولا واحدا فکیف لا تدخلان فی حقوقها إذ من معانی الحق الموجود الثابت ذکره فی (القاموس) فیشمل ما ثبت فیها و لها أو یکون المراد بحقوقها أن تبقی علی حالتها من دون تغییر و لا تبدیل (و منه) قوله جل شأنه (یَتْلُونَهُ حَقَّ تِلٰاوَتِهِ) أی لا یحرفونه و لا یغیرون ما فیه من نعت رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله أو یکون المراد بحقوقها ما یتعلق بها (و منه) قوله تعالی (وَ آتُوا حَقَّهُ یَوْمَ حَصٰادِهِ) و لعل العرف لا ینکر شیئا من هذه (من ذلک خ ل) و أما قولهم إن المراد بحقوقها ممرها و مجری مائها و أشباه ذلک فلا ننکره و لا نقصر اللفظ علیه و قوله فی (التنقیح) حق الشی‌ء ما یتوقف علیه مفهومه لغة أو عرفا أو شرعا کأنه غیر واضح فتأمل
(قوله ره) (و لا یمنع صحة بیع الأرض)
لعدم منعه من التسلیم و هو ظاهر کما فی (جامع المقاصد) و عملا بالأصل کما لو باع دارا مشغولة بأمتعة البائع و هو محل وفاق علی الظاهر و إن اختلفوا فی بیع العین المستأجرة و إن کان المشهور الجواز و لعل الفرق أن بقاء الزرع لا یحول بین ید المشتری و بین الأرض بخلاف المستأجر و کذلک الحال فی المعتدة إذا استحقت السکنی فی الدار و لا وجه للمنع إلا أن مدة کمال الزرع مجهولة
(قوله) (لکن للمشتری مع الجهل الخیار بین الفسخ و الإمضاء مجانا)
کما فی (المبسوط و التذکرة و التحریر) (و الإرشاد و الکفایة) و اقتصر فی (الدروس) علی أنه یتخیر و الوجه فیما ذکره المصنف و الشیخ اشتغال المبیع بأحدها فیتعذر الانتفاع به إلی زمان تفریغه و لنقصانه عادة و العقد یقتضی الانتفاع به من دون زمان کثیر عادة ففیه ضرر علی المشتری و ذلک فیما إذا اشتری بالوصف أو کان رآه قبل الزرع و الغرس و لیست عیوبا حتی یکون له المطالبة بالأرش لأن العیب هو النقصان أو الزیادة فی الخلقة ما هو الشأن فیما إذا اشتری العین المستأجرة جاهلا بذلک لکنه فی (المبسوط) علل تخیره بین الفسخ و الإمساک مجانا بأن النقص الذی فی الأرض یترک الزرع إلی الحصاد لا یقسط علیه الثمن بل هو عیب محض له الخیار بین الرد و الإمساک انتهی (فلیتأمل) و قال فی (المبسوط) أیضا إن قال البائع أنا أنقله و أمکنه ذلک فی مدة یسیرة و نقله لم یکن للمشتری الخیار لأن العیب قد زال و مثله ما فی (التحریر) قلت و کذا لو ترکه البائع للمشتری معرضا عنه أو وهبه إیاه لکن فی سقوط الخیار الثابت بمجرد ذلک إشکال و قبول الهبة غیر واجب و یأتی مثله فی کلام المصنف و ینقدح هنا شی‌ء و هو أنهم قالوا لو رد المستأجر العین لعیب بعد البیع فالمنفعة للبائع لا للمشتری و وجهه واضح فعلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 672
و لو قال بحقوقها (1) أما لو قال و ما أغلق علیه بابه أو ما هو فیه أو ما اشتملت علیه حدوده دخل الجمیع (2) و تدخل لو لم یقل فی ضمان المشتری و یده بالتسلیم إلیه و إن تعذر انتفاعه به (3)
______________________________
هذا لو قطع البائع الزرع قبل أوان حصاده کان له الانتفاع بالأرض إلی أوان الحصاد لأن المشتری رضی بها کذلک و الظاهر فی المقام أنه لیس للبائع الانتفاع بالأرض کما سیأتی فی کلام المصنف و لعل الفرق أنه إنما استحق التبقیة هنا قضاء للعادة و لئلا یتضرر بقطعه و هذه الضرورة قد زالت و لا کذلک الحال فی الإجارة (فتأمل)
(قوله) (و لو قال بحقوقها)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 672
الواو وصلیة فهو متصل بما قبله و قد تقدم الکلام فیه
(قوله) (أما لو قال و ما أغلق علیه بابه أو ما هو فیه أو ما اشتملت علیه حدوده دخل الجمیع)
بلا خلاف کما فی (المختلف) ما إذا قال و ما أغلق علیه بابه و لا کلام فی دخول النخل و الشجر إذا قال ذلک کما فی (التنقیح) و لا بحث فی دخول الجمیع فی ذلک کما فی (تعلیق الإرشاد) و فی (التحریر) أن البناء و الغرس یدخلان فیه قطعا و کذا الزرع (قلت) لعله لمکان العرف و ورود الجمیع فی مکاتبة الصفار و فی (التذکرة) أن الشجر و البناء یدخلان قطعا فیما إذا قال بما فیها أو ما اشتملت علیه حدودها و مثل ذلک ما إذا قال ما دار علیه حائطها کما صرح به جماعة و أولی من ذلک کله ما إذا اشترطه لفظا کما فی (الدروس) و هو ظاهر و مقتضی إطلاق العبارة و بعض العبارات دخول البزر الکامن فی الأرض المبیعة إذا أتی بواحدة من هذه العبارات و فی (المختلف) أن البزر إذا کان أصلا فی البیع بطل البیع المشتمل علی ضمیمته إلی الأرض و إن کان الأصل هو الأرض و البذر تابع صح البیع و بالأخیر صرح فی (التحریر) و هو بناء علی أن الجهالة إنما تغتفر فی التابع کأس الحائط و اللبن فی الضرع و البیضة فی الدجاجة و قال فی (المبسوط) (و الخلاف) إن اشتری الأرض مع البذر کان البیع صحیحا فقد أطلق و لم یفصل و ظاهر (التحریر) حمل کلام الشیخ علی ما إذا کان البذر تابعا و فی (الدروس) بعد نقل کلام (المختلف) الوجه الصحة مطلقا و لعله جری علی ظاهر إطلاق الصحیحة و توقف فی (جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) و التفصیل حسن و الخبر لا یأبی التنزیل علیه و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی أول الباب و لم یحضرنی الآن الکتاب و یأتی فی الفرع الثامن تمام الکلام و لو وصفه و عین قدره صح البیع علی الظاهر و لو صالح علیه صح مطلقا و قد یتوهم من قول المصنف هنا و ما أغلق علیه بابه بالعطف اعتبار هذا مع قوله بحقوقها لیندرج فیه ما ذکره و لیس مرادا قطعا و إن اقتضته العبارة و لیس المراد بقولنا ما أغلق علیه بابه و دار علیه حائطه ما هو کذلک بالفعل حتی یشترط وجود باب و غلق بل هذه الألفاظ تدل علی دخول ما اشتملت علیه بطریق الحقیقة إن کان هناک باب أو حائط و إلا فبطریق الکنایة القریبة الواضحة الساذجة المقصود منها صفة أو المطلوب بها نسبة کقوله (إن السماحة و المروءة و الندی فی قبة ضربت علی ابن الحشرج)
(قوله) (و یدخل لو لم یقل فی ضمان المشتری و یده بالتسلیم إلیه و إن تعذر انتفاعه به)
یرید أنه یدخل المبیع المذکور فی ضمان المشتری و فی یده بالتسلیم إلیه لو لم یقل واحدة من العبارات المذکورة التی تقتضی اندراج الشجر و البناء و الزرع فی المبیع و إن تعذر انتفاع المشتری بالبیع حینئذ کما فی (التذکرة و التحریر و الدروس و جامع المقاصد) و حکاه الشهید فی حواشیه عن قطب الدین لحصول التسلیم فی الرقبة و هی المبیعة لأنه قد خلی بینه و بینها کما هو المفروض فکان إقباضا و تعذر الانتفاع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 673
و الأحجار إن کانت مخلوقة أو مدرجة فی البناء دخلت و إن کانت مدفونة لم تدخل (1) فإن کان المشتری عالما فلا خیار له (2)
______________________________
وقتا ما لا ینافیه و ربما احتمل عدم الدخول فی ضمانه لأنها مشغولة بملک البائع کما إذا کانت مشحونة بأمتعته و الفرق أن التفریغ فی الأمتعة متأت فی الحال
(قوله) (و الأحجار إذا کانت مخلوقة أو مدرجة فی البناء دخلت و إن کانت مدفونة لم تدخل)
قد نص علی دخول المخلوقة و عدم دخول المدفونة فی (المبسوط و التذکرة و التحریر و الإرشاد و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و المسالک) (و مجمع البرهان و الکفایة) و نص فی (الدروس) علی عدم دخول المدفونة و ظاهره دخول المخلوقة کما أن ظاهر (الشرائع) فی آخر البحث عدم دخول المدفونة و لعله مما لا ریب فیه و تردد فی (الشرائع) (و غایة المرام) فی دخول المخلوقة و المعادن و استشکل فی (المختلف) فی دخول المخلوقة و ینبغی أن یستشکل فی المعادن أو یقول بخروجها لأن المعادن خارجة عن حقیقة الأرض و طبیعتها کما فی (المسالک) و لا کذلک الحجارة لأنها أجزاء الأرض قطعا قاله المحقق الثانی و قد نص فی (المبسوط و التحریر و التذکرة و الدروس) علی دخول المعادن أیضا و قیده فی (المبسوط و التذکرة) بالباطنة و قرب المصنف فی (الکتاب) و المحقق الثانی و الشهید الثانی و کذلک الفخر فی (الإیضاح) فی ظاهره عدم دخولها أی المعادن و تمام الکلام عند تعرض المصنف له و یأتی الکلام فی البئر و العین و المصنع و الصخرة و مثل الحجارة المدفونة الکنوز کما فی (المبسوط) و غیره و نص علی دخول المدرجة فی البناء فی الأرض فی (المبسوط و التحریر) و فی (التذکرة و جامع المقاصد) أنها تدخل إن قلنا بدخول البناء فی بیع الأرض أو علی تقدیر اشتراطه و نحوه ما فی (تعلیق الإرشاد)
(قوله) (فإن کان المشتری عالما فلا خیار له)
و سیأتی له أنه إن کان جاهلا تخیر فی الفسخ و الإمضاء و نحوه ما فی (الإرشاد و الدروس) و غیرهما و فیه من الإجمال ما ستعرفه و الشیخ فی (المبسوط) و المصنف فی (التحریر و التذکرة) تعرضا للتفصیل فی المقام و کأنه غیر منقح تنقیحا واضحا (فتنقیح) البحث أن یقال الأحجار إما مخلوقة أو مدفونة و الأرض إما بیضاء لا شجر فیها أو ذات شجر فإن کانت الحجارة مخلوقة و مضرة بالغرس أو الزرع فإن کان المشتری عالما فلا خیار له و إلا ثبت له الخیار بین الرد و الإمساک و لا أرش له عند الشیخ و المصنف فی ظاهر (التذکرة) و استشکل فیه فی (التحریر) و لا فرق فی ذلک بین أن تکون الأرض بیضاء أو سوداء و إن لم تضر کأن کانت بعیدة عن وجه الأرض لا یصل إلیها عروق الشجر فلا خیار إذ لا عیب و إن کانت مدفونة فإن کان المشتری عالما بالحال من کونها فی الأرض و ضررها فلا خیار و بقیة الأحکام تأتی فی کلام المصنف کإجبار البائع علی القلع و تسویة الحفر و حال الأجرة عن مدة القلع و إن کان جاهلا بالحجارة أو علم بها و جهل ضررها فالأحوال أربعة (الأول) أن لا یکون فی ترک الحجارة و لا فی قلعها ضرر فإن لم یحوج النقل و تسویة الحفر إلی مدة لمثلها أجرة و لم تنقص الأرض بها فلا خیار للمشتری کما إذا کان الزمان یسیرا و إن کان کثیرا بغیر منفعة الأرض فله الخیار فإن فسخ فلا بحث و إن أجاز فهل له الأجرة وجهان کما فی (التذکرة) و تعلیق الإرشاد و فی (المبسوط و الکتاب و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد) أن لا أجرة و وجه ثبوت الأجرة أنه استوفی منافع ملک الغیر فعلیه عوضه جمعا بین الحقین و کأنه متأمل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 674
و له إجبار البائع علی القلع (1) و لا أجرة له عن مدة القلع و إن طالت (2) و علی البائع تسویة الحفر (3)
______________________________
فی ذلک فی (التحریر) حیث اقتصر علی نسبته للشیخ و لا فرق فی ذلک بین أن تکون الأرض سوداء أو بیضاء (الثانی) أن لا یکون فی قلعها ضرر و یکون فی ترکها ضرر فیؤمر البائع بالنقل و لا خیار للمشتری کما لو اشتری دارا و کانت البالوعة منسدة فقال البائع أنا أصلحها و لا فرق فی ذلک بین البیضاء و غیرها کما فی المبسوط (الثالث) أن یکون الترک و القلع معا مضرین فیتخیر المشتری سواء جهل أصل الحجارة أو کون قلعها أو ترکها مضرا فلو أجاز البیع ففی وجوب الأجرة لمدة النقل الوجهان کما فی وجوب الأرش لو بقی فی الأرض بعد التسویة نقصان و عیب و الظاهر أن له الأرش کما هو خیرة (الکتاب و جامع المقاصد) و إن کانت ذات أشجار و حصل نقص بقطع العروق ففی (المبسوط) لا یجب الأرش لا قبل القبض و لا بعده قال و فی الناس من قال إذا کان قبل القبض لا یلزم و إن کان بعده لزم و اقتصر فی (التحریر) علی حکایة کلام الشیخ فکأنه متردد و الظاهر أن له الأرش مطلقا لأنه صدر من البائع و لم یدل علی استثنائه دلیل (الرابع) أن یکون فی قلعها ضرر و لا یکون فی ترکها ضرر فالمشتری بالخیار إن أراد البائع نقلها فإن أجاز ففی الأجرة و الأرش الوجهان کما مر و إن ترک البائع الحجارة ففی (المبسوط) لا خیار للمشتری و لا تملک الحجارة بذلک و تبعه علی ذلک المصنف فی (الکتاب و التذکرة) و الفاضل الخراسانی لأن ذلک إعراض لا تملیک و فیه نظر من وجهین (الأول) أنه کیف یسقط الخیار الثابت بمجرد ترک البائع لها إذ لا یجب علیه قبولها (و الثانی) أنه یلزم حینئذ لو أراد البائع الرجوع بها کان للمشتری الخیار کما صرح به فی (التذکرة) و قضیة سقوط الخیار بترکها أنه تملیک لیکون سقوط الخیار فی مقابلة ملک حاصل سلمنا لکننا قد نقول بعدم جواز الرجوع لأن سقوط الخیار إنما هو فی مقابلتها فیلزمه الوفاء بالترک و لیس هو الأول کما هو واضح هذا کله فی الأرض البیضاء و ذات الأشجار إذا کان قد اشتری الأشجار مع الأرض و أما إذا کان قد أحدث الأشجار بعد الشراء فإن کان عالما بالأحجار فللبائع قلعها و لیس علیه ضمان نقصان الغرس و إن کان أحدثها جاهلا فله الأرش عندنا کما فی (التذکرة) و لا خیار للمشتری لمکان التصرف فإن کان القلع و الترک یضران فللبائع القلع و للمشتری المطالبة بذلک و علی البائع أرش النقص لأن النقض أدخل فی غیر المبیع (و منه) یعرف الحال فی الصورة الباقیة و فی (التذکرة) أیضا إذا قلع البائع الأحجار فانتقص الغراس فعلیه أرش النقص بلا خلاف
(قوله) (و له إجبار البائع علی القلع)
کما فی (المبسوط و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس) و غیرها لأنه له طلب تفریغ ملکه من مال البائع سواء حصل ضرر أم لا و لو اشترط بقاءها فلا بد من تعیین المدة إذ لیس هناک أمد ینتظر إذ لا عرف فی تبقیتها کالزرع کما أشار إلیه فی (التذکرة)
(قوله) (و لا أجرة له عن مدة القلع و إن طالت)
کما فی (المبسوط و التذکرة و التحریر و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) (و الدروس) بالأولویّة لأنه نقاها مع الجهل لأن علمه باشتغال المبیع بذلک یقتضی رضاه علی هذه الحالة و حین صار ملکا له ثبت له مطالبة البائع بتفریعه علی الوجه المعتاد و لا بد لذلک من مدة فیجب استثناؤها فکان کما لو اشتری دارا فیها أقمشة و هو عالم بها فلا أجرة له فی مدة النقل و التفریغ کما فی (التذکرة)
(قوله) (و علی البائع تسویة الحفر)
کما فی (المبسوط و التحریر و التذکرة و الإرشاد) (و الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) و غیرها لأنه نقصان فی المبیع أحدثه لتخلیص ملکه و لوجوب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 675
و إن کان جاهلا (1) تخیر فی الفسخ و الإمضاء و الأقرب عدم ثبوت الأجرة عن مدة القلع أو مدة بقاء الزرع لأنها مستثناة کمدة نقل المتاع و له أرش التعیب مع التحویل و لو ترک البائع الحجارة للمشتری و لم یکن بقاؤها مضرا سقط خیار المشتری و لا یملکها المشتری بمجرد الإعراض بل لا بد من عقد

[الثانی البستان]

(الثانی) البستان و الباغ (2) و یدخل فیه الشجر و الأرض و الحیطان و فی دخول البناء إشکال أقربه عدم الدخول (3)
______________________________
التسلیم مفرغا و إنما یجب ذلک إذا عد ذلک ضررا و عیبا عرفا و إلا فلا و علمه إنما أسقط خیاره و أما ضمان النقص بمعنی وجوب طم الحفر فلا مسقط له إلا ما یتوهم من أنه أقدم علی ذلک و لیس بشی‌ء إنما أقدم علیه بانیا علی أنه یجب علی البائع تسلیم المبیع تاما و سیذکر المصنف هذه المسألة فی باب الغصب و قد ذکرنا هناک ما له نفع فی المقام (و عساک) تقول إن قضیة ذلک أنه یجب علی هادم الجدار أن یعیده مع أنهم أوجبوا الأرش کما نصوا علیه فی باب الغصب (و فیه) أن الحفر لا یتفاوت و هیئات البناء تختلف فکان الحفر شبیها بذوات الأمثال و الهدم بذوات القیم نعم لو رمی لبنة أو اثنتین أو ثلاثا من رأس الجدار و أمکن الرد من غیر اختلاف فی الهیئة لزمه الرد إلی تلک الهیئة
(قوله) (و إن کان جاهلا)
قد تقدم فی ذلک «1» مستوفی عند قوله فإن کان عالما
(قوله) (الثانی البستان و الباغ)
قال فی (المصباح المنیر) الباغ الکرم لفظة أعجمیة استعملها الناس بالألف و اللام و لم أجد لها ذکرا فی کلام غیره من أهل اللغة فلا یکون مرادفا للبستان قال فی (التذکرة) قالت الشافعیة لفظ الکرم کلفظ البستان و لیس بجید فإن العرف و العادة و الاستعمال یقضی بعدم دخول الحائط فی مسمی الکرم و دخوله فی البستان و یأتی تمام الکلام و فی (حواشی) الشهید أنه اسم للبستان الکبیر
(قوله) (و یدخل فیه الشجر و الأرض و الحیطان و فی دخول البناء إشکال أقربه عدم الدخول)
أما دخول الشجر و الأرض فالظاهر أنه محل وفاق کما هو ظاهر (الروضة) حیث قال فیها قطعا و به صرح فی (المبسوط) و جمیع ما تأخر عنه مما تعرض فیه لهذا الفرع ما عدا (جامع الشرائع) فإنه اقتصر علی ذکر دخول الشجر و فی (المسالک) لا إشکال فی دخول الشجر و کذا الأرض و صاحب (الوسیلة) ذکر البستان و الأرض ثم تعرض لحال الأرض و أغفل البستان و أما دخول الحیطان فقد صرح به المصنف فی (التذکرة) و المحقق الثانی و الشهید الثانی و هو قضیة کلام (الشرائع و التحریر و اللمعة) کما ستعرف و قد قرب المصنف هنا و فی (التذکرة) و ولده فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی کتابه عدم دخول البناء کالبیت و الدار فی البستان و ظاهر (التذکرة) الإجماع حیث قال عندنا و حکم بدخوله فی (الشرائع و التحریر) (و اللمعة) و قد یکونون أرادوا الحیطان لکن الشهید فی (غایة المراد) نسبه إلی المحقق و استشکل فی (الإرشاد) (و حواشی الکتاب و الکفایة) من دون ترجیح و فی (الدروس و الروضة و المسالک) أنه یرجع فیه إلی العرف فیدخل البناء التی جرت العادة بکونه فیه دون غیره و نحوه ما فی (مجمع البرهان) حیث قال بدخول الموضع الذی یعمله لحافظه و لوضع الثمرة و لجلوس من یدخله و لطبخه و إلا فلا (قلت) لفظ البستان لغة للشجر و الأرض لا البناء و لهذا یسمی بستانا و لو لم یکن هناک بناء أصلا فانتفاء الدلالة مطابقة ظاهر
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر أن الصحیح قد تقدم الکلام فی ذلک أو قد تقدم ذلک (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 676
و یدخل فیه العریش الذی توضع علیه القضبان علی إشکال (1) و یدخل المجاز و الشرب علی إشکال (2)

[الثالث الدار]

(الثالث) الدار (3) و یدخل فیها الأرض و البناء علی اختلافه (4) حتی الحمام المعدود من مرافقها (5) و یدخل البئر (6)
______________________________
و أما التضمن و الالتزام فکذلک لأنه لیس جزءا من البستان و لا لازما له لکن أهل العرف یحکمون بالدخول فیما إذا قیل باع فلان بستانه أو وهبه فإنه یتبادر إلی الذهن نقل البناء أیضا فقد تعارضت الحقیقة العرفیة و اللغویة و الأولی مقدمة کما قدمناه (و البستان) فعلان الحدیقة کما فی (القاموس) و الجنة کما فی (المصباح) و فی الأخیر عن الفراء أنه عربی و قال بعضهم رومی معرب و فی (مجمع البحرین) أنه معرب بوستان
(قوله) (و لا «1» یدخل فیه العریش الذی توضع علیه القضبان علی إشکال)
کما فی (الإیضاح) أیضا من حیث إنه ینقل و یحول و لیس جزءا و من تمام المنفعة به و دخوله عادة کالمفتاح و ثیاب العبد و فی (حواشی) الشهید أنه یدخل و فی (التذکرة) الأقرب أنه لا یدخل و العمیدی و المحقق الثانی قالا إن الأصح تحکیم العرف فی ذلک فالمتعارف دخوله کالمثبت و ما جری مجراه یدخل بخلاف غیره و اعتبر فی (الدروس و المسالک) کونه مثبتا دائما أو غالبا و هو قریب من تحکیم العرف (و العریش) خیمة من خشب و ثمام و ما یستظل به من سعف النخل مثل الکوخ فیقیمون فیه مدة إلی أن یصرم النخل و یقال عرشت الکرم إذا جعلت تحته قصبا و أشباهه لیمتد علیه و منه قوله جل شأنه (مَعْرُوشٰاتٍ وَ غَیْرَ مَعْرُوشٰاتٍ) ی مرفوعات علی ما تحملها (و القضبان) بضم أوله أو کسره الأغصان فی المقام
(قوله) (و یدخل المجاز و الشرب علی إشکال)
کما فی (التذکرة و الإیضاح) و فی الأخیر (و الحواشی و جامع المقاصد الإشکال إنما هو فی الشرب لا غیر و فی (الدروس و الحواشی) (و المسالک) أنه یدخل کالمجاز لدلالة العرف و إن لم یدخل فی مفهومه و فی (جامع المقاصد) الظاهر أنه لا فرق بینهما لأن کل واحد منهما من ضروریات الانتفاع به و إن کانت ضرورة المجاز أشد لامتناع الانتفاع به بدونه و أما الشرب فإن الانتفاع بالبستان النفع المطلوب من أمثاله لا یکون بدونه و إن أمکن الانتفاع بوجه آخر فیکون حاله من جهة کونه بستانا دلیلا علی تناول الشرب و إرادتهما إیاه و فی (الدروس) (و المسالک) إذا باعه بلفظ الکرم تناول العنب لا غیر إلا مع قرینة غیره کعرف و نحوه
(قوله) (الثالث الدار)
الدار لغة المنزل مؤنثة و قد تذکر علی معنی الموضع و المثوی و منه قوله جل شأنه (وَ لَنِعْمَ دٰارُ الْمُتَّقِینَ)
(قوله) (و یدخل فیها الأرض و البناء علی اختلافه)
من حیطان و سقوف و درجة معقودة کما فی (المبسوط) و غیره و هو مما لا شک و لا خلاف فیه
(قوله) (حتی الحمام المعدود من مرافقها)
و قال الشافعی لا یدخل الحمام و حمله أصحابه علی حمامات الحجاز و هی بیوت من خشب تنقل و ظاهر إطلاق الأصحاب فی دخول الحمام الذی یعد من مرافق الدار و دخول قدره الذی من النحاس و نحوه لأنه مثبت مع القطع بعد الحمام من الموافق
(قوله) (و یدخل البئر)
کما فی (المبسوط و جامع الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و المسالک و الروضة) (و مجمع البرهان) و غیرها و الحوض کما فی ما عدا الأول و یبقی الکلام فی ماء البئر فعند الشیخ فی (المبسوط) أنه مملوک و لا یصح بیعه قال لأنه إن باع الجمیع فهو مجهول لأن له مددا و إن باع الموجود
______________________________
(1) الموجود فی نسختنا من القواعد و جامع المقاصد و یدخل بغیر لا (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 677
و الأعلی و الأسفل إلا أن تشهد العادة باستقلال الأعلی (1) و المثبت سواء عد من أجزاء الدار (2) کالسقوف و الأبواب المنصوبة (3) و الحلق و المغالیق (4)
______________________________
منها فذلک لا یمکن تسلیمه إلا بأن یختلط بغیره و قال أیضا إنه مملوک و لا یصح بیعه و إذا لم یصح بیعه لم یدخل (و فیه) علی تقدیر المنع من صحة بیعه منفردا فإنه یدخل فی بیع الدار بالتبعیة و تسلیمه بتسلیم الدار و هو التخلیة قطعا و الجهالة منفیة هنا و لو سلمت فجهالة التابع غیر مؤثرة فی صحة البیع کأساسات الحیطان و إلا فلا نسلم عدم جواز بیع الموجود منفردا لأن تسلیمه ممکن إن جعلناه عبارة عن التخلیة و إن کان عبارة عن النقل و التحویل فکذلک لکن تسلیمه ممتزجا بغیره فیتخیر المشتری إن لم یعلم و الأولی الصلح علیه و قد نص فی (التذکرة و التحریر و الدروس و مجمع البرهان) علی دخوله فی بیع الدار نعم لا یصح استئجار بئر الماء لأخذ الماء منها لأن الماء عین نعم لو استأجر الدار و فیها بئر جاز له الاستقاء منها للعادة بدخول الماء بالتبعیة و قد تقدم لنا فی أول باب المکاسب ما له نفع تام فی المقام
(قوله) (و الأعلی و الأسفل إلا أن تشهد العادة باستقلال الأعلی)
کما فی (الشرائع) (و النافع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و التبصرة و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة و مجمع البرهان) بل فی الأخیر أنه لا خلاف و لا إشکال فی دخول البیوت تحتانیة و فوقانیة مع الحیطان الدائرة علیها و السقوف الأسفل و الأعلی إلا أن یکون الأعلی مستقلا انتهی و لا فرق فی ذلک بین الدار و الخان کما فی (التذکرة) و معنی استقلال الأعلی أن یکون له طریق مستقل و مرافق علی حدة و علی هذا تحمل مکاتبة الصفار إلی مولانا العسکری علیه السلام کتب إلیه رجل اشتری من رجل بیتا فی دار له بجمیع حقوقه و فوقه بیت آخر هل دخل البیت الأعلی فی حقوق البیت الأسفل أم لا فوقع علیه السلام لیس له من ذلک إلا الحق الذی اشتراه إن شاء اللّٰه تعالی و هی واردة فی البیت لا فی الدار و قد اقتصر فی (السرائر) علی إیرادها ساکتا علیها و فی (جامع الشرائع) لا تدخل الغرف إلا أن یذکراها و کأنه مخالف و حیث لا نقول بدخول البیت الأعلی و حیطانه و سقفه فالظاهر دخول أرضه التی هی سقوف البیوت التحتانیة الداخلة فی الدار المفروضة (فلیتأمل)
(قوله) (و المثبت سواء عد من أجزاء الدار)
الآلات التی فی الدار علی أقسام ثلاثة (الأول) المنقولات کالدلو و البکرة و سیأتی الکلام فیها (الثانی) ما أثبت فی الدار تتمة لها لقدوم فیها و تبقی کالسقوف و الأبواب المنصوبة و هذه تدخل فی المبیع لأنها معدودة من أجزاء الدار و فی (مجمع البرهان) أن الظاهر عدم الخلاف فی ذلک و فی (جامع المقاصد) أن ضابط ما یدخل من المثبتات ما یعد جزءا فی العادة أو من مرتفقات الدار عرفا (الثالث) ما أثبت علی غیر هذا الوجه کالرفوف و الدفان و هذه یأتی الکلام فیها أیضا
(قوله) (کالسقوف و الأبواب المنصوبة)
کما فی (الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد) و فی (الدروس) الأبواب المثبتة و هو فی معنی المنصوبة و فی (جامع الشرائع و اللمعة) الاقتصار علی ذکر الأبواب من دون توصیف لها بمثبتة أو منصوبة
(قوله) (و الحلق و المغالیق)
قال فی (القاموس) حلقة الباب و القوم و قد تفتح لامها و تکسر و لیس فی الکلام حلقة محرکة إلا جمع حالق أو لغة ضعیفة جمعه حلق محرکة و کبدر و حلقات (و الغلق) بالتحریض المغلاق و هو ما یغلق به الباب جمعه مغالیق و قد نص علی دخول المغالیق (فی جامع الشرائع و الشرائع و الإرشاد و التذکرة) و غیرها و فی (الخلاف) نفی الخلاف عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 678
أولا بل أثبت للارتفاق کالسلم المثبت و الرفوف المثبتة و الأوتاد المغروزة (1) دون الرحی المثبت (2) و الدنان و الإجانات المثبتة و خشبة القصارین و الخوابی المدفونة (3) و الکنوز المذخورة و الأحجار المدفونة (4) و لا ما لیس بمتصل کالفرش و الستور و الرفوف الموضوعة علی الأوتاد من غیر سمر و الحبل و الدلو و البکرة و القفل إلا المفاتیح فإنها تدخل (5) و فی ألواح الدکاکین إشکال من حیث إنها تنقل و تحول فصارت کالفرش (6) و من حیث أنها أبواب لها (7)
______________________________
دخوله و زاد فی (التذکرة) السلاسل و کذا تدخل السلاسل و الحلق إذا کانت علی غیر الأبواب کما إذا کانت علی الحیطان کما فی (مجمع البرهان)
(قوله) (أولا بل أثبت للارتفاق کالسلم المثبت و الرفوف المثبتة و الأوتاد المغروزة)
هذا هو القسم الثالث و قد نص علی دخول الثلاثة إذا کانت مثبتة فی (المبسوط و الغنیة) و أکثر ما تأخر عنهما ما عدا (التذکرة) فإنه قرب فیها عدم دخول السلالم المثبتة و الرفوف و الأوتاد المثبتة لخروجهما عن اسم الدار و الدخول أولی لقضاء العرف به و لو کان السلم غیر مثبت لم یدخل قطعا کما فی (المسالک)
(قوله) (دون الرحی المثبت)
کما فی (الشرائع و التذکرة و الإرشاد و المختلف و الدروس و التنقیح و الروضة) (و مجمع البرهان) و غیرها لأنها لا تعد من الدار لغة و لا عرفا فلا یدخل شی‌ء من حجریها لا الأعلی و لا الأسفل و علیه استقر رأی المحقق الثانی بعد أن توقف فی الفرق بینها و بین قدر الحمام حیث حکموا بدخوله فی الحمام الداخل فی بیع الدار و تردد فی (التحریر) فی دخولها و فی (المبسوط و الخلاف) أنها تدخل بحجریها السفلانی و الفوقانی لصیرورتها من أجزاء الدار و توابعها بالتثبیت و الأعلی تابع للأسفل بل فی (الخلاف و الغنیة) أن لا خلاف فی دخول التحتانی و أن الفوقانی داخل عندنا و ظاهره الإجماع علیه أیضا و فی (جامع الشرائع) تدخل الرحی التحتانیة
(قوله) (و الدنان و الإجانات المثبتة و خشبة القصارین و الخوابی المدفونة)
کما صرح به جماعة کثیرون لاستصحاب تملک البائع و أصل عدم الدخول مع ظهور عدم دخولها تحت الاسم و فی (المبسوط) (و التحریر) أن الخوابی المدفونة تدخل لأنها مخازن کالخزائن و کأنه صحیح إذا کانت مدفونة فی البناء لا فی الدار کما فی (الدروس و الروضة) و أما لو بیعت المقصبة أو المدبغة أو دکان القصار ففی دخول الخشبة و الخوابی إذا کانت مثبتة احتمال
(قوله) (و الکنوز المذخورة و الأحجار المدفونة)
کما فی (المبسوط) و غیره
(قوله) (و ما لیس بمتصل کالفرش «إلخ»)
کما فی (المبسوط) و غیره و الظاهر أنه لا خلاف فیه کما فی (مجمع البرهان) و هذه من أقسام القسم الأول الذی أشرنا إلیه
(قوله) (إلا المفاتیح فإنها تدخل)
کما فی (المبسوط و الغنیة) (و جامع الشرائع و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و الروضة) (و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة) لأنها من توابع المغالیق و المراد غیر مفتاح القفل لأنه تابع لغلقه کما صرح به المحقق الثانی و الشهید الثانی
(قوله) (و فی ألواح الدکاکین إشکال من حیث إنها تنقل فصارت کالفرش و من حیث إنها أبواب لها)
فأشبهت الباب المثبت و الأقرب دخولها کما هو خیرة (التذکرة و الدروس و المسالک) لقضاء العرف و جعلها منقولة نوع ارتفاق لئلا یضیق الموضع بها لأن کبرها مطلوب لاستنارة المکان فلو أثبتت لمنعت جملة منه و هی فی هذا العصر مثبتة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 679
و یدخل فیه المجاز (1) و لو قال بحقوقها و تعدد دخل الجمیع و لو لم یقل فإشکال فإن قلنا بدخول الجمیع فلا بحث و إلا وجب التعیین (2)

[الرابع القریة]

(الرابع) القریة و الدسکرة (3)
______________________________
(قوله) (و یدخل فیه المجاز)
لنص الأصحاب علی دخوله کما فی (الإیضاح و جامع المقاصد) و قد تقدم الکلام فی مجاز البستان و أنه لا إشکال فی دخوله
(قوله) (و لو قال بحقوقها و تعدد دخل الجمیع و لو لم یقل فإشکال فإن قلنا بدخول الجمیع فلا بحث و إلا وجب التعیین)
یرید أنه إذا قال بعتک الدار بحقوقها و تعدد المجاز فإنه یدخل الجمیع فیثبت للمشتری السلوک من جمیع الجوانب إذا کانت الدار محفوفة بملک البائع و ظاهر (التذکرة) فی أول باب البیع الإجماع علیه و أنه لو لم یقل بحقوقها فإشکال ینشأ من نصهم علی دخول المجاز و هو صالح للواحد و الکثیر و أن الحکم بالدخول إنما هو لقضاء العرف به من حیث توقف الانتفاع علیه و یکفی فی ذلک مجاز واحد فدخول الجمیع لا دلیل علیه و هذه المسألة قد تقدمت فی الفرع الرابع من فروع الفصل الثالث فی العوضین قال الرابع إبهام السلوک کإبهام المبیع إلی آخر الفرع المذکور و قد استوفینا الکلام فیها هناک غایة الاستیفاء و قسمناها إلی اثنتی عشرة صورة و أسبغنا الکلام فی تتبع الأقوال و الأدلة و فی (الإیضاح) قال إن المصنف ذکر هذه المسألة فی موضع آخر من هذا الکتاب و حکم بدخول الکل علی ما أداه اجتهاده إلیه و هنا استشکل لما أداه اجتهاده ثانیا و من عادة المجتهد من أنه إذا تغیر اجتهاده لم یبطل ذکر الحکم الأول بل یذکر ما أداه اجتهاده إلیه ثانیا فی موضع آخر لبیان عدم انعقاد إجماع أهل عصر الاجتهاد الأول علی خلافه و عدم إجماع أهل العصر الثانی علی واحد منهما و أنه لم یحصل فی الاجتهاد الثانی مبطل الأول بل معارض لدلیله مساو له و فی کلامه هذا نظر من وجهین (الأول) أن المصنف فیما سلف له فیما أشرنا إلیه لم یحکم بدخول الکل إذا لم یقل بحقوقها و لم نجده تعرض له فی مقام آخر من هذا الکتاب نعم استظهر ذلک فی التذکرة (و الثانی) أن إجماع أهل العصر عندنا لا یجدی إلا إذا علم دخول المعصوم فیهم و لا یتأتی ذلک فی زمن الغیبة و لا سیما إذا اعتبر دخول مجهول النسب کما علیه الأکثر إذ أقصی ما فی دخوله جواز دخول المعصوم و المدعی القطع (نعم) قد یتم ذلک علی طریقة الشیخ من وجوب الظهور عند اتفاقهم علی الباطل و یتم أیضا علی مذهب العامة و إلا لم ینعقد لهم إجماع إلا بعد قیام الساعة و تمام الکلام فی فنه نعم توجیهه الثانی متجه فیما إذا عرض له التردد فی الاجتهاد الثانی و الذی قرره الشهید و المحقق الثانی أنه یحاول الجمع بین کلامیه إن أمکن و إلا کان عدولا لدلیل ظنی أرجح من الأول ذکرا ذلک فی باب الغصب و أما إذا کان قطعیا وجب إبطال الحکم الأول إن أمکن
(قوله) (الرابع القریة و الدسکرة)
القریة الضیعة و المدینة سمیت بذلک لأن الماء یقری فیها أی یجمع و الضیعة و الأرض المغلة و ربما جاءت بالکسر کلحیة و هی لغة یمانیة و جمعها علی قری علی غیر القیاس لأن ما کان علی فعلة بفتح الفاء من المعتل فجمعه ممدود مثل رکوة و ظبیة (و الدسکرة) بناء علی هیئة القصر فیه منازل و بیوت الخدم و الحشم و لیست بقریة محضة و لیست بعربیة و فی حدیث هرقل أذن لعظماء الروم فی دسکرة و منه سألته عن أکل لحوم الدجاج من الدسکرة و فی (القاموس) الدسکرة القریة و الصومعة و الأرض المستویة و بیوت الأعاجم فیها الشراب و الملاهی و فی (المصباح) أنها القریة و بناء شبه القصر حوله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 680
و تدخل فیها الأبنیة و الساحات التی تحیط بها البیوت و الطرق المسلوکة فیها (2) و فی دخول الأشجار النابتة وسطها إشکال (3) أقربه عدم الدخول و لا تدخل المزارع حول القریة و إن قال بحقوقها إلا مع القرینة کالمساومة علیها و علی مزارعها بثمن و یشتریها به أو یبذل ثمنا لا یصلح إلا للجمیع (4)

[الخامس الشجر]

اشارة

(الخامس) الشجر و یندرج تحته الأغصان الرطبة و الأوراق و العروق دون الفراخ (5)
______________________________
بیوت
(قوله) (و تدخل فیها الأبنیة و الساحات التی تحیط بها البیوت و الطرق المسلوکة فیها و کذا السور المحیط بها)
و کأن دخول هذه الأشیاء مما لا ریب فیه لقضاء العرف و اللغة بذلک
(قوله) (و فی دخول الأشجار النابتة وسطها إشکال)
ظاهر (المبسوط) عدم دخولها إلا أن یقول بحقوقها و جعله المدار فی (الإیضاح) علی العرف و اختیر عدم دخولها فی (التذکرة و الدروس) (و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و الروضة) و هو ظاهر (اللمعة) و غیرها مما اقتصر فیه علی دخول الأبنیة و المرافق لعدم تحقق قضاء العرف بذلک مع أنها لیست جزءا من مفهوم القریة لغة و تدخل مع الشرط أو القرینة کالمساومة علی المجموع أو بذل ثمن لا یقابل عادة إلا المجموع أو یتعارف ذلک کما نبه علیه فی (الدروس) و غیره فوجه الإشکال الشک فی دخولها فی مسمی القریة
(قوله) (و لا تدخل المزارع حول القریة و إن قال بحقوقها إلا مع القرینة کالمساومة علیها و علی مزارعها بثمن و یشتریها به أو یبذل ثمنا لا یصلح إلا للجمیع)
عدم دخول المزارع و إن قال بحقوقها صریح (المبسوط و التذکرة) و ظاهر (جامع الشرائع و التحریر و الدروس و الروضة) أو صریحها حیث قالوا فیها لا تدخل إلا بالتسمیة أو القرینة أو التعارف لأنه لو حلف أن لا یدخل القریة لم یحنث بدخول المزارع
(قوله) (الخامس الشجر و یندرج تحته الأغصان الرطبة و الأوراق و العروق)
لقضاء العرف بذلک و کذلک الغصن الیابس لأنه جزء و لهذا یحنث لو حلف لا یمس جزءا منها فلمسه و اعتیاد قطعه لا یخرجه عن الجزئیة کالصوف علی الغنم و هو خیرة (التذکرة و الإیضاح و جامع المقاصد) کما یأتی (و مجمع البرهان) و ظاهر (التحریر و الإرشاد و الدروس) حیث أطلق فیها دخول الأغصان و المصنف فیما یأتی استشکل فیه و تدخل الشجرة الکبیرة و الصغیرة و الشرب و المجاز کما فی (الدروس) و أما الأوراق فظاهر (الکتاب و التحریر) فی موضع منه (و الإرشاد) دخولها بجمیع أصنافها حتی ورق التوت کما نص علیه فی (المبسوط و التحریر) فی موضع آخر منه کما حکاه الشهید (و الإیضاح) و فی (حواشی) الشهید أن المنقول دخوله لأنه جزء و لا یجری مجری الثمرة و قربه فی (التذکرة) و جعل مثله ورق النبق الذی یلتقط لغسل الرأس و أهمل ذکرها بالکلیة فی (الدروس) و تأمل فی دخول ورق التوت المصنف فیما یأتی و المولی الأردبیلی و الفاضل الخراسانی و فی (التحریر) (و حواشی) الشهید أن ورق الحناء للبائع و فی الثانی أن ورق الآس کالحناء للبائع
(قوله) (دون الفراخ)
و إن کانت نابتة من عروق الشجر المبیع إذ لا تعد جزءا عرفا فلا یتناولها العقد إلا مع الشرط کما فی (التذکرة) بل قالوا لو اشتری (اشتراها خ ل) النخلة بحقوقها لم تدخل الفراخ و قد أهمل ذکرها الأکثر و حکی الشهید فی حواشیه عن ابن المتوج أنه إن اشتری نخلة لم تدخل الفراخ و لو اشتری الأشجار أو النخل دخل الفراخ و قال فی (الدروس) قیل لا تدخل الفروخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 681
و لو تجددت فلمالک الأرض الإزالة عند صلاحیة الأخذ (1) و یستحق الإبقاء مغروسا لا المغرس (2) فلو انقلعت سقط حقه (3) و لو اشتری الشجرة بحقوقها لم یستحق الأرض أیضا (4) بل الإبقاء و لیس له الإبقاء فی المغرس میتة إلا أن یستخلف عوضا من أفراخها المشترطة (5)
______________________________
إلا بالشرط و هو یشعر بتردده فی ذلک و کأنه نظر إلی أنها جزء باعتبار حصولها فی أصول الشجرة الداخلة فی مسماها (و فیه) أنها و إن نمت من أصول الشجرة إلا أن العرف اقتضی خروجها عن الجزئیة اللّٰهمّ إلا أن تکون نابتة فی نفس الغرس ففیه احتمالان أقواهما الدخول و لا تدخل الأرض کما فی (التحریر و الدروس) و إن افتقر إلیها إلا مع الشرط أو القرینة و یأتی التنبیه علیه فی کلام المصنف و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه کما ستعرف
(قوله) (و لو تجددت فلمالک الأرض الإزالة عند صلاحیة الأخذ)
لو تجددت الفراخ بعد البیع فهی لمشتری النخلة و لا یستحق المشتری إبقاءها فی الأرض إلا مع الشرط فإن لم یشترط کان له قلعها عن أرضه عند صلاحیة الأخذ لا قبله کما فی الزرع و الثمرة إذا اشتراهما و یرجع فی ذلک إلی العادة و لا یسوغ قبل ذلک لما فیه من الإضرار بالمشتری و لا یستحق البائع علی المشتری أجرة ذلک لأن الإبقاء إلی أوان الانتفاع من مقتضیات العقد (و قد) یقال إن الفراخ إن شمله اسم الشجرة وجب إبقاؤه کالشجرة و إن لم یشمله لم یجب إبقاؤه وقتا ما بل یزال حالا کما لو نبت حب الغیر فی أرض آخر (و یجاب) بأنه من نماء الشجرة فهو کثمرتها و إن لم تدخل فی مسماها من حیث اسم الشجرة لا یتناوله فمن ثم لا یجب إبقاؤه دائما و لا تجوز إزالته حالا بل یجب إبقاؤه إلی أوان البلوغ عرفا
(قوله) (و یستحق الإبقاء مغروسا لا المغرس)
عندنا کما فی (التذکرة) و فی (مجمع البرهان) و کأنه لا خلاف فیه عندنا کما یظهر من (التذکرة) و إنما یستحق منفعة المغرس للإبقاء لا غیر (و قد یقال) إنه یدخل لأنه یستحق منفعة المغرس لا إلی غایة و ذلک لا یکون إلا علی سبیل التملیک و لا وجه لتملکه إلا دخوله فی البیع (و فیه) أن الغایة انتهاء حیاة الشجرة و قد یستحق غیر المالک المنفعة لا إلی غایة کما لو أعاره جداره لیضع علیه جذعه فالمقدمتان ممنوعتان (و یتفرع) علی ذلک أنه لا تجوز الصلاة تحتها إلا بإذن المالک ذکره الشهید فی حواشیه هذا کله فیما إذا لم تقض العادة بأنه یقطع للبناء و الحطب کما فی (الدروس و مجمع) (البرهان و الکفایة) و لو کانت الشجرة یابسة ثابتة فعلی المشتری تفریغ الأرض منها فلو شرط إبقاءها فإن عین المدة صح و إن أبهم بطل لأنه لا حد لها ینتهی إلیه کما فی (التذکرة)
(قوله) (فلو انقلعت سقط حقه)
فلم یکن له غرس أخری و لا استخلاف فروخها إلا بالشرط و کذا لو قلعها المالک کما فی (التذکرة) و غیرها و لو قلعها قالع بدون إذن المالک فوجهان أقواهما عدم سقوط حقه
(قوله ره) (و لو اشتری الشجرة بحقوقها لم یستحق الأرض أیضا)
أی کما لا یستحق الأرض بدون قوله بحقوقها کما صرح بذلک فی (التذکرة) و إنما یستحق الإبقاء فقط
(قوله) (و لیس له الإبقاء فی المغرس میتة إلا أن تستخلف عوضا من فراخها المشترطة)
قد عبر بعین هذه العبارة فی (التذکرة) و قد أشکلت علی المحقق الثانی فأطال الکلام فی بیانها کما ستسمع (و أنت خبیر) بأن معناها أنه لیس له إبقاء الشجرة بعد موتها فی مغرسها إلا إذا اشترط فی العقد أنها متی ماتت فله أن یبقیها حتی ینبت بدلها من فراخها المشترطة بهذا الشرط کما هو الشأن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 682
و لا تندرج الثمرة المؤبرة فیها إلا أن یشترطه المشتری سواء أبرها البائع أو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح (1)
______________________________
فی کثیر من الشجر فإنه حینئذ یستحق إبقاءها فی المغرس فالاستثناء متصل و العبارة وافیة بهذا الفرع الذی ینبغی التنبیه علیه و لهذا لم یعترض علیها الشهید فی حواشیه و لا غیره و قال المحقق المذکور فی (جامع المقاصد) الاستثناء هنا من محذوف أی و لیس له إبقاء الشجرة فی حال إلا فی حالة استخلافها عوضا من فراخها بشرط أن تکون مشترطة الإبقاء أما أنه لا یجب إبقاؤها میتة فهو ظاهر لأنها حینئذ لا تعد شجرة و إنما هی حطب فتجب إزالتها و هل یجب إبقاء أصلها لرجاء أن تنبت ظاهر العبارة عدم ذلک لأن استبقاء أصول الشجرة إنما کان بالتبعیة و قد زالت و یحتمل الوجوب لوجوب إبقاء المجموع فلا یسقط الحکم بزوال بعضه هذا إذا لم یشترط بقاء الفراخ (قلت) الاحتمال الثانی علی تقدیر عدم اشتراط بقائها أو بقاء فراخها ساقط قطعا لأنه لا فائدة فیه و لیس له حد ینتهی إلیه کما عرفته مما سلف (ثم قال) فلو شرط بقاء الفرخ و کان الفرخ وقت موت الشجرة موجودا فإنه یجب إبقاؤه عملا بالشرط (قلت) هذا ظاهر و لا تعلق له بالعبارة قال و إن لم یکن موجودا فهل یجب الإبقاء لرجاء وجوده بناء علی وجوب بقاء الأصل استقلالا فیه تردد ینشأ من الشک فی المقتضی و من رجاء النفع (قلت) هذا ساقط لسقوط احتمال بقاء الأصل استقلالا کما عرفت (ثم قال) و اعلم أن الاستثناء الواقع فی العبارة منقطع لأن إبقاء الشجرة المیّتة لا یجب علی حال (قلت) قد عرفت وجوبه إذا اشترط بقاءها لتستخلف فراخا علی ما هو المعتاد فی مثلها ثم قال ثم إن إبقاء الأصل علی تقدیر اشتراط الفراخ المستخلف إنما یتحقق إذا کان زواله مضرا فإن لم یکن مضرا فعلی مقتضی عبارة المصنف السابقة من عدم وجوب إبقاء الأصول استقلالا لا یجب هنا و إن کان جملة الاستثناء تقتضی وجوب الإبقاء مع الاستخلال مطلقا (قلت) قد عرفت المراد من العبارة ثم قال (و التحقیق) أنه إن وجب إبقاؤه بالاستقلال لم یقید بحصول الفرخ و لا باشتراط إبقائه و إلا لم یجب إلا إذا حصل المتبوع و العبارة لا تنطبق علی واحد من الأمرین انتهی (و قد عرفت) الحکم فی هذین مما ذکر فی البین
(قوله) و لا تندرج الثمرة المؤبرة فیها إلا أن یشترطه المشتری سواء أبرها البائع أو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح)
إذا کان ثمرة النخلة مؤبرة فهی للبائع بإجماع المسلمین إلا من شذ کما فی (المسالک) و بالإجماع کما فی (الخلاف و التذکرة و المفاتیح) و ظاهر (السرائر) حیث نسبه إلی أصحابنا و علیه النص عن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و الأئمّة علیهم السلام و فی (الریاض) أن حکایة الإجماع مستفیضة و فی (الوسیلة) فی باب بیع الثمار و إن باع الشجر و لم یبد صلاحها کان الثمر للمبتاع إلا أن یشترط البائع و هو شاذ و مستنده غیر واضح و أما أن للمشتری إذا اشترطه فقد طفحت به عباراتهم کعبارة (المبسوط و السرائر) و غیرهما و نطقت به روایاتهم و فی (الریاض) أنه لا خلاف فیه و هو کذلک التفاتا إلی مقتضی الشرطیة و عملا بالنصوص المعتبرة و إذا لم تؤبر فهی للمشتری کما سینص علیه المصنف و قد حکی علیه الإجماع فی (السرائر) مکررا (و المختلف) فی بیع الثمار (و غایة المرام) و ظاهر (الشرائع و التذکرة و المسالک) فی آخر کلامه (و الکفایة) و قد حکی نقله جماعة و فی (الریاض) لا خلاف بل علیه الإجماع فی کلام جماعة و عد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 683
و علی المشتری التبقیة إلی بلوغ الصلاح مجانا و یرجع فی الصلاح إلی العادة ففیما یؤخذ بسرا إذا تناهت حلاوته و فیما یؤخذ رطبا إذا تناهی ترطیبه و ما یؤخذ تمرا إذا نشف نشافا تاما (1)
______________________________
منهم المقداد فی (التنقیح) و لم أجده فیه و حکاه عن صریح (التذکرة) و هو ظاهرها مضافا إلی مفهوم القید فالمعتبرة و هو حجة و بذلک کله یخص الأصل بمعنی الاستصحاب بناء علی عدم دخوله فی مفهوم النخل لغة بل و لا عرفا علی تأمل فیه علی إطلاقه لما قاله فی (التذکرة) من أنها قبل التأبیر کالجزء من النخلة لا یعلم حالها من صحة الثمرة و فسادها و المخالف أبو حنیفة و کذلک ابن خمرة فی ظاهره حیث جعل الاعتبار فی دخول الثمرة و عدمه ببدو الصلاح و عدمه فمتی باعها بعده فالثمرة للبائع و قبله للمشتری إلا مع الشرط و فی (الدروس) و غیره أنه قادر و المحقق فی (الشرائع) لیس بمتردد کما فهمه الصیمری منه و غیره و إنما أراد الدلالة علی الدلیل و المولی الأردبیلی کأنه متأمل فی ذلک کما أنه قد یلوح من (المسالک) و لم یظهر من (المقنعة و النهایة) خلاف فی ذلک إذ أقصی ما فیهما أنهما لم یتعرض فیهما لذلک و صاحب (المراسم) لم یتعرض للحکمین معا و قوله فی (المبسوط) و حکم سائر الثمار حکم النخل و ثمرتها لأن أحدا لم یفصل إنما هو فی مقام آخر و إلا فهو قد صرح بأن ثمرة النخل قبل تأبیرها للمبتاع و نعم ما قال فی (السرائر) فی المقام فلتلحظ و لو جهل المشتری تخیر فی الفسخ و الإمضاء عند الشیخ و الشهید و أنکره فی (المختلف) لعدم العیب (و فیه) أن فوات بعض المبیع أبلغ من العیب (فتأمل) و لو ظنها البائع مؤبرة فظهرت غیر مؤبرة فله الفسخ إن تصادقا علی الظن و أما أنه لا فرق بین تأبیر البائع و تأبیر اللواقح فقد صرح به فی (المبسوط و التذکرة و التحریر و الدروس) و غیرها لظهور المقصود
(قوله) (و علی المشتری التبقیة إلی بلوغ الصلاح مجانا و یرجع فی الصلاح إلی العادة فما یؤخذ بسرا إذا تناهت حلاوته و ما یؤخذ رطبا إذا تناهی ترطیبه و ما یؤخذ تمرا إذا نشف نشافا تاما)
لا أضمن صحة نشافا و الموجود فی بعض کتب اللغة نشفا مثل فلس (کالمصباح المنیر و مجمع البحرین) و لم أجد نشافا فی شی‌ء مما حضرنی منها و أما أنه یجب علی المشتری التبقیة إلی وقت أخذه عادة فقد صرح به فی (المبسوط و الخلاف و السرائر و جامع الشرائع) (و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و المفاتیح) و هو ظاهر غیرها و قد تقدم مثله فیما إذا باع الزرع قبل أن یسنبل و قلنا هناک إن ظاهر إطلاق الفتاوی و النصوص ما عدا موثقة سماعة وجوب التبقیة و قد تأولوها و أیضا فإن الأصل و القاعدة اقتضیا بقاء هذه الثمرة إلی أوانها و مع ذلک تصدی المشتری للشراء کما فی (مجمع البرهان) و الظاهر عدم الفرق بین کون المشتری عالما بالمسألة أم لا لعدم الضرر المنفی و فی (الشرائع) و غیرها یجب علی المشتری تبقیته نظرا إلی العرف و ظاهرها أن النظر إلی العرف دلیل وجوب التبقیة کما استدل بذلک فی (الخلاف) (و وجهه) أن الثمرة المقطوعة قبل أوانها لا قیمة لها فی الأغلب خصوصا ثمرة النخل مع أنه قد قال علیه السلام لا ضرر و لا ضرار فإن العادة تقتضی إبقاءها للبائع إذا باع الشجرة (و یمکن) أن یرید به وجوب تبقیتها بما دل العرف علیه بحسب تلک الشجرة فی ذلک المحل و هذا المعنی هو المقصود فی أکثر العبارات کما فصله المصنف و غیره فکانت أحکام المسألة موافقة للاعتبار و الأصول و القواعد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 684
و کذا لو اشتری ثمرة کان له إبقاؤها (1)

[لو لم یکن مؤبرا دخل بشرطین]

اشارة

و لو لم یکن مؤبرا دخل بشرطین

[الأول أن یکون من النخل]

(الأول) أن یکون من النخل فلو اشتری شجرة من غیر النخل و قد ظهرت ثمرتها لم یدخل سواء کانت فی کمام و قد تفتح عنها أو لم یکن تفتح أو کانت بارزة (2)
______________________________
و ظواهر أخبار الزرع مع اتفاق الفتوی علی ذلک فما فی (الکفایة) من قوله لا أعلم فی هذا الباب حجة واضحة لم یصادف محزه و إن صرف إلی غیر ذلک مما ذکره من الفروع فکذلک لما بیناه فی باب بیع الثمار و الرجوع إلی العادة مع اتفاقها واضح فلو اضطربت عمل علی الأغلب و مع التساوی یحتمل وجوب التعیین للاختلاف المؤدی إلی الجهالة فیبطل العقد بدونه و یحتمل الحمل علی الأقل اقتصارا فیما خالف الأصل علیه لأن الأصل تسلط المشتری علی ملکه و منع غیره من الانتفاع به و الأکثر لثبوت أصل الحق فیستصحب إلی أن یثبت المزیل و لیس الإبقاء إلی بلوغ الصلاح عادة أجلا فی عقد البیع لا بالنسبة إلی الثمن و لا إلی المثمن و إنما هو أمر مرتب علی عقد البیع و ثبوته فهو من مقتضیات المعاوضة خارج عنها لا أجل فیها و لو کان داخلا فی نفس المعاوضة لم یکن العرف رافعا للجهالة فإنه لا یجوز تأجیل أخذ العوضین إلی أوان أخذ الثمرة عرفا و بذلک یعرف الحال فیما ذکره الشهید فی حواشیه و الظاهر أن فی النسخة سقطا و قد تقدم الکلام فی ذلک مستوفی فی باب الثمار کما تقدم؟؟؟ بیان الحال فی سقی الشجرة و ما إذا تضررا به أو تضرر أحدهما و انتفع الآخر و بینا الحال فی ذلک فیما إذا باع الثمرة و أبقی الأصل أو بالعکس و استوفینا الکلام فی ذلک
(قوله) (و کذا لو اشتری ثمرة کان له إبقاؤها)
هذا قد تقدم الکلام فیه فی بیع الثمار و یعلم حاله مما ذکرنا هنا
(قوله) (فلو لم یکن مؤبرا دخل بشرطین أن یکون من النخل فلو اشتری شجرة غیر النخل و قد ظهرت ثمرتها لم تدخل سواء کان فی کمام و قد تفتح عنها أو لم یکن قد تفتح أو کانت بارزة)
أما دخول غیر المؤبر فی البیع و صیرورته للمشتری فقد تقدم بیانه آنفا مستوفی و أما عدم دخول ثمرة غیر النخل مطلقا کما أشار إلیه المصنف فظاهر (السرائر) (و التنقیح و التذکرة) الإجماع علیه قال فی (السرائر) فأما ما عداه یعنی النخل فمتی باع الأصول و فیها ثمرة فهی للبائع إلا أن یشترطها المشتری سواء لقحت و أبرت أو لم تلقح و نسب ذلک إلی أصحابنا تارة و قال عندنا أخری و استدل علیه بالأصول المقررة و الأدلة الممهدة و فی موضع آخر نفی الخلاف عن ذلک و قال فی (التذکرة) غیر النخل من الأشجار لا تدخل ثمارها فی البیع للأصل إذا کانت قد خرجت سواء بدا صلاحها أو لا و سواء کانت بارزة أو مستترة فی کمام و سواء تشقق الکمام عنها أو لا و کذا ورد ما یقصد ورده سواء تفتح أم لا عند علمائنا و کذا القطن و غیره (و بالجملة) کل ما عدا النخل انتهی و فی (التنقیح) لا نعلم فیه خلافا و ظاهره الإجماع أیضا و هو الذی اختاره الحیوان کما فی (الدروس) و فی (الریاض) أنه یفهم من بعض أصحابنا أنه لا خلاف فیه و لعله فهم ذلک من (التنقیح) و هو خیرة (جامع الشرائع و الشرائع) فی موضعین منها (و النافع و التحریر و الإرشاد و المختلف و اللمعة) (و الدروس) فی موضع منه (و المسالک) فی موضعین منه (و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) و هو ظاهر جماعة و حکاه فی (المختلف) عن والده و قواه الشهید فی موضع آخر من (الدروس) و هو خیرة (النهایة) علی ما فهمه منها صاحب (السرائر) بعد أن حرر عبارتها أحسن تحریر فیکون خیرة (المقنعة) لأنها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 685

[الثانی الانتقال بالبیع]

(الثانی) الانتقال بالبیع فلو انتقلت النخلة بغیره من صلح بعوض أو غیره أو هبة بعوض و غیره أو إجارة أو إصداق أو غیر ذلک لم یدخل (1)
______________________________
مثلها و من العجیب أنه لم یفهم فی (السرائر) من (المبسوط) خلافا مع أنه نقل بعض عباراته الصریحة فی (الخلاف) کما ستسمع و قد استدل علیه فی (الکفایة و مجمع البرهان) بالعرف و الأخبار الدالة علی أن الثمرة فی غیر النخل بعد ظهورها للبائع و قد عرفت أنه یدخل علیه الأصل أیضا لعدم دخول الثمرة فی مفهوم الأصل و المخالف الشیخ فی (المبسوط) و ابن حمزة فی (الوسیلة) و القاضی فیما حکی عنه فی (المختلف) (و الدروس) قال فی (المبسوط) فی قطن البصرة و الحجاز مما یبقی أصله سنین کثیرة إذا باع أصله و قد خرجت جوزته فإن کان قد تشقق فالقطن للبائع إلا أن یشترطه المشتری و إن لم یکن تشقق فهو للمشتری و قال (الثالث) أن تخرج الثمرة فی ورد فإذا باع الأصول و قد خرج وردها و تناثر و ظهرت الثمرة فهی للبائع إلا أن یشترطه المبتاع و إن لم یتناثر وردها و لم تظهر الثمرة و لا بعضها فإن الثمرة للمشتری و قال (الرابع) ما یقصد ورده مثل شجر الورد إذا بیع أصله نظر فإن کان أصله قد تفتح فهو للبائع و إن لم یکن تفتح و إنما هو حینئذ فهو للمشتری (انتهی) هذا و لما کانت السالبة تصدق مع انتفاء الموضوع صح للمصنف أن یقول و لو لم یکن مؤبرا «إلخ» لکن ذلک لا یتأتی فی عبارة (السرائر) و قد سمعتها لکن فی (القاموس) أبر النخل و الزرع یأبره أصلحه کأبره و هو صریح فی أن الأبر و التأبیر بهذا المعنی غیر خاص بالنخل کما هو ظاهر غیره
(قوله) (الثانی الانتقال بالبیع فلو انتقلت النخلة بغیره من صلح بعوض أو غیره أو هبة بعوض أو غیره أو إجارة أو إصداق أو غیر ذلک لم یدخل)
دلیله ظاهر مع الإجماع کما فی (مجمع البرهان) و فی (السرائر) بعد أن ذکر مخالفة الشیخ فی الإصداق و الخلع و الصلح و الإجارة ما نصه جمیع هذه العقود الثمرة فیها للمالک سواء أبرت أم لم تؤبر بغیر خلاف من أصحابنا و فی (التذکرة) لو انتقلت النخلة بغیر البیع لم یثبت الحکم بل الثمرة الظاهرة للناقل إذا وجدت قبل النقل سواء کانت مؤبرة أو غیر مؤبرة عند علمائنا و فی (المسالک) لا خلاف فی ذلک عندنا و قد نص علی ذلک فی (الشرائع و المختلف و التحریر و الإرشاد و الدروس و الروضة) (و الکفایة) و غیرها و نص علی عدم الدخول فی (جامع الشرائع) فی الإصداق و عوض الخلع و لا قائل بالفصل بینهما و بین الصلح و الإجارة و المخالف الشیخ فی (المبسوط) فی الأربعة المذکورة و القاضی فیما حکی عنه (حجة المشهور) بعد الإجماع أن الأصل بقاء الثمرة علی ملک الناقل خرجت عنه صورة البیع للأخبار فیبقی الباقی (و احتج للشیخ) بأنه إنما حکم فی البیع بالانتقال للمشتری لکون الثمرة حینئذ جزءا من المسمی إذ لا وجه سوی ذلک و هذا لا یختلف باختلاف العقود الناقلة و الاستناد إلی التعلیل کأنه علیل سلمنا لکن ینتقض علیه بالعقود الخالیة من المعاوضة کالهبة و الرجوع للفلس «1» فإنه وافق فیهما علی کون الثمرة للناقل مع وجود ما ادعاه علة فیهما و فی (السرائر) أنه مذهب المخالفین لأهل البیت علیه السلام و أنه قیاس و هناک شرط ثالث و هو کونها إناثا فلو باع فحولا بعد تشقیق طلعها لم یندرج فی البیع إجماعا و کذا إن لم یتشقق عندنا ذکر ذلک کله فی (التذکرة) و سینبه المصنف علی ذلک فیما یأتی و لعله لذلک ترکه (إذا عرفت) هذا فعد إلی عبارة الکتاب ففی حواشی
______________________________
(1) یعنی إذا رجع البائع فی عین ماله للتفلیس فإن الثمرة لا تدخل (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 686

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول إذا ظهرت الثمرة بعد البیع]

(الأول) إذا ظهرت الثمرة بعد البیع فهی للمشتری إذا لم تکن موجودة حال العقد إلا أن یشترطها البائع (1)
______________________________
الشهید أن فخر الإسلام نقل عن والده أن الضمیر فی قوله من صلح بعوض أو غیره راجع إلی العوض أی غیر عوض لأن الصلح جائز بغیر عوض و قال أی الشهید إن الأولی رد الضمیر إلی الصلح و فی (جامع المقاصد) لا ریب أن المتبادر عود الضمیر إلی الصلح لکن یشکل علیه أن قوله أو هبة بعوض أو غیره إلی آخره یصیر مستدرکا لاندراج ذلک کله فی غیر الصلح و عود الضمیر إلی العوض علی ما فیه من التکلف یقتضی وقوع الصلح بغیر عوض (و یشکل) بأنه من عقود المعاوضات و هی تقتضی عوضین و لا یبعد أن یکون نظرهم فی ذلک إلی أن الصلح من الدین علی بعضه صحیح و هو هبة للبعض فیقتضی وقوع الهبة بلفظ الصلح و لا دلالة علیه «1» لأنه علی ذلک التقدیر حینئذ صلح مشتمل علی العوضین فإن البعض و الکل مختلفان کما فی البیع المشتمل علی المحاباة أما وقوع الهبة بلفظ الصلح فلا دلیل علیه (فإن قیل) لو کان هذا معاوضة حقیقیة لزم الربا فی الربوی (قلت) لما کان أحد العوضین داخلا فی الآخر و إن غایره مغایرة الجزء للکل لم یتحقق شرط الربا و تحقق شرط الصلح بتغایر العوضین انتهی (قلت) دلت الأخبار علی جواز الصلح علی الدین المؤجل بأقل منه عاجلا و لا تکلف إذا کان الدین مؤجلا فی عود الضمیر إلی العوض بل هو المتبادر کما فی قوله بعده أو هبة بعوض أو غیره و عمومات الصلح تقضی بأنه لا مانع من أن یکون یفید فائدة البیع إذا وقع علی نقل العین بعوض (و فائدة) الإجارة إذا وقع علی منفعة معلومة بعوض معلوم (و فائدة) العاریة إذا تضمن إفادة منفعة بغیر عوض (و فائدة) الهبة إذا تضمن ملک العین بغیر عوض (و فائدة) الإبراء إذا تضمن إسقاط دین کما أن الشیخ جعله فرع کل واحد من هذه العقود إذا أفاد فائدته و کما أنه جائز مع الإنکار و الإقرار مع سبق نزاع و لا معه لمکان العموم المذکور و إن أشعر لفظه بالنزاع السابق (بسبق نزاع خ ل)
(قوله) (فروع الأول إذا ظهرت الثمرة بعد البیع فهی للمشتری إذا لم تکن موجودة حال العقد إلا أن یشترطها البائع)
أورد الشهیدان ظهورها بعد البیع یستلزم عدم وجودها حالته فأی فائدة فی التقیید بعدم الوجود حال البیع (و أورد) المحقق الثانی أن ظهورها بعد البیع یقتضی عدم کونها موجودة حین إیقاعه إذ لو کانت موجودة حین إیقاعه لم یتحقق ظهورها بعده إذ لا یراد عند الفقهاء من ظهور الثمرة إلا بروزها للوجود لا زوال الساتر عنها إلا أن یحمل الظهور علی بدو الصلاح نظرا إلی أنها قبله بمعرض التلف فکأنها غیر ظاهرة أوانه وقت الانتفاع بها و الانتفاع بها قبله بعید فکأنها غیر ظاهرة (و فیه) ما لا یخفی فإن مدار الحکم علی الوجود و عدمه فبدو الصلاح لا یعتد به انتهی (و قد یقال) إن مراد المصنف فی المقام أن الظهور علی قسمین ظهور حسی و ظهور واقعی فی نفس الأمر و المستغنی عن القید کل منهما بالنسبة إلی عدمه لا أحدهما بالنظر إلی عدم الآخر فجاز أن یکون المقید هو الظهور الحسی و المنفی وجوده الظهور الواقعی فیحصل من ذلک ثلاث صور عدم الظهور حال العقد أصلا فالثمرة للمشتری و الظهور حالته واقعیا و حسیا فالثمرة للبائع و الظهور فی نفس الأمر و عدمه فی الحس و الثمرة حینئذ للبائع أیضا و الحکم فی الکل ظاهر الدلیل فاندفع الإیرادان معا و هذا لا یخالف ما حکاه المحقق الثانی عن
______________________________
(1) کذا وجد (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 687

[الثانی لو کان المقصود من الشجر الورد]

(الثانی) لو کان المقصود من الشجر الورد فإن کان موجودا حال العقد فهو للبائع و إن لم یکن تفتح (1)

[الثالث إنما یعتبر التأبیر فی الإناث من النخل]

(الثالث) إنما یعتبر التأبیر فی الإناث من النخل لأن التأبیر هو شق أکمة النخل الإناث و ذر طلع الفحل فیها فحینئذ لا شی‌ء للمشتری فی طلع الفحول إن کان موجودا حال البیع (2)

[الرابع لو أبر البعض فثمرته للبائع]

(الرابع) لو أبر البعض فثمرته للبائع و ثمرة غیر المؤبر للمشتری سواء اتحد النوع أو اختلف و سواء اتحد البستان أو تعدد (3) أما لو کان بعض طلع النخلة مؤبرا و بعضه غیر مؤبر احتمل دخول غیر المؤبر (4) خاصة
______________________________
الفقهاء من أنه لا یراد عندهم من ظهور الثمرة إلا بروزها للوجود لا زوال الساتر عنها لأنا قلنا فی الصورة الثالثة إنها للبائع لمکان بروزها للوجود فی الواقع و إن کانت مستورة عن الحس و یعرف کونها موجودة فی نفس الأمر بقول عدلین من أهل الخبرة فعلی هذا لو تنازع البائع و المشتری فی الظهور بمعنی الوجود حال العقد فإن کان هناک قرینة أو عدلان من أهل الخبرة و إلا حلف المشتری لأصالة عدم تقدم الظهور و فی وجوب الیمین مع القرینة احتمال من حیث إن القرینة قد لا تفید القطع
(قوله) (لو کان المقصود من الشجر الورد فإن کان موجودا حال العقد فهو للبائع و إن لم یکن تفتح)
هذا قد تقدم الکلام فیه عند شرح قوله و لو لم یکن مؤبرا دخل (إلخ)
(قوله) (الثالث إنما یعتبر التأبیر فی الإناث لأن التأبیر هو شق أکمة النخل و ذر طلع الفحل فیها فحینئذ لا شی‌ء للمشتری فی طلع الفحل إن کان موجودا حال البیع)
قد نص فی (المبسوط و الشرائع و التذکرة و التحریر و المسالک) و غیرها علی أن طلع الفحل للبائع سواء تشقق أو لا و إلیه أشار فی (الدروس) و قد سمعت فیما سلف إجماعی (التذکرة) الصریح و الظاهر و قد استدل علی اعتبار التأبیر فی الإناث خاصة بأن التأبیر مرکب من أمرین شق أکمة النخل و ذر طلع الفحل فیها کما صرح بذلک فی (التذکرة) و من المعلوم أن الثانی لا یتحقق إلا فی الإناث فحین عدم تحققه فی الفحول لا شی‌ء للمشتری فی طلعها إن کان موجودا حال البیع لأن نصوص التأبیر لا تتناوله لما عرفته من الترکیب فی معنی التأبیر فکان أصل عدم انتقاله إلی المشتری تشقق أو لا سالما عن المعارض (و قد یقال) لا حاجة بنا فی ذلک إلی دعوی الترکیب فی التأبیر إذ هو ذر طلع الفحل و الشق مقدمة ثم إن هذا التعلیل جار فی العرف الغالب کما فی (جامع المقاصد) و قال فیه إنه نقل أنهم قد یشقون أکمة الفحل و یذرون طلع الأنثی فیها فیحصل منه تمر إلا أن ذلک لندرته لا یقدح فیحمل التعلیل علی الغالب
(قوله) (الرابع لو أبر البعض فثمرته للبائع و ثمرة غیر المؤبر للمشتری سواء اتحد النوع أو اختلف و سواء اتحد البستان أو تعدد)
کما هو خیرة (المبسوط و الخلاف و الشرائع و الإرشاد) (و التحریر و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) و هو ظاهر غیرها عملا بظاهر الخبر و قد حاول المصنف الرد علی بعض الشافعیة المفارقین بین ما إذا اتحد النوع فیستوفی کله و ما إذا تعدد و الرد علی من فرق بین البستان الواحد و المتعدد
(قوله) (أما لو کان بعض طلع النخلة مؤبرا و بعضه غیر مؤبر احتمل دخول غیر المؤبر)
کما احتمل ذلک فی (التذکرة و التحریر و الإیضاح) من دون ترجیح و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو عن قوة و فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 688
و عدم الدخول مطلقا لعسر التمییز (1)

[الخامس لا یدخل الغصن الیابس و لا السعف الیابس علی إشکال]

(الخامس) لا یدخل الغصن الیابس و لا السعف الیابس علی إشکال و فی ورق التوت نظر (2)

[السادس لو خیف علی الأصول مع تبقیة الثمرة ضرر یسیر لم یجب القطع]

(السادس) لو خیف علی الأصول مع تبقیة الثمرة ضرر یسیر لم یجب القطع و لو خیف الضرر الکثیر فالأقرب جواز القطع و فی دفع الأرش نظر (3)
______________________________
(المسالک) أنه أقوی و هو ظاهر (الشرائع و الإرشاد و الروضة و الکفایة) و أظهر منها عبارة (الدروس) حیث قال و لو أبر البعض فلکل حکمه فإن عسر التمییز اصطلحا فإنهم أطلقوا الحکم بحیث یشمل ما لو کان المؤبر بعض البستان کشجرات معینة و غیر المؤبر الباقی و ما لو کان التبعیض فی الشجرة الواحدة بأن یؤبر بعض النخلة و یترک الباقی فیکون المؤبر فیهما للبائع و الآخر للمشتری عملا بظاهر النص فإن تعلیق الحکم علی الوصف یظهر منه العلیة فیکون التأبیر هو العلة و سیأتی فی الفرع السابع إطلاقات فی العبارات ترشد إلی هذا الاحتمال
(قوله) (و عدم الدخول مطلقا لعسر التمییز)
هذا احتمله أیضا المصنف فی (التذکرة و التحریر) و ولده فی (الإیضاح) و استظهره المقدس الأردبیلی و کأنه مال إلیه الشهید فی حواشیه و المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد) لأنه یصدق علیه أنه قد باع نخلا قد أبر لأن التأبیر یصدق علی البعض و الجمیع لأنه أعمّ منهما و قد وجد التأبیر فی الجملة فی الشجرة فلا یوجد نقیضه فیها إذ الماهیة توجد بوجود فرد منها و إنما تنعدم بعدم جمیع أفرادها فیدخل تحت نص أنه للبائع و یکون غیر المؤبر تابعا قال فی (التذکرة) و هو أولی من جعلهما معا للمشتری کما أن باطن الصبرة تبع لظاهرها فی الرؤیة لأن الباطن صائر إلی الظاهر بخلاف العکس و ظاهره أنه هناک وجه ثالث (و وجهه) عدم صدق التأبیر فی المجموع الذی هو مورد النص و هو قوی جدا کما ذکروه فیمن أسلم علی میراث بعد قسمة بعضه (و احتج) علی الوجه الثانی أیضا بأن فی افتراقهما فی الحکم کمال العسر و عدم الضبط و بالأصل فیقتصر فیما خالفه علی موضع الوفاق بیان ذلک أن دخول الثمرة نشأ من دلالة المفهوم و هی ضعیفة مخالفة للأصل فیقتصر فیها علی المتیقن و هو إذا لم یؤبر شی‌ء و یبقی الباقی علی أصل عدم الدخول (و قد استدل) المصنف علیه بعسر التمییز و الشهید فی حواشیه قال قیل فیه نظر لأن العسر یبطل العقد إذا کان مقصودا بالبیع إذ التقدیر حصوله حین العقد و فی (جامع المقاصد) أن هذا غیر وارد لإمکان أن یراد عسر التمییز بعد تأبیر الباقی (قلت) و یصطلحان حینئذ کما لو تجددت أخری و قال الشهید إن عسر التمییز اصطلحا و الأولی أن یقال إن قوله لعسر التمییز إشارة إلی الدلیل و هو أن المؤبر لا یدخل لوجود العلة المانعة و غیر المؤبر لو دخل لبطل البیع فی النخلة و الثمرة لأنه مجهول تعسر معرفته و لیس من ضروریات البیع کأس الحائط و لا منصوصا کالآبق (فتأمل)
(قوله) (الخامس لا یدخل الغصن و لا السعف الیابس علی إشکال و فی ورق التوت نظر)
قد تقدم الکلام فی ذلک کله مستوفی
(قوله) (السادس لو خیف علی الأصول مع تبقیة الثمرة ضرر یسیر لم یجب القطع و لو خیف الضرر الکثیر فالأقرب جواز القطع و فی دفع الأرش نظر)
یرید کما یعطیه سوق العبارة أنه إذا باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع علی ما تقدم فإن عطشت و انقطع الماء و لم یتمکن من سقیها و کان ترکها علی الأصول یضر بها فإن کان قدرا یسیرا أجبر المشتری علیه کما طفحت به عباراتهم بل لا أجد فیه مخالفا و إن کان کثیرا یخاف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 689

[السابع لو کانت الثمرة مؤبرة فهی للبائع]

(السابع) لو کانت الثمرة مؤبرة فهی للبائع (1) فلو تجددت أخری فهی للمشتری (2) فإن لم یتمیزا فهما شریکان (3) فإن لم یعلما قدر ما لکل منهما اصطلحا و لا فسخ لإمکان التسلیم و کذا لو اشتری طعاما فامتزج بطعام البائع قبل القبض و له الفسخ
______________________________
علی الأصول الجفاف أو نقصان حملها فی المستقبل نقصانا کثیرا فقد اختلفت فیه کلمة الأصحاب (و قد اختار) المصنف هنا أن للمشتری جواز القطع و إجبار البائع علی ذلک لأنه إذا جاز له ذلک کان له إجباره علی ذلک و هو خیرة (المختلف و الدروس و حواشی الکتاب) فی موضعین منها (و جامع المقاصد) و نفی عنه البأس فی (التذکرة) فی موضع منها لأن تسویغ التبقیة علی خلاف الأصل و إنما کان لمصلحة البائع صاحب الثمرة و لو لا ورود النص بذلک لم نصر إلیه لأنه یجب علیه تسلیم المبیع مفرغا فإذا انتفت المصلحة المقتضیة لتسویغ التبقیة رجعنا إلی الأصل و هذا الدلیل کما تری إنما ینطبق ظاهرا علی ما إذا لم یکن لصاحب الثمرة مصلحة أصلا لأن الثمرة (حینئذ) لا تخلو من الضرر علی کل حال ترکت أو صرمت و حینئذ فإنه لا ریب فی إجباره علی القطع و کأنه لا خلاف فیه و قد نبه علی الحکم فی (التذکرة) فالأولی أن یقال قد عارضها ضرر عظیم و قد قال صلی اللّٰه علیه و آله لا ضرر و لا ضرار و فی (المبسوط) و موضع من (التذکرة و الکتاب) فی بیع الثمار أنه لا یجوز له ذلک و لا یجبر البائع علیه إذا خیف الجفاف أو نقصان الحمل فی المستقبل نقصانا کثیرا و عن السید عمید الدین أنه إن تیقن التلف أجبر علی القطع و لا یجبر مع الضرر و إن کثر ففرق واضح بینه و بین ما فی (المبسوط) إن فسر الجفاف بالیبس (و احتج) الشیخ بأنه لما دخل فی بیع الأصول منفردا عن الثمرة فقد رضی بما تؤدی إلیه الثمرة من الضرر (و استشکل) فی موضع آخر من (التذکرة) و اقتصر فی (التحریر) علی نقل القولین و هذا الذی حکیناه عن (المبسوط) هو الذی وجدناه فی بعض النسخ المصححة و إلا ففی بعض النسخ و ما حکاه عنه فی نسختین من (المختلف) عبارة لا تکاد تصح و حیث یجوز له القطع هل یجب علیه الأرش قولان ففی (الدروس و جامع المقاصد) أنه لا یجب لأنه قطع مستحق و فی (حواشی الکتاب) فی موضعین أنه یجب لأنه نقص دخل علی مال الغیر لمصلحته و احتمله فی (الدروس) احتمالا و لعله الأقوی لقوله علیه السلام لا ضرر و لا ضرار (فلیتأمل) فیه و فخر الإسلام فی (الإیضاح) فرض المسألة فی عبارة الکتاب فیما إذا باع الثمرة و أبقی الشجرة و هو خلاف الظاهر من سوق العبارة و قد نقلنا کلامه فی باب بیع الثمار و تکلمنا فی المسألة علی هذا الفرض عند شرح قوله و لو انقطع الماء لم یجب قطع الثمرة فلیرجع إلیه من أراد الوقوف علیه
(قوله) (و لو کانت الثمرة مؤبرة فهی للبائع)
أعاده لیفرع علیه
(قوله) (فلو تجددت أخری فهی للمشتری)
کذا أطلق فی جملة من العبارات و قید فی (المبسوط) فی موضع منه (و التذکرة) بما إذا کان المتجدد فی غیر تلک الشجرة قال فی (التذکرة) لو کانت الثمرة مؤبرة فهی للبائع فإن تجددت أخری فی تلک النخلة فهی له أیضا فإن کان فی غیرها فهی للمشتری و نحوه ما فی (المبسوط) و لعله مبنی علی أن غیر المؤبر یتبع المؤبر فی النخلة الواحدة فتدبر
(قوله ره) (فإن لم یتمیزا فهما شریکان)
لأن الشرکة عبارة عن امتزاج المالین بحیث لا یتمیزان و فی (المبسوط) إن لم یتمیزا ینفسخ (فسخ خ ل) البیع أو یقول البائع سلمت الجمیع إلی المشتری فیجبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 690

[الثامن لو باع أرضا و فیها زرع فهو للبائع]

(الثامن) لو باع أرضا و فیها زرع فهو للبائع سواء ظهر أو لا إلا أن یشترطه المشتری فیصح ظهر أو لا و لا تضر الجهالة لأنه تابع (1)
______________________________
المشتری علی قبوله لأنه زاده فضلا و إن امتنع البائع من ذلک فسخ البیع لأن المبیع لا یمکن تسلیمه لأنه غیر متمیز و مراده بفسخ البیع ثبوت الخیار کما بیناه فی بیع الثمار و لا ریب أن ذلک إذا لم یعلمها قدر ما لکل منهما و أما إذا علماه اقتسماه و إن لم یتمیز کما إذا کان المبیع أربع نخلات مثلا قد أبر منها اثنتان و ثمرتها جمیعا متساویة فإن قدر ما لکل واحد منها نصف و إن لم یتمیز المالان و المصنف هنا و فی (التحریر و التذکرة) قال لا فسخ و لا یبطل العقد و معناهما لا خیار له بل یتعین الصلح إذ لا طریق للخلاص إلا هو و فی (المختلف و الدروس و جامع المقاصد) أنه إن تجددت قبل القبض فللمشتری الفسخ و إن بذل له البائع الجمیع أو ما شاء و لو کان بعد القبض اصطلحا و قال فی (المختلف) إن ظاهر کلام الشیخ أن المزج حصل قبل التسلیم و حینئذ یتخیر المشتری کما قررناه (قلت) الشیخ فی مبسوطه تکرر منه مضمون هذا الکلام فی مواضع و ما استظهره منه المصنف فی (المختلف) لعله فهمه من قوله لأن المبیع لا یمکن تسلیمه و هذا یمکن تأویله و قد یفهم ذلک من مقامات أخر و قد تقدم الکلام فی المسألة فی بیع الثمار عند شرح
(قوله) لو اشتری لقطة من الخضراوات فامتزجت بالمتجدد «إلخ» (1) و قد استوفینا هناک الکلام فیها و فی أطرافها و فی بیان کلام الأصحاب بما لا مزید علیه فلا بد من مراجعته و سیأتی فی الفرع الثانی من فروع أحکام التسلیم کلام شاف واف فی المقام و یبقی الکلام فی قول المصنف هنا و فی (التذکرة) لإمکان التسلیم إذ ظاهره أن المزج وقع قبل التسلیم فیشکل حینئذ عدم ثبوت الفسخ لأن الشرکة عیب فإذا حدث قبل القبض ثبت له الفسخ و حمله علی إمکان تسلیم جمیع الثمرة فإنه یجبر حینئذ علی القبول عند الشیخ فیکون المصنف قائلا بمقالة الشیخ یدفعه قوله فی مسألة اختلاط طعام المشتری بطعام البائع قبل القبض بأن له الفسخ فإن الشیخ لم یفرق بین المسألتین فی عدم الفسخ إذا سلم الجمیع و ثبوته مع عدمه و فی حواشی الشهید أن المصنف بعد القراءة علیه حف قوله و له الفسخ و ینبغی أن یحف ذلک فی (التذکرة) أیضا و عبارة (التحریر) تحمل علی ما بعد القبض و قد یفرق بین الثمرة و اللقطة و بین الطعام بأن الثمرة و اللقطة تحملهما الشجرة طبعا بخلاف الطعام الذی یمتزج اختیارا أو بتفریط البائع فکأن المشتری قد أقدم علی تجویز الشرکة بخلاف الطعام و المصنف فی بیع الثمار من الکتاب جعل للمشتری الخیار فی تجدد اللقطة من الخضروات من دون تقیید بقبل القبض أو بعده
(قوله) (لو باع أرضا فیها زرع فهو للبائع سواء ظهر أم لا إلا أن یشترطه المشتری فیصح ظهر أو لا و لا تضر الجهالة لأنه تابع)
لعله قصد بذلک الرد علی ما فی (المبسوط) من قوله إنه إذا باع الأرض و فیها قطن قد قوی جوزه و اشتد و لم یظهر القطن کان القطن للبائع و الأرض للمشتری فإن شرط المشتری أن یکون القطن له لم یصح شرطه للجهالة و مثله قال فیما إذا باعه أرضا فیها حنطة قد أخرجت السنابل فرد علیه المصنف هنا بأن الجهالة لا تضر لأنه تابع و أطلق فیحتمل أن یکون أراد أن کل تابع لا تضر جهالته و إن کان مقصودا بالذات فی البیع و الزرع بالنسبة إلی الأرض من توابعها و یحتمل أنه أراد ما ذکره من الضابط فی الفرع السادس من فروع المقصد الثالث فی العوضین (قال) کل مجهول مقصود بالبیع لا یصح بیعه و إن انضم إلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 691
و للبائع التبقیة إلی حین الحصاد مجانا فلو قلعه قبله لیزرع غیره لم یکن له ذلک و إن قصرت مدة الثانی عن إدراک الأول (1)
______________________________
معلوم و یجوز مع الانضمام إلی معلوم إذا کان تابعا و هذا الضابط ذکره فی عدة مواضع من (المختلف) قال فیه فی المقام إن البذر إن کان أصلا فی البیع بطل بخلاف ما إذا کان الأصل هو الأرض و البذر تابع فإنه یصح و مقتضاه أن ذلک یختلف باختلاف الأحوال و القصود و هذا هو الذی یقتضیه النظر کما فی (جامع المقاصد) قلت و علیه ینزل إطلاق الأصحاب إلا فی بیع الآبق منضما للإجماع و النص إلا من ظاهر علم الهدی فی (الإنتصار) و قد نقلنا کلامه برمته فی بیع الآبق و إلا فی بیع السمک فی الآجام منضما إلی القصب هذا مذهب جمهور المتقدمین کما بیناه آنفا و قد یستأنس له بقولهم فی باب الربا لو کان أحد العوضین مشتملا علی الآخر غیر مقصود صح مطلقا کبیع دار مموهة بالذهب و لا کذلک لو اشتری عبدا له مال بجنسه و هو ربوی فإنه یبطل ساواه الثمن أو قصر عنه و إن کان خارجا عما نحن فیه و ظاهر (الدروس) إنکار هذا الضابط حیث جوز بیع الأرض و البذر مطلقا و یشهد له مکاتبة الصفار کما مر بیانه فی أول هذا الباب و قد یوجد لبعض الناس ضابط آخر و هو أن المجهول إن جعل جزءا من المبیع لا یصح و إن شرط صح و لیس بشی‌ء لأن اللفظ لا أثر له إذ المشروط محسوب من جملة المبیع و قضیة هذا الضابط أن کون المجهول تابعا أو مقصودا یختلف باختلاف اللفظ فإن باع المجهول و المعلوم معا لم یصح و إن شرط المجهول و أجری البیع علی المعلوم صح (و فیه) نظر لأن تابعیة الشی‌ء للشی‌ء إنما هی بحسب الواقع أو بحسب قصد المتبایعین کأساس الحائط و الحمل مع أمه فإنهما لا یخرجان عن التابعیة باختلاف الصیغة و لأنه من باع الحمل و أمه صح البیع و لا تتوقف صحته علی بیعها و اشتراطه فی البیع و فی (التذکرة) أنه لو قال بعتک الدابة و حملها بطل عندنا و أنه لو باع الحمل مع أمه صح إجماعا فلیلحظ ذلک و هذا الضابط الثانی ذکره المصنف فی الفرع الرابع من فروع الفصل الثالث فی الشروط فی أواخر الکتاب و قد یکون أراد الثالث و علی (ما حررناه) ینزل قوله فی (المبسوط و الخلاف) بصحة بیع الأرض مع البذر المودع فیها مع أنه أکثر جهالة من القطن و السنبل الظاهر لکن قوله فیهما ببطلان اشتراطهما و صحة بیع الأرض لا یکاد یلتئم إلا علی القول بأن بطلان الشرط لا یستلزم بطلان العقد و إلا فانضمام المجهول إلی المعلوم إما أن یبطل البیع أو لا فعلی الأول یبطل فی الأرض و القطن و علی الثانی یصح فیهما فصحته فیهما دونه لا وجه له و علی (ما حررناه) إن کان القطن مقصودا بالذات بطل البیع فیهما و الأصح فیهما و وجه الصحة فی الضابط الأول أنه عقد قطعا فیجب الوفاء و لم یقم إجماع علی بطلانه و لا کذلک علی الضابط الآخر کما هو ظاهر و قد تقدم عند شرح قوله أما لو قال أو ما أغلق علیه بابها ما له تمام النفع فی المقام و تمام الکلام فی الفرع السادس من المقصد الثالث فی العوضین
(قوله) (فلو قلعه قبله لیزرع غیره لم یکن له ذلک و إن اقتصرت مدة الثانی عن إدراک الأول)
بل تکون المنفعة للمشتری لأنه إنما استحق تبقیة هذا الزرع لقضاء العادة بتبقیته و لئلا یتضرر بقطعه و هذه الضرورات قد زالت فإذا أزاله لم یکن له الانتفاع بمکانه سواء قصرت مدة الثانی عن إدراک الأول أو لا کما لو باع دارا فیها قماش فإن علیه نقله بمجری العادة فإن جمع الحمالین و نقله فی ساعة واحدة علی غیر العادة لم یکن له حبس
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 692
و علی البائع قلع العروق إذا کان مضرا کعرق القطن و الذرة و تسویة الحفر (1) و لو کان للزرع أصل ثابت یجز مرة بعد أخری فعلیه تفریغ الأرض منه بعد الجزة الأولی علی إشکال أقربه الصبر حتی یستقلع (2) و الأقرب عدم دخول المعادن فی البیع (3) و لو لم یعلم بها البائع تخیر إن قلنا به (4)

[التاسع یدخل فی الأرض البئر و العین و ملئهما]

(التاسع) یدخل فی الأرض البئر و العین و ملئهما (5)
______________________________
الدار إلی أن یمضی زمان العادة فی النقل و التفریغ و لا کذلک لو رد المستأجر العین لعیب بعد البیع فإن المنفعة هنا للبائع «1» کما بیناه عند شرح قوله لکن للمشتری مع الجهل الخیار «إلخ»
(قوله) (و علی البائع قلع العروق إن کان مضرا کعرق القطن و الذرة و تسویة الحفر)
إذا ترک الزرع حتی استحصد وجب علی البائع نقله بحسب الإمکان فإن أراد تبقیته لأنه أنفع له لم یترک لأن الواجب إزالة الضرر و أما التوفیر فلا یجب فإذا حصده فإن بقی له أصول لا تضر بالأرض لم یکن علیه نقلها و إلا وجب نقلها و تسویة الحفر لنفی الضرر و عدم التعدی من صاحب الأرض فکان علیه تسویتها کما لو باعه دارا و فیها حب کبیر و نحوه مما لا یخرج من الباب فإنه یجب نقض الباب و یلزم البائع بقاءه إن کان نقضه (النقض خ ل) بلبنة أو اثنتین أو ما نقص منه کما أشرنا إلیه آنفا
(قوله) (و لو کان للزرع أصل ثابت یجز مرة بعد أخری فعلیه تفریغ الأرض منه بعد الجزة الأولی علی إشکال أقربه الصبر حتی یستقلع)
کما فی (جامع المقاصد) و ظاهر (الدروس) لأن له غایتین أولی و ثانیة و الغایتان و ما بینهما هو نفعه المتعارف فهو بمنزلة نفع غیره من الأنواع المخالفة له و لأنه حین وضعه قد وضعه علی التأخیر شرعا إلی حین استقلاعه فصار مستثنی بالأصل و لم یرجح المصنف فی (التذکرة) و کذا ولده فی (الإیضاح) لما ذکر و لاقتضاء العقد وجوب التفریغ و لإمکان الحمل علی الغایة الأولی و الثانیة (و قد عرفت) أن الشیخ یقول فی مثل هذا إن کان مجزوزا دخلت أصوله فی بیع الأرض و لو لم یکن مجزوزا فالجزة الأولی للبائع و الباقی للمشتری (و یستقلع) بفتح الیاء و کسر اللام معناه یبلغ حدا یستحق القلع
(قوله) (و الأقرب عدم دخول المعادن فی البیع)
هذا قد تقدم الکلام و نقل الأقوال فیه عند شرح قوله و الأحجار إذا کانت مخلوقة «إلخ» و محل النزاع ما إذا لم یأتی بما یقتضی دخولها نحو قوله و ما أغلق علیه بابها کما فی (جامع المقاصد) و هو معلوم مما سلف و قد یوجد فی بعض النسخ و الأقرب دخول المعادن و الذی شرحه ولد المصنف هو العبارة الأولی
(قوله) (و لو لم یعلم بها البائع تخیر إن قلنا به)
أی بالدخول فی بیع الأرض مع الإطلاق کما فی (الدروس و جامع المقاصد) و فی (التحریر) أنه یتخیر إن ملکها بالإحیاء و إن ملکها بالبیع احتمل عدم الخیار لأن الحق لغیره و احتمل ثبوته کما لو اشتری معیبا ثم باعه و لم یعلم بعیبه فإنه یستحق الأرش و هل تثبت جهالته بقوله مع یمینه وجهان و لو قلنا بعدم الدخول مع الإطلاق فباعها بما أغلق علیه بابها فهل یثبت له الخیار مع عدم علمه احتمالان
(قوله) (و یدخل فی الأرض البئر و العین و ماؤهما)
کما فی (التحریر و الدروس و جامع المقاصد) و المراد بمائهما الماء المحقون فیهما و تمام الکلام و بیان الحال فی کلام الشیخ قد تقدم فی بئر الدار عند شرح قوله حتی الحمام و فی (الدروس) أنه لو ظهر فیها مصنع أو صخرة معدة لعصر الزیت أو العنب
______________________________
(1) لأن الوجه المذکور فیما نحن فیه لا یجری فی العین المستأجرة (منه قدس سره)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 693

[العاشر لو استثنی نخلة کان له الممر إلیها]

(العاشر) لو استثنی نخلة کان له الممر إلیها و المخرج و مدی جرائدها من الأرض (1)
______________________________
دخلتا و للبائع الخیار مع عدم العلم
(قوله) (و لو استثنی نخلة کان له الممر إلیها و المخرج و مدی جرائدها من الأرض)
کما فی (الشرائع و التحریر و التذکرة و الإرشاد و الدروس و المسالک) (و مجمع البرهان و الکفایة) و یدل علیه خبر السکونی المروی فی (الکافی و التهذیب) عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال قضی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم فی رجل باع نخلا و استثنی نخلة فقضی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم بالمدخل إلیها و المخرج منها و مدی جرائدها و قد رواه الصدوق کذلک و خبر عقبة بن خالد أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم قضی «1» فی هرائر (حرائر هوائر خ ل) و استظهر فی (الوافی) حریم النخل أن تکون النخلة و النخلتان للرجل فی حائط الآخر فیختلفون فی حقوق ذلک فقضی فیها أن لکل نخلة من أولئک من الأرض مبلغ جریدة من جرائدها حین بعدها قلت أی منتهی طولها إذا طالت و روی فی (التهذیب) عن محمد بن الحسن الصفار فی (الصحیح) قال کتبت إلیه فی رجل باع بستانا فیه شجر و کرم فاستثنی شجرة منها هل یمر إلی البستان إلی موضع شجرته التی استثناها و کم لهذه الشجرة من الأرض التی حولها بقدر أغصانها أو بقدر موضعها التی هی نابتة فیه فوقع علیه السلام له من ذلک حسب ما باع فلا یتعدی الحق فی ذلک إن شاء اللّٰه و قد اعتراه إجمال منع من الاعتماد علیه و مع ذلک فقد یقال إن الظاهر أن یقال له من ذلک علی حسب ما استثنی و ربما أشعر بالاقتصار علی ما دخل تحت مفهوم هذا اللفظ عرفا و هو مشکل بناء علی ما عرفت من کلام الأصحاب و الأخبار المتقدمة و قد یمکن تنزیله علی ذلک عند إنعام النظر و لم أجد من استدل بالأخبار قبل صاحب (الکفایة) فإنه استدل بخبر الصفار و المراد أن له ذلک من غیر إذن المشتری صاحب البستان لأن ما تصرف فیه ملکه لأن ذلک مقتضی الاستثناء فکأنه قد استثنی ذلک کله و حکی الشهید عن السید عمید الدین أن دخول الممر و مدی الجرائد من ضرورات النخلة و لیس مرادهم أنه یملک الأرض بل یستحق المنفعة بقدر الدخول و الخروج و الانتفاع بالشجر و الثمر و السقی و الحرث و جمع الثمرة و وضعها فی المکان المعتاد لذلک و یستحق مدی جرائد النخلة فی الهواء و العروق فی الأرض کما نبه علی ذلک فی (المسالک و مجمع البرهان و الکفایة) لقضاء العرف بذلک کله و لیس لمالک الأرض عطف شی‌ء من جرائدها و لا قطعها و لا العمل فی الأرض بما یضر فی العروق و لا الانتفاع بما استحقه زمن بقائها فی الأرض إن أضر بها و إن لم یضر فالأشبه بأصول المذهب الجواز لأنه مالک الأرض و إنما استحق مالک الشجرة ما یحتاج إلیه بطریق الاستتباع لتوقف الانتفاع علیه لا الملک فیقتصر علی موضع الیقین و عن السید عمید الدین أن له منع البائع من الانتفاع بما تحت الجرائد و أن له الممر و إن کان یضر بالمشتری و کذا لا یجوز لمالک الشجرة الانتفاع بما یخرج عن متعلقاتها من الزرع تحتها و الإقامة زیادة علی المعتاد فی أمثالها لمصلحتها مع احتماله أیضا (و منه) یعلم الحال فی الصلاة تحتها فبعض أجاز و بعض منع و کذلک لو اشتری نخلة أو شجرة من جملة البستان الذی للبائع فإن الحکم فیه کما ذکر و الجریدة غصن النخلة الرطبة و إذا صار یابسا سمی
______________________________
(1) متن الخبر هکذا قضی فی هوائر النخل أن تکون النحلة و النخلتان إلی قوله حین بعدها (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 694
فلو انقلعت لم یکن له غرس أخری إلا أن یستثنی الأرض (1) و کذا لو باع أرضا و فیها نخل أو شجر (2)

[السادس العبد]

(السادس) العبد و لا یتناول ماله الذی ملکه مولاه إلا أن یستثنیه المشتری إن قلنا إن العبد یملک و ینتقل إلی المشتری مع العبد (3) و کان جعله للمشتری إبقاء له علی العبد فیجوز أن یکون مجهولا و غائبا أما إذا أحلنا تملکه و باعه و ما معه صار جزءا من المبیع فیعتبر فیه شرائط البیع
______________________________
سعفا
(قوله) (فلو انقلعت لم یکن له غرس أخری إلا أن یستثنی الأرض)
هذا ظاهر و معلوم مما تقدم
(قوله) (و کذا لو باع أرضا و فیها نخل أو شجر)
قد عرفت أن ذلک لا یدخل فی بیع الأرض مع الإطلاق کما لا یدخل فی بیع الدار فله الممر فی الأرض و مدی الجرائد و الأغصان منها کما مر
(قوله) (السادس العبد و لا یتناول ماله الذی ملکه مولاه إلا أن یستثنیه إن قلنا إن العبد یملک و ینتقل إلی المشتری مع العبد)
إلخ هذا قد تقدم الکلام فیه «1» أکمل استیفاء فی المطلب الثانی من مطلبی الفصل الأول فی الحیوان و قد صرح هنا فی (جامع المقاصد) بأنه یشترط فی مال العبد حیث ینتقل مع الشرط شرائط البیع کالعلم به و التحرز من الربا و إن قلنا بأنه یملک و هو قضیة تحقیقه فی (التذکرة) فی المقام و هو الذی یستفاد من الأکثر حیث یطلقون اشتراط العلم و التحرز من الربا بعد تعمیم الحکم بعدم الدخول إلا مع الشرط فی القول بملک العبد و عدمه فإن ذلک یقتضی اشتراطهما علی تقدیر الملک أیضا کما بیناه فی المطلب الذی أشرنا إلیه و ما ذکره المصنف من جواز جعله مجهولا و غائبا علی القول بالملک لأنه کالمندرج فی المبیع تبعا فتغتفر فیه الجهالة فیجوز أن یکون مجهولا و إن أمکن استعلامه و غائبا لم یوصف و إن أمکن وصفه ضعیف جدا لأن ملک العبد علی القول به ناقص متزلزل ضعیف جدا لا یخرج المال بملکه له عن کونه ملکا للبائع یقبل التصرفات ثم عد إلی عبارة الکتاب فقوله إلا أن یستثنیه المشتری معناه إلا أن یستثنیه مما لا یندرج فی إطلاق المبیع و المراد اشتراط دخوله و قوله إن قلنا إن العبد یملک قد یوهم خلاف المراد علی تقدیر انتفاء الشرط (فالأولی) أن یقول کما قال فی (الإرشاد) لا یتناول ماله و إن قلنا إن العبد یملک بالتملیک (و قد یجاب) بأن الحکم علی تقدیر عدم ملک العبد بطریق أولی و إنما اختار الإتیان فی العبارة بالشرط لأنه صور المسألة فی المال الذی ملکه مولاه و لا یتصور ذلک إلا علی تقدیر ملکه إذ بدونه یقع اللفظ لاغیا و لا یرد ذلک علی عبارة (الإرشاد) لأنه لم یصرح بالتملیک و قوله و ینتقل إلی المشتری و معناه أنه ینتقل إلیه بالشرط فالأولی الإتیان بفاء التفریع مکان الواو لأن السابق علة للاحق ثم إنه مع الشرط لا یتفاوت فیه ما ملکه إیاه مولاه أو غیره (و قوله) و کان جعله للمشتری إبقاء له علی العبد یجوز فی کان التخفیف و التشدید فعلی الأول یصیر المعنی و کان جعل المال المذکور علی تقدیر اشتراط المشتری إیاه للمشتری إبقاء له من البائع علی ملک العبد فتغتفر فیه الجهالة و إن کان فیه للعبد شائبة الملک و ما یستحقه البائع فیه ینتقل إلی المشتری فتکون التبعیة فیه ظاهرة فتظهر جودة التخفیف لو لا قوله ینتقل إلی المشتری فإنه ینافیه و لو قال و ینتقل حق
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر أنه سقط لفظ مستوفی (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 695
و هل تدخل الثیاب التی علیه إشکال أقربه دخول ما یقتضی العرف دخوله معه (1)
______________________________
البائع فیه إلی المشتری لکان التخفیف أجود و علی الثانی یصیر المعنی و کأن الجعل علی ذلک التقدیر إبقاء له علی ملک العبد فإنه بحسب الواقع لیس إبقاء له کذلک بل هو ملک للمشتری له لدخوله فی المبیع و من ثمة کان التشدید أولی (و یتفرع) علی هذا جواز کونه مجهولا و غائبا و یفهم من قوله أما إذا أحلفا تملکه و باعه و ما معه صار جزءا من المبیع فیعتبر فیه شرائط البیع أنه فی الأول لا یکون جزءا لأنه مملوک العبد و إن کان ملکا متزلزلا و قد عرفت أن ظاهر الأکثر و صریح بعض أنه جزء أیضا و تمام الکلام فی المطلب المشار إلیه آنفا و قد أشرنا إلی ذلک فی باب الربا أیضا
(قوله) (و هل تدخل الثیاب التی علیه إشکال أقربه دخول ما یقتضی العرف دخوله معه)
قد تضمن کلامه هذا حکمین أحدهما أن الأقرب دخول ثیابه و الثانی فی تعیین ما یدخل و الأقرب عنده دخول ما یقتضی العرف دخوله فلا یقتصر علی دخول ساتر العورة دون غیره و قد وافقه علی الحکمین معا المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و الشهید الثانی فی (الروضة) و قد نفی عنه البعد فی (مجمع البرهان) و حکی ذلک فی (التذکرة) عن الشافعی و قال لا بأس به عندی و هو الذی اخترناه فی کتاب القواعد و قد کان قبل ذلک قرب فیها أی (التذکرة) عدم دخول الثیاب التی للعبد و علی ما اختار هنا من الرجوع إلی العرف لأن اللغة لا یصار إلیها مع وجود العرف و استقراره کما هو المفروض یدخل ما دل علیه من ثوب و ثوبین و زیادة و ما تناوله بخصوصه من غیر الثیاب کالحزام و القلنسوة و الخف و غیرها و لو اختلف العرف بالحر و البرد دخل ما دل علیه حال البیع دون غیره و ما شک فی دخوله لا یدخل للأصل و لو دلت القرینة علی شی‌ء بخصوصه فلا کلام فی إتباعها و فی بعض نسخ (الإیضاح) أن الأقوی عدم دخول الثیاب لأنها منفصلة عن المبیع لم یتناولها اللفظ بإحدی الدلالات و قد عرفت أنه فی (التذکرة) قرب أولا عدم دخول الثیاب التی للعبد فی بیعه و فی (التحریر و الإرشاد) استشکل فی دخول الثیاب الساترة للعورة و قضیته أن غیر الساترة لا إشکال فی عدم دخولها و فی (الدروس و اللمعة) أن الأقوی أنه تدخل فی بیعه و بیع الأمة الثیاب الساترة للعورة دون غیرها و فی (حواشی التحریر) أنه یدخل فی العبد ما یستر عورته و فی الأمة ما یستر بدنها و فی (تعلیق الإرشاد) أنه یراعی فی ستر العورة العادة فکلما أعد لستر العورة من میزر أو قمیص أو سراویل و نحو ذلک فهو داخل لکن من کل واحد منها واحد لا أزید (ثم قال) و الظاهر أن ما أعد لدفع البرد الشدید فی زمانه ملحق بساتر العورة و فی (التذکرة و مجمع البرهان) إذا قلع الثیاب عن العبد و جرده و باعه لم تدخل الثیاب قطعا هذا و مثل العبد الدابة فیدخل فی بیعها النعل لأنه کالجزء دون آلاتها إلا مع الشرط أو العرف کما فی (الدروس و الروضة) و فی (التذکرة) أن البحث جار فی عذار الدابة و مقودها و یدخل نعلها لأنه کالجزء (و فی مجمع البرهان) أن العرف فی العبد غیر بعید بخلاف الدابة فإنها تباع من غیر عذار و لا مقود و الأصل عدم الدخول حتی یتحقق (فتأمل) انتهی هذا و فی (الدروس) أنه یدخل فی بیع الکتاب أجزاؤه و جلده و خیوطه و ما به من الأصول و الحواشی و الأوراق المثبتة فیه و لا یدخل کیسه و لا ما به من أوراق مفردة لا تتعلق به و فی دخول ما یعلم به نظر أقربه الدخول للعرف (قلت) و یدخل ما علی جلده من صفائح الفضة أو الذهب المثبتة فیه و الأوراق المفردة الغیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 696

[الفصل الثانی فی التسلیم و فیه مطلبان]

اشارة

(الفصل الثانی) فی التسلیم و فیه مطلبان

[المطلب الأول فی حقیقته]

(الأول) فی حقیقته و هو التخلیة مطلقا علی رأی (1)
______________________________
المثبتة التی توضع وقایة عن أن یلزق بعضه بعض إذا کان مزخرفا لأنه بدونها یفسد و یدخل الورق أو الخرق المثبتة علی جلده خوفا علیه من ذهاب زینته أو رونقه و قال یدخل فی السوق و الخان الأرض و الدکاکین و أبوابها و طرقها و رفوفها المثبتة و خزائنها و سقوفها و غرفها و لو کان باب الدکان مما ینقل فالأقرب دخوله للعرف (قلت) و یدخل بئر الخان و ماؤها و البالوعة و السلالم المثبتة إلی غیر ذلک مما ذکر فی الدار لأنه مثلها و لعلهم لهذا ترکوه و قال یدخل فی الحمام بیوته و موقده و خزانة مائه و أحواضه و مسلخه و بئره و ماؤها و لو کان ینتزع من مباح دخلت الساقیة فیه علی الأقوی و الأقرب دخول قدره المثبت فیه و لا یدخل سطله و لا قداحه و وقوده و مأزره و علیه تسلیمه مفرغا من الرماد و کثیر القمامة انتهی (و لعل الأقرب) عدم دخول الحبال و الدلاء و البکرة و فی الدولاب إذا کان مثبتا وجهان أقواهما الدخول و یدخل فیه مطرح رماده و موضع الزبل و مصرف مائه إلی غیر ذلک مما أشیر إلیه فی باب الإجارة
الفصل الثانی فی التسلیم و فیه مطلبان (الأول فی حقیقته) (قوله) (و هو التخلیة مطلقا علی رأی)
هو خیرة المحقق فی (الشرائع و النافع) و تلمیذه الآبی فی (کشف الرموز) و حکاه فی (الإیضاح) عن بعض متقدمی أصحابنا و نسب فی (المختلف) و غیره إلی القیل و حکاه فی (التنقیح) عن الشیخ فی (المبسوط) و هو خلاف ما وجدناه و ما حکوه عنه و نفی عنه البأس فی (الدروس) بالنسبة إلی نقل الضمان لا زوال التحریم و الکراهیة من البیع قبل القبض و نعم ما قال و قال فی (جامع المقاصد) و اختار فی (الدروس) أن القبض هو التخلیة مطلقا بالنسبة إلی زوال الضمان و فیه قوة إذا کان المبیع معینا مشخصا و یعارض إطلاق الخبر بما دل علی زوال الضمان بالتخلیة إذا امتنع المشتری من القبض (قلت) و هذا هو الذی ینبغی أن یفهم من عبارة الکتاب لأن التخلیة جعلت فیه (فیها خ ل) تفسیرا للتسلیم الذی یجب علی البائع و کذلک عبارة (الشرائع و النافع) حیث جعلها فیهما تفسیرا للقبض الواجب فعله علیه قال (کاشف الرموز) فی شرح عبارة النافع القبض مصدر یستعمل بمعنی التقبیض و هو التخلیة و یکون من طرف البائع و الواهب بمعنی التمکین من التصرف و حکی الشهید فی (حواشی الکتاب) عن خط المصنف أنه کتب أن التخلیة فی المنقول و غیره لانتقال الضمان لأنه حق علی البائع و قد أدی ما علیه انتهی و لا ریب بحسب الظاهر أن الإقباض و التقبیض و القبض و التسلیم الواجب علی البائع لیس هو النقل الذی هو فعل المشتری و لا وضع الید و القبض بها لأن ذلک فعل المشتری فلا معنی لإیجابه علی البائع إذ لا یجب علیه علی الظاهر أن یأخذ بید المشتری و یضعها علی المبیع و لا یجب علیه کیله إن کان مکیلا و قد کان کاله بحضوره و علمه کما سیأتی بیانه مفصلا و إنما تجب علیه التخلیة و هی رفع یده عنه و الإذن له فی القبض مع عدم المانع بحیث یسهل علیه قبضه بسرعة عرفا فکانت هی المعتبرة فی سقوط الضمان عن البائع مطلقا و ذلک هو الذی ینبغی أن بعقل و لا ینبغی أن یکون محل نزاع کما هو الشأن فی سائر الحقوق و قد صرحوا بأن الغاصب إذا وضع المغصوب عند المالک بحیث یسهل علیه تناوله تبرأ ذمته و کذلک الحال فی المواریث و سائر الأموال المشترکة بعد قسمتها و تمکین صاحبها منها و رفع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 697
..........
______________________________
المانع عنها بل قیل إن ذلک جار فی الدیون ذکر ذلک فی إجارة (التذکرة) و الحق أنها لیست کذلک کما حرره الکرکی فی باب الإجارة و أشار إلیه هنا بقوله إذا کان المبیع مشخصا معینا بل صرحوا فی هذا المقام أیضا أنه لو جعل أمر المبیع إلیه و مکنه منه فلم یأخذه لا ضمان علیه أی البائع و حینئذ فلا وجه لقوله فی (الریاض) لا وجه لهذا القول أصلا و نحوه قوله فی (الروضة) العرف یأباه و الأخبار تدفعه و قریب منه ما فی (المسالک و الکفایة) من أن الخبرین حجة علی دفع هذا القول و کأنهم لم یقفوا علی تصریحهم و لم یحرروا مرادهم و قال فی (کشف الرموز) إن لفظ القبض فی اللغة هو الأخذ بالید و نقل فی الشرع إلی التخلیة فی العقارات و الأرضین إجماعا و فی غیره خلاف فتنزیله علی الحقیقة الشرعیة أرجح لأن اللفظ إذا دار بین الحقیقة اللغویة و الشرعیة فالترجیح لطرف الشرع (و فیه) أنا لا نسلم أنه نقل فی الشرع إلی التخلیة فی غیر المنقول بل هی فیه مما توافقت علیه الحقائق الثلاث إذ وضع الید علی الکل متعسر بل متعذر و کون البعض کافیا و قبضا عرفا غیر ظاهر و لا یمکن غیر الوضع سلمنا و لکن معیار الحقیقة الشرعیة أن یکون معروفا عند المتشرعة بذلک المعنی لا ما إذا کان الأمر بالعکس و علی ما حررناه لا حاجة إلی ذلک و لعله أراده (و قد یستشهد) له بالمعنی الذی ردوه بقولهم فی باب الغصب یتحقق إثبات الید و الغصب فی الدابة برکوبها و هی واقفة و الفراش بالجلوس علیه من دون نقل کما أیده بذلک الشهید فی حواشیه و قال المحقق الثانی لا ینحصر ذلک فی الدابة و الفراش و لا یبعد أن یکون الاستیلاء فی کل شی‌ء بحسبه و هو الظاهر من غصب (التذکرة) و الغرض بیان أنه بالمعنی الذی فهموه لیس بتلک المکانة من السقوط حتی یقال إنه لا وجه له أصلا و أما علی ما صرحوا به فلا وصمة فیه أصلا من جهة الأصول و القواعد و لا من جهة العرف و الاعتبار و لا من جهة الأخبار لأنک قد عرفت الحال فی خبر عقبة بأنه معارض بغیره کما حکیناه عن (جامع المقاصد) و سنتکلم فیه أیضا و الأخبار الأخر التی استندوا إلیها فی رده إنما تدل علی رد المعنی الذی فهموه إن سلمت دلالتها علی ذلک و هی صحیحة معاویة بن وهب قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یبیع البیع قبل أن یقبضه فقال ما لم یکن کیل أو وزن فلا یبعه حتی یکیله أو یزنه إلا أن یولیه الذی قام علیه و قد قال جماعة إنها حجة علی من اکتفی بالتخلیة مطلقا و قد علمت أنهم إنما یکتفون بها فی رفع الضمان لا فی زوال تحریم البیع و کراهیته ثم إن جماعة قالوا إن ظاهرها أن البیع للمکیل و الموزون قبل القبض لا یجوز حتی یکال أو یوزن و ذلک لا یدل علی أن القبض ذلک و هو ظاهر کما فی (مجمع البرهان و المسالک) فی آخر کلامه فی تحقیق ذکره و قالا و لا یدل علی ذلک بضم السؤال إذ یصح جواب السائل هل یجوز قبل القبض بأنه لا یجوز بدون الکیل یعنی لا بد من الکیل الذی حصل القبض فی ضمنه فلا بد من القبض و شی‌ء آخر (و أجیب) بأنها ظاهرة فی ارتفاع المنع تحریما و کراهیة بأحد الأمرین فلیکونا قبضا للإجماع علی عدم ارتفاعه إلا به فالإجماع شاهد علیه و لعله إلی ذلک أشار فی (المختلف و التذکرة) حیث قال بعد نقلها فجعل علیه السلام الکیل و الوزن هو القبض للإجماع علی تسویغ بیع الطعام بعد قبضه و مثل ذلک قال فی (الإیضاح) و أبو العباس فی (المهذب) حرفا بحرف (و قد یقال) إنا نمنع الإجماع بالمعنی الأول کما ستسمع من ارتفاع المنع بغیره و بالمعنی الثانی (نقول) إن معناه الجواز و الارتفاع بعد القبض بمعنی التخلیة أو النقل مع باقی الشرائط و الکیل من جملتها لا أن الکیل هو القبض فلیتأمل (و مما) قد یشهد علی أن المراد بالکیل و الوزن فی الخبر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 698
..........
______________________________
المذکور القبض وقوع التعبیر عنهما فی هذا المقام بالقبض فی جملة من الأخبار ففی صحیحة منصور بن حازم إذا اشتریت متاعا فیه کیل أو وزن فلا تبعه حتی تقبضه إلا أن تولیه فإن لم یکن فیه کیل أو وزن فبعه و فی صحیحة علی بن جعفر عن أخیه موسی علیه السلام أنه سأله عن الرجل یشتری الطعام أ یصلح بیعه قبل أن یقبضه (قال) إذا لم یربح علیه شیئا فلا بأس و إن ربح فلا یبعه حتی یقبضه و إن کان تولیة فلا بأس و نحوه روایة سماعة و غیرها و مثل صحیحة معاویة روایة أبی بصیر فقد عبر فیها بالکیل و الوزن عن القبض نعم فی صحیحة محمد بن قیس حتی یقبضه و یکتاله و لعله عطف تفسیر و قد یکون التعبیر عنهما بالقبض فی هذه الأخبار لأن الغالب فی الکیل و الوزن أن یقعا فی حال القبض و النقل فصح إطلاق القبض علیهما و إن لم یکونا قبضا (فتأمل) و معنی قوله علیه السلام فی آخر صحیحة معاویة إلا أن یبیعه تولیة أن یبیعه بالثمن الذی اشتراه و هو معنی الذی قام علیه و هذا شی‌ء جری به القلم فی بیان معنی الخبر و إلا فمحله ما یأتی و أما خبر عقبة بن خالد الذی أشرنا إلیه آنفا فهو ما رواه عنه علیه السلام فی رجل اشتری متاعا و أوجبه غیر أنه ترک المتاع عنده و لم یقبضه و قال آتیک غدا إن شاء اللّٰه تعالی فسرق المتاع من مال من یکون قال من مال صاحب المتاع الذی هو فی بیته حتی یقبض المتاع و یخرجه من بیته فإذا أخرجه من بیته فالمبتاع ضامن لحقه حتی یرد ماله إلیه قالوا و هذا الخبر حجة علی من اکتفی بالتخلیة فی نقل الضمان لا فی زوال التحریم أو الکراهیة المذکورین قبل القبض کما عرفته من کلام أصحاب هذا القول (و قد أجاب) عن ذلک المحقق الثانی بما سمعته آنفا مع أن ظاهرها أنه یعتبر فی انتقال الضمان الإخراج من بیت البائع و لا قائل به و قال جماعة لیس فیها تفسیر القبض بکونه عبارة عن أی شی‌ء و فی (المختلف و المهذب البارع) فی بیان أن النقل فیها هو القبض أنه علیه السلام جعل النقل فیها هو القبض لتعلیله زوال الضمان به و لا خلاف أنه معلل بالقبض و نحوه ما فی (الإیضاح) و فی (مجمع البرهان) لا یمکن جعلها حجة علی عدم اعتبار التخلیة مطلقا أو فی سقوط الضمان فقط کما فعله فی (المسالک) لعدم الصحة و عدم القول بظاهرها ظاهرا انتهی فتأمل فیه إذا (عرفت) هذا فلا بد من بیان الحال فی التخلیة لأنها قبض فیما لا ینقل کالعقار و الأراضی إجماعا کما فی (الغنیة و کشف الرموز و التنقیح و الریاض) و ظاهر (الخلاف) و غیره و فی (مجمع البرهان) لا یبعد عدم النزاع فی الاکتفاء بالتخلیة فیما لا ینقل خصوصا فی سقوط الضمان انتهی و لأنها مسقطة للضمان فیما ینقل عند جماعة کما عرفت ففی (القاموس) خلی الأمر و تخلی منه و عنه ترکه و فی (الصحاح) خلی لک الشی‌ء و أخلی بمعنی و فی (المسالک و الروضة) المراد بها دفع المانع للمشتری عن القبض بالإذن فیه و رفع یده و ید غیره عنه إن کان غیر أنه قال فی (المسالک) و الإذن فیه و لعله لا یحتاج إلی الإذن بعد انتقاله إلیه إلا أن یقال إنه إذا کان فی بیت المالک فبمجرد فهم الرضا لا یقال إنه قبضه و سلمه کما یشیر إلیه خبر عقبة أو یکون التقیید بالإذن لانتفاء سلطنة البائع لو أراد حبسه لقبض الثمن فإنه إذا لم یأذن کان له الحبس أو یحمل علی نحو الهبة و الوقف فتأمل جیدا و قال فی (المسالک) أیضا و لا یختص ذلک بلفظ بل کل ما دل علیه کاف فیه و قد لا یکتفی فیها باللفظ الصریح مع وجود المانع منها و قال قبل ذلک إن العرف یدل علی أن إقباض غیر المنقول یتحقق بالتخلیة مع رفع ید البائع عنه و عدم مانع للمشتری من قبضه و غیر ذلک ما فی (الدروس و الغنیة) و هذا یقضی بأن التخلیة أمر آخر غیر رفع المانع حیث أضافه إلیها فتأمل و قال فی (جامع المقاصد) لا تتحقق التخلیة إلا برفع البائع یده و یتحقق رفعها و إن کان المبیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 699
و فیما لا ینقل و لا یحول کالأراضی و الأبنیة و الأشجار و النقل فی المنقول و الکیل أو الوزن فیما یکال أو یوزن علی رأی (1)
______________________________
مشغولا بما له و قال فی (المسالک و الروضة) و لا یشترط مع ذلک مضی زمان یمکن فیه وصول المشتری إلیه أو وکیله لأن ذلک لا مدخل له فی القبض عرفا إلا أن یکون فی غیر بلده بحیث یدل العرف علی عدم القبض بالتخلیة فإنه یتجه اعتبار مضی الزمان و کأنه أراد الرد علی من قال إنه یشترط فی التخلیة مقارنة رفع الید لوصول المشتری إلیه مطلقا بعیدا کان أو قریبا حتی یدل ذلک علی القبض عرفا فنفاه إلا فیما إذا کان المبیع بعیدا جدا بحیث لو رفع الید بعد العقد فی غیبة المشتری لم یعد عرفا من القبض وقت وصوله إلیه فلا بد فیه من رفع الید بعد مضی زمان یمکنه وصوله إلیه لتتحقق المقارنة و یدل العرف علی أن التخلیة لأجل القبض و حینئذ لو تلف المبیع بعد رفع یده و قبل وصول المشتری إلیه فهو فی ضمان البائع و لعل الحکم فی المنقول علی الاکتفاء فیه بالتخلیة کذلک فیما ذکر و یحتمل اعتبار مضی زمان یتمکن فیه من قبضه و نقله لإمکان ذلک فیه بخلاف العقار فلیتأمل و استظهر فی (الکفایة) أولا الوصول إلیه بالفعل ثم إنه قال لعل عدم اعتبار الوصول و الزمان مطلقا أقرب و فی (مجمع البرهان) أن الظاهر أنه لا یحتاج إلی مضی زمان یمکن فیه الوصول إلیه و أیده بأنه قد یوصی بمثل الأراضی أو یهب فی ملک بعید و القول بعدم حصول الملک إلا بعد الوصول إلیه و وضع الید أو مضی زمان کذلک بعید و الأصل ینفیه إلی أن قال و لا یبعد الاکتفاء فی الأمور البعیدة مطلقا بالتخلیة فی سقوط الضمان للأصل و أما فی غیر سقوط الضمان مما له دلیل علی اعتبار القبض فی الملک أو اللزوم و لو کان بعیدا مع تأییده بالأصل فمشکل (انتهی) و لا یذهب علیک أن خبر عقبة إنما ورد فیما ینقل فتأمل و الظاهر أن اشتغاله بملک البائع غیر مانع منه و إن وجب علی البائع التفریع و لو کان مشترکا غیر منقول فالأجود أنه لا یتوقف علی إذن الشریک لعدم استلزامه التصرف فی مال الشریک و ینبغی أن نتعرض لما ذکره أهل اللغة فی معنی القبض و إن کان المدار فیه علی العرف إن اختلفا قال فی (القاموس) قبضه بیده یقبضه تناوله بیده و علیه أمسکه و یده عنه امتنع عن إمساکه و فی (نهایة) ابن الأثیر القبض الأخذ بجمیع الکف و فی (الصحاح و المصباح المنیر) قبضت الشی‌ء أخذته و فی الأخیر قبض علیه بیده ضم علیه أصابعه و نحوه ما فی (مجمع البحرین) فقد اتفقت علی أن قبض الشی‌ء أخذه و تناوله و القبض علیه بمعنی إمساکه و ضم الأصابع علیه
(قوله) (و فیما لا ینقل و لا یحول کالأراضی و الأبنیة و الأشجار و النقل فی المنقول و الکیل أو الوزن فیما یکال أو یوزن علی رأی)
فی العبارة مسامحة یأتی بیانها إن شاء اللّٰه تعالی و قد علمت أنهم اتفقوا علی أن القبض فی غیر المنقول هو التخلیة و قد اختلفوا فیه فی المنقول اختلافا شدیدا و اضطرب النقل عنهم أکمل اضطراب و نحن نبین ذلک کله و ننقل عباراتهم و نحکی نقلهم لیتضح الحال و یعرف ما هناک من الخلل فی نقل الأقوال مع تحریر المقام من نقض و إبرام (فنقول) القول الأول فی المسألة ما ذکره المصنف هنا و قد اختاره ولده فی (الإیضاح) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و حکاه فی (الإیضاح) عن بعض المتقدمین و عن المصنف فی (المختلف) و ظاهره أی (الإیضاح) أنه مذهب الشیخ فی (المبسوط) و القاضی و ابن حمزة و هو غیر صحیح قطعا لأنک ستسمع خیرة (المختلف) و خیرة (المبسوط)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 700
..........
______________________________
و أنهما مختلفان و أن ما فی الکتاب مخالف لهما و قد حکی أبو العباس (فی المهذب و المقتصر) (و الخلاف) و الصیمری فی (غایة المرام) عن العلامة فی جمیع کتبه موافقة (المبسوط) و هذا أیضا غیر صحیح کما سیتضح لک وضوحا تاما إذا بنیت علی التحقیق و التحریر من دون مسامحة (و تحریر) هذا القول أن المراد من النقل فیه التحویل من مکان إلی آخر فلا یکفی فیه القبض بالید و الإمساک علیه و الرکوب و التحمیل من دون تحویل و لعل مستنده فی ذلک بعد دعوی العرف خبر عقبة الذی سمعته آنفا و أن الظاهر منهم فی خیار التأخیر اتفاقهم علیه قال فی (جامع المقاصد) إن الروایة دلت علی اعتبار النقل فی المنقول فالاکتفاء بأخذ الید خلاف ما دلت علیه انتهی (و قد عرفت) أن کتب اللغة اتفقت علی أن قبض الشی‌ء أخذه و تناوله و هو الموافق للعرف و لعل ذلک لا یستلزم التحویل من مکان إلی آخر (فتأمل) و قد تضمن الخبر فی السؤال أنه لم یقبضه (و قد عرفت) أن ظاهر الجواب لا قائل به و الخبر ضعیف و لم تتحقق شهرة فی خصوص ما نحن فیه کما ستعرف نعم فی (الغنیة) الإجماع علی أن القبض فی المنقول النقل و التحویل کما ستسمع و المراد بالکیل و الوزن فی کلام المصنف الکیل و الوزن الذی به یتحقق اعتبار المبیع و لا بد من رفع البائع یده عنه فلو رفع الوکیل و لم یرفع البائع فلا قبض و لا تسلیم و إطلاق العبارة قد یوهم الاکتفاء بأیهما کان و لیس کذلک فلو کال ما یوزن فهو کما لو أخذه جزافا کما صرح به فی (التذکرة) و لم یذکر الحال فیما لو أخبره البائع بالکیل مثلا فصدقه و أخذه علی ذلک و لعله فی حکم الکیل عنده فإنه قد نصّ فی (التذکرة) علی حصول القبض فی ذلک و ستعرف الحال فی ذلک و مما یقوم مقام الکیل ما إذا باعه مقدارا معینا من صبرة مشتملة علیه ثم وهبه الباقی کما ستسمع و دلیله علی اعتبار الکیل أو الوزن فیما یکال أو یوزن صحیحة معاویة بن وهب و قد عرفت الحال فیها و أن جماعة قالوا بعدم دلالتها حتی أن صاحب (المسالک) رجع فی آخر کلامه فی تحقیق حققه عن کونها حجة و عن کونها صریحة فی کون القبض فی الطعام بالکیل و الوزن و قد کان قبل بالغ فی صراحتها و دلالتها علی اعتبار الکیل و الوزن و أنها حجة علی من یقول بالاکتفاء بالتخلیة مطلقا و فی إسقاط الضمان و بعد ذلک کله قال (و التحقیق) أن الخبر دل علی النهی عن البیع قبلهما لا أن القبض لا یتحقق بدونهما فلو قیل بالاکتفاء فی نقل الضمان فیهما بالنقل أمکن إن لم یکن إحداث قول ثالث (قلت) هو مراد کل من اکتفی فیهما بالنقل لأنهم إذا قالوا بحصول القبض بالنقل و قد صرحوا فی محله بوجوب الکیل لأجل البیع إذا أراد بیعه لإزالة الکراهة أو التحریم کانوا قائلین بالاکتفاء بالنقل فی نقل الضمان کما ستعرف و قال فی (جامع المقاصد) لا یکفی النقل فی الکیل من دون کیل أو ما یقوم مقامه نعم زوال الضمان و امتناع الحبس إذا أخذه المشتری بإذن البائع ظاهر (و احتج) علی هذا القول فی (جامع المقاصد) بأن الروایات لما دلت علی اعتبار النقل فی المنقول و الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون ثبت هذا القول إذ لا قائل بالفصل (قلت) إن أراد أنه لا قائل بأن بعض المنقولات یکفی فیها التخلیة و بعضها لا بد من کیلها أو نقلها فحق و إن أراد أن کل من قال بالنقل فی المنقول قال بالکیل فی المکیل و بالعکس و لم یقل أحد بالنقل فیهما و لا القبض فی أحدهما و الکیل فی الآخر فستعرف أن الشیخ فی (الخلاف) و أبا المکارم فی (الغنیة) و الشهید فی (اللمعة) قالوا بأنه فی المنقول نقله و لم یذکروا کیلا و لا تناولا و جماعة قالوا بأنه فی غیر الحیوان إمساکه بالید و فی الحیوان الانتقال به و الکیل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 701
..........
______________________________
فیما یکال فجعلوا قبض بعض المنقول بوضع الید علیه کما ستسمع ذلک کله و الظاهر بل المقطوع به أنه أراد الأول (و کیف کان) فقد قال المولی الأردبیلی ما حاصله أنه علی تقدیر القول باعتبار الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون فالظاهر أنه إنما یکون فیما لم یعلم کیله أو وزنه کما إذا اشتری کیلا من صبرة مشتملة علیه أو بإخبار البائع أما إذا کاله بحضور المشتری ثم إنه باعه إیاه فأخذه و حمله إلی بیته و تصرف فیه بالطحن و العجن و الخبز فلا شک فی کونه قبضا مسقطا للضمان مجوزا للبیع و لا یلزم تکلیف البائع بکیله مرة أخری للإقباض لأنه واجب علیه مع أنه قد لا یقبل فلا یتحقق الإقباض مضافا إلی الأصل و عدم الفائدة لأنه تحصیل الحاصل و خبر معاویة کالصریح فی أن الاحتیاج إنما یکون مع عدم الکیل و ما دل علی عدم جواز البیع قبل القبض إلا مع الکیل أو الوزن فی غیر التولیة کخبر معاویة و غیره مما تقدم یحمل علی ما إذا اشتراه بإخبار البائع أو کان قد اشتری کیلا من صبرة کما مر ثم إنه لما أراد البیع لم یمکنه الإخبار لعدم العلم فلا بد من الکیل أو الوزن و قد روی محمد بن حمران قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام اشترینا طعاما فزعم صاحبه أنه کاله فصدقناه و أخذناه بکیله فقال لا بأس فقلت أ یجوز أن أبیعه کما اشتریته بغیر کیل فقال لا أما أنت فلا تبعه حتی تکیله قلت و نحوه ما رواه فی (الفقیه) عن البصری عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال أی المولی الأردبیلی و حینئذ فیکون معنی قوله علیه السلام إلا أن یولیه الذی قام علیه إلا أن یبیعه من شخص حصر کیله أو وزنه أو نلتزم أن بیع التولیة یکفی فیه ذلک الذی وقع أولا أو لا یحتاج إلیهما أصلا و لا بد لنفی ذلک مع الأخبار الصحیحة من دلیل إذ تکون مخصوصة بما لم یقبض فدلت علی أن الکیل الغیر المقبوض لا بد فی بیعه من الکیل فکون وجوب الکیل مرة أخری للقبض مع تحققه أولا عند الشراء کما نقله فی (المسالک) عن العلامة و الشهید و جماعة و قواه لیس بقوی لما تقدم من المحذورات و الروایة التی هی الحجة کالصریحة فی ذلک و لا دلالة فی قوله علیه السلام إلا أن یولیه الذی قام علیه علی ذلک کما قاله فی (المسالک) هذا کله خلاصة کلام المولی الأردبیلی و ما أشار إلیه من کلام (المسالک) فهو قوله لو کان المبیع مکیلا أو موزونا فلا یخلو إما أن یکون قد کیل قبل البیع و وزن أو لا بأن أخبر البائع بکیله أو وزنه أو باعه قدرا منه معینا من صبرة مشتملة علیه فإن کان الأخیر فلا بد فی تحقق قبضه من کیله أو وزنه للنص المتقدم و إن کان الأولی ففی الافتقار إلی اعتباره ثانیا لأجل القبض أو الاکتفاء بالاعتبار السابق وجهان من إطلاق توقف الحکم علی الکیل أو الوزن و قد حصلا و قوله علیه السلام لا تبعه حتی تکیله أو تزنه لا یدل علی أزید من حصولهما الشامل لما کان قبل البیع و من کون الظاهر أن ذلک لأجل القبض لا لأجل صحة البیع فلا بد له من اعتبار جدید بعد العقد و به صرح العلامة و الشهید و جماعة و هو الأقوی و یدل علیه قوله علیه السلام فی الخبر السابق إلا أن یولیه فإن الکیل السابق شرط لصحة البیع أو ما قام مقامه فلا بد منه فی التولیة و غیرها و مقتضی قوله علیه السلام إلا أن یولیه أن معها لا یتوقف علی کیل أو وزن فدل علی أن ذلک لأجل القبض لا لأجل صحة البیع (انتهی) و قد ذکر حاصله المحقق الأردبیلی و قال إن ظاهره أنه لا بد للقبض فیهما من الکیل و الوزن مرة أخری مطلقا و الظاهر أن مراد العلامة و الشهید و الجماعة الاحتیاج إلیهما مرة أخری للبیع الثانی لا لتحقق مطلق القبض حتی فی إسقاط الضمان و فی جمیع ما یعتبر فیه ذلک فإن ذلک بعید إلی آخر ما قال و ستعرف حقیقة الحال و قد رجع البحث فی المسألة إلی أن الکیل و الوزن هل وجوبهما فی المکیل و الموزون من حیث کونهما شرطا فی صحة البیع فإذا کان قد کیل قبل البیع أو وزن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 702
..........
______________________________
أو أخبره البائع بکیله أو وزنه لم یفتقر إلی الاعتبار ثانیا لأجل القبض و إنما یفتقر إلیه للبیع ثانیا أو أنهما یجبان أیضا من حیث کونهما قبضا للمبیع یترتب علیهما ما یترتب علی القبض الذی هو النقل أو الأخذ بالید و نحو ذلک فلا یکفی الاعتبار السابق (فینبغی) أن تلحظ الأخبار و کلام الأصحاب فی الباب و غیره و قد وجدناهم فی غیر الباب أجمعوا علی أن المشاهدة لا تکفی فی المکیل و الموزون سواء کان عوضا أو ثمنا و أنه لا بد من اعتباره بأحدهما و قد حکی علی ذلک الإجماع فی (الخلاف) و غیره کما بیناه فی محله فکان الاعتبار بالکیل و الوزن فی المقام شرطا فی الصحة و لم یتعرضوا فی المقام للقبض أصلا و وجدناهم أجمعوا علی أنه لو أخبره البائع بکیله ثم باعه بذلک صح و لم یتعرضوا فیه أیضا للاعتبار ثانیا لأجل القبض بل قال فی (المبسوط) و موضعین من (التذکرة) إن قبضه بغیر کیل صحیح و إن له التصرف فیه قبل کیله و ستسمع کلام (المبسوط) برمته و قد قالوا إن الأخبار فی المقام قائم مقام الاعتبار و قد دلت علیه أیضا الأخبار و دلت أیضا علی أنه لا یجوز لهذا المشتری أن یبیعه حتی یکیله و ستسمع أنه فی (السرائر) جوز له بیعه من دون کیل إذا أخبره بما أخبر به البائع و وجدنا المصنف فی (التذکرة) قال لو کال طعاما و آخر ینظر إلیه فهل لمن شاهد الکیل شراؤه بغیر کیل أما عندنا فنعم و هو أحد روایتی أحمد و قال و کذا لو کاله البائع للمشتری ثم اشتراه أی الآخر الذی ینظر إلیه و هاتان العبارتان قد دلتا علی أنه لا یجب کیله مرة أخری لیتحقق قبض المشتری له و ستسمع کلام (المبسوط) فی مثل ذلک و قد وجدناهم اتفقوا علی أنه یجوز بیع السلم بعد حلوله و قبل قبضه بمجانس الثمن ربویین کانا أو لم یکونا إذا لم یکن بین الثمنین الربویین تفاوت بزیادة و لا نقیصة و هذا الإجماع محصل بیناه فی محله و لعل ذلک هو التولیة و لا تلتفت إلی إجماعی (المبسوط) علی المنع فی السلم و الخلاف إنما هو فی صورة التفاوت فالمفید و الحلیون علی الجواز و الشیخ فی (النهایة) و جماعة علی المنع و الحق الجواز علی کراهیة و وجدناهم اختلفوا فی بیع ما لم یقبض مع قطع النظر عن التفاوت بزیادة الثمن و عدمه علی أقوال ذکرناها فی باب السلم و قد وجدناهم قالوا مما یقوم مقام الکیل أن یبیعه مقدارا معینا من صبرة یقطع باشتمالها علیه ثم یهبه الباقی لأن هذا بمنزلة الکیل لأن بیعه کذلک بمنزلة اعتباره و لهذا یصح البیع (فلیتأمل) و قد وجدناهم فی باب السلم قد نصوا علی جواز بیعه بعد حلوله و قبل قبضه تولیة علی من هو علیه و علی غیره کما أشرنا إلیه آنفا و لم نلتفت إلی کلام أبی العباس و یظهر منهم جواز البیع تولیة فیما إذا اشتراه بخبر البائع أو کان قد اشتری صاعا من صبرة أو کان قد اشتراه وکالة و آخر ینظر إلیه ثم باعه من الآخر تولیة بل ظاهر (التذکرة) فی هذا الأخیر الإجماع علی الجواز من دون کیل و إن لم یکن تولیة کما أسمعناکه آنفا و قد دلت علی ذلک الأخبار کما ستسمع فیمکن حمل قوله علیه السلام فی صحیحة معاویة إلا أن یولیه الذی قام علیه علی هذه الوجوه الأربعة أو أحدها ثم إن کل من قال إن القبض فی المکیل النقل و لا یحتاج إلی الکیل کالشیخ فی (الخلاف) و ابن زهرة و ابن إدریس و المصنف فی (المختلف) و الشهید فی (اللمعة) و الکرکی فی (جامع المقاصد) و غیرهم لا بد و أن یکونون قد رأوا الصحیحة فعلی ما ذا یحملونها لأنهم لا یقولون بوجوب الکیل للقبض و کذا ما کان نحو الصحیحة المذکورة فلا یتم الاستدلال بذلک علی أن ذلک لأجل القبض (فإن قلت) کیف تطبیق الخبر علی ما إذا اشتری طعاما قد کاله المالک بحضوره قبل الشراء ثم اشتراه و نقله ثم إنه أراد بیعه مرابحة أو تولیة (قلت) یکون الخبر دالا فی هذه الصورة علی أنه له أن یبیعه مرابحة و تولیة لأنه قد کیل و نقل کما سمعت مثله عن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 703
..........
______________________________
(التذکرة) و لیس فی الخبر دلالة علی أنه یجب علی البائع کیله مرة أخری للإقباض أو علی أنه لا یجوز للمشتری حینئذ بیعه حتی یأمر البائع بکیله له مرة أخری للإقباض و یفعل البائع ذلک بل الخبر دال علی خلاف ذلک علی أنه إذا اشتری طعاما و اکتاله ثم باعه ممن حضر کیله لا یجب کیله مرة أخری لیتحقق به قبض المشتری الثانی فهی ما رواه فی (الکافی) عن عبد الکریم بن عمر قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أشتری الطعام و أکتاله و معی من شهد الکیل و إنما اکتلته لنفسی فیقول تبیعنیه فأبیعه إیاه بذلک الکیل الذی کلته فقال لا بأس و ما رواه فی (الفقیه) عن خالد بن الحجاج الکرخی قال قلت لأبی عبد اللّٰه علیه السلام أشتری الطعام من الرجل ثم أبیعه من رجل آخر قبل أن أکتاله فأقول ابعث وکیلک حتی یشهد کیله إذا قبضته قال لا بأس و هما مجبوران بما عرفت و حینئذ فیجمع بینهما و بین الأخبار المانعة من بیع المکیل و الموزون ما لم یکل أو یوزن فی غیر التولیة کما فی صحیحة معاویة أو ما لم یقبض کما فی صحیحة منصور و صحیحة علی بن جعفر و غیرهما کما سمعته بما أشرنا إلیه آنفا من حمل المانعة علی ما إذا لم یعلم کیله أو وزنه کما إذا کان سلما حل و لم یقبض علی رأی أو علی ما إذا اشتراه بخبر البائع کما فی خبری حمران و البصری أو علی ما إذا اشتری مقدارا من صبرة مشتملة علیه فقد التأمت الأخبار و وافقت کلام الأصحاب فی غیر المقام و أما کلامهم فی المقام و ما حکاه عنهم فی (المسالک) فإنه لا یأبی التنزیل علی ذلک بل منه ما هو صریح قال فی (السرائر) إن إخبار البائع بالوزن و الکیل یقوم مقام الوزن و الکیل و قد روی أنه إذا أخذه بقول البائع ثم أراد بیعه و لم یبعه إلا بالکیل أو الوزن و لو قلنا بأنه إذا أخبره بما أخبره به البائع الأول لم یکن به بأس و جاز البیع فقد اشتمل علی ما نرید و زیادة حیث اکتفی بإخبار البائع للبیع و القبض و لم یلزمه الاعتبار ثانیا لأجل القبض و جوز له بیعه ثانیا من دون اعتبار و فی (المبسوط) لو قال البائع قد کلته أنا و هو عشرة أقفزة فقبل قوله و قبضه کان القبض صحیحا فإذا (تقرر) هذا نظر فی الطعام فإن کان باقیا و کیل فإن خرج وفق حقه فقد استوفی و إن خرج أقل رجع علی صاحبه بتمامه فکان معنی قوله فقبضه أنه نقله و تسلمه من دون کیل جدید و بذلک صرح فی (التذکرة) و نقل عن الشافعی أنه قال لا یصح القبض حتی یجری الکیل الصحیح بل ظاهرهما أی (المبسوط و التذکرة) أنه لا یحتاج الکیل فی جواز البیع بحیث لا یعد بیعا للمبیع قبل قبضه و فی (المبسوط) (و الخلاف و التذکرة) أیضا إذا أسلم فی طعام و استسلف من رجل مثله فلما حل علیه الطعام قال لمن أسلم إلیه احضر معی لأقبض منه لنفسی ثم تأخذ أنت بذلک الکیل ففعل صح القبض و ظاهر (الخلاف) الإجماع علیه و قال فی (التذکرة) لأنه قد شاهد کیله و علمه فلا معنی لاعتبار کیله مرة ثانیة ذکر ذلک فی موضعین من (التذکرة) و فی (المبسوط) إن حضر اکتیاله ممن اشتراه فأخذه بالکیل الذی أخذه به کان ذلک صحیحا و قد سمعت آنفا أن ظاهر (التذکرة) الإجماع علی ذلک و فیهما أیضا لو قبض جزافا ما اشتراه مکایلة دخل المقبوض فی ضمانه فلو باع ما یستحقه منه فالوجه الجواز نعم قد قال المصنف فیما یأتی من الکتاب بناء علی القول بأن القبض فی المکیل الکیل ما نصه (فحینئذ) لو اشتری مکایلة و باع مکایلة لا بد لکل بیع من کیل جدید حتی یتم القبض أی حتی یحصل القبض و معناه أنه لو اشتری شیئا لا یباع إلا کیلا و باع کذلک لا بد لکل بیع من هذین من کیل جدید لأنه لا بد لکل بیع من قبض و لعله إلی هذا أشار فی (المسالک) و أنت خبیر بأنها لیست صریحة فی اعتبار الکیل مرة ثانیة للقبض و إن کان المشتری قد حضر الاعتبار الأول فیمکن حملها علی ما إذا لم یحضر المشتری الاعتبار الأول حتی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 704
..........
______________________________
یطابق ما سمعت نقله عنه و کذلک الحال فی قول الشهید فی (الدروس) و لا یکفی الاعتبار الأول عن اعتبار القبض فإنه یحمل علی مثل ذلک للأصل و عدم الفائدة و لزوم تحصیل الحاصل مع ما سمعته من الفتاوی و الأخبار علی أنه لا ریب أنهما لا یریدان أنه لا یتحقق حینئذ مطلق القبض حتی فی إسقاط الضمان و فی جمیع ما یعتبر فیه ذلک و قال المحقق الثانی بعد ما شرح عبارة الکتاب أعنی قوله لو اشتری مکایلة إلی آخره بنحو ما سمعت و لو أنه حضر الکیل المتعلق بالبیع الأول فاکتفی به أو أخبر به البائع فصدقه لکفی نقله و کان ذلک قائما مقام الکیل و لو أخذه جزافا فإن قطع باشتمال المأخوذ علی البیع فکذلک و لو لم یقطع فمقدار المأخوذ محسوب من المبیع و هذا منه حمل للعبارة علی ما نقلناه ثم قال و قد صرح فی (التذکرة) بما عدا الأولی و الأخیرة و ظاهر کلامه فیها عدم الاحتیاج إلی الکیل فی جواز البیع بحیث لا یعد بیعا للمبیع قبل قبضه (و فیه نظر) انتهی و النظر فی محله لمکان خبر البصری و محمد ابن حمران و لعل المخالف صریحا صاحب (السرائر) کما سمعت و للمصنف فی الفصل السادس فی الرهن کلام قد یدل علی اعتبار الکیل أو الوزن مرة ثانیة لأجل القبض و کأنه فی (جامع المقاصد) لم یقف علی جمیع ما وقفنا علیه من کلامه فی (التذکرة) هذا کله إن اخترنا أن القبض فی المکیل الکیل (و القول الثانی) فی المسألة ما اختاره المصنف فی (المختلف) و المحقق الثانی فی (تعلیق الإرشاد) من أن القبض فیه أی المنقول النقل أو الأخذ بالید و إن کان مکیلا أو موزونا فقبضه هو ذلک أو الکیل أو الوزن فقد اکتفیا فی المکیل و غیره مما ینقل بقبض الید من دون احتیاج إلی النقل و هو موافق للعرف غیر مخالف للإخبار لأنه قد یکون استند فی الکیل إلی الصحیح المتقدم و فی النقل إلی خبر عقبة و لعله إنما یکتفی بالنقل فی المکیل و الموزون فی نقل الضمان لا غیر کما بینا آنفا فلا تغفل عنه و علی کل حال فلا ریب فی مخالفته للقول الأول المذکور فی الکتاب و لما فی (المبسوط) کما ستسمع (الثالث) ما اختاره الشهید فی (الدروس) من أنه فی الحیوان نقله و فی المعتبر کیله أو وزنه أو عده أو نقله و فی الثوب وضعه فی الید و أراد بالمعتبر ما یکون له اعتبار مخصوص لتندفع به جهالته و فی (جامع المقاصد) أنه مقتضی العرف و لعل مستنده فی إلحاق المعدود بالمکیل و الموزون فی المقام إلحاقه بهما فی عدم صحة بیعه بالمشاهدة و أنه لا بد من اعتباره لعدم القائل هناک بالفرق أصلا کما فی (المسالک) و غیره (فتأمل) و فی (الوسیلة) إلحاقه بهما کما ستسمع و الفرق بین الحیوان و غیره ضعیف (الرابع) أنه التحویل و النقل و هو خیرة (المخالف) (و الغنیة و السرائر و اللمعة) و فی (الغنیة) الإجماع علیه و فی (الروضة) أنه أجود الأقوال (الخامس) ما اختاره فی (المبسوط) من أنه إن کان مثل الجواهر و الدراهم و الدنانیر و ما یتناول بالید فالقبض فیه هو التناول و إن کان مثل الحیوان کالعبد و البهیمة فإن القبض فی البهیمة أن یمشی بها إلی مکان آخر و فی العبد أن یقیمه من مکان آخر و إن کان اشتراه جزافا کان القبض فیه أن ینقله إلی مکانه و إن کان اشتراه مکایلة فالقبض فیه أن یکیل و هو خیرة (الوسیلة) مع زیادة أن القبض فی الموزون وزنه و فی المعدود عده و قد حکی هذا القول المحقق فی (الشرائع) فقال و قیل فیما ینقل القبض بالید أو الکیل فیما یکال أو الانتقال به فی الحیوان و بهذا العنوان اختاره المصنف فی (الإرشاد) و کذا (التحریر) مع تغییر الانتقال بالنقل (و التذکرة) فی موضع منها و فی (غایة المرام) أنه المشهور و حکاه عن (المبسوط) و القاضی و ابن حمزة و العلامة و أبی العباس و اختاره فی (النافع) بأنه فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 705
فحینئذ لو اشتری مکایلة و باع مکایلة (1) فلا بد لکل بیع من قبض جدید لیتم القبض و یتم القبض بتسلیم البائع له و غیره (2)
______________________________
القماش الإمساک بالید و فی الحیوان نقله و حکاه تلمیذه (کاشف الرموز) بهذا العنوان عن الشیخ و أتباعه و جعله أبو العباس فی (المهذب و المقتصر) مشهورا و حکاه عن (المبسوط) و القاضی و ابن حمزة (و العلامة خ ل) و المصنف فی کتبه و اختاره هو فی الکتابین و نحو ذلک ما فی (إیضاح النافع) من اختیاره و دعوی أنه المشهور و اختاره صاحب (التنقیح) و حکاه عن (الخلاف) و قال إنه علیه الفتوی و قد سمعت ما فی (الخلاف) فقد عبر فی حکایة (الشرائع) عن التناول الذی فی (المبسوط) بالقبض و لم یفرق بین نقلی الحیوان و عبر عنهما بالانتقال به و لم یذکر الحال فیما اشتراه جزافا و فی حکایة (النافع) لم یذکر الکیل و جعل النقل فی الحیوان مطلقا نقله و عبر عن التناول بالإمساک بالید و لعل صاحب (جامع الشرائع) أراد ما فی (المبسوط) حیث قال إنه فی المنقول النقل و فیما یتناول التناول (و یمکن) الجمع بین الجمیع من الأقوال و الأنقال بتکلیف شدید و لا یخفی أن قبض العبد و أخذه و نقله یتحقق بانتقاله بأمره و لا یحتاج إلی أخذه بالید و نقله إذ لم تجر العادة بذلک (السادس) ما اختاره المقدس الأردبیلی من أنه القبض بالید بقصد التملک و لعله أراد ما قاله فی (المسالک) من أن العرف لا یتحقق فی المنقول إلا باستقلال ید المشتری به سواء نقله أم لا و کذا فی طرف البائع بالنسبة إلی الثمن و قد استحسنه صاحب (الکفایة) لکنه قال فی (المسالک) بعد ذلک و هذا مطرد فی المکیل و الموزون و غیرهما إلا أنهما خرجا عنه بالنص الصحیح فیبقی الباقی و أنت قد عرفت الحال فی النص المذکور و فی (المفاتیح) أن الرجوع فی القبض إلی العرف و جعل القولین أعنی التخلیة مطلقا و التفصیل فی مقابلة العرف (و أنت خبیر) بأنه لا ریب فی الرجوع فی أمثال ذلک إلی العرف إذ لا شرع لکن العرف لما کان مختلفا و غیر ظاهر فی المنقول و غیره و المکیل و غیره مثلا اختلفوا فی ذلک و زعم کل أن العرف معه (و لیعلم) أن حکم المشتری حکم البائع فی جمیع ما سلف کما هو ظاهر جماعة و صریح آخرین و من اقتصر فی هذا المقام علی ذکر المکیل کالمصنف فی (الإرشاد) و غیره فلعدم القائل بالفرق بینه و بین الموزون و قد صرح بهذا الإجماع المرکب المقدس الأردبیلی و لا کذلک المعدود کما عرفت هذا و النقل فی عبارة (الکتاب) یحتمل أن یراد به نقل البائع المستدعی نقل المشتری فی بعض الحالات فیکون حینئذ قبضا من المشتری و تسلیما من البائع و یحتمل أن یراد به نقل المشتری الذی یقال له قبض و لا یسمی تسلیما إلا إذا کان بإذن البائع أما فی الوقف و الهبة فظاهر و أما فی البیع فإنه بدون الإذن یبقی للبائع سلطان علی حبسه لیقبض الثمن و علی التقدیرین یصح للمصنف إدراجه فی عنوان التسلیم أما علی الأول فظاهر و یکون قد حمله معنی القبض أیضا تحمیلا و علی الثانی یکون حمله معنی التسلیم (و منه یعلم) الحال فی الکیل و الوزن فی کلامه (فتأمل)
(قوله) (فحینئذ لو اشتری مکایلة و باع مکایلة «إلخ»)
هذا تقدم الکلام فیه آنفا و قال الشهید فی حواشیه لو قال کیلا بدل قوله مکایلة لکان أنسب لأن المراد بالمکایلة ما یقابل الجزاف فلا یستعمل غالبا إلا فی موضع یصح فیه الجزاف و عندنا لا یصح بیع الکیل جزافا بل لو قال مقدارا کان أجود لأنه أشمل
(قوله) و یتم القبض بتسلیم البائع له و غیره)
أی یتحقق بتسلیم البائع المبیع للمشتری و غیر البائع ممن یقوم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 706
و له أن یتولی القبض لنفسه کما یتولی الوالد الطرفین فیقبض لولده من نفسه و لنفسه من ولده (1) و یجب التسلیم مفرغا (2) فلو کان فی الدار متاع وجب نقله (3) و لو کان فی الأرض زرع قد بلغ وجب نقله (4)
______________________________
مقامه بولایة أو وکالة أو للمشتری و غیر المشتری ممن یقوم مقامه إلا أن فیه عطفا علی الضمیر المجرور من دون إعادة الجار و أما قبض الجزء المشاع کما إذا اشتری جزءا مشاعا فلا یتم إلا بتسلیم الجمیع و یکون ما عدا المبیع أمانة فی ید المشتری کما فی (التذکرة و تعلیق الإرشاد)
(قوله) (و له أن یتولی القبض لنفسه کما یتولی الوالد الطرفین فیقبض لولده من نفسه و لنفسه من ولده)
یجوز للواحد أن یتولی طرفی القبض کما نص علی ذلک فی (التذکرة) فی موضعین منها (و الإرشاد) (و الدروس و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و غایة المرام و المیسیة و المسالک و مجمع البرهان) و غیرها کما یجوز تولی طرفی العقد بل هنا أولی إذ لا عقد هنا و لا یحتاج إلی مسلم و مسلم إلیه لأن المقصود وصول الحق إلی ید المالک أو من یقوم مقامه و قد حصل فی الفرض و المخالف الشیخ فی (المبسوط) و القاضی فیما حکی عنه و الشافعی فی أحد وجهیه لأنه لا یکون قابضا مقبضا و فی (الشرائع) أن فیه أی کلام الشیخ ترددا و فی (التحریر) أن فیه نظرا (و أنت خبیر) بأن المغایرة الاعتباریة کافیة مضافا إلی ما ذکرنا و الأقرب أنه لا یشترط هنا النقل فی المنقول کما فی (التذکرة و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد) فقبضه له یتحقق باستدامة القبض مع القصد و حینئذ فیجوز أن یکون البائع وکیلا للمشتری فی القبض فیقبض بوکالته و کذلک الولی کالأب و الجد و الوصی فیقبض لنفسه من مال المولی علیه و بالعکس و یجوز أن یوکل المشتری من یده ید البائع کعبده (إذا عرفت) هذا فعد إلی عبارة الکتاب فالضمیر فی له و إن لم یکن له مرجع مذکور لکنه معلوم من المقام و فی قوله له أن یتولی القبض لنفسه محذوف دل علیه المقام أیضا و الاعتبار تقدیره من نفسه و إلا فکل مشتری إنما یقبض لنفسه فلا ینحصر فی بعض الصور کما یظهر من التمثیل و لا ریب أنه إذا قبض لنفسه من نفسه عن ولده فکأنه قبض من ولده فصح له أن یقول و لنفسه من ولده و إلا فإذا اشتری مال ولده فإنما یقبض لنفسه من نفسه لا من ولده کما هو صریح العبارة
(قوله) (و یجب تسلیم المبیع مفرغا)
کما فی (الشرائع) (و النافع و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) و لعل ذلک بعد تسلیم المشتری الثمن و التفریغ و إن کان واجبا إلا أنه لا یتوقف صحة التسلیم علیه فلو سلمه مشغولا فتسلمه حصل القبض عندنا کما فی (التذکرة) فی موضع منها (و المسالک) و ظاهرهما الإجماع و قد حکی ذلک عن (التذکرة) فی (جامع المقاصد) مستشهدا به و یؤیده الأصل مع صدق ما اشترط فی القبض من التخلیة و التمکین و النقل و یجب التفریغ بعد ذلک هذا إذا کان المشتری عالما بالحال و إلا تخیر بین الفسخ و الصبر إن احتاج إلی مضی زمان یفوت فیه شی‌ء من النفع المعتد به دفعا للضرر
(قوله) (فلو کان فی الدار متاع وجب نقله)
فورا و لا فرق بین کون المتاع للبائع أو غیره
(قوله) (و لو کان فی الأرض زرع قد بلغ وجب نقله)
و إن لم یکن بلغ صبر إلی أوان بلوغه إن اختار البائع إبقاءه و مع الجهل بشی‌ء من ذلک و الاحتیاج إلی زمان یفوت فیه شی‌ء من النفع یتخیر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 707
و کذا یجب نقل العرق المضر کالذرة و الحجارة المدفونة المضرة و علی البائع تسویة الأرض (1) و لو احتاجت إلی هدم شی‌ء هدمه و علی البائع الأرش (2) و یصح القبض قبل نقد الثمن و بعده باختیار البائع و غیر اختباره (3) و أجرة الکیال و وزان المتاع و عاده و بائع الأمتعة علی البائع (4) و أجرة ناقد الثمن و وزانه و مشتری الأمتعة و ناقلها (5) علی المشتری و لا أجرة للمتبرع و إن أجاز المالک (6)
______________________________
المشتری کما صرح بذلک جماعة
(قوله) (و کذا یجب نقل العرق المضر کالذرة و الحجارة المدفونة المضرة و علی البائع تسویة الأرض)
کما فی (الشرائع) و الوجه فی ذلک کله ظاهر
(قوله) (و لو احتاجت إلی هدم شی‌ء هدم و علی البائع الأرش)
أی لو احتاجت هذه المذکورات من الأمتعة و نحوها فی تفریغ المبیع منها إلی الهدم کما لو کان فیها دابة أو متاع لا یخرج إلا بتغییر شی‌ء من الأبنیة فإنه یجب إخراجه و إصلاح ما یستهدم کما فی (الشرائع و التحریر و المسالک و الکفایة) أما وجوب الإخراج فلتوقف التسلیم علیه و أما إصلاح ما یستهدم فلأنه إتلاف لبعض المبیع لحق وجب علیه و مع جهل المشتری بالحال فله الفسخ و فی (الدروس و جامع المقاصد) بأن علی البائع الأرش کالکتاب و الکل متجه و لکل وجه أما التعبیر بإصلاح ما فسد فیتجه فیما إذا احتاج الهدم إلی رمی لبنتین أو ثلاث أو أکثر حیث یمکن الرد من غیر اختلاف فی الهیئة و أما التعبیر بالأرش فحیث تختلف الهیئة لأنه حینئذ یکون الهدم من ذوات القیم کما بیناه فی بیع الأرض فی فصل ما یندرج فی المبیع فلیرجع إلیه
(قوله) (و یصح القبض قبل نقد الثمن و بعده باختیار البائع و بغیر اختیاره)
الصور أربع منها ما لو کان القبض قبل نقد الثمن بغیر اختیار البائع فإنه قبض بالنسبة إلی نقل الضمان و نحوه أما بالنسبة إلی حق حبس السلعة فلا إذ لا یملک المشتری إسقاط حق البائع فیبقی کما کان و إن حصل هذا القبض القهری و کذا لا یزول بهذا القبض خیار التأخیر فللبائع الفسخ بعد الثلاثة کما نبه علی ذلک کله الشهید فی حواشیه و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) و أشار إلی بعض ذلک فی (الدروس) حیث قال و لو قبض بغیر إذن البائع انتقل إلیه الضمان و لم یکن مانعا من فسخ البیع للتأخیر عن الثلاثة
(قوله) (و أجرة الکیال و وزان المتاع و عاده و بائع الأمتعة علی البائع)
کما فی (المقنعة و النهایة و المراسم) (و الوسیلة و السرائر و جامع الشرائع و الشرائع و النافع) و سائر ما تأخر عنها مع ترک ذکر العاد فی أکثرها و فی (الریاض) قد صرح الأصحاب من غیر خلاف یعرف بأن أجرة الکیال و وزان المتاع و کذا بائع الأمتعة علی البائع (قلت) لا ریب فی وجوب أجرة الکیال و الوزن علی البائع لأن ذلک لمصلحته و لما هو واجب علیه لأنه یجب علیه کیله للبیع و للقبض و الإقباض علی ما تقدم و ما لا یتم الواجب إلا به واجب (و منه یعرف) الحال فی العاد و أما بائع الأمتعة فهو الدلال و أجرته علی من یأمره فإن أمره إنسان ببیع متاع فباعه له فأجرته علی البائع الآمر لا علی المشتری و یستحق الأجرة و إن لم یشارط علیها لأن هذا العمل مما یستحق علیه أجرة فی العادة و نصب الدلال نفسه لذلک قرینة علی عدم التبرع (و مما) ذکر یعلم الحال فی قوله و أجرة ناقد الثمن و وزانه و مشتری الأمتعة للاشتراک فی الحکم و الدلیل و نص الأصحاب
(قوله) (و ناقلها)
لأن نقلها إلی المکان الذی یریده أمر خارج عن إقباض المبیع و متأخر عنه فلا یتعلق بالبائع فیکون أجرته علی المشتری
(قوله) (و لا أجرة المتبرع و إن أجاز المالک)
إذا تبرع أجنبی بشی‌ء من الأمور المذکورة من دون أمر من البائع أو المشتری له بذلک و لا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 708
و لا یتولاهما الواحد (1) بل له أجرة ما یبیعه علی الآمر بالبیع و أجرة ما یشتریه علی الآمر بالشراء
______________________________
ما یقوم مقامه من الدلالة لم یستحق أجرة علی من تلزمه الأجرة مع أمره أو ما فی حکمه و لو أجاز البیع و الشراء أو الکیل أو الوزن و غیرهما لأنه بالفعل لم یستحق لمکان التبرع و بعد الإجازة لم یعمل عملا و الأصل براءة الذمة من استحقاق شی‌ء و قد صرح بذلک فی (التحریر و الدروس)
(قوله) (و لا یتولاهما الواحد)
کما عبر بذلک المحقق فی (الشرائع) و السید عمید الدین فیما حکی عنه الشهید و فی بعض نسخ (النافع) و لا یجمع بینهما الواحد و المشهور من نسخه کما فی (التنقیح) و لا یجمع بینهما لواحد و هذا نسبه الشهید فی (الدروس) إلی کلام الأصحاب قال و لو منعنا من تولیة طرفی العقد امتنع أخذ أجرتین و علیه یحمل کلام الأصحاب أنه لا یجمع بینهما لواحد انتهی و هذا حمل منه لعبارتی (الشرائع و الکتاب) و شروحهما و حواشیهما علی عبارة (النافع) المشهورة و إلا فلم نجدها فی سوی (النافع) و کذلک الشهید الثانی فی (المسالک) لم یفرق بین العبارات الثلاثة قال أو یعود الضمیر فی عبارة (الشرائع) إلی الأجرتین بناء علی المنع من تولی الطرفین و علی ذلک نزل الشهید «ره» کلام الأصحاب فی هذه العبارة لأنها عبارة متداولة بینهم انتهی و قد علمت أنه فی (الدروس) إنما ذکر عبارة (النافع) و لم یتعرض لعبارة (الشرائع) و علی کل حال فتنزیل الشهید ضعیف جدا فإن المصنف و المحقق و غیرهما ممن عبر بعبارة (النافع أو الشرائع) لا یرون المنع من تولی الواحد الطرفین فتنزیل کلامهم علی ما لا یوافق مذهبهم المعروف منهم بمجرد احتمال إرادته مع إمکان تنزیله علی غیره بعید جدا نعم هذا شی‌ء ذکره ابن إدریس فی تأویل عبارة (النهایة) قال فی (النهایة) و لو کان ممن یبیع و یشتری للناس کان له أجرة علی ما یبیع من جهة البائع و أجرة علی ما یشتری من جهة المبتاع و مثلها من دون تفاوت أصلا عبارة (المقنعة) و نحوهما عبارة (الوسیلة) لکنها لیست بتلک المکانة من الظهور لأنه قال فیها و إن نصب نفسه للأمرین فأجرته علی من عمل له انتهی (فتأمل) (و قال فی السرائر) و لا یظن ظان علی شیخنا أبی جعفر فیما ذکره فی نهایته و ساق عبارة (النهایة) أن المراد بذلک أنه فی سلعة واحدة یستحق أجرتین و إنما المراد بذلک أن من کان ذلک صنعته یبیع تارة للناس و یشتری لهم تارة فیکون له أجرة علی من یبیع له فی السلعة المبتاعة فإن اشتری للناس سلعة غیرها کان له أجرة علی من اشتری له تلک السلعة لا أنه یشتری سلعة واحدة و یبیعها فی عقد واحد لأن المشتری غیر البائع و البائع غیر المشتری و العقد لا یکون إلا بین اثنین لأنه یحتاج إلی إیجاب و قبول و إنما مقصود شیخنا ما نبهنا علیه فتأمل ذلک (انتهی) و هذا التأویل إن صح فی عبارة (النهایة) لأن الشیخ فیها و فی (المبسوط و الخلاف) منع من تولی الواحد طرفی العقد لا یصح فی عبارة (المقنعة و الوسیلة) لأنهم لم ینسبوا إلیهما خلافا فی ذلک کما بیناه فی محله و کیف کان فالواجب أن نبین الحال فی العبارات الثلاث و نبین الحکم و الدلیل علی نمط العبارات و اختلاف الأقوال مع محاولة الجمع بین العبارات فنقول قال فی (جامع المقاصد) فی بیان عبارة الکتاب إن المراد لا یتولی العملین أی الدلالتین الشخص الواحد فی السلعة الواحدة لأن البیع مبنی علی المماکسة و المغالبة و لا یکون الشخص الواحد غالبا مغلوبا و ارتکابه الحالة الوسطی موقوف علی رضاهما بذلک أما الولی للطفلین فلما کان فعله منوطا بالمصلحة و لم یمتنع أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 709
..........
______________________________
یکون الشراء بالثمن إلا علی مال الطفل مصلحة للطفل الآخر لعدم حصول غیره و ضرورته إلیه لم یمتنع تولیة الطرفین و قد وافقه علی ذلک الشهید الثانی فی (المسالک) و جعله الظاهر من سیاق عبارة (الشرائع) تبعا لشیخه الفاضل المیسی و نحو ذلک ما فی (الروضة) و قد سبقهما إلی ذلک الصیمری فی (غایة المرام) و قد سبقه إلیه أبو العباس فی (المهذب البارع) ذکره فی جملة مقدمات نبه علیها و قد أخذ ذلک من الشهید فی (حواشی الکتاب) و علی کلامهم تکون الأجرة ممن ماکس له أو لا یستحق أجرة کما هو صریح السید عمید الدین علی ما حکاه عنه الشهید و هو أیضا ظاهر جماعة کما ستعرف أو تکون له أجرة واحدة علیهما کما ستسمعه عن (اللمعة و التنقیح) و غیرهما و أنت خبیر بأنه یشکل إطلاق ما قالوه فی بیان المنع بما لو کان السعر مضبوطا عادة بحیث لا یحتاج إلی المماکسة کما نبه علی ذلک صاحب (إیضاح النافع) و غیره (قلت) و قد قطعوا کما ستسمع بأن له أن یتولی العملین بغیر أجرة فتأمل (و قد یمکن) بذل الجهد و السعی من الجانبین علی النهج المتعارف فیستحق أجرتین کأن یقول فی الترغیب لشرائه بالزائد لو کان السوق سوقا رائجا بیع بمائة و إن کان الآن لا یباع بذلک و عن قریب یجی‌ء الموسم و یکثر المشترون فیشتری بأکثر من مائة و یقول فی الترغیب لبیعه هذا الثمن و إن کان قلیلا الآن لکنک إذا بعته و اشتریت بثمنه غیره و اتجرت به حصل لک ربح زائد و هو أنفع من عدم بیعه و إبقائه إلی أن یجی‌ء الموسم و تبیعه بأکثر من هذا الثمن فقد تصور حصول النفع فی سعیه لکل منهما و کان قوله باعثا للشراء و البیع و الرغبة و ذلک کاف فی استحقاق الأجرة فلا یتجه قوله فی (جامع المقاصد) إنه إذا أمر بهما معا کان ما یأتی به من السعی محسوبا للأمر بالبیع فلا یبقی فعل للأمر بالشراء لیتولاه إلا أن نقول أقصی ما هناک أنه راعی المصلحة لهما و هی لا تکفی بل الواجب علیه مراعاة الأصلح لکل منهما کما صرح به الشهید و الجماعة و هو غیر متصور فی المقام (و فیه) أنا نمنع عدم تصوره فی التصویر المذکور إذ قد یکون البیع بهذا الثمن أصلح لهذا و الشراء به أصلح لذاک بل قد نقول قد یکون الغرض مجرد البیع و الشراء لا السعی فی کمال ما یسوی و ذلک فإنا نری بعض الناس یرضی ببیع بعض الأمتعة فی بعض الأوقات بأدنی شی‌ء بل قد یصرح بذلک بل قد یخلیه عند الدلال و یترکه و حینئذ یرضی ببیعه بما بیع و یأخذ الأجرة کما نبه علی ذلک المقدس الأردبیلی و قد دلت الأخبار علی جواز أخذ الأجرة للدلال و السمسار من المشتری کخبر عبد اللّٰه بن سنان المروی بثلاثة طرق و خبر أبی ولاد و خبر ابن أبی عمیر لکنه قد تضمن النهی عن أخذ الأجرة من البائع و الظاهر أن الوجه فیه أن الآمر له إنما هو المشتری و قد شهد لها الاعتبار و علی جواز الأخذ من البائع إن أمره بالبیع له فإذا باع و اشتری لاثنین شیئا واحدا کان له أجرتان لحصول العمل الموجب للأجر و هو الأمر فیأخذ «1» لأنه حینئذ یکون قد أقدم علی التزام تمام الأجر بحصول المأمور به و لا مدخل لاتحاد العمل خصوصا مع جهل أحدهما بأمر الآخر فیأخذ ما یستحقه من کل منهما بعمله و إن کان واحد کما هو صریح (المختلف) و ظاهر (المقنعة و النهایة و الوسیلة و الإرشاد) و هو المحکی عن (الخلاف) حکاه عنه الشهید فی حواشیه و هو الذی یعطیه مفهوم عبارة (التحریر و المهذب البارع) و غیرهما و قد یراد ذلک من قوله فی (اللمعة) و لو أمره بتولی الطرفین فعلیهما بأن یراد بالطرفین الدلالتین و أن یراد أن علیهما له أجرتان لکن هذا بعید و الظاهر منها ما ذکرناه آنفا کما ستعرف ذلک مبینا و ما یتخیل
______________________________
(1) لفظة فیأخذ غیر موجودة فی نسختین (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 710
..........
______________________________
من عدم استحقاقه الأجرتین قد ظهر لک عدم تمامه و حینئذ فیمکن حمل قولهم و لا یتولاهما الواحد علی أن المراد لا یتولی الأجرتین الشخص الواحد إذا کان مأمورا من أحدهما و هو معنی عبارتی (النافع) و لا یجمعهما لواحد و لا یجمعهما الواحد و بیان ذلک کما فی (إیضاح النافع) أن من أمر بالبیع فلا ریب أن أجرته علی آمره و لیس له علی المشتری أجرة بترغیبه فیه و سعیه فی إرضائه و کذلک الکلام فی شرائه إذا أمره به المشتری فإنه لا یستحق أجرة علی البائع و إن سعی فی إرضائه و ترغیبه و قبوله فمعنی عدم الجمع لواحد و عدم التولیة له و عدم جمع الواحد لهما أنه لا یستحق أجرة علی البائع و المشتری إذا کان وکیلا لأحدهما خاصة بل إنما یستحقها علی موکله خاصة و یرشد إلیه قول المصنف بعد ذلک بل له أجرة ما یبیعه علی الآمر بالبیع و ما یشتریه علی الآمر بالشراء (و قوله أیضا) فی (التحریر) و لا یأخذ عن سلعة أجرتین من البائع و المشتری بل یأخذ ممن کان عاقدا له و وکیلا و قضیة کلامه فی الکتابین أنه لو کان وکیلا لهما کان له أن یأخذ الأجرتین أو یأخذ منهما أجرة واحدة علی التنصیف کما فهمه الشهید فی حواشیه من عبارة (التحریر) و الغرض تقریب ما ذکره صاحب (إیضاح النافع) ثم قال فی (إیضاح النافع) و ما یذکر فی معانی هذه العبارات غیر ذلک فلیس بشی‌ء کقولهم لا یتولی طرفی العقد لأن من أجازه یقول بهذه العبارة و کقولهم إنه لا یکون وکیلا للمتبایعین إنه لا تجتمع رعایته لمصلحتهما فإنهما قد یوکلاه علی ثمن معین بیعا و ابتیاعا و کقولهم إنه إذا تولی طرفی العقد لا یستحق کمال الأجرة علی أحدهما بل أجرة الإیجاب علی موکل البیع و أجرة القبول علی موکل الابتیاع فإن ذلک یستلزم التخصیص بالوکیل علی الإیجاب و القبول و بعض القوم لا یجیزه مع أنه یعبر بهذه العبارة (و بهذا) الفرق ظهر أنه لا فرق بین أن تکون النسخة لا یجمعها الواحد أو لواحد (انتهی) و مما ذکر یظهر حال ما قاله فی (التنقیح) قال فی بعض نسخ الکتاب لا یجمع بینهما الواحد أی لا یکون موجبا قابلا یجمع بین الشراء و البیع و المشهور لواحد بغیر ألف و له تفسیران أحدهما أنه لا یأخذ أجرة البیع من الآذن فیه کلها و لا أجرة الشراء من الآذن فیه کلها بل یؤخذ من کل واحد أجرة ما فعل له فیأخذ أجرة الإیجاب من الآذن فی البیع و أجرة القبول من الآذن فیه (و فیه) مضافا إلی ما عرفت أن الشهید و السید العمید قالا إنه لا یستحق علی اللفظ من دون السعی و العمل أجرة لأن العقد لا أجرة له عادة ثم قال فی (التنقیح) و ثانیهما أنه إذا أمراه بالبیع و الابتیاع فالأجرة علی السابق و إن اقترنا و کان الغرض تولیة طرفی العقد فالأجرة علیهما و کذا إن تلاحقا و کان الغرض مجرد العقد و إن لم یکن الغرض مجرد العقد بل السمسرة لکل منهما فللواسطة أجرتان علی قدر العملین (انتهی) و هو حاصل عبارة (الدروس) مع زیادة و هو کما تری لیس له تعلق فی تفسیر العبارة و صاحب (المهذب البارع) کأنه لحظ فی تفسیر قوله لا یجمعهما لواحد ما ذکرناه عن (إیضاح النافع) و لحظ فی تفسیر لا یتولاهما الواحد و لا یجمعهما الواحد ما ذکرناه عن الشهید فی (الدروس) و ما ذکرناه عنه و عن المحقق الثانی فی حواشیهما علی الکتاب و نحوه ما فی (غایة المرام) مع خبط له فی المقام یظهر للناقد البصیر و قال فی (الروضة) کما أشرنا إلیه آنفا إن المراد من قولهم لا یجمع بینهما لواحد أنه لا یجمع بینهما لعمل واحد و إن أمراه البائع بالبیع و المشتری بالشراء بل له أجرة واحدة علیهما أو علی أحدهما (انتهی) و معناه أنه لا یجمع بین الأجرتین لعمل واحد کما إذا کان الأمر من طرف واحد أو من الطرفین لأن عمله واحد فلا یجمع بین الأجرتین له بل فی الأول
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 711
و لو هلک المتاع فی ید الدلال من غیر تفریط فلا ضمان (1)
______________________________
یأخذ الأجرة ممن کان عمله له حیث أمره به و فی الثانی منهما أنصافا و ظاهره کما هو صریح (المسالک) أنه لا فرق فی ذلک بین کون العمل دلالة أو عقدا مع احتماله فی (المسالک) کون الأجرة علی السابق فیما إذا أمراه بتولی طرفی العقد و لعله دلیله علی وجوب الأجرة الواحدة سواء اقترنا فی الأمر أم تلاحقا الأصل مع عدم المخرج عنه سوی العمل و هو لوحدته لا یوجب إلا أجرة واحدة عادة و تعدد الطرفین غیر موجب لتعددها إذ لا دلیل علیه شرعا و لا عرفا و هی مع الاقتران موزعة علیهما لعدم المخرج و کذا مع التلاحق لاستواء الموجب و هو العمل بالنسبة إلیهما و أنت قد عرفت المخرج آنفا و دلیله علی احتمال تقدیم السابق أصالة براءة ذمة المسبوق و وجود المرجح من سبق الآمر «فتأمل» و قد اقتفی فی ذلک أثر الشهید فی (اللمعة و الدروس) قال فی (اللمعة) و أجرة الدلال علی الآمر و لو أمراه بتولی الطرفین فعلیهما و الظاهر من هذه العبارة و إن کان الکلام فی الدلالة لا فی العقد أنهما لو أمراه بتولی العملین أی الدلالتین فعلیهما معا أجرة واحدة و قد یحتمل بعیدا أن یکون له علیهما أجرتین و قد شرحها فی (الروضة) بأن المراد بالطرفین الإیجاب و القبول و أن علیهما أجرة واحدة بالتنصیف سواء اقترنا أم تلاحقا و الذی دعاه إلی شرحها بذلک کلامه فی (الدروس) و کأنه لیس بالمکانة من الدلالة قال فی (الدروس) و أجرة الدلال علی آمره و لو أمراه فالسابق فإن اقترنا و کان الغرض تولیة طرفی العقد فعلیهما و کذا لو تلاحقا و کان مرادهما مجرد العقد و لو منعنا من تولیة الطرفین امتنع أخذ الأجرتین و علیه یحمل کلام الأصحاب أنه لا یجمع بینهما لواحد انتهی و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) جوز أخذ الأجرة علی إیقاع الإیجاب و القبول قال لا یمتنع إیقاعهما بالأمر و أخذ الأجرة علیهما لأن کلا منهما عمد برأسه مستقل بنفسه و عبارة هذه لعلها لا تأبی عن إرادة أخذ أجرتین علی إیقاعهما (فتأمل) و فی وکالة (الکتاب) أنه یصح أن یوکله واحد ببیع عبد و آخر بشراء عبد و هو خیرة وکالة (التذکرة و التحریر و الإرشاد و الإیضاح) و قال فی (جامع المقاصد) فی الباب المذکور إنما یسوغ له ذلک إذا استقصی فی القیمة إلی الحد الممکن عادة و لم یقصر فی إعلام ذوی الرغبات إلی آخر ما قال و ینبغی ملاحظة ذلک فی باب الوکالة فإنا قد حررنا فیه کلام القوم و قد تقدم لنا فی أوائل الباب ما له نفع تام فی المقام هذا و لا ریب أن له أن یتولی العملین بغیر أجرة قال فی (جامع المقاصد) إذ لا محذور فیه قطعا و کذا یجوز له تولیهما بأجرة من أحدهما قطعا إذا أتی بما أمره به کما أشرنا إلیه آنفا و کذا لو أتی بغیر ذلک من الأعمال مثل کیل المبیع أو وزنه و نقد الثمن و وزنه و إن أخذ أجرتین للعملین کما هو ظاهر و أنت إذا أحطت خبرا بما حررناه و لحظت جملة من العبارات کعبارة (التنقیح و المهذب البارع و غایة المرام و المسالک و الروضة و الریاض) عرفت أنها محتاجة إلی التحریر و التنقیح و الغرض بیان الحال و التنبیه علی ذلک و أن لا عصمة إلا لآل اللّٰه صلی اللّٰه علیهم أجمعین و جزی اللّٰه سبحانه علماءنا أفضل الجزاء
(قوله) (و لو هلک المتاع فی ید الدلال من غیر تفریط فلا ضمان)
کما فی (المقنعة و النهایة و المراسم و السرائر) و ما تأخر عنها مما تعرض له فیه و فی (مجمع البرهان) لعله مجمع علیه و فی (الریاض) أنه لم یجد فیه خلافا (قلت) الإجماع معلوم و الوجه فیه ظاهر و هو أنه أمین و قد اقتصر المعظم علی ذکر التفریط و المراد به
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 712
و یضمن لو فرط (1) و یقدم قوله مع الیمن و عدم البینة فی عدم التفریط (2) و فی القیمة لو ثبت بالإقرار أو البینة (3)

[المطلب الثانی فی حکمه و وجوبه]

اشارة

(المطلب الثانی) فی حکمه و وجوبه حکم القبض انتقال الضمان إلی المشتری (4)
______________________________
ما یشمل التعدی مجازا أو اشتراکا
(قوله) (و یضمن لو فرط)
کما فی (المقنعة) (و النهایة و المراسم و السرائر) و غیرها و هو مما لا ریب فیه و فی (مجمع البرهان) لعله مجمع علیه
(قوله) (و یقدم قوله مع الیمین و عدم البینة فی عدم التفریط)
کما فی (السرائر و الشرائع و النافع) و ما تأخر عنها لأنه منکر و فی (مجمع البرهان) لعله مجمع علیه و فی (الریاض) لا خلاف فیه
(قوله) (و فی القیمة لو ثبت بالإقرار أو البینة)
کما فی (الشرائع و النافع و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و المسالک و الروضة) (و مجمع البرهان) و غیرها و فی الأخیر لعله مجمع علیه لأصل عدم الزیادة و براءة الذمة منها و لا ینافیه التفریط و إن أوجب الإثم کما یقبل قول الغاصب فیها علی الأصح و قد صرح فی (الدروس) بأنه یقبل قوله فی التلف و فی (مجمع البرهان) لعل ذلک مجمع علیه و لیس لهم علیه دلیل غیر ما یتخیل من أنه لو لم یکن ذلک لم یصر أحد دلالا و فی ذلک ضرر عظیم کما قیل ذلک فی الودعی فإن مجرد ذلک یشکل أن یکون کافیا فی مثل ذلک مع أصل عدم التلف قلت لعل المستند لهم لزوم تخلیده فی الحبس و یقدم قول المالک فی عدم الرد و لا درک علی الدلال فی استحقاق المبیع أو الثمن أو تعیبهما کما فی (المقنعة و النهایة و السرائر) و غیرها من سائر ما تأخر عنها و المخالف الشیخ «ره» فی (الخلاف) فی باب الرهن قال إذا باع العدل الرهن بتوکیل الراهن و قبض الثمن و ضاع فی یده و استحق المبیع من ید المشتری فإنه یرجع علی الوکیل و الوکیل یرجع علی الراهن و کذلک کل وکیل باع شیئا فاستحق و ضاع الثمن فی ید الوکیل فإن المشتری یرجع علی الوکیل و الوکیل علی الموکل و قد رجع عنه فی (الخلاف) فی کتاب التفلیس و هناک أحکام آخر للدلال ذکرها فی (التحریر) المطلب الثانی فی حکمه و وجوبه المراد بحکم التسلیم ما یترتب علیه بعد تحققه
(قوله) (حکم القبض انتقال الضمان إلی المشتری)
لا ریب أن المبیع قبل قبضه مضمون علی البائع فإذا تلف کان محسوبا من ماله و بعد القبض ینتقل ضمانه إلی المشتری فإذا تلف حینئذ کان من ماله و الحکمان معلومان عندنا و قد حکی علیهما الإجماع کما عرفته فی محله بل قالوا لو أبرأ المشتری البائع عن ضمان المبیع لم یبرأ و قد أورد فی (جامع المقاصد) سؤالا و هو أنه قد سبق للمصنف أن القبض فی المنقول نقله فیشکل علیه أنه لو أخذه المشتری بیده و لم ینقله بل تسلمه فی موضعه الذی کان فیه ثم تلف لا یکون من ضمانه مع أنه فی یده و ذلک غیر ظاهر و الروایة و إن دلت علی ذلک إلا أن ما دل علی ثبوت الضمان بإثبات الید ینافیها و الجواب یحتاج إلی فضل تأمل و تحقیق هذا موقوف علی تحقیق معنی إثبات الید انتهی (قلت) قد حققوا فی باب الغصب أن معنی إثبات الید هو الاستیلاء علی الشی‌ء و الإقلال و الاستبداد به و هو فی کل شی‌ء بحسبه عرفا و عدوا منه نقل المنقول و الرکوب علی الدابة من دون نقل و الجلوس علی الفراش و الدخول إلی الخیمة و الخبإ و الدار مستولیا علی ذلک قاصدا له لأن الید فی غیر المنقول حکمیة فلا بد فی ذلک من قصد الاستیلاء و أخرجوا منه وضع یده علی ثوبه الذی هو لابسه فأخذ المشتری المبیع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 713
و التسلط علی التصرف مطلقا علی رأی للنهی عن بیع ما لم یقبض خصوصا الطعام و الأقوی الکراهیة (1) و له بیع ما انتقل إلیه بغیر بیع قبل قبضه کالمیراث و الصداق و عوض الخلع (2) و لو أحال من له علیه طعام من سلم بقبضه علی من (3)
______________________________
بیده مع دفع ثمنه و قبضه له و إمساکه علیه بإذنه إن کان من قبیل إمساکه علی الثوب الذی هو لابسه عرفا لم یکن قبضا موجبا لنقل الضمان و لا أظن أن أهل العرف یقولون بذلک لأنه حینئذ مستول علیه مستبد به مثبت یده علیه و لیس للبائع فیه حق الحبس و لا غیره کالفسخ للتأخیر عن الثلاثة إذ المفروض أنه أذن له و دفع له ثمنه بل أحدهما کاف (نعم قد یتجه ذلک) إذا لم یحصلا معا لأنه حینئذ یکون للبائع حق الحبس لیأخذ الثمن و له الفسخ للتأخیر فیکون کالمغصوب لا یتحقق إثبات الید علیه إلا بنقله فی غیر الفراش و الدابة و نحوهما فالجواب لا یتجه إلا علی هذا الفرض مع تأمل فیه أیضا و هذا یؤید ما أسلفناه آنفا و قد عرفت الحال فی الخبر و العرف و کلام أهل اللغة فتذکر و تأمل
(قوله) (و التسلط علی التصرف مطلقا علی رأی للنهی عن بیع ما لم یقبض خصوصا الطعام و الأقوی الکراهیة)
قد تقدم الکلام فی المسألة فی باب السلف عند شرح قوله و لا یجوز بیع السلف قبل حلوله و یجوز بعده قبل القبض علی الغریم و غیره مستوفی تمام الاستیفاء و معنی العبارة أن التسلط علی مجموع التصرف من حیث المجموعیة متوقف علی القبض و حکم من أحکامه علی رأی جماعة من الأصحاب قادهم إلیه النهی عن بیع ما لم یقبض فیکون أراد بقوله التسلط علی التصرف التصرف مجموعا من حیث المجموع و یکون قوله مطلقا کاشفا عن ذلک و الشهید حمل الإطلاق علی التعمیم فی الطعام و غیره المکیل و الموزون و غیرهما و ربما حمل علی ما إذا کان فی ید البائع أم لم یکن و أما قوله للنهی عن بیع ما لم یقبض فهو علة لعدم التسلط کما سمع ذلک من المصنف فیما حکی و لیس متعلقا بالتسلط کما فهمه جماعة فیکون الدلیل أخص من الدعوی کما اعترض به بعضهم لأن العبارة إذا حملت علی إرادة کل تصرف تصرف بحیث یراد الجمیع کان الدلیل أخص من الدعوی کما ذکر مع فساده من حیث المعنی إذ من المعلوم أن لیس کل فرد من أفراد التصرفات متوقف «1» علی القبض و یندفع بما أشرنا إلیه فی بیان معنی العبارة کما حققه المحقق الثانی من أن جواز مجموع التصرفات من حیث المجموعیة متوقف علی القبض لا جمیعها و توقف المجموع علیه یتحقق بالمنع من بعضها قبله و إنما ینتفی توقفه علیه بجواز المجموع قبله لا بجواز البعض لأنه إذا جاز البعض قبله و امتنع البعض الآخر لم یکن المجموع الذی هو عبارة عن جمیع التصرفات مع مراعاة الهیئة الاجتماعیة و اعتبارها جائزا قبل القبض و لا یجوز إلا بعده و فرق بین توقف الجمیع باعتبار الهیئة الاجتماعیة و توقف الجمیع لا باعتبارها فإن الهیئة الاجتماعیة منظور إلیها فی الأول و لا یلزم من توقفها توقف کل فرد من تلک الأفراد بخلاف توقف الجمیع فإن الهیئة الاجتماعیة غیر منظور إلیها فإثبات الحکم لکل الأفراد مع قطع النظر عن الهیئة الاجتماعیة إنما یتحقق إذا کان کل فرد فرد متوقفا کما هو ظاهر
(قوله) (و له بیع ما انتقل إلیه بغیر بیع قبل قبضه کالمیراث و الصداق و عوض الخلع)
هذا تقدم الکلام فیه أیضا فی الموضع المذکور فی ذیل المسألة و یأتی تمام الکلام فی ذلک عن قریب إن شاء اللّٰه تعالی
(قوله ره) (و لو أحال من علیه طعام من سلم بقبضه علی من)
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر متوقفا (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 714
له علیه مثله من سلم فالأقوی الکراهیة (1) و علی التحریم یبطل لأنه قبضه عوضا عن ماله قبل أن یقبضه صاحبه (2)
______________________________
له علیه مثله من سلم فالأقوی الکراهیة)
أما الجواز فللأصل و ظاهر (الخلاف) الإجماع علیه عندنا حیث قال تجوز الإحالة سواء کان الطعامان قرضین أو أحدهما قرضا و الآخر سلما بلا خلاف أو کانا سلمین عندنا لأن الأصل جوازه و المنع یحتاج إلی دلیل فما نسب إلیه فی (المسالک) من موافقة (المبسوط) غیر صحیح و أما الکراهیة فلأنه عنده مبیع قبل القبض کما هو خیرة (الشرائع) و هو قضیة (المختلف) و فی (الدروس) أنه کالمبیع قبل القبض و هی أی الکراهیة خیرة (جامع المقاصد و المسالک) لا لأنه مبیع قبل القبض لأن الواقع من المسلم إما حوالة لغریمه فی القبض أو وکالة له فیه و کلاهما لیس ببیع بل للخروج من خلاف الشیخ و من وافقه کما ستعرف و تحرزا مما هو مظنة التحریم و فی (الکفایة) لا کراهة و لا تحریم لأنه لیس ببیع (قلت) فلیس من تلک المسألة فی شی‌ء عنده کما قاله المحقق الثانی و الشهید الثانی لأن المنع من بیع ما لم یقبض تحریما أو کراهة مشروط بشرطین انتقاله بالبیع و نقله به و دعوی أن الحوالة ملحقة بالبیع فی حیز المنع لأن الحوالة استیفاء لما فیها من معنی التحویل و بتقدیر أن تکون معاوضة لا یتعین کونها بیعا (قلت) و یؤیده ما رواه المشایخ الثلاثة فی الصحیح عن بعض و الموثق فی آخر عن عبد الرحمن بن أبی عبد اللّٰه قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل علیه کر من طعام فاشتری کرا من رجل آخر فقال للرجل انطلق فاستوف کرک قال لا بأس به و لم یفت بشی‌ء فی (التحریر) بل اقتصر علی نقل کلام (المبسوط) و کأنه مال إلیه و فی (الإیضاح) یبنی علی أن الحوالة معاوضة أو استیفاء فإن قلنا بالأول فهل المعاوضة علی مال السلم حرام أو مکروهة انتهی (و قد یقال) یلزم القائل بالکراهیة تفصیا من الخلاف و تحرزا عما هو مظنة التحریم أنه یکفی کون أحد المالین سلما إما المحال به أو المحال علیه فلا حاجة إلی أن یفرض کونهما معا سلما (و أجیب) بأن المنع إنما هو من بیع ما لم یقبض و إذا کان أحد المالین سلما دون الآخر لم یتعین کونه مبیعا لإمکان اعتباره ثمنا إذ لا معین لأحدهما فتأمل و الباء فی قوله بقبضه و علی فی قوله علی من له متعلقان بقوله أحال
(قوله) (و علی التحریم یبطل لأنه قبضه عوضا عن ماله قبل أن یقبضه صاحبه)
قال فی (المبسوط) و إن کان سلمین لا یجوز بلا خلاف لأن بیع السلم لا یجوز قبل القبض إجماعا لا لعلة و وافقه علی عدم الجواز القاضی فیما حکی عنه و صرح قبل ذلک فی (المبسوط) بعدم الصحة و فی موضع من (التذکرة) أن القبض فاسد و المقبوض مضمون علی القابض و هل تبرأ ذمة الدافع وجهان أصحهما نعم و هذا تصریح منه بالبطلان کالکتاب بناء علی التحریم و لعله لأن النهی علی تقدیره راجع إلی نفس المبیع و حکی فی (جامع المقاصد) عن (المختلف) أنه صرح بعدم البطلان و کأنه بناه علی أن النهی فی المعاملات لا یقتضی الفساد لکنی لم أجد ذلک فی (المختلف) فی المقام و قد سمعت ما فی (التحریر) و اقتصر فی (الشرائع) علی قوله إنه یحرم علی ما قالوه و لم یصرح بالبطلان و لعله أراده و قد قال جماعة إن ذلک کله غیر واضح و إن الجواب بأن الحوالة ملحقة بالبیع غیر متجه و حکی فی (المسالک) عن الشهید «ره» فی بعض تحقیقاته أنه أجاب عن ذلک بأن مورد العلم لما کان ماهیة کلیة ثابتة فی الذمة منطبقة علی أفراد لا نهایة لها
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 715
و کذا لو دفع إلیه مالا و أمره بشراء طعام له لم یصح الشراء و لا یتعین له بالقبض (1)
______________________________
فأی فرد عینه المسلم إلیه تشخص ذلک الفرد و انصب العقد علیه فکأنه لما قال له الغریم اکتل من غریمی فلان قد جعل عقد السلم معه واردا علی ما فی ذمة غریمه المستسلف منه و لما یقبضه بعد و لا ریب أنه مملوک له بالبیع فإذا جعل مورد السلم الذی هو بیع یکون بیعا للطعام قبل قبضه فیتحقق الشرطان و یلتحق بالباب قال و هذا من لطائف الفقه (و قال فی المسالک) و هذا التحقیق غایة ما یقال هنا فی توجیه کلام الشیخ و من تبعه إلا أنه مع ذلک لا یخلو من نظر لأن مورد السلم و نظائره من الحقوق الثابتة فی الذمة لما کان أمرا کلیا کان البیع المتحقق به هو الأمر الکلی و ما یتعین لذلک من الأعیان الشخصیة بالحوالة و غیرها لیس هو نفس المبیع و إن کان الأمر الکلی إنما یتحقق فی ضمن الأفراد الخاصة فإنها لیست عینة و من ثم لو ظهر المدفوع مستحقا أو معیبا رجع الحق إلی الذمة و المبیع المعین لیس کذلک و نظیر ذلک ما حققه الأصولیون من أن الأمر بالکلی لیس أمرا بشی‌ء من جزئیاته الخاصة و إن کان لا یتحقق إلا بها و حینئذ فانصباب العقد علی ما قبض و کونه حینئذ مبیعا غیر واضح فالقول بالتحریم عند القائل به فی غیره غیر متوجه انتهی (و هو کلام جید) لکنه إذا لم یکن مبیعا کیف تلحقه أحکام المبیع من التلف و الخیار و النماء و لم یدع أنه عین المبیع أولا و بالذات بل صار بعد التعیین مبیعا و انصب العقد علیه نعم یفرق بینه و بین المعین بما ذکره و ذلک لا یقضی بکونه غیر مبیع نعم یقضی بکونه غیر معین و قد اعترف بذلک صاحب (المسالک) فی باب الصرف فیما إذا کان العیب من الجنس فی غیر المعین قال له الرد و الإمساک بالأرش مع اختلاف الجنس و المطالبة بالبدل و إن تفرقا لأن الإمساک بالأرش لا یتم إلا إذا کان مبیعا و قد أوضحنا ذلک فی محله أکمل إیضاح و تعرضنا لما نحن فیه هناک و أزلنا الإشکال و قد طفحت عباراتهم بصدق اسم المبیع علیه فی باب الخیار و الصرف و السلم و القبض إلی غیر ذلک مما لا یکاد یحصی و کلامهم فی باب الإجارة فیما إذا وقعت علی عین موصوفة فی الذمة کالصریح فی أنها مستأجرة فی عدة مواضع خصوصا فیما إذا غصبت و تعذر البدل (و أقصی ما یمکن أن یقال) أن الأصل عدم کونه مبیعا و لا یخرج عنه إلا فی موضع نصوا علیه و حکموا به و فی غیره نقول إنه وفاء و الأصل بعد التعیین ممنوع و توهم استلزامه الربا فی بعض الصور أوهن شی‌ء لأن المعاوضة الثانیة تدفع الربا (و تمام الکلام) فی باب الصرف فلیرجع إلیه ثم إن هذا التوجیه متوجه فی کلام الشیخ و غیره فتدبر و خبر عبد الرحمن لا ینافیه عند القائل بالکراهیة فیحمل البأس فیه علی التحریم (فتأمل) و مرادهم بقولهم الأمر بالکلی لیس أمرا بشی‌ء من جزئیاته أنها لیست مأمورا بها أولا و بالذات و إن کانت مأمورا بها ثانیا من باب المقدمة بالأمر الکلی لمکان التلازم الخارجی و بما (ذکرناه) یتجه تعلیل المصنف کما قاله الشهید و یسقط عنه اعتراض (جامع المقاصد) حیث قال إنه لا ارتباط له بالمدعی فإن الحوالة إذا لم تکن بیعا لم یکن القبض عوضا عن مال المحتال مؤثرا للفساد مع أنه «ره» فی باب الصرف اعتمد علی تحقیق الشهید فی ثبوت الأرش و المطالبة بالبدل بعد التفرق فیما أشرنا إلیه آنفا و أطال فی بیانه و اقتفاه فی ذلک صاحب (المسالک) و غیره
(قوله) (و کذا لو دفع إلیه مالا و أمره بشراء طعام له لم یصح الشراء و لم یتعین له بالقبض)
کما فی (المبسوط و الشرائع و الدروس و غایة المرام و جامع المقاصد و المسالک) لأن مال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 716
أما لو قال اشتر به طعاما و اقبضه لی ثم اقبضه لنفسک صح الشراء (1) و فی القبض قولان (2)
______________________________
الغیر یمتنع شراء شی‌ء به لنفسه ما دام علی ملک الغیر و اقتصر فی (التذکرة و التحریر) علی نقل کلام الشیخ فی (المبسوط) و استقرب فی المختلف جواز ذلک و جعله قضاء للطعام بجنس الدراهم أو قرضا للدراهم و هو صحیح إن علم بقرینة أحد الأمرین و قبل القابض ذلک و کذا لو علم منه إرادة استیفائه بعد الشراء و قبضه له و نحو ذلک و یکون التعبیر بکون الشراء له لکونه آئلا إلی ذلک کما نبه علیه فی (جامع المقاصد و المسالک) و قد روی المشایخ الثلاثة فی (الصحیح) فی بعضها عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن رجل أسلفته دراهم فی طعام فلما حل طعامی علیه بعث إلی بدراهم فقال اشتر لنفسک طعاما و استوف حقک قال أری أن یولی ذلک غیرک و تقوم معه حتی تقبض الذی لک و لا تتول أنت شراءه و روی فی (الکافی و التهذیب) عن ابن سماعة عن غیر واحد عن أبان عن عبد الرحمن البصری قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل أسلف دراهم فی طعام فحل الذی له فأرسل إلیه بدراهم فقال اشتر طعاما و استوف حقک هل تری به بأسا قال یکون معه غیره یوفیه ذلک و هذان الخبران قد یحتج بهما لما فی (المبسوط) و ما وافقه لکن قد روی الشیخ فی (التهذیب) فی (الصحیح) و الصدوق فی (الفقیه) عن صفوان عن یعقوب ابن شعیب قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن الرجل یکون له علی الآخر أحمال من رطب أو تمر فبعث إلیه بدنانیر فیقول اشتر بهذه و استوف منه الذی لک قال لا بأس إذا ائتمنه و هذا یحکم علی أن النهی عن الشراء فی الخبرین الأولین إنما هو لخوف التهمة کما أفصح به فحینئذ یجوز له الشراء متی أمن التهمة و علی ذلک تکون الأخبار دالة علی جواز الشراء و القبض و الإقباض فقوله اشتر لک أو لنفسک و استوف حقک إنما هو عبارة عن توکیله فی الشراء بتلک الدراهم و علی هذا لا تنافی المشهور بالتوجیه الذی ذکرناه عند کلام (المختلف) عن المحقق الثانی و الشهید الثانی و قد حمل النهی صاحب (الوافی) فی الخبرین الأولین علی غیر البصیر بالمسألة الفقهیة لأن دفع الدراهم قد یکون لفسخ البیع لعدم وجوده فلا یستحق أزید من رأس ماله و قد یکون لتوکیل صاحب الطلب فی شرائه و قبضه و إقباضه فیصح مع الزیادة و کأنه جید فی غیر الخبرین من أخبار الباب الذی عقده لذلک و یؤیده أن هذین الخبرین لم یتعرض فیهما لجواز الزیادة و عدمها (إذا عرفت) ذلک فعد إلی عبارة الکتاب فإن قوله و کذا لا یخلو عن حزازة إذ التشبیه لهذه بما قبلها کأنه غیر واضح و المراد بالطعام الحنطة و الشعیر کما بیناه فی باب السلف و عن (التحریر) أنه الحنطة خاصة
(قوله) (أما لو قال اشتر به طعاما و اقبضه لی ثم اقبضه لنفسک صح الشراء)
کما فی (المبسوط و الشرائع و المختلف و حواشی الشهید و الدروس و جامع المقاصد و المسالک) و غیرها و فی (غایة المرام) صح الشراء و القبض بلا خلاف و أما قبضه لنفسه من نفسه فیبنی علی الخلاف انتهی و قد سمعت الأخبار آنفا
(قوله) (و فی القبض قولان)
ظاهره التردد (کالإیضاح و التحریر) و هو أی التردد صریح (الشرائع) و منع منه فی (المبسوط) کما حکی عن القاضی لأنه لا یجوز أن یتولی طرفی القبض و قیل بصحته أی القبض فی (المختلف و حواشی الکتاب و الدروس و غایة المرام و جامع المقاصد و المسالک) لأنه یکون قد وکله فی الإقباض و هو الموافق للأخبار هذا و لو قال اشتر لی بها طعاما ثم اقبضه لنفسک صح الشراء کما فی (المبسوط و المختلف) و فی (غایة المرام) أما الشراء للآمر فلا إشکال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 717
و لو کان المالان أو المحال به قرضا صح (1) و کذا یصح بیعه علی من هو علیه (2) و لمالک الودیعة و القراض و مال الشرکة البیع فی ید المستودع و العامل و الشریک و کذا کل أمانة هی فی ید الغیر کالمرتهن و الوکیل (3) و لو باع ما ورثه صح إلا أن یکون المیّت قد اشتراه و لم یقبضه فخلاف (4)
______________________________
فی صحته و هو کذلک لأنه وکیل و أما القبض لنفسه فیبنی علی القولین و منع الشیخ من صحة القبض و قال فی (المبسوط) لو دفع إلیه دراهم فإن قال خذها بدل الطعام لم یجز لأن بیع المسلم فیه لا یجوز قبل القبض و فی (المختلف و حواشی الکتاب) أنه یجوز و یکون معاوضة علی ما فی الذمة و قضاء للحق من غیر جنسه قالا و لو کان بیعا جاز لأنه یجوز عندنا بیع الطعام قبل قبضه
(قوله) (و لو کان المالان قرضا أو المحال به قرضا صح)
قطعا کما فی الشرائع) و قولا واحدا کما فی (التحریر) و فی (المبسوط و الخلاف) أنه لا خلاف فی الصحة إذا کان المالان قرضا و فی (جامع المقاصد) أنه لا بحث فیه و الوجه فیه انتفاء شرطی المنع و الکراهة فیه و هما انتقاله بالبیع و نقله به و أما إذا کان المحال به قرضا فلانتفاء الشرط الثانی لأنه لم یتحقق بیع ما لم یقبض لکن لا وجه لتخصیص القرض بالمحال به کما فی الکتاب (و الشرائع و التحریر) بل متی کان أحدهما قرضا صح لعین ما ذکرنا من أنه إذا کان أحدهما قرضا لم یتعین کون الآخر هو المبیع و قد نص علیه فی (المبسوط) (و التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و المسالک) و ما عساه یقال فی توجیه ما فی (الشرائع) و ما وافقها من أن المحال به یشبه المبیع من حیث تخیل کونه مقابلا بالآخر (ففیه) أن شبهه بالثمن أظهر لمکان الباء و ظاهر (التذکرة) قیام احتمال عدم صحة الحوالة إذا کان المحال به قرضا حیث حکاه عن أحد وجهی الشافعی موجها له بأنه بیع سلم بدین ساکتا علیه و هو مخالف لإجماع (التحریر) و قطع (الشرائع) الملحق بالإجماع و هذا کله بناء علی القول بعدم صحة الحوالة کما سبق و إلا فإذا صحت هناک فهنا أولی هذا و بیع الدین قبل قبضه و بعد حلوله جائز بلا خلاف إلا من ابن إدریس فی بیعه علی غیر من هو علیه و هو شاذ کما یأتی فی محله فلا یتأتی الخلاف فیما نحن فیه إلا من ابن إدریس (فلیتأمل)
(قوله) (و کذا یصح بیعه علی من هو علیه)
الضمیر راجع إلی السلم و قد حکی علیه الإجماع فی (التنقیح) و نسبه فی (کشف الرموز) إلی الشیخ و أتباعه و فی (المبسوط) فی موضع منه بیع المسلم فیه لا یجوز قبل القبض سواء باعه من المسلم فیه أو من الأجنبی إجماعا (انتهی) و فیه أیضا الإجماع علی المنع فی الطعام و قد تقدم الکلام فی ذلک کله فی محله
(قوله) (و لمالک الودیعة و القراض و مال الشرکة البیع فی ید المستودع و العامل و الشریک و کذا کل أمانة هی فی ید الغیر کالمرتهن و الوکیل)
قال فی (التنقیح) لم نسمع خلافا بین أصحابنا و غیرهم فی جواز بیع الأمانات قبل قبضها لتمام الملک و عدم کونها مضمونة علی من هی فی یده (انتهی) و قد تقدم الکلام فی ذلک و قد تشعر عبارة المصنف بعدم الخلاف فی ذلک کله حیث یقول فیما یأتی فخلاف (فتأمل) و کذلک الحال فی ید الولی بعد بلوغ الصبی و رشده و ما احتطبه العبد و کسبه و قبله بالوصیة قبل أن یأخذه لتمام الملک و حصول القدرة علی التسلیم و یصح بیع المغصوب علی الغاصب و علی غیره و یتخیر المشتری إن لم یعلم أو لم یتمکن من الانتزاع سریعا
(قوله) (و لو باع ما ورثه صح إلا أن یکون المیّت قد اشتراه و لم یقبضه فخلاف)
و نحو ذلک قال فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 718
و کذا الإشکال فی الأصداق و شبهه (1) و لو قبض أحد المتبایعین فباع ما قبضه ثم تلفت الأخری قبل القبض بطل الأول و علی البائع الثانی قیمة ما باعه (2)
______________________________
(التذکرة) و مثله ما فی (الإیضاح و جامع المقاصد) فالمانعون یقولون لیس للوارث بیعه کما لم یکن للموروث و الآخرون یقولون بالجواز علی کراهیة و ظاهر (المبسوط و الشرائع و التحریر و الإرشاد) الصحة مطلقا حیث أطلقوا من دون استثناء و لعله کذلک لأن انتقاله إلی الوارث بالإرث واسطة بین البیعین و کذلک الحال فی الصداق إذا کان المصدق اشتراه و لم یقبضه ثم أصدقه و أرادت المرأة بیعه و مثله عوض الخلع من جانب المرأة المشتریة له قبل القبض إذا أراد الزوج بیعه و إلیهما أشار المصنف بقوله و کذا الإشکال فی الإصداق و شبهه و قد تقدم لنا الکلام فی ذلک کله فی باب السلم و أعاد المصنف صحة بیع الموروث مع أنه ذکره آنفا لیستثنی منه ما إذا اشتراه المیّت و لم یقبض
(قوله) (و کذا الإشکال فی الإصداق و شبهه)
معناه کما أشرنا إلیه آنفا و بیناه فی باب السلم و هو الذی فهمه المحقق الثانی أن مثل الإشکال و الخلاف فی الموروث إذا اشتراه المیّت و لم یقبضه و باعه الوارث الإشکال فی الإصداق و شبهه کعوض الخلع إذا اشتری المصدق الصداق مثلا و لم یقبضه و أرادت المرأة بیعه لکنه غیر متبادر من العبارة و لو قال و کذا الإشکال فی الصداق و شبهه لکان أظهر و أولی لأن الغرض تشبیه الصداق بالمیراث و من البعید أن یکون المراد أن الإشکال فی أنه یجوز للمرأة بیع الصداق قبل قبضه لأن هذا مما لا خلاف فیه عندنا و قد نص علیه فی المبسوط و غیره و قد تقدم ذکره فی کلام المصنف (نعم) الإشکال فیه للشافعی منشأة من أنه مضمون فی ید الزوج ضمان عقد أو ضمان ید فعلی الأول و هو أصحهما عنده لا یصح و کذلک الحال عنده فی بیع الزوج بدل الخلع قبل القبض و العافی عن القود المال المعقود علیه و قال فی (التذکرة) إن ذلک کله جائز عندنا
(قوله) (و لو قبض أحد المتبایعین فباع ما قبضه ثم تلفت الأخری قبل القبض بطل الأول و علی البائع الثانی قیمة ما باعه)
أی إن کان قیمیا و مثله إن کان مثلیا و قد نص علی ذلک فی (المبسوط و الشرائع و التذکرة و التحریر و الإرشاد) (و الدروس و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و المسالک و صریح المبسوط) أن تلف العین التالفة کان بعد بیع العین الأخری و مثله ما فی (الکتاب و التذکرة و التحریر و الدروس) حیث أتی فیها بثم و هو ظاهر الباقین قال فی (المبسوط) إذا اشتری من رجل عبدا بثوب و قبض العبد و لم یسلم الثوب فباع العبد صح بیعه لأنه قبضه و انتقل ضمانه إلیه و إذا باعه و سلمه إلی المشتری ثم تلف الثوب الذی فی ید البائع انفسخ البیع و لزمه قیمة العبد لبائعه لأنه لا یقدر علی رده بعینه فهو بمنزلة المستهلک و إن باع العبد و لم یسلمه حتی تلف العبد و الثوب جمیعا فی یده بطل البیعان معا و نحوه ما فی (التذکرة) و هذا منهم بناء علی المعروف بینهم من أن البطلان من حین التلف لا من رأس و إلا لا استرد العین فسقط ما فی (مجمع البرهان) من قوله و بالجملة إن کان البیع الثانی قبل التلف فذلک غیر بعید و أما إذا کان أعمّ کما هو ظاهر المتون فلیس بواضح لأنک قد عرفت صریح المتون و ظاهرها فالبطلان فی الأول لمکان تلف أحد العوضین قبل القبض و ذلک یقتضی انفساخ العقد و أما عدم انفساخ البیع الثانی و وجوب قیمة ما باعه فلأن العین المبیعة کانت ملکا خالصا للبائع و إنما طرأ البطلان علی العقد بعد انتقال العین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 719
و الإطلاق یقتضی تسلیم الثمن و المثمن فإن امتنعا أجبرا و یجبر أحدهما لو امتنع سواء کان الثمن عینا أو دینا (1)
______________________________
فلا یؤثر فیما سبق من التصرفات بل یلزم البائع الثانی دفع المثل إن کانت العین مثلیة و قیمتها إن کانت قیمیة کما لو تلفت العین و نحوه ما حکموا به فی باب الشفعة و المقام من أنه لو اشتری شقصا من دار و أرض بشاة أو طعام فأخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطعام أو ماتت الشاة قبل القبض لم یبطل الأخذ بالشفعة و قید الشهید فی حواشیه عبارة الکتاب بما إذا کان التلف من جانب اللّٰه سبحانه و تعالی و أما إذا کان من جهة البائع أو المشتری أو الأجنبی فإنه لا یبطل البیع (قلت) سیأتی التنبیه علی ذلک فی کلام المصنف و هل المعتبر قیمته یوم البیع أو یوم تلف العین الأخری الأجود الثانی لأن القیمة حینئذ لم تکن لازمة للبائع و إنما لزمت بتلف العین الأخری الموجب لبطلان البیع و لو باع الشاة بشعیر مثلا فأکلته فإن کانت فی ید المشتری فکما لو أتلفه و إن کانت فی ید البائع فکإتلافه و کذا لو کانت فی ید الأجنبی فإنه کإتلافه و إن لم تکن فی ید أحد انفسخ البیع لأن المبیع تلف قبل قبضه بأمر لا ینسب إلی آدمی فکان کالسماوی
(قوله) (و الإطلاق یقتضی تسلیم الثمن و المثمن فإن امتنعا أجبرا و یجبر أحدهما لو امتنع سواء کان الثمن عینا أو دینا)
إطلاق العقد تجریده عن شرط تأخیر أحد العوضین أو تأخیرهما إذا کانا عینین أو أحدهما عینا و أما إذا کانا معا مؤجلین فإن البیع باطل کما تقدم الکلام فیه فی محله و المراد بالدین فی عبارة (الکتاب) و غیرها مما کان موصوفا فی الذمة مع کونه حالا یجب تسلیمه فی الحال و لیس المراد به المؤجل لأنه لا یجب تسلیمه إلا مع حلول الأجل و أما أن الإطلاق المذکور یقتضی وجوب تسلیم المبیع و الثمن فمما لا کلام فیه و ظاهر (التنقیح) الإجماع علیه حیث قال الحق عندنا أن إطلاق العقد یقتضی وجوب التسلیم علی کل من البائع و المشتری و أما أنهما إذا امتنعا أجبرا فهو خیرة (السرائر و الشرائع و التذکرة و التحریر و المختلف و الإرشاد) و شرحه لولد المصنف (و الدروس و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و غایة المرام و الروضة و المسالک) (و الکفایة) و قد حکاه فی (المختلف) عن أبی علی و هو ظاهر (جامع الشرائع) حیث نسب قول الشیخ إلی القیل و ظاهر (التنقیح) الإجماع علیه و فی (الریاض) نسبته إلی الأکثر بل إلی عامة من تأخر و احتمل فی (السرائر) القرعة و ما فی (الریاض) من نسبته إلی الحلی موافقة الشیخ فسهو قطعا و المخالف الشیخ فی (الخلاف) قال علی الحاکم أن یجبر البائع علی تسلیم المبیع أولا ثم یجبر المشتری بعده سواء کان الثمن عینا أو فی الذمة لأن الثمن إنما یستحق علی المبیع فیجب أولا تسلیم المبیع لیستحق الثمن ذکر ذلک فی مسألتین و مثله ما فی (الغنیة) و نحوه ما فی (المبسوط) لکنه قال فیه الأولی أن یجبر البائع «إلخ» و حکی فی (المختلف) عن القاضی موافقة (المبسوط) و لعلهم ما أنصفوهم حیث ناقشوهم بعدم الأولویة مبالغین فی ذلک إذ لعلهم أرادوا أن البیع و الشراء یبنی الحال فیهما علی المتعارف بین الناس و المتداول بین التجار و غیرهم من أن البائع ما لم یسلم المبیع یعاب علیه طلب الثمن فلا یطلبه ما لم یسلم بل فی الغالب أن البائع أحوج فإذا تبایعا علی ما هو المتعارف لم یجب الدفع و الإعطاء إلا علیه علی أنهم مطبقون علی الظاهر فی باب الإجارة أنه لا یجبر المستأجر علی دفع الأجرة إلا بعد تسلیم العین کما أوضحناه هناک (و الغرض) أنه لیس بتلک المکانة من الضعف و السقوط و هذا الخلاف مفروض فیما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 720
و لو اشترط أحدهما تأخیر ما علیه صح (1)
______________________________
إذا کان تنازعهما فی مجرد البدأة و کان کل واحد منهما باذلا ما عنده و لا یخاف فوت ما عنده صاحبه فأما إذا لم یبذل البائع المبیع و أراد حبسه خوفا من تعذر تحصیل الثمن فله ذلک بلا خلاف و قد حکی فی (التذکرة) عن أکثر الشافعیة أنهم نفوا الخلاف أیضا عن ذلک (و کذا) للمشتری حبس الثمن خوفا من تعذر تحصیل المبیع و لیس المراد کما لعله یتوهم أن الخلاف فی البدأة بالتسلیم یبنی علیه ثبوت حق الحبس للبائع و عدمه فعلی القول بوجوب التسلیم علی البائع أولا لیس له حق الحبس إلی استیفاء الثمن و علی القول بالعدم له ذلک کما أشار إلی ذلک کله فی (التذکرة) فی آخر باب السلم و إلیه أشار فی (المبسوط) بقوله هذا إذا کان کل منهما باذلا فأما إذا کان أحدهما غیر باذل أصلا أجبره الحاکم علی البذل فإذا حصل البذل حصل الخلاف فی أیهما یدفع و بهذا یندفع الإشکال عن المقدس الأردبیلی حیث قال بأنه قد ذکر فی (التذکرة) فی هذا المقام أکثر من مرتین أن للبائع حق الحبس مع تعجیل الثمن و لیس له ذلک فی المؤجل و لا فی المعجل بعد نقد الثمن و هذا یقتضی عدم وجوب الدفع علی البائع بل له الحبس و إلیه أشار صاحب (الکفایة) حیث قال و لو امتنع أحدهما من التسلیم فهل للآخر الحبس حتی یرضی صاحبه بالتسلیم ظاهرهم المنع من ذلک و من المتأخرین من استشکل ذلک انتهی (و أنت قد عرفت) مرادهم و محل الخلاف فکیف ینسب إلی ظاهر الأصحاب المنع و صاحب (الحدائق) لما لم یعرف حقیقة الحال و لم یطلع علی الأقوال ارتکب شططا فی دفع الإشکال هذا و لیس له الحبس فی المؤجل و إن حل الأجل و لو تبرع بالتسلیم لم یکن له رده إلی حبسه و کذا لو أعاره للمشتری و لا کذلک لو أودعه إیاه و للأردبیلی إشکال فی ذلک أیضا و هو أن ثبوت الانتقال یقتضی وجوب الدفع و لا یجوز الحبس لأحدهما و لو منعه الآخر و ظلمه إذ ظلمه له لا یستلزم جواز ظلمه له (و فیه) بعد الأصل أن الرضا بالبیع إنما حصل للانتفاع بالعوض و أخذه لا بمجرد تملکه و إن امتنع صاحبه فکأن العقد وقع بشرط عدم المنع فیحصل له الخیار و المنع إلی ثلاثة أیام ثم له الفسخ بعدها فإن لم یفسخ کان له المنع و إن کان معسرا فهو مفلس فإن حجر علیه الحاکم تخیر بین الفسخ و الضرب مع الغرماء و ستسمع ما فی (المبسوط) و یؤیده ما ذکروه فی النکاح من جواز الامتناع للزوجة حتی تقبض مهرها مع الحلول کما أشار إلیه هو أیضا و للشافعی قول آخر فی أصل المسألة و هو أنهما لا یجبران بل یمنعان من التنازع فإذا سلم أحدهما أجبر الآخر و قال أبو حنیفة و مالک إنه یجبر المشتری علی تسلیم الثمن لأن حقه متعین فی المبیع و حق البائع غیر متعین و هذا ساقط إذا کان الثمن معینا هذا و قال فی (المبسوط) هذا کله إذا کان المشتری مؤسرا فإن کان معسرا کان للبائع الفسخ و الرجوع إلی عین ماله و إن کان غائبا منع من التصرف فی هذه السلعة و غیرها إذا کان ماله حاضرا معه حتی یسلم الثمن و إن کان غائبا عنه احتفظ علی السلعة فحسب فإن تأخر فللبائع فسخ البیع و الرجوع إلی غیر ماله و قد حکاه عنه فی (التحریر) ساکتا علیه و الأصح أنه لا حجر علیه فی أمواله بل یلزمه الحاکم بالأداء (و لیعلم) أن هذا التفریع جار فیما إذا اختلف المتآجران فی البدأة بالتسلیم من غیر فرق کما ذکره فی (التذکرة) (قلت) و قولهم لو حبس الصانع العین حتی یستوفی الأجرة ضمنها لا ینافی ذلک لأن الضمان لا ینافی جواز الحبس کما حققه المحقق الثانی فی باب الإجارة
(قوله) (و لو اشترط أحدهما تأخیر ما علیه صح)
و وجب علی الآخر البذل و لو امتنع أجبر و لو امتنع أحدهما من قبض ماله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 721
و کذا یصح لو اشترط البائع سکنی الدار سنة أو الرکوب مدة (1) و إذا تلف المبیع قبل قبضه فهو من ضمان البائع و ینفسخ العقد (2) و إتلاف المشتری (3) قبض و إتلاف الأجنبی لا یوجب الانفساخ علی الأقوی نعم یثبت للمشتری الخیار و إتلاف البائع کإتلاف الأجنبی علی الأقوی و لو تعیب بجنایة أجنبی (4) فللمشتری الفسخ و مطالبة الجانی بالأرش و الأقوی أن جنایة البائع کذلک و لو کان بآفة سماویة فللمشتری الخیار بین الرد و الأرش علی إشکال (5) و لو تلف أحد العبدین انفسخ البیع فیه و سقط قسطه من الثمن (6) و کذا کل جملة تلف بعضها و له قسط من الثمن و لو لم یکن له قسط من الثمن کقطع ید العبد فللمشتری الرد و فی الأرش نظر
______________________________
أجبره الحاکم فإن أصر وکل من یقبض عنه و مع فقد الحاکم فالظاهر أنه کالدین إذا بذله له و عرضه علیه فامتنع من قبوله یصیر فی ضمانه لأن الدین کذلک علی رأی مع أنه غیر متعین فالمبیع المتعین أولی
(قوله) (و کذا یصح لو اشترط البائع سکنی الدار سنة و الرکوب مدة)
معینة کما فی الشرائع و غیرها لأنه شرط سائغ لا ینافی مقتضی العقد کما سیأتی فی الفصل الثالث
(قوله) (و إذا تلف المبیع قبل قبضه فهو من ضمان البائع و ینفسخ العقد)
هذا قد تقدم الکلام فیه فی المطلب الثانی فی أحکام الخیار مسبغا مشبعا فارجع إلیه و لا تصغ إلی ما ذکره مولانا الأردبیلی فی هذا الباب و ذلک الباب و أعاده المصنف لیفرع علیه بعض الفروع
(قوله) (و إتلاف المشتری قبض إلی قوله و لو تعیب)
تقدم الکلام فی ذلک بما لا مزید علیه فی المطلب المشار إلیه آنفا
(قوله ره) (و لو تعیب بجنایة أجنبی إلخ)
هذا قد تقدم فیه «1» فی المطلب الثانی فی أحکام بیع الحیوان فی أوائل الکتاب
(قوله) (و لو کان بآفة سماویة فللمشتری الخیار بین الرد و الأرش علی إشکال)
هذا قد تقدم الکلام فیه فی مقامین الأول فی المطلب الثانی فی أحکام بیع الحیوان و الثانی فی المطلب الرابع فی اللواحق من مطالب العیب و قد استوفینا الکلام فی المقامین أکمل استیفاء فلیطلب فی أحدهما
(قوله) (و لو تلف أحد العبدین انفسخ البیع فیه و سقط قسطه من الثمن)
هذا لا إشکال فیه کما فی (الدروس) و أما العبد الآخر ففی (التذکرة) أنه لا یبطل فیه البیع عندنا بل یتخیر المشتری فی الفسخ لتبعض الصفقة علیه و الإمضاء و به صرح فی (المبسوط) (و الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس) و غیرها فما یتقسط الثمن فیه علی القیمة کالمثال فإنه یتقسط علیهما أی العبدین و ما یتقسط علی الأجزاء کالحبوب فإنه یمسک الباقی بحصته قال الشیخ و الأولی أنه لا خیار للبائع و إن قلنا له الخیار کان قویا و لو اختار إمساکه بکل الثمن فلا خیار له قطعا و الأولی أن لا خیار له مطلقا لأن التلف فی یده کالإتلاف من نفسه و کذلک الحال فی کل جملة تلف بعضها و له قسط من الثمن کما أشار إلیه المصنف و أما ما لا قسط له من الثمن کقطع ید العبد فللمشتری رده أو أخذه بجملة الثمن قطعا و قد طفحت عباراتهم بذلک و اختلفوا فی الأرش لمکان اختلافهم فی ضمان الأرش لو حدث فی المبیع عیب قبل القبض کما تقدم إذ الظاهر عدم الفرق بین حدوث عیب و نقص شی‌ء کجزء لا یصح إیقاع العقد علیه کید العبد و رجله و هنا الأرش أظهر کما فی (الإیضاح) لأن المبیع
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر سقوط لفظ الکلام (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 722
و السقف من الدار کأحد العبدین لا کالوصف (1) و لو اشتری بدینار فدفعه فزاد زیادة لا یکون إلا غلطا أو تعمدا فالزیادة فی ید البائع أمانة و هی للمشتری فی الدینار مشاعة (2)
______________________________
هو مجموع بدن العبد و قد نقص بعض عینه بخلاف نقصان الصفة و لهذا اختیر فی (التذکرة و الإرشاد) (و اللمعة و جامع المقاصد و غایة المرام و المسالک و الروضة) ثبوت الأرش و فی (التحریر) أحاله علی ما سلف و الذی سلف له فی العیب القول بالأرش و قد عرفت هناک أنه المشهور و أن ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه و أن المخالف الشیخ فی (المبسوط و الخلاف) و ابن إدریس و الآبی و ظاهر (الشرائع) فی المقام عدم القول بالأرش و قد قال بالأرش هناک و فی مقام آخر تردد فیهما و الفرق بین ما له قسط و الذی لیس له قسط من الثمن أن الأول یمکن إفرازه بالبیع کأخذ العبدین و لا کذلک الثانی و الفرق بینهما الموجب لاختلاف الحکم أن الأول لا یبقی مع فواته أصل البیع بل بعضه و الأرش جزء من الثمن و الثمن موزع علی أجزاء المبیع و الثانی یبقی معه أصل البیع فعند الشیخ و من وافقه أن الجزء التالف بمنزلة الوصف کید العبد و نحوها من أعضائه التی فواتها لا یخل ببقاء العبد و إذا فات لم یکن له قسط من الثمن فلا أرش له لأن الأرش هو مقدار حصته من الثمن و عند المشهور أنه کالأول لأن القیمة تزید بوجوده و تنقص بعدمه و فواته من أظهر العیوب و لأن المبیع هو المجموع و قد فات بعضه فیتخیر المشتری بین الرد لتبعض الصفقة فی الموضعین و الأرش و هذا کله إذا کان الفائت جزءا من المبیع أما لو کان وصفا محضا کما لو کان العبد کاتبا فنسی الکتابة قبل القبض فللمشتری الرد خاصة أو الإمساک بجمیع الثمن لأن الفائت لیس جزءا من المبیع و من ثم لو شرط کونه کاتبا فظهر بخلافه لم یستحق سوی الرد کما نبه علی ذلک جماعة منهم الشهید الثانی فی (المسالک) و محل النزاع فی المقام ما إذا حدث النقص أو العیب بعد البیع و قبل القبض کما هو ظاهر بدیهی (و صاحب الحدائق) أید القول بثبوت الأرش بأنهم قالوا فی باب العیب الموجب للخیار و الأرش بأنه کلما زاد عن أصل الخلقة أو نقص و الزیادة کالإصبع الزائدة و النقصان کفوات عضو (قال و المسألة) المفروضة إحدی جزئیات هذه القاعدة فیکون الحکم فیها هو الأرش لا الأخذ بالقیمة (و اعترض) بذلک علی الأصحاب و هذا منه خبط عظیم لعدم تحریر محل النزاع و خبط أیضا فی اعتراضه علی صاحب (المسالک) و اعتراضه أیضا علی الأردبیلی و الغرض أن یتوقی زلله و قد یشتبه تلف بعض الجملة قبل القبض بما إذا ظهر نقصان بعضها من مختلف الأجزاء فإن الأکثر فی هذه أیضا علی تخییره بین الفسخ و الإمضاء بقدر حصته من الثمن کما هو الشأن فی متساوی الأجزاء و الشیخ فی (المبسوط) فرق بینهما فجوز فی المتساوی الأخذ بحصته من الثمن دون مختلف الأجزاء فخیره بین الفسخ و الأخذ بجمیع الثمن و لعله یقول فی المقام بذلک کما سیأتی بیان ذلک فی الفرع الخامس من الفصل الثالث
(قوله) (و السقف من الدار کأحد العبدین لا کالوصف)
یرید أن احتراق سقف الدار مثلا أو تلف بعض آلاته کتلف عبد من عبدین لأنه یمکن إفراده بالبیع بتقدیر الاتصال و الانفصال بخلاف ید العبد و ربما احتمل أنه مثله
(قوله) (و لو اشتری بدینار فدفعه فزاد زیادة لا تکون إلا غلطا أو تعمدا فالزیادة فی ید البائع أمانة و هی للمشتری فی الدینار مشاعة)
قد تقدم الکلام فی مثل ذلک فی باب الصرف عند شرح قوله و لو وجد زیادة فإن کان قال بعتک هذا الدینار بهذا الدینار بطل و إن قال بعتک دینارا بدینار صح و کانت
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 723
و لو ادعی المشتری النقصان قدم قوله مع الیمین و عدم البینة إن لم یکن حضر الکیل أو الوزن (1) و إلا فالقول قول البائع مع یمینه (2)
______________________________
الزیادة أمانة و لعله أراد هنا بقوله لا تکون إلا غلطا أو تعمدا التنبیه علی التسویة بین الأمرین أو الاحتراز عن الزیادة الیسیرة التی تتفاوت بها الموازین «1» فإنها للبائع کما أن مثلها فی المبیع للمشتری و مثله زیادة الثمن أو نقصانه بما یتغابن به و یتسامح عادة و قد حکم المصنف هنا و هناک بأن الزیادة أمانة کالشیخ فی (المبسوط) و الشهید و فی (الإیضاح و جامع المقاصد) أن الأصح الضمان و قد بینا أدلة الفریقین فیما مضی و بینا أنها فی صورة التعمد أمانة قطعا و فی صورة الغلط علی القول بأنها أمانة یحتمل أن تکون مالکیة و أن تکون شرعیة و فائدة الإشاعة تظهر إذا قلنا إنها أمانة و تلف المجموع أو البعض فإن التالف من الزیادة لا یجب له عوض و لیس ببعید أن یثبت للبائع الفسخ لأن الشرکة عیب سواء کان الثمن أی الدینار معینا أو فی الذمة
(قوله) (و لو ادعی المشتری النقصان قدم قوله مع الیمین إن لم یکن حضر الکیل أو الوزن)
قولا واحدا کما فی الریاض و حکی الشهید عن (التذکرة) نسبته إلی علمائنا لأن الأصل عدم وصول حقه إلیه و هو منکر لوجود معناه فیه
(قوله) (و إلا فالقول قول البائع مع یمینه)
عند علمائنا کما حکی عن (التذکرة) فی الحواشی المنسوبة إلی الشهید و بلا خلاف أجده کما فی (الریاض) و کأنه لم یطلع علی ما فی (التحریر و التذکرة و الدروس) و فی (مجمع البرهان) قالوا و قد یظهر منه أو یلوح دعوی الإجماع (قلت) و هو خیرة (المبسوط) (و الشرائع و النافع و کشف الرموز و الإرشاد و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و الروضة و المسالک و الکفایة) و هو ظاهر الباقین من الشراح و المحشین حیث سکتوا و لم یتأملوا کالمولی الأردبیلی فإنه قال فی هذا أیضا الأصل عدم وصول حقه إلیه لاحتمال الغفلة و السهو و فی (إیضاح النافع) أن مقتضی النظر أن القول قول المشتری فی الموضعین ثم وجه المشهور بما ستسمع و أمر بالتأمل فیه و فی (التحریر) أن القول قول البائع بیمینه إن ادعی المشتری نقصانا کثیرا (و الوجه) قبول قوله فی قلیل یمکن وقوعه فی الکیل و فصل فی (التذکرة) علی ما حکی فقال یقدم قول مدعی التمام إن اقتضی النقص بطلان العقد کالصرف بعد التفرق و السلم و إلا فمدعی النقص و احتمل ذلک فی (الدروس) (حجة المشهور) بأن المشتری إذا حضر یکون قد احتاط لنفسه فیکون الظاهر مرجحا لقول البائع و مقویا لجانبه فیقدم الظاهر علی الأصل مع أنه یمکن موافقة الأصل للظاهر باعتبار آخر و هو أن المشتری لما قبض حقه کان فی قوة المعترف بوصول حقه إلیه کملا فإذا ادعی بعد ذلک نقصانه کان مدعیا لما یخالف الأصل و لا یلزم مثله فی الصورة الأولی لأنه إذا لم یحضر لا یکون معترفا بوصول حقه إلیه لعدم اطلاعه علیه حتی لو فرض اعترافه فهو مبنی علی الظاهر بخلاف الحاضر و قد منع علیهم الظهور فی الأول باحتمال الغفلة و السهو مع معارضته للأصل و رجحانه علیه و إقامة أخذ الحق مع الحضور مقام الاعتراف ممنوعة فی الثانی إن هو إلا قیاس فالمدار علی الإجماع إن کان و أیضا قد صرحوا بأنه یجوز الشراء بالکیل أو الوزن الذی أخذ به البائع إذا کان المشتری الثانی قد حضر ذلک فحضور الکیل أو الوزن فی کلامهم أعمّ من أن یکون ذلک للمشتری أو للبائع و التعلیل بالاحتیاط لنفسه
______________________________
(1) کذا فی نسختین و فی نسخة المیازین (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 724
بخلاف ما لو ادعی إقباض الجمیع (1) و لو أسلمه طعاما بالعراق لم یجب الدفع فی غیره (2)
______________________________
إنما یتم فی الصورة الأولی فلیتأمل هذا و فی (النافع) و غیره أن التفصیل المذکور بین صورتی الحضور و عدمه جار فی المعدود و المذروع
(قوله) (بخلاف ما لو ادعی إقباض الجمیع)
هذا مما لا (لم خ ل) أجد فیه مخالفا و لا متأملا و ظاهر (الریاض و الکفایة) الإجماع علیه و به أی بالحکم المذکور صرح فی (الدروس و اللمعة و حواشی الکتاب و جامع المقاصد) (و إیضاح النافع و الروضة و المسالک و الکفایة) لأن معنی العبارة أن البائع لو ادعی إقباض المشتری الجمیع فأنکره المشتری فإن التفصیل السابق لا یجری فیه لأن القول هنا قول المشتری بیمینه سواء حضر الاعتبار أم لا إذ لم یتفقا علی تسلیم المبیع هنا و إنما البائع یدعیه و المشتری ینکره و لا یلزم من حضور المشتری الاعتبار حصول تسلیمه (و أما) فی المسألة الأولی فقد اتفقا علی تسلیم ما یعد أنه مبیعا و المشتری یدعی نقصانه عن القدر المعین و لا یلزم من هذا أنه یجب أن یکون القول قول البائع مطلقا حضر المشتری الکیل أم لم یحضر لأنه إذا لم یحضر الاعتبار لا وجه لتقدیم قول البائع لأنه إنما بنی علی قول غیره و تمسک بظاهر الحال و تطرق الخلل إلیه کثیر بخلاف ما لو حضر و أیضا فالبناء علی ظاهر الحال لا یقتضی وصول حقه بوجه فإنه لو صرح بأن الذی وصل إلی تسلمته علی أنه مجموع المبیع بناء علی الظاهر و رکونا إلی قول الغیر لم یکن إقرارا بوصول حقه إلیه (فالأصل) فی المقام عدم وصول حقه إلیه و بقائه عند البائع و لیس لهذا الأصل معارض من ظاهر و لا غیره کما فی الشق الأخیر فکان قوله بیمینه هو المقدم کما صرح بذلک المحقق الثانی و إلی ذلک أشار الشهیدان فی (الدروس و اللمعة و المسالک) (و الروضة) فقالا و لو حول المشتری الدعوی حیث لا یقبل قوله فی النقص إلی عدم إقباض الجمیع من غیر تعرض لحضور الاعتبار و عدمه أو معه حلف ما لم یکن سبق بالدعوی الأولی أی دعوی الغلط فلا تسمع الثانیة لتناقض کلامیه و هذه من الحیل التی یترتب علیها الحکم الشرعی فإنه مبنی علی القواعد الظاهرة المنضبطة کدعوی براءة الذمة من حق المدعی لو کان قد دفعه إلیه بغیر بینة فإنه لو أقر بالواقع لزمه و فی بعض الحواشی المدونة علی الروضة زال فی المقام فتوق زلله
(قوله) (و لو أسلفه طعاما بالعراق لم یجب الدفع فی غیره)
کما فی (المبسوط و الشرائع و التحریر و التذکرة) (و الإرشاد و غایة المرام و المسالک و مجمع البرهان و الکفایة) و فی (المسالک) لا شبهة فیه لأن مال السلم یتعین دفعه فی بلده عند الإطلاق و قد تقدم أن ظاهر (الإیضاح) الإجماع علیه و فی موضع التعیین إن فرض فدفعه فی غیر بلد یتعین دفعه فیه غیر واجب سواء کانت قیمته فی بلد المطالبة مخالفة لقیمته فی بلده أم مساویة و استشکل فی (جامع المقاصد) فی ذلک بأنه ربما لا یرید العود إلی بلد السلف أو أن المسلم إلیه لا یوثق بعوده إلیه و الظفر به هناک بل ربما قد یکون قد هرب من السلف فیکون منعه من مطالبته مفضیا إلی ذهاب حقه أبدا و طریقا إلی مدافعة الغریم عن أداء الحق دائما و ذلک ضرر بین مع کون الدین حالا ثم قال (و التحقیق) أن یقال له المطالبة به إن کان فی موضع التسلیم مثل بلد السلف أو أدون و إن کان أکثر فله المطالبة بقیمة بلد السلم لتعذر المثل و لو أتاه برهن أو ضمین و تهیأ للمسیر معه مع أول رفقة فالظاهر عدم وجوب الصبر لما فیه من الضرر و تأخیر الدین الحال المستحق (و فیه) أنه لو فرض الضرر فی بعض موارده کما لو علم بالقرائن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 725
فإن طالبه بالقیمة لم یجز علی رأی لأنه بیع الطعام قبل قبضه (1) و لو کان قرضا جاز أخذ السعر بالعراق (2)
______________________________
أن المدیون لا یرجع إلی تلک البلد و أن الحق یفوت بالتأخیر اتجه حینئذ رفع أمره إلی الحاکم لیجبره علی أحد الأمرین دفع العین أو القیمة فی بلد التسلیم أو دفع العین فیها بوجه یمکن أما لو کان المسلم إلیه مصاحبا له فی الطریق إلی بلد التسلیم أو وکل فی تسلیمه فیه فالأمر کما قالوه لأن ذلک هو الذی اقتضاه الأمر الشرعی فالعدول عنه مطلقا غیر جید (فتأمل) و أما ما حققه (ففیه) أنا نمنع حصول الارتفاق فیما ذکره مطلقا لجواز أن یکون المدین قادرا علی عین الحق فی بلد التسلیم عاجزا عنها فی الآخر و إن کان أنقص قیمة فیحصل الضرر علیه بذلک مع مخالفته ما شرط علیه من الارتفاق أو دل علیه الإطلاق و المؤمنون عند شروطهم فالقول بالمنع من المطالبة عینا أو قیمة هو الأصح کما هو مذهب الأکثر و فی (الحدائق) أنه المشهور (و قد) حکی الخلاف عن المصنف فی (التذکرة) فی الثانی فأوجب دفع القیمة محتجا بأن الطعام الذی یلزمه دفعه معدوم فکان کما لو عدم الطعام فی بلد یلزمه التسلیم فیه (و فیه) منع ظاهر إذ لیس ثمة طعام یلزمه دفعه و علل أیضا بنحو ما حکیناه آنفا عن (جامع المقاصد) من حصول الضرر بالتأخیر و قد عرفت الحال فیه لکنی وجدت المصنف فی (التذکرة) فی موضعین منها لم یصرح بالخلاف المذکور و لعله فی مقام آخر زاغ عنه النظر نعم هو خیرة (جامع المقاصد) محتجا بأن الطعام قد حل و التقصیر من المسلم إلیه حیث إنه لم یحضره فی مکان التسلیم عند الحلول و لا مانع من التسلیم الآن إلا کونه لیس فی مکان التسلیم فإذا أسقطنا حق المسلم من المطالبة بالطعام ارتفاقا بحال المسلم إلیه فلینتقل حق المسلم إلی القیمة فی مکان التسلیم جمعا بین الحقین و لیس هذا کما إذا انقطع المسلف فیه عند الحلول فإن تعذر العوض یمنع من استحقاق المطالبة به لأنه یستلزم التکلیف بما لا یطاق و القیمة لم یجر علیها العقد انتهی (و فیه) أن مثل هذه التعلیلات لا توجب الانتقال إلی القیمة متی طلبها المسلم و هی لم یجر علیها عقد و لا دل دلیل علی استحقاقها و إنما المستحق هو الطعام فإن ثبتت المطالبة فذاک و إلا فلا مطالبة بالقیمة و لا فرق فی ذلک بین أن یکون المسلم إلیه قد قصر أو لم یقصر فالوجه فی الثانی ظاهر و لهذا لم یفرض المسألة فیه و أما الأول فلا ریب أن تقصیره لا یوجب ما ذکره عقلا و لا شرعا نعم مع خوف ضیاع حقه یتجه ذلک بأن یرفع أمره إلی الحاکم کما مر لکن کلامهم فی القرض قد یؤید ذلک کما ستسمع و کذا موثقة سماعة و سنتلوها فیما یأتی
(قوله) (و إن طالبه بالقیمة لم یجز علی رأی لأنه بیع الطعام قبل قبضه)
یعنی إذا رضی المسلم إلیه بالدفع فالشیخ و جماعة علی أنه لا یجوز و الأکثرون علی الکراهیة و لو تخلصا من خلاف الشیخ و أما إذا لم یرض بناء علی الجواز فقد عرفت أن المشهور أنه لا یجبر علی ذلک
(قوله) (و لو کان قرضا جاز أخذ السعر بالعراق)
کما فی (الشرائع و الدروس) و فی (المسالک) لا شبهة فی جواز ذلک إذا تراضیا علیه و فی (غایة المرام) لا خلاف فیه لانتفاء المانع المذکور و هو بیع الطعام المنتقل بالبیع قبل قبضه و إنما الکلام فی دفع العوض فی غیر بلد القرض لأن إطلاقه منزل علی قبضه فی بلده فلیس للمقرض المطالبة فی غیره کما أنه لو بذله المقترض لم یجب علیه قبضه أیضا لما فی نقله إلی ما عینه الشارع موضعا للقبض من المئونة و إذا لم یجب علیه دفع عین الحق لم یجب دفع قیمته لعدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 726
و لو کان غصبا فله المثل حیث کان فإن تعذر فالقیمة الحاضرة عند الإعواز (1)

[فروع]

اشارة

«فروع»

[الأول النماء قبل القبض إذا تجدد بعد العقد للمشتری]

(الأول) النماء قبل القبض إذا تجدد بعد العقد للمشتری فإن تلف الأصل قبل القبض بطل البیع و لا ثمن علی المشتری و له النماء (2) فإن تلف النماء من غیر تفریط لم یضمن (3) البائع
______________________________
وقوع المعاوضة علیها و هو خیرة (الإرشاد و المسالک) و اختیر فی (المبسوط و التذکرة و التحریر) (و غایة المرام) أنه لا یجبر علی دفع الطعام و إنما یجبر علی دفع قیمته بسعر العراق لأنه یملک ذلک و هو المحکی عن القاضی و کأنه مال إلیه أو قال به فی (جامع المقاصد) و قد یلوح من (غایة المرام) أنه لا خلاف فیه و اختار فی (المختلف) أنه یجب علیه دفع المثل وقت المطالبة فإن تعذر فالقیمة بسعر العراق أی بلد القرض و فی (جامع المقاصد) أن فیه قوة و کأنه مال إلیه المقدس الأردبیلی لأنه تأمل فی فتوی (الإرشاد) ثم قال یمکن الرجوع إلی القرائن و مع عدمها إلی العرف الغالب (قلت) روی الشیخ فی الموثق عن سماعة عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال سألته عن رجل لی علیه مال فغاب عنی فرأیته یطوف حول الکعبة فأتقاضاه قال قال لا تسلم علیه و لا ترعه (تروعه خ ل) حتی یخرج من الحرم و ترک الاستفصال یفید العموم و کأنه فی (جامع المقاصد) فهم من الجواز فی عبارة (الکتاب) الوجوب و النسخة التی عندی لا تخلو من غلط فی المقام فینبغی مراجعة أخری
(قوله) (و لو کان غصبا فله المثل حیث کان فإن تعذر فالقیمة الحاضرة عند الإعواز)
کما هو خیرة (الشرائع) (و التحریر و الإرشاد و غایة المرام و جامع المقاصد و المسالک) و حکاه المصنف فی (المختلف) عن والده لأنه حق ثبت علیه بعدوانه فیعم کل مکان و هو مؤاخذ بأسوإ الأحوال و فی (التذکرة) کان له مطالبته به حیث کان و إن غلی ثمنه و فی (المبسوط) أنه لا یجب علیه دفع المثل و یجبر علی دفع القیمة بسعر بلد الغصب لا عند الإعواز و حکی ذلک عن القاضی و فی (المختلف) أنه یجبر علی دفع المثل فإن تعذر فقیمة بلد الغصب أی العراق کما هو المفروض و ربما احتمل وجوب أعلی القیم من حین الغصب إلی حین الدفع
(فروع الأول) (قوله) (النماء قبل القبض إذا تجدد بعد العقد للمشتری فإن تلف الأصل قبل القبض بطل البیع و لا ثمن علی المشتری و له النماء)
کما فی (الشرائع و التذکرة و التحریر) (و الإرشاد و الدروس و اللمعة و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) قالوا و لا بعد فی ذلک لأن التلف لا یبطل البیع من أصله بل یفسخه من حینه کما لو انفسخ بخیار (قلت) هذا مما لا إشکال فیه إن جعلنا النماء تابعا للملک کما فی موضع من (المبسوط) و إن جعلناه تابعا للضمان کما فی موضع آخر من (المبسوط) لظاهر قوله علیه السلام الخراج بالضمان فمحل إشکال کما نبه علی ذلک فی (الدروس) فی باب العیب و قد تقدم الکلام فیه فی المقام المذکور مستوفی
(قوله) (فإن تلف النماء من غیر تفریط لم یضمن)
لأن المضمون علیه إنما هو المبیع لا نماؤه لأن المعاوضة لم تجر إلا علی الأصل فیقتصر فیما خالف الأصل و هو ضمان مال الغیر مع عدم العدوان علی ما دل علیه الدلیل فیکون هذا النماء فی ید البائع أمانة و یبقی الکلام فی أنها شرعیة أو مالکیة مع احتمال التفصیل (و أما النماء) المتصل کما إذا سمن المبیع فی ید البائع ثم هزل (ففیه وجهان) لعل أقواهما عدم الضمان أما إذا کان السمن موجودا حال العقد فلا ریب فی ضمانه لأنه من توابع العین الداخلة فی البیع و سیأتی للمصنف التأمل فی إلزام البائع بالأجرة مدة الغصب و لیس فی محله بعد حکمه هنا بأن النماء
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 727

[الثانی لو امتزج المبیع بغیره]

(الثانی) لو امتزج المبیع بغیره قبل القبض تخیر المشتری بین الفسخ و الشرکة (1)

[الثالث لو غصب قبل القبض]

(الثالث) لو غصب قبل القبض و أمکن استعادته بسرعة لم یتخیر المشتری و إلا تخیر (2) و فی لزوم البائع بالأجرة عن مدة الغصب نظر (3)
______________________________
غیر مضمون و إنما هی نماء فتدبر
(قوله) (و لو امتزج المبیع بغیره قبل القبض «1» تخیر المشتری بین الفسخ و الشرکة)
کما فی (الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس و غایة المرام و جامع المقاصد) (و المیسیة و المسالک) و غیرها و لا یسقط الخیار ببذل البائع له ما امتزج به و قال الشیخ یزول و قد تقدم الکلام فی ذلک فی موضعین فی بیع الثمار و فی الفرع السابع من فروع ما یدخل فی المبیع و المصنف فی الفرع السابع خالف ما هنا کما فی بعض النسخ فلا بد من المراجعة و إطلاقهم یقضی بأنه لا فرق بین أن یختلط بمثله أو أجود أو أدون باختیار البائع أو بغیر اختیاره و فصل فخر الإسلام فی (شرح الإرشاد) فقال إن کان الامتیاز باختیار البائع کان الخیار للمشتری علی کل حال و إن کان بغیر اختیاره فأما أن یکون قد امتزج بالأجود أو بالأردی أو بالمساوی فإن کان بغیر الأجود کان للمشتری الخیار خاصة و إن کان بالأجود کان الخیار للبائع أیضا لتضرره بذلک مع اختیار المشتری الشرکة و هذا رجحه فی (المسالک) و متی رضی بالشرکة فمئونة القسمة علی البائع لأن هذا عیب مضمون علیه و التخلص منه واجب علیه و لوجوب تسلیم المبیع إلی المشتری بعینه
(قوله) (و لو غصب قبل القبض و أمکن استعادته بسرعة لم یتخیر المشتری و إلا تخیر)
هذا مما لا أجد فیه خلافا و به صرح فی (الشرائع و التحریر و الإرشاد و الدروس و اللمعة و غایة المرام و جامع المقاصد و المسالک و الروضة) (و مجمع البرهان و الکفایة) و غیرها و المراد بالسرعة أن لا یفوت من منافعه ما یعتد به عرفا و عدم الخیار للمشتری و لعدم موجبه و یجب علی البائع حینئذ استعادته لأن التسلیم واجب علیه و معنی قولهم و إلا تخیر أنه إن لم یمکن استعادته بسرعة بأن لا یمکن أصلا أو أمکن بمضی زمان کثیر أنه یتخیر بین الفسخ و الرجوع علی البائع بالثمن إن کان دفعه و بین الالتزام بالمبیع و ارتقاب حصوله فینتفع به حینئذ بما لا یتوقف علی القبض کعتق العبد ثم إن تلف فی ید الغاصب فهو مما تلف قبل قبضه فیبطل البیع و إن کان قد رضی بالصبر مع احتمال کونه قبضا و کذا لو رضی بکونه فی ید البائع و أولی بتحقق القبض هنا و مثل عدم إمکان استعادته ما إذا أمکنت بسرعة و لم یفعل و قضیة إطلاقهم أنه یفسخ و إن کان حین الفسخ استرجعه و مثل ذلک یجری فی العین المستأجرة إذا غصبت قبل القبض کما ذکروه فی محله و یبقی الکلام فیما إذا اختار الصبر ثم أراد الفسخ ففیه احتمالان أقواهما أنه له ذلک کما هو خیرة (التذکرة) لأنه یتضرر کل ساعة کما لو انقطع المسلم فیه فأجاز ثم أراد الفسخ و کما لو أتلف الأجنبی المبیع قبل القبض و أجاز لیتبع الأجنبی
(قوله) (و فی لزوم البائع بالأجرة عن مدة الغصب نظر)
أظهره العدم کما هو خیرة (الشرائع) و جمیع ما ذکر بعدها فی المسألة السابقة ما عدا (الکفایة) ففیها أن فیه قولین لکنا لم نجد القائل بالإلزام و إن حکاه الشهید الثانی أیضا و إنما هناک تردد کالکتاب و ظاهر (الإیضاح) مع أن فی حواشی الشهید نسبة عدم الإلزام إلی إطلاق الأصحاب حیث قال فی وجه النظر و من إطلاق الفقهاء أنه إذا شاء فسخ و طالب بالثمن أو التزم و طالب الغاصب فجعلوا الغاصب غریم
______________________________
(1) قوله قبل القبض لیس موجودا فی ثلاث نسخ من الکتاب نعم وجدناه فی القواعد (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 728
و لو منعه البائع عن التسلیم فعلیه أجرة مدة المنع (1)

[الفصل الثالث فی الشرط]

اشارة

(الفصل الثالث فی الشرط) عقد البیع قابل للشروط التی لا تنافیه (2) و هی إما أن یقتضیها العقد کالتسلیم و خیار المجلس و التقابض و خیار الحیوان فوجود هذه الشروط کعدمها (3)
______________________________
المشتری مع التزامه بالمبیع انتهی و دلیلهم الأصل و أن الأجرة بمنزلة النماء المتجدد المنفصل و هو کما تقدمت الإشارة إلیه غیر مضمون و لا یجب علی البائع استنماء المبیع للمشتری (و وجه الالتزام) أنه نقص دخل علی المبیع قبل القبض فیکون من ضمان البائع و قد علمت آنفا أن المضمون علیه إنما هو العین و ما کان من توابعها الداخلة فی البیع و السمن (و الأولی) أن یقول المصنف و فی التزام البائع «إلخ» کما هو واضح
(قوله) (و لو منعه البائع عن التسلیم ثم سلم فعلیه أجرة مدة المنع)
کما صرح بذلک فی جمیع الکتب المذکورة آنفا لأنه یکون غاصبا إذا کان المنع بغیر حق فلو حبسه لیتقابضا أو لیقبض الثمن حیث شرط تقدم قبضه فلا أجرة علیه للإذن فی إمساکه شرعا کما فی (التذکرة و المسالک) (و الروضة) و تأمل فیه صاحب (جامع المقاصد) و کذا المقدس الأردبیلی و لعله لما ذکر و لأن جواز الحبس غیر سقوط حق المنفعة و لا یلزم من ثبوت الأول الثانی و هو قوی جدا قلت و قد قالوا مثل ذلک فی نظیر ذلک فی باب الإجارة حیث قالوا یجوز للخیاط حبس الثوب لیأخذ أجرته للإذن فیه و ذلک لا یرفع عنه ضمانه فتأمل و حیث یکون الحبس سائغا فی المقام فالنفقة علی المشتری لأنه ملکه و لو طلب المشتری الانتفاع بالمبیع فی ید البائع بنفسه أو بغیره إلی حین تسلیم الثمن فالظاهر أن للبائع المنع و یبقی الکلام فی أن منع البائع هل یجری مجری غصب الغاصب فیتسلط المشتری علی الفسخ إن لم یکن للبائع حق الحبس کما إذا قبض الثمن أو کان مؤجلا احتمالان أظهرهما أنه کذلک (و الأولی) أن یقول المصنف فمنعه البائع عن التسلم لأن التسلیم فعل البائع فکیف یمنع عنه
الفصل الثالث فی الشرط (قوله) (عقد البیع قابل للشروط التی لا تنافیه)
هذا مما لا ریب فیه إذ لیس مما لا یقبل الشروط کالإیمان بالهّٰ و رسوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم و حججه علیهم السلام و اعتقاد وجوب الواجبات و تحریم المحرمات و نیات العبادات غالبا لا فی مثل قول إن کان مالی الغائب باقیا فهذه (فهذا خ ل) زکاته و إلا فنافلة و هذه لا تقبل التعلیق أیضا و لیس هو أیضا من قبیل العبادات المنذورة فإنها تقبل التعلیق و لا تقبل الشرط و قد تقدم فی أول الکتاب أن عقد البیع و الصلح و الإجارة لا یقبل التعلیق لأنه لا رضا مع التعلیق لأن الرضا یعتمد الجزم و الجزم ینافی التعلیق
(قوله ره) (و هی إما أن یقتضیها العقد کالتسلیم و خیار المجلس و التقابض و خیار الحیوان فوجود هذه الشروط کعدمها)
لا تفید نفعا و لا ضرا کما فی (المبسوط) و أکثر ما تأخر و فی (الغنیة) لا خلاف فی صحة أن یشترط فی العقد ما یقتضیه و ظاهره نفی (الخلاف) بین المسلمین و الفرق بین التسلیم و التقابض فرق ما بین العام و الخاص لأن التسلیم أعمّ من أن یکون للثمن أو المثمن أو هما علی التعاقب أو دفعة و التقابض لا یکون إلا لهما معا و قد تقدم أن شرط تعجیل الثمن فی متن العقد یفید التأکید و قد استوفینا هناک الکلام غایة الاستیفاء فلیرجع إلیه فی صدر المطلب الأول فی النقد و النسیئة و المراد بالشروط التی یقتضیها العقد ما کان مفیدا لها فی نظر الشارع کالملک فإنه المطلب الأعظم الأصلی و کالتسلیم الذی لا یتم الغرض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 729
و إما أن لا یقتضیها فإما أن یتعلق بمصلحة المتعاقدین کالأجل و الخیار و الرهن و الضمین و الشهادة و صفة مقصودة فی السلعة کالصیاغة و الکتابة و هو جائز إجماعا (1) و إما أن لا یتعلق فإما أن لا ینافی مقتضی العقد کاشتراط منفعة البائع کخیاطة الثواب و صیاغة الفضة (2)
______________________________
و هو الانتفاع إلا به و کخیار المجلس و الحیوان مما جعله الشارع من کمال الارتفاق (و المراد بالعقد) العقد المطلق فإن مقتضاه لوازمه التی لا تنفک عنه کما أشرنا إلیه فی باب النقد و النسیئة و یأتی تمام التحقیق فی معنی مقتضی العقد و قول المصنف و هی عائد إلی الشروط مطلقا قطعا و إن کان المتبادر عوده إلی الشروط التی لا تنافی البیع لأنها المذکورة
(قوله) (و إما أن لا یقتضیها فإما أن تتعلق بمصلحة المتعاقدین کالأجل و الخیار و الرهن و الضمین و الشهادة و صفة مقصودة فی السلعة کالصیاغة و الکتابة و هو جائز إجماعا)
کما فی (التنقیح) و عندنا و عند الشافعی کما فی (التذکرة) و فی (الغنیة) لا خلاف فی صحة الشرط الذی للمتعاقدین مصلحة فیه و مراده نفی (الخلاف) بین المسلمین کما یعطیه سوق کلامه و نص فی (المبسوط) و غیره علی الجواز و قد جعل فی (التذکرة) الأجل و الرهن و الضمین مما یتعلق بالثمن و الصفة المقصودة فی السلعة مما تتعلق بالمثمن و جعل الخیار مما یتعلق بهما قلت و کذا الشهادة علی تلک المعاوضة فالمراد بتعلق هذا القسم بمصلحة المتعاقدین تعلقه بهما بالنسبة إلی العقد أو أحد العوضین کما یفهم من سرد الأمثلة و به یفرق بینه و بین القسم الثالث الذی سیأتی و هو الذی لا یتعلق بمصلحة المتعاقدین و لا ینافی مقتضی العقد کاشتراط خیاطة الثوب و صیاغة الفضة فیحمل الثوب علی ثوب لا یکون هو المبیع و لا بعضه و کذا الفضة حتی لا یلزم التداخل و یندفع اعتراض القطب کما نبه علیه الشهید فی حواشیه و المحقق الثانی و أشار إلیه فی (التذکرة) و من طریف ما یحکی ما رواه محمد بن سلیمان الدهلی قال حدثنا عبد الوارث بن سعید قال دخلت مکة زادها اللّٰه شرفا فرأیت فیها ثلاثة کوفیین أحدهم أبو حنیفة و ابن أبی لیلی و ابن شبرمة فصرت إلی أبی حنیفة فقلت ما تقول فیمن باع بیعا و شرط شرطا فقال البیع فاسد و الشرط فاسد فأتیت ابن أبی لیلی و سألته فقال البیع جائز و الشرط باطل فأتیت ابن شبرمة فسألته فقال البیع و الشرط جائزان فرجعت إلی أبی حنیفة فقلت له إن صاحبیک قد خالفاک فقال لست أدری ما قالا حدثنی عمر بن شعیب عن أبیه عن جده أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله نهی عن بیع و شرط فأتیت ابن أبی لیلی فقلت له إن صاحبیک قد خالفاک فقال ما أدری ما قالا حدثنی هشام بن عروة عن أبیه عن عائشة أنها قالت لما اشتریت بریرة جاریتی شرط علی موالیها أن أجعل ولاءها لهم إذا أعتقتها فجاء النبی صلی اللّٰه علیه و آله و قال الولاء لمن أعتق فأجاز البیع و أفسد الشرط فأتیت ابن شبرمة فقلت له إن صاحبیک قد خالفاک فقال لست أدری ما قالا حدثنی مشعر بن محارب بن زیاد عن جابر بن عبد اللّٰه قال ابتاع النبی صلی اللّٰه علیه و آله منی بعیرا بمکة فلما نقدنی الثمن شرطت أن یحملنی إلی المدینة فأجاز النبی صلی اللّٰه علیه و آله البیع و الشرط و ستسمع أن الشرط الباطل عندنا ما ینافی المشروع أو یؤدی إلی جهالة الثمن أو المثمن
(قوله) (و إما أن لا یتعلق فإما أن لا ینافی مقتضی العقد کاشتراط منفعة البائع کاشتراط خیاطة الثوب أو صیاغة الفضة)
قد عرفت أن المراد من عدم تعلقه بمصلحة المتعاقدین عدم تعلقه بهما من حیث إنهما متعاقدان
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 730
أو اشتراط عقد فی عقد کأن یبیعه بشرط أن یشتری منه أو یبیعه شیئا آخر أو یزوجه أو یسلفه أو یقرضه أو یستقرض منه أو یؤجره أو یستأجره أو یشترط ما بنی علی التغلیب و السرایة کشرط عتق العبد فهذه الشروط کلها سائغة (1) و إما أن ینافی مقتضی العقد کما لو شرط أن لا یبیعه أو لا یعتقه أو لا یطأ أو لا یهب أو إن غصبه غاصب رجع علیه بالثمن أو أن یعتقه و الولاء للبائع فهذه الشروط باطلة و الضابط أن کل ما ینافی المشروع أو یؤدی إلی جهالة الثمن أو المثمن فإنه باطل (2)
______________________________
(قوله) (و اشتراط عقد فی عقد کأن یبیعه بشرط أن یشتری منه أو یبیعه شیئا آخر أو یزوجه أو یسلفه أو یقرضه أو یستقرض منه أو یؤجره أو یستأجر منه «1» أو یشترط ما بنی علی التغلیب و السرایة کشرط عتق العبد فهذه الشروط کلها سائغة)
عندنا کما فی عدة مواضع من (التذکرة) و فی (الغنیة) الإجماع علی صحة اشتراط ما یمکن تسلیمه نحو أن یشتری ثوبا علی أن یخیطه البائع أو یصبغه أو أن یبیع شیئا آخر أو یبتاع منه و أن یشترط علی مشتری العبد عتقه و فی (السرائر) لا خلاف فی أنه یجوز أن یشترط الإنسان علی البائع شیئا من أفعاله إذا کانت مقدورة له (ثم قال) و إجماعهم حجة و هو نافع فی المقام لأن عبارة المصنف قابلة لاشتراط کل منهما علی الآخر و فی (المبسوط و غایة المراد) (و المهذب البارع و إیضاح النافع و المسالک) الإجماع علی صحة اشتراط عتق العبد و فی (غایة المرام) نفی الخلاف عنه و إن نافی مقتضی العقد کما فی (التحریر) لأن العتق مبنی علی التغلیب لأن عنایة الشارع بفک الرقبة بأدنی سبب یقتضیه تعرف من تتبع مسائل العتق و من دلائل ابتنائه علی التغلیب ثبوت السرایة إلی المجموع بالشقص و یأتی الکلام فی الفرع الثالث فی اشتراط عتقه مطلقا أو عن المشتری و مثل اشتراط العتق اشتراط التدبیر و الکتابة کما نص علیه جماعة منهم المصنف فیما یأتی (و الأصل) فی صحة هذه الشروط کلها بعد الإجماع (الکتاب و السنة) المستفیضة (منها الصحیح) المسلمون عند شروطهم إلا کل شرط (إلا شرط خ ل) خالف کتاب اللّٰه تعالی فلا یجوز و نحوه صحیح آخر مثله و الخبر المسلمون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما و ستعرف ما المراد بالحلال و الحرام کما ستعرف الحال فیما إذا امتنع المشتری أو البائع من الوفاء بالشرط و فیما إذا باعه الشی‌ء بأضعاف قیمته مع شرط الإقراض
(قوله) (و إما أن ینافی مقتضی العقد کما لو شرط أن لا یبیعه أو لا یعتقه أو لا یطأ أو لا یهب أو إن غصبه غاصب رجع علیه بالثمن أو أن یعتقه و الولاء للبائع فهذه الشروط باطلة و الضابط أن کل ما ینافی المشروع أو یؤدی إلی جهالة الثمن أو المثمن فإنه باطل)
قال فی (الغنیة) من الشروط الفاسدة بلا خلاف أن یشترط ما یخالف مقتضی العقد مثل أن لا یقبض المبیع و لا ینتفع به أو یشترط ما یخالف السنة مثل أن یکون الولاء للبائع (انتهی) و ضابط ما ینافی مقتضی العقد کل ما یقتضی عدم ترتب الأثر الذی جعل الشارع العقد من حیث هو هو بحیث یقتضیه و رتبه علیه کما حققه جماعة (و یشکل) باشتراط عدم الانتفاع به زمانا معینا فإن مقتضی العقد إطلاق التصرف فی کل وقت و باشتراط إسقاط خیار المجلس و الحیوان و ما شاکل ذلک مما أجمع علی صحة اشتراطه (و ما) عساه
______________________________
(1) کذا فی نسخ ثلاث و فی القواعد یستأجره (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 731
..........
______________________________
یقال من أنه قد یراد بمقتضی العقد ما لم یجعل إلا لأجله کانتقال العوضین الذی هو الأثر الحقیقی فمردود بأن ذلک ینافی منع اشتراط أن لا یبیع المبیع مثلا و فی (جامع المقاصد) فی باب الإجارة منع من اشتراط عدم الانتفاع زمانا معلوما مع أنه فی (التذکرة) فی الباب المذکور ظاهره أیضا الإجماع علی صحته و قد اختلفوا فی باب الإجارة فیما إذا اشترط المؤجر ضمان العین المستأجرة و قد حررناه هناک ثم إن المصنف ضبط ما یبطل من الشرط بما ینافی المشروع أو یؤدی إلی الجهالة فی أحد العوضین و نحوه ما فی (الشرائع و اللمعة و المهذب البارع و الروضة) و غیرها من أنه ما یؤدی إلی الجهالة فی أحد العوضین أو یمنع منه الکتاب و السنة و قد نسبه أبو العباس إلی علمائنا و هو معنی ما فی الصحیحین المتقدمین کما أفصح الخبر عن ذلک حیث قال فیه علیه السلام المؤمنون عند شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو حلل حراما لکن فی النص و الفتوی إجمالا فلا یدری ما المراد بالمشروع و بالحلال و الحرام أ هو ما کان کذلک بأصل الشرع من دون توسط العقد أو ما یعم ذلک و قضیة اتفاقهم علی صحة اشتراط إسقاط خیار المجلس و الحیوان و اشتراط عدم الانتفاع به مدة معینة و ما شاکل ذلک أن المراد الأول لأن مقتضی العقد حلیة الرد فی زمان الخیار و الانتفاع به علی الدوام و قد حرما بالشرط فقد حرم الشرط ما کان حلالا بتوسط العقد لکن نصهم علی بطلان اشتراط عدم الهبة و نحوها ینافی ذلک أی إرادة الأول لأنه مما یشرع و یجوز کون الشی‌ء مملوکا و لا یهبه مالکه فکیف یبطل اشتراطه إذ منافاة اشتراطه للمشروع فی العقد المتضمن له غیر واضح کما نص علیه فی (جامع المقاصد) ثم قال فإن قلت منافاته من جهة منعه من الهبة قلت منعه من الهبة إن أرید بالنسبة إلی العقد العاری عن الشرط فهو وارد فی کل شرط لأنه مخالف لمقتضی العقد الخالی عنه و إن أرید بالنسبة إلی العقد المتضمن له فهو غیر واضح (انتهی) إلا أن تقول بجواز اشتراط عدم البیع و الهبة کما ورد ذلک فی الأخبار المستفیضة کما أشار إلیه فی (النافع) لکن فی (کشف الرموز) ما رأیت أحدا عمل بها و هو کذلک بالنسبة إلی من تقدم علیه أو عاصره کما ستعرف (و کیف کان) فالمراد معرفة مرادهم لا معرفة ما تختار (نعم لک) أن تقول إن مرادهم إنما هو الأول إلا أن یمنع منه مانع من عقل أو نص أو إجماع کما قام فی البیع و الهبة علی ما ذکره (کاشف الرموز) فلیتأمل و أطلق فی (المبسوط) فقال إن الشرط الذی لا یقتضیه العقد و لم تتعلق به مصلحة المتعاقدین و لم یبن علی التغلیب یکون باطلا (انتهی) و فی (التذکرة) ذکر هذه العبارة و قال إن ذلک جائز عندنا إن لم یخالف المشروع و لم یناف مقتضی العقد قلت و الجمع ممکن و الأمر هین و یتعین البطلان عند الشیخ فیما إذا شرط تعیین الشهود و ألغینا التعیین أو شرط بیعه علی زید بکذا و لم یقصد إرفاقا به و لا غرضا معتبرا و فی (جامع المقاصد) أن الحاسم لمادة الإشکال أن الشروط علی أقسام (منها) ما انعقد الإجماع علی حکمه من صحة أو فساد فلا عدول عنه (و منها) ما وضح فیه المنافاة للمقتضی کشرط عدم الضمان عن البیع أو وضح مقابله و لا کلام فی اتباع ما وضح (و منها) ما لیس واحدا من النوعین فهو بحسب نظر الفقیه (قلت) و الفقیه إذا نظر فی القواعد الشرعیة و أصولها رأی إلغاء الشرط فی کل موضع لا یتعلق به غرض عرفا بمعنی أن لا یکون له فیه عوض عرفا و لا یقوم شرعا فکل حلال حرمه الشرط و کان من هذا القبیل فهو باطل و إلا فهو صحیح و هذا المعنی مستفاد من (المبسوط و التذکرة و إیضاح النافع) و غیرها و فی (مجمع البرهان) أن الأصل و الأخیار و الآیات تقتضی جواز کل شرط إلا ما علم عدم جوازه بالعقل أو النقل و هو کلام جید جدا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 732
و الأقوی بطلان البیع أیضا (1)
______________________________
کما أشرنا إلیه آنفا و لم أجد من تأمل أو خالف فی بطلان هذه الشروط الخمسة المذکورة فی (الکتاب) إلا المصنف فی (التذکرة) فإنه استشکل فی بطلان اشتراط البیع و العتق لا غیر و ظاهر (النافع) التأمل فی بیع الأمة وهبتها حیث قال المروی الجواز و فی (إیضاح النافع) بعد نقل کلامه أن الجواز غیر بعید لأن بقاء الأمة عند المالک الصالح مطلوب فاشتراط بقاء ملکه علیها جائز و ذلک لا ینافی کما فی أم الولد و منذور التصدق به (انتهی) و قد سمعت ما فی (کشف الرموز) و مثل ما ذکر فی الکتاب ما لو شرط أن یکون تلفه من البائع متی تلف أو شرط عدم الخسارة علی المشتری کما صرح به الأکثر لکن فی الصحیح ما یشعر بکراهته حیث قال علیه السلام لا ینبغی أو شرط تأخیر تسلیم المبیع أو الثمن مدة غیر معینة أو وطأ البائع الأمة و قول المصنف و المحقق و غیرهما ما یؤدی إلی الجهالة کأنه یستغنی عنه بقولهم ما ینافی المشروع فإن بیع الغرر مما ینافی المشروع کذا قیل و لیس کذلک کما بیناه فی باب المزارعة و بقی شی‌ء آخر و هو ما إذا باعه و شرط البائع علی نفسه أن یکتب له الکتاب الفلانی فإن هذا الشرط باطل لأنه یستلزم نقل المنفعة بالبیع لأن المشروط مبیع و قد أسبغنا الکلام فی ذلک فی الضابط الذی ذکره المصنف فی الشروط فی أوائل البیع
(قوله) (و الأقوی بطلان البیع أیضا)
الأصحاب فی البیع الذی تضمن شرطا فاسدا علی أنحاء (الأول) صحة البیع و بطلان الشرط و هو خیرة الشیخ فی (المبسوط) و ابن سعید فی (الجامع) و الآبی فی (کشف الرموز) و المحکی عن أبی علی و القاضی و ربما حکی عن الحلی و لم أجده فی (السرائر) و وافقهم أبو المکارم فی الشرط المخالف لمقتضی العقد أو للسنة (و احتج فی الغنیة) علی صحة العقد حینئذ بالإجماع و غیره کما ستسمع و وافقهم ابن المتوج فی الشرط الفاسد الذی لا یتعلق به غرض کما لو شرط أکل طعام بعینه أو لبس ثوب و نحوه فلیتأمل (الثانی) بطلانهما معا کما هو خیرة الکتاب هنا و فیما یأتی (و التذکرة و المختلف) (و الإرشاد) و شرحه لولده (و الدروس و اللمعة و المهذب البارع و المقتصر و حواشی الکتاب و جامع المقاصد و تعلیق الإرشاد و تعلیق النافع و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) و وافقهم أبو المکارم فی الشرط الغیر المقدور کأن یشترط علیه أن یجعل الرطب تمرا فقال إنه فاسد مفسد بلا خلاف لکنه فی (التذکرة) جعل هذا أیضا محل خلاف للشیخ (الثالث) ما فی (الشرائع و النافع و التحریر) (و الإیضاح و التنقیح و غایة المرام و إیضاح النافع) من عدم الترجیح و هذه الأنحاء جاریة فی کل ما شابه البیع من العقود اللازمة (احتج) الشیخ فی (المبسوط) بأنه لا دلیل علی بطلان العقد (و احتج فی الغنیة) بالأصل و الإجماع و ظاهر القرآن و بخبر بریدة أن مولاتها شرطت علی عائشة حین اشترتها أن یکون ولاؤها لها إذا أعتقتها فأجاز النبی صلی اللّٰه علیه و آله البیع و قال الولاء لمن أعتق فأفسد الشرط (و احتج) له غیره أیضا بلزوم الدور لأن لزوم الشرط و صحته فرع علی صحة البیع فلو کانت موقوفة علی صحته لزم الدور (و أجیب) عن الأصل أی أصل الصحة بأنه مقطوع بما یأتی من الأدلة و معارض بأصل عدم الانتقال و بأن عموم القرآن أعنی أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لیس شاملا لما نحن فیه من وجهین (الأول) تقییده بالقصد المنفی فیه لأن البائع إنما رضی علی هذا الشرط و إذا لم یسلم کانت تجارة عن غیر تراض مع أن التراضی شرط إجماعا فلم یستکمل العموم الشروط (الثانی) تطرق الجهالة المانعة من الصحة لأن الشرط له قسط
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 733
..........
______________________________
من الثمن فإنه قد یزید باعتباره و ینقص فإذا بطل بطل ما بإزائه من الثمن و هو غیر معلوم (و أجاب) عن الروایة فی (المختلف) بضعف السند أولا و أنها رویت علی وجه آخر و أورده من طرق العامة و ظن أنه لا دلالة فیه بالکلیة مع أنه دال علی ما دل علیه خبر الشیخ إذا أبقی علی ظاهره کما هو المناسب لمذاق العامة ثم ما ذا یصنع بما رواه المشایخ الثلاثة فی (الصحیح) عن الحلبی عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام أنه ذکر بأن بریرة کانت عند زوج لها و هی مملوکة فاشترتها عائشة فأعتقتها فخیرها رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و قال إن شاءت تقر عند زوجها و إن شاءت فارقته و کان موالیها الذین باعوها شرطوا علی عائشة أن لهم ولاءها فقال رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله الولاء لمن أعتق (و مثله صحیحة) عیص بن القاسم و بذلک یظهر أن خبر الشیخ و إن کان عامیا أصح من خبر (المختلف) لموافقته أخبارنا و قد ورد فی النکاح جملة أخبار دلت علی صحة عقده و فساد الشرط فیه کصحیحة محمد بن قیس و خبر الوشاء و قد اعترف صاحب (نهایة المرام) بدلالة خبر الوشاء علی عدم فساد العقد بفساد شرطه (و أجاب) فی (المهذب البارع) عن الدور بأن تسویغ الشرط لیس شرطا فی الحقیقة لصحة البیع حتی یلزم الدور بل هو من صفات البیع فما کان منها سائغا داخلا تحت القدرة لزم باشتراطه فی العقد کما لو شرط صفة کمال فی البیع و إن لم یکن سائغا بطل العقد لا من حیث فوات شرطه بل من حیث وقوع الرضا علیه و شروط الصحة إنما هی المذکورة فی أوائل الکتاب ککمال المتعاقدین و نحو ذلک انتهی (و قوله) إن هذا الشرط من صفات البیع کأنه أخذه من قول فخر الإسلام فی (الإیضاح) إن کون هذه شروطا مجاز لأنها تابعة للعقد و العقد سبب فیها فلا ینعقد کونها شرطا له و إلا دار بل هی من صفات البیع تختلف الأغراض باختلافها و قد أسهب المحقق الثانی فی رده و قال هذا الکلام لا محصل له (قلت) لعله أراد أن هذا دور المعیة کما حکاه فی (شرح الإرشاد) عن والده قال و أما ما ذکره الشیخ من الدور فهو دور المعیة کالصلاة و أجزائها فإن مجموع الصلاة متوقف علی أجزائها من حیث الصحة و أجزاؤها من حیث الصحة متوقفة علی مجموعها انتهی (فتأمل) و أقوی ما یحتج به للمصنف و من وافقه الأصل الذی أشرنا إلیه آنفا من أن الأصل فی الملک بقاؤه علی ملک مالکه فلا ینتقل عنه إلا بسبب شرعی و لم یحصل و أن التراضی إنما وقع علی هذا الوجه أعنی المجموع من حیث هو مجموع فإذا بطل بعضه و امتنع نفوذه انتفی متعلق التراضی مضافا إلی تطرق الجهالة فی الثمن کما أشرنا إلی ذلک کله آنفا (و أنت خبیر) بأن الأصل مع معارضته بمثله مقطوع بإجماع (الغنیة) و خصوص أخبار بریرة مع تأیدها بأخبار النکاح و العمومات لأنه عقد یجب الوفاء به إلا أن یدل دلیل قاهر علی بطلانه و لا نص و لا إجماع فی المقام (و أما) التراضی و الجهالة فإنهم قالوا إنه لو شرط کون العبد کاتبا مثلا و اشتری عبدین جمیعا و تبین أن أحدهما غیر کاتب أو هما أو أن أحدهما لیس ملکا له فإن البیع لا یبطل ذلک و إن ثبت له الفسخ مع أن التراضی لم یتحقق إلا علی الوجه الذی لیس بواقع مع ما هناک من الجهالة و هذا یرشد إلی أن التراضی وقع بکلیهما لا بالمجموع نعم حیث یعلم تعلقه بالمجموع أو یکون الشرط هو المقصود کما یأتی اتجه ذلک (و أما) حدیث الجهالة فکم من جهالة اغتفروها مما لا یکاد یحصی و قد بینا فی أول الکتاب الحال فی الجهالة التی لا تغتفر و احتمل فی (إیضاح النافع) إلغاء الشرط فی کل موضع لا یکون له فیه عوض عرفا و لا یقوم شرعا و قال إن التراضی فی الحقیقة إنما هو علی المعوض انتهی (فتأمل) و قد یفرق بین الشروط الفاسدة فما کان منها غیر مقدور بطل به العقد و قد نفی عنه الخلاف فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 734
و یجوز اشتراط ما یدخل تحت القدرة من منافع البائع دون غیره کجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا (1) و لو شرط التبقیة صح (2) و لو شرط الکتابة و التدبیر صح (3) و لو شرط أن لا خسارة لم یصح
______________________________
(الغنیة) کما عرفت و ظاهر (إیضاح النافع) الإجماع حیث قال علیه الفتوی و کذا ما کانت جهالته مؤدیة إلی الغرر کأن یشترط علیه أن یعمل له عملا أو یکتب له کتابا و بالجملة ما اقتضی تجهیل أحد العوضین للغرر و إجماع (جامع المقاصد) ذکره فی الفرع السادس و کذا ما کان المقصود منه أولا و بالذات هو الشرط و جی‌ء بالبیع تبعا و خصوصا إذا کان محرما علی تأمل فی ذلک لا ما إذا کان من قبیل اشتراط الولاء أو أن لا خسارة أو لا یطأ أو لا یبیع أو لا یهب أو لا یعتق أو أن یأکل الهریسة أو نحو ذلک مما لا یتعلق به غرض و فی (التذکرة) أن شرط أکل الهریسة لا یقتضی فساد العقد عندنا و قد تقدم فی المطلب الثانی فی أحکام بیع الحیوان تمام الکلام فیما إذا شرط أن لا خسران
(قوله) (و یجوز اشتراط ما یدخل تحت القدرة من منافع البائع دون غیره کجعل الزرع سنبلا و البسر تمرا)
الحکمان مما لا خلاف فیهما کما عرفت و قد صرح بهما المحقق فی کتابیه و المصنف فی (التحریر و التذکرة) و الشهیدان و المحقق الثانی و غیرهم و یجب أن یقید الأول بما إذا کان سائغا کما فی (الشرائع) و غیرها و لعله ترکه للعلم به و لأن النظر موجه إلی القدرة و فی (حواشی) الشهید فسر جعل الزرع سنبلا بأن یجعل اللّٰه جل اسمه الزرع سنبلا قال لأنا إنما نفرض ما یجوز أن یتوهمه عاقل لامتناع ذلک من غیر الإله جلت عظمته (قلت) و هذا الشرط باطل أیضا کما نص علیه الشهیدان و الکرکی و غیرهم لأن جعل اللّٰه سبحانه ذلک لیس فیه للبائع مجال السعی و لا کذلک اشتراط الضمین و الکفیل لأن المشتری قادر علی تحصیل أسباب الضمان بخلاف تحصیل أسباب الصیرورة سنبلا و بذلک دفع الشهید ما أورد علی المصنف من أنه جوز اشتراط الضمین و الکفیل و کلاهما غیر مقدور
(قوله) (و لو شرط التبقیة صح)
کما فی (الشرائع و النافع) إلی أوان السنبل کما فی (السرائر و التذکرة) (و الدروس و اللمعة) و ظاهر الأربعة الأخیرة بل صریحها أنه لا یشترط تعیین المدة بل یکفی أن یحال علی المتعارف من البلوغ لأنه مضبوط کما هو خیرة (المسالک و الروضة و الکفایة) و استدل فی (المسالک) بأن إطلاقهم یقضی بذلک و الأقوی کما فی (إیضاح النافع) أنه إن اشترط التبقیة فلا بد من ضبط المدة لئلا یتجهل الشرط لأن مدة البلوغ غیر مضبوطة بالزمان لاحتمال التقدم و التأخر و إن أطلق یلزم البائع إبقاءه إلی أوان إدراکه و بلوغه لأنه إذا لم یشترط کان التراضی علی الزرع و الإبقاء حکم شرعی لزم بلا معاوضة علیه و مع الشرط یکون له جزء من العوض فلا بد من عدم جهالته و لعله إلی ذلک أشار فی (النافع) حیث قال و لا بأس باشتراط تبقیته و مع إطلاق الابتیاع یلزم البائع إبقاءه إلی إدراکه و کذا الثمرة ما لم یشترط الإزالة انتهی (فتأمل) و قد حکموا بمثل ذلک فی عدة مواضع (منها) ما قالوه فی باب إجارة الأرض حیث یستأجرها مدة لزرع لا یکمل فیها من أنه لو شرط التبقیة إلی وقت البلوغ تجهل العقد و قد یشهد علی ذلک ما قالوه فیما لو استأجر أجیرا لینفذه فی حوائجه من أنه إن کانت نفقته علی المستأجر شرعا انصرفت إلی المتعارف و لا یحتاج إلی تعیین القدر و الوصف و إلا فإن شرطها اشترط العلم بالقدر و الوصف
(قوله ره) (و لو شرط الکتابة أو التدبیر صح)
هذا قد تقدم
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 735

[فروع]

اشارة

(فروع)

[الأول لو شرط أجلا یعلمان عدمهما قبله]

(الأول) لو شرط أجلا یعلمان عدمهما قبله کما لو شرط تأخیر الثمن ألف سنة أو الانتفاع بالمبیع کذلک فالأقرب الصحة علی إشکال (1) و لو شرطا أجلا مجهولا بطل البیع لاشتماله علی جهالة فی أحد العوضین (2)

[الثانی الأقرب تعیین الرهن المشروط]

(الثانی) الأقرب تعیین الرهن المشروط إما بالوصف أو المشاهدة (3)
______________________________
الکلام فیه و ظاهر (التذکرة و المهذب البارع) الإجماع علی صحة الکتابة و فی (غایة المرام) لا خلاف فی صحة اشتراط التدبیر و ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه فإن أطلق الشرط فی المکاتبة تخیر بأیّ قدر شاء إلا أن یزید علی (عن خ ل) القیمة و لم یرض العبد کما أنه یتخیر معه بین المطلقة و المشروطة و کأنه محل تأمل و إن عین القدر تعین کما لو عین إحدی الکتابتین و یأتی الکلام فیما لم یف المشتری بالکتابة أو التدبیر أو دبر ثم رجع فی تدبیره و قد تقدم الکلام فیما إذا اشترط أن لا خسارة
(فروع) (الأول) (قوله) (لو شرط أجلا یعلمان عدمهما قبله کما لو شرط تأخیر الثمن ألف سنة أو الانتفاع بالمبیع کذلک فالأقرب الصحة علی إشکال)
لعل وجه القرب عموم قوله علیه السلام المؤمنون عند شروطهم و إطلاق الأصحاب جواز الأجل المضبوط و القطع بالموت قبله قد یمنع (سلمنا) لکنا نمنع صلاحیته للتأثیر کالشک فی حیاته فی المدة القلیلة فکما لا یمنع الشک فکذلک الیقین کما فی (التذکرة) ثم إنه یلزم أن من کان مریضا أو مطعونا بسهم أو رمح یقطع بموته عادة لا یصح تأجیله سنة أو سنتین و هو بعید و أقصی ما یوجه به العدم عدم انتفاع البائع بالثمن و المشتری بالمبیع (و فیه) أنه یتحقق بانتفاع الوارث لأنه إذا أجل الثمن إلی المدة المذکورة سقط الأجل بموت من علیه الثمن و إن ثبت حینئذ للورثة الخیار کما قد یقال و إن کان الأصح عدمه هان الخطب علی أن وجه العدم لو کان صحیحا لوجب استثناؤه من عموم الشرط و یسقط وجه الصحة و لم یبق إشکال و فی (الإیضاح) (و حواشی الکتاب) أن الأقرب عدم الصحة و فی (جامع المقاصد) بعد أن رجح الصحة قال إن التوقف فی مثل ذلک طریق السلامة و الإشارة بقوله کذلک إلی ألف سنة فلیتأمل فی صحة مثل ذلک (و قوله) الأقرب الصحة علی إشکال قد وقع له مثله غیر مرة و قد تأولناها بوجوه
(قوله ره) (و لو شرطا أجلا مجهولا بطل لاشتماله علی جهالة فی أحد العوضین)
لأنه یشترط فی الأجل المشروط فی البیع أن یکون مضبوطا محروسا من الزیادة و النقصان فإذا کان الأجل المجهول فی الثمن کانت الجهالة فیه و إن کان فی المثمن فالجهالة فیه
(قوله) (الثانی الأقرب وجوب تعیین الرهن المشروط إما بالوصف أو المشاهدة)
کما فی (التذکرة و التحریر) (و الإیضاح و الدروس و جامع المقاصد) دفعا للغرر و حسما لمادة التنازع لمکان التفاوت الکثیر فی الرهون باعتبار تعلق الرغبات و سهولة بیعها و حاجة راهنها إلی فکها و عدم ذلک و احتمل فی (الدروس) صحة الإطلاق للأصل فیحمل علی حافظ الحق أی قائم بالمال فلا تخییر کما احتمله فی (الإیضاح) حیث قال و یحتمل الصحة و یتخیر الراهن و یحتمل انصراف الإطلاق إلی رهن و کفیل یقومان بالمال (انتهی) و فی (جامع المقاصد) أنه حینئذ یتخیر الراهن فی التعیین و لعل الأولی أن یقال إنه ینزل علی ما یصلح أن یکون رهنا لمثل ذلک فی العرف و العادة (فتأمل) و قضیة الاکتفاء بالوصف أنه لا یشترط أن یکون مشخصا فلو شرط ارتهان عبد حبشی موصوف بصفات السلم جاز و إن لم یکن له عبد فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 736
و تعیین الکفیل إما بالاسم و النسب أو المشاهدة أو الوصف کرجل موسر ثقة (1) و لا یفتقر إلی تعیین الشهود بل الضابط العدالة (2) فلو عینهم فالأقرب تعینه و هل یشترط مغایرة الرهن للمبیع نظر (3)
______________________________
الحال و لعل الاکتفاء بالصفة فی بعض الأحیان أولی من مشاهدة من لا یعرف حاله خصوصا فی الکفیل و استدل فی (الإیضاح) علی الأقربیة بعکس النقیض قال وجه القرب أن کلما یصح اشتراط رهنه یصح رهنه بالضرورة و یلزمه قولنا کل ما لا یصح رهنه لا یصح اشتراط رهنه و المجهول لا یصح رهنه و اعترضه فی (جامع المقاصد) بأن المقدمة الأولی و إن کانت صحیحة لأن ما لا یصح رهنه أصلا لو صح اشتراط رهنه لزم صحة اشتراط ما لا یصح شرعا إلا أن هذا لا یثبت به المدعی لأن المتنازع فیه هو اشتراط رهن مجهول فی وقت الاشتراط معلوم فی وقت الرهن و لا تناوله المقدمة المذکورة (نعم) لو کانت المقدمة هکذا کلما یصح رهنه یصح اشتراط رهنه سواء کان فی وقت الاشتراط معلوما أو مجهولا لتناول المتنازع فیه و توقف صحتها علی البیان کصحة المتنازع فیه و لا بد فی المقدمة الواقعة فی کلام الشارح من تقییدها بالوقت فإن کل ما یصح اشتراط رهنه یجب أن یکون رهنه فی الوقت الذی یطلب هو الإتیان بالشرط صحیحا حتی لو صح فی وقت کونه مجهولا اشتراط رهنه إذا صار معلوما لم یکن رهنه فی وقت الاشتراط صحیحا فلا بد من تقیید صحة وقوع الرهن بکونه معلوما علی أن العکس أیضا و هو کلما لا یصح رهنه لا یصح اشتراطه إذا لوحظ فیه ما قلناه کان صحیحا و لم یکن فیه دلالة علی ثبوت هذا المدعی و إن أجری علی إطلاقه کان محل المنع انتهی و کأنه غیر منقح (فلیتأمل فیه جیدا)
(قوله) (و تعیین الکفیل إما بالاسم و النسب أو بالمشاهدة «1» أو الوصف کرجل موسر ثقة)
المخالف الشافعی حیث شرط تعیین شخصه و بعض الشافعیة لم یشترط التعیین مطلقا بل إذا أطلق أقام من شاء و الکلام فیه کالرهن
(قوله) (و لا یفتقر إلی تعیین الشهود بل الضابط العدالة)
لأن الغرض من الشهادة قبولها شرعا و مناط ذلک العدالة لا الشخص المعین (و قد یقال) إن تفاوت الأغراض هنا متحقق کما فی الرهن و الکفیل فإن بعض العدول أوجه و عدالته أوضح و قوله أسرع قبولا (و فیه) أن هذه الجزئیات لا اعتبار بها لعدم انضباطها
(قوله) (فلو عینهم فالأقرب تعینهم)
کما فی (التذکرة) (و الدروس و جامع المقاصد) عملا بالشرط الغیر المخالف للکتاب و السنة و لتعلق الغرض بالتعیین غالبا کما عرفت آنفا (و وجه العدم) أن الغرض إثبات الحق عند الجحود و مناطه العدالة کما أشرنا إلیه آنفا (و فیه) ضعف و منع و علی کل حال لا یلزمهم التحمل
(قوله) (و هل یشترط مغایرة الرهن للمبیع نظر)
أقربه العدم کما هو خیرة (التذکرة و التحریر و المختلف و الدروس) و کأنه مال إلیه أو قال به الفخر فی (الإیضاح) و الشهید فی (الحواشی) و المحقق الثانی فی (جامع المقاصد) للأصل و اتفاق أصحابنا علی جوازه (علی جواز الشرط خ ل) فی البیع من غیر تفصیل کما فی (الحواشی) و لوجود المقتضی و انتفاء المانع إذ لیس هو إلا اقترانه بهذا الشرط و هو سائغ لا ینافی الکتاب و السنة فیکون لازما لقوله علیه السلام المؤمنون عند شروطهم و المخالف الشیخ فی (المبسوط) و ابن إدریس فقالا بالاشتراط و حکاه فی (السرائر) عن المفید و قال هذا معنی قول شیخنا المفید إذا اقترن إلی البیع اشتراط فی الرهن أفسده و إن تقدم أحدهما
______________________________
(1) کذا فی نسخ الکتاب و فی القواعد أو المشاهدة (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 737
نعم یشترط المغایرة فی البیع فلو قال بعتک هذا بشرط أن تبیعنی إیاه لم یصح و لو شرط أن یبیع فلا ناصح و لو أخل المشتری بالرهن أو الکفیل تخیر البائع (1) فإن أجاز فلا خیار للمشتری و لو امتنع الشاهدان اللذان عینا من التحمل تخیر البائع أیضا (2)
______________________________
علی صاحبه حکم له به دون المتأخر (و احتج) الشیخ بأنه شرط أن یرهن ما لا یملک و بأن البیع یقتضی إیفاء الثمن من غیر ثمن المبیع و الرهن یقتضی إیفاء الثمن من ثمن المبیع و ذلک متناقض و أن الرهن یقتضی أن یکون المبیع أمانة و البیع یقتضی أن یکون مضمونا علیه و ذلک متناقض (و ربما احتج) بأن المشتری لا یملک رهن المبیع إلا بعد صحة البیع فلا یتوقف علیه صحة البیع و إلا دار (و ربما قرر) الدور بعبارة أخری و هی أن لزوم التصرفات معلولة للزوم البیع فلو کانت علة فیه دار (و الجواب) أن الرهن إنما یتم بعد کمال العقد و هو حینئذ مملوک ثم إن کون الرهن مملوکا و کون الدین ثابتا إنما هما شرطان فی صحة الرهن و لیستا شرطین فی اشتراط الارتهان مع أن الشیخ جوز ما هو أبعد منه مثل بعتک هذا الشی‌ء بألف و ارتهنت منک هذا الشی‌ء بالثمن فیقول المشتری اشتریت منک بألف و رهنتک هذا الشی‌ء فیحصل عقد البیع و عقد الرهن معا و فرق تام بین أن یقتضی البیع إیفاء الثمن من غیر ثمن المبیع و بین أن لا یقتضی إیفاء الثمن من ثمن المبیع فالثانی أعمّ و هو المسلم دون الأول و لا تناقض بین العام و إیفاء الثمن من المبیع بخلاف الخاص و الضمان خرج بجعله رهنا فلا تناقض ثم إن قوله فی المقام ببطلان البیع و الرهن معا یقتضی بطلان العقد إذا تضمن شرطا فاسدا و هو خلاف ما تقدم له و خلاف ما صرح به فی (الخلاف) فی باب الرهن (و أنا نقول) بأن صحة البیع لا تتوقف علی الرهن و نسلم ذلک فلا دور بالتقریر الأول و لا استبعاد فیکون المعلول أعنی التصرفات علة لصفة علته و هی اللزوم فلا دور بالثانی «1» ثم إن ذلک لا ینافی کون مقتضی البیع عند الإطلاق إجبار البائع علی الابتداء بالتسلیم إن قلنا به لأنا نقول إن ذلک إذا لم یشترط ذلک و کذلک الحال فیما إذا قلنا إنهما یجبران معا و أما المفید فإن الشیخ فسر کلامه هذا بمعنی آخر فی المسائل الحائریات لکن تفسیره کأنه غیر واضح و لو رهنه بالثمن من غیر شرط صح عندنا مطلقا قبل القبض و بعده کما فی (التذکرة) و کذا لو شرط أن یرهنه المبیع بالثمن بعد القبض و یرده إلیه فإنه یصح البیع و الشرط عندنا کما فی (التذکرة) أیضا
(قوله) (نعم یشترط المغایرة فی البیع فلو قال بعتک هذا بشرط أن تبیعنی إیاه لم یصح)
هذا قد تقدم فیه الکلام مستوفی فی باب النقد و النسیئة
(قوله) (و لو أخل المشتری بالرهن أو الکفیل تخیر البائع)
کما فی (المبسوط و التحریر و الدروس) و موضع من التذکرة (و ظاهر الشرائع و اللمعة و غایة المرام) و غیرها و اختیر فی (المسالک و الروضة و الکفایة) أنه یجبر المشتری علی الوفاء و فی (التذکرة) أنه أولی و نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) و فی باب القرض أنه لو أجله فی شرط لازم لزم صرح به فی (التذکرة و الإرشاد و التنقیح و غایة المرام و إیضاح النافع و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) (و الکفایة) و غیرها کما سیأتی فی الباب المذکور تمام الکلام و سیأتی فی باب الرهن ما له مزید فائدة فی المقام و قد تقدم الاحتجاج لکل من القولین فی أول باب النقد و النسیئة و رجحنا أنه یجبر علی الوفاء
______________________________
(1) التصرف اللازم معلول للزوم البیع و التصرف الغیر اللازم علة للزوم کما فی تصرف المشتری فی زمن الخیار (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 738
و لو هلک الرهن أو تعیب قبل القبض أو وجد به عیبا قدیما تخیر البائع أیضا و لو تعیب بعد القبض فلا خیار (1)

[الثالث لو باعه العبد بشرط العتق مطلقا]

(الثالث) لو باعه العبد بشرط العتق مطلقا أو عن المشتری صح (2)
______________________________
لمکان إجماعی (الغنیة و السرائر) و فصل الشهید فی بعض تحقیقاته (فقال) الشرط الواقع فی العقد اللازم إن کان العقد کافیا فی تحققه و لا یحتاج بعده إلی صیغة فهو لازم لا یجوز الإخلال به کشرط الوکالة فی العقد و إن احتاج بعده إلی أمر آخر وراء ذکره فی العقد کشرط العتق فلیس بلازم بل یقلب العقد اللازم جائزا و جعل السر فیه أن اشتراط العقد کاف فی تحققه کجزء من الإیجاب و القبول فهو تابع لهما فی اللزوم و الجواز و اشتراط ما سیوجد أمر منفصل عن العقد و قد علق علیه العقد و المعلق علی الممکن ممکن و هو معنی قلب اللازم جائزا (قلت) و بذلک یرتفع التعجب من أن اشتراط الجائز فی اللازم یجعل الجائز لازما و اشتراط اللازم فی اللازم یجعل اللازم جائزا و قد جعل الشهید الثانی هذا التفصیل أجود من القول بأنه یتخیر و هو محل التأمل (فلیتأمل) فیه و یبقی الکلام فیما إذا شرط الوکالة مثلا فی عقد لازم ثم عزله فهل ینعزل و یصیر الشرط کالعدم أو لا ینعزل و یصح تصرفه قبل الإجبار أو الاختیار و هل تخرج الوکالة باشتراطها عن الجواز بالکلیة و تصیر لازمة من الجانبین مثل العقد الذی شرطت فیه فلیس لأحدهما العزل و الانعزال بل (قد یقال) إنها لا تسقط بالتقایل فتزید علی الأصل أو لا تخرج عن الجواز بالکلیة بل نفعها للمشترط فقط لیحصل له التسلط علی الفسخ بادئ بدء أو بعد عدم التمکن من إجباره لعدم الحاکم ظاهر (التذکرة) أو صریحها فی باب القرض الأول (فلیتأمل) و الأکثرون علی الثانی هذا إذا لم یکن لغیرهما مدخل کشرط العتق کما ستعرف و کذا یتخیر ما لو امتنع الکفیل من الکفالة و لا یقوم کفیل مقام آخر لتفاوت الأغراض فی خصوصیات الأعیان و لا یبعد أن له إجباره علی ذلک إذا کان المنع من قبل العاقد کما مر و یأتی مثله فی الشاهدین المعینین إذا امتنعا من التحمل و هل هذا الخیار علی الفور أو التراخی وجهان تقدم مثلهما غیر مرة
(قوله) (و لو هلک الرهن أو تعیب قبل القبض أو وجد به عیبا قدیما تخیر البائع أیضا)
کما فی (التذکرة) (و التحریر) و کذا (الدروس) و لیس له الأرش و لا المطالبة بالبدل و کذا لو هلک الضمین قبل الضمان و المراد بقبلیة القبض قبیلته فی الرهن «1» و ینبغی أن یکون هذا بناء علی اشتراط القبض فی الرهن لتحقق کمالیة الرهن بدونه علی القول الآخر
(قوله) (و لو تعیب بعد القبض فلا خیار)
کما فی (التذکرة و التحریر) و کذا لو هلک بعده و لو اختلفا فی زمن حدوث العیب حکم لمن قامت القرینة علی صدقه و إن احتمل الأمران احتمل تقدیم قول الراهن عملا بصحة العقد «2» و قول المرتهن لعدم ثبوت قبضه للجزء الفائت (فتأمل) و لو اختلفا فی تلفه فالقول قول منکر القبض
(قوله) (الثالث لو باعه العبد بشرط العتق مطلقا أو عن المشتری صح)
قد سمعت فیما مضی الإجماعات علی صحة اشتراط عتق العبد و هذا الإطلاق یشمل ما لو شرط عتقه عن المشتری و أطلقه و شرطه عن البائع و عن کفارة و تبرعا و بعوض و فی (المسالک) الإجماع علی اشتراط صحة عتقه عن المشتری و هو مما لا ریب فیه لأنه أظهر أفراد الإطلاق بل
______________________________
(1) أی لا فی المبیع (منه)
(2) قد یعضد الظاهر هذا الأصل فالأقوی تقدیم الراهن لمکان الأصلین و الظاهر و فی الجانب الآخر أصلان لا غیر فتأمل (منه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 739
و الأقرب أنه حق للبائع لا للّه تعالی (1) فله المطالبة به و لو امتنع المشتری تخیر البائع فی الفسخ و الإمضاء لا إجبار المشتری
______________________________
قال فی (الدروس) یحمل مطلقا علیه و قال فی (التذکرة) یجوز اشتراط العتق مطلقا و بشرط أن یعتقه عن المشتری و به قال الشافعی أما لو شرط العتق عن البائع فإنه یجوز عندنا خلافا للشافعی لأنه شرط لا ینافی الکتاب و السنة فعلی هذا قد یکون المتبادر من قوله فی عبارة الکتاب مطلقا تجرید الشرط عن التقیید بواحد معین (و حینئذ) فیفهم منها أن اشتراط العتق عن البائع لا یجوز کمقالة الشافعی و هو خیرة الشهیدین فی (الدروس و المسالک و الروضة) و الفاضل المقداد و تأمل فیه المولی الأردبیلی لأنه لا عتق إلا فی ملک (و قد یقال) بوقوعه فی الملک فیما نحن فیه لکون المعتق و هو المشتری مالکا و لا دلیل علی اشتراط ملکیة المعتق عنه (فلیتأمل) و کیف کان فالأصل صحة هذا الشرط عملا بعموم ما دل مستفیضا علی وجوب الوفاء بالشروط التی لا یمنع منها کتاب و لا سنة مضافا إلی إطلاقات الإجماعات المستفیضة (نعم) إن کان هناک تأمل فلیکن فی هذا الشرط بجمیع أقسامه لمنافاته لمقتضی العقد (و یجاب) بأنا لا نقول بالکلیة المشهورة من فساد الشروط المنافیة له إذ قد عرفت الحال فیها سلمنا لکنا نقول إنها مخصصة بهذا الشرط لمکان الأدلة القاهرة و أما عتق هذا العبد عن الکفارة فقد أطلق فی (إیضاح النافع) جواز ذلک (و التحقیق) أن یقال إن کان البائع شرط عتقه عن کفارة المشتری أجزأه و به صرح فی (التذکرة و المهذب البارع و غایة المرام) و غیرها و ظاهر الأخیر الإجماع علیه و یکون فائدة الشرط التخصیص لهذا العبد بالإعتاق و إن لم یشترط بنی علی أن العتق هل هو حق للّه تعالی أو للبائع أو للعبد أو للجمیع کما یأتی بیان الوجه فی کل منها فإن قلنا الحق للّه سبحانه لم یجز کالمنذور و کذا إن قلنا إنه للبائع إن لم یسقط حقه فإن أسقطه جاز لسقوط وجوب العتق کما صرح بذلک فی (التذکرة) (و المهذب البارع و غایة المرام و المسالک) و إن قلنا إنه للعبد أجزأ لوقوع العتق فی الجملة و وقوع مراد العبد کما فی (المهذب البارع) و علی القول بأن الحق للجمیع إذ لا منافاة بین هذه الحقوق لا یصح مطلقا و أما إذا کانت الکفارة علی البائع فعند القائل بعدم وقوعه تبرعا فهنا أولی بالمنع و أما عتقه تبرعا فلا شبهة فی جوازه بشرط أن یکون بسبب مباح دون ما إذا نکل به فالعتق و ظاهر الشرط یقتضی إیقاعه مباشرة مجانا فلو شرط علیه عوضا من خدمة و غیرها لم یأت بالشرط و یأتی حکمه
(قوله) (و الأقرب أنه حق للبائع لا للّه سبحانه)
لأنه ثبت بفعله و ربما تسامح لأجله کما هو ظاهر (المبسوط و التحریر) حیث اختیر فیهما عدم إجبار المشتری علی العتق و هو یدل علی أنه حق للبائع لا للّه سبحانه و تعالی شأنه کما أنه ظاهر (الشرائع) و غیرها مما خیر فیه البائع بین الفسخ و الإمضاء بل کاد یکون صریحها لو لا تحقیق ستسمعه و ظاهر الشهید فی (الدروس) أنه حق للّه تعالی لأنه کالملتزم بالنذر فی حقهما و لأنه شرط یقتضی زوال الملک عن جمیع الملاک فلا یکون حقا لغیر اللّٰه جل شأنه و فی (التذکرة) أن العتق المشروط اجتمع فیه حقوق حق اللّٰه جل شأنه و حق البائع و حق العبد (انتهی) و هو خیرة المحقق الثانی و الشهید الثانی (و قد یقال) علیه إنه لو کان للبائع بعض الحق لم تکن له المطالبة بالجمیع و التحقیق فی ذلک کما فی (جامع المقاصد) أن العتق فیه معنی القربة و العبادة و ذلک للّه جل اسمه و زوال الحجر و هو حق للعبد و فوات المالیة علی الوجه المخصوص و هو حق البائع و لما لم یکن للّه سبحانه و لا للعبد تعلق بالمالیة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 740
فإن تعیبت أو أحبلها المشتری أعتق و أجزأه لبقاء الرق (1) و إن استعمله أو أخذه من کسبه فهو له (2) و لو مات أو تعیب بما یوجب العتق رجع البائع بما نقصه شرط العتق (3)
______________________________
ساغ قطع النظر فی البحث عن ذلک لأن البحث هنا إنما هو لأجل تحقیق ما یترتب علی ذلک من أحکام المالیة فحسن إطلاق کون الشرط حقا للبائع فیکون ما فی الکتاب مع صحته أحسن مما فی (التذکرة) و إن کان کل منها صحیحا (و یبقی الکلام) فی تفریعات الکتاب و تطبیقها علی هذا التحقیق مع التوفیق بین ما هنا و ما فی (التذکرة) فقد فرع المصنف هنا علی کونه حقا للبائع أن له المطالبة به و قضیته أنه علی تقدیر کونه حقا لغیره أن لیس له المطالبة به و الذی فی (التذکرة) یخالف ذلک لأنه قال فیها و إن قلنا إنه حق للبائع فله المطالبة به قطعا و إن قلنا إنه حق للّه تعالی فکذلک عندنا و هو أصح وجهی الشافعیة و له وجه آخر أنه لیس للبائع المطالبة إذ لا ولایة له فی حقوق اللّٰه تعالی و علی ما اخترناه نحن للعبد المطالبة علی إشکال ثم قرب أن له المطالبة و فرع هنا علی ذلک أنه لو امتنع تخیر البائع بین الفسخ و الإمضاء و لیس له إجبار المشتری و لو کان کله حقا للّه تعالی أو له سبحانه بعض الحق أجبر کما عرفت مضافا إلی ما عرفته آنفا فی بیان عتقه عن الکفارة (فلیتأمل) فی هذا التحقیق و ما أراد منه محققه و إلا فهو فی نفسه ظاهر لا ریب فیه و یجب تقیید قول المصنف و لو امتنع تخیر بما إذا کانت المدة معینة أو امتنع بالکلیة فلو قال أعتقه فی وقت آخر لم یتسلط نعم لو ماطل و عرف منه الترک عرفا تسلط و ینبغی أن یقرأ قوله لا إجبار المشتری بالجر عطفا علی الإمضاء إذ لا یحسن عطفه علی الفسخ لأن التخییر فی شی‌ء واحد لا یستقیم (فتأمل)
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)؛ ج‌4، ص: 740
(قوله) (فإن تعیبت أو أحبلها المشتری أعتق و أجزأه لبقاء الرق)
قال فی (التذکرة) إذا صارت أم ولد و أعتقها صح عندنا و قال إن الإحبال کالإتلاف و قضیته أنه یرجع بالقیمة و لا یثبت له الفسخ لو امتنع المشتری من الإعتاق و إن قلنا إنه یثبت له الفسخ لکون حقه أسبق کان من المواضع التی تباع فیها أم الولد و لم یذکره الشهید الثانی فی (الروضة) من جملة تلک المواضع و أما مع التعیب الذی لا یوجب العتق فیحتمل أن یکون للبائع الفسخ فیطالبه بأرش العیب و ستسمع الشأن فیما یوجب العتق بقسمیه
(قوله) (و إن استعمله أو أخذ من کسبه فهو له)
أی للمشتری کما فی (التذکرة و الدروس) و کذا إن امتنع من عتقه لأنا أن أجبرناه علی العتق لم یضمن شیئا و إن خیرنا البائع ففسخ فکذلک لأن النماء المتجدد فی زمان خیار البائع للمشتری سواء فسخ بعد ذلک أم لا
(قوله) (و لو مات أو تعیب بما یوجب العتق رجع البائع بما نقصه شرط العتق)
إلی آخره احتمل فی (التحریر) فیما إذا مات بتفریط المشتری أو بدونه ثلاثة احتمالات استقرار الثمن علیه و لا شی‌ء علیه و أن یکون للبائع الرجوع بما یقتضیه الشرط من النقصان و تخییر البائع بین إجازة البیع بجمیع الثمن و بین فسخه فیرجع بالقیمة أی و یرد الثمن إن کان قد قبضه و اقتصر فی (الشرائع) (و الدروس) علی تخییر البائع و هو الذی قواه فی (المبسوط) و فی (المسالک) لا کلام فی ذلک و الاحتمال الأول لم نجده إلا فی (التحریر) نعم حکاه عنه الشهید فی (حواشی الکتاب) و حکاه فی (التذکرة) فی جملة احتمالات الشافعیة و ظاهر محتمل هذا الاحتمال أنه لا خیار للبائع و لهذا قال فی (غایة المراد) إنه ضعیف جدا و إلا لم تثبت فائدة للشرط (و أما) الاحتمال الثانی الذی اختاره المصنف هنا ففی (حواشی الکتاب) أنه المنقول و قد حکاه فی (المبسوط) قولا و کذا فی (الدروس)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 741
فیقال کم قیمته لو بیع مطلقا و بشرط العتق فیرجع بالنسبة من الثمن (1) و له الفسخ فیطالب بالقیمة و فی اعتبارها إشکال (2)
______________________________
مصرحا بضعفه و هو کذلک و إلا لاطرد فی کل شرط فیثبت مع التدلیس و قد نصوا علی أن لا أرش مع التدلیس (فتأمل) و جعله أی هذا الاحتمال فی (المسالک) مترتبا علی ما إذا خیرنا البائع و اختار الإمضاء و لم یجعله قولا علی حده و لا احتمالا برأسه من أول الأمر و حکی فیه الخلاف (و فیه) مع عدم تحریره خلل فی النقل لأن ظاهر قائله أن ذلک له من أول الأمر و لا خیار له فلیلحظ (المبسوط) و غیره و ذلک لا یمنع ترتبه علی ما إذا قلنا له الخیار و اختار الإمضاء کما یفهم من (الدروس) إلا أن تقول إن بقاء الخیار مع الموت مجمع علیه و فیه علی تقدیر تسلیمه و إلا فظاهرهم خلاف ذلک أنه إنما یتخیر بین الفسخ و الإمضاء بالثمن لا غیر کما هو ظاهر (المبسوط) و غیره فی بیان القول بالخیار نعم ما فهمه فی (المسالک) قد یفهم من عبارة (الدروس) بعد ملاحظة أطرافها و استند المصنف إلی أن الشرط یقتضی نقصانا و لم یحصل و ضعفه فی (الدروس) بأن الشروط لا یوزع علیها الثمن ذکر ذلک فیما إذا انعتق علیه قهرا و ظاهره أنه إذا أجاز تعین علیه ما عین من الثمن و قد تقدم أنه فی (الدروس) اقتصر علی تخییر البائع فیما إذا مات و الجمع ممکن بل ظاهر فلا تغفل عن ذلک کله و رد تضعیف (الدروس) بأن الثمن لم یوزع علی الشرط بحیث یجعل بعضه مقابلا له و إنما الشرط محسوب مع الثمن و قد حصل باعتباره نقصان فی القیمة و هل هذه الوجوه متفرعة علی أن العتق للبائع أو مطردة سواء قلنا للبائع أو للّه سبحانه وجهان و الظاهر الثانی و أما إذا تعیب بما یوجب العتق کما إذا صار مجذوما أو مقعدا أو أعمی فلیس فیه إشکال التنکیل لأن ذلک لیس من فعل المولی و به فرق المصنف بین المسألتین فجزم بهذه و استشکل فی تلک و مثل العیب الذی یوجب العتق ما إذا انعتق علیه قهرا کما إذا باعه أباه و البائع جاهل بکونه أباه
(قوله) (فیقال کم قیمته لو بیع مطلقا و بشرط العتق فیرجع بالنسبة من الثمن)
یرید بیان طریق معرفة ما یقتضیه الشرط و هو أن یقوم العبد بدون الشرط و یقوم معه و ینظر التفاوت بین القیمتین و ینسب إلی القیمة التی هی مع الشرط العتق و یؤخذ من المشتری مضافا إلی الثمن بمقدار تلک النسبة من الثمن فلو کانت قیمته بدون الشرط مائة و معه ثمانین فالتفاوت بعشرین نسبتها إلی الثمانین الربع فیؤخذ من المشتری مقدار ربع الثمن مضافا إلیه و ذلک هو الذی تسامح به البائع فی مقابلة شرط العتق فلو کان الثمن ستین أضیف إلیه خمسة عشر أخری فیکون التقدیر فی عبارة (الکتاب) یرجع البائع علی المشتری بمقدار تلک النسبة من الثمن فیکون متعلق من محذوفا علی أنه حال من النسبة و یأتی الکلام فی تعیین کیفیة اعتبار القیمة
(قوله) (و له الفسخ فیطالب بالقیمة)
کما طفحت به عباراتهم لعدم الوفاء بالشرط فیدفع ما أخذه من الثمن إن کان قد دفع و یطالب بجمیع القیمة و هذا أحد الوجوه التی احتملها فی التحریر
(قوله) (و فی اعتبارها إشکال)
جعل فی (الإیضاح) الإشکال فی موضعین الأول فی تعیین اعتبار وقتها و الثانی فی تعیین کیفیة اعتبارها و لم یرجح فیهما شیئا و عبارة (التذکرة) کالکتاب و الذی فهمه الشهید فی حواشیه أن الإشکال فی الموضع الأول و هو الذی ذکره الشهیدان فی (غایة المراد و المسالک) و بیانه أنه یحتمل أن تعتبر قیمته یوم التلف لأنه وقت الانتقال إلی القیمة إذ قبلها کان الحکم متعلقا بالعین و لأن ضمان العین لا یقتضی ضمان القیمة مع وجودها و یحتمل اعتبار قیمته یوم القبض لأنه أول دخوله فی ضمان المشتری
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 742
و فی التنکیل إشکال (1) و لو باعه أو وقفه أو کاتبه تخیر البائع بین الفسخ و الإمضاء (2) و إذا أعتق المشتری فالولاء له (3) و لو شرطه البائع لم یصح (4)

[الرابع لو شرط أن الأمة حامل صح]

(الرابع) لو شرط أن الأمة حامل أو الدابة کذلک صح أما لو باع الدابة و حملها و الجاریة و حبلها بطل لأنه کما لا یصح بیعه منفردا لا یصح جزءا من المقصود و یصح تابعا (5)
______________________________
و هذا لم یذکره فی (الإیضاح) بل احتمل بدله أعلی القیم من حین القبض إلی التلف لأنه فی جمیع ذلک مضمون علیه و ضعف الوجهین الأخیرین ظاهر و لذا قال المحقق الثانی إن حق الإشکال أن یکون فی الثانی و بیانه (و منشؤه خ ل) من احتمال قیمة عبد مشروط العتق لأنه کذلک دخل فی ضمان المشتری لأنه المقبوض و المبیع و من احتمال قیمة عبد سلیم عن الاشتراط لأن الشرط حق للمشترط أی البائع و هو محسوب من جملة الثمن و لم یأت به المشتری و مجموع العبد مضمون فعند الفسخ یصیر العبد مجردا عن البیع و الشرط و بعبارة أخری أنه شرط لم یستعقب حکمه فلم یکن به اعتبار
(قوله) (و فی التنکیل إشکال)
أقواه عدم الإجزاء کما فی (التذکرة و الإیضاح) (و حواشی الکتاب و الدروس و المهذب البارع و غایة المرام و جامع المقاصد و مجمع البرهان) لأنه لو ذکره صریحا لم یصح الشرط فإذا لم یذکره أولی أن لا یدخل فی الشرط لأن المشترط عتق هو قربة لا معصیة فیأتی فیه ما سبق من الفسخ أو الرجوع بما یقتضیه شرط العتق و أقصی ما یوجه به الإجزاء حصول العتق (و فیه) أن الحاصل غیر المشترط و قد عرفت آنفا الفرق بین هذا و بین ما إذا تعیب بما یوجب العتق
(قوله) (و لو باعه أو وقفه أو کاتبه تخیر البائع بین الفسخ و الإمضاء)
کما فی (التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و الروضة) لأن الشرط لم یحصل فإن فسخ بطلت هذه العقود لوقوعها فی غیر ملک تام کما فی (التذکرة) و إن قلنا إنه حق للّه سبحانه وقعت باطلة کما فی (غایة المرام) لأن تصرف المشتری بکل ما ینافی العتق تصرف غیر مستحق له شرعا و فی (الدروس) لو أسقط البائع الشرط جاز إلا فی العتق لتعلق حق العبد و حق اللّٰه تعالی به و فی (التذکرة) عبارة تعرض لحالها فی (جامع المقاصد) و لو أن هذا المشتری باعه بشرط العتق فالوجه بطلان البیع الثانی کما فی (التحریر و التذکرة و المهذب البارع)
(قوله) (و إذا أعتق المشتری فالولاء له)
لقوله صلی اللّٰه علیه و آله و سلم الولاء لمن أعتق و هو خیرة (الإیضاح و حواشی الکتاب) فی باب الولاء (و جامع المقاصد) و قال فی باب الولاء من الکتاب لو اشتری عبدا بشرط العتق فلا ولاء لمعتقه لوجوبه علی إشکال و احتمل فی (التذکرة) إلحاقه بالواجب من نذر و شبهه لوجوبه علیه بعقد البیع و إجباره علی فعله و بالمتبرع به إذ له الإخلال بالشرط فیثبت الخیار للبائع فکان العتق فی الحقیقة مستندا إلی اختیاره فیکون متبرعا به فعلی الأول لا ولاء للبائع و لا للمشتری و علی الثانی للمشتری و الأول قوی جدا و کأنه فی (الدروس) متردد حیث تعرض لبقیة أحکامه و لم یتعرض لهذا الحکم أصلا و التردد صریح (المهذب البارع و غایة المرام)
(قوله) (و لو شرطه البائع لم یصح)
کما فی (الدروس و جامع المقاصد) و به صرح المصنف فیما یأتی من الکتاب لأنه شرط مخالف للسنة و فی صحة البیع خلاف تقدم
(قوله) (الرابع لو شرط أن الأمة حامل أو الدابة کذلک صح أما لو باع الدابة و حملها و الجاریة و حبلها بطل لأنه کما لا یصح بیعه منفردا لا یصح جزءا من المقصود و یصح تابعا)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 743

[الخامس لو باعه متساوی الأجزاء علی أنه قدر معین فزاد فالزیادة للبائع]

(الخامس) لو باعه متساوی الأجزاء علی أنه قدر معین فزاد فالزیادة للبائع و لا خیار للمشتری (1)
______________________________
هذا قد تقدم الکلام فیه مستوفی فی موضعین (الأول) فی الفرع السادس من فروع المقصد الثالث فی العوضین فی أوائل الکتاب (و الثانی) فی الفرع الثامن من فروع المقصد السادس فی أحکام العقد و ما یندرج فیه و بینا هناک أن لهم ثلاثة ضوابط و أن الثالث منها و لعله أراده المصنف هنا لیس بشی‌ء و أن المدار علی ضابط ضبطه فی الموضع الأول و اعتمده فی عدة مواضع من (المختلف) و أن الضابط الثانی لیس بذلک البعید لمکان الخبر فتدبر
(قوله) (الخامس لو باعه متساوی الأجزاء علی أنه قدر معین فزاد فالزیادة للبائع و لا خیار للمشتری)
أما أن الزیادة حینئذ للبائع فهو صریح (المبسوط و التحریر و الإرشاد و التبصرة و التنقیح) و ظاهر (الدروس) فی موضع منه حیث جعل الزیادة فیه أمانة و فی (مجمع البرهان) لا شک فی أنها للبائع و فی (التنقیح) لا کلام فی أن الزیادة فی متساوی الأجزاء یردها المشتری و فی (غایة المرام) أن المشهور أن متساوی الأجزاء یقسط الثمن علی أجزائه فی الزیادة و النقصان و حکی فی (الإیضاح) عن الشیخ أن الزیادة فی المتفق للمشتری و صریح (المبسوط) ما عرفت و ظاهر هؤلاء أن لا خیار للبائع و لعله لتقصیره و الأصل فی البیع اللزوم و الذی استقر علیه رأی المصنف فیما یأتی أنه یثبت حینئذ للبائع الخیار فی الفسخ و الإمضاء بجمیع الثمن و لیس له شی‌ء فی المبیع و هو الذی صححه ولده فی (شرح الإرشاد) و قواه فی (شرح الکتاب) و ظاهر (التذکرة) اختیاره و کذا المولی الأردبیلی حیث قال إنه ظاهر القوانین و مال إلیه صاحب (جامع المقاصد) و قال فی (المختلف) الأقرب أن یتخیر البائع بین تسلیم المبیع زائدا و بین تسلیم القدر المعین المشروط فإذا رضی بتسلیم المبیع زائدا فلا خیار للمشتری لأنه زاده خیرا و إن امتنع من تسلیمه زائدا فللمشتری الخیار بین الفسخ و الأخذ بجمیع الثمن المسمی و قسط الزائد فإن رضی بالأخذ فالبائع شریک له بالزائد و هل للبائع خیار الفسخ یحتمل ذلک لتضرره بالمشارکة و أن لا خیار له لأنه رضی ببیع الجمیع بهذا الثمن فإذا وصل إلیه الثمن فی البعض کان أولی و لأن الضرر حصل بتغریره و إخباره بالکذب فلا یتسلط به علی الفسخ و هذا و إن ذکره فی مختلف الأجزاء إلا أنه قال فی (المختلف) بعد ذلک إنهما سواء فی الحکم و مثل ذلک قال فی (التذکرة و نحوه ما فی (المسالک) و غیرها و علی هذا یکون الحکم بکون الخیار للبائع بین الفسخ و الإمضاء بجمیع الثمن خیرة القاضی (و الشرائع) لأنهما ذکرا ذلک فی مختلف الأجزاء (و کیف) کان فالوجه فی ذلک أن المبیع هو العین الشخصیة الموصوفة بکونها مقدارا مخصوصا بالثمن المعین و فوات الوصف لا یخرج الجمیع عن کونها مبیعا فیتخیر البائع لفوات الوصف بین الفسخ و الإجازة بالثمن لکن الشیخ فی (المبسوط) صرح بالفرق بین الزیادة فی مختلف الأجزاء و متفقها فاستظهر فی الأول ثبوت الخیار للبائع بین الفسخ و الإجازة بجمیع الثمن و احتمل بطلان البیع و فی الثانی أن الزیادة للبائع لأن الثمن ینقسم علی أجزاء الطعام لتساویها و قال فی (الوسیلة) فی مختلف الأجزاء للبائع الخیار بین الفسخ و الإمضاء فیکون شریکا بقدر الزیادة انتهی (فلیلحظ) هذا و تمام الکلام فی مختلف الأجزاء إذا زاد و أما أنه لا خیار للمشتری علی تقدیر کون الزیادة للبائع کما فی الکتاب فهو خیرة (التحریر) و لعله استند إلی أن الأصل اللزوم فی البیع و أن الحال فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 744
و لو نقص تخیر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بقدر حصته من الثمن (1) و لو کان مختلف الأجزاء فنقص تخیر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بقدر حصته من الثمن علی رأی (2)
______________________________
هذه الزیادة کالحال فیما إذا باعه قفیزا من صبرة فإنه محتاج إلی الکیل و التمییز فلیکن هذا مثله (فتأمل) و الذی جزم به فی (التبصرة) أنه حین کون الزیادة للبائع یکون للمشتری حینئذ الخیار بین الفسخ و الرضا بالمبیع للشرکة التی هی عیب عندهم و لم یدخل علی الرضا بها و لتبعض الصفقة و هو خیرة (الدروس) فی موضع منه و کذا (المسالک) و فی (جامع المقاصد) ینبغی الجزم به و احتمله فی (مجمع البرهان) و قال إنه ظاهر (القوانین) و قد سمعت ما فی (المختلف) و مثله ما فی (التذکرة) و قال ابن إدریس فیما إذا زاد مختلف الأجزاء للمشتری الخیار بین الرد و استرجاع الثمن و بین إمساک المبیع و یکون شریکا للبائع ثم قال و لی فی هذه المسألة نظر و تأمل فإن کانت المسألتان من سنخ واحد کان مترددا فیما نحن فیه و تمام الکلام یأتی فی مختلف الأجزاء و احتمال البطلان فیما نحن فیه غیر ظاهر وجهه کما فی (جامع المقاصد)
(قوله ره) (و لو نقص تخیر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بقدر حصته من الثمن)
کما هو خیرة (المبسوط و الشرائع و التحریر و التبصرة) (و المختلف و الدروس و اللمعة و التنقیح و الروضة) و ظاهر (غایة المراد و غایة المرام) و فی الأخیر أنه المشهور و فی (مجمع البرهان) أنه ظاهر (القوانین) و هو لازم (للنهایة و السرائر و الإرشاد و إیضاح النافع) حیث حکموا بذلک فی مختلف الأجزاء فهذا أولی فتکون الروایة کما ستسمع مؤیدة لما نحن فیه أیضا و قد ادعی جماعة کما ستسمع علی ذلک فی مختلف الأجزاء أنه مذهب الأکثر و فی (الریاض) أن جماعة ادعوا علیه الشهرة و ذلک کله جار فیما نحن فیه لأن کل من قال به هناک قال به هنا و قد وجدت جماعة یأخذون هذه فی ضمن الاستدلال علی تلک مسلمة کالمصنف فی (المختلف) و کالشهید فی (غایة المراد) و أبی العباس و الصیمری و غیرهم (و حجتهم) بعد ما عرفت أن المبیع مقدر معین و لم یحصل ذلک القدر فیقسط الثمن علیه و علی الفائت إن اختار المشتری الإمضاء و التقسیط ممکن بسبب تساوی الأجزاء و الذی استقر علیه رأی المصنف فیما یأتی أن له الخیار بین الفسخ و الإمضاء بالجمیع و هو خیرة ولده فی (الإیضاح) و فی (الحواشی و المیسیة و الکفایة) أنه أقوی و فی (المسالک) أنه متجه و مال إلیه فی (جامع المقاصد) لأن مجموع المبیع المقابل لمجموع الثمن هو ذلک الموجود غایة ما هناک أنه لم یعلم بالنقصان فیکون من فوات الوصف فتأمل فیه و لم یرجح فی (التذکرة و المفاتیح) شی‌ء من القولین و علی المشهور لا یسقط الخیار إذا حط البائع من الثمن قدر النقصان کما فی (التذکرة و غایة) (المرام و إیضاح النافع)
(قوله) (و لو کان مختلف الأجزاء فنقص تخیر المشتری بین الفسخ و الإمضاء بقدر حصته من الثمن علی رأی)
هو مذهب الأکثر کما فی (الإیضاح و غایة المرام و المسالک) و فی (المختلف) أن مذهب الشیخ فی (المبسوط) لا یجی‌ء علی مذهبنا فالحظه و هو خیرة (النهایة و السرائر و الشرائع) (و الإرشاد و المختلف و التبصرة و الکتاب) فی باب الصرف (و الدروس و إیضاح النافع) و قد مال أو قال به صاحب (التنقیح) و المقدس الأردبیلی و صاحب (الریاض) بل قد یلوح من (غایة المراد) المیل إلیه فی آخر کلامه و مرادهم أنه لا یقسط الثمن بالنسبة إلی الأجزاء لاختلافها بل بالنسبة من قیمة الأرض مثلا حال کمالها و نقصها (و حجتهم) علی ذلک الخبر المؤید بالنظر و عمل جماعة من الأصحاب کما فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 745
..........
______________________________
(التنقیح و إیضاح النافع) و ضعفه منجبر بما عرفت من نسبته إلی الأکثر فی عدة مواضع بل فی (الریاض) أن جماعة ادعوا علیه الشهرة و لعله أراد من ذکرنا و إن نقص الأجزاء لیس بأنقص من العیب إذ الغائب جزء حقیقی فهو أولی بأن یکون له قسط من الثمن بخلاف العیب فإن الغائب لأجله لیس له قسط من الثمن مع أنه فی المعیب أیضا إنما رضی بالثمن المعین و النص فی المقامین موجود بل لو لم یکن نص هناک لقضت الأولویة العرفیة التی هی حجة عندهم بذلک فالحکم مؤید بالنظر موافق للخبر المنجبر بعمل الأکثر معتضد بالأولویّة العرفیة مناسب لما تقدم لهم فی باب القبض کما ستسمعه و لا یضره اشتمال ذیله علی ما لم یعمل به الأکثر و المخالف الشیخ فی (المبسوط) و القاضی فیما حکی عنه و المصنف فیما یأتی قریبا و ولده فی شرحیه و أبو العباس فی (المقتصر) و الصیمری فی (غایة المرام) فقالوا بأنه یتخیر بین الرد و أخذ الموجود بکل الثمن و هو ظاهر (الوسیلة و النافع) و کأنه قال به أو مال إلیه (کاشف الرموز) حیث استشکل أولا (ثم ذکر) ما یدل علی المیل إلیه أو القول به و مال إلیه فی (جامع المقاصد) و قواه فی (المیسیة) و استوجهه فی (المسالک) و التوقف ظاهر (التذکرة) (و التحریر و غایة المراد و حواشی الکتاب و الکفایة و المفاتیح) لأنهم لم یرجحوا فیها شیئا نعم قد یلوح من (غایة المراد) المیل إلی القول الأول کما أشرنا إلیه آنفا (حجة المبسوط) و ما وافقه علی ما فی (الإیضاح و شرح الإرشاد) و غیرهما أن ما فات لا قسط له من الثمن لاستحالة تقسیط الثمن علی الأجزاء أو القیم لعدم الفائت و عدم المماثل له فاستحال تقومه فاستحال ثبوت قسط له ففواته کفوات صفة کمال و هو کم و الکم عرض فکان کالتدلیس و فرق بینه و بین ما إذا باع عبدین فبان أحدهما مستحقا لأنه فی هذه لم یسلم المبیع و هو مجموع العبدین و هنا قد سلم المبیع و هو مجموع الأرض و إنما فقد منها کونها بقدر الجریب الواحد عشر مرات مثلا و هذا وصف یعد کمالا و لا یعد نقصه عیبا و لأن التقسیط یؤدی إلی جهالة الثمن فی الجملة و التفصیل (قلت) قد حکموا فی المطلب الثانی فی أحکام التسلیم أن کل جملة تلف بعضها قبل القبض و لها قسط من الثمن یسقط فیها قسط التالف و قالوا لو لم یکن له قسط من الثمن کقطع ید العبد فالأظهر أن له الأرش و صرحوا هناک بأنه لا فرق بین حدوث العیب و نقص الجزء کید العبد و رجله و المخالف هناک الشیخ فی (المبسوط و الخلاف) و ابن إدریس و الآبی و هذا کله مما یشهد علی خلاف ما قالوه هنا کله عند التأمل الصادق و إن اختلف المسألتان و الثمن هنا یقسم علی قیمة الذرعان و یجعل الغائب کواحد منها فتقوم هذه الأرض حال کمالها و نقصها لمکان المماثلة غالبا کما ستسمعه قریبا فیما إذا باعه عشرة أذرع من هنا إلی حیث ینتهی فإن الأکثر علی الصحة لأن الغالب تساوی الأجزاء المتجاورة فتدبر فلم یتضح ما فی (الإیضاح) و لا نقسمه علی عدد الذرعان لاختلافها لأنه لو باعه ذراعا منه و لم یعینه لم یصح و إذا قسمنا الثمن علی القیمة لا جهالة فی جملة و لا تفصیل علی أنه وقع مثله کثیرا أ لیس إذا وجد عیبا و قد حدث عنده عیب آخر أخذ أرشه فصار الثمن مجهولا فی الجملة و التفصیل (و عساک تقول) بالفرق لأنه فی المعیب وقع فی الابتداء علی الجملة و صح بها و هنا یکون واقعا فی الابتداء (و فیه) علی تقدیر تسلیمه و ما کان لیکون أنه لا یتم فیما إذا باع عشرة أذرع مشاعة بینه و بین غیره و لم یجز شریکه إلی غیر ذلک و تجشم جعل هذا من باب الصفة حتی تکون الأرض موصوفة بکونها قدر الجریب الواحد عشر مرات حتی یکون کالتدلیس مما لا ینبغی إذ ما من شی‌ء إلا و یمکن أن یتجشم له صفة مثل هذه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 746
و لو کان للبائع أرض بجنب تلک الأرض لم یکن للمشتری الأخذ منها علی رأی (1) و لو زاد احتمل البطلان (2) و الصحة فالزیادة للبائع (3) و له جملة الثمن و یتخیر المشتری حینئذ للتعیب بالشرکة فإن دفع البائع الجمیع سقط خیاره
______________________________
الصفة (و الحاصل) أنه لا ینبغی الاستناد إلی مثل هذه الأشیاء مع وجود النص الذی وجدت شروط العمل به و غیر ذلک مما عرفته (و هذا متن النص) رجل باع أرضا علی أن فیها عشرة أجربة فاشتری المشتری منه بحدوده و نقد الثمن و وقع صفقة البیع و افترقا فلما مسح الأرض فإذا هی خمسة أجربة (قال) إن شاء استرجع فضل ماله و أخذ الأرض و إن شاء رد المبیع و أخذ ماله کله إلا أن یکون إلی جنب تلک له أیضا أرضون فلیوفیه و یکون البیع لازما و علیه الوفاء بتمام البیع فإن لم یکن له فی ذلک المکان غیر الذی باع فإن شاء المشتری أخذ الأرض و استرجع فضل ماله و إن شاء رد الأرض و أخذ المال کله و یمکن حمل آخرها علی احتمال قصد تلک الأرض التی فی جنب المبیع المفروض فیکون المبیع فی الحقیقة عشرة أجربة من ماله إلی أن ینتهی فلیتأمل فی ذلک و علی القول الأول لو لم یعلم البائع بالنقصان هل یثبت له الخیار أیضا احتمل ذلک فی (المختلف و المهذب البارع) (و غایة لمرام و المسالک) و حکاه فی (التحریر) قولا و قواه لأنه لم یرض إلا ببیعها بالثمن أجمع و لم یسلم له و علی تقدیر الثبوت هل یسقط ببذل المشتری جمیع الثمن جزم به فی (التحریر و المختلف) (و المهذب البارع و غایة المرام) لحصول ما رضی به و احتمل فی (المسالک) العدم لثبوت الخیار فلا یزول بذلک کالغبن لو بذل الغابن التفاوت و فی (التذکرة و إیضاح النافع و غایة المرام) لا یسقط خیار المشتری إذا حط البائع من الثمن قدر النقصان و قد تقدم مثله فی متفق الأجزاء
(قوله) (و لو کان للبائع أرض بجنب تلک الأرض لم یکن للمشتری الأخذ منها علی رأی)
علیه الأکثر کما فی (الإیضاح) و غیره و المخالف الشیخ فی (النهایة) استنادا إلی ذیل الخبر المذکور و لم أجد من وافقه علیه إلا المصنف فی (التذکرة) فإنه قال إنه لیس بعیدا من الصواب لأنه أقرب إلی المثل من الأرش انتهی (فتأمل) و فی (إیضاح النافع) لا عمل علی ذیل الخبر قلت فلا جابر له فی خصوص ذلک و قد تقدم فی باب الخیار تمام الکلام
(قوله) (و لو زاد احتمل البطلان)
هذا احتمله الشیخ فی (المبسوط) و جماعة و قال فی (التبصرة) الوجه عندی البطلان و وجهه جهالة المبیع لأن الزیادة غیر معینة و ربما وجهوه بوجوه أخر منها أن المبیع ذلک الموصوف بالوصف المنتفی فیکون منتفیا (و فیه) أنه یجری فی متفق الأجزاء و وجهه فی (المبسوط و التنقیح) بأن الصحة تستلزم إجبار البائع علی تسلیم جملة المبیع
(قوله) (و الصحة فالزیادة للبائع إلخ)
احتمال الصحة هو الذی استظهره فی (المبسوط) و هو المشهور المعروف لأن المبیع بحسب الصورة هو المجموع و قد تجدد کون الزائد لیس منه بعد الحکم بصحة العقد لکن یبقی الکلام فی الزیادة لمن هی و قد حکم المصنف هنا و فی (المختلف) بأنها للبائع و قد جعله فی (التذکرة و التحریر) احتمالا بعد أن اختار فیهما أن له الخیار کما ستسمع و کذلک صنع صاحب (المسالک) و استبعد هذا الاحتمال صاحب (الکفایة) و إذا قلنا به فللبائع الخیار بین تسلیمه زائدا و تسلیمه المقدر و یسترجع الزیادة فإذا اقتصر علی تسلیم المقدر تخیر المشتری لعیب الشرکة کما فی (التذکرة) (و التحریر و الکتاب و المختلف) بین الفسخ و الإمضاء فإن اختار الإمضاء فهل للبائع حینئذ خیار الفسخ
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 747
و الأقرب أن للبائع الخیار فی طرف الزیادة بین الفسخ و الإمضاء فی الجمیع فی متساوی الأجزاء أو مختلفها (1) و للمشتری الخیار فی طرف النقصان فیهما بین الفسخ و الإمضاء بالجمیع و لو باعه عشرة أذرع من هنا إلی هناک صح (2) و لو قال من هاهنا إلی حیث ینتهی الذرع لم یصح لعدم العلم بالمنتهی (3)
______________________________
احتمالان ذکرهما فی (المختلف و التحریر) الثبوت لتضرره بالشرکة و العدم لرضاه بالثمن عوض الجمیع فعوض البعض أولی و فی (جامع المقاصد) لا أعلم فیه شیئا و إن دفع إلیه البائع الجمیع ففی (التذکرة) (و التحریر و الکفایة) أنه یسقط خیار المشتری کما فی الکتاب لأنه زاده خیرا و لم یرجح فی (التنقیح) لمکان المنة و الذی اختاره الشیخ فی (المبسوط) و القاضی فیما حکی عنه و المحقق فی (الشرائع) و المصنف فی (التذکرة و الإرشاد و التحریر) و المقداد و المحقق الثانی و الشهید الثانی و المقدس الأردبیلی و الخراسانی و الکاشانی أنه إذا زاد مختلف الأجزاء کان الخیار للبائع بین الفسخ و الإجازة بالثمن و الظاهر کما فی (التنقیح و مجمع البرهان) ثبوت الخیار للمشتری أیضا لمکان التفاوت و الحاصل بالقسمة هذا و فی (التذکرة) لو قال المشتری للبائع لا تفسخ فإنی أقنع بالقدر المشروط و الزیادة لک ففی سقوط خیار البائع وجهان و لو قال لا تفسخ حتی أزیدک فی الثمن لما زاد لم یکن له ذلک و لا یسقط خیار البائع قولا واحدا و ظاهر کلام ابن إدریس کما فهمه منه صاحب (التنقیح) أن لا خیار إلا للمشتری بین الرد و إمساک المبیع و یکون شریکا للبائع و قد سمعت کلامه فیما مضی و أن له فی ذلک نظرا و تأملا و فی (الوسیلة) للبائع الخیار بین الفسخ و الإمضاء و یکون شریکا بقدر الزیادة و هو یخالف (المبسوط) و ما وافقه
(قوله) (و الأقرب أن للبائع الخیار فی طرف الزیادة بین الفسخ و الإمضاء فی الجمیع فی متساوی الأجزاء و مختلفها «إلخ»)
قد تقدم الکلام فی ذلک مستوفی
(قوله) (و لو باعه عشر أذرع من هنا إلی هنا صح)
إجماعا کما فی (التحریر و المسالک) و هو کذلک لأنه عین فیه المبدأ و المنتهی فکان معلوما بالحد و المشاهدة
(قوله) (و لو قال من هنا إلی حیث ینتهی لم یصح لعدم العلم بالمنتهی)
کما فی (التذکرة و المختلف و جامع المقاصد) و قد یلوح ذلک من الشرائع) أو یظهر لاختلاف الأذرع و جهل الموضع الذی ینتهی إلیه و قال الشیخ فی (المبسوط و الخلاف) و ابن إدریس و القاضی علی ما حکی أنه یصح و هو خیرة (الإرشاد) و شرحه لولده کما وجدناه لکن الشهید فی (غایة المراد) حکی عن ولد المصنف أنه أصلح صح بلم یصح حتی یوافق باقی فتاویه فی کتبه قلت فی (التحریر) لم یرجح (و فی غایة المراد) یمکن أن ینظر الشیخ بأن مثل هذا الاختلاف غیر قادح لأنه اختلاف مقاربة لا مفارقة مع غلبة تساوی الأجزاء المتجاورة فحینئذ الأولی أن یحمل قوله علی تساوی أجزاء الأرض غالبا أو تقاربها انتهی و فی (جامع المقاصد) أن فیه نظرا لأنه یلزمه الصحة و إن لم یعین المبدأ و لا المنتهی کما فی الصبرة (قلت) لعله یقول بذلک إذا تساوت أو تقاربت جدا و إلی ذلک نظر فی (المسالک) حیث قال الأجود الصحة إن تساوت الأرض أو تقاربت و إلا فالأجود البطلان و فی (مجمع البرهان) أن الظاهر الصحة للعموم و الأصل و عدم ظهور کونه غررا و لجواز بیع الثوب و الأرض مع رؤیة بعضه بلا خلاف و جواز بیع شی‌ء مع عدم العلم بدخول ما یدخل فیه عرفا مما یحرر
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 748
و لو قال بعتک نصیبی من هذه الدار و لا یعلمانه (1) أو بعتک نصف داری مما یلی دارک لم یصح لعدم العلم بالمنتهی (2)

[السادس کل شرط یقتضی تجهیل أحد العوضین فإن البیع یبطل به]

(السادس) کل شرط یقتضی تجهیل أحد العوضین فإن البیع یبطل به و ما لا یقتضیه لکنه فاسد فالأقوی بطلان البیع (3) به و لا یحصل به ملک للمشتری سواء اتصل به قبض أو لا و لا ینفذ تصرف المشتری فیه ببیع أو هبة أو غیرهما (4) و علیه رده مع نمائه المتصل و المنفصل و أجرة مثله و أرش نقصه (5)
______________________________
النزاع فیه إلی آخر ما قال
(قوله) (و لو قال بعتک نصیبی من هذه الدار و لا یعلمانه)
أی لم یصح کما فی (المبسوط) و غیره إلا أن یتصادقا علی أنهما عرفا نصیبه قبل عقدة البیع و کذا لو قال بعتک نصیبا أو سهما أو جزءا أو خطا أو قلیلا أو کثیرا من داری
(قوله) (أو بعتک نصف داری مما یلی دارک لم یصح لعدم العلم بالمنتهی)
قلت فیه القولان
(قوله) (السادس کل شرط یقتضی تجهیل أحد العوضین فإن البیع یبطل به و ما لا یقتضیه لکنه فاسد فإن الأقوی بطلان البیع)
هذا تقدم الکلام فیه بما لا مزید علیه آنفا فی الضابط الذی ضبطه فی هذا الفصل
(قوله) (و لا یحصل به ملک للمشتری سواء اتصل به قبض أو لا و لا ینفذ تصرف المشتری فیه ببیع أو هبة أو غیرهما)
کما صرح بذلک فی (المبسوط) و غیره و قد تقدم فی الفصل الأول من المقصد الثانی فی البیع عند شرح قوله و لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک نقل الإجماعات و الفتاوی مع تحقیق فی المقام و فی (التذکرة) حکی إجماع علمائنا أجمع علی ذلک کله و أنه وافقنا علی ذلک مالک و الشافعی و أحمد و المخالف أبو حنیفة فإنه قال لو قبض المبیع بإذن البائع ملکه و نفذ تصرفه فیه لکن للبائع أن یسترده بجمیع زوائده إلی آخر ما؟؟؟ و ما فی (جامع المقاصد) من نسبته إلی بعض العامة من أنه یصح له التصرف فیه لکنه لا یملکه لأن العقد تضمن إذنا فی التصرف و ملکا فإذا انتفی الثانی بقی الأول لم نجده فی (التذکرة) و لا فی (الخلاف) و ما قیل فی وجهه لا وجه له لأن الإذن إنما کان علی وجه مخصوص و قد انتفی و قد تقدم لنا فی أول باب البیع فی مواضع ما له نفع تام فی هذا الفرع
(قوله) (و علیه رده مع نمائه المتصل و المنفصل و أجرة مثله و أرش نقصه)
کما صرح بذلک فی (المبسوط) و غیره و المخالف ابن حمزة و ابن إدریس فقال ابن حمزة لیس له الرجوع بالمنافع المستوفاة لأن الخراج بالضمان و نقض بالغاصب و قال ابن إدریس إنما یرجع بالعین و قول الحلبی إذا کان البیع فاسدا مما یصح التصرف فیه للتراضی و هلکت العین فلا رجوع لعله أراد به المعاطاة و قد تقدم الکلام فی ذلک و کیف کان فالمشهور ما فی (الکتاب) و علی المشتری مئونة الرد لوجوب ما لا یتم الواجب إلا به فهو کالمغصوب و لیس له أی للمشتری حبسه لاسترداد الثمن کما صرح به فی (التذکرة) و النماء نماء ملک البائع فیتبع الملک و لا فرق فی وجوب أجرة مثله للمدة التی فی یده بین أن یکون استوفی المنفعة أو تلفت تحت یده لأن یده ید عدوان فعلیه الأجرة مع الضمان فلا ینافی قوله صلی اللّٰه علیه و آله الخراج بالضمان و فی (الدروس) فیه وجهان و ربما قوی عدم الرجوع مع جهلهما و لا یضمن تفاوت السعر و وجوب أرش النقصان لأن الجملة مضمونة علیه حیث قبضها بغیر حق و لأنه قبضها علی سبیل المعاوضة فأشبهت المقبوض علی وجه السوم و لا یرجع المشتری بالنفقة إذا کان عالما و یرجع إن کان جاهلا و لا (إذ لا خ ل) یعد (حینئذ) متبرعا لأنه لم ینفق إلا بناء علی أنه ماله و جعل فی (التذکرة) البائع غارا و تمام الکلام قد تقدم فی الفرع الخامس من فروع الفصل الثالث فی العوضین و فی جملة مسائل الفصل الثانی فی المتعاقدین و فی مواضع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 749
و قیمته لو تلف یوم تلفه (1) و یحتمل أعلی القیم (2) و لو وطئها لم یحد و علیه المهر و أرش البکارة (3) و الولد حر (4)
______________________________
أخر
(قوله) و قیمته لو تلف یوم تلفه)
هذا هو الأشهر و الأظهر و الوجه فی ضمان القیمة ظاهر بل لم ینقل فیه خلاف حتی من العامة
(قوله) (و یحتمل أعلی القیم)
هذا مختار الشیخ فی (المبسوط) فی المقام و المصنف فی غصب الکتاب و لکن نقل عنه فی (التحریر) أنه قال قیمته یوم التلف و الموجود فیه ما ذکرناه و ربما یحتمل أنه یضمن قیمته من یوم العلم بالفساد إلی یوم رد البدل و احتمل أیضا ضمان قیمته یوم القبض هذا کله فی القیمی و إذا کان مثلیا وجب رد المثل لأنه أقرب للعین من القیمة و قد تقدم الکلام فی هذه المسائل فی أوائل الکتاب مستوفی و سیستطرد المصنف فی باب الغصب أحکام المقبوض بالبیع الفاسد و له هناک إشکالات و احتمالات
(قوله) (و لو وطئها لم یحد و علیه المهر و أرش البکارة) «إلخ»
قد تقدم الکلام فی هذه الأحکام بما لا مزید علیه فی المطلب الثانی فی أحکام بیع الحیوان فی موضعین الأول فیما لو وطئ أحد الشرکاء الجاریة و الثانی فیما لو ظهر استحقاق الأمة الموطوءة و تقدم الکلام فیها أیضا فی باب العیب فیما لو ظهرت الأمة حاملا و فی الفرع الثانی من الباب المذکور فیما لو حملت من السحق فلا بد من ملاحظة هذه الأبواب کلها لتقف علی أطراف المسألة جمیعها و سیتعرض المصنف لذلک فی باب الرهن و باب الغصب و باب الحدود و إنما یسقط عنه الحد إذا لم یعلم بالفساد فإن وطئها عالما به وجب علیه الحد عندنا کما فی (التذکرة) و المخالف الشافعی فی بعض أقواله
(قوله ره) (و یجب علیه المهر و أرش البکارة)
أما وجوب المهر فهو أحد القولین فی المسألة و هو خیرة (السرائر و التذکرة) فی المقام و الآخر و هو المشهور المحکی علیه الإجماع فی (الخلاف) و غیره أنه یجب علیه العقر من العشر و نصف العشر و لم یرجح المصنف فی باب الغصب و قد بینا ذلک فیما سلف عند شرح قوله فی أول باب البیع لو قبض المشتری بالعقد الفاسد لم یملک و قلنا فی أحکام بیع الحیوان إنه یستفاد من الأخبار و إن اختلفت مواردها أنه یلزم العشر أو نصفه فی وطی کل مملوکة للغیر علی سبیل الانفراد أو الاشتراک حتی لو کانت هی الشریکة فلیرجع إلی ما ذکرناه فی أحکام بیع الحیوان فی مقامین (و کیف کان) فالمهر أو العقر لا یسقط بسقوط الحد و لا بالإذن الذی تضمنه التملیک الفاسد و لا یشترط فی وجوب ذلک علیه جهلها بالتحریم عند جماعة منهم المصنف فی (التذکرة) لأنها ملک الغیر بخلاف الحرة حیث سقط مهرها مع علمها بالتحریم و اشترطه آخرون لقوله علیه السلام لا مهر لبغی و استشکل المصنف فی باب الغصب (و قد تقدم) فی ذلک تمام الکلام و أما وجوب أرش البکارة مع المهر أو العقر فهو مختار جماعة منهم المصنف فی (التذکرة) و غیرها و الشهید فی أحد قولیه و المحقق الثانی فی باب الغصب و باب الرهن و الشهید الثانی فی رهن (الروضة) لأن إتلاف البکارة إتلاف جزء من البدن و المهر لمکان المنفعة فلا یدخل أحدهما فی الآخر (و عساک تقول) إنه یضمن مهر ثیب لأنه قد ضمن البکارة (لأنا نقول) إذا وطئها بکرا فقد استوفی منفعة وطی بکر لأنه خلاف وطی الثیب و قال آخرون بالتداخل کما بینا ذلک کله فیما سلف و یأتی فی باب الرهن تمام الکلام
(قوله) (و الولد حر)
إجماعا کما (فی المبسوط و الخلاف) و ظاهر (المقنعة و النهایة) الخلاف و تمام الکلام فیما سلف
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 750
و علی أبیه قیمته (1) یوم سقط حیا (2) و لا شی‌ء لو سقط میتا (3) و أرش ما نقص بالولادة (4) و لو باع المشتری فاسدا لم یصح و لمالکه أخذه من الثانی و یرجع علی الأول بالثمن مع جهله (5) فإن تلف فی ید الثانی تخیر البائع فی الرجوع فإن زادت القیمة علی الثمن و رجع المالک علی الثانی لم یرجع بالفضل علی الأول لاستقرار التلف فی یده و إن رجع علی الأول رجع بالفضل علی الثانی (6)
______________________________
(قوله ره) (و علی أبیه قیمته)
کما فی (المبسوط) و غیره للموثق و المرسل
(قوله) (یوم سقط حیا)
لأنه أول حالات انفصاله و أول حالات إمکان تقویمه لو کان مالا و قبل ذلک بمنزلة عضو من الأم فلا یقوم حملا کما تقدم بیان ذلک کله
(قوله) (و لا شی‌ء له لو سقط میتا)
کما هو خیرة (التذکرة) و غیرها و استشکل فی باب الغصب و فی (جامع المقاصد) فی الباب المذکور ترجیح الضمان کما أسلفنا ذلک فیما سلف
(قوله) (و أرش ما نقص بالولادة)
یجب علیه مع قیمة الولد أرش ما نقص بالولادة و لا تجبر قیمة الولد النقصان و المخالف أبو حنیفة
(قوله) (و لو باع المشتری فاسدا لم یصح و لمالکه أخذه من الثانی و یرجع علی الأول بالثمن مع جهله)
هذه الأحکام مما لا ریب فیها و قد استوفینا فیها الکلام فی أوائل الکتاب فی الفصل الثانی فی المتعاقدین فبینا حال المشتری مع الجهل عند شرح قوله و لو فسخ رجع علی المشتری بالعین «إلخ» و بینا حاله مع العلم عند شرح قوله قبل ذلک و مع علم المشتری إشکال
(قوله) (فإن تلف فی ید الثانی تخیر البائع فی الرجوع فإن زادت القیمة علی الثمن و رجع المالک علی الثانی لم یرجع بالفضل علی الأول لاستقرار التلف فی یده و إن رجع علی الأول رجع بالفضل علی الثانی)
قد تقدم الکلام لنا فی مثل هذا فی مواضع أدقها و أتقنها ما ذکر فی القسم الرابع من أقسام المحظور من باب المکاسب عند شرح قوله و لو وجد عنده سرقة ضمنها فإنا أسبغنا فیه الکلام و أزحنا ما اشتبه علی بعض الأعلام (و قلنا) إن بعضهم فرق فیما إذا بیع مال الغیر و قبضه المشتری و تلف فی یده بین ما إذا کان قبض المشتری له بعقد صحیح لو لا أنه مال الغیر ککونه سرقة أو غصبا أو نحو ذلک و بین ما إذا کان قد قبضه بعقد فاسد من غیر جهة کونه غصبا أو نحو ذلک بل لتخلف شرط أو نحوه و إن کان غصبا أو سرقة و قد قال جماعة فی الشق الأول إنه یرجع بالفضل و آخرون إنه لا یرجع لاستقرار التلف فی یده و أما الثانی فربما ظهر من بعضهم أنهم قائلون فیه بأنه لا یرجع إذ لیس للغرور (حینئذ) مدخل لأن المقبوض بالبیع الفاسد مضمون غر أو لم یغر و بینا الحال أحسن بیان و قضیة ذلک أنه یرجع فیما نحن فیه بالفضل لأن البیع الثانی صحیح لو لا أنه مال الغیر و فساد البیع الأول لا یزید فیه المشتری الأول عن کونه غاصبا و بینا أن المصنف و غیره قد اختلفت فتاواهم و بینا أن المراد بالفضل ما زاد من القیمة عن الثمن لا ما قابل الثمن من القیمة و بعبارة أخری إنه یرجع بالقیمة و المراد بها قیمته یوم التلف علی المشهور المعروف و قال فی (المبسوط) فی هذا المقام بأنه یجب علیه أکثر ما کانت قیمته انتهی (لا یقال) إنه قد دخل علی ضمان العین بالثمن خاصة فکیف یضمن القیمة لأنا (نقول) الوجه الذی دخل علیه قد تبین بطلانه و الید عادیة فیجب رد کل ملک إلی مالکه فإذا حصل تلف أو نقصان وجب البدل أو الأرش کائنا ما کان و لا وجه حینئذ لاعتبار الثمن و مثله ما إذا استأجره فاسدا فإنه إذا
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 751
و لو زاد فی ید المشتری الأول ثم نقص فی یده إلی ما کان احتمل رجوع المالک علیه بتلک الزیادة لأنها زیادة فی عین مضمونة (1) و عدمه لدخوله علی انتفاء العوض فی مقابلة الزیادة فحینئذ إن تلفت بتفریطه ضمن و إلا فلا (2) و لو أتلف البائع فاسدا الثمن ثم أفلس رجع فی العین و المشتری أسوة الغرماء (3)

[ (السابع) لو قال بع عبدک من فلان علی أن علی خمس مائة فباعه بهذا الشرط بطل]

(السابع) لو قال بع عبدک من فلان علی أن علی خمس مائة فباعه بهذا الشرط بطل لوجوب الثمن بأجمعه علی المشتری فلیس له أن یملک العین و الثمن علی غیره (4) بخلاف أعتق عبدک و علی خمس مائة أو طلق امرأتک و علی مائة لأنه عوض فی مقابلة فک و لو کان علی وجه الضمان صح البیع و الشرط
______________________________
استوفی المنفعة وجب أجرة المثل و إن زادت علی المسمی
(قوله) (و لو زاد فی ید المشتری الأول ثم نقص فی یده إلی ما کان احتمل رجوع المالک علیه بتلک الزیادة لأنها زیادة فی عین مضمونه)
رجوع المالک بالزیادة علی المشتری الأول أو الثانی لو حصلت فی یده أیضا خیرة (جامع المقاصد) و کذا (الإیضاح) و هو ظاهر کل من قال بکون المنفعة المتجددة مضمونة مع أنها لیست جزءا من المبیع فبالأولی أن یضمن ما یعد جزءا حقیقة مع ظهور الوجه و هو أن ید المشتری فاسدا ید عدوان کید الغاصب فکل ما هو حق للبائع یجب رده علیه فعند فواته یجب المصیر إلی بدله (و قد یقال) إنه إذا زاد أو نقص فی یده و لم تنقص قیمة المبیع مع بقاء العین علی حالها أشکل الرجوع لأن الأصل براءة الذمة (فلیتأمل) فی ذلک و قد قال الشهید إن المنقول عدم الرجوع فی مثل ذلک (و ما استدل) به المصنف من أنها زیادة فی عین مضمونة لا ینتج مطلوبه فإنه لیس کل زیادة فی عین مضمونة یجب أن تکون مضمونة عینا کانت کالصبغ أو صنعة کالصنع فإن الزیادتین للمشتری إذا فعلهما جاهلا کما نبه علیه فی (الدروس) و غیره فلم یتضح ما فی (الإیضاح) من قوله فإن صنعت الکبری (أجیب) بأنها مقبوضة بقبض العین إذ هو قبض العین علی أنه مالکها و مالک منافعها و هو مستعقب للضمان انتهی و لا وجه للتقلید فی العبارة بالمشتری فلو حذف الأول کان أخصر و أشمل
(قوله ره) (و عدمه لدخوله علی انتفاء العوض فی مقابلة الزیادة فحینئذ إن تلف بتفریطه ضمن و إلا فلا)
فی (جامع المقاصد) أن هذا الاحتمال ضعیف جدا لأنه قد حکم بأن المنفعة المتجددة مضمونة و لم یتردد مع أنها لیست جزءا من المبیع و دخل علی أنها له مجانا فأی مجال للتردد فیما یعد جزءا حقیقیة و معنی قوله فحینئذ إن تلف أنه حین لم یکن له الرجوع بتلک الزیادة و إن کانت أمانة علی هذا التقدیر إنما یضمن بالتفریط لا غیر
(قوله) (و لو أتلف البائع فاسدا الثمن ثم أفلس رجع فی العین و المشتری أسوة الغرماء)
لیس له إمساک العبد علی البائع بل یجب رده علیه لأنه لم یقبضه وثیقة و إنما قبضه علی أنه ملکه و قد فات و الثمن بعد إتلافه دین من جملة الدیون کما فی (التذکرة و التحریر و جامع المقاصد) و قال أبو حنیفة للمشتری إمساک العبد و یکون أحق به من الغرماء فیستوفی منه الثمن
(قوله) (السابع لو قال بع عبدک من فلان علی أن علی خمس مائة فباعه بهذا الشرط بطل لوجوب الثمن بأجمعه علی المشتری فلیس له أن یملک العین و الثمن علی غیره)
إذا قال بع عبدک عن فلان بألف و هو (هی خ ل) علی أو إن علی ألفا أو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 752

[الثامن یجوز أن یجمع بین شیئین مختلفین فما زاد فی عقد]

(الثامن) یجوز أن یجمع بین شیئین مختلفین فما زاد فی عقد (1)
______________________________
خمسمائة فباعه علی هذا الشرط فلا یخلوا إما أن یقصد الضمان أو الجعالة أو أنه جزء من الثمن أو یطلق فإن قصد الضمان و سبق الشرط العقد و عقد العقد مجردا عن الشرط ففی (المبسوط و الخلاف) أنه یلزم البیع و لا یلزم الضامن شی‌ء لأنه ضمان ما لم یجب و الأمر فی هذا سهل و قد تقدم الکلام فی مثله و إن شرطه فی متن العقد صح العقد و الشرط کما فی (الخلاف و المبسوط و التذکرة و الدروس و حواشی الکتاب) (و جامع المقاصد و الکفایة) و علیه یحمل قوله فی (التذکرة) إذا قال بع عبدک من زید بألف علی أن علی خمسمائة فباعه بهذا الشرط صح البیع عندنا المؤذن بالإجماع و هل یکون الأمر بقوله هذا ضامنا علی وجه التبرع ضمانا لازما لا یرجع فیه بالثمن علی المشتری و لا یجب علی المشتری للبائع شی‌ء کما فی (التذکرة) أولا بل إذا قال ذلک و أوقع العقد فإن ضمن علی الوجه المعتبر صح و تحقق لزوم البیع و إلا تخیر البائع کما فی (المبسوط و الخلاف و الدروس و الحواشی و جامع المقاصد) بل لا یجب علی الآمر الضمان بعد العقد لأمره السابق و إن قصد الجعالة بأن جعل له علی هذا العقد و العمل ذلک الجعل صح کما فی (التذکرة و الدروس و جامع المقاصد) لوجود المقتضی و انتفاء المانع کما لو قال طلق أو أعتق و علی ألف فإنه صحیح و لا یتصور فیه غیر الجعالة و حینئذ یلزم الجعل بإیقاع عقد البیع و علی المشتری تمام الثمن لکنه لا حاجة إلی ذکر هذا فی العقد لأن الجعالة عقد آخر خارج عن البیع بخلاف الضمان المشترط فی نفس العقد و إن قصد أنه جزء من الثمن بطل لما ستسمع و قد ینزل علیه إطلاق عبارة الکتاب و إن أطلق فظاهر إطلاق المصنف الحکم بالبطلان لأن ظاهر هذا الاشتراط الواقع بین الإیجاب و القبول أن یکون المشروط داخلا فی البیع فیکون القدر المشترط من جملة الثمن و ذلک مخالف لمقتضی عقد البیع من کون الثمن بأجمعه علی المشتری و لا ینزل الإطلاق علی ما یجوز من ضمان أو جعالة لوجهین (الأول) أن إطلاق ما یذکر من العوض محمول علی الثمن عملا بمقتضی البیع فلا یحمل علی شی‌ء أجنبی عنه إلا بدلیل یصرفه عن المقتضی (الثانی) أن الأصل عدم وجوب شی‌ء زائد علی الثمن یکون عوض الجعالة و الأصل عدم وجوب الأمرین معا أعنی ثبوت الثمن فی ذمة المشتری ثم ثبوت حق الضمان له أو لبعضه علی الآمر لکن الشهید فی (الدروس) نزله علی الجعالة قال (و یمکن) أن یقال هو جعل للبائع لا من الثمن و هو ظاهر (المبسوط و الخلاف) حیث حکم بصحته و اقتصر فی (التحریر) علی نسبته للشیخ و حکمهم بصحة قوله طلق أو أعتق و علی ألف یرشد إلیه لأنه لا یتصور فیه غیر الجعالة و هی فیما نحن فیه جائزة هذا تحریر کلامهم فی المقام و الجمع بین أطرافه
(قوله) (یجوز أن یجمع بین شیئین مختلفین فما زاد فی عقد)
کما فی (المبسوط و السرائر و جامع الشرائع و الشرائع) (و النافع و التذکرة و التحریر و التبصرة و الإرشاد و غایة المراد و الدروس و التنقیح) و غیرها و فی (مجمع البرهان) نسبته إلی الأکثر (و فی جامع المقاصد) لا محذور فی صحة ذلک عندنا و فی موضع من (التذکرة) أنه عندنا جائز و فی (المسالک) لا خلاف فیه قلت قد صرح فی (المبسوط) بأن فیه خلافا و قد یظهر ذلک من (السرائر) و لعله أراد فی (المبسوط) الخلاف من العامة لا منا و قد سمعت ما فی (مجمع البرهان) حیث نسبه إلی الأکثر ثمّ إنه تأمل فیه لوجوه لم یظهر لکثیر ممن تأخر عنه وجه دلالتها و غایتها حصول الجهالة و هی مدفوعة بأن الجمیع بمنزلة عقد واحد و العوض فیه معلوم بالنسبة إلی الجملة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 753
کبیع و سلف (1) أو إجارة و بیع أو نکاح و بیع و إجارة (2) و یقسط العوض علی قیمة المبیع و إجارة المثل و مهر المثل من غیر حصر علی إشکال (3) و لو کان أحد الأعواض مؤجلا قسط علیه کذلک (4)
______________________________
و هو کاف فی انتفاء الغرر و الجهالة و إن کان عوض کل منهما بخصوصه غیر معلوم حال العقد و کون کل واحد بخصوصه بیعا فی المعنی أو بعضه إجارة أو غیرها الموجب لعوض معلوم لا یقدح لأن لهذا العقد جهتین فبحسب الصورة هو عقد واحد فیکفی العلم بالنسبة إلیه و یدل علیه الأصل و العمومات السالمة عن المعارض عدا ما عرفت مما یتوهم و محل الفرض ما إذا قال مثلا بعتک هذه الدار و آجرتک تلک الدار بألف و نحو ذلک أما لو قال بعتک هذه بألف و آجرتک تلک بألف فقال قبلت کان صحیحا بالإجماع کما فی (المبسوط) و یکون العقد متعددا و إن جمع المشتری بینهما فی القبول کما فی (التذکرة)
(قوله) (کبیع و سلف)
کان یقول بعتک هذا العبد و عشرة أقفزة حنطة موصوفة بکذا مؤجلا إلی کذا بمائة درهم أو یقول المشتری أسلمت إلیک هذا الدینار فی هذا المتاع و فی قفیز حنطة إلی کذا هذا إن فسرنا السلم بما هو المتعارف و إن فسرناه بالقرض کما هو لغة أهل الحجاز و علیه قولهم نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن بیع و سلف و هو أن یبیع دارا علی أن یقرضه المشتری ألفا فهو عند مکروه کما فی (المبسوط) و سائغ کما فی (غایة المراد) و فی (الخلاف) الإجماع علیه و قد تقدم الکلام فیه
(قوله) (أو إجارة و بیع أو نکاح و بیع و إجارة)
و لو جمع بین البیع و الکتابة مثل کاتبتک و بعتک کذا بدینار لم یجز لأنه قبل تمام الکتابة عبد مملوک و مع بطلان البیع فی بطلان الکتابة و صحتها وجهان
(قوله) (و یقسط العوض علی قیمة المبیع و إجارة المثل)
کما فی (المبسوط) و غیره و فی (المسالک) أن ثمن المثل و قیمته موضع وفاق
(قوله) (و مهر المثل من غیر حصر علی إشکال)
کما فی (التذکرة) فی موضع منها و کذا الإیضاح ینشأ من إطلاق الأصحاب التقسیط علی مهر المثل کما فی (الإیضاح و جامع المقاصد) و لأنه بالنسبة إلی البضع کالقیمة السوقیة بالنسبة إلی السلعة و من أن المرأة إنما تستحق مهر السنة لو زاد مهر مثلها علیه فلا یقسط علی ما لا یعد عوضا لبضعها و هذا بناء علی أن المفوضة ترد إلی مهر السنة مع زیادة مهر مثلها علیه و هنا لما لم یتعین لها مهر مقدر ابتداء أشبهت المفوضة فیحتمل کونها کذلک و لا یتم إطلاق مهر المثل و الأصح اعتباره مطلقا کما هو صریح (جامع المقاصد و المسالک و المفاتیح) و ظاهر إطلاق (جامع الشرائع و الشرائع و الإرشاد) (و التذکرة) فی موضع منها (و غایة المراد و التنقیح) و غیرها لأنها لیست مفوضة بل مسماة المهر غایته عدم العلم بقدر ما یخصه ابتداء و فی (جامع المقاصد و المسالک) أن الأصح علی تقدیر التفویض عدم الرجوع إلی مهر السنة (قلت) إن أرادا مفوضة البضع کما هو الظاهر فالمعروف المشهور أنه إذا دخل بها أن لها مهر المثل ما لم یتجاوز مهر السنة فإن تجاوزها رد إلیها و قد حکی علیه الإجماع فی (الغنیة و الإیضاح) و ظاهر (المبسوط) و دل علیه الموثق و لم یعرف الخلاف إلا من ظاهر (النافع و المختلف) و قد یلوح من (السرائر) و أما مفوضة المهر فإن کان التفویض إلیها فلا خلاف فی أنها لا تتجاوز مهر السنة کما بینا ذلک فی حواشینا علی (الروضة)
(قوله) (و لو کان أحد الأعواض مؤجلا قسط علیه کذلک)
فلو باعه عبدا یساوی عشرة حالا و عشرین مؤجلا فباعه مؤجلا و أجرة داره مدة سنة بعشرین و العوض
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 754
و یجوز بیع السمن بظروفه و أن یقول بعتک هذا الزیت بظروفه کل رطل بدرهم (1)

[الفصل الرابع فی الاختلاف]

اشارة

(الفصل الرابع فی الاختلاف) إطلاق العقد یقتضی نقد البلد فإن تعذر فالغالب فإن تساوت النقود افتقرا إلی التعیین لفظا فإن أبهماه بطل (2) و کذا الوزن و لو اختلفا فی قدر ما عیناه أو وصفه بعد اتفاقهما علی ذکره فی العقد و لا بینة فالقول قول البائع مع یمینه إن کانت السلعة قائمة (3)
______________________________
عشرون فإنه یقسط بینهما بالسویة
(قوله) (و یجوز بیع السمن بظروفه و أن یقول بعتک هذا الزیت بظروفه کل رطل بدرهم)
لا بد فی المسألتین من أن یکون وزن الظرف و المظروف معلوما و إن جهل تفصیله و إنما تمتازان بأن یقسط الثمن علیهما فی الأولی علی ثمن مثلهما و فی الثانیة علیهما باعتبار الوزن و تظهر الفائدة لو کان کل واحد منهما لواحد أو ظهر أحدهما مستحقا و أرید معرفة ما یخص کل واحد منهما فعلی الأول یقسط الثمن علی ثمن مثلهما بأن یقال قیمة الظرف مثلا درهم و قیمة السمن تسعة فیخص الظرف عشر الثمن کائنا ما کان و علی الثانی یوزن الظرف منفردا و ینسب إلی الجملة و یؤخذ له من الثمن بتلک النسبة و قد تقدم الکلام فیه فی الفرع التاسع من فروع الفصل الثالث فی العوضین
(الفصل الرابع فی الاختلاف) (قوله) (إطلاق العقد یقتضی نقد البلد فإن تعدد فالغالب فإن تساوت النقود افتقر إلی التعیین لفظا فإن أبهماه بطل)
کما فی (المبسوط و الوسیلة) و کثیر مما تأخر عنهما (کالنافع و الشرائع) (و التحریر و التذکرة و الإرشاد) و غیرها و إلیه أشار فی (السرائر) و هو ظاهر أکثر الباقین من وجوه و قد یظهر أو یلوح من (مجمع البرهان) الإجماع علی ذلک و دعواه غیر بعیدة لأنی لم أجد من تأمل فی ذلک سوی المولی الأردبیلی فإنه احتمل فیما إذا تساوت العقود «1» و لم یعین (و إن لم یعین خ ل) الصحة إن لم یکن خلاف الإجماع و خلاف علم الهدی و الشیخ فی (المبسوط) فی المشاهدة و کفایتها فإنه مقام آخر و کذا خلاف أبی علی فی تجویزه البیع بسعر ما باع و دعوی الملازمة کأنها غیر مسلمة فلیتأمل فی ذلک و الوجه فی أن الإطلاق یقتضی نقد البلد إذا کانا یعلمانه مع وجوده فیه و عدم ما یصرف عنه أن العرف و العادة جاریان علی ذلک فلا غرر و لا جهالة و أما انصرافه مع التعدد إلی الغالب فهو الغالب المعروف و کذلک یصح البیع إذا تعدد و تساوت فی القدر و القیمة و المالیة و إن اختلفت الأفراد بحسب الرغبة علی قول لا یخلو من قوة إن لم یؤد التفاوت إلی الغرر و الجهالة أو النزاع و المشاجرة و أما مع تساویها فی الغلبة مع عدم التعیین فالبطلان لما ذکر من حصول الجهالة و المشاجرة (و مما ذکر) یعرف الحال فی الوزن و الکیل (و لیعلم) أن الغلبة قد تکون فی الاستعمال و قد تکون فی الإطلاق بمعنی أن الاسم یغلب علی أحدهما و إن کان غیره أکثر استعمالا فإن اتفقت الغلبة فیهما فلا إشکال و إن اختلفت بأن کان أحدهما أکثر استعمالا و الآخر أغلب وصفا ففی ترجیح أحدهما أو یکون بمنزلة التساوی نظرا إلی تعارض المرجحین نظر
(قوله) (و لو اختلفا فی قدر ما عیناه أو وصفه بعد اتفاقهما علی ذکره فی العقد و لا بینة فالقول قول البائع مع یمینه إن کانت السلعة قائمة)
______________________________
(1) کذا فی ثلاث نسخ و الظاهر النقود (مصححه)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 755
..........
______________________________
المراد أنهما اختلفا فی قدر ما عیناه من الثمن کما طفحت به عباراتهم فهذه الأحکام کلها للثمن دون المثمن لأن أحکامه ستأتی إن شاء اللّٰه تعالی و خرج به ما إذا اختلفا فی عین الثمن أو جنسه کما إذا قال بعتک بهذه الدراهم فقال لا بل بهذه أو قال بعتک بذهب فقال بل بفضة فإنهما یتحالفان بلا کلام کما فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام و قد خلی (خلت خ ل) أکثر العبارات عن ذکر الوصف ما عدا (التنقیح) فإنه جعل الاختلاف فیه کالاختلاف فی قدر الثمن قال لا فرق بینهما (و تنسحب الأقوال) فیه و فی (التذکرة) لو اختلفا فی بعض صفاته قدم قول منکر زیادة الصفة و لو اختلفا فی وصفین مختلفین تخالفا (و قوله) بعد اتفاقهما علی ذکره فی العقد احتراز عن اختلافهما فی ذکر المعین ثمنا فی العقد فإنهما إذا اختلفا علی هذا الوجه یکون القول قول مدعی الصحة إذ القائل بعدم ذکره یدعی فساده فیحلف الآخر علی ذکر هذا المعین فی العقد أو یحلف علی ذکر ثمن یصح به العقد فتندفع دعوی الآخر و یبقی اختلافهما فی القدر و الوصف بحاله و کیفیة حلف المدعی أن یحلف أنه ما باعه بالأقلّ لأنه ینکر البیع به فإذا حلف مع اتفاقهما علی صحة البیع انحصر فیما یدعیه (و فیه) أن عدم بیعه بالأقلّ لا یقتضی صحة دعواه و إثباتها بیمینه إلا أن یعترف المشتری بأن العقد وقع علی أحد الثمنین لا غیر و إلا حلف أنه إنما باعه بالأکثر أو ما باعه بالأقلّ بل بالأکثر فلیتأمل (و قد یقال) إن المتبادر من قوله ما عیناه کون التعیین فی العقد فیکون قوله بعد اتفاقهما مستدرکا لأنه لیس زائدا علی تعیینهما إیاه و احترز بقوله و لا بینة عما لو کان هناک بینة فإنه لا یمین و سماعها موقوف علی معرفة المدعی و المنکر کما ستعرف الحال من الأقوال و ما اختاره المصنف من أن القول قول البائع مع یمینه إن کانت السلعة قائمة و قول المشتری إن کانت تالفة هو مذهب الأکثر کما فی (التذکرة و جامع المقاصد) و الأشهر کما فی (الدروس) و المشهور کما فی (جامع المقاصد أیضا و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) و الإجماع محکی علیه فی (الخلاف) و ظاهر (الغنیة و کشف الرموز) بل الإجماع محکی فی (السرائر) فی آخر مبحث الشرط فی العقود کما ستسمع کلامه مع أنه قبل ذلک أنکر ذلک غایة الإنکار قال (کاشف الرموز) و رأیت المتأخر یعنی ابن إدریس ادعی الإجماع فی آخر باب الشرط فی العقود علی ما قاله الشیخ و نسی ما اختاره أولا و المناقضة منه لیس ببدع انتهی (و فی غایة المراد) أنه مذهب الشیخ و أتباعه و الروایة به مشهورة بین الأصحاب و فی (کشف الرموز) أن الأصحاب عملوا بمراسیل البزنطی و الروایة مقبولة عند أهل الحدیث کما فی (إیضاح النافع) و مشهورة متکررة فی الکتب معمول بها بین الأصحاب کما فی (الکفایة و فی الدروس) نسب احتمال التحالف و حلف المشتری إلی الندرة (قلت) و قال الشیخ فی العدة إن البزنطی لا یروی إلا عن ثقة و هو خیرة (النهایة و المبسوط) (و الخلاف) و القاضی و القطب فیما حکی عنهما (و السرائر) فی آخر کلامه کما عرفت (و جامع الشرائع و الشرائع و النافع و کشف الرموز و الإرشاد و التبصرة) (و الدروس و اللمعة و غایة المراد و جامع المقاصد و الکفایة) و قیل به أو میل إلیه فی (إیضاح النافع) (و مجمع البرهان) و قد یقال إنه ظاهر الکلینی و الصدوق و غیرهم کما ستسمع و الأصل فیه ما أرسله البزنطی عن رجل عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام فی الرجل یبیع الشی‌ء فیقول المشتری هو بکذا و کذا بأقل مما قاله البائع قال القول قول البائع إذا کان الشی‌ء قائما بعینه مع یمینه و قد رواها المشایخ الثلاثة مسندة فی روایتی الکلینی و الشیخ عن أحمد البزنطی عن رجل عن الصادق علیه السلام و مرسلة فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 756
و قیل إن کانت فی یده (1)
______________________________
(الفقیه) عنه علیه السلام و مفهومها یعطی أن القول قول المشتری مع عدم بقائها مع عدم القول بالواسطة کما فی (المسالک و مجمع البرهان) و غیرهما و موافقته للأصل و هی أخص من الأصل و القاعدة فیخصصان بها مع تأیده بإطلاق الصحیح فإن اختلافا فالقول قول رب السلعة أو یتتارکا و ظاهر التتارک بقاء السلعة أو یکون الإطلاق محمولا علی التقیید فی الخبر السابق و محل الاختلاف فی (الصحیح) و إن کان مطلقا إلا أن ما نحن فیه داخل تحت الإطلاق و روی فی الخلاف عن عبد اللّٰه بن مسعود أن النبی صلی اللّٰه علیه و آله قال إذا اختلف المتبایعان فالقول قول البائع و المبتاع بالخیار مضافا إلی الأخبار الذی أرسلها الشیخ فی الخلاف إن کانت غیر هذه و ما یحکیه کما یرویه (و قد احتجوا) له بوجوه لا تخلو من نظر أقواها أن البائع لما عین السبب المقتضی للانتقال و شخصه بوقوعه علی الثمن الزائد أو بالوصف المخصوص لم یکن اعترافه بالملک مطلقا بل علی ذلک الوجه الذی إن ثبت ثبت به ذلک الثمن المخصوص فحینئذ یکون منکرا لما یدعیه المشتری (و فیه) أنه قد یقال إنه أیضا مدع لعقد یتضمن الزیادة فیکون منکرا و مدعیا (فتأمل) و علی المشهور لو کانت العین قائمة لکنها قد انتقلت عن المشتری انتقالا لازما کالبیع و العتق ففی تنزیله منزلة التلف وجهان العدم لصدق القیام و منع المساواة للتلف و التنزیل اقتصارا فیما خالف الأصل علی المتبادر أو المتیقن من النص و لیس هو إلا إذا لم تنتقل عنه و لو تلف بعضه ففی تنزیله منزلة تلف الجمیع أو بقاء الجمیع أو إلحاق کل جزء بأصله أوجه أوجهها الأول لعدم صدق قیامها الذی هو مناط تقدیم قول البائع مع الاقتصار علی المتیقن فیما خالف و کذلک الحال لو امتزجت بغیرها امتزاجا لا یمکن تخلیصه و لا تمییزه لعدم صدق القیام عرفا فإن ظاهره أنه أخص من الوجود
(قوله) (و قیل إن کانت فی یده)
هذا قول أبی علی قال یحلف المشتری إن کانت فی یده أو أحدث فیها حدثا و یحلف البائع إن کانت فی یده فیتخیر المشتری بین الأخذ و الترک کما حکی عنه جماعة منهم المصنف فی (المختلف) و الشهید فی (الدروس) و قد نفی عنه البأس فی (التذکرة) و قال فی (السرائر) و قال بعض أصحابنا و هو ابن الجنید و أبو الصلاح صاحب کتاب (الکافی) و غیرهما من أصحابنا إذا کان الشی‌ء فی ید بائعه فالقول قوله مع یمینه و إن کان فی ید مشتریه فالقول قول المشتری (و احتج) لذلک أنه إذا کان فی ید بائعه بعد فالمشتری یرید انتزاعه من یده فالقول قول من ینزع الشی‌ء من یده و لو کان فی ید مشتریه فصاحبه یعنی بائعه یدعی زیادة علی ما أقر به المشتری فلا تقبل دعواه إلا بینة ثم أطال فی الکلام إلی أن قال إن الشیخ استدل فی (الخلاف) بإجماع الفرقة و أخبارهم فقال من أجمع معه و أی أخبار وردت له و إنما هو خبر واحد مرسل (و قد یقال) إن ممن أجمع معه الکلینی و الصدوق و البزنطی و سهلا و عدته و فیها الأجلاء و محمد بن أحمد بن یحیی بن عمران الأشعری و معاویة بن حکیم الراوون لهذا الحدیث و حال ما یحکیه الشیخ فی (الخلاف) و غیره کحال ما یسنده و یرویه فلا وجه لرده علیه بقوله من أجمع معه و أی أخبار وردت له و کان الواجب علیه أن یبین لنا من الذی أراده بقوله و غیرهما من أصحابنا فإنه لم نجده و لم یحکه أحد عن غیر هذین غیره و قد قال بعد ذلک بأسطر قلیلة و إن اختلفا فی الشرط و الذکر فالقول قول البائع مع بقاء السلعة لإجماع الطائفة
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 757
و قول المشتری مع یمینه کانت السلعة تالفة و قیل إن کانت فی یده یحتمل تقدیم قول المشتری لأنه منکر (1) و یحتمل التحالف و بطلان البیع (2)
______________________________
علی أنهما إذا اختلفا فی الثمن کان القول قول البائع مع بقاء السلعة و القول قول المشتری مع عدمها انتهی کلامه ثم المحکی عن أبی الصلاح فی (المختلف و الإیضاح و الدروس) و غیرها أنه قال یتحالفان إن تنازعا فی المبیع أو الثمن قبل التقابض و یفسخ البیع و لم یتعرض لما بعد القبض و هذا خلاف ما حکاه عنه فی (السرائر) و أما ما احتجوا به (ففیه) أن کون السلعة فی ید البائع مع اعترافه بزوال ملکه عنها بالبیع الذی ادعاه لا أثر له فی تقدیم قوله لاعترافه بأن هذه الید لیست ید ملک (و القول) بأنه نفی ملکیة المشتری للسلعة إلا علی الوجه المخصوص فتکون یده بالنسبة إلی ما عدا ذلک الوجه ید ملک (یدفعه) أن الدعوی لو تضمنت إقرار نفذ و إن لم تنفذ الدعوی و أما المشتری فإنه معترف بابتناء یده علی ید البائع و سبق ملکه فکیف تعتبر یده و أما حدث المشتری فهو دلیل الید التی قد عرفت حالها و ذکر فی (التحریر) القولین مترددا فیهما و قد ذکرنا فی أواخر باب الشفعة ما له نفع فی المقام حیث تعرض لهذا الفرع هناک و فیما إذا أقاما بینتین و أسبغنا فیه الکلام
(قوله) (و یحتمل تقدیم قول المشتری لأنه منکر)
قال فی (المسالک) هذا لم یذکره أحد من أصحابنا فی کتب الخلاف و ذکره العلامة فی (التذکرة) عن بعض العامة (انتهی) و هو کذلک و لذلک ذکره فی (الدروس) احتمالا للفاضل و نسبه إلی الندرة و فی (التذکرة و الروضة) أن فیه قوة و فی (المیسیة) أنه حسن و فی (المسالک) أنه أقوی الأقوال و فی مجمع البرهان أنه الظاهر الموافق للقوانین و فی (جامع المقاصد) أنه یشکل بأن قول کل منهما مناف لقول الآخر حیث إن کل واحد منهما شخص دعواه بما ینافی الدعوی الأخری و هذا منه بناء علی ما تقدم (یأتی خ ل) له من تقویة القول بالتحالف و قوة هذا الاحتمال لا تکاد تنکر لو لا الأخبار و الإجماعات لکن علی تأمل فی تقدیم قوله علی الإطلاق لرجوع الأمر فی بعض الصور إلی التحالف کأن یدعی البائع بألف و المشتری البیع بغنم مثلا (فتأمل) جیدا و إلی هذا القول یرجع ما فی (المختلف) من أن القول قول المشتری مع قیام السلعة أو تلفها فی یده أو فی ید البائع بعد الإقباض و الثمن فی الذمة و کذلک إذا کان معینا لکن کان الأقل لا یغایر أجزاء الأکثر و لو کان مغایرا تحالفا و فسخ البیع (و احتج) علی الأول بأن المشتری منکر و علی الثانی بأن التحالف فی عین الثمن و کل منهما ینکر ما یدعیه الآخر فیتحالفان و هو یرجع إلی تقدیم قول المشتری مطلقا حیث یکون الاختلاف فی کمیة الثمن و ذلک لأن موضع الخلاف ما لو کان الثمن فی الذمة لیمکن جریان الأقوال فیه فلو کان معینا کما لو قال بعتک بهذا العبد فقال بل بهذه الأمة أو الدراهم فإنه یتعین التحالف و هذا لا یطلق علیه الاختلاف فی قدر الثمن نعم قد یتفق مع التعیین الاختلاف فی القدر کما لو قال بعتک بهذین الدینارین فقال بل بأحدهما معینا فإن الحکم فیه کالحال فی الذمة و الأقوال جاریة فیه فظهر رجوع قول (المختلف) إلی هذا القول و فی (التنقیح) أن تفصیل (المختلف) حسن لا غبار علیه
(قوله ره) (و یحتمل التحالف و بطلان البیع)
هذا الذی صححه فخر الإسلام فی (الإیضاح و شرح الإرشاد) و الشهید فی (قواعده) لأن کلا منهما مدع و منکر و فی (جامع المقاصد) أنه لا یخلو من قوة و نسبه فی (الدروس) إلی النذور و أبطله فی (مجمع البرهان) لأن موضع التحالف هو
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 758
فیحتمل استحباب تقدیم البائع فی الإحلاف لعود الملک إلیه فجانبه أقوی (1) و المشتری لأنه منکر الزیادة (2) و التساوی لأن کل منهما مدع و مدعی علیه فإن البائع یدعی الزیادة و ینکر تملک المبیع بدونها و المشتری بالعکس فیفرع (3) ثم یحتمل أن یحلف کل منهما یمینا واحدة جامعة بین النفی و الإثبات فیقول البائع ما بعت بعشرة بل بعشرین و یقول المشتری ما اشتریت بعشرین بل بعشرة (4)
______________________________
إرجاع الدعوی إلی دعویین و عدم قطع الدعوی بحلف المنکر و ما نحن فیه لیس کذلک إذ الظاهر أن الدعوی واحدة و حلف المشتری علی عدم الزیادة التی یدعیها البائع یقطع الدعوی و یرفع النزاع و الخصومة و قد عرفت فیما سلف الحال فی کیفیة حلف البائع علی المشهور و الوجه فی بطلان البیع مع التحالف انتفاء کل من دعوی أحدهما بیمین صاحبه و ستعرف الحال فی أنه هل یبطل من أصله أو من حینه
(قوله) (فیحتمل استحباب تقدیم البائع فی الإحلاف لعود الملک إلیه فجانبه أقوی)
هذا الاحتمال و ما بعده تفریع علی احتمال التحالف و کلها علی الاستحباب لعدم نهوض أدلتها علی الوجوب و هی مخصوصة بما إذا باع عرضا بثمن فی الذمة فأما إذا تبادلا عرضا بعرض فلا وجه إلا التسویة کما فی (التذکرة) و الوجه فی احتمال استحباب تقدیم قول البائع ما أشار إلیه المصنف من عود الملک إلیه بعد التحالف فهو فی قوة صاحب الید و صاحب الید أقوی فهو أحق بالیمین و لما رواه العامة من قوله صلی اللّٰه علیه و آله القول ما قاله البائع و المبتاع بالخیار و هو خیرة الشافعی و أحمد و الذی قربه فی (التذکرة) أنه یبدأ بیمین من ادعی علیه أولا و تبعه علی ذلک صاحب (المسالک) و نفی عنه البعد فی (جامع المقاصد) و فی (الدروس) أن البادی بالیمین من یتفقان علیه فإن اختلفا عین الحاکم
(قوله) (و المشتری لأنه ینکر الزیادة)
و الأصل براءة ذمته منها فهو منکر فالیمین فی جنبه أقوی و لأنه إذا نکل وجب الثمن الذی ادعاه البائع و انفصل الحکم و ما کان أقرب إلی فصل الحکم بدئ به
(قوله) (و التساوی لأن کلا منهما مدع و مدعی علیه فإن البائع یدعی الزیادة و ینکر تملک المبیع بدونها و المشتری بالعکس فیقرع)
کما یقرع بین المتسابقین إلی المباح و یحتمل أنه یتخیر الحاکم فی التقدیم کما فی (التذکرة) و قد سمعت ما فی (الدروس)
(قوله) (ثم یحتمل أن یحلف کل منهما یمینا واحدة جامعة بین النفی و الإثبات فیقول البائع ما بعت بعشرة بل بعشرین و یقول المشتری ما اشتریت بعشرین بل بعشرة)
هذا بیان کیفیة الیمین و وجه ما ذکره المصنف أن ذلک مغن عن یمین أخری لو نکل الآخر فکان أفصل للحکم و أسهل للحاکم و أن الیمین محذورة و قد نهی عن تکرارها (و فیه) أن یمین الإثبات بعد النکول فلا تتقدم علیه و أنها أی یمین الإثبات قاطعة و هذه لیست قاطعة ثم إنها لا یبدأ بها فی غیر القسامة (إلا أن تقول) إنها أتت هنا تبعا فیقدم النفی علی الإثبات لأنه الأصل فی الإیمان فإذا حلفا یمین النفی سقطت الدعویان عندنا کما فی (التذکرة) و کان الملک باقیا علی حاله و لم یحکم بثبوت عقد حتی یحکم بانفساخه و معناه أنه یبطل العقد من أصله و ینزل منزلة المعدوم (و یشکل) باتفاقهما علی وقوع عقد ناقل فالظاهر أن البیع لا یبطل إلا من حینه کما هو خیرة (الدروس) فالنماء لمن کان مالکا و لو وقع التحالف بعد انتقال العین من المشتری بعقد لازم أو خرج عن ملکه بعتق أو وقف فعلی الأول تبطل العقود و غیرها و ترجع العین إلی البائع و علی الثانی یرجع إلی القیمة یوم الانتقال کما سیأتی فی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 759
أو یمینا علی النفی (1) فإن نکل أحدهما بعد یمین صاحبه الجامعة بین النفی و الإثبات قضی علیه (2) و بعد المنفردة بالنفی تعاد علیه یمین الإثبات (3) فإن نکل فهو کما لو تحالفا لأن نکول المردود علیه عن یمین الرد کحلف صاحبه (4) و لو کان المبیع تالفا وجبت القیمة عند التحالف یوم التلف و یحتمل یوم القبض (5)
______________________________
الکتاب و لو تلف رجع بقیمته علی القولین و الظاهر أن العقد یبطل بالتحالف و إن لم یفسخه فاسخ کما سمعته عن (التذکرة) علی القول ببطلانه من أصله و الظاهر أنه کذلک علی القول ببطلانه من حینه و فی (الدروس) إذا حلفا أو نکلا احتمل أن ینفسخ العقد إذ إمضاؤه علی وفق الیمینین متعذر و علی وفق أحدهما تحکم و یحتمل أن یتزلزل و یفسخه المتعاقدان أو أحدهما أو یرضی أحدهما بدعوی الآخر أو یفسخه الحاکم إذا أیس من موافقتهما أو امتنعا من فسخه لئلا یطول النزاع و علی الانفساخ ینفسخ من حینه لا من أصله و علی الفسخ فمن حین إنشائه ثم إن تقارنا علی الفسخ أو فسخه الحاکم انفسخ ظاهرا و باطنا و إن بدر أحدهما فإن کان المحق فکذلک و إلا انفسخ ظاهرا (انتهی) و هو خلاصة ما فی (التذکرة)
(قوله) (أو یمینا علی النفی)
قال فی (التذکرة) الیمین عندنا واحدة علی نفی ما ادعاه الآخر فیحلف البائع أنه لم یبع بخمسمائة و یحلف المشتری أنه لم یشتری بألف ثم ینسخ العقدان و هو خیرة (الدروس و جامع المقاصد و المسالک) و لم یرجح فی الإیضاح
(قوله) (فإن نکل أحدهما بعد یمین صاحبه الجامعة بین النفی و الإثبات قضی علیه)
هذا تفریع علی الاحتمال الأول و لا فرق فی ذلک بین نکوله عن النفی و الإثبات جمیعا أو عن أحدهما فإن نکلا معا عن الیمین أصلا فوجهان و یحتمل أن یکون تناکلهما کتحالفهما و هو الذی حکم به فی (الدروس) أو یوقف الأمر لأنهما ترکا الخصومة
(قوله) (و بعد المنفردة بالنفی یعاد علیه یمین الإثبات)
فإن حلف قضی له و هذا تفریع علی الاحتمال الثانی و لو نکل الأول عن الیمین حلف الآخر علی النفی و الإثبات و قضی له و لو حلف علی النفی فقط فوجهان الاکتفاء بها لأن المحوج إلی الفسخ جهالة الثمن و قد حصلت و عرض یمین الإثبات علیهما فإن حلفا ثم التحالف و إن نکل أحدهما قضی للحالف و إن نکلا معا فکما سلف و هذا کله إذا لم نقل بأنه یقضی علی الناکل بمجرد النکول و لیتأمل فی ذلک کله
(قوله) (فإن نکل فهو کما لو تحالفا لأن نکول المردود علیه عن یمین الرد کحلف صاحبه)
أی فإن نکل عن یمین الإثبات الحالف لیمین النفی بعد نکول صاحبه عن الیمین أصلا فهو کما لو تحالفا فی ثبوت الفسخ و ذلک لأن الیمین لما انحصرت فی جانبه لإثبات الحق کان نکوله عنها موجبا لسقوطه فهو کما لو حلف صاحبه و یحتمل أن لا یثبت الفسخ بذلک بل أقصاه أنه لا یقضی له لاحتمال صدقه فیما یدعیه صاحبه و کذبه فیما یدعیه هو فیوقف الأمر أو تعرض یمین الإثبات علیهما کما مر فلیتأمل
(قوله) (و لو کان المبیع تالفا وجبت القیمة عند التحالف یوم التلف و یحتمل یوم القبض)
إذا تلف فی ید المشتری فعلیه قیمته سواء کانت أکثر من الثمن أو أقل و هل تعتبر وقت التلف لأن مورد الفسخ العین لو بقیت و القیمة خلف عنها فإذا فات الأصل فحینئذ ینظر إلیها أو یوم القبض لأنه وقت دخول المبیع فی ضمانه أو الأقل لأنها إن کانت یوم العقد أقل فالزیادة حدثت فی ملک المشتری و إن کانت یوم التلف أو القبض أقل فهو یوم دخوله فی ضمانه أو بأعلی القیم من یوم القبض إلی یوم التلف لأن یده ید ضمان فیتعین أعلی
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 760
و لو تلف بعضه أو تعیب أو کاتبه المشتری أو رهنه أو أبق أو آجره رجع بقیمة التالف و أرش العیب و قیمة المکاتب و المرهون و الآبق و المستأجر و للبائع استرجاع المستأجر لکنه یترک عند المستأجر مدة الإجارة و الأجرة المسماة للمشتری و علیه أجرة المثل للبائع و لو زالت الموانع بأن عاد الآبق أو فک الرهن أو بطلت الکتابة بعد دفع القیمة فالأقرب عود ملک البائع إلی العین فیسترد المشتری القیمة
______________________________
القیم (و قد عرفت) أن هذا الفرع جار علی القول ببطلانه من أصله أو من حینه بخلاف ما سیأتی
(قوله) (و لو تلف بعضه أو تعیب أو کاتبه المشتری أو رهنه أو أبق أو آجره رجع بقیمة التالف و أرش العیب و قیمة المکاتب و المرهون و الآبق و المستأجر)
أما رجوعه بقیمة التالف فلأنه رجع بالتحالف إلی ماله فیأخذ منه الموجود کیف کان و قیمة الذاهب و هذا خلاف ما تقدم فی التفریع علی القول المشهور و الفرق أن الحکم هناک معلق فی النص علی قیام العین و هو غیر متحقق مع تلف البعض و هنا یرجع بالتحالف إلی ماله کما عرفت (و وجه) رجوعه بالقیمة فی المذکورات أن هذه التصرفات صدرت من المشتری و هو مالک له أهلیة التصرف فلا سبیل إلی إبطالها فیجب علی المشتری دفع القیمة إذا طلبها المالک و لو کان یتمکن من ردها بعد یوم مثلا کما إذا کان قد بقی من مدة الإجارة یوم واحد فهل یجب دفع القیمة أم لا ظاهر إطلاق العبارة یقتضی ذلک و به قد صرحوا فی باب الغصب (و قد یفرق) بأن الغاصب مکلف بأشق الأحوال و یأتی تمام الکلام (و قد عرفت) أنه اختار فی (التذکرة) أن للبائع فسخ الکتابة و الإجارة و الرهن و عرفت أن البطلان إنما طرأ بعد التحالف لاتفاقهما علی ثبوت الملک قبله فلا سبیل إلی نفیه من أصله و الآبق مضمون علیه لأن ید المشتری ید ضمان
(قوله) (و للبائع استرجاع المستأجر لکنه یترک عند المستأجر مدة الإجارة)
فیتخیر بین المطالبة بالبدل و بین الرجوع بها و الصبر إلی انقضاء مدة الإجارة و کذلک الحال إذا کانت مرهونة لکنه لما لم یکن عود الرهن موثوقا به لإمکان بیعه لوفاء الدین لم یذکر فیه ذلک و فی (الدروس) أن صاحب العین لو رضی بتأخیر الأخذ إلی فک الرهن أو فراغ الإجارة احتملت إجابته إن سلم العین أو أسقط الضمان و جوزناه و إلا لم تجب و قال إن فی الإجارة و الرهن وجهین مبنیین علی الحمل علی الکتابة و الإباق
(قوله) (و الأجرة المسماة للمشتری)
لأن الإجارة عقد صدر منه فی وقت کان فیه مالکا لها
(قوله) (و علیه أجرة المثل للبائع)
أی أجرة المثل لما بعد الفسخ إلی آخر الإجارة لأن ما قبل ذلک حق المشتری و بعده حق للبائع و کذا منافعه فعلیه عوضها و هو أجرة المثل لها لأنه فوتها بإجارته
(قوله) (و لو زالت الموانع بأن عاد الآبق أو فک أو بطلت الکتابة بعد دفع القیمة فالأقرب عود ملک البائع إلی العین فیسترد المشتری القیمة)
وجه القرب کما فی (الإیضاح و جامع المقاصد) أن القیمة أخذت للحیلولة لا معاوضة لأن المعاوضة مشروطة بصدور عقد و لم یتحقق و یحتمل ضعیفا عدمه لأن العین قبل رجوعها لم تخرج عن الملکیة فهی إما للبائع و هو محال و إلا لزم أحد الأمرین إما ملک العوض و المعوض أو عدم ملک هذا العوض بل جواز التصرف فیه و کلاهما محال و لیس لغیرهما و إما للمشتری علی حد ملک البائع العوض و هو المطلوب فإنه لم یعهد فی الشرع انقطاع الملک بغیر عقد ناقل إلا فی مواضع معدودة لیس هذا منها أی عود المبیع (و قد یجاب) بأنا نلتزم بخروج المبیع عن ملک البائع کما تشیر إلیه عبارة الکتاب
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 761
و النماء المنفصل للمشتری علی إشکال و لو اختلفا فی تأخیر الثمن و تعجیله أو فی قدر الأجل أو فی اشتراط رهن من البائع علی الدرک أو ضمین عنه أو فی المبیع فقال بعتک ثوبا فقال بل ثوبین و لا بینة قدم قول البائع مع الیمین
______________________________
و بدخول العوض فیه دخولا متزلزلا لأن له حقا فی عین ماله فلا یسقط حقه منها بالکلیة و ثبوت العوض إنما کان محافظة علی وصول حقه إلیه بحسب المقدور فیکون بعود المبیع مسلطا علی الرجوع إلی عین ماله و قد تدل عبارة الکتاب علی أنه یعود بنفسه من غیر توقف علی فسخ ملکیة العوض و یحتمل توقفه علی الفسخ و المطالبة بالمبیع کما یرشد إلیه دخول العوض فی ملکه إذ لا بد لزواله من سبب و قد یتوقف فی کون زوال الحیلولة سببا فی ذلک من دون فسخ البائع لکنهم صرحوا فی باب الغصب بأنه لو أبق العبد من ید الغاصب ضمن فی الحال القیمة للحیلولة و أن العبد باق علی ملک المالک فإذا عاد ترادا و قالوا أیضا إنه یجب علی الغاصب رد العین فإن تعذر دفع الغاصب البدل و یملکه المغصوب منه و لا یملک الغاصب العین المغصوبة فإن عادت فلکل منهما الرجوع و أنه یجبر المالک علی إعادة البدل و مقتضی قولهم أن تملک القیمة للحیلولة أن لا یکون فی مقابلة العین المغصوبة و یرشد إلیه تصریح جماعة ببقاء العین المغصوبة علی ملک المالک و قول آخرین لا یملک الغاصب العین المغصوبة لامتناع کون الملک لا مالک له و انحصاره فیهما و المراد بالقیمة فی قول المصنف فی عبارة الکتاب فیسترد المشتری القیمة إما مطلق العوض لیشمل المثل أو نبه باستردادها فی القیمی علی استرداد المثل فی المثلی
(قوله) (و النماء المنفصل للمشتری علی إشکال)
قال فی (الإیضاح) للنماء ثلاثة أقسام (الأول) المتجدد قبل التحالف و فیه الإشکال من حیث إن التحالف یفسخ البیع من الأصل و النماء تابع و من حیث إنه قد نما علی ملکه و الفسخ متجدد (و فیه) أن احتمال رفع العقد من أصله بالتحالف ینافی بقاء الرهن و الإجارة و الکتابة کما هو المفروض و قال (الثانی) النماء المتجدد بعد التحالف و قبل أداء القیمة للبائع قطعا (الثالث) المتجدد بعد أخذ القیمة و قبل الوجدان و هو مبنی علی ما مر و لعله أراد ما ذکره فی وجه قرب عود ملک البائع إلی العین و احتمال عدمه و جزم فی (جامع المقاصد) بأن المراد فی المقام إنما هو القسم الثالث و جعل منشأ الإشکال من أن المبیع بدفع العوض دخل فی ملک المشتری و من أن عوده إلی الملک بعد رجوعه یقتضی عدم انقطاع علاقة الملک بالکلیة ثم قوی الأول و الأقوی أن النماء فی القسم الأول للمشتری لما عرفت من أن الظاهر انفساخ العقد من حین التحالف و أنه فی القسمین الأخیرین للبائع لعدم دخول المبیع بدفع القیمة فی ملک المشتری و فی (التذکرة) أطلق کون النماء للبائع إن قلنا إن العقد یرتفع من أصله و للمشتری إن قلنا من حینه و احترز بالمنفصل عن النماء المتصل فإن ذلک للبائع قطعا إذا استرد المبیع و یبقی الکلام فی نماء القیمة أعنی العوض و البدل إذا استردها المشتری و لا ریب فی أن المنفصل منه للبائع لأنه فی وقت النماء کان مالکا لها ملکا مراعی فکان نماء ملکه کما أنه لا ریب فی أن المتصل للمشتری فیجب رده مع عین القیمة
(قوله) (و لو اختلفا فی تأخیر الثمن و تعجیله أو فی قدر الأجل أو فی اشتراط رهن من البائع علی الدرک أو ضمین عنه أو فی المبیع فقال بعتک ثوبا فقال بل ثوبین و لا بینة قدم قول البائع مع الیمین)
کما صرح بذلک کله فی (المبسوط و الخلاف و الشرائع و التذکرة و الإرشاد و الدروس و اللمعة)
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 762
و لو قال بعتک العبد بمائة فقال بل الجاریة تحالفا و بطل البیع
______________________________
(و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة و التحریر) إلا فی الأخیر فظاهره التأمل فیه (و الغنیة) فی المبیع و الأجل و الخیار و مقدار مدتهما و صرح فی (جامع الشرائع) بذلک فی تأخیر الثمن و قدر الأجل و حکی عن القاضی الموافقة فیما إذا اختلفا فی المبیع و نحوه حکی عن أبی الصلاح لکنه قال بعد ذلک و فسخ البیع أولی (و وجه) تقدیم قول البائع فی هذه المواضع مع یمینه أنه منکر لأنهما اتفقا علی صدور العقد و حصول الملک و ثمن معین و اختلفا فی أمر زائد و البائع ینکر و ناقش فی (جامع المقاصد) فمال إلی القول بالتحالف بناء علی القول به فی المسألة السابقة لاشتراکهما فی الوجه الذی اقتضاه بدعوی امتناع العمل بالمتفق علیه إذ لیس هناک فی الحقیقة متفق علیه لأن أحدهما یسند الملک إلی سبب مخصوص و الآخر ینفیه و یسنده إلی سبب آخر ففی الحقیقة الملک بقول أحدهما خلاف الملک بقول الآخر و حینئذ فکل منهما مدع و مدعی علیه قال فیتحالفان إن لم تکن المسألة إجماعیة (و فیه) أن السبب الناقل للملک و هو العقد لا نزاع بینهما فیه و لا تعدد و إنما الخلاف فیما صاحبه من الأمور المذکورة و هو أمر خارج عن السبب نعم هو مقید بما یذکر فیه منها فما ثبت منها کان قیدا له و لا یلزم من ذلک اختلافه فتنازعهما یرجع إلی وجود تلک و عدمه و یقدم المنکر و هذا آت فی المسألة السابقة لو لا الدلیل و ما ذکروه فی المقام مبنی علی الغالب من أن البائع یدعی التعجیل و تقلیل الأجل و نحو ذلک فلو اتفق خلافه فادعی هو الأجل أو طوله لغرض تعلق بتأخیر القبض أو ادعی اشتراط رهن أو ضمین علی المشتری قدم قول المشتری للأصل و إنما یقدم قول البائع فی قدر المبیع سواء کان مطلقا أو معینا إذا لم یتضمن الاختلاف فی الثمن کبعتک هذا الثوب بألف فقال بل هو و الآخر بألفین فالأقوی التحالف إذ لا مشترک هنا یمکن الأخذ به کما فی (التذکرة و جامع المقاصد و الروضة و المسالک) و غیرها أما إذا لم یتضمن الاختلاف فی الثمن کبعتک هذا الثوب بألف فقال بل هو و الآخر بألف لیکون قسط ما یدعی البائع بیعه خمسمائة فإنه یکون الاختلاف عند التحقیق فی أمرین (أحدهما) قدر الثمن فیقدم قول البائع فیه لما مر إذا کانت السلعة قائمة کما هو المفروض فی المثال (و الثانی) فی انتقال السلعة الأخری بالخمس مائة الأخری و البائع ینکر ذلک فکان القول قوله مع الیمین فتثبت له الألف فی مقابلة ذلک الثوب و یجی‌ء علی مختار (المختلف) فی المسألة الأولی من التحالف حیث یکون الأقل مغایرا لأجزاء الأکثر إنهما یتحالفان هنا فی مثل ذلک و علی مختاره هناک من تقدیم قول المشتری عند عدم المغایرة تقدیم قول البائع هنا کذلک فلیلحظ ذلک
(قوله) (و لو قال بعتک العبد بمائة فقال بل الجاریة تحالفا)
بمعنی أنه یحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه الآخر کما فی (المبسوط و الخلاف و الغنیة و التحریر) (و الدروس و اللمعة و الکفایة) و قضیة ذلک أنه یبطل البیع کما فی (الکتاب و الإرشاد) و تبطل دعواهما کما فی (الشرائع) و یحکم ببطلان العقدین معا کما فی (التذکرة) و قضیة ذلک کله ما عدا (التذکرة) أنه ینفسخ البیع کما فی (جامع الشرائع) بنفسه من حینه و لا یحتاج إلی الفسخ لا من أصله کما فی (اللمعة و الروضة) و تعبیرهم بالبطلان ینبه علی ذلک لاقتضائه سبق صحة فنماء الثمن المنفصل المتخلل بین العقد و التحالف للبائع و أما المبیع فیشکل حیث لم یتعین و الوجه فی التحالف أنهما لم یتفقا علی أمر و یختلفا فی ما زاد و هو ضابط التحالف فیحلف کل منهما یمینا واحدة علی نفی ما یدعیه الآخر لا علی إثبات
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 763
و لو قال بعتک بعبد فقال بل بحر
______________________________
ما یدعیه و لا جامعة بینهما لما عرفت فیما سلف فإذا حلفا انفسخ العقد و رجع کل منهما إلی عین ماله أو بدلها و البادی منهما من یتفقان علیه أو من ادعی علیه أولا أو البائع کما مر فیما سلف فإن حلف الأول و نکل الثانی و قضینا بالنکول ثبت ما یدعیه الحالف و إلا حلف یمینا ثانیة علی إثبات ما یدعیه ثم إذا حلف البائع علی نفی ما یدعیه المشتری بقی علی ملکه فإن کانت الجاریة فی یده و إلا انتزعها من ید المشتری و إذا حلف المشتری علی نفی ما یدعیه البائع و کان العبد فی یده لم یکن للبائع مطالبته به لأنه لا یدعیه و إن کان فی ید البائع لم یکن له التصرف فیه لاعترافه بکونه للمشتری و له ثمنه فی ذمته فإن کان قد قبض الثمن رده علی المشتری و له أن یأخذ العبد قصاصا و إن لم یکن البائع قبض الثمن أخذ العبد قصاصا أیضا فإن زادت قیمته عنه فهو مال لا یدعیه أحد کما نبه علی ذلک کله فی (التذکرة و الروضة و المسالک) و علی بعضه فی (المبسوط و الخلاف) و علی ما تقدم من التفصیل فی الفسخ ظاهرا و باطنا علی بعض الوجوه ینتفی ذلک و لا فرق فی ذلک کله بین أن یکون الثمن معینا أو فی الذمة خلافا للشافعی فیما إذا کان فی الذمة فإنهما لا یتحالفان حینئذ عنده و لیعلم أنه فی (الخلاف) بعد أن حکم بأنه یحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه الآخر قال و لیس هذا تحالفا و لعله أراد التنبیه علی ما یقوله الشافعی من أن التحالف أن یحلف کل واحد منهما علی إثبات ما یقوله و نفی ما یدعیه الآخر و حکی فی (اللمعة) عن الشیخ و القاضی فی أصل المسألة أنه یحلف البائع کالاختلاف فی الثمن و هذا لم نجده لهما و لا حکاه غیره عنهما و لعله لذلک ضرب علیه فی بعض النسخ المقروءة علی المصنف حکی ذلک فی (الروضة)
(قوله) (و لو قال بعتک بعبد فقال بل بحر)
فإنه یقدم قول مدعی الصحة مع الیمین کما فی (المبسوط و جامع الشرائع و الشرائع و التذکرة) (و الإرشاد و التحریر و الدروس و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد) و غیرها و فی (الکفایة) أنه المعروف بینهم و ذلک لأن الأصل فی العقود الصحة فیکون قول البائع موافقا للأصل (لا یقال) الأصل عدم العقد الصحیح و بقاء الملک فصار کما لو اختلفا فی أصل البیع (لأنا نقول) الأصل عدم العقد الفاسد أیضا و قد وقع العقد منهما قطعا و الأصل فی أفعال المسلمین و عقودهم الجاریة بینهم الصحة (نعم قد یشکل) الحکم مع التعیین کبعتک بهذا العبد فیقول بل بهذا الحر فإن منکر نقل العبد إن کان هو المشتری فهو ینفی ثبوت الثمن فی ذمته و إن کان هو البائع فهو ینفی انتقال عبده عنه فالأصل معهما فی الموضعین فهو یرجع إلی إنکار البیع فیقدم قول منکره (نعم) لو لم یعینا فی الصورتین توجه ما ذکروه و لعله إلی ذلک أشار الشهید فی حواشیه حیث قال إن ذلک مخالف لما علیه الأصحاب فی غیر هذا المقام (و یجاب) بأن المفروض عدم ظهور الحال فی الثمن کما إذا کان قد تلف أو مات أو هرب و أما مع ظهوره و ظهور کونه حرا فلا شک فی البطلان کما لا شک فی الصحة علی تقدیر ظهور الرقبة و لو بإقراره مع البلوغ أو الحکم علیه بذلک لکونه تحت یده یباع و یشتری أو لکونه طفلا تحت یده مع عدم ظهور الحریة (فلیتأمل) فلا فرق حینئذ بین المعینین و المطلقین و لا بین کون مدعی الصحة البائع و المشتری و ظاهر عبارة الکتاب و غیرها أن منکر الصحة هو المشتری لا غیر فلا وجه للتعمیم فی تقدیم قول مدعی الصحة ممن لم یقرن معه دعوی الفسخ قبل التفرق (فتأمل) لکن سیأتی قریبا أن تقدیم مدعی الصحة إنما یصح بعد استکمال أرکان المعاملة لیتحقق وجود العقد و ما إذا لم یدع مدعی الصحة دعوی زائدة کما إذا قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 764
أو قال فسخت قبل التفرق و أنکر الآخر قدم قول مدعی الصحة مع الیمین و اختلاف الورثة کالمتعاقدین (

[فروع]

اشارة

فروع

[الأول لو قلنا بالتحالف]

الأول) لو قلنا بالتحالف فاختلفا فی قیمة السلعة التالفة رجعا إلی قیمة مثلها موصوفا بصفاتها فإن اختلفا فی الصفة قدم قول المشتری مع الیمین «1»
______________________________
بعتک البیت بعوض غیر معین فقال بل بعتنی البیت و تمام الدار بألف و قد استوفینا الکلام فی ذلک فی آخر باب الإجارة فلیلحظ (فتأمل)
(قوله) (أو قال فسخت قبل التفرق و أنکر الآخر قدم قول مدعی الصحة مع الیمین)
کما فی (المبسوط) و ما ذکر بعده فیما سلف آنفا ما عدا (اللمعة و الدروس و التنقیح) فإنه لم یتعرض له فیها (و وجهه) أن الأصل بقاء الصحة و عدم عروض المبطل فأطلق علیه الصحة مجازا و أرید به بقاؤها و إلا فمدعی الفسخ لا ینکر صحة العقد بل یعترف بها و یدعی أمرا آخر و لعله لذلک قال الشهید فی حواشیه إنه مخالف لما قال الأصحاب و المصنف من قبول قول المشتری فی مثل ذلک و إنما هذا من فروع المخالفین انتهی (فلیتأمل فیه) و لعله لذلک أهمل ذکره فی (الدروس و اللمعة) و علی المشهور فیحلف علی عدم الفسخ إن کان المدعی یدعی فسخ العقد بحضوره کما هو الظاهر و علی عدم العلم بالفسخ إن لم یدع ذلک
(قوله) (و اختلاف الورثة کالمتعاقدین)
عندنا فإن کانت السلعة قائمة حلف ورثة البائع و إن کانت تالفة حلف ورثة المشتری إن اختلفوا فی مقدار الثمن کما فی (التذکرة) و نسبه فی (الحدائق) إلی الأکثر و هو خیرة (جامع الشرائع و الدروس و اللمعة و التنقیح و جامع المقاصد و الروضة) و اختیر فی (المختلف) (و المبسوط و الشرائع و التحریر) أن القول قول ورثة البائع فی قدر المبیع و ورثة المشتری فی الثمن علی کل حال اقتصارا فیما خالف الأصل علی المتیقن و لو قلنا بالتحالف ثبت بین الورثة قطعا
(فروع الأول) (قوله) (لو قلنا بالتحالف و اختلفا فی قیمة السلعة التالفة رجعا إلی قیمة مثلها موصوفا بصفاتها فإن اختلفا فی الصفة قدم قول المشتری مع یمینه)
کما فی (التذکرة) و فی موضع آخر منها لو اختلفا فی القیمة الواجبة علیه أو الأرش قدم قول المشتری مع الیمین و لم یتعرض للعرض علی المقومین و قال الشهید فی حواشیه العرض علی المقومین لیس معهودا عند أصحابنا بل فتواهم علی تقدیم قول الغارم مع التلف و قد ذکره المصنف فی هذا الکتاب فی غیر موضع منها آخر مسألة فی هذا الباب و هو قوله و لو اختلفا فی قیمة التالف فالقول قول من ینکر الزیادة مع الیمین و فی (المسالک) أنه هو الذی تقتضیه أصول المذهب کما فی نظائره حتی الغصب و ما ذکره العلامة ألیق بأصول العامة نظرا إلی أن الوصف یفید أهل الخبرة ظن القیمة فیکون مناسبا لرفع النزاع ثم وجه الشهید فی (حواشیه) کلام المصنف هنا بأن فیه حسم مادة الخلاف لارتفاع التهمة عن البینة و رده بعموم قوله علیه السلام و الیمین علی من أنکر (و إنا) نمنع أن الصفات تعطی القیمة ضرورة أن للأعیان خصوصیات لا تعرف إلا بالمشاهدة قال فینبغی العمل علی المشهور (انتهی) و اعترضه فی (جامع المقاصد) فقال ما ذکره فی التوجیه لا یخلو من شی‌ء فإن حسم مادة الخلاف لم یکن لأن البینة لا تهمة بالنسبة إلیها بل لمحض حکم الشارع و ذلک بالنسبة إلی البینة و الیمین سواء فیجب الأخذ بظاهر قوله علیه و آله الصلاة و السلام و الیمین علی من أنکر (نعم قد یقال) البینة ممکنة فی هذا الموضع و هی حجة المدعی و لا ینتقل إلی الیمین إلا مع تعذرها فإن تم هذا فما ذکره جید و إلا فلا و فی تمامه نظر
______________________________
(1) یمینه خ ل
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 765

[الثانی لو تقایلا المبیع أو رد بعیب بعد قبض الثمن]

(الثانی) لو تقایلا المبیع أو رد بعیب بعد قبض الثمن ثم اختلفا فی قدر الثمن قدم قول البائع مع یمینه لأنه منکر لما یدعیه المشتری بعد الفسخ (1)

[الثالث لو قال بعتک و أنا صبی]

(الثالث) لو قال بعتک و أنا صبی احتمل تقدیم قول مدعی الصحة مع یمینه و تقدیم قول البائع لأصالة البقاء (2)
______________________________
لأن الأوصاف لا تعطی قیمة الأشیاء لأن للأعیان خصوصیات لا یفی بها الوصف إنما یطلع علیها بالمشاهدة فحینئذ الحکم بقبول یمین المنکر هنا مع تعذر البینة المطلعة علی عین السلعة انتهی (فلیتأمل) فیه
(قوله) (الثانی لو تقایلا البیع أو رد بعیب بعد قبض الثمن ثم اختلفا فی قدر الثمن قدم قول البائع مع یمینه لأنه منکر لما یدعیه المشتری بعد الفسخ)
کما فی (التذکرة) (و التحریر و الدروس و جامع المقاصد) لأنه کما قال المصنف منکر لما یدعیه المشتری بعد الفسخ لأنه بعد الفسخ لم یبق مبیع و لا ثمن فیکون کالدین فی ذمته أو الأمانة عنده فیقبل قوله فی قدره لأنه ینکر الزیادة
(قوله) (الثالث لو قال بعتک و أنا صبی احتمل تقدیم قول مدعی الصحة مع یمینه و تقدیم قول البائع لأصالة البقاء)
و مثله ما فی (التذکرة و الدروس) من ذکر الاحتمالین من دون ترجیح و کذلک (التحریر) حیث استشکل فیه (و قد) استشکل فی باب الإقرار فی (الدروس و جامع المقاصد) و فی إقرار (التحریر) أن الصبی یحلف و فی (جامع المقاصد) أن الاحتمال الثانی فی غایة الضعف لأن أصالة البقاء مندفعة بالإقرار بالبیع المحمول علی البیع الصحیح شرعا فإن صحته تقتضی عدم بقاء الصبوة فلا یعد معارضا کما لم یعد احتمال الفساد معارضا لأصالة الصحة فی مطلق الإقرار بوقوع عقد البیع (فإن قلت) أصلان قد تعارضا للقطع بثبوت وصف الصبوة سابقا (قلت) قد انقطع هذا الأصل بالاعتراف بصدور البیع المحمول علی الصحیح کما یحکم بانقطاع أصالة بقاء ملک البائع بالاعتراف بصدور البیع لو اختلفا فی صحته و فساده و لو ثبت فی هذه المسألة تعارض الأصلین لثبت تعارضهما فیما لو قالا تبایعنا و ادعی أحدهما الفساد و الفرق غیر واضح و کون الصبوة مستمرة سابقا لا دخل له فی الفرق (قلت) الفرق أنهما اتفقا فیما مثلت علی أهلیة التصرف و من له ذلک لا یتصرف إلا تصرفا صحیحا فکان القول قول مدعی الصحة لأنه یدعی الظاهر و فیما نحن فیه اختلفا فی أهلیة التصرف فلیس مع من یدعی الأهلیة ظاهر یستند إلیه و لا أصل یرجع إلیه و الأصل فی العقود الصحة إنما یتمسک به بعد استکمال أرکانها لیتحقق وجود العقد فلو اختلفا فی کون المعقود علیه الحر أو العبد حلف منکر وقوع العقد علی العبد و کذا الظاهر إنما یثبت مع الاستکمال المذکور فلا یمکن التمسک لو قیل إن ظاهر حال البائع أنه لا یبایع الصبی و لا یتصرف باطلا فظهر الفرق و اتضح الأمر و کان الأصح أن القول قول البائع و قد قال المصنف فی باب الضمان لا یصح ضمان الصبی و إن أذن الولی فإن اختلفا أی الضامن و المضمون له فی وقوع الضمان من الضامن حال الصبا أو حال الکمال قدم قول الضامن لأصالة براءة الذمة و عدم البلوغ و لیس لمدعی الأهلیة أصل یستند إلیه و لا ظاهر یرجع إلیه و قد حکی الشهید عن القطب أنه قال له أی للمصنف إن معه أصل صحة العقد فقال یعارضه أصالة الصبا فیبقی أصالة البراءة سلیما عن المعارض فکأنه لا أصل له و قد اعترف بذلک کله فی (جامع المقاصد) فی الباب المذکور و نحوه ما قاله فی باب الإقرار فی مسألة من یعتوره الجنون و هو خیرة ضمان (المبسوط و التذکرة و التحریر) لکنه فی رهن (جامع
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 766
و لو قال کنت مجنونا و لم یعلم له سبقه قدم قول المشتری مع یمینه و إلا فکالصبی

[الرابع لو قال وهبت منی فقال بل بعته بألف]

(الرابع) لو قال وهبت منی فقال بل بعته بألف احتمل أن یحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه الآخر و یرد إلی المالک و تقدیم قول مدعی الهبة مع الیمین
______________________________
المقاصد) قال مثل ما قال فی المقام و هو الأصح عند التحقیق و إجادة التأمل (و هذا کله) فیما إذا لم یحصل العلم بصدق أحدهما کما إذا عینا للبیع وقتا یعلم الحال فیه و لو انعکس الأمر کما لو قال المشتری للبائع بعتنی فی صغرک و ادعی البائع البلوغ قدم قول مدعی الصحة هذا و لو باعه و هو مراهق ثم اختلف هو و المشتری فی البلوغ فالقول قول الصبی من دون یمین کما بیناه فی باب الإقرار
(قوله) (و لو قال کنت مجنونا و لم یعلم به سبقه قدم المشتری مع یمینه و إلا فکالصبی) (1) أی یجی‌ء فیه احتمال تقدیم جانب الصحة أو الفساد و نحوه ما فی (التذکرة و التحریر و الدروس) و قد عرفت الحال فی ذلک و أن القول قول البائع و هو خیرة ضمان (التذکرة و التحریر) کما مر و کذلک لو ادعی من یعتاد الشرب أنه حال البیع کان سکرانا و ادعی المشتری أنه کان صاحیا فالوجه تقدیم قول البائع و هو خیرة إقرار (الکتاب و الإیضاح و جامع المقاصد) فیما إذا ادعی أنه حال الإقرار کان مجنونا و علم له سبقه و لو لم یعهد له الشرب کان کمن لم یعلم له سبق جنون فإن دعواهما غیر مسموعة و فی إقرار (الکتاب و التذکرة) (و جامع المقاصد) أنه لا تقبل دعواه لکن إن ادعی علی المشتری علمه بجنونه أو سکره کان له إحلافه و لعل عبارة الکتاب و ما کان نحوها منزلة علی ذلک لکن الشیخ قال فی باب الضمان فیما إذا لم یعرف له حال جنون و ادعی الضامن أنه کان مجنونا إن القول قوله و هو غریب و المصنف فی باب خلع الکتاب قال و لو ادعت وقوعه حال جنونه و ادعی وقوعه حال الإفاقة أو بالعکس فالأقرب تقدیم قول مدعی الصحة (و فیه) أن الأصل عدم الوقوع و بقاء النکاح و البراءة من العوض مضافا إلی ما مر
(قوله) (و لو قال وهبت منی فقال بل بعته بألف احتمل أن یحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه علیه الآخر و یرد إلی المالک)
کما هو خیرة (التذکرة و جامع المقاصد) لأن کل واحد منهما مدع و منکر و فی (جامع المقاصد) الذی یقتضیه النظر استواء هذه المسألة و ما سبق فی کلام المصنف من قوله أو اختلفا فی تأخیر الثمن و تعجیله إلی آخر المسائل فلا وجه لتردده هنا مع فتواه فیما سبق بتقدیم قول البائع و حقه بناء علی ذلک تقدیم قول المستوهب (قلت) لاتفاقهما علی انتقال الملک عن مالکه إلی آخر و اختلافهما فی استحقاق العوض فیحلف المنکر و فی (الإیضاح) أن الأقوی تقدیم قول المالک لأن الأصل أن ملک المسلم الحر المحترم لا ینقل عنه إلا برضاه و قوله (و فیه) أنه قد یقال إن هذا إنما یتم بالنسبة إلی أصل البیع أما بالنسبة إلی مقدار الثمن الذی یدعیه المالک خصوصا مع زیادته علی قیمة المثل فمشکل (و یمکن) أن یقال إنه یحلف البائع علی الثمن مع بقاء العین کما تقدم فی اختلافهما فی الثمن (فتأمل) و قد استوفینا الکلام فی هذا الأصل فی أواخر باب الشفعة (و لیعلم) أن المصنف فی باب المزارعة قال لو ادعی العامل العاریة و المالک الحصة أو الأجرة قدم قول المالک فی عدم العاریة و قال فی باب العاریة لو ادعی العاریة و المالک الإجارة فی الابتداء صدق المستعیر و لو انتفع جمیع المدة أو بعضها احتمل تصدیقه بیمینه لاتفاقهما علی إباحة المنفعة و الأصل براءة الذمة من الأجرة و تصدیق المالک بیمینه «إلخ»
(قوله) (و تقدیم قول مدعی الهبة مع الیمین)
هو قوی متین و قد سمعت وجهه فتأمل فیه
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 767

[الخامس لو قال البائع رددت إلی العبد المؤجل ثمنه]

(الخامس) لو قال البائع رددت إلی العبد المؤجل ثمنه فقال بل المعجل مع اتفاق الثمنین جنسا و قدرا فالقول قول البائع مع الیمین (1) و مع اختلافهما یتحالفان و یبطل البیع (2)

[خاتمة الإقالة]

(خاتمة) الإقالة فسخ لا بیع فی حق المتعاقدین و غیرهما (3)
______________________________
(قوله) (لو قال البائع رددت إلی العبد المؤجل ثمنه فقال بل المعجل مع اتفاق الثمنین جنسا و قدرا فالقول قول البائع مع الیمین)
لأن المردود غیر مبیع فرجعت المسألة إلی أن المشتری یدعی أن العبد الباقی الذی هو مبیع مؤجل ثمنه و البائع ینکر تأجیله فکان القول قوله لأنهما اتفقا علی اتفاق الثمنین جنسا و قدرا فکان هناک مشترک یرجع إلیه فنظرنا إلی الزائد لنقدم قول منکره مع یمینه فإذا هو الأجل و البائع ینکره و احتمال التحالف متجه
(قوله) (و مع اختلافهما جنسا یتحالفان و یبطل البیع)
لأنه لم یکن هناک مشترک بین الکلامین یرجع إلیه و ینظر إلی الزائد فیقدم قول منکره فیکون بمنزلة ما لو اختلفا فی المبیع و الثمن معا (خاتمة) خیر إن شاء اللّٰه تعالی (قوله ره) (الإقالة فسخ لا بیع فی حق المتعاقدین و غیرهما)
یدل علی جواز الإقالة بعد الأخبار المستفیضة باستحبابها الإجماع المعلوم و المنقول کما ستسمع و صیغتها أن یقول کل واحد من المتعاقدین تقایلنا أو تفاسخنا أو یقول أحدهما أقلتک فیقبل الآخر کما فی (التذکرة و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و مجمع البرهان) و الظاهر کما هو صریخ بعضهم عدم الفسخ إلا بالقول و لا یحصل بمجرد القصد و الرد لأصالة بقاء العقد و عدم زواله إلا بمزیل شرعی و لا مزیل معلوما و لا مظنونا إلا القول فإنه مزیل بالإجماع و فی (الدروس) لو التمس منه الإقالة فقال أقلتک ففی اعتبار قبول الملتمس هنا نظر من قیام الالتماس مقامه و من عدم علمه بإجابته (نعم) لو بدأه و قال أقلتک اعتبر قبول الآخر قطعا و فی الاکتفاء بالقبول الفعلی هنا احتمال (انتهی) و فی (المسالک) لا یکفی التماس أحدهما عن قبوله (قلت) احتمال الاکتفاء بالرد و القبض مع القصد قوی لخلو الأخبار و أکثر کلام الأصحاب عن التعرض للصیغة و فی (التذکرة) لو تقایلا بلفظ البیع فإن قصدا الإقالة المحضة لم یلحقه لواحق البیع حیث لم یقصداه (انتهی) و لا فرق فی ذلک بین النادم و غیره و الإقالة جاریة فی سائر العقود المتقومة من الجانبین بالمال کما یعلم ذلک من تتبع کلماتهم فی مطاوی تلک العقود و بذلک صرح فی (المسالک) و هی فسخ لا بیع إجماعا کما فی (مجمع البرهان) و عندنا کما فی (التذکرة و الروضة) و إلیه ذهبت الإمامیة کما فی (کشف الحق) فی حق المتعاقدین و غیرهما سواء کان قبل القبض أو بعده کما فی (الوسیلة و الخلاف و التحریر) و سواء وقعت بلفظ الفسخ أم الإقالة کما فی (التذکرة و الروضة) و لا تثبت بها الشفعة عندنا کما فی التذکرة (و استدل) فی (الخلاف و کشف الحق) بأن الإقالة لو کانت بیعا لوجب أن یکون للمتبایعین نقصان الثمن و زیادته و التأجیل و التعجیل فلما أجمعنا علی أن الإقالة لا یصح فیها شی‌ء من ذلک دل علی أنها لیست ببیع و أیضا لو کانت بیعا لم تصح فی السلم فلما صحت فیه إجماعا دل علی أنها لیست ببیع و أیضا أجمعنا علی أن رجلا لو اشتری عبدین فمات أحدهما ثم تقایلا صحت الإقالة فلو کانت بیعا وجب أن لا یصح لأن بیع المیّت مع الحی لا یصح (انتهی) ما فی (الخلاف) و نحوه ما فی (کشف الحق) و محل الخلاف ما إذا ذکرت بلفظ الإقالة أما إذا ذکرت بلفظ الفسخ فلا خلاف فی أنها فسخ و لیست بیعا قاله بعض الشافعیة قاله فی (التذکرة) و قال مالک هی بیع مطلقا و قال أبو حنیفة إنها فسخ فی حق المتعاقدین بیع فی حق غیرهما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 768
و شرطها عدم الزیادة و النقصان فی الثمن (1) فتبطل بدونه (2) و یرجع کل عوض إلی مالکه إن کان موجودا أو مثله أو قیمته (3)
______________________________
(قوله) (و شرطها عدم الزیادة و النقصان فی الثمن)
إجماعا کما سمعت حکایته عن (الخلاف و کشف الحق) و به أی الشرط المذکور طفحت عباراتهم و یدل علیه أو یشهد له ما رواه المشایخ الثلاثة فی (الصحیح) عن الحلبی قال سألت أبا عبد اللّٰه علیه السلام عن رجل اشتری ثوبا و لم یشترط علی صاحبه شیئا فکرهه ثم رده علی صاحبه فأبی أن یقبله إلا بوضیعة قال لا یصلح أن یأخذه بوضیعة فإن جهل فأخذه فباع بأکثر من ثمنه رد علی صاحبه الأول و لا فرق فی الزیادة بین أن تکون عینیة أو حکمیة فلو أقاله علی أن ینظره بالثمن أو یأخذ الصحاح عوض المکسرة و نحوه لم یصح کما فی (التذکرة) و غیرها
(قوله) (فتبطل بدونه)
أی الإقالة بدون الشرط کما فی (الوسیلة) (و الشرائع) و غیرهما و استدل علیه فی (الخلاف) بالإجماع المرکب و ستسمع عن الشهید نسبته إلی الأصحاب (و وجه) البطلان حینئذ أنها لما کانت فسخا کان مقتضاها رجوع کل عوض إلی صاحبه فإذا شرط فیها زیادة أو نقصانا فی أحد العوضین فقد شرط فیها ما یخالف مقتضاها فیفسد الشرط و یترتب علیه فسادها لأنهما لم یتراضیا علی الفسخ إلا علی ذلک الوجه و لم یحصل فیبقی المبیع علی ملک المشتری و لا یجب رد الثمن کما صرح فی (التذکرة و التحریر و جامع المقاصد و المسالک) و غیرها و حکی الشهید فی حواشیه عن أبی علی أنهما لو اصطلحا علی الإقالة بزیادة أو نقیصة صح ثم قال و الأصحاب علی خلافه
(قوله) (و یرجع کل عوض إلی مالکه إن کان موجودا و مثله أو قیمته مع عدمه)
هذا حکم کون الإقالة فسخا و بما ذکر صرح فی (الشرائع و الإرشاد و الدروس) (و اللمعة و جامع المقاصد و المیسیة و المسالک و الروضة و مجمع البرهان و الکفایة) و فی ذلک تنبیه علی أن لیس من شرطها بقاء العوضین و رجوع کل إلی صاحبه بل تصح مطلقا لعموم الدلیل و قد سمعت الإجماع علی أنه لو اشتری عبدین و تلف أحدهما صحت الإقالة و هو ظاهر (التذکرة) حیث قال عندنا و قال فی (التحریر) إذا أقاله رد الثمن إن کان باقیا و مثله إن کان تالفا و قیمته إن لم یکن مثلیا و لو دفع عوضا عنه لم أستبعد جوازه مع التراضی سواء کان باقیا أو تالفا بخلاف ما لو أقاله بغیر الجنس و فی (الخلاف) إذا أقال جاز أن یأخذ مثل ما أعطاه من غیر جنسه مثل أن أعطاه دنانیر فأخذ دراهم أو عرضا و ما أشبه ذلک و فی (الشرائع) بعد أن حکم برجوعه فی المفقود بمثله إن کان مثلیا و قیمته إن کان قیمیا قال (و فیه وجه آخر) و فسر فی (المیسیة و المسالک) بأن القیمی یضمن بمثله کالمثلی و استضعفاه و لا یدخل فی الموجود ما حصل له نماء منفصل فإنه لا یرجع به بل بأصله أما المتصل فیتبع الأصل و الولد منفصل و إن کان حملا کما صرح بذلک کله فی (المیسیة و المسالک و الروضة و الکفایة) و أما اللبن فی الضرع ففی کونه متصلا إشکال کما فی (المسالک و الکفایة) و کذا الصوف و الشعر و استظهر فی (المسالک) أنهما من المتصل و لو وجده معیبا أخذ أرش عیبه مطلقا لأن الجزء الفائت بمنزلة التالف کما صرح به جماعة و فی (المسالک) لو وقعت الإقالة بعد أن أحدث المشتری فیه حدثا فما وقع منه بأعیان من عنده فهی له و لو کانت من المبیع فإن زاد بفعله کالعمارة فهی للبائع و للمشتری ما زاد بفعله بأن یقوم قبل الإحداث و بعده و یرجع بالتفاوت و فی (التذکرة) یجوز للورثة الإقالة بعد موت المتبایعین
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 769
علی التفصیل مع عدمه (1) و لا تثبت بها شفعة (2) و لا تسقط أجرة الدلال بها علی البیع (3) و تصح فی الکل و البعض و السلم و غیره (4)
______________________________
(قوله) (و علی التفصیل مع عدمه)
أشار به إلی ما تقدم من احتمال قیمة یوم التلف و قیمة یوم القبض و الأعلی و اختیر فی (جامع المقاصد و المسالک) قیمته یوم التلف و حکاه الشهید عن فخر الإسلام سواء کان الفسخ قبل التلف ثم تلف أو بعده و الأولی اعتباره قیمته یوم الفسخ و الإقالة لأن العقد یبطل من حینه
(قوله) (و لا تثبت بها شفعة)
کما طفحت به عباراتهم فی البابین و قد عرفت أن ظاهر (التذکرة) الإجماع علیه و هو معلوم
(قوله) (و لا تسقط أجرة الدلال بها علی البیع)
لسبق الاستحقاق کما فی (الشرائع و التذکرة و التحریر و الدروس و اللمعة) (و جامع المقاصد و المسالک و الروضة و الکفایة) و کذا أجرة الکیال و الوزان و الناقد بعد صدور هذه الأفعال کما فیما عدا (الشرائع و اللمعة) و أجرة الکیال و وزان المتاع علی البائع إذا أمره بذلک أو بالبیع و أجرة البیع و أجرة ناقد الثمن و وزانه علی المشتری کذلک و أجرة الدلال علی من یأمره کما تقدم بیان ذلک و ما یتعلق به فی محله
(قوله) (و تصح فی الکل و البعض و السلم و غیره)
کما فی (الخلاف و الشرائع و التذکرة و التحریر) و غیرها و فی (شرح الإرشاد) للفخر الإجماع علی ذلک کما ستسمع و فی (الحدائق) أن الظاهر أنه لا خلاف بینهم فی ذلک و قد سمعت إجماع (الخلاف) آنفا و قال هنا أیضا و به قال ابن عباس و لا مخالف و حکی الخلاف عن بعض العامة حیث منع من الإقالة فی بعض السلف لأنه یصیر بیعا و سلفا و قد نهی النبی صلی اللّٰه علیه و آله عنه و ستسمع الکلام فی الخبر (و استدل) علیه أصحابنا بأن الإقالة مستحبة و هی من المعروف و کل معروف جار فی جمیع العوض جار فی بعض کالإبراء و الإنظار (قلت) هو صریح أخبار مستفیضة قد مر ذکر بعضها فی السلم کحسنة عبد اللّٰه بن سنان أو صحیحته و صحیحة سلیمان بن خالد و صحیحة الحلبی و غیرها و الخبر الذی استندوا إلیه قد رواه سلیمان بن صالح عن أبی عبد اللّٰه علیه السلام قال نهی رسول اللّٰه صلی اللّٰه علیه و آله و سلم عن سلف و بیع و عن بیعین فی بیع و عن بیع ما لیس عندک و عن ربح ما لم یضمن و معنی البیع و السلف أن یقول بعتک منا من طعام حالا بعشرة و سلفا بخمسة و هم فهموا منه أن المراد بالسلف القرض قالوا فإذا أقاله فی بعضه و رد بعض رأس المال یصیر فی معنی القرض لأنه رد مثله و یصیر الباقی بیعا (و فیه) مع أنه منقوض بالرجوع بأرش العیب و أنه فی معنی ما ذکروه (أنا) نمنع أن رد المثل یوجب کونه قرضا ثم لا مانع من السلف و القرض کما بین فی محله (و نقل) الشهید فی حواشیه عن ابن المتوج أنه إذا اتحد العقد و البائع و المشتری لا تصح الإقالة إلا فی الکل و لا تصح فی البعض قال و المنقول خلافه و فی (شرح الإرشاد) لفخر الإسلام هنا خمسة أشیاء تعدد العقد کما لو باع نصف الدار بدینار فی عقد و ربعها الآخر بدینار فی عقد آخر و تعدد المبیع و تعدد المشتری و تعدد البائع و تفصیل الثمن کقوله بعتک هذه الدار بدینار و الربع الآخر بالثوب و ما عدا الرابع إجماعی (انتهی) و إذا تقایلا فی البعض اقتضی التقسیط ففی ربع المبیع ربع الثمن و فی النصف النصف و هکذا (و قد نقول) إنه ینبغی تقیید جواز الإقالة ببعض المبیع بما إذا لم یستلزم الجهالة کما إذا اشتری عبدین و تقایلا فی أحدهما فلیلحظ هذا فإنه متجه علی القول بأنها بیع و ینبغی التأمل فیه عندنا و لو قال
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 770
و لو اختلفا فی قیمة التالف فالقول قول من ینکر الزیادة مع الیمین (1)
______________________________
للمسلم إلیه عجل لی حقی و أخذ دون ما استحقه بطیبة من نفسه کان جائزا کما تقدم بیانه و لا کذلک لو أقاله فی البعض لیعجل له الباقی أو عجل المسلم إلیه البعض لیقیله فی الباقی لأنها إقالة فاسدة کما أشرنا إلیه آنفا
(قوله) (و لو اختلفا فی قیمة التالف فالقول قول من ینکر الزیادة مع الیمین)
کما فی (التذکرة) و قد أشرنا إلی ذلک فی الفرع الأول و فی (التحریر) لو اختلفا فی قدر الثمن فالوجه قبول قول المشتری مع الیمین و عدم البینة و لم أظفر فیه بکلام لأحد سبق (انتهی) و الحمد للّه علی التمام و الائتمام بمحمد و آله خیر الأنام علیهم من اللّٰه سبحانه أفضل الصلاة و السلام م
هذا آخر کلام الشارح قدس اللّٰه روحه فی (کتاب المتاجر) و یلیه (کتاب الدین و توابعه) و قد عنی بتصحیحه قبل الطبع علی نسخ منقولة عن نسخة الأصل بعد أن کان مقابلا علی نسخة الأصل أیضا بکمال الدقة و التأمل و مراجعة کتب الفقه و اللغة و الحدیث عند التحیر العبد المفتقر إلی عفو ربه الغنی (محسن بن المرحوم السید عبد الکریم الحسینی العاملی) غفر اللّٰه له و لوالدیه فأصبح بحمده تعالی خلیا من کل غلط أو نقصان إلا ما هو لازم طبیعة الإنسان من السهو و النسیان فلا ینسبنا من عثر علی شی‌ء من ذلک إلی تسامح أو تقصیر فقد بذلنا فی ذلک الجهد و استفرغنا الوسع و نرجو ممن انتفع بهذا الکتاب أن لا ینسانا و والدینا و من تصدی لطبعه و نشره أو أعان علی ذلک من صالح الدعاء فی مظان الإجابة و نسأله تعالی أن لا یحرمنا ثوابه فی یوم العرض علیه و وقع الفراغ من مقابلته و تصحیحه فی السابع من شهر جمادی الأولی سنة 1323 و الحمد للّه وحده و الصلاة و السلام علی نبیه محمد و آله الطاهرین و صحبه المنتجبین و سلم تسلیما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 771

[ترجمة المصنف]

ترجمة أحوال المصنف قدس سره و تعداد مصنفاته جمع الفقیر إلی عفو ربه الغنی محسن الحسینی العاملی عفی اللّٰه عن جرائمه هو محمد الجواد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قاسم بن علی بن علاء الدین بن علی الأعرج بن إبراهیم بن محمد بن علی بن مظفر بن محمد بن علی بن حمزة بن الحسین بن محمد بن عبید اللّٰه بن عیسی بن یحیی بن الحسین بن زید بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام و قد یصف نفسه فی مصنفاته کما وجدناه بخط یده الشریف بالحسینی الحسنی الموسوی و کأن انتسابه إلی الحسن و موسی علیهما السلام من طرف أمهاته و جداته (ولد) فی قریة شقرا من قری جبل عامل فی حدود المائة و نیف و خمسین بعد الألف و قرأ فی جبل عامل (ثم) سافر إلی العراق فقرأ فی کربلاء علی المحقق الآقا محمد باقر البهبهانی و علی ابن أخته و صهره علی ابنته المحقق السید علی صاحب الریاض و یظهر من تعبیره فی بعض مصنفاته و إجازاته عن صاحب الریاض بقوله أول من علمنی و ربانی و قربنی و أدنانی أن قراءته علیه کانت قبل قراءته علی المحقق البهبهانی و لم یزل ملازما لدرسیهما مشغولا بذلک عن الخروج من کربلاء حتی لزیارة النجف الأشرف علی ما قیل ثم ارتحل إلی النجف الأقدس فقرأ علی العلامة بحر العلوم السید مهدی الطباطبائی و علی الشیخ الفقیه الأکبر الشیخ جعفر صاحب کشف الغطا و علی الشیخ الفقیه الزاهد العابد الشیخ حسین نجف قدس اللّٰه أرواحهم و لم یزل ملازما لدرس العلامة الطباطبائی إلی حین وفاته و بقی بعده ملازما لدرس الشیخ جعفر مدة ثم استقل و المشهور أنه بقی فی درسه إلی أن سافر الشیخ إلی بلاد إیران فاستقل بالتدریس و لم یعد إلی درس الشیخ بعد رجوعه من بلاد إیران (و قال صاحب روضات الجنات) إن معظم قراءته علی بحر العلوم و المحقق البهبهانی و بعض من فی طبقتهما (و قال أیضا) له تلامذة فضلاء معروفون (منهم) الشیخ مهدی ملا کتاب و الشیخ محسن بن أعسم و الشیخ محمد حسن الفقیه الأعظم یعنی صاحب الجواهر (قلت) و منهم جدی الأدنی لأبی السید الأجل الفقیه العلامة علی بن محمد الأمین بن أبی الحسن موسی کما یظهر من تعبیره عنه بالأستاذ (و منهم) علی ما فی الروضات السید الأجل الفقیه صدر الدین بن صالح بن محمد شرف الدین بن إبراهیم بن زین العابدین الموسوی العاملی (و کانت وفاته) فی أواخر سنة ست و عشرین بعد الألف و المائتین فی النجف الأشرف قبل وفاة أستاذه الشیخ جعفر بمدة قلیلة لأن الشیخ توفی سنة 1228 و دفن فی الصحن الشریف العلوی فی بعض الحجر التی فی الصف القبلی المقابل لوجه الأمیر علیه السلام بوصیة منه لرؤیا رآها و قبره مشهور تطلب عنده الحاجات و تستجاب الدعوات (یروی) عنه تلمیذه صاحب الجواهر و الآقا محمد علی بن الآقا محمد باقر الهزار جریبی المازندرانی و سبط صاحب الترجمة الشیخ رضا زین العابدین و الآمیرزا عبد الوهاب و رأیت إجازته له و تاریخها فی شهر ربیع الأول سنة 1225 و ولد صاحب الترجمة السید محمد و الشیخ جواد بن تقی ملا کتاب و غیرهم (و یروی) عن جماعة منهم المحقق البهبهانی و العلامة الطباطبائی و المحقق القمی صاحب القوانین و صاحب الریاض و الشیخ الأکبر الشیخ جعفر صاحب کشف الغطا و غیرهم (قال المحقق البهبهانی فی إجازته له) استجاز منی العالم العامل و الفاضل الکامل المحقق المدقق الماهر العارف ذو الذهن النقاد و الطبع الوقاد مولانا السید السند السید محمد جواد حرسه اللّٰه تعالی و أبقاه و وفقه لما یحبه و یرضاه فأجزت له أن
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 772
یروی عنی مصنفاتی و مقروءاتی و مسموعاتی و مرویاتی عن أساتیذی الکرام و مشایخی العظام إلی أن قال و کتب محمد باقر بن محمد أکمل (و قال المحقق القمی) فی إجازته له بخط یده علی مجلد الفرائض من مفتاح الکرامة (أما بعد) فقد استجازنی الأخ فی اللّٰه السید العالم العامل الفاضل الکامل المتتبع المطلع علی الأقوال و الأفکار الناقد المضطلع بمعرفة الأخبار و الآثار السید جواد العاملی مؤلف هذا الکتاب فاستخرت اللّٰه و أجزت له أدام اللّٰه إفضاله و کثر فی الفرقة الناجیة أمثاله أن یروی عنی ما جاز لی روایته إلخ و فی آخرها و کتب أقل العباد عملا و أکثرهم زللا و أعظمهم أملا الغریق فی بحار الخطایا و الجرائم ابن الحسن الجیلانی أبو القاسم أوتیا کتابهما یمینا و حوسبا حسابا یسیرا فی الغری السری فی جمادی الأولی سنة ست و مائتین بعد الألف (و عن) بعض أهل الورع و الفضل أنه قال مما تحققناه من أحواله علی حد التواتر أنه کان مشهورا بین علماء عصره من زمن حضوره علی الآقا البهبهانی قدس سره إلی یوم وفاته و معروفا بالضبط و الإتقان و صفاء الذات و أن أجلاء العلماء من مشایخه و غیرهم کانوا إذا أشکلت علیهم مسألة أرادوا تدریسها أو تصنیفها أو الإفتاء بها و وجدوا اضطراب کلمات الأساطین و تعارض الأخبار فیها سألوه عما حققه فیها فإن أطلعهم و إلا التمسوه علی کتابتها فیقفون عند قوله لعلهم بغزارة اطلاعه و جودة انتقاده و شدة تثبته و ممارسته لکلمات الفقهاء و معرفته بمحط أنظارهم و مأخذ براهینهم و استدلالهم و خبرته بعلم الرجال فإن هذا أول مشهور عنه و مشهود له به انتهی (و یدل علی ذلک) أن جل کتبه أو کلها کانت بالتماس أساطین العلماء کما یظهر من دیباجاتها و فی دلالة ذلک علی علو شأنه و انفراده بما لا یشارکه فیه أکثر علماء زمانه ما لا یخفی (و قال) فی حقه صاحب (روضات الجنات) کان من فضلاء الأواخر و متتبعی فقهائهم الأکابر و قد أذعن لکثرة اطلاعه و سعة باعه فی الفقهیات أکثر معاصرینا الذین أدرکوا فیض صحبته بحیث نقل أن المیرزا أبا القاسم صاحب القوانین کان إذا أراد تشخیص المخالف فی مسألة یرجع إلیه فیظفر به (و قال أیضا) فی ترجمة أحوال المیرزا القمی إنه کان یرجع فی مسائل الفقه عند شکه فی وجود مخالف فی المسألة إلی سیدنا الفقیه المتتبع السید جواد العاملی صاحب (مفتاح الکرامة) أیام إقامته عنده و نزوله علیه فی قم المبارکة (و لکن) حکی صاحب الروضات عن بعض أهل عصره شیئا عن صاحب الریاض یبعده بل یکذبه ما وجدناه من حال کل من هذین العلمین مع الآخر و تعظیم کل منهما لصاحبه و ثنائه علیه و اطلعت علی مکاتبة بینهما فی بعض المسائل التی أفتی بها صاحب الریاض و بین له صاحب الترجمة خطأه فی تلک الفتوی فرجع إلی قوله بعد تراد المکاتبة بینهما سؤالا و جوابا و قد رأیتها بخطهما الشریف و ذکر صاحب الترجمة فی خطبة بعض رسائله أنها کانت بأمر أستاذه صاحب الریاض (و کان) معظما مبجلا عند علماء عصره (حکی) عن بعض الثقات أن العلامة الطباطبائی اعتزل الدرس و المجلس ثلاثة أیام فاشتد الأمر علی تلامذته و عزموا أن یرسلوا إلیه من یجسر علیه و یکون مقربا عنده فوقع اختیارهم علی صاحب (مفتاح الکرامة) فدخل علیه فلما رآه استبشر به و جعل یتعذر من اعتزاله أنه کان لما دهمه من الشک عند ملاحظة أخبار الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و ما ورد من التحریض علیهما و الوعید و التهدید علی ترکهما (و قال) إنی تمکنت فی هذا الزمان مما لم یتمکن منه غیری فلم یحصل لی یقین الخروج عن عهدة هذا التکلیف و لا انکشف عن قلبی حجاب الشک إلا مع رؤیتک و ذلک بیمنک و برکتک و الحمد للّه ثم أخذ بیده و خرج مظهرا للجماعة أنها کرامة للسید (و أما) تعظیمه لأهل العلم و لا سیما
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 773
مشایخه فمما لم یعهد من غیره قدیما و حدیثا کما یظهر من دیباجات کتبه و ذلک من أقوی الدلائل علی رسوخ قدمه فی التقوی و مکارم الأخلاق و صفاء الإیمان (و حکی) بعض أحفاده عن بعض مشایخه أنه قال ما رأیت مصنفا کصاحب (مفتاح الکرامة) فإنه یود أن ینسب جمیع ما حققه فی مصنفاته إلی مشایخه هضما لنفسه (و قال) فی خطبة بعض مصنفاته ما کان فیه من تحقیق سمین فهو للأستاذ و ما کان فیه من غث فهو لی (قال) و هذا ما رأیته من غیره من المصنفین (و قال حفیده أیضا) تلی فی بعض المجالس بعض مدائحه فی بحر العلوم فقال بعض الجالسین هذه مغالاة فقلت له إنه یعبر عنه و عن صاحب الریاض بالعلامة علی عصمة أجداده فزاد تعجبه (و أما) جده فی طلب العلم فأشهر من أن یذکر (حدث) بعض الثقات قال إن المنقول لنا من شیوخ عصره أنهم أحصوا علیه أوقاته فی اللیل و النهار فکان جمیع ما ینامه فیهما شیئا یسیرا بحیث تعد استقامته علیه کرامة له (و حدثت ابنته) و کانت مشهورة بالتقوی قالت کان والدی مکبا علی المطالعة و المباحثة نهاره کله و کان لا ینام من اللیل إلا أقله و لا أعلم أنی استیقظت لیلا فوجدته نائما و کان جل أیامه لا یخرج من حجرته و إیوانه و هما علی سعتهما مملوءان صحفا منشرة (و یدل) علی صدقها ما فی آخر کثیر من مجلدات (مفتاح الکرامة) أنه فرغ منه لیلا فقد ذکر أنه فرغ من مجلد الوقف قریبا من انتصاف اللیل و من مجلد الوکالة بعد انتصاف اللیل من اللیلة التاسعة من شهر رمضان و من المجلد الثانی من الطهارة فی الربع الأخیر من لیلة السبت و من مجلد الشفعة لیلة الخمیس و من مجلد الإقرار فی اللیلة الرابعة عشر من ذی القعدة و فی آخر بعضها أنه فرغ منه لیلة القدر أو لیلة الفطر و غیر ذلک (قالت) و کتبه کلها مفتوحة و هو یدور علیها و القلم و الکاغذ بیده یطالع و یکتب و طال ما نسی نفسه فی وقت الأکل فالتزمت والدتی أن تقدم الأکل إلیه کل یوم فی وقته لیتنبه (قالت) و لم نر أحسن منه خلقا و أوسع صدرا مع عیاله و غیرهم و کان تلامذته و غیرهم یأتون إلی باب دارنا فیخرج إلیهم بنفسه ثم یعود فیعمد إلی بعض الکتب و یفصله عن جلده و یدفع إلیهم بعضه و یبقی البعض فلذا کانت کتبه کراریس (و مما اشتهر عنه) أن سبطه الشیخ رضا زین العابدین کان معه فی داره فکان إذا فرغ من مطالعة دروسه ینام و یبقی جده مشغولا بشغله فیلتفت إلیه و یقول ما هذا التعشق للنوم إنه لیکفینی منه هکذا ثم یضع رأسه بین رکبتیه و ینام من حینه ثم لا یکاد یلتذ بالنوم حتی یستیقظ فیرجع إلی شغله (و قالت) ابنته المذکورة إنه ربما کان یوقظ سبطه المذکور للنافلة و لا نجده هو یقوم للنافلة حرصا علی شغله (و یؤید ذلک) ما فی آخر مجلد الإقرار من (مفتاح الکرامة) حیث قال کتبت فی شهر رمضان من هذه السنة ثمانیة أجزاء أو تسعة أو عشرة مع هذا التتبع و الاستیفاء و ذلک أنی ترکت له سائر الأعمال التی یعملها العاملون فی شهر رمضان إلا ما قل جدا مؤثرا للتحصیل و الاشتغال علی جمیع أعمال شهر رمضان (و من عجیب أحواله) أن جملة من مصنفاته کان تصنیفه أیام محاصرة الخارجی سعود الوهابی للنجف الأشرف و فیها جملة من مجلدات (مفتاح الکرامة) کما یظهر من أواخرها و فی آخر بعضها بعد أن ذکر محاصرة عسکر الوهابیین للنجف الأشرف (قال) و العبد لم یترک الاشتغال مع ما نحن علیه من هذه الحال مع أنه کان مشغولا مع جملة العلماء بالجهاد و التحریض و ملاحظة الحفظة و المرور علیهم أغلب الأوقات و فی خلال ذلک یجلس مع العلماء لإعمال الحیلة فیما یخلصهم و أعد مع ذلک وقتا للکتابة و الملاحظة (و کان) معروفا بالفراسة (فعن) شیخنا الفقیه الشیخ محمد طه نجف قدس سره عن الشیخ الأجل الشیخ جواد
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 774
نجف (قال) کان بین والدی و صاحب (مفتاح الکرامة) مودة أکیدة فاجتمعا یوما و أنا صبی أخدمهما بما أطیقه فکان السید یقول لوالدی إن ولدک هذا له حظ وافر من العلم أو کما قال یقول الشیخ جواد و کانت للسید فی الفراسة و لم تخطئ إلا فی هذا الموضع یقول ذلک هضما لنفسه (و یقال) إن الشیخ الأکبر الشیخ جعفر أراد إرسال صاحب الجواهر إلی أصفهان فاستشار أستاذه صاحب (مفتاح الکرامة) فمنعه من ذلک و بشره بأن یکون صاحب المنبر الأعظم فی النجف الأشرف (و یقال) إن بعض السادات القاطنین خارج النجف الأشرف کانت له أخت فخطبت فعضلها أخوها فشکته إلی الشیخ الأکبر الشیخ جعفر (قدس سره) فأرسل إلیه جماعة و أمرهم بإحضاره قهرا إن امتنع فنهاه السید عن ذلک (و قال) إن أحضروه قهرا لتلقحن فتنة لا تنطفی إلی یوم القیامة فلم یقبل حین رأی لزوم ذلک من باب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر فلما جاء الجماعة إلی ذلک السید امتنع علیهم فأرادوا إحضاره قهرا فقاتلهم فقتلوه و ثارت الفتنة من ذلک الیوم بین الطائفتین المعروفتین بالزکرت و الشمرت إلی یومنا هذا (و کان) مستجاب الدعوة و یحصل الشفاء علی یدیه من العاهات و الأمراض ببرکة شرب التربة المبارکة الحسینیة علی صاحبها السلام (و سقی) بعض رؤساء الأعراب منها و کان به داء عیاء فشفی (و سقی) آخر و کان مشرفا علی الموت فشفی و استبصر و حسن إیمانه (و اشتهر عنه) أنه کان یخبر عند الاستخارة بالقرآن الشریف بالمنوی فیصیب (فمن ذلک) أنه استخار لرجل مکاری فقال له اشتر الحمار فإنه جید فسئل عما نوی فکان کذلک و کانت الآیة (سنشد عضدک بأخیک) و قال لآخر بعد الاستخارة لا تشتر الجاریة فإنها و إن کانت جیدة إلا أنها تبول فی الفراش فسئل الرجل عن قصده فکان کذلک و فتشوا عن الجاریة فکانت بهذه الصفة و کانت الآیة (جنات تجری من تحتها الأنهار) و قد تنسب الأولی لغیره (له مصنفات کثیرة) أکبرها و أجودها کتاب (مفتاح الکرامة) فی شرح قواعد العلامة صنفه بالتماس شیخه الأکبر الشیخ جعفر و کان الغرض منه أولا نقل أقوال العلماء فی المسائل الخلافیة و نقل الشهرات و الإجماعات و ذکر أسماء الکتب التی ذکر فیها ذلک و ذکر الدلیل الذی لم یتعرض له الأصحاب و متنه و ذکر مذاهب؟؟؟ عند اختلاف الأخبار بوجه الاختصار حیث إن المختلف و إن کان عمیم الفائدة إلا أنه خلا عن ذکر کثیر من الخلافیات و ما ذکر فیه منها قد خلا عن ذکر کثیر من الأقوال و قد جری علی ذلک فی جملة من الأبواب ثم بسط الکلام و لا سیما فی المعاملات (و کان) قد کتب مجلد القصاص شرحا علی کشف اللثام ثم عن له أن یکتب باقیه علی متن الکتاب و أول ما بدأ به کتاب المواریث فی اثنی عشر ألف بیت و خمسمائة بیت ثم کتاب الطهارة ثم الصلاة و الزکاة ثم شرع فی المعاملات و لم یکتب الصوم و لا باقی العبادات و جری فی المعاملات علی الترتیب حتی وصل إلی السبق و الرمایة فلم یکتبه و کتب بعده الوقف ثم الهبات و الإقرار و الوصایا إلی آخر البحث الأول من البحثین الملحقین بالفصل الثالث من أحکام تصرفات المریض و لم یکمل کتاب الوصایا و لا کتب بعده شیئا من هذا الشرح و لا غیره کما یظهر من قرب تاریخ ما قبل الوصایا من الکتب إلی تاریخ وفاته و أما القضاء و الدیات و القصاص فقد صنفها فی البین و لم یکمل کتاب القضاء بل وصل فیه إلی أواخر الفصل الثانی فی العقود و لم یکتب الشهادات (و عدد) مجلدات هذا الکتاب (اثنان و ثلاثون مجلدا) اثنان منها فی الطهارة و خمسة فی الصلاة و أربعون و عشرون مجلدا فی المعاملات و توابعها و عدد أبیاته یزید عن ثلاثمائة ألف بیت بیسیر (و هو) کتاب لم یسمح الزمان بمثله
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 775
فی استیفاء أقوال العلماء و مواقع الشهرة و الإجماع و التنبیه علی الخلل الواقع فی جملة من الأنقال مع کمال التتبع و عدم الاکتفاء بالنقل (و بالجملة) فهو فی بابه عدیم النظیر بین مصنفات (و من) مصنفاته (شرح طهارة الوافی) و هو تقریر بحث أستاذه بحر العلوم یتکلم فی الخبر أولا علی السند ثم المتن ثم (الدلالة) ابتدأ فیه بروایة علی بن جعفر عن أخیه فی رجل رعف فامتخط إلخ لأنه لما عزم علی الکتابة کان الدرس فی هذا الخبر و انتهی فیه عند الشروع فی باب مسح الأذنین و القفا فی الوضوء و هو کتاب نفیس یشتمل علی تحقیقات رجالیة و فوائد فی معانی الأخبار سنیة و له (حاشیة علی طهارة المدارک) تقرب من خمسة آلاف بیتا کتبها أیام قراءته علی الشیخ الأجل الشیخ حسین نجف و وصل فیها إلی آخر مبحث تنجس الماء القلیل بالملاقاة (و حاشیة علی تجارة القواعد) کتبها حین قراءته علی بحر العلوم بدأ فیها بتفسیر العوض و أنه یصدق علی الثمن و المثمن و ختم بمبحث ملک العبد و عدمه تقرب من ألف و مائتین بیتا (و حاشیة) علی کتابی الدین و الرهن من القواعد کتبها حین قراءته علی الشیخ الأکبر الشیخ جعفر ابتدأ فیها من قوله و یملک المقترض و انتهی فیها إلی أواخر الرهن عدا عن ثلاث ورقات من آخره تقرب من ألفین و ثلاثمائة بیتا (و رسالة) مبسوطة فی العصیرین العنبی و التمری کتبها بالتماس من أستاذه المعتبر الشیخ جعفر حین قراءته علیه هذه المسألة و قال له الذی یظهر لی الآن حلیتهما و أن أستاذهما بحر العلوم یذهب إلی التحریم فیهما فأحب أن تکتب ما ذکر فی هذه المسألة من الشهرة و الأقوال و الإجماعات و تورد جمیع ما تجده فی الوافی و الوسائل من الروایات و سماها بالعصرة فی حکم العصیر (و وجدت) علیها تقریظا بخط شیخه الأجل الشیخ حسین نجف و تقاریظ أخر یطول بذکرها الکلام (و رسالة) فی المواسعة و المضایقة کتبها بالتماس شیخه صاحب الریاض (و حواشی الروضة) علی کتاب المضاربة و الودیعة و العاریة و المزارعة و المساقاة و بعض الوصایا و تمام النکاح و بعض الطلاق (و منظومة فی الرضاع) نحو من مائة و أربعین بیتا (و أخری) فی الخمس تقرب من ثمانین بیتا (و ثالثة) فی الزکاة تقرب من مائة و عشر أبیات (و أوراقا) حقق فیها مسألة جواز العدول عن العمرة عند ضیق الوقت إلی الإفراد (و شرح الوافیة) فی الأصول مجلدان أکبر من القوانین تام علی الظاهر إلا قلیل بسط فیه الکلام و تعرض لأغلب کلمات الأساطین من الأصولیین و الأخباریین المتقدمین و المتأخرین شارحی الوافیة و غیرهم و ذکر فیه جمیع ما وقع من المباحثة و المناظرة بین الشیخ الأکبر الشیخ جعفر و المحقق المتقن السید محسن البغدادی فی جریان أصل البراءة فی أجزاء العبادات (و رسالة) فی مسألة الشک فی الشرطیة و الجزئیة فی العبادات و ذکر فیها مباحثة فی ذلک مع شیخه صاحب الریاض (و رسالة) جمع فیها مناظرة الشیخ الأکبر الشیخ و المحقق السید محسن الکاظمی بالتمام و ما تکاتبا به و فیها بعض خط الشیخ جعفر بیده (و حاشیة) صغیرة علی أول تهذیب الأصول (و أوراق) فی مقدمة الواجب تعلیقا علی المعالم (و رسالة) فی التجوید (و رسالة) فی الرد علی الأخباریین نافعة جدا (و کتب) المحقق البغدادی علی ظهرها بخطه الشریف أحسنت و أجملت و أفضلت حکمة و صوابا و موردا عذبا و مستزادا لبابا لا زلت موفقا لهدایة الخلق و إرشاد الناس إلی الحق و الکشف عن الخفایا و الدلالة علی الخبایا (و رسالة) فی وجوب الذب عن النجف الأشرف و أنها بیضة الإسلام مختصرة کتبها من حفظه و لم تکن عنده کتبه (هذا) ما وقفنا علیه من مصنفاته (و عد منها) صاحب روضات الجنات تعلیقات کثیرة علی القوانین (قال) تعرض فیها للرد و النقد جزاء لما کان یبلغه من جهة المصنف «ره»
مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلامة (ط - القدیمة)، ج‌4، ص: 776
یعنی من مدحه و الثناء علیه (ثم قال) و العهدة علی الراوی و إن کان المروی فیه من العرب (أقول) هذا اشتباه فلیس له تعلیق علی القوانین أصلا و صاحب البیت أدری بما فیه (و کأنه) اشتبه علیه الأمر بما یحکی عن ابن عمه و معاصره الفاضل المحقق المدقق السید حسین بن أبی الحسن موسی الحسینی العاملی أنه جرت بینه و بین صاحب القوانین حین قدومه إلی العراق مباحثات فی حجیة الظن المطلق و أورد علیه إیرادات لم یجب المحقق عن جمیعها فی المجلس و أدرجها مع أجوبتها فی مبحث الاجتهاد و التقلید من القوانین و قصتها مشهورة فکأنه سمع بها فظنها مع صاحب (مفتاح الکرامة) و أنها تعلیق علی القوانین و هو اشتباه فی اشتباه و فی کلامه کثیر الأشباه (و انظر) إلی قوله جزاء لما کان یبلغه «إلخ» و قوله و إن کان المروی فیه من العرب تقضی العجب عامله اللّٰه و إیانا بعفوه (و لصاحب الترجمة) أشعار حسان ترکنا ذکرها خوف الإطالة و الحمد للّه وحده و صلی اللّٰه علی سیدنا محمد و آله و صحبه و سلم تسلیما و مما قاله السید المجید و العالم الوحید المحقق المتقن السید سید محسن الأمین بن المرحوم السید عبد الکریم مقرظا علی کتاب مفتاح الکرامة (بهذه الأبیات)
شرح به تنحل کل عویصة فی حلها قد أعیت الشراحا
جمع المقاصد کاشفا للثامها و لکل مشکلة غدا إیضاحا
کنز الفرائد و الفوائد و هو فی ظلم الجهالة قد بدا مصباحا
بحر تدفق من یراع محمد تلقی البحور بجنبه ضحضاحا
للّه آیة معجز ظهرت له فغدت لکل کرامة مفتاحا
(و لبعض الفضلاء المعاصرین للمصنف مقرظا علی هذا الکتاب)
ألا إن القواعد حین وافت لدین محمد صارت دعامة
لقد جمعت قواعده جمیعا و قد حفظت مقاصدها نظامه
و لکن أعیت العلماء طرا و قد جهدوا فما بلغوا مرامه
و کم قد أشکل الإشکال منها و ما من کاشف عنه لثامه
و لا من جامع للقصد فیها و إن مزجوا بإیضاح کلامه
و حیث تغلق الأبواب عنها أتی الباری (بمفتاح الکرامة)
(و لبعض المعاصرین للمصنف مقرظا علی هذا الکتاب)
جاد الجواد لنا بشرح قواعد قد جمعت کل المحاسن فیه
شرح یبین لک الفقاهة کلها و یفی بنقل کلام کل فقیه
یکفی الفقیه عن الرجوع لما سوا و ما سواه عنه لا یکفیه
و علیه لو وقف المصنف لم یقف عن لثم صاحبه الجواد بفیه
إن لم تکن إیاه أنت فأقرب القربی أخوه لأمه و أبیه
(و للمصنف قدس سره)
کتاب لباغی الفقه أقصی مراده و یغنی به عن جده و اجتهاده
کحلت له جفنی بمیل سهاده و خضبت کفی دائما من مداده
________________________________________
عاملی، سید جواد بن محمد حسینی، مفتاح الکرامة فی شرح قواعد العلاّمة (ط - القدیمة)، 11 جلد، دار إحیاء التراث العربی، بیروت - لبنان، اول، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.